اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2011, 01:13 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي عقيـــــــــــــــــــــدة أهـــــــــل السنة والجماعـــــــــــــة














بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وآله وصحبه ومن والاه
أما بعد....
فإننا الان أصبحنا في زمان كثرت في الفرق وإزدادت فيه الفتن وتعددت فيه الطرق بل وكثر فيه المتكلمين بغير علم, فأصبح لا مفر للمرء الذى ينشد الحق والحقيقة,والصدق والرشاد العودة إلى فهم سلف الامة لكلام ربنا وسنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم, خاصة وإن كان ذلك في أمور العقيدة , إذ أن العقيدة هي الأساس الذى يبنى عليه دين المرء ,فإن كانت قاعدة البناء وأساسه سليمة إكتمل ,وسلم بإذن الله, أما والعياذ بالله إذا كان الاساس هش ,فإن البناء لا يلبث أن ينهار...
ولذا فقد رأينا أن نقدم لكم ..
عقيدة أهل السنة والجماعة بفهم السلف الصالح

-------------------------------------
أولا العقيدة الطحاوية





_____________________________________

http://www.4shared.com/document/ujZUBP8t/_________.html



العقيدة الواسطية لشخ الاسلام بن تيمه

http://www.4shared.com/document/8eONqM8I/___online.html





عقيدة أهل السنة والجماعة
للشيخ محمد بن صالح العثيمين

http://www.4shared.com/file/IiNz8w1U/___-__.html


العقيدة الصحيحة وما يضادها
لشيخ بن باز



http://www.4shared.com/document/TnSY..._________.html



كتاب الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله


http://www.4shared.com/document/uVBKvu2e/________.html





وفقنا الله جميعا الى ما يحبه ويرضاه


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



وسيم جاب الله
دمياط في 5 يوليو2011







__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-07-2011, 06:46 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

عقيدة

أهل السنة والجماعة

تأليف

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين



بسم الله الرحمن الرحيم



تقديـم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اطلعت على العقيدة القيّمة الموجزة، التي جمعها أخونا العلامة فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين، وسمعتها كلها، فألفيتها مشتملة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب: توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب: الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. وقد أجاد في جمعها وأفاد وذكـر فيها ما يحتاجه طالب العلم وكل مسلم في إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وقد ضمَّ إلى ذلك فوائد جمة تتعلّق بالعقيدة قد لاتوجد في كثير من الكتب المؤلفة في العقائد. فجزاه الله خيراً وزاده من العلم والهدى، ونفع بكتابه هذا وبسائر مؤلفاته، وجعلنا وإياه وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، الدّاعين إلى الله على بصيرة، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى:
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز سامحه الله
مفتي عام المملكة العربية السعودية


بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، أما بعد:

فإن الله تعالى أرسل رسوله محمداًr بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بيّن به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة والأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فتركrأمّته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنّته وعضّوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.

ونحن -ولله الحمد- على آثارهم سائرون وبسيرتهم المؤيّدة بالكتاب والسنّة مهتدون، نقول ذلك تحدُّثاً بنعمة الله تعالى وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

ولأهمية هذا الموضوع وتفُّرق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا، عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه موفقاً لمرضاته نافعاً لعباده.



عقيدتنا


عقيدتنا: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنه الرب الخالق الملك المدبّر لجميع الأمور.

ونؤمن بأُلوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل.

ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.

ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال تعالى: ]رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[ [مريم: 65].

ونؤمن بأنه]اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ [البقرة: 255].

ونؤمن بأنه ]هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ(22)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاََّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23)هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ [الحشر: 22 - 24].

ونؤمن بأن الله له ملك السماوات والأرض ]يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49)أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[ [الشورى: 49، 50].

ونؤمن بأنه]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11)لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ [الشورى: 11،12].

ونؤمن بأنه ]وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[ [هود: 6].

ونؤمن بأنه ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[ [الأنعام: 59].

ونؤمن بأن الله ]عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[ [لقمان: 34].

ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء ]وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[ [النساء: 164]. ]وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ[[ الأعراف: 143]. ]وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا[[ مريم: 52].

ونؤمن بأنه ]لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ[[الكهف: 109]. ]وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[ [لقمان: 27].

ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث، قال الله تعالى]وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً[ [الأنعام: 115]. ]وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا[ [النساء: 87].

ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقاً وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبيr]قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ[[النحل: 102].]وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192)نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ(193)عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ[ [الشعراء: 192 _ 195].

ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته لقوله تعالى: ]وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ [البقرة: 255]. وقوله: ]وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ[ [الأنعام: 18].

ونؤمن بأنه ]خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ[ [يونس: 3]. واستواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوَّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيته إلا هو.

ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبِّر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض. ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال، لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.

ونؤمن بما أخبر به عنه رسولهr أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟

ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى: ]كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا(21)وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(22)وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى[ [الفجر: 21 – 23].

ونؤمن بأنه تعالى ]فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ[[هود: 107].

ونؤمن بأن إرادة الله تعالى نوعان: كونية يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى ]وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ[ [البقرة: 253]، ]إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ[ [هود: 34]، وشرعية لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له، كقوله تعالى: ]وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ[ [النساء: 27].

ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كوناً أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك ]أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ[ [التين: 8]. ]وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[ [المائدة: 50].

ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ[ [آل عمران: 31]. ]فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ [المائدة: 54] ]وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[ [آل عمران: 146]، ]وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ [الحجرات: 9] ]وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ [المائدة: 93].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها ]إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ[ [الزمر: 7] ]وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ[ [التوبة: 46].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ]رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ[ [البينة: 8].

ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم ]الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ[ [الفتح:6]. ]وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[ [النحل: 106].

ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ[ [الرحمن: 27].

ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين ]بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ[ [المائدة: 64] ]وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[ [الزمر:67].

ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى ]وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا[[هود: 37] وقال النبيr"حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان ويؤيده قول النبي r في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

ونؤمن بأن الله تعالى ]لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ [الأنعام: 103].

ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ]وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ(22)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[ [القيامة: 22، 23].

ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[ [الشورى: 11].

ونؤمن بأنه ]لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ[ [البقرة: 255] لكمال حياته وقيوميته.

ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.

ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته]إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ [يس: 82]، وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته]وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ[ [ق: 38] أي من تعب ولا إعياء.

ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسولهrمن الأسماء والصفات لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما: التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين. والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.

ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله r وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.

ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لا بد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً. وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم. ففي كلام الله تعالى ورسولهr كمال العلم والصدق والبيان، فلا عذر في رده أو التردد في قبوله.

فصــل


وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربِّنا وسُنةِ نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأُمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.

ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسُنّة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عزّ وجل، ونتبرَّأ من طريق المحرّفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله، ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله، ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.

ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سُنة نبيِّهr فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى: ((أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا[ [النساء: 82]، ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسولهr. ومن أدعى أن في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسولهr أو بينهما تناقضاً فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيّه، ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسولهr أو بينهما، فذلك إمّا لقلّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكفَّ عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم ]آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ[ [آل عمران: 7]. وليعلم أن الكتاب والسُنَّة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.

فصـل


ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم ]عِبَادٌ مُكْرَمُونَ(26)لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ[ [الأنبياء: 26، 27]. خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته ]لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ(19)يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَرون[ [الأنبياء: 19، 20].

حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبيr جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سدّ الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبيr وعنده الصحابة بصورة رجل لا يُعرف ولا يُرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبيr فأسند ركبته إلى ركبتي النبيr ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبيr، وخاطبه النبيr وأخبر النبيr أصحابه أنه جبريل.

ونؤمن بأن: للملائكة أعمالاً كلفوا بها: فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله، ومنهم ميكائيل الموكل بالمطر والنبات، ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور، ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت، ومنهم ملك الجبال: الموكل بها، ومنهم مالك: خازن النار، ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام وآخرون موكلون بحفظ بني آدم وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان]عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ(17)مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[ [ق: 17، 18]. وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فـ ]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ[ [إبراهيم: 27]، ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة ]وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23)سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ[[الرعد: 23، 24]، وقد أخبر النبيr أن البيت المعمور في السماء يدخله –وفي رواية يصلي فيه- كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

فصـل


ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجّة على العالمين ومحجة للعالمين يعلّمونهم بها الحكمة ويزكونهم.

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى ]لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ[[الحديد: 25].

ونعلم من هذه الكتب:
1.التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسىr، وهي أعظم كتب بني إسرائيل ]إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ[ . [المائدة: 44].
2.الإنجيل: التي أنزله الله تعالى على عيسىr، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها ]وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ [المائدة: 46] وَِلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ)) [آل عمران: 50].
3.الزبور: الذي آتاه الله داودr.
4.صحف إبراهيم وموسى: عليهما الصلاة والسلام.
5.القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين ((هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)) [البقرة: 185]. فكان((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)) [المائدة: 48]. فنسخ الله به جميع الكتب السابقة وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر: 9] لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة.

أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمدٍ ينتهي بنزول ما ينسخها ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير، ولهذا لم تكن معصومة منه فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص ((مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)) [النساء: 46]، ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)) [البقرة: 79]، ((قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا)) [الأنعام: 91]، ((وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(78)مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [آل عمران: 78، 79]. ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)) [المائدة: 15، 17].

فصـل


ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً ((مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)) [النساء: 165].

ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله وسلّم عليهم أجمعين((إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ)) [النساء: 163]، ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ)) [الأحزاب: 40].

وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى بن مريم وهم المخصوصون في قوله تعالى ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)) [الأحزاب: 7].

ونعتقد أن شريعة محمدr حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى: ((شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)) [الشورى: 13].

ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: ((وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ)) [هود: 31]. وأمر الله تعالى محمداً وهو آخرهم أن يقول: ((وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ)) [هود:31). وأن يقول: ((لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ)) [الأعراف: 188]، وأن يقول: ((قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا)) [الجن: 21].

ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح ((ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)) [الإسراء: 3]، وقال في آخرهم محمدr ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)) [الفرقان:1]، وقال في رسل آخرين ((وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ)) [ص: 45]، ((وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ص: 17]، ((وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ص: 30]، وقال في عيسى ابن مريم: ((إِنْ هُوَ إِلاََّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)) [الزخرف: 59].

ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمدr وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: ((قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاََ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) [الأعراف: 158].

ونؤمن بأن شريعتهr هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ)) [آل عمران: 19]، وقوله: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا)) [المائدة: 3]، وقوله: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)) [آل عمران: 85].

ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا *** مرتداً لأنه مكذب للقرآن.

ونرى أن من كفر برسالة محمدr إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى: ((كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)) [الشعراء: 105]، فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً(150)أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)) [النساء: 150، 151].

ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول اللهr، ومن ادعى النبوة بعده أو صدّق من ادّعاها فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.

ونؤمن بأن للنبيr خلفاء راشدين خلفوه في أمته علماً ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة. وما كان الله تعالى –وله الحكمة البالغة- ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.

ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فَضَله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.

ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) [آل عمران: 110].

ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرّهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.

ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد وخطؤه مغفور له، ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهّر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم: ((لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاَّ وَعَدَ اللَّهُ))[الحديد: 10]، وقول الله تعالى فينا: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَِلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِاْلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاَّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر: 10].


فصــل


ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء إمّا في دار النعيم وإمّا في دار العذاب الأليم.

فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية ((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي اْلأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)) [الزمر: 68] فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان ((كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)) [الأنبياء: 104].

ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال ((فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7)فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8)وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا(9)وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ(10)فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا(11)وَيَصْلَى سَعِيرًا)) [الانشقاق: 7 – 12]، ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا(13)اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)) [الإسراء: 13، 14].

ونؤمن بالموازين تُوضـع يوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً (( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)) [الزلزلة: 7، 8]. ((فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(102)وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103)تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ)) [المؤمنون:102 – 104]، ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) [الأنعام: 160].

ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول اللهr خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهمّ والكرب ما لا يُطيقون فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول اللهr.

ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبيr وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة، وبأن الله تعالى يُخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.

ونؤمن بحوض رسول اللهr ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.

ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال، والنبيr قائم على الصراط يقول: "يارب سلّم سلّم". حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناجٍ ومكردس في النار.

ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.

ونؤمن بشفاعة النبيr لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبيr خاصة.

ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ((فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [السجدة: 17]، والنار: دار العذاب التي أعدَّها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال ((إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)) [الكهف: 29]. وهما موجودتان الآن ولن تفنيا أبد الأبدين ((وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اْلْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا)) [الطلاق: 11] ((إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا(64)خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا(65)يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ)) [الأحزاب: 64 – 66].

ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبيr، ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي.

ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمرو بن لحي الخزاعي ونحوهما، ومن الشهادة بالوصف، الشهادة لكل كافرٍ أو مشركٍ شركاً أكبر أو منافق.

ونؤمن بفتنة القبر: وهي سؤال الميت في قبره عن ربِّه ودينه ونبيه فـ ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي اْلآخِرَةِ)) [إبراهيم: 27] فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين ((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [النحل: 32].

ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين ((وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)) [الأنعام: 93].

والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسُنة من هذه الأمور الغيبية، وألا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تُقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.


فصـل


ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.

وللقدر أربع مراتب:

المرتبة الأولى: العلم، فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.
المرتبة الثانية: الكتابة، فتؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة ((أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَاْلأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) [الحج: 70].
المرتبة الثالثة: المشيئة، فتؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى ((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(62)لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ)) [الزمر: 62، 63].

وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها ((لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28)وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) [التكوير: 28، 29] ((وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)) [البقرة: 253] ((وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)) [الأنعام: 137] ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)) [الصافات: 96].

ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقـدرة بهما يكون الفعل، والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:
الأول: قوله تعالى: ((فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) [البقرة: 223] وقوله: ((وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ َلأَعَدُّوا لَهُ)) [التوبة: 46] فأثبت للعبد اتياناً بمشيئته وإعداداً بإرادته.
الثاني: توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: ((لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)) [البقرة:286].
الثالث: مدح المحسن على إحسانه وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسيء ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.
الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل ((رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) [النساء: 165]، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.
الخامس: أن كل فاعل يحسُّ أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرّق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرّق الشرع بينهما تفريقاً حكيماً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.

ونرى أن لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدّرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)) [لقمان: 34] فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتجّ بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله: ((سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ)) [الأنعام: 148].

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟ ولهذا لما أخبر النبيr الصحابة بأن كل واحد قد كُتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال: "لا، اعملوا فكلُ ميسر لما خُلق له".

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر عليَّ، ولو فعلت لعدّك الناس في قسم المجانين.

ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتجّ بالقدر؟

ونقول له أيضا: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء. فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟

ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبيr"والشر ليس إليك" [رواه مسلم]. فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة، وإنما يكون الشرُّ في مقتضياته، لقول النبيr في دعاء القنوت الذي علّمه الحسن: "وقني شر ما قضيت" فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر في المقتضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر، فالفساد في الأرض مـن الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى: ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) [الروم: 41]، وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع يد السارق وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.


فصـل


هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة، فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع ]مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[[النحل: 97].

ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:
أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.
ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.

ومن ثمرات الإيمان بالكتب:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة.
ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.

ومن ثمرات الإيمان بالرسل:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد.
ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
ثالثاً: محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده والصبر على أذاهم.

ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر:
أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.

ومن ثمرات الإيمان بالقدر:
أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.
ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً وأربح نفساً وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
ثالثاً: طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدّره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب.
رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: ]مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(22)لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ[ [الحديد: 22، 23].


فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من رحمته، إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

b
بقلم مؤلفها
محمد الصالح العثيمين
في 30 شوال سنة 1404هـ
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-07-2011, 06:50 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

العقيدة الطحاوية



قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي رحمه الله : هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة، أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني ، رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين. نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله :

إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله ولا يعجزه شيء ولا إله غيره. قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد. لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام ولا يشبه الأنام. خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة، مميت بلا مخافة، باعث بلا مشقة.

ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته. وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا. ليس بعد الخلق استفاد اسم "الخالق" ولا بإحداث البرية استفاد اسم "الباري" ، له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق ، وكما أنه "محيي الموتى" بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم ، وكذلك استحق اسم "الخالق" قبل إنشائهم. ذلك بانه على كل شيء قدير وكل شيء إليه فقير. وكل أمر عليه يسير. لا يحتاج إلى شيء ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ .

خلق الخلق بعلمه وقدر لهم أقدارا ضرب لهم آجالا، ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته. ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن.
يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا. وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله، وهو متعال عن الأضداد والأنداد، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره.
آمنا بذلك كله وأيقنا أن كلا من عنده.

وأن محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء وسيد المرسلين وخبيب رب العالمين. وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى. وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء.

وأن القران كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده سقر حيث قال :] سأصليه سقر [ . فلما أوعد الله بسقر لمن قال: ] إن هذا إلا قول البشر [ ، علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر. ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.
فمن أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار انزجر وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.

والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا: ] وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ ، وتفسيره على ما اراده الله تعالى وعلمه وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا. فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه. ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام علم ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار موسوسا تائها شاكا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا.
ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم، إذ كان تأويل الرؤية ـ وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية ـ بترك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين.
ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية . وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.

والمعراج حق. وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقضة إلى السماء ومن ثم إلى حيث شاء الله من العلا. وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى : ] ما كذب الفؤاد ما رأى [ ، فصلى الله عليه وسلم في الأخرة والأولى. والحوض الذي أكرمه الله تعالى به حق. والشفاعة التي ادخرها له حق، كما روي في الأخبار.

والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق. وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه . وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه، وكل ميسر لما خلق له. والأعمال بالخواتيم، والسعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقي بقضاء الله.
وأصل القدر سر الله في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل. والتعمق والنظر في ذلك ذريعة للخذلان وسلم للحرمان ودرج الطغيان. فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة. فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى في كتابه : ] لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون [ ، فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.
فهذه جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان : علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود . فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر. ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود.
ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم. فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء قد كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه. جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه.
وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقد ذالك تقديرا محكما مبرما ليس فيه ناقض ولا معقب ، ولا مزيل ولا مغير . ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذالك من عقد الإيمان وأصول المعرفه والإعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته،كما قال تعالى في كتابه: ] وخلق كل شيْ فقدره تقديرا [ ، وقال تعالى : ] وكان أمر الله قدرا مقدورا [ .
فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما ، وأحضر للنظر فيه قلبا سليما، لقد إلتمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما . وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما.

والعرش والكرسي حق، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه.

وتقول إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما، إيمانا وتصديقا وتسليما. ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين. ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين.

ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين.

ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله ، ولا نجادل في القران ، ونشهد أنه كلام رب العالمين نزل به الروح الأمين فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم. وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه ولا نخالف جماعة المسلمين.

ولا نكفر أحدل من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله . ولا نقول : لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله.
نرجوا للمحسنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة. ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم.
والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة. ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه.
والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان . وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق، والإيمان واحد وأهله في أصله سواء . والتفاضل بينهم بالخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الأولى.

والمؤمنين كلهم أولياء الرحمن وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقران.

والإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله تعالى.
ونحن مؤمنون بذلك كله لا نفرق بين أحد من رسله، ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به.

وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين، بعد أن لقوا الله عارفين (مؤمنين) وهم في مشيئته وحكمه إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه : ] ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ ، وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته، وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته.
اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به.

ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم. ولا ننزل أحد منهم جنة ولا نارا، ولا نشهد عليهم بكفر ولا شرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى.

ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف.
ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة.
ونتبع السنة والجماعة ونتجنب الشذوذ والخلاف والفرقة. ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة.

وقول الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه.

ونرى المسح على الخفين ي السفر والحضر كما جاء في الأثر.

والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما.

ونؤمن بالكرام الكاتبين، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين. ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين. وبعذاب القبر لمن كان أهلا له. وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم. والقبر روضة من رياض الجنة وأو حفرة من حفر النيران.
ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب والثواب والعقاب والصراط والميزان .
والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان، وأن الله خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلا. فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه.

والخير والشر مقدران على العباد، واىستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به فهي من مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب وهو كما قال الله تعالى : ] لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ .

وأفعال العباد خلق من الله وكسب من العباد، ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم ، وهو تفسير "لا حول ولا قوة إلا بالله".
نقول لا حيلة لأحد ولا حركة لأحد ولا تحول لأحد من معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله .
وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضاؤه وقدره. غلبت مشيئته المشيئات كلها. وغلب قضاؤه الحيل كلها، يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدا، تقدس عن كل سوء وحين وتنزه عن كل عيب وشين ] لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون [ .

وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات، والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات ويملك كل شيء ولا يملكه شيء، ولا غنى عن الله طرفة عين، ومن استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر وصار من أهل الحين .

والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى.

ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.
ونثبت الخلافة بعد رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أولا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم لعي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهو الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون.
وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة نشهد لهم بالجنة، على ما شهد لهم رسو ل الله صلى الله عليه وسلم وقوله الحق، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح، وهو أمين هذه الأمة، رضي الله عنهم أجمعين.
ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.

وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
ولا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء.
ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم.


ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض من موضعها. ولا نصدق كاهنا ولا عرافا ولا من يدعي شيئا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

ونرى الجماعة حقا وصوابا والفرقة زيغا وعذابا. ودين الله في الأرض والسماء واحد وهو دين الإسلام . قال الله تعالى : ] إن الدين عند الله الإسلام [ ، وقال : ] ورضيت لكم الإسلام دينا [ ، وهو بين الغلو والتقصير ، وبين التشبيه والتعطيل ، وبين الجبر والقدر ، وبين الأمن والإياس .

فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا، ونحن برءاء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه.
ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ، ويختم لنا به ويعصمنا من الأهواء المختلفة والآراء المتفرقة والمذاهب الردية مثل : المشبهة والمعتزلة والجهمبة والجبرية والقدرية وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة وحالفوا الضلالة، ونحن منهم برءاء وهم عندنا ضلال وأردياء. وبالله العصمة والتوفيق .
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-07-2011, 06:55 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

الـعـقـيـدة الـواسـطـيـة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً مزيدا ، أما بعد :

اصول الاعتقاد عند الطائفة المنصورة

فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره .

الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه

ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ، لأنه سبحانه لا سميّ له، ولا كُفُوَ له، ولا نِدَّ له ، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه.
ثم رسله صادقون مصدوقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولهذا قال ] سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين [ فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب.
وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمىَّ به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون. فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وقد دخل في هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن حيث يقول : ] قل هو الله أحد الله الصمد، لم يلد * ولم يولد * ولم يولد * يكن له كفواً أحد [ وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه ، حيث يقول : ] الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسِيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما - أي لا يَكْرِثه ولا يُثْقِلُه - وهو العلي العظيم [ ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
وقوله سبحانه : ] هو الأول والآخِر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم [ وقوله سبحانه : ] وتوكل على الحي الذي لا يموت [ وقوله : ] وهو العليم الحكيم [ ، ] وهو الحكيم الخبير [ ، ] يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها[ ، ] وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [ وقوله : ] وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه [ وقوله : ] لتعلموا أنَّ الله على كل شيء قدير وأنَّ الله قد أحاط بكل شيء علماً [ وقوله : ] إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين [ وقوله : ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ وقوله : ] إن الله نِعِمَّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً [ وقوله : ] ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله [ ، ] ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [ وقوله : ] أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يُتلى عليكم غير محلىِّ الصيدِ وأنتم حُرُم إن الله يحكم ما يريد [ وقوله : ] فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء [ وقوله : وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ، ] وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [ ، ] فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين [ ، ] إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين [ وقوله : ] قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [ وقوله : ] فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [ وقوله : ] إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص [ وقوله : ] وهو الغفور الودود [ وقوله : ] بسم الله الرحمن الرحيم [ ، ] ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما [ ، ] وكان بالمؤمنين رحيما [ ، ] ورحمتي وسعت كل شيء [ ، ] كتب ربكم على نفسه الرحمة [ ، ] وهو الغفور الرحيم [ ، ] فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين [ وقوله : ] رضي الله عنهم ورضوا عنه [ وقوله : ] ومن ي*** مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه [ وقوله : ] ذلك بأنهم اتَّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه [ وقوله : ] فلما آسفونا انتقمنا منهم [ وقوله : ] ولكن كرهَ الله انبعاثهم فثبطهم [ وقوله : ] كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وقوله : ] هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر [ وقوله : ] هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك [ ، ] كلا إذا دُكَّت الأرض دكاً دكا وجاء ربك والملك صفاً صفا [ ، ] ويوم تَشَقَّقُ السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا [ وقوله : ] ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [ ، ] كل شيء هالك إلا وجهه [ وقوله : ] ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [ ، ] وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء [ وقوله : ] واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا [ ، ] وحملناه على ذات ألواح ودسر، تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر [ ، ] وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني [ وقوله : ] قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير [ وقوله : ] لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء [ ، ] أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون [ وقوله : ] إنني معكما أسمع وأرى [ وقوله : ] ألم يعلم بأن الله يرى [ ، ] الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم [ ، ] وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون [ وقوله : ] وهو شديد المحال [ وقوله : ] ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين [ وقوله : ] ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون [ وقوله : ] إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً [ وقوله : ] إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديرا [ ، ] وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم [ وقوله : ] ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [ وقوله عن إبليس : ] فبعزتك لأغوينهم أجمعين [ وقوله : ] تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام [ وقوله : ] فاعبده واصطبر لعبادته، هل تعلم له سميا [ ، ] ولم يكن له كفواً أحد [ ، ] فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون [ ، ] ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله [ ، ] وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا [ ، ] يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير [ ، ] تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً [ ، ] ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون، عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون [ ، ] فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون [ ، ] قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[.
وقوله : ] الرحمن على العرش استوى [ في سبعة مواضع : في سورة الأعراف قوله : ] إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش [ وقال في سورة يونس عليه السلام : ] إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش [ وقال في سورة الرعد : ] الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش [ وقال في سورة طه : ] الرحمن على العرش استوى [ وقال في سورة الفرقان : ] ثم استوى على العرش الرحمن [ وقال في سورة ألم السجدة : ] الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش [ وقال في سورة الحديد : ] هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش [ .
وقوله : ] يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [ ، ] بل رفعه الله إليه [ ، ] إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه [ ، ] يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا [ ، ] أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير [ وقوله : ] هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم إينما كنتم والله بما تعملون بصير [ ، ] ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم [ .
وقوله : ] لا تحزن إن الله معنا [ ، ] إنني معكما أسمع وأرى [ ، ] إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون [ ، ] واصبروا إن الله مع الصابرين [ ، ] كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين [ .
وقوله : ] وَمَنْ أصدق من الله حديثا [ ، ] ومن أصدق من الله قيلا [ ، ] وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم [ ، ] وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلا [ ، ] وكلم الله موسى تكليما [ ، ] منهم من كلم الله [ ، ] ولما جاء موسى لميقاتنا وكلَّمه ربه [ ، ] وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا [ ، ] وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين [ ، ] وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة [ ، ] ويوم يناديهم فيقول: ماذا أجبتم المرسلين [ ، ] وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله [ ، ] وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون [ ، ] يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل [ ، ] واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته [ ، ] إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون [ ، ] وهذا كتاب أنزلناه مبارك [ ، ] لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله [ ، ] وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون [ ، ] قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين [ .
وقوله : ] وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ ، ] على الأرائك ينظرون [ ، ] للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ ، ] لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد [ .
وهذا الباب في كتاب الله كثير، من تدبر القرآن طالباً للهدى منه تبين له طريق الحق .

الإيمان بما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم به ربه

ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ، وما وصف الرسول به ربه عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها.
فمن ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ) متفق عليه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) الحديث متفق عليه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يضحك الله إلى رجلين ي*** أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة ) متفق عليه
.

وقوله : ( عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ، ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرَجكم قريب) حديث حسن.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال جهنم يلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله ) وفي رواية : ( عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتقول قط قط ) متفق عليه .
وقوله : ( يقول تعالى : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، فينادي بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ) متفق عليه
.

وقوله : ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه وليس بينه وبينه ترجمان) .
وقوله في رقية المريض : ( ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك ، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ ) حديث حسن رواه أبو داود وغيره .
وقوله : ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء) حديث صحيح .

وقوله : ( والعرش فوق الماء والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه ) حديث حسن رواة أبو داود وغيره .
وقوله للجارية : ( أين الله ؟ ) قالت : ( في السماء ) قال : ( من أنا؟ ) قالت : ( أنت رسول الله) قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) رواه مسلم .
وقوله : ( أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث ما كنت ) حديث حسن .
وقوله : ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه فإن الله قبل وجهه ، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ) متفق عليه
.

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم رب السماوات السبع والأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء خالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر ) رواة مسلم .
وقوله لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) متفق عليه .
وقوله : ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ) متفق عليه .

إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به ، فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط في فرق الأمة ، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم ، فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة ، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم، وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم ، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج .

الطائفة المنصورة تؤمن بان ربها فوق عرشه

وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه على خلقه ، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون ، كما جمع بين ذلك في قوله : ] هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير [ .
وليس معنى قوله : ] وهو معكم [ أنه مختلط بالخلق ، فإن هذا لا توجبه اللغة ، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق ، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم ، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته .
وكل هذا الكلام الذي ذكره الله - من أنه فوق العرش وأنه معنا - حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة ، مثل أن يظن أن ظاهر قوله : " في السماء " أن السماء تقله أو تظله ، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان ، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض ، وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .

الطائفة المنصورة تؤمن بان ربها قريب مجيب

وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب ، كما جمع بين ذلك في قوله :
] وإذا سألك عبادي عني فإني قريب . . . الآية [ وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) .
وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته ، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته ، وهو عليُّ في دنوه قريب في علوه .


الطائفة المنصورة تؤمن بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق

ومن الإيمان بالله وكتبه الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة ، وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره .
ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة ، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة ، فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً .

وهو كلام الله حروفه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ، ولا المعاني دون الحروف .

الإيمان برؤية المؤمنين لربهم

وقد دخل أيضاً فيما ذكرناه من الإيمان به وبكتبه وبملائكته وبرسله الإيمان ، بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس بها سحاب ، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته ، يرونه سبحانه وهم في ***ات القيامة ، ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى .


الإيمان بما يكون بعد الموت وفتنة القبر والحشر والقيامة والحساب

ومن الإيمان باليوم الآخر : الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ، فيؤمن بفتنة القبر، وبعذاب القبر ونعيمه.

فأما الفتنة : فإن الناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل : ( ما ربك وما دينك ومن نبيك ؟ ) فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، فيقول المؤمن : ( ربي الله ، والإسلام ديني ، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي ) .
وأما المرتاب فيقول : ( هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ) فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة سمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق .
ثم بعد هذه الفتنة : إما نعيم وإما عذاب ، إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد ، وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلا ، وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق ، فتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد ] فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون [ .
وتنشر الدواوين - وهي صحائف الأعمال - فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، كما قال سبحانه وتعالى : ] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [ ويحاسب الله الخلائق ، ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه كما وصف ذلك في الكتاب والسنة ، وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته - فإنه لا حسنات لهم - ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها وُيقَرَّون بها .
وفي ***ات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، آنيته عدد نجوم السماء ، وطوله شهر وعرضه شهر ، من يشرب منه شربة لا يضمأ بعدها أبدا.
والصراط منصوب على متن جهنم - وهو الجسر الذي بين الجنة والنار- يمر الناس على قدر أعمالهم ، فمنهم من يمر كلمح البصر ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالفرس الجواد ، ومنهم من يمر كركاب الإبل ، ومنهم من يَعْدو عدْواً ، ومنهم من يمشي مشياً ، ومنهم من يزحف زحفاً ، ومنهم من يخطف خطفاً ويلقى في جهنم .
فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة . . . فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض ، فإذا هُذِّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته .
وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات:

أما الشفاعة الأولى : فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء - آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم - من الشفاعة حتى تنتهي إليه.
وأما الشفاعة الثانية : فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة - وهاتان الشفاعتان خاصتان له -
وأما الشفاعة الثالثة : فيشفع فيمن استحق النار - وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم - فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها .

ويخرج الله من النار أقواماً بغير شفاعة بل بفضله ورحمته ، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشيء الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة.
وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار ، وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء ، وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذاك ما يشفي ويكفي فمن ابتغاه وجده .

الإيمان بالقدر

وتؤمن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره ، والإيمان بالقدر على درجتين ، كل درجة تتضمن شيئين :
فالدرجة الأولى : الإيمان بأنّ الله تعالى عليم بما الخلق عاملون ، بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا ، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق ، فأول ما خلق الله القلم ، قال له : ( اكتب ) قال : ( ما أكتب؟ ) قال : ( اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) ، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه جفت الأقلام وطويت الصحف ، كما قال تعالى : ] ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير [ وقال : ] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير [ وهذا التقدير التابع لعلمه سبحانه يكون في مواضع جملة وتفصيلا ، فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء ، وإذا خلق جسد الجنين قبل خلق الروح فيه بعث إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات فيقال له : ( اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ونحو ذلك ) ، فهذا التقدير قد كان ينكره غلاة القدرية قديماً ومنكروه اليوم قليل .
وأما الدرجة الثانية : فهي مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة ، وهو الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه ما في السماوات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه ، لا يكون في ملكه ما لا يريد ، وأنه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات، فما من مخلوقفي الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه .
ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لا يحب الكافرين ، ولا يرضى عن القوم الفاسقين ، ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد .

العباد فاعلون والله خالق أفعالهم

والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم ، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم ، وللعباد القدرة على أعمالهم ولهم إرادة ، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم ، كما قال الله تعالى : ] لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين [ وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة ، ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ، ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها .

الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح .
وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر - كما يفعله الخوارج - بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي ، كما قال سبحانه في آية القصاص : ] فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف [ وقال : ] وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم [ .
ولا يسلبون الفاسق الملي الإسلام بالكلية ، ولا يخلدونه في النار - كما تقوله المعتزلة - بل الفاسق يدخل في اسم الإيمان المطلق ، كما في قوله :
] فتحرير رقبة مؤمنه [ وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق ، كما في قوله تعالى : ] إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا [ وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) ونقول : هو مؤمن ناقص الإيمان ، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم .


نحب الصحابة ونتبرأ من طريقة الرافضة والنواصب

ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما وصفهم الله به في قوله تعالى : ] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [ وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه ) .
ويقولون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر - وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر- : ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه - وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة -
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة .

ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره ، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم ، كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة ، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما - بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر - أيهما أفضل فقدم قوم عثمان وسكتوا وربّعوا بعلي، وقدم قوم علياً، وقوم توقفوا ، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي ، وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة ، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله .
ويحبون أهل بيت رسول الله ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال يوم غدير خم : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال : ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) وقال : ( إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ) .

ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة ، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية ، والصِّدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنها ، التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .
ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ، ويمسكون عما شجر من الصحابة ، ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغُيِّر عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون .
وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم ، وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم خير القرون ، وأن المُدَّ مِن أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلى ببلاء في الدنيا كُفِّرَ به عنه ، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ، ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .

كرامات الأولياء

ومن أصول أهل السنة : التصديق بكرامات الأولياء (1) ، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات ، والمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فرق الأمة ، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة .

الدين اتباع وليس ابتداع

ثم من طريقة أهل السنة والجماعة : اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً ، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس ، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدى كل أحد ، ولهذا سموا أهل الكتاب والسنة وسموا أهل الجماعة ، لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة ، وإن كان " لفظ " الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين .
والإجماع هو الأصل الثالث (2) الذي يعتمد عليه في العلم والدين ، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين ، والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح ، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة .


الـخـاتـمـة

ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة ، ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجارا ، ويحافظون على الجماعات ، ويدينون بالنصيحة للأمة ، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضا ) وشبك بين أصابعه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ويأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضا بمُرِّ القضاء ، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا ) ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ، ويأمرون ببر الوالدين، وصله الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل ، والرفق بالمملوك ، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق - بحق أو بغير حق - ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفسافها .
وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة ، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ، لكن لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وفي حديث عنه أنه قال : ( هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة ، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولوا المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الأبدال (3) وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم . . . وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة ) فنسأل الله أن يجعلنا منهم وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه الوهاب ، والله أعلم .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-07-2011, 09:46 PM
ابن طيبه ابن طيبه غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 7
معدل تقييم المستوى: 0
ابن طيبه is on a distinguished road
افتراضي

احسن الله اليكم وبارك بجهدكم
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15-07-2011, 10:18 PM
جدة ملك جدة ملك غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
المشاركات: 43
معدل تقييم المستوى: 0
جدة ملك is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيراً
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16-07-2011, 11:50 PM
نبيل الوردانى نبيل الوردانى غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 99
معدل تقييم المستوى: 14
نبيل الوردانى is on a distinguished road
افتراضي

الجهد طيب ومفيد و كنت اتمنى لو ان هناك رابط يمكن من خلاله تحميل هذا العمل الرائع وجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17-07-2011, 03:22 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

أولا..



ثانيا
الروابط سوف أضيفها في أقرب وقت ممكن بإذن الله


__________________
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-08-2011, 09:09 AM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wasim2010 مشاهدة المشاركة
أولا..



ثانيا
الروابط سوف أضيفها في أقرب وقت ممكن بإذن الله









الروابط موجودة اسفل كل موضوع(صورة )موجود رابط الموضوع وانما اضفت الموضوعات مفصلة للذيى يريد ان ياخذها مباشرة من الصفحة بمعنى ان الموضوع موجود في صورة مكتوبة وفي صورة روابط من اجل تعميم الفائدة








__________________
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24-08-2011, 11:42 AM
amh2011 amh2011 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2
معدل تقييم المستوى: 0
amh2011 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم أستأذنك أخ واسم في نشر الموضوع والروابط
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11-09-2011, 09:47 PM
ابو عبدووو ابو عبدووو غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 195
معدل تقييم المستوى: 16
ابو عبدووو is on a distinguished road
افتراضي

الحذر ثم الحذر : انصحكم اخوتى بقرأة العقيدة الطحاوية اى طباعة غير التى عليها تعليقات الوهابيين السعوديين .احذر من شبهة التجسيم .
العقيدة الطحاوية لابى جعفر الطحاوى هى العقيدة المعتمدة لاهل السنة جميعا ولكن شروح المشبهة لها تحدث شبهات :الحذر ثم الحذر

قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: "من قال الله جسم لا كالأجسام كفر" (رواه الحافظ بدر الدين الزركشي في كتابه تشنيف المسامع
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11-09-2011, 11:51 PM
الصورة الرمزية مسلمة متفائلة
مسلمة متفائلة مسلمة متفائلة غير متواجد حالياً
طالبة بالأزهر الشريف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 6,693
معدل تقييم المستوى: 23
مسلمة متفائلة is on a distinguished road
افتراضي

جـــــــزآكـــــــم الله خيراً
__________________

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18-09-2011, 07:13 PM
muslmaha muslmaha غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 660
معدل تقييم المستوى: 16
muslmaha is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً

ماشاء الله

كتب قيمة


بارك الله فيكم

..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..
__________________
اللهم انصر إخــوانناااااا
بــــــســــــــوريــــــــــا
والــــيــــــــمـــــــن
وفــلـــســـــطـــيـــن
و فى كل مكان امين يارب
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 22-09-2011, 01:26 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amh2011 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أستأذنك أخ واسم في نشر الموضوع والروابط

أخي العزيز
أولا :
إسمي وسيم
ثانيا:
تستطيع النشر في ايى مكان فهذا واجب دينى
مشكور على المرور

__________________
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 22-09-2011, 01:31 PM
الصورة الرمزية simsim elmasry
simsim elmasry simsim elmasry غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,873
معدل تقييم المستوى: 15
simsim elmasry has a spectacular aura about
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة muslmaha مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة muslmaha مشاهدة المشاركة

جزاكم الله خيراً

ماشاء الله

كتب قيمة


بارك الله فيكم

..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..


مشكورة على المرور أختى الكريمة
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:16 AM.