فى أكتوبر 2017 انتشرت فى ميادين وشوارع قطاع غزة لافتات تحمل صور الرئيس عبد الفتاح السيسى وشعارات "تحيا مصر"، فى لمدينة غزة؛ احتفاءً وتقديرًا للدور المصرى فى تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، ووقتها قالوا أن هذا حدث عارض، ولا يعبر عما يكنه الغزاوية لمصر ورئيسها، لكن اليوم تعود غزة إلى المشهد مجدداً بلافتات جديدة للرئيس السيسى، وكأن القطاع وأهله يردون على الجميع بجملة واحدة "مصر فى قلب".
لافتة شكر للرئيس السيسى فى وسط غزة
غزة تتغير، هذا هو وما يمكن رصده من خلال التعاطى الغزاوى الإيجابى مع ما تقوم به مصر والقيادة المصرية لنصرة القضية الفلسطينية، وتقديم كافة وسائل المساعدة الممكنة لأشقائنا الفلسطينيين وتحديداً فى القطاع، فغزة لم تعد تلك البقعة التى كان التنظيم الدولى لجماعة الأخوان يتحكم فيها وفى تحركاتها خاصة الخارجية، مما كان له أثره السلبى فى علاقة القطاع بثورة 30 يونيو 2013، اليوم غزة تغيرت إستراتيجياً وسياسياً، ولم يعد القائمين عليه من اصحاب العقول المنغلقة، حتى وأن كان بعضهم لازال خاضع أيدلوجى لفكر الأخوان الإرهابى، لكن عمل الشهور الماضية على تنحية الإيدلوجية جانباً، بحثاً عن المصلحة العامة، وتغليبها على المصالح الخاصة للجماعة أو حتى حركة حماس.
ما حدث فى القطاع مرتبط بعدة تغيرات، لعل فى مقدمتها صعود أبناء غزة إلى سدة الحكم فى حماس، بأختيار إسماعيل هنية رئيساً للمكتب السياسى لحماس، يحيى السنوار، رئيسا للحركة فى القطاع، وخفوت تأثير قيادات الخارج، تحديداً خالد مشعل ورجاله، المتواجدين حالياً فى قطر، بعد سنوات قضوها فى سوريا فى حماية النظام السورى، فمشعل ورجاله كانوا يتحركون وفقاً لأولويات غير فلسطينية، وكانت إيران وتركيا أصحاب تأثير على قرار الحركة، كما أن قيادات الخارج لم تعيش معانات من هم بالداخل، لكن اليوم الأمر تغير بعض الشئ، فالقرار داخل حماس أصبح من غزة، ومرتبط بمصالح فلسطينية حتى وأن كان من وجهةة النظر الحمساوية، وزاد على ذلك أن القيادات الجديدة تحديداً يحيى السنوار من أصحاب رأى بأن مصر هى مفتاح الحل للقضية الفلسطينية، وبدونها لا يمكن تحقيق أى تقدم، سواء فى ملف المصالحة الداخلية، او المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وهو ما ظهر من التجاوب السريع من قيادات حماس مع المساعى المصرية الرامية إلى تحقيق المصالحة.
غزة الآن تتغير، وهذا لا يرتبط فقط بانتشار لافتات ضخمة للرئيس السيسى وشعارات تحيا مصر فى الشوارع والميادين الرئيسية، لكن أيضاً لأن قيادات حماس باعتبارهم أصحاب السيطرة الفعلية على القطاع حتى الآن، باتت نظرتهم لمصر مختلفة عما ذى قبل، وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال رصد لعدد من المواقف كان أخرها ردة الفعل الفلسطينية المرحبة بقرار الرئيس السيسى الأسبوع الماضى باتخاذ ما يلزم لاستمرار فتح معبر رفح البرى طوال شهر رمضان المبارك، وذلك ضماناً لتخفيف الأعباء عن الأشقاء فى قطاع غزة، وكذلك أنطلاق قوافل المساعدات الموجهة من الدولة المصرية إلى الأشقاء فى فلسطين، فما صدر من بيانات وتصريحات من كل الفصائل الفلسطينية وخاصة فتح وحماس والجهاد ، يؤكد أن التغيير فى غزة لم يقتصر فقط على فصيل واحد وإنما يشمل الجميع.
من تابع اللافتة التى كانت معلقة على معبر رفح من الجانب الفلسطينى والمكتوب عليها " الإرهاب لا دين له.. معا وسويا نحو محاربة الإرهاب"، والمزينة بعلمى مصر وفلسطين، والتى علقتها إدارة المعابر والحدود الفلسطينية سيدرك هذا التغيير، وسيصل إلى قناعة بأن المياه تحركت، حتى وأن كان لدى البعض مخاوف من وجود أيادى فلسطينية فى الإرهاب بسيناء، لأن ما يحدث الآن على سطح السياسة سيكون له مردود إيجابى مستقبلاً