اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-03-2013, 09:29 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي فقه الدنيا وأحكام الآخرة


فقه الدنيا وأحكام الآخرة
(1)



د / سعد الدين الهلالي

المشكلة التى يحتار أمامها كثير من الدعاة الإسلاميين غير الفقهاء بأحكامه هى العجز عن التفرقة بين معايير التعامل فى الدنيا وبين معايير التعامل فى الآخرة. فالخلط فى تلك المعايير هو ما جعل دين الإسلام فى نظر غير المؤمنين به عملاً إرهابياً، وفى نظر كثير من المؤمنين به عملاً كهنوتياً. وإذا استطعنا إقناع الناس بأن فقه الدنيا يختلف عن أحكام الآخرة، فإننا نكون قد ذللنا الطريق لمن يطلب الحل. وهذا ما نوضحه فيما يلى:

(1) أما الدنيا فهى دار عمل بدون جزاء دينى فيها، وأما الآخرة فهى دار جزاء دينى بدون عمل بشرى فيها. قال تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» (التوبة: 105). ولهذا لم يضع الإسلام أى عقوبة للمحرّمات غير القصاص الذى يستوجبه العدل الفطرى، وغير الحدود المحصورة فى السرقة والزنى والقذف والحرابة، وزاد بعضهم الردة واللواط وشرب الخمر. وحتى القصاص فإنه يسقط بعفو ولى الدم فى الجملة، كما أن الفقهاء لم يتفقوا على أن عقوبات الحدود فى الدنيا نهائية، فكثير من الفقهاء قالوا بأنها زواجر وليست جوابر فى الآخرة. هذا بالإضافة إلى إجماع الفقهاء على وجوب سقوط تنفيذ تلك الحدود فى الدنيا حال إبداء المتهم أية شبهة ليستنقذ نفسه منها، وحتى يستفيد من فرصة طول أجله فى الدنيا؛ عملاً بما أخرجه الإمام مالك عن زيد بن أسلم أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يُبدى لنا صفحته نُقم عليه كتاب الله».

وإذا كانت الدنيا دار عمل بلا جزاء دينى فيها، فإنها لا تستقيم دون وضع جزاء دنيوى يُثاب فيه الملتزم ويُؤدّب فيه المنحرف. وقد ترك الإسلام ذلك للناس فيما يتراضونه بينهم اتفاقاً؛ لما أخرجه مسلم من حديث بريدة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يوصى مَن يرسله أميراً على جيش بقوله: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله فلا تفعل. بل على حكمك أنت، فإنك لا تدرى أُتصيب حكم الله فيهم أم لا».

(2) وأما نظام التعامل فى الآخرة فيقوم على أساس محاسبة الإنسان للقصاص منه فى حق الناس، والعدل عليه فى حق الله، أو الرحمة إذا شاء. قال تعالى: «كل نفس بما كسبت رهينة» (المدثر: 38). وأما نظام التعامل فى الدنيا فإنه يقوم على أساس تكريم الإنسان بين بنى ***ه، وتفضيله على غير ***ه فى الجملة؛ لقوله تعالى: «ولقد كرّمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً». (الإسراء: 70). وهذا لا يستقيم بدون اختيار دينى أو مذهبى.

أما الاختيار الدينى فيدل عليه قوله تعالى: «وقل الحق من ربكم فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر» (الكهف: 29).

وهذا الاختيار الدينى وإن تسبب فى فتح الذرائع لعموم الناس أن يعلنوا اعتقادهم بدين غير الإسلام إلا أن هذا يحقق مقصداً شرعياً يتمثل فى حفظ إنسانيتهم وكرامتهم فى الدنيا، كما أنه يمنعهم من اتخاذ وسيلة النفاق أو الكذب التى تُشين آدميتهم عند معاملة المخالفين لعقيدتهم.

وإذا كان الاختيار الدينى حقاً شرعياً فى الدنيا فإن الاختيار الفقهى من بين الأوجه المحتملة حق شرعى فى الدنيا والآخرة، وهذا ما نرجو بيانه فى اللقاء القادم بإذن الله تعالى.


آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 28-03-2013 الساعة 09:36 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-03-2013, 09:34 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فقه الدنيا وأحكام الآخرة (2)
سعد الدين الهلالي

كل الناس يعرف أن الدنيا ليست هى الآخرة، ومع ذلك فإن كثيراً من الدعاة الإسلاميين غير الفقهاء بأحكامه يعمدون إلى محاسبة الناس والتعامل معهم فى الدنيا بمعايير الآخرة، وهو ما أدى إلى جعل دين الإسلام فى نظر غير المؤمنين به عملاً إرهابياً، وفى نظر كثير من المؤمنين به عملاً كهنوتياً.

وإذا أردنا الحل فى تجلية فضل الإسلام ورحمته، وإعادة ثقة الناس فى مقاصده، التى جاءت لإكرام الإنسانية وتقدير الآدمية، فعلينا -من وجهة نظرى، كما سبق فى المقال السابق- أن نرجع إلى نقطة الابتداء من الصفر، وهى إقناع الناس بأن فقه الدنيا يختلف عن أحكام الآخرة، وأن نزيل اللبس الذى وقع فيه هؤلاء الدعاة فظلموا المسلمين وغير المسلمين.. على الوجه الآتى:

(1) أما ظلمهم لغير المسلمين، فبتطبيق آيات الآخرة عليهم فى الدنيا، ومن ذلك قوله تعالى: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (آل عمران: 85)، ووجه الظلم: أننا لم نطبق عليهم آيات الدنيا التى يستحقونها فيها، ومن ذلك قوله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» (البقرة: 256)، وقوله تعالى: «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: 29)، وقوله تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ» (الكافرون: 6)، مع قوله تعالى: «وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهَ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ» (الأنعام: 108).

(2) وأما ظلمهم للمسلمين، فبتطبيق فهم جمهور الأصوليين لأحكام الآخرة بشأن الاجتهاد الفقهى عليهم فى الدنيا، فيما يعرف بقضية «وحدة الحق أو تعدده فى المسألة الواحدة». بمعنى أن الفقهاء لو اختلفوا فى الدنيا على قولين أو أكثر، فإن أحد هذه الأقوال هو الصواب إذا وافق الحق الذى فى علم الله، والأقوال الأخرى خاطئة؛ استدلالاً بما أخرجه الشيخان عن عمرو بن العاص: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر».

وخالف فى ذلك بعض الأصوليين كالأشعرى والمعتزلة، وبعض الحنفية والمالكية والشافعية، فقالوا: إن الحق فى الآخرة متعدد بتعدد أقوال أهل الذكر؛ استدلالاً باختلاف حكمى داود وسليمان (عليهما السلام) فى مسألة صاحب الغنم وصاحب الزرع، وقد وصف الله الحكمين بقوله: «وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا» (الأنبياء: 79).

ومن الأمثلة التطبيقية على ذلك: حكم لو *** مسلم جاره المسيحى عمداً؛ فإن أبا حنيفة ومن وافقه يرون وجوب القصاص من المسلم، لقوله تعالى: «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً» (الإسراء: 33).

وذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الدية «التعويض المالى» ولا يقتص من المسلم؛ لما أخرجه البخارى عن على: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا يُ*** مسلمٌ بكافر»، وأجاب أبوحنيفة بأن المقصود من الكافر الحربى وليس المسالم من أهل العهد أو الذمة.

هنا يأتى غير المتخصصين الذين سمعوا قول جمهور الأصوليين بأن الحق واحد فى الآخرة، فيطبقونه على اجتهاد الفقهاء فى الدنيا، ويرتبون على هذا الخطأ فى التطبيق تعلية شأن القول الفقهى الذى يريدون تعميمه فى الدنيا -كالقصاص من المسلم أو عدمه- بخدعة أنه الصواب فى الدين، وأنه الحق عند الله، ويصفون القول المخالف بالضعيف أو الشاذ لتنفير الناس منه. وهم فى الحقيقة يفتئتون على الله بزعمهم الذى يهدفون من ورائه إلى فرض الوصاية على الآخرين لعجزهم عن إقناعهم بوجهة نظرهم، غير مبالين بوعيد الله سبحانه الذى يقول: «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ» (النحل: 116). وللحديث بقية.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-04-2013, 09:32 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فقه الدنيا وأحكام الآخرة (3)
سعد الدين الهلالي
الخميس 04-04-2013 11:05

الحق فى الآخرة واحد قطعاً، فكل مسألة أو قضية لها حكم واحد ولا تحتمل حكمين؛ لسببين غير موجودين فى الدنيا. الأول: أن الحاكم فى الآخرة هو الله تعالى بنفسه صاحب الحق المطلق، الذى يعلم السر وأخفى. قال تعالى: «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَىْءٍ» (غافر: 19، 20). الثانى: أن الحكم فى الآخرة بالحقيقة التى ستتكاشف ولا يملك مخلوق إنكارها. قال تعالى: «وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ» (فصلت: 21).

أما الحق فى الدنيا فيستحيل أن يعرفه على وجه التعيين أحد من المجتهدين؛ لأنهم بشر غير معصومين، وأحكامهم تكون بغلبة الظن؛ لأنهم لا يعرفون إلا ظواهر الأمور، بل إنهم يتفاوتون فى علمها، والأكثر علماً بالظاهر يتهم الأقل منه بالجهل، والأقل علماً بالظاهر يرجم الأكثر منه بالخوض فى الغيب. وحتى المتساوون فى معرفة ظواهر الأمور فإنهم قد يتفاوتون فى الحكم عليها بحسب تنازع مبدأى الترجيح: فى المصالح بجلبها، وفى المفاسد بدرئها. وفى التكاليف بالأخذ بأيسرها، أو العمل بأحوطها. وفى جميع الأحوال فإن المجتهد لن يقف حبيس اجتهاده؛ لأنه فى تطوّر مستمر، والأوضاع حوله فى تجدُّد مع الزمن. فما كان يراه فى يومه حراماً كجراحة التجميل وزراعة الأعضاء؛ لما يعده تغييراً لأصل الخلقة: قد يراه فيما بعد حلالاً أو واجباً إذا اقتنع بأنه من التداوى والعلاج. وقد يرجع فى مرحلة ثالثة من عمره إلى ما قاله أول أمره من التحريم إذا تطوّر الطب وصار بالإمكان تحقيق العلاج بالجينيوم دون الجراحة التى ستكون فى هذا الزمن الآتى *****اً للجسد بغير طائل.

هذا التعدُّد فى الاستنباط الفقهى عند المجتهدين فى الدنيا فى المسألة الواحدة يقابله عند غير المجتهدين من العوام التعدُّد فى الاختيار الفقهى من بين أقوال المجتهدين الذى نص عليه النبى صلى الله عليه وسلم، لوابصة بن معبد: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك». كما أخرجه أحمد بإسناد حسن.

وبالتعدّد الفقهى استنباطاً عند المجتهدين، واختياراً عند غيرهم من العوام يستطيع الإنسان أن يمارس عبادته لله دون وساطة أحد إلا الإخلاص الذاتى، وأن يعيش كرامته دون وصاية أحد إلا قناعته الذاتية، فى مظلة إسلامية شرعية.

غير أن أعداء حرية الإنسان وخصوم كرامته يتتبّعونه بكل الحيل للسيطرة عليه وخاصةً بتخويفه من ممارسة حقه الشرعى فى الاجتهاد من النصوص إن كان فقيهاً بحسب غلبة ظنه، أو الاختيار من أقوال الفقهاء إن لم يكن فقيهاً بحسب اطمئنان قلبه، فأطلقوا سهمين قاتلين:

(1) السهم الأول: فى وجوه الفقهاء المجتهدين، فيما يُعرف بقضية «وحدة الحق وعدم تعدّده فى الدنيا»؛ بهدف إيقاف مسيرة الاجتهاد والتشكيك فى اجتهاد من لا يعجب الأوصياء أعداء الحرية إلا لأنفسهم. وقد تصدّى علماء الأصول لهذا السهم المسموم بأن الحق فى الدنيا يختلف عن الحق فى الآخرة، كما سبق بيانه.

(2) السهم الثانى: فى وجوه البسطاء من الناس وعامتهم فيما يُعرف «بعدم جواز العمل بالقول الشاذ أو الضعيف»؛ بهدف حرمان البسطاء من حق الاختيار الفقهى الذى منحه الإسلام للعامة دون تخويف بمثل تلك المصطلحات المصطنعة، التى اخترعها المعادون للرأى المخالف لعجزهم عن رد الحجة بالحجة، ولفرض سيطرتهم ووصايتهم على البسطاء، وكأنهم وكلاء الله فى أرضه اختصهم بمعرفة مراده الذى جعله غيباً إلا عليهم.

وقد تصدى كثير من أهل العلم لهذا السهم الأكثر سُمّاً، والموجه إلى الفئة الأكثر ضعفاً بما يحتاج كشفه. وللحديث بقية.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-04-2013, 11:58 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فقه الدنيا وأحكام الآخرة (4)
سعد الدين الهلالي

لا يزال أعداء حرية الإنسان وخصوم كرامته يتتبعونه بكل الحيل للسيطرة عليه. ولكن المثير للعجب والدهشة أن نرى طائفة من هؤلاء الأعداء ينتسبون إلى الإسلام، بل والأكثر عجباً واستغراباً أن يرتدى هؤلاء عباءة الدين وكأنه فوضهم لزعامة الناس، واختصهم بالوكالة عن الله فى الأرض. ونسوا أو تناسوا أن الله تعالى يأبى الشريك أو الوسيط بينه وبين عبده، فهم يحسبون أنهم يخدمون الدين والحقيقة أنهم يهدمونه؛ لأنه ما نزل إلا لتحرير الإنسان من كل عبودية إلا له سبحانه التى تكون اختياراً من القلب بحسب قناعته لا بقناعة غيره. فالمقلد فى أحكام الدين بدون اختيار فاسق عند أهل السنة، ومخلد فى النار عند المعتزلة. ولذلك اختص الله لنفسه العلم بالحق المطلق، وجعله فى الدنيا غيباً لا يكشف إلا يوم القيامة حتى لا يتعالى إنسان على آخر، ولا يحمل إنسان غيره إلا بقناعته الذاتية. قال تعالى: «وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه» (الإسراء: 13)، وقال تعالى: «قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين. قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون. قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم» (سبأ: 24-26). وأخرج مسلم والطبرانى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال عن الدجال: «فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم، وإن يخرج فيكم بعدى فكل امرئ حجيج نفسه، والله عز وجل خليفتى على كل مسلم».

هكذا يحسم القرآن الكريم والسنة المطهرة العلاقة بين الناس وبعضهم بأن كل امرئ حجيج نفسه، والله خليفة على كل أحد؛ ليرفع الناس أياديهم عن بعض، ووصايتهم على بعض. ولتكن العلاقة بينهم تناصحاً وتعارفاً مبنياً على القاعدة الفقهية التى اكتشفها الإمام الشافعى من عموم النصوص الشرعية: «قولى صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب».

ومع هذا الوضوح فى فقه الدنيا الذى يختلف عن أحكام الآخرة إلا أن المفسدين فى الدين والمعادين لحرية الإنسان يحولون بينه وبين الدين الخالص بزعمهم معرفة الحق المطلق فى المسائل الخلافية، حتى يتبعهم الناس وينساقوا إليهم. وفى سبيل تحقيق أمانيهم هذه فإنهم يصفون قول مخالفيهم بالشذوذ والضعف؛ لعجزهم عن رد الحجة بالحجة، وليس لحقيقة الشذوذ أو الضعف التى لا يعرفها أحد بيقين إلا يوم القيامة. وقد ذكر الفقهاء المخلصون أكثر من دليل لرد كيد هؤلاء المفسدين، ونكتفى بذكر ثلاثة منها:

الدليل الأول: أن الصحابة رضى الله عنهم اختلفوا فى فهم النصوص التى يبدو فى ظاهرها الوضوح، وقد أقرهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) على تلك الفهوم المختلفة ولم يأمرهم بتوحيدها، أو الاحتكام إلى قاعدة معينة لتوحيد الفتوى؛ إعلاءً لحرية الإنسان وتعظيماً لمبدأ استفتاء القلب. ومن ذلك ما يلى:

(1) اختلاف الصحابة بعد غزوة الأحزاب فى صلاة العصر مع قول النبى (صلى الله عليه وسلم) لهم: «لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة». فمع بيان النهى وجلائه إلا أن بعضهم عمد إلى صلاتها فى موعدها قبل بنى قريظة؛ عملاً بما فهم من النهى وهو الإسراع. وخالف فى ذلك بعضهم فعمد إلى تأخير صلاة العصر إلى بنى قريظة، وقد فات وقت الصلاة؛ عملاً بما فهم من ظاهر النهى. وقد أقر الرسول (صلى الله عليه وسلم) الفهمين ولم ينكر على أحد ولم يعـنف واحداً من الفريقين. كما أخرجه الشيخان عن ابن عمر. وللحديث بقية.

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 12-04-2013 الساعة 12:03 AM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-04-2013, 01:17 AM
Specialist hossam Specialist hossam غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 1,934
معدل تقييم المستوى: 15
Specialist hossam is on a distinguished road
افتراضي

انتشر فى الآونة الأخيرة منهج الدكتور سعد الدين الهلالى، الذى يرى أنَّ الأمانة العلمية تقتضى إيراد جميع الأقوال الفقهية الواردة، تاركًا للسائل حرية الاختيار مِن بين هذه الأقوال؛ إلا إذا طالبه السائل بالترجيح أو سأله عن الصحيح مِن بين هذه الأقوال، فهنا يقوم مقام الناصح، ينصح للسائل بأحد هذه الأقوال.

وقد أكَّد الدكتور التزامه بهذا المنهج مناسبات عديدة، منها: حواره قبل فترة مع الشيخ أمجد غانم، وسأجمل التعقيب على هذه المنهجية فى النقاط الآتية:

أولا: الحق واحدٌ لا يتعدَّد:

وقد وضح الدكتور نفسه بين حالتين: الأولى: أن يرى بعض هذه الأقوال التى يذكرها حقًّا صوابًا والآخر باطلا مرجوحًا فيكون قد خالف الأمانة العلمية التى تُلزمه ببيان الباطل المرجوح للناس حتى وإِنْ لم يسألوه؛ لأن السائل لو مَيَّزَ بين الحق والباطل لانتفت حاجته إلى سؤال الدكتور؛ وإنما يُتَصَوَّر فى السائل الجهل بحكم المسألة، ولهذا يلجأ للسؤال، فهو بحاجة إلى بيانٍ، وقد قرَّر أهل العلم عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ فيكون الدكتور بهذا قد ناقض الأمانة العلمية إنْ لم يذكر الجواب موضِّحًا الحق من الباطل.

والحالة الثانية: أن يرى الدكتور جميع الأقوال التى يذكرها فى المسألة الواحدة حقًّا فيكون قد وافق المعتزلة القائلين بتعدُّد الحق، وخالف أهل السنة والجماعة ومَن وافقهم مِن القائلين بأنَّ الحق واحدٌ.

قال ابن عبد البر فى «الجامع» (ص919): «وفى رجوع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعضهم إلى بعضٍ وردِّ بعضهم على بعضٍ؛ دليلٌ واضح على أنَّ اختلافهم عندهم خطأ وصواب» أهـ. إلى أن قال: «والصواب مما اختُلِف فيه وتدافع وجهٌ واحدٌ؛ ولو كان الصواب فى وجهين متدافعين ما خَطَّأَ السلفُ بعضُهم بعضًا فى اجتهادهم وقضاياهم وفتواهم، والنظر يأبى أن يكون الشىء وضدّه صوابًا كله» أهـ. وذكر ابن عبد البر طائفة من أقوال الصحابة والتابعين الدالة على هذا، ومنها: قول عمر بن الخطاب لأبى موسى الأشعرى رضى الله عنهما: «لا يمنعك قضاءٌ قضيتَه بالأمس، راجعتَ فيه نفسك، وهُدِيت فيه لرشدك؛ أنْ ترجعَ فيه إلى الحق؛ فإِنَّ الحق قديم، والرجوع إلى الحق أولى من التمادى فى الباطل»أهـ. وقول مُطَرِّف بن الشِّخِّير: «لو كانت الأهواء كلها واحدة لقال القائل: لعل الحق فيه؛ فلما تشعَّبت وتفرّقت؛ عرف كلُّ ذى عقل أنّ الحق لا يتفرّق»أهـ.

ونقل عن أشهب قال: «سمعتُ مالكًا رحمه الله يقول: ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابًا جميعًا، ما الحق والصواب إلا واحد. قال أشهب: وبه يقول الليث» أهـ.

وروى ابن عبد البر (ص/905) عن أشهب قال: «سُئل مالك عن اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: خطأٌ وصواب، فانظر فى ذلك»أهـ. و(ص/906) عن ابن القاسم عن مالك أنه قال فى اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مخطئٌ ومصيب، فعليك بالاجتهاد» أهـ. ثم روى عن عبد الله بن وهب قال: قال لى مالكٌ: «يا عبد الله! أَدِّ ما سمعتَ وحسبك، ولا تحمل لأحد على ظهرك، واعلم أنما هو خطأ وصواب، فانظر لنفسك فإنه كان يقال: أخسر الناس من باع آخرته بدنياه، وأخسر منه من باع آخرته بدنيا غيره»أهـ.

وروى ابن عبد البر (ص/906) عن ابن القاسم قال: «سمعتُ مالكًا والليث يقولان فى اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما قال ناسٌ: فيه سعة؛ ليس كذلك؛ إنما هو خطأٌ وصواب»أهـ. ونقل نحوه عن كتاب «المبسوط» لإسماعيل بن إسحاق القاضى، ثم نقل عن إسماعيل قوله: «إنما التوسعة فى اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعة فى اجتهاد الرأى، فأما أن يكون توسعة لأن يقول الناس بقول واحدٍ منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه؛ فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا» قال ابن عبد البر: «كلام إسماعيل هذا حسنٌ جدًّا. وفى سماع أشهب سُئل مالك عمَّن أخذ بحديثٍ حدَّثَه ثقةٌ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتراه مِن ذلك فى سعة؟ فقال: لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابًا جميعًا؟! وما الحق والصواب إلا واحدٌ» أهـ.
__________________
قالوا كذبا : دعوة رجعية -- معزولة عن قرنها العشرين
الناس تنظر للأمام ، فما لهم -- يدعوننا لنعود قبل قرون؟
رجعية أنّا نغارُ لديننا -- و نقوم بالمفروض و المسنون!
رجعية أن الرسول زعيمنا -- لسنا الذيول لـ "مارْكسٍ" و " لِنين" !
رجعية أن يَحْكُمَ الإسلامُ في -- شعبٍ يرى الإسلامَ أعظم دين !
أوَليس شرعُ الله ، شرعُ محمدٍ ------ أولى بنا من شرْعِ نابليون؟!
يا رب إن تكُ هذه رجعيةً ------ فاحشُرْنِ رجعياً بيومِ الدين !
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-04-2013, 07:08 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فقه الدنيا وأحكام الآخرة (5)
سعد الدين الهلالي

يرفض الإسلام وظيفة الوكالة عن الله فى الأرض، أو الوساطة بين الله وبين خلقه، ويعد ذلك شركاً يحبط عمل التابع والمتبوع. فمن أراد إسلاماً خالصاً فلا يجعل بين قلبه وبين الله مخلوقاً ولو كان أفقه الفقهاء؛ لقوله تعالى: «وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب» (البقرة: 186)، وما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن وابصة بن معبد أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال له: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك».

وحتى يكون العلم والفقه اللذان أمر الإسلام بتحصيلهما وبذلهما أداة لتأصيل تكريم الإنسان وتحريره من العبودية لغير الله، وليس وسيلة انتهازية لاستعباد العوام والبسطاء فقد وضع الإسلام فيهما سنتين كونيتين يكبح بهما شهوة المتألهين، وهما: (1) نفى صفة الأعلم بإطلاق عن أى مخلوق، فقال سبحانه: «وفوق كل ذى علم عليم» (يوسف: 76). فمهما بلغ علم الفقيه فإنه لا يتأهل للثقة المطلقة فى الاتباع دون العرض على القلب الذى يصدقه أو يكذبه. (2) تمكين العوام من الفهم الأعمق والفقه الأدق من علم الفقيه بمجرد الاستماع إليه؛ لما أخرجه الشيخان عن أبى بكرة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه». فمهما ظن الفقيه العلم فإن من يسمعه قد يكون أفقه منه.

ومع وضوح طريق الإسلام فى أن فقه الدنيا يختلف عن أحكام الآخرة، بما سبق بيان بعض أوجهه، إلا أن العاشقين لمهنة الوصاية على الناس يشاغبون بزعمهم معرفة الحقيقة فى الأحكام الشرعية التى جعلها الله غيباً لا تعرف إلا يوم القيامة، ويتهمون فقه مخالفيهم بالضعف والشذوذ. وقد تصدى الفقهاء المخلصون لهذا الشرك الجاهلى المعاصر بأدلة كثيرة، وعدنا بذكر ثلاثة منها.

الدليل الأول: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أقر صحابته الكرام على اختلافهم فى فهم النصوص؛ لتكون التعددية الفقهية سنة متبعة. ويدل لذلك: (1) صلاة بعضهم للعصر فى وقتها قبل بنى قريظة، وصلاة بعضهم لهذا العصر بعد وقته فى بنى قريظة. (2) اختلافهم فى إعادة الصلاة بالتيمم بعد ظهور الماء دون أن ينكر أحد على أحد. فقد أخرج النسائى وأبوداود بإسناد صحيح عن أبى سعيد الخدرى قال: خرج رجلان فى سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء فتيمما وصليا، ثم وجدا الماء فى الوقت. فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر.ثم أتيا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكرا ذلك له، فقال للذى لم يعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك»، وقال للآخر: «لك الأجر مرتين». (3) اختلافهم فى القصر والفطر فى السفر، ولا يعيب أحد على أحد. فقد أخرج الدارقطنى بإسناد حسن عن عائشة قالت: اعتمر رسول الله وأنا معه، فقصر وأتممت الصلاة، وأفطر وصمت.فلما دنوت إلى مكة قلت: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، قصرتَ وأتممتُ، وأفطرتَ وصمتُ؟ فقال: «أحسنت يا عائشة». وأخرج مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال: غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.

وأخرج البيهقى عن أنس قال: إنا معاشر أصحاب رسول الله كنا نسافر، فمنا الصائم ومنا المفطر، ومنا المتم ومنا المقصر. فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، ولا المقصر على المتم ولا المتم على المقصر.

الدليل الثانى: أن كثيراً من السلف الصالح أمر بالتعددية الفقهية وجعلها سمة إسلامية. وهذا يستوجب عدم الإنكار على القول المخالف ووصفه بالشذوذ إلا لحكمة. وللحديث بقية.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26-04-2013, 09:26 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فقه الدنيا وأحكام الآخرة (6)
سعد الدين الهلالي

فقه الدنيا حق لجميع أهلها، بحيث لا يعتلى أحد على أحد باسم الدين، فكل عاقل له حق الفهم بما يقنعه ويريح قلبه، وحق الاختيار بما يُرضيه ويمنعه من تبعية من يساوسه فى الخلق.

ويمكن للناس فى الجملة أن تتوافق على قول، أو ينزل بعضهم عن قوله إلى قول بعض، بإرادته، أو يحمل بعضهم على غير قوله بأى اسم إنسانى كالديمقراطية أو الديكتاتورية، وليس باسم الدين الذى يمنع أن يُتخذ ذريعة لسوق الناس، ويأبى أن يكون أداة فى يد من ينصّب نفسه وصياً على الآخرين وكأنه يستدعى بعض أحكام الآخرة ليقوم نيابة عن الله بها فى الدنيا. ومن تلك الأحكام زعمه معرفة الحق المطلق فى الأحكام الفقهية، ووصفه القول المخالف بأنه ضعيف أو شاذ؛ ليبقى هو صاحب التوكيل الدينى الذى يلجأ إليه العابدون.

وقد ذكرنا من قبل أن الفقهاء المخلصين قد تصدُّوا لهذا الشرك الجاهلى المعاصر بأدلة كثيرة وعدنا بذكر ثلاثة منها. وذكرنا الدليل الأول الذى يتلخّص فى تأسيس النبى صلى الله عليه وسلم، مبدأ التعدُّدية الفقهية فى عصره؛ لتتسع صدور الناس لاختلاف بعض.

أما الدليل الثانى فهو إعلاء أهل العلم من السلف الصالح، وهم الأعرف بمقاصد الشرع، مبدأ التعدُّدية الفقهية، وجعلها سمة من سمات الإسلام التكريمية بما يستوجب على الفقيه أو المبتدئ عدم الإنكار على من يخالفه القول، وعدم التشنيع عليه بأنه شاذ؛ لأن هذا الوصف لا يراه إلا صاحب الإنكار، وليس وصفاً فى الحقيقة ونفس الأمر.

ونذكر بعد بعض أقوال هؤلاء السلف، التى أوردها ابن عبدالبر فى كتابه «جامع بيان العلم وفضله» لعلها تردع من نصّبوا أنفسهم أوصياء فى الدين، أو تعالج المرضى المقلّدين من تبعيتهم العمياء؛ ليتعافوا بالرُّشد والاستقلال قبل فوات الأوان الذى يعلن فيه حكم الآخرة بقول الله: «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ» (البقرة: 166 - 167).

(1) قال عمر بن عبدالعزيز: ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولاً واحداً كان الناس فى ضيق. وأنهم أئمة يُقتدى بهم، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان فى سعة.

(2) قال القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق: لقد أوسع الله على الناس باختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. أى ذلك أخذت به لم يكن فى نفسك منه شىء.

(3) قال أحمد بن حنبل، وقد سُئل فى اختلاف الصحابة، هل يجوز لنا أن ننظر فى أقوالهم لنعلم مع من الصواب منهم فنتبعه؟ فقال: لا يجوز هذا النظر. بل تُقلِّد أيهم أحببت.

(4) قال مجاهد، كما قال الحكم بن عتيبة: ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبى صلى الله عليه وسلم.

(5) قال يحيى بن سعيد: ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا. فلا يرى المحرِّم أن المحلِّل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرّم هلك لتحريمه.

(6) قال الشعبى: اجتمعنا عند ابن هبيرة فى جماعة من قراء أهل الكوفة والبصرة، فجعل يسأل محمد بن سيرين؟ فيقول له: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا. فقال ابن هبيرة: قد أخبرتنى عن غير واحد فأى قول آخذ؟ قال: اختر لنفسك. وللحديث بقية.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26-04-2013, 11:30 PM
الصورة الرمزية alqadhi
alqadhi alqadhi غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 4,238
معدل تقييم المستوى: 17
alqadhi will become famous soon enough
افتراضي

جزااااااااااكم الله خيراااااااااا وبااااااااااااارك الله فيكم.......
__________________
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-05-2013, 10:34 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alqadhi مشاهدة المشاركة
جزااااااااااكم الله خيراااااااااا وبااااااااااااارك الله فيكم.......
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-05-2013, 04:00 PM
عبد العزيز تونى عبد العزيز تونى غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 162
معدل تقييم المستوى: 12
عبد العزيز تونى is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 04-05-2013, 12:48 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي



سعد الدين الهلالي

الأنبياء فقط هم الذين يتحدثون عن الله فى الأرض. لكن من المؤسف أن نرى كثيراً ممن يطلق الناس عليهم صفة العالم بالإسلام، والذين هم من المفترض أن يكونوا مبلغين عن سيدنا محمد رسالته الدينية، رأيناهم قد تغولوا على سلطة الحكام والقضاة وجعلوا من حقهم إلزام الناس ليس بالدين وإنما بما فهموه من الدين، فاخترعوا لأنفسهم وظيفة الوكالة عن الله، وحرسوها بسلاح غير شرعى يصف قول مخالفيهم بالشذوذ والضعف؛ ليتمكنوا من سوْق الناس وانقيادهم إلى ما يشتهون باسم الحلال والحرام، أو باسم البر والإثم، واستدعوا ميزان الآخرة الذى يتولاه الله بنفسه إلى الدنيا على أيديهم، حتى نسى كثير من الناس أن فقه الدنيا يقوم على أن العلم أو الفقه حق للجميع، وأن من حق كل إنسان أن يجتهد إذا وجد من نفسه التأهل، وأن يختار أياً من أقوال المجتهدين إذا كان من العوام، فليس قلب أحد أولى بالاتباع من قلب كل إنسان لنفسه؛ لأن الله عز وجل يريد من عبده أن يأتيه طوعاً عن بصيرة دون أن يقوده أحد.

وكان جوابنا على أوصياء الدين فيما زعموا من وصف أقوال مخالفيهم بالشذوذ من ثلاثة أدلة. ذكرنا دليلين منها يقومان على إثبات التعددية الفقهية فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وفى حياة الصحابة والتابعين.

أما الدليل الثالث فهو سقوط هؤلاء الأوصياء فيما أنكروه على الناس واتباعهم للأقوال التى وصفوها من قبل بالشذوذ عندما وافقت مصالحهم، فهل صار الشاذ صحيحاً باختيارهم، وصار الصحيح شاذاً بتركهم. وسأكتفى بذكر عدد من تلك المسائل ليعلم العقلاء أن الحق معهم، وأن الأوصياء يمكرون بهم لزعزعة ثقتهم فى أنفسهم؛ فيبقون تحت الوصاية والسيطرة. فإن ثبت العقلاء فسينسحب الأوصياء وتعود للإنسانية حريتها كما يريد الإسلام.

(1) الوضوء من مياه الشرب المعالجة: لم يقل بجوازه إلا الحنفية، وأنكره الجمهور.

(2) إخراج زكاة الفطر نقوداً: لم يقل بجوازه إلا بعض الحنفية، وأنكره الجمهور.

(3) سفر المرأة مع الرفقة الآمنة من غير زوج أو محرم: لم يقل بجوازه إلا المالكية وبعض الشافعية، وأنكره الجمهور.

(4) أخذ الأجرة على ضراب الفحل لتلقيح أنثى الحيوان: لم يقل بجوازه إلا المالكية، وأنكره الجمهور.

(5) التحاق غير المسلم بجيش المسلمين: لم يقل بجوازه إلا الشافعية، وأنكره الجمهور.

(6) جواز حلق اللحية من غير حرمة: لم يقل به إلا الشيخان من الشافعية، وتبعهما القاضى عياض من المالكية ورواية عند الحنابلة، وقال الجمهور حرام.

(7) المسح على الجورب «الشراب» بدلاً من غسل القدمين فى الوضوء: لم يقل بجوازه إلا الحنابلة فى المشهور، وأنكره الجمهور.

(8) عورة المرأة المسلمة أمام غير المسلمة كعورتها أمام المسلمة: لم يقل بذلك إلا الحنابلة، وقال الجمهور يحرم على المسلمة التكشف أمام غير المسلمة.

(9) قبول شهادة غير المسلم على المسلم فى القضاء: لم يقل به إلا ابن تيمية، وأنكر ذلك الإجماع من قبله.

(10) جواز رئاسة غير القرشى: لم يقل به إلا أبوبكر الباقلانى وبعضهم، وأنكره أكثر أهل العلم.

(11) جواز مسّ المصحف وحمله من غير المتوضئ: لم يقل بجوازه إلا الظاهرية، وأنكره الجمهور.

وهكذا مئات المسائل يعيش الأوصياء معنا فيها بالقول الذى وصفوه من قبل بالشذوذ والضعف، وتركوا مذهب الجمهور الذى تشدقوا به وزعموا أنه الصواب وما عداه باطل. فهلا أنكرنا اتباعهم لنا فيها، أو أنكرنا عليهم تخويفنا منها بعد أن أمننا الله بقوله: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» (النحل: 43).
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-05-2013, 08:19 PM
الصورة الرمزية modym2020
modym2020 modym2020 غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 3,994
معدل تقييم المستوى: 18
modym2020 will become famous soon enough
افتراضي

يمكن لكل فرد أن يجتهد في أموره الدنيوية الخاصة بما يناسبه وينفعه، فالذى جمع ماله من الحلال له أن يبني بيته مثلا إلى أي جهة تناسبه، ويزرع مزرعته بما يفيده. ويشترى اى نوع من السيارات يريد بلا اسراف ...ولا دخل للشرع في ذلك
والرسول قال " أنتم أعلم بشؤون دنياكم "

أما الأمور شرعية لها أحكام والأئمة الأربعة اتفقوا على اتباع الرسول كما أقروا أن كل يؤخذ منه ويرد الا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا اختلاف بينهم فى ثوابت الاسلام أما الأمور الفرعية كالمسح على الجورب أو غسل القدمين فكلاهما صحيح
فهم حرصوا على الاجتهاد وتبينوا سبل العلم وجمع الأدلة ولكن مع ملاحظة أن هذا الاجتهاد فى الأمور التى اختلف فيها

فهناك قاعدة " لا اجتهاد مع النص "
فالاجتهاد إنما يكون عند عدم الدليل الصريح.
قال عمر بن عبد العزيز :" لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
قال الشافعي : "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس

وفى الصحيحين حديث الرسول " اذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، واذا اجتهد وأخطأ فله أجر "
حكم الله واحد .. ومن خالفه باجتهاد سائغ : مخطىء معذور مأجور

اما الطامة الكبرى هو من يدلس الحقيقة لتتفق مع هواه ويفتى الناس بتأويل هو يدرك أنه مشبوه أو يفتى محاولا التقريب ليكون رأيه مقبولا للناس
ولهذا يقول بن عباس " ويل للعالم من الأتباع "
ولهذا على العالم وعلى الناس أن يتعلموا العلم الصحيح حتى لا يكونوا ضحية لفتوى خاطئة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق "
جعلنا الله واياكم وسائر الناس من المسلمين المهتدين الى الحق فان الهداية الى الحق فضل من الله يعطيه لمن يشاء
قال تعالى " من يرد الله أنت يهديه يشرح صدره للاسلام . ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء "


شكرا جزيلا وجزاكم الله خيرا
__________________



اللهم احفظ مصر من كل سوء
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:32 AM.