اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-05-2014, 10:09 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New إن سعيكم لشتى



سبحان الله! من حِكمة الله تعالى البالغة أنْ فاوت بين العباد في الهمَّة والسعي؛ فمِن العباد مَن همَّته في الثُّريَّا، ومنهم من همته في الثَّرى، ومن القلوب ما يجول حول العرش، ومنها ما يدور حول الحش!

من الناس مَن يَغْدو ليعتق نفسه من النيران والعذاب الأليم، ومنهم من يغدو ليُوبق نفسه ويُهلِكها، ومن العباد مَن يشغله القرآن وتلاوته وحفظه وتدبُّره والعمل به وتحكيمه والاستشفاء به، وتعليمه لأولاده ولأولاد المسلمين، ومنهم مَن يهتمُّ ويَنشغِل بدعوة غير المسلمين إلى الإسلام، ومنهم من يهتمُّ بباب من العلم تعلمًا وتعليمًا ونشرًا، ومنهم من ينشغل بالتربية والعبادة وقيام الليل وصيام النهار، وتعلق القلب بالرحمن، والزهد والورع والتزام معالي الأخلاق، ومنهم من ينشغل بالفقراء والمحاويج، واليتامى والمساكين، ومنهم من يشغله جهاد أعداء الله تعالى، ونصرة دين عباده المؤمنين، ومنهم من همُّه نصرة قضايا الأمة والدفاع عن المسلمين بهتك أستار أصحاب الأفكار الهدامة... إلى غير ذلك من معالي الأمور، وفي كلٍّ خيرٌ - إن شاء الله تعالى - على حسب ما أراد ونوى، وبقدر ما التزم بضوابط الشرع المطهَّر، من غير غلوٍّ ولا شطط.

على النقيض من ذلك نجد البطالين وأصحاب الهِمَم الدنية؛ فمِن الناس من شُغله الشاغل محاربة الدين جهارًا نهارًا بشتى السبُل؛ بالمكر والكيد، بالبطش والقهر، بإثارة الشُّبه، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين، بنشر الفتن والشهوات، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا... إلى غير ذلك من وسائل الحرب على الله ورسوله والإسلام، ومنهم المُنبطِحون الخاملون المهزومون من المسلمين، الذين تشبَّعوا بأمثال هذه الأمور، فهُزمت نفوسهم قبل أن تنطق أفواههم! ومن الناس مَن عاش سُدًى وسبهللاً! ليس له هدف، ولا عنده مطمَح، ولا يعرف حتى ماذا يُريد، ومنهم من انغمس في شهواته وأتبع نفسَه مُناها حتى غرق في بحار الهوى، وأذلَّته المعصية، فانغمس في وحل إدمان مُشاهَدة الحرام، وممارسته كذلك، حتى تشبَّع بالحرام، وكَثُرت النكات السوداء في قلبه والعياذ بالله، حتى صار كما وصف سيد البشرية؛ لا يعرف معروفًا، ولا يُنكر منكَرًا، إلا ما أُشرِب من هواه، كالكوز المقلوب!

ومن الناس صنف غريب، قد يعجز المرء أحيانًا عن تفسير همَّته، فضلاً عن معالجته إن أراد علاجه! ذاك الصنف هم أناس غريبة، ولهم أمور وشؤون غريبة، حقًّا غريبة! يهتمُّون بأشياء غريبة عجيبة، في أوقات من حياة الأمَّة عَصيبة؛ يَتكلَّفون ويتنطعون في الطَّعن على المُسلمين، وعلى الدعاة خصوصًا، ويتلمَّسون العثرات لهم، ويتصيَّدون الأخطاء لاتِّهامهم بكل نقيصة، ويُلصقون بهم كل رذيلة، ويرَوْن أن هؤلاء الدعاة هم الدَّاء، ولا داء للأمَّة سواهم؛ لأنهم - في ظنهم - مبتدعون، ولمعالِم الشريعة مغيرون مُبدِّلون!

مع أنَّ هؤلاء الصنف من الناس الغريبة لا يَنبِسون ببنت شَفة تُجاه المحاربين صراحًا للدِّين، والمحادِّين لله ولرسوله وللمؤمنين، والمُغيِّرين لمعالمه وشرائعه جهارًا نهارًا؛ لأنهم - بزعمهم - عصاة؛ فهم أقرب إلى الهُدى من المبتدعين - على حدِّ وصفهم وتوصيفهم، وبناء على أصولهم وتأصيلهم!

اللهم سلِّمنا وسلِّم منَّا!
أيُّها الفاضل الغريب، سَلِم منك الكفرة الأصليُّون، وسلِم منك القَتلةُ الظَّلمة الفَجرة الذين هم لدِين الله محاربون، ولم يَسلَمْ منك إخوانك المسلمون المظلومون؛ بزعمك وتكلُّفك أنهم مبتدعون ضالُّون، وعن المنهج الصحيح خارجون!

لا يا أخي الفاضِل! ما هكذا تُورد الإبل، وما هكذا تكون الخدمة للدِّين، وما هكذا كان منهج السَّلف الصالحين!

نَعَم، لا تُقرَّ الخطأ، ولا تُقرَّ البِدعة في الدِّين، بل أنكر المنكَر، واهجُر البِدعة وحاربها، وانشر السنَّة وادعُ إليها جهدَك، وسلِ الله تعالى أن تموت على الإسلام والسنة، وإن استطعت ألا تحكَّ رأسك إلا بأثر فافعل... إلخ مِن الأصول المقرَّرة، والقواعد المؤصَّلة عند سلفنا الكرام، وأئمتنا العظام..

لكن قبل أن تُنكر، وقبل أن تحارب وتَنشُر، وقبل أن تشنِّع وتذيع، وتتَّهم وتحكُم: تحقَّق من نِسبة الأقوال إلى أهلها، وضَعْها في نِصابها، والزم العدل والإنصاف، وقدِّر الأمور بمقاديرها، مع النظر في حال مَن تُنكِر عليه وواقعه، من حيث القوَّة والضَّعف، ومن حيث درجة الضرر، وهل نقدك له سيُقوِّي ظلمًا أكبر، وسيكون فسادًا أعظم أم لا...إلخ. واعتبر بما فعله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ حيث لم ينكر على جنود التتار شرب الخمر، ولم ينهَهم عنها، فلمَّا استشكل تلامذته ذلك، وقالوا له: ألا نُنكِر عليهم، ألا نَكسِر أواني الخمر! أخبرهم بحكمة العالم البصير بالشرع المطهَّر، والعارف بالواقع وتقدير الأمور، فقال: (دعوهم، فلو أفاقوا ل***وا المسلمين)! فأن يُشربَ الخمر خيرٌ من أن يُ***َ المسلمون!


هذا، ولتحذر أشدَّ الحذر؛ فلا بد أن يكونَ الإنكار من أجل الدِّين ونصرة الشريعة، لا من أجل الاختلاف على الدُّنيا، أو بسبب أمور شخصية ولكنه ملبَّس بلباس الدِّين! وكثير من الاختلافات على الساحة هي مِن هذه البابة!

ولتتدبَّر قول أحكم الحاكمين - جلَّ وعلا -: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 4 - 10].

ولتتأمَّل قول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ الناس يَغدو؛ فبايع نفسه فمُعتقُها، أو موبقها))؛ رواه مسلم.

ولتَكُ هذه الآيات وهذا الحديث العظيم مبدأً في الحياة، ينير الدرب، ويهدي السبيل، وضَعْ نُصبَ عينك منهج أهل السُّنة والجماعة وأصولهم، وتأمَّل كل صفة من صفاتهم الحميدة، وانظر: هل أنت تتَّصف بها أو لا؟ ولا أطيل ولا أكثر عليك النقول، مع أنَّها كثيرة كثيرة، لا أطيل، وأكتفي فقط بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميَّة في متن العقيدة الواسطيَّة: (اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة) في الفصل الثاني منها، في خصال أهل السنة الحميدة، وهو فصلٌ في بيان مكمِّلات العقيدة من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يتحلَّى بها أهلُ السنة والجماعة؛ قال - رحمه الله تعالى -:
"ثم هم - أهل السنة والجماعة - مع هذه الأصول:
يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، على ما تُوجبه الشريعة.

ويرون إقامة الحج، والجهاد، والجُمع، والأعياد مع الأمراء؛ أبرارًا كانوا أو فجارًا.

ويُحافظون على: الجماعات.

ويدينون بالنصيحة للأمة.

ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا))، وشبَّك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم كمَثَلِ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسد بالحُمَّى والسهر)).

ويأمرون بالصبر على البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمُرِّ القضاء.

ويدعون إلى مكارم الأخلاق، ومَحاسن الأعمال.

ويَعتقِدون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا)).

ويندبون إلى: أن تَصِل مَن قطعَك، وتُعطي مَن حرمك، وتَعفو عمَّن ظلمك.

ويأمرون ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، وحُسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، والرفق بالمملوك.

ويَنهَون عن الفخر، والخُيَلاء، والبغي، والاستطالة على الخَلق، بحق أو بغير حق.

ويأمرون بمعالي الأخلاق.

وينهون عن سَفسافها.

وكل ما يَقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متَّبعون للكتاب والسنة.

وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم"؛ اهـ المقصود منه؛ ("العقيدة الواسطية"، تحقيق: أشرف بن عبدالمقصود، ط2 أضواء السلف - الرياض 1420 هـ / 1999م).

والله سبحانه المسؤول وحده أن يَجعلَنا من السُّعاة إلى الخير، وفي الخير، وأن يَجعلنا من المتَّبعين للحق، والناصرين للإسلام والسُّنة، ومِن الغادين لإعتاق أنفسهم من العذاب الأليم، والحمد لله ربِّ العالمين.

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:33 AM.