|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الصراع بين الأم وابنتها
♦ ملخص السؤال: فتاة التزمتْ قريبًا، ولديها مشكلة مع أمِّها فهي تقسو عليها وتجبرها على العمل بالطريقة التي تريدها، والفتاةُ تسأل عن طريقة تتعامَل بها معها. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو مِن الأستاذة عائشة الحكمي أن تجيبَ عن سؤالي. أنا فتاة عمري 16 عامًا، أدرس في الثانوية، ولله الحمد التزمتُ قريبًا، مشكلتي هي أمي؛ فلا يمضي يومٌ إلا وتنتقدني، وتحاول أن تنتقصَ مني، وتبحث عن أي عيبٍ فيَّ، ولا أدري إن كان ذلك نصحًا حقيقياً منها أو ماذا؟ سبَّبَتْ لي حالة نفسية حرجةً، فبسببها لا أخرج إلى أهلي، وأبقى دائمًا في غرفتي، حتى أحببتُ الوحدة وقلة الكلام. إذا نسيتُ تُعاتبني بشدة، وكأني تعمَّدْتُ نسيانَ ذلك الأمر، وإذا هي نسيتْ شيئًا تختلق لنفسها أعذارًا، ولا تبالي! إذا عملتُ أعمال البيت أعملها بطريقة تُيَسِّر عليَّ، لكنها ترفُض ذلك وتجبرني على أن أعمل بطريقتها هي، مما يتعبني ولا يجعلني مرتاحة، بل بعد تعبي أراها تنعتني بألفاظ تقلل من شأني! قبل التزامي كنتُ أقرأ القِصَص ال***ية، مما أدى لازدياد الشهوة، والحمد لله تاب الله عليَّ، وتركتُ هذه المحرمات، لكني ما زلتُ أتخيَّلُها، وأحلم أنني أفعل ذلك. تعرفتُ على رجلٍ صرح لي بحبه، واستحوذ على قلبي مع الوقت، وكنا نتكلم هاتفيًّا.. والحمد لله تاب الله عليَّ وقطعتُ علاقتي به. والآن تطاردني تلك الخيالات، وهذا يقلقني جدًّا، فأشيريَّ عليَّ كيف أتخلص من هذه الوساوس والأحلام؟ وكيف أتعامل مع أمي بحيث لا أتعدى حدودي معها؟ وجزاك الله خيرًا الجواببسم الله الموفِّق للصواب وهو المستعان سلامٌ عليك، أما بعدُ:فإنَّ هذا الصراعَ الواقعَ بينك وبين والدتك الكريمة هو صراعٌ طبيعيٌّ وحتْمِيٌّ في مرحلتك العُمرية؛ حيث تنمو الرغبةُ في الاستقلال لدى المراهق، وتمدُّ بأعناقها لتظهرَ جَلِيَّةً مِن خلال قِيَمِه المتناقضة، ووجهة نظره المتباينة مع قِيَم والديه ووجهة نظرهم المختلفة حول الأمور، كما ينشأُ هذا الصراعُ نتيجةَ التوقُّعات المغالية وغير الواقعية للوالدين لما ينبغي أن يكونَ عليه أبناؤهم، ونتيجةً لأنماط التواصل السلبية بين أفراد الأسرة؛ حيث يميل المراهقون إلى التعبير عن مشاعر الاستياء وآرائهم المختلفة مِن خلال الانفجارات الانفعالية والصوت العالي، فيُقابلها بعضُ الآباء بالغضب والنقْد والإحراج أمام الآخرين. وإذًا يمكن القول بأنَّ صراع الأم وابنتها ليس هو المشكلة، وإنما المشكلة في الفشل في إدارة هذا الصراع، مع التأكيد على أن الدخول في جوِّ الصراع هو اختيار شخصيٌّ، وفي إمكان الوالدين والأبناء الاستنكاف عن الصراع وتجنُّبه بمجرد ظهور علاماته. تحتاج والدتُك إلى إرشادٍ أسريٍّ في كيفية التعامل معك ومع إخوتك، ولأنه يصعُب علينا تقديم هذا النوع مِن الإرشاد من خلال الاستشارات الإلكترونية، فإننا نُرَكِّز في العادة على تنوير المسترشد بأساليب التعامل مع المشكلات، ما يعني أن أصل المشكلة سيظل قائمًا، وأن ما سيختلف - إن شاء الله - هو نظرةُ المسترشد إلى المشكلة، وكيفية تعامُله معها، وليس زوالها بالكلية. فقدانك الثقة بنفسك وعزلتك وقلة كلامك، هي الآثارُ السلبية للإساءة العاطفية المتراكمة التي تلقيتِها مِن قِبَل والدتك، متمنِّية مِن كل الأمهات اللاتي يَقْرَأْنَ كلامي أن يتنبهْنَ لمفرداتهنَّ، وأساليب تعاملهنَّ وتوجيهاتهنَّ لبناتهنَّ، فالفتاةُ كقدح زجاج، سريعٌ كسرها، بطيء جبرها، وإن رأت قسوةً من شخصٍ مهم في حياتها؛ أمها أو أبيها، فإنَّ آثار هذه القسوة على شخصيتها تكون سلبية في العادة، لذا آمل مِن كلِّ أُمٍّ مربية أن تسعى بإخلاصٍ لإقامة علاقة صحية بينها وبين ابنتها، وإلا انقلبتْ هذه العلاقة عن حالها الصحيح الذي ينبغي أن تكونَ عليه، وحصل في قالبها اعوجاجٌ سامٌّ ومؤذٍ. في تعاملنا مع الآخرين - يا عزيزتي - نميل في العادة إلى التركيز على سلبياتهم ومساوئهم، وتجاهل إيجابياتهم ومحاسنهم، هكذا تفعل والدتك معك، وهكذا تفعلين أنت معها؛ حيث لم تكتبي لي أية مَزِيَّة في شخصية والدتك، مع أني أثق أنك تعرفين الكثير عنها! هذا التركيزُ على الصفات السلبية هو الذي يفقدك التواصل الفعال مع والدتك، لذلك أدعوك بدايةً إلى النظر في محاسن والدتك، والتماس العذر لها، وإحسان الظن بتصرفاتها؛ فوالدتك ووالدتي وكثير مِن الوالدات يستَخْدِمْنَ أسلوب التربية نفسه اللاتي تربين عليه، ظنًّا منهنَّ أن هذا الأسلوب هو الأنسب والأصلح لأبنائهنَّ. أما نصيحتي لك إن أردت العيش في سلامٍ بعيدًا عن الصراع اليومي حول كيفية القيام بأعمال البيت؛ فهي: ألا تقاومي رغبة والدتك في الطريقة التي تُفَضلها لإنجاز المهام، بخاصة وأنها سيدة البيت وراعية عليه، فاقبلي طريقتها التي اعتادتْها بروحٍ رياضيةٍ، ولا تأخذي الأمرَ على محمل شخصيٍّ؛ فوالدتُك تخدم هذا البيت وتسعى في مصالحه مِن قَبْل أن تولدي فيه، ومِن قَبْل أن تدرسي وتتعرفي على الطرق الأسهل والأفضل والأسرع لإنجاز الأمور، لكن متى رأيت مزاجها مناسبًا للحوار الهادئ والعقلاني، وتقبُّل الرأي منك، فاعرضي عليها أفكارك الخاصة على جهة الاقتراح؛ بحيث تتركين لها الخيار في قبول هذا الاقتراح أو رفضه، لا أن تعرضيه على سبيل الازدراء لطريقتها القديمة، ولا التنقيص مِن جهدها. أما التعامل مع النقد الهدام فيحتاج إلى بناء الثقة بالنفس؛ وثقة المرء بنفسه تُبْنَى مِن خلال تركيز الذهن على الإنجازات، والنجاحات، والمواهب، والمهارات، والسعي الدؤوب في تحقيق الأهداف، وأن تعدِّي نفسك شخصًا فريدًا نسيج وحده. الأمر الآخر في التعامل مع النقد والتعييب أن تنظري إليه على اعتباره فرصة سانحة للتعلم، وجِّهي عقلك دائمًا إلى النظر في الجوانب الإيجابية مِن كل تجربةٍ سيئةٍ، وعوضًا عن مقابلة النقد بالغضب والحزن، أشعري والدتك أنك تستفيدين حقًّا من توجيهاتها وتصويباتها، واسعي بجهدك لكسبها صديقةً لك؛ من خلال مجالستها، ومشاركتها اهتماماتها، وسؤالها عن أحوالها، وستجدينها عما قريب قد خفضتْ مِن حدة مفرداتها الجارحة، ونظرتها السلبية لمجهودك حتى تنعدم إن شاء الله. الأحلام ال***ية بحسب فرويد ليستْ سوى رغبات ***ية مكبوتة في العقل الباطن، تجد متنفسها من خلال الحلم، وقد أفادتْ إحدى الدراسات أن 40% من الفتيات قد بلغْنَ النشوة ال***ية خلال الحلم في سن الحادية والعشرين، وبعضهنَّ الآخر بلَغ في سن أقل من ذلك، في الثالثة عشرة، وإن كان على نحو مختلف عما تبدو عليه أحلام الفتيان، ويبقى الحلم ال***ي خبرة لا واعية لا تعاقبين عليها، ولا تؤثر في حياتك، لكن التفكير ال***ي في مثل عمرك لا تُحمد عواقبه، من أجل ذلك حاولي تصريف طاقاتك ال***ية الفائضة من خلال مُزاولة الرياضة والتأمل والعبادة ما استطعتِ إلى ذلك سبيلاً، والْزَمي صُحبة الطيبات الموافقات لأسلوب حياتك، ومستوى نضجك العقلي واهتماماتك، ولا تفرغي قلبك من ذكر، ولا يدك من شغل، وكوني واعيةً لمشاعرك وأفكارك، متيقِّظة للحظة التي يجب أن تتوقفي فيها عن الاسترسال في التفكير ال***ي حتى يأتيَ الوقتُ المناسب وحتى تتزوجي الرجلَ الصالحَ بإذن الله تعالى. كوني بخيرٍ في كنَف الله وأمانه ورعايته والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|