اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-02-2017, 01:48 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New علامات الكبيرة


(1)- أنْ يصِفَ اللهُ تعالى الذَّنْبَ بأنه كبِيرٌ، أو يذْكُرَه نبِيُّه صلى الله عليه وسلم في الكبائرِ:
وهذا كقولِ الله تعَالَى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2]، وقولِه صلى الله عليه وسلم: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ"، ونحوِ هذا.
*
وهلْ ما ذكرَه بعضُ الصِّحابةِرضي الله عنهم في الكبائرِ له حكْمُ الرَّفْعِ؟
وهذا كقولِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ الإضرارَ في الوَصِيَّةِ كبيرَةٌ، فالظاهِرُ لي - والله أعلم - أنَّ قولَ الصِّحَابِي أنَّ كذا في الكبائرِ ليس له حُكْمُ الرَّفْعِ، وإنَّمَا هو اجتِهَادٌ منه رضي الله عنه.
*
(2)- أنْ يوصَفَ الذنب بأنَّه من الموبقاتِ أو من أعْظَمِ الذُّنًوبِ:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ".. والمُوبِقات: المُهْلِكات. قال القرطبي رحمه الله [1]: سمَّى هذه الكبائرَ مُوبِقَاتٍ؛ لأنَّها تُهْلِكُ فَاعِلَها في الدنيا بما يترتَّبُ عليها من العقوباتِ، وفي الآخرةِ مِنَ العذابِ.
وكقولِه صلى الله عليه وسلم لما سُئِلَ: "أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ"..
*
(3)- أن يُوصَفَ الذَّنْبُ بأنَّه ظلمٌ عظيمٌ.
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].
*
(4)- ما قِيلَ فيه أنَّ الله يغضَبُ أو يسْخَطُ على فاعلِه:
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ [النساء: 93]، ونحوه. وغضَبُ الله على من فَعَلَ ذنبًا مِنْ أشدِّ التهديدِ والزَّجرِ، وهو علامةٌ ظاهرةٌ على أنَّ هذا الذنبَ عظيمٌ وكبيرٌ، وقد سبقَ عن بعضِ أهلِ العلم في تعرِيفِ الكبيرةِ: كلُّ ذنبٍ ختَمَه الله بغضَبٍ على فاعلِه.
*
وكقولِه صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ"، ونحْوِ ذلك.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قال العلماءُ: غضَبُ الله تعَالَى من صفَاتِ الأفعالِ لله عزّ وجَلّ حقيقة على ما يلِيقُ بجَلاله، والمرادُ بغضَبِ الله تعَالَى ما يظْهَرُ من انتقَامِه سبحانِه لِمَنْ عصَاه، وإعرَاضِه عنه، ومُعَاقبَتِه وخذْلانه له [2].
*
وسخَطُ الله تعَالَى على عبدٍ في ذنْبٍ دَالٌّ على عِظَمِ هذا الذَّنبِ، وأنَّه من كبائرِ الذنوبِ، والله أعلم. قالَ العلماءُ: سخَطُ الله تعَالَى من صِفَاتِ الأفعَالِ لله عزَّ وجلَّ حقيقةً على ما يليق بجلاله، والمُرَادُ بسَخَطِ الله تعَالَى عقَابُه لِمَنْ عصَاه، وغضَبُه عليه [3].
*
(5)- ما قِيلَ فيه أنَّ الله تعَالَى يُحَارِبُ فاعِلَه:
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278، 279]، ونحوِ ذلكَ. وهذا وعيدٌ شَديدٌ بالهلاك، وتهدِيدٌ عظيمٌ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلماءُ [4]: استُشْكِلَ وقوعُ المحاربةَ وهي مفاعلةٌ من الجانبين معَ أنَّ المخلوقَ في أسْرِ الخالقِ، والجوابُ: أنَّه مِنَ المخاطَبةِ بما يُفهَمُ؛ فإنَّ الحربَ تنشأُ عن العداوةِ، والعداوةُ تنشأُ عن المخالفةِ، وغايَةُ الحرْبِ الهَلاكُ، ومَنْ عَادَى الله يُغلَبُ ولا يفلِحُ، وكأنَّ المعنى: فقدْ تعرَّضَ لإهلاكي إيَّاه، فأطلَقَ الحرْبَ وأرادَ لازمَه، أي: أعمَلُ به ما يعمَلُه العدَو المُحَارِبُ.
قالَ الفاكِهانِيُّ رحمه الله: في هذا تهدِيدٌ شدِيدٌ؛ لأنَّ من حارَبَه الله أهلَكَه، وهو من المَجازِ البليغِ؛ لأنَّ من كَرِه من أحبَّ الله خالفَ الله، ومن خالَفَ الله عاندَه، ومن عاندَه أهلكَه.
*
(6)- وصْفُ فاعلِ الذَّنْبِ بأنه مُضَادٌّ لله تعَالَى:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ". وهذا يبدو - والله أعلم - زجْرٌ شدِيدٌ لفاعلِ هذا الذَّنْبِ، فالظَّاهرُ أنَّه دليلٌ على الكبيرةِ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلماءُ في معنى: "ضَادَّ الله في أمْرِه": حاربَه وسعَى في ضِدِّ ما أمرَ الله به.
وقِيلَ: خالفَ أمره؛ لأنَّ أمرَه إقامةُ الحدودِ.
وقِيلَ: صارَ مُمَانعًا لله كما يُمَانِعُ الضِّدُّ ضدَّه عن مُرَادِه.
وقِيلَ: فقد ضادَّ الله لأنَّ حدودَ الله حِمَاه، ومن استباحَ حمَى الله وتعدَّى طورَه، ونازَعَ الله تعَالَي فيما حَمَاه فقدْ ضَادَّ الله [5]. قلت: وكلُّهَا محتملةٌ، والله أعلم.
*
(7)- وصْفُفاعلِ الذنبِ بالخسرانِ:
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]. وقد نظرت في لغة العرب فإذا الخسران يدور حول: الهلاك، والضلال، والغبن؛ والنقص؛ فالذي يظهر لي - والله أعلم - أنَّ ما وصفَ الله فاعلَه بالخسران ففيه وعيدٌ وزجرٌ شديدٌ، وهو من الكبائرِ.
قال ابن تيمية رحمه الله [6]: الخُسْرانُ لا يكونُ بمجرَّدِ الصَّغائرِ المُكَفَّرَةِ باجتنابِ الكبائرِ.
*
(8)- وصْفُ الذَّنْبِ أو فاعلَه بالفسْقِ:
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 80، 81].
قلت: وصْفُ الذَّنبِ أو فاعلِه بالفسْقِ مُشْعرٌ بأنَّه من كبائرِ الذُّنُوبِ وعظائمِها، والفِسْقُ هو: العِصْيَانُ، ومُجَاوزَةُ الحَدِّ، والخروجُ عن الطَّاعةِ.
*
وقال غير واحدٍ من أهلِ العلم: وصفُ فاعلَ الذَّنبِ بالفسْقِ دالٌّ على عِظَمِه وأنَّه من الكبائر، منهم الفخر الرازي، وأبو حيان، وابن الصَّلاحِ، وابنُ حجرٍ العسقلاني، والهَيتَمي، وغيرهُم رحمة الله عليهم [7].
*
(9)- أنْ يُتَوعَّدَ فاعلُه بألَّا ينظر الله إليه يومَ القيامةِ، أو لا يُكَلِّمه، أو لا يزكيه:
ومن هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ.. وهذا من أشَدِّ الوعيدِ والتهدِيدِ، وهو علامةٌ أكيدَةٌ على أنَّ هذا الذَّنبَ كبيرةٌ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلماءُ: "لَا يُكَلِّمُهُمْ الله": قِيلَ: لا يُكلِّمُهم تكليمَ أهلِ الخيراتِ بإظهارِ الرِّضَى، بلْ بكلامِ أهلِ السُّخْطِ والغضَبِ.
وقيلَ: المرادُ الإعراضُ عنهم.
وقِيلَ: لا يُكلِّمُهم كلامًا ينفعُهم ويسُرُّهم. قلت: وكلُّ هذه الأقوال صحيحةٌ، ولا تعارُضَ بينها.
"ولَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ": أي: يُعرِض عنهم، ولا ينظرُ إليهم نظرَ رحمةٍ ولطفٍ بهم؛ بل يسْخَطُ عليهم ويغضب.
"ولَا يُزَكِّيهِمْ": لا يُطهِّرُهُم من دنَسِ ذنوبِهم.
وقِيلَ: لا يُثْنِي علَيهِم [8].
*
(10)- أنْ يكونَ الذنبُ مُحْبِطًا للعَمَلِ:
ومن هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ". ولا أعلمُ بين أهل العلم خلافًا في أنَّ حبوطَ العملِ في ذنبٍ وعيدٌ شديدٌ لفاعلِ الذنب، وهو عَلامةٌ على أنَّه كبيرَةٌ، والله أعلم.
قال ابن تيمية رحمه الله [9]: حُبوطُ العملِ لا يُتَوَعَّدُ به إلَّا على ما هو منِ أعظمِ الكبائرِ.
*
أمَّا الشِّركُ الأكبرُ والكفرُ بالله فهو مُحبِطٌ لعملِ صَاحِبِه جميعًا، ويُخلِّدُه في النَّارِ؛ قالَ الله تعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [البقرة: 217].
*
وأمَّا غيرُ ذلكَ من الذنوبِ التي وردَ أنها تُحبِطُ عملَ فاعلِها فقد استدلَّ بها من يقولُ بتكفيرِ مُرْتَكِبِ الكبيرةِ من أهلِ التَّوحيدِ، وقالوا: هو نظيرُ قولِه تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ [المائدة: 5]. فردَّ عليهم العلماءُ؛ فقالوا: مفهومُ الآيةِ أنَّ مَنْ لم يكفُرْ بالإيمانِ لم يُحْبَطْ عملُه، فيتعَارَضُ مفهومُها ومنطُوقُ الحَديثِ؛ فيتعيَّنُ تأويلُ الحديثِ؛ لأنَّ الجمعَ إذا أمكنَ أولى من الترجيحِ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
واختلفَ أهلُ العلمِ في معْنَى حُبُوطِ العملِ على أقوالٍ [10]:
1- المرادُ مَن فعَلَ هذا الفعْلَ مُسَتخِفًا مستهزئًا.
2- خرجَ الوعيدُ مخرجَ الزَّجرِ الشديدِ، وظاهرُه غيرُ مرادٍ.
3- هو من مجازِ التشبيه، كأنَّ المعنى: فقد أشبَه من حبِطَ عملُه.
4- معناه: كادَ أن يَحبَطَ.
5- المرادُ المبالغةُ في نُقصَانِ الثوابِ؛ إذ حقيقةُ الحبوطِ إنما هو بالرِّدَّةِ، وعبَّرَ بالحُبوطِ وهو البطلانُ للتهديدِ والتشديدِ.
6- المرادُ بالعملِ عمل الدنيا الذي كان بسببِ فعلِه لهذا الذنبِ، أي لا يستمتعُ به.
7- المعنى: أُسقِطَتْ حسناتُه في مقابلَةِ سيئاتِه، وسُمِّيَ إحباطًا مجازًا. وقيلَ غير ذلك؛ فالله أعلم.
*
(11)- أنْ يُعاقَبَ فاعلُه بألَّا تُقْبَلَ له صَلاةٌ أو عملٌ:
ومن هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً". فعدمُ قَبولِ الصَّلاةِ ورَدُّها على صاحبِها علامةٌ على عِظَمِ هذا الذَّنبِ، وأنَّه من الكبائرِ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
واختلفَ أهلُ العلمِ في معْنَى عدمِ قبولِ الصَّلاةِ من هؤلاء وعدمِ رفعِها عن آذانِهم على أقوالٍ [11]:
1- لا ثوابَ لَهُم فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَةً فِي سُقُوطِ الفرض عنهم.
2- لا تُرفَعُ إلي الله سبحانه وتعالي رفعَ العملِ الصالحِ، بل أدنى شيءٍ من الرفعِ.
3- لا تُرفَعُ عن آذانِهم فتظلّهم، كما يُظِلُّ العملُ الصَّالِحُ صاحبَه يومَ القيامةِ. قلت: وكلُّ هذه الوجوه محتملَةٌ إن شاء الله.
*
(12)- أن يُتَوَعَّدَ بألا يقبْلَ الله منه دعائَه:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم في الرجل يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟. والظَّاهِرُ - والله أعلم - أنَّ هذا زجْرٌ شدِيدٌ، وهو عَلامةٌ على الكبيرةِ.
*
(13)- أن يكونَ الذَّنْبُ سببًا في هلاكِ وعذابِ وعِقابِ فاعِلِه في الدنيا:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ". فالظَّاهرُ لي - والله أعلم - أنَّ هذا عَلامةٌ على كونِ هذا الذنب كبيرةٌ.
*
وهذا العقاب قد يكونُ بتسليطِ الظَّلَمةِ؛ كقولِه صلى الله عليه وسلم: "وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ". وهذا عِقَابٌ شدِيدٌ وتهدِيدٌ أكيدٌ، وهو عَلامةٌ على أنَّ هذا الذَّنْبِ كبيرةٌ.
*
وقد يكونُ العِقابُ بمنعِ الرِّزقِ؛ ومن هذا قولُه صلى الله عليه وسلم: "وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ". والظاهر لي - والله أعلم - أنَّ هذه علامةٌ على أنَّ هذا الذنبَ كبيرةٌ.
*
قالَ العلماءُ: "لم يمنَعْ قومٌ زكاةَ أموالِهم": أي: التي أوجَبَها الله، "إلا مُنِعوا القطْرَ من السَّماءِ": أي: عقوبَةً عاجِلَةً بشؤمِ مَنعهم الزَّكَاة، ويومَ القيامةِ تُكْوَى بها أعضَاؤُهم [12].
*
(14)- أنْ يكونَ في الذَّنْبِ حَدٌّ في الدنيا:
وهذا كالسَّرقةِ؛ فإنَّ فيها حَدٌّ، وهو قطْعُ اليَدِ. وما كانَ من الذُّنُوبِ فيه حَدٌّ في الدنيا فإنما ذلك لِعظَمِه باتِّفاقِ العلماءِ فيما أعلمُ، فكانَ الحَدُّ لأجلِ التكفيرِ عن هذا الذَّنْبِ العظيمِ؛ إذ لا يُكفِّرُه الأعمالُ الصَّالِحَاتُ، وقد يغْفِرُه الله بالاستغفارِ والتوبةِ النَّصوحِ، وقد سبقَ أنَّ أكثرَ أهلِ العلمِ يقولون في تعريفِ الكبيرةِ: ما كانَ فيها حَدٌّ في الدنيا.
*
• وهذه الحدودُ تكونُ كفَّارةً لهذه الكبائرِ؛ فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ" [13].
قال النووي رحمه الله [14]: مَنِ ارتكبَ ذنبًا يوجِبُ الحَدَّ فحُدَّ سقَطَ عنه الإثمُ، قال القاضِي عِياضٌ: قال أكثرُ العلماء: الحدودُ كفارةٌ استدلالًا بهذا الحديثِ.
*
(15)- أنْ يُعاقَب فاعلُه بمُضَاعَفةِ الآثامِ:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا". وهذا - والله أعلم - وعيدٌ شديدٌ وعقابٌ عظيمٌ، وهو دالٌّ على أنَّ هذا الفِعْلَ من الكبائرِ. قالَ ابن حجرٍ رحمه الله [15]: ومُضَاعفَةُ تلكَ الآثامِ وعِيدٌ شِديدٌ، وذلكَ لمُضَاعفَةِ العذَابِ المُضَاعفَةَ الكثيرةَ التي يعْجَزُ عنها الحِسَابُ، ولَمَّا سنَّهَا لغيرِه فاقتَدَى به فيها فحُشَتْ وتضَاعَفَ عقَابُها.
*
(16)- أنْ يُوصَفَفاعِلُ الذَّنْبِ بالكفرِ أو الخروجِ من ملَّةِ الإسلامِ:
وهذا كقولِ الله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، وقولِه صلى الله عليه وسلم: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَر". وهذا زجرٌ شديدٌ، وهو علامة على أن هذا الذنبَ كبيرةٌ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
أجابَ العلماءُ عن معْنَى الكُفْرِ الواردِ في الأحاديثِ السَّابقةِ بأجوبةٍ [16]:
1- معناه: أَنَّ فعلَ هذه المعاصي قد يؤول بِهِ إلى الْكُفْرِ.
2- أنَّهُ كفرُ النِّعمةِ وَالإحسانِ.
3- أنَّ ذلك فِي المستحِلِّ، فإنَّه يكفرُ.
4- أنَّ هذا محمولٌ على الخوارج المُكَفِّرينَ للمؤمنينَ.
5- المعني أنَّ هذا من الأخلاقِ والسُّننِ التي عليها الكُفَّارُ والمشركين.
6- أنَّ المرادَ الكفرُ العمليُّ الذي لا يُخْرِجُ صاحبَه من الإسلامِ.
7- أنَّ هذا على التَّغليظِ والترهيبِ.
قلت: كلُّ هذه الأقوالِ محتمَلةٌ ولا يُعارِضُ بعضُها بعضًا، والله أعلم [17].
*
(17)- قولُه صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنَّا مَنْ فعلَ كذا":
هذا وعِيدٌ شدِيدٌ، وتهدِيدٌ عظِيمٌ في الغالبِ، وقد سبقَ عن ابنِ تيميةَ رحمه الله أنَّه قالَ في تعريفِ الكبيرةِ: كُلُّ ذنْبٍ قِيلَ فيه: من فعَلَه فليسَ مِنَّا، وبهذا قال عددٌ من أهلِ العلمِ. والظَّاهِرُ لي - والله أعلم أنَّ هذا ليسَ دليلًا على التحريمِ في كلِّ الأحوالِ، فضْلًا عن كونِ ذلك كبيرة، وإنّما يُنْظَرُ في ذلك إلى القرائنِ والأحوالِ.
*
فقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا" لم يحملْه جماعَةٌ من العلماءِ على التحريمِ، وإنَّما حمَلُوه على الكَرَاهةِ الشديدةِ، فضْلًا عن القولِ بأنَّه كبيرَةٌ [18].
*
وقولُه صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ، وَمَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا"، أمَّا الحلفُ بالأمانةِ - وهو من الحلفِ بغيرِ الله فهو محرَّمٌ، ولا يجُوزُ، على الصحيحِ من قولَيْ العلماء بقرينةٍ أخرى وهي نهيُه صلى الله عليه وسلم عن الحلفِ بغيرِ الله. وكونُ ذلك من الكبائر - عند من يقولُ بذلكَ - فهو بقرينةٍ أخرى؛ وهي قولُه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ".
*
وأمَّا من خبَّب عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَهُ فهو حرامٌ وكبيرةٌ بقرينةٍ أخرى؛ وهي قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ".
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ""لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا من حَلَقَ، وَسَلَقَ، وَخَرَقَ "، فهو على التحريمِ، وكبيرةٌ عظيمةٌ، لقرائنَ أخرى؛ كقولِه صلى الله عليه وسلم: "أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ".
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
هذه الأحاديثُ التي يُخْرِجُ ظاهرُها مَنْ فعلَها من حظِيرةِ الدِّينِ اختلفتْ كلمةُ أهلِ العلمِ في توجِيهِهَا على أقوالٍ، أكثَرُها قريبةٌ من بعضِها، فيُمكنُ أنْ يُقَالُ: "لَيْسَ منَّا" أي: ليس من المُطِيعينَ لنا، ولا من المقْتَدِين بنا، ولا من المُحَافِظِين على شَرائِعَنا، وليس من أهلِ سُنَّتِنَا وطريقَتِنا، وليس من أهلِ الإيمانِ الواجبِ الذي به يستَحِقُّ الثوابَ بلا عِقَابٍ، وله المُوالَاةُ والمحبَّة المُطلَقةً، وليس على دينِنا الكاملِ.
*
قال القاسم بن سلام رحمه الله [19]:ليسَ من المُطِيعينَ لنا، ولا من المُقتَدينَ بِنا، ولا من المُحَافظينَ على شرائِعِنا، وهذه النُّعُوتُ وما أشبهَها.
وقال ابن تيمية رحمه الله [20]: معَه من الإيمانِ ما يستَحِقُّ به مشاركتَهم في بعضَ الثَّوابِ، ومعه من الكبيرةِ ما يستَحِقُّ به العقابَ؛ لنَقْصِ إيمانِه الواجبِ الذي به يستَحِقُّ الثَّوابَ المُطلَقِ بلا عقابٍ، ولا يجب أنْ يكونَ من غيرِهم مطلقًا.
*
وقال النووي رحمه الله [21]: ومعناه عندَ أهلِ العلمِ: أنَّه ليسَ مِمَّنِ اهتدَى بهدْيِنَا، واقتدَى بعِلْمِنا وعَمَلِنا وحُسْنِ طريقَتِنا، كما يقولُ الرَّجلُ لولدِه إذا لمْ يرضَ فعلَه: لسْتَ منِّي.
وقيلَ غير ذلك، فالله أعلم [22].
*
(18)- نفْيُ الإيمانِ عن فاعلِ هذا الذَّنبِ:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ". والظاهرُ لي - والله أعلم - أنَّ هذا لا يدُلُّ بمفرَدِه على أنَّ هذا الفعلَ كبيرَةٌ، وإنما يحتاجُ لقرائن أخرى معه، وأغلبُ الذنوبِ التي فيها هذا القولُ هي من الكبائرِ بقرائنَ أخرى؛ كالزِّنا، والسَّرقةِ، وإيذاء الجار، وشرب الخمر، وقد سبق عن الهروي أنه قال في تعريف الكبيرة: ما ورد فيها وعيدٌ بنفي الإيمان.
*
قولُه صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤْمِنُ أحَدُكم حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"، هل يدلُّ على أنَّ من لم يُحِبَّ لأخيه ما يحب لنفسه فقد أتى كبيرةً؟لا أقولُ بهذا، وإن كان القرطبيُّ أبو العباس قد علَّقَ على هذا الحديثِ قائلًا [23]: مَنْ يَغُشُّ المسلمَ ولا ينصحُهُ مرتكبٌ كبيرةً. قلت: الغشُّ كبيرةٌ بقرينةٍ أخرى، وقد أفردتها بكبيرةٍ، لكنَّ هل يكونُ عدمُ النَّصيحةِ كبيرةً؟ في ذلك نظرٌ عندي، والله أعلم.
*
وظهرَ لي استنباطٌ لعلَّه حسَنٌ إن شاءَ الله؛ وهو أنَّ الذنوبَ جميعًا صغيرَها وكبيرَها سببٌ لنقصِ الإيمانِ، والمرادُ من هذه الأحاديثِ التي فيها: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" وأشباه ذلك نفي كمال الإيمانِ وإثباتُ نقصانِه؛ فدلَّ هذا على أنَّ هذا القولَ ليسَ دالًّا على الكبيرةٌ بإطلاقٍ، والله أعلم.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
وقد اختلفَ العلماءُ في معْنَى هذه الأحاديثِ [24]:
فقال بعضُهُم: إنَّه بارتكابِه للكبائرِ يخرُجُ من الإيمانِ إلى مرتبةٍ دُونَها وهي الإسلامُ، ولا يخرجُ من الإسلامِ.
وقِيلَ: أنَّ أحاديثَ الوعيدِ يجبُ أنْ نؤمِنَ بما وردَ فيها، وتُمَرُّ كما جاءتْ، ولا يُتَكَلَّمُ في تأويلِها ليكونَ ذلك أبلغُ في الزَّجْرِ.
وقِيلَ: أنَّها خرجتْ مَخْرجَ التَّغليظِ.
وقِيلَ: أنَّ هذا ليس خبرًا، وإنما هو نهْيٌ، فلا ينبغِي للمؤمنِ أن يتَّصِفَ بهذه الأفعَالِ.
وقِيلَ: هذا فيمَنْ يفعَلُ ذلك مُسْتَحِلًّا.
*
والظاهرُ لي - والله أعلم - أنَّ قوله: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ"، ونحوه معناه: أنَّه حين يفعلُ تلكَ المعاصي يرتفعُ عنه كمَالُ الإيمانِ، وينقُصُ إيمانُه، مع بقاءِ أصلِ الإيمانِ معه، فإن أقلعَ وتابَ رجعَ إليه إيمانُه، فإن كان يفعلُ هذه المعاصي مستحلًّا لها فمَا هو بمُؤمنٍ.
*
(19)- وصْفُ فاعِلَه بالنِّفَاقِ:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ.."، وقولِه صلى الله عليه وسلم: ""الأَنْصَارُ لاَ يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ". والظَّاهِرُ لي - والله أعلم - أنَّ وصْفَ فاعلِ الذنبِ بالنِّفاقِ أو أنَّه عَلامَةٌ للنِّفَاقِ دالٌّ على أنَّ هذا الذنبَ من الكبائرِ في الغالبِ.
*
قال النووي رحمه الله [25]: أجمعَ العلماءُ على أنَّ من كانَ مُصَدِّقًا بقلبِه ولسانِه وفعلَ هذه الخِصَالَ لا يُحْكَمُ عليه بكفرٍ، ولا هو منافقٌ يُخلَّدُ في النَّارِ؛ فإنَّ إخوةَ يوسفَ صلى الله عليه وسلم جمَعوا هذه الخِصَالَ، وكذا وُجِدَ لبعضِ السَّلفِ والعلماءِ بعضُ هذا أو كلُّه.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
اختلفَ أهلُ العلمِ في معْنَى ذلك على أقوَالِ [26]:
1- معناه أنَّ هذه الخِصَالَ خِصَالُ نفاقٍ، وصاحِبُها شبيهٌ بالمنافقين في هذه الخِصَالِ ومُتَخَلِّقٌ بأخْلَاقِهم. قال النووي رحمه الله: وهذا الذي قالَه المُحَقِّقون والأكثَرُونَ، وهو الصَّحيحُ المُختَارُ. وقال الترمذي رحمه الله: إنَّما معنى هذا عندَ أهلِ العلمِ نفَاقُ العمَلِ.
*
2- المرادُ به المنافقون الذين كانوا في زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قالَ القاضي عِياضُ: وإليه مالَ كثيرٌ من أئمتِنا.
3- معناه التحذيرُ للمسلمِ أنْ يعتادَ هذه الخصالَ التي يُخْشَى أنْ تفضِيَ به إلى حقيقةِ النفاقِ.
4- هو محْمُولٌ على من غلَبَتْ عليه هذه الخِصالُ، وتهاونَ بها، واستخفَّ بأمرِها، فإنَّ من كانَ كذلك كان فاسِدَ الاعتقادِ غالبًا، والله أعلم.
*
(20)- ما وُصِفَ من الذُّنُوبِ بأنه الحالقة:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ". وهذا من الوعيدِ والزَّجْرِ الشديدِ، وهو علامةٌ على أنَّها كبيرةٌ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قال العلماءُ [27]: الحَالِقَةُ: المُهْلِكَةُ. وقِيل: تحْلِقُ وتستَأصِلُ الدِّينَ. يُقَالُ: حلقَ بعضُهم بعضًا، أي: قتَلَ، مأخُوذٌ من حَلْقِ الشَّعْرِ. قالوا: لأنَّ في تبَاغُضِهم افتراقُ كلمَتِهم وتَشَتُّتِ أمرِهم، وفى ذلك ظهورُ عدوِّهم عليهم ودرُوسِ دينِهم.
وقِيل: يريدُ أنها لا تُبقِي شيئًا من الحسناتِ حتى يذهبَ بها، كما يذهبُ الحلقُ بالشَّعْرِ من الرَّأْسِ حتى يترُكَه عاريًا.
*
(21)- ما قِيلَ فيه: "من فعلَ كذا بَرِئَتْ منه الذِّمَّةُ":
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ". وظاهِرُ هذا التهديدُ الشَّدِيدُ، وهو دَالٌّ على أنَّ هذا الفِعلَ من الكبائرِ، والله أعلم.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قولُه صلى الله عليه وسلم: "بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ" فيه أقوالٌ [28]: فقيلَ: لا ذمَّةَ له، يعني: لا حقَّ له، وقيل: لا حُرْمةَ له. وقيلَ: لا ضمانَ، ولا أمانَ، ولا رعايةَ له، وذلك أنَّ الآبقَ كان مصونًا عن عقوبةِ السيدِ له وحبسِه، فزال ذلك بإباقِه، وقيل: زالتْ عصمَةُ نفسه.
*
قلت: وكلُّ هذه المعاني محتملَةٌ، والله أعلم. قال ابن منظورٍ رحمه الله: وفي الحديثِ ذكرُ الذِّمَّةِ والذِّمام، وهما بمعنى العهدِ والأمانِ والضَّمانِ والحرمةِ والحقِّ.
*
(22)- أن يُتَوعَّدَ بأنْ يختمَ الله على قلبِه:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ". وظاهِرُ هذا - والله أعلم - أنَّه كبيرَةٌ، قالَ القاضِي عِياض رحمه الله: العقابُ والوعيدُ والطَّبْعُ والخَتْمُ إنما يكونُ على الكَبَائرِ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلمَاءُ [29]: الخَتْمُ: التَّغْطِيَةُ على الشَّيْءِ والاستيثاقُ من أنْ لا يدخلَه شيءٌ، والخَتْمُ على القلْبِ: أنْ لا يَفهَمَ شيئًا ولا يَخرُجَ منه شيءٌ، فلا تعْقِلُ القلوب، ولا تعي شيئا.
*
وقيلَ في معنى الخَتْمِ في هذا الحديثِ: إعدامُ اللطفِ وأسبابِ الخيرِ، وقيلَ: هو خَلْقُ الكُفْرِ في قلوبِهم، قالَ القاضي رحمه الله: وهو قولُ أكثرِ مُتَكلِّمي أهلِ السنةِ، وقيلَ: هو عَلامةٌ جعلَها الله في قلوبِهم لِيَعرفَ بها الملائكةُ الفرقَ بين من يجبُ مدحُه وبين من يجبُ ذمُّه، فالله أعلمُ.
*
(23)- ما قيل في من الذنوب: "لا تسأل عنه" - أي عن عقوبتِه:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثَةٌ لاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ..". والظاهر - والله أعلم - أنَّ هذا زجر شديدٌ، وهو دالٌّ على أنَّ هذا الذنبَ من الكبائرِ.

• معْنَى هذا الوعِيد:
ذكرَ العلماءُ في معنى هذ الوعيدِ أقوالًا [30]:
1- لا تسأَلْ عن كيفيةِ عقوبتِهم فهي من الفظَاعةِ بحيث لا يحتملُها السَّمعُ.
2- لا تهتمَّ بهم ولا تسألْ عنهم فهم أحْقَرُ من أنْ تعتنِيَ بشأنِهم، وتشتَغِلُ بالسُّؤَالِ عنهم.
3- لا تسْألِ الشفاعةَ فيهم؛ فإنَّهم هالِكُونَ.
*
(24)- ما قيل فيه أنَّ فاعلَه يُكَلَّفُ يومَ القيامةِ بما لا يستطيعُه:
ومن هذا قولُه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ". وهذ- والله أعلم - وعيدٌ ليس باليسير، وتكليفُ العبدِ بما لن يستطِيعَه من ال*****ِ له، وهذا دالٌّ على أنَّ هذا الفعلَ من الكبائرِ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلماءُ [31]: أُلزِم بذلك ولا يقدْرُ عليه، وليسَ مقصُودُ هذا التَّكْلِيف طلبُ الامتثالِ، وإنَّما مقصوده *****ُ المُكَّلفِ، وإظهَارُ عجزِه عمَّا تعاطَاه مبالغةً في توبيخِه، وإظهارُ قبيحِ فعلِه. قال الصنعاني رحمه الله: وهو وعيدٌ شديدٌ. قلت: وفي بعض الروايات الصحيحة أنهم يُعذَّبون حتى يفعَلُوا ما كُلِّفوا به، ولنْ يستَطِيعوا فعلَ ذلك.
*
(25)- ما قيل فيه أنَّ الله تعالى أو رسولَه صلى الله عليه وسلم خصيمُ من فعله يوم القيامة:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ..". وهذا - والله أعلم - وعيدٌ شديدٌ، وهو دالٌّ على أنَّ هذا الذنبَ من الكبائر.
*
قال العلماء [32]: الله تعالى خَصْمُ كلِّ ظالمٍ، إلّا أنَّه خصَّ الثلاثةَ لِعظَم جُرمِهم. قال ابن التِّين رحمه الله: هو سبحانَه وتعالَى خَصْمٌ لجميعِ الظالمين، إلّا أنَّه أرادَ التَّشديدَ على هؤلاءِ بالتَّصْريحِ.
*
(26)- أن يُوصَفَ فاعلُ الذنبِ بأنَّه من أشرِّ الناسِ منزلةً عند الله:
وهذا كقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا". وهذ الوصفُ - والله أعلم - دالٌّ على أنَّ هذا الفعلَ من الكبائرِ.
*
(27)- أن يُعاقَبَ فاعلُ الذنب ببعضِ العُقُوبَاتِ في الآخرةِ:
وردَ في بعضِ الذُّنُوبِ أنَّ فاعِلَها يُعاقَبُ يومَ القيامةِ ببعضِ العُقُوبَاتِ، وهذا - والله أعلم - من الوعِيدِ الشَّديدِ، وهو دَالٌّ على أنَّ هذا الذنبَ كبيرَةٌ.
*
فمِنْ ذلك: أنَّ مَنْ فرَّقَ بين والدةٍ وولدِها في السًّبْي فرَّقَ الله بينه وبينَ أحبَّتِه يومَ القِيَامَةِ، ومن كانَتْ له زوجتان فلمْ يعدِلْ بينهما جاءَ يومَ القيامَةِ وشِقُّه مائِلٌ.
*
(28)- أنْ يُتَوعَّدَ فاعلُه بألَّا يدخلَ الجنَّةَ:
وهذا كقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ""لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ""، وقولِه صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ".
*
قال العظيم آبادي رحمه الله: وهذا تشدِيدٌ وتهديدٌ. قلت: وقد سبقَ أنَّ كثيرًا مِنْ أهلِ العلمِ يقولون في تعريفِ الكبيرةِ: كُلُّ ذنْبٍ تُوعِّدَ صاحِبُه بألا يدخُلَ الجنَّةَ.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
وقد ذهبَ عامَّة أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ إلى أنَّ هذه الأحاديثِ التي فيها نفْيُ دخولِ الجنَّةِ عمَّن فعلَ هذه الذنوب ليسَتْ على ظاهرِها، واختلفوا في تأويلِها على أقوالٍ [33]:
1-أنَّ هذا محْمُولٌ على من يسْتَحِلُّ هذا الذَّنْبَ، فهذا كافرٌ لا يدخلُها أصلًا.
2- لا يدخلُها وقتَ دخولِ الفائزين إذا فُتِّحتْ أبوابُها لهم، بل يُؤخَّرُ، ثم قد يُجَازَى وقد يُعْفَى عنه فيدخلُها أولًا.
3- لا يدخلُ الجنَّةَ دونَ مجازاةٍ وعقابٍ [34].
*
(29)- أنْ يُعَاقَبَ بأنْ يُحْرَمَ من الاسْتِمْتَاعِ به لو دخَلِ الجنَّةِ:
ومن هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ". قال ابن عبد البر رحمه الله: وهذا وعيدٌ شديدٌ. وقال ابن العربي رحمه الله: استعجَلَ ما أُمِرَ بتأخيرِه وَوُعِدَ به فحُرِمَه عند ميقَاتِه.
*
• معْنَى هذا الوعِيد:
قالَ العلماءُ: وليس معنى هذا الحدِيثُ أنه يُحرَمُ دخولَ الجنةِ، وأوَّلوا هذه الأخبار، واختَلَفوا في ذلكَ على أقوالٍ [35]:
1- يُحْرَمُ من ذلك في الجنةِ وإن دخلَها.
2- يُنْسَى شهوتَه لهذا الأمرِ؛ لأنَّ الجنةَ فيها كلَّ ما يُشتَهَى، وقالوا: لا يشتَهيه وإن ذكرَه، ويكون هذا نقصُ نعيمٍ في حقِّه تمييزًا بينه وبين من أطاعَ أمرَ ربِّه.
3- لا يدْخُلُ الجنَّةَ جزَاءً له وعقوبَةً، بل يُعذَّبُ ويُعاقَبُ إن شاءَ الله ذلك، أو يُغفَرُ الله له ذنبُه إنْ شاءَ الله ذلك، ثم بعد ذلك يدْخُلُ الجنَّةَ إنْ شاءَ الله، ولا يُحْرُمُ من شُربِها حينذاك.
4- يُحبَسُ عن الجنةِ ويُحرَمُها مدةً إذا أرادَ الله عقوبتَه، فالله أعلم. قلت: أقواها الأول والثاني، والله أعلم.
*
(30)- أنْ يكونَ في الذَّنْبِ لعْنٌ:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "لعنَ الله آكلَ الرِّبا". قالَ العلمَاءُ [36]: اللَّعنُ من اللَّه تَعَالَى: الطَّرْدُ، والإبعادُ عن الخيرِ، ومِن الخَلْقِ: السَّبُّ والدُّعَاءُ، فما كانَ من الذنوبِ فيه لعنٌ لفاعلِه فإنما ذلك لِعظَمِ هذا الذنب. وقد سبَقَ أنَّ أكثرَ أهلِ العلمِ يقولونَ في تعريفِ الكبيرةِ: ما كانَ فيه لعنٌ لفاعلِه.
وقالَ القاضي عياض رحمه الله: استدَلُّوا لما جاءَتْ به اللعْنَةُ أنه منَ الكبائرِ.
وقال ابن حجر رحمه الله: والمرادُ باللَّعنِ هنا العذابُ الذي يستحِقُّه على ذنبِه في أوَّلِ الأمرِ، وليس هو كلعنِ الكافرِ.
*
(31)- أنْ يُتَوعَّدَ فاعلُه بالخسف في الآخرة، أو يُخْسَف به في الدنيا:
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ". وهذا من أشَدَّ العِقَابِ والوعِيدِ، فالظَّاهرُ - والله أعلم - أنَّه يدَلُّ على أنَّ هذا الفعلَ كبيرةً.
*
(32)- أنْ يُتَوعَّد فاعلُه بالعذاب في قبرِه، أو في الآخرةِ، أو أنْ يدخلَ النارَ:
توعُّدُ فاعلَ الذَّنْبِ بدخولِ النَّار، أو العذابِ فيها، أو العذابِ في القَبْرِ وعِيدٌ شَديدٌ، وهو دَلٌّ على أنًّ هذا الذَّنْبَ كبيرةٌ، والله أعلم.
*
عن سَعِيد بْن جُبَيْرٍ رحمه الله قَالَ: "كُلُّ ذَنْبٍ نَسَبَهُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ فَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ" [37].
وقال ابن حزم رحمه الله [38]: كًلُّ ما تَوَعَّد الله عليه بالنَّارِ فهو من الكبائرِ.
وقد سبق أنَّ أكثر أهل العلم يقولون في تعريف الكبيرةِ: كًلُّ ذنْبٍ توعَّدَ الله فاعلَه بالعذَابِ في النَّارِ.
*
قال النووي رحمه الله [39]:كلُّ ما جاءَ من الوعيدِ بالنَّارِ لأصحابِ الكبائرِ غيرِ الكفرِ يُقَالُ فيها: هذا جزَاؤُه، وقد يُجَازَى، وقد يُعْفَى عنه، ثمَّ إنْ جُوزِيَ وأُدْخِلَ النَّارَ فلا يُخَلَّدُ فيها، بلْ لابُدَّ من خروجِه منها بفضلِ الله تعالِى ورحمَتِه، ولا يُخَلَّدُ في النَّارِ أحدٌ ماتَ على التوحيدِ، وهذه قاعدةٌ مُتَّفقٌ عليها عندَ أهلِ السُّنَّة. قالَ: والتَّوعُدُ بالنَّارِ من علامةِ كونِ المعصيةِ كبيرةً.
*
*
(33)- إلحاقُ الذنبِ بذنبٍ كبيرٍ:
ومن هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ". والظاهر لي - والله أعلم - أنَّ هذا علامةٌ على كونِ هذا الذِّنبِ كبيرةٌ.
*
(34)- الإجماعٌ:
الإجمَاعُ حُجَّةٌ، فما صَحَّ فيه الإجمَاعُ على أنه كبيرَةٌ فهو كذلك، حتى وإن لم يَكُنْ فيه من الوعيدِ في كتابِ الله عزَّ وجلَّ وفي سنَّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم ما يشْهَدُ له.
*
• مسائلُ تتعلَّقُ بالكبيرةِ ومرتكِبِها:
وفيه ثنتان وعشرون مسألة:
1- وجوبُ معرفةِ الكبائرِ وبيانِها للنَّاسِ مع الرِّفقِ بهم.
2- أهميةُ معرفةِ الكبائرِ وتمْييزِها عنِ الصَّغَائرِ.
3- وعدُ الله لِمَنِ اجتنبَ كبائرَ الذنوب أنْ يُكَفِّرَ له الصَّغائِرَ.
4- عمَلُ الصَّالحاتِ يُكَفِّرُ الله به الصغائَرَ دونَ الكَبَائرِ.
5- وجوبُ الحَذَرِ منَ الذُّنُوبِ صغيرِها وكبيرِها.
6- خوفُ المؤمنينَ من الوقوعِ في الكبائرِ وحِرصُهم على اجتنابِها.
7- وقوعُ الصَّالحينَ في الصَّغائِرِ والكبائر ومبادرتُهم بالتَّوبةِ.
8- الإصْرارُ على الصَّغيرةِ استخفافًا يجعَلُها كبيرةً.
9- الكَبائرُ دركاتٍ.
10- أصحابُ الكبائرِ غير الشَّرك لا يَكْفُرونَ بذلك.
11- أصحَابُ الكبائرِ يُكُفَّنُونَ ويُصَلَّى عليهم ويُدَفَنُونَ في مقابرِ المسلمينَ.
*
[1] "المفهم" (1/ 187).
[2] "شرح صحيح مسلم" (3/ 68)، "لسان العرب" (1/ 649)، النهاية" (3/ 370).
[3] "تاج العروس" (19/ 340)، "النهاية" (3/ 350)، "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 294).
[4] "فتح الباري" (11/ 343)، "الزواجر" (1/ 187).
[5] "عون المعبود" (10/ 4)، "شرح المشكاة" (8/ 2537)، "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (3/ 615).
[6] "مجموع الفتاوى" (22/ 56).
[7] قال الفخر الرازي رحمه الله: اسم الفسق لا يقع إلا على صاحب الكبيرة. وقال أبو حيان: والفسق لا يكون إلا من الكبائر. وسبقَ. وانظر ما سبقَ في تعريف الكبيرة، و"مفاتيح الغيب" (23/ 142)، "البحر المحيط" (1/ 387).
[8] "شرح صحيح مسلم" (2/ 116)، "التنوير شرح الجامع الصغير" (1/ 356، 5/ 228).
[9] "مجموع الفتاوى" (22/ 54).
[10] "فتح الباري" (2/ 32، 33)، "شرح صحيح مسلم" (16/ 174)، "شرح سنن ابن ماجه" للسيوطي (50)، "مرقاة المفاتيح" (2/ 529).
[11] المنهاج (14/ 227)، شرح المشكاة (4/ 1154)، قوت المغتذي (1/ 175).
[12] "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 301)، "التنوير شرح الجامع الصغير" (9/ 110).
[13] أخرجه البخاري (18)، ومسلم (1709).
[14] "شرح صحيح مسلم" (11/ 224).
[15] ‏‏"الزواجر" (1/ 162، 164).
[16] انظر: "الإيمان" لأبي عبيد (74)، "التمهيد" (4/ 236)، تعظيم قدر الصلاة (2/ 518)، "شرح صحيح مسلم" (2/ 49، 57)، "فتح الباري" لابن رجب (1/ 137)، "فتح الباري" لابن حجر (1/ 83).
[17] وفي بعضِ الأحاديثِ: "أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا"، وتأويلُها كالذي سلفَ، ويُزَادُ عليه: معناه: رجَعَتْ عليه نقيصَتُه لأخيه ومعصيَةُ تكفيرِه. وقِيل: هو محمولٌ على الخوارجِ المُكفِّرين للمؤمنين. وقِيل: معناه: فقد رجَعَ عليه تكفيرُه فليس الرَّاجعُ حقيقةُ الكفرِ بلْ التَّكفيرُ؛ لكونِه جعلَ أخَاه المؤمنَ كافرًا، فكأنَّه كفَّرَ نفسَه إمَّا لأنَّه كفَّرَ مَن هو مِثْلَه وإمَّا لأنَّه كفَّرَ من لا يُكفِّرُه إلا كافرٌ يعتقدُ بطلانَ دينِ الإسلامِ. "شرح صحيح مسلم" (2/ 49).
[18] قال النووي رحمه الله (13/ 65): "مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا": هذا تشديدٌ عظيمٌ في نسيانِ الرَّمْيِ بعدَ عِلْمِه، وهو مكروهٌ كراهةٌ شديدةٌ لِمَنْ تركَه بلا عذْرٍ.
[19]‏‏ "الإيمان" (85).
[20]‏‏ "مجموع الفتاوى" (19/ 294، 295).
[21]‏‏ "شرح صحيح مسلم" (1/ 109).
[22]‏‏ فقِيلَ: أنها خرجَتْ مَخْرَجَ التَّغْلِيظِ.
وقِيلَ: المعنى: ليسَ مثلَنا. قلتُ: وهذا مردُودٌ.
وقِيلَ: المرادَ المستحلُّ للفعلِ من غير تأويلٍ؛ فإنَّه يكفرُ.
وقِيلَ: المعنى: من فعلَ شيئًا من تلك الأفعالِ فقد تعرَّضَ لأن يُهْجَرَ، ويُعْرَض عنه فلا يخْتَلِطُ بجماعةِ السُّنَّةِ تأديبًا له.
وقِيلَ: المعنى: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بريءٌ من فاعِلِ ذلك، كأنَّه توعَّده بأنَّه لا يدخُلُ في شفاعتِه مثلًا.
وقِيلَ: أنَّ هذا من أحاديثِ الوعيدِ التي يجبُ أنْ تُمَرُّ كما جاءتْ، ليكونَ أبلغُ في الزَّجْرِ، فالله أعلم. انظر: "السنة" للخلال (3/ 576 - 579)، "فتح الباري" (3/ 164، 13/ 24)، والمصادر السابقة.
[23] "المفهم" (1/ 227).
[24] "تعظيم قدر الصلاة" (2/535)، "مسند ابن راهوية" (418) "مجموع الفتاوى" (7/ 670، 676).
[25]"شرح صحيح مسلم" (2/ 46).
[26] "سنن الترمذي" (5/ 20)، "المفهم" (1/ 161)، "فتح الباري" (1/ 90)، "تحفة الأحوذي" (7/ 323).
[27] "لسان العرب" (10/ 66)، "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 213).
[28] "لسان العرب" (12/ 221)، "شرح صحيح مسلم" (2/ 58)، "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 155).
[29] "لسان العرب" (12/ 163)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 185)، "إكمال المعلم" (3/ 265).
[30] "فيض القدير" (3/ 324)، "التنوير شرح الجامع الصغير" (5/ 216).
[31] المفهم (5/ 345)، فتح الباري (12/ 428)، التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 435).
[32] "فتح الباري" (4/ 418)، "التنوير شرح الجامع الصغير" (1/ 356، 5/ 197).
[33] "شرح صحيح مسلم" (2/ 17، 91، 16/ 113)، "عون المعبود وحاشية ابن القيم" (5/ 78).
[34] وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ" زادَ بعضُ أهلِ العلمِ وجهًا وهو: أنَّ الله سبحانَه إذا أرادَ أنْ يُدخَلَه الجنَّةَ نزعَ ما في قلبِه من الكبْرِ حتى يدخُلَها بلا كِبْرٍ ولا غَلٍّ في قلبِه. قال النوويّ رحمه الله: وفي هذا التأويلِ بُعْدٌ، فالله أعلم.
[35] التمهيد" (15/ 7)، "إكمال المعلم" (6/ 469، 582)، "شرح صحيح مسلم" (13/ 173)، "فتح الباري" (10/ 32). وقال بعضُ أهلِ العلمِ في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ": معنها أنه لا يدخلُ الجنةَ؛ لأنَّ الخمرَ شرابُ أهلِ الجنةِ، فإذا حُرِمَ شربَها دلَّ على أنه لا يدخلُ الجنةَ. قلت: وهو تأويل بعيدٌ عن الصواب مخالف لِمَا عليه العلماء من أنَّ مُرْتكِبَ الكبيرةِ مؤمنٌ، والله أعلم.
[36] "تاج العروس" (36/ 118)، "لسان العرب" (5/4044)، "إكمال المعلم" (4/ 486)، "فتح الباري (4/ 84)، "المعجم الوسيط" (2/ 829).
[37]صحيح: أخرجه الطبري (6/ 653). ويُروَى عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "الْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللهُ بِنَارٍ، أَوْ غَضِبٍ، أَوْ عَذَابٍ، أَوْ لَعْنَةٍ". أخرجه الطبري (6/ 652)، والبيهقي في شعب الإيمان (286)، بسندٍ ضعيفٍ.
[38] نقله أبو حيان في "البحر المحيط" (3/ 244).
[39] "شرح صحيح مسلم" (1/ 69، 66).

أبو حاتم سعيد القاضي

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-02-2017, 03:15 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:00 AM.