عام دراسى جديد بلا معلمين

حسام المصري · #1 21-08-2011, 11:07 AM

عام دراسى جديد بلا معلمين

بقلم د.كمال مغيث ٢٠/ ٨/ ٢٠١١لعله من نافلة القول أن نظام الرئيس المخلوع قد خرَّب مؤسسات الدولة كلها، سواء كانت المؤسسات التنفيذية، أو التشريعية، أو الجامعة أو الإعلام، غير أن التخريب الذى تعرضت له مؤسسة التعليم كان أشد فتكا وضراوة، وقد تبدى ذلك التخريب فى مظاهر عديدة، منها: تدهور كفاءة التعليم وانخفاض مستوى خريجيه وخروج مصر من كل معايير ومستويات التعليم العالمية، ومنها غياب أى تنظيم نقابى محترم يرعى المهنة ويحافظ على حقوق المعلمين المعنوية والمادية، رغم وجود نقابة معلمين تضم نحو مليون عضو يعادلون فى عددهم جميع أعضاء النقابات المهنية الأخرى تحولت بفعل سياسات الهيمنة الحكومية إلى مجرد بؤرة من العفن والفساد، ومنها شعور المعلمين بالإحباط كنتيجة طبيعية لممارسات العديد من الوزراء،
ومازلنا نذكر زيارات «الشو الإعلامى» للوزير السابق زكى بدر، والتى أوشك فيها أن «يِمِدّ مديرى المدارس ومعلميها على أقدامهم» ووفاة ستة من المعلمين أثناء مراقبتهم فى امتحان الثانوية العامة، وفى ظل الوزير الأسبق يسرى الجمل قام أحد المتنفذين باستئجار مجموعة من البلطجية ودخلوا عنوة إحدى المدارس أثناء طابور الصباح ليؤدبوا أحد المعلمين أمام تلاميذه وزملائه عقابا له على تأنيبه ابن الموظف الكبير، ولم يجد وزير التعليم المذكور الأمر يتطلب منه تقديم استقالته أو الاحتجاج أو استقبال المعلم المجنى عليه فى مكتبه أو زيارته فى مدرسته أو إعلان التضامن معه بأى شكل.
غير أن أهم مظهر من مظاهر تخريب النظام السابق للتعليم هو تدهور رواتب المعلمين بشكل غير مسبوق منذ أن عرفت مصر التعليم الحديث، ولقد كتبت ذات مرة أن أبى وهو معلم تقاضى أول راتب له سنة ١٩٢٨ وكان يعادل أكثر من خمسة آلاف جنيه بأسعارنا اليوم، فهل يصدق أحد أن المعلم يتقاضى اليوم أقل من ثلاثمائة جنيه وهو فى مقتبل حياته المهنية، هذا إذا كان محظوظا وتم تعيينه، أما إذا كان متعاقداً فمكافأة التعاقد مائة وعشرون جنيهاً يقبضها المعلم مائة وعشرة فقط، وهناك أيضاً من يعمل من المعلمين بالحصة التى تبلغ مكافأتها «خمسة وسبعين قرشا للحصة»،
هل رأى أحد أبنائنا «القرش» أو يعرفه، وأخيراً شهدنا مهزلة الكادر وما ارتبط بها من إحساس المعلمين بالمهانة لمجرد حصولهم على بعض حقوقهم المشروعة.
المهم أنه كنتيجة لكل ذلك ومنذ عدة سنوات راح الآلاف من المعلمين يشكلون العديد من روابط وتنظيمات المعلمين المستقلة فى مختلف محافظات البلاد، لتقوم بما كان ينبغى أن تقوم به نقابة محترمة ومستقلة للمعلمين، ثم سعوا لإشهار نقابة موحدة لهم فباءت جهودهم بالفشل فى ظل النظام الفاسد، ومن هنا فقد ساهم المعلمون وساهمت روابطهم مساهمة مجيدة فى ثورة ٢٥ يناير وفى أبريل الماضى أشهرت نقابة المعلمين المستقلة التى فوجئت باستمرار ممارسات العهد البائد إزاءهم فلا زيادة ذات بال لميزانية التعليم ولا تحسين لأوضاعهم المادية،
بل إن ما أذيع من زيادة رواتب موظفى الدولة إلى ٢٠٠% فوجئ المعلمون بإعلان الوزارة أن تلك الزيادة لن تطبق عليهم لأنهم من أصحاب الكادرات الخاصة رغم سريان تلك الزيادة على غيرهم من أصحاب الكادرات الخاصة ومن هنا فقد حددت نقابة المعلمين المستقلة مطالبها وسعت لمقابلة وزير التعليم الذى لم يتفاعل مع المطالب المشروعة للمعلمين تفاعلاً مقنعاً، ومن هنا سعى المعلمون للتظاهر أمام مكتب الوزير، وحددوا مطالبهم فى إقالة وزير التعليم وغيره من قيادات الوزارة، وسريان زيادة الرواتب ٢٠٠% كغيرهم من الموظفين، وتثبيت المتعاقدين،
وإعادة تكليف خريجى كليات التربية وإخضاع التعليم الخاص للإشراف الكامل للوزارة بما يضمن حقوق العاملين به، ويسعى المعلمون إلى عرض مطالبهم على حكومة الدكتور شرف والمجلس العسكرى، وفى حال عدم تحقيق مطالب المعلمين أو وضع جدول معقول لتحقيقها، فإن المعلمين يهددون بالامتناع عن التدريس فى مطلع العام الدراسى القادم الذى لم يبق على بدايته سوى أقل من شهر، فهل تنجح الدولة فى تجاوز الأزمة وتحقيق المطالب المشروعة، أم تطبق على المعلمين المضربين قانون منع الاعتصام والإضراب، وتظل روح النظام الفاسد تهيمن على المعلمين والمدارس والوطن كله، وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

http://www.almasry-alyoum.com/articl...ticleID=307888