|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الإجازة الصيفية
الإجازة الصيفية
يحيى بن موسى الزهراني إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة الحق والرضى والعدل والهدى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله - تعالى -، واعلموا أنكم ملاقوه ولن تعجزوه، وأنه مطلع عليكم يعلم السر وأخفى، فالتقوى عباد الله هي زاد المؤمنين ولباسهم، وقد أمركم الله بالتقوى، فقال جل جلاله: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، وقال - سبحانه -: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً)، وقال - جل وعلا -: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً). أيها الأخوة المؤمنون: ها هي الإجازة الصيفية الكبرى على الأبواب، وها هي الاختبارات النهائية قبلها قد طرقت دور أولي الألباب، فلكل مجتهد نصيب، والفوز لكل طالب نجيب، فمن زرع الخير طوال العام آن له أن يحصد ثمار ذلك الزرع نجاحاً وتوفيقاً، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان. هذه هي الحياة، عمل بلا حساب ثم الآخرة حساب بلا عمل، فحاسبوا أنفسكم قبل آن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل آن توزنوا، وتذكروا يوم تعرضون على ربكم - جل وعلا - للفصل والحساب، فاغتنموا هذه الأيام بالعمل الصالح والعلم النافع، أعرضوا أعمالكم وأقوالكم على كتاب ربكم وسنة نبيكم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فيا ترى ماذا أعددننا لقضاء هذه الإجازة الصيفية، فالناس فيها فريقان: سعيد وشقي، مأجور ومأزور، فمن عمل فيها ما يرضي ربه ويقربه إليه زلفى فاز وسعد، ومن عمل غير ذلك خسر وشقي. نعوذ بالله من الخذلان ونلجأ إلى الرحيم الرحمن، يقول - تعالى -: (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الإمتاع الغرور)، ويقول - تعالى -: (فريق في الجنة وفريق في السعير)، فاحرصوا رعاكم الله أن تكونوا من السعداء في قضائكم لهذه الإجازة. أيها المسلون: إنه لمن المؤسف أن نرى الشباب في هذه الإجازة بين إفراط وتفريط، فمنهم من يقضيها في اللهو واللعب، ومشاهدة الحرام في الفضائيات وغيرها. ومنهم من يقضيها بالسهر الطويل على الشوارع والأرصفة بلا هدف ولا فائدة، فحال أولئك المفرطين نوم بالنهار وسهر بالليل، بلا عبادة ولا طاعة للعليم الجليل، ومنهم من يقضيها بالسفر إلى بلاد الكفر والعهر، إلى بلاد الزنا والخنا، إلى بلاد الدخان والمخدرات، والخمور والمسكرات، ليستقي من حضارتهم الزائفة، ويرتضع تقاليدهم الواهنة، يقول الله - تعالى -: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا). في هذه الآية الكريمة يخبر الله - عز وجل - أن هذا الوعيد الشديد لمن ترك الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مع قدرته عليها حتى مات، فإن الملائكة التي تقبض روحه توبخه وتزجره بهذا التوبيخ العظيم ويقولون لهم [فيم كنتم] لماذا بقيتم؟ ما الذي أخركم عن الهجرة إلى المسلمين؟ فوجودكم مع المشركين يكثر سوادهم، بل ويمكن أن تظاهروهم وتعاونوهم على المسلمين في بلاد المشركين والكافرين. فما بال بعض الآباء اليوم يذهبون بأولادهم وأهليهم إلى تلك البلاد، على أي أساس بنوا رأيهم؟ وعلى أي دليل ركزوا عليه أنظارهم؟ وعلى أي شيء استندوا؟ وبأي حق استحلوا السفر إلى تلك البلاد؟ هذه هي الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى، أن يسافر أولئك الناس إلى بلاد الكفر والفجور، والعهر والسفور، فهذا الأب! وقف صفاً إلى صف وجنباً إلى جنب مع أعداء الملة والدين وناصرهم على إخوانه المسلمين، فهو بذلك داعية إلى الجهل والضلال، وراض بما عليه أولئك الكفرة من الكفر والشرك والمعاصي والانحلال، فهو متشبه بهم، وقد ورد النهي عن التشبه بغير المسلمين، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من تشبه بقوم فهو منهم))، وإنا والله لنحزن أشد الحزن على أولئك البنين والبنات الذين لا يعرفون لماذا قدموا إلى تلك البلاد؟ بل تجدهم في نشوة الفرح والسرور، مع أنهم قادمون على كثير من المخاطر والشرور. ثم أتساءل وأسأل أولئك الآباء، ماذا في تلك البلاد؟ أيطلب الإسلام هناك؟ أم هل ستدعو إلى الله في تلك البلاد؟ أم هل يمكن أن تطوف بالبيت العتيق فيها؟ أو عساك تعلم أولادك الحشمة والحياء والخوف من رب الأرض والسماء؟ أسئلة تريد المجيب ولا مجيب. فيا رب الأسرة: كيف ستجيب ربك يوم العرض عليه؟ ماذا ستقول لعالم الخفيات إذا سألك عن رعيتك وأسرتك ماذا عملت فيهم؟ وما ذا قدمت لهم؟ هل علمتهم القرآن؟ هل علمتهم كلام سيد المرسلين؟ هل عودتهم على أداء الصلوات في المساجد مع المسلمين؟ هل عودتهم حب المسلمين ومناصرتهم؟ أم هل علّمت بناتك الحجاب ولبس العباءة والجلباب؟ أم ذهبت بهم إلى بلاد الانفتاحية وال*****ة ليتعلموا منهم كل قبيح؟ ليتعلموا نزع الحجاب و*** العفة والغيرة؟ أم ليستقوا منهم تقاليدهم وطباعهم التي هي أسوأ من طباع الحيوان، يقول الله - تعالى -: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا). فيارب الأسرة! هل تذكرت الموت وغصصه؟ والقبر وظلمته؟ فاستعد لتلك اللحظات، وأعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، واعلم أنك مسؤول في قبرك ويوم بعثك ومحشرك، وموقوف عند ربك، [وقفوهم إنهم مسؤولون] فلا تغرنك الحياة الدنيا ولا يغرنك بالله الغرور، لا تغتر بما وصلت إليه من المناصب والمراتب، ولا تغتر بكثرة الأموال والعقار فهي والله استدراج من الغني الحميد ليرى وهو أعلم بك منك ماذا ستصنع وتعمل بها؟ ولا تغتر بطول العمر، ولا يلهينك طول الأمل، فستحاسب على كل يوم وساعة، بل كل دقيقة ولحظة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه)[رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] فكأني بك الآن تراجع نفسك وتحاسبها وتلومها على ما قد كنت ستفعله من حرام في هذه الإجازة، فأطر نفسك على الحق أطراً، وازجرها عن الباطل زجراً، فهذا هو المؤمن الحق إذا جاءته الموعظة الصادقة أخذها وترك ما سواها من الضلال، فالحق والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته))[متفق عليه]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة))[متفق عليه]. فاحذر أن تغش نفسك وغيرك، وانتبه من أن تظلم نفسك وغيرك، فيحرمك ربك من جنة عرضها السموات والأرض. فالوقائع والأحداث خير شاهد على التحذير من السفر إلى بلاد الغرب والشرق، فهناك لا يأمن المسلم على دينه وماله وعرضه، إذ لا دين هناك، ومن لا دين له، فعل ما بدا له. فالخوف والقلق والرعب تسيطر على أهل تلك البلاد فكيف بالغريب فيها، فهو أشد خوفاً وأكثر قلقاً وأعظم رعباً. عباد الله: احذروا أن توقعوا أنفسكم وأولادكم في فخاخ أعداء الدين، وتوردوهم شباك الحاقدين، فهم يزينون لكم كل قبيح، ويظهرون لكم كل خسيس أنه مليح، فاحذروهم وحذروا المسلمين من شرهم وكيدهم فأنتم بذلك خير الناصحين. ولو استعظنا عن تلك البلاد الكافرة بهذه البلاد الطيبة، مهبط الوحي ومنبع الرسالة، بلاد الحرمين الشريفين بلاد الأمن والأمان والإيمان، بلاد الحب والإخاء، والسلام والرخاء، لكنا خيراً وأشد تثبيتاً. فلماذا لا تقضي إجازتك بين مكة والمدينة، فصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، وصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام. قم بزيارة الأرحام والأقارب، احرص على تعليم أولادك ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فهاهي حلقات تحفيظ القرآن الكريم في ربوع بلادنا ولله الحمد والمنة، وهاهي الدروس العلمية والمحاضرات الدينية في كل مسجد وجامع، فما عليك إلا أن تلتحق بها وتلحق أهلك وأولادك بها، حتى ينشأ لدينا جيل يخاف الله - تعالى -ويحذره، ويخشى عقوبته وسطوته، إذا أردت بر الأبناء فعلمهم الكتاب والسنة، وإلا سقطوا في دياجير العقوق والظلمات، وغاصوا في بحور الجريمة والفساد. جاء رجل إلى أحد السلف يشكو من عقوق ولده وأنه صفعه على وجهه فجاء يشكو عقوقه، فقال له العالم: هل علمته القرآن؟ قال: لا، قال: هل علمته كلام سيد المرسلين؟ قال: لا، قال: هل علمته أخلاق الصالحين وسيرهم؟ قال: لا، قال: حسبك ثور فضربك. وكفى بالقصة درساً وواعظاً. ثم هنيئاً لأولئك الذين رعوا الله في أولادهم، الذين أخلصوا مع أبنائهم فسوف يجنون برهم إذا كبروا بإذن ربهم، لقد فهم كثير منهم حقيقة الأمانة الملقاة على عواتقهم، عرفوا أهمية الرعاية المناطة بهم، فقاموا بواجبهم تجاه ذلك بكل صدق وإخلاص، واستفادوا من هذه الإجازة الصيفية بما يعود عليهم بالخير والإحسان، حيث قام كثير منهم بإلحاق أبنائهم بالمراكز الصيفية الإسلامية الدعوية التي تعتني بالشباب وتثقفهم وتعلمهم الأخلاق الحميدة، والآداب الإسلامية الشرعية، التي يجب أن ينشأ عليها الشاب المسلم، والتي يقوم عليها نخبة من طلبة العلم والشباب المستقيم المتمسك بتعاليم دينه. وتقوم هذه المراكز بزيارات خاصة للأماكن المقدسة في بلادنا الحبيبة - حفظها الله - من كل سوء ومكروه، وتقوم بتحفيظ أولئك النشء ما تيسر من كتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وسير الصحابة والتابعين، وأخبار السلف الصالحين، وكل ما يحتاجه المسلم لدينه، فينشأ بذلك جيلاً صالحاً طاهراً نقياً، يحمي دينه وعقيدته، ويدافع عن مجتمعه ووطنه على أسس سليمة صحيحة. أيها المسلمون: احذروا أصدقاء السوء وأصحاب الشر ودعاة الفسق والضلال، فشياطين الإنس كثير، ومع كثرة مغريات هذه الحياة الانفتاحية في بث القنوات الفضائية والإنترنت والمجلات الهابطة الخليعة، أقول: مع ذلك كله إذا ترك الحبل لهؤلاء الشباب على الغارب فستحصل مفاسد عظيمة، وويلات جسيمة، تئن منها مجتمعات المسلمين في هذه الإجازة وغيرها. فلا بد من إشغال أوقاتهم بما فيه منفعة لهم ولدينهم وعقيدتهم. فالكل منا مسؤول والخير منه مأمول. فليقم كل أب ولتقم كل أم على العناية بأولادهم وليعرفوا أصدقاء الأبناء ومعرفة سيرهم وأخبارهم حتى لا يقع مالاً تحمد عقباه، ولا ترجى أخراه. فحينذاك لا تنفع الآهات ولا تجدي الصيحات، يقول الله - عز وجل -: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، ويقول تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويليتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً). وقد قيل: كل قرين بالمقارن يقتدي، وكل صاحب ساحب، وهذا صحيح، فمن صاحب الأخيار والصالحين صلح بإذن الله، ومن صاحب الأشرار والمفسدين فسد وضل وغوى والعياذ بالله، فالصالحين هم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم، أما غيرهم فهم الأشقياء حقا وسيشقى بهم جليسهم. فالأخيار والطيبين يدعونك إلى الصلاح إلى القرآن، إلى الصلاة، إلى بر الوالدين، إلى جميع الطاعات وما يقرب إلى الجنات، آما المفسدين وأصدقاء السوء فيدعونك إلى الدخان والمخدرات والخمور والمسكرات، وعقوق الوالدين وترك الصلوات والتفريط فيها، يدعونك إلى كل ما فيه شر وفسق وبلاء. يدعونك لكل ما يقرب إلى النيران ويبعد عن الجنان ورحمة الواحد الديان. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون). أيها الآباء والأولياء: احذروا أن تقدّموا لأولادكم هدية محرمة يبوء بإثمها الجميع، ويقع فريستها الصغير والكبير وتبقى تبعتها على جالبها ومحضرِها، فتكون وبالاً وحملاً ثقيلاً يوم ترى الولدان شيباً، فلا تُدخل على أهلك الأجهزة الفضائية بحجة قضاء هذه الإجازة و*** الوقت، والقضاء على الفراغ، وحفظ الأولاد في البيوت، فهذا عذر أعظم من ذنب، فالسفر إلى بلاد الكفر حرام، وإحضار هذه الأجهزة المدمرة إلى المنازل أشد حرمة، وأعظم جرماً، فالمسافر يسافر إلى بلد أو بلدين، أما الجهاز الفضائي فهو أشد خطراً وأعظم فتكاً لأنه ينقلك إلى جميع أنحاء المعمورة بكل ما تعرضه كل قناة من كفر ودمار، وفضيحة وعار، وخزي وشنار، فاحذر من النار يوم أن تعرضَ على القوي الجبار. فهذه الأجهزة ليست بهدية وإنما هي خيانة عظيمة تبوء بإثمها وتبقى عليك عقوبتها، فأنت في غنى عنها. أيها المؤمنون: احذروا من الهدايا التي يكون فيها تضييع للوقت و*** للحياء وتدمير للأخلاق، وإزهاق للأنفس البريئة. أيها: الآباء والأمهات!! راعوا الله وراقبوه في أبنائكم وأهليكم، واتقوا الله حق تقاته في الأمانة التي بين أيديكم، فأمر الأمانة عظيم، عجزت عن حمله السموات والأرض والجبال، واستعد بحملها الإنسان، لظلمه وجهله، فاتقوا الله في أولادكم وارعوهم خير رعاية، واعتنوا بهم أيما عناية، فهم أمانة في أعناقكم يقول - تعالى -: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) وقال - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون). وهناك أمور يجب أن يُعتنى بها أشد عناية، في هذه الإجازة وغيرها، ومن هذه الأمور: أولاً: عدم السهر الطويل إلى منتصف الليل فإن ذلك يؤدي إلى مفاسد عظيمة من أهمها التثاقل عن أداء صلاة الفجر جماعة في بيوت الله - عز وجل - قال - تعالى -: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى الصبح فهو في ذمة الله.. ))[رواه مسلم]. ثانياً: المحافظة على الصلوات الخمس جماعة في المساجد لأن الله أمر بذلك، فقال - تعالى -: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)(وأقيموا الصلاة واركعوا مع الراكعين). وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أي الأعمال أفضل؟ قال الصلاة على وقتها)) قلت ثم آي؟ قال: ((بر الوالدين)) قلت: ثم آي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))[متفق عليه]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))[رواه مسلم]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((العهد الذي بينيا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))[رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا))[متفق عليه]. ثالثاً: قضاء الوقت فيما فيه مصلحة دينية راجحة، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ))[متفق عليه]، فإن لم تشغل وقتك بما يعود عليك بالنفع العميم في الدنيا والآخرة، خسرت ذلك كله وكان وقتك عليك وبالاً وحسرة وندامة. وأختم بهذا الأمر المهم الذي يجب أن يؤخذ بعين العناية والاهتمام، وهو المحافظة على الأذكار (أذكار الصباح والمساء)؛ لأنها الدرع المتين والحصن الحصين بإذن رب العالمين، من العين والحسد والسحر وغير ذلك من ألاعيب اللاعبين وعبث العابثين. فالإجازة تكتض عادة بكثير من الأفراح وولائم الزفاف ويكثر الوافدون إليها ممن أرهقوا أنفسهم بالحسد لفلان وفلانة، والغيرة من ذاك وتلك لأمور تافهة وأسباب سافلة، وكل ذلك حرام وظلم وعدوان، فاحرصوا على تحصين أنفسكم وأولادكم بالرقية الشرعية من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فهما خير وسيلتان لذلك. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن توفق جميع المسلمين لما تحب وترضى، وأن تأخذ بالنواصي للبر والتقوى، وأن ترينا الحق حقاً وترزقنا اتباعه، وترينا الباطل باطلاً وترزقنا اجتنابه، وأن تقينا دعاة الشر والفساد، وأن تجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، إنك سميع قريب مجيب الدعوات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين |
العلامات المرجعية |
|
|