#1
|
||||
|
||||
الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري
الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري
(تحديد مفاهيم) أ. د. محمد جبر الألفي 1- الوراثة: ورث فلان أباه، يَرِثه وِراثة وميراثًا، صار إليه ماله بعد موته[1]، وفي التنزيل: ﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 5، 6]، وفيه أيضًا: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ ﴾ [النمل: 16]، وفي الحديث أن العلماء ورثة الأنبياء، فتطلق الوراثة - إذًا - على انتقال المال أو الصفات من الأصل إلى الفرع. واصطلاحًا: انتقال الصفات الوراثية من الأصول إلى الفروع، بحيث يحمل كل مولود نصف صفاته الوراثية من الأب، والنصف الآخر من الأم[2]. وعلم الوراثة: هو العلم الذي يبحث في تركيب المادة الوراثية، وانتقال صفات الكائن الحي من جيل إلى آخر، وتفسير الظواهر المتعلقة بطريقة هذا الانتقال[3]. 2 - الهندسة الوراثية: الهندسة - في اللغة - لفظ فارسي معرب، أصله: إِندازه، ومنه: المهندز؛ أي: الذي يقدر مجاري القني والأبنية، إلا أنهم صيَّروا الزاي سينًا فقالوا: مهندس؛ لأنه ليس في كلام العرب زاي قبلها دال، والاسم: الهندسة[4]. وفي الاصطلاح: هي المبادئ والأصول العلمية المتعلقة بخواص المادة، ومصادر القوى الطبيعية، وطرق استخدامها لتحقيق أغراض مادية[5]. والهندسة الوراثية يقصد بها: علم التحكم والسيطرة والتعامل مع الجينات في خلايا الكائنات الحية، وتنشيطها للعمل بالطرق المعملية[6]. أو: نقل مقاطع من الحمض النووي لكائن حي ما، وإيلاجها في حمض كائن آخر لإنتاج جزيء هجين[7]. أو: توجيه المسار الطبيعي لعوامل الوراثة إلى مسار آخر؛ بقصد تغيير واقع غير مرغوب، أو تحقيق وصف مطلوب[8]. وقد وردت تعاريف أخرى متعددة للهندسة الوراثية، تتفق جميعها على أن المقصود بالهندسة الوراثية أنها: تقنية علمية حديثة تتعلق بنقل المادة الوراثية من خلية إلى أخرى، أو تغييرها باستخدام الطرق المعملية؛ بهدف الوقاية من الأمراض، أو علاجها، أو إصلاح العيوب والتشوهات الخَلْقية. والهندسة الوراثية فرع من فروع علم الوراثة، يذكر الباحثون أنها تعنى أساسًا بمباحث: التحكم في الجينات، ومحاولة السيطرة عليها، والاستنساخ الحيوي، وإعادة تركيب الحمض النووي (d.n.a) الذي يحمل الخصائص الوراثية للإنسان[9]. 3- الجينوم البشري: لفظ (جين) مأخوذ من الكلمة اليونانية: (جينوس) التي تعني: الأصل، أو النوع، أو النسل، ومصطلح (جينوم = genome) يجمع الأحرف الثلاثة الأولى للكلمة الإنجليزية (جين = gene)؛ أي: الموروث، والأحرف الثلاثة الأخيرة لكلمة (كروموزوم = chromosome)؛ أي: الصبغيات. وقد اختار المعجم الطبي الموحد مصطلح (مجين) مقابل مصطلح (جينوم)، ومصطلح الجينوم البشري يعني: كتلة المادة الوراثية جميعها، أو: الحقيبة الوراثية البشرية القابعة داخل نواة الخلية البشرية، وهي التي تعطي جميع الصفات والخصائص الجسمية[10]، أو: مجموع الطاقم الوراثي، أو الرصيد الوراثي للإنسان، وهو يضم مجموعة كل الجينات أو الموروثات الموجودة في خلايا البشر[11]. ويطلق على الجينوم البشري عدة مسميات، منها: الخريطة الجينية للإنسان، خريطة الجينوم البشري، الحقيبة الوراثية، كتاب الحياة، الشفرة الوراثية البشرية، والخريطة الوراثية للإنسان؛ لأن الموروثات تتوزع على الصبغيات في مواقع محددة، كما تتوزع مواقع البلدان على الخرائط الجغرافية[12]. خريطة الجينوم البشري: يقصد بهذه التسمية قراءة الترتيب التفصيلي للوحدات المكونة للمادة الوراثية في الإنسان، وتحليل المعلومات التي يتم الحصول عليها باستخدام برامج حاسوبية خاصة؛ تمهيدًا لدراسة المادة الوراثية، ومعرفة خصائصها، وعلاقة بعضها ببعض، وتأثيرها الجسدي والنفسي[13]. مشروع الجينوم البشري: نتيجة لاستخدام الطاقة على نطاق واسع، وتأثير الإشعاع الذري على البشر، قامت وزارة الطاقة الأمريكية بدراسات معمقة لبحث الأخطار المحتملة على صحة الإنسان، وما يحدث من تغيرات في الحمض النووي (d.n.a)، وعقدت اجتماعًا مشتركًا مع اللجنة الدولية للوقاية من المطفرات والمسرطنات البيئية، وتم الاتفاق على إنشاء منظمة الجينوم البشري (1988) بهدف فك شفرة كامل الجينوم البشري. وبدأ تنفيذ (مشروع الجينوم البشري) عام 1990 بإمكانات علمية ومادية ضخمة، مكنته من الإسراع في خطوات فك رموز الموروثات، فشاركت في المشروع بعض الدول المتطورة، وقام عدد من الشركات الكبرى باستخدام تقنية أخرى تعجِّل من حلِّ شفرة الجينوم البشري[14]، وهذا هو المقصود حاليًّا بالثورة البيولوجية الكبرى. [1] لسان العرب، مادة: ورث، المصباح المنير، الواو مع الراء وما يثلثهما. [2] أهم الطرق الوقائية من الأمراض الوراثية، أيمن السليمان، ص 1. [3] الميثاق الإسلامي العالمي، ص 461، الوراثة والإنسان، محمد الربيعي، ص 210. [4] مختار الصحاح، الرازي هـ ن د ز، هـ ن د س. [5] المعجم الوسيط: مادة هندس. [6] مدخل إلى علم الوراثة، عبدالله الغامدي وآخرون، ص 267. [7] الهندسة الوراثية، إياد إبراهيم، ص 33. [8] الأحكام الشرعية والقانونية للتدخل في عوامل الوراثة والتكاثر، محمود مهران، ص 122. [9] الهندسة الوراثية والأخلاق، ناهد البقصمي، ص 91. [10] خريطة الجينوم البشري، مريع آل جار الله، ص 21، 42، والمراجع التي أشار إليها، بحث د. حسان حتحوت في ندوة الوراثة ... بالكويت، وبحث د. عمر الألفي في الندوة نفسها. [11] الجينوم البشري، كيفلس، ترجمة: أحمد مستجير، ص 7. [12] البصمة الوراثية في الفقه الإسلامي، مصلح النجار، ص 183. [13] المرجع السابق، الموضع نفسه. [14] الجينوم البشري، دانيال كيفلس، ترجمة: أحمد مستجير، ص 109، 111، 112، العلاج الجيني، عبدالهادي مصباح، ص 67، الجينوم، مات ريدلي، ص 92. |
العلامات المرجعية |
|
|