سالي والغراب ( قصيدة )

[abomokhtar]

أهديك قصة حب أيها الرجل
الحب والحرب والمحتال والغزل

• • • •

كانت حمامة أيك في مراتعها
يزيدها دعَة من حولها الزجل

في روضة عبقت من كل عاطرة
من أيكة بسمت في ظلها الظلل

وجدول غنت الأطيار فرحته
مع الأزاهير يزهو دوحها الخمل

تضوعت فأتاها كل صادحة
مع الفَراش بطيف الشمس يبتهل

سالي منعمة في الدلِّ رافهة
بالروض والزهر طيباً إن دنا الخضل

والكل يطمع أن تدنو موتها
صويحبات لها يحببن ما تصل

كانت مسهدة الأجفان في ألق
ولم يؤرِّق رؤى إحساسها خجل

سوى الغرابِ انتقاها رطبة حليت
فقام في نفسه الأطماع والخبل

يدور في نفسه حدس بمصرعها
هذا الهتاف يدوي حيثما رحلوا

قالت له النفس يوماً: دك معقلها
إما انفردت بها أهوى لها الأجل

• • • •

طار الغراب تعالى في سمائهم
كنقطة القار في الزرقاء تنتقل

فراب سالي شعور غامض كدر
تناثر الرعب، فيه النار تأتكل

قالت لأترابها: من لي بواضحة
من البيان؟ فقلبي حدسه وجل

وتنظر الوُرْق في الأجواء ترصدها
هذا الغراب تبدى ليله النكل

منا تفدِّيك سالي كل صادحة
مصيرنا واحد إن رامك الخطل

وانقض في إثْر سالي كي يفوز بها
يحمى الوطيس ووهج النار يمتثل

تظل تفقأ عين الليل صادقة
ولى الغراب وأوهى قرنه الوعل

• • • •

فقال في نفسه: يا ويح ما جهلت
نفسي من الحيل البكماء إن أفلوا

قم غير اللون من ريش يُعار ونم
في درب سالي فهذا برقع شكِل

إذا تسير تظالعْ. والجناح وهى
ونوِّم العنصر الشرير ما سهلوا

• • • •

تمر سالي وعين الطفل نظرتها
براءة الطهر تبدو والردى جذل

ماذا يرى بصري؟ الزغلولُ في وجل
صيء يئنُّ من الآلام تشتعل؟

صوتٌ من الغيب يبكي في الفؤاد غدا
يقول في لوعة: يا ويح من جهلوا

كلا فليس بزغلول، فذا هرم
صوت أجشُّ ولكنْ دقت الحيل

أواه يا جانحي، أواه يا قدمي
أواه يا مهجتي، الجرح يندمل؟

تقول سالي وقد رق الفؤاد له:
يا للضعيف تبدى دمعه الهطل

• • • •

سالي مليكة هذا الدوح لو هجرت
هذي المغاني تراءى المرمل المحل

ومن لطير تهاوى قلبه مزقاً
يهز صوتك آلام الأولى ثكلوا

تغنى المغاني بسالي والدنى حُرق
سالي تحن على الزغلول إن غفلوا

سالي تعالَي أغيثي مهجة دميت
هذا الجناح وذا ساقاي. أبتهل

لا لا تخافي، تعالَي. نحن في ظلل
من الأمان وقد آخاني الأول

نحيا بسلمك في نهر وفي شجر
هي الظلال وفيها الحب والغزل

• • • •

سالي تبدَّى لها ليل يغيِّبها
لما تدانت وقد أهوى لها الأجل

وغاب في قلب سالي مخلب شرق
من الدماء كمن أصمتهم النُّصُل

وقام يبدي غراب السَّوء قهقهة
من النعيق: لقد ألوى بك الأمل

وصرتِ لي لقمة ساغت عُسيلتها
وصار دوحك لي مأوى إذا نهلوا

أفريهمُ واحداً في إثر واحدة
ريثَ المكائد تسري كيفما دخلوا

هذا هو السلم في عرفي وفي نظري
يحيا السلام ويحيا الحب والغزل