اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2015, 06:13 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي تعظيم يوم بدر وبيان فضله في القرآن الكريم


تعظيم يوم بدر



وبيان فضله في القرآن الكريم


د. أمين بن عبدالله الشقاوي
لقد كانت معركة بدر أول معارك الإسلام الفاصلة، فرق الله فيها بين الحق والباطل، والكفر والإيمان، وكانت بدر الجولة الأولى من جولات الحق مع الباطل، لرد البغي والطغيان، وإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين قعد بهم الضعف في مكة، فلم يستطيعوا الهجرة إلى دار الإيمان.
إن معركة بدر التي نصر الله فيها نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه من المهاجرين والأنصار على قلة في عددهم، وضعف في عددهم، وعلى أنهم لم يتهيؤوا للقتال، ولم يستعدوا له، هي التي بها تبين أن الباطل والظلم والطغيان مهما طال أمده، وقويت شوكته، وامتد سلطانه، فلا بد له من يوم يخر فيه صريعاً أمام جحافل الإيمان وكتائب الحق. وهكذا كانت غزوة بدر آيات للمتوسمين، وعبرة للمعتبرين، تبين من خلالها أن النصر من عند الله تعالى لمن نصره، وأن الغلبة لمن صدق معه، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال: 17][1].
وهذه بعض الفضائل التي وردت في القرآن الكريم لغزوة بدر وأهل بدر، مستنبطة من الآيات الكريمات، مقتصراً على الواضح منها.
أولاً: تسمية الله لها بيوم الفرقان:
قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال: 41].
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "سمي يوم الفرقان لأن الله فرق فيه بين الحق والباطل"[2].
وقال ابن كثير - رحمه الله -:" ينبه تعالى على نعمته وإحسانه إلى خلقه بما فرق به بين الحق والباطل ببدر، ويسمى الفرقان لأن الله أعلى فيه كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه، ونصر نبيه وحزبه"[3].
ثانياً: شهادة الله تعالى لأهل بدر بالإيمان:
قال الله تعالى: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال: 5].
وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 74]. فهذه الآية وإن تناولت غيرهم من الؤمنين المجاهدين، فهي بأهل بدر أخص وأولى.
ثالثاً: نصر الله تعالى لهم بالرعب:
قال الله تعالى: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال: 12].
قال ابن جرير - رحمه الله -: "يقول تعالى ذكره: سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم، وأملؤها فرقاً حتى ينهزموا عنكم"[4]. والنصر بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء من خصائص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته.
روى البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"[5].
رابعاً: إمداد الله تعالى لأهل بدر بالملائكة:
قال الله تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال: 9].
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ [آل عمران: 123-124]. والراجح أن هذه الآيات نزلت في بدر كما هو ظاهر السياق، وسيأتي إن شاء الله مزيد بيان لذلك.
خامساً: إعانة الله لأهل بدر بأمور أخرى غير الملائكة:
أ- فمن ذلك: نزول النعاس عليهم، أمنة وتطمينًا، وإنزال المطر عليهم، إرواء وتطهيراً.
قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال: 11].
قال ابن القيم – رحمه الله -: "وأنزل الله عزل وجل في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلاً طهرهم به، وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطأ به الأرض وصلب الرمل، وثبت الأقدام، ومهد به المنزل، وربط على قلوبهم"[6].
ب- ومنها: إصابة المشركين بالحَصباء التي رماهم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال: 17].
روى الطبراني من حديث حكيم بن حزام قال: لما كان يوم بدر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ كفاً من الحصباء فاستقبلنا به، فرمانا بها وقال: "شاهت الوجوه"[7]، فانهزمنا، فأنزل الله – عز وجل - ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾[8].
وروى ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس والأموي عن عبد الله بن ثعلبة ابن صعير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا رب، إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً" فقال له جبريل: خذ قبضة من تراب فارم بها في وجوههم، فما بقي من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه، فولوا مدبرين، فقال رسول الله صلى الله علهي وسلم لأصحابه: "احملوا" فلم تكن إلا الهزيمة، ف*** الله من *** من صناديدهم، وأسر من أسر، وأنزل الله – عز وجل -: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى، قال ابن عقبة[9] وابن عائذ[10]: فكانت تلك الحصباء عظيماً شأنها، لم تترك من المشركين رجلاً إلا ملأت عينيه، وجعل المسلمون ي***ونهم ويأسرونهم، وبادر كل رجل منهم منكباً على وجهه لا يدري أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه[11].
قال ابن كثير - رحمه الله - وهو يرد على من حمل الآية على غير بدر: "وإلا فسياق الآية في سورة الأنفال في قصة بدر لا محالة، وهذا مما لا يخفى على أئمة العلم، والله أعلم[12].
وقال في موضع آخر بعدما نقل عن جمع من أهل العلم: إن هذه الآية نزلت في بدر، وقد فعل عليه الصلاة والسلام مثل ذلك في غزوة حنين، كما سيأتي في موضعه[13]. اهـ
ج- ومنها دعاؤهم على أنفسهم بالهلاك: وذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ [الأنفال: 19] الآية.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثعلبة بن صعير[14] أن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللهم أقطعنا للرحم، وأتانا بما لا يُعرف، فأحنْهُ[15] الغداة، فكان المستفتح[16].
د- ومنها: انهزام الشيطان عنهم، وقد كان يحسن لهم الخروج لحرب الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، ويحضهم على ذلك، ويعدهم المعونة عليهم، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 48].
روى الطبراني في المعجم الكبير عن رفاعة بن رافع وابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: أمد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة[17]، وميكائيل في خمسمائة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع إبليس يده، ثم ولى مدبراً وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، ألست تزعم أنك جار لنا؟ فقال: إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله، والله شديد العقاب، فذلك حين رأى الملائكة، فتشبث به الحارث بن هشام، وأسلم بعد ذلك، وهو يرى أنه سراقة لما سمع كلامه؛ فضرب الشيطان في صدر الحارث فسقط الحارث، وانطلق إبليس لا يلوي حتى سقط في البحر، ورفع يديه وقال: يا رب موعدك الذي وعدتني، اللهم إني أسألك نظرتك إياي. وخاف أن يخلص إليه ال***، فقال أبو جهل: يا معشر الناس، لا يهمنكم خذلان سراقة، فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهمنكم *** عتبة وشيبة، فإنهم قد عجلوا، فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمداً وأصحابه بالحبال، ولا أُلفين رجلاً منكم *** رجلاً منهم، ولكن خذوهم أخذاً حتى نعرفهم سوء صنيعهم[18].
و- ومنها: أمر الله تعالى لملائكته بتثبيت قلوب المؤمنين، قال تعالى: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال: 12].
يتبع

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31-05-2015, 06:14 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

تعظيم يوم بدر



وبيان فضله في القرآن الكريم


د. أمين بن عبدالله الشقاوي

سادساً: إخباره تعالى بما سبق لأهل بدر عنده من الكرامة والمغفرة:
قال الله تعالى: ﴿ لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الأنفال: 68].
قال شعبة عن أبي هاشم عن مجاهد ﴿ لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ ﴾: أي لهم بالمغفرة، ونحوه عن سفيان الثوري[19].
معناه: لولا أنه تعالى حكم في الأزل بالعفو عن هذه الواقعة لمسهم عذاب عظيم، وهذا هو المراد من قوله: "سبقت رحمتي غضبي"[20]. وأما على قول المعتزله فهم لا يجوزون العفو عن الكبائر فكان معناه ﴿ لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ ﴾ في أن من احترز عن الكبائر صارت صغائره مغفورة، وإلا لمسهم عذاب عظيم، وهذا الحكم وإن كان ثابتاً في حق جميع المسلمين، إلا أن طاعات أهل بدر كانت عظيمة وهو قبولهم الإسلام وانقيادهم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وإقدامهم على مقاتلة الكفار من غير سلاح وأهبة، فلا يبعد أن يقال: إن الثواب الذي استحقوه على هذه الطاعات كان أزيد من العقاب الذي استحقوه على هذا الذنب، فلا جرم صار هذا الذنب مغفوراً، ولو قدرنا صدور هذا الذنب من سائر المسلمين لما صار مغفوراً، فبسبب هذا القدر من التفاوت حصل لأهل بدر هذا الاختصاص[21].
سابعاً: إخباره تعالى عن نتيجة المعركة قبل بدئها، وذلك بالنصر للمؤمنين على الكافرين:
قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [الأنفال: 7-8].
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من بدر: عليك العير ليس دونها شيء. قال: فناداه العباس بن عبد المطلب: إنه لا يصلح لك. قال: ولِم؟ قال: لأن الله - عز وجل - إنما وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعدك[22].
ثامناً: تعليم الله تعالى للمجاهدين كيفية قتال عدوهم، ومواضع الإثخان فيهم:
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ [الأنفال: 16].
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "ومفهوم الآية أن المتحرف للقتال هو الذي ينحرف من جهة إلى أخرى، ليكون أمكن له في القتال، وأنكى لعدوه، فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه لم يول دبره فاراً، وإنما ولى دبره ليستعلي على عدوه، أو يأتيه من محل يصيب فيه غرته، أو ليخدعه بذلك، أو غير ذلك من مقاصد المحاربين، وأن المتحيز إلى فئة تمنعه وتعينه على قتال الكفار، فإن ذلك جائز"[23].
وقال تعالى: ﴿ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ [الأنفال: 12]، قال الشيخ محمد رشيد رضا: "أي فاضربوا الهام وافلقوا الرؤوس، أو اضربوا على الأعناق، واقطعوا الأيدي ذات البنان التي هي أداة التصرف في الضرب وغيره، وهو متعين في حال هجوم الفارس من الكفار على الراجل من المسلمين، فإذا لم يسبق هذا إلى قطع يده قطع ذاك رأسه، والبنان جمع بنانة، وهو أطراف الأصابع[24].
تاسعاً: إظهار الله تعالى حل الغنائم لهذه الأمة في هذه الغزوة:
قال الله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنفال: 69].
روى الطيالسي في مسنده من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: لما كان يوم بدر تعجل الناس إلى الغنائم فأصابوها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الغنيمة لا تحل لأحد سود الرؤوس [25] غيركم" وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -[26] وأصحابه إذا غنموا غنيمة جمعوها، ونزلت نار فأكلتها، فأنزل الله هذه الآية: ﴿ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ ﴾ [الأنفال: 68] إلى آخر الآيتين[27].
عاشراً: تفصيل الله تعالى في هذه الغزوة أحكام الغنائم وأحكام الأسرى، وغير ذلك:
قال الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال: 1]،
وقال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال: 41].
الحادي عشر: إخباره تعالى بأن خروجهم لهذه الغزوة وقع بأمره لاجتهاد منهم:
وذلك في قوله تعالى: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ [الأنفال: 5]، وفي الآية بيان من الله تعالى أن خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بالحق، لا كخروج المشركين الذين: ﴿ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [الأنفال: 47].
الثاني عشر: تسمية الله تعالى لهذه الغزوة
قال الله – عز وجل -: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران: 123]، ففي هذه التسمية إظهار شرف هذه الغزوة ومن شارك فيها، فإن هذا الاسم سيبقى مذكوراً ما بقي القرآن يُتلى.
الثالث عشر: وقوع بعض المعجزات والكرامات للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه:
فمن ذلك: أن الله نصرهم وهم أذلة قليلو العدد والعدة، وعدوهم أكثر منهم عدداً وعدة، على أنهم - أعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - لم يتهيؤوا، ولم يأخذوا أهبتهم لهذه الغزوة، أما عدوهم فقد أخذ بجميع الاحتياطات والأسباب التي يراها سبيلاً للنصر، وهذا من آيات الله ومعجزاته لمن تفكر واعتبر، قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ [آل عمران: 13]،
ومنها: استجابة الله تعالى لدعائهم، قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال: 9]، ومنها إنزال النعاس عليهم، قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال: 11].
قال ابن مسعود - رضي الله عنه - النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان[28]، وقال قتادة: "النعاس في الرأس، والنوم في القلب"[29].
روى أبو يعلى في مسنده من حديث أبي طلحة - رضي الله عنه - قال: لقد سقط السيف مني يوم بدر لما غشينا من النعاس، يقول الله: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال: 11][30].
قال ابن كثير: "يذكرهم الله تعالى بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أماناً، أمنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم.. إلخ[31].
ومنها أن الله تعالى أراهم العدو أقل مما هم عليه لتقوى قلوبهم على حربهم، ويشجعهم على مواجهتهم.
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [الأنفال: 44].
قال ابن جرير: "إذ يري الله نبيه في منامه المشركين قليلاً، وإذ يريهم الله المؤمنين إذ لقوهم في أعينهم قليلاً، وهم كثير عددهم، ويقلل المؤمنين في أعينهم ليتركوا الاستعداد لهم، فتهون على المؤمنين شوكتهم"[32].
روى ابن أبي شيبة من حديث أبي عبيدة عن أبيه قال: لقد قللوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلتُ لصاحب لي إلى جنبي: كم تراهم؟ سبعين؟ قال: أراهم مائة، حتى أخذنا منهم رجلاً فسألناه، فقال: كنا ألفاً[33].
من كتاب: حدث غير مجرى التاريخ


[1] إيجاز البيان في سور القرآن للصابوني، ص32-33.
[2] تفسير ابن كثير (2/313).
[3] المصدر السابق (2/313).
[4] تفسير الطبري (6/196).
[5] ص86 برقم (335) كتاب التيمم، باب، وصحيح مسلم، ص211، برقم (512)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
[6] زاد المعاد (3/175).
[7] أي قبحت الوجوه، مختار الصحاح ص147.
[8] (3/302) برقم (3128)، وسنده ضعيف، فيه إبراهيم بن يحيى الشجري، قال الحافظ في التقريب: لين الحديث ص95، وضعفه الشيخ مقبل الوادعي في كتابه الصحيح المسند من أسباب النزول ص99- 100.
[9] موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي مولى آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، مات سنة إحدى وأربعين، انظر: التقريب ص552، برقم (6992).
[10] ابن عائذ: هو محمد بن عائذ الدمشقي، أبو أحمد، صاحب المغازي، صدوق، رمي بالقدر، من العاشرة، مات سنة ثلاث وثلاثين وله ثلاث وثمانون سنة، تقريب التهذيب ص486، برقم (5989).
[11] ابن جرير في تفسيره (6/204)، والبيهقي في دلائل النبوة (3/78-79) وفي سنده عبد الله بن صالح الجهني أبو صالح المصري كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. تقريب التهذيب ص308، وعلي بن أبي طلحة مولى بني العباس، قال الحافظ في التقريب ص402: أرسل عن ابن عباس ولم يره.
أما سند الأموي فقال: حدثنا أبي ثنا ابن إسحاق، حدثني الزهري عن ابن ثعلبة بن صعير بنحوه، وهو سند جيد. وانظر:البداية والنهاية (5/126).
[12] تفسير ابن كثير (2/296).
[13] البداية والنهاية (5/127).
[14] ويقال ابن أبي صعير بن عمرو بن زيد بن سنان القضاعي العذري، قال ابن مندة أبونعيم: هو مختلف فيه، فقيل ابن صعير، وقيل ابن أبي صعير، وقيل ثعلبة بن عبد الله، وقيل عبد الله بن ثعلبة، قال أبو عمر: قال الدارقطني: لثعلبة هذا ولابنه عبد الله صحبة. فعلى هذا لا يكون فيه اختلاف.اهـ. أسد الغابة لابن الأثير (1/276-277).
[15] أي أهلكه، شرح السيرة النبوية ص156.
[16] (5/431) قلت: وإسناده حسن.
[17] المجنبة: بفتح النون: المقدمة والمجنبتان بالكسر، الميمنة والميسرة، القاموس المحيط ص69.
[18] تفسير ابن جرير (6/246-265)، وفي سنده عبد الله بن صالح، وهو صدوق كثير الغلط، وقد تقدم الكلام عليه، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (5/47) برقم (4550) وفي سنده عبد العزيز بن عمران، وهو متروك.
[19] تفسير ابن كثير (2/326).
[20] الحديث أخرجه البخاري من حديث ابي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله – عز وجل-: سبقت رحمتي غضبي" ص1442، برقم (7553)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ﴾، ومسلم ص 1101 برقم (2751)، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى، وأنها سبقت غضبه.
[21] التفسير الكبير (15/203)
[22] (3/466) برقم (2022)، والحديث من رواية سماك عن عكرمة، وفيها اضطراب، ومع ذلك فقد قال الترمذي ص49، برقم (3080): حديث حسن صحيح، وجود إسناده الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/288).
[23] انظر: تفسير ابن سعدي، ص360-361.
[24] تفسير المنار (9/511).
[25] سود الرؤوس: المراد بها بنو آدم، لأن رؤوسهم سود.
[26] أي من الأنبياء السابقين.
[27] (2/19) وأخرجه الترمذي ص490 برقم (3085)، وقال: حديث حسن صحيح، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنفال.
[28] تفسير ابن كثير (2/291).
[29] المصدر السابق (2/291).

[30] (3/19) برقم (1428)، وقال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
[31] تفسير ابن كثير (2/291).
[32] تفسير ابن جرير (6/259).
[33] (7/360) برقم (36698)، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، كما سيأتي.

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:17 AM.