اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم

علوم القرآن الكريم هنا أن شاء الله كل حاجة عن القرآن الكريم من مسموع ومرئي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-12-2016, 06:58 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New ومن لم يحكم بما أنزل الله


في سورة المائدة ثلاث آيات متتاليات، جاءت خواتمها مفترقة مع أن موضوعها واحد، وهو الحكم بغير ما أنزل الله، تقول الآية الأولى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (المائدة:44) وتقول الآية الثانية: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (المائدة:45) أما الآية الثالثة فتقول: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} (المائدة:47).

والذي نقرره أولاً، أن مذهب جمع من السلف أن هذه الآيات الثلاث نزلت في أهل الكتاب، وهو اختيار الطبري في تفسيره، وهناك أقوال أخرى ذكرها المفسرون، والراجح -وإن كان السياق في أهل الكتاب- أن ظاهر هذه الآيات العموم، وإلى ذلك ذهب ابن مسعود رضي الله عنه وعدد من التابعين؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والسؤال الوارد هنا: لِمَ افترقت ختام الآيات الثلاث مع وحدة الموصوفين بها؟ حيث وصفت الآية الأولى من لم يحكم بما أنزل الله بأنه من (الكافرين)، ووصفت الآية الثانية من لم يحكم بما أنزل الله بأنه من (الظالمين)، ووصفت الآية الثالثة من لم يحكم بما أنزل الله بأنه من (الفاسقين)، فما وجه هذا الافتراق وما توجيه؟

أجاب المفسرون بعدة أجوبة عن السؤال موضوع البحث، ونحن نذكر بعض أجوبتهم، بما يكشف وجه اختلاف ختام الآيات الثلاثة.

أولاً: جواب ابن الزبير الغرناطي: بنى ابن الزبير جوابه على قاعدة مفادها: أن أسلوب القرآن يقوم على الترقي من حال إلى أعلى، وعلى ذلك وردت آيات الكتاب، ومثَّل لذلك بعدد من الآيات القرآنية، نقتصر منها على قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون} (البقرة:25) قال: فبُشروا أولاً بالجنات، ثم وَصَفَ جري أنهارها وبذلك حياتها، ثم بموالاة رزقها وتشابهه لتأنس النفوس، ثم أتبع ذكر الرزق المأكول بالأزواج المطهرة، فازداد النعيم واتسع الملاذ، ثم أعقب بالخلود وذلك كمال النعيم. وعلى هذا السَّنَن جرت آيات الوعد والوعيد في القرآن، وعلى هذا كلام العرب.

وظاهر الأمر -بحسب ابن الزبير- أن الآيات موضوع الحديث جاءت على خلاف ما تقرر؛ حيث كانت البداية بالأثقل ثم تم الانتقال إلى الأخف، بيد أن النظر المتأمل يدل أن هذه الآيات الثلاث لم تأت على خلاف القاعدة المقررة؛ وذلك أن المذكورين في الآيات الثلاث قد اجتمعوا في الحكم بغير ما أنزل الله، وقد شملهم ذلك، فهم من حيث ذلك صنف واحد، ومدار الآيات الثلاث إنما هو على فعل يهود، المنصوص على حكمهم بغير ما أنزل الله، ومخالفتهم منصوص كتابهم في الرجم وغيره، وما قبل هذه الآيات وما بعدها لم يخرج عنهم، فهم أهل الأوصاف الثلاثة.

وقد نقل المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: {الكافرون} و{الفاسقون} و{الظالمون} أهل الكتاب، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: هو عام في اليهود وغيرهم.

وأجمع المفسرون على أن الوعيد في هذه الآيات يتناول يهود، وثبت في الصحيح إنكارهم الرجم مع ثبوته في التوراة، وفعلهم فيما نعى الله تعالى عليهم من مخالفة ما عهد إليهم فيه، ونُصَّ في كتابهم حسب ما أشار إليه قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} (البقرة:84) إلى قوله: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} (البقرة:85) إلى ما بعده وهذا كله من حكمهم بغير ما أنزل الله، فهم {الكافرون} و{الظالمون} و{الفاسقون} ففيهم وبسبب فعالهم نزلت آيات المائدة، ومع ذلك فإن الحكم إذا نزل بسبب خاص لا يمنع ذلك من حمله على العموم وهذا باتفاق الأصوليين.

فالآيات الثلاث موضوع البحث جارية على المطرد في الوعد والوعيد في القرآن، والانتقال في الوصف بـ (الكفر) و(الظلم) و(الفسق) من أخف إلى أثقل؛ فالظلم والفسق وإن وقعا على المتوغلين في الكفر، وفق ما دلت عليه القرائن، فإن الفسق أشد وأعظم، ولا يوصف به من الكفرة في كتاب الله إلا شرهم. وإن الظلم بحسب القرائن أشنع من الكفر مجرداً، فحصل بالانتقال في آيات المائدة من أخف إلى أثقل على المطرد في آيات الوعيد، وإن عكس الوارد على ما وضح لا يناسب.

ثانياً: جواب الخطيب الإسكافي: بنى وجه التفرقة في ختام الآيات الثلاثة على أساس أن (من) في الآيتين الأوليين بمعنى (الذي) وليست شرطية، وأن الآيتين تتعلقان باليهود فحسب؛ فقوله في الآية الأولى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} المراد به اليهود، الذين كانوا يبيعون حكم الله بما يشترونه من ثمن قليل يرتشونه، فيبدلون حكم الله باليسير الذي يأخذون، فهم يكفرون بذلك.

وقوله في الآية الثانية: {وكتبنا عليهم فيها} إلى قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} معناه: كتبنا على هؤلاء في التوراة، فَرَدَّ الذكر إلى الذين هادوا، وهم الذين كفَّرهم؛ لتركهم دين الله، والحكم بما أنزل، ثم وصفهم بعد خروجهم عن حكم الله في القصاص بين عباده في *** النفس وقطع أعضائها، بأنهم -مع كفرهم الذي تقدم ذكره- ظالمون، وكل كافر ظالم لنفسه، إلا أنه قد يكون كافر غير ظالم لغيره، فكأنه وُصِفَ في هذه الآية بصفة زائدة على صفة الكفر بالله، وهي ظلمه لعباد الله تعالى بخروجه في القصاص عن حكم الله، ومن لم يحكم في هذه الآية، المراد بهم، الذين لا يحكمون من اليهود.

أما الآية الثالثة فإن (من) فيها شرطية، وهي آية عامة تتعلق بكل من لم يحكم بما أنزل الله، فهو فاسق؛ فكانه قيل: من لم يحكم بما أنزل لله منا تقصيراً وتهاوناً، إنه لا يبلغ منزلة الكفر، وإنما يوصف بالفسق، فلذلك قال: فأولئك هم الفاسقون؛ لأنه تقدم قوله تعالى: {وليحكم} وهو أمر، فناسب ذكر الفسق؛ لأن من يخرج عن أمر الله تعالى يكون فاسقاً كما قال تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} (الكهف:50) أي: خرج عن طاعة أمره تعالى.

وقد وافق ابن الزبيرُ الإسكافيَّ في توجيه الآيتين الأوليين، بينما خالفه وانتقده في توجيه الآية الثالثة، حيث رأى أن الآيات الثلاثة خطابها عام كما تقدم.

ثالثاً: جواب الكرماني: ذكر الكرماني أربعة أقوال في توجيه الاختلاف بين الآيات الثلاثة:

أولها: أن الآية الأولى خُتمت بقوله: {فأولئك هم الكافرون} لأنها نزلت في حكام المسلمين. وختمت الآية الثانية بقوله: {فأولئك هم الظالمون} لأنها نزلت في حكام اليهود. وخُتمت الآية الثالثة بقوله: {فأولئك هم الفاسقون} لأنها نزلت في حكام النصارى.

ثانيها: أن (الكفر) و(الفسق) و(الظلم) كلها بمعنى واحد، وهو (الكفر) عبر عنه بألفاظ مختلفة؛ لزيادة الفائدة، واجتناب صورة التكرار.

ثالثها: أن من {لم يحكم بما أنزل الله} إنكاراً له، فهو كافر. {ومن لم يحكم} بالحق مع اعتقاده حقاً، وحكم بضده، فهو ظالم. {ومن لم يحكم} بالحق جهلاً، وحكم بضده، فهو فاسق.

رابعها: أن من {لم يحكم بما أنزل الله} فهو كافر بنعمة الله، ظالم في حكمه، فاسق في فعله.

رابعاً: جواب الآلوسي: أرجع الآلوسي اختلاف ختام الآيات إلى اختلاف السياق؛ فقد وصف سبحانه أهل الكتاب سبحانه بالأوصاف الثلاثة باعتبارات مختلفة؛ فلإنكارهم ذلك وُصِفوا بـ (الكافرين) ولوضعهم الحكم في غير موضعه وصفوا بـ (الظالمين)، ولخروجهم عن الحق وصفوا بـ (الفاسقين)، وهو يرى أن الخطاب يشمل اليهود وغيرهم، حيث قال: "والوجه أن هذا عام لليهود وغيرهم، وهو مُخَرَّج مَخْرَج التغليظ ذاك، ولم يحسن فيه غيره هناك".

خامساً: جواب ابن عاشور: أن المراد بـ (الظالمين) {الكافرون} لأن (الظلم) يطلق على (الكفر) فيكون هذا مؤكداً للذي في الآية السابقة. ويحتمل أن المراد به الجور، فيكون إثبات وصف الظلم لزيادة التشنيع عليهم في كفرهم؛ لأنهم كافرون ظالمون.

والمراد بـ (الفاسقين) {الكافرون} إذ (الفسق) يطلق على (الكفر)، فتكون على نحو ما في الآية الأولى. ويحتمل أن المراد به الخروج عن أحكام شرعهم، سواء كانوا كافرين به، أم كانوا معتقدين، ولكنهم يخالفونه، فيكون ذمًّا للنصارى في التهاون بأحكام كتابهم، أضعف من ذم اليهود.

سادساً: جواب محمد رشيد رضا صاحب المنار: أن الألفاظ الثلاثة وردت بمعانيها في أصل اللغة موافقة لاصطلاح العلماء؛ ففي الآية الأولى كان الكلام في التشريع وإنزال الكتاب مشتملاً على الهدى والنور والتزام الأنبياء وحكماء العلماء العمل والحكم به، والوصية بحفظه، وختم الكلام ببيان أن كل معرض عن الحكم به؛ لعدم الإذعان له، رغبة عن هدايته ونوره، مُؤْثِراً لغيره عليه، فهو الكافر به، وهذا واضح، لا يدخل فيه من لم يتفق له الحكم به، أو من ترك الحكم به عن جهالة، ثم تاب إلى الله، وهذا هو العاصي بترك الحكم، الذي لا يذهب أهل السنة إلى القول بتكفيره.

والآية الثانية لم يكن الكلام فيها في أصل الكتاب، الذي هو ركن الإيمان وترجمان الدين، بل في عقاب المعتدين على الأنفس، أو الأعضاء بالعدل والمساواة، فمن لم يحكم بذلك، فهو الظالم في حكمه، كما هو ظاهر.

وأما الآية الثالثة فهي في بيان هداية الإنجيل، وأكثرها مواعظ وآداب وترغيب في إقامة الشريعة على الوجه الذي يطابق مراد الشارع وحكمته، لا بحسب ظواهر الألفاظ فقط، فمن لم يحكم بهذه الهداية، ممن خوطبوا بها، فهم الفاسقون بالمعصية، والخروج من محيط تأديب الشريعة.

منقول

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-12-2016, 07:05 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

قوله تعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، اختلف العلماء في هذه الآية الكريمة : هل هي في المسلمين ، أو في الكفار ؟ ، فروي عن الشعبي أنها في المسلمين ، وروي عنه أنها في اليهود ، وروي عن طاوس أيضا أنها في المسلمين ، وأن المراد بالكفر فيها كفر دون كفر ، وأنه ليس الكفر المخرج من الملة ، وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال : ليس الكفر الذي تذهبون إليه ، رواه عنه ابن أبي حاتم ، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، قاله ابن كثير .

قال بعض العلماء : والقرآن العظيم يدل على أنها في اليهود ; لأنه تعالى ذكر فيما قبلها أنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، وأنهم يقولون إن أوتيتم هذا ، يعني الحكم المحرف الذي هو غير حكم الله فخذوه ، وإن لم تؤتوه أي المحرف ، بل أوتيتم حكم الله الحق فاحذروا ، فهم يأمرون بالحذر من حكم الله الذي يعلمون أنه حق .

[ ص: 406 ] وقد قال تعالى بعدها وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس الآية [ 5 \ 45 ] ، فدل على أن الكلام فيهم ، وممن قال بأن الآية في أهل الكتاب ، كما دل عليه ما ذكر البراء بن عازب ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عباس ، وأبو مجلز ، وأبو رجاء العطاردي ، وعكرمة ، وعبيد الله بن عبد الله ، والحسن البصري وغيرهم ، وزاد الحسن ، وهي علينا واجبة ، نقله عنهم ابن كثير ، ونقل نحو قول الحسن عن إبراهيم النخعي .

وقال القرطبي في تفسيره : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون و الظالمون و الفاسقون [ 5 \ 44 ، 45 ، 47 ] ، نزلت كلها في الكفار ، ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء وقد تقدم ، وعلى هذا المعظم ، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة ، وقيل فيه إضمار ، أي ومن لم يحكم بما أنزل الله ، ردا للقرآن وجحدا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر ، قاله ابن عباس ومجاهد .

فالآية عامة على هذا ، قال ابن مسعود ، والحسن : هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين ، واليهود ، والكفار ، أي معتقدا ذلك ومستحلا له .

فأما من فعل ذلك ، وهو معتقد أنه مرتكب محرم فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له .

وقال ابن عباس في رواية : ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد فعل فعلا يضاهي أفعال الكفار ، وقيل : أي ومن لم يحكم بجميع ما أنزل فهو كافر فأما من حكم بالتوحيد ، ولم يحكم ببعض الشرائع فلا يدخل في هذه الآية ، والصحيح الأول إلا أن الشعبي قال : هي في اليهود خاصة ، واختاره النحاس ، قال : ويدل على ذلك ثلاثة أشياء :

منها أن اليهود ذكروا قبل هذا في قوله تعالى : للذين هادوا [ 5 \ 44 ] فعاد الضمير عليهم .

ومنها أن سياق الكلام يدل على ذلك ، ألا ترى أن بعده وكتبنا عليهم ، فهذا الضمير لليهود بإجماع ، وأيضا فإن اليهود هم الذين أنكروا الرجم والقصاص ، فإن قال قائل " من " إذا كانت للمجازاة فهي عامة إلا أن يقع دليل على تخصيصها ، قيل له : " من " هنا بمعنى الذي ، مع ما ذكرناه من الأدلة والتقرير ; واليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، فهذا من أحسن ما قيل في هذا .

[ ص: 407 ] ويروى أن حذيفة سئل عن هذه الآيات ، أهي في بني إسرائيل ، فقال : نعم هي فيهم ، ولتسلكن سبيلهم حذو النعل بالنعل ، وقيل : الكافرون للمسلمين ، والظالمون لليهود ، والفاسقون للنصارى ، وهذا اختيار أبي بكر بن العربي ، قاله : لأنه ظاهر الآيات ، وهو اختيار ابن عباس ، وجابر بن زيد ، وابن أبي زائدة ، وابن شبرمة ، والشعبي أيضا قال طاوس وغيره : ليس بكفر ينقل عن الملة ، ولكنه كفر دون كفر .

وهذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر ، وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين ، قال القشيري : ومذهب الخوارج أن من ارتشى ، وحكم بحكم غير الله فهو كافر ، وعزا هذا إلى الحسن ، والسدي ، وقال الحسن أيضا : أخذ الله على الحكام ثلاثة أشياء : ألا يتبعوا الهوى ، وألا يخشوا الناس ويخشوه ، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ، انتهى كلام القرطبي .

قال مقيده - عفا الله عنه - : الظاهر المتبادر من سياق الآيات أن آية فأولئك هم الكافرون ، نازلة في المسلمين ; لأنه تعالى قال قبلها مخاطبا لمسلمي هذه الأمة : فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ، ثم قال : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، فالخطاب للمسلمين كما هو ظاهر متبادر من سياق الآية ، وعليه فالكفر إما كفر دون كفر ، وإما أن يكون فعل ذلك مستحلا له ، أو قاصدا به جحد أحكام الله وردها مع العلم بها .

أما من حكم بغير حكم الله ، وهو عالم أنه مرتكب ذنبا ، فاعل قبيحا ، وإنما حمله على ذلك الهوى فهو من سائر عصاة المسلمين ، وسياق القرآن ظاهر أيضا في أن آية : فأولئك هم الظالمون ، في اليهود ; لأنه قال قبلها : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون .

فالخطاب لهم لوضوح دلالة السياق عليه كما أنه ظاهر أيضا في أن آية : فأولئك هم الفاسقون في النصارى ; لأنه قال قبلها : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون .

واعلم أن تحرير المقام في هذا البحث أن الكفر ، والظلم ، والفسق ، كل واحد منها [ ص: 408 ] ربما أطلق في الشرع مرادا به المعصية تارة ، والكفر المخرج من الملة أخرى : ومن لم يحكم بما أنزل الله ، معارضة للرسل وإبطالا لأحكام الله ، فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر مخرج عن الملة ، ومن لم يحكم بما أنزل الله معتقدا أنه مرتكب حراما فاعل قبيحا فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج عن الملة ، وقد عرفت أن ظاهر القرآن يدل على أن الأولى في المسلمين ، والثانية في اليهود ، والثالثة في النصارى ، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب ، وتحقيق أحكام الكل هو ما رأيت ، والعلم عند الله تعالى .
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-12-2016, 07:10 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
نبي الهدى والرحمة القائل فيما صح عنه :
أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ..

وبعد :
أيها الأحبة الكرام ..
هذا عرض سريع لتفسير قول الله تعالى :

( .. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة-44

وبيان الإختلاف الواقع فيما نقل عن ابن عباس في تفسيرها ..
وكذلك فيمن علق عليها بما يخص قضية الحاكمية والتكفير ..
فأقول والله المستعان وعليه التكلان :

أولا : مناسبة نزول الآيات من سورة المائدة

في المسند ومعجم الطبراني عن ابن عباس :

إن الله أنزل : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) و الظالمون و الفاسقون .
قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود .....
ثم قال : فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز و جل .

الحديث رواه أحمد 1/246 والطبراني في الكبير 3/95 بطوله وحسنه شعيب الأرنؤوط والألباني في الصحيحة 6/111.

وقد صح أيضا عن أبي مجلز أن مناسبة نزولها في اليهود كما سيأتي ..

وهو الصحيح المتبادر من ظاهر وتركيب السياق القرآني ..
قال تعالى :

( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )

ومع ذلك .. فهناك قاعدة مشهورة تقول :
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ..
ولذلك أردف رواية ابن عباس برواية حذيفة وهي الآتية ..

رواية حذيفة في تفسير الآية

قال الإمام الحاكم في المستدرك :
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال :

كنا عند حذيفة فذكروا : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
فقال رجل من القوم : إن هذا في بني إسرائيل !!
فقال حذيفة : نعم الأخوة بنو إسرائيل إن كان لكم الحلو ولهم المر ، كلا والذي نفسي بيده حتى تحذو السنة بالسنة حذو القذة بالقذة .

رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/342) وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ، وقال الذهبي قي التلخيص : صحيح على شرط البخاري ومسلم .
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده ( 6463 ) ..

فخرجنا من هذا العرض السريع أن مناسبة نزولها في اليهود من أهل الكتاب الذين عاصروا النبي ..
ولكن هذا لا يمنع – حسب القواعد العلمية لتفسير القرآن – الحكم بعموم لفظها كما ذكر ابن جرير الآثار في تفسيرها وهو الآتي :

تفسير ابن جرير للآية

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسير الآية :

يقول تعالى ذكره :
ومن كتم حُكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكمًا يين عباده ، فأخفاه وحكم بغيره ، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين .. ووو.. ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه ، ولكن بدَّلوا وغيروا حكمه ، وكتموا الحقَّ الذي أنزله في كتابه ( هُمُ الْكَافِرُونَ ) يقول : هم الذين سَتَروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينُه ، وغطَّوه عن الناس ، وأظهروا لهم غيره ، وقضوا به ، لسحتٍ أخذوه منهم عليه . اهـ
ثم ذكر آثارا كثيرة أن المراد بهذه الآيات الثلاث من سورة المائدة اليهود وكل الكفار ..

ثم قال : وقال بعضهم : عنى بـ " الكافرين "، أهل الإسلام ، وبـ " الظالمين " اليهود ، وبـ " الفاسقين " النصارى ، ورواه عن الشعبي بتسع روايات عنه ..
ثم قال : وقال آخرون : بل عنى بذلك : كفرٌ دون كفر ، وظلمٍ دون ظلم ، وفسقٌ دون فسق .
ثم روى خمسة آثار عن عطاء قوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ، ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، قال :
كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم . وإسناده صحيح .
وروى بسنده عن سفيان ، عن سعيد المكي ، عن طاوس :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ، قال :
ليس بكفرٍ ينقل عن الملّة . وإسناده صحيح أيضاً .

( ثم ذكر آثار ابن عباس وستأتي بالتفصيل )

ثم قال : وقال آخرون : بل نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب ، وهى مرادٌ بها جميعُ الناس ، مسلموهم وكفارهم .
ثم ذكر آثار عن إبراهيم والحسن وغيرهما ..
ثم قال : وقال آخرون : معنى ذلك :
ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به ، فأما الظلم والفسق ، فهو للمقرِّ به .
ثم روى عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة وستأتي روايته .

ثم خلص ابن جرير من هذه الجولة بكلام نفيس هو كالختام لهذا التقرير ..
فقال وأثابه :
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال : نزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، وهم المعنيُّون بها . وهذه الآيات سياقُ الخبر عنهم، فكونُها خبرًا عنهم أولى ..
فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع منْ لم يحكم بما أنزل الله ، فكيف جعلته خاصًّا ؟
قيل : إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ ، على سبيل ما تركوه ، كافرون . وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به ، هو بالله كافر ، كما قال ابن عباس ، لأنه بجحوده حكم الله بعدَ علمه أنه أنزله في كتابه ، نظير جحوده نبوّة نبيّه بعد علمه أنه نبيٌّ . اهـ
وظهر من قوله الأخير أن حكم الآية العموم وإن كان سبب نزولها خاص .

ثانيا : تخريج أثر ابن عباس

والآن جاء الدور للكلام على أثر ابن عباس المختلف فيه وهو قوله في تفسير الآية : كفر دون كفر ..
وأرى أن المشكلة فيمن تطرق لهذا الموضوع أنه يتشبث بخبر ابن عباس وحده ويتجاهل الأخبار الأخرى عن طاووس وعطاء وأبي مجلز وهم من ثقات التابعين والعلماء الربانيين ..
وكأن هؤلاء التابعين بمعزل عن تفسير كلام الله وتطبيق شرعه ..
والكلام على حجية تفسير التابعين *** بحثا ..
وإنما يعنينا هنا دراسة تلك الآثار لنخرج منها بسبيل ..

رواية هشام بن حجير في قول ابن عباس: كفر دون كفر.

فروى الحاكم في المستدرك (2/343) والبيهقي في سننه الكبرى ( 8/20) وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة ، عن هشام بن حجير ، عن طاوس ، عن ابن عباس أنه قال :
إنه ليس بالكفر الذي يذهبون ( أي الخوارج ) إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) كفر دون كفر .

وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الذهبي : صحيح
وضعفه البعض لضعف ابن حجير :

ترجمته هشام بن حجير

ذكر الذهبي في ( من تكلم فيه وهو موثق 1/187) قال : ضعفه أحمد وابن معين ووثقه غيرهما .
وقال ابن عيينة : لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ، وذكره العقيلي في الضعفاء ..
وقد خولف في لفظه فقد رواه المروزي وابن جرير وعبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : هي به كفر.

وعلى من نقل تضعيف هشام بن حجير ألا ينسى أنه من رجال الصحيحين وإن رووا عنه مقرونا بغيره ، فقد قال الإمام الذهبي في الموقظة :
فكل من روى له البخاري ومسلم فقد جاوز القنطرة .
ولا ينسى كذلك أنه قد وثقه ابن حبان والعجلي وابن سعد والذهبي ..
ومن قال ابن حبان لا يعتمد على توثيقة لأنه رمي بالتساهل !!
قلنا إنما تساهله في توثيق المجاهيل .. وهو من الأئمة المتقدمين ومن المعتمد على كلامهم في التوثيق والتضعيف .

وارتضى هذا الأثر جماعة لا يحصون كثرة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير إلى علماء عصرنا تعالى ..

فقال الإمام الألباني في الصحيحة (6/113) :
كفر دون كفر : صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم .. اهـ

فكأنه ارتضى قول من وثق ابن حجير عمن ضعفه ، أو لما له من شواهد عن غيره .. فالله أعلم .

وفي تفسير ابن أبي حاتم ( رقم 6467 ) من طريق ابن حجير أيضا :
في قوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
قال : ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه .

ولكن هذا القول صحيح في معناه وله شواهد أخرى عن ابن عباس وغيره ..
ومن الشواهد على صحة ما جاء عن ابن عباس في تفسيرها ما سيأتي وننتظر التعليق عليه بعد سرده ..

1- قوله عن الآية : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود .....

ثم أقسم على ذلك فقال :
فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز و جل .
والحديث رواه أحمد 1/246 والطبراني في الكبير 3/95 بطوله وحسنه شعيب الأرنؤوط والألباني في الصحيحة 6/111.

2- قوله : هي به كفر :

روى الإمام الطبري في تفسيره (10/355) عن عطاء بن أبي رباح وطاووس بن كيسان اليماني بأسانيد صحيحة ..
وروى من طريق هناد السري وابن وكيع ..
( وأولاد وكيع ثلاثة : سفيان - ومليح - وعبيد بن وكيع - وهو أحسنهم )
كلاهما عن سفيان الثوري الإمام عن معمر بن راشد وهو من أقرانه ..
عن ابن طاوس وهو عبد الله بن طاووس ثقة ..
عن أبيه طاووس بن كيسان اليماني ..
عن شيخه ابن عباس الحبر والبحر ، في قوله تعالى :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) قال :
هي به كفر ، وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله .
وقيل الجملة الأخيرة مدرجة من كلام طاووس أو ابنه كما سيأتي تحريره .

3- قوله : هي كبيرة :

روى ابن أبي حاتم في تفسيره (6468 ) قال :
حدثنا الحسن بن أبي الربيع ..
( وقد قال ابن أبى حاتم : سمعت منه مع أبى ، و هو صدوق .
و ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " وقال الذهبي محدث صدوق. )
ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه قال :
سئل ابن عباس في قوله :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
قال : هي كبيرة ..
قال ابن طاووس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله .
وروي عن عطاء أنه قال : كفر دون كفر . اهـ

قلت : قول ابن عباس : هي كبيرة أي أنه ليس بكفر يخرج من الملة ..
وقول ابن طاووس رواه الطبري بسند صحيح وسيأتي ..
أما ما جاء عن عطاء فقد رواه الطبري عنه أيضا .. وهو الآتي :

4- قول عطاء : كفر دون كفر :

روى الطبري من طريق سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء قوله :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
قال : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم .
وسنده صحيح

5- قول طاووس :

قال ابن جرير الطبري : حدثنا هنادٌ قال ثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ثنا أبي عن سفيان عن سعيد المكي عن طاوس في قوله تعالى :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )
قال : ليس بكفرٍ ينقل عن الملة . وسنده صحيح .
وقال الإمام عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال :
سئل ابن عباس عن قوله ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) قال : هي به كفر .. قال ابن طاوس :
وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله .. وسنده صحيح .
فأفاد هذا : أن في طريق سفيان عن معمر ، جعل الكلام كله لابن عباس ..
وطريق عبد الرزاق عن معمر فصل كلام ابن عباس عن ابن طاووس ..
وعبد الرزاق أوثق الناس عن معمر وكلامه المقدم عند الاختلاف .
روى ابن عساكر ( تاريخ دمشق 36/169) من طريق حنبل قال :
سمعت أحمد بن حنبل يقول :
إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق .
فالظاهر قول ابن عباس : هي به كفر . والزيادة لابن طاووس .
وقد يقال : هذا لا يعد اختلافاً فقد رواها معمر مرة من كلام ابن عباس ومرة من كلام طاوس ، وطاووس هو التلميذ النجيب لابن عباس فالاحتمال كبير في أن يكون رواها عنه .. فالله أعلم .

6- رواية علي بن أبي طلحة

قال ابن جرير الطبري حدثنا المثنى ثنا عبد الله بن صالح ( كاتب الليث ضعيف ) قال ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) قال :
من جحد ما أنزل فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق .
وعلي بن أبي طلحة ( وهو سالم بن المخارق ) مختلف فيه وتفسيره عن ابن عباس من طريق مجاهد وغيره ولم يذكرها ..
وقد أثنى عليها الإمام أحمد في كلمته المشهورة واعتمد البخاري عليه في التفسير كثيرا .
وهي كالشاهد لما مر من آثار عن ابن عباس وعطاء وطاووس ..

7- رواية أبي مجلز :

ومن هذه الروايات التي تؤيد صحة قول ابن عباس :
ما رواه الطبري في تفسيره ( رقم : 12025 و 12026) عن عمران بن حدير : قال :
أتى أبا مجلز ( وهو لاحق بن حميد الشيباني السدوسي وهو تابعي ثقة )
ناس من بني عمرو بن سدوس ( وهو من الإباضية الخوارج على الأغلب )
فقالوا : يا أبا مجلز ، أرأيت قول الله ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) أحق هو ؟
قال : نعم ..
قال : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْظالمُونَ ) أحق هو ؟
قال : نعم ، قالوا :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفاسقُونَ ) أحق هو ؟
قال : نعم .
قال : فقالوا : يا أبا مجلز ، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟
قال : هو دينهم الذي يدينون به ، وبه يقولون ، وإليه يدعون ، فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا ،
فقالوا : لا والله ، ولكنك تفرق ! ( أي تخاف )
قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، وإنكم ترون هذا ولا تحرجون !
ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك ، أو نحوا من هذا .

قال الشيخ أحمد شاكر : إسناداه صحيحان .

وقال الشيخ محمود شاكر فيما نقله عنه أخيه المحدث :
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية ، إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء . اهـ

التعليق على هذه الروايات :

وضح أن المروي عن ابن عباس مطلق ، ومقيد ..
المطلق قوله : هي كفر - أو - هي به كفر .. وهذا لا يختلف في صحته .
والمقيد قوله : كفر دون كفر أو – ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ..
وهذا متكلم فيه ولكن يؤيده قوله في رواية ابن أبي حاتم : هي كبيرة .
وسندها صحيح كما أسلفنا ..
فالأولى للجمع حمل الطلق على المقيد فيتضح المقصود ..
وهو ما تشهد له الروايات الأخرى عن طاووس وعطاء وأبي مجلز وغيرهم ..

فإن قال قائل : قوله في الآية ( فأولئك هم الكافرون ) معرفة بالألف واللام فالمراد الكفر الأكبر إلا إذا جاءت قرينة تصرفه عن ظاهره ..
قلنا : القرينة أن أصل الآيات نزلت في اليهود كما في سياقها الوارد ، فللعمل بها وتطبيقها في الملة الإسلامية لابد من التفصيل المنقول عن السلف في تفسيرها ، وهاهو بين يديك أعلاه ..

كلام العلماء

والمشهور المنقول عن أئمة أهل السنة قديما وحديثا ، أن معنى هذا كلام ابن عباس ( كفر دون كفر ) صحيح ثابت وإن لم ينقل فيه الإجماع ..
وهو قول حكاه ابن جرير : قال : وقال آخرون معنى ذلك ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به ، فأما الظلم والفسق ، فهو للمقرِّ به .
وقال أيضا فيما نقلناه أعلاه :
إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ ، على سبيل ما تركوه ، كافرون . وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به ، هو بالله كافر . اهـ

ومن أهم الأقوال في هذا الموضوع :

رأي شيخ الإسلام ابن تيمية

وهذا المعتقد بهذا التفصيل هو المنقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى : فقال (3/267) :

وَالْإِنْسَانُ مَتَى حَلَّلَ الْحَرَامَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ حَرَّمَ الْحَلَالَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ بَدَّلَ الشَّرْعَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .
وَفِي مِثْلِ هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) أَيْ هُوَ الْمُسْتَحِلُّ لِلْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ . اهـ

وقال في موضع آخر (7/312 ) :
وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِ السَّلَفِ : إنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ : إنَّهُ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَكُفْرٌ لَيْسَ هُوَ الْكُفْرُ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي قَوْله تَعَالَى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) قَالُوا : كَفَرُوا كُفْرًا لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ وَقَدْ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ . اهـ

قلت نقل قول الإمام أحمد عن الشالنجي في مجموع الفتاوى (7/254) :
قال الإمام أحمد في كلام له :
وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ..
فَقُلْت لَهُ ( الشالنجي ) : مَا هَذَا الْكُفْرُ ؟
قَالَ ( أحمد ) : كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ مِثْلَ الْإِيمَانِ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ ؛ فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ حَتَّى يَجِيءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيه . اهـ

وجاء في تفسير الشيخ محمد بن صالح العثيمين تعالى (7/23) :
فإذا قال قائل: أليس النبي قد قال : سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر ؟ والكافر ليس أخاً للمؤمن ؟
فالجواب أن يقال :
إن الكفر الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام هو كفر دون كفر ، فليس كل ما أطلق الشرع عليه أنه كفر يكون كفراً ، فهنا صرح الله - - بأن هاتين الطائفتين المقتتلتين إخوة لنا مع أن قتال المؤمن كفر.
فيقال : هذا كفر دون كفر ، وقال النبي : اثنتان في الناس هما بهما كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت .
ومعلوم أن الطاعن في النسب والنائح على الميت لا يكفر كفراً أكبر ، فدل ذلك على أن الكفر في شريعة الله في الكتاب وفي السنة كفران : كفر مخرج عن الملة ، وكفر لا يخرج عن الملة . اهـ

وفي تفسير شيخ السلفية عبد الرحمن السعدي (1/233) :
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) قال ابن عباس : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق ، فهو ظلم أكبر ، عند استحلاله ، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له.

وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ( 12 / 280 ) قال :
وأما الذي قيل فيه : إنه كفر دون كفر .. إذا حاكم إلى غير اللّه مع اعتقاده أنه عاص وأن حكم اللّه هو الحق ، فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها .
أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر ، وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل فهذا كفر ناقل عن الملة .

كلام الشيخ محمود شاكر

وجاء في كلام نفيس للشيخ محمود محمد شاكر تعالى في التعليق على تفسير الطبري :
أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها ، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل ، فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة .
وإما أن يكون حكم بها هوى ومعصية ، فهذا ذنب تناله التوبة ، وتلحقه المغفرة .
وإما أن يكون حكم بها متأولا حكما خالف به سائر العلماء ، فهذا حكمه حكم كل متأول يستمد تأويله من الإقرار بنص الكتاب ، وسنة رسول الله .
وأما أن يكون كان في زمن أبي مجلز أو قبله أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر ، جاحدا لحكم من أحكام الشريعة ، أو مؤثرا لأحكام أهل الكفر على أحكام أهل الإسلام ، فذلك لم يكن قط .
فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه .
فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابهما ، وصرفهما إلى غير معناهما ، رغبة في نصرة سلطان ، أو احتيالا على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله وفرض على عباده ، فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله : أن يستتاب ، فإن أصر وكابر وجاحد حكم الله ، ورضي بتبديل الأحكام ، فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل هذا الدين .
وكتبه محمود محمد شاكر . اهـ

وقد بوب الإمام البخاري في جامعه الصحيح :
( باب كفران العشير وكفر دون كفر ) .
ونقل ابن حجر عن القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه أن مراد المصنف أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا ..
لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة ..
قال : ويؤخذ من كلامه مناسبة هذه الترجمة لأمور الإيمان من جهة كون الكفر ضد الإيمان وأما قول المصنف وكفر دون كفر فأشار إلى أثر رواه أحمد في كتاب الإيمان من طريق عطاء بن أبي رباح وغيره .. اهـ

الختام وهو التفصيل

فقد قال قوم : إن الحاكم والمشرع بغير ما أنزل الله لا يكون كافرا كفرا أكبر بل هو كفر دون كفر .. وكفر لا ينقل عن الملة .
وقال آخرون بضده وهو :
إن الحاكم والمشرع بغير ما أنزل الله يكون كافرا كفرا أكبر ينقل عن الملة ...
والحق في المسألة التفصيل ،، وهو :
إن كان مبدلا بالكلية أو جاحدا للشرع أو مستحلا لحكم غيره أو مفضلا ومستحسنا للحكم الوضعي عليه ، يكفر كفرا أكبر يخرج به من الملة ..
وإن كان في مسألة أو مسائل مضطرا أو مقهورا مع علمه بأحقية حكم الله فهو عاص مرتكب لكبيرة ، ومرتكب الكبيرة على مذهب أهل السنة لا يخرج من الملة ولا تنطبق عليه أحكام الكفار ..
وإن كان لا يمكن محو لفظ الكفر عنه بعد إذ أطلقه الله ورسوله عليه كما قال ابن القيم في رسالته حكم تارك الصلاة .

فالمحققون من أهل السنة يرون أن الحاكم بغير ما أنزل الله لا يكفر كفرا يخرج من الملة إلا إذا جحد ما أنزل الله أو استحل القوانين الوضعية أو بدل حكم الله بالكلية ..
وهو قول إمامي العصر الشيخ الألباني والشيخ ابن باز رحمهما الله وهذا هو الحق الذي لا مرية .

فتوى ابن عثيمين في واضعي القوانين الوضعية :

قال :
ولهذا نرى أن الذين يضعون قوانين تخالف الشريعة ليحكم بها بين عباد الله وفي عباد الله ، نرى أنهم على خطر عظيم سواء حكموا أو لم يحكموا ..
ونرى فرقا بين شخص يضع قانونا يخالف الشريعة ليحكم الناس به ، وشخص آخر يحكم في قضية معينة بغير ما أنزل الله ، لأن من وضع قانونا ليسير الناس عليه وهو يعلم مخالفته للشريعة ولكنه أراد أن يكون الناس عليه فهذا كافر كفرا أكبر مخرج من الملة ، ولكن من حكم في مسألة معينة يعلم فيها حكم الله ولكن لهوى في نفسه فهذا ظالم أو فاسق ، وكفره إن وصف بالكفر . اهـ
من لقاءات الباب المفتوح ( 1/ 186) ط دار البصيرة ، اللقاء السادس ..
ولابد لنا من التفرقة بين من يدرس القوانين الوضعية في الجامعة وبين من يشرع القوانين الوضعية لتحل محل شرع وحكم الله .
وأخيرا : من أراد التوسع فليرجع إلى كتب العقيدة ليرى كلام العلماء عن أنواع الكفر الستة وهي :
كفر التكذيب – كفر الجحود - كفر العناد – كفر النفاق - كفر الإعراض – كفر الشك ..
وسيجد التفصيل في نوعي الكفر الأكبر المخرج من الملة والكفر الأصغر غير المخرج من الملة ..
وتفصيلهم على ما أطلقوا عليه : الكفر العملي والكفر الإعتقادي ..
فهذا المقال لا يتسع لشرح ذلك ..
وعلى من يتهم علماء العصر بأنهم مرجئة أن يتقي الله ..
وليراجع كتب العقيدة ليعرف رأي علماء أهل السنة ..
ومن لا يطرق الباب من الخارج سيقتحم السراب ..

وأخيرا : أنبه على خطورة التكفير

إياكم إخواني والخوض في مسائل التكفير .. فإنها والله الداهية الكبرى ..

في صحيح البخاري من حديث ثابت بن الضحاك عن النبي انه قال : ... ومن رمى مؤمنا بكفر فهو ك***ه ..

وفي الصحيحين : أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ..

وقال التابعي الجليل العلاء بن زياد فيما نقل عنه ::
ما يضرك شهدت على مسلم بالكفر أو ***ته .

وقال أبو حامد الغزالي وهي من درره ومما صح عنه :
الخطأ في ترك ألف كافر في الحياة ، أهون من الخطأ في سفك دم أمريء مسلم بتكفيره ..

وقال القرطبي أبو عبد الله :
وباب التكفير باب خطير ، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا ، وتوقف فيه الفحول فسلموا ، ولا نعدل بالسلامة شيئا .

ومن درر شيخ الإسلام ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم الحراني قوله :
من ثبت إسلامه بيقين ، لم يزل ذلك عنه بالشك . اهـ

والشك حاصل بالاختلاف المنثور في كتب طلاب العلم وردودهم على بعضهم البعض وتنابزهم بالألقاب ، وسب بعضهم بعضا ..
نسأل الله السلامة والعصمة من دماء المسلمين ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
وأستغفر الله من الخطأ والزلل .

منقول
__________________

آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 06-12-2016 الساعة 07:38 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:16 PM.