اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-05-2015, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي درجات الجنة


درجات الجنة











عائشة عامر شوكت






يعمل الإنسان في الحياة الدنيا من أجلِ الحصول على منافعَ قليلةٍ، تساعده على الاستمرار في الحياة، ومهما كان الإنسان غنيًّا نتيجةَ هذه المنافع، فإنها مقارنةً بما يحصُلُ عليه المؤمنون في الجنة ودرجاتها لا تعد شيئًا؛ لأن الإنسان في الجنة يحصل على الدرجات العالية من خلال العبادات والطاعات، وهذه الدرجات حسب العمل الصالح، وتعتمد على قوة العمل الصالح، ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 132].





تدلُّ هذه الآية الكريمة على أن لكل عامل في طاعة الله أو معصيته منازلَ ومراتبَ من عمله، يبلغه الله إياها، ويثيبه بها، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر؛ لأن الإنسان يحصل على الدرجات العالية من خلال العبادات والطاعات، فكلما كثُرَت طاعاته زادت درجاتُه في الجنان.





قال تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 95، 96]، فهذه الآية تشير إلى أن أصحاب الضرر من المؤمنين يُساوَون بالمجاهدين؛ لأن العذر أقعدهم عن القتال، كما تشير الآية إلى أن المجاهدين في سبيل الله لهم درجات في غرف الجنان العالية، ولهم مغفرة من الذنوب، وحلول الرحمة والرضوان عليهم تكريمًا لهم[1].





وقد ذكر ابن القيم في هذه قصيدته الرائعة درجات الجنة، فقال:




درجاتُها مائةٌ وما بين اثنتَيْ

نِ فذاك في التحقيقِ للحسبانِ




مِثلُ الذي بين السماءِ وبينَ هَ

ذِي الأرضِ قولُ الصادقِ البرهانِ




لكنَّ عاليَها هو الفردوسُ مَسْ

قوفٌ بعرشِ الخالقِ الرحمنِ




وسطَ الجنانِ وعُلْوَها فلذاك كا

نت قبَّةً من أحسنِ البنيانِ




منه تفجَّرُ سائرُ الأنهارِ فال

منبوعُ منه نازلٌ بجنانِ[2]










قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ﴾ [طه: 75].





ومن الذين وضَّحوا هذه المسألة ابن تيمية[3]، فقد قال:


"والجنة درجات متفاضلة تفاضلاً عظيمًا، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم[4].





فبيَّن الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضَل الناس في الدنيا، وأن درجاتها أكبر من درجات الدنيا، وقد بيَّن تفاضل أنبيائه عليهم السلام كتفاضل سائر عباده المؤمنين[5]، ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ﴾ [البقرة: 253].





وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة مائةَ درجةٍ، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فهو أوسط الجنة، وهو أعلى الجنة، وفوقَه العرشُ، ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة))[6].





والمراد بالمائة هنا الكثرة بالدرجات المُرْقَاة، والمراد بالدرجات المراتب العالية؛ أي إن لهم درجاتٍ بحسب أعمالهم من الطاعات[7].





ويتَّضِح لنا من خلال ما سبق أن الجنة درجاتٌ؛ وذلك لأن عباد الله غيرُ متساوين في الأعمال، فهناك مَن يؤدي الفرائض فقط، وهو من أهل الجنة، وهذا يعتبر أقل درجة في دخول الجنة، وهناك مَن يريد الزيادة في الجنة، فيُطبِّق السنن كقيام الليل، وهنا تكثر درجاته في الجنة؛ لأن ذلك حسب عمله.





عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال - يعني لصاحب القرآن -: اقرَأ وارتقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّل في الدنيا، فإن منزلتَك عند آخر آية تقرأ بها))[8]؛ إذًا الزيادة تتوقَّف على فعل العبد للطاعة.





وفي آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إشارة إلى أن الجنة درجات، وهناك أفضل أنواع الجنات.





قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عثمانُ بنَ مظعون، مَن صلَّى صلاةَ الفجر في جماعة، ثم جلس يذكُرُ حتى تطلُعَ الشمس كان له في الفردوس سبعون درجةً، كلُّ درجتين كحُضْر الفرس الجواد المُضمَّر سبعين سنةً، ومَن صلى صلاة الظهر في جماعة كان له في جنات عدنٍ خمسون درجةً، بُعْدُ ما بين كل درجتين كحُضْرِ الفرس الجوادِ المُضمَّر خمسون سنةً))[9].





وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أهلَ الجنة يتراءَون أهلَ الغُرفِ من فوقهم كما يتراءَون الكوكبَ الدُّرِّي الغابرِ في الأُفقِ من المشرق أو المغرب، لتفاضُلِ ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلُغُها غيرهم، قال: ((والذي نفسي بيدِه، رجال آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين))[10].





وقد ذهب ابن حجر[11] رحمه الله إلى القول في معنى (يتراءون) أن أهل الجنة تتفاوَت منازلُهم بحسب درجاتهم في الفضل، حتى إن أهل الدرجات العلا ليراهم مَن هو أسفل منهم كالنجوم، وقوله: ((الدُّري))، وهو النجم الشديد الإضاءة[12].





أما أفضل تلك الدرجات، فهي الفردوس الأعلى، وهناك صفات أو شروط تمكن ساكنَها من إرثِها، بعد رحمة الله تعالى، كما في الآية الكريمة: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].





في هذه الآية الكريمة بيَّنت أن سبب إرث أهل الجنة الفردوسَ الأعلى هو تقواهم لربهم، وما قدَّموا من الأعمال الصالحة في دنياهم[13].





ومن هنا تبيَّن لنا أن أعلى درجات الجنة الفردوس الأعلى، فإذا سأل العبد ربَّه فليسأَلْه الفردوسَ الأعلى؛ لأنه أسمى وأرقى درجة في الجنة، ويحتاج العبد الجهدَ الكثير ليصل إلى هذه المرتبة، أو الدرجات العلا، ومما ينبغي أن يُعلَم أن العمل لا يكفي مستقلاًّ في دخول الجنة، بل لا بد من رحمة الله تعالى.






[1] الإمام أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، (ت: 774هـ)، (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع)، (ج1/ص774).




[2] القصيدة النونية لابن القيم الجوزية، مصدر سابق، (ج1/ص309).



[3] الشيخ العالم المفسِّر الفقيه المجتهد، الحافظ المحدث، شيخ الإسلام، تقي الدين، أبو العباس أحمد، ابن العالم المفتي شهاب الدين عبدالحليم، ابن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبدالسلام مؤلِّفِ الأحكام، ابن عبدالله بن أبي القاسم الحراني بن تيمية، وُلِد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة بحران، وينظر: (شمس الدين، أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، (ت: 748هـ)، ثلاث تراجم نفيسة للأئمة الأعلام: ابن تيمية، والحافظ علم الدين البرزالي، والحافظ جمال الدين المزِّي، تحقيق: محمد بن ناصر العجمي، (دار ابن الأثير - الكويت)، ط1، 1415هـ - 1995م، (ج1/ص21 - 22).



[4] علي بن نايف الشحود، صفة الجنة والنار في القرآن والسنة، (ج1/ص114).



[5] نفس المصدر السابق، (ج1/ص115).



[6] محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن محمد بن معبد، التميمي، أبو حاتم الدارمي، البُسْتي، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، (ت: 354هـ)، (مؤسسة الرسالة - بيروت)، ط1، 1408هـ - 1988م، باب: ذكر الأخبار عن وصف درجات الجنان التي أعدها الله لمن أطاعه في حياته، رقم الحديث: 739، (ج16/ص402).



[7] الإمام الحافظ أبو العلاء محمد بن عبدالرحيم المباركفوري، تحفة الأحوذي، (ت: 1353هـ)، (بيروت - لبنان)، (ج7/ص227).



[8] محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحَّاك، الترمذي، أبو عيسى، (ت: 279هـ)، سنن الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبدالباقي، وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف، (شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر)، ط2، 1395 هـ - 1975 م، (ج5/ص177)، رقم الحديث: 2914.



[9] أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراساني، أبو بكر البيهقي، شُعَب الإيمان، (ت: 458هـ)، (مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض، بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند)، ط1، 1423 هـ - 2003 م، (ج4 ص344)، رقم الحديث: 2610، باب: فضل الصلوات الخمس في الجماعة.



[10] الجامع الصحيح المختار، (مصدر سابق)، كتاب: بَدْء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، (ج3/ص1188)، رقم الحديث: 3256.



[11] الحافظ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حجر بن أحمد الكتاني العسقلاني الأصل، ثم المصري، الشافعي، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، شُهِد له بالانفراد، خصوصًا في شرح البخاري، ومن تصانيفه: (فتح الباري شرح البخاري، ومقدمته تُسمَّى هَدْي الساري، وتقريب الغريب في غريب صحيح البخاري، والاحتفال في بيان أحوال الرجال، ، ولد فِي ثَانِي عشر شعْبَان، سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة؛ (عبدالرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي، (ت: 911 هـ)، نظم العقيان في أعيان الأعيان، تحقيق: فيليب حتى، (المكتبة العلمية - بيروت)، (ج1/ص 45، 46).



[12] فتح الباري شرح صحيح البخاري، (مصدر سابق)، كتاب بَدْء الخلق (ج1/ص318).




[13] مباحث العقيدة في سورة الزمر، مصدر سابق، (ج1/ص671).


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:07 PM.