|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
قصيدة في رثاء الشيخ ابن عثيمين
لحقَ الشيخُ بركبِ الصالحين *** فلماذا يا جراحي تنزفين؟ ولماذا يا فؤادي تشتكي *** ولماذا يا دموعي تَذرفين؟ رحل الشيخ عن الدنيا التي *** كلُّ ما فيها سوى الذِّكر لَعين فارقَ الدنيا، وما الدنيا سوى *** خيمةٍ مَنصوبةٍ للعابرين فارقَ الدنيا التي تَفَنَى إلى *** منزلٍ رَحبٍ وجناتٍ، وَعِين ذاكَ ما نرجو، وهذا ظنُّنا *** بالذي يغفر للمستغفرين رحل الشيخُ على مِثلِ الضُّحَى *** من صلاحٍ وثباتٍ ويقين فلماذا أيُّها القلبُ أرى *** هذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟ ولماذا يا حروفَ الشعر عن *** سرِّ آلام فؤادي تكشفين أتركي الحسرةَ في موقعها *** تتغذَّى من أسى قلبي الحزين وارحلي بي رحلةً مُوغلة *** في حياةِ العُلماءِ الأكرمين واسلُكي بي ذلكَ الدَّربَ الذي *** ظِلُّه يحمي وجوهَ السالكين يا حروفَ الشعر لا تَصطحبي *** لغةَ الشعر الى جُرحي الدَّفين ربماأحرقها الجرحُ، فما *** صار للشعر فَمٌ يَروي الحنين واتركي لوعةَ قلبي، إنَّها *** تارةً تقسو، وتاراتٍ تَلين وادخلي بي واحةَ العلم التي *** فُتحت أبوابُها للوافدين عندها سوف نرى النَّبعَ الذي *** لم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين شيخُنا ما كانَ إلاَّ عَلَماً *** يتسامى بخشوع العابدين عالمُ السنَّةِ والفقهِ الذي *** هزَمَ اللهُ به المبتدعين لا نزكّيه، ولكنَّا نرى *** صُوراً تُلحِقُه بالصادقين في خيوط الشمس ما يُغني، وإن *** أنكرتها نظراتُ الغافلين راحلٌ ما غاب إلا جسمُه *** ولنا من علمه كنزٌ ثمين ما لقيناه على دَربِ الهوى *** بل على دَربِ الهُداةِ المهتدين لكأني أُبصر الدنيا التي *** بذلت إغراءَها للناظرين أقبلت تَعرض من فتنتها *** صوراً تَسبي عقول الغافلين رقصَت من حوله، لكنَّها *** لم تجد إلا سُموَّ الزَّاهدين أرسل الشيخُ إليها نَظرةً *** من عُزوف الراكعين الساجدين فمضت خائبةً خاسرةً *** تتحاشى نظراتِ الشَّامتين أخرجَ الدنيا من القلبِ، وفي *** كفِّه منها بلاغُ الراحلين لم يكن في عُزلةٍ عنها، ولم *** يُغلقِ البابَ عن المسترشدين غيرَ أنَّ القلبَ لم يُشغَل بها *** كان مشغولاً بربِّ العالمين أوَ ما أعرض عنها قَبلَه *** سيِّدُ الخلقِ، إمامُ المرسلين أيُّها الشيخُ: لقد علَّمتنا *** كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين كيف نَستَشعِرُ من أمَّتنا *** صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئين كيف نبني هِمَّةَ الجيل على *** منهج التقوى، ووعي الراشدين كنتَ يا شيخ على علمٍ بما *** نالنا من غَفلةِ المنهزمين قومُنا ساروا على درب الرَّدَى *** فغدوا ألعوبةَ المستعمرين شرَّقوا حيناً وحيناً غرَّبوا *** واستُبيحت أرضهم للغاصبين هجروا الصَّالحَ من أفكارهم *** فتلقَّتهم يدُ المستشرقين وارتموا في حضن أرباب الهوى *** من ذيول الغاصب المستعربين ضيَّعوا الأقصى وظنُّوا أنَّهم *** سوف يحظون بِسِلمِ المعتدين فإذا بالفارس الطفل على *** هامة المجد ينادي الواهمين صاغها ملحمةً قُدسيَّةً *** ذكَّرتنا بشموخ الفاتحين قالها الطفلُ، وقُلنا معه *** إنَّ بيعَ القدس بَيعُ الخاسرين أيُّها الشيخُ الذي أهدى لنا *** صُوَراً بيضاءَ من علمٍ ودين لم تكن تغفل عن أمَّتنا *** وضلالاتِ بَنيها العابثين كنتَ تدعوها إلى درب الهُدَى *** وتناديها نداءَ المصلحين قلتَ للأمةِ، والبؤسُ على *** وجهها الباكي غبارٌ للأنين إنما تغسل هذا البوسَ عن *** وجهكِ الباكي، دموع التائبين أيها الشيخُ الذي ودَّعَنا *** عاليَ الهمَّةِ وضَّاح الجبين نحن نلقاك وإن فارقتَنا *** في علومٍ بقيت للرَّاغبين أنتَ كالشمسِ إذا ما غَربَت *** أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين أنتَ ما ودَّعتَنا إلاَّ إلى *** حيث تُؤويكَ قلوبُ المسلمين إن بكيناكَ فإنّا لم نزل *** بقضاء الله فينا مُوقنين في وفاةِ المصطفى سَلوَى لنا *** وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين ذلك الرُّزءُ الذي اهتزَّ له *** عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين ماتَ خيرُ الناس، هذا خَبَرٌ *** ترك الناسَ حيارى تائهين طاشت الألبابُ حتى سمعوا *** ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين لا يعزِّينا عن الأحبابِ في *** شدَّةِ الهول سوى مَوتِ الأمين إنها الرُّوح التي تسمو بنا *** ويظلُّ الجسم من ماءٍ وطين يحزن القلب ولكنَّا على *** حُزنه نَبني شموخ الصابرين كلُّنا نفنَى ويبقى ربُّنا *** خالق الكون ملاذُ الخائفين عبد الرحمن العشماوي
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|