اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-01-2016, 08:00 PM
الصورة الرمزية صوت الحق
صوت الحق صوت الحق غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
العمر: 68
المشاركات: 8,134
معدل تقييم المستوى: 0
صوت الحق is an unknown quantity at this point
Opp من أجل عافية المجتمع وسلامة بنائه




أثر عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال لأبى بكر وعمر (رضى الله عنهما): «لو اجتمعتما على أمر ما خالفتكما».. والمعنى أنه (صلى الله عليه وسلم) مع الرأى الذى يجمع عليه أكابر الصحابة، وهو تأكيد على السلوك «الديمقراطى» الذى كان يتبعه النبى.. لقد كان الصاحبان يختلفان كثيراً، لدرجة أن أبابكر قال لعمر يوماً: «ما أردت إلا خلافى».. أى كما يقال بلغة العصر: «شريك مخالف».. وكان النبى يلاحظ ذلك.. هذا الاختلاف لم يكن -بالطبع- مقتصراً على أبى بكر وعمر، فالمناخ الذى كان يعيش فيه الصحابة تميز بالحرية، فلا مصادرة على رأى ولا قمع لفكرة، وكانت تحدث مشكلات فيتنزل الوحى ليضع الحل ويصف العلاج.. كان الاختلاف تعبيراً عن طريقتين للتفكير، أو طريقتين لمعالجة الأمور، على الرغم من أن الثقافة كانت واحدة، ومصدر التلقى واحداً.. كما كان يعكس طبيعتين مختلفتين، ذهنياً ونفسياً وعصبياً ووجدانياً، وهو أمر طبيعى وبديهى، فالناس يتفاوتون فيما بينهم فى العقول والأفهام والشعور وردود الأفعال تجاه المواقف المختلفة، وهكذا.. قد يحدث نزاع على قطعة أرض، أو عقار، أو ميراث، أو سلطة، أو زعامة.. إلخ، وقد يتطور الأمر إلى عراك، أو استخدام للسلاح بما يشكل خطراً يهدد أمن المجتمع واستقراره، فها هنا يجب على مؤسسات الدولة أن تتدخل لمواجهته وحسمه.. لذا نقول لا باس أن نختلف، لكن شريطة ألا يؤدى الاختلاف إلى فرقة وتنازع وشقاق.. إن الاختلاف إذا كان منازعة سلمية بين طرفين لإثبات صواب، أو لنفى خطأ، لكن من خلال دليل أو بينة، بغض النظر عن قوة الدليل أو نصاعة البينة التى يمتلكها هذا أو ذاك، فأهلاً به وسهلاً.. أما إذا كان عناداً واستكباراً، أو لمجرد المعارضة بهدف إثبات الذات أو بسبب وجود مشكلات أو عوائق نفسية، فلا أهلاً به ولا سهلاً.. يجب أن يقتصر الاختلاف على الاجتهاد فى الفروع -لا فى الأصول أو فيما هو محل اتفاق من الجميع-.
إن أول شىء فعله النبى بعد هجرته إلى المدينة أنه أسس مسجد قباء، وآخى بين المهاجرين والأنصار، كما أصلح بين الأوس والخزرج.. فالمجتمع الذى تسوده المحبة والمؤاخاة والتكافل والتعاون والإيثار وإنكار الذات، هو مجتمع قوى وعفىّ.. يقول تعالى متحدثاً عن الأنصار: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (الحشر: ٩).. ولا شك أن هذا الوضع آثار أحقاد اليهود فى المدينة، فقد كانوا يعيشون على التنازع والشقاق والحروب التى كانت تقوم بين الأوس والخزرج.. وها هو النبى محمد يؤاخى بينهم ويلم شعثهم ويوحد صفوفهم، وفى هذا قوة لهم.. لذا، جلس رجل من يهود بين فريقين من الأوس والخزرج، وصار ينفث سمومه بينهم ويذكرهم بيوم بعاث، حيث وقعت فيه م***ة عظيمة بين الفريقين.. لقد أوقد اليهودى الفتنة، وأوغر الصدور، فما كان منهم إلا أن قاموا إلى السلاح.. علم النبى بالخبر، فجاء إليهم على عجل، واستطاع فى لحظات أن يعيدهم إلى صوابهم وأصول إيمانهم.. إن ما حدث لم يكن اختلافاً حول مسألة فرعية، بل كانت فتنة أوشكت أن تهدد وحدتهم ومصدر قوتهم، بل أرواحهم ودماءهم التى أمر الله تعالى بمراعاتها والحفاظ عليها.. وفى هذا نزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴿١٠٠﴾ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّـهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّـهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿١٠١﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٢﴾ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (ال عمران: ١٠٠-١٠٣).إن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يكن حاكماً وقائداً فقط، بل كان مربياً وهادياً ومرشداً، يعمل على تزكية النفوس وتطهيرها من أدرانها، وإرشاد أصحابها للأسلوب الأمثل فى العلاج، حتى يرقى بسلوكهم وأخلاقهم.. وفى كل المشكلات التى كانت تواجه مجتمع المدينة، كان (صلى الله عليه وسلم) يوجد فى عمق المشكلة، ولا ينأى بنفسه عنها.. كان دائماً يأخذ بزمام المبادأة، ولا يترك مشكلة إلا وعالجها.. وهكذا تكون القيادة..
إن كفالة حرية الرأى والنقد والتعبير وشيوع ثقافة الاختلاف، هى الضمان الأكيد لعافية المجتمع وسلامة بنائه.. فقد أثر عن «عمر» أنه قال يوماً بعد توليه الخلافة: «لو رأيتم فىّ اعوجاجاً فقومونى»، فقال له أحد الجالسين: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا.. نحن -إذاً- أمام رئيس دولة يفهم جيداً ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الحاكم والشعب، وأن الأخير ليس مجرد مُتلقٍ لما يصدر عن الحاكم من قرارات أو تصرفات فقط، وإنما عليه أن يكون يقظاً ومراقباً ومتابعاً لما يجرى، بل محاسباً لما يقع من أخطاء.. لقد أعطى «عمر» للشعب حق تقويمه شخصياً، متى شعر أن ثمة خطأ أو انحرافاً قد صدر عنه.. ونحن أيضاً أمام رجل شجاع يسارع بالرد على الحاكم بهذه الكيفية دون تردد أو خشية من غضبه.. من هنا يمكن القول إننا لسنا بصدد عبقرية «عمر» فحسب، وإنما بصدد عبقرية الشعب أيضاً.. بهذا يكون المجتمع قوياً وعفياً، وتكون الدولة فى أوج رقيها وازدهارها.. أما إذا اعتاد الشعب الرضوخ والإذعان للحاكم، ورضى أن يكون مطية ذلولاً، ولم يجاهد فى استخلاص حقوقه، فها هنا ينشأ الاستبداد والفساد ويكون المجتمع ضعيفاً وهشاً، وتكون الدولة فى حالة مزرية من التخلف والتدهور.. والحقيقة أن «عمر» كان رجلاً من طراز فريد.. فقد أوقف تطبيق حد السرقة فى عام المجاعة، كما أوقف عطاء سهم المؤلفة قلوبهم، بسبب انتفاء الشروط الموجبة لذلك، واستقدم نظام الدواوين الذى كان معمولاً به فى بلاد فارس، وراجع النبى (صلى الله عليه وسلم) فى أسرى بدر، ونزل القرآن مؤيداً لرأيه.. كما راجعه فى التوقف عن تبشير المسلمين بأن من قال «لا إله إلا الله» دخل الجنة، حتى لا يتواكلوا، ووافقه النبى على رأيه، وهكذا.. فرضى الله عن «عمر» وأرضاه.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:35 AM.