|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نص خطاب احمد حسين الى عبد الناصر عقب انقلاب 1954 ( الحلقة الثانية )
>> المسألة ليست صراعًا حزبيًّا ولا رغبة فى تحقيق أطماع معينة بل مجرد راحة للضمير
>> لن أعود إلى مصر أبدًا ما لم يُعلَن فيها دستور >> عشت عمرى فى عهد الاحتلال الإنجليزى وطغيان الإضراب والملك السابق أجهر بكل ما فى نفسى كاتبًا وخطيبًا ومحاميًا.. ولقد دفعت دائمًا ثمن المجاهرة بهذا الرأى >> ما من مبرر يدعونا إلى عدم الاعتراف بحكومة الصين التى تمثل 500 مليون من البشر >> جاءت الثورة واعتقلتنى ومع ذلك ساهمت فى نجاحها بالتضحية بآرائى وأفكارى >> تتعقبنى التقارير والمراقبات.. وأنام كل ليلة على فراشى ولا أعرف إذا كان الفجر سيطلع علىّ وأنا بين أسرتى أم فى مكان آخر >> الرقابة على هاتفى فى البيت أو المكتب تلاحقنى.. والتقارير الملفقة تكتب عنى >> إذا أعلنتَ الدستور الذى ناديتَ به فى مؤتمر باندونج سأكون أسعد العالمين طربًا بالعودة إلى مصر استعرضنا في الحلقة السابقة نص خطاب أحمد حسين إلى عبد الناصر عقب انقلاب 1954 وماحدث من تداعيات على الساحتين العربية والدولية وذلك حين قام عبد الناصر بالانقلاب على الديمقراطية واعتقال أحمد حسين وسفره للخارج بعد الإفراج عنه.. ليعيش معارضًا فى المنفى من أواخر 1954 حتى منتصف 1956.. ومن لندن أرسل إلى عبد الناصر عدة رسائل.. وفي هذه الحلقة نواصل استكمال باقي الخطاب: نصف العالم الشيوعى يحكم بدون برلمان هذا هو ما أتصوره وأعتقده، وقد يكون خطأ كما ذكرت من قبل وكما قلت لك، عقب الإفراج عنى عندما عاتبتنى على إرسال برقيتى التى دعوتك فيها إلى إعلان الدستور، إن الحكم الدستورى والديمقراطى قد يكون من بقايا عهد مضى وانتفى، وقد تكون الدكتاتورية هى الأسلوب الوحيد لحكم الشعوب فى هذه الأيام؛ فنصف العالم الشيوعى يُحكَم بدون برلمان بالمعنى المفهوم، ولا يُسمَح فيه بإبداء الرأى، ويحكم بالحديد والنار.. قد يكون هذا، ولا يكون من حق أمثالى أن يبليكوا الإنكار بدعواتهم عن الدستور والحرية، ولذلك فقد قررت -كما قلت لك أكثر من مرة- أن أعتزل الحياة العامة، وأن أخلد إلى عملى فى مكتبى محاميا، وهو ما فعلته فى الأشهر الأخيرة، ولكن الرقابة على تليفونى، سواء فى البيت أو المكتب، ظلت تلاحقنى والتقارير تكتب عنى. وكان يجب ألا يضايقنى ذلك، بل كان يجب أن أرحب به لو أن هذه التقارير كانت تذكر الحقيقة، ولكن بشهادتك أنت، فإن هذه التقارير تكذب وتكذب. وإذا كانت التقارير السرية تكتب ما يشاء كاتبوها، فإن التقارير العلنية كانت تأبى أن تدعنى فى سلام؛ فمن حين لآخر تظهر إشاعات فى الصحف الرسمية، وكان آخرها ما شكوت لك منه، وهو مجلة التحرير عندما كتبت بالخط العريض أن النيابة تحقق معى لاختلاسى أموال حملة فلسطين، ولم توجه النيابة لى أى سؤال فى الموضوع، وليس هناك أدنى علاقة بينى وبين أموال حملة فلسطين. وكل دورى فى فلسطين هو أننى كنت أول متطوع من مصر كلها سافر على رأس فريق من إخوانه إلى سوريا ليكونوا أول من يجاهد فى سبيل فلسطين. اتهامات كاذبة ولعلك تدرك معى مقدار القسوة والمرارة التى أحس بها وأعانيها عندما يقال فى «مجلة الثورة» إنه يُحقّق معى لاختلاسى أموال فلسطين. واللطيف وسط ذلك كله أنه لا سبيل للرد أو الدفاع؛ لأن ذلك يعتبر عملا عدائيا، ويجب علينا نحن أبناء الثورة ومن قدمنا أرواحنا رخيصة من أجلها وهى بعدُ لا تزال فى دور التحضير.. يجب علينا أن نتقبل هذه الإهانات والاعتداءات ساكتين، وإلا اتهمنا بأننا من أعدائها. ومرة أخرى، أرجوك أن تضع نفسك فى مكانى وتقول لى ماذا كان يجب علىّ أن أفعل؟! هل من المستطاع لرجل فى مثل طبيعتى، وله مثل تاريخى فى الدفاع عن الحريات والحقوق العامة، أن يحتمل هذا الوضع إلى ما شاء الله، وأن يكون مهددا فى كل دقيقة وفى كل لحظة أن يقبض عليه لأى سبب من الأسباب، ثم تكال له التهم المزرية دون أن يكون له حق الدفاع عن نفسه؟! أحسب أن هذا فوق كافة البشر. عودتى مشروطة بالدستور ولذلك فعندما وجدت نفسى فى أوروبا حرا طليقا، قررت ألا أعود إلى مصر إلا بعد أن يصبح فيها دستور وضمانات يستطيع الإنسان أن يحتمى بها، خصوصا إذا كان لم يرتكب جرما ولم يخالف القانون. ومن أين سيأكل أولادى وزوجتى إذا فرغت النقود القليلة التى عندهم؟! إننى لست لصا كما يزعم الزاعمون، وليس عندى عزبة كما يتقول المتقولون، وليس لى منقول أو عقار، وقد بعت سيارتى التى أملكها من عشرين سنة لكى أعطى لزوجتى ثمنها. ماذا ستفعل هذه الأسرة التى جئت بها إلى هذه الحياة لأورثها الشقاء والألم والمتاعب؟! وماذا سأفعل فى هذه الدنيا العريضة المتجهمة؟! كيف أستطيع أن أحصل على رزقى بشرف وأمانة لمبادئى التى ضحيت بكل شىء فى سبيلها؟! إننى لا أفكر فى شىء من ذلك، فليكن ما يكون؛ فعلى الله تكالى واعتمادى. وما دمت لا أحمل حقدا لأحد، ولا أبغى شرا ضد أحد، وليس فى قلبى سوى إرادة الخير والحب للبشرية كلها.. ما دام هذا سلاحى فليكن ما يكون. والآن يا سيدى الرئيس، هل أرى بلادى مرة أخرى قبل موتى؟! هل أرى بيتى وزوجتى وأولادى من جديد؟! الكلمة لك الآن لك أيها الصديق. فأما إذا أعلنت الدستور المتضمن لحقوق الإنسان التى ناديت بها فى مؤتمر باندونج، فسأكون أسعد العالمين طربا بالعودة إلى مصر، وسترانى بجوارك أشد الناس إخلاصا لك وتقديرا ومحبة. الحياة التى تنبض بالفشل وخيبة الأمل لا قيمة لها وأما إذا لم يعلن الدستور وظلت مصر على وضعها الراهن؛ حيث لا يستطيع رجل مثلى أن يعيش آمنا على كرامته وعلى ماضيه، فسأظل أهيم فى الدنيا على وجهى شريدا طريدا، إلى أن يُنعم الله علىّ بالموت فأخلد إلى بقعة من بقاع الأرض، وأريح نفسى وأريح أصدقائى وأحبابى وأسرتى من العذاب الذى عرّضتهم له طول حياتى.. هذه الحياة التى تنبض بالفشل وخيبة الأمل. وكيفما كان الأمر، فأرجو أن تكون على ثقة بشىء واحد، وهو ما دفعنى لكتابة هذا الخطاب؛ هو أننى سأظل أتمنى لك الخير، وأدعو لك بالتوفيق والرعاية فى خدمة بلادنا المحبوبة، وأن يسدد خطاك ويملأ عقلك نورا وقلبك رحمة وإنسانية، وضميرك تمسكا بالعدل والحق. سأظل أدعو لك بالنجاح والتوفيق؛ ففى نهاية الأمر نجاحك نجاح لمصر، وتوفيقك لن يكون إلا لخير الشعب، ولا خير أن يتعذب وأن يهلك عشرات من أمثالى إذا كان فى ذلك سعادة الملايين من أبناء مصر. والله أكبر.. وعلى الأرض المحبة والسلام. أحمد حسين مواطن مصرى http://elshaab.org/thread.php?ID=101319
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|