اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-07-2011, 06:30 PM
salememary salememary غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
العمر: 45
المشاركات: 160
معدل تقييم المستوى: 16
salememary is on a distinguished road
Exll الى المتفائلين:مقال لـ"حازم الببلاوي"في 2005 يري استمرار مبارك و تعطيل الديمقراطية لأ


الطريق إلي الديمقراطية الليبرالية... بقلم / حازم الببلاوي
المقال منشور في 2005 قبل انتخابات الرئاسة


طلبت مني مجلة الديمقراطية التي تصدرها جريدة الأهرام منذ نحو سنتين إعداد بحث عن مستقبل الليبرالية في مصر ونشر هذا البحث في العدد العاشر‏,‏ ربيع ‏2003‏ وبالنظر إلي مايثار حاليا من نقاش حول الإصلاح السياسي‏,‏ فقد وجدت أن الوقت مناسب لإعادة تلخيص بعض النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسة‏.‏

وقد يكون من المفيد أن نبدأ ببعض المقدمات النظرية‏,‏ هناك ارتباط شديد بين مفهوم الليبرالية وفكرة الحرية‏,‏ بل ان اسمها مشتق في الواقع من معني الحرية‏liberty‏ وقد أخذ مفهوم الحرية عدة معان‏.‏ فيمكن التمييز‏,‏ علي الأقل‏,‏ بين ثلاثة مفاهيم للحرية‏,‏ فهناك مايمكن ان يطلق عليه المفهوم الجمهوري للحرية وهو يشير الي مساهمة الأفراد في الحياة السياسية‏,‏ باختيار حكامهم ومساءلتهم‏.‏
وهذا المفهوم هو الأقرب إلي معني الديمقراطية السياسية‏,‏ ولكن هناك مفهوما آخر يمكن ان نطلق عليه المفهوم الليبرالي للحرية‏,‏ والمقصود بذلك الاعتراف للفرد بمجال خاص لايمكن التعرض له فيه بالتدخل‏,‏ فهنا يرتبط الأمر بالاعتراف للفرد بحقوق طبيعية أو أساسية لايجوز المساس بها أو انتهاكها‏,‏ ويدخل في هذا حق الفرد في الحياة‏,‏ وفي حرية العقيدة‏,‏ وحرية التعبير عن الرأي‏,‏ وحرية الاجتماع والانتقال كما يتضمن أيضا احترام حقوق الملكية الخاصة‏,‏ وأخيرا هناك مايمكن أن نطلق عليه المفهوم المثالي أو التدخلي للحرية‏,‏ والمقصود هنا ليس مجرد مشاركة الفرد في الحياة السياسية‏,‏ أو الاعتراف له بمجال خاص لايجوز التعرض له‏.
بل ان الامر يجاوز ذلك إلي ضرورة أن يوفر المجتمع الشروط اللازمة لتمكين الأفراد من ممارسة اختياراتهم علي نحو يتفق مع رغباتهم الحقيقية وبحيث تتوافر لهم القدرة علي ممارسة هذا الاختيار‏.‏ والحرية في هذا المفهوم تتعلق بتمكين الفرد من ممارسة حقوقه‏.‏ وهذا المفهوم الأخير يتسع ويضيق وفقا للمدارس الفكرية المختلفة‏,‏ بل وقد يتعارض مع المفاهيم الأخري للحرية في بعض الأحوال‏.‏ فوفقا لهذا المفهوم المثالي أو التدخلي ـ من أشهر أمثلته الفكر الماركسي ـ فإن الحرية الليبرالية قد تصبح مجرد حرية شكلية خالية من المضمون إذا لم يتوافر للفرد مستوي اقتصادي من الدخل ومستوي تعليمي مناسب يمكنه من ممارسة اختياراته الحقيقية‏.‏
وإلي جانب هذا التقسيم اشار بنجامين كونستانت في كتابه الحريات القديمة والحديثة‏1819‏ الي التفرقة بين نوعين من الحرية فهناك المفهوم القديم للحرية والذي نجد جذوره في الفكر اليوناني والممارسات الديمقراطية في المدن اليونانية‏,‏ الذي يري أن الحرية‏(‏ الديمقراطية‏)‏ تقتصر علي الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية‏.‏ أما الحرية بالمعني الحديث فهي نتاج الفكر الليبرالي والذي استقر معناه ومفهومه من خلال المساهمات الفكرية لآباء هذا الفكر منذ القرن السابع عشر‏,‏ خاصة مع جون لوك ثم مع جون استيورات ميل‏.‏ وفي هذا المفهوم فإن الحرية ليست مجرد مشاركة في انتخاب الحكام وإنما هي بالدرجة الأولي دعوة إلي الفردية‏,‏ بالاعتراف بمجال خاص يتمتع فيه الفرد بحرية واستقلال دون تدخل أو إزعاج من جانب السلطات‏.‏ ويتضح من ذلك أن مفهوم الحرية القديم ـ المشاركة السياسية ـ يمكن أن يتعارض مع مفهوم الحرية الحديث ـ الليبرالي ـ خاصة عندما تظهر علي السطح دكتاتورية أو استبداد الأغلبية التي لاتقيم وزنا لحقوق الأقلية‏.‏ وهو ماحدا بالكاتب الأمريكي‏/‏ الهندي إلي إصدار كتاب عن الديمقراطيات غير الحرة.
وإذ يبدو أن الفكر الليبرالي هو بالدرجة الأولي انصياع للفردية فليس معني ذلك أن هذا الفكر ـ وهو يضع حقوق الفرد في بؤرة اهتمامه ـ يهمل مصالح المجتمع ليصبح نهبا للمصالح الأنانية حيث يتسيد القوي ويذبل الضعيف‏,‏ ويسيطر الغني ويسحق الفقير‏.‏ علي العكس‏,‏ الفكر الليبرالي الحديث وتحت وطأة العديد من التجارب ـ وبعضها مرير مثل الأزمات الاقتصادية والحروب والثورات ـ قد وصل إلي أن الفردية لايمكن أن تتحقق علي نحو مستقر وسليم مالم يتحقق التوازن بين الاعتبارات الفردية في حماية الحقوق الأساسية للفرد وبين الاعتبارات المجتمعية في توفير فرص التقدم الاقتصادي وعدالة التوزيع وصيانة البيئة والقضاء علي الفقر ورعاية المهمشين‏.‏
ولذلك فإن الديمقراطية الليبرالية وهي تستند الي المفهوم الليبرالي للحرية لايمكن أن تتجاهل المفهوم الجمهوري‏(‏ المشاركة السياسية‏)‏ أو المثالي التدخلي‏(‏ ضمان حقوق دنيا للمواطنين‏)‏ وعلي أن يظل الأساس والجوهر هو المفهوم الليبرالي في احترام حقوق الفرد وحرياته الأساسية‏.‏ فالحرية الجمهورية‏(‏ الديمقراطية السياسية‏)‏ والحرية المثالية أو التدخلية‏(‏ ضمان حدود دنيا للحقوق‏)‏ تأتي لتدعيم حرية الأفراد وحقوقهم الأساسية وليس للمساس بها أو الاعتداء عليها‏.‏
وليس هناك من شك في أننا نعيش في عالم جديد يصعب تجاهله‏,‏ وأن هذا العالم يتطلب بشكل متزايد ـ الأخذ بصورة من الليبرالية بشقيها الاقتصادي‏(‏ اقتصاد السوق‏)‏ والسياسي‏(‏ الديمقراطية‏)‏ وعلينا في مصر‏,‏ أن نعمل علي تحقيق مزيد من التصالح بين هذا التيار العالمي وبين مقتضيات الظروف الداخلية‏.‏
وإذا نظرنا إلي أوضاعنا الداخلية فإن الأمر لايبدو ميسرا للإنتقال فجأة إلي نظام ليبرالي ناجح‏.‏ وهناك علي الأقل مشكلتان حاليتان‏,‏ الأولي هي النقص الشديد في القيادات الليبرالية المقبولة شعبيا وضعف القدرة علي إبراز قيادات جديدة‏.‏ وأما الثانية فهي أنه باستثناء حزب الحكومة والذي احتكر السلطة لأكثر من نصف قرن‏,‏ فقد انفراد التيار الإسلامي ـ باتجاهاته المختلفة ـ بالساحة السياسية الشعبية سواء علي مستوي التنظيم أو علي مستوي الخطاب السياسي‏.‏ وموقف هذا التيار من الفكر الليبرالي ملتبس ـ عند الكثيرين‏.‏ ويترتب علي ذلك أن الأخذ بإصلاحات ليبرالية غير مخططة قد يؤدي إلي تمكين القفز علي السلطة لعناصر معادية أصلا لليبرالية أو لعناصر انتهازية غير مؤمنة أصلا بالفكر الليبرالي‏,‏ وبذلك فإنها تهدد بإجهاض التجربة في مهدها وتحويلها إلي مسار غير ليبرالي‏.‏
ولكن من ناحية أخري لايجوز التعلل بهذه المشاكل لتعطيل التحول إلي مزيد من الديمقراطية الليبرالية أو لتجاهل اتجاهات رئيسية في المجتمع واستبعادها من المشاركة بمقولة أنها قوي غير ليبرالية أو معادية لها‏.‏ فإذا أضفنا إلي ذلك أن التعديل الدستوري المقترح قد جاء فجأة‏,‏ وبلا مقدمات‏,‏ بل ربما كانت الدلائل السابقة عليه تشير إلي العكس‏.‏ كذلك فإن الإجراءات القانونية لوضع هذا التعديل موضع التنفيذ لن تتم إلا في نصف الساعة الأخير وقبل الإنتخابات بشهرين أو ثلاثة‏,‏ ولذلك فإن نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة تبدو محسومة مقدما‏.‏
وهكذا يتضح أن معضلة الإصلاح السياسي في مصر تتطلب من ناحية التصالح والأخذ بنظام يغلب عليه المفاهيم الديمقراطية الليبرالية‏,‏ ومن ناحية أخري أن يتم التصالح بين هذه المفاهيم نفسها وبين الاتجاهات الإسلامية والتي تمثل أحد أهم التيارات السياسية القائمة‏.‏ وأخيرا‏,‏ لابد أن يأخذ هذا المسار أسلوبا يسمح بالانتقال نحو هذا الهدف دون أن تقفز عليه العناصر الانتهازية أو المعادية لإختطاف التحول بعيدا عن الاتجاهات الليبرالية الحقيقية نتيجة للنقص الشديد في القيادات الليبرالية وعدم ترسخ التقاليد الليبرالية في الوعي العام‏.
ومن هنا الحاجة إلي فترة انتقال معقولة تقلل من مخاطر الإنحراف عن الهدف النهائي أو اختطاف العملية في مسار غير ليبرالي من جماعات انتهازية أو حتي معادية للأفكار الليبرالية لمجرد تميزهم بقدرات تنظيمية عالية أو سيطرتهم علي مراكز حساسة ومؤثرة في المجتمع‏.‏ وهكذا فإن النجاح في التحول إلي نظام ديمقراطي ليبرالي يتوقف إلي حد بعيد علي مدي مايتوافر للمرحلة الإنتقالية من ظروف تمكنها من الانتقال الهاديء والسلمي والصحي إلي بر الأمان‏.‏
ومع ذلك فإنه لايقل أهمية ضرورة إحاطة هذه الفترة الإنتقالية بقيود واضحة ومحددة‏,‏ وهي قيود زمنية وموضوعية علي السواء‏.‏ فمن الناحية الزمنية يجب الاتفاق علي إطار زمني محدد تنتهي بعده هذه الفترة الإنتقالية‏,‏ وأعتقد أن فترة بين سنتين وثلاث سنوات علي الأكثر كافية لتحقيق الانتقال السلمي والصحي إلي حياة ديمقراطية كاملة‏.‏ ولايكفي الإتفاق علي حدود زمنية للفترة الإنتقالية بل لابد فوق ذلك من الاتفاق علي عدد من القيود الموضوعية التي تحكم هذه الفترة الإنتقالية‏.‏ وأول هذه القيود هو ضرورة الأخذ ـ خلال هذه الفترة الإنتقالية ـ بكافة مظاهر الحرية الليبرالية‏,‏ من إلغاء كافة القوانين الإستثنائية‏,‏ وإقامة دولة القانون وتوفير استقلال القضاء وإلغاء كل صور القضاء الاستثنائي‏,‏ واحترام جميع الحريات‏,‏ وتوفير الشفافية الكاملة وخاصة فيما يتعلق بالميزانية وأوجه إنفاقها‏,‏ وضمان حرية الصحافة والإعلام‏,‏ وإقرار حرية تكوين الأحزاب والجمعيات‏.‏
الخطر الذي يمكن أن تتعرض له عملية الانتقال إلي الديمقراطية لايرجع إلي مخاطر إطلاق الحرية الليبرالية بقدر مايرجع إلي عدم الاستعداد إلي ممارسة حرية الجمهورية نتيجة للخواء السياسي للبيئة السياسية لأكثر من خمسين عاما‏.‏ ففي هذه الظروف يمكن أن تكون الحرية الجمهورية والألتجاء المبكر إلي صناديق الأنتخاب متناقضا مع الحرية الليبرالية ومتعارضا معها وذلك قبل أن يستعيد المجتمع السياسي زمام الأمور ويتيح الفرصة لظهور قيادات جديدة‏.‏ فالحرية مدخل للديمقراطية‏,‏ ولكنها ليست بالضرورة نتيجة لها‏.‏
ولذلك فإن الإقتراح الذي طرحه الأستاذ سلامة أحمد سلامة بعدم منافسة السيد الرئيس في الانتخابات القادمة لضمان نجاحه بالتزكية يبدو اقتراحا معقولا للبدء في تجربة التعددية بعد أن تتوافر مقوماتها الحقيقية‏,‏ وذلك بدلا من تبديد الجهود في قضية محسومة سلفا‏.‏ وبذلك تصبح فترة الرئاسة القادمة هي الفترة الإنتقالية لترسيخ معاني الحرية الليبرالية حتي تأتي بعد ذلك الحرية الجمهورية مؤكدة لهذه المعاني وليست نقضا لها‏.‏ وبعبارة أخري‏,‏ يصبح التعديل الدستوري المقترح بداية للتحول الديمقراطي وليس نهاية له‏,‏ وذلك بدءا بتطبيق الحرية الليبرالية‏,‏ في فترة الرئاسة القادمة وفتح الباب لإستكمال مسيرة الإصلاح الدستوري‏.‏ فالفترة الإنتقالية هي فترة البناء القانوني والمؤسسي للحريات العامة وإلغاء كافة القيود والإجراءات الاستثنائية‏.‏ فلنبدأ بالحريات العامة‏,‏ وبعد ذلك نستكمل البناء بالممارسات الديمقراطية في الانتخابات وتشكيل البرلمان‏.‏
ويمكن النظر إلي الفترة الإنتقالية باعتبارها مرحلة للحوار السياسي الحر وإبداء الآراء والإعداد لوضع دستور جديد وإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية لوضع برامجها وتكوين كوادرها والإنخراط في العمل الجماهيري‏,‏ وتعويد الرأي العام علي المشاركة في الحياة العامة واستعادة دوره القيادي والتخلص من أشكال اللامبالاة التي ميزت الفترة السابقة‏.‏ والله أعلم‏.‏
__________________
اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا
  #2  
قديم 17-07-2011, 07:52 PM
الصورة الرمزية mohammed ahmed25
mohammed ahmed25 mohammed ahmed25 غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 2,656
معدل تقييم المستوى: 16
mohammed ahmed25 has a spectacular aura about
افتراضي

انا اللى يهمنى فى الكلام دا كله هو اصلاح منظومة الاجور و هو ليه مقال عام 2005 عن مرتبات الموظفين فى موقعه
http://www.hazembeblawi.com


مرتبات الموظفين
دكتور حازم الببلاوي
الموظف العام في مصر هو عنصر الاستقرار الأساسي في الحياة الاجتماعية بكافة مظاهرها – سياسية، اقتصادية، ثقافية الخ. فهو أولاً عماد السلطة، وللسلطة في مصر تاريخ طويل، ومعها ربما نشأت أول بيروقراطية مركزية في العالم منذ عصر الفراعنة. ولذلك فإن انضباط السلطة وانصلاح حال الموظفين هو انضباط لأهم معالم الحياة الاجتماعية في مصر. والموظفون، فوق ذلك، هم عصب الطبقة الوسطى، وهم بذلك واسطة العقد ومربط القيم والأخلاق. فإذا اختلت أحوال هؤلاء الموظفين اهتزت أوضاع أهم عناصر الطبقة الوسطى ومن ورائها سائر شرائح المجتمع. وقد كانت الوظيفة العامة هي أهم مظهر للحراك الاجتماعي بمشاركة المتعلمين في الحياة العامة وفتح فرص الترقي والتقدم لهم، وكانت بذلك المجال الأساسي الذي أتاح للعلم والمتعلمين أن يؤثروا في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في مصر على مر العصور وخاصة في مصر الحديثة منذ محمد علي. وعدد الموظفين في مصر يجاوز أعدادهم في معظم دول العالم، سواء بالنسبة للدول المماثلة في عدد السكان أو الدول التي تقترب من المستوى الاقتصادي لها. فمصر هي – إلى حد بعيد – دولة الموظفين. وربما يجاوز عدد الموظفين العاملين في الحكومة والقطاع العام أكثر من ستة ملايين فرد. ومن هنا فإن الاهتمام بأوضاعهم الحياتية أمر واجب، وهو ولاشك أحد أهم مجالات الإصلاح بمختلف أشكاله. ومن هنا أهمية تحسن الأوضاع المعيشية لهم. وجاء قانون منح العاملين علاوة شهرية خاصة بنسبة 20% من الأجر الأساسي خطوة على الطريق.
وليس في نيتي أن أتناول هنا هذا التعديل في ذاته بالمناقشة ومدى فاعليته في تحسين الأوضاع المعيشية للعاملين بالحكومة في ضوء مستوى التضخم السائد (12% وفقاً للرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية، أو 17% وفقاً للرقم القياسي لأسعار الجملة، وذلك وفقاً للبيانات التي تنشرها مصر على موقع صندوق النقد الدولي). هذه ليست القضية الرئيسية بل هناك قضية أخرى، ربما تكون أكثر أهمية وخطورة وآن الأوان لمواجهتها، وهي قضية الفوضى والعشوائية في نظم الأجور للعاملين في الحكومة والقطاع العام.
يشير القانون المشار إليه في صدد العلاوة إلى "المرتب الأساسي" فهل لازال لهذا "المرتب الأساسي" أي معنى بعد أن فقد "نظام الأجور" في مصر دلالته ليصبح "دخل" العامل أو الموظف خليطاً غير معرف المعالم، من مرتب أساسي، وعلاوات، وبدلات، ومكافآت، وحوافز، وأسماء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. لقد انتهى العهد الذي كان فيه جدول المرتبات والمرتب الأساسي هو المعول عليه في دخل العامل أو الموظف. وبدأ الخروج عن هذا التقليد – على حياء – منذ الحرب العالمية الثانية عندما أدخلت على دخل الموظف "علاوة الغلاء" ثم "العلاوات الاجتماعية". ولكن الأمر استشرى في السنوات الأخيرة حتى تضاءل عنصر "المرتب الأساسي" ليصبح العنصر الأقل أهمية في دخل العامل أو الموظف. ولم يقتصر الأمر على هذه المسميات الجديدة والمتنوعة التي يحصل عليها العامل أو الموظف؛ فهذا "بدل انتقال"، وذلك "مكافأة" حضور لجان، وثالث "حوافز"، بل ظهرت مفاهيم غريبة على معنى دولة القانون، فهناك ما يسمى "بالصناديق الخاصة" وشيء أكثر غرابة اسمه "المظاريف".
أما مفهوم "الصناديق الخاصة" فهو خروج عن المبادئ الدستورية المستقرة في المالية العامة. فالدولة – بأجهزتها المختلفة المركزية والمحلية – هي التي يحق لها أن تفرض – جبراً – الضرائب والرسوم والأعباء العامة على الأفراد والمؤسسات. وينبغي أن تورد حصيلة هذه الأعباء إلى الميزانية مباشرة دون تخصص لغرض خاص أو إنفاق معين. وبعد ذلك تصدر جميع النفقات من حصيلة الموازنة.
أما فكرة "الصناديق الخاصة"، فإنها تخرج عن هذا الأصل بأن تقتطع حق الدولة في فرض الأعباء العامة وتحصيل الإيرادات لمصلحة "صندوق خاص" في وزارة أو مصلحة حكومية، وتستخدم حصيلة هذا الصندوق – بعيداً عن الموازنة – لمنافع العاملين في هذه الوزارة أو تلك المصلحة. وهكذا يتمتع الموظف أو العامل في تلك الوزارات والمصالح بمزايا مادية – قد تكون مكافآت مادية أو مزايا للإسكان أو المصايف أو نظم خاصة للمعاشات ومكافآت نهاية الخدمة – وكل هذا بعيداً عن الموازنة العامة.
أما موضوع "المظاريف" فهو أمر نشأ في الواقع وليس له أي سند من القانون – فيما أعلم. فقد أدى انخفاض مرتبات كبار المسؤولين إلى درجة مزرية إلى معالجة هذا الأمر ليس بتعديل القانون وزيادة المرتبات، وإنما تم العلاج بطريقة "بلدي" بإعطاء المسؤول من حين لآخر مظروفاً يتضمن مبلغاً – متغيراً – من النقود وعلى فترات غير منتظمة. وهكذا نجد أن الدولة قد لجأت في مواجهة مشكلة حقيقية، (نقص مرتبات المسئولين) إلى الأخذ بحل عشوائي لكل حالة على حده مما خلق تشوهات خطيرة في نظام الأجور في مصر.
فأما أن الأجور – وخاصة ما يسمى "بالمرتب الأساسي" – قد أصبحت هزيلة ولا تشبع من جوع، فهذا صحيح، ولذلك – يجب توفير علاج لهذه المشكلة. ولكن بدلاً من أن تعيد الدولة النظر في مستويات الأجور والمرتبات الأساسية، فإنها لجأت إلى هذه الحلول الالتفافية بإضافة عناصر جديدة إلى المرتب الأساسي من علاوات وحوافز وبدلات ومكافآت وصناديق خاصة ومظاريف وغير ذلك. وقد ترتب على هذا الوضع العشوائي إخلال كبير بمبادئ العدالة والكفاءة والمساءلة.
أما الإخلال بالعدالة فيرجع إلى التفاوت بين أقل الدخول للعاملين في الدولة وبين أعلى الدخول بينهم من ناحية، فضلاً عن التمييز بين العاملين على نفس الدرجة وفقاً لوجودهم في وزارة أو مصلحة دون أخرى، أو حتى داخل نفس الوزارة أو المصلحة وفقاً للمكان الذي يشغله من ناحية أخرى. وبالنسبة للتفاوت بين أقل الدخول وأعلاها، فلا شك أن كل دول العالم تعرف تفاوتاً في مستوى الدخول. ولكن عندما يتعلق الأمر بعائد العمل – وليس الثروة – وخاصة عندما يكون رب العمل هو الدولة، فإن هذا التفاوت يجب أن يكون معقولاً. وإذا نظرنا إلى مصر نجد أن الحكومة توظف بعض العاملين بمائة وخمسين جنيهاً في الشهر – كما حدث بالنسبة لتعيين الخريجين منذ سنتين – في الوقت الذي تنشر فيه الجرائد أن دخول بعض كبار العاملين في الدولة من مرتبات ومكافآت وغيره تجاوز مئات الألوف من الجنيهات شهرياً. وينشر ذلك عادة بمناسبة تقديم أحد كبار المسؤولين للمحاكمة في قضايا الانحراف، حيث يتبين أن هذا المسئول أو ذاك كان يحصل على مكافآت وبدلات ومزايا تجاوز المائة ألف جنيه شهرياً. وبطبيعة الأحوال فإن مثل هذه الأخبار المنشورة يساعد على انتشار الشائعات وبعضها لا يخلو من مبالغة حيث يتحدث البعض عن أرقام أعلى من ذلك بكثير. فهل من الممكن تبرير هذا التفاوت فيما تدفعه الحكومة لعمالها على أساس الكفاءة؟ أمر لا يصدقه الكثيرون. ولا يقتصر التفاوت على أعلى وأدنى الدخول، بل أن أبناء المهنة الواحدة والذين يشغلون نفس الدرجة الوظيفية يمكن أن يحصلوا على دخول متمايزة – وبشكل كبير – لأنه أحدهم يعمل في موقع – داخل نفس الوزارة أو المصلحة – ويعطيه الحق في التمتع بمزايا لا يعرفها غيره من زملائه. وبذلك يوفر النظام العشوائي الحالي للمرتبات مزايا هائلة للأقلية المحظوظة في حين تعيش الأغلبية من المحبطين في بؤس شديد. هذا عن العدالة.
أما الإخلال بالكفاءة، فهو يرتبط بما تقدم. فطالما أن التفاوت يصل أحياناً إلى أكثر من ألف ضعف فلا يمكن أن يكون ذلك راجعاً إلى اختلاف في الكفاءة أو "الإنتاجية" ولابد أن يكون وراءه اعتبارات شخصية. فلم يوجد بعد من تصل إنتاجيته – مهما بلغت عبقريته – أكثر من ألف مرة من غيره من الموظفين! وبذلك، فمع هذا التفاوت الكبير في المرتبات، لا يمكن أن يكون الأجر مقابل "الإنتاجية" وإنما هو نتيجة للعلاقات الشخصية وهو ما يقضي على أهم أسس الكفاءة. وكذلك فقد أدى التوسع في منح البدلات والمكافآت إلى ربطها بصميم العمل العادي للموظف، وبحيث أصبح "الراتب الأساسي" أشبه بالحق المكتسب وبحيث لا يقوم الموظف بأي عمل من أعمال وظيفته إلا مقابل مكافأة خاصة. فموظف وظيفته الأساسية حضور لجان، يحصل على مكافأة لكل جلسة لهذه اللجان. فلماذا المرتب إذن؟ وعندما كنت أستاذاً في الجامعة، كانت هناك مكافأة لتصحيح الأوراق، ومكافأة لحضور الامتحاناتـ بل ومكافأة لبعض حصص التدريس، كما لو كانت وظيفة الأستاذ الجامعي لا تتطلب الإشراف على الامتحانات أو تصحيح الأوراق أو حتى التدريس. وأذكر هذا المثال، لأنني أعرفه شخصياً، وإن كنت أعتقد أن أساتذة الجامعات يستحقون كل تقدير مادي على جهودهم، ولكن عن طريق زيادة مرتباتهم وليس المكافآت التي تمنح مقابل القيام بأعباء الوظيفة.
وأخيراً فإنه من حيث المساءلة نجد أن كل ما يدفع من خارج الموازنة – مثل حالات الصناديق الخاصة أو الظروفات النقدية – فإنها لا تخضع للقواعد الرقابية المعروفة. وفضلاً عن ذلك فإن العديد من المزايا التي يمكن أن يتمتع بها الموظف أو العامل من خارج بند "المرتب الأساسي" فإنه يتوقف في معظم الأحوال على رضاء الرؤساء. فنقل موظف من مكان إلى آخر قد يعني زيادة دخله عدة أضعاف أو على العكس تخفيضها لعدة أضعاف. ولا يستطيع الموظف أن يفعل شيئاً سوى الرضوخ والخنوع لرئيسه الذي يملك عليه مقدرات حياته. فنحن بصدد موظف بلا حقوق، ورئيس له بلا مسؤولية أو مساءلة. وهو أخطر ما يعرض مفهوم العدالة والكفاءة للاهتزاز.
وليس معنى ما تقدم أن مرتبات الموظفين الأساسية كافية، أو أن العناصر الأخرى للمرتب غير ضرورية، ولكن المقصود هو أن هناك حاجة إلى مراجعة عامة لنظام المرتبات، وبحيث يصبح "الراتب الأساسي" اسماً على مسمى باعتباره العنصر الرئيسي في دخل الموظف وبحيث، يستحقه بحكم القانون، ولا تصبح العناصر الأخرى الإضافية هي الأصل و"المرتب الأساسي" مجرد ذيل. وإذا كان من الممكن أن تعطى حوافز للأعمال الاستثنائية أو الإضافية فلا ينبغي أن يطغي ذلك على الراتب الأساسي، ولذلك فمن الطبيعي ألا تزيد هذه المكافآت أو الحوافز عن نسبة محدودة من هذا "الراتب". فالعامل أو الموظف يحصل على راتبه مقابل هذا العمل. وأخيراً ينبغي أن تكون هناك درجة من العدالة وبحيث لا يصبح التفاوت في الأجور التي تدفعها الحكومة لعمالها وموظفيها صارخاً. وهي قضية ليست سهلة ولكن لزم التنويه. الإصلاح الحقيقي يتطلب مراجعة عامة لنظم المرتبات والأجور وشفافية كاملة. والله أعلم
"يستأذن الكاتب القراء للقيام في إجازته السنوية"
الأهرام: 19.6.2005
http://www.hazembeblawi.com/Arabic/ArticleDetails.aspx?ArticleID=97
__________________
  #3  
قديم 18-07-2011, 03:09 PM
الصورة الرمزية عاشق البلانكو الابيض
عاشق البلانكو الابيض عاشق البلانكو الابيض غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 8,408
معدل تقييم المستوى: 23
عاشق البلانكو الابيض will become famous soon enough
افتراضي

اين رابط الخبر ؟؟؟؟؟؟؟
__________________

 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:57 AM.