|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التحـذيــر من الإغترار بمكفرات الـذنــوب
التحـذيــر من الإغترار بمكفرات الـذنــوب د سعود بن حمد الخثلان يتكرر الحديث فى الخطب والمواعظ عن الكفارات ولا غرو فى ذلك فإن من فضل الله على المسلمين ان شرع لهم من الأعمال والقُـربات ما يمحوالخطايا ويكفر الذنوب. والاحاديث النبوية فى هذا الشأن كثيرة والتى تتردد على سـمع المسلم فيُـحس بفضل الله تعالى عليه عندما يدرك ان له مخرجا مما يقع فيه من معاص وسـيئات، وطريقا للعودة اليه عز وجل. والمقال الذى بين أيدينا يتناول ما ورد من تحذير صريح من الإغترار بما يعمله المسلم من مكفرات الذنوب. فكما يقول اهل العلم فإن الإغترار بها ربما أدى الى اسـتسـهال الذنوب والإستهانة بها لدى البعض مما قـد يجر الى اعتياد المعصـية. بل قـد يُفضي الى الإصرار عليها والعياذ بالله. ولا شـك أنه عندما يكون هنا ك حديث عن مكفرات الذنوب ويتخلله تحـذير من الإغترار بها، وتذكير بأن الله يأخـذ بالذنوب وأن اخـذه أليم شـديد، يكون ذلك، فى الواقع، تطبيق لمبدأ الإعتدال والتوازن، فالوسـطية ضرورة دينية والإسلام كلٌ لا يتجزأ. ومعلوم ان المسلم من المفترض ان يعيش بين الخوف والرجاءز فتراه يرجو العفو والمغفرة من ربه، وفى نفـس الوقت يخاف ذنوبه عندما يسـمع آيات واحاديث الوعيـد. فينزجر عن التمادى فى إقتراف السـيئات ويقبل على الإسـتغفار والتوبة. وهذه بداية الطريق للعودة الى الله عز وجل. الحديث الذى ورد فيه التحذير من الإغترار بالمكفرات: روى البخارى فى كتاب الر قاق (طبعة اسـتانبول، ج.7 ، ص. 174) الحديث الذى قال فيه: ان عثمان رضي الله عنه توضأ فأحسـن الوضوء ثم قال: رأيت النبي صلىالله عليه وسلم توضأ وهو فى هذا المجلس فأحسـن الوضوء ثم قال(أي النبي صلىالله عليه وسلم): " من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غُـفر له ما تقدم من ذنبـه " قال وقال النبي صلىالله عليه وسلم: " لا تغـتروا " . وقـد تعرض الحافظ ابن حجـر لهذا الحديث فى كتاب الوضوء ، وشـرحه قائلاً : لا تغترو ، أي فتسـتكثروا من الأعمال السـيئة بناءً على أن الصلاة تكفرها ، فإن الصلاة التى تُكفر بها الخـطايا هي التى يقبلها الله وأنَّى للعبد بالإطلاع على ذلك. ثم توسـع فى شـرح الحديث فى موضعه من كتاب الرقاق ، وذكر أوجها أخرى فى شـرح "لاتغتروا" ، فقال: إن ما يُكفر بالصلاة هي الصغائر فلا تغتروا فتعملوا الكبيرة بناءً على تكفير الذنوب بالصلاة فإنه خاص بالصغائر. او لا تسـتكثروا من الصغائر فإنها بالإصرار تُعطى حكم الكبيرة فلا يُكفرها مايُكفر الصغيرة. او أن ذلك خاص بأهل الطاعة، فلا يناله من هو مرتبك فى المعصـية- أي واقع فى المعصية لا يسـتطيع الخلاص منها. وأشار ابن حجر فى هـذا الموضع الى روايـة أخرى عن عثمان رضي الله عنه ، فى تكفير الصلاة للذنوب، قـُيـِّـد التكفير فيها بعدم غشـيان الكبائر. وهي عند مسلم بنفـس المعنى.وأورد مسلم فى صحيحه – كتاب الطهاره- كذلك حديثين ارتبط تكفير الذنوب فيهما باجتناب الكبائر. وكان عثمان رضي الله عنه يخشـى الإغترار بما ورد من أن الصلاة تُكفر الذنوب. ففى رواية عند البخارى ومسلم بسـياق متقارب، أنه رضي الله عنه لما توضأ قال: ألا أحدثكم حديثا لولا آيــَةٌ فى كتاب الله ماحدثـتـكموه إني سـمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يتوضأ رجل يُحسـن وضوءه ويصلي الصلاة الاَّ غُفر له مابينه وبين الصلاة التى تليها". والآية (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ...) إلى قوله تعالى(ويلعنهم اللاعنون). سورة البقره ، الآيه 159. قال ابن حجر: وإنما كان عثمان يرى ترك تبليغهم ذلك خشـية عليهم من الإغترار، لولا ألآيـة المذكورة. مُـحَـقِّـرات الذنـوب: ويأتي ضـمن هذا السـياق التحـذير من اسـتصغار الذنوب والإسـتهانة بها. فقـد بوب البخارى لذلك بقوله باب ما يُـتقى من مُحـقرات الذنوب. وأورد فى ذلك قول أنـس بن مالك رضي الله عنه: "إنكم لتعملون اعمالاً هي أدق فى أعينكم من الشـعر إن كنا نَعُدُّ على عهـد النبي صلىالله عليه وسلم الموبقات" قال البخاري: يعني بذلك المهلكات. وفى شرحه لهذا الباب اسـتشـهـد ابن حجر بحديثين. ألأول اخرجه الإمام احمد، مرفوع، حـذر الرسول صلىالله عليه وسلم فيه من مُحقرات الذنوب وجاء فى آخره: "... وان مُحقرات الذنوب متى يُؤخـذ بها صاحبها تهلكه". والثاني عند الإمام احمد والطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ، وعند النسائي وابن ماجـه عن عائشـة رضي الله عنها ان النبي صلىالله عليه وسلم قال لها: " يا عائشة إيّاك ومُحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً ". وروى البخارى، فى باب التوبة، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، الحديث الذى يُبين الفرق بين المؤمن والفاجر فى مدى الإحساس بالذنوب، قال: " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على انفه فقال به هكذا ". يقول الحافظ ابن حجر، معلقا على هذا الحديث: إن المؤمن من شـدة خوفه من ذنوبه لا يأمن العقوبة بسـببها. وهذا شـأن المسلم يسـتصغر عمله الصالح ويخشـى عمله السيئ مهما كان صغيرا. وهكذا يكون المؤمن عظيم الخوف من الله تعالى من كل ذنب صغير أو كبير، وذلك على عكس الفاجـر فإنه قليل المعرفة بالله فلذلك قل خوفـه واسـتهان بالمعصـية. ويقول ابن قيم الجوزية فى هذا الصدد: وإنما يَعظُم الذنب فى قلب المؤمن لعلمه بجلال الله تعالى فإذا نظـر الى عظمة من عصـى، رأى الصغيرة كبيرة. المُجـاهـرة والإصـرار: وكذلك جـاء التحـذير من الإصرار على الذنوب والمجاهرة بها. يقول الله تعالى):والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) سورة آل عمران الآية 135. يقول أهل العلم إن صغائر الذنوب اذا كثُرت صارت كبارا مع الإصرار. وإن المرء ليقترف الذنب الصغير مستهيناً به مصرا عليه مستأنساً به، فتزول بذلك هيبة الشريعة من نفسـه، وقد يتجرأ بعد ذلك على إرتكاب الكبائر فيكون من الهالكين. والمجاهرة بالمعصية طامـة قـد يُـبتلى بها بعض المذنبين. روى البخارى ومسلم الحديث المعروف" كل أمـتي معافى الاّ المجاهرين، وإن من المجاهرة (وفى قراءة أخرى، فى صحيح البخارى، المَجَانة بدل المجاهرة ) أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يُصبح وقد سـتره الله، فيقول يا فلان عملت البارحة كـذا ...." الى آخر الحديث. وقد أورد ابن حجر اقوالا لأهل العلم فى شـرحه لهذا الحديث، من ذلك قوله: إن فى الجهر بالمعصية إسـتخفاف بحـق الله ورسوله وبصالح المؤمنين وفيـه ضرب من العناد لهم. وفى قوله " وإن من المجانة " ، حسـب الرواية الأخرى ، ما يفيـد أن الذى يُجاهر بالمعصيـة يكون من المُجان. والمجانة مذمومة شرعا وعُرفا. فيكون المجاهر بالمعصية قـد ارتكب محـذورين اظهار المعصية وتلبسـه بفعل المُجان . وقـد أُبتليت الأمة فى وقتنا الحاضر بمن أصروا على معاصيهم وجاهروا بها الى درجة فيها من الوقاحـة والجرأة على الدين الشـيئ الكثير، وذلك من خلال ما يُبــث ويُـشـاهد من مجون وخلاعـة عبر القنوات الفضائية وعبر ما يُشـاهد ويُقرأ فى بعض وسائل التواصل الاجتماعي مما يتنافى تماما مع شريعتنا بل ومع الفطرة والطبع السـوي. |
العلامات المرجعية |
|
|