اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-12-2011, 12:31 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي إجهاض الثورة وإبقاء الفورة

إجهاض الثورة وإبقاء الفورة : التوجُّسُ من السلفيين والخوفُ من الإخوان
( يوسف زيدان )


عقب انحسار الموجة (الأولى) من الثورة المصرية، فور تحقيقها الأهداف (الأولية) لها، وهى: إيصال صوت الشارع إلى أذن الحاكم بعد طول صممٍ منه وصراخٍ منهم بغير مجيب، تبديد مشروع توريث الحكم «الجمهورى» للنجل غير النجيب، إنهاء هيمنة أسرة «مبارك» وتنحيته عن الكرسى الذى التصق به، القضاء على رؤوس الفساد ومقاضاتهم.. وهى الأمانى العامة التى طالما راودت خيال الناس فى مصر، وجعلتها ثورة يناير واقعاً ملموساً، ما كان أحدهم يتوقع تحقيقه فى بضعة أسابيع.

وعلى نحوٍ حادِّ الانعطاف، بالغ الدرامية، بدا المشهد المصرى العام منذ بداية العام، على صورةٍ أخرى غير تلك التى كانت معتادة قبل الثورة. وكان من ملامح المشهد المدهش الجديد، استعلان وظهور الجماعات الدينية الإسلامية، ذات التوجهات السياسية، كالإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات المسماة بالإسلامية.. وبالمناسبة،

فهذه التسميات كلها تحتاج إعادة نظر، فالأصل فى المسلمين جميعاً أنهم (إخوان)، فلماذا يختص بهذا الوصف فريق منهم؟ والسلفية سمةٌ عامة لفكرنا المعاصر، ولا يكاد معناها الاصطلاحى الجديد يقع على مفهوم محدَّد، فلماذا نسمِّى مَنْ أطلق لحيته واحتقر المرأة وكره السياحة بالسَّلفى؟ وقد يكون من المستساغ أن تكون فى «الغربة» جماعةٌ مغايرةٌ عقائدياً للمجتمع الذى تعيش فيه،

فيصحُّ آنذاك تسميتها بما يميزها عن بقية الناس المحيطين بهم، فيقال مثلاً الجماعة البوذية فى المجتمع المسيحى، أو الجماعة الهندوسية فى المجتمع الإسلامى! لكنه من غير المفهوم أن تكون داخل المجتمع الإسلامى العام، جماعة تتميز عن بقية «المسلمين» باسم الجماعة الإسلامية،

وإلا صار غيرهم خارج نطاق الإسلام.. المهم، أنه جرى فى غمرة انحسار الموجة الأولى من الثورة، بعد شهر مارس الماضى، التخطيط لإجهاض «الثورة» المصرية، بإحلال «الفورة» فى محلها، لتبديد الطاقة الهائلة الدافعة للتغيير، خشية امتداد الأثر الثورى المصرى الذى يهدِّد مصالح مصيرية (غير مصرية) داخلية وخارجية: داخلية من مثل الإمساك بخناق كبار العسكر ممن شاركوا فى حكم مبارك لعدة عقود، أو ملاحقة كبار المرتبطين بالنظام السابق الساقط، أو الثأر من رموز الشرطة التى صارت لها دولة غير مسبوقة فى تاريخ البلاد..

وخارجية من مثل تعويق مصر عن القيام بدور إقليمى يعيد لها الريادة فى المنطقة، أو تفريق الجهود الثورية العربية حتى لا تسير على نهج الثورة المصرية فتطيح بمصالح دولية، يدافع عنها المستفيدون منها، أو تقزيم الدور الذى تلعبه أمريكا وإسرائيل فى هذا الجزء من العالم.. ومن هنا اجتمعت عدة قوى توافقت أغراضها على ضرورة تشتيت عمومية «الثورة» والحطّ بها إلى المستوى الجزئى المتمثل فى «الفورة» وفرعياتها، ليسهل بذلك التعامل مع الثورة المصرية والتقليل من آثارها إذا امتد بها المسار.

■ ■ ■

ولما استطال انتظار مصر «الثائرة» وامتد التشويش بالربوع والنواحى «الفائرة»، وجد الثوار أن عليهم معاودة العزف على الإيقاع الثورى، بإطلاق الموجة الثانية من الثورة المصرية، فاحتشدوا فى ميادين التحرير من جديد، فوجدوا من جديد قوات «الأمن المركزى» وقد استعادت بعضاً من قواها القديمة، تقف لهم بالمرصاد.. وفى الشارع المسمَّى «محمد محمود» فى قول، وفى قول آخر يسمَّى «عيون الحرية»، سالت على الأسفلت دماءٌ مصرية بريئة، وفُقئت عيونٌ كانت ترنو لمستقبل أفضل للبلاد. فعاد الحاكمون إلى نهجهم السابق،

الرامى إلى إجهاض الثورة وإبقاء الفورة، بأن تم الإعلان الحاسم عن أن انتخابات مجلس الشعب سوف تجرى فى موعدها (بعد يومين) بينما دماءُ المقتولين لم تزل على الأسفلت طرية، وجثثُ ال***ى (الشهداء) التى كانت قبل بضعة أيام ملقاة فوق أكوام القمامة، لم تزل فى المشرحة ولم تُدفن بعد.. وعبثاً، نادى بعض المخلصين بتأجيل «الانتخابات البرلمانية»، ولو لأسبوعين فقط.

وما كادت الانتخابات تبدأ، حتى أعلن المتحدث باسم (المجلس) أن البرلمان القادم لن يشكِّل الحكومة! وما كادت الانتخابات ينتهى يومها الثانى حتى صدحت الأبواق الإعلامية زاعقةً، بأن الإسلاميين قادمون للأخذ بزمام الحكم فى مصر! وما كادت الناس فى مصر تفرح بمرور يومىْ الانتخابات من دون «الانفلات الأمنى» الذى كان متوقعاً،

حتى خرجت نتائج أولية (ظهر لاحقاً أنها غير دقيقة) تقول إن الإخوان والسلفيين اكتسحوا صناديق الانتخابات كلها.. وما كانت الانتخابات أصلاً، فيما أرى، إلا دورة جديدة من دورات «الفوران» الذى سيمتد بنا لفترة، تثور خلالها المخاوف وتهيج الظنون وتكثر الطعون، فتبقى الأمور بيدِ (المجلس) من جديد، إلى حين إشعار آخر.. وإشهار آخر.. وإبهار آخر يشوِّس عيون «زرقاء اليمامة» الرانية نحو مستقبل مصر.

■ ■ ■

فى طريقى إلى لجنة الانتخابات سألنى أحد الأصدقاء مستنكراً: كيف تكون مناصراً للثورة المصرية ومتأكِّداً من أن الانتخابات خدعة لتشتيت الأنظار، ثم تذهب للإدلاء بصوتك؟ أجبته بضرورة أن نفعل هذا وذاك، فنشارك الراغبين فى ضبط الأمور بأداء الواجب الانتخابى، ونشارك الحالمين بمستقبلٍ أفضل بتأييد الموجة الثانية من الثورة المصرية. ومهما بدا من خلافٍ بين هذا الموقف، وذاك، فكلا الأمرين يرتجى الخير لمصر ولا بد من القيام به.. عاد الصديقُ فسألنى مستفهماً: وماذا عن الوزارة الجديدة التى يشكلها الآن «الجنـزورى»، أليست هى (حركة) جديدة لإجهاض الثورة وإبقاء الفورة؟ قلت: بلى.

وبلا تحفظٍ، ثارت المخاوفُ عقب تباشير الانتخابات، وعسعس التوجُّسُ من (الإسلاميين) حتى من قبل الإعلان عن النتائج الرسمية للدور الأول من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. وظهر بالإعلام بعض السلفيين مبتهجين، وساكبين على نار التوجُّس العام زيتاً جديداً. فمنهم مَنْ قال بأن أدب الأستاذ «نجيب محفوظ» يدعو للدعارة! ومنهم مَنْ قال إن وجه المرأة مثل فرجها! ومنهم مَنْ قال بأنهم حين يحكمون سوف يقبلون غيرهم، على مضضٍ،

لكنهم لن يسمحوا لمسيحى بتولِّى أىِّ منصبٍ قيادىٍّ ! ومنهم مَنْ أكد أن «السلفية» آتيةٌ للحكم لا محالة، والإسلاميين قادمون بلا بديل.. وما هذه كلها، فيما أرى، إلا ترهات إعلامية تقترب من التهريج والبهرجة التليفزيونية، بأكثر مما تتصل بطبيعة هؤلاء الناطقين باسم الإسلام الصحراوى الأصفر، فى وطن الإيمان السمح الأخضر.

وبلا تردُّد، أميلُ إلى القول بأن (السلفيين) ليسوا مؤهلين لقيادة مصر. فهم مهما كان من وفرة الأصوات الانتخابية التى أُعطيت لهم، ومهما سيكون من نتائج فى الخطى الانتخابية القادمة، ومهما سينتهى إليه النظر فى «الطعون» الكثيرة المقدَّمة ضدهم، ومهما كان من «الملاعبة» التى تجرى فى الخفاء بينهم وبين قادة العسكر الحاكمين.. فإن مصر لن تكون يوماً بلداً (سلفياً) بالمعنى الذى انتشر مؤخراً، والسلفيون ليسوا جماعة واحدة حتى تتآزر لقيادة البلاد، واللعب السياسى سوف يفسد السلفيين مثلما هو مفسدٌ للعسكر.

وبلا تطويل، فإن ما ينطبق على الموصوفين بالسلفية، ينسحب أيضاً على المعروفين بالإخوان المسلمين. فهؤلاء وأولئك، بينهم خلافات لا تكاد تقع تحت الحصر، وليس صحيحاً ما يشاع من أنهم سوف يتوافقون جميعاً على قلب رجلٍ واحد، تحت قبة البرلمان، إذا طُرح أحد الموضوعات التى تبدو صريحة الحكم فى الشريعة الإسلامية، كإباحة المشروبات الكحولية، أو تلك الموضوعات الملتبسة وليس فيها حكمٌ شرعىٌّ محدَّدٌ، كأن يثار مثلاً موضوع حظر السياحة لأنها نشاطٌ اقتصادى كريه، ولا تدعو إليه الشريعة،

ففى هذه الحالة سوف يجرى بينهم الخلاف على أسس شرعية أيضاً، وتُساق على لسان بعضهم حُجج تقدح فى موقف بعضهم الآخر. كأن يُستعمل المبدأ الشرعى القائل «درء المفاسد أولى من جلب المنافع» أو يُلتفُّ على الأمر بالقاعدة المطاطية «السياحة رديئها ردىء، وجيدها جيد».. وذلك على النحو الذى كان مطروحاً قبل عشرين عاماً على الساحة (السلفية) بصدد الموقف من التليفزيون، وكان معظم «السلفيين» لا يضعون فى بيوتهم أجهزة تليفزيونية، ثم أقبلوا على الأمر وصارت لهم بعد حين قنوات تليفزيونية خاصة، كثيرة، لا يملك مثلها اليساريون ولا العلمانيون ولا الليبراليون..

■ ■ ■

إن التوجُّس من السلفيين والخوف من الإخوان، أو الخوف والتوجس من كليهما، هو شعورٌ عامٌّ عامرٌ، إعلامياً، لكنه فى غير محله (بل غير مبرَّر)، وقد ساهم فى إذكائه وتهييجه أصحاب المصالح فى الإذكاء والتهييج، ابتداءً من البرامج الحوارية التليفزيونية «المنقِّبة» عن كل مثيرٍ لضمان رواج مؤشرات المشاهدة، وبالتالى جنى أرباح «الفقرة الإعلانية». وانتهاءً بالحاكمين الذين ذكرتُ فى مقالةٍ سابقةٍ أنهم لم يجلسوا يوماً على كرسى الحكم، ثم يتركوه طوعاً.. كانت المقالة بعنوان: هل ترك العسكريون حكم البلاد؟

يتساءلون: كيف نجح الإخوان والسلفيون فى الانتخابات؟ الإجابة عن هذا السؤال السهل سهلة. فالانتخابات هى أحد تجليات «اللعبة» السياسية، وقد كان «الملعب» خالياً. والانتخابات هى الحصر العددى لأصوات الناخبين والنسب المئوية لهذه الأعداد، والمناطق التى تصوِّت للسلفيين والإخوان هى الأكثر عدداً.. ومن هنا، فإن الأعداد والإعداد، كان كلاهما بيدِ أصحاب الاتجاهات الدينية بالضرورة، ومن اللازم أن يكون كلا الأمرين (العدة والعدد) بأيديهم.. لماذا؟ سوف أقصُّ أولاً، واقعة جرت قبل عامين:

مع ازدحام طريق الكورنيش صيفاً، لكثرة الوافدين على الإسكندرية، كنت أعود عصراً من مكتبة الإسكندرية إلى منـزلى بالمعمورة، بالالتفاف حول المدينة من الطريق المسمَّى الدائرى (وما هو بالدائرى فعلاً) وفى أحد الأيام كنت أثناء القيادة مشغولاً بمكالمة هاتفية، فدخلت فى غمرة الزحام من طريقٍ جانبىٍّ أسبق من الذى كان يجب أن أدخل منه.

وإن هى إلا دقائق معدودات حتى ضاق الطريق واختلفت المعالم المعتادة، فأنهيت المكالمة لأجد نفسى فى منطقةٍ ما كنت أظن أن يوجد بالإسكندرية مثلها. فما هى إلا مستعمرةٌ عشوائيةٌ لحقت بالإسكندرية على جوانب الشارع المهول المسمَّى (خمسة وأربعين)، وقد قضيت يومها ساعتين حتى خرجت من بين الشوارع الضيقة والأزقة التى لا يزيد عرض بعضها على مترين.. وشعرت بالعار العام لأن بمصر أناساً يعيشون بهذه الكثافة فى هذا البؤس،

وشعرت بعارٍ خاصٍّ، لأننى كنت قبلها أتوهَّمُ أننى أعرف كل شبر فى شوارع الإسكندرية، فإذا بى يومها يأخذنى «التيه» مع أول انحرافٍ يسيرٍ عن الطريق المرسوم.. بعدها بأيام رأيت من واجبى التعرف على الإسكندرية من جديد، لأن مدينتى التى هى مرآة وجودى، كان لها دوماً جانبان (منذ عصرها البطلمى الأول حتى سنوات قريبة) جانبٌ «شعبىّ» يضم مناطق محرم بك وكرموز وبحرى، وجانبٌ متفرنج يسمى «خط الرمل» لأنه يبدأ من محطة ترام الرمل،

ويمر بمناطق الشاطبى والإبراهيمية وكليوباترا وجليم ولوران. وكان كلا الجانبين نظيفاً، ومعتزاً بذاته (وهما فى واقع الأمر صورة معاصرة للحى الملكى، وحى المصريين بالإسكندرية البطلمية) وكان للجانبين دوماً، ملحقات تشبه «الضواحى» بالنسبة لمدينة الإسكندرية، فمن الغرب «العجمى» ومن الشرق «أبوقير» ومن الجنوب «أبيس» ولم نكن نسمِّى هذه الملحقات (الإسكندرية) لأنها خارجة عنها، وليست متصلة عُمرانياً بها.

ومع التحيُّز الحكومى للمناطق الحضرية، وإهمال برامج (التنمية) فى الريف والأطراف، جرى نزوحٌ عشوائىٌّ هائلٌ، أحاط سكانه بالمدن الكبيرة عموماً وبالإسكندرية خصوصاً، فاتصلت المناطق السكانية، التى كانت فيما سبق (ضواحى) ثم التحقت بها المناطق التى زرتها بعد يوم (التيه) الذى أشرت إليه، فلما مررت بالحواف الجديدة للإسكندرية،

رأيتُ الهول وفرط الفقر فى مناطق: «محسن الكبيرة» و«محسن الصغيرة» و«الطوبجية» و«المأوى» و«أبيس».. وغيرها، وكنت أيامها أكتب رواية (النبطى) وأستحضر فى ذاتى الشخصية الرئيسة فى الرواية «مارية»، فوجدتنى أقول على لسانها فى القسم الثانى من الرواية: أهذه البلاد بلادى؟

■ ■ ■

وملايين الناس الذين يعيشون بؤسهم فى هذه المناطق الجديدة كان لا بد لهم من وسائل ضبط اجتماعى. ومعروفٌ أن لهذا الضبط نوعين: ضبطاً (رسمياً) يتمثل فى القانون العام والسيطرة الشرطية، وضبطاً (غير رسمى) يتمثل فى منظومة الأعراف الاجتماعية وموروث التقاليد عند الجماعات المتجانسة.. ولأن هذا الحشد الكبير، غير المتجانس أصلاً،

جرى اجتماعه بهذه المناطق على نحوٍ عشوائى، من دون إقرارٍ لوسائل الضبط الرسمى وغير الرسمى. فقد كان أمام الناس هناك طريقان، إما أن تصير هذه المناطق مرتعاً للإجرام والانحراف بعيداً عن أى ضوابط، أو أن ينصاع الناسُ هناك للضبط البديل المتاح (الإسلاميين الجدد)، باعتبارهم قوة الضبط الوحيدة الفاعلة فى هذه التجمعات.

ومن هنا، توهَّم كثيرون أن الإسكندرية هى معقل للسلفيين، وأن نجاح الإسلاميين مضمون بالذات فى الإسكندرية! وفى واقع الأمر، ليست هذه المناطق أصلاً (الإسكندرية) التى عرفها التاريخ القديم والمعاصر، وهذه المستعمرات الملحقة بالمدينة ليس لأهلها بديلٌ عن الاستمساك بالإسلاميين، بل هم لا يعرفون غيرهم، وذلك من أجل إقرار أى «نظام» فى تلك الأحياء الجديدة العامرة. وفى واقع الأمر، فقد صنع نظام مبارك هذا الواقع بإهماله هؤلاء المصريين الذين لا ذنب لهم إلا أن الله خلقهم فى زمن مبارك،

ومن ثم فليس مدهشاً أن يتقدم الإسلاميون فى الانتخابات، فى هذا المكان الذى يجب أن نسميه (لواحق الإسكندرية) أو قطاعها الحضرى المتصل. لكن لا يجوز أن نعمِّم القول بأن الإسكندرية معقل السلفية، لأنه قول غير صحيح، إلا إذا قصد «ملحقات» الإسكندرية وأحياءها الفقيرة، لا قلب المدينة ذاتها.

وحين قامت الموجة الأولى من الثورة، هابها السلفيون الذين كانوا يعانون مع بقية المصريين من ظلم نظام مبارك، وقال بعض شيوخهم بتحريم الخروج على الحاكم (عموماً)، التزاماً منهم ببعض المواقف الفقهية القديمة، بينما تأخر الإخوان فى اتخاذ قرار. لكن الشباب من أولئك وهؤلاء، انهمكوا بدافعٍ وطنىٍّ (لا عقائدى) فى الثورة، وكانت لهم مواقف مجيدة منذ يوم الخزى الحكومى المسمَّى إعلامياً: موقعة الجمل.

ولما انحسرت الموجة الثورية، انكشف قاع المجتمع المصرى وتقلَّبت أرضه فأخرجت ما أدهش الناس. وكان من هذه المدهشات، انتشار المذهب السلفى فى عموم البلاد، وتغلغل الإخوان فى المجتمع.. ولم يدرك الجاهلون المندهشون، أن هذا (الظهور) كان أمراً طبيعياً لا بد أن يعقب الثورة، وهو لم يقتصر على (الإسلاميين) وحدهم وإنما دفع (المظاليم) كلهم، على كثرتهم، إلى قلب الأحداث وبؤرة المشهد.. فمثلما طفا على السطح الإسلاميون، ظهر أيضاً نقيضهم، وإلا فما بال تلك الفتاة التى تعرَّت على الملأ ونشرت صورها عاريةً ؟ وما هذا النجاح الكبير للفيلم الفقير فنياً، : شارع الهرم؟

ولماذا كان (شارع الهرم) ذاته، هو أول الأنشطة التى استعادت حيويتها بمصر، فور انحسار الموجة الأولى للثورة؟ وما سر انتشار قنوات (الرقص الشرقى) ، ! إنما مرادى هو الإشارة إلى أن تقليب بواطن المجتمع المصرى بعد الثورة، أظهر المتناقض (المختفى) من الأمور جميعها.

■ ■ ■

.

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 11-12-2011 الساعة 09:23 PM
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:24 PM.