إقرأوا ما قاله الخبيث بونابرت عند احتلال الفرنسيين لمصر محاولا خداع الشعب بأنه مسلم م

[ابو وليد البحيرى]

أول منشور وجهه بونابرت إلى الشعب المصري

بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه(١).

من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية(٢)السر عسكر الكبير(٣) أمير الجيوش الفرنساوية بونابرته

يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمن مديد الصناجق(٤) الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي فحضر الآن ساعة عقوبتهم، وأخرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الإبازة(٥) والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد في كرة الأرض كلها. فأما رب العالمين القادر على كل شيء فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم.

يا أيها المصريون
قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح، فلا تصدقوه وقولوا للمفترين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين. وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى، واحترم نبيه والقرآن العظيم. وقولوا أيضًا لهم إن جميع الناس متساوون عند الله وإن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط. وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب. فماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم ويختصوا بكل شيء أحسن فيها من الجواري الحسان والخيل العتاق والمساكن المفرحة؟ فإن كانت الأرض المصرية التزامًا للمماليك فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم. ولكن رب العالمين رءوف وعادل وحليم. ولكن بعونه تعالى من الآن فصاعدًا لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية. فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبرون الأمور، وبذلك يصلح حال الأمة كلها. وسابقًا كان في الأرض المصرية المدن العظيمة والخلجان(6) الواسعة والمتجر المتكاثر، وما أزال ذلك كله إلا الظلم والطمع من المماليك.
أيها المشايخ والقضاة والأئمة والشوربجية وأعيان البلد، قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون(7)، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية(8) الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائمًا يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكوللرية(9) الذين كانوا يزعمون أن الله تعالي يطلي منهم مقاتلة المسلمين ومع ذلك فالفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه أدام الله ملكه. ومع ذلك أن المماليك امتنعوا من إطاعة السلطان غير ممثلين لأمره، فما أطاعوا أصلا إلا لطمع أنفسهم.
طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم وتعلى مراتبهم. طوبي أيضا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون علي المماليك في محاربتنا فلا يجدون بعد ذلك طريقا إلي الخلاص ولا يبقي منهم أثر
المادة الأولى: جميع القرى الواقعة في دائرة قريبة بثلاث ساعات عن المواضع التي يمر بها عسكر الفرنساوية فواجب عليها أنت ترسل للسر عسكر من عندها وكلاء كيما يعرف المشار إليه أنهم أطاعوا وأنهمز نصبوا علم الفرنساوية الذي هو أبيض وكحلي وأحمر.
المادة الثانية: كل قرية تقوم علي العسكر الفرنساوي تحرق بالنار.
المادة الثالثة: كل قرية تطيع العسكر الفرنساوي أيضا تنصب صنجاق السلطان العثماني محبنا دام بقاؤه.
المادة الرابعة: المشايخ في كل بلد يختمون حالا جميع الأرزاق والبيوت والأملاك التي تتبع المماليك وعليهم الاجتهاد التام لئلا يضيع أدني شيء منها.
المادة الخامسة: الواجب على المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة أنهم يلازمون وظائفهم وعلى كل أحد من أهالي البلد أن يبقي في مسكنه مطمئنًا وكذلك تكون الصلاة قائمة في الجوامع على العادة. والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله سبحانه وتعالي لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عالي أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية.

تحريراً بمعسكر إسكندرية في ١٣ شهر سيدور سنه ١٢١٣ من إقامة الجمهور الفرنساوي يعني في آخر شهر محرم سنة هجرية انتهي بحروفه(10).

(١) الخلجان يقصد بها الترع أو القنوات.
(٢) في الأصل الفرنسي "أصدقاء للمسلمين المخلصين".Que nous sommes amis des vrais musulmans.
(٣) يقصد بها روما.
(٤) تكتب أحياناً كواليرية، كويليرية، كوليرية كفاليرية. وكلهعا مأخوذة من الكلمة الايطالية cavaliere ومعناها فارس، وهم فرسان القديس وحنا في مالطة وكانوا أقاموا صلاة على روح الملك لويس السادس عشر عندما أعدمته الثورة كما كانوا يقدمون له الأموال قبل إعدامه. وردت حكومة الثورة عليهم باعتقال المقيمين منهم في فرنسا وصادرت أملاكهم وأعدمت بعضًا منهم. واعتقدت حكومة الثورة أيضًا أن مالطة غدت وكراً للدسائس يحيكها عملاء انجلترا وروسيا والنمسا وخشيت أن تبادر إحدى هذه الدول إلى احتلال الجزيرة. فالمنشور ملئ بالمغالطات وصور النفاق والتضليل.
(5) لم ترد كل هذه العبارات الدينية في الأصل الفرنسي. وإنما استهل هذا الأصل الفرنسي على النحو الآتي: المعسكر العام في الإسكندرية في ١٤ من مسيدور من السنة السادسة الموافق ١٨ من محرم سنة ١٢١٣ هجرية، بونابرت عضو المجمع العلمي الأهلي والقائد العام. وكان بونابرت يفخر بعضويته في المجمع العلمي ويقدمها على رتبته العسكرية.
(6) التسوية يقصد بها المساواة.
(7) السر عسكر معناها القائد العام.
(8) الصناجق جمع صنجق وهو مدير المديرية وكان الأمراء المماليك هم الذين يتولون هذه المناصب.
(9) الابازة هم شعوب القوقاز. وفي الأصل الفرنسي "المجلوبين من جورجيا والقوقا
(10) الجبرتي ج ٣ ص ٤-٥
منقول