اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > معلمي مصر > أخبار التعليم المصــــــــــرى

أخبار التعليم المصــــــــــرى نقاشات وأخبار تعليمية متنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2012, 08:14 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New العوائد الاجتماعية للتعليم


يواجه صانعو السياسات التعليمية فى العديد من دول العالم صعوبات متزايدة لإقناع دافعى الضرائب بتخصيص مزيد من الأموال لتمويل التعليم. ونظراً لأهمية دور التعليم فى إعداد القوى العاملة الماهرة القادرة على دفع عجلة التنمية الاقتصادية بصورة مستدامة تتعاظم مطالبات التربويين بزيادة ميزانيات التعليم على مر العصور. وعلى الرغم من اتفاق الكثيرين من علماء الاقتصاد على أهمية مساهمة التعليم فى تحقيق الرفاهية والتنمية البشرية، إلا أن ميزانيات التعليم قد خضعت فى العديد من الدول لقيود متزايدة وضغوط شديدة قلصت منها فى بعض الأحيان، أومنعت زيادتها بصورة تتناسب مع متطلبات التوسع الكمى فى أحيان أخرى. وقد أدى ذلك التقليص لميزانيات التعليم إلى انخفاض جودة التعليم الحكومى فى بعض الدول. ومع انخفاض جودة التعليم الحكومى تزايدات الشكوك فى فاعلية النظم التعليمية، وظلت الإشكالية فى جميع الأحوال هى كيفية إقناع دافعى الضرائب بتمويل المؤسسات التعليمية الحكومية. وفى ظل تلك الظروف تعالت بعض الدعوات التى تنادى بتحمل المستفيدين من الخدمات التعليمية للقدر الأكبر من تكلفة هذا التعليم، كما ظهرت دعوات أخرى أكثر تطرفاً تدعو لإلغاء مجانية التعليم برمتها. وتناست هذه الدعوات أن أى زيادة فى المستوى التعليمى للفرد تحقق فوائد جمة لكل فرد من دافعى الضرائب.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن ارتفاع المستوى التعليمى لأفراد المجتمع يساهم فى زيادة الناتج القومى الإجمالى، وفى تخفيض الإنفاق الحكومى على بعض القطاعات. وضمن هذا الإطار أكدت عشرات الدراسات التى أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى العديد من الدول الأوروبية أن ارتفاع المستوى التعليمى للفرد يساهم فى زيادة المبالغ التى يدفعها كضرائب، وفى انخفاض المبالغ التى يحصل عليها من برامج الضمان الاجتماعى. ويشير علماء اقتصاديات التعليم إلى أن العام الدراسى الواحد يساهم فى زيادة دخل الفرد بنسبة 10%. وفى حين يرى البعض أن الذكاء هو المحدد الرئيسى لمستوى دخل الفرد، إلا أن العديد من الدراسات المعاصرة قد أكدت أن التعليم يزيد من دخل الفرد، وأن هذه الزيادة فى الدخل ترتفع كلما زاد ذكاء الفرد. وتشير الإحصاءات إلى أن فرص الأفراد الحاصلين على تعليم جامعى فى العمل تكون أكبر من فرص الأفراد الأقل تعليماً، وأن رواتبهم تزداد كلما ارتفع مستواهم التعليمى.
ويؤكد علماء اقتصاديات التعليم على وجود عوائد أخرى للتعليم تتجاوز عوائده الاقتصادية المرتبطة بالانتاجية ودخل الفرد. وتساهم هذه العوائد فى تحسين حياة الفرد والمجتمع. ويطلق المتخصصون على هذا النوع من الفوائد اسم العوائد الاجتماعية. ويؤكد علماء اقتصاديات التعليم على استحالة بناء مجتمع ديمقراطى مستقر دون وجود تراث مشترك من القيم ودون توافر حد أدنى من معرفة القراءة والكتابة لدى غالبية المواطنين. ومن ثم، فإن تحقيق المجتمع الديمقراطى هو حلم متعذر الحدوث فى حالة غياب نظام تعليمى مرتفع الجودة. وعلى هذا، فإن العوائد من النظام التعليمى لا تقتصر على الفرد و أسرته فقط، بل تعود بالنفع على المجتمع ككل.
وأول هذه العوائد الاجتماعية هو التجديد التكنولوجى وإنتاج المعرفة. وهنا يلعب التعليم عدة وظائف مثل: إنتاج المعرفة الجديدة، ونقل المعارف القائمة إلى الأجيال الصغيرة، وإمداد القوى العاملة بالمعارف والمهارات التى تمكنها من التعلم مدى الحياة ومن التكيف مع المتغيرات الجديدة ومن تحديث وتطوير الاختراعات القائمة.
ومن بين العوائد الاجتماعية الأخرى للتعليم تأثير التعليم الايجابى على الصحة، وعلى اختيارات المرء الاستهلاكية، وعلى تركيبة الأسرة، وعلى الاشتراك فى الأعمال الخيرية والتطوعية، وعلى التماسك الاجتماعى، وعلى النشاط السياسى، وتقليل الشعور بالاغتراب، وتقليص الفوارق الطبقية، وتقليل الجريمة.
ويساهم التعليم فى تحسين صحة الفرد من خلال عدة سبل: أولها هو تحسين قدرة الفرد على فهم تأثير الأنماط السلوكية المختلفة على الصحة، وثانيها تحسين قدرة الفرد على تحليل وتطبيق المعلومات الصحية، وثالثها تحسين قدرة الفرد على ممارسة ضبط النفس، ورابعها زيادة دخل الفرد بصورة تمكنه من استثمار مبالغ مالية أكبر فى الاهتمام بصحته وفى الاشتراك ببرامج الرعاية الصحية. وبالإضافة إلى هذا يخفض التعليم من نسبة خصوبة المرأة من خلال رفع سن الزواج، الأمر الذى يؤدى إلى انخفاض معدلات النمو السكانى. ويعمل التعليم على تقليل ال*** ضد الأطفال، وعلى زيادة استثمارات الوالدين فى تعليم أبنائهم. وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع مستوى تعليم الوالدين يرتبط بصورة إيجابية بارتفاع التحصيل الدراسى للأبناء.
ويساهم التعليم فى تنشيط المشاركة السياسية للفرد، وفى زيادة معدلات تصويت المرء فى الانتخابات العامة، وفى زيادة دعم الفرد لحرية التعبير، وفى تحقيق الاستقرار السياسى، وفى زيادة مساندة الفرد لتعميق الممارسات الديمقراطية ولحقوق الإنسان. ومما لا شك فيه أن تعميق الممارسات الديمقراطية، وتحسين سجل حقوق الإنسان، وتحقيق الاستقرار السياسى تعتبر عوامل حاسمة تؤثر بصورة إيجابية على تحقيق النمو الاقتصادى.
ولا تقتصر الآثار الإيجابية للتعليم على المجال السياسى فحسب، بل تتعداه لتشمل أيضاً مجال الأمن ومكافحة الجريمة. وفى هذا السياق يشير عدد كبير من الدراسات إلى وجود علاقة عكسية بين التعليم و بين معدلات الجريمة فى المجتمع. ويشير علماء الاجتماع إلى أنه كلما ارتفع مستوى تعليم الفرد كلما قلت احتمالات انغماسه فى الجريمة، ومن ثم تقل تكلفة إدارة السجون والمؤسسات العقابية. ويستفيد المجتمع ككل من هذا الانخفاض فى معدلات الجريمة، ويزداد الشعور بالأمان. وتشير بعض الدراسات إلى أن التعليم يفيد بقوة فى تقليل معدلات الجرائم العنيفة مثل ال*** وال****** والسرقة. وقد أشارت إحدى الدراسات المنشورة فى عام 2004 إلى أن زيادة معدلات إتمام المرحلة الثانوية فى الولايات المتحدة الأمريكية بمقدار 1% فقط يمكن أن يقلل من تكاليف مكافحة الجريمة بمقدار 1.4 مليار دولار سنوياً.
ويساهم التعليم فى غرس قيم التسامح وقبول الآخر واحترام الاختلاف وتقدير التنوع لدى التلاميذ. وعلى النظم التعليمية أن تعمل على تكريس قيمة احترام الكرامة الإنسانية عند أبنائنا الطلاب. وينبغى على فلسفة التعليم فى مختلف دول العالم أن تركز على تحقيق السلام والتناغم واحترام المثل الديمقراطية باعتبارها المحور الأساسى الموجة لسياستنا التعليمية.
إن عدم التسامح يؤدى إلى ازدهار ال***. وفى غياب ثقافة حقوق الإنسان يصبح ال*** مرضاً اجتماعياً يهدد صحة المجتمع واستقراره. ومن ثم، يكون العلاج هو التعلم مدى الحياة الذى يعتمد على غرس قيم السلام واحترام حقوق الإنسان وتقدير الديمقراطية منذ سن مبكرة. وتزداد أهمية التعليم فى تحقيق السلام الاجتماعى فى الدول التى تعانى من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ومن أزمات الإسكان وعدم التسامح وفقدان الهوية. ويصبح الدور المنوط بالنظم التعليمية هو تدريب التلاميذ على التعامل بصورة بناءة مع الاختلافات الثقافية والدينية بهدف تجنيب المجتمع ويلات ال*** وآثار الاستقطاب الدينى الحاد.
وبالإضافة إلى هذا يعمل التعليم على تنمية الاتجاهات وأنماط السلوك والقيم والقواعد التى تربط أفراد المجتمع ببعضهم البعض، والتى تعمل على تقليل التفاوتات بينهم، كما تسهم فى تقليص أعداد المهمشين فى المجتمع. وبعبارة أخرى، فإن التعليم يعمل على تعزيز التماسك الاجتماعى. وقد وضع علماء الاجتماع شروطاً لكى يستطيع التعليم تدعيم أواصر التماسك الاجتماعى. ومن أهم هذه الشروط توافر تعليم مرتفع الجودة متاح لجميع الأفراد بغض النظر عن إمكاناتهم الاقتصادية وظروفهم الاجتماعية. ومن ثم، فإن شيوع قيم المساواة التعليمية ومُثل العدالة فى الاستفادة من ثمار التنمية الاقتصادية يعد شرطاً أساسياً لتماسك المجتمع وترابطه وتآزره.
مما سبق يتضح أن التعليم مرتفع الجودة يساهم فى تعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو العمل التطوعى، ويمد المواطنين بقيم المواطنة التى تحدد واجباتهم وحقوقهم، كما يعمل على تقليص الفوارق الطبقية. وليس هذا فحسب، بل إنه يعزز المشاركة السياسية، ويخلق هوية مجتمعية قائمة على قيم واتجاهات مشتركة ومعتمدة على مُثل العدالة والمساواة. ولكى يؤتى النظام التعليمى ثماره المرجوة فلابد من العدالة فى توزيع ثمار النمو الاقتصادى. ولكى يتحقق ذلك فلابد من وجود نظام سياسى ديمقراطى حر.
إن التطورات الأخيرة فى المجتمع المصرى تدعونا أكثر من أى وقت مضى إلى عملية مراجعة شاملة وصريحة لسياستنا التعليمية واستراتيجياتنا التنموية. وعندئذ فقط يمكن أن نقول إن للتعليم فى مجتمعنا عوائد اجتماعية حقيقية.


د. أحمد محمد نبوى

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:52 PM.