اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2013, 09:25 AM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,872
معدل تقييم المستوى: 16
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي الإسلام بين العلم والمدنية: قراءة في ردود الإمام محمد عبده على هانوتو ورينان

الإسلام بين العلم والمدنية: قراءة في ردود عبده على هانوتو ورينان
عُرف محمد عبده بردوده ومناقشاته المهمة مع كبار المستشرقين والمهتمين بالإسلام ،
ولا سيما وزير خارجية فرنسا آنذاك المسيو هانوتو والفيلسوف والمستشرق الشهير آرنست رينان ،هذه الردود والمناقشات تدور حول أسئلةٍ ومشكلاتٍ على درجة كبيرة من الأهمية ، في مرحلة اتسعت فيها الفجوة بين أوروبا والعالم الإسلامي من الناحية المدنية والعلمية ، والحضارية عموماً .
عاش عبده مع الطهطاوي والأفغاني والكواكبي والعطار والزهراوي وغيرهم من مفكري ومصلحي تلك المرحلة قلقاً حضارياً ووجودياً حيال أمته وما وصلت إليه من تخلف وتبعية ، وقد تجلى ذلك في محاولاته الدائبة لحل تلك المشكلات والإجابة على أسئلتها من خلال مؤلفاته التي تضمنت ردوداً على هجوم كل من هانوتو ورينان على الإسلام والمسلمين.
- بين عبده وهانوتو:
كتب هانوتو في بدايات القرن الماضي مقالات عدة حول الإسلام والمسلمين، في جريدتي الجرنال الباريسية والأهرام القاهرية ، استشعر فيها خطر الإسلام المجاور لأوروبة ، فهاله كثرة المسلمين وانتشارهم ، منطلقاً من نزعة إثنية عرقية ، ودوغمائية دينية استعلائية، حيث يقول: "إن ذلك الشعب المنتشر في الأرجاء الفسيحة والأصقاع المجهولة ، والمتبع لتقاليد وعادات ، غير تلك التي نحترمها، هو الشعب الإسلامي السامي الأصل الذي يحمل إليه الشعب الآري المسيحي روح المدنية"(1).
فهو بذلك ينطلق في نظره إلى الإسلام من مصادرات وخلفيات تفترض روح التقدم والمدنية متلازمة مع الآرية المسيحية أمام روح التخلف والهمجية متلازمة مع السامية والإسلام!؟، ولقد هاله حقيقة أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تفوق فيه شدة التدين كل ميل ، وأن أوروبة المسيحية قد عجزت عن استئصال جرثومته (أصله) من أرضها، وهو يأخذ على الإسلام أيضاً ربطه السياسة بالدين ، مؤكداً على أن السلطة المدنية مفصولة عن السلطة الدينية تشكل قاعدة قوية للتقدم والتمدن ، وهذا ما عجز المسلمون عن تحقيقه بسبب طبيعة دينهم المستعصية على ذلك!؟.
ثم يطرح هانوتو سؤالاً ملتبساً ومغالطاً ،هو :"إذا كان الإسلام لا يحول دون التقدم كما يقول المسلمون ، فلماذا إذاً تقدم المسيحيون في الغرب في حين تأخر المسلمون في الشرق؟"(2)
لقد أثارت المشكلات والتساؤلات السابقة حفيظة عبده الذي انبرى مدافعاً ومفنداً ،وموضحاً بذلك الصورة الحقيقية للإسلام ، ومبرزاً الجوانب المشرقة في تاريخ المسلمين،حيث ينطلق في رده على شبهات هانوتو برجوعه إلى تاريخ أوروبا المسيحية قائلاً :" إن أول شرارة ألهبت نفوس الغربيين فطارت بها إلى المدنية الحاضرة كانت تلك الشعلة التي سطع بها العرب في بلاد الأندلس وعمل رجال الدين المسيحي على إطفائها فما استطاعوا، وإن الناظر في التاريخ لتحمر عيناه من مناظر الدماء التي سفكها الآريون المسيحيون"(3).
فلا علاقة إذاً بين الدين المسيحي ، من حيث هو كذلك وبين المدنية والتقدم ،كما أنه لا علاقة بين الإسلام ، من حيث هو كذلك ، وبين التخلف الذي يعيشه المسلمون، فمدنية أوروبة هي مدنية استغلال الشعوب واستعمارها مدنية البهرج والنفاق خلافاً لما تقول به المسيحية في جوهرها.
الحق أن جهل هانوتو بالإسلام ومصادره الحقيقية هو ما أوقعه في اشتباهاته تلك فالإسلام" دين علم وعمل، بل إن المسلمين لو رجعوا إلى حقيقة دينهم لأدى بهم ذلك إلى استنبات الأرض وإعداد القوة والاهتمام بالصناعة ، فقد أقام المسيحيون في الأرض قروناً طويلة(في العصور الوسطى)ولم يأتوا بفلكي واحد في حين أخذ المسلمون يبحثون في هذه العلوم بعد وفاة نبيهم ببضع سنين"(4).
لقد خلط هانوتو بين واقع المسلمين المتردي وبين الإسلام نفسه محتجاً على الإسلام بالمسلمين متناسياً أن واقعاً كهذا هو موضع قلق واستنكار من المسلمين أنفسهم ولا سيما عبده الذي كان ينتقد حال المسلمين وما دخل إلى عقولهم من "بدع وضلالات ما أنزل الله بها من سلطان".
وقد ضل المسلمون في معنى العلم وظنوا أن غاية ما يفرضه الدين هو الوضوء والصلاة والصوم في صورها الأدائية دون إدراك مقاصد الدين وآدابه من تهذيب الروح والعناية بالعلم والفكر والأخلاق ، هذه المقاصد التي فهمها وأدركها أسلافهم والتي أشاد بها المفكر الفرنسي الشهير غوستاف لوبون عندما قال: ( إن العرب أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين)
ثم يوضح عبده لهانوتو علاقة السلطة الدنيوية بالسلطة الدينية في الإسلام، فهي "تختلف عما علق في ذهنه من تاريخ الكنيسة وسلطاتها المطلقة التي كانت مسلطة على رقاب الناس تقيم لهم محاكم التفتيش وتحرق علماءهم ومفكريهم وتقاسمهم أرزاقهم دون وجه حق، فقد قررت الشريعة الإسلامية حقوقاً للحاكم الأعلى ، فهو مدير شؤون البلاد بالسياسة الداخلية والمدافع عنها بالحرب أو بالسياسة الخارجية"(5).
فالخليفة أو السلطان عند المسلمين ليس معصوماً ولا من حقه الإنفراد في تفسير الكتاب كما كان الحال في تاريخ الكنيسة ثم إنه لا طاعة له إلا بطاعته للكتاب والسنة بل إن المسلمين مكلفون بخلعه إذا انحرف عنهما ما لم يؤدِ ذلك إلى مفسدة أكبر ، فهو حاكم مدني من جميع وجوهه ، وليس حاكماً إلهياً (ثيوقراطياً ) ، ولا قداسة لشخصه أبداً وإنما هو موظف مسؤول عن أداء الأمانة التي وضعها الناس في عنقه عند مبايعته، ومصداق ذلك ما قاله الخليفة الثاني: "لو أن سخلة بوادي الفرات أخذها الذئب لسئل عمر عنها"، وكذلك قوله"أصابت امرأة وأخطأ عمر"(6).
ولم يقف عبده عند هذا الحد، بل إنه عد هدم السلطة الدينية أصلاً من أصول الإسلام وخاصة جوهرية من خصائصه، فقد حصرها في سلطة قيمية أخلاقية معبراً عن ذلك بقوله: "ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر ... فقد هدم الإسلام تلك السلطة و محا أثرها"(7). وكذلك فإنه في فهمه السابق لإشكالية العلاقة بين السلطتين الدينية والدنيوية كان قد شكل سابقة جريئة في تاريخ الفكر السياسي الإسلامي، هذه السابقة التي ظهرت أكثر وضوحاً ونضجاً عند علي عبد الرزاق في كتابه ( الإسلام وأصول الحكم ) والتي كانت سبباً في هجوم الكثيرين عليه، واتهامه بالزندقة والضلال!؟.





- بين عبده ورينان:

اهتم فرح أنطون في مجلة (الجامعة) بأفكارآرنست رينان اهتماماً كبيراً، فقد ترجم له أعمالاً كثيرة، كان أهمها كتاب ( ابن رشد والرشدية) ومقالات أخرى عن الإسلام والمسلمين ، ولقد تبنى أنطون فيما يبدو أطروحات رينان إلى حد كبير، وقام بتوظيفها خدمة لقناعاته واعتقاداته، فقامت إثر ذلك بينه وبين عبده نقاشات وحوارات وردود متبادلة حول مشكلات تركزت على المسيحية والإسلام وعلاقتهما بالعلم والتقدم والمدنية، كان أنطون قد أثارها في مقالاته حول ابن رشد.
يعد رينان مؤسساً للنزعة الإثنية العرقية ، والدينية الاستعلائية التي وجدناها عند هانوتو على أسس استشراقية أيديولوجية، فالسامية عنده "تمثل تركيباً دونياً للطبيعة الإنسانية "(8) ، والإسلام دين متحجر يتسم بالجمود وتعطيل العقل، فهو يقف في وجه التسامح العقائدي؟!، وهذا ما عبرت عنه ( الجامعة ) بقولها: "إن تمكن العلم والفلسفة من التغلب على الاضطهاد المسيحي في أوروبة وعدم تمكنها من التغلب على الاضطهاد الإسلامي، دليل واقعي على أن المسيحية كانت أكثر تسامحاً من الإسلام .."(9).
وقد جاء رد عبده على مغالطة كهذه عندما أخذ بنا إلى تاريخ الكنيسة في أوروبا وما فعلته من فظائع بحق العلم والفلسفة ورجالاتهما، وهذا ما لم يشهد تاريخ المسلمين نظيره بدقة، إلا في حالات لم يكن الإسلام ، من حيث هو كذلك ، سبباً فيها وإنما هي السياسة وعقول الحكام المتحجرة التي كانت تضطهد الفكر والعلم والدين معاً ، تلك السياسة التي كان عبده يشمئز منها ومن لفظها ومن معناها ومن كل أرض تذكر فيها.
ليس الجمود سمة ملازمة للإسلام وإنما هو علة عارضة يتفاءل عبده بزوالها وذلك من خلال مشروعه الإصلاحي في كافة المجالات التي لحقها الجمود في اللغة والمجتمع والعقيدة والتربية والتعليم، فقد كرس كل جهوده للنهوض بمهمة هذا الإصلاح الذي من شأنه أن ينتشل الأمة من قعر التخلف والتأخر إلى التقدم والنهضة والمدنية، فالجمود والتأخر اللذان أصابا المسيحيين في العصور الوسطى كان سببه "رجال الدين الذين كانوا يمثلون سلطة دينية ودنيوية مطلقة، ولا علاقة للمسيحية بذلك، كما أنه لا علاقة للإسلام بالتجاوزات التي كان يقوم بها المتحجرون والظلاميون في تاريخ المسلمين "(10).
لقد أدرك عبده خصوصية ظروف أمته وتباينها مع ظروف أوروبة في علاقتها مع الدين ، مع إدراكه العميق لضرورة الإصلاح في كافة المجالات ، ولا سيما الإصلاح الديني، دون الوقوع في خطل المقارنات والقياسات المتعسفة مع الحالة الأوروبية ، فدعا المسلمين للعودة إلى روح الإسلام الأصيل الذي يحض على العلم والمعرفة والتسامح والانفتاح، فظلت عيناه مفتوحتين، عين باتجاه الماضي تتأمل أمجاده وإنجازاته وعين باتجاه الحاضر تتفحص مشكلاته وتكتشف أسئلته ، باتجاه مستقبل حضاري أفضل للأمة ،ولعله من الانصاف العمل على تعميق البحث في مشروع عبده في الإصلاح للتأكد من فرضية أنه لم ينحصر فقط في ردود الأفعال على هجوم بعض المتعصبين ، وإنما كان قناعة راسخة لديه بضرورة مواجهة مشكلات وأسئلة حضارية ووجودية مقلقة، ربما نكون ما زلنا حتى يومنا هذا نعيشها معمقةً ومعقدةً وأشد خطراً.
***************************************
هوامش:
(1،2) استندنا إلى مقالتي هانوتو الواردتين في : الإسلام بين العلم والمدنية، 2002، دار المدى ، دمشق، ص15-41).
(3،4،5،6) رد الإمام على هانوتو، المصدر السابق ، ص(42-82).
(7) الأعمال الكاملة، محمد عبده، 1972، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ج3، ص 285.
(8)الاستشراق ، إدوارد سعيد ، ط2، 1984، مؤسسة الأبحاث العربية ، بيروت ، ترجمة كمال أبو ديب ، ص(151-166).
(9)الجامعة، نقلاً عن :ِ الإسلام بين العلم والمدنية.
(10)الإسلام بين العلم والمدنية ، ص(106-122).
دمشق في 3/2010
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:15 PM.