|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ملامح شخصية المؤمن كما يحددها الرسول صلى الله عليه وسلم
ملامح شخصية المؤمن كما يحددها الرسول صلى الله عليه وسلم لن تطيب الدنيا إلا بصفات المؤمن، ولن تنعَم إلا بيقينه، ولن يصلح حال مجتمع فيها إلا بأخلاق الإيمان، ولن يزدهر إلا ببروز ملامح المؤمنين في سائر أفراده، وإلا بتجسد هذه الملامح المشرقة في واقع حياتهم، بل إنه لا بقاء للدنيا نفسها، ولا استمرار لشيء منها إلا بهذا الإيمان، الذي يفوحُ عطره في جوانبِ هذا المجتمع الذي رزَقه حظه منه، والذي برزت في أفراده أنصبة وافرة من ملامحه، وما أصدق "إقبال شاعر باكستان" في قوله مصوِّرًا هذه الحقيقة: إذا الإيمانُ ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يُحْي دينَا ومَن رَضِي الحياة بغير دينٍ فقد جعل الفناء لها قرينَا ولذلك فإن مجتمعنا المبارك الرشيد، حين وفقه ربه إلى اختيار طريق الرشد، فرفع شعار الإيمان والعلم، فإنما هو في واقع أمره يرفع شعار بقائه واستمراره، ويتشبَّث بأسباب منعته وقوته، ويستمسك بما فيه تحصين نفسه ضد عوامل الضعف والفناء. ورغبة مخلصة وصادقة في جانبنا في الإسهام بنصيبٍ في تدعيم مجتمع الإيمان، وتحقيق وجوده، والدعوة إلى ملامحه التي يجب أن تبرز في أفراده، وإبراز صورته، وتأكيدها على أكمل وجه وأدقه - بدأنا هذا الحديث عن ملامح شخصية الإنسان المؤمن كما حددها داعية الإيمان وصاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث على طوله وامتداده لم يكن لنا من فضل فيه، إلا مجرَّد استجماع دقائق الصورة وجزئياتها التي تحدِّد ملامحها وتجمع أشتاتها من هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم - وتيسيرها للقارئ؛ أملاً ورجاءً أن تكون له بمثابة النور على الطريق، يسدِّد خطاه، ويبارك مسعاه، ويحدوه دائمًا إلى الخير، ويسوقه في كل وقت إلى المعروف، ويغريه دائمًا بعمل البر، والحرص على اكتساب الصالحات. ولقد طال هذا الحديث وامتدَّ حتى شمل سبعًا من المقالات اتخذت لنفسها عنوان مقال اليوم، كانت قد غنيت بسرد العشرات من مكوِّنات ملامح شخصية المؤمن، وإبراز معالمها وتحديد خصائصها، ولم ينتهِ الحديث بعد؛ إذ بقي أن نُضِيف إلى ما سبق أن وضعناه بين يدي القارئ العزيز، هذا الجديد الذي هدانا الله إليه، فنقول: • إن من ملامح المؤمن التي تميِّزه عن غيره من أشتات الناس أن الدعاءَ هو سلاحه الذي يجابِهُ به امتحان الأيام، وعُدَّته التي يواجه بها صعاب الحياة، ويصارع بها أهوال الدنيا، ويقارع بها فتن الحياة وبوائق الدهر.. كما أن الدعاء هو وسيلته التي يَعبُر بها كل ضائقة قد تمر به، ويتجاوز عن طريقها كل شدة قد يعاني من وطأتها، أو يضيق بالحياة من أجلها.. وذلك ما قد أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض))؛ [أخرجه عبدالرزاق والحاكم عن علي]. والمؤمن في اتجاهه إلى ربه بدعائه، وفي تطلعه إلى ساحته، وفي تعلق قلبه وبصره به في كل لحظة، يعي حقيقتين، كلتاهما قد تعلمهما من دينه: الحقيقة الأولى: أن الدعاء في نفسه وحقيقة أمره، هو عبودية وعبادة، وأنه بمقدار ما يدمن العبد الدعاء ويحرص عليه، ويلح على ربه - عز وجل - إلحاحًا، بمقدار ما يحقق ويؤكد عبوديته الكاملة له - سبحانه - كما يؤكد ارتباطه وثقته به.. وتلك هي العبودية والعبادة في أسمى صورهما. فما العبودية إلا احتياج وافتقار إلى ما عند المعبود، وما العبادة إلا توثيق للصلة التي بين العابد والمعبود، وتدعيم للعَلاقة بينهما، وتأكيد لحسن الظن بالله، ويقين بما عنده من فضل وخير. وهذا ما فهِمه المؤمن من هذه النصوص التي اشتمل عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ ومنها قوله - تعالى -: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين ﴾ [غافر: 60]، وقوله - جل شأنه -: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. ومنه قوله - عليه السلام -: ((مَن لم يسأل الله يغضب عليه))؛ أخرجه الترمذي. وقوله: ((إن الدعاء هو العبادة))؛ أخرجه أبو داود، والترمذي عن النعمان بن بشير. وما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: ((الدعاء مخ العبادة))؛ أخرجه الترمذي عن أنس، وذلك أيضًا هو لب ما وعاه من هَدْي نبيه في قوله: ((سَلُوا الله من فضله، فإن الله - تعالى - يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرَج))؛ أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود. وقوله: ((ليس شيء أكرم على الله من الدعاء))؛ أخرجه الترمذي، والبيهقي، وابن حبان، والحاكم عن أبي هريرة. الحقيقة الثانية: التي يصدر عنها المؤمن في دعائه، ويعيها في نفسه تمامًا: أنه في اتجاهه إلى ربه بدعائه، وفي تطلعه إليه، وتعلق بصره وقلبه به في كل لحظة، لا يبتدع في ذلك شيئًا من عند نفسه، وإنما هو يقتدي في ذلك ويتأسَّى بمن جعله الله له لغيره من المؤمنين أسوةً حسنة في الدين والدنيا، وفي الأُولى وفي الآخرة؛ حيث يقول - سبحانه - في حق عبده ونبيه - صلى الله عليه وسلم - موجهًا الخطاب في ذلك لكل مَن آمن به، واقتدى بسنته، واتبع هداه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. فلقد كان الدعاء، وحمد الله، والثناء عليه، جزءًا من كيانه، ودمًا زكيًّا طيبًا يسري في عروقه، ومنطقًا عذبًا يجري في كل لحظة على لسانه، كما كان الدعاء هو سلاحه في حياته كلها، وهو عُدَّته للخروج من كل ضائقة، ووسيلته لمواجهةِ كل صعب وتجاوز كل عقبة، والمعروف من حاله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يفتُرُ لحظةً عن الدعاء لربه، ولا يغفُلُ قط عن حمده - عز وجل - والثناءِ الجميل عليه؛ إذ الثناء على الله دعاء، بل هو أبلغ الدعاء، لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يستقبل يومه حين يصبح، ويختتمه حين يمسي بتسبيحِ الله وحمده، والثناء عليه كثيرًا، بل كان - صلى الله عليه وسلم - يوصِي سائر الناس بذلك، ويغريهم به بمثل قوله، فيما رواه مسلم عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن قال حين يُصبِح وحين يُمسِي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأتِ أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد)). وكان يستقبل صباحه بهذه الكلمات: ((اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت وإليك النشور))؛ أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة. بل كان يستقبلُ صباحه ومساءه بهذا الذكر والثناء والدعاء: ((اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كلِّ شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطانِ وشركِه))؛ أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي بكر الصديق، "فإذا أوى إلى فراشه كان منه هذا الحمد والثناء على الله رب العالمين: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا))؛ أخرجه مسلم عن أنس. فإذا أخذ مضجعه جرى على لسانه هذا الدعاء الجميل: ((باسمك ربي وضعتُ جنبي وبك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فارحمها، وإن أرسلتَها فاحفظها بما تحفظُ به عبادك الصالحين))؛ متفق عليه من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه. وكان يقول أيضًا: ((اللهم أسلمتُ نفسي إليك، ووجَّهتُ وجهي إليك، وفوَّضتُ أمري إليك وألجأتُ ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنتُ بكتابك الذي أنزلتَ، وبنبيك الذي أرسلتَ))؛ متفق عليه من رواية البراء بن عازب. فإذا أراد أن يرقد أو يمضي في نومه، وضع يده اليمنى تحت خده، ثم يقول: ((اللهم قِنِي عذابك يوم تبعث عبادَك))؛ رواه الترمذي من حديث حذيفة، وأبو داود من رواية حفصة. على أنه - صلى الله عليه وسلم - وكما حدَّث عن نفسه، كان إذا نام تنام عيناه ولا ينام قلبه، لقد كان الدعاء إذا أمسى هو حصنه الذي يلوذ به، وكان الدعاء إذا أصبح هو سلاحه وعدته التي يتقي بها شر ما في يومه الجديد؛ فلقد أخرج مسلم عن ابن مسعود قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال: ((أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قدير، رب أسالُك خيرَ ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذُ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذُ بك من الكسل وسوء الكِبَر، وأعوذُ بك من عذاب النار وعذاب القبر))، وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: ((أصبحنا وأصبح الملك لله)). بل كان يوصي الناس بهذه الوصية: ((ما من عبدٍ يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، إلا لم يضره شيء))؛ رواه أبو داود والترمذي من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه. حتى إذا احتواه - صلى الله عليه وسلم - نهار اليوم إذا أصبح، كانت عبادته الموصولة هي دعاءه الذي يردده ولا يفتُرُ عنه لحظة واحدة في أثناء يومه ونهاره، لقد كان - صلى الله عليه وسلم - من أول المستجيبين لما أمر الله به عباده المؤمنين في قوله: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف: 55]، وقوله: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]. وكان - صلى الله عليه وسلم - "يستحب الجوامع من الدعاء ويدَع ما سوى ذلك"؛ رواه أبو داود عن عائشة. وكان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم آتِنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار))؛ متفق عليه من رواية أنس - رضي الله عنه. وكان من دعائه الذي يلح به على ربه طيلة يومه قوله: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))؛ أخرجه مسلم عن ابن مسعود. ((اللهم مصرف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك))؛ رواه مسلم عن عبدالله بن عمرو. ((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كلِّ خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر))؛ رواه مسلم عن أبي هريرة. وكان من دعائه الذي لا يفتُرُ لسانه من ترديده والإلحاح به على ربه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرَم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وضَلَع الدَّين وغَلَبة الرجال))؛ رواه مسلم عن أنس. وقوله: ((اللهم اهدِني وسدِّدني))؛ رواه مسلم عن عليٍّ. وقوله: ((اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم))؛ متفق عليه من رواية أبي بكر - رضي الله عنه. وقوله في صلاته وفي غيرها: ((اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير))؛ متفق عليه من رواية أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه. وكان من دعائه في صلاته وفي خارجها، قوله: ((اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل))؛ رواه مسلم عن عائشة - رضي الله عنها. ((اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك))؛ رواه مسلم عن ابن عمر. وقوله: ((اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير مَن زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، وقلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها))؛ رواه مسلم من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه. وكان كثيرًا ما يدعو ربه - عز وجل - فيقول: ((اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار))؛ رواه الحاكم عن ابن مسعود. ((اللهم إني أسالك حبك، وحب مَن يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلي ومن الماء البارد))؛ رواه الترمذي عن أبي الدرداء. وعن أم سلمة - رضي الله عنها -: "كان أكثر دعائه - صلى الله عليه وسلم -: ((يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))؛ أخرجه الترمذي من رواية شهر بن حوشب. وقوله: ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك))؛ رواه الترمذي عن علي. وقوله: ((اللهم ألهمني رشدي وأعِذني من شر نفسي))؛ رواه الترمذي عن عمران بن حصين. وقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء))؛ رواه الترمذي عن زياد بن علاقة عن عمه. وقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، ومن شر الغنى والفقر))؛ رواه أبو داود والترمذي عن عائشة. وقوله ((اللهم إني أعوذ بك من البَرص والجنون أو الجذام، وسيئ الأسقام))؛ رواه أبو داود عن أنس. وقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ من الخيانة فإنها بئست البطانة))؛ رواه أبو داود عن أبي هريرة. وحرَص الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما حرَص عليه، على أن يعلِّم كل مسلم الدعاء إلى جانب ما يتعلم من حقائق الإسلام؛ فعن طارق بن أشيم: كان الرجل إذا أسلم علَّمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: ((اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني))؛ رواه مسلم. ويوم جاء ابن حميد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يعلِّمه دعاءً يدعو به ربه، فعلمه - صلى الله عليه وسلم - هذا الدعاء: ((اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيِّي))؛ رواه أبو داود والترمذي. وكان من أجمع الدعوات التي كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا، ما أخرجه أبو داود والطبراني، من قوله: ((اللهم إني أسألك من الخير كله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمتُ منه وما لم أعلم))؛ ولذلك فإنه لما شكا الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، دعوتَ بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله؟ تقول: اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنت المستعان، وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله))؛ رواه الترمذي عن أبي أمامة. ولم يكتفِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يجعل من حياته كلها عبادة متصلة عن طريق دعواته التي كان لسانه لا يفتُرُ عن ترديدها في كل لحظة، بل اتَّخذ - صلى الله عليه وسلم - من هذه الدعوات سلاحًا وعُدَّة يستعين بها على معاناته لجهاد الدعوة وتلقي أذى قومه وعدوانهم عليه، فلما كذَّبته ثقيف في الطائف، بعد إذ قطع الطريق إليها على قدميه الشريفتين لكي يدعوها إلى ربها، وآذته، وأغرت به سفهاءها يرجمونه بالحجارة، ويقذفونه بأقذع السباب - ما كان منه إلا أن أشهر سلاح الدعاء، واتجه إلى الله خالقه بهذا الدعاء الرهيب: ((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى مَن تكلني؟ إلى عدوٍّ يتجهمني؟ أم إلى قريب ملَّكته أمري؟ إن لم تكن ساخطًا عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل عليَّ غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العُتبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك))؛ أخرجه الطبراني. وبعد: فنحن لو مضينا في هذا الطريق نتتبع دور الدعاء "كسلاح" في مسيرة حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لطال الحديث وطال، ولكن من الخير أن نجعل ذلك موضوعًا لمقال جديد، في لقاء جديد، بمشيئة الله رب العالمين. مصطفى عبدالحليم |
#2
|
|||
|
|||
جزاك الله كل الخير
__________________
يافؤادى لاتسل أين الهوى..........كان صرحا من خيال فهوى |
#3
|
||||
|
||||
جزاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك الله كل الخير
__________________
|
#4
|
|||
|
|||
موضوع ممتاز .. جزاك الله خيرا اخى الكريم
|
#5
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|