من المسؤول عن حادثِ رَفح؟ بقلم :د طارق عبد الحليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل أول ما نبدأ به حديثنا في هذا الأمر هو الترحّم على موتي المسلمين، الذين إغتالتهم أيدى الغدر والخيانة وهم على مائدة الإفطار. لا والله لا يفعل ذلك مسلمٌ أبداً، بل إن هذا وحده دليلٌ على هوية من ارتكب هذه الخطيئة البغيضة.
إن ذلك الحدث لهو دليل جديد على ما سبق أن قررناه من أن السيناريو الذي تتعامل به قوى الفلول، بكافة اتجاهاتها ومستوياتها، الأمنية والمخابراتية والإعلامية والعسكرية، هو سيناريو الفوضى. الفوضى التي تعم كل مرفق من مرافق الحياة، حتى تدع الحليم حيران، إن كان بقيّ حليم في بلادنا تلك.
تعود بيّ الذاكرة إلى أحداث 11 سبتمبر 2011، حين عجزت المخابرات الأمريكية أنْ تجد دليلاً حقيقياً على هوية الفاعلين، إلا من جواز سفر متناثر من أعلى ناطحة سحاب تحترق! وما ثبت بعدها من فجواتٍ أثبتها الخبراء (راجع مقالنا "من المسؤول عن سبتمبر 11)، دلت دليلا قاطعا على يد المخابرات الأمريكية والصهيونية في ترتيب أو تسهيل هذا الحدث.
هذا ما يحدث اليوم في قضية رفح. عمل مخابراتيّ دنيّ، تعاونت على تنفيذه الموساد الصهيونية، مع بعض المجرمين من أي طرف من الأطراف، لتحقيق عدة أهداف بضربة واحدة، وتعاونت على ذلك المخابرات المصرية، التي عرفت بما يجرى، وتكتمت عليه، أو كادت.
أول ما يمكن أن يشير إلى الجاني هو الدافع، أو بتعبير آخر، من المستفيد الأول؟ من الأكثر استفادة من الجناية؟ لنعرف الإجابة، يجب أن نحدد آثار الجريمة، لنعرف المستفيد من هذه الآثار.
أول آثار هذه الجريمة هو التوتر بين مصر وغزة، وإغلاق المعابر، وهدم الأنفاق، والمُساهمة المصرية الفعالة في خنق إخواننا في غزة.
ثانيها، الحرج الذي وقع فيه محمد مرسى مما يضعف قبضته على الأمور، أكثر مما هي ضعيفة بالفعل، ويجعل فُرص بقائه في الحكم أقل كثيرا مما هي عليه بالفعل.
ثالثها، إعطاء المبرر لضرب التجمعات الإسلامية في سيناء، ولضمان ضخّ الغاز إلى إسرائيل.
رابعها، إيقاف عملية إخراج المعتقلين دون مبرّر منذ سنواتٍ في سجون مبارك، تحت زعم تجفيف منابع الإرهاب.
ناهيك عن كشف الضعف المُخزى، الذي يفوق ضعف الجيش المصريّ في حرب 67، والذي هو نتيجة إنشغال قادة العسكريّ الخونة بتأمين مكاسبهم المادية وتأمين سيطرتهم على البلاد، وإهمال واجباتهم العسكرية في حفظ حدودنا.
والقاسم المشترك بين كلّ هذه العوامل، هو الصهاينة، بإتفاق مع الفلول، ومع المُخابرات المصرية، وبعض فلول الإعلام كعُكاشة. هؤلاء هم المجرمون الذين اتفقوا، وخططوا، ونفّذوا تلك الجريمة الشّنعاء.
آن الأوان أن تعود الأمور إلى نصابها، وأن يفهم الشعب من يتلاعب بمصيره، ومستقبله، ومن يريد أن يبسط سيطرته على مصر الداخل والخارج، وعلى سيناء وعلى قناة السويس، وعلى الثروة المصرية.
آن أوان الحساب لكلّ من له ضلع بتدمير ما بقي من مصر، فالحرب الآن على المكشوف بين جَناحٍ يريد تدمير هذا البلد تدميراً كاملاً، لحساب إسرائيل والغرب، وبين من يقفون في وجه هذا التدمير، سواءً سلباً لضعفهم وتخاذلهم وعدم قدرتهم على المواجهة، أو إيجاباً كمن يخرج لكشف الحقائق والثورة على الأوضاع الحالية.
ولك الله يا مصر، فأعداؤك في الداخل أمكر وأشد فتكاً من أعداء الخارج، ولكن الله من ورائهم محيط.