اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > منتــدى مُـعـلـمـــي مـصــــــر > منتدى معلمي الأزهر الشريف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 10-09-2011, 07:21 PM
ام ياسين وآمر ام ياسين وآمر غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 2,719
معدل تقييم المستوى: 18
ام ياسين وآمر will become famous soon enough
افتراضي


مشكوره اختي في الله
جزاك الله الخير كله
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 10-09-2011, 08:13 PM
الصورة الرمزية ابو زياد22
ابو زياد22 ابو زياد22 غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 608
معدل تقييم المستوى: 14
ابو زياد22 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nadeem55 مشاهدة المشاركة
ما تقول به أخي الكريم قول أصحاب وحدة الوجود ومفداه أن الله خلق الكون وهو جزء منه ( حشاه) فلا فرق بين خالق ومخلوق ، لكن عقيدة الرسول وصحابته الكرام اثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه ، فالله خلق الخلق وهو بائن عنه ، ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) فنصف الله بم وصف به نفسه فنقول ( الله سبحانه قال ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ...) إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال تعالى (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) فهذه هي صفة العلو والفوقية التي يؤمن بها كل مسلم لم تلوث عقله كتب الفسلفة اليونانية ولا إرهاصات أحاب عقيدة الحلولية ووحدة الوجود ،وصفة العلو صريحة في حديث الجارية التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين الله ) فأشارت إلى السماء ، فقال الرسول لسيدها اعتقها فإنها مؤمنة ،

وهذا ما أثبته الله تعالى لنفسه في قوله (الرحمن على العرش استوى ) والاستواء معلوم كما قال الإمام مالك أي بمعنى العلو والفوقية ( استوت على الجودي )حكاية عن سفينة نوح أي علت على اليابسة ( لتستووا على ظهوره ) أي العلو والفوقية ، فهذا معناها في لغة العرب ، والكيف مجهول ، فلا نسأل عن الكيف ( لأنه ليس كمثله شئ ) ( ولم يكن له كفوا أحدا) بل نقول الله أعلم عن كيفية استوائه فاستواؤه يليق بذاته المقدسه وعظمته وقدرته ، والايمان به واجب .

أما من قالوا بقول أن الله في كل مكان هم الذين حصروه في مكان (حشاه ) لأن المكان مخلوق والزمان مخلوق من الله ، فلم يخلق الله الخلق وحل فيه بل كان الله ولا شئ معه وكان عرشه على الماء وكان مستغنيا عن كل شئ ، ولما خلق الزمان والمكان ظل مستغنيا عنهما فلم يحل في مكان ولم يحل في زمان ، وهو أعلى من كل زمان ومن كل مكان ، فالله تعالى موجود حيث لا زمان ولا مكان ، فلو قال الله تعالى عن نفسه أنه على العرش أي فوق العرش وليس محتاجا للعرش ، حيث أن فوق العرش لا زمان ولا مكان فالله تعالى موجود حيث لا زمان ولا مكان لأنه غني عنهما وهو الخالق لهما ولم يحتج لهما، ولم يختلط بهما .
فليتب من يقول بهذه المقولة فلا يصح أن نقول ان الله موجود في الأماكن الطاهرة ، فكيف وهم يقولون في كل مكان ، والمكان اسم جنس يشمل كل الأماكن الطاهرة والنجسة فهل هذا يعقل ياعباد الله يامسلمون ، تتركون ما وصف الله به نفسه وتركضون خلف الفلاسفة ، فلا يجوز أن نحصر الله في مخلوقاته بل عالي على جميع مخلوقاته لأن وصف التحتية والسفلية صفة وضع لا تليق بالبشر فكيف بالله تعالى ،
فالله موجود في كل مكان بقدرة وعلمه واحاطته ،أما بذاته فكما وصف نفسه ( الرحمن على العرش ) وخص العرش على اعتبار أنه أعلى مخلوقات فليس فوقه شئ لا زمان ولا مكان لا لحاجته إليه ، فالعرش مخلوق منه وهو مستغن عنه
بارك الله فيك اخ نديم علي التوضيح الجميل بالادلة
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 11-09-2011, 02:49 AM
ام سعيد ام سعيد غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 145
معدل تقييم المستوى: 14
ام سعيد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة farrag63 مشاهدة المشاركة
الله موجود في كل زمان ومكان قال تعالي:
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ } [الزخرف: 84]
وقال تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الحديد: 4]
قال به علي والشافعي ومالك وأبو حنيفه واحمد بن حنبل وغيرهموخالفهم الوهابيون
هذا فيديو للشيخ محمد حسان يقول فيه أن الله سبحانه وتعالى فى السماء


وهذا كلام الشيخ ابن تيمية يقول أن الشافعى وأحمد بن حنبل ومالك وأبى حنيفة يقولون أن الله فى السماء وأن هناك من ينسب إلى هؤلاء الأئمة غير ذلك وإذا طولب بالنقل الصحيح عنهم تبين كذبه.

--------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم


سؤال وجواب لشيخ الإسلام ابن تيمية

(أين الله؟ )

سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : أَبُو الْعَبَّاسِ : أَحْمَد بْنُ تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الِاعْتِقَادِ . فَقَالَ أَحَدُهُمَا : مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي السَّمَاءِ فَهُوَ ضَالٌّ . وَقَالَ الْآخَرُ : إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَكَانٍ وَهُمَا شَافِعِيَّانِ فَبَيِّنُوا لَنَا مَا نَتَّبِعُ مِنْ عَقِيدَةِ " الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ ؟
الْجَوَابُ
الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ اعْتِقَادُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاعْتِقَادُ " سَلَفِ الْإِسْلَامِ " كَمَالِكِ وَالثَّوْرِيِّ والأوزاعي وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه ؛ وَهُوَ اعْتِقَادُ الْمَشَايِخِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ كالفضيل بْنِ عِيَاضٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التستري وَغَيْرِهِمْ . فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ نِزَاعٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ . وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - فَإِنَّ الِاعْتِقَادَ الثَّابِتَ عَنْهُ فِي التَّوْحِيدِ وَالْقَدَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِاعْتِقَادِ هَؤُلَاءِ وَاعْتِقَادُ هَؤُلَاءِ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَهُوَ مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ خُطْبَةِ " الرِّسَالَةِ " : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَفَوْقَ مَا يَصِفُهُ بِهِ خَلْقُهُ . فَبَيَّنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ اللَّهَ مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ : لَا يُوصَفُ اللَّهُ إلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ بَلْ يُثْبِتُونَ لَهُ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلْيَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ** لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } لَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ . إلَى أَنْ قَالَ : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ؛ وَهُوَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا ؛ وَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكًّا ؛ وَلَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَلَيْسَ كَعِلْمِهِ عِلْمُ أَحَدٍ وَلَا كَقُدْرَتِهِ قُدْرَةُ أَحَدٍ وَلَا كَرَحْمَتِهِ رَحْمَةُ أَحَدٍ وَلَا كَاسْتِوَائِهِ اسْتِوَاءُ أَحَدٍ وَلَا كَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ سَمْعُ أَحَدٍ وَلَا بَصَرُهُ وَلَا كَتَكْلِيمِهِ تَكْلِيمُ أَحَدٍ وَلَا كَتَجَلِّيهِ تَجَلِّي أَحَدٍ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ فِي الْجَنَّةِ لَحْمًا وَلَبَنًا وَعَسَلًا وَمَاءً وَحَرِيرًا وَذَهَبًا . وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْآخِرَةِ إلَّا الْأَسْمَاءُ . فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتُ الْغَائِبَةُ لَيْسَتْ مِثْلَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْمُشَاهَدَةِ - مَعَ اتِّفَاقِهَا فِي الْأَسْمَاءِ - فَالْخَالِقُ أَعْظَمُ عُلُوًّا وَمُبَايَنَةً لِخَلْقِهِ مِنْ مُبَايَنَةِ الْمَخْلُوقِ لِلْمَخْلُوقِ وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأَسْمَاءُ . وَقَدْ سَمَّى نَفْسَهُ حَيًّا عَلِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا وَبَعْضُهَا رَءُوفًا رَحِيمًا ؛ وَلَيْسَ الْحَيُّ كَالْحَيِّ وَلَا الْعَلِيمُ كَالْعَلِيمِ وَلَا السَّمِيعُ كَالسَّمِيعِ وَلَا الْبَصِيرُ كَالْبَصِيرِ وَلَا الرَّءُوفُ كَالرَّءُوفِ وَلَا الرَّحِيمُ كَالرَّحِيمِ . وَقَالَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ الْمَعْرُوفِ : ** أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ } لَكِنْ لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فِي جَوْفِ السَّمَاءِ وَأَنَّ السَّمَوَاتِ تَحْصُرُهُ وَتَحْوِيهِ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا ؛ بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ؛ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ . وَقَدْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : إنَّ اللَّهَ فَوْقَ السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ - إلَى أَنْ قَالَ - : فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ فِي جَوْفِ السَّمَاءِ مَحْصُورٌ مُحَاطٌ بِهِ وَأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَى الْعَرْشِ أَوْ غَيْرِ الْعَرْشِ - مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ - أَوْ أَنَّ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ كَاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِ عَلَى كُرْسِيِّهِ : فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ جَاهِلٌ وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ إلَهٌ يُعْبَدُ وَلَا عَلَى الْعَرْشِ رَبٌّ يُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إلَى رَبِّهِ ؛ وَلَا نَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِهِ : فَهُوَ مُعَطِّلٌ فِرْعَوْنِيٌّ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ - وَقَالَ - بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ - وَالْقَائِلُ الَّذِي قَالَ : مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ ضَالٌّ : إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ فِي جَوْفِ السَّمَاءِ بِحَيْثُ تَحْصُرُهُ وَتُحِيطُ بِهِ : فَقَدْ أَخْطَأَ . وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ : فَقَدْ أَصَابَ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّبِعًا لِغَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ بَلْ يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَطِّلًا لِرَبِّهِ نَافِيًا لَهُ ؛ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَهٌ يَعْبُدُهُ وَلَا رَبٌّ يَسْأَلُهُ وَيَقْصِدُهُ . وَهَذَا قَوْلُ الجهمية وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِ فِرْعَوْنَ الْمُعَطِّلِ . وَاَللَّهُ قَدْ فَطَرَ الْعِبَادَ - عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ - عَلَى أَنَّهُمْ إذَا دَعَوْا اللَّهَ تَوَجَّهَتْ قُلُوبُهُمْ إلَى الْعُلُوِّ وَلَا يَقْصِدُونَهُ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ . وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ : مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ : يَا اللَّهُ إلَّا وَجَدَ فِي قَلْبِهِ - قَبْلَ أَنْ يَتَحَرَّكَ لِسَانُهُ - مَعْنًى يَطْلُبُ الْعُلُوَّ لَا يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً . وَذَكَرَ مِنْ بَعْدِ كَلَامٍ طَوِيلٍ - الْحَدِيثَ : ** كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ } . وَلِأَهْلِ الْحُلُولِ وَالتَّعْطِيلِ فِي هَذَا الْبَابِ شُبُهَاتٌ يُعَارِضُونَ بِهَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَا أَجْمَعَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا ؛ وَمَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ عِبَادَهُ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّحِيحَةُ . فَإِنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ مَخْلُوقَاتِهِ عَالٍ عَلَيْهَا قَدْ فَطَرَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَجَائِزَ وَالصِّبْيَانَ وَالْأَعْرَابَ فِي الْكُتَّابِ ؛ كَمَا فَطَرَهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْخَالِقِ تَعَالَى . وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ** كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ } ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ : ** فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : عَلَيْك بِدِينِ الْأَعْرَابِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْكُتَّابِ وَعَلَيْك بِمَا فَطَرَهُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الْحَقِّ وَالرُّسُلُ بُعِثُوا بِتَكْمِيلِ الْفِطْرَةِ وَتَقْرِيرِهَا لَا بِتَحْوِيلِ الْفِطْرَةِ وَتَغْيِيرِهَا . وَأَمَّا أَعْدَاءُ الرُّسُلِ كالجهمية الْفِرْعَوْنِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ : فَيُرِيدُونَ أَنْ يُغَيِّرُوا فِطْرَةَ اللَّهِ وَيُورِدُونَ عَلَى النَّاسِ شُبُهَاتٍ بِكَلِمَاتِ مُشْتَبِهَاتٍ لَا يَفْهَمُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَقْصُودَهُمْ بِهَا ؛ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُجِيبَهُمْ . وَأَصْلُ ضَلَالَتِهِمْ تَكَلُّمُهُمْ بِكَلِمَاتِ مُجْمَلَةٍ ؛ لَا أَصْلَ لَهَا فِي كِتَابِهِ ؛ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ ؛ وَلَا قَالَهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَلَفْظِ التَّحَيُّزِ وَالْجِسْمِ وَالْجِهَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَمَنْ كَانَ عَارِفًا بِحَلِّ شُبُهَاتِهِمْ بَيَّنَهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِذَلِكَ فَلْيُعْرِضْ عَنْ كَلَامِهِمْ وَلَا يَقْبَلْ إلَّا مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَمَا قَالَ : ** وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } . وَمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِمَا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَهُوَ مِنْ الْخَائِضِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِالْبَاطِلِ . وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَنْسُبُ إلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَقُولُوهُ ؛ فَيَنْسِبُونَ إلَى الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ : مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ مَا لَمْ يَقُولُوا . وَيَقُولُونَ لِمَنْ اتَّبَعَهُمْ : هَذَا اعْتِقَادُ الْإِمَامِ الْفُلَانِيِّ ؛ فَإِذَا طُولِبُوا بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ عَنْ الْأَئِمَّةِ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ : أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ وَيُقَالَ : هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ . قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي : مَنْ طَلَبَ الدِّينِ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ . قَالَ أَحْمَد : مَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالْكَلَامِ فَأَفْلَحَ . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا وَالْمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا . الْمُعَطِّلُ أَعْمَى وَالْمُمَثِّلُ أَعْشَى ؛ وَدِينُ اللَّهِ بَيْنَ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ** وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } وَالسُّنَّةُ فِي الْإِسْلَامِ كَالْإِسْلَامِ فِي الْمِلَلِ . انْتَهَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (( وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً )) والسنّة فِي الإسلام كالإسلام فِي الملل. انتهى والحمد لله ربّ العالمين.
[ مجموع الفتاوى (5/256-261) ]
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 11-09-2011, 05:22 AM
ahmos_123 ahmos_123 غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 98
معدل تقييم المستوى: 15
ahmos_123 is on a distinguished road
افتراضي

جزاكى الله خيرا
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 11-09-2011, 07:14 AM
عماد السلامونى عماد السلامونى غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 120
معدل تقييم المستوى: 0
عماد السلامونى is on a distinguished road
افتراضي

قول القائل " انت ليك ربنا فى السماء و أنا فى الأرض "

فهو بذلك جعل نفسه نداً لله ....
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 11-09-2011, 07:21 AM
man22 man22 غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 351
معدل تقييم المستوى: 16
man22 is on a distinguished road
افتراضي

لا لنشر الفكر الوهابى (السلفى)فى مصر
مصر بلد الازهر الذى علم العالم اجمع الدين الوسطى الغير متشدد
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 11-09-2011, 07:53 AM
man22 man22 غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 351
معدل تقييم المستوى: 16
man22 is on a distinguished road
افتراضي

الرد على الفكر الوهابى
وليُعلَم أن الاستواءَ في لغةِ العربِ له خمسة عشرَ معنًى كما قالَ الحافظُ أبو بكر بن العربيّ ومن معانيهِ : الاستقرارُ والتَّمامُ والاعتدَال والاستعلاءُ والعلوُّ والاستيلاءُ وغير ذلك ، ثم هذه المعاني بعضُها تليقُ بالله وبعصُها لا تليقُ بالله . فما كان من صفات الأجسام فلا يليق بالله .

يقولُ حسن البنّا في كتابِ العقائدِ الأسلاميَّةِ : ( السَّلفُ والخلفُ ليس بينهم خلافٌ على أنه لا يجوزُ حملُ ءايةِ الاستواءِ على المعنى المتبادرِ ) وهذا الكلام من جواهِرِ العلمِ .

فإن قالَ الوهَّابيُّ : ﴿ الرحمن على العرش استوى ( 5) ﴾ ( على ) أي فوق ، يقالُ لهم : ماذا تقولونَ في قولِهِ تعالى : ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10 ) ﴾ [ سورة المجادلة ] هل يفهمونَ من هذه الآية أن العبادَ فوق الله ؟ فإن ( على ) تأتي لعلوّ القدرِ وللعلوّ الحِسّيّ ، وقد قالَ الله تعالى مُخبرًا عن فرعون أنه قال : ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ( 24 ) ﴾ [ سورة النازعات ] أرادَ علوَّ القهرِ بقولِِهِ : ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾ .

وقد ذَكَرَ الإمامُ أبو منصورٍ الماتريديُّ في تأويلاتِهِ في قولِهِ تعالى ﴿ ثُمَّ استوى على العرش 54) ﴾ [ سورة الأعراف ] يقولُ : ( أي وقد استوى ) ، ومعناهُ أنَّ الله كانَ مستويًا على العرشِ قبلَ وجودِ السمواتِ والأرضِ ، وبعضُ الناس يتوهَّم من كلمة ( ثم ) أن الله استوى على العرشِ بعد أن لم يكن يظنُّونَ أن ثُمَّ دائمًا للتأخُّر ، ويصحُّ في اللُّغة أن يقالَ أنا أعطيتُكَ يوم كذا كذا وكذا ثم إني أعطيتُكَ قبلَ ذلك كذا وكذا ، فإن ( ثم ) ليست دائمًا للتَّأخُّرِ في الزَّمن ، أحيانًا تأتي لذلكَ وأحيانًا تأتي لغيرِ ذلك ، قال الشَّاعر :

إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أبُوهُ ثُمّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ

ويُروى عن أمّ سلمةَ إحدى زوجاتِ الرّسولِ ويروى عن سفيانَ بنِ عيينةَ ويروى عن مالكِ بن أنسٍ أنهم فسَّروا استواء الله على عرشِهِ بقولهم: الاستواءُ معلومٌ ولا يقالُ كيفٌ والكيفُ غيرُ معقولٍ . ومعنى قولهم :

( الاستواء معلومٌ ) معناهُ معلومٌ ورودُهُ في القرآنِ أي بأنه مستوٍ على عرشِهِ استواءً يليقُ به ، ومعنى :

( والكيفُ غير معقولٍ ) أي الشَّكلُ والهيئةُ والجلوسُ والاستقرارُ هذا غير معقولٍ أي لا يقبلُهُ العقلُ ولا تجوزُ على الله لأنها من صفات الأجسام ، وسُئِلَ الإمامُ أحمدُ رضي الله عنه عن الاستواء فقال : ( استوى كما أخبَرَ لا كما يَخطُرُ للبشرِ) .

وقد ثبَت عن الإمامِ مالكٍ بإسنادٍ قويّ جيدٍ أنه قال في استواء الله : ( استوى كما وَصَفَ نفسَهُ ولا يقالُ كيف وكيف عنه مرفوعٌ ) ، ولا يصحُّ عن مالكٍ ولا عن غيرِهِ من السلفِ أنه قال الاستواءُ معلومٌ والكيفيةُ مجهولةٌ فهذه العبارةُ لم تَثبُت من حيثُ الإسنادُ عن أحدٍ من السلفِ ، وهي موهِمَةٌ معنًى فاسدًا وهو أن استواءَ الله على العرشِ هو استواءٌ له هيئةٌ وشكلٌ لكن نحنُ لا نعلمُهُ وهذا خلافُ مرادِ السلفِ بقولهم : ( والكيفُ غيرُ معقول ) . وهذه الكلمةُ قالها بعض الأشاعرة مع تنزيهِهِم لله عن الجسميةِ والتحيزِ في المكان والجهةِ وهي كثيرةُ الدورانِ على ألسنةِ المشبهةِ والوهابيةِ لأنهم يعتقدونَ أن المرادَ بالاستواءِ الجلوسُ والاستقرارُ أي عند أغلبِهم وعندَ بعضِهم المحاذاةُ فوق العرش من غير مماسة ، ولا يدرونَ أن هذا هو الكيفُ المنفيُّ عن الله عند السلفِ ، ولا يُغْتَرُّ بوجودِ هذه العبارةِ في كتابِ إحياء علومِ الدينِ ونحوهِ ولا يريدُ مؤلفُهُ الغزاليُّ ما تفهمُهُ المشبهةُ لأنه مُصَرّحٌ في كتبِهِ بأن الله منزهٌ عن الجسميةِ والتحيزِ في المكانِ وعن الحَدّ والمقدارِ لأن الحدَّ والمقدارَ من صفاتِ المخلوقِ قال الله تعالى :﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) ﴾ [ سورة الرعد] . فالتحيز في المكان والجهة من صفات الحجم والله ليس حجمًا . وما يوجد في بعض كتب الأشاعرة من هذه العبارة الاستواء معلوم والكيفية مجهولة غلطة لا أساس لها عن السلف لا عن مالك ولا عن غيره وهي شنيعة لأنها يفهم منها المشبه الوهابيّ وغيره أن الاستواء كيفٌ لكن لا نعلمه مجهول عندنا . وأما من أوردها من الأشاعرة فلا يفهمون هذا المعنى بل يفهمون أن حقيقة الاستواء غير معلوم للخلق فالوهابية تقصد بها ما يناسب معتقدها من أن الله حجم له حيّز . والعجب منهم كيف يقولون إنّ الاستواء على العرش حسيّ ثم يصفونه بالكون مجهولا . ولعلهم يريدون بهذا هل هو قعود على شكل تربيع أم على شكل ءاخر.

فإن قيلَ : لماذا قالَ الله تعالى بأنه استوى على العرشِ على حَسَبِ تفسيرِكم بمعنى قَهَر وهو قَاهرُ كلّ شئٍ ؟ نقول لهم : أليسَ قال : ﴿ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( 129) ﴾ [ سورة التوبة] مع أنه ربُُّ كلّ شئٍ؟!

قال المؤلف رحمه الله : كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :

قَد اسْتَوَى بِشْرٌ علَى العِراقِ مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ ودَمٍ مُهْراقِ

الشرح: ( مهراق) تُلفظ القافُ المكسورة وكأَنَّ في ءاخرِها ياءً ولو لم تكن الياءُ مكتوبةً ، والمعنى أنه سَيطَرَ على العراقِ ومَلَكَهَا من غير حَربٍ وإراقَةِ دِمَاءٍ .

قال المؤلف رحمه الله : وفَائِدَةِ تَخْصِيص العَرْشِ بالذّكْرِ أنَّهُ أعْظَمُ مَخلُوقَاتِ الله تَعَالى حجمًا فيُعْلَمُ شُمُولُ ما دُوْنَه مِنْ بَابِ الأَوْلَى . قَالَ الإمَامُ عَلِيٌّ : ( إنَّ الله تَعَالى خَلَقَ العَرْشَ إِظْهَارًا لقُدْرَتِهِ ، ولمْ يَتّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ ). رواهُ الإمامُ المحدثُ الفقيهُ اللغويُّ أبو منصورٍ التميميُّ في كتابهِ التبصرة .

الشرح: إذا قلنا : الله تعالى قهر العرش معناهُ قَهَرَ كلَّ شئٍ وإنما خصَّ العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات حجمًا وهو محدود لا يعلم حده إلا الله . وبئسَ معتقدُ ابن تيمية فإنه قال : الله محدود لكن لا يعلم حده إلا هو اهـ فيقال لمن يقول قوله هذا قد قلت الله محدود لكن لا يعلم حده إلا هو فقد شبهته بالعرش فماذا يفيد قولكم في الله إن له حدًا لكن لا يعلم حده إلا هو .

فإن قيلَ : كيفَ تقولونَ خَلقَهُ إظهارًا لقدرتِهِ ونحنُ لا نَراهُ ؟ نقولُ : الملائكةُ الحافُّون حولَهُ يرونَهُ والملائكةُ لما ينظرونَ إلى عِظَمِ العرشِ يزدادونَ خوفًا ويزدادونَ عِلمًا بكمالِ قدرةِ الله ، لهذا خَلَقَ الله العرشَ . وقولُ سيدنا علي الذي مرّ ذكره رواهُ الإمام أبو منصورٍ البغداديُّ في كتابه التبصرة.

قال المؤلف رحمه الله: أَوْ يُقَالُ : اسْتَوَى اسْتِوَاءً يَعْلَمُهُ هُوَ مَع تَنزِيْهِهِ عن اسْتِواءِ المخْلُوقِيْنَ كَالجُلوسِ والاسْتِقرارٍ .

الشرح: مَن شَاءَ يقولُ : استوى استواءً يليقُ بهِ من غير أن يُفَسّرَهُ بالقهرِ أو نحوهِ فيكونُ أوَّل تأويلاً إجماليًّا ، ومن شَاءَ أوَّلَ تأويلاً تفصيليًّا فقال: استوى أي قَهَرَ .

قال المؤلف رحمه الله : واعْلَم أَنَّه يَجِبُ الحَذَرُ مِنْ هؤلاءِ الذينَ يُجِيزُوْنَ علَى الله القُعُودَ علَى العَرْشِ والاسْتِقْرارِ عليه مُفَسّرينَ لِقَوله تعالى : ﴿ الرحمن على العرش استوى(5) ﴾ بالجُلُوسِ أو المحاذاةِ من فوق.



الشرح: هؤلاءِ هم الوهابية وقَبلهم أناسٌ كانوا يعتقدونَ ذلكَ ففسَّروا الآيةَ بالجلوسِ فقالوا : الله تعالى قاعدٌ على العرشِ ، هؤلاءِ يجبُ الحَذَرُ منهم .

قال المؤلف رحمه الله : ومُدَّعِينَ أَنَّه لا يُعقَلُ مَوْجُودٌ إلا في مَكَانٍ ، وحُجَّتُهم دَاحِضَةٌ.

الشرح: يقولون : كيفَ يكونُ موجودٌ بلا مكانٍ ، والموجودُ لا بدَّ له من مكانٍ ، الله موجود إذًا له مكانٌ ، وحجَّتُهم هذِهِ داحضةٌ باطلةٌ ، لأنهُ ليسَ من شرطِ الوجودِ التحيزُ في المكانِ أليسَ الله كان موجودًا قبل المكانِ والزمانِ وكلّ ما سواهُ بشهادةِ حديثِ : ( كان الله ولم يكن شئٌ غيرُهُ ) فالمكانُ غيرُ الله والجهاتُ الحجمُ غيرُ الله فإذًا صحَّ وجودُهُ تعالى شرعًا وعقلاً قبلَ المكانِ والجهاتِ بلا مكانٍ ولا جهةٍ ، فكيفَ يستحيلُ على زعم هؤلاءِ وجودُهُ تعالى بلا مكانٍ بعد خلقِ المكانِ والجهاتِ . ومصيبةُ هؤلاءِ أنهم قاسوا الخالقَ على المخلوقِ قالوا : كما لا يُعقَلُ وجودُ إنسانٍ أو مَلَكٍ أو غيرِ ذلكَ من الأجسامِ بلا مكانٍ يستحيلُ وجودُ الله بلا مكانٍ فَهَلَكوا .

قال المؤلف رحمه الله : ومُدَّعِيْنَ أيضًا أنَّ قَوْلَ السَّلَفِ استوى بلا كَيْفٍ مُوافِقٌ لذَلِكَ وَلم يَدْرُوا أنَّ الكَيْفَ الذي نَفَاهُ السَّلَفُ هُوَ الجُلُوسُ والاسْتِقْرارُ والتّحَيُّزُ إلى المَكَانِ والمُحَاذاةُ وكلُّ الهيئاتِ من حركةٍ وسكونٍ وانفعَالٍ .

الشرح: المحاذاةُ والجلوسُ والاستقرارُ هذا الكيفُ الذي نفاهُ السَّلفُ الذين قالوا في قوله تعالى :

﴿ الرحمن على العرش استوى(5) ﴾ استوى بلا كيفٍ ، ومرادُهُم بقولهم بلا كيفٍ ليسَ استواءَ الجلوسِ والاستقرارِ والمحاذاةِ . المحاذاةُ معناهُ كونُ الشّئِ في مقابلِ شئٍ ، فنحنُ حينَ نكونُ تحتَ سطحٍ فنحنُ في محاذاتِهِ ، وحينَ نكونُ في الفضاءِ نكونُ في محاذاةِ السماءِ ، والسماءُ الأولى تحاذي السماءَ التي فوقَها ، و الكرسي يحاذي العرشَ ، والعرش يحاذي الكرسيّ من تحت ، والله تَعَالَى لا يجوزُ عليهِ أن يكونَ مضطجِعًا عليهِ ولا أن يكونَ في محاذاتِهِ ، إذ المحاذي إما أن يكونَ مساويًا للمحاذَى وإما أن يكونَ أكبر منهُ وإما أن يكونً أصغر منهُ ، وكلُّ هذا لا يصحُّ إلا للشّئ الذي له جِرمٌ ومساحةٌ والذي له جِرمٌ ومساحةٌ محتاجٌ إلى من رَكَّبَهُ ، والله منزَّهٌ عن ذلك .


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 13-09-2011, 04:34 PM
ام سعيد ام سعيد غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 145
معدل تقييم المستوى: 14
ام سعيد is on a distinguished road
افتراضي

يوجد موقع اسمه مركز الفتوى
نكتب السؤال فى قسم الفتاوى الحية وننتظر الاجابة فى الحال
الموقع :
http://www.islamweb.net/fatwa/

---------------------------------------

هل يجوز أن نقول الله موجود فى كل مكان؟


الفتاوى المباشرة1:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الله تعالى مستو على عرشه ، وعرشه فوق سماواته ، وأنه بائن من خلقه جل وعلا ليس حاّلاً فيهم ، فهو العلي الأعلى ، فوق جميع مخلوقاته سبحانه وتعالى وتقدس. وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة.
قال الله تعالى ( سبح اسم ربك الأعلى )
وقال الله تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم )
وقال الله تعالى ( ثم استوى على العرش ) في سبعة مواضع من القرآن .
وقال الله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب )
وقال الله تعالى ( بل رفعه الله إليه )
وقال الله تعالى ( أأمنتم من في السماء )
والسماء بمعنى العلو ، أو هي السموات المعروفة و ( في ) بمعني (على ) أي: على السماء ، إذ ليس الله تعالى محصوراً ولا داخلا في شيء من خلقه ، وهذا نحو قوله تعالى ( قل سيروا في الأرض ) أي على الأرض . وكقوله تعالى ( ولأ صلبنكم في جذوع النخل ) أي على جذوع النحل.
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على علوه تعالى على خلقه.
كما دلت عليه نصوص السنة ومنها:

الفتاوى المباشرة1:
1- ما رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه.. فقلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟
قال : "ادعها ، فدعوتها ، فقال لها أين الله ؟ قالت : في السماء .
قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله. قال : أعتقها فإنها مؤمنة ".
2- ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفة : " ألا هل بلغت ؟ فقالوا : نعم _ يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم _ ويقول : اللهم اشهد ".
3- ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون " .
4- ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
5- ما رواه البخاري عن أنس أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول :" زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سموات ".

الفتاوى المباشرة1:
6- ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال : قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء".
7- ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها زوجها ".
8- ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان ملك الموت يأتي الناس عياناً ، فأتى موسى عليه السلام فلطمه فذهب بعينه ، فعرج إلى ربه عز وجل فقال : يارب بعثتني إلى موسى فلطمني" الحديث.
9- ما رواه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن معاذ : " لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات ".
10- وما جاء في قصة معراجه صلى الله عليه وسلم وارتفاعه إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام ، وكلامه مع ربه جل وعلا ، ثم مروره على موسى ، ثم رجوعه إلى ربه جل وعلا سائلاً التخفيف في أمر الصلاة.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة الدالة على إثبات هذا الأمر العظيم .

الفتاوى المباشرة1:
وهذا الأمر مستفيض عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وحسبنا من ذلك ما قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ملائكة الإله مقربينا
وأما الإجماع فقد حكاه غير واحد من أئمة المسلمين.
1_ قال الإمام الأوزاعي ( المتوفى سنة 157هـ ) : ( كنا والتابعون متوافرون نقول : إن الله تعالى فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته ) .
2- وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ( المتوفى سنة 280 هـ ) في رده على بشر المريسي:
(اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه ، فوق سماواته ).
3ــ وقال الإمام قتيبة بن سعيد ( المتوفى سنه 240هـ) : ( هذا قول الأئمة في الإسلام وأهل السنة والجماعة : نعرف ربنا عز وجل في السماء السابعة على عرشه ، كما قال ( الرحمن على العرش استوى )
4ــ وقال الإمام أبو زرعة الرازي ( المتوفى سنة 264هـ ) والإمام أبو حاتم : (أدركنا العلماء في جميع الأمصار ، فكان مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه ، كما وصف نفسه ، بلا كيف ، أحاط بكل شيء علما ).

الفتاوى المباشرة1:
5ــ وقال الإمام بن عبد البر حافظ المغرب ( المتوفى سنة 463هـ ) في كتابه التمهيد ( 6/ 124) في شرح حديث النزول ( …
وهو حديث منقول من طرق متواترة ، ووجوه كثيرة من أخبار العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم … وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات ، كما قالت الجماعة ، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم : إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش . و الدليل على صحه ما قاله أهل الحق في ذلك : قول الله عز وجل ( الرحمن على العرش استوى …) انتهى
6- وقال الإمام الحافظ أبو نعيم صاحب الحلية في كتابه محجة الواثقين : ( وأجمعوا أن الله فوق سمواته ، عال على عرشه ، مستو عليه ، لا مستولٍ عليه كما تقول الجهمية إنه بكل مكان …).
وبهذا يعلم أن القول بأن الله في كل مكان ليس من أقوال أهل السنة ، بل هو قول الجهمية والمعتزلة ، ولهذا قال ابن المبارك رحمه الله ( المتوفى سنه 181هـ ) وقد سئل : كيف ينبغي أن نعرف ربنا ؟ قال: على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول : كما تقول الجهمية : إنه هاهنا في الأرض ).

الفتاوى المباشرة1:
قال الإمام الذهبي في نهاية كتابه : العلو : ( والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ، ونقله عنهم الأئمة. وقالوا ذلك رادين على الجهمية القائلين بأنه في كل مكان محتجين بقوله ( وهو معكم ) فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم ، وهما قولان معقولان في الجملة. فأما القول الثالث المتولد أخيراً من أنه تعالى ليس في الأمكنة ولا خارجا عنها ولا فوق العرش ولا هو متصل بالخلق ، ولا بمنفصل عنهم ، ولا ذاته المقدسة متحيزة ، ولا بائنة عن مخلوقاته ، ولا في الجهات ، ولا خارجا عن الجهات ، ولا ، ولا ، فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم ، مع ما فيه من مخالفة الآيات والأخبار ، ففر بدينك وإياك وآراء المتكلمين ) . انتهى
فمن قال : إن الله في كل مكان ، يريد نفي علوه على عرشه ، وأنه بذاته في الأمكنة فقوله باطل بل هو كفر بالله تعالى ، لما فيه من إثبات الحلول والامتزاج بالمخلوقات.
ولهذا قال الإمام ابن خزيمة ( من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب ، فإن تاب و إلا ضربت عنقه ، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة ).
ومن قال إن الله في كل مكان يريد بذلك علمه تعالى وأنه لا يعزب مكان عن علمه ، فهذا حق ، وينبغي له أن يصرح مع ذلك بأن الله بائن عن خلقه مستو على عرشه لئلا يوهم كلامه حلول الله في خلقه ، تعالى الله عن ذلك .
وهذا هو معنى قوله تعالى ( وهو معهم أينما كانوا )

الفتاوى المباشرة1:
وقوله (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم …) الآية. وقد صح عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه قال : ( الله في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء ) وقد نقل الإمام أبو عمرو الطلمنكي الإجماع على أن المراد بهذه الآية : العلم. وقال القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه الإبانة:
( فإن قال: فهل تقولون إنه في كل مكان؟
قيل له: معاذ الله ، بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال الرحمن على العرش استوى ) وقال الله (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وقال( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) . ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه ، والحشوش ، والمواضع التي يرغب عن ذكرها ، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن ، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان ، ولصح أن يُرْغب إليه إلى نحو الأرض ، وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا ، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله ) انتهى
وهذه المسألة قد اهتم أهل السنة ببيانها والتصنيف فيها ، فمن أراد الاطلاع على كلام السلف واستدلالاتهم فليرجع إلى هذه المصادر ، ومنها :

الفتاوى المباشرة1:
1- كتاب الإيمان والتوحيد لابن منده .
2- الإبانة لابن بطة العكبري.
3- التوحيد لابن خزيمة.
4- كتاب أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للطبري اللالكائي.
5- كتاب الإبانة للإمام أبي الحسن الأشعري .
6- كتاب العلو للحافظ الذهبي.
7- كتاب الفتوى الحموية لابن تيمية.
8- كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.
والله أعلم.
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 13-09-2011, 05:35 PM
الصورة الرمزية ndeem55
ndeem55 ndeem55 غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,038
معدل تقييم المستوى: 16
ndeem55 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة man22 مشاهدة المشاركة
لا لنشر الفكر الوهابى (السلفى)فى مصر
مصر بلد الازهر الذى علم العالم اجمع الدين الوسطى الغير متشدد
فلتلعم أننا أزهريون من الجذور ، ونعلم ونتعلم في الأزهر بما قارب النصف قرن ، فهذا شرف لا تحاول أن تسلبه منا ، فنحن أولى به .

الأخ الفاضل هذه عقيدة رسول الله صلى الله عليه وصحابته ، فإن شئت أن تسمها وهابية فلتسمها ، أو حتى نوبية فلتسمها بم شئت ، والحمد لله كنت تائها ردحا من الزمن بمثل فكر حضرتك ، إلى أن اهتديت لمذهب أهل السنة أهل الحق الذين وصفوا الله بم وصف به نفسه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل
أما ما تدعيه من فكر غير متشدد أقول : الحمد لله الذي جنبنا ضحالات الفلاسفة وقد ناقشت أخا كريما على الفيس بوك أزهري ، لكنه كان في غاية الأدب رغم تشدده لفكره ، فأعرض ردي عليه عسى أن تقرأه جيدا وتعلم أنك تشرق وتغرب بعيدا عن بر الأمان :

وأنا لست ناقل وإنما آتيكم من كيسي مباشرة

هذا التفسير أخي الكريم متصور عند من تصور التجسيم والتشبيه وقاس الخالق على المخلوق ، لكن من آمن بليس كمثله شئ فقد أذهب من عقله شبهة التجسيم والتشبيه لله عز وجل ، فنصف الله حيث وصف نفسه في كتابه ، فقال الرحمن على العرش استوى - ونؤمن بالاستواء كما في اللغة من العلو والفوقية .
ألا تؤمن أخي بأن الله كان ولم يكن قبله شئ ولا معه ثم خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء ثم استوى على العرش؟

فهل كان في مكان ؟
بالطبع اجابتك ستكون بالنفي، ثم أسألك هل بعد أن خلق السموات والأرض هل حل في المكان والزمان ؟ أم ظل مستغنيا عنهما كما كان قبل أن يخلق السموات والأرض ؟

بالطبع ستقول ظل مستغنيا عنهما ، ثم أسألك المكان هذا وجودي أم عدمي ؟
بالطبع قد يكون وجودي وهو ما تحيط به الجهات الست وهو الذي يتعلق بالمخلوقات ، أما المكان العدمي هو الخلاء حيث لا زمان ولامكان - فكان الله حيث لا زمان ولا مكان حيث أنه سبحانه الخالق للزمان والمكان وهو مستغني عنهما ، ومازال موجودا حيث لا زمان ولا مكان ، لذا وصف نفسه أنه على العرش استوى أي استعلى - لماذا خص العرش؟
أسألك سؤالا يوضح الإجابة ، ماذا فوق العرش من المخلوقات ؟ ستقول بالطبع العدم = العدم أي لا زمان ولا مكان !! فإذا قلنا نثبت ما أثبته الله لنفسه أنه على العرش استوى فقد نفينا عنه الجسمية ، لأننا نزهناه عن الزمان والمكان وأثبتنا له العو والفوقية المطلقة على خلقه، فكان الله قبل الموجودات حيث كان هو، وهو باق حيث كان هو

وينبغي علينا التأدب مع الله فلا نجري قانونا البشري عليه ونقيسه بمخلوقاته فنحاول تنزيهه فننفي صفاته التي وصف بها نفسه ، فنحن نقيس الأمور بقدراتنا المحدودة والتي تحتاج للمخلوقات وتحتاج للجهة والحيز ، وهذا القياس يصبح فاسدا لو أجريناه على رب العزة لأنه فوق تصورتنا البشرية المحدودة ،
وبالطبع أخي الكريم من قالوا أن الله في كل مكان ،وأن علوه علو منزلة فقط وليس ذاتاً، وأن الله لا يتصف بصفة العلو المطلق على مخلوقاته هم الذين أثبتوا له الجهة والحيز ، أو جعلوه عدما محضا (حاشاه) وقد اقتربوا من أصحاب عقيدة وحدة الوجود الذين قالوا أنه لا فرق بين خالق ومخلوق ، بل هذه المخلوقات هي تعيينات للذات الإلهية ( حاشاه) فقد تصوروا إله خلق الخلق وانتشر فيه واختلط به ، ثم تحيّروا فقام بالتأويل ، ونسبوا للسلف الذين ضحوا بالغال والنفيس لينشروا الإسلام أنهم عبدوا إله يجهلون صفاته ، وأنهم ضحوا بعزهم ومجهم في عبادة الأصنام التي ورثوها من أجدادهم لإله مجهول لهم الصفات ، وكانوا يفوضون حقيقة الصفة لله ، وهذا غير حقيقي بالمرة ، فقد نزل القرآن بلغتهم ، ووصف لهم نفسه وصفا دقيقا ، فعرفوه بأسمائه وصفاته علما نافيا للجهالة ، لكنهم لم تقع في أذهانهم شبهة التشبيه بالمخلوقات ، فقدروا الله حق قدره ، وأمروا الصفات كما جاءت كيفا وليس معنى ، فالله يوصف بالسمع ونحن نوصف بالسمع والبصر ، لكن سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، فداء التشبيه منتفي تماما ، لأن اشتراكنا مع الله في اسم الصفة وليس مسماها وحقيقتها ، وهذا الأمر غير متصور حتى في المخلوقات ، فنحن نوصف والحيوانات والملائكة والجن بالسمع والبصر مثلا ، لكن هل سمع الملائكة والجن كسمعنا بمعنى أنهم يحتاجون لنفس آلة سمعنا من أذن ووقناة وقناة مائية وعصب ، وكذلك القول في البصر وغيره من الصفات ، بالطبع الإجابة ستكون بنفي المماثلة ، والسؤال إذا انتفت المماثلة في نظرنا بين المخلوقات ، فكيف يتصورها عاقل بيننا وبين الله سبحانه وتعالى ، أظن قد اتضح البيان ، وهذا ما أردت قوله لأنني تعبت من الكتابة
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 13-09-2011, 05:48 PM
الصورة الرمزية ndeem55
ndeem55 ndeem55 غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,038
معدل تقييم المستوى: 16
ndeem55 will become famous soon enough
افتراضي

أحب أن أضيف اضافة علمية مهمة جدا للأخوة في منهج القرآن الكريم في حديثه عن الله تعالى والتي تشكل ركائز لمنهج محدد المعالم سار عليه السلف في موقفهم من الصفات الإلهية والتي قد أخذوا بها تطبيقا وعملا وسلوكا واعتقادا في منهجهم الفكري والاعتقادي عموما ، وهي منقولة باختصار من كتاب قضية التوحيد بين الدين والفسلفة للدكتور الجليند .

1- اثبات الوجود ونفي العلم بالكيف

2-القول في الصفات تابع للقول في الذات

3- الكتاب والسنة مصدر الاثبات والنفي

4- الأخذ بقياس الأولى في الاثبات والنفي

5- الكمال والنقص محور الاثبات والنفي

6- طريقة التنزيه ينبغي أن تؤخذ من السمع

7-الجمع بين الاثبات والنفي

8- الاثبات ليس تشبيها

ولو أحببتم شرحها فلن أتأخر ان شاء الله
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 13-09-2011, 06:08 PM
الصورة الرمزية ndeem55
ndeem55 ndeem55 غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,038
معدل تقييم المستوى: 16
ndeem55 will become famous soon enough
افتراضي

ثم عندي سؤال لحضرتك ما سر تهمة الوهابية هذه لكل من نطق بالكتاب والسنة ؟
ناقشت الاسماعيلية والدروز والبهرة والاثنا عشرية وجميع فق الشيعة ، فليس على ألسنتهم طعنا وتكفيرا إلا الوهابية ، بل النصارى بل أمريكا وبوش ، وكذلك العلمانييون والليبراليون الذين ليس لهم شأن في الدين ، فما سميتموه وهابية أجمع العالم كله على نصب العداء لهم ، ثم نأتي للصوفية في مصر على نفس المنهج
والسؤال هل نستطيع أن نضع كل هؤلاء الفرقاء في سلة واحدة ، فهم يد واحدة ضد فصيل يتمسك بالكتاب والسنة أم نستثني الصوفية ونعذرهم بالجهل ؟
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 13-09-2011, 06:50 PM
الأستاذ أحمد راشد الأستاذ أحمد راشد غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
العمر: 42
المشاركات: 9,390
معدل تقييم المستوى: 24
الأستاذ أحمد راشد is just really nice
افتراضي

بارك الله فيكى
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 13-09-2011, 08:32 PM
man22 man22 غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 351
معدل تقييم المستوى: 16
man22 is on a distinguished road
افتراضي

لا لنشر الفكر الوهابى (السلفى)فى مصر
مصر بلد الازهر الذى علم العالم اجمع الدين الوسطى الغير متشدد
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 13-09-2011, 08:36 PM
man22 man22 غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 351
معدل تقييم المستوى: 16
man22 is on a distinguished road
افتراضي

في كتب ابن تيميه- الذي هو من اعمده الفكر الوهابي التكفيري:
- ورد في كتب ابن تيميه:
1- لفظ " كافر" عدد 917 مره
2-لفظ " كافر مرتد" 29 مر
3-لفظ"حلال الدم" 19 مره
4- " فأن تاب والا قتل" 97 مره
5- لفظ "يقتل"- بضم الياء- " 849 مره
6- "يضرب عنقه او ضربت عنقه" 39 مره.
الان انظر ماذا يقول ابن تيميه في صدر" الفتاوي الكبري" المجلد الاول صفحه واحد ردا علي حكم رجل يصلي يشوش علي صفوف المصلين بالجهر بالنيه< :كأن يقول نويت اصلي 4 ركعات الظهر>. يقول ابن تيميه: الجهر بلفظ النيه ليس مشروعا عند احد من المسلمين ولا فعله الرسول ولا اصحابه ولا خلفائه ومن ادعي انه دين الله فانه يجب تعريف الشريعه واستتابته من هذا القول فأن اصر علي قول ذلك قتل"
معني ذلك ان الاختلاف في مساله فقيه يؤدي الي القتل عند الوهابيه. الا لعنه الله علي الظالمين
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 14-09-2011, 03:12 AM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
قول السلف في الصفات (منقول للامانة العلمية من احد اساتذة الحديث الشريف بالازهر)


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
ثم أما بعد فهذه رسالة مختصرة فيها توضيح مذهب السلف رضوان الله تعالى عليهم في صفات الله تعالى الواردة في القرآن الكريم، وما صح من الحديث النبوي الشريف، وهي إحدى القضايا المثارة اليوم على الساحة الإسلامية بصورة مكثفة، والناس فيها اليوم على أنحاء، وكل يدعي أن هذا قول السلف، فمن ذلك قوم يثبتون اللفظ ومعناه المعروف لغة، ويفوضون الكيف، ويدعون أن هذا مذهب السلف، وقد غلب صوت هذه الطائفة اليوم على كثير من الطوائف حتى صار أكثر الناس يظن أن قولهم هذا صحيح، وأنه قول السلف فعلاً، وهذه الرسالة تبين أن أصل مذهب السلف إثبات اللفظ الوارد وتفويض المعنى، ونفي الكيف، وهو الصواب إن شاء الله تعالى، بل إن إثبات اللفظ بمعناه المعهود لغة يفضى إلى موافقة قول المجسمة، وسيدور البحث في هذه الرسالة حول الموضوعات التالية:
أولاً: التفريق بين نفي الكيف الذي هو مذهب السلف، وتفويض الكيف الذي هو مذهب بعض الناس، وبيان أن إثبات الكيف لله تعالى تجسيم.
ثانياً: التفرقة بين نفي الصفات، وبين تفويض علم معانيها إلى الله تعالى، وبيان أن الأول هو مذهب الجهمية المعطلة دون الثاني، وأن الثاني هو مذهب السلف.
ثالثاً: هل كان مذهب السلف رضوان الله عليهم تفويض الكيف أم المعنى؟
رابعاً: هل ورد عن السلف تأويل؟
خامساً: التفرقة بين التأويل الذي التزمته المعتزلة والجهمية، وتأويل بعض أهل السنة لبعض ما ورد في ذلك، والتفرقة بين تأويل الخبر أو الآية وتأويل الصفة.
سادساً: هل يصح وصف الله تعالى بالجسمية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
سابعاً: التعريف بالجهمية وتحرير موقفهم من صفات الله تعالى.
ثامناً: التعريف بالمشبهة والمجسمة وتحرير قولهم في الصفات.
فنقول والله الموفق:

تمهيد
في بيان معاني مصطلحات خاصة بهذا البحث
1- المعنى:
قال في لسان العرب: (ومعنى كل شيء مِحْنته وحاله التي يصير إليها أمره، وروى الأزهري عن أحمد بن يحيى قال: المعنى والتفسير والتأويل واحد، وعنيت بالقول كذا: أردت، ومعنى كل كلام ومعناته ومعنيته: مقصده)([1]).
فمعنى الشيء هو تفسيره، وهو حالته التي يصير إليها أمره، وهو مقصده، ومراد قائله، فحينما نقول معاني الصفات فالمراد، تفسيرها، ومراد الله تعالى منها.
2- الحقيقة:
قال في اللسان: (الحقيقة: ما يصير حق الأمر ووجوبه، وبلغ حقيقة الأمر أي يقين شأنه،...، والحقيقة في اللغة ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه)([2]).
فحقيقة الصفة هي يقين شأنها، وهي مراد الله تعالى منها ولا شك، وهي تفسيرها، وهي معناها، فالمعنى والحقيقة في هذا الباب مترادفان، وهما كذلك في أكثر أبواب العلم، فيقال ما معنى الوضوء؟ وما حقيقته؟ وما تفسيره؟ وما مراد الشارع منه؟ وكلها بمعنى واحد، وقس على ذلك في سائر الأبواب.
3- الكيفية:
قال في التعريفات: (الكيف: هيئة قارة في الشيء لا يقتضي قسمة ولا نسبة لذاته.
فقوله: "هيئة": يشمل الأعراض كلها.
وقوله: "قارة في الشيء" احتراز عن الهيئة الغير القارة كالحركة والزمان والفعل والانفعال.
وقوله: "لا يقتضي قسمة" يخرج الكم.
وقوله: "ولا نسبة" يخرج باقي الأعراض النسبية.
وقوله: "لذاته" ليدخل فيه الكيفيات المقتضية للقسمة أو النسبة بواسطة اقتضاء محلها بذاك)([3]).
قلت: ويفهم من هذا أن الكيف من العوارض التي تعرض للأشياء، والعوارض هنا بمعنى الصفات التي تعرض وتزول، فالكيف هيئة تعرض للأشياء، ومن ثم فهي تغاير حقيقة الشيء الذي تعرض له، فالإنسان الذي جاء راكباً، حقيقته أنه حيوان ناطق، وقد تلبس بالحركة من مكان إلى مكان، وهيئة هذه الحركة هي كونه راكباً، فمعنى الإنسان شيء، وكيفية مجيئه شيء آخر، بل إن معنى المجيء وكيفيته متغايران، كما هو واضح، فالمجيء انتقال من مكان إلى مكان، وهيئة المجيء في هذا المثال هي الركوب.
ثم قال صاحب التعريفات: (وهي أربعة أنواع:
الأول: الكيفيات المحسوسة: فهي إما راسخة كحلاوة العسل، وملوحة ماء البحر، وتسمى انفعاليات، وإما غير راسخة، كحمرة الخجل، وصفرة الوجل وتسمى انفعالات، لكونها أسبابا لانفعالات النفس، وتسمى الحركة فيه استحالة كما يتسود العنب ويتسخن الماء)([4]).
قلت: لاحظ أن معنى العسل وحقيقته غير حلاوته، فكونه حلواً هو كيف بالنسبة للعسل، ومعنى الماء وحقيقته غير كونه عذباً أو مالحاً، وكونه عذباً أو مالحاً هو كيف بالنسبة للماء، وتأمل معنى الخجل والوجل وحقيقتهما والفارق بين معناهما وبين حمرة هذا وصفرة ذاك.
ثم قال صاحب التعريفات: (والثانية: الكيفيات النفسانية: وهي أيضا إما راسخة كصناعة الكتابة للمتدرب فيها، وتسمى ملكات، أو غير راسخة كالكتابة لغير المتدرب وتسمى حالات.
والثالثة: الكيفيات المختصة بالكميات: وهي إما أن تكون مختصة بالكميات المتصلة، كالتثليث، والتربيع، والاستقامة، والانحناء، أو المنفصلة، كالزوجية، والفردية.
والرابعة: الكيفيات الاستعدادية: وهي إما أن تكون استعداداً نحو القبول كاللين والمراضاة ويسمى ضعيفا، أو لا قوة، أو نحو اللاقبولي كالصلابة والصحاحية ويسمى قوة)([5]).
وقال في التوقيف على مهمات التعاريف: (الكيف: هيئة قارة في الشيء، لا تقتضي قسمة، ولا نسبة لذاته، وقال أبو البقاء: الكيفية منسوبة إلى كيف، وهي معرفة الحال، لأن كيف سؤال عن الحال، كيف: كلمة مدلولها استفهام عن عموم الأحوال التي شأنها أن تدرك بالحواس)([6]).
فها هنا إضافة مهمة وهي قوله إن كلمة كيف استفهام عن عموم الأحوال التي تدرك بالحواس، فالكيف هيئة تعرض وتزول، وهي مدركة بالحواس، ولا شك أن ما يعرض ويزول لا يتصف به المولى جل وعلا، وكذا ما يدرك بالحواس، فهو جل وعلا أجل من أن تدركه حواسنا.
وقال في المطلع على أبواب المقنع عند شرحه لقول المصنف "كيفية عقدهم" (الكيفية: لفظ مولد مصنوع من كيف، وكيف اسم غير متمكن لا يتصرف فيه، والمراد هنا بالكيفية صفة العقد وحاله، وكيف اسم يستفهم به عن الحال والله تعالى أعلم)([7]).
فالكيفية إذن هي هيئة الشيء، فحينما نسأل عن كيفية مجيء خالد مثلاً فنحن نسأل عن هيئته أثناء المجيء فيجاب: راكباً، أو ماشياً، مثلاً، وحينما نسأل: كيف البناء؟ يكون الجواب: متين أو عال أو متهدم، وعلى ذلك فالكيفية من لوازم المعنى والحقيقة، فحينما نسأل عن معنى الإنسان وحقيقته يكون الجواب مثلاً بأنه مخلوق مفكر، وحينما نسأل عن كيفية الإنسان يكون الجواب بأنه معتدل القامة ذو أطراف أربعة مثلاً، وهكذا.
وعلى ذلك فحينما نقول ما معنى اليد؟ يكون الجواب بأن اليد هي الجارحة، وحينما نسأل: ما كيفية اليد؟ يكون الجواب بأنها طويلة ذات مفاصل وأطراف خمسة تسمى بالأصابع مثلاً. وحينما نسأل ما معنى العين وما حقيقتها؟ يكون الجواب بأن العين هي عضو الإبصار في الحيوان مثلاً، وحينما نسأل عن كيفيتها يكون الجواب بأنها واسعة أو ضيقة أو سوداء أو زرقاء وما شاكل ذلك.
وقد وصف العلماء من أثبت الكيفية لله تعالى بالتجسيم قال الإمام الذهبي في ميزانه في ترجمة أحمد بن منصور أبو السعادات: (قلت: ومن وضعه حديث يقول فيه: "وبين يدي الرب لوح فيه أسماء من يثبت الصورة والرؤية والكيفية فيباهي بهم الملائكة" قلت: فهذا هو الشيخ المجسم الذي لا يستحيي الله من عذابه إذ كيف وافترى)([8]).
فالإمام الذهبي حكم على مثبت الكيفية بالتجسيم، ولا شك أن تفويض الكيفية فرع ثبوتها فتأمل هداني الله وإياك للإنصاف.


4- التفويض:
قال في اللسان: (فوض إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاكم فيه، وفي حديث الدعاء "فوضت أمري إليك" أي رددته إليك)([9]).
فالتفويض ليس نفياً، ولا تعطيلاً بل هو تصيير الأمر إلى من يعلمه، فنحن نفوض أمور ديننا الاجتهادية إلى العلماء بمعنى أننا نجعلهم المرجع في بيان أحكام هذه الأمور، وكذلك تفويض معاني الصفات هو إثبات لمعنى الصفة على مراد الله، فليس نفياً للصفة ولا تعطيلاً لها عن المعنى الذي أراده الله.
وإذا فرغنا من فهم معاني هذه المصطلحات أمكننا أن نتابع البحث في هذه المسألة فنقول والله الموفق وهو الهادي سواء السبيل:

المبحث الأول:
التفريق بين نفي الكيف وتفويض الكيف:
نلحظ بداية أن السلف رضوان الله عليهم ينفون عن الله جل وعلا الكيف – كما سيأتي صراحة منقولاً عنهم- ولا يفوضونه، والفارق بين النفي والتفويض كبير، لأن النفي هنا عدم إثبات الكيف أصلاً، والتفويض إثبات الكيف مع تفويض علمه لله تعالى، والكيف محال على الله تعالى، وهو لون من ألوان التجسيم، قال ابن عبد البر في التمهيد: (وقال آخرون: ينزل بذاته،...، قال أبو عمر: ليس هذا بشيء عند أهل الفهم من أهل السنة لأن هذا كيفية، وهم يفزعون منها، لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عياناً، وقد جل الله وتعالى عن ذلك([10])، وما غاب عن العيون فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه أو على لسان رسوله r، فلا نتعدى ذلك إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير، فإنه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير").

المبحث الثاني:
التفريق بين نفي الصفة وتفويض المعني:
ينبغي أيضاً أن نفرق بين مذهب نفاة الصفات المعطلة، وبين مذهب السلف الذين يفوضون علم حقيقة الصفات التي توهم مشابهة الله تعالى لخلقه، فيثبتون الصفة ويفوضون علم حقيقتها لله جل وعلا، فهم يقولون عندما تتلى عليهم آية أو حديث في ذلك آمنا به كل من عند ربنا، مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، وتفويض علم معناه وحقيقته له سبحانه، ونفي الكيف عنه.
وأما المعطلة فينفونالصفة ويقولون ليس لله تعالى يد أصلاً مثلاً، فالتعطيل هو نفي الصفة أصلاً، لا نفي المعنى الذي يوصف به الحادث، وإثبات الصفة على المعنى الذي يليق بجلال الله تعالى.
وعلى هذا فالفارق بين مذهب السلف ومذهب المعطلة ومذهب المجسمة أن المجسمة يثبتون هذه الصفات بمعانيها المعهودة لغة، إذ المعنى المعهود إنما يستخدمه المستخدم فيما توصف به المخلوقات التي يحيط بها ويعلمها، لا فيما يوصف به الله تعالى، والسلف يثبتون هذه الصفات ويفوضون علم معانيها وحقائقها لله تعالى، وينفون عنها الكيف، والمعطلة ينفون اتصاف الله تعالى بهذه الصفات، باعتبار أنها من صفات المخلوق، فمذهب السلف وسط بين إفراط المجسمة، وتفريط المعطلة.
فالصفات كاليد والوجه والعين مثلاً لا معنى لها في لغة العرب سوى الجوارح والأعضاء، فمن يثبت معناها العربي يثبت لله تعالى الجوارح والأعضاء، فيكون مشبها لله تعالى بخلقه في أن له جوارح وأعضاء، واصفاً إياه بالجسمية، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وعبارات السلف في نفي الجوارح والأعضاء عن الله تعالى كثيرة، وسيأتي بعضها، فمن أثبت الصفة بمعناها المعهود فقد وقع في التشبيه والتجسيم، ومن نفى على الإطلاق فقد نفى ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله وهذا هو التعطيل، ومن أثبت الصفة، وفوض معناها ونفى الكيف عنها فهو الذي يسلم من التعطيل والتشبيه والله أعلم.

المبحث الثالث
هل مذهب السلف تفويض المعنى أم الكيف:
مذهب السلف تفويض المعنى لا الكيف، لأن تفويض الكيف إثبات له، وإثبات الكيف تشبيه وتجسيم، بل ويلزم منه الاحتياج إلى مكيف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، وأما مذهب السلف y وسائر أهل السنة فهو نفي الكيف وتفويض المعنى.
وهاك بعضما ورد عن السلف وغيرهم من علماء الأمة في نفي الكيف وتفويض المعنى:
* قول ربيعة الرأي (ت 136هـ):
قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: (وسئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله "الرحمن على العرش استوى" فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق)([11]).
قلت: قوله "والكيف غير معقول" معناه أن الكيف لا يعقل في حق الله تعالى أصلاً فهو يوافق قول سائر أهل السنة المتقدم: "بلا كيف"، وكلاهما نفي للكيف عن الله تعالى، فأين هذا ممن يفوض الكيف!! وقد نقل بعض الناس هذه الرواية عن مالك وغيرِه بلفظ: "والكيف مجهول"، ولم أقف عليه مسنداً من وجه صحيح عن مالك، ولا عن ربيعة الرأي، ولا عن أم سلمة، بل الروايات الصحاح المشهورة عنهم بلفظ "والكيف غير معقول".
وقولهم "الكيف مجهول" معناه أن للاستواء كيف لكننا لا نعلمه، وأما قولهم "الكيف غير معقول" فمعناها أن الكيف لا يعقل في حق الله أصلاًَ، وهي التي توافق سائر ما ورد عن السلف من نفي الكيف، دون الثانية التي توهم أن ثم كيف لكنه مجهول، فحتى لو صحت الثانية عن أحد من هؤلاء الأئمة لكانت شاذة مخالفة لسائر ما روي عن السلف رضوان الله عليهم، والله أعلم.
وأما قوله "الاستواء غير مجهول" فليس معناه أن معناه معروف بل معناه أنه غير مجهول وجوده وثبوت نسبته لله جل وعلا وبهذا فسره الأئمة ابن عبد البر وابن قدامة وغيرهم وقال ابن قدامة: (وهذه الأقوال الثلاثة [قول أم سلمة وربيعة ومالك] متقاربة المعنى واللفظ فمن المحتمل أن يكون ربيعة ومالك بلغهما قول أم سلمة فاقتديا بها وقالا مثل قولها لصحته وحسنه وكونه قول إحدى أزواج النبي r ومن المحتمل أن يكون الله تعالى وفقهما للصواب وألهمهما من القول السديد مثل ما ألهمها.
وقولهم "الاستواء غير مجهول" أي غير مجهول الوجود لأن الله تعالى أخبر به، وخبره صدق يقيناً لا يجوز الشك فيه، ولا الارتياب فيه، فكان غير مجهول لحصول العلم به، وقد روي في بعض الألفاظ الاستواء معلوم)([12])
* قول مالك (ت 179هـ) وابن المبارك (ت181هـ) وابن عيينة (ت198هـ) وسائر أهل السنة:
قال الترمذي:(وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث ما يشبه هذا من الروايات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا: قد تثبت الروايات في هذا، ويؤمن بها،ولا يتوهم، ولا يقال كيف، هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة)([13]).
وقال البيهقي في الاعتقاد: (أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرني محمد بن يزيد سمعت أبا يحيى البزار يقول سمعت العباس بن حمزة يقول سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول سمعت سفيان بن عيينةيقول: كل ما وصف الله من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.قال الشيخ [البيهقي]: وإنما أراد به والله أعلم فيما تفسيره يؤدي إلى تكييف وتكييفه يقتضي تشبيهه له بخلقه في أوصاف الحدوث)([14]).
وهذا يعني أن من الصفات ما يمكن إثبات معانيه اللغوية دون أن يؤدي إلى تشبيه ولا تمثيل ولا تجسيم، كإثبات معاني القدرة والإرادة والعلم والحياة، بخلاف إثبات معاني نحو اليد والوجه والاستواء، فإن معاني هذه الصفات في لغة العرب تؤدي إلى التجسيم، وهو ما عبر عنه الشيخ بالتكييف، ومن ثم فالواجب حينئذ التوقف عن تفسيرها، مفوضين ذلك لله تعالى، منزهين الله تعالى عن التكييف والتشبيه والتمثيل.
* قول سفيان الثوري (ت161) ووكيع بن الجراح (ت197) وغيرهم:
قال الترمذي في سننه: (قد روي عن النبي r روايات كثيرة، مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم
وذِكْر القدم وما أشبه هذه الأشياء.
والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمةمثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة،ووكيع، وغيرهم، أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه ومعنى قوله في الحديث "فيعرفهم نفسه" يعني يتجلى لهم)([15]).
فالإمام الترمذي ينقل هذا عن أهل السنة وأهل الحديث وسائر أهل العلم، أنهم يقولون: "تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر" يعني لا يذكر معناها، وهذا تفويض للمعنى، "ولا تتوهم" يعني يصرف ظاهرها الموهم.
ثم إن الإمام الترمذي قد أول قوله r "فيعرفهم نفسه" بالتجلي، فتأمل.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: (وذكر عباس الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول شهدت زكريا بن عدي سأل وكيع بن الجراح فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث يعني مثل الكرسي موضع القدمين ونحو هذا فقال: أدركت إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعراً يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا)([16]).
يعني لا يحددون لها معنى، فهو تفويض للمعنى.
* قول الأوزاعي (ت157هـ) وغيره:
قال اللالكائي: (أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن أبي خيثمة قال ثنا الهيثم بن خارجة قال ثنا الوليد بن مسلم يقول سألت الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، عن هذه الأحاديث التي فيها ذكر الرؤية فقالوا:أمروها كما جاءت بلا كيف)([17]).
والحظ معي أن المذهب السائد عند السلف هو نفي الكيف لا تفويضه.
* قول الليث بن سعد (ت175هـ):
قال البيهقي في السنن الكبرى: (أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا محمد بن بشر بن مطر ثنا الهيثم بن خارجة ثنا الوليد بن مسلم قال سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في التشبيه فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيفية)([18]).
* قول شعبة (ت160هـ) وحماد بن زيد (ت179هـ) وابن سلمة (ت167هـ) وشَرِيك (178هـ) وأبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري (ت175هـ):
قال البيهقي في السنن: (وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أنبأ أبو محمد بن حيان الأصبهاني ثنا إسحاق بن ثنا حفص بن عمر المهرقاني ثنا أبو داود وهو الطيالسي قال: كان سفيان الثوري، وشعبة،وحماد بن زيد،وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون يروون الحديث ولا يقولون كيف وإذا سئلوا أجابوا بالأثر)([19]).
الحد هو: (الحاجز بين الشيئين، وحد الشيء: منتهاه، ... والحَدُّ: المنع،...، وحَدُّ كل شيء: نهايته)([20]). فقوله: "لا يحدون" يعني لا يذكرون حداً لهذه الصفات، والحد هنا هو المعنى، لأنه الذي يحجز بين الصفة وغيرها، وهو الذي يمنع من تداخل الصفة مع غيرها، قال في اللسان: (الـحَدُّ: الفَصل بـين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر، أَو لئلا يتعدى أَحدهما علـى الآخر، وجمعه حُدود. وفصل ما بـين كل شيئين: حَدٌّ بـينهما. ومنتهى كل شيء: حَدُّه؛ ...، ومنتهى كل شيء: حَدّه. ..؛ وحدَّ الشيءَ من غيره يَحُدُّه حدّاً وحدَّدَه: ميزه. وحَدُّ كل شيءٍ: منتهاه لأنه يردّه ويمنعه عن التمادي). فالسلف رضوان الله عليهم ما كانوا يميزون هذه الأشياء ولا يفصلون بعضها عن بعض، ولا يحجزون بينها وبين غيرها، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر، وهم مع تفويضهم لمعاني هذه الصفات كانوا لا يشبهون الله تعالى بخلقه، ولا يمثلونه بغيره، فهم على هذا يثبتون ما جاء به النص، وينفون عنه المعاني التي تؤدي إلى التشبيه أو التمثيل، ويفوضون علم معانيه للباري جل وعلا، فلا يحدون فيه شيئاً، والله أعلم.

* إنكار مالك على من يحدث بمثل هذه الأحاديث:
قال ابن عبد البر في التمهيد: (وقد كان مالك ينكر على من حدث بمثل هذه الأحاديث ذكره أصبغ ونصيف عن ابن القاسم قال: سألت مالكا عمن يحدث الحديث "إن الله خلق آدم على صورته" والحديث "إن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة" وأنه يدخل في النار يده حتى يخرج من أراد فأنكر ذلك إنكارا شديدا ونهى أن يحدث به أحدا وإنما كره ذلك مالك خشية الخوض في التشبيه بكيف هاهنا....
وقال يحيى بن إبرهيم بن مزين: إنما كره ملك أن يتحدث بتلك الأحاديث لأن فيها حداً وصفة وتشبيهاً والنجاة في هذا الانتهاء إلى ما قال الله عز وجل ووصف به نفسه، بوجه ويدين وبسط واستواء وكلام فقال "فأينما تولوا فثم وجه الله" وقال "بل يداه مبسوطتان" وقال "والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه" وقال "الرحمن على العرش استوى" فليقل قائل بما قال الله ولينته إليه، ولا يعدوه، ولا يفسره، ولا يقل كيف، فإن في ذلك الهلاك لأن الله كلف عبيده الإيمان بالتنزيل، ولم يكلفهم الخوض في التأويل الذي لا يعلمه غيره.
وقد بلغني عن ابن القاسم أنه لم ير بأسا برواية الحديث أن الله ضحك وذلك لأن الضحك من الله والتنزل والملالة والتعجب منه ليس على جهة ما يكون من عباده)([21]).

* قول محمد بن الحسن(ت189هـ):
قال ابن قدامة في ذم التأويل: (أخبرنا الشيخ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد النقور أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسن الطريثيثي إذنا قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري قال أنبأنا أحمد بن محمد بن حفص أنبأنا أحمد بن محمد بن المسلمة حدثنا سهل بن عثمان بن سهل قال سمعت إبراهيم بن المهتدي يقول سمعت داود بن طلحة يقول سمعت عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول سمعت محمد بن الحسن يقول: اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إلى الغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله r في صفة الرب عز وجل من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي rوفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة لأنه وصفه بصفة لا شيء)([22]).
* قول الإمام الشافعي (ت204هـ):
قال ابن قدامة: (وقال بعضهم ويروى ذلك عن الشافعي رحمة الله عليه[أنه قال:] آمنت بما جاء عن الله على مراد الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول اللهr)([23]).
فقوله "على مراد الله" واضح في الدلالة على تفويض المعنى لله تعالى، ويؤكد ذلك ما نقله ابن قدامة عن الشافعي أيضاً قال ابن قدامة: (وذكر شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري قال أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد بن الخلال حدثنا محمد بن العباس المخلص أنبأنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا الربيع بن سليمان قال سألت الشافعيt عن صفات من صفات الله تعالى فقال: حرام على العقول أن تمثل الله تعالى، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل، إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه)([24]).
* قول الحميدي(ت219هـ):
قال ابن قدامة في ذم التاويل: (أخبرنا أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدجاجي الفقيه قال أنبأنا الإمام الزاهد أبو منصور محمد بن أحمد الخياط أنبأنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد بن جعفر أنبأنا أبو علي بن الصواف أنبأنا بشر بن موسى أنبأنا أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي قال: أصول السنة فذكر أشياء ثم قال وما نطق به القرآن والحديث مثل "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم" ومثل "والسموات مطويات بيمينه" وما أشبه هذا من القرآن والحديث لا نزيد فيه، ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة، ونقول: "الرحمن على العرش استوى" ومن زعم غير هذا فهو معطل جهمي)([25]).
والتفسير كما تقدم غير مرة هو بيان المعنى.
* قول أبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ):
قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: (أخبرنا أحمد بن محمد بن الجراح ومحمد بن مخلد قالا ثنا عباس بن محمد الدوري قال سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام وذكر عنده هذه الأحاديث:"ضحك ربنا عز وجل من قنوط عباده"... و"الكرسي موضع القدمين" و"إن جهنم لتمتلئ فيضع ربك قدمه فيها" وأشباه هذه الأحاديثفقال أبو عبيد: هذه الأحاديث عندنا حق، يرويها الثقات بعضهم عن بعض، إلا أنا إذا سئلنا عن تفسيرها قلنا: ما أدركنا أحدا يفسر منها شيئا، ونحن لا نفسر منها شيئا، نصدق بها، ونسكت)([26]).
فأبو عبيد توقف عن تفسيرها، وقد تقدم أن التفسير هو بيان معناها، فهو لم يثبت معناها المعهود لغة، بل فوض الأمر لله تعالى، وهو ينقل ذلك عن سائر من أدركه من أئمة أهل السنة.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: (قال عباس بن محمد الدوري وسمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر له عن رجل من أهل السنة أنه كان يقول هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية والكرسي موضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وأن جهنم لتمتلئ وأشباه هذه الأحاديث، وقالوا: إن فلانا يقول يقع في قلوبنا أن هذه الأحاديث حق، فقال: ضعفتم عندي أمره، هذه الأحاديث حق لا شك فيها، رواها الثقات بعضهم عن بعض،إلا أنا إذا سئلنا عن تفسير هذه الأحاديث لم نفسرها، ولم نذكر أحدا يفسرها)([1]).
قلت: وتفسيرها ذكر معناها، فلم يكن أحد من السلف يذكر أنها على معناها المعهود لغة، بل يؤمنون بها، ويفوضون علم معانيها إلى الله جل وعلا.
* قول ابن معين (ت233هـ):
قال ابن عبد البر: (وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن خالد قال سمعت ابن وضاح سألت يحيى بن معين عن التنزل فقال: أقر به ولا تحد فيه بقول، كل من لقيت من أهل السنة يصدق بحديث التنزل قال: وقال لي ابن معين:صدق به ولا تصفه.
وحدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال سألت يحيى بن معين عن التنزل فقال: أقر
به ولا تحد فيه بقول)([27])أ.هـ.


* قول الإمام أحمد(ت 241هـ):
أخرج البيهقي في شعب الإيمان حديث "إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب" ثم قال البيهقي: (قال أحمد: "وهذا النزول المراد به والله أعلم فعلا سماه الرسول عليه السلام نزولا بلا انتقال ولا زوال، أو أراد به نزول ملك من ملائكته بأمره")([28]).
فالنزول في لغة العرب هو: التدلي والانتقال من أعلى إلى أسفل، وهو محال على الله تعالى، وهو ظاهر كلمة "النزول" ومن ثم فقد نفى الإمام أحمد هذا المعنى الذي يوهم مشابهة الله لخلقه، وصرف اللفظ عن ظاهره، وفوض معناه، إذ لم يحدد للنزول معنى محدداً حيث قال: "فعلاً سماه الرسول r نزولاً"، أو أوَّله بنزول الملك، وهو وجه من أوجه التأويل الجائزة عند أهل السنة، فقد حمل اللفظ الذي يوهم ظاهره على لفظ آخر وارد أيضاً ليس فيه هذا الإيهام، مع كون لغة العرب تسوغ استعماله بهذا المعنى.
وقال ابن قدامة في ذم التأويل: (وقال أبو بكر الخلال أخبرنا المروذي قال سألت أبا عبد الله عن أخبار الصفات فقال: نمرها كما جاءت.
قال: وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم قال: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وأن الله يرى، وإن الله يضع قدمه، وما أشبهه، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها، ونصدق بها، ولا كيف، ولا معنى، ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله r قوله، ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله،بلا حد ولا غاية "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا نتعدى ذلك، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت)([29]).
فقول الإمام "ولا كيف ولا معنى" يعني، ولا يوصف الله تعالى بالكيفيات، ولا بالمعاني المحدثات التي توصف بها المخلوقات، والتي قد عهدتها اللغات، فلا يوصف الله تعالى بالكيف، ولا بالمعاني المعهودة من اللغة، وإنما وصف الله تعالى بصفاته التي أخبر عنها في كتابه أو على لسان رسوله r على المعاني التي أرادها الله تعالى، ومنه تعرف أن منهج السلف هو تفويض المعنى ونفي الكيف، لا إثبات المعنى وتفويض الكيف.


* قول أبي محمد المزني (ت356هـ):
قال البيهقي: (أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا محمد أحمد بن عبد الله المزنييقول حديث النزول قد ثبت عن رسول الله r من وجوه صحيحة وورد في التنزيل ما يصدقه وهو قوله تعالى "وجاء ربك والملك صفا صفا" والنزول والمجيء صفتان منفيتان عن الله تعالى من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال بل هما صفتان من صفات الله تعالى بلا تشبيه جل الله تعالى عما تقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوا كبيرا)([30]).
فالإمام المزني شيخ الحاكم أثبت الصفة لله تعالى ونفى معناها المعهود لغة، وهو الحركة والانتقال، ونزه الله تعالى عن المشابهة لخلقه، وهو يعلن أنه بهذا يخالف المعطلة والمشبهة، فبان أن مذهب السلف إثبات الصفة، دون معناها المعهود لغة الذي ينتج عن إثباته التشبيه أو التجسيم، ومذهب المعطلة هو نفي الصفة أصلاً، ومذهب المجسمة هو إثبات الصفة بمعناها المعهود لغة، فتأمل.


* قول أبي عثمان الصابوني(ت449هـ):
قال ابن قدامة في ذم التأويل: (أخبرنا محمد بن حمزة بن أبي الصقر قال أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس الغساني أنبأنا أبي قال قال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة يعرفون ربهم تبارك وتعالى بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله، وشهد له بها رسوله على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقله العدول الثقات، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية، وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتفهيم والتعريف حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قوله عز من قائل "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
[قال ابن قدامة:] وذكر الصابوني الفقهاء السبعة ومن بعدهم من الأئمة وسمى خلقا كثيرا من الأئمة وقال: كلهم متفقون لم يخالف بعضهم بعضاً ولم يثبت عن واحد منهم واحد منهم ما يضاد ما ذكرناه)([31]).


* قول البيهقي (ت458هـ):
قال البيهقي في الاعتقاد: (المذهب الصحيح في جميع ذلك الاقتصار على ما ورد به التوقيف، دون التكييف، وإلى هذا ذهب المتقدمون من أصحابنا ومن تبعهم من المتأخرين، وقالوا الاستواء على العرش قد نطق به الكتاب آية ووردت به الأخبار الصحيحة وقبوله من جهة التوقيف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية له غير جائز)([32]).
وقال: (وعلى مثل هذا درج أكثر علمائنا في مسألة الاستواء وفي مسألة المجيء والإتيان والنزول قال الله عز وجل "وجاء ربك والملك صفا صفا" وقال "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام".
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ثنا أحمد بن سلمان قال قرئ على سليمان بن الأشعث ح وأخبرنا أبو علي الروزذباري أنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال "ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له".
قال رحمه الله: وهذا حديث صحيح رواه جماعة من الصحابة عن النبي r.
وأصحاب الحديث - فيما ورد به الكتاب والسنة من أمثال هذا ولم يتكلم أحد من الصحابة والتابعين في تأويله- على قسمين منهم من قبله، وآمن به، ولم يؤوله، ووكل علمه إلى الله، ونفى الكيفية والتشبيه عنه، ومنهم من قبله، وآمن به، وحمله على وجه يصح استعماله في اللغة، ولا يناقض التوحيد...
وفي الجملة يجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه، لكنه مستو على عرشه، كما أخبر، بلا كيف، بلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة، وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها ونفينا عنها التكييف([33])فقدقال "ليس كمثله شيء" وقال "ولم يكن له كفوا أحد" وقال "هل تعلم له سميا")([34]).
والكلام هنا أوضح من أن يحتاج إلى تعليق، والحظ معي نقله عن أهل الحديث أنهم على قولين في هذه المسألة فبعضهم يثبت ويفوض علم المعنى لله تعالى، وبعضهم يؤول هذه النصوص على وجه يصح استعماله في اللغة ولا ينافي التوحيد.
* قول الخطيب البغدادي (ت463هـ):
قال ابن قدامة في ذم التأويل: (أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي إذنا أنبأنا أبو الحسن محمد بن مرزوق ابن عبد الرازق الزعفراني أنبأنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أما الكلام في الصفات فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف رضي الله عنهم إثباتها، وإجراؤها على ظاهرها([35])، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فإذا قلنا لله تعالى يد وسمع وبصر فإنما هو إثبات صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول إن معنى اليد القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول إنها الجوارح، ولا نشبهها بالأيدي، والأسماع، والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول إنما ورد إثباتها لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها، لقوله تبارك وتعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" وقوله عز وجل "ولم يكن له كفوا أحد")([36]).
* قول الإمام ابن عبد البر 463هـ):
قال ابن عبد البر في التمهيد في شرحه لحديث أبي هريرة أن رسول الله r قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له": (وقد صح في المعقول وثبت بالواضح من الدليل أنه كان في الأزل لا في مكان وليس بمعدوم فكيف يقاس على شيء من خلقه أو يجري بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا الذي لا يبلغ من وصفه إلا إلى ما وصف به نفسه، أو وصفه به نبيه ورسوله، أو اجتمعت عليه الأمة الحنيفية عنه....
فإن قيل: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان قيل له:أما الانتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا، وكذلك نقله لا يوجب مكاناً، وليس في ذلك كالخلق، لأن كون ما كونه يوجب مكانا من الخلق ونقلته توجب مكانا للرجعة منتقلا من مكان إلى مكان، والله عز وجل ليس كذلك لأنه غير كائن في مكان وكذلك نقلته لا توجب مكاناً وهذا ما لا تقدر العقول على دفعه....
[قلت: والحظ معي نفي الإمام ابن عبد البر لمعني النزول اللغوي، ثم هو لم يحدد للنزول معنى، وهذا هو التفويض في المعاني، ثم يقول الإمام:]
وليس مجيئه حركة ولا زوالاً ولا انتقالاً، لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسماً أو جوهراً، فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة، ولو اعتبرت ذلك بقولهم جاءت فلاناً قيامتُه، وجاءه الموت، وجاءه المرض، وشبه ذلك مما هو موجود نازل به ولا مجيء، لبان لك، وبالله العصمة والتوفيق....
[قلت: والحظ هنا أنه قال إنه قد ثبت أن الله ليس بجسم ولا جوهر، فنفي الجسمية عن الله تعالى، ثم قال:]
وأما قوله r في هذا الحديث "ينزل تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا" فقد أكثر الناس التنازع فيه والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون ينزل كما قال رسول الله r ويصدقون بهذا الحديث، ولا يكيفون، والقول في كيفية النزول كالقول في كيفية الاستواء والمجيء، والحجة في ذلك واحدة.
[قلت: فالحظ معي كيف نفي الإمام ابن عبد البر المعنى اللغوي للنزول وهو الانتقال من مكان لمكان، وذكر أن جمهور أهل السنة يؤمنون بالنزول لا بمعناه اللغوي، فهم يفوضون علم معناه لله تعالى، ويصدقون ما جاء عن رسول الله r وينفون عن هذه الصفة الكيف، ثم ذكر بعد ذلك أن فريقاً من أهل السنة يؤول ذلك فقال:]
وقد قال قوم من أهل الأثر أيضا: إنه ينزل أمره، وتنزل رحمته، وروى ذلك عن حبيب كاتب مالك وغيره، وأنكره منهم آخرون، وقالوا: هذا ليس بشيء لأن أمره ورحمته لا يزالان ينزلان أبدا في الليل والنهار، وتعالى الملك الجبار الذي إذا أراد أمرا قال له كن فيكون في أي وقت شاء، ويختص برحمته من يشاء متى شاء لا إله إلا هو الكبير المتعال.
وقد روى محمد بن علي الجبلي وكان من ثقات المسلمين بالقيروان قال: حدثنا جامع بن سوادة([37]) بمصر قال: حدثنا مطرف عن مالك بن أنس أنه سئل عن الحديث "إن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا" فقال مالك: يتنزل أمره".
وقد يحتمل أن يكون كما قال مالك رحمه الله، على معنى أنه تتنزل رحمته وقضاؤه بالعفو والاستجابة وذلك من أمره، أي أكثر ما يكون ذلك في ذلك الوقت، والله أعلم ...
[قلت: والحظ معي هنا قبول الإمام ابن عبد البر لهذا التأويل، وجعله أحد المعاني التي يحتملها لفظ الحديث، ونقله أن بعض أهل السنة يستنكر التأويل لا يتنافى مع قبول البعض الآخر منهم لذلك، كما يحدث بين أهل السنة في كثير من المسائل التي تحتمل النزاع، ثم قال:]
وقال آخرون: ينزل بذاته،...، قال أبو عمر: ليس هذا بشيء عند أهل الفهم من أهل السنة لأن هذا كيفية، وهم يفزعون منها لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عيانا، وقد جل الله وتعالى عن ذلك([38])، وما غاب عن العيون فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه أو على لسان رسوله r، فلا نتعدى ذلك إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير، فإنه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
قال أبو عمر: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة([39])...
[قلت: وقوله على الحقيقة لعله يعني الحقيقة اللائقة بجلال الله تعالى، لا حقيقة اللفظ بمصطلح اللغويين، إذ قد نفي قبل ذلك حقيقة اللفظ بمصطلح اللغويين حيث قال: "وليس مجيئه حركة ولا زوالا... إلخ"، ثم هو قد ذكر قبل ذلك أن بعض أهل الأثر يؤولون ذلك على المجاز، وقبل هو هذا، ولم يطعن فيه، فدل ذلك على أنه أراد هنا شيئاًَ غير حقيقة اللفظ اللغوية فتأمل، ثم قال بعد ذلك:]
الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها: الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد والكيفية في شيء منه)([40]).
قوله "وترك التحديد والكيفية"، يعني ترك المعنى اللغوي المعهود والكيفية وهو يوافق نص أحمد المتقدم: "ولا كيف ولا معنى"، ويوافق قول سائر من ذكرنا من أهل السنة، فالأصل عند أهل السنة تفويض المعنى، ونفي الكيف، وهو الذي عليه جمهورهم، وبعضهم يؤول، وقد يحتمل ذلك إذا أساغته اللغة والشرع، وقد لا يحتمل، وقد وافق قول الإمام ابن عبد البر هنا قول الإمام البيهقي المتقدم، من أن مذهب أهل السنة تفويض المعنى، أو التأويل على وجه يوافق اللغة والشرع، والله أعلم.
* قول ابن قدامة المقدسي (ت620هـ):
قال ابن قدامة في ذم التأويل: (ومذهب السلف رحمة الله عليهم الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه التي وصف بها نفسه في آياته وتنزيله أو على لسان رسوله r من غير زيادة عليها، ولا نقص منها، ولا تجاوز لها،ولا تفسير، ولا تأويل لها بما يخالف ظاهرها، ولا تشبيه بصفات المخلوقين، ولا سمات المحدثين، بل أمروها كما جاءت،وردوا علمها إلى قائلها ومعناها إلى المتكلم بها)([41]).
فالحظ معي أنه يفوض المعنى - لا الكيف - إلى قائله أيضاً ومما يؤكد ذلك قوله بعد ذلك: (وعلموا أن المتكلم بها صادق لا شك في صدقه فصدقوه، ولم يعلموا حقيقة معناها فسكتوا عما لم يعلموه، وأخذ ذلك الآخر والأول، ووصى بعضهم بعضاً بحسن الإتباع، والوقوف حيث وقف أولهم، وحذروا من التجاوز لهم والعدول عن طريقهم، وبينوا لهم سبيلهم ومذهبهم، ونرجوا أن يجعلنا الله تعالى ممن اقتدى بهم في بيان ما بينوه وسلوك الطريق الذي سلكوه)([42]).
* قول الإمام القرطبي محمد بن أحمد (ت671هـ):
قال الإمام القرطبي في تفسيره: (وفي صحيح مسلم "لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه" في رواية "فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل"... الحديث وروي إن الصدقة لتقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف السائل فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله والله يضاعف لمن يشاء.
قال علماؤنا رحمة الله عليهم في تأويل هذه الأحاديث: إن هذا كناية عن القبول والجزاء عليها كما كني بنفسه الكريمة المقدسة عن المريض تعطفا عليه بقوله "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني"... الحديث، وقد تقدم هذا المعنى في البقرة وخص اليمين والكف بالذكر إذ كل قابل لشيء إنما يأخذه بكفه أو يضعه له فيه فخرج على ما يعرفونه، والله جل وعز منزه عن الجارحة، وقد جاءت اليمين في كلام العرب بغير معنى الجارحة كما قال الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
أي هو مؤهل للمجد والشرف، ولم يرد بها يمين الجارحة، لأن المجد معنى فاليمين التي تتلقى به رايته معنى، وكذلك اليمين في حق الله تعالى.
وقد قيل: إن معنى تربو في كف الرحمن عبارة عن كفة الميزان التي توزن فيها الأعمال، فيكون من باب كأنه قال: فتربو كفة ميزان الرحمن.
وروي عن مالك والثوري وابن المبارك أنهم قالوا في تأويل هذه الأحاديث وما شابهها أمروها بلا كيف قاله الترمذي وغيره وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة)([43]).
فالحظ معي أنه ذكر أوجها من تأويل الحديث أولاً ثم ذكر أن مذهب عامة أهل السنة أن تمرر هذه الأحاديث بلا كيف.


* قول الإمام النووي(ت 676هـ):
قال في شرح مسلم: ("هذا الحديث من مشاهير أحاديث الصفات، وقد مر بيان اختلاف العلماء فيها على مذهبين:
أحدهما: وهو قول جمهور السلف وطائفة من المتكلمين أنه: لا نتكلم في تأويلها بل نؤمن أنها حق على ما أراد الله، ولها معنى يليق بها، وظاهرها غير مراد([44]).
والثاني: وهو قول جمهور المتكلمين: أنها تتأول بحسب ما يليق بها)([45]).
قلت: وما قاله الإمام النووي هنا هو الموافق لما قرره قبله البيهقي وابن عبد البر.
* قول الإمام ابن دقيق العيد (ت702هـ):
وقال الحافظ في الفتح ناقلا عن الحافظ ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى في تقرير التأويل والتفويض: (وقال ابن دقيق العيد في العقيدة: نقول في الصفات المشكلة إنها حق وصدق، على المعنى الذي أراده الله، ومن تأولها نظرنا فإن كان تأويله قريبا على مقتضى لسان العرب لم ننكر عليه، وإن كان بعيدا توقفنا عنه ورجعنا إلى التصديق مع التنزيه"([46])أ.ه‍.
فلبن دقيق العيد ينص على أن الأصل في المسألة تفويض المعنى، وأن التأويل ليس مردوداً كله بل منه ما يقبل، فهو قريب من قول البيهقي، وابن عبد البر والنووي المتقدم.
* قول الإمام الذهبي (ت 748هـ):
قال الذهبي في السير: (فقولنا في ذلك وبابه الإقرار والإمرار وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم)([47]).
فالحظ معي كيف قرر أن مذهب أهل السنة ومذهبه: تفويض المعنى.
* قول الإمام ابن كثير(ت774هـ):
قال ابن كثير في تفسيره: (وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح: أمروها كما جاءت بلا تكييف ولا تشبيه)([48]).
فالحظ أنه قال: الأجود، ولم يقل إن من أول فقد ضل كما زعمه بعض المعاصرين، ثم هو أيضاً على نفي التكييف والتشبيه.

* قول الحافظ ابن حجر (ت 852هـ):
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في مسألة الصفات إن فيها ثلاثة مذاهب نقلا عن ابن المنير فقال:
(أحدها: إنها صفات ذات، ولا يهتدي إليها العقل.
والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود.
والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى، وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب العقيدة له: أخبر الله في كتابه، وثبت عن رسوله r الاستواء والنزول والنفس واليد فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا أخبار الله ورسوله r ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى. قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح، وقال غيره: لم ينقل عن النبي r ولا عن أحد من أصحابه من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك، ولا المنع من ذكره، ومن المحال أن يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه، وينزل عليه "اليوم أكملت لكم دينكم" ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز، مع حضه على التبليغ عنه بقوله "ليبلغ الشاهد الغائب" حتى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته، فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده الله منها، ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات، وقوله تعالى "ليس كمثله شيء" فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم، وبالله التوفيق)([49]).
فابن المنير وابن حجر تبعاً له يثبتون تفويض المعنى لا الكيف، ثم يذكرون أن التأويل وهو القول الثاني هنا أحد مذاهب المتكلمين في هذا المبحث، ثم نقل الحافظ ابن حجر نقلاً دقيقاً فيه التفرقة بين تأويل من أول من أهل السنة وتأويلات غيرهم من المعتزلة والجهمية، إذ المعتزلة والجهمية يوجبون تأويل هذه النصوص، نافين أصل هذه الصفات، جازمين بتأويلاتهم، أما أهل السنة فالأصل عندهم التفويض، ويجوز التأويل إذا كان موافقاً لقواعد اللغة، وهو من باب ذكر أحد محتملات التركيب العربي، لا أنه على الجزم كذلك فتأمل.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح أيضا مبيناً أن التفويض هو الأصل عند أهل السنة: (والصواب الإمساك عن أمثال هذه المباحث، والتفويض إلى الله في جميعها، والاكتفاء بالإيمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه)([50])أ.ه‍.
وإذا عرفنا أن الأصل عند السلف هو تفويض المعنى فقد بقي لنا أن نعرف هل ورد عن السلف تأويل:

المبحث الرابع:
هل ورد عن السلف تأويل
قد تقدم أن أصل مذهب السلف هو تفويض المعنى، وأن بعض السلف كان يؤول بعض ما ورد في ذلك، وقد تقدم النقل في ذلك عن الإمام البيهقي، وابن عبد البر، والنووي، وابن حجر وغيرهم.
ثم اعلم أن من النصوص ما لا يحتمل إلا التأويل وهو مؤول بإجماع كقوله تعالى: "وهو معكم أينما كنتم" أولت المعية بمعية العلم، وقوله تعالى: "كل شيء هالك إلا وجهه"، أول الوجه بالذات، وقوله تعالى "نسوا الله فنسيهم" أول النسيان بالترك، وفي السنة أيضاً أمثال ذلك كمثل ما أخرجه مسلم([51])عن سيدنا رسول الله r أن الله تعالى يقول: "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده.." الحديث.
فلا يجوز لنا أن نثبت لله صفة المرض بهذا الحديث بل هو مؤول أيضاً بالنص والإجماع، بأن المراد معية الله للمريض، وهذه المعية أيضاً مؤولة بإجماع بمعية الرحمة والرضوان لا معية الذات.
فالظاهر غير مراد،وهو مصروف ومؤول عند جميع المسلمين، وقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم([52]): "قال العلماء إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى والمراد العبد، تشريفا للعبد وتقريبا له، قالوا: ومعنى: وجدتني عنده أي: وجدت ثوابي وكرامتي" إ.ه‍ فتأمل.
فهذا القسم مؤول بإجماع، وهذا لون من ألوان التأويل الثابتة عن السلف رضوان الله عليهم.
وهاك نماذج من تأويلات السلف وغيرهم من أئمة الدين وعلماء الشريعة:
(*) حبر الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس t:
أول ابن عباس tقوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق"، فقال: "يكشف عن شدة"([53]) فأول الساق بالشدة. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري([54]والحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره([55]حيث قال في صدر كلامه على هذه الآية: "قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد" ا.ه‍.ونقل ذلك الحافظ ابن جرير أيضا عن: مجاهد([56])،
وسعيد بن جبير([57])،وقتادة([58]) وغيرهم.
وأول سيدنا ابن عباس t أيضا قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" قال: بقوة"([59])و"أيد" جمع يد كما هو معروف، ومنه قوله تعالى: "ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها".
وتستعمل لفظة "أيد" في عدة معان منها: "القوة" كقوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد" أي: بقوة، ومنها: "الإنعام والتفضل" ومنه قوله تعالى: "واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب". فتأمل.
وأول أيضا سيدنا ابن عباس النسيان الوارد في قوله تعالى: "فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا" بالترك([60]).
تأويل الحسن البصري (ت110هـ):
وقد أول الحسن البصري وغيره من أئمة السلف حديث: "حتى يضع الجبار فيها قدمه"، قال الحافظ ابن الجوزي أيضا: (وقد حكى أبو عبيد الهروي - صاحب كتاب غريب القرآن والحديث - عن الحسن البصري أنه قال: القدم: هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها)([61]).
تأويل سفيان الثوري (ت 161هـ):
ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام الثوري أن معدان سأل الإمام الثوري عن قوله تعالى: "وهو معكم أينما كنتم" فقال: بعلمه([62]).

تأويل سفيان بن عيينة (ت198هـ):
فقد أول حديث: "آخر وطأة وطئها الرحمن بوج" بأن المراد آخر غزاة غزاها رسول الله r بالطائف([63]).
تأويل النضر بن شميل (ت 204هـ):
ذكر الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات([64])والحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه([65]) أن النضر بن شميل الحافظ السلفي قال: إن معنى حديث: "حتى يضع الجبار فيها قدمه" أي من سبق في علمه أنه من أهل النار. وكذا قال ذلك الإمام أبو منصور الأزهري كما نقله الحافظ ابن الجوزي في "دفع شبه التشبيه" عنه([66]).
تأويل الإمام أحمد (ت241هـ):
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: (روى البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى: "وجاء ربك" أنه: جاء ثوابه.. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه)([67]).
وروى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول: (احتجوا علي يوم المناظرة، فقالوا: "تجئ يوم القيامة سورة البقرة ...." الحديث، قال: فقلت لهم: إنما هو الثواب)أ.ه‍. فتأمل في هذا التأويل الصريح.
تأويل الإمام البخاري (ت256هـ):
نقل الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات عن البخاري أنه قال: "معنى الضحك الرحمة"([68])إ.ه‍.
وقال الحافظ البيهقي: (روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال: معنى الضحك فيه - أي الحديث – الرحمة)([69]) ا.ه‍ فتأمل.
تأويل الترمذي (279هـ):
قال الترمذي في جامعه بعد حديث الرؤية الطويل: (ومعنى قوله في الحديث: فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم)([70]).
روى الترمذي في جامعه حديث "يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران". وقال أبو عيسى:(هذا حديث غريب من هذا الوجه، ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجئ ثواب قراءته، قال بعض أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه: يجئ ثواب قراءة القرآن، وفي حديث النواس عن النبي r ما يدل على ما فسروا، إذ قال النبي r وأهله الذين يعملون به في الدنيا ففي هذا دلالة أنه يجئ ثواب العمل)([71]).
تأويل ابن جرير (ت311):
قال ابن جرير في تفسيره عند قوله تعالى: "ثم استوى إلى السماء": (والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: "ثم استوى إلى السماء" الذي هو بمعنى: العلو والارتفاع. هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم، كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: "استوى": أقبل، أفكان مدبراً عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال)([72]).
فالإمام ابن جرير جعل معنى الاستواء هنا بمعنى علو الملك والسلطان لا علو الانتقال والزوال، وهو تأويل واضح.


تأويل الإمام أبي الحسن الأشعري في آخر كتبه (ت334هـ):
قال الإمام أبو الحسن الأشعري في رسالتهإلى أهل الثغر وهي من آخر مؤلفاته:(وأجمعوا على أنه عز وجل يرضى عن الطائعين له، وأن رضاه عنهم: إرادته لنعيمهم، وأنه يحب التوابين، ويسخط على الكافرين، ويغضب عليهم، وأن غضبه: إرادته لعذابهم)([73]).
فقد أول الرضا بإرادة النعيم، وأول الغضب بإرادة العذاب.
تأويل ابن حبان (ت354هـ):
قال ابن حبان في صحيحه عند كلامه عن حديث: "حتى يضع الرب قدمه فيها" أي جهنم: (هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي يعصى الله عليها، فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعاً من الكفار والأمكنة في النار فتمتلئ، فتقول: قط قط، تريد: حسبي حسبي، لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع. قال الله جل وعلا: "لهم قدم صدق عند ربهم" يريد: موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه)([74])


تأويل الإمام الخطابي (ت 388هـ):
قال البيهقي في السنن الكبرى: (وكان أبو سليمان الخطابي رحمه الله يقول إنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث على من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو تدلي من أعلى إلى أسفل، وانتقال من فوق إلى تحت، وهذه صفة الأجسام والأشباح، فأما نزول من لا تستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه متوهمة فيه، وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده، وعطفه عليهم، واستجابته دعاءهم، ومغفرته لهم، يفعل ما يشاء لا يتوجه على صفاته كيفيه، ولا على أفعاله كمية، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)([75]).
تأويل ابن حزم (ت 456هـ):
قال ابن حزم في المحلى بعد أن ذكر حديث نزول المولى جل وعلا كل ليلة إلى سماء الدنيا: (وأوقات الليل مختلفة باختلاف تقدم غروب الشمس عن أهل المشرق وأهل المغرب، فصح أنه فعل يفعله البارئ عز وجل من قبول الدعاء في هذه الأوقات، لا حركة، والحركة والنقلة من صفات المخلوقين حاشى لله تعالى منها)([76]).


ابن بطال المالكي (ت 533هـ) ينسب التأويل لأهل السنة:
قال ابن حجر في الفتح: (قال ابن بطال اختلف الناس في الاستواء المذكور هنا فقالت المعتزلة: معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة واحتجوا بقول الشاعر
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
وقالت الجسمية: معناه الاستقرار.
وقال بعض أهل السنة: معناه ارتفع، وبعضهم: معناه علا، وبعضهم: معناه الملك والقدرة، ومنه استوت له الممالك يقال لمن أطاعه أهل البلاد.
وقيل: معنى الاستواء التمام والفراغ من فعل الشيء، ومنه قوله تعالى "ولما بلغ أشده واستوى" فعلى هذا فمعنى استوى على العرش أتم الخلق وخص لفظ العرش لكونه أعظم الأشياء.
وقيل:إن على في قوله "على العرش" بمعنى إلى، فالمراد على هذا انتهى إلى العرش، أي فيما يتعلق بالعرش، لأنه خلق الخلق شيئا بعد شيء.
ثم قال ابن بطال: فأما قول المعتزلة فإنه فاسد لأنه لم يزل قاهراً غالباً مستولياً، وقوله "ثم استوى" يقتضي افتتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن، ولازم تأوليهم أنه كان مغالبا فيه فاستولى عليه بقهر من غالبه، وهذا منتف عن الله سبحانه.
وأما قول المجسمة ففاسد أيضا لأن الاستقرار من صفات الأجسام،ويلزم منه الحلول، والتناهي، وهو محال في حق الله تعالى، ولائق بالمخلوقات، لقوله تعالى "فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك" وقوله "لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه".
قال: وأما تفسير استوى علا فهو صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة، لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلا وقال "سبحانه وتعالى عما يشركون" وهي صفة من صفات الذات وأما من فسره ارتفع ففيه نظر لأنه لم يصف به نفسه)([77]).
تأويل ابن الجوزي (ت 597هـ):
وله في ذلك كتابه دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه.
وإذا فرغنا من ذلك اتضح لنا أن من أهل السنة من يؤول بعض هذه الآيات والأحاديث الواردة في الصفات، لكن هذا يجعلنا نتساءل إذا كان ذلك صحيحاً فلماذا ينكر أهل السنة تأويل المعتزلة والجهمية، وهذا يدفعنا بدوره إلى البحث عن الفوارق بين تأويل أهل السنة وتأويل المعتزلة والجهمية، فنقول والله الموفق:

المبحث الخامس:
التفرقة بين تأويل المعتزلة والجهمية، وتأويل أهل السنة لبعض ما ورد في ذلك:
قد عرفت مما سبق أن أكثر أهل السنة على تفويض المعنى، وبعضهم يؤول بعض ما جاء في ذلك، وبعضهم يلزم التفويض وينكر على من أول، غير أنك إذا عرفت ذلك فقد يلتبس عليك تأويل أهل السنة بتأويل غيرهم من المعتزلة والجهمية، ولا بد حينئذ من بيان الفرق بين التأويلين فنقول والله الموفق:
أهل السنة أصل مذهبهم التفويض، ولا يلجأون للتأويل إلا للضرورة، على أن يكون التأويل على سبيل الاحتمال لا على سبيل الجزم، وأكثر ما يقع من تأويل أهل السنة في شرحهم وكلامهم على النصوص لا في كلامهم على الصفات إثباتاً أو نفياً، ولا ينبغي أن يقع ذلك من آحاد الناس بل لا يقوم به إلا العلماء الجامعون للحديث والفقه واللغة وغيرها من علوم الشريعة([78]).
أما المعتزلة والجهمية فالتأويل عندهم أصل يجب اللجوء إليه، وليس عندهم تفويض أصلاً، وتأويلهم على الجزم لا على الاحتمال، وهم يؤولون الصفات لا النصوص.
فالفارق بين تأويل المعتزلة للصفات، وبين تأويل أهل السنة لبعض ما ورد في ذلك، أن المعتزلة ينفون الصفة، ويؤولون اللفظ الوارد وجوباً، أما أهل السنة فيثبتون الصفة، وينفون عنها المعنى الذي يحتمل التشبيه أو التجسيم، مفوضين علم حقائقها لله تعالى، أو ذاكرين أن اللفظ الوارد يحتمل معنىً ليس فيه تجسيم ولا تشبيه هو كذا، وأن العرب تستعمل هذا اللفظ بهذا المعنى في مثل هذا السياق في لغتها التي خاطبنا الله تعالى بها، فيحتمل أن يكون مراد الله تعالى ذلك، فالمعتزلي حينما تسأله ما معنى قول الله تعالى "يد الله فوق أيديهم"؟ يقول: معناه قدرةالله جزماً، وليس لله تعالى يد، والسني يقول: له تعالى يدان لا نعلم حقيقتهما بل يعلمها الله تعالى، ويحتمل أنه أراد جل جلاله قدرته، فالفارق أن الأول ناف مطلقاً، مؤول جازما، وأن الثاني مثبت مطلقاً مفوض دائماً، وقد يؤول أحياناً احتمالاً، لا جزماً.
وها هنا أمر لا بد من التنبيه إليه وهو أن الآيات والأحاديث الواردة بالصفات الخبرية بعضها لا يستقيم معناه إلا بتأويله، بغض النظر عن التعرض للصفة بالنفي، فقول الله تعالى: "كل شيء هالك إلا وجهه" لا بد من تأويله بالذات،وإلا لكان المعنى أن الذات أيضاً تهلك ولا يبقى إلا الوجه، وهذا في غاية الشناعة، وقوله تعالى "وهو معكم أينما كنتم" لا بد من تأويل المعية هنا بمعية العلم لا الذات، وإلا لأدى ذلك إلى حلول الذات في كل مكان تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فهذا تفريق آخر بين تأويل الصفة، وتأويل السياق بما يستقيم مع ما سيق لأجله.
إن الدافع لأكثر هذه التأويلات عند أهل السنة هو خشية أن يقع للسامع توهم التشبيه أو التجسيم، والتشبيه هو إثبات الشبه بين الله تعالى وبين خلقه بوجه من الوجوه ذاتاً أو صفات أو أفعالاً، وأما التجسيم فهو إثبات صفات الأجسام لله تعالى من التركب من أجزاء أو أعضاء أو جوارح، أو التحيز في مكان، أو الانتقال والحركة من مكان إلى مكان، أو ما شاكل ذلك، والتشبيه والتجسيم محالان على الله تعالى لقوله تعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، وهاك مزيد إيضاح من أقوال السلف الصالح وأئمة أهل السنة:

المبحث السادس:
هل يجوز وصف الله تعالى بالجسمية
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؟؟
قال محمد بن أبي يعلى الحنبلي في طبقات الحنابلة: (فأما الرد على المجسمة لله فيرده الوالد السعيد بكتاب وذكره أيضا في أثناء كتبه فقال:لا يجوز أن يسمى الله جسماً.
قال أحمد: لا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه قال الوالد السعيد فمن اعتقد أن الله سبحانه جسم من الأجسام وأعطاه حقيقة الجسم من التأليف، والانتقال فهو كافر لأنه غير عارف باللهعز وجل، لأن الله سبحانه يستحيل وصفه بهذه الصفات، وإذا لم يعرف الله سبحانه وجب أن يكون كافراً، وهذا الكتاب عدة أوراق)([79]).
قلت: التأليف معناه التركيب، فمن اعتقد أن الله مركب من أجزاء أو أعضاء فهو مجسم، وقد جاءت عبارات علماء العقيدة وأئمة الدين تثبت ذلك وهاك بعضها:
قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في اعتقاد أئمة الحديث: (ولا يعتقد فيه الأعضاء، والجوارح، ولا الطول والعرض، والغلظ، والدقة، ونحو هذا مما يكون مثله في الخلق، فإنه ليس كمثله شيء تبارك وجه ربنا ذو الجلال والإكرام)([80]).
وقال الطحاوي في عقيدته: (وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات)([81]).
وقال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري مدافعاً عن الإمام أبي الحسن الأشعري: (ماذا ينقم أرباب البدع منهم،أغزارة العلم،أم رجاحة الفهم،أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القول بإثبات الصفات،أم تقديس الرب عن الأعضاء والأدوات)([82]).
وقال في صفات الرب: (وإذا ثبتت صفة الوجه بهذا الحديث وبغيره من الآيات والنصوص، فكذلك صفة اليدين، والضحك، والتعجب، ولا يفهم من جميع ذلك إلا ما يليق بالله عز وجل بعظمته،لا ما يليق بالمخلوقات من الأعضاء والجوارح تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا)([83]).
وقال في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: (وكان بدو ظهور التشبيه في الإسلام من الروافض مثل بيان بن سمعان الذي كان يثبت لله تعالى الأعضاء والجوارح)([84]).
وقال الإمام أحمد: (أن الله عز وجل واحد لا من عدد، لا يجوز عليه التجزؤ ولا القسمة، وهو واحد من كل جهة، وما سواه واحد من وجه دون وجه)([85])
فثبت بهذا أن أهل السنة لا يصفون الله تعالى بالجوارح والأعضاء، ولا بالتأليف والتركيب، لأن هذه الصفات من خصائص الأجسام، والله تعالى منزه عن الجسمية، وإذا عرفنا هذا فقد آن لنا أن نتعرف على أقوال الطرفين في مسألة الصفات وهم الجهمية والمجسمة فنقول والله الموفق:

المبحث السابع:
التعريف بالجهمية والمجسمة
وتحرير موقفهم من صفات الله تعالى
وقبل الكلام عن هاتين الفرقتين الضالتين وأقوالهم المنحرفة في صفات الله تعالى نحب أن نقدم بمقدمة في بيان تطور الكلام في صفات الله تعالى عند طوائف المسلمين فنقول والله الموفق:
قال الشهرستاني في الملل والنحل: (اعلم أن جماعة كبيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعزة والعظمة، ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل،بل يسوقون الكلام سوقاً واحداً، وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا يؤولون ذلك، إلا أنهم يقولون هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية.
ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون سمي السلف صفاتية، والمعتزلة معطلة، فبالغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات، واقتصر بعضهم على صفات دلت الأفعال عليها، وما ورد به الخبر، فافترقوا فرقتين:
فمنهم من أوله على وجه يحتمل اللفظ ذلك، ومنهم من توقف في التأويل، وقال: عرفنا بمقتضى العقل أن الله تعالى ليس كمثله شيء فلا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء منها وقطعنا بذلك إلا أنا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه مثل قوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" ومثل قوله "خلقت بيدي" ومثل قوله "وجاء ربك" إلى غير ذلك، ولسنا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها، بل التكليف قد ورد بالاعتقاد بأنه لا شريك له، وليس كمثله شيء، وذلك قد أثبتناه يقيناً.
ثم إن جماعة من المتأخرين زادوا على ما قاله السلف فقالوا: لابد من إجرائها على ظاهرها، فوقعوا في التشبيه الصرف، وذلك على خلاف ما اعتقده السلف...
ولما ظهرت المعتزلة والمتكلمون من السلف رجعت بعض الروافض عن الغلو والتقصير، ووقعت في الاعتزال وتخطت جماعة من السلف إلى التفسير الظاهر فوقعت في التشبيه.
وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل ولا تهدفوا للتشبيه فمنهم مالك بن أنس رضي الله عنهما إذ قال: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة([86])، ومثل أحمد بن حنبل رحمه الله وسفيان الثوري وداود بن علي الأصفهاني ومن تابعهم حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكُلَّابي، وأبي العباس القلانسى، والحارث بن أسد المحاسبي، وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم ودرس بعض حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري، وبين أستاذه مناظرة في مسالة من مسائل الصلاح والأصلح، فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية.
ولما كانت المشبهة والكرامية من مثبتي الصفات عددناهم فرقتين من جملة الصفاتية)([87]).
وقال ابن جماعة في إيضاح الدليل: (والذي ندير فيه الحديث هنا أن تلك الفرق يمكن بشيء من التمحل والتنزل أن تجعل طرفين حادين، وهما منحرفان، ووسط هو العدل والحق الطرفان أحدهما:المشبهة والمجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه ويدعون أنه جسم كالأجسام أو لا كالأجسام.
والثاني: المعطلة، ونعني بهم هنا الذين يعطلون الله تعالى فينفون عنه صفات، وينسبون إليه النقص.
ومنهم طائفة متعقلون يجعلون العقل حكماً وحاكماً يردون بعض نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة المثبتة لصفات الله تعالى بعقولهم وأفكارهم.
والوسط السليم المستقيم يؤمن بالله تعالى وصفاته جميعها وينزهه سبحانه عن المشابهة والجسمية ويثبت لله تعالى من الصفات ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسول الله r وهو الذي بعث به رسول الله، وعلم أصحابه إياه، وهو الذي خلف عليها أصحابه، ثم خيار التابعين والعلماء الفاقهين، ومنهم الأئمة الأربعة ومدارسهم وأمثالهم من العلماء الصالحين في زمانهم وبعد زمانهم وهو وسط صحيح حق باق إلى قرب قيام الساعة بإذن الله تعالى والساعة لا تقوم وفي الناس من يقول الله الله كما جاء في صحيح مسلم.
وكما قيض الله تعالى للجمع بين طرفي الرأي والنص ناصر السنة الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى فيما سمي في كتب الأصول بالتوفيق بين أهل الرأي وأهل الحديث فقد قيض الله تعالى ناصر السنة الإمام أبا الحسن الأشعري لإظهار سلوك الوسط السليم المستقيم وذلك برد المعطلة من الملاحدة ونفاة الصفات من جهة، والمشبهة والمجسمة من جهة أخرى إلى الجادة الوسط، فأثبت:
- رؤية المؤمنين لله تعالى في الجنة جعلنا الله منهم ومعهم.
- ونفى التشبيه والكيفية.
- وأثبت كلام الله تعالى.
- وقال إن كلام الله تعالى غير مخلوق.
- وإن فعل العبد في القرآن من القراءة والكتابة مخلوق.
- وأثبت سائر صفات الله تعالى مع التنزيه عن المشابهة لأحد من خلقه أو مشابهة أحد من خلقه له سبحانه وأمثال ذلك كثير.
ولقد جمع الله تعالى جمهور المسلمين على توجهه وتوجيهه فكان رحمه الله تعالى آية من آيات الله وحجة من حججه على خلقه.
قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى نسب علم الكلام إلى الأشعري لأنه جمع مناهج الأولين، ولخص موارد البراهين، ولم يحدث فيه بعد السلف إلا مجرد الألقاب والاصطلاحات، وقد حدث ذلك في كل فن من فنون العلم.
ولقد كتب رحمه الله تعالى في بيان الطريق الوسط التآليف العديدة، منها ما هي صحائف، ومنها ما هي أجزاء ومجلدات، وحين خرج من الدنيا كان قد خلف أكثر من مائة وخمسين كتاباً في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، ورد وإبطال ما سواها، والحمد لله وحق أن يقال فيه ما ذكره ابن خلكان أنه نودي يوم وفاة الأشعري: اليوم مات ناصر السنة رحمه الله تعالى ورضي الله عنه وأرضاه وكان ذلك سنة 323)([88]).
وإذا فرغنا من بيان تطور مشكلة الصفات في القرون الأولى وما آلت إليه، فقد آن لنا أن نتعرف على أهم الفرق التي خاضت غمار هذا الموضوع مخالفة منهج أهل السنة الذي تقدم تقريره فنقول والله الموفق:

(1) التعريف بالجهمية وقولهم في الصفات:
الجهمية هم أتباع جهم بن صفوان، وهم عدة فرق قال في تلبيس إبليس: (وانقسمت الجهمية اثنتي عشرة فرقة: المعطلة: زعموا أن:
- كل ما يقع عليه وهم الإنسان فهو مخلوق.
- ومن ادعى أن الله يرى فهو كافر.
والمريسية قالوا:
- أكثر صفات الله مخلوقة.
والملتزمة:
- جعلوا الباري سبحانه وتعالى في كل مكان)([89]).
قلت: وهذه الأقوال تخالف قول أهل السنة، إذ هم يثبتون رؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة، بلا كيف ولا انحصار ولا مقابلة ولا جهة، ويثبتون لله تعالى الصفات القديمة، وينفون أن يتصف الله تعالى بالصفات الحادثة، أو أن تكون ذاته - جل وعلا - محلاً للحوادث.
وقال البغدادي في الفرق بين الفرق: (الجهمية: اتباع جهم بن صفوان([90]) الذي قال:
- أن علم الله تعالى حادث.
- وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء، أو حي، أو عالم، أو مريد، وقال: لا أصفه بما يجوز إطلاقه على غيره كشيء، وموجود، وحى، وعالم، ومريد، ونحو ذلك، ووصفه بأنه قادر وفاعل، وخالق، ومحيى، ومميت، لأن هذه الأوصاف مختصة به وحده)([91]).
قلت: فالجهمية ينفون أن يكون الله سميعاً بصيراً متكلماً حياً عالماً مريداً، وأهل السنة متفقون على إثبات هذه الصفات لله تعالى.
وقال الأشعري في الإبانة: (ونفى الجهمية أن يكون لله تعالى وجه كما قال، وأبطلوا أن يكون له سمع وبصر وعين([92])، ووافقوا النصارى لأن النصارى لم تثبت الله سميعاً بصيراً إلا على معنى أنه عالم، وكذلك قالت الجهمية، ففي حقيقة قولهم أنهم قالوا: نقول إن الله عالم ولا نقول سميع بصير على غير معنى عالم وذلك قول النصارى)([93]).
قلت: وهذا فرق آخر بين قول الجهمية وقول أهل السنة فالجهمية يقولون ليس لله وجه ولا سمع ولا بصر ولا عين، وأهل السنة يقولون لله وجه لا بمعنى الصورة، وليس كوجوه الخلق، ولله عين لا بمعنى الحدقة، وليست كأعين الخلق، والمجسمة يقولون لله وجه هو الصورة، ولله عين هي الحدقة، ولله يد هي الجارحة، تعالى الله عن قول هؤلاء وأولئك علواً كبيراً، ووسطية أهل السنة في هذه المسألة واضحة لا تحتاج إلى بيان.
وقال الشهرستاني في الملل والنحل: (الجهمية أصحاب جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة، ظهرت بدعته بترمذ، وقتله مسلم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني أمية، وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية، وزاد عليهم بأشياء منها:
قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقضي تشبيهاً، فنفى كونه حياً عالماً، وأثبت كونه قادراً فاعلاً خالقاً، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق.... وكان السلف كلهم من أشد الرادين عليه ونسبته إلى التعطيل المحض)([94]).
والذي يفهم من سائر الأقوال المتقدمة أن الجهمية ينفون الصفات، لأنها لا تنفك عن معانيها الخاصة بالخلق، وسيأتي أن المجسمة يثبتون هذه الصفات بمعانيها اللغوية الخاصة بالخلق، وأما أهل السنة فهم يثبتون هذه الصفات، وينفون عنها المعنى الخاص بالخلق،مفوضين علم معانيها وحقيقتها لله تعالى، ونافين الكيف، والله أعلم.
وقال الترمذي: (وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، وقد ذكر الله عز وجل في مواضع من كتابه اليد والسمع والبصر،فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة)([95]).
قلت: فتبين من كلام الإمام الترمذي، أن موقف الجهمية يتلخص في أمرين: نفي الصفات التي جاء بها الشرع مطلقاً، وإنكار الأحاديث النبوية الواردة بذلك، وتأويل الآيات الواردة بذلك على غير ما تأولها أهل العلم.
وهاك خلاصة مذهب الجهمية ليحذره كل مسلم:
1- ينفون رؤية الله تعالى، وأهل السنة يثبتونها لكن بلا كيف ولا انحصار ولا مقابلة ولا جهة.
2- يقولون إن أكثر صفات الله حادثة مخلوقة، وإن علم الله تعالى حادث، وأهل السنة على أن صفات الله تعالى قديمة، وأنه يستحيل أن يوصف الله تعالى بالحوادث أو تكون ذاته جل وعلا محلاً للحوادث.
3- ينفون الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان نبيه r، فهم يقولون ليس لله علم ولا قدرة ولا وجه ولا يد...إلخ، وهذا هو معنى التعطيل المنسوب للجهمية، يريد به أهل السنة نفي الصفات أصلاً، أما أهل السنة فهم يثبتون الصفة الواردة في الكتاب أو السنة لله تعالى، ويفوضون علم معانيها وحقيقتها لله جل وعلا.
4- يقولون إن الله تعالى في كل مكان، وأما أهل السنة فينزهون الله تعالى عن الحلول في الأمكنة، لأنها من خلقه سبحانه، وهو سبحانه غني عن كل ما سواه.
5- ينكرون الأحاديث الواردة في إثبات الصفات لله تعالى، وأما أهل السنة فما صح من ذلك وتقلته الأمة بالقبول قبلوه، وأثبتوه على المعنى الذي يليق بجلال الله تعالى نافين عنه المعاني التي يتصف بها الخلق، مفوضين علم حقائقها لله جل وعلا.
6- يؤولون الآيات القرآنية الواردة بإثبات صفات الله تعالى على غير ما أولها أهل العلم، وأما أهل السنة فيلتزمون فيما ورد من ذلك الإثبات وتفويض المعنى أو تأويله بتأويل أهل العلم له، والله أعلم.
7- وقد تقدم أنهم يوجبون هذا التأويل، ولو جاء متكلفاً مخالفاً لقواعد اللغة، بخلاف أهل السنة الذين يجيزون التأويل في مواضع لا مطلقاً، باعتبار أنه أحد المحتملات اللغوية للنص الوارد، لا جزماً بأنه المعنى المراد.
ولا بد مع ذلك من بيان قول المشبهة والمجسمة ليتضح الفرق بين قول أهل السنة وقول غيرهم في هذا الباب:

(2) التعريف بأقوال المشبهة والمجسمة:
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: (وقد وقف أقوام مع الظواهر:فحملوها على مقتضى الحس، فقال بعضهم:
- إن الله جسم تعالى الله عن ذلك، وهذا مذهب هشام بن الحكم، وعلي بن منصور، ومحمد بن الخليل، ويونس بن عبد الرحمن، ثم اختلفوا فقال بعضهم: جسم كالأجسام، ومنهم من قال: لا كالأجسام، ثم اختلفوا فمنهم من قال: هو نور، ومنهم من قال: هو على هيئة السبيكة البيضاء، هكذا كان يقول هشام بن الحكم، وكان يقول إن إلهه سبعة أشبار بشبر نفسه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
- وأنه يرى ما تحت الثرى بشعاع متصل منه بالمرئي، قلت: ما أعجب إلا من حده سبعة أشبار حتى علمت أنه جعله كالآدميين والآدمي طوله سبعة أشبار بشبر نفسه.
... وقال هشام هو متناهي الذات[يعني أن الله تعالى محدود] حتى قال: إن الجبل أكبر منه ...
قال المصنف: وهذا يلزمه أن يكون له كيفية أيضاً، وذلك ينقض القول بالتوحيد...
وقد حكى كثير من المتكلمين، أن مقاتل بن سليمان، ونعيم بن حماد، وداود الحواري يقولون: إن لله صورة وأعضاء،...، ومن قول المجسمة: إن الله عز وجل يجوز أن يمس ويلمس،...
[فتلخص من كل ما سبق أن المجسمة تقول إن الله تعالى جسم، محدود، له صورة وأعضاء، وأنه يجوز أن يمس ويلمس، فهذه الأقوال كلها مرذولة لا يقول بها أحد من أهل السنة، ثم قال الشيخ:]
ومن الواقفين مع الحس أقوام قالوا:
- هو على العرش بذاته على وجه المماسة، فإذا نزل انتقل وتحرك، وجعلوا لذاته نهاية، وهؤلاء قد أوجبوا عليه المساحة والمقدار، واستدلوا على أنه على العرش بذاته بقول النبي r : "ينزل الله إلى سماء الدنيا" قالوا: ولا ينزل إلا من هو فوق وهؤلاء حملوا نزوله على الأمر الحسي الذي يوصف به الأجسام، وهؤلاء المشبهة الذين حملوا الصفات على مقتضى الحس، وقد ذكرنا جمهور كلامهم في كتابنا المسمى بمنهاج الوصول إلى علم الأصول...
[قلت: هذا معناه أن المجسمة يقولون إن الله تعالى على العرش بذاته، وأنه يماس العرش، وأنه ينزل ويتحرك وينتقل من مكان إلى مكان، وأن له حداً ونهاية، ثم يقول الشيخ:]
ومن الناس من يقول:
- لله وجه هو صفة زائدة على صفة ذاته، لقوله عز وجل "ويبقى وجه ربك"، وله يد، وله أصبع، لقول رسول الله: "يضع السموات على أصبع" وله قدم إلى غير ذلك مما تضمنته الأخبار، وهذا كله إنما استخرجوه من مفهوم الحس، وإنما الصواب قراءة الآيات والأحاديث من غير تفسير ولا كلام فيها، وما يؤمن هؤلاء أن يكون المراد بالوجه الذات لا أنه صفة زائدة، وعلى هذا فسر الآية المحققون، فقالوا: ويبقى ربك وقالوا في قوله "يريدون وجهه" يريدونه، وما يؤمنهم أن يكون أراد بقوله قلوب العباد بين إصبعين إن الأصبع لما كانت هي المقلبة للشيء وأن ما بين الإصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء ذكر ذلك لا أن ثم صفة زائدة.
قال المصنف: والذي أراه السكوت على هذا التفسير أيضاً، إلا أنه يجوز أن يكون مراداً، ولا يجوز أن يكون ثم ذات تقبل التجزيء والانقسام...
[قلت: وهذا بيان لبعض شروط مذهب الأشاعرة في التأويل وهي أن يقع التأويل للضرورة، وأن يكون على سبيل الاحتمال لا الجزم، وأن يقع التأويل للنص لا للصفة، وأن يقع التأويل من عالم بالشرع واللغة، وكلام الشيخ هنا بيان للشرط الثاني من هذه الشروط].
قال المصنف: فان قال قائل: قد عبت طريق المقلدين في الأصول، وطريق المتكلمين، فما الطريق السليم من تلبيس إبليس؟؟ فالجواب: أنه ما كان عليه رسول الله r وأصحابه وتابعوهم بإحسان من إثبات الخالق سبحانه وإثبات صفاته على ما وردت به الآيات والأخبار من غير تفسير، ولا بحث عما ليس في قوة البشر إدراكه،...، ولا نتعدى مضمون الآيات ولا نتكلم في ذلك برأينا)([96]).
وقال الحافظ ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: (قالت الحشوية المشبهة:
- أن الله سبحانه وتعالى يرى مكيفاً محدوداً كسائر المرئيات،...، وقالت الحشوية والمجسمة:
- إنه سبحانه حال في العرش.
- وأن العرش مكان له، وهو جالس عليه، ...، وقالت الحشوية:
- يده يد جارحة، ووجهه وجه صورة،...، وقالت المشبهة والحشوية:
- النزول نزول ذاته بحركة وانتقال من مكان إلى مكان،والاستواء جلوس على العرش وحلول فيه)([97]).
وقال البغدادي في الفرق بين الفرق: (اعلموا أسعدكم الله أن المشبهة صنفان: صنف شبهوا ذات الباري بذات غيره، وصنف آخرون شبهوا صفاته بصفات غيره، وكل صنف من هذين الصنفين مفترقون على أصناف شتى، والمشبهة الذين ضلوا في تشبيه ذاته بغيره أصناف مختلفة وأول ظهور التشبيه صادر عن أصناف من الروافض الغلاة فمنهم: ...
هشامية: منتسبة إلى هشام بن الحكم الرافضي: الذي شبه معبوده بالإنسان وزعم لأجل ذلك أنه سبعة أشبار بشبر نفسه
- وأنه جسم، ذو حد ونهاية، وأنه طويل عريض عميق، وذو لون وطعم ورائحة، وقد روى عنه أن معبوده كسبيكة الفضة، وكاللؤلؤة المستديرة، وروى عنه أنه أشار إلى أن جبل أبى قبيس أعظم منه...
ومنهم الهشامية المنسوبة إلى هشام بن سالم الجواليقى: الذى زعم أن معبوده:
- على صورة الإنسان، وأن نصفه الأعلى مجوف، ونصفه الأسفل مصمت، وأن له شعرة سوداء، وقلبا تنبع منه الحكمة.
ومنهم اليونسية: المنسوبة إلى يونس بن عبد الرحمن القمى: الذى زعم:
- أن الله تعالى يحمله حملة عرشه، وإن كان هو أقوى منهم، كما أن الكركى تحمله رجلاه وهو أقوى من رجليه.
ومنهم المشبهة المنسوبة إلى داود الحواري الذي:
- وصف معبوده بجميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية...
ومنهم الكرامية في دعواها:
- أن الله تعالى جسم له حد ونهاية.
- وأنه محل الحوادث.
- وأنه مماس لعرشه وقد بينا تفصيل مقالاتهم قبل هذا بما فيه كفاية فهؤلاء مشبهة لله تعالى بخلقه في ذاته)([98]).
وقال الشهرستاني في الملل والنحل: (غير أن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه مثل الهشاميين من الشيعة، ومثل مضر وكهمس وأحمد الهجيمي وغيرهم من الحشوية قالوا:
- معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض، إما روحانية وإما جسمانية.
- ويجوز عليه الانتقال والنزول والصعود والاستقرار والتمكن...
وأما مشبهة الحشوية فحكى الأشعري عن محمد بن عيسى أنه حكى عن مضر وكهمس وأحمد الهجيمي أنهم:
- أجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة.
- وأن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حد الإخلاص والاتحاد المحض، وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوز الرؤية في دار الدنيا، وأن يزوروه ويزورهم، وحكى عن داود الحواري أنه قال: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك وقال:
- إن معبوده جسم، لحم ودم، وله جوارح وأعضاء من يد ورجل ورأس ولسان وعينين وأذنين، ومع ذلك جسم لا كالأجسام ولحم لا كاللحوم ودم لا كالدماء وكذلك سائر الصفات وهو لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبه شيء.
[قلت: فنفيه المشابهة هنا بين الخالق والمخلوق أخرجه من حيز التشبيه، ولم يخرجه من حيز التجسيم، فكان مجسماً، والمجسم مشبه لا محالة، فنفيه التشبيه هنا عبث لا فائدة فيه، إذ هو نفي للتشبيه في الجزئي، وإثبات للتشبيه الكلي].
- وحكى عنه أنه قال: هو أجوف من أعلاه إلى صدره، مصمت ما سوى ذلك، وأن له وفرة سوداء، وله شعر قطط.
وأما ما ورد في التنزيل من الاستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقية وغير ذلك فأجروها على ظاهرها، أعني ما يفهم عند الإطلاق على الأجسام، وكذلك ما ورد في الأخبار من الصورة وغيرها في قوله عليه الصلاة والسلام "خلق آدم على صورة الرحمن" وقوله "حتى يضع الجبار قدمه في النار" وقوله "قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن" وقوله "خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا" وقوله "وضع يده أو كفه على كتفي" وقوله "حتى وجدت برد أنامله على كتفي" إلى غير ذلك أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام، وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي عليه الصلاة والسلام...
ومن المشبهة من مال إلى مذهب الحلولية وقال:
- يجوز أن يظهر الباري تعالى بصورة شخص كما كان جبريل عليه السلام ينزل في صورة أعرابي، وقد تمثل لمريم بشراً سوياً، وعليه حمل قول النبي عليه الصلاة والسلام "رأيت ربي في أحسن صورة" وفي التوراة عن موسى عليه السلام "شافهت الله تعالى فقال لي كذا" والغلاة من الشيعة مذهبهم الحلول، ثم الحلول قد يكون بجزء وقد يكون بكل على ما سيأتي في تفصيل مذاهبهم إن شاء الله تعالى:
الكرامية: أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام([99])، وإنما عددناه من الصفاتية لأنه كان ممن يثبت الصفات، إلا أنه ينتهي فيها إلى التجسيم والتشبيه ،..
وهم طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشر فرقة وأصولها ستة العابدية، والتونية، والزرينية، والإسحاقية، والواحدية، وأقربهم الهيصمية، ولكل واحدة منهم رأي إلا أنه لما لم يصدر ذلك عن علماء معتبرين بل عن سفهاء أغتام جاهلين لم نفردها مذهبا وأوردنا مذهب صاحب المقالة وأشرنا إلى ما يتفرع منه نص أبو عبد الله علي أن:
- معبوده على العرش استقراراً.
- وعلى أنه بجهة فوق ذاتاً، وأطلق عليه اسم الجوهر، فقال في كتابه المسمى عذاب القبر:إنه أحديُّ الذات، أحديُ الجوهر.
- وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا.
- وجوز الانتقال والتحول والنزول.
- ومنهم من قال: إنه على بعض أجزاء العرش، وقال بعضهم: امتلأ العرش به، وصار المتأخرون منهم إلى أنه تعالى بجهة فوق، وأنه محاذ للعرش،...
- وأطلق أكثرهم لفظ الجسم عليه، والمقاربون منهم قالوا نعنى بكونه جسماً أنه قائم بذاته، وهذا هو حد الجسم عندهم،...،
ثم لهم اختلافات في النهاية فمن المجسمة:
- من أثبت النهاية له من ست جهات.
- ومنهم من أثبت النهاية له من جهة تحت.
- ومنهم من أنكر النهاية له فقال: هو عظيم.
ولهم في معنى العظمة خلاف فقال بعضهم:
- معنى عظمته أنه مع وحدته على جميع أجزاء العرش والعرش تحته وهو فوق كله على الوجه الذي هو فوق جزء منه.
- وقال بعضهم: معنى عظمته أنه يلاقى مع وحدته من جهة واحدة أكثر من واحد، وهو يلاقى جميع أجزاء العرش وهو العلى العظيم...
وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبى عبد الله في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء:
- مثل التجسيم فإنه قال:أراد بالجسم القائم بالذات.
- ومثل الفوقية فإنه حملها على العلو.
- وأثبت البينونة غير المتناهية، وذلك الخلاء الذي أثبته بعض الفلاسفة.
- ومثل الاستواء فإنه نفى المجاورة والمماسة والتمكن بالذات.
- غير مسألة محل الحوادث فإنها لم تقبل المرمة فالتزمها كما ذكرنا وهى من أشنع المحالات عقلا....
ومما أجمعوا عليه من إثبات الصفات قولهم:
- الباري تعالى عالم بعلم قادر بقدرة حي بحياة شاء بمشيئة، وجميع هذه الصفات صفات قديمة أزلية قائمة بذاته، وربما زادوا السمع والبصر كما أثبته الأشعري.
- وربما زادوا اليدين والوجه صفات قديمة قائمة بذاته وقالوا: له يد لا كالأيدي، ووجه لا كالوجوه.
- وأثبتوا جواز رؤيته من جهة فوق دون سائر الجهات.
- وزعم ابن الهيصم أن الذي أطلقه المشبهة على الله عز وجل من الهيئة والصورة والجوف والاستدارة والوفرة والمصافحة والمعانقة ونحو ذلك لا يشبه سائر ما أطلقه الكرامية من أنه خلق آدم بيده، وأنه استوى على عرشه، وأنه يجيء يوم القيامة لمحاسبة الخلق، وذلك إنا لا نعتقد من ذلك شيئاً على معنى فاسد من جارحتين وعضوين تفسيراً لليدين، ولا مطابقة للمكان واستقلال العرش بالرحمن تفسيراً للاستواء، ولا تردداً في الأماكن التي تحيط به تفسيرا للمجيء، وإنما ذهبنا في ذلك إلى إطلاق ما أطلقه القرآن فقط من غير تكييف وتشبيه، وما لم يرد به القرآن والخبر فلا نطلقه كما أطلقه سائر المشبهة والمجسمة)([100]).
وخلاصة ما تقدم أن المجسمة قد وصفوا الله تعالى بالجسمية وبالمكان، وبالحد، وبالأعضاء والتركيب، والصورة وكلها شنائع خالفهم فيها أهل السنة.
قال ابن جماعة في إيضاح الدليل: (المشبهة والمجسمة: وهم الذين نسبوا الله تعالى إلى الجسمية وأسندوا إليه سبحانه كثيراً مما يسند إلى الجسم - معاذ الله - وقد نقل الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه الشامل مقالات الإسلاميين عن بعضهم كلاماً في حق الله تعالى ربما دل على التنقيص والاستهزاء بالله تعالى فضلاً عن التجسيم، ولا صلة له بالعلم ولا بالدليل، فقال رحمه الله تعالى: واختلفت الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم وهم ست فرق:
فالفرقة الأولى: الهشامية أصحاب هشام بن الحكم الرافضي يزعمون أن:
- معبودهم جسم.
- وله نهاية وحد، طويل عريض عميق، طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه، لا يوفى بعضه على بعض.
- وذكر أبو الهذيل في بعض كتبه أن هشام بن الحكم قال له: إن ربه جسم ذاهب جاء، فيتحرك تارة، ويسكن أخرى، ويقعد مرة، ويقوم أخرى، وإنه طويل عريض عميق، لأن ما لم يكن كذلك دخل في حد التلاشي، قال: فقلت له: أيهما أعظم إلهك أم هذا الجبل؟ وأومأت إلى أبي قبيس جبل بمكة المكرمة قال: فقال: إن هذا الجبل يوفي عليه أي هو أعظم منه.
وذكر أيضا ابن الراوندي أن هشام بن الحكم كان يقول:
- إن بين إلهه وبين الأجسام المشاهدة تشابهاً من جهة من الجهات ولولا ذلك ما دلت عليه.
وزعم الوراق أن بعض أصحاب هشام أجابه مرة:
- أن الله عز وجل على العرش مماس له.
- وأنه لا يفضل عن العرش ولا يفضل العرش عنه.
وقال الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة أبي عامر العبدري محمد بن سعدون [في العبر في خبر من غبر] قال ابن عساكر: بلغني أنه - أي العبدري - قال إن أهل البدع - يعني أهل السنة - يحتجون بقوله تعالى: "ليس كمثله شيء"، أي في الإلهية، فأما الصورة فمثلنا، ثم يحتج بقوله تعالى "لستن كأحد من النساء إن اتقيتن" أي في الحرمة.
وزعم بيان بن سمعان التميمي أن معنى قوله تعالى "كل شيء هالك إلا وجهه" أن الله تعالى يدركه الهلاك، وأنه لا يبقى منه إلا وجهه، ولا حول ولا قوة إلا بالله)([101]).
وهاك خلاصة مبادئ المجسمة ليحذرها كل مسلم:
1- أن إلههم جسم، قال بعضهم: لا كالأجسام، وأما أهل السنة فينزهون الله تعالى عن الجسمية التي هي من صفات المخلوقات، والله تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه.
2- وأن له حد ونهاية، وقال بعضهم: إنه محدود من الجهات الست، وأما أهل السنة فينزهون الله تعالى عن ذلك، وقد تقدم نص الإمام الطحاوي: "وتعالى عن الحدود والغايات".
3- وأنه مستقر على العرش بذاته، وأنه مماس للعرش، والعرش مماس له، وهو محله ومكانه، وحملة العرش يحملونه، وإن كانوا ليسوا بأقوى منه، وأما أهل السنة فيقولون إن الله تعالى استوى على عرشه استواء يليق بذاته، ليس بجلوس ولا استقرار ولا مماسة، وليس العرش محلاً لله تعالى بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته.
4- وأنه فوق خلقه فوقية مكان وذات، وأهل السنة يقولون هو فوق خلقه فوقية مكانة لا مكان، إذ هو خالق المكان، ويستحيل وصفه تعالى بالحلول في الأمكنة.
5- وأن له أعضاء وجوارح، فله يد هي العضو والجارحة قال بعضهم: لا كأيدي المخلوقات، وأنه مركب له أجزاء وأبعاض، وأن له صورة قال بعضهم: على هيئة الإنسان. وقال بعضهم: يجوز أن يظهر الباري بصورة شخص. تعالى الله عما يقول الظالمون، وأما أهل السنة فينفون عن الله تعالى الجوارح والأعضاء والأبعاض والأجزاء، لأنه لا يوصف بهذه الأوصاف إلا الأجسام والله تعالى ليس جسماً، وأما ما ورد من ذكر اليد والوجه وغير ذلك فالقول عند أهل السنة إثبات ذلك لله تعالى لا على معنى الأعضاء والجوارح بل معناها يعلمه الله، مع نفي الكيف عنها.
6- وأنه يشبه الأجسام من جهة من الجهات ولولا ذلك لما دلت عليه، وأما أهل السنة فينفون عن الله تعالى مشابهة خلقه من كل وجه.
7- أنه يتحرك تارة ويسكن أخرى، ويقوم تارة ويقعد أخرى، ويجوز عليه الانتقال والتحول من مكان لمكان، وأما أهل السنة فينفون عن الله تعالى الحركة والانتقال من مكان إلى مكان، لأن ذلك من خواص الأجسام، ولما يلزم عليه من الحلول في الأمكنة، والاحتياج إليها، وكل ذلك محال أن يتصف الله تعالى به، وأما ما ورد من نحو: "وجاء ربك والملك" و"ينزل ربنا كل ليلة" ..إلخ فهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه، لكن لا على معناه الثابت للأجسام، فيقولون: لله مجيء ليس انتقالاً من مكان لمكان، ولله نزول ليس تدلياً من أعلى إلى أسفل، وأما معناه فهو مفوض إلى الله تعالى، أو مؤول بشروط التأويل سالفة الذكر، وهي:(1) أن تقتضي الضرورة التأويل. (2) وأن يكون التأويل على سبيل الاحتمال لا الجزم. (3) وأن يكون التأويل في السياقات النصية لا عند الكلام عن الصفة. (4) وأن يكون التأويل من عالم متبحر جمع بين علوم اللغة والشريعة.
8- وأنه يُرَى بمقابلة وجهة، مكيفاً محدوداً، بمعنى أنه لكي يراه الخلق لا بد أن يكون مقابلاً لهم، وفي الجهة التي ينظر إليها الناظر، وهو في نظر الناظر محدود يشمله الناظرون بأبصارهم، وأما أهل السنة فإنهم ينزهون الله تعالى عن الحد والجهة والمقابلة.
9- وأنه يجوز أن يُمَسَّ ويلْمس. وأهل السنة ينزهون الله تعالى عن مثل ذلك، لأنه يستلزم الجسمية والمشابهة للخلق.
10- وأن ذاته محل للحوادث، وأهل السنة ينزهون الله تعالى عن ذلك، ويقولون: إن من ثبت له وصف القدم فيستحيل أن تكون ذاته محلاً للحوادث.

وإذا عرفت ذلك بان لك وسطية أهل السنة بين إفراط المجسمة وتفريط الجهمية نسأل الله تعالى أن يقينا وإياكم الزلل وأن يعصمنا من الخبط والخطل، إنه على ما يشاء قدير، والله أعلى وأعلم وهو أجل وأكرم.


المراجع
- الإبانة عن أصول الديانة. للأشعري. تحقيق: د. فوقية حسين محمود. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الأنصار، 1397هـ.
- إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين. لأبي الفيض الزبيدي. لبنان: بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان. لابن بلبان. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. الطبعة الثانية. لبنان: بيروت، مؤسسة الرسالة، 1414هـ/ 1993م.
- الأسماء والصفات. للبيهقي. المركز الإسلامي للكتاب.
- إشارات المرام. لكمال الدين البياضي. تحقيق: يوسف عبد الرزاق. الطبعة الأولى. القاهرة: مصطفى البابي الحلبي. 1368هـ/ 1949م.
- اعتقاد أئمة الحديث. للإسماعيلي. تحقيق: محمد بن عبد الرحمن الخميس. الطبعة الأولى. السعودية: الرياض، دار العاصمة، 1412هـ.
- اعتقادات فرق المسلمين والمشركين. للرازي. تحقيق: علي سامي النشار. لبنان: بيروت، دار الكتب العلمية. 1402هـ.
- الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد. للبيهقي. تحقيق: أحمد عصام الكاتب. الطبعة الأولى. لبنان: بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1401هـ.
- إلجام العوام عن علم الكلام. للغزالي. تحقيق: صفوت جودة أحمد. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الحرم للتراث، 1423هـ/ 2002م.
- إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل. لابن جماعة. تحقيق: وهبي سليمان غاوجي. الطبعة الأولى. دار السلام، 1990م
- البداية والنهاية. لابن كثير. لبنان: بيروت، مكتبة المعارف.
- تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري. لابن عساكر. الطبعة الثالثة. لبنان: بيروت، دار الكتاب العربي، 1404هـ.
- التحفة المدنية في العقيدة السلفية. لحمد بن ناصر. تحقيق: عبد السلام بن برجس. الطبعة الأولى. السعودية: الرياض، دار العاصمة، 1992م.
- التعريفات. للجرجاني. تحقيق: إبراهيم الأبياري. الطبعة الأولى. لبنان: بيروت، دار الكتاب العربي، 1405هـ.
- تفسير ابن جرير الطبري. لبنان: بيروت، دار الفكر، 1405هـ.
- تفسير ابن كثير. لبنان: بيروت، دار الفكر، 1401هـ.
- تفسير القرطبي. تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني. الطبعة الثانية. القاهرة: دار الشعب، 1372هـ.
- تقريب التهذيب. لابن حجر. تحقيق: محمد عوامة. الطبعة الأولى. سوريا: دار الرشيد، 1406هـ/ 1968م
- تلبيس إبليس.لابن الجوزي. تحقيق: السيد الجميلي. الطبعة الأولى. لبنان: بيروت، دار الكتاب العربي، 1405هـ/ 1985م.
- التمهيد. لابن عبد البر. تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري. المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1387هـ.
- التوقيف على مهمات التعاريف. للمناوي. تحقيق: د. محمد رضوان الداية. الطبعة الأولى. لبنان: بيروت، دار الفكر، 1410هـ.
- دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه. لابن الجوزي. الطبعة الثالثة، الأردن: عمان، دار الإمام النووي، 1413هـ /1992م.
- ذم التأويل. لابن قدامة. تحقيق: بدر بن عبد الله البدر. الطبعة الأولى. الكويت: الدار السلفية، 1406هـ.
- رسالة إلى أهل الثغر. لأبي الحسن الأشعري. تحقيق: عبد الله شاكر محمد الجنيدي. الطبعة الأولى. سوريا: دمشق، مكتبة العلوم والحكم 1988م.
- سنن الترمذي. تحقيق: أحمد محمد شاكر، وإبراهيم عطوة عوض. لبنان: بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- السنن الكبرى. للبيهقي. تحقيق: محمد عبد القادر عطا. السعودية: مكة المكرمة، مكتبة دار الباز 1414هـ /1994م
- سير أعلام النبلاء. للذهبي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي. الطبعة التاسعة. لبنان: بيروت، مؤسسة الرسالة. 1412هـ.
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. لأبي القاسم اللالكائي. تحقيق: د. أحمد سعد حمدان. السعودية: الرياض، دار طيبة، 1402هـ.
- شعب الإيمان. للبيهقي. تحقيق: محمد السعيد بن بسيوني زغلول. الطبعة الأولى. لبنان: بيروت، دار الكتب العلمية، 1410هـ.
- صحيح مسلم. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. لبنان: بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- النصيحة في صفات الرب جل وعلا. أحمد بن إبراهيم الواسطي. تحقيق: زهير الشاويش. الطبعة الثانية. لبنان: بيروت، المكتب الإسلامي، 1394هـ.
- طبقات الحنابلة. لمحمد ابن أبي يعلى الحنبلي. تحقيق: محمد حامد الفقي. لبنان: بيروت، دار المعرفة.
- العقيدة الطحاوية المسماة بيان السنة والجماعة. لأبي جعفر الطحاوي. الطبعة الأولى. القاهرة: دار السلام. 1423هـ/ 2003م.
- العلو للعلي الغفار. للذهبي. تحقيق: أشرف عبد المقصود. الطبعة الأولى. السعودية: الرياض، مكتبة أضواء السلف، 1995م.
- الفتاوى الحديثية. لابن حجر الهيتمي. الطبعة الثالثة. القاهرة: مصطفى البابي الحلبي، 1409هـ/1989م.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري. لابن حجر. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، محب الدين الخطيب. لبنان: بيروت، دار المعرفة، 1379هـ.
- الفرق بين الفرق. لعبد القاهر البغدادي. الطبعة الثانية. لبنان: بيروت، دار الآفاق الجديدة. 1977م.
- الفواكه الدواني في شرح رسالة القيرواني. للنفراوي. لبنان: بيروت، دار الفكر.
- لسان العرب. لابن منظور. ط: دار المعارف.
- لسان الميزان. لابن حجر. الطبعة الثالثة. لبنان: بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. 1406هـ/ 1986م.
- المحلى. لابن حزم. لبنان: بيروت، دار الآفاق الجديدة.
- مختار الصحاح. لمحمد بن أبي بكر الرازي. تحقيق: محمود خاطر. لبنان: بيروت، مكتبة لبنان، 1415هـ/ 1995م.
- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح. للملا علي القاري. القاهرة: المطبعة الميمنية 1309هـ.
- المسامرة شرح المسايرة لابن الهمام. لابن أبي شريف. الطبعة الأولى. القاهرة: المطبعة الأميرية ببولاق، 1317هـ.
- المطلع على أبواب المقنع. محمد بن أبي الفتح البعلي. تحقيق: محمد بشير الأدلبي. لبنان: بيروت، المكتب الإسلامي، 1401هـ/1981م.
- الملل والنحل. لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني. تحقيق: محمد سيد كيلاني. لبنان: بيروت، دار المعرفة، 1404هـ.
- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. للنووي. الطبعة الثانية. لبنان: بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1392 هـ.
- موقف السلف من المتشابهات بين المثبتين والمأولين. د محمد عبد الفضيل القوصي. القاهرة: دار البصائر، 1425هـ/2004م.
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال. للذهبي. تحقيق: علي محمد عوض، وعادل أحمد عبد الموجود. لبنان: بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م.
- لا دفاعاً عن الألباني فحسب بل دفاعاً عن السلفية. لعمرو عبد المنعم سليم. الطبعة الأولى. طنطا: مكتبة الضياء.





الفهارس
الموضوع
الصفحة
مقدمة
2
تمهيد في بيان معاني مصطلحات خاصة بهذا البحث
4
المعنى
4
الحقيقة
4
الكيفية
5
التفويض
8
المبحث الأول: التفريق بين نفي الكيف وتفويض الكيف
9
المبحث الثاني: التفريق بين نفي الصفة وتفويض المعنى
10
المبحث الثالث: هل مذهب السلف تفويض الكيف أم المعنى؟
12
بعض ما ورد عن السلف في تفويض المعنى ونفي الكيف
12
قول ربيعة الرأي
12
قول مالك وابن المبارك وابن عيينة وسائر أهل السنة
17
قول الثوري ووكيع بن الجراح وغيرهم
18
قول الأوزاعي وغيره
19
قول الليث بن سعد
20
قول شعبة وحماد بن زيد وابن سلمة وشريك وأبي عوانة
20
إنكار مالك على من يحدث بمثل هذه الأحاديث ووجهه
22
قول محمد بن الحسن الشيباني
23
قول الشافعي
23
قول الحميدي
24
قول أبي عبيد القاسم بن سلام
25
قول ابن معين
26
قول أحمد بن حنبل
27
قول أبي محمد المزني
29
قول أبي عثمان الصابوني
30
قول البيهقي
31
قول الخطيب البغدادي
33
قول ابن عبد البر
34
قول ابن قدامة المقدسي
39
قول محمد بن أحمد القرطبي
40
قول النووي
42
قول ابن دقيق العيد
42
قول الذهبي
43
قول ابن كثير
43
قول ابن حجر
44
المبحث الرابع: هل ورد عن السلف تأويل؟
46
ما أجمع أهل السنة على تأويله
46
نماذج من تأويلات السلف وغيرهم من أئمة أهل السنة
47
تأويل عبد الله بن عباس
47
تأويل الحسن البصري
58
تأويل سفيان الثوري
58
تأويل سفيان بن عيينة
59
تأويل النضر بن شميل
59
تأويل أحمد بن حنبل
59
تأويل البخاري
60
تأويل الترمذي
60
تأويل ابن جرير
61
تأويل أبي الحسن الأشعري في آخر كتبه
62
تأويل ابن حبان
62
تأويل الخطابي
63
تأويل ابن حزم
63
ابن بطال المالكي ينسب التأويل لأهل السنة
64
تأويل ابن الجوزي
65
المبحث الخامس: التفرقة بين تأويل المعتزلة والجهمية وتأويل أهل السنة.
66
المبحث السادس: هل يجوز وصف الله تعالى بالجسمية؟
69
المبحث السابع: التعريف بالجهمية والمجسمة وتحرير موقفهم من صفات الله تعالى
72
تطور الكلام في صفات الله تعالى
72
التعريف بالجهمية وقولهم في الصفات
77
خلاصة مذهب الجهمية في الصفات
80
التعريف بأقوال المشبهة والمجسمة
83
خلاصة مذهب المجسمة
95
جدول يوضح أهم الفوارق بين أهل السنة وبين الجهمية والمجسمة
97
المراجع
103
الفهارس
110


[1]لسان العرب ص 3147.

2 لسان العرب ص 924.

[3]التعريفات للجرجاني ص 241، 242.

[4]التعريفات للجرجاني ص 242.

[5]التعريفات للجرجاني ص 242.

[6]التوقيف على مهمات التعاريف ص 614.

2 المطلع على أبواب المقنع ص 325

1 ميزان الاعتدال للذهبي نقلا عن اللسان لابن حجر 1/679 تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة

1 لسان العرب لابن منظور ص 3485.

1 لاحظ كيف ينفي الإمام ابن عبد البر الكيف عن الله تعالى، وأنه لا يصح نسبته إلى الله تعالى أصلاً، ونسبته ذلك إلى أهل السنة. قاله أبو هاجر.

1هذا الأثر ينسب إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن وإلى مالك بن أنس وإلى السيدة أم سلمة y :
فأما أثر ربيعة: فأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/398، ح 665 قال: (أخبرنا عبد الله بن أحمد بن القاسم بن شينك النهاوندي قال ثنا أبو بكر أحمد بن محمود بن يحيى داود النهاوندي بنهاوند سنة ثنتي عشرة وثلثمائة قال ثنا أحمد بن محمد بن صدقة قال ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن آدم عن ابن عيينة قال سئل ربيعة عن قوله "الرحمن على العرش استوى" كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق). وأخرجه الذهبي في العلو للعلي الغفار ص 129 ح352 قال: (كتب إلي محمد بن الناس أن أبا محمد بن قدامة أخبرهم أنبأنا ابن البطي أنبأنا ابن خيرون أنبأنا أبو القاسم الخرقي حدثنا النجاد حدثنا معاذ ابن المثنى حدثني محمد بن بشير حدثنا سفيان قال كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن فسأله رجل فقال "الرحمن على العرش استوى" كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول،والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق). ونسبه في التحفة المدنية في العقيدة السلفية ص 77 إلى الخلال قال: (بإسناد رجاله أئمة عن سفيان بن عيينة) وذكره بلفظ: "والكيف غير معقول".
وأما روايته عن مالك: فأخرجها البيهقي في الاعتقاد ص 116 قال: (أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي قال سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري يقول سمعت يحيى بن يحيى يقول كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال يا أبا عبد الله "الرحمن على العرش استوى" كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه ثم علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يخرج).
وأخرجه اللالكائي 3/398 ح664 قال: (ذكره علي بن الربيع التميمي المقري قال ثنا عبد الله ابن أبي داود قال ثنا سلمة بن شبيب قال ثنا مهدي بن جعفر عن جعفر بن عبد الله قال جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء يعني العرق قال واطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه قال فسرى عن مالك فقال: "الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج"). والذهبي في العلو ص 168 ح 455 قال: (قال ابن منده أنبأ محمد بن يعقوب الشيباني حدثنا محمد بن عمرو بن النضر حدثنا يحيى بن يحيى قال كنت عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى فأطرق ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة).
وأما روايته عن أم سلمة: فأخرجها اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/397 ح663 قال: (أخبرنا عبد الله بن محمد بن أحمد قال ثنا عبد الصمد بن علي قال حدثني محمد بن عمر بن كبيشة أبو يحيى النهدي بالكوفة في جبانة سالم قال حدثنا أبو كنانة محمد بن أشرس الأنصاري قال ثنا أبو عمير الحنفي عن قرة بن خالد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة في قوله "الرحمن على العرش استوى" قالت: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر). وأخرجه الذهبي في العلو للعلي الغفار ص 80 ح181 قال: (أخبرنا أبو محمد بن علوان الشافعي أنبأنا أبو محمد المقدسي أنبأنا عبد الله بن أحمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا هبة الله بن الحسن حدثنا عبد الصمد بن علي حدثنا محمد بن عمر حدثنا أبو كنانة محمد بن أشرس حدثنا أبو عمير الحنفي عن قرة بن خالد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها في قوله "الرحمن على العرش استوى" قالت: الكيف غير معقول، والإستواء غير مجهول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر)، قال: (هذا القول محفوظ عن جماعة كربيعة الرأي، ومالك الإمام، وأبي جعفر الترمذي، فأما عن أم سلمة فلا يصح لأن أبا كنانة ليس بثقة وأبو عمير لا أعرفه).
فهذه رواية مالك وغيره تنص على أن الكيف غير معقول، وهذا يساوي نفي الكيف، وأما رواية "والكيف مجهول" ففي إسنادها مقال فقد أخرجها ابن عبد البر في التمهيد 7/138 قال: (أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد ابن جعفر بن حمدان بن مالك قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا سريج بن النعمان قال حدثنا عبد الله بن نافع قال: قال مالك بن أنس: الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه مكان، قال: وقيل لمالك الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فقال مالك رحمه الله: استواؤه معقول وكيفيته مجهولة وسؤالك عن هذا بدعة وأراك رجل سوء) قلت: عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن شيخ ابن عبد البر قال عنه الذهبي في الميزان 4/191: (من قدماء شيوخ أبي عمر ابن عبد البر كان تاجرا صدوقا لقي ابن داسة والكبار، قال ابن الفرضي: لم يكن ضبطه جيداً وربما أخل بالهجاء). فروايته ضعيفة مخالفة في لفظها لسائر الروايات عن مالك، والفارق بين قوله "الكيف غير معقول" وبين قوله "الكيف مجهول" بيانه في الأصل، والله أعلم.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 26.

2 جامع الترمذي 3/50 عقب ح662 والإمام الترمذي يصرف اللفظ عن معناه الموهم وينفي الكيف أصلاً، وينسب هذا لأهل السنة قاطبة فتأمل قاله أبو هاجر.

1 الاعتقاد للبيهقي ص 115.

1 جامع الترمذي 4/691 ح 2557.

2 التمهيد لابن عبد البر 7/149.

1 شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/524 ح 930.

2 السنن الكبرى للبيهقي 3/2 ح 4429. باب الترغيب في قيام آخر الليل عقب حديث النزول.

1 السنن الكبرى للبيهقي 3/2 ح4430.

2مختار الصحاح ص 53.

1 التمهيد لابن عبد البر 7/152.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 14.

2 ذم التأويل لابن قدامة ص 11.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 23.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 11.

2 شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي 3/524، ح 928.

1 التمهيد لابن عبد البر 7/151.

1 شعب الإيمان للبيهقي 3/378.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 22.

1 السنن الكبرى للبيهقي 3/2 ح4431 قلت: وقد صرف الإمام أبو محمد المزني اللفظ الوارد عن ظاهره الموهم للتشبيه، وفوض معناه لله تعالى قاله أبو هاجر.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص16.

1 الاعتقاد للبيهقي ص 115.

1 قلت: ألحظ أن الإمام البيهقي صرف الألفاظ عن ظاهرها الموهم للتشبيه، وفوض علم معناها لله تعالى، قاله أبو هاجر.

2 الاعتقاد للبيهقي ص 115.

1 زاد الخطيب هنا عن قول السلف قوله "إجراؤها على ظاهرها"، ولم تنقل هذه العبارة – فيما أعلم - عن أحد من أهل القرون الثلاثة الفاضلة، وهي توهم أن الخطيب رحمه الله تعالى، يثبت المعنى الظاهر القريب لهذه الصفات، وهو مخالف لما تقرر عن السلف من تفويض علم حقيقتها لله تعالى، والظاهر أنه أراد نفي التأويل فخانه القلم إلى عبارة ظاهرها التجسيم، أو أخطأ بعض النساخ في نقله نسأل الله أن يقينا وإياكم الزلل، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل، ولا نشك أن الإمام لم يقصد ما يقصده المجسمة بهذه العبارة، بدليل أنه قال بعد ذلك بقليل: "فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف" فتأمل كيف نفى إثبات التحديد، وهو إثبات المعنى، بل وقد صرح الخطيب بنفي الظاهر فقال: "ولا نقول إنها الجوارح" والله أعلم، قاله أبو هاجر.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 15.

1جامع بن سوادة: اتهمه الذهبي بالوضع في الميزان، وضعفه ابن حجر في اللسان.

1 لاحظ كيف ينفي الإمام ابن عبد البر الكيف عن الله تعالى، وأنه لا يصح نسبته إلى الله تعالى أصلاً، ونسبته ذلك إلى أهل السنة. قاله أبو هاجر.

1 قلت: أنا في شك من ثبوت هذه العبارة في أصل كتاب ابن عبد البر، لأنها تناقض ما يحاول تقريره من أول كلامه، وتناقض مناقضة صريحة قوله قبل ذلك "وليس مجيئه حركة ولا زوالا ولا انتقالا، لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسماً أو جوهراً، فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة، ولو اعتبرت ذلك بقولهم جاءت فلانا قيامته، وجاءه الموت، وجاءه المرض، وشبه ذلك مما هو موجود نازل به ولا مجيء، لبان لك، وبالله العصمة والتوفيق"، إذ ذلك صريح في ترك الحقيقة وإرادة المجاز، وهو واضح جداً في رده على من قال: ينزل بذاته، أنه يخرج عن الحقيقة إلى المجاز، وهو ظاهر أيضاً من قوله بعد ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة. فلعلها من أخطاء النساخ، ولعل الأصل "وحملها على المجاز لا على الحقيقة"، أو يكون أراد أن نسبة هذه الصفات لله تعالى على الحقيقة لا على المجاز، لا أنها مستعملة في معانيها الحقيقية في لغة العرب والله أعلم قاله أبو هاجر.

1 التمهيد لابن عبد البر 7/128 وما بعدها.

1 ذم التأويل لابن قدامة ص 11.

2 ذم التأويل لابن قدامة ص 11.

1 تفسير القرطبي 8/251.

1 قلت: مراده ظاهرها الموهم للتشبيه، وهو صواب لأن لفظ اليد مثلاً في لغة العرب معناه الجارحة، وهذا المعنى يوهم مشابهة الله تعالى لخلقه وبالتالي فهو غير مراد، ومراد الله تعالى هو أعلم به، قاله أبو هاجر.

2 شرح النووي على صحيح مسلم 17/182.

1فتح الباري13/383.

2 سير أعلام النبلاء 8/103.

3 تفسير ابن كثير 1/311.

1 فتح الباري13/390

2 فتح الباري13/383.

1 صحيح مسلم 4/1990 ح2569.

1 شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 126.

1 قلت: خرج هذه الرواية الشيخ عمرو عبد المنعم سليم في كتابه "لا دفاعا عن الألباني فحسب بل دفاعا عن السلفية" فقال: (خبر ابن عباس? في ذلك: وقد ورد عنه من طرق الأول: ما رواه ابن جرير في التفسير 29/24، والحاكم في المستدرك 2/499، والبيهقي في الأسماء والصفات ص746 من طريق: ابن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: {يوم يكشف عن ساق}. قال: "هو يوم كرب وشدة" ولفظه عند البيهقي: "هذا يوم كرب وشدة" وصححه الحاكم.
قلت: بل هذا سند ضعيف، ففيه أسامة بن زيد، وهو إن كان ابن أسلم أو الليثى فكلاهما ضعيف لا يحتج به، إلا أن ابن أسلم ضعيف جداً. وأما الليثى: فقال أحمد: ليس بشيء، وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: روى عن نافع أحاديث مناكير، فقلت له: أُراه حسن الحديث، فقال: إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة، وقال ابن معين في بعض الروايات: ثقة، وزاد في رواية الدورى: غير حجة، أي أنه ثقة من حيث العدالة، إلا أنه ضعيف من حيث الضبط، وبسط الكلام في حاله يطول.
[قلت: قال الحافظ في التقريب: أسامة بن زيد بن أسلم العدوي: ضعيف من قبل حفظه، وأسامة بن زيد الليثي: صدوق يهم، فالإسناد على هذا ضعيف يرتقي بالمتابعة أو الشاهد، فكيف بكل ما ذكره الشيخ. قاله أبو هاجر].
الثاني: ما رواه ابن جرير في تفسيره 29/24، والبيهقى في الأسماء والصفات من طريق: محمد بن سعد بن الحسين بن عطية، حدثني أبي، حدثني الحسين بن الحسن بن عطية، حدثني أبي، عن جدي عطية ابن سعد، عن ابن عباس في قوله: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود"يقول: يكشف الأمر وتبدو الأعمال، كشفه دخول الآخرة، وكشف الأمر عنه.
قلت [القائل الشيخ عمرو]: أما محمد بن سعد فهو ابن محمد الحسين، قال الخطيب – كما في الميزان 3/560 - : كان ليناً في الحديث.
[قلت: وبقية كلام الذهبي في الميزان: وروى الحاكم عن الدارقطني أنه لا بأس به أ.هـ!].
وأما أبوه سعد بن محمد بن الحسين العوفى فله ترجمة في تاريخ بغداد 9/127، وفيه نقل الخطيب البغدادى عن الأثرم قوله: قلت لأبي عبد الله – أي الإمام أحمد – أخبرني اليوم إنسان بشيء عجب، زعم أن فلانا أمر بالكتابة عن سعد بن العوفى، وقال: هو أوثق الناس في الحديث، فاستعظم ذاك أبو عبد الله جداً، وقال: لا إله إلا الله، سبحان الله، ذاك جهمي امتحن أول شيء قبل أن يُخَوّفوا، وقبل أن يكون ترهيب، فأجابهم؟! قلت لأبي عبد الله: فهذا جهمي إذاً؟ فقال: فأي شيء؟!، ثم قال أبو عبد الله: لو لم يكن هذا أيضاً لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعاً لذلك.
والحسين بن الحسن العوفى له ترجمة في تاريخ بغداد 8/29، وقد ضعفه ابن معين النسائي. والحسن بن عطية بن سعد العوفى وأبوه كلاهما من رجال التهذيب، وهما ضعيفان، والأخير مدلس.
[قلت: ففي إسناده ضعفاء. قاله أبو هاجر]
الثالث: ما رواه ابن جرير في تفسيره 29/24: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس: "يوم يكشف عن ساق"، قال: عن أمر عظيم، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا على ساق. وسنده ضعيف، فيه شيخ ابن جرير، وهو محمد بن حميد وهو ضعيف الحديث، وإبراهيم النخعى لم يدرك ابن عباس، ومهران بن أبي عمر: سيء الحفظ. وقد اختلف فيه على مهران: فرواه ابن جرير عن ابن حميد، حدثنا مهران، عن سفيان عن عاصم، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدة الأمر. وهذا يدل على الاضطراب فيه.
[قلت: هذه رواية وهذه رواية ولا اضطراب ثم، لأن الاضطراب إنما يقع عند تعذر الجمع ولا شك أن احتمال نسبة هذا القول إلى سعيد بن جبير قوية، فالإسناد ضعيف يمكن أن يرتقي بتعدد الطرق، ويتقوى مع الأول ليصير حسناً لغيره].
الرابع: ما رواه ابن جرير في تفسيره 29/24، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق: أبى صالح، قال: حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: قوله:"يوم يكشف عن ساق" قال:"هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.
قلت [القائل الشيخ عمرو] : فيه أبو صالح عبد الله بن صالح – كاتب الليث – وهو ضعيف من قبل حفظه، وعلى هو ابن أبي طلحة، روى عن ابن عباس ولم يسمع منه، فهو منقطع.
[قلت: وهذا أيضاً مما يقبل الاعتضاد، فيقوي بعض هذه الأسانيد بعضاً، قاله أبو هاجر].
الخامس: ما رواه ابن جرير الطبري في تفسيره 29/24: حُدَّثت عن الحسين، قال سمعت أبا معاذ، يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: "يوم يكشف عن ساق" – وكان ابن عباس يقول: (كان أهل الجاهلية يقولون: شمرت الحرب عن ساق) -: (يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا).[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]وسنده ضعيف لجهالة شيخ ابن جرير، ورواية الضحاك عن ابن عباس منقطعة، ثم ليس هو من مسند ابن عباس، وإنما هو من قول الضحاك.
[قلت: وهذا آخر يعضد ما سبق، جزى الله الشيخ خيراً على تجميع هذه الأسانيد كلها، ثم ذكر له إسناداً سادساً شديد الضعف أخرجه الطستى في (مسائله عن ابن عباس) نقلاً عن السيوطي في الدر المنثور 8/254 وفي الإتقان 1/120. قاله أبو هاجر ثم قال الشيخ عمرو:]
السابع: وأخرج ابن جرير 24/29: حدثنى الحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: "يوم يكشف عن ساق" قال: شدة الأمر. وقال ابن عباس: هي شر ساعة تكون في يوم القيامة.[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]
قلت [القائل الشيخ عمرو]: وهذا سند ضعيف، ورقاء ضعفه أحمد في التفسير.
[قلت: قال ابن حجر في التقريب: ورقاء بن عمر اليشكري: صدوق في حديثه عن منصور لين أ.هـ وليس هذا من روايته عن منصور، قاله أبو هاجر ثم قال الشيخ عمرو:]
وابن أبي نجيح مدلس وقد عنعن، ثم إنه لم يسمع التفسير من مجاهد بن جبر.
[قلت: قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 6/126: (وعن بعضهم قال: لم يسمع ابن أبي نجيح كل التفسير من مجاهد قلت: هو من أخص الناس بمجاهد)؟!! فقد أخطأ الشيخ في فهم الانتقاد، وأخطأ في ترك الرد عليه، فالإسناد على ذلك حسن لولا عنعنة ابن أبي نجيح، وهو مع ما سبق يبلغ درجة الحسن ولا شك، قاله أبو هاجر، ثم خرج الشيخ إسنادا ثامناً، لم يقف على ترجمة أحد من رواته أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد 724، وإسناداً تاسعاً حكم بكونه موضوعاً وعزاه إلى ابن منده في الرد على الجهمية، ثم قال:]
العاشر: وروى البيهقي في الأسماء والصفات من طريق: محمد بن الجهم، حدثنا يحيى بن زياد الفراء، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ: "يوم يكشف عن ساق". يريد: يوم القيامة لشدتها.
قلت: وهذا سند صحيح لا علة فيه (3). إلا أنه ورد في المطبوعة "يكشف" بالياء، وهو تصحيف وإنما هي "تكشف"فقد أورد السيوطي هذا الخبر في الدر المنثور6/255وقال: (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن منده من طريق عمرو ابن دينار، قال: كان ابن عباس يقرأ: "يوم يكشف عن ساق" – بفتح التاء. قال أبو حاتم السجستاني: أي تكشف الآخرة عن ساقها، يستبين منها ما كان غائباً. قلت: وهذا الوجه هو الثابت عن ابن عباس، وليس فيه ما يدل على التأويل، فإن قراءته على بناء الفعل للمعلوم المؤنث ثم إنه لم يفسر قراءته بالشدة – وإن حدث وفعل على هذه القراءة لم يقع في التأويل – بل الذي فسرها هو عمرو بن دينار، وليس هو متأول بل مبين لبناء الفعل، وصفة الفاعل. وقد ذهب ابن جرير إلى إثبات هذا القول عن ابن عباس، فقال في التفسير 29/27: (وذكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك "يوم يكشف عن ساق" بمعنى يوم تكشف عن شدة شديدة، والعرب تقول: كشف هذا الأمر عن ساق إذا صار إلى شدة ومنه قول الشاعر: كشف لهم عن ساقها وبدا من الشعر الصراح) فقول ابن عباس هذا تبعاً لهذه القراءة لا يعد تأويلاً للنص، وسوف يأتي ذكر من قال بالساق من الصحابة وأئمة السلف في باب: إثبات صفة الساق للرب جل وعلا إن شاء الله تعالى).
[قلت: وإذا صح هذا فإننا نقول إن القراءات المختلفة لا يختلف بها المعنى، وحمل القراءتين على معنى واحد هو الصواب، وتكون هذه الرواية الأخيرة معضدة لكل الروايات السابقة، ويصح أن ابن عباس t أول الساق في هذه الآية بالشدة].

1 فتح الباري 13/428.

2 تفسير ابن جرير 29/38.

3 قال الشيخ عمرو: (خبر مجاهد بن جبر – رحمه الله -: أخرجه ابن جرير 29/24 من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد به. وقد سبق ذكر علة هذا الإسناد.
وأخرج ابن جرير: حدثني محمد بن عبيد المحاربى وابن حميد، قالا: حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد "يوم يكشف عن ساق" قال: شدة الأمر وجده. قال ابن عباس: هي أشد ساعة في يوم القيامة.
قلت: ابن جريج مدلس وقد عنعن، ثم إنه لم يسمع التفسير من مجاهد كما نص عليه ابن معين. ففي سؤالات ابن الجنيد له 37: (سألت يحيى بن معين، قلت: ابن جريج سمع من مجاهد شيئاً؟ قال: حرفاً أو حرفين، قلت: فمن بينهما؟ قال لا أدري). وقال: 595: (وسمعت يحيى بن معين يقول: سمع ابن جريج من مجاهد حرفاً واحداً في القراءة: "فإن الله لا يهدي من يضل" قال: لا أدري كيف قرأه يحيى بن معين، ولم يسمع منه غيره، كان أتاه ليسمع منه، فأتاه فوجده قد مات).
قلت: لكن تتقوى روايته بالرواية السابقة كما هو معلوم، قاله أبو هاجر

1 قال الشيخ عمرو: (خبر سعيد بن جبير رحمه الله: أخرجه ابن جرير 29/24: حدثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن
سعيد بن جبير قال: عن شدة الأمر.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، وقد سبق بيان علته.
[قلت: وقد سبق بيان أنهما روايتان، ولا تعارض بينهما إذ يحتمل أن سعيداً قاله مرة من نفسه ومرة عزاه لابن عباس، قاله أبو هاجر، ثم قال الشيخ عمرو:]
لكن قال السيوطي في الدر المنثور 6/255: (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، عن سعيد بن جبير، أنه سئل عن قوله عز وجل: "يوم يكشف عن ساق"، فغضب غضباً شديداً، وقال: إن أقواماً يزعمون أن الله يكشف عن ساقه، وإنما يكشف عن الأمر الشديد). قلت: وهذا الخبر لم يورد لنا السيوطي إسناده حتى نتبينه من حيث الصحة والضعف).

1خبر قتادة بن دعامة – رحمه الله: قال الشيخ عمرو: (ثابت عنه، وقتادة من الموصوفين بالكلام في القدر، وهي بدعة مأخوذة عليه، ومثلها هذا التأويل [قلت: فمن أخذه عليه غيرك؟!]، فهو مخالف لما ورد به الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعوام أهل العلم من الأئمة).
قلت: ما تقدم نقله عن الأئمة يثبت أن التأويل قد ذهب إليه بعض السلف، وكون الأكثر قد لزم التفويض لا إشكال فيه، ولا يدل على ذم تأويل من تأول من أهل السنة، وإلا لعد ذلك طعن في أكابر علماء الأمة الذين وقع منهم التأويل في بعض الأحيان، والذين سيأتي ذكرهم تباعاً.
ثم ذكر الشيخ عمرو أن ممن أول هذه الآية من التابعين عكرمة وإبراهيم النخعي، والربيع بن أنس وهاك تخريج رواياتهم كما ذكرها الشيخ:
خبر عكرمة رحمه الله: أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق: أبي بكر يحيى بن أبي طالب، أخبرنا حماد بن مسعدة، أخبرنا عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرمة سئل عن قوله عز وجل: "يوم يكشف عن ساق" قال: قال: (فأخبرهم عن شدة ذلك).[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]
قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه يحيى بن أبي طالب، وهو مختلف فيه بين أهل العلم، وعلى التحقيق فهو ضعيف. فأما من عدله: فالدارقطني، قال: (لا بأس به عندي، ولم يطعن فيه أحد بحجة) وأمر البرقاني أن يخرج له في الصحيح، قال الذهبي: (الدارقطني فمن أخبر الناس به). وقال أبو حاتم: (محله الصدق)، وليس صاحب هذا الوصف ممن يحتج به عنده. وجرحه غيرهم: فقال أبو أحمد الحاكم: (ليس بالمتين). وقال موسى بن هارون: (أشهد عليه أنه يكذب). قال الذهبي: (عنى في كلامه ولم يعن في الحديث فالله أعلم). قلت: هذه إحالة على جهالة، ولا بد لهذا القول من دليل. وخط أبو داود على حديثه.
قلت: أما الدارقطني فمتساهل في التوثيق، وأما قول أبي حاتم: (محله الصدق) فهذا الوصف يطلقه على من توقف فيه، فلم يطرح حديثه، ولم يحتج به، بل يُلحق بأحد القسمين بعد السبر والتتبع. فقد روى الخطيب في الكفاية بإسناده إلى ابن أبي حاتم قال: (وإذا قيل أنه صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه). قلت: فأفضل أحوال يحيى بن أبي طالب أن يكون محتجاً به إذا لم يتفرد برواية الحديث أو الخبر، فكيف إذا تفرد بخبر في تأويل صفة من صفات الرب جل وعلا؟‍‍! لا شك أن حديثه – أو خبره – يكون منكراً، ولا يحتج به في هذه الحالة.
[قلت: بل إسناده حسن، ويكفي في يحيى قول أبي حاتم على تشدده: محله الصدق، فإن هذه درجة الحسن عنده، والشيخ يغفر الله له يحاول أن يخرج الرواية من دائرة الاحتجاج بتكلف واضح، ثم يقول الشيخ عمرو:]
خبر إبراهيم النخعي رحمه الله: فرواه ابن جرير 29/24: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: "يوم يكشف عن ساق": (ولا يبقى مؤمن إلا سجد، ويقسو ظهر الكافر، فيكون عظماً واحداً).قلت: وسنده ضعيف لضعف ابن حميد.
خبر الربيع بن أنس رحمه الله:أخرجه ابن جرير 29/27 من طريق: أبي جعفر الرازي، عن الربيع في قول الله: "يوم يكشف عن ساق"، قال: (يكشف عن الغطاء).[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]وسنده ضعيف، لضعف أبي جعفر الرازي.

1تفسير ابن جرير الطبري 7/27. وقد نقل الحافظ ابن جرير تأويل لفظة "أيد"هنا بالقوة عن جماعة من أئمة السلف منهم: مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان.

1تفسير ابن جرير 8/201 وقال ابن جرير: "أي ففي هذا اليوم، وذلك يوم القيامة ننساهم، يقول نتركهم في العذاب..." ا.ه‍. فقد أول ابن جرير النسيان بالترك، فصرف اللفظ عن ظاهره لمعنى جديد مجازي، ونقل الحافظ ابن جرير هذا التأويل الصارف عن الظاهر ورواه بأسانيده عن ابن عباس ومجاهد وغيرهم. وابن عباس صحابي ومجاهد تابعي وابن جرير من أئمة السلف المحدثين، فثبت التأويل في ما يتعلق بالصفات عن السلف بلا شك ولا ريب.

2دفع شبه التشبيه ص 156.

3سير أعلام النبلاء 7/274.

1دفع شبه التشبيه ص 218.

2الأسماء والصفات 352.

3دفع شبه التشبيه ص 156.

4دفع شبه التشبيه ص 157.

5البداية والنهاية 10/327

1الأسماء والصفات ص 470.

2الأسماء والصفات ص 298.

3جامع الترمذي 4/692.

1جامع الترمذي 5/160 ح2883، كتاب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة آل عمران.

2تفسير ابن جرير 1/192.

1رسالة إلى أهل الثغر ص 73.

2صحيح ابن حبان 1/502.

1السنن الكبرى للبيهقي 3/3.

2المحلى لابن حزم 1/32.

1فتح الباري 13/407.

1 راجع في بيان أن الأشاعرة لا يلجأون إلى التأويل إلا عند الضرورة إلجام العوام عن علم الكلام ص 28، وإتحاف السادة المتقين 2/105، ومرقاة المفاتيح للملا على القاري 2/136، والفواكه الدواني للنفراوي 1/59، والفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي ص 149، وفي بيان أن تأويلات الأشاعرة على الاحتمال لا الجزم "المسايرة لابن الهمام بشرح ابن أبي شريف المسمى بالمسامرة" ص 17، 18، وفي الأمرين معاً "إشارات المرام للبياضي" ص 189، وراجع أيضاً موقف السلف من المتشابهات بين المثبتين والمأولين لأ.د محمد عبد الفضيل القوصي ص 51.

1 طبقات الحنابلة 2/215.

2 اعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلي ص 3.

1 العقيدة الطحاوية ص 11.

2 تبيين كذب المفتري ص 367.

3 صفات الرب ص 25.

4 اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 63، 64.

1 اعتقاد الإمام المبجل أحمد بن حنبل ص 293.

1 قلت: قد تقدم أن الصواب في عبارة الإمام مالك t أنه قال: "والكيف غير معقول".

1 الملل والنحل للشهرستاني ص 92.

1 إيضاح الدليل لمحمد بن إبراهيم بن جماعة ص 25- 27.

1 تلبيس إبليس ص 30.

2 قال ابن حجر في اللسان 2/142: (جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي، الضال، المبتدع، رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئاً، لكنه زرع شراً عظيماً انتهى. وكان قتل جهم بن صفوان سنة ثمان وعشرين ومائة،وسببه أنه كان يقضي في عسكر الحارث بن شريح الخارج على أمراء خراسان، فقبض عليه نصر بن سيار، فقال له: استبقني فقال: لو ملأت هذا الملا كواكب وأنزلت إلي عيسى بن مريم ما نجوت، والله لو كنت في بطني لشققت بطني حتى أقتلك، ولا تقوم علينا مع اليمانية أكثر مما قمت وأمر بقتله وكان جهم من موالي بني راسب وكتب للحارث).

1 الفرق بين الفرق 1/199.

2 قلت: وأهل السنة جميعاً – والأشاعرة منهم – يثبتون لله تعالى الوجه والسمع والبصر على المعنى الذي أراده الله تعالى، وعلى الوجه اللائق به سبحانه، لا على المعنى الثابت للخلق لأنه سبحانه ليس كمثله شيء، قاله أبو هاجر.

1 الإبانة للأشعري ص 122.

1 الملل والنحل للشهرستاني ص 86.

2 جامع الترمذي 3/50.

1 تلبيس إبليس ص 107.

1 تبيين كذب المفتري ص 149.

1 الفرق بين الفرق ص 214.

[99] (محمد بن كرام، السجستاني، المبتدع، شيخ الكرامية، كان زاهداً عابداً ربانياً، بعيد الصيت، كثير الأصحاب، ولكنه يروي الواهيات، كما قال ابن حبان، خذل حتى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها، ثم جالس الجويباري وابن تميم، ولعلهما قد وضعا مئة ألف حديث، وأخذ التقشف عن أحمد بن حرب، قلت: كان يقول الإيمان هو نطق اللسان بالتوحيد مجرد عن عقد قلب وعمل جوارح، وقال خلق من الأتباع له بأن الباري جسم لا كالأجسام، وأن النبي تجوز منه الكبائر سوى الكذب، وقد سجن ابن كرام ثم نفي، وكان عابدا قليل العلم، قال الحاكم: مكث في سجن نيسابور ثماني سنين، ومات بأرض بيت المقدس سنة خمس وخمسين ومئتين) سير أعلام النبلاء 11/523.

1 الملل والنحل ص 103 وما بعدها.

1 إيضاح الدليل لابن جماعة ص 27، وما بعدها.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:06 PM.