زويل

[الطائر المجروح]

العصر الذي نعيشه يموج بالكثير من الانقلابات والثورات العلمية التي تغير من وجه التاريخ‏,‏ وتمنح الانسان عمرا أطول وصحة أفضل ودموعا أقل‏..!‏

ولقد اختار د‏.‏ أحمد زويل لأحدث كتبه عنوان عصر العلم حيث يعلل ذلك بقوله‏:‏
لقد أدي هذا التطور العلمي إلي انكماش الزمان والمكان وحلت مقاييس جديدة ومرعبة في قياس ذلك الانكماش فأصبح المريخ علي بعد دقائق من الأرض وأصبح بمقدور العلم ان يعبر إلي داخل الثانية تقنيا وتجزئيا‏..‏ إلي واحد علي مليون علي بليون منها‏,‏ كما أصبح ممكنا استنساخ الخلايا والاعضاء الحيوية‏,‏ وفك رموز الشفرة الجنينية البشرية
‏
وأدت كل هذه الاختراعات إلي تكنولوجيا جديدة‏,‏ ومجتمع جديد يجعل الانسان في وضع يختلف جذريا عن سابقه‏,‏ بما يحمل من مزايا كبري أو مخاطر محتملة‏,‏ كما أدت التكنولوجيا إلي خلق حقائق جديدة في الاقتصاد رذ أصبح بمقدورها أن تحيل الفقر إلي ثراء في بعض البلدان‏,‏ أو تجعل من بلاد غنية بالموارد الطبيعية مجرد مستهلك لما ينتجة الآخرون‏.‏
‏
والكتاب يتقسم لقسمين‏..‏ الجزء الأول منه هو ملخص ما نشر في كتاب رحلة عبر الزمن الطريق إلي جائزة نوبل الذي ترجمت طبعاته للغات الروسية والصينية والكورية والألمانية وليصل عدد الترجمات في أقل من عامين إلي‏12‏ ترجمة‏..‏ والقسم الثاني هو مقالات وحوارات مع المؤلف
‏
وفي كلمة موجزة حلق فيها أحمد السلماني محرر الكتاب بعنوان ظاهرة أحمد زويل حيث يقول‏:‏
يشبه العالم أحمد زويل الفيلسوف الفرابي في كون الاثنين اكثر الشخصيات الاسلامية محلية وعالمية‏,‏ ومن يتأمل اهتمام الدكتور زويل بتطوير حالة العلم وتأسيس قاعدة علمية مصرية‏,‏ وخوضه طريقا صعبا في سبيل تأسيس مشروعه العلمي في مصر‏,‏ يبدو له وكأنه لا اهتمام آخر للدكتور زويل غير هذا الاهتمام الوطني المحلي الخاص ببلاده‏,‏ ومن يتأمل انجازاته علي صعيد العلم‏,‏ وانطلاقه من تأسيس علم كيمياء الفمتو إلي دراسات المياه داخل جزئيات الخلايا‏..‏ يتأكد لديه أنه لا سبيل لأن يفعل زويل شيئا آخر‏.‏
‏
كانت رؤية د‏.‏ أحمد زويل في النهوض العلمي بمصر قد ازدادت ثراء‏,‏ بحكم محاضراته وأحاديثه‏,‏ وتبعا للمناقشات الواسعة والرفيعة التي اعقبت مقالته الشهيرة حول مستقبل العلم في مصر وقد وصل زويل بعلم الكيمياء إلي ما كان يبدو مستحيلا قبل ظهوره وحيث يشير علم الكيمياء إلي رجلين لهما الاسهام الأكبر في بنائه واستعلائه طيلة القرن العشرين فليس غير لانيوس بولينج ـ الحائز علي جائزة نوبل ـ أحمد زويل‏.‏
‏
والكتاب هو سر لحياة رجل ملأ الدنيا وشغل الناس بإنجازاته العلمية منذ البداية في مدينة دمنهور عام‏1946‏ وحيث هاجر والده من الاسكندرية إلي مدينة دسوق في ظل حالة القلق التي كانت تحكم الجميع بسبب الحرب‏.‏ والكتاب هو وصف تاريخي وجغرافي واستعراضي ثقافي لحياة د‏.‏ أحمد زويل من خلال الاحداث التي عاشتها مصر والعالم في ذلك الوقت‏,‏ بل لم يفت المؤلف ان يصف المؤثرات الدينية والشعبية التي تركت بصمتها علي حياته‏,‏ وهو يتحدث عن مدينة رشيد التي اكتشف بها الحجر الشهير‏,‏ وأصحاب الدكاكين حول مسجد سيدي ابراهيم الدسوقي وأمه التي كانت تحرص علي الصلوات الخمس‏.‏

ويتطرق لاسلوب التعليم المجاني في عصر الرئيس ناصر ولكنه نظام من عيوبه اعتماده علي الحفظ‏.‏

وكما تحدث عن الضباط الأحرار وثورة يوليو فقد أفرد مساحة اكبر لأم كلثوم ويقول من خلال سنوات دراستي في مصر‏,‏ كنت احرص علي ان يكون المذياع بجواري وأبحث عن صوت أم كلثون عبر الأثير في كل محطات الراديو‏,‏ كنت أعرف ميعاد إذاعة اغنياتها في المحطات المختلفة مثل صوت العرب وإذاعة القاهرة والشرق الاوسط وكنت اجعل صوت المذياع بالقدر الذي يشكل صوت أم كلثون خلفية هادئة في اثناء عملي في غرفتي‏.‏
‏
وينتقل زويل إلي الجامعة ويذهب إلي الاسكندرية‏,‏ وعندما يتحدث عن الاسكندرية يذكر الاسكندر المقدوني وسيد درويش ومكتبه الاسكندرية القديمة والحديثة‏.‏
‏
وفي سنوات الدراسة بكلية العلوم يحصل د‏.‏ زويل علي أعلي الدرجات ويحصل علي درجة الماجستير عام‏1968‏ ويراسل الجامعات الأمريكية وتوافق جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا علي أن يكمل دراسته بها‏,‏ ويطير إلي بلاد الاحلام كما وصفها وذلك بعد ان تزوج من إحدي طالباته التي تصغره بعامين‏,‏ ليطيرا معا إلي امريكا‏.‏

ومن بنسلفانيا قاعدة الانطلاق إلي العالمية استطاع بطلنا أن يوفق ارضاعه الاجتماعية سريعا ليتقدم في دراسته‏,‏ ولم تكن كل الطرق مفروشة بالورود‏,‏ فقد قابله من الشوك والطعنات والصعوبات ما كان كفيلا بـأن يجعله يرتد سريعا في طريقه‏,‏ ولكن قوة الاراده التي تسلح بها زويل‏,‏ ودأبه الشديد‏,‏ وإصراره علي أن يثبت ذاته‏,‏ وعشقه للنجاح جعله يصنع مستقبله وينتقل إلي كاليفورنيا‏,‏ في جامعة كالتك انطلق إلي نوبل من خلال معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ـ كالتك ـ
‏
وعن مراحل الوصول إلي انجازه العلمي الفذ يستغرق ذلك كل صفحات الكتاب والتي تتركز وتزداد كثافتها في فصل الطريق إلي نوبل‏..‏ الوصول والذي يبدو فيه الانجاز رائعا‏,‏ والعرق غزيزا‏,‏ والعمل متواصلا‏,‏ حتي يصل إلي التقويم الزمني الفمتوثانية الذي فتح ابواب عالم المادة وديناميكيتها علي مصراعيه‏..‏فكما نري الكواكب تدور بالتقويم الشمسي نري الذرات تدور بتقويم الفمتوثانية ولهذا الفتح تأثير علمي عالمي أدي إلي حصوله علي جائزة نوبل‏.‏
الرد مع إقتباس

[Mohamed Ghazal]

موضوعاتك جميلة ومتميزة وبالتوفيق ان شاء الله