|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
متى وكيف نقول لأبنائنا:"لا"؟
متى وكيف نقول لأبنائنا:"لا"؟ أعزائي الآباء والأمهات لا يزال أبناؤنا في سنوات عمرهم الأولى يحتاجون منّا إلى المزيد من التربية والتأديب على الخلق القويم والقيم الصالحة والاندماج الفعّال في مجتمعاتهم، وبدون هذا الجهد منا لا يستقيم بناؤهم، وإن كنا نؤكد على حاجة الطفل الفطرية للشعور بالمحبة والتقدير والمدح والطمأنينة، فإننا نؤكد أيضاً على حاجته للتأديب ووضع الضوابط والقواعد في حياته وعبر مراحل نموه. ويخطيء من يظن وهو يمارس أبوته أن الحب وحده قادر على تنشئة الأطفال خير تنشئة، إن هذه النظريات القائمة على مبدأ التدليل وتلبية مطالب الصغار مطلقاً تفرز لنا أبناء لا ينضبطون بضابط ولا يحترمون أحداً ولا يلتزمون بدين أو عرف أو قانون، بل إنّ الطفل الذي لا يلتزم بالقوانين والضوابط ولا ينفذ توجيهات الوالد، قد ينشأ معتقداً أنه غير محبوب وغير مقبول لدى أسرته . أبناؤنا بين "نعم" و"لا": نحتاج في رحلة التربية إلى أدوات لا غنى لنا عنها، لإيضاح الضوابط والخطوط العريضة التي ينبغي على الأبناء ألا يتجاوزوها، ومن هذه الأدوات كلمة (لا)..! هل نحن نقول (نعم) لمجرد الموافقة ؟ وهل نحن نقول (لا) لمجرد الرفض ؟ وماذا تعني (نعم ،لا ) لأولادنا عندما نقولها لهم ؟ وهل من المناسب أن نتراجع عن (لا) ب(نعم) وعن (نعم) ب(لا) بعد أن نقولها ؟ أحياناً قد يطلب الولد من أبيه شيئا بسيطا ويكون الأب غاضبا فيقول (لا) يعود الطفل منكسراً متألماً فهو لم يطلب شيئا قبيحاً أو مضراً، لكنه يُذعن على مضض ! ثم في الغد يطلب الطفل نفس الطلب من الأب وتكون نفسيته مرتاحة فيقول (نعم ) ومع فرح الطفل بالموافقة ؛ إلا أن هناك أمراً لا يستطيع تفسيره ، فأمس (لا) واليوم (نعم ) فما هو الفرق ؟ أعزائي المربين.. إن هذه الحالة ليست حالة عابرة مرت ولن تعود، بل لا يكاد يمر يوماً إلا ويقع بعض الآباء والأمهات في مثلها ! يفترض أن تكون (لا) دائما هي (لا) لأننا لا نقولها إلا عندما لا نستطيع أن نقول (نعم)، وتكون معللة بما فيه ضرر ديني أو دنيوي أو تعدي على حقوق الآخرين أو تتضمن نهياً عما يشين من الصفات والأفعال، وهذا الثبات يبني في نفس الطفل معياراً ثابتاً يقيس عليه الصواب من الخطأ حتى يستطيع أن يقول لنفسه (لا) في الوقت والظرف المناسب . أما (لا) التي لا تُبنى على أي معيار وإنما يحددها الوضع النفسي لقائلها فهي معول هدم لأسس التربية الصحيحة وتحطيم لشخصية الطفل. و(لا) المتسرعة التي ننطقها قبل أن يتم صغارنا كلامهم هي تحطيم للقلوب الحالمة الصغيرة ؛ هي نفسها التي تحبطهم عن الإنجاز كباراً . ينشأ أولادنا بعد هذا على أن (لا) لا يحددها الصواب والخطأ وإنما يحددها (القوي والمتحكم فقط ). ينشأ أولادنا بعد هذا على أن (لا) لا تحددها القيم والمبادئ وإنما يحددها الوضع النفسي لنا وقبولنا للطرف الآخر فقط . وينشأ أولادنا بعد هذا وهدفهم محاولة كسر (لا) المتغطرسة التي تحد من حرياتهم؛ فعندما يملكون القوة الكافية لتجاوز (لا) يسارعون إلى ذلك؛ ومن هنا نلمح تفسيراً لجنوح الكثير من المراهقين ومعاناة الوالدين معهم لردهم عن ذلك الجنوح. إذن – أعزائي - يحتاج المربي لمعرفة كيف يحسن استخدام هذه الكلمة التربوية الحساسة فيعرف بدقة متى تقال ؟ وكيف تقال ؟ وبأي قدر ؟ وفى أي مناسبة ؟ أعزائي المربين.. تعالوا سوياً نتعرف على مجموعة القيود التي تجعل من هذه الكلمة أداة فعّالة وصائبة في عملية التربية: - علينا أن نتذكر دوماً أن "لا" ليست إلا وسيلة ننقل بها الطفل من السلوك الرديء إلى السلوك الجيد. ـ يجب أن تقال:"لا" بحيث لا يلحظ الطفل الغضب بادياً علينا، حتى لا ترتبط في ذهنه بمشاعر الكراهية، وتتأكد قناعته في نفسه بعدم قبولها، لذا فإن علينا أن نلفظها بنفس النغمة العطوفة التي نقول بها "نعم". - لكي تكتسب"لا" قوة التأثير الدائم، لابد من التمهيد الجيد لها والتعقيب عليها مباشرة بالتبرير والتوضيح، وذلك ليعرف الطفل أسباب المنع أو الرفض فيكون ذلك أقرب لاقتناعه بها. - عندما نُرْفِق "لا" بربتة حانية أو قبلة أو عناق، فسوف يكون لها تأثيراً كبيراً على الطفل في ترسيخ توجيهات والديه في ذهنه، وتمرير كلمة "لا" بسلام، وتأكيد أننا لا نقصد ب"لا" قمعه أو إخضاعه أو اتهامه بأنه سيء الرأي أو التفكير. - لنتذكر دائماً أن الطفل إن لم يسمع "لا الضابطة" في صغره فسيكون الوضع أصعب عندما يكبر ويشب بلا نظام فلا نستطيع حينئذ أن نمنعه ب"لا" أو بغيرها، كما أنه سيصبح عاجزاً عن التعامل مع الحياة الدنيا التي من طبيعتها الأخذ و العطاء والإقبال والإدبار. - لو تصورنا أننا قلنا للطفل:"نعم" منفذين له جميع رغباته منطلقين في هذا المسلك من حبه والشفقة عليه، فإننا في الواقع نكون قد جنينا عليه، فهذا المسلك يجعله طفلاً أنانياً متعديا على حقوق غيره، ذا شخصية ضعيفة، لا يميز بين الصواب والخطأ، كما أن تحقيق جميع طلباته بلا ضوابط يجعله يخفق في حياته، لأنه تعود أن يأخذ فقط!. - يجب أن تقال: "لا" عند الحاجة في جميع المواقف بنفس القوة والحزم، وإلا فإن الطفل سيفقد الثقة في نهي والديه. - على الآباء والأمهات الاقتصاد في عدد اللاءات التي يصدرانها لأطفالهم، لئلا تفقد هذه الكلمة المهمة مفعولها المؤثر عند الخطأ أو الخطر، وإلا فإن الطفل لن يلتفت إليها، وربما أصبح بسبب كثرتها عصبياً كثير البكاء. - لنحذر أن نقول للطفل:"لا" ما لم يكن ثمة مانع لتنفيذ طلبه، فإذا أنهى واجباته المدرسية مثلاً واستأذن أن يلعب.. فلا مبرر لمنعه من اللعب بدون سبب. - علينا ألا نتراخى في القوانين التي تقول:"لا" وإلا كان ذلك تصريحاً منّا بالتساهل فيها، فالمربي إنّْ لم يتراجع عن كلمة "لا" تحت ضغط الإلحاح، فإن هذه الكلمة ستصبح غير قابلة للتغيير في عقل الأبناء، ويكون مكانها في جزء الاستجابة وليس في جزء التفكير عندهم. - إذا احتاج الموقف أن نقول:"لا" فلا بأس أن نقترح له بديلا مناسباً عن الطلب المرفوض، فمثلا حين نمنعه من الذهاب لصديقه، لأننا لا نرتاح إليه؛ نقترح عليه الذهاب لصديق آخر، أما لو منعناه لمرضه أو لتأخر الوقت فنقترح عليه أو نعده بتأجيل الزيارة لأقرب وقت مناسب. - عندما نقول للطفل :"لا" علينا أن نحرص على عدم إشعار الطفل بأي تردد منّا أو ضعف في اتخاذ القرار المناسب، وقد يقتضي طلبه أن نرجيء الأمر ريثما نفكر فيه ملياً ونستخير ونتخذ فيه قراراً مناسبا، وذلك أفضل من أن نتخذ قراراً ثم نتراجع عنه، أو نبدو أمامه مترددين، فذلك يجعله يعتقد أننا قد نتردد في قراراتنا وأنها ليست نهائية وبالتالي نكون قد فتحنا له باباً للضغط علينا ومحاولة تغيير القرار الذي لا يعتقد بمصداقيته. - يجب أن يتفق الوالدان على قول:"نعم أولا" للطفل مسبقاً، كمنعه من تناول الحلوى قبل وجبات الطعام مثلاً، أما إن لم يكن الموضوع متفق عليه مسبقاً بينهما؛ فينبغي عدم إظهار تضارب الرغبتين أمامه بقدر الإمكان، لأن الأسلوب المزدوج في التوجيه يخلق عند الطفل ازدواجية في تقييم الأمور، ويصبح الطفل متذبذباً في سلوكه، ويصبح دائم القلق لعجزه عن إرضاء كلا الوالدين، أو معرفة السلوك الذي عليه أن يتبعه، وبذلك يصبح ذا شخصية متقلبة، بسبب عدم اتفاق الوالدين على كلمة واحدة في توجيهه. - ليس الحزم في التربية بكثرة (لا)، بل قد تكون والعياذ بالله هي المعول المحطم لشخصية الأبناء، وكذلك ليست الرحمة في التربية بكثرة (نعم)، فقد تكون جناية على الأبناء.. ولكن لنتذكر دوماً أن تنشئة الطفل بشكل سليم تحتاج من المربي إلى توازن دقيق في استعمال: نعم أو لا.. وأخيراً عزيزي الأب..عزيزتي الأم إن شلال الحب المتدفق في قلوبنا نحو أبنائنا لا يتنافى أبداً مع ضرورة تأديبنا لهم، ولا مع حرصنا على استخدام أحسن وسائل التربية الإيجابية معهم، وذلك كي تقر أعيننا بهم كباراً راشدين قد حازوا أحسن الصفات والأخلاق، ولعلهم يتذكرونا بالدعاء خاصةً في تلك المواقف التي كنا نقول لهم فيها:"لا".!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المراجع:
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|