اللقاح "التطعيم"

[ابو وليد البحيرى]

اللقاح "التطعيم" (1)
عبد المطلب السح

الأمراض حقيقة واقعة في حياة الإنسان، وكان للبشرية على مدار العصور معركة حامية الوطيس معها، وبدأ السجال منذ القدم ولا يزال أواره مستعراً ليومنا هذا وسيبقى إلى ما شاء الله، لقد استخدم الإنسان كل ما تيسر له في معركته المصيرية وابتكر ما استطاع فكانت الأدوية والعقاقير وإنجازات الجراحة وتعددت الفروع الطبية، لقد كانت هناك نقطة تحول حقيقية عندما بدأ الإنسان يفكر بالوقاية قبل حدوث المرض وتنوعت الوقايات وكان اللقاح "التطعيم" تاجاً لها فهو الصديق وقت الشدائد والجائحات وهو المسهم ببسمة لا أحلى ولا أغلى على ثغور أطفالنا.

لقد بذلت جهود جبارة لتوطيد دعائم الصداقة بين الطفولة واللقاح وليس أبلغ من برامج التلقيح وحملات التلقيح كمثال على ذلك، والآن لننطلق برحلة نجوب بها طيف الأمراض التي تغطيها اللقاحات على الأقل في بلدنا، حيث لكل بلد ومجتمع برنامجه الخاص به:

1- السل "التدرن": يعتبر السل من الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، سببه جرثومة، ويكثر حيث الازدحام السكاني، كما يكثر تعرض الأطفال دون الثالثة له، ويصيب خصوصاً الرئتين وقد ينتشر منهما لأرجاء البدن الأخرى، أعراضه الشائعة سعال مزمن ونقص شهية ووزن وفشل نمو وحمى وتعب، وقد يصيب الجملة العصبية محدثاً التهاب سحايا، كما قد يصيب العظام والمفاصل والأمعاء والكلية والعين والجلد وغير ذلك من أعضاء البدن، كما أنه قد يسبب العدوى للآخرين.
2- شلل الأطفال: ينجم عن حمة "فيروس" ويؤدي لصداع وحمى وإقياء وضعف عضلي مع ألم، ومن ثم يحدث الشلل ويتبعه ضمور العضلات وقد يحدث التهاب سحايا عقيم، وقد تشمل الإصابة البصلة السيسائية وتؤدي بالتالي لاضطراب البلع والكلام ووظائف القلب والتنفس وبالتالي تحدث الوفاة.
3- المستدمية النزلية: وهي جرثومة تؤدي لإصابات تنفسية وانتان دم وربما التهاب سحايا قيحي وغير ذلك من الإصابات.

4- التهاب الكبد المصلي: ينجم عن حمة "فيروس" وينتقل بطريق الدم والمشيمة والاتصال ال***ي، يسبب عدم ارتياح في المعدة والأمعاء وإسهال ونقص شهية وإقياء ويرقان وضخامة كبد وقد تتطور الحالة لالتهاب كبد صاعق أو التهاب كبد مزمن وقد يتبعه تشمع كبد وهذا قد يؤدي لحدوث سرطانة في الكبد، وقد يتربص الموت بالمصاب.
5- التهاب الكبد الإنتاني: ينجم عن حمة "فيروس"، وينتقل بالطريق الهضمي، يسبب يرقاناً وعدم ارتياح في المعدة والأمعاء ونقص شهية وإقياء ويرقان وضخامة كبد وقد تتطور الحالة بشكل سيء. 6- الدفتريا: تنجم عن جرثومة وذيفانها، وتؤدي لإصابة الطرق التنفسية حيث يتشكل غشاء على البلعوم ويمتد الغشاء للأسفل والأعلى يصيب الأنف والحنجرة والرغامى وقد يؤدي للاختناق، كما قد يحدث التهاب أعصاب محيطية أو التهاب عضلة قلبية أو ذات قصبات ورئة، والوفيات ليست قليلة.

7- السعال الديكي: وينجم عن جرثومة، ويسمى سعال المئة يوم، وعدواه شديدة، وأعراضه سعال نوبي شديد ومتواصل وينتهي بحصول شهيق عنيف، وقد يتلو السعال حدوث إقياء، وقد تحدث ذات قصبات ورئة ثانوية أو التهاب أذن وسطى أو اعتلال دماغ.

8- الكزاز: ينجم عن جرثومة وذيفانها، تدخل الجرثومة عن طريق الجروح أو من سرة الوليد وتؤدي لحدوث تشنجات في عضلات الفك، كما تحدث صلابة في عضلات الرقبة والظهر والبطن ومن ثم تحدث تقلصات عضلية نوبية معممة وسحنة خاصة، ومن ثم تحدث الوفاة.
9- الحصبة: تنجم عن حمة "فيروس" وتؤدي لحمى شديدة وسعال والتهاب ملتحمة وطفح ينتشر من الوجه لأسفل لجسم حيث يغطي كل البدن، وقد تحدث ذات رئة ثانوية والتهاب أذن وسطى والتهاب جيوب والتهاب حنجرة والتهاب قصبات والتهاب دماغ وقد تحدث نزوف أو التهاب زائدة أو التهاب عضلة قلبية أو التهاب عصب بصري أو ولادة قبل الآوان "خداج" أو ولادة جنين ميت "مليص".

10- الوردية الوافدة "الحصبة الألمانية": تشبه الحصبة ولكنها أخف وطأة ولا تدوم طويلاً، وخطورتها تكمن في إصابة الحامل حيث تكون إصابة الجنين خطيرة فقد تحدث له إصابات وتشوهات خطيرة في عينيه وقلبه ودماغه وكبده وطحاله ودمه وعظامه ورئتيه وقد يموت -لا قدر الله الله-.
11- الحماق "جدري الماء": ينجم عن حمة "فيروس" ويؤدي لحمى وطفح جلدي يكثر على الجذع وقد يحدث إقياء وصداع، كما قد يحدث التهاب سحايا عقيم.
12- النكاف: وينجم عن حمة "فيروس" ويؤدي لتورم أمام وأسفل الأذن بجانب أو في الجانبين، وقد يؤدي للاتهاب سحايا عقيم والتهاب خصية والتهاب معثكلة "بنكرياس" والتهاب مبيض وربما عقم والتهاب مفاصل وصمم والتهاب عضلة قلبية والتهاب نخاع وشلل وجهي.

وللحديث بقية -بإذن الله تعالى-.

[ابو وليد البحيرى]

اللقاح "التطعيم" (2)
عبد المطلب السح

كل ما ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه العجالة ماهي إلا أمراض بغيضة وأمام هول فواجعها ينبغي عدم التردد بإعطاء اللقاحات "المجانية غالباً".
لقد أدى الاستخدام العلمي والشامل لانقراض مرض الجدري وأوشك شلل الأطفال والحصبة على اللحاق بالجدري.
لكل بلد ومجتمع برنامج لقاحاته الخاص المناسب لوضعه الصحي ومدى تطوره وإمكانياته، وهناك إضافات أو حذف جزئي وتحديثات للبرنامج حسب الظروف والحالات الفردية، وهناك لقاحات أخرى مثل الانفلونزا والمكورات الرئوية والحمى التيفية والحمى الصفراء والكوليرا والكلب والتهاب الدماغ الياباني ولقاح السحائيات والروتا وغيرها وكلها تعطى بظروف معينة.

للقاحات إزعاجات بسيطة فلقاح السل قد يخلف ندبة، وقد تتشكل بثرة وقيح مكانها، واللقاح الثلاثي "دفتريا وسعال ديكي وكزاز" قد يؤدي لألم وتورم واحمرار مكان الحقن، وقد يؤدي لحمى، ووسن ونقص شهية، وإقياء وبكاء غير اعتيادي، وشديد وهياج واختلاجات وميل للنوم، وذلك خلال ثلاثة أيام من اللقاح، وجل ذلك ناجم عن لقاح السعال الديكي، قد يظهر طفح عابر وحمى في اليوم (6-11) بعد لقاح الحصبة.

أما التأثيرات الناجمة عن لقاح الوردية الوافدة فنادرة جداً عند الأطفال، ولكن قد يحدث ألم مفصلي أو التهاب مفاصل وطفح، أو التهاب أعصاب، أو التهاب نخاع عند الكهول، قد يحدث ألم مفصلي وألم مكان حقن التهاب الكبد.
أما التأثيرات الناجمة عن لقاح النكاف وشلل الأطفال والدفتريا، فنادرة جداً وسليمة.

هناك حالات مرضية لا تسمح بإعطاء اللقاح أو متابعة البرنامج، وهي قليلة يتناقش حولها الأهل والطبيب، وتتخذ الإجراءات المناسبة بوقتها.
أما الأهل الذين فاتهم تلقيح طفلهم في الوقت المناسب فيمكنهم المتابعة أو البدء ببرنامج خاص حسب الحالة.
تعتبر حملات التلقيح الوطنية الخاصة بشلل الأطفال رافداً أساسياً لتعزيز المناعة، واستئصال شآفة الداء، وهذا اللقاح سليم وسهل الإعطاء فموياً.

وختاماً: اللقاحات صديق وفي لنا ولأطفالنا، فلنتعرف عليه بوقته، ليذكرنا وقت الشدة -إن شاء الله-