|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تنظيم الوقت بين الدعوة والعبادة
♦ ملخص السؤال: فتاة محافِظة على العبادات والفُروض، تعمل في المجال الدعوي، تشكو قسوةَ قلبها ووِسواس الرياء، وتخاف على نفسها، وتتمنى تنظيم وقتها للدعوة والعبادة. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة في منتصف العشرين مِن عمري، تغيرتْ حياتي وتقرَّبْتُ إلى الله تعالى أكثر، وأصبحتُ محافِظةً على العبادات والفُروض، كنتُ - بالرغم من التضييق والتشديد - أعيش لذةً وقُربًا مِن الله، وكنتُ أقوم بالعبادات دون أي عناء، وكانت الرغبة في العبادة هي ما يدفعني لفعْلِها. منَّ الله عليَّ بالعمل في المجال الدعوي، وبدأتُ أطلُب العلم بخطًى صغيرة، لكن أغلب أوقاتي كانت للدعوة، وشهد لي الكل أن أسلوبي مميز والحمد الله، وأشعر أن لي تأثيرًا إيجابيًّا على المحيطين بي. بدأت المسؤوليةُ تكبر شيئًا فشيئًا، وبدأ اختلاطي بالناس يزداد، وبدأ قلبي يقسو مع تلك المخالَطة، فلم تَعُدْ عباداتي كما كانتْ، وتمنيتُ لو اعتزلتُ الناس لألملم ما انفرط مني! قصرتُ في كثير من مسؤولياتي، وطلبي للعلم، وكلما حاولتُ أن أبتعدَ وأتفرغ لنفسي - أحسستُ بأني أخذُل مَن يحيط بي، وأني أنانية. فكَّرْتُ في مشكلات مَن حولي، وأني لا ينبغي أن أتركها، ولا بد أن أساعدَهم على أعمالهم وأمورهم. أنظِّم كثيرًا مِن الدورات العلمية، ويتخرَّج مئات الطلبة منها، ولا أستطيع المواصَلة فيها لأنَّ وقتي ليس مِلْكي، وهذا أكثرُ ما يُحزنني، فأريد أنْ أخلُوَ بنفسي وأركِّزَ في عباداتي. أريد أن أعودَ مجرد طالبة فقط، أدْخُل الحصة فأجد مَن يَحْرص على إيصال المعلومة إليَّ لأتلقاها وأخرج، لا أدْري لعلَّ هذا سببه عدم إخلاص النية، وأحاول أن أحتسبَ الأجرَ في كل أمرٍ، وأسأل الله أن يتقبَّل مني. لديَّ وِسواس الرِّياء والنِّفاق في أقلِّ الأمور، وأحاول أن أتجاهلَه، وأصَحِّح نيتي، فأستخير قبل أي عمل، وأستشير دون أن أُبَيِّنَ هُويتي، وأحاول قدْرَ المستطاع أن أعملَ في الخفاء! كل الناس تحبني وتظن بي خيرًا، وذلك يخيفني ويحزنني لأني أعلم أني أسوأ بكثيرٍ مما يظنون، لكني لا أستطيع أن أهتكَ ستْر الله عليَّ، وأخبرهم أن ما يَرَوْنَهُ غير صحيح! وصلتُ إلى حالةٍ مِن الإرهاق، ولم يَعُدْ نشاطي في العمل الدعوي كما كان، أحتاج إجازةً أرتاح فيها نفسيًّا، لكني لا أستطيع! أخاف أن يكونَ ما أنا فيه استدراجًا من الله؛ بأن يُسَخِّرني لهداية عباده ثم يُلْقي بي في النار! أريد أن أعودَ لسابق عهدي في العبادات، لكني لا أستطيع، الآن أُجاهد نفسي لأداء الفرائض في وقتها، وأحس أني أموت مِن الداخل، ولا توجد طريقة للعُزلة غير الاختفاء فجأة، وبدون سابق إنذار! أريد أن أساعدَ الناس، لكن نفسي تحتاجني؛ فما المهم؟ وما الأهم؟ أليس الأهم أن أتركهم الآن وأنتبه لنفسي، إذ ربما أخذلهم؟ أو أن أبقى في خدمتهم وأموت تدريجيًّا إلى أن أنتكسَ لا قدَّر الله. وحينها لن أستطيعَ مساعدة أحدٍ؟! الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. في البداية نُوَجِّه للأخت الكريمة كلمةَ شكر وتهنئة، كلمة شكر على حرصك واهتمامك في معرفة المهم والأهم، وتواصُلك مع شبكة الألوكة طلبًا للاستشارة، وهذا يدلُّ على تميُّزك. أما التهنئةُ فهي تتعلق بما أنعم الله به عليك مِن التزام العبادة والطاعة والعمل بالدعوة إلى الله، وهذا مما يكرم الله به بعضَ عباده ويختارهم لهذه المهمة العظيمة، ويَخُصُّهم بها، وخاصة في زمننا الذي قلَّ فيه الدعاةُ إلى الله، مع كثرة دعاة الباطل، وبعض المسلمين يكتفي بالعبادة ويُكثر من الطاعات والقربات، ويُهمل جانب الدعوة. ونُحب أن نبشِّرَ الأختَ العزيزة الفاضلة بأنه لا تعارُض بين الدعوة والعبادة، وهنيئًا لك تلك النجاحات والإنجازات، وكثرة انشغالك بالدعوة، وتعلق الناس بك وإقبالهم عليك، ولعل ذلك دليلُ حبِّ الله لك. فالدعوة إلى الله منزلتُها رفيعةٌ، ومكانتُها جليلةٌ، وثمرتُها يانعةٌ، وآثارُها متنوعةٌ، عاجلة وآجلة في الدنيا والآخرة، وهي مِن العبادات التي يتعدى نفْعُها إلى الآخرين، وبها ينتشر الخير، ويعُمُّ الصلاح، ويَنْدَحِرُ الباطل، وينتشرُ الإسلامُ العظيم، وهي أحسن القول؛ قال تعالى:﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، وهي طريق الأنبياء والرسل؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]. وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا)). ولذلك لا شكَّ أنَّ الدعوة إلى الله هي الأهم والأولى مِن غيرها مِن العبادات بعد الفرائض والواجبات. وتستطيعين أن تَجْمَعي بين الدعوة وطلب العلم وتدارسه مِن خلال تنظيم الوقت، ووضع البرامج الدعوية والعلمية، وتكون الدروس العلمية نفسها دعوةً إلى الله، فأنت عندما تجتمعين بأخواتك في حلقة القرآن مثلاً حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا - فتلك دعوة، وعندما تجتمعْنَ حول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدارس السنة؛ كصحيح البخاري، ومسلم، وشروحهما - فتلك دعوة، وكذلك الحال مع العقيدة والفقه والسيرة، وغيرها مِن العلوم الشرعية النافعة، والتي لا بُد منها للدُّعاة والداعيات، كلُّ ذلك دعوة وعلم وخير وصلاح، والتقصير في بعض النوافل أحيانًا نتيجة الانشغال بالعلم والدعوة لا يَضُرُّ - بإذن الله، فالدعوة والعلم مُقَدَّم على نافلة العبادة، ونفع الناس في هذا الأمر فيه خيرٌ عظيمٌ. ثم إن هذه الأعمال مِن دعوةٍ وتدارُس علمٍ ونفْعِ الآخرين هي عبادةٌ عظيمةٌ، يتلذَّذ بها المسلمون، ويسعدون بها كبقية العبادات مِن صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وعمرةٍ وحجٍّ وصلة أرحام وغيرها. واعلمي أختنا العزيزة أنَّ طريق الدعوة لا بد فيه مِن بعض الصعاب والمتاعب، ولكن المؤمن يتغلب عليها بإذن الله وتوفيقه، وهو يُؤْجَر على ما يُصيبه في هذا الطريق. سائلين الله لكِ التوفيقَ والسدادَ والأجْرَ والثوابَ
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|