|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أهــــــــــــــــــــــــــل البيـــــــــــــــــــــــــــت(ع) في موكب الزمان
بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن لاهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مقاما محمودا ومما لا شك فيه أيضا أنه لا أحد من الصحابة كان ينكر أو يتجاهل ذلك إلا انا الروافض روجوا البدع والاكاذيب عن صراعات وعداوات بين الصحابة وأهل البيت عليهم السلام لذلك رأينا أن ننشأ هذا الموضوع الذي يتناول كتب أهل السنة عن أهل بيت محمد الطيبين الطاهرين سيرة سيدة نساء العالمين الشيخ عبدالرحمن السحيم إذا افتخرت بنت بأبيها ، فيكفي سيدة نساء العالمين أنها بنت إمام المتقين صلى الله عليه وسلم . وإذا افتخر مُفتخر بنسبه ، فإن سيدة نساء العالمين تفوق بذلك من افتخر . وإذا تعاظم شخص في نفسه ، فحسب سيدة نساء العالمين هذا اللقب ( سيدة نساء العالمين ) . هي : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الإمام الذهبي : سيدة نساء العالمين في زمانها البضعة النبوية والجهة المصطفوية . أم أبيها ، بنت سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية ، وأم الحسنين . كانت فاطمة أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه . مولدها : قبل المبعث بقليل . وتزوجها الإمام علي بن أبي طالب في ذي القعدة أو قُبيله من سنة اثنتين بعد وقعة بدر . وقال ابن عبد البر : دخل بها بعد وقعة أُحد ، فولدت له الحسن والحسين ومحسنا وأم كلثوم وزينب ، وروت عن أبيها . وروى عنها ابنها الحسين وعائشة وأم سلمة وأنس بن مالك وغيرهم ، وروايتها في الكتب الستة . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحبها ويكرمها ويُسرّ إليها . ومناقبها غزيرة ، وكانت صابرة ديّنة خيرة صيّنة قانعة شاكرة لله . وقد غضب لها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أبا الحسن همّ بما رآه سائغا من خطبة بنت أبي جهل فقال : والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله ، وإنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها . رواه البخاري ومسلم . فترك عليٌّ الخطبة رعاية لها ، فما تزوّج عليها ولا تسرّى ، فلما توفيت تزوج وتسرّى رضي الله عنهما ، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم حزنت عليه وبكته وقالت : يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . يا أبتاه أجاب ربا دعاه . يا أبتاه جنة الفردوس مأواه . وقالت بعد دفنه : يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وقد قال لها في مرضه : إني مقبوض في مرضي هذا . فبكت وأخبرها أنها أول أهله لحوقاً به ، وأنها سيدة نساء هذه الأمة ، فضحكت ، وكتمت ذلك فلما توفي صلى الله عليه وسلم سألتها عائشة فحدثتها بما أسرّ إليها . وقالت عائشة رضي الله عنها : اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُغادر منهن امرأة ، فجاءت فاطمة تمشي كان مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مرحبا بابنتي . فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أنه أسرّ إليها حديثاً ، فبكت فاطمة ، ثم إنه سارّها ، فضحكت أيضا . فقلت لها : ما يبكيك ؟ فقالت : ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن . فقلت لها حين بَكَتْ : أخصّك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين ، وسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قُبض سألتها ، فقالت : إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة ، وأنه عارضه به في العام مرتين ، ولا أراني إلا قد حضر أجلي ، وإنك أول أهلي لحوقاً بي ، ونعم السلف أنا لك ، فبكيت لذلك ، ثم إنه سارّني ، فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة ، فضحكت لذلك . رواه البخاري ومسلم . وكان عليه الصلاة والسلام يقوم لها وتقوم له ، ويُقبّلها وتُقبّله رضي الله عنها . صداقها : أصدق عليّ رضي الله عنه فاطمة درعه الحُطمية . فأي خير بعد ذلك في التفاخر بكثرة الصداق ؟ وأي خير في غلاء المهور ؟ وهل نساء الدنيا أجمع خير أم فاطمة ؟ خدمتها في بيت زوجها : كانت فاطمة رضي الله عنها تعمل في بيت زوجها ، حتى أصابها من ذلك مشقّة . قال عليّ رضي الله عنه : شَكَتْ فاطمة رضي الله عنها ما تلقى من أثر الرّحى ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم سبي ، فانطلقت فلم تجده ، فوجدت عائشة فأخبرتها ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت لأقوم ، فقال : على مكانكما ، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ، وقال : ألا أدلكما على خير مما سألتماني ؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعا وثلاثين ، وتسبحان ثلاثا وثلاثين ، وتحمدان ثلاثا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم . رواه البخاري ومسلم . فإذا كان هذا هو حال سيدة نساء العالمين ، فما في حياة الترف خير . حياؤها رضي الله عنها : قالت فاطمة رضي الله عنها لأسماء بنت عميس رضي الله عنها : إني أستقبح ما يصنع بالنساء ، يُطرح على المرأة الثوب فيصفها. قالت : يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ؟ فَدَعَتْ بجرائد رطبة ، فَحَنَتْها ، ثم طرحت عليها ثوباً . فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، إذا متّ فغسليني أنت وعلي ، ولا يدخلن أحد عليّ . قال ابن عبد البر : هي أول من غُطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة . أولادها : تقدّم ما لها من أبناء في ترجمة عليّ رضي الله عنه . وكان لها من البنات : أم كلثوم زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وزينب زوجة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما . فيكيف يجتمع حب آل البيت وبغض أصهارهم ؟! فعمر رضي الله عنه زوج أم كلثوم بنت عليّ رضي الله عنه وعنها . وإذا ضاقت عليهم المذاهب أنكروا زواج عمر رضي الله عنه من أم كلثوم ! فاطمة رضي الله عنها وميراث أبيها : قال الإمام الذهبي رحمه الله : ولما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه ، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق ، فحدّثها أنه سمع من النبي يقول : لا نورث ما تركناصدقة ، فَوَجَدَتْ عليه ، ثم تعللت . انتهى كلامه رحمه الله . وحدّث الشعبي قال : لما مرضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن ، فقال عليٌّ : يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك ، فقالت : أتحبّ أن آذن له ؟ قال : نعم . فأذِنَتْ له ، فدخل عليها يترضّاها ، وقال : والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت . قال : ثم ترضّاها حتى رضيت . رواه البيهقي في الكبرى وفي الاعتقاد . شُبهات وجوابها : صح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . وهذه منقبة لهم ، ولا يُفهم منه انحصار آل البيت في هؤلاء كما تفهمه الرافضة . وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري . تقول الرافضة : إن أبا بكر أغضب فاطمة رضي الله عنها ، فهو داخل في هذا الحديث . وليس الأمر كما زعموا ، فإن أبا بكر رضي الله عنه عمِل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما سيأتي ، وعمِل بما اتفق عليه الخلفاء من بعده ووافقوه عليه بما في ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه . فهل يُقال : إن علياً رضي الله عنه أغضب فاطمة بهذا ؟ وتقدّم سبب ورود الحديث في سيرة أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه . روى الإمام البخاري في صحيحه أن فاطمة رضي الله عنها أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر . فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث . ما تركنا فهو صدقة . إنما يأكل آل محمد من هذا المال . يعني مال الله . ليس لهم أن يزيدوا على المأكل ، وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتشهد عليّ رضي الله عنه ، ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك ، وذَكَرَ قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم ، فتكلم أبو بكر فقال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . فأين هذا من زعم الظلم لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟ وروى الإمام مسلم في صحيحه أن عمر رضي الله عنه كان في مجلسه فاستأذن عليه عباس وعلي رضي الله عنهما ، فأذن لهما فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرِحهم . فقال عمر : اتئدا . أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ؟ قالوا : نعم . ثم أقبل على العباس وعلي فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟ قالا : نعم . فقال عمر : إن الله جل وعز كان خصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره . قال : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ) ثم إن الرافضة تزعم أن أبا بكر وعمر ظلما فاطمة ميراثها وها هو العباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وها هو علي رضي الله عنه زوج ابنته يُقرّان بقول النبي صلى الله عليه وسلم ويتذكّرانه يوم ذكّرهما به عُمر رضي الله عنه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ((( لا نورث ما تركناه صدقة ))) ثم إن كان الظلم وقع كما زعموا لـِـمَ لَـمْ يردّه علي رضي الله عنه يوم تولّى الخلافــة ؟؟؟ لِمَ لَمْ يَردّ الحق إلى ورثة فاطمة من زوج وأولاد ؟؟؟ أم أن علياً رضي الله عنه ظلم فاطمة بعد موتها ولم يفِ لها بحقّها الذي كان يُطالب به ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم . ولكن الرافضة قوم لا يعقلون . ومع أن أبا بكر رضي الله عنه لم يظلم فاطمة رضي الله عنه ، إلا أنه ترضّاها عند موتها رضي الله عنها حتى رضيت ، كما تقدّم . وإنما ذكرت هذا لأن الرافضة يُشنّعون به ، ويُدندنون حوله ، ويهرفون بما لا يعرفون ! وفاتها : توفيت رضي الله عنها بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر أو نحوها ، وعاشت أربعا أو خمسا وعشرين سنة وأكثر ما قيل إنها عاشت تسعا وعشرين سنة . __________________________________________ كتاب الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (7/342 – 343) عند ذكرِ الأقوالِ في مكانِ دفنِ علي بن أبي طالب : " والمقصودُ أن علياً رضي اللهُ عنه ، لما مات صلى عليه ابنُهُ الحسنُ ، فكبر عليه تسعَ تكبيراتٍ ، ودفن بدارِ الإمارةِ بالكوفةِ ؛ خوفاً عليه من الخوارجِ أن ينبشوا عن جثتهِ ، هذا هو المشهورُ . ومن قال : إنهُ حُمل على راحلتِهِ ، فذهبت به فلا يُدري أين ذهبت ؟ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم لهُ بهِ ، ولا يسيغهُ عقلٌ ولا شرعٌ ، وما يعتقدهُ كثيرٌ من جهلةِ الروافضِ من أن قبرهُ بمشهدِ النجفِ فلا دليل على ذلك ولا أصل له ، ويقالُ : إنما ذاك قبرُ المغيرةَ بنِ شعبةََ حكاه الخطيبُ البغداديُ عن أبي نعيم الحافظ ، عن أبي بكر الطلحي ، عن محمد بن عبد الله الحضرمي الحافظ ، هو مطين ، أنه قال : " لو علمت الشيعةُ قبرَ هذا الذي يعظمونه بالنجفِ لرجموهُ بالحجارةِ ، هذا قبرُ المغيرةَ بنِ شعبةَ " . وقد قيل : إن علياً دفن قبلى المسجدِ الجامعِ من الكوفةِ . http://www.4shared.com/document/qA8HHzdx/_______.html كتاب صاق سيدتنا فاطمة "> http://www.4shared.com/document/r881qBfT/___online.html عظماء أهل البيت http://www.4shared.com/document/IoihdU5z/___.html كتاب نجي كربلاء http://www.4shared.com/document/xG1kPDPs/__-__.html شهادة الامام على قالهُ الواقدي . والمشهورُ أنهُ بدارِ الإمارةِ . وقيل : بحائطِ جامعِ الكوفةِ . وقد حكى الخطيبُ البغدادي عن أبي نعيم الفضلِ بنِ دكين أن الحسنَ والحسينَ حولاه فنقلاهُ إلى المدينةِ فدفناه بالبقيعِ عند قبرِ زوجتهِ فاطمةَ أمهما . وقيل : إنهم لما حملوهُ على البعيرِ ضل منهم ، فأخذته طيئ يظنونه مالاً ، فلما رأوا أن الذي في الصندوقِ ميتٌ ، ولم يعرفوا من هو دفنوا الصندوقَ بما فيه ، فلا يعلمُ أحدٌ أين قبره . حكاه الخطيبُ أيضا . وروى الحافظُ ابنُ عساكر ، عن الحسنِ بنِ علي قال : دفنتُ علياً في حجرةٍ من دورِ آل جعدةَ . وعن عبدِ الملكِ بنِ عمير قال : لما حفر خالدُ بنُ عبدِ اللهِ أساسَ دارِ ابنهِ يزيد استخرجوا شيخاً مدفوناً أبيضَ الرأسِ واللحيةِ ، كأنما دفن بالأمس ، فهم بإحراقهِ ، ثم صرفه اللهُ عن ذلك إلى غيرهِ ، فاستدعى بقباطى فلفهُ فيها ، وطيبهُ وتركه مكانهُ . قالوا : وذلك المكانُ بحذاءِ بابِ الوراقين مما يلي قبلةَ المسجدِ في بيتِ إسكاف ، وما يكاد يقرُ في ذلك الموضعِ أحدٌ إلا انتقل منه . وعن جعفر بنِ محمد الصادق قال : صُلى على علي ليلاً ، ودفن بالكوفةِ ، وعمي موضع قبرهِ ، ولكنه عند قصرِ الإمارةِ . وقال ابنُ الكلبي : شهد دفنه في الليلِ الحسنُ والحسينُ وابنُ الحنفيةِ وعبدُ الله بنُ جعفر وغيرُهم من أهلِ بيتهم ، فدفنوه في ظاهرِ الكوفةِ وعموا قبرهُ ؛ خيفةً عليه من الخوارجِ وغيرهم .ا.هـ. وقال الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر كم كان سن علي يوم قتل ؟ قال: ثلاثا وستين سنة. قلت: أين دفن ؟ قال: دفن بالكوفة ليلا وقد غبي عن دفنه، وفي رواية عن جعفر الصادق أنه كان عمره ثمان وخمسين سنة، وقد قيل إن عليا دفن قبلي المسجد الجامع من الكوفة. وحاصل الأمر أن عليا قتل يوم الجمعة سحرا وذلك لسبع عشرة خلت من رمضان من سنة أربعين وقيل إنه قتل في ربيع الأول والأول هو الأصح الأشهر والله أعلم. ودفن بالكوفة عن ثلاث وستين سنة وصححه الواقدي وابن جرير وغير واحد، وقيل عن خمس وستين وقيل عن ثمان وستين سنة رضي الله عنه. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر. فلما مات علي رضي الله عنه استدعى الحسن بابن ملجم فقال له ابن ملجم: إني أعرض عليك خصلة قال: وما هي ؟ قال: إني كنت عاهدت الله عند الحطيم (1) أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما، فإن خليتني ذهبت إلى معاوية على أني إن لم أقتله أو قتلته وبقيت فلله علي أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك. فقال له الحسن: كلا والله حتى تعاين النار، ثم قدمه فقتله ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري (2) ثم أحرقوه بالنار، وقد قيل إن عبد الله بن جعفر قطع يديه ورجليه وكحلت عيناه وهو مع ذلك يقرأ سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى آخرها ثم جاؤوا ليقطعوا لسانه فجزع وقال: إني أخشى أن تمر علي ساعة لا أذكر الله فيها ثم قطعوا لسانه ثم قتلوه ثم حرقوه في قوصرة والله أعلم. وروى ابن جرير قال: حدثني الحارث ثنا ابن سعد عن محمد بن عمر قال: ضرب علي يوم الجمعة فمكث يوم الجمعة، وليلة السبت وتوفي ليلة الاحد لاحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة. قال الواقدي: وهو المثبت عندنا والله أعلم بالصواب. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ هَلْ صَحَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ أَوْ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : إذَا أَنَا مُتّ فَأَرْكِبُونِي فَوْقَ نَاقَتِي وَسَيِّبُونِي فَأَيْنَمَا بَرَكَتْ ادْفِنُونِي . فَسَارَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ قَبْرَهُ ؟ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ عَرَفَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْنَ دُفِنَ أَمْ لَا ؟ وَمَا كَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ ؟ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ ؟ وَمَنْ قَتَلَهُ ؟ . وَمَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ ؟ وَمَا كَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ ؟ وَهَلْ صَحَّ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبُوا ؟ وَأَنَّهُمْ أُرْكِبُوا عَلَى الْإِبِلِ عُرَاةً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ مَا يَسْتُرُهُمْ فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْإِبِلِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا سَنَامَيْنِ اسْتَتَرُوا بِهَا . وَأَنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا قُطِعَ رَأْسُهُ دَارُوا بِهِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَأَنَّهُ حُمِلَ إلَى دِمَشْقَ وَحُمِلَ إلَى مِصْرَ وَدُفِنَ بِهَا ؟ وَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ هَذَا بِأَهْلِ الْبَيْتِ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ . وَهَلْ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ مُبْتَدِعٌ بِهَا فِي دِينِ اللَّهِ ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا تَحَدَّثَ بِهَذَا بَيْنَ النَّاسِ ؟ وَهَلْ إذَا أَنْكَرَ هَذَا عَلَيْهِ مُنْكِرٌ هَلْ يُسَمَّى آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ نَاهِيًا عَنْ الْمُنْكَرِ أَمْ لَا ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ وَبَيِّنُوا لَنَا بَيَانًا شَافِيًا . الْجَوَابُ فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ تَوْصِيَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ " عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا مَاتَ أُرْكِبَ فَوْقَ دَابَّتِهِ وَتُسَيَّبُ وَيُدْفَنُ حَيْثُ تَبْرُكُ وَأَنَّهُ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ ؛ فَهَذَا كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ . لَمْ يُوصِ عَلِيٌّ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الْمَعْرُوفِينَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَنْقُلُ عَنْ بَعْضِ الْكَذَّابِينَ . وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُفْعَلَ هَذَا بِأَحَدِ مِنْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ بَلْ هَذَا مُثْلَةٌ بِالْمَيِّتِ وَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْفِعْلِ ؛ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ تَعْمِيَةَ قَبْرِهِ فَلَا بُدَّ إذَا بَرَكَتْ النَّاقَةُ مِنْ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ قَبْرٌ وَيُدْفَنَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ قَبْرٌ وَيُدْفَنَ بِهِ بِدُونِ هَذِهِ الْمُثْلَةِ الْقَبِيحَةِ وَهُوَ أَنْ يُتْرَكَ مَيِّتًا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ تَسِيرُ فِي الْبَرِيَّةِ . وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي " مَوْضِعِ قَبْرِهِ " . وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ دُفِنَ بِقَصْرِ الْإِمَارَةِ بِالْكُوفَةِ ؛ وَأَنَّهُ أُخْفِيَ قَبْرُهُ لِئَلَّا يَنْبُشَهُ " الْخَوَارِجُ " الَّذِينَ كَانُوا يُكَفِّرُونَهُ وَيَسْتَحِلُّونَ قَتْلَهُ ؛ فَإِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْخَوَارِجِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ المرادي وَكَانَ قَدْ تَعَاهَدَ هُوَ وَآخَرَانِ عَلَى قَتْلِ عَلِيٍّ وَقَتْلِ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلِ عَمْرِو بْنِ العاص ؛ فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ وَكُلَّ مَنْ لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَى أَهْوَائِهِمْ . وَقَدْ تَوَاتَرَتْ النُّصُوصُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَمِّهِمْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَهُمْ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ وَخَرَّجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ : " { يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ ؛ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنهُمْ قَتْلَ عَادٍ - وَفِي رِوَايَةٍ - أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ } " . وَهَؤُلَاءِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قِتَالِهِمْ لَكِنَّ الَّذِي بَاشَرَ قِتَالَهُمْ وَأَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ } " فَقَتَلَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالنهروان وَكَانُوا قَدْ اجْتَمَعُوا فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ : " حَرُورَاءَ " وَلِهَذَا يُقَالُ لَهُمْ الحرورية . وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَاظَرَهُمْ حَتَّى رَجَعَ مِنْهُمْ نَحْوُ نِصْفِهِمْ ثُمَّ إنَّ الْبَاقِينَ قَتَلُوا " عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خباب " وَأَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ عَلِيٌّ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ إلَى قِتَالِهِمْ وَرَوَى لَهُمْ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ وَذَكَرَ الْعَلَامَةَ الَّتِي فِيهِمْ : أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا مُخَدَّجَ الْيَدَيْنِ نَاقِصَ الْيَدِ عَلَى ثَدْيِهِ مِثْلُ الْبَضْعَةِ مِنْ اللَّحْمِ تَدَرْدُرُ . وَلَمَّا قُتِلُوا وُجِدَ فِيهِمْ هَذَا الْمَنْعُوتُ . فَلَمَّا اتَّفَقَ الْخَوَارِجُ - الثَّلَاثَةُ - عَلَى قَتْلِ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الثَّلَاثَةِ : قَتَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ " عَلِيًّا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ عَامَ أَرْبَعِينَ اخْتَبَأَ لَهُ فَحِينَ خَرَجَ لِصَلَاةِ الْفَجْرَ ضَرَبَهُ ؛ وَكَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْخُلَفَاءَ وَنُوَّابَهُمْ الْأُمَرَاءَ الَّذِينَ هُمْ مُلُوكُ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ بِالْمُسْلِمِينَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالْجُمَعَ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءَ وَالْكُسُوفَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَالْجَنَائِزِ : فَأَمِيرُ الْحَرْبِ هُوَ أَمِيرُ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ إمَامُهَا . وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ قَتْلَ " مُعَاوِيَةَ " فَقَالُوا : إنَّهُ جَرَحَهُ فَقَالَ الطَّبِيبُ : إنَّهُ يُمْكِنُ عِلَاجُك لَكِنْ لَا يَبْقَى لَك نَسْلٌ ؛ وَيُقَالُ : إنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ اتَّخَذَ مُعَاوِيَةُ الْمَقْصُورَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَاقْتَدَى بِهِ الْأُمَرَاءُ لِيُصَلُّوا فِيهَا هُمْ وَحَاشِيَتُهُمْ خَوْفًا مِنْ وُثُوبِ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فُعِلَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ مَا لَا يَسُوغُ وَكَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَقَاصِيرِ . وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ قَتْلَ " عَمْرَو بْنَ العاص " فَإِنَّ عَمْرًا كَانَ قَدْ اسْتَخْلَفَ ذَلِكَ الْيَوْمَ رَجُلًا - اسْمُهُ خَارِجَةُ - فَظَنَّ الْخَارِجِيُّ أَنَّهُ عَمْرٌو فَقَتَلَهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ : أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ فَصَارَتْ مَثَلًا . فَقِيلَ إنَّهُمْ كَتَمُوا قَبْرَ " عَلِيٍّ " وَقَبْرَ " مُعَاوِيَةَ " وَقَبْرَ " عَمْرٍو " خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْخَوَارِجِ وَلِهَذَا دَفَنُوا مُعَاوِيَةَ دَاخِلَ الْحَائِطِ الْقِبْلِيِّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ الْخَضْرَاءُ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ قَبْرَ " هُودٍ " : وَهُودٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَجِئْ إلَى دِمَشْقَ بَلْ قَبْرُهُ بِبِلَادِ الْيَمَنِ حَيْثُ بُعِثَ ؛ وَقِيلَ بِمَكَّةَ حَيْثُ هَاجَرَ ؛ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ : إنَّهُ بِدِمَشْقَ . وَأَمَّا " مُعَاوِيَةُ " الَّذِي هُوَ خَارِجُ " بَابِ الصَّغِيرِ " فَإِنَّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ الَّذِي تَوَلَّى نَحْوَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ فِيهِ زُهْدٌ وَدِينٌ . فَعَلِيٌّ دُفِنَ هُنَاكَ وَعَفَا قَبْرُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ قَبْرُهُ . ( وَأَمَّا الْمَشْهَدُ الَّذِي بِالنَّجَفِ فَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَبْرِ عَلِيٍّ بَلْ قِيلَ إنَّهُ قَبْرُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَذْكُرُ أَنَّ هَذَا قَبْرُ عَلِيٍّ وَلَا يَقْصِدُهُ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ ؛ مَعَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ : مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمِهِمْ بِالْكُوفَةِ . وَإِنَّمَا اتَّخَذُوا ذَلِكَ مَشْهَدًا فِي مُلْكِ بَنِي بويه - الْأَعَاجِمِ - بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَرَوَوْا حِكَايَةً فِيهَا : أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ يَأْتِي إلَى تِلْكَ وَأَشْيَاءَ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ .[ مجموع فتاوى ابن تيمية 1/ 398 ] ونقف مع محمد ابن الحنفية يروى قصة مقتل أمير المؤمنين علي: قال ابن الحنفية: كنت والله إني لأصلي تلك الليلة التي ضرب فيها علي في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المصر، يصلون قريبا من السدة، ما هم إلا قيام وركوع وسجود، وما يسأمون من أول الليل إلى آخره، إذا خرج علي لصلاة الغداة، فجعل ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، فما أدري أخرج من السدة، فتكلم بهذه الكلمات أم لا، فنظرت إلى بريق، وسمعت: الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك، فرأيت سيفا، ثم رأيت ثانيا، ثم سمعت عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل، وشد الناس عليه من كل جانب، قال: فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم وأدخل على علي، فدخلت فيمن دخل من الناس، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس، أنا إن مت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي [ تاريخ الطبري 6/ 62 ] . وذكر أن الناس دخلوا على الحسن فزعين لما حدث من أمر علي، فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه، إذا نادته أم كلثوم بنت علي وهي تبكي: أي عدو الله، لا بأس على أبي، والله مخزيك، قال: فعلى من تبكين؟ والله لقد اشتريته بألف، وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة على جميع أهل المصر ما بقي منهم أحد. فلما حضرته الوفاة أوصى، فكانت وصيته: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، ثم أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي بتقوى الله ربكم، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا، فإني سمعت أبا القاسم يقول: إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب، الله الله في الأيتام، فلا تُعنوا أفواههم، ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم ، مازال يوصي به حتى ظننا أنه سيورثه، والله الله في القرآن، فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم، والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم فلا تخلوه ما بقيتم، فإنه إن ترك لم يناظر، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والله الله في الزكاة، فإنها تطفيء غضب الرب، والله الله فيما ملكت أيمانكم، الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم، يكفيكم من أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى الأمر أشراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله» ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض -رضي الله عنه- في شهر رمضان سنة أربعين [ تاريخ الطبري 6/ 64 ] ، وجاء في رواية أنه قتل في صبيحة إحدى وعشرين من رمضان [ التاريخ الكبير للبخاري 1/99 ] ، وتحمل هذه الرواية على اليوم الذي فارق فيه الدنيا، لأنه بقي ثلاثة أيام بعد ضربة الشقي [ خلافة علي بن أبي طالب لعبد الحميد 439. __________________________________________ الكتاب : الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المؤلف : علي محمَّد الصَّلاَّبيِّ 5 ـ تاريخ عصر الخلفاء الراشدين : خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه شخصيته وعصره د . علي محمَّد الصَّلاَّبيِّ http://slaaby.com/ الإهداء ……إلى كل مسلم حريص على إعزاز دين الله تعالى ونصرته والدعوة إليه أهدي هذا الكتاب سائلاً المولى عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكون خالصاً لوجهه الكريم . ……قال تعالى (( … فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) (الكهف ، الآية : 110)) . بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مْسلِمُون)) (آل عمران ، الآية : 102) . ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباًْ)) (النساء ، الآية : 1) . ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) (الأحزاب ، الآية : 70 ، 71) يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، ولك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضى . أما بعد : (1/1) …هذا الكتاب امتداد لدراسة عهد النبوة والخلافة الراشدة ، لقد صدرت مجموعة من الكتب في هذا الشأن ، وهي : السيرة النبوية ، عرض وقائع وتحليل أحداث ، الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي بكر الصديق ، وفصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وتيسير الكريم المنان في سيرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، وأسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، لقد سميت هذا الكتاب ، خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب ، شخصيته وعصره ، ويتحدث هذا الكتاب عن أمير المؤمنين الحسن من مولده حتى استشهاده ، فيبدأ بالحديث عن إسمه ونسبه وكنيته وصفته ولقبه ، وتسمية رسول الله له ، وتأذين رسول الله في أذنيه وحلق شعر رأسه ، وعقيقته ، ومرضعته أم الفضل رضي الله عنها وعن زواجه وزوجاته والروايات التي حولهنَّ ، وبيان حقيقة الروايات التي تزعم بأن الحسن رضي الله عنه كان مزواجاً مطلاقاً ، كما يتحدث الكتاب عن أولاده ، وأخوانه وأخواته ، وأعمامه وعماته ، وأخواله وخالاته ، وعن والدته السيدة فاطمة رضي الله عنها ، عن مهرها وجهازها وزفافها ، ووليمة عرسها ، ومعيشتها وزهدها وصبرها ، ومحبة رسول الله لها وغيرته عليها وصدق لهجتها وسيادتها في الدنيا والآخرة ، وبين الكتاب العلاقة بين الصديق والسيدة فاطمة ، وميراث النبي صلى الله عليه وسلم . حقيقة علاقة السيدة فاطمة مع أبي بكر رضي الله عنه ، وعن وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها ، وفصل الكتاب مكانة السيد الحسن عند جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فأشار إلى محبة رسول الله ورحمته بالحسن وملاعبته والدروس المستفادة من هدي النبي في التعامل مع الأطفال ، كتقبيلهم والرأفة والرحمة بالأطفال ومداعبتهم وممازحتهم وأهمية الهدايا والعطايا التي تقدم لهم ، وحسن استقبالهم وتفقد أحوالهم والسؤال عنهم واللعب معهم ، وتكلم الكتاب عن الأحاديث التي أشارت إلى شبه الحسن (1/2) بن علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وكون الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : هما ريحانتاي من الدنيا ، وعن إعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم على الملأ عن كون الحسن السيد ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين ، وذكرت الأحاديث التي رواها الحسن بن علي عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونقلت وصف رسول الله ، كما رواه الحسن ، وذكرت ما جاء في فضائله ، كآية التطهير وحديث الكساء ، وناقشت آية التطهير ومناط الاختلاف بين أهل السنة والشيعة في هذه الآية ، وبينت التفسير الصحيح للآية على منهج علماء خير القرون ومن سار على هديهم ، وذكرت آية المباهلة ووفد نصارى نجران وبينت علاقة ذلك بالحسن ، وأشرت إلى أثر التربية الأسرية على الحسن بن علي رضي الله عنه وأثر الواقع الاجتماعي على تربيته . وأفردت مبحثاً مستقلاً عن حياة الحسن في عهد الخلفاء الراشدين ، فتكلمت عن مكانة الحسن في عهد الصديق وأهم الأحداث التي أثرت في ثقافته في عصر أبي بكر وماذا إستفاد من ذلك العهد الزاهر ، وكذلك في عهد عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً ، وتحدثت عن استيعاب الحسن للفقه الراشدي في نظام الحكم ومفاهيم الإسلام وعلاقته الحميمة بالخلفاء الراشدين ، وتعرضت لمعركة الجمل وصفين وموقف الحسن منها وتحدثت عن استشهاد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ووصية أمير المؤمنين علي للحسن والحسين رضي الله عنهما ، ونهي أمير المؤمنين علي عن المثلة بقاتله ، وخطبة الحسن بعد استشهاد أبيه ، وعن استقبال معاوية رضي الله عنه خبر مقتل علي رضي الله عنه ، وعن بيعة الحسن وشرطه في البيعة وبطلان قضية النص على خلافته ، وإنما اختارته الأمة على وفق نظام الشورى المعروف ، وتكلمت عن مدة خلافة أمير المؤمنين الحسن ومعتقد أهل السنة في خلافته وأثبت بأن خلافته كانت خلافة راشدة حقة لأن مدته في الحكم كانت تتمة لمدة (1/3) الخلافة الراشدة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً ، فقد روى الترمذي بإسناده إلى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك(1) ، وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال : إنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول في سنة إحدى وأربعين ، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليماً(2)، وبذلك يكون الحسن خامس الخلفاء الراشدين(3) ، وعند الإمام أحمد من حديث سفينة أيضاً بلفظ : الخلافة ثلاثون سنة ثم يكون بعد ذلك الملك(4) ، وعند أبي داود بلفظ : خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتى الله الملك من يشاء أو ملكه من يشاء(5) ، ولم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن ، وقد قرر جمع من أهل العلم عند شرحهم لقوله صلى الله عليه وسلم الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ، أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة ومكملة لها ، وهذه بعض أقول أهل العلم : __________ (1) سنن الترمذي مع شرحها ، تحفة الأحوذي (6/395 ـ 397) حديث حسن . (2) البداية والنهاية (11/134) . (3) مآثر الأنافة (1/105) ، مرويات خلافة معاوية ، خالد الغيث صـ 155 . (4) فضائل الصحابة (2/744) إسناده حسن . (5) صحيح سنن أبي داود (3/779) ، سنن أبي داود (2/515) . (1/4) 1 ـ قال القاضي عياض : رحمه الله : لم يكن في الثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة ، والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي والمراد في حديث : الخلافة ثلاثون سنة : خلافة النبوة فقد جاء مفسراً في بعض الروايات : خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً(1) . 2 ـ وقال أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية : وكانت خلافة أبي بكر الصديق سنتين وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشرة سنين ونصفاً وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي أربعة سنين وتسعة أشهر ، وخلافة الحسن ستة أشهر(2) . 3 ـ وقال ابن كثير : والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في دلائل النبوة(3) من طريق سفينة مولى رسول الله قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، وإنما كلمت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي(4) . 4 ـ وقال ابن حجر الهيثمي : هو آخر الخلفاء الراشدين بنص جده صلى الله عليه وسلم ، ولي الخلافة بعد مقتل أبيه بمبايعة أهل الكوفة فأقام بها ستة أشهر وأياماً ، خليفة حق وإمام عدل وصدق تحقيقاً لما أخبر به جده الصادق المصدوق بقوله : الخلافة بعدي ثلاثون سنة(5) ، فإن تلك الستة أشهر هي المكملة لتلك الثلاثين(6) ، فهذه بعض أقوال أهل العلم في كون الحسن أحد الخلفاء الراشدين ، فأهل السنة يعتقدون أن خلافة الحسن ، كانت خلافة حقة وأنها جزء مكمل لخلافة النبوة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ثلاثين سنة(7) . __________ (1) شرح النووي على صحيح مسلم (12/201) . (2) شرح الطحاوية صـ 545 . (3) البداية والنهاية (11/134) . (4) المصدر نفسه (11/134) . (5) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (2/397) . (6) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/748) . (7) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/748) . (1/5) هذا وقد بينت بأن هناك خطباً نسبت للحسن لا تصلح ، وذكرت أقوال أهل العلم في بعض الكتب ، ككتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ، والذي يعتبر من الكتب التي شوّهت تاريخ صدر الإسلام ، وهذا الكتاب ، كتاب أدب وسمر وغناء ومجون وليس كتاب علم وتاريخ وفقه وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ ، وقد نقلت أقوال أهل العلم في الأصفهاني ، وعدم ثقتهم فيه وتضعيفه واتهامه في نقله ، وأثبت بالحجج والبراهين والدراسة العلمية أن هذا الكتاب لا يصلح أساساً كمصدر للعلم أو مرجعاً للبحث في الأدب والتاريخ ، ولقد كان لهذا الكتاب أثر كبير في تشويه تاريخنا ولذلك وجب التحذير منه ، ومن الكتب التي ساهمت في تشويه تاريخ الصحابة بالباطل ، كتاب نهج البلاغة ، فهذا الكتاب مطعون في سنده ومتنه فقد جمع بعد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بثلاثة قرون ونصف بلا سند ، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصاً فيما يوافق بدعته فكيف إذا لم يسند كما فعل في النهج ؟ وأما المتهم بوضع النهج فهو أخوه علي ، وقد بينت أقوال العلماء في نهج البلاغة . إن كتاب نهج البلاغة يجب الحذر منه في الحديث عن الصحابة ومن أراد الاستفادة منه فعليه أن يعرض المسائل العقائدية والأحكام الشرعية ، وما يتعلق بالصحابة الكرام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما وافق الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة عند علماء المسلمين ، فلا مانع من الاستئناس به وما خالف فلا يلتفت إليه ، فكتاب الأغاني ونهج البلاغة وغيرها من الكتب الواهية لا يمكن لطالب علم يحترم الحقيقة العلمية والموضوعية والحيادية أن يعتمد عليها في البحث التاريخي الجاد الذي يراد به وجه الله تعالى . (1/6) هذا وقد تتبعت أهم صفات الحسن وحياته في المجتمع وأثبتت بأن شخصيته تعتبر شخصية قيادية فذّة وأنه رضي الله عنه اتصف بصفات القائد الرباني ، فمن أهم الصفات التي أشرت إليها بعد نظره ، واستيعابه للأحداث الجارية حوله ، وقدرته على قيادة الجماهير ، وعزيمة قوية في تنفيذ الأهداف المرسومة وقد اتضحت هذه الصفات عند حديثنا عن مشروعه الإصلاحي العظيم بالإضافة إلى بعض الصفات الأخرى . كالعلم بالكتاب والسنة ، والعبادة الخاشعة ، وزهده الكبير في السلطة وأمور الدنيا ، وإنفاقه وكرمه وجوده وسخاؤه الذي لا يميز بين غني وفقير ، أو صغير وكبير ، أو قريب أو بعيد ، فقد كانت نفسه مجبولة على البذل والعطاء والكرم والسخاء في مرضاة الله تعالى ، وكأن هذه الشخصية العظيمة مراد الشاعر : … ……إني لتُطربني الخلال كريمة ………………طرب الغريب بأوبة وتلاقِ ………ويهزُّني ذكرُ المروءة والندى ………………بين الشمائل هِزةَ المشتاق ………فإذا رُزِقتَ خليقة محمودة ………………فقد اصطفاك مقسم الأرزاق ………فالناس هذا حظه مال ، وذا ………………علم وذاك مكارم الأخلاق ومن صفاته التي تحدثت عنها حلمه ، وتواضعه ، وسيادته وشرحت مفهوم صفة السيادة من خلال سيرة الحسن ، وبأن السيادة لا تكون بالقهر وسفك الدماء ، أو إهدار الأموال والحرمات ، بل السيادة بصيانتها وإزالة البغضاء والشحناء ، فصلحه وحقنه لدماء المسلمين بلغ فيه رضي الله عنه ذروة السيادة . (1/7) وعشت مع الحسن في حياته مع المجتمع ، وكيف كان يرد على المعتقدات الفاسدة ؟ ويهتم بقضاء حوائج الناس ، ويغار على نسبه النبوي الشريف ، ومعاملته لمن يسئ إليه ، وحسن خلقه بين الناس ، وبعده عن فضول الكلام ، وتحدثت عن ثناء سادة المجتمع الإسلامي عليه ، وجمعت جملة من أقواله وخطبه ومواعظه وشرحتها لكي نستفيد منها في حياتنا المعاصرة وأفردت مبحثاً عن أهم الشخصيات التي كانت حوله واخترت قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي ، فهو أول ما بايع الحسن وهو من دهاة عصره ، ومن أهم القيادات في جيش الحسن ، وعبيد الله بن عباس بن عبد المطلب فهو من قادة جيوشه وولاة أبيه وقد تعرض في بعض كتب التاريخ للتشويه بالزور والبهتان ولذلك اخترته وبينت حقيقة مواقفه ، ومن الشخصيات التي كانت حول الحسن ويعتبر من مستشاريه الكبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقد استشاره الحسن في الصلح مع معاوية ، فشجعه ودفعه إلى ذلك ، فقد رأيت أن أترجم لهذه الشخصيات المهمة ، وهذا ينسجم مع منهجي في الدراسة الذي يهتم بسيرة الحسن وعصره والشخصيات المؤثرة فيه ، ومن خلال دراسة هذه الشخصيات ، يمكننا الوصول إلى بعض معالم روح ذلك العصر . (1/8) ووقفت مع صلح الحسن واعتبرته مشروعاً إصلاحياً عظيماً ولذلك قمت بطرحه وفق هذه الرؤية التي وضعها الحسن وقام بتنفيذها ، فذكرت أهم المراحل التي مرّ بها الصلح وماذا حدث في كل مرحلة ، وتأملت في أهم أسباب الصلح ودوافعه ، كرغبة الحسن فيما عند الله ، وحرصه على حقن دماء المسلمين ووحدة الأمة ، وتحقيق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرها من الدوافع والأسباب ، وقد قمت بتوضيح أقوال الحسن التي كانت سبباً ودافعاً له على الصلح والتي تدل على فهمه العميق لمقاصد الشريعة الغراء . وتحدثت عن شروط الصلح التي تمت بين الحسن ومعاوية ، والنتائج التي ترتبت عليه ، وبرهنت بالأدلة التاريخية أن الحسن رضي الله عنه تنازل عن الخلافة لمعاوية من موقف قوة ، وليس كما يزعم بعض المؤرخين . وتظهر عظمة الحسن بن علي من خلال تصرفاته ومواقفه في حياته والتي من أهمها تصوره للمشروع الإصلاحي وقدرته الفذة على التنفيذ ، فكم من الناس يملكون تصورات ونظريات إصلاحية ولكنهم يعجزون على إسقاطها في دنيا الناس . (1/9) وقد ناقشت بعض الأكاذيب التاريخية في هذا الكتاب مثل زعم بعض المؤرخين أن الدولة الأموية في عهد معاوية عممت على منابرها شتم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، فأثبتت بالبراهين والأدلة ، والشواهد الصحيحة على بطلان هذه الفرية والتي التقطها بعض كتاب التاريخ دون إخضاعها للنقد والتحليل حتى صارت عند بعض المتأخرين من المسلمات التي لا مجال لمناقشتها وهي دعوة مفتقرة إلى صحة النقل وسلامة السند من الجرح والمتن من الاعتراض ، ومعلوم وزن مثل هذه الدعوى عند المحققين والباحثين الجادين ، علماً بأن التاريخ الصحيح يثبت احترام وتقدير معاوية لأمير المؤمنين على وأهل بيته الأطهار ، كما بينت حقيقة التهم التي ألصقتها بعض كتب التاريخ بمعاوية واتهامه وابنه بدس السم للحسن وأثبت بأن ذلك لا يثبت من حيث السند والمتن معاً ومضيت مع الحسن بعد استقراره في المدينة وبعدما أصبح إمام ألفة الأمة ، وقطب دائرتها وزعيم وحدتها بدون منافس قال الشاعر : ………في روض فاطمة نما غصنان لم ………………لم ينجبهما في النيِّران سواها ………فأمير قافلة الجهاد وقطب دائرة ………………الوئام والاتحاد أبناها ………حسن الذي صان الجماعة بعدما ………………أمس تفرقها يحلُّ عراها ………ترك الإمامة ثم أصبح في الديار ………………إمام ألفتها وحسن عُلاها وأشرت إلى صلة الحسن بمعاوية رضي الله عنهما ، بعد الصلح ، والأيام الأخيرة من حياته ووصيته للحسين رضي الله عنهما ، وتفكره في ملكوت الله ، واحتسابه نفسه عند الله ثم استشهاده ودفنه في البقيع بالمدينة رضي الله عنه . (1/10) إن سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه توضح لنا أهمية امتلاك القائد لرؤية مستقبلية يسير على هداها مستعيناً بالله ، فالحسن ملك الرؤية الإصلاحية والقدرة على التنفيذ ، مع وضوح المراحل ، والأسباب والشروط والنتائج ومعرفة العوائق وكيفية التعامل معها وترك لنا معالم نيرة في فقه الخلاف ، والمصالح والمفاسد ، ومقاصد الشريعة ، والمفاوضات ، والتغلب على أهواء النفوس وأمراضها ابتغاء ما عند الله ، فالأسر الحاكمة ، والأحزاب الناشطة ، والمؤسسات القائمة ، والحركات الإسلامية والجمعيات الهادفة في عالمنا الإسلامي الكبير في أشد الحاجة لفقه مدرسة الحسن في رأب الصدع ،وتوحيد الصف ، وحقن الدماء وجمع الكلمة ، فالحسن خليفة راشد والاقتداء به والإهتمام بفقهه أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي(1) . __________ (1) سنن أبي داود (4/201) ، سنن الترمذي (5/44) حسن صحيح . (1/11) إن الباحث ليستغرب من ضعف وجود فقه الحسن في ذاكرة الأمة ، كما أنه يتعجب من اختزل فقهه ومشروعه الإصلاحي العظيم في ثقافتنا ، فنهضة الشعوب من عوامل نجاحها الالتفاف إلى ماضيها لخدمة حاضرها واستشراف مستقبلها ، فالتاريخ ـ كما هو معروف ـ ذاكرة الأمة ، ومستودع تجاربها ومعارفها وهو عقلها الظاهر والباطن وخزانة قيمها ومآثرها وأساس شخصيتها الغائرة في القدم والممتدة مع الزمن وله صلى الله عليه وسلم سيرة لمّا تستكشف أعماقها ولخلفائه الراشدين تاريخ حافل عظيم ، ولأمته تاريخ يزهو على تاريخ الأمم والشعوب والدول ، فعلينا أن نستفيد من هذا التاريخ العريق ونستخرج منه الدروس والعبر والمواعظ والسنن ، ونستوعب فقه الحضارات ، ونستلهم من القصص القرآني ، والهدي النبوي والبعد التاريخي ، رؤية شاملة لنهضة أمتنا بما يتلاءم مع حاضرنا كي تقوم بدورها الحضاري المنشود في هداية الناس ، ويتأكد للقرون الباقية من عمر الدنيا أن رسالة الإسلام الخالدة التي بعث بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم تفن ولن تفنى وإن القرآن الكريم هو كلمة الحق الباقية إلى يوم الدين ، وعلينا أن ننظر بعيوننا في أمورنا قبل أن نحتاج إليها لكي نبكي بها طويلاً . (1/12) هذا وقد حرصت بقدر الاستطاعة على تناول شخصية أمير المؤمنين الحسن من جوانبها المتنوعة ، فحياته ، صفحة مشرقة في تاريخ الأمة وهو من الأئمة الذين يتأسى الناس بهديهم وبأقوالهم وأفعالهم في هذه الحياة ، فسيرته من أقوى مصادر الإيمان والعاطفة الإسلامية الصحيحة والفهم السليم لهذا الدين فنتعلم من سيرته ، فقه الخلاف ، والمصالح والمفاسد ومقاصد الشريعة ، والاستعلاء على حظوظ النفوس ، وكيف نعيش مع القرآن الكريم ، ونهتدي بهديه ونقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعمق في قلوبنا فقه القدوم على الله من خلال أقواله وأفعاله وأثر هذه العلوم في حياة الأمة ، ونهوضها وقيامها بدورها الحضاري المنشود ، فلذلك اجتهدت في دراسة شخصيته وعصره حسب وسعي وطاقتي ، غير مدع عصمة ، ولا متبرئ من زلة ، ووجه الله الكريم لا غيره قصدت ، وثوابه أردت ، وهو المسؤول في المعونة عليه ، والانتفاع به إنه طيب الأسماء وسميع الدعاء . هذا وقد انتهيت من سلسلة تاريخ عصر الخلفاء الراشدين في 21/صفر/1425 الموافق 11/4/2004م الساعة العاشرة إلا ربع ليلاً والفضل لله من قبل ومن بعد وأسأله البركة والقبول ، وأن يكرمنا برفقة النَّبيين والصِّديقين والشهداء والصالحين ، قال تعالى : ((مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (فاطر ، الآية : 2) . وبهذا الكتاب أضع سلسلة عصر الخلفاء الراشدين بين يدي قارئها ، ولا أدَّعي الكمال فيها ، قال النَّاظم : ……وما بها من خطأ ومن خلل ……………أذنت في إصلاحه لمن فعل ……لكن بشرط العلم والإنصاف ……………فذا وذا من أجمل الأوصاف ……والله يهدي سُبل السلام ……………سبحانه بحبله اعتصامي (1/13) فلله الحمد على ما منَّ به عليَّ أولاً وآخراً ، وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذه السلسلة التاريخية لوجهه خالصة ، ولعباده نافعة ، وأن يثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي ، وأن يثيب إخواني الذين أعانوني بكافَّة ما يملكون من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع ، ونرجو من القارئ الكريم أن لا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه في صالح دعائه ((رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)) (النمل ، الآية : 19) . وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . ………………الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ……………… ورحمته ورضوانه …………… علي محمد محمد الصَّلاَّبيِّ …………… 21/صفر/1425هـ الاخوة : القراء الكرام يسر المؤلف أن تصله ملاحظاتكم حول هذا الكتاب وغيره من كتبه من خلال دور النشر ، ويطلب من إخوانه الدعاء في ظهر الغيب بالإخلاص والصواب ، ومواصلة المسيرة في خدمة تاريخ أمتنا . الفصل الأول الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه منذ ولادته حتى خلافته : المبحث الأول : اسمه ونسبه وكنيته وصفته وأسرته في عهد النبوة : أولاً : اسمه ونسبه وكنيته : هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي(1) ، المدني الشهيد(2) ، فهو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا وهو سيد شباب أهل الجنة ، فهو ابن السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبوه أمير المؤمنين علي رصي الله عنه ، وحفيد أم المؤمنين خديجة وخامس الخلفاء الراشدين . ثانياً : مولده وتسميته ولقبه : وفقه النبي في تسمية المواليد : __________ (1) سير أعلام النبلاء (3/246) . (2) المصدر نفسه (3/246) . (1/14) ولد رضي الله عنه وأرضاه في رمضان سنة ثلاث من الهجرة النبوية على الصحيح ، وقيل : ولد في شعبان ، وقيل : ولد بعد ذلك قال الليث بن سعد : ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي في شهر رمضان من ثلاث ، وولدت الحسين في ليال خلون من شعبان سنة أربع(1) ، وقال البرقي أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم : ولد الحسن في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة النبوية(2) ، ومثله قاله ابن سعد في طبقاته(3) ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لما ولد الحسن سميته حرباً فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ ، قلنا : حرباً قال : بل هو حسين . فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فقال : بل هو محسّن ، ثم قال : إني سميتهم بولد هارون : شبر وشبير ومشبّر(4) ، وقد فرح رسول الله بهذا المولود الجديد وسارع الناس بتهنئة الأبوين بهذا السبط المبارك ، وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يسرعون في زف البشرى لأهل المولود الجديد وقد ثبت عن الحسن البصري تهنئة لطيفة يقول فيها : بورك لك في الموهوب وشكرت الواهب ورزقت برّه وبلغ أشده ، ونلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سمى الحسن والحسين رضي الله عنهما عدل بهما عن مسميات قبل الإسلام وما تدل عليه أسماؤها من القتال وسفك الدماء فاختار لهما أكرم الأسماء وأجل المعاني(5) ، وقد وصف الحسن رضي الله عنه بالسيد ولقبه بهذا اللقب جده الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الصحيح : إن ابني __________ (1) نسب قريش (1/23) الدوحة النبوية صـ 71 . (2) الذرية الطاهرة للدولابي صـ 69 . (3) الطبقات (1/226) . (4) مسند أحمد (1/98 ، 118) صحيح ابن حبان (15/410) إسناد الحديث صحيح . (5) الحسن بن علي ودوره السياسي ، فيتخان كردي صـ 16 . (1/15) هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين(1) ونتعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم قيمة مهمة في حياتنا وهي الحرص على اختيار أجمل وأحسن الأسماء لأبنائنا وهذا توجيه للآباء والأمهات على اختيار الاسم الحسن في اللفظ والمعنى في قالب النظر الشرعي واللسان العربي ، فيكون : حسناً ، عذباً على اللسان ، مقبولاً للأسماع ، يحمل معنى شريفاً كريماً ، ووصفاً صادقاً ، خالياً مما دلت عليه الشريعة على تحريمه أو كراهته ، مثل : شوائب التشبه والمعاني الرِّخوة ومعنى هذا أن لا يختار الأب المسلم اسماً إلا وقد قلب النظر في سلامة لفظه ومعناه على علم ووعي وإدراك ، وإن يستشير بصيراً في سلامته ممّا يُحْذَرُ ، فهو أسلم وأحكم ، ومن الجاري قولهم : حق الولد على والده أن يختار له أماً كريمة وأن يسميه اسماً حسناً ، وأن يورثه أدباً حسناً وقد بين العلماء أن للأسماء المشروعة رتب ومنازل وهي مستحبة وجائزة وهي على الترتيب كالآتي : __________ (1) البخاري (2/306) . (1/16) 01 استحباب التسمية بهذين الأسمين : عبد الله وعبد الرحمن وهما أحب الأسماء إلى الله تعالى ، كما ثبت الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأسماء المتضمنة العبودية لله في معانيها وميزة هذه الأسماء ، أنها أصدق تعبير على حقيقة عبودية الإنسان لربه وفقره وذله له ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال : إن أحب أسمائكم إلى الله : عبد الله وعبد الرحمن(1) ، وذلك لاشتمالهما على وصف العبودية . وقد خصّها الله في القرآن ، بإضافة العبودية إليهما دون سائر أسمائه الحسنى ، وذلك في قوله تعالى : "وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا" (الجن، آية : 19) وقوله تعالى : "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ" (الفرقان ، آية : 63) ، وجمع بينهما في قوله تعالى : "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى" (الإسراء ، آية : 110) وقد سمّي النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمّه العباس : عبد الله رضي الله عنهما وفي الصحابة رضي الله عنهم نحو ثلاثمائة رجل كل منهم اسمه عبد الله ، وبه سُمي أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة ، عبد الله بن الزبير(2) . 3 ـ التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله : لأنهم سادات بني آدم وأخلاقهم أشرف الأخلاق ، وأعمالهم أزكى الأعمال ، فالتسمية بأسمائهم تذكر بهم وبأوصافهم وأحوالهم وقد أجمع العلماء على جواز التسمية بهم ، ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث سمى ابنه إبراهيم ، وأفضل أسماء الأنبياء : اسم نبينا ورسولنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين أجمعين(3) . __________ (1) مسلم رقم 2132 (2) تسمية المولود ، بكر عبد الله أبو زيد 33 . (3) تسمية المولود صـ 35 ، 36 . (1/17) 4 ـ التسمية بأسماء الصالحين من المسلمين : وصحابة رسول الله إلى يوم الدين وقد كان لصحابة رسول الله نظر لطيف في ذلك ، فهذا الصحابي ، الزبير بن العوام رضي الله عنه يسمي أولاده ـ وهم تسعة ـ بأسماء بعض شهداء بدر رضي الله عنهم ، وهم : عبد الله ، المنذر ، عروة ، حمزة ، جعفر ، مصعب ، عبيدة وخالد . 5 ـ ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفاً صادقاً للإنسان : بشروطه وآدابه واسم المولود يكتسب الصفة الشرعية متى توفرت فيه ، وهذه شروط منه : أن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعاً ، ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه إما في لفظه أو معناه أو فيهما كليهما وإن كان جارياً في نظام العربية ، كالتسمي بما معناه التزكية ، أم المذمة أو السبُّ ، بل يسمى بما كان صدقاً وحقاً(1) وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك . وقد دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية : 1 ـ اتفق المسلمون على أنّه ، يحرم كل اسم معبد لغير الله مثل عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد عليِّ ، عبد الحسين ، عبد الأمير ـ يعني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ عبد الصاحب ، فالخلق كلهم مهما علوا فهم عباد خاضعون ذليلون فقراء لله ، والله تعالى هو المستحق وحده للعبادة ، فلا ينبغي التسمية بالتعبيد لغير الله من خلقه . __________ (1) المصد نفسه صـ 39 . (1/18) 2 ـ التسمية بالأسماء الأعجمية المولّدة للكافرين الخاصة بهم والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها وقد عظمت الفتنة بها في زماننا ، فيلتقط اسم الكافر من أوربا ، وأمريكا وغيرها ، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان ، ومنها : بطرس ، جرجس ، جورج ، ديانا .. وغيرها . وهذا التقليد للكافرين في التسمِّي بأسمائهم ، إن كان مجرّد هوى وبلادة ذهن ، فهو معصية كبيرة وإثم(1) ، وقد فصل الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه تسمية المولود فمن أراد الزيادة والتوسع فليراجعه(2) . ثالثاً : تأذين رسول الله في أذن الحسن : لما ولد الحسن أذن رسول صلى الله عليه وسلم في أذنيه بالصلاة كما روي ذلك عن أبو رافع(3) ، والسر في ذلك وحكمته كما قال الدهلوي : ـ رحمه الله ـ : 1 ـ الأذان من شعائر الإسلام . 2 ـ إعلام الدين الإسلامي . 3 ـ ثم لا بد من تخصيص المولود بذلك الأذان بأن يصوت في أذنه . 4 ـ علمت أن من خاصية الأذان أن يفر منه الشيطان ، والشيطان يؤذي الولد في أول نشأته ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من مولد يولد إلا والشيطان يمسه فيستهل صارخاً من مس الشيطان(4) إلا مريم وابنها(5) ، وثبت قوله صلى الله عليه وسلم : إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين(6) . وأضاف ابن القيم ـ رحمه الله ـ أسراراً أخرى للتأذين فقال : __________ (1) تسمية المولود ، بكر بن عبد الله بن زيد صـ 47 . (2) تسمية المولود ، بكر بن عبد الله بن زيد صـ 47 . (3) سنن أبي داود (5105) إسناده ضعيف فيه عاصم بن عبيد الله ، ضعفه ابن معين وقال البخاري : منكر الحديث كما في الكاشف 2530 . (4) حجة الله البالغة (2/385) . (5) البخاري (5/196) رقم 4548 . (6) البخاري (1/170) رقم 608 . (1/19) 5 ـ أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام ، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله الدنيا ، كما يلقن التوحيد عند خروجه منها . 6 ـ وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به ، وإن لم يشعر مع ما في ذلك فائدة أخرى وهي : 7 ـ هروب الشيطان من كلمات الأذان ، وهو كان يرصده حتى يولد ، فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها ، فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به . 8 ـ وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته ، سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم(1) ، وهكذا نتعلم من هدى النبي صلى الله عليه وسلم ، استحباب الأذان في أذن المولود اليمنى ثم تقام الصلاة في الأذن اليسرى ، وبذلك يكون أول ما يلامس أذنيه الدعوة إلى الركن الركين في هذا الدين بعد توحيد رب العالمين(2) . رابعاً : تحنيك المولود : __________ (1) منهج التربية النبوية للطفل ، محمد سويد نقلاً عن تحفة المودود لابن القيم صـ 54 تحقيق فوّاز أحمد زمزلي . (2) موسوعة تربية الأجيال المسلمة ، نصر العنقري صـ 66 . (1/20) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالصبيان ، فيبرك عليهم ويحنكهم(1) ، فمن باب أولى أن يكون صلى الله عليه وسلم برك على الحسن وحنكه ، يقول النووي ـ رحمه الله ـ معلقاً على قول عائشة رضي الله عنها : فيبرك عليهم أي يدعو لهم ويمسح عليهم وأصل البركة ثبوت الخير وكثرته ، وقولها : فيحنكهم : قال أهل اللغة التحنيك أن يمضغ التمر أو نحوه ثم يدلك به حنك الصغير(2) والتحنك يكون عقب التأذين إن أمكن ذلك ، ويفضل إن أمكن أن يقوم بالتحنيك رجل صالح ، وفي ذلك تأسي بالصحابة الكرام حيث حرصوا على إرسال أبنائهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحنكهم ، ويستخدم في التحنيك التمر ، فإن لم يوجد فشئ حلو ، وسبب ذلك : 1 ـ لأن التمر مثل حليب الأم ، يحمل جميع الفيتامينات التي يحتاجها جسم الغلام . 2 ـ الغلام الصغير يولد بحاسة التذوق ، فإذا استخدمت معه التمر تنبهت هذه الحاسة وحرك لسانه وفمه ، فكان بذلك أقدر على التقام ثدي أمه عند الرضاع . 3 ـ المعدة تمتص السكريات بسرعة فائقة ، وبذلك لا يشكل التحنيك أي معاناة معوية للغلام(3) . يقول الدكتور فاروق مساهل ـ مجلة الأمة القطرية عدد (50) في مقالته تحت عنوان ـ إهتمام الإسلام بتغذية الطفل معلقاً على حديث التحنيك ما نصه ـ والتحنيك بكل المقاييس معجزة نبوية طبية مكثت البشرية أربعة عشر قرناً من الزمان لكي تعرف الهدف والحكمة من ورائها ، فلقد تبين للأطباء أن كل الأطفال الصغار وخاصة حديثي الولادة والرضع معرضون للموت لو حدث أحد أمرين : ـ إذا نقصت كمية السكر في الدم بالجوع . ـ إذا انخفضت درجة حرارة أجسامهم عند التعرض للجو البارد المحيط بهم(4) خامساً : حلق شعر رأس الحسن رضي الله عنه : __________ (1) مسلم (1/237) رقم 286 . (2) شرح النووي على صحيح مسلم . (3) موسوعة تربية الأجيال المسلمة صـ 68 . (4) منهج التربية النبوية صـ 64 . (1/21) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن فاطمة حلقت حسناً وحسيناً يوم سابعمها فوزنت شعرهما فتصدقت بوزنه فضة(1) ، والأحاديث في هذا الباب صحيحة بمجموع طرقها(2) . وقال الشيخ الدهلوي ـ رحمه الله ـ معلقاً على الحديث : السبب في التصدق بالفضة ، أن الولد لما انتقل من الجنينية إلى الطفلية كان ذلك نعمة يجب شكرها وأحسن ما يقع به الشكر ما يؤذن(3) أنه عوضه ... وأما تخصيص الفضة فلأن الذهب أغلى ولا يجده إلا غني وسائر المتاع ليس له بال بزنة شعر المولود(4) . سادساً : العقيقة : __________ (1) الطبقات ، الطبقة الخامسة (1/231) إسناده مرسل . (2) موسوعة تربية الأجيال صـ 72 . (3) يؤذن : يشعر . (4) حجة الله البالغة (2/385) . (1/22) عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً(1) ، وفي رواية : كبشين كبشين(2) ، وعن أبي رافع : أن حسن بن عليّ لمّا ولد أرادت أمُّه أن تَعُقَّ عنه بكبشين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تعُقي عنه ، ولكن أحْلِقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق ، ثم ولد الحسين ، فصنعت مثل ذلك(3) وإنما صرفها صلى الله عليه وسلم عن العقيقة لتحمُّله عنها ذلك لا تركاً بالأصالة . يدل عليه حديث عليِّّ رضي الله عنه : عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن (بشاة) وقال : يا فاطمة أحْلقي رأسه وتصدَّقي بزنة شعره فضَّة ، فوزنّاه فكان وزنُه درهماً أو بعض درهم خرَّجه الترمذي(4) ، وقد روي عن فاطمة أنَّها عقَّت عنهما وأعطت القابلة فخذ شاة وديناراً واحداً(5) ، ولعل فاطمة باشرت الإعطاء ، وكان ممّا عق به صلى الله عليه وسلم عن الحسن يوم سابعه بكبشين أمْلَحَين ، وأعطى القابلة الفخذ ، وحلق رأسه وتصدَّق بزنة الشعر ، ثم طلى رأسه بيده المباركة بالخَلُوق(6) ثم قال : يا أسماء ، الدم مِنْ فعل الجاهلية . فلمّا كان بعد حول ولد الحسين(7) . إن للعقيقة فوائد جمة منها ، أنها قربان عن المولود يقدم إلى الله مع خروج الغلام إلى الدنيا وبذلك تقدم الشكر على ما أنعم الله عليك وغير ذلك من الفوائد وقد قال الشيخ الدهلوي ـ رحمه الله ـ : يستحب لمن وجد الشاتين أن ينسك بهما عن الغلام وذلك لما عندهم أن الذكران أنفع لهم من الإناث فتناسب زيادة الشكر وزيادة __________ (1) سنن أبي داود في الأضاحي رقم 2841 في إسناده ضعف . (2) سنن النسائي (7/166) باب كم يعق عن الجارية إسناده صحيح . (3) مسند أحمد (6/392) في إسناده ضعف . (4) سنن الترمذي رقم 1519 حسن غريب إسناده ليس متصل . (5) تحفة المودود صـ 55 لابن القيم . (6) الخلوق : ضرب من الطيب . (7) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لأبي العباس الطبري صـ 207 . (1/23) التنويه أما سبب الأمر بالعقيقة فهو أن العرب كانوا يعقون عن أولادهم ، وكانت العقيقة أمراً لازماً عندهم وسنة مؤكدة وكان فيها مصالح كثيرة راجعة إليه المصلحة الملية والمدنية والنفسية فأبقاها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمل بها ورغب الناس فيها إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ غيّر في تقاليدها ، فعن بريدة رضي الله عنه قال : كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة ولطخنا رأسه بدمها ، فلما كان الإسلام كنا إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة وحلقنا رأسه ، ولطخنا رأسه بزعفران(1) وهذا من الفقه النبوي فإنه لما رأى عادة فيها منفعة للناس مشوبة ببعض الانحراف ـ تلطيخ رأس المولود بالدم ـ فلم يبحها مطلقاً بدعوى حاجة الناس إليها وفي نفس الوقت لم يمنعها مطلقاً بسبب ما فيها من انحراف وإنما حافظ على ما يحقق الناس في هذه العادة وأكده ونهى عن العادة الجاهلية وحرمها وهذه حكمة نبوية جديرة بالاهتمام والتأمل . سابعاً : ختان(2) الحسن بن علي رضي الله عنه : عن جابر رضي الله عنه : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عّقَّ عن الحسن والحسين ، وختنهما لسبعة أيام(3) ، وعن محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسين لسبعة أيام(4) ، والختان من أمور الفطرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه : الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الأبط(5) . __________ (1) المستدرك للحاكم (4/238) صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي . (2) الختان : لغة قطع القلفة أي الجلدة التي على رأس الذكر . (3) سنن البيهقي (8/324) إسناده ضعيف . (4) البخاري (7/184) رقم 6297 . (5) مسلم رقم 257 . (1/24) والختان صبغة الحنيفية ، فهو للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد عند عباد الصليب ، فهم يطهرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعمودية ، ويقولون الآن صار نصرانياً ، فشرع الله سبحانه للحنفاء صبغة الحنيفية ، وجعل ميسمها الختان(1) ، فقال عز من قال : ((صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)) (البقرة ، الآية : 138)) والمقصود أن صبغة الله هي الحنفية التي صبغت القلوب بمعرفته ومحبته والإخلاص له وعبادته وحده لا شريك له ، وصبغة الأبدان بخصال الفطرة من الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط والمضمضة والاستنشاق والسواك والاستنجاء فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء وأبدانهم(2) ، ومن اللطائف الفقهية في أمر الختان ما ذكره الخطابي : أما الختان فإنه وإن كان مذكوراً في جملة السنن فإنه عند كثير من العلماء على الوجوب ، وذلك أنه شعار الدين ، وبه يعرف المسلم من الكافر إذا وجد المختون بين جماعة قتلى غير مختونين صلى عليه ودفن في مقابر المسلمين(3) . ثامناً : مرضعة الحسن بن علي أم الفضل رضي الله عنهما : عن أم الفضل قالت : قلت يا رسول الله رأيت في المنام كأن عضواً من أعضائك في بيتي أو قالت في حجرتي فقال : تلد فاطمة غلاماً إن شاء الله فتكفلينه قالت : فجئت به يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فبال على ظهره فدحيت(4) في ظهره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلاً يرحمك الله أوجعت ابني . فقلت : إدفع إليّ إزارك فأغسله فقال : لا ، صُبِّي عليه الماء فإنَّه يُصَبُّ على بوْل الغلام ويغسل بول الجارية(5) . __________ (1) المصدر نفسه صـ 153 . (2) موسوعة تربية الأجيال صـ 75 . (3) منهج التربية النبوية للطفل 69 . (4) لطمته بيدها في رواية أخرى . (5) المستدرك (1/166) وصححه ووافقه الذهبي ، وهناك من ضعفه . (1/25) وأم الفضل هي امرأة العباس بن عبد المطلب اسمها لُبَابَة بنت الحارث الهلالية وهي لبابة الكبرى ، أسلمت قبل الهجرة(1) ، وقال ابن سعد : أم الفضل أوّلُ امرأة آمنت بعد خديجة(2) . وروتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي عنها أبنَاهَا عبد الله وتمام ، وعُمير بن الحارث مولاها وكُريب مولى ابنها وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل وآخرون وأخرج الزبير بن بكار وغيره ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : الأخوات الأربع مؤمنات : أم الفضل ، وميمونة ، وهي شقيقة أم الفضل ، وأما أسماء وسلمى فأختاهما من أبيهما وهما بنتا عُميس الخثعمية(3) وأم الفضل خالة خالد بن الوليد رضي الله عنه(4) ، فأم خالد هي لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية(5) . وكان يقال عن والدة أم الفضل بأنها أكرم الناس أصهار ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، والعبّاس تزوج أختها شقيقتها لُبابة أم الفضل ، وحمزة تزوج أختها سلمى ، وجعفر بن أبي طالب شقيقتها أسماء ، ثم تزوجها بعده أبو بكر الصديق ثم تزوجها بعده على بن أبي طالب(6) رضي الله عنهم جميعاً وقد قال ابن عمر : كانت من المنجبات وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها(7) ، وفي الصحيح أن الناس شكُّوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن فشرب وهو بالموقف فعرفوا أنه لم يكن صائماً(8) ، وتحكى لنا أم الفضل رضي الله عنها عن آخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قرأ في المغرب بسورة ((وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا)) (المرسلات ، الآية : 1) . فقالت __________ (1) الطبقات لابن سعد (8/277) . (2) المصدر نفسه (8/277) . (3) موسوعة عظماء حول الرسول ، خالد العك (3/2162) . (4) سيرة آل بيت النبي الأطهار ، مجدي فتحي صـ 31 . (5) الاستيعاب رقم الترجمة 610 . (6) الإصابة في تمييز الصحابة (8/450) . (7) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/1908) . (8) البخاري ، ك الحج رقم 1661 . (1/26) : يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة ، إنها آخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها المغرب(1) ، وعاشت أم الفضل إلى خلافة أبي بكر الصديق وخلافة الفاروق من بعده وفي أثناء خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعاً توفيت قبل زوجها العباس(2) رضي الله عنهما وقد ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم وهم : الفضل وبه كانت تُكنى ويُكْنى زوجها العباس أيضاً ـ أبو الفضل ـ وعبد الله الفقيه ، وعبيد الله الفقيه ، ومعبد ، وقُتم ، وعبد الرحمن وأم حبيبة سابعة ـ وفي أم الفضل هذه يقول عبد الله بن يزيد الهلالي : ……ما ولدت نجيبة مِنْ فحل …………………بَجَبلٍ نعلمه وسَهْل ……كستةٍ من بطن أمِّ الفضل …………………أُكرِمْ بها من كهلة وكَهْلِ ……عم النبي المصطفى ذي الفضل …………………وخاتم الرسل وخير الرسل(3) تاسعاً : زواج الحسن وزوجاته والروايات التي حولهن : وقد ذكر المؤرخون أن من زوجاته ، خولة الفزازية ، وجعدة بنت الأشعث ، وعائشة الخثعمية ، وأم اسحاق بنت طلحة بنت عبيد الله التميمي ، أم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري ، وهند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأم عبد الله وهي بنت الشليل بن عبد الله أخو جرير البجلي وامرأة من بني ثقيف وامرأة من بني عمرو بن أهيم المنقري ، وامرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة وربما تجاوز هذا العدد بقليل ، وهو كما ترى لا يمت إلى الكثرة المزعومة بصلة بعرف ذلك العصر وأما ما رواه رواة الأثر ، في كونه تزوج سبعين وفي بعض الروايات تسعين والبعض الآخر مائتين وخمسين والبعض الآخر ثلاثمائة وروي غير هذا إلا أنه من الشذوذ بمكان وهذه الكثرة المزعومة موضوعة : وأما الروايات فهي كالتالي : __________ (1) البخاري رقم 767 . (2) الإصابة في تمييز الصحابة (8/451) . (3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/1908) . (1/27) 1 ـ الرواية الأولى : فقد ذكرها ابن أبي الحديد وغيره(1) ، وقد أخذوها عن علي بن عبد الله البصري الشهير بالمدائن المتوفى 225هـ وهو من الضعفاء الذين لا يعول على أحاديثهم ، فقد امتنع مسلم من الرواية عنه في صحيحه(2) ، وضعفه ابن عدي في الكامل فقال فيه ليس بالقوي الحديث وهو صاحب الأخبار قل ما له من الروايات المسندة(3) . 2 ـ الرواية الثانية فهي مرسلة : والمرسل من أنواع الضعيف . 3 ـ وأما الرواية الثالثة والرابعة : فقد ذكرها صاحب قوت القلوب لأبي طالب المكي وهو لا يعول على مؤلفة وعلى كل حال فالرقم القياسي لكثرة أزواج أمير المؤمنين الحسن مستندة إليه ومأخوذة عنه وقد اشتهر أبو طالب المكي بالزهد والوعظ وذكر في القوت أشياء منكرة(4) ، وذكر في كتابه أحاديث لا أصل لها(5) ، فقد جاء في كتابه قوت القلوب : وتزوج الحسن بن علي مائتين وخمسين ، وقيل ثلاثمائة ، وكان علي يضجر من ذلك ويكره حياءً من أهلهن إذ طلقهن ، وكان يقول : إن حسناً مطلق فلا تنكحوه ، فقال له رجل من همدان : والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء ، فمن أحب أمسك ، ومن كره فارق فسرّ علي بذلك وأنشأ يقول : ……لو كنت بواباً على باب جنة …………………لقلت لهمدان ادخلوا بسلام ... وكان الحسن ربما عقد له أربعة وربما طلق أربعة(6) ، فهذه روايات لا تصح ولا تثبت وبالتالي لا يعول عليها . وقد جاءت قصص في أسانيدها ضعف شديد تتعلق بزواج الحسن منها : __________ (1) حياة الإمام الحسن بن علي (2/445 إلى 460) . (2) ميزان الاعتدال (3/138) . (3) لسان الميزان (4/252) . (4) لسان الميزان (5/339) . (5) البداية والنهاية (11/341) . (6) قوت القلوب (1/246) . (1/28) 1 ـ عن الهذلي ، عن ابن سيرين قال : كانت هند بنت سهيل بن عمرو(1) عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد(2) وكان أبا عُذرتها(3) ، فطلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز(4) ، ثم طلقها ، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن بن علي فقال : أين تريد ؟ قال : أخطب هند بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية ، قال أذكرني لها ، فأتاها أبو هريرة ، فأخبرها الخبر فقالت : خِرْلي ، قال : أختار لك الحسن . فتزوجها ، فقدم عبد الله بن عامر المدينة ، فقال للحسن : إن لي عندها وديعة فدخل إليها والحسن معه وجلست بين يديه فَرَقّ ابن عامر فقال الحسن : ألا أنزل لك عنها ، فلا أراك تجد محللاً(5) خيراً لكما مني فقال : وديعتي ، فأخرجت سفطين فيهما جواهر ففتحهما ، فأخذ من واحد __________ (1) هند بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس أسلم أبوها عام الفتح وكانت عند حفص بن عبد زمعة وولدت له ثم خلف عليها عبد الرحمن بن عتاب ثم عبد الله بن عامر ثم خلف عليها حسين بن علي هكذا في نسب قريش صـ 420 (2) عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد كان والده والي مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عبد الرحمن مع علي يوم الجمل وقتل في المعركة أنظر أنساب قريش صـ 193 . (3) العُذرة : البكارة ، وقال ابن الأثير : العذرة ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض وجارية عذراء بكر لم يمسها رجل ، ويقال : فلان أبو عذرتها إذا كان أول من افترعها وافتضها ، لسان العرب مادة عذر (4/551) . (4) عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة من بني عبد شمس ابن خال عثمان بن عفان ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجزم ابن حبان أن له رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت سيرته في عتابي عثمان بن عفان صـ 319 . (5) المحلل هو : الذي يتزوج امرأة قد بانت من زوجها الأول بقصد تحليلها للزوج الأول وقد جاء النهي عن ذلك كما في الحديث : لعن الله المحلل والمحلل له انظر : الإرواء رقم 1897 . (1/29) قبضة وترك الباقي فكانت تقول : سيدهم جميعاً الحسن وأسخاهم ابن عامر ، وأحبهم إليّ عبد الرحمن بن عتاب(1) ، وهذه القصة في إسنادها الهذلي وهو أخباري متروك الحديث وقال الذهبي مجمع على ضعفه(2) . 2 ـ عن سحيم بن حفص الأنصاري ، عن عيسى بن أبي هارون المزني ، قال تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر(3) ، وكان المنذر بن الزبير هَوِيَها ، فأبلغ الحسن عنها فطلقها الحسن فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني ، فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب(4) فتزوجها فرقى إليه المنذر أيضاً شيئاً فطلقها ، ثم خطبها المنذر فقيل لها : تزوجيه ، فيعلم الناس أنه كان يعضهك(5) ، فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها ، فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل عليها ، فدخل فكانت إلى عاصم أكثر نظراً منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث ، فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها ، وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر ، فقال الحسن يوماً لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن(6) ، وحفصة عمته هل لك في العقيق(7) ؟ قال نعم ، فخرجا فمرا على منزل حفصة ، فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلاً ثم خرج ، ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق ؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة(8) __________ (1) الطبقات الكبرى ، الطبعة الخامسة من الصحابة (1/303) . (2) ديوان المتروكين والضعفاء صـ 352 . (3) حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر روت عن عمتها عائشة وخالتها أم سلمة ، (4) عاصم بن عمر بن الخطاب من تابعي أهل المدينة توفي 70هـ تقريب التهذيب (1/385) . (5) العَضَةُ والعِضَةُ والعضهية : البهيتة وهي : الإفك والبهتان . (6) والنميمة ، وأن يقول في المرء ما لم يكن فيه لسان العرب (13/515) . (7) العقيق : وادي بناحية المدينة فيه مزارع وبساتين . (8) الطبقات الكبرى الطبقة الخامسة من الصحابة (1/307) . (1/30) ؟ ، وفي إسناد هذا الحديث رجال لا توجد لهم ترجمة في كتب الجرح والتعديل ويكفي في ضعفه نكارة متنه(1) . 3 ـ حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قال علي : ما زال الحسن يتزوج ويطلق حتى خشيت أن يورثنا عداوة القبائل(2) ، وهذا الأثر مرسل ضعيف(3) . إن الروايات التاريخية التي تشير إلى الأعداد الخيالية في زواج الحسن بن علي رضي الله عنه لا تثبت من حيث الإسناد وبالتالي لا تصلح للإعتماد عليها نظراً للشبه والطعون التي حامت حولها ، ويؤيد افتعال تلكم الكثرة أمور منها : 1 ـ إنها لو صحت لكان للحسن بن علي رضي الله عنه من الأولاد جمع غفير يتناسب معها والحال الذي ذكر لها اثنان وعشرون ولداً ما بين ذكر وأنثى ، وهذا العدد يعتبر طبيعي بالنسبة لذلك العصر ويتناقض كلياً مع تلك الكثرة ولا يلتقي معها بصلة . __________ (1) المصدر نفسه (1/305) . (2) المصدر نفسه (1/301) . (3) المصدر نفسه (1/301) . (1/31) 2 ـ ومما يدل على وضع ذلك وعدم صحته ما روي أن أمير المؤمنين رضي الله عنه كان يصعد المنبر ويقول : لا تزوجوا الحسن فإنه مطلاق ، كما ذكر ذلك صاحب قوت القلوب(1) ، فنهي أمير المؤمنين الناس عن تزويج ولده على المنبر لا يخلو إما أن يكون قد نهى ولده عن ذلك فلم يستجب له حتى اضطر إلى الجهر به وإلى نهي الناس عن تزويجه ، وإما أن يكون ذلك النهي ابتداء من دون أن يعرف ولده الحسن بغض والده وكراهية أبيه لذلك ، وكلا الأمرين بعيدان كل البعد أما الأول ، فهو بعيد لأن الحسن رضي الله عنه كان باراً بأبيه ولا يخالفه ولا يعصي أمره ، وأما الثاني ، فبعيد أيضاً لأن الأولى بأمير المؤمنين أن يعرّف ولده ببغضه وكراهته لذلك ولا يعلن ذلك على المنبر أمام الجماهير الحاشدة ، مما يسبب اضطراب في العلاقات الأسرية بين الوالد وولده ومضافاً إلى ذلك أن الأمر إما أن يكون سائغاً شرعاً أو ليس بسائغ فإن كان سائغاً فما معنى نهي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وإن لم يكن سائغاً ، فكيف يرتكبه الحسن ؟ إنا لا شك في افتعال هذا الحديث ووضعه من خصوم الحسن بن علي رضي الله عنه ليشوهوا بذلك سيرته العاطرة(2) والتي توجت بمساعيه في وحدة الأمة ، وهذه عادة الرواة الكذبة في تشويه سيرة المصلحين وتاريخ الأمة ومن هنا تتضح أهمية علم الجرح والتعديل والحكم على الروايات والدور العظيم الذي قام به علماء الحديث في بيان زيف مثل هذه الأخبار ولذلك ننصح الباحثين في تاريخ صدر الإسلام الاهتمام بنقد مثل هذه الروايات حتى يميزوا صحيحها من سقيمها فيقدموا للأمة خدمة جليلة ولا يتورطوا مثل ما تورط فيه بعض السادة الذين لا نشك في نواياهم بسبب اعتمادهم في بحوثهم على الروايات الضعيفة والموضوعة . __________ (1) قوت القلوب (2/246) . (2) حياة الأمام الحسن (2/451) . (1/32) 3 ـ ومما يؤيد افتعال تلك الكثرة لأزواجه ما روي أن الحسن بن علي رضي الله عنه لما وافاه الأجل المحتوم خرجت جمهرة من النسوة حافيات حاسرات خلف جنازته وهن يقلن نحن أزواج الإمام الحسن . إن افتعال ذلك صريح واضح ، فأنا لا نتصور ما يبرر خروج تلك الكوكبة من النسوة حافيات حاسرات ، وهن يهتفن أمام الجماهير بأنهن زوجات الحسن ، فإن كان الموجب لخروجهن إظهار الأسى والحزن ، فما الموجب لهذا التعريف والسير في الموكب المزدحم بالرجال مع أنهن قد أمرن بالتستر وعدم الخروج من بيوتهن إن هذا الأثر وأمثاله لا يصح ولا يثبت من حيث الإسناد ومن الأخبار الموضوعة التي تشابه تلك الأخبار ما رواه محمد بن سيرين ، أن الحسن رضي الله عنه تزوج بامرأة فبعث لها صداقاً مائة جارية مع كل جارية ألف درهم(1) . ويستبعد أن يعطي الحسن بن علي رضي الله عنه هذه الأموال الضخمة مهراً لإحدى زوجاته ، فإن ذلك لون من ألوان الإسراف والتبذير وهو منهي عنه في الإسلام ، فقد أمر بالاقتصار على مهر السنة ، وسبب ذلك تسهيل أمر الزواج لئلا يكون فيه إرهاق وعسر على الناس ، ومن المؤكد أن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يخالف سنة جده صلى الله عليه وسلم ولا يسلك أي مسلك يتنافى مع شريعته ، إن هذا الحديث وأمثاله من الموضوعات تؤيد وضع كثرة الأزواج ، وتزيد في الافتعال وضوحاً وجلاءً وعلى أي حال ، فليس هناك دليل يثبت كثرة أزواج الحسن بن علي رضي الله عنه سوى تلكم الروايات ، ونظراً لما ورد عليها من الطعون فلا تصلح دليلاً للإثبات(2) ، ولمعرفة كيف يستفيد الأعداء من الروايات الضعيفة والباطلة ننقل ما قاله المستشرق لامنس عن زواج الحسن بن علي رضي الله عنه ، وألصق به التهم وطعن برجاله وحماته وقد كتب عن أزواج الحسن بن علي رضي الله عنه ما نصه : ولما تجاوز ـ يعني الحسن ـ الشباب ، وقد أنفق __________ (1) البداية والنهاية (11/197) . (2) حياة الإمام الحسن بن علي (2/452) . (1/33) خير سني شبابه في الزواج والطلاق فأحصى له حوالي المائة زوجة ، وألصقت به هذه الأخلاق السائبة لقب المطلاق ، وأوقعت علياً في خصومات عنيفة وأثبت الحسن كذلك أنه مبذر كثير السرف ، وقد خصص لكل من زوجاته مسكناً ذا خدم وحشم ، وهكذا نرى كيف يبعثر المال أيام خلافة علي التي اشتد عليها الفقر(1) . لقد اعتمد المستشرق الانجليزي لامنس في قوله : إن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان كثير الزواج والطلاق على روايات موضوعة وآثار واهية وزاد عليها ، لامنس ، فذكر من البهتان والأكاذيب بما لم يقل به أحد غيره فقد قال : 1 ـ إنه ألقى أباه في خصومات عنيفة بسبب كثرة زواجه وطلاقه ولم يشر أحد ممن ترجم لأمير المؤمنين علي أو الحسن رضي الله عنهما إلى تلك الخصومات العنيفة التي زعمها المستشرق لامنس . 2 ـ وذكر أن أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه خصص لكل من زوجاته مسكناً ذا خدم وحشم ، مع أن جميع المؤرخين الذين اطلعت عليهم لم ينقلوا ذلك ، وهذا من الكذب السافر والافتراء المحض . إن لجان التنصير المسيحي التي حاربت الإسلام وبغت عليه هي التي تدفع هذه الأقلام المأجورة وتزج بها للنيل من الإسلام ، وإلى تشويه واقعه والحط من قيم رجاله وأعلامه الذين أناروا الطريق للركب الإنساني ، ورفعوا منار الحضارة في العالم(2) . عاشراً : أولاده : __________ (1) دائرة المعارف (7/400) (2) حياة الأمام الحسن بن علي (2/455) . (1/34) وأما ذريته الشريفة ، فهم : الحسن ، وزيد ، وطلحة ، والقاسم ، وأبو بكر ، وعبد الله ، وقد قتل هؤلاء مع عمهم الحسين الشهيد بكربلاء ، وعمرو ، وعبد الرحمن ، والحسين ، ومحمد ، ويعقوب ، وإسماعيل ، وحمزة ، وجعفر ، وعقيل ، وأم الحسين ، ولم يعقب من ذريته إلا الحسن ، وزيد ، فللحسن المثنى خمسة أولاد أعقبوا وفيه العدد والبيت ، وأمه خولة بنت منظور الفزارية ، ولزيد ابن هو الحسن بن زيد ، فلا عقب له إلا منه ، وأم زيد أم بشر بنت أبي مسعود الأنصاري البدري . وقد ولى إمرة المدينة لأبي جعفر المنصور وهو والد السيدة نفيسة ، وله : القاسم ، وإسماعيل ، وعبد الله ، وإبراهيم ، وزيد ، وإسحاق ، وعلي ، رضي الله عنهم أجمعين(1) ، وهذه سيرة مختصرة لبعض أولاد الحسن . 1 ـ زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب : رضي الله عنه : أمه أم بشير بنت أبي مسعود وهو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية فولد زيد بن حسن محمداً هلك لا بقية له وأمه أم ولد ، وحسن بن زيد ولي المدينة لأبي جعفر المنصور وأمه أم ولد ، ونفيسة بنت زيد تزوجها الوليد بن عبد الملك بن مروان فتوفيت عنده وأمها لُبابة بنت عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم . وأخبرنا محمد بن عمر قال : أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الموال قال : رأيت الناس ينظرون إليه ويعجبون من عُظْم خلقه ويقولون : جده رسول الله صلى الله عليه وسلم . __________ (1) جمهرة أنساب العرب لابن حزم صـ 98 ، 39 ، وسير أعلام النبلاء (3/279) الدوحة النبوية الشريفة صـ 100 . (1/35) وأخبرنا محمد بن عمر قال : أخبرني عبد الله بن أبي عُبيدة قال : ردفت أبي يوم مات زيد بن حسن ومات ببطحاء ابن أزهر على أميال من المدينة فحُمل إلى المدينة ، فما أوفينا على رأس الثنية بين المنارتين طُلع بزيد بن حسن في قبة على بعير ميتاً وعبد الله بن حسن يمشي أمامه قد حزم وسطه بردائه ليس على ظهره شئ فقال لي أبي : يا بُني أنزل وأمسك بالركاب ، فوالله لئن ركبت وعبد الله يمشي لا تُبلني عنده بالة أبداً ، فركبت الحمار ونزل أبي فمشى فما زال يمشي حتى أدخل زيداً داره ببني حُديلة ، فغسل ثم أخرج به على السرير إلى البقيع(1) . 2 ـ حسن بن حسن بن علي بن أي طالب : وأمه خولة بنت منظور الفزازية ، وولد حسن بن حسن محمداً وأمه رملة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل بن عبد العُزى ، وعبد الله بن حسن مات في سجن أبي جعفر ، وإبراهيم بن حسن مات في السجن أيضاً مع أخيه ، وزينب بنت حسن تزوجها الوليد بن عبد الملك بن مروان ثم فارقها ، وأم كلثوم بنت الحسن وأمهم فاطمة بنت حسين بن علي بن أبي طالب ، وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن تيم ، وجعفر بن حسن وداود وفاطمة وأم القاسم وهي قسيمة ، ومُليكة وأمهم أم ولد تُدعى حبيبة فارسية كانت لآل أبي أبس من جديلة ، وأم كلثوم بنت حسن لأم ولد(2). __________ (1) طبقات ابن سند (5/318 ، 319) . (2) سيرة آل بيت النبي الأطهار ، مجدي فتحي السيد صـ 312 . (1/36) ومن مواقف الحسن بن الحسن قوله لرجل ممن غلو في أهل البيت : ويحكم أحبونا لله فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله ، فأبغضونا . قال فقال له رجل : إنكم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته . فقال : ويحك لو كان الله مانعاً بقرابة من رسول الله أحداً بغير طاعة الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أباً وأماً ، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين وإني لأرجو أن يؤتي المحسن منا أجره مرتين . ويلكم اتقوا الله وقولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضى به منكم . ثم قال : لقد أساء بنا آباؤنا إن كان هذا الذي تقولون من دين الله ثم لم يُطلعونا عليه ولم يُرغبونا فيه . قال فقال له الرافضي : ألم يقل رسول الله عليه السلام لعلي من مولاه فعلي مولاه ؟ فقال أما والله أن لو يعني بذلك الإمرة والسلطان لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ولقال لهم الناس هذا وليكم من بعدي ، فإن أنصح الناس كان للناس رسول الله ، ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو كان الأمر كما تقولون إن الله ورسوله اختارا علياً لهذا الأمر والقيام بعد النبي عليه السلام إن كان لأعظم الناس في ذلك خطئه وجُرماً إذ ترك ما أمره به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقوم فيه كما أمره أو يعذر فيه إلى الناس(1) وهكذا يتبين موقف أهل البيت في محاربتهم للغلو . الحادي عشر : إخوانه وأخواته : ونتحدث عن ترجمة مختصرة عن أشقائه من أولاد السيدة فاطمة رضي الله عنها : 1 ـ الحسين بن علي رضي الله عنه : __________ (1) طبقات ابن سعد (5/319 ، 320) . (1/37) هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب ، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وريحانته ومحبوبه ، وابن بنت رسول الله ، فاطمة رضي الله عنها ، كان مولده سنة 4 هـ ، وقيل غير ذلك ومات رضي الله عنه قتيلاً شهيداً ، في يوم عاشوراء من شهر المحرم سنة إحدى وستين هجرية بكربلاء من أرض العراق فرضي الله عنه وأرضاه(1) ، وقد وردت في مناقبه وفضائله أحاديث كثيرة منها : أ ـ ما رواه أحمد بإسناده إلى يعلي العامري رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني إلى طعام دعوا له قال : فاستمثل رسول الله أمام القوم ، وحسين مع غلمان يلعب ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه فطفق الصبي يفر هنا مرة وهاهنا مرة ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه قال : فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ووضع فاه وقبله وقال : حسين مني وأنا من حسين اللهم أحب من أحب حسيناً حسين سبط من الأسباط(2) ، وفي ذلك منقبة ظاهرة للحسين رضي الله عنه إذ حث على محبته وكأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصه بالذكر وأكد على وجوب المحبة وحرمة التعرض له ومحاربته وأكد ذلك بقوله : أحب الله من أحب حسيناً ، فإن محبته تؤدي لمحبة رسول الله ومحبة الرسول تؤدي إلى محبة الله(3) . ب ـ ومنها ما رواه البخاري بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أتى عبيد الله بن زياد(4) ، برأس الحسين عليه السلام فجعل في طست فجعل ينكث وقال في حسنه شيئاً فقال أنس كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوباً بالوسمة(5) . __________ (1) البداية والنهاية (8/152) الإصابة (1/331 ، 334) . (2) فضائل الصحابة رقم 1361 إسناده حسن . (3) تحفة الأحوذي (10/279) . (4) قتل عبيد الله عام 76هـ الإعلام (4/193) . (5) الوسمة : شجر باليمن يخضب بورقه الشجر ، البخاري رقم 3748 . (1/38) ت ـ وفي رواية أخرى عن أنس أيضاً قال : لما أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكث بالقضيب ثناياه يقول لقد كان أحسبه قال جميلاً فقلت والله لأسؤنك إني رأيت رسول الله يلثم حيث يقع قضيبك قال فانقبض(1) 2 ـ مُحَسَّن بن علي بن أبي طالب : لا نعرفه إلا في الحديث الذي يرويه هاني بن هاني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لمَّا ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سمّيته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت سميته حرباً ، قال : بل هو حسين . فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت حرباً ، قال : بل هو محسَّن ثم قال : إني سمّيتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشُبَيْر ومشبّر(2) . والظاهر أنه مات طفلاً(3) ، ويتبين لنا من هذه الرواية الصحيحة أن محسن مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يبطل مزاعم الغلاة والكذابين في رواياتهم الكاذبة الذين يزعمون أن عمر ضرب فاطمة وأسقط ابنها . 3 ـ أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنها : __________ (1) فضائل الصحابة (2/985) رقم 1197 إسناده حسن . (2) مسند أحمد (1/98) إسناده صحيح . (3) التبيين في أنساب القرشيين لابن قدامة المقدسي 133 . (1/39) زوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته من فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم من الفاروق حينما سأله زواجها منه رضي الله عنه بما يطلب ، وثقة فيه وإقراراً لفضله ومناقبه ، واعترافاً بمحاسنه وجمال سيرته وإظهاراً بأن بينهم من العلاقات الوطيدة الطيبة والصلات المحكمة المباركة ما يحرق قلوب الحساد من أعداء الأمة المجيدة ، ويرغم أنوفهم(1) ، وقد ولدت أم كلثوم بنت علي من عمر رضي الله عنه ابنة سميت "رقية" وولد سمته زيداً ، وقد روى أن زيد بن عمر حضر مشاجرة في قوم من بني عدي بن كعب ليلاً فخرج إليهم زيد بن عمر ليصلحهم فأصابته ضربة شجت رأسه ومات من فوره ، وحزنت أمه لقتله ووقعت مغشياً عليها من الحزن فماتت من ساعتها ، ودفنت أم كلثوم وابنها زيد بن عمر في وقت واحد ، وصلى عليهم عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قدمه الحسن بن علي بن أبي طالب وصلّى خلفه(2) ، وقد فصلت سيرتها في كتابي عن عمر بن الخطاب . 4 ـ زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما : ولدت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عاقلة لبيبة جزلة زوَّجها أبوها ابن أخيه عبد الله بن جعفر ، فولدت له أولاداً ، وكانت مع أخيها لما قتل ، فحملت إلى دمشق(3) . ومن أشهر إخوانه من أبيه : 5 ـ محمد بن الحنفيّة : __________ (1) الشيعة وأهل البيت صـ 105 . (2) أسد الغابة (7/425) ونساء أهل البيت منصور عبد الحكيم صـ 185 . (3) الإصابة في تمييز الصحابة (8/167) . (1/40) وكانت أمه من سبي بني حنيفة ، اسمها خولة بنت جعفر وكان فاضلاً عالماً ذا علم ودين وعبادة ، وكان حامل راية أبيه يوم الجمل ، وكان قوياً ، وحكيماً ومما روي من كلامه أنه قال : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بُداً حتى يجعل الله له فرجاً ومخرجاً وقال : إن الله تعالى جعل الجنة ثمناً لأنفسكم ، فلا تبيعوها بغيرها : وقال من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر . وقال : كل مالا يبتغي به وجه الله يضمحل توفي سنة ثلاث وتسعين هجرية(1) . الثاني عشر : أعمامه وعماته : وهذه نبذة مختصرة عن أعمامه وعماته : 1 ـ طالب بن أبي طالب : هلك مشركاً بعد غزوة بدر ، وقيل إنه ذهب فلم يرجع ، ولم يُدْرَ له موضع ولا خبر ، وهو أحد الذين تاهوا في الأرض ، وكان محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله فيه مدائح وكان خرج إلى بدر كرهاً ، وجرت بينه وبين قريش حين خرجوا إلى بدر محاورة فقالوا : والله يا بني هاشم لقد عرفنا ـ وإن خرجتم معنا ـ أن هواكم مع محمد ، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع ، وقال شعراً وقصيدة ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وبكى فيها أصحاب قليب بدر(2) . __________ (1) التبيين في أنساب القرشيين صـ 136 . (2) الجوهرة في نسب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المرتضى للندوي صـ 23 . (1/41) 2 ـ عقيل بن أبي طالب : فكان يكن أبا يزيد ، تأخر إسلامه إلى عام الفتح ، وقيل أسلم بعد الحديبية ، وهاجر في أول سنة ثمان ، وكان أسر يوم بدر ففداه عمّه العباس ، ووقع ذكره في الصحيح في مواضع كثيرة وشهد غزوة مؤتة ولم يسمع له ذكر في الفتح وحنين ، كأنه كان مريضاً ، أشار إلى ذلك ابن سعد لكن روى الزبير بن بكار بسنده إلى الحسين بن علي ، أن عقيلاً كان ممن ثبت يوم حنين ومات في خلافة معاوية وفي تاريخ البخاري الأصغر بسند صحيح أنه مات في أول خلافة يزيد قبل الحرة(1) ، وعمره ست وتسعون سنة(2) . 3 ـ جعفر بن أبي طالب : فهو أحد السابقين إلى الإسلام ، وكان يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمونه ويحدثهم ويحدثونه ، وهاجر إلى الحبشة ، فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه ، ولقد تحدثت عنه في كتابي السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ـ واستشهد بمؤتة من أرض الشام مقبلاً غير مدبر(3) . 4 ـ أم هاني بنت أبي طالب : ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل اسمها فاختة ، وقيل اسمها فاطمة وقيل هند ، والأول أشهر وكانت زوج هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي وكان له منها عمرو ، وبه كان يكنى وفي فتح مكة أجارت أم هاني رجلين من بني مخزوم ، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجرنا من أجرت يا أم هاني وروت أم هاني عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب الستة وغيرها(4) ، قال الترمذي وغيره : عاشت بعد علي رضي الله عنه(5) . __________ (1) الإصابة في تمييز الصحابة (2/494) . (2) المرتضى للندوي صـ 24 . (3) المرتضى صـ 24 . (4) المرتضى صـ25 . (5) الإصابة في تمييز الصحابة (9/317 ـ 318) . (1/42) 5 ـ جُمانة بنت أبي طالب : هي أم عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ذكرها ابن سعد في ترجمة أمها فاطمة بنت أسد وأفردها في باب بنات عم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ولدت لأبي سفيان بن الحارث ابنة جعفر بن أبي سفيان بن أبي طالب ، وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ثلاثين وسقاً(1) . الثالث عشر : أخواله وخالاته : أم أخواله فقد ماتوا وهم صغار ولم يبلغ أحد منهم إلى سن البلوغ ، وهم القاسم ، وإبراهيم وزاد الزبير بن بكار عبد الله ـ وسمي بالطيّب والطاهر ـ لأنه ولد بعد النبوة(2) وعليه أكثر علماء النسب ، وقيل : إن الطيّب ، والطاهر ولدان آخران . ولكن عبد الله والطيب والطاهر قد ماتوا بمكة بإجماع العلماء(3) ، وجميع أولاده صلوات الله وسلامه عليه من خديجة بنت خويلد ، إلا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية التي أهداها له مقوقس مصر ، عندما أرسل له الدعوة إلى الإسلام في السنة السادسة من الهجرة ، وكان صلى الله عليه وسلم يكنَّى عليه الصلاة والسلام بأبي القاسم ، وقد قيل : أنه أكبر أولاده وأول من مات منهم ، ولد بمكة قبل النبوة ، ومات صغيراً ، وقيل : بل عاش حتى بلغ سن التمييز ، فقيل : إنه بلغ المشي(4) ، وقيل : بلغ أن يركب الدابة ويسير على النجيبة(5) ، وأما خالاته فزينب ، ورقية ، وأم كلثوم رضي الله عنهن . 1 ـ زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : __________ (1) الإصابة (4/259/260) المرتضى صـ 27 . (2) الدوحة النبوية الشريفة صـ 31 . (3) الاستيعاب (4/281) . (4) الدوحة النبوية الشريفة صـ 31 ، الذرية الطاهرة للدواليبي صـ 42 . (5) الدوحة النبوية الشريفة صـ 31 (1/43) أكبر خالات الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه زينب وأدركت الإسلام ، وهاجرت ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محباً لها ، وقد كانت أول بناته زواجاً ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان أبو العاص بن الربيع من رجال مكة المعدودين ـ مالاً وتجارة وأمانة ـ وهو ابن أخت خديجة ، أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة لأمها وأبيها فقالت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي ، وكانت خديجة تعده بمنزلة ولدها ، فلما أكرم الله تعالى نبيه بنبوته آمنت خديجة وبناتها رضي الله عنهن ، فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً بأمر الله تعالى ، أتوا بالعاص بن الربيع ، فقالوا : إنكم قد فرّغتم محمداً من همِّه ، فرُدّوا عليه بناته ، فاشغلوه بهنَّ ، وقالوا لأبي العاص بن الربيع : فارق صاحبتك ، ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت ، فقال : لاها الله إذا ، لا أفارق صاحبتي ، ولا أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على صهره خيراً(1) . وجاء عنه أنه تذكر زينب وهو في تجارته في الشام فقال(2) : ……ذكرت زينب لما ورّكت(3) إرما(4) ……………… فقلت : سقيا لشخص يسكن الحرما ……بنت الأمين جزاها الله صالحة ……………… وكلُّ بعلٍ سيثُني بالذي علما(5) أ ـ وفاء زينب لزوجها : __________ (1) سيرة ابن هشام (2/296) . (2) طبقات ابن سعد (8/32) ، مستدرك الحاكم (4/44) . (3) وورَّكت : أي اضطجعت ، يقال: ورك يرك وروكاً : إذا اضطجع ، أي كأنه وضع وركه في الأرض . (4) الإرم : الأحجار التي تنصب علامات في الطرق والمفاوز والجمع أرم وإرم . (5) الدوحة النبوية الشريفة صـ 31 . (1/44) وكما كان أبو العاص بن الربيع وفياً لزوجه زينب ، كانت هذه كذلك له ، فقد أبى أبو العاص أن يسلم بمكة ، وأقامت زوجه معه على إسلامها ، حتى كانت معركة بدر ، فحضرها أبو العاص في صفِّ كفار قريش ، فأسر فيمن أسر منهم ، فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال ، وكانت فيه قلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها ، قالت عائشة أم المؤمنين : فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة ، وقال للمسلمين : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردّوا عليها مالها ، فافعلوا ، فقالوا : نعم يا رسول الله ، فأطلقوه ، وردّوا عليه الذي له(1) . ويجدر بنا أن نقف وقفة تأمل في خطابه لأصحابه وما تضمنه من سمو العبارة والأدب الرفيع مما ينبغي أن نتحلى به في حياتنا . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه عهداً ، بأن يخلي زينب لتلحق به ، وكانت من المستضعفين بمكة من النساء واستكتمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وصدق في عهده وأرسل زينب وتعرضت لابتلاء شديد في طريقها إلى المدينة(2) . ب ـ إسلام زوجها وأمانته : __________ (1) سير أعلام النبلاء (472) . (2) تاريخ الإسلام للذهبي ، المغازي صـ 69 . (1/45) وأقام أبو العاص بن الربيع بمكة ، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين فرق بينهما الإسلام ، حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجراً إلى الشام ، وكان رجلاً مأموناً ، بمال له ، وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه ، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلاً ، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هارباً ، فلما قدمت السرية بماله ، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستجار بها فأجارته ، وجاء في طلب ماله ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح ، فكبّر الناس وراءه صرخت زينب من صُفّة النساء : أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال : أيها الناس هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا : نعم : قال : أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشئ من ذلك حتى سمعت ما سمعتم ، إنه يجير على المسلمين أدناهم . ثم انصرف ، فدخل على ابنته ، فقال : أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك ، فإنك لا تَحلِّين له . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السرية الذين أصابوا المال ، فقال ، إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالاً ، فإن تحسنوا وتردوا عليه ماله الذي له فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم ، فأنتم أحق به ، قالوا : يا رسول الله بل نرده عليه فردَّوه ، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ، والرجل يأتي بالشنَّة(1) والإداوة(2) حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط ، ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مالٍ من قريش ماله ، ومن كان أبضع معه . ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقى لأحد منكم عندي مال لم يأخذه ؟ قالوا : كلا ، فجزاك الله خيراً ، فقد وجدناك وفياً كريماً ، قال : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، __________ (1) الشنة هي : السقاء البالي . (2) الإداوة : مطهرة يتوضأ منها . (1/46) وأشهد أن محمداً رسول الله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوُّف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أدَّاها الله إليكم ، وفرغت منها أسلمت ، ثم خرج فقدم على رسول الله صلى الله عليه(1) ، وجاء عن عامر الشعبي وغيره ، أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين ، قيل له : هل لك أن تُسلِم وتأخذ هذه الأموال ، فإنها أموال المشركين ؟ فقال أبو العاص : بأس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي(2) . ومن أقوال أبو العاص رضي الله عنه : نتعلم قيمة عظيمة وهي الأمانة والتحلي بمكارم الأخلاق حتى مع غير المسلمين فلا ينبغي للمسلم أن يخون أمانته لأي سبب كان . ولما قدم أبو العاص بن الربيع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً ردّ عليه زوجته زينب بالنكاح الأول ، ولم يحدث نكاحاً جديداً(3) ، وقد جاء في التحاقهما بالنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة روايات أخرى إلا أنها تتفق على وفاء أبي العاص بن الربيع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتتفق على إيذاء المشركين لها في خروجها من مكة(4) . جـ ـ وفاتها وذريِّتها : فقد جاء عن عروة بن الزبير : أن رجلاً أقبل بزينب بنت رسول الله فلحقه رجلان من قريش ، فقاتلاه حتى غلباه عليها ، فدفعاها حتى وقعت على صخرة ، فأسقطت وأهريقت دماً ، وذهبوا بها إلى أبي سفيان ، فجاءته نساء بني هاشم فدفعها إليهن ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة ، فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع ، فكانوا يرون أنها شهيدة ، وكانت وفاتها في أول سنة ثمان من الهجرة النبوية(5) . __________ (1) التاريخ الإسلامي للذهبي ، المغازي صـ 70 . (2) دلائل النبوة للبيهقي (1/154) . (3) الدوحة النبوية الشريفة صـ 41 . (4) المصدر نفسه صـ 41 . (5) مجمع الزوائد للهيثمي (9/216) . (1/47) ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على تجهيزها ، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : اغسلنها وتراً ، ثلاثاً أو خمساً ، واجعلن في الخامسة كافوراً ، أو شيئاً من كافور ، فإذا غسلتنها فأعلمنني ، قالت : فأعطانا حِقْوة ، وقال : أشعرنها إياه(1) . وهكذا نرى حجم المصائب التي تحملها الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصلت إلى بناته وقد استمر على طريق الدعوة صابراً محتسباً ومنه نتعلم أن طريق إعزاز الإسلام يحتاج إلى صبر واستعداد للتضحية . __________ (1) مسلم ، ك الجنائز (2/648) ، طبقات ابن سعد (8/34) . (1/48) وقد أنجبت زينب رضي الله عنها من أبي العاص بن الربيع ، أمامة ، وعلياً ، أما علي فقد مات وهو صغير ، وقيل مات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد ناهز الحلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح ، وهو مردفه على ناقته . وكانت أمامة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقع الكريم ، والمحل العظيم ، فقد كان يحملها على عاتقه وهو يؤم الناس في الصلاة ، فعن أبي قتادة الأنصاري قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص ابنة ابنته على عاتقه ، فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها(1) ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حِلْية فيها خاتم من ذهب فصُّه حبشي فأخذه وإنه لمعرض عنه ، فأرسله إلى ابنة ابنته زينب ، وقال : تَحلّيْ بهذا يا بنية(2) ، وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أهله ومعه قلادة جزع(3) ، فقال لاعطينَّها إلى أحبكنّ إلي ، فقلن : يدفعها إلى ابنة أبي بكر ، فدعا بابنة أبي العاص من زينب فعقدها بيده(4) ، وكان على عينها رَمَص ، فمسحه بيده صلى الله عليه وسلم . وأما أمامة فقد عاشت ، وتزوجها على بن أبي طالب بعد وفاة خالتها فاطمة الزهراء ، وكان أبو العاص بن الربيع قد أوصى بابنته أمامه إلى الزبير بن العوام ، فزوجها من علي بن أبي طالب ، واستشهد علي رضي الله عنه وهي عنده ، ثم تزوجت بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وماتت عنده ، ولم تنجب أمامة لعلي بن أبي طالب ، ولا للمغيرة بن نوفل وقيل : ولدت للمغيرة ولداً سماه يحي ومات ، فانقطع بذلك نسل السيدة زينب عليها السلام . __________ (1) مسلم رقم 543 . (2) مسند أحمد (6/101 ، 261) سنده ضعيف ، الدوحة النبوية الشريفة صـ 43 . (3) الجزع : هو الخرز اليماني ، واحدته جزعة . (4) طبقات ابن سعد (8/40) ، الاستيعاب لابن عبد البر (4/245) ، الدوحة النبوية الشريفة صـ 43 . (1/49) رقيَّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقد ولدت على الأصح بعد زينب سنة ثلاث وثلاثين من عمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة وبايعت حين بايعه الناس ، وكانت قد خطبها عتبة بن أبي لهب ، فلما نزلت : ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ...)) قال له أبوه : رأسي من رأسك حرام إن تطلق ابنة محمد ، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة طلاقها وسألته هي ذلك . ولم يكن قد دخل بها ـ فقالت له أمه أم جميل ـ وهي حمَّالة الحطب ـ طلَّقها يا بُنيّ ، فإنها قد صبأت ففارقها ، فأخرجها الله من يده كرامة لها ، وهواناً له ، فتزوجت عثمان بن عفان بمكة ، وهاجر بها إلى الحبشة ، ثم إلى المدينة المنورة فهي ممن هاجر الهجرتين(1) . __________ (1) الدوحة النبوية الشريفة صـ 44 ، تفسير القرطبي (4/242) . (1/50) هذا وقد توفيت بالمدينة بعد انتهاء غزوة بدر ، فعن ابن شهاب الزهري قال : تخلّف عثمان بن عفان عن غزة بدر على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت قد أصابتها الحصبة ، وجاء زيد بن حارثة بشيراً بوقعة بدر ، وعثمان على قبر رقية ، قال أبو عمر بن عبد البر : لا خلاف بين أهل السير أن عثمان بن عفان رضي الله عنه إنما تخلَّف عن بدر على امرأته رقية بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه ضرب له بسهمه وأجره(1) ، وقد ولدت رقيَّة رضي الله عنها لعثمان بالحبشة ولداً سماه عبد الله ، وكان يُكنَّى به بلغ سنتين وقيل : ست سنين ، فنقر عينه ديك فتورم وجهه ومرض ومات وقيل : أسقطت من عثمان سقطاً ، ثم ولدت عبد الله ، فمات ، ولم تلد له غيره حتى توفيت رضي الله عنها وأرضاها(2) ، قال ابن سعد في الطبقات : وهاجرت معه ـ أي عثمان ـ إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعاً .. وكانت في الهجرة الأولى قد أسقطت من عثمان سقطاً ثم ولدت له بعد ذلك ولد فسماه عبد الله وكان عثمان يكنى به في الإسلام(3) وبهذا يكون نسبها قد انقطع(4) . 3 ـ أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : __________ (1) الاستيعاب (4/1952) . (2) الذرية الطاهرة للدواليبي صـ 53 الدوحة النبوية الشريفة صـ 45 . (3) الطبقات (8/36) . (4) الدوحة النبوية الشريفة صـ 45 . (1/51) وأما خالة الحسن رضي الله عنه الثالثة فهي أم كلثوم ، فقد عرفت بكنيتها ، ولا يعرف لها اسم إلا ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبيري أن اسمها أمية وهي أكبر سناً من فاطمة رضي الله عنهما(1) ، وكانت قد تزوجها عتيبة بن أبي لهب ، أخو عتبة الذي تزوج أختها رقية ـ ولم يدخلا بهما ـ فأمره أبوه وأمه أن يفارقها كما أمرا أخاه أن يفارق أختها . وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : كفرت بدينك ، وفارقتُ ابنتك لا تحبني ولا أحبك ، ثم سطا عليه فشق قميص النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان خارجاً إلى الشام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلباً من كلابه فخرج في تَجْر قريش ـ أي جماعة التجار ـ نحو الشام حتى نزلوا بمكان يقال له الزرقاء فأطاف بهم الأسد في تلك الليلة ، فجعل عتيبة يقول أيا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا عليّ محمد ، أقاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام ، فعدا عليه الأسد من بين القوم ، فأخذ برأسه فضغمه ضغمة فقتله(2) ، ولما فارقها عتيبة بن أبي لهب لم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرجت إليها مع عياله(3) . أ ـ زواجها : __________ (1) المصدر نفسه صـ 46 . (2) المعجم الكبير للطبراني (22/435 ، 436) وفيه زهير بن العلاء وهو ضعيف ، الذرية الطاهرة للدواليبي رقم 76 . (3) الدوحة النبوية الشريفة صـ 46 . (1/52) وقال سعيد بن المسيب : تأيَّم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأيَّمت حفصة بنت عمر من زوجها ، فمر عمر بعثمان ، فقال : هل لك في حفصة ، وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه ، وذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل لك في خير من ذلك . أتزوج حفصة وأزوج عثمان خيراً منها أم كلثوم(1) ، وكان زواج أم كلثوم من عثمان بن عفان رضي الله عنهما سنة ثلاث من الهجرة النبوية ، في ربيع الأول ، وبنى بها في جمادي الآخرة(2) . وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته وهي تغسل برأس عثمان رضي الله عنه ، فقال : يا بنيَّة أحسني إلى أبي عبد الله ، فإنه أشبه أصحابي خلقاً(3) . وفاتها : ولم تزل أم كلثوم عند عثمان رضي الله عنهما إلى أن توفيت في شعبان سنة تسع من الهجرة وصلّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلس على شفير قبرها عليها السلام ، فعن أنس بن مالك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على قبر أم كلثوم ، قال : فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : هل منكم رجل لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة أنا ، قال : فانزل في قبرها(4) .وقد غسلتها أسماء بنت عُميس ، وصفية بنت عبد المطلب وهي التي شهدت أم عطية غُسلها ، وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أغسلنها ثلاثاً ، أو خمساً ، أو أكثر من ذلك(5) . __________ (1) مستدرك الحاكم (4/49) صحيح . (2) سنن ابن ماجة رقم 110 فيه ضعف ، الدوحة النبوية صـ 47 . (3) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/81) قال الهاشمي فيه محمد بن عبد الله يروي عن المطلب ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . (4) البخاري ، ك الجنائز (3/208) رقم 1285 . (5) البخاري رقم 1253 الاستيعاب رقم 3063 . (1/53) وجاء عند ابن سعد أن علي بن أبي طالب , والفضل بن العباس, وأسامة بن زيد ، قد نزلوا في حفرتها مع أبي طلحة ، وأن التي غسلتها هي أسماء بنت عميس ، وصفية بنت عبد المطلب(1) . ذريتها : اتفق العلماء على أن أم كلثوم ، لم تلد ولم تعقب(2) . ومن الغريب أن بعض الشيعة الروافض يطعنون بصحة نسب بنات النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يزعمون بأنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم مخالفين بذلك القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتاريخ ويكفي في الرد عليهم قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا)) (الأحزاب ، الآية : 59) فذكر بناته بالجمع . المبحث الثاني : أم الحسن بن علي بن أبي طالب السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما : هي فاطمة بنت إمام المتقين سيد ولد آدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة بنت خويلد ، كانت تكنى بأم أبيها(3) ، ولدت رضي الله عنها قبل البعثة سنة خمس وثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم(4) ، زوجها النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب سنة اثنتين للهجرة بعد وقعة بدر وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم ، وزينب ومحسِّن ، وكانت وفاتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر فرضي الله عنها وأرضها(5) . أولاً : مهرها وجهازها : __________ (1) الطبقات (8/38 ، 39) ، الاستيعاب رقم 3563 . (2) طبقات ابن سعد (8/38) الاستيعاب لابن عبد البر (4/487) ، الإصابة (4/489) ، مجمع الزوائد (9/217) ، عيون الأثر لابن سيد الناس (2/380) الدوحة النبوية الشريفة صـ 49 . (3) أسد الغابة (5/520) ، الإصابة (4/365) . (4) الطبقات لابن سعد (8/26) . (5) حلية الأولياء (2/39 ، 43) سير أعلام النبلاء (2/118) . (1/54) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : خُطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مولاة لي : هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : لا قالت : فقد خطبت ، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك . فقلت : وعندي شئ أتزوج به فقالت : إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك . قالت : فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت على رسول صلى الله عليه وسلم ، فلما أن قعدت بين يديه أفحمت ، فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة . فقال : لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ فقلت : نعم ، فقال : وهل عندك من شئ تستحلها ؟ فقلت : لا والله يا رسول الله . فقال : ما فعلت درع سلحتكها ؟ فوالذي نفس علي بيده إنها لحطمية ما قيمتها أربعمائة درهم فقلت عندي فقال : قد زوجتكها ، فابعث إليها بها فاستحلها بها ، فإنها كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم(1) وقد جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل(2) ، وقربة ووسادة أدم(3) حشوها إذخر(4) ، وقد جاء في روايات الشيعة مساهمة لعثمان بن عفان رضي الله عنه في الزواج الميمون حيث قال : علي رضي الله عنه : فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق فبعته بأربع مائة درهم من عثمان بن عفان ، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال : يا أبا الحسن ، ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني ؟ فقلت : نعم قال : فإن هذا الدرع هدية مني إليك ، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطرحت الدرع والدراهم بين بيديه ، وأخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير(5) __________ (1) دلائل النبوة للبيهقي (3/160) إسناده حسن . (2) خميل : القطيفة . (3) الأدم : الجلد . (4) إذخر : نبات ، صحيح السيرة النبوية صـ 667 مسند فاطمة الزهراء وما ورد في فضلها ، تحقيق فؤاد أحمد زمرلي صـ 189 . (5) كشف الغمة للأربلي (1/359) نقلاً عن الشيعة وأهل البيت صـ 137 ، 138 . (1/55) . ثانياً : زفافها : قالت أسماء بنت عميس : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب فقال : يا أم أيمن ادعي لي أخي فقالت : هو أخوك وتنكحه ؟ قال : نعم يا أم أيمن ، قالت : فجاء علي فنضح النبي صلى الله عليه وسلم من الماء ودعا له ثم قال : أدعو إلي فاطمة قالت : فجاءت تعثر من الحياء فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسكتي فقد أنكحتك أحب أهل بيتي إلي ، قالت : ونضح النبي صلى الله عليه وسلم عليها من الماء ودعا لها ، قالت : ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى سواداً بين يديه ، فقال : من هذا ؟ فقالت : أنا ، قال : أسماء ؟ قلت : نعم ، قال : أسماء بنت عميس ؟ قلت : نعم ، قال : جئت في زفاف بنت رسول الله تكرمه له ؟ قلت : نعم ، قالت : فدعا لي(1) ، وفي هذه القصة قيمة اجتماعية رفيعة وهي التعاون بين أفراد المجتمع في المناسبات الاجتماعية المختلفة . ثالثاً : وليمة العرس : عن بريدة قال : لما خطب علي فاطمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لا بد للعُرس(2) من وليمة ، قال : فقال سعد عليّ كبش ، وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة ، فلما كان ليلة البناء ، قال : يا علي لا تحدث شيئاً حتى تلقاني . . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي ، فقال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك في شبلهما(3) . رابعاً : معيشة علي وفاطمة رضي الله عنهما : __________ (1) فضائل الصحابة (2/955) رقم 342 إسناده صحيح . (2) للعرس : أي للعروس . (3) المعجم الكبير للطبراني 1153 ، فضائل الصحابة (2/858) إسناده صحيح . (1/56) كانت معيشة علي وفاطمة رضي الله عنهما وهما من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معيشة زهد وتقشف ، وصبر وجهد ، فقد أخرج هناد عن عطاء ، قال : نبئت أن علياً رضي الله عنه قال : مكثنا أياماً ليس عندنا شئ ، ولا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت ، فإذا أنا بدينار مطروح على الطريق فمكثت هنيهة أوامر نفسي في أخذه أو تركه ، ثم أخذته لما بنا من الجهد ، فأعطيت به الضفاطين(1) فاشتريت به دقيقاً ، ثم أتيت به فاطمة فقلت : أعجني وأخبزي ، فجعلت تعجن وإن قصتها لتضرب حرف الجفنة من الجهد الذي بها ـ ثم خبزت ، فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال : كلوا فإنه رزق رزقكموه الله عز وجل(2) ، وعن الشعبي ، قال : قال علي رضي الله عنه : تزوجت فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالي ولها فراش غير جلد كبش تنام عليه بالليل ، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار ، وما لي خادم غيرها(3) ، وعن مجاهد قال علي : جعت مرة بالمدينة جوعاً شديداً ، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدراً ، فظننتها تريد بلَّه(4) ، فأتيتها فقاطعتها(5) كلّ ذنوب(6) ، على تمرة ، فمددت ستة عشرة ذنوباً ، حتى مجلت يداي(7) ، ثم أتيت الماء فأصبت منه ، ثم أتيتها فقلت يكفي هذا بين يديها(8) ، فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فأكل معي منها(9) ، في هذا الخبر بيان لشدة الحال __________ (1) الضفاطون : الحمالون والمكارون الذين يجلبون الدقيق من الخارج . (2) كنز العمال (7/328) ، المرتضى للندوي صـ 41 . (3) كنز العمال (7/133) المرتضي للندوي صـ 41 . (4) المدر ، يعني الطين اليابس ، تريد له يعني الماء . (5) فقاطعتها : أي اتفقت معها على أجرة (6) ذنوب : دلو . (7) مجلت : تورمت من العمل . (8) يعني بسطهما وضمهما . (9) صفة الصفوة (1/320) ، الموسوعة الحديثية ، مسند أحمد 1135 إسناده ضعيف لانقطاعه . (1/57) التي مر بها والد الحسن في المدينة ، ونأخذ منها صورة من السلوك المشروع في مواجهة الشدائد حيث خرج علي للعمل بيديه للكسب المشروع ، ولم يجلس منتظراً ما تجود به أيدي المحسنين ، وصورة أخرى من قوة التحمل حيث قام بذلك العمل الشاق وهو يعاني من شدة الجوع ما يضعف قوته ، وصورة أخرى من إيثار الأحبة والوفاء لهم ، فهو على ما به من شدة الجوع وبالرغم مما قام به من ذلك العمل الشاق قد احتفظ بأجرته من التمر حتى لقي النبي صلى الله عليه وسلم فأكل معه(1) ، إن من أهم الدروس في هذه القصة هو أن فقر الإنسان أو غناه المادي لا يعبر بالضرورة على حب الله للعبد من عدمه للعبد وإنما المعيار الحقيقي هو تقوى الله عز وجل وينبغي أن يكون تقييمنا للناس على هذا الأساس . خامساً : زهد السيدة فاطمة وصبرها : __________ (1) التاريخ الإسلامي للحميدي (19/49 ، 50) . (1/58) كانت حياة والد الحسن رضي الله عنهما في غاية البساطة بعيدة عن التعقيد ، وهي إلى شظف العيش أقرب منها إلى رغده(1) ، وهذه القصة تصور لنا حال السيدة فاطمة من التعب وموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم منها عندما طلبت منه أن يعطيها خادماً من السبي ، قال علي لفاطمة ذات يوم والله لقد سنوت(2) ، حتى لقد اشتكيت صدري ، قال : وجاء الله أباك بسبي فاذهبي ، فاستخدميه(3) ، فقالت : أنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما جاء بك أي بنية . قالت : جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله ورجعت فقال علي : ما فعلت ؟ قالت : استحيت أن أسأله ، فأتينا جميعاً ، فقال علي : يا رسول الله والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري ، وقالت فاطمة : قد طحنت حتى مجلت يداي(4) ، وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي(5) بطونهم ، لا أجد ما أنفق عليهم ، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم ، فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما إذ غطت رؤوسهما تكشف أقدامهما ، وإذا غطيت أقدامهما تكشفت رؤوسهما ، فثارا ، فقال مكانكما ، ثم قال : ألا أخبركما بخير مما سألتماني ؟ قالا : بلا . فقال : كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام ، فقال : تسبحان في دبر كل صلاة عشراً ، وتحمدان عشراً ، وتكبران عشراً ، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين وأحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين(6) ، وفي هذه القصة السالفة بعض القيم منها ، إن هذه الحادثة تبين لنا كيف أدار النبي صلى الله عليه وسلم الأزمة الاقتصادية التي مرت بدولة __________ (1) أنظر : معين السيرة صـ 255 للشامي . (2) سنوت : استقيت . (3) أي أسأليه خادماً . (4) مسلم رقم 2727 السيرة النبوية للصَّلاَّبَّي (2/99) . (5) تطوي : طوى من الجوع ، فهو خالي البطن جائع لم يأكل . (6) البخاري رقم 3705 مسلم رقم 2727 . (1/59) الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وذلك من خلال ترتيبه للأولويات ، فسد جوع أهل الصفة ضرورة ملحة وأما حاجة علي وفاطمة للخادم ، فليست بمرتبة احتياج أهل الصفة ، فقدم رسول الله أهل الصفة عليهم وكانت وسائل رسول الله في حل الأزمة الاقتصادية كثيرة ، ولقد تأثر والد الحسن بن علي رضي الله عنهما بهذه التربية النبوية ، ويمر الزمن بأمير المؤمنين علي فيصبح خليفة المسلمين ، فإذا به من آثار هذه التربية يترفع عن الدنيا وزخارفها وبيده كنوز الأرض وخيراتها ، لأن ذكر الله يملأ قلبه ويغمر وجوده ، ولقد حافظ على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له وقد حدثنا عن ذلك فقال : فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن ، فسأله أحد أصحابه : ولا ليلة صفين فقال : ولا ليلة صفين(1) . سادساً : محبة رسول الله للسيدة فاطمة وغيرته عليها : __________ (1) مسلم (4/2092) . (1/60) عن ثوبان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده بالمدينة إتيان فاطمة ، وأول من يدخل عليه إذا قدم من سفره فاطمة(1) ، وفي رواية عن أبي ثعلبة الخشني قال : كان رسل الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من غزو أو سافر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم يأتي فاطمة ، ثم يأتي أزواجه(2) ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ولا دّلا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامه وقعوده من فاطمة بنت رسول الله ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها(3) ، وفي رواية أنها كانت تقبل يديه(4) ، وعن أسامة بن زيد قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحب أهل بيتي إليَّ فاطمة(5) ، وقد أراد علي رضي الله عنه أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة ، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، إن في رواية السيدة عائشة للحديث دليل على حقيقة المحبة بين السيدتين وليست كما يدعي المغرضون(6) ، فقال : (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني(7) ، وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول : بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يربني ما رابها ويؤذيني ما __________ (1) مسند أحمد (5/275) الدوحة النبوية صـ 56 . (2) الاستيعاب (4/376) في سنده أبو فروة الرهاوي مضعف ، الدوحة النبوية صـ 56 . (3) مسلم رقم 2450 صحيح سنن أبي داود رقم 5217 . (4) سنن أبي داود رقم 5217 وصححع الألباني صحيح سنن أبي داود (3/979) . (5) مسند الطيالسي (2/25) حسن صحيح . (6) أسمى المطالب فسير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1/136) . (7) البخاري رقم 4173 . (1/61) آذاها(1) , وروى الترمذي بسنده إلى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن علياً ذكر بنت أبي جهل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويتعبني ما أتعبها(2) ، ومن مناقب السيدة فاطمة ما رواه الحاكم أيضاً بإسناده إلى بريدة رضي الله عنه قال : كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال علي(3) ، ولا يفهم من هذا الحديث معارضته لما ثبت في الصحيح من حديث عمرو بن العاص ، أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك ؟ قال عائشة قال من الرجال ؟ قال أبوها(4) . فالمراد من هذا الحديث والله أعلم أن فاطمة أحب النساء إليه من أهله وعلي من رجالهم وفي ذلك يقول ابن العربي عند هذا الحديث : كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وأحب أزواجه إليه عائشة ، وأحب أهله إليه فاطمة وعلي من رجالهم وبهذا الترتيب تأتلف الأحاديث ويرتفع عنها التعارض(5) . سابعاً : صدق لهجتها : روى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها ألا أن يكون الذي ولدها(6) . وفي ذلك منقبة ظاهرة لها رضي الله عنها فقد وصفتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تشبه النبي صلى الله عليه وسلم هيئة وطريقة وحسن حال كما كان التزامها للصدق أشبه له فرضي الله عنها وأرضاها(7) . ثامناً : سيادتها في الدنيا والآخرة : __________ (1) البخاري رقم 5230 (2) فضائل الصحابة (2/756) رقم 1327 إسناده صحيح . (3) المستدرك ، ك معرفة الصحابة (3/155) صحيح الإسناد ووافقه الذهبي . (4) البخاري رقم 4358 . (5) عارضة الأحوذي (13/247 ، 248) ، العقيدة في أهل البيت صـ 137 . (6) المستدرك (3/160 ، 161) صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي . (7) العقيدة في أهل البيت صـ 136 . (1/62) جاءت الأحاديث الصحيحة عن الصادق المصدوق التي دلت على سيادتها في الدنيا والآخرة ، روى الترمذي بإسناده إلى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسيا امرأة فرعون(1) ، وروى الحاكم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا من كان من مريم بنت عمران(2) . وقال البخاري : باب مناقب فاطمة رضي الله عنها ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة(3) . تاسعاً : الصديق والسيدة فاطمة وميراث النبي صلى الله عليه وسلم : __________ (1) فضائل الصحابة (2/255) رقم 1325 صححه الألباني المشكاة (3/745) . (2) فضائل الصحابة رقم 1332 إسناده حسن لغيره . (3) البخاري ، ك فضل الصحابة (4/252) . (1/63) قالت عائشة رضي الله عنها : إن فاطمة والعباس رضي الله عنهما أتيا أبو بكر رضي الله عنه يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر ، فقال لهما أبو بكر إني سمعت رسول الله يقول : لا نورث ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم من هذا المال(1) ، وفي رواية قال أبو بكر رضي الله عنه : لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ(2) ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث توفي رسول الله ، أردن أن يبعثن عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أبي بكر ، ليسألنه ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت عائشة رضي الله عنها لهن : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ما تركنا صدقة(3) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقتسم ورثتي ديناراً ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهي صدقة(4) ، وهذا ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع فاطمة رضي الله عنها امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم ، لذلك قال الصديق لست تاركاً شيئاً كان رسول الله يعمل به إلا عملت به(5) ، وقال : والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعه فيه إلا صنعته(6) ، وقد تركت أم الحسن رضي الله عنها منازعته بعد احتجاجه بالحديث وبيانه لها ، وفيه دليل على قبولها الحق وإذعانها لقوله صلى الله عليه وسلم ، وقد غلا الشيعة في قصة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم غلواً مفرطاً مجانبين الحق والصواب ، وقد ناقشتهم في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(7) __________ (1) البخاري رقم 6726 . (2) مسلم رقم 1759 . (3) البخاري رقم 6730 ، مسلم رقم 1758 . (4) البخاري رقم 6729 . (5) مسلم رقم 1758 . (6) البخاري رقم 6726 . (7) أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي (1/199) . (1/64) ، وبينت فيه حقيقة ما وقع بين الصديق والسيدة فاطمة في قضية الميراث . عاشراً : تسامح السيدة فاطمة مع أبي بكر رضي الله عنه : وقد ثبت عن فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك ، وماتت وهي راضية عنه ، على ما روى البيهقي بسنده عن الشعبي انه قال : لما مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق ، فاستأذن عليها ، فقال علي : يا فاطمة هذا أبو بكر الصديق يستأذن عليك ؟ فقالت : : أتحب أن آذن له ؟ قال : نعم ، فأذنت له فدخل عليها يترضاها ، فقال : والله ما تركت الدار والمال ، والأهل والعشيرة ، إلا ابتغاء مرضاة الله ، ومرضاة رسوله ، ومرضاتكم أهل البيت ، ثم ترضاها حتى رضيت(1) ، قال ابن كثير : وهذا إسناد جيد قوي والظاهر أن عامر الشعبي سمعه من علي أو ممن سمعه من علي(2)وبهذا تندحض مطاعن الشيعة على أبي بكر التي يعلقونها على غضب فاطمة عليه ، فلئن كانت غضبت في بداية الأمر فقد رضيت بعد ذلك وماتت وهي راضية عنه ، ولا يسع أحد صادق في محبته لها ، إلا أن يرضى عمن رضيت عنه(3) ، ولا يعارض هذا ما ثبت في حديث عائشة : إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم هذا المال ، وأني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع لفاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت(4) ، فإن هذا بحسب علم عائشة ـ رضي الله عنها ، رواية الحديث وفي حديث الشعبي زيادة علم ، وثبوت زيادة أبي بكر لها وكلامها له ورضاها عنه ، فعائشة رضي الله عنها ـ نفت والشعبي أثبت ، ومعلوم لدى العلماء أن قول المثبت مقدم على قول النافي ، لأن احتمال __________ (1) السنن الكبرى للبيهقي (6/301) . (2) البداية والنهاية (5/253) . (3) الانتصار للصحب والآل صـ 434 . (4) البخاري رقم 4240 ، رقم 175 . (1/65) الثبوت حصل بغير علم النافي ، خصوصاً في مثل هذه المسألة ، فإن عيادة أبي بكر لفاطمة ـ رضي الله عنها ـ ليست من الأحداث الكبيرة التي تشيع في الناس ، ويطلع عليها الجميع ، وإنما هي من الأمور العادية التي قد تخفى على من لم يشهدها ، والتي لا يعبأ بنقلها لعدم الحاجة لذكرها . على أن الذي ذكره العلماء أن فاطمة ـ رضي الله عنها ـ لم تتعمد هجر أبي بكر ـ رضي الله عنه تلك الفترة أصلاً ، ومثلها ينزه عن ذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجر فوق ثلاث ، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك(1) ، قال القرطبي صاحب المفهم في سياق شرحه لحديث عائشة المتقدم : ثم أنها (أي فاطمة) لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله صلى الله عليه وسلم ولملازمتها بيتها فعبر الراوي عن ذلك بالهجران ، وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث(2) ، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم ، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء أهل الجنة(3) . __________ (1) الانتصار للصحب والآل صـ 434 (2) البخاري رقم 6077 . (3) المفهم (12/73) . (1/66) لقد انشغلت فاطمة رضي الله عنها عن كل شئ بحزنها لفقدها أكرم الخلق ، وهي مصيبة تزري بكل المصائب ، كما أنها انشغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أية مشاركة في أي شأن من الشئون فضلاً عن لقاء خليفة المسلمين المشغول بكل لحظة من لحظاته ، بشئون الأمة ، وحروب الردة وغيرها ، كما أنها كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها فقد أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يلحق به من أهله(1) ، ومن كان في مثل علمها لا يخطر بباله أمور الدنيا ، وما أحسن قول المهلب الذي نقله العيني ، ولم يرو أحد أنهما التقيا وامتنعا عن التسليم وإنما لازمت بيتها ، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران(2) ، وقد دل على ذلك زيارة أبي بكر لها وترضيته لها كما مر معنا . الحادي عشر : وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها : __________ (1) مسلم رقم 2450 . (2) أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ صـ 108 . (1/67) ومما يدل على أن العلاقة كانت وطيدة بين الصديق والسيدة فاطمة إلى حد أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس هي التي كانت تمرض فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها في مرض موتها ، وكانت معها حتى الأنفاس الأخيرة وشاركت في غسلها وترحيلها إلى مثواها الأخير ، وكان علي رضي الله عنه يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، وقد وصتها بوصايا في كفنها ودفنها وتشيع جنازتها ، فعملت أسماء بها(1) ، فقد قالت السيدة فاطمة لأسماء إني قد اسقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها ، فقالت أسماء يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً ، فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله ، به تعرف المرأة من الرجال(2) ، وعن ابن عبد البر : فاطمة رضي الله عنها أول من غطى نعشها في الإسلام ، ثم زينب بنت جحش وكان الصديق دائم الاتصال بعلي من ناحية ليسأله عن أحوال بنت النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما يزعمه القوم ، فمرضت ، أي فاطمة رضي الله عنها وكان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس ، فلما صلى قال له أبو بكر وعمر : كيف بنت رسول الله ؟ ومن ناحية أخرى كان الصديق يسأل زوجته أسماء بنت عميس حيث كانت هي المشرفة والممرضة الحقيقية لها ، ولما قبضت فاطمة من يومها ، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان علياً ويقولان : يا أبا الحسن ، لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله(3) ، وقد توفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة ، عن مالك بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين ، قال : ماتت فاطمة بين المغرب والعشاء فحضرها أبو بكر __________ (1) الشيعة وأهل البيت صـ 77 . (2) الاستيعاب (4/378) . (3) الشيعة وأهل البيت صـ 77 ، كتاب سليم بن قيس صـ 255 . (1/68) وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، فلما وضعت ليصلى عليها ، قال علي تقدم يا أبا بكر ، قال أبو بكر رضي الله عنه : وأنت يا أبا الحسن ؟ قال : نعم فوالله لا يصلي عليها غيرك ، فصلى عليها أبو بكر رضي الله عنه ودفنت ليلاً وجاء في رواية : صلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه على فاطمة بنت رسول الله فكبر عليها أربعاً(1) ، وفي رواية مسلم صلى عليها علي بن أبي طالب وهي الرواية الراجحة(2) وأما ما يوجد في بعض الكتب الشيعية من كون السيدة فاطمة أوصت علي رضي الله عنهما ، بأن لا يقوم على قبرها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقها لأنهم أعداؤها وأعداء أبيها ، فهذا من الأباطيل ، ولا تصح رواياته ، بل هي موضوعة ، مثل التي ذكرها صاحب كتاب حياة الإمام الحسن بن علي(3) . وهذه أبيات رقيقة وعذبة قالها محمد إقبال في قصيدته العصماء في السيدة فاطمة رضي الله عنها : ……نسب المسيح بنى لمريم سيرة …………………بقيت على طول المدى ذكرها ……والمجد يشرف في ثلاث مطالع …………………في مهد فاطمة فما أعلاها ……هي بنت من هي زوج من هي أم من …………………من ذا يداني في الفخار أباها ……هي ومضة من نور عين المصطفي …………………هادي الشعوب إذا تروم هداها ……من أيقظ الفطر النيام بروحه …………………وكأنه بعد البلى أحياها ……وأعاد تاريخ الحياة جديدة …………………مثل العرائس في جديد حلاها ……هي أسوة للأمهات وقدوة …………………يترسم القمر المنير خطاها ……جعلت من الصبر الجميل غذاءها …………………ورأت رضى الزوج الكريم رضاها إلى أن قال : ……لولا وقوفي عند شرع المصطفى …………………وحدود شرعته ونحن فداها ……لمضيت للتطواف حول ضريحها …………………وغمرت بالقبلات طيب ثراها وقال في قصيدة في بيان أن السيدة فاطمة أسوة للنساء المسلمات : ……وهي أم السَّيدينِ الأكرمين __________ (1) المختصر من كتاب الموافقة صـ 68 في سنده ضعف . (2) مسلم رقم 1759 . (3) حياة الإمام الحسن بن علي ، باقر القرشي (1/164) . (1/69) …………………حسنٍ خيرِ حليم وحسين ……ذا سراج في ظلام الحَرم …………………حافظ وحدة خير الأمم ……ازدرى الملك ابتغاء الألفة …………………أطفأ النِّيران بين الإخوة ……ذاك في الأبرار ربُّ العَلَمِ …………………أسوةُ الأحرار في الخَطْب العَمي ……سيرةُ الأولاد صنعُ الأمهات …………………وخلالُ الخير طبع الأمَّهات زهرةٌ في روضة الصدق البتول ……………أسوة النِّسوة في الحق البتول نُشِّئت ما بين صبر ورضا ……………في الفَمِ القرآنُ والكفَّ الرَّحَي دمعها من خشية الله جرى ……………في مصلاَّها يفوق الجوهرا(1) المبحث الثالث : مكانة الحسن عند جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : كانت بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولد الحسن عظيمة ، وكان صلى الله عليه وسلم يحمله ويداعبه ، ويدعوه ليتسلق صدره ويلعب معه ، وترعرع الحسن رضي الله عنه في حجر النبوة ، ولاحظته عين الرعاية النبوية ، والعناية المصطفوية ، من ولادته حتى يفاعته ، لاسيما شبهه بالنبي صلى الله عليه وسلم ظاهر في محيَّاه وأساريره ، وقد تمتع الحسن رضي الله عنه بمكانة كبيرة وتقدير عال من جده الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهذا ليس لكونه سبطه فحسب ، بل لما تحمله نفس الحسن رضي الله عنه من صفات طيبة وخلق عال وتواضع كريم(2) ، وهذه بعض الأحاديث والمواقف التي تبين مكانة الحسن عند جده صلى الله عليه وسلم . أولاً : محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمته بالحسن وملاعبته له : __________ (1) ديوان محمد إقبال الأعمال الكاملة ، سيد عبد الماجد غوري (1/235 ، 236) . (2) الحسن بن علي سيرته ودوره السياسي والإداري ، فتيخان كردي صـ 45 ، الدوحة النبوية الشريفة صـ 72 . (1/70) 1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب الحسن والحسين فقد أحبَّني ومن أبغضهما فقد أبغضني(1) 2 ـ وعن عبد الله بن مسعود قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي والحسن والحسين يثبان على ظهره ، فيباعدهما الناس فقال دعوهما ، بأبي هما وأمي ، من أحبني فليحب هذين(2) . 3 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحسن : اللهم إني أحبه ، فأحبه ، وأحب من يحبه(3) قال أبو هريرة : فما رأيته إلا دمعت عيناي(4) . 4 ـ وعن البراء بن عازب قال : رأيت الحسن بن علي على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : اللهم إني أحبه فأحبه(5) . 5 ـ وعن عليَّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال : من أحبَّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمَّهما كان معي في درجتي يوم القيامة أخرجه أحمد والترمذي وقال : كان معي في الجنَّة وقال حديث غريب(6) 6 ـ وعن يعلى بن مرة قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أحدهما قبل الآخر ، فجعل يدَه في عنقه فضمَّه إلى بطنه وقبَّل هذا ثم قبَّل هذا ثم قال : إني أحبُّهما ، فأحبوهما . أيها الناس : الولد مبخلة مجبنة(7) __________ (1) سنن النسائي رقم 8168 قام الشيخ عثمان الخميسي بتخريج الحديث وحكم على درجته بأنه حسن لذاته في رسالته أحاديث بشأن السبطين صـ 312 . (2) أحاديث بشأن السبطين صـ 293 عثمان الخميس ، حديث حسن . (3) مسند أحمد (2/249 ، 331) سنده صحيح . (4) الدوحة النبوية الشريفة صـ 74 . (5) مسلم رقم 2422 . (6) مسند أحمد (1/77) ، سنن الترمذي رقم 3734 ، سير أعلام النبلاء (3/254) ثم قال : إسناده ضعيف ، والمتن منكر وأورده في الميزان (3/117) . (7) مسند أحمد (4/172) ، سنن ابن ماجة رقم 3666 في الأدب وقال البوصيري في الزوائد : إسناده صحيح ، رجاله ثقات : أنظر : سير أعلام النبلاء (3/255) . (1/71) 7 ـ عن إسرائيل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحبَّ الحسن والحسين فقد أحبَّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني(1) . 8 ـ عن زهير بن الأقمر قال : قال رجل من الأزد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن بن علي : من أحبَّني فليُحبه ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب . ولولا عزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدّثْتُكم(2) 9 ـ وعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ويقول : اللهمَّ إني أرحمهما فرْحمهما(3) 10 ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : دخل الأقرع بن حابس على النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يقبِّل إما حسناً وإما حسيناً فقال : تقبِّله ، ولي عشرة من الولد ما قبَّلت واحداً منهم : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَم(4) . 11 ـ عن معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصُّ لسان الحسن أو شفته ، وإنَّه لن يُعَذَّبَ لسانٌ أو شفتان مصَّهما رسول الله(5) . ورواية معاوية للحديث يدل على محبته للحسن . 12 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه لقِيَ الحسن بن عليِّ في بعض طرق المدينة فقال له : أكشف لي عن بطنك ـ فداك أبي ـ حتى أقبِّل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلُه . قال : فكشف عن بطنه ، فقبَّل سرته(6) __________ (1) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى صـ 215 ، المسند (5/288) ، تاريخ دمشق (14/26) . (2) مستدرك (3/173 ـ 174) ، سير أعلام النبلاء (3/253 ، 254) ، إسناده صحيح . (3) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (15/415) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى صـ 216 . (4) مسلم رقم 2318 . (5) مسند أحمد (4/93) ، إسناده صحيح ، سير أعلام (3/259) . (6) المستدرك (3/163) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . (1/72) 13 ـ عن عكرمة عن أبي عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم حاملاً الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه ، فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ونعم الراكب هو(1) . 14 ـ وعن أبي الزبير ، عن جابر قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو على أربع والحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره يحبو بهما في البيت وهو يقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم العِدْلان أنتما(2) . 15 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا حتى يقضي صلاته(3) . 16 ـ حدثنا ابن بريدة عن أبيه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ أقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويتعثران إذ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فرفعهما إليه وقال : صدق الله : ((إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ)) (التغابن ، آية : 15) نظرت إلى هذين الصبيين يمضيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما(4) . __________ (1) الشريعة للآجري (52160)إسناده ضعيف (2) الشريعة للآجري (52160)إسناده ضعيف فيه مسروح أبو شهاب : تكلم فيه ، قال العقيلي : لا يتابع عليه ـ أي هذا الحديث وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن مسروح وعرضت عليه بعض حديثه فقال : يحتاج إلى التوبة من حديث باطل رواه عن الثوري . وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بخبره لمخالفته الإثبات في كل ما يوري . المجروحين (3/19) ، الميزان (4/97) . (3) الشريعة (5/2161) إسناده ضعيف فيه محمد بن عيسى بن حيان المدائني . قال الدارقطني : ضعيف متروك . (4) الشريعة للآجري (5/2162) . (1/73) 17 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع ثم انصرف حتى أتي خباء(1) فاطمة فقال : أثم لكع(2) أثم لكع يعني ((حسناً)) فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابا(3) ، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه(4) . 19 ـ وعن سلمة بن الأكوع قال :لقد قُدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه ، وهذا خلفه(5) ، فمن هذا المعين فليتعلم الآباء المحبة وليغترفوا العطف والحنان على الأبناء ، وفيها الشئ الكثير من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لمحبته للحسن ورحمته به وملاعبته وفيها إرشاد نبوي للمسلمين في كيفية بناء نفس الطفل وتكوينه ، وفيها إجابة لهذا السؤال المهم كيف نبني عاطفة الطفل ؟ ونؤدي له حقه ليكون إنساناً سوياً في مستقبله ؟ فقد أشارت الأحاديث النبوية إلى مجموعة من الأسس التي بتطبيقها نسير على هدى ونور بيّن . أ ـ الأساس العاطفي الأول : القُبلة والرأفة والرحمة للأطفال : __________ (1) خباء فاطمة : أي بيتها . (2) لكع : يريد به الصغير ، وإذا قيل للكبير ، فمعناه قليل العلم . (3) السخاب : القلادة ، وجمعه سُخُب ، ويصنع من القرنفل والعود والسك وغير ذلك ، وقيل : خيط فيه خرز . (4) مسلم (4/1882 ـ 1883) . (5) مسلم رقم 2423 . (1/74) …إن للقبلة دوراً فعالاً في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته ، كما أن لها دوراً كبيراً في تسكين ثورانه وغضبه ، بالإضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير ، وهي دليل رحمة القلب والفؤاد لهذا الطفل الناشئ ، وهي برهان على تواضع الكبير للصغير ، وهي النور الساطع الذي يبهر فؤاد الطفل ، ويشرح نفسه ويزيد من تفاعله مع من حوله ، ثم هي أولاً وأخيراً السنة الثابتة في المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مع الأطفال(1) ، وإن الرحمة بالأطفال والشفقة عليهم صفة من صفات النبوة المحمدية وهي طريق لدخول الجنة والفوز برضوان الله تعالى . ب ـ الأساس الثاني ـ المداعبة والممازحة مع الأطفال : وقد بينا بعض الأحاديث النبوية التي تدل على ذلك وفيها دروس وعبر من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مداعبة الأطفال ، تارة بالحمل وأخرى بالمضاحكة .. وإلى غير ذلك وقد اقتدى الصحابة رضوان الله عليهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسارعوا إلى ممازحة ومداعبة أطفالهم وينزلون منازلهم ، ويتصابون لهم ويلاعبونهم ، وقد قال عمر رضي الله عنه : ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي ـ أي في الأنس والبشر وسهولة الخلق والمداعبة مع أولاده . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب الحسن والحسين رضي الله عنهما . وبهذه المداعبة والملاعبة ، كان تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ مع الأطفال وهو يغذي نفوسهم بهذه العاطفة الصادقة الطيبة ، بعيداً عن الجفاء والقسوة وعدم إعطاء الطفل حقه(2) جـ ـ الأساس العاطفي الثالث : الهدايا والعطايا : __________ (1) منهج التربية الإسلامية للطفل 179 . (2) منهج التربية النبوية صـ 184 . (1/75) …للهدايا أثر طيب في النفس البشرية عامة ، وفي نفوس الأطفال أكثر تأثيراً وأكبر وقعاً ، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين لنا عملية هذا الركن القوي في بناء عاطفة الطفل وتحريكها وتوجيهها وتهذيبها ، وقد بينا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابنة خالة الحسن بن علي ، أمامة بنت أبي العاص من بنت رسول الله زينب ، فعن عائشة رضي الله عنها أن النجاشي أهدي للنبي صلى الله عليه حِلْية فيها خاتم من ذهب فصّه حبشي ، فأخذه ، وإنه لمعرض عنه ، فأرسله إلى ابنة ابنته زينب ، وقال : تَحلِّي بهذا يا بنية(1) . ح ـ الأساس الرابع : مسح رأس الطفل : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يداعب عواطف الأطفال بمسح رؤوسهم فيشعرون بلذة الرحمة والحنان والحب والعطف الأمر الذي يشعر الطفل بوجوده وحب الكبار له ، واهتمامهم به وعن مصعب بن عبد الله قال : عبد الله بن ثعلبة ولد قبل الهجرة بأربع سنين وحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح وجهه وبرك عليه عام الفتح وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربع عشرة(2) . خ ـ الأساس الخامس ـ حسن استقبال الطفل : __________ (1) سنن ابن ماجة رقم 3644 ، الدوحة النبوية الشريفة صـ 43 . (2) مستدرك الحاكم (3/379) . (1/76) إن اللقاء مع الطفل لا بد منه وأهم ما في اللقاء اللحظات الأولى ، فإذا كان اللقاء طيباً استطاع الطفل متابعة الحديث وفتح الحوار والتجاوب مع المتكلم ، فيفتح قلبه وما يدور في خاطره ويعرض مشاكله ويتحدث عن أمانيه ، كل ذلك يحصل إذا أحسن استقبال الطفل بفرح وحب ومداعبة(1) ، وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم من سفر تلقى الصبيان من أهل بيته ، وأنه جاء من سفر ، فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ثم جئ بأحد ابني فاطمة الحسن والحسين رضي الله عنهما فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة(2) . س ـ الأساس السادس ـ تفقد حال الطفل والسؤال عنه: __________ (1) منهج التربية النبوية للطفل صـ 185 . (2) مسلم رقم 2428 ، سير أعلام النبلاء (3/458) . (1/77) كثيراً ما يمشي الطفل وحده فيضل الطريق ويتيه في الشارع ، فإذا كان الوالدان مهتمين بحال الطفل تنبها سريعاً لشروده ، وتم تتبع أثر الطفل والعثور عليه بأسرع ما يمكن والعكس بالعكس وهذه السرعة تلعب دوراً كبيراً في نفس الطفل فالتأخير عليه يزيد من مخاوفه وآلامه وبكائه ويشتد عذابه النفسي كلما زادت فترة تأخر وصول أحد والديه إليه لهذا سارع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمر أصحابه بمساعدته والانتشار في الطرقات حتى يتم العثور على الحسن والحسين(1) ، فقد روى الطبراني عن سلمان رضي الله عنه قال : كنا حول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجاءت أم أيمن رضي الله عنهما فقالت : يا رسول الله لقد ضل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، قال : وذاك وأد النهار ـ يقول ارتفاع النهار ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ـ قوموا فاطلبوا ابني وأخذ كل رجل وجهة وأخذت نحو النبي صلى الله عليه وسلم ـ فلم يزل حتى سفح جبل وإذا الحسن والحسين رضي الله عنهما ملتزق كل واحد منهما صاحبه . وإذا شجاع ـ أي حية الذكر وقيل الحية مطلقاً ـ قائم على ذنبه يخرج من فيه شرار النار ، فأسرع إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالتفت مخاطباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم انساب ـ أي جرى ـ فدخل بعض الأحجار ثم أتاهما ، فأفرق بينهما ثم مسح وجوههما وقال : بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما على الله ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن والآخر على عاتقه الأيسر ، فقلت : طوبى لكما نعم المطية مطيتكما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ونعم الراكبان هما ، وأبوهما خير(2) منهما فأنت تلاحظ الخوف الذي حصل للحسن والحسين حيث التزق كل واحد بالآخر خائفاً من الحيَّة ، ومسارعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ __________ (1) منهج التربية النبوية للطفل صـ 186 . (2) معجم الطبراني (3/65) رقم 2677 وفي المجمع (9/182) وفيه أحمد بن راشد الهلالي وهو ضعيف ، ضعفه الذهبي في المغنى (1/39) . (1/78) لفك هذا الخوف ثم التفريق بينهما .. ثم مسح وجههما ـ ثم دعا لهما ثم أكرمهما بحملهما على عاتقه ثم مدحهما ، بقوله : ونعم الراكبان هما وما ذلك إلا من شدة حبه وحرصه واهتمامه بالحسن والحسين(1) ش ـ الأساس السابع : لعب الكبار مع الصغار والأطفال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو الرسول القائد ـ يلعب مع الحسن والحسين ـ كما مرّ معنا ـ وما هذا إلا ليربي الوالدين والكبار ، وليقتدوا به ويلعبوا مع أطفالهم ، وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشجع الحسن على الحسين فعن أبي عباس قال : اتَّحد الحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول : هي يا حسن ، خذ يا حسين ، فقالت عائشة : تعين الكبير ؟ قال إن جبريل يقول : خذ يا حسين(2) ، وجاء في رواية ضعيفة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع الجنائز ، فطلع الحسن والحسين فاعتركا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إيها حسن . فقال عليُّ : يا رسول الله : أعلى حسين تواليه ؟ فقال : هذا جبريل يقول : إيها حسين(3) ، فأنت شاهدت أنواعاً مختلفة من لعبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الحسن والحسين وما ذاك إلا ليدلك النبي صلى الله عليه وسلم ـ إلى فكرة التنوع في اللعب مع الأطفال ، وأنت لاحظت أيضاً ثناءه ومدحه لهما في اللعب وذلك ليزيد من نشاطهما النفسي في اللعب فيستمران بلا كلل ولا تعب ويتابعان اللعب بحب وشغف وذلك ليكون غذاء جسمياً ونفسياً في آن واحد(4) ، كما أن اللعب للأطفال فيه مجموعة من الفوائد والقيم منها جسدية ، وتربوية ، واجتماعية ، وخلقية ، __________ (1) منهج التربية النبوية للطفل صـ 187 . (2) سير أعلام النبلاء (3/266) إسناده حسن . (3) سير أعلام النبلاء فيه انقطاع ضعيف جداً وقوله : إيها معناه التحريض والتشجيع والاستحسان والأصل فيها أنها للكف أنظر سير أعلام النبلاء (3/284) . (4) منهج التربية النبوية للطفل صـ 209 إلى 216 . (1/79) وذاتية ، وعلاجية(1) ..الخ . ثانياً : شبه الحسن بن علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم : 1 ـ عن أبي خالد ، قال : قلت لأبي جُحَيْفَة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم : كان أشبه الناس به الحسن بن علي(2) . 2 ـ عن عقبة بن الحارث ، قال : إني لمع أبي بكر إذ مرَّ على الحسن بن علي فوضعه على عنقه ثم قال : بأبي شِبْهَ النبي لا شبيهاً بعلي قال : وعلي معه فجعل علي يضحك(3) ، وفي رواية أخرى عن عقبة بن الحارث ، قال : خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال وعلي يمشي إلى جنبه فمر بحسن بن علي وهو يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول : وبأبي شبه النبي ليس بشبه بعلي وعلي يضحك(4) ، ونرى حقيقة المحبة والانسجام بين أبي بكر وعلي وهذا ما تؤكده هذه الرواية الصحيحة ليس كما يدعي بعض الناس . 3 ـ عن هانئ بن هانئ ، عن علي قال : الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل ذلك(5) . __________ (1) المصدر نفسه صـ 216 . (2) الطبقات الكبرى ، الطبقة الخامسة من الصحابة (1/245) أخرجه البخاري رقم 3544 إسناده صحيح . (3) البخاري رقم 3750 . (4) الطبقات ، الطبقة الخامسة من الصحابة (1/247) إسناده صحيح . (5) الطبقات ، الطبقة الخامسة (1/247) إسناده ضعيف . (1/80) 4 ـ عن عاصم بن كليب ، قال : حدثني أبي ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رآني في النوم فقد رآني فإن الشيطان لا ينتحلُني . قال أبي : فحدثته ابن عباس وأخبرته أني قد رأيته(1) ، قال : رأيته ؟ قلت : أي والله لقد رأيته ، قال : فذكرت الحسن بن علي ؟ قال إي والله ، لقد ذكرته وتَفَيّئه(2) في مشيته(3) . قال ابن عباس : إنه كان يُشبهُهُ(4) . 5 ـ عن البهي مولى الزبير قال : تذاكرنا من أشبه النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته ؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال : أنا أحدثكم بأشبه أهله به ,أحبهم إليه ، الحسن بن علي ، رأيته يجئ وهو ساجد فيركب رقبته ، أو قال ظهره ، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ، ولقد رأيته يجئ وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر(5) . 6 ـ قال قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني أنس قال : لم يكن أحد أشْبَه بالنَّبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي(6) وعنه قال : كان الحسن بن علي من أشبههم وجهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم(7) . __________ (1) أي رأي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام . (2) تفيئه : أي تحركه يميناً وشمالاً أنظر : لسان العرب (1/125) . (3) الطبقات ، الطبقة الخامسة (1/248) . (4) المصدر نفسه (1/248) إسناده حسن . (5) المصدر نفسه (1/249) إسناده ضعيف . (6) الصحيح المسند من فضائل الصحابة للعدوي صـ 263 . (7) ذخائر ذوي القربى صـ 221 . (1/81) 7 ـ عن فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنها أتت بالحسن والحسين إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شكواه الذي توفِّي فيه ، فقالت : يا رسول الله هذان ابناك ، فورِّثهما شيئاً . فقال : أما الحسن فله هيبتي وسُؤدُدِي وأمّا حُسينٌ فله جُرأتي وجُودِي(1) . 8 ـ وعن أبي مليكة قال كانت فاطمة رضي الله عنها تنقر الحسن وتقول بني شبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بشبيه علي(2) رضي الله عنهما . 9 ـ وممن يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم : جعفر بن أبي طالب ، والحسن بن علي ، وأبو سفيان بن الحارث ، وقثم بن العباس ، والسائب بين عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب(3) . 10 ـ عن أبي اسحاق أنه سمع هبيرة بن يَرِيم أنه سمع علياً رضي الله عنه يقول : من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى وجهه وشعره فلينظر إلى الحسن بن علي ومن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى كعبه خلقاً فلينظر إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما(4) . ثالثاً : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة : __________ (1) الأحاديث الواردة بشأن السبطين صـ 287 قال الشيخ عثمان الخميس : في ضوء دراسة إسناد الحديث تبين أنه ضعيف جداً لمكان محمد بن حميد وإبراهيم بن علي صـ 289 . (2) مجمع الزوائد (9/176) مرسل وفيه زمعة بن صالح وهو لين . (3) التبيين في أنساب القرشيين صـ 102 . (4) الشريعة للآجري (5/2146) . (1/82) 1 ـ عن حذيفة قال : سألتني أُمِّي منذ متى عهدك بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فقلت لها : منذ كذا وكذا . قال : فنالت منِّي وسبَّتني . قال : فقلت لها : دَعيني فإنِّي آتي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ـ فأُصلي معه المغرب ، ثمَّ لا أدعه حتّى يستغفر لي ولك ، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب ، فصَلَّى النبي العشاء ثم انفتل فتبعته فعرض له عارض فناجاه ثم ذهب ، فاتبعته فسمع صوتي : فقال : : من هذا ؟ فقلت : حذيفة . قال : ما لك ؟ فحدثته بالأمر ، فقال : غفر الله لك ولأُمِّك ـ ثم قال : أمّا رأيت العارض الذي عرض لي قُبْيلُ ؟ قال : قلت : بليى . قال : فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة ، فاستأذن ربَّه أن يُسلم عليَّ ويبشرني أن الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة(1) . 2 ـ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة(2) . __________ (1) مسند أحمد (5/391) الحديث فيه المنهال بن عمرو تكلم فيه بعضهم لترك شعبة له ولكنه مقبول الحديث على الصحيح ثم هو قد توبع من قبل عدي بن ثابت وعاصم وهما وإن كان في الطريقين عنهما كلام إلا أنه يمكن أن يقوي بعضمهما أنظر : الأحاديث الواردة بشأن السبطين صـ 176 . (2) الأحاديث الواردة بشأن السبطين صـ 182 حسن لغيره . (1/83) 3 ـ عن الحكم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحي بن زكريا عليهما السلام(1) ، وقد قام الشيخ عثمان الخميس بدراسة طرق هذا الحديث وبين أنه روي عن ستة عشر صحابياً(2) ، وقال والحديث سئل عنه أحمد بن حنبل ، فقال صحيح(3) ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ، وقال : في أسانيده كلها ضعف(4) ، وقال الذهبي : روِيَ من وجوه يُقوِّي بعضها بعضاً(5) . ثم قال عثمان الخميس : والذي يظهر لي أنه يمكن الجمع بين أقوال هؤلاء الأئمة ، فهو كما قال الحافظ ابن كثير : في أسانيده كلها ضعف . انتهى ، وبعضها حسن وبعضها حسن لغيره ، فيقويِّ بعضها بعضاً ، كما قال الحافظ الذهبي وبالتالي فهو صحيح كما قال الإمام أحمد ولكن لغيره(6) والله أعلم . رابعاً : هما ريحانتايَ من الدنيا : __________ (1) الشريعة للآجري (5/2144) إسناده حسن . (2) الأحاديث الواردة بشأن السبطين صـ 211 . (3) السؤال رقم 124 المنتخب من العلل للخلال ، لابن المقدسي . (4) البداية والنهاية (8/208) . (5) سير أعلام النبلاء (3/283) . (6) الأحاديث الواردة شأن السبطين صـ 212 . (1/84) عن أبي نُعيم ، قال : سمعت عبد الله بن عمر وسأله عن المُحْرِمِ ـ قال شعبه أحسبه يقتل الذباب ـ فقال أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسل الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم ـ : هما ريحانتايَ من الدنيا(1) ، وعن الحسن ، عن أبي بكرة قال : رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فيمسكهما بيده حتى إذا استقر على الأرض تركهما ، فلما صلى أجلسهما في حجره ثم مسح رؤوسهما ، ثم قال : إن ابنيَّ هذين ريحانتاي من الدنيا ثم أقبل على الناس فقال : إن ابني هذا سيد ، وأرجو أن يصلح الله عز وجل به بين فئتين عظيمتين في آخر الزمان(2) ، قال محمد بن الحسين الآجري : يعني به الحسن رضي الله عنه(3) ، وعن أبي بكرة قال : كان النبي يصلي ، فكان إذا سجد جاء الحسن فركب ظهره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه أخذه فوضعه على الأرض وضعاً رفيقاً ، فإذا سجد ركب ظهره ، فلما صلى أخذه فوضعه في حجره ، فجعل يقبله ، فقال له رجل : أتفعل بهذا الصبي هكذا ؟ فقال : إنهما ريحانتاي ، وعسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين(4) . خامساً : سيادته في الدنيا والآخرة : __________ (1) البخاري رقم 3753 . (2) صحيح ابن حبان رقم 6964 . (3) الشريعة للآجري صـ 2157 . (4) الشريعة للآجري صـ 2157 إسناده حسن . (1/85) أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة الحسن بن علي رضي الله عنه وبين جلالة قدره ، على مرأى ومسمع من الناس في غير ما مرة وقد تواترت الروايات بقوله صلى الله عليه وسلم عن الحسن ، وإن ابني هذا سيد ، قال بن عبد البر : وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن بن علي : إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين(1) ، ورواه جماعة من الصحابة ، وفي حديث أبي بكرة في ذلك : وأنه ريحانتي من الدنيا ، ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدا(2) . وعن أبي بكرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح بيه فئتين من المسلمين(3) ، فهذا الحديث فيه منقبة للحسن رضي الله عنه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد . قال ابن الأثير : قيل أراد به الحليم لأنه قال في تمامة : وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(4) . وجاء في تحفة الأحوذي " فيه أن السيادة لا تختص بالأفضل بل هو الرئيس على القوم والجمع سادة وهو مشتق من السؤدد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس : أي الأشخاص الكثيرة ولعل الله أن يصلح به بين فئتين تثنيه فئة وهي الفرقة(5) ، ووصفه عليه الصلاة والسلام للفئتين بالعظيمتين ، كما في راوية عند البخاري(6) ، لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين فرقة مع الحسن رضي الله وفرقة مع معاوية وهذه معجزة عظيمة من النبي صلي الله عليه وسلم حيث أخبر بهذا فوقع مثل ما أخبر ، وأصل القضية أن عليّ بن أبي طالب لما ضربه عبد الرحمن __________ (1) مسند أحمد (5/51) والبخاري بنحوه (3/244) . (2) الاستيعاب (1/437) . (3) البخاري ، ـ فضائل الصحابة رقم 3746 . (4) النهاية في غريب الحديث (3/417) . (5) تحفة الأحوذي (1/277) . (6) البخاري ، فضائل الصحابة رقم 3746 . (1/86) بن ملجم المرادي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة وبويع لابنه الحسن بالخلافة في شهر رمضان من هذه السنة وأقام الحسن أياماً مفكراً في أمره ثم رأى اختلاف الناس فرقة من جهته وفرقة من جهة معاوية ولا يستقيم الأمر ، ورأى النظر في إصلاح المسلمين وحقن دمائهم أولى من النظر في حقه سلم الخلافة لمعاوية في الخامس من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وقيل من ربيع الآخر وقيل في غرة جمادي الأولى وكانت خلافته ستة أشهر إلا أياماً وسمي هذا العام عام الجماعة وهذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم : لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين(1) . فالحديث فيه علم من أعلام النبوة ، ومنقبة للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا قلة ولا ذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة وعن سعيد بن أبي سعيد قال : كنا مع أبي هريرة جلوساً ، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب ، فسلم علينا ، فرددنا عليه ، وأبو هريرة لا يعلم فمضى ، فقلنا : يا أبا هريرة هذا حسن بن علي قد سلم علينا ، فقام فلحقه ، فقال : يا سيدي ، فقلت له : تقول يا سيدي ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لسيد(2) ، وعن جابر بن عبد الله أنه قال : من سرّه أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة ، فلينظر إلى الحسن بن علي(3) وقد نقل إلينا خبر سيادة الحسن والحسين في الجنة جمع غفير من الصحابة ، وما ذلك إلا لإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك مرة بعد مرة ، أو في محافل جامعة ، وممن جاء عنهم ، عبد الله __________ (1) فتح الباري (13/66) . (2) مستدرك الحاكم (3/169) وقال : صحيح ، وأقرّه الذهبي والطبراني رقم 2596 وقال الهيثمي في المجمع (9/178) رجاله ثقات . (3) صحيح بن حبان (15/421 ، 422) مناقب الحسن ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية وذكر إسناده وقال لا بأس به . (1/87) بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وأسامة بن زيد ، وقرة بن إياس ، ومالك بن الحويرث ، والبراء بن عازب ، وأبو هريرة رضي الله عنهم وغيرهم(1) . سادساً : أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعِوِّذُ الحسن والحسين ويقول إنّ أباكما ـ أي إبراهيم عليه السلام ـ كان يُعَوِّذُ بها إسماعيل وإسحاق ، أعوذ بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة(2) ومن كل عين لامّة(3) ، وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الحسن والحسين يقول أُعِيذُكُما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّةٍ : ويقول : هكذا كان إبراهيم يُعوِّذُ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام(4) . وهذا علاج يتفرد به الطب النبوي للأطفال ، وهو ركن من أركان المحافظة على صحة الطفل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الحسن والحسين(5) ، وفي هذا الحديث قيمة رفيعة حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية دعاء الوالدين لأبنائهم وما فيها من فوائد عظيمة منها ، جلب الراحة والطمأنينة والحفظ والبركة للأبناء والآباء من جهة ، ومن جانب آخر صرف الشر عنهم بإذن الله من الحسد والشيطان وهوام الأرض وفوق هذا كله ، فإن الدعاء هو مخ العبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه شعور بالفقر والالتجاء إلى الله وحده وهذا من أهم مقاصد الإسلام . __________ (1) روايات هذه الأحاديث في مجمع الزوائد (9/183) والمعجم الكبير (3/24) الدوحة النبوية الشريفة صـ 81 . (2) هامّة : كل ذات سم يقتل كالحية وغيرها . (3) لامّة : هي التي تصيب ما نظرت إليه بسوء ، البخاري رقم 3371 . (4) سنن الترمذي رقم 2060 حديث حسن صحيح . (5) منهج التربية النبوية للطفل صـ 248 . (1/88) سابعاً : الأحاديث التي رواها الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مما اتفق عليه المسلمون أن أصول العلم والمعرفة التي توصل إلى مرضاة الحق سبحانه وتعالى القرآن الكريم وما ثبت من أقوال وأفعال وتقريرات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا ما يعرف بالسنة النبوية وهي لا تُعْرَفُ عبر الحقب والأجيال إلا بالنقل والرواية والأخبار وقد اتجه أهل العلم والمعرفة إلى ضبط أسماء الرواة ومعرفتهم ، ثم البحث عن سيرهم وأحوالهم ، ليخلصوا إلى التأكد من أمرين اثنين وإعطاء كل راوٍ قدره في ميزانهما : 1 ـ العدالة ، وهي استقامة السيرة ، وصلاح الحال ، والتقصِّي عن المحرمات بعد القيام بالواجبات ، والتحلي بالمروءة وارتداء لبوسها السابغ . 2 ـ الضبط والإتقان للحديث المروي والنص المنقول ، والوعي والاستيعاب له ، حفظاً أو كتابة أو هما معاً وهذا الذي تقدم حكم عام شامل لجميع الرواة ونقلة السنة النبوية ، خلا الصحابة ، رضوان الله عليهم ، لأنهم حملة الرسالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد رباهم على عينه ونشأهم بكريم رعايته وعميق عنايته . (1/89) ولقد كان الأئمة من أهل البيت الكرام ، رضوان الله عليهم محل تقدير علماء الحديث والرواية ، في الأخذ عنهم ما رووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما تمتعوا به من عدالة وإتقان ، وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأبناه الحسن والحسين من جلَّة الصحابة فهم فوق التعديل والسؤال لكونهم من سادات الصحابة رضي الله عنهم . وأبو الحسن ، أمير المؤمنين علي رضي الله عنه . روى له بقي بن مخلد الأندلسي المتوفى 276هـ في مسنده ـ وهو أوسع المسانيد في الإسلام ـ خمسمائة وستة وثمانين حديثاً (586)(1) . وروى له أحمد بن حنبل المتوفى 241هـ في مسنده المتداول بين أيدينا ثمانمائة وتسعة عشر حديثاً بتكرار الطرق (819)(2) وأخرج له أصحاب الكتب الستة : البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة ، ثلاثمائة واثنين وعشرين حديثاً (322)(3) ، اتفق البخاري ومسلم على عشرين حديثاً منها (20) وانفرد البخاري بتسعة (9) ، ومسلم بخمسة عشر حديثاً (15) وفي هذه الأحاديث من المضامين والمعاني ما يتعلق بجميع وسائل الحياة : العقائد والأحكام والتفسير وغيرها(4) . __________ (1) الدوحة النبوية الشريفة صـ 139 مقدمة مسند بقي بن مخلد صـ 80 . (2) مسند أحمد (1/164) . (3) تحفة الإشراف بمعرفة الأطراف للمزي (7/346) . (4) الدوحة النبوية الشريفة صـ 140 . (1/90) ويعتبر أمير المؤمنين علي أكثر الخلفاء الراشدين رواية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا راجع إلى تأخر وفاته عن بقية الخلفاء ، وكثرة الرواة عنه ، وانتشار طلبة العلم من التابعين الذين كانوا يكثرون السؤال ، ووقوع الأحادث التي تقتضي البلاغ والرواية ، في أمور كثيرة فنقلوا عنه ما بلغهم بأمانة ونزاهة(1) ، وقد استفاد ابنه الحسن منه استفادة عظيمة أما من جده صلى الله عليه وسلم ، فقد توفي صلى الله عليه وسلم ، والحسن صغير كما هو معلوم ، فعقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحاديث وأموراً ذكرها منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كصغار الصحابة الآخرين ، ابن عباس ومحمود الربيع ، فقد حفظ الحسن عن جده وعن أبيه وأمه وحدَّث عنه ابنه الحسن بن الحسن ، وسويد بن غفلة وأبو الحوراء السعدي ، والشعبي ، وهبيرة بن بَرِيم ، وأصبغ بن نُباته والمسَّيبُ بن نجبة(2) ، وقد روى له بقي بن مخلد في مسنده عن رسول الله ثلاثة عشر حديثاً (13)(3) ، وروى له أحمد في مسنده عشرة أحاديث (10) ، وله في السنن الأربعة ستة أحاديث(4) وهذه الأحاديث منها : __________ (1) المصدر نفسه صـ (2) سير أعلام النبلاء (3/246) . (3) تلقيح أهل الأثر في عيون التاريخ والسير لابن الجوزي صـ 369 . (4) مسند أحمد (3/167) تحقيق أحمد شاكر ، مسند أهل البيت تحقيق عبد الله الليثي الأنصاري صـ 25 ، الدوحة النبوية صـ 142 . (1/91) 1 ـ عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهمَّ أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيمن أعطيت وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضي عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت(1) . ونرى هنا كيف حرص سيد البشر على تعليم الحسن محبة الله سبحانه وتعالى وعبوديته ودعاؤه والتعلق بالله وحده لا شريك له وهذه هي حقيقة التوحيد الخالص الذي يجب أن يحققه المسلم في حياته ويربي عليه أبنائه . 2 ـ عن هبيرة قال : خطبنا الحسن بن عليّ ، فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأوّلون بعلم ، ولا يدركه الآخرون ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالراية ، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، لا ينصرف حتى يُفتح له(2) . 3 ـ عن عمرو بن حبشي قال : خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس ، ما سبقه الأوّلون بعلم ، ولا أدركه الآخرون ، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية ، فلا ينصرف حتى يفتح له ، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه ، كان يرصدها لخادم لأهله(3) . 4 ـ عن محمد بن علي عن الحسن بن علي : أنه مرّ بهم جنازة ، فقام القوم ولم يَقُمْ ، فقال الحسن : ما صنعتم ؟ إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذِياً بريح اليهودي .(4) . __________ (1) مسند أحمد (3/168) قال أحمد شاكر : إسناده صحيح . (2) مسند أحمد (3/167 ، 168) إسناده صحيح . (3) مسد أحمد (3/167 ، 168) إسناده صحيح . (4) مسند أحمد (3/167 ، 169) إسناده ضعيف لانقطاعه . (1/92) 5 ـ عن أبي الحوراء السعدي قال : قلت للحسن بن علي ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أذكر إني أخذت تمرة من تمر الصدقة ، فألقيتها في فمي ، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعُابها فألقاها في التمر ، فقال له رجل : ما عليك لو أكل هذه التمرة ؟ قال : إنا لا نأكل الصدقة ، قال : وكان يقول : دع ما يَرِيبك إلى ما لا يَرِيبك ، فإن الصدق طُمأنينة ، وإن الكذب ريبة ، قال : وكان يعلمنا هذا الدعاء : اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شرت ما قضيت ، إنه لا يَذِلّ من واليت ، وربما قال : تباركت ربنا وتعاليت(1) . __________ (1) مسند أحمد (3/167 ، 169) إسناده صحيح . (1/93) ومن خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يتضح أن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة ، والصدقة نوعان ، صدقة الفرض ، وهي الزكاة ، وصدقة التطوع ، يقول الله تعالى : ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)) (التوبة ، الآية : 103) قال المفسرون : هي الزكاة أي الصدقة المفروضة ، وليس هناك خلاف في أن الصدقة بنوعيها لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصدقة الفرض ، كما تحرم عليه صلى الله عليه وسلم ، تحرم على آله رضوان الله عليهم ، ولكن في حرمة صدقة التطوع على آل البيت خلاف ، فاللشافعي رضي الله عنه فيها قولان ، أصحهما بالحرمة ، وسبب حرمة الصدقة أو الزكاة على آل البيت الطاهرين أوضحه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، في حديث شريف طويل ، نأخذ منه قوله عليه الصلاة والسلام : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس(1) ، قام الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث في صحيح مسلم : ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم ، كما قال تعالى : ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)) (التوبة ، الآية : 103) ، فهي كغسالة الأوساخ . وفي هذا تنزيه لهم ، وإعلاء لمكانتهم ، والتنويه بطهارتهم(2) ، رضي الله عنهم ، ولهذا لم يكونوا يأخذون شيئاً من الصدقات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا بعد ذلك ، وكانوا يأخذون نصيبهم من خمس الغنائم ، يقول الله تبارك وعالى ((وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)) (الأنفال ، آية : 41) . قال المفسرون قوله تعالى ((وَلِلرَّسُولِ)) أي سهم من الخمس يعطي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذي القربى. وقد اختلف العلماء في المراد بالآل في الزكاة وفي تحديدهم __________ (1) مسلم رقم 1072 . (2) شرح النووي على صحيح مسلم (7/183 ـ 187) . (1/94) إلى قولين : أ ـ …ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية إلى أنهم بنو هاشم فقط وهم آل علي ، وآل العباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب ، ولم يدخل فيهم أبو لهب فيجوز الدفع إلى بنيه ، لأن حرمة الصدقة لبني هاشم كرامة من الله تعالى لهم ولذريتهم حيث نصروا النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم في جاهليتهم وإسلامهم ، أما أبو لهب فكان حريصاً على أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم فلم يستحقها بنوه(1) ، وقال بعض علماء الحنابلة : ويدخل فيهم آل أبي لهب لأنهم من سلالة هاشم(2) ، وكيف لا يدخلون وقد أسلم من أبناء أبي لهب عتبة ومعتب يوم الفتح وسر النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم بإسلامهما ودعا لهما وشهدا معه حنيناً والطائف لهم عقب عند أهل النسب(3) . ب ـ ويرى الشافعي أنهم بنو هاشم وبنو المطلب : …واستدل على ذلك بما يلي : __________ (1) شرح فتح القدير لابن الهمام (2/272 ـ 274) . المنتقى للباجي (2/153) ، نيل الأوطار (4/172) . (2) الإنصاف للمرداوي (3/255 ـ 256) . (3) التبيين في أنساب القرشيين صـ 143 . (1/95) أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سهم ذوي القربى من الخمس لبني هاشم وبني المطلب ولم يعط أحداً من قبائل قريش غيرهم كما أخرج البخاري من حديث جبير بن مطعم قال : مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله فقلنا : يا رسول الله أعطيت بني عبد المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد(1) . ووجه الدلالة من الحديث أن بني المطلب مع بني هاشم في سهم ذوي القربى ، وهم آله ، فدل على أن بني المطلب آل صلى الله عليه وسلم أيضاً ، وعلى أن الزكاة تحرم عليهم وأن هذه العطية إنما هي عوض عما حرموه من الصدقة وبالتالي فإن هذا الحكم ((منع الزكاة)) يتعلق بذوي القربى ، كاستحقاق الخمس فوجب أن يستوي فيه الهاشمي والمطلبي(2) ، وعن الإمام أحمد في بني المطلب روايتان : أحدهما : تحرم عليهم الزكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام إنما نحن شئ واحد(3) . وفي لفظ رواه الشافعي في مسنده : ((إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد وشبك بين أصابعه(4) ، ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فلم يكن لهم الأخذ من الزكاة كبني هاشم . __________ (1) البخاري ك فرض الخمس رقم 3140 . (2) معالم السنن للخطابي (2/71) ، الأم للشافعي (2/69) المجموع للنووي (6/244) العقيدة في أهل البيت صـ 181 . (3) سنن أبي داود ، الإمارة رقم 2980 . (4) سنن النسائي رقم 4137 . (1/96) ثانيهما : لهم الأخذ منها وفقاً لمذهب أبي حنيفة ومالك لدخولهم في عموم قوله تعالى : ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ)) (التوبة ، آية : 6) . لكن خرج بنو هاشم لقول صلى الله عليه وسلم : إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد(1) ، فيختص المنع بهم(2) ، وقالوا إن قياس بني المطلب على بني هاشم غير صحيح لأن بني هاشم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف وأما مشاركتهم لهم في خمس الخمس فلم يستحقوا ذلك بمجرد القرابة ، بل لنصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والنصرة لا تقتضي المنع(3) . __________ (1) مسلم رقم 1072 . (2) العقيدة في أهل البيت صـ 181 . (3) المغنى لابن قدامة (4/111 ـ 112) . (1/97) وقد تحدث الفقهاء عن حكم دفع الزكاة إليهم في حال منعهم من خمس الخمس ، فإذا لم يعطوا حقهم من خمس الخمس لخلو بيت المال من الفئ أو الغنيمة ، أو لاستيلاء الظلمة واستبدادهم بهما ، فقد قال بعض العلماء من المتقدمين والمتأخرين أنهم يعطون من الزكاة ، فقد روي عن الإمام أبي حنيفة أنه يجوز الدفع إلى بني هاشم في زمانه ، لأن عوضهما وهو الخمس لم يصل إليهم ، وإذا لم يصل إليهم العوض ((الخمس)) عادوا إلى المعوض ((الزكاة(1)) ، وقال بعض المالكية : إذا حرموا حقهم من بيت المال وصاروا فقراء جاز أخذهم وإعطائهم من الزكاة(2) ، وفي ذلك يقول أبو بكر الأبهري(3) : قد حلت لهم الصدقات فرضها ونفلها(4) ، وقال أبو سعيد الاصطخري من الشافعية : إن منعوا حقهم من الخمس جاز الدفع إليهم إنما حرموا الزكاة لحقهم في خمس الخمس ، فإذا منعوا منه وجب أن يدفع إليهم(5) ، وذلك لحديث إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم ، أو يغنيكم(6) ، فجعلوا الغنى عن الزكاة بخمس الخمس ، فإذا عدم زال الغنى ، فخمس الخمس علة لاستغنائهم وشرط لمنعهم ، فإذا زال الشرط انتفى المانع ، وقال بعض علماء الحنابلة : يجوز الأخذ من الزكاة إذا منعوا من خمس الخمس لأنه محل حاجة وضرورة(7) ، واختاره بن تيمية(8) . __________ (1) حاشية ابن عابدين (2/91) . (2) بلغة السالك (1/232) حاشية الدسوقي (1/452 ـ 453) . (3) هو : محمد بن عبد الله بن محمد صالح أبو بكر التميمي شيخ المالكية في العراق توفي 375هـ : أنظر شذرات الذهب (3/85 ـ 86) . (4) المنتقى للباجي (2/153) . (5) المجموع للنووي (6/244 ـ 246) . (6) تفسير ابن كثير (2/313) قال ابن كثير حديث حسن الإسناد . (7) الإنصاف للمرداوي (3/255) وكشاف القناع للبهوني (2/291) . (8) الاختيارات (104) ، العقيدة في أهل البيت صـ 186 . (1/98) 6 ـ حدثنا ربيعة بن شيبان أنه قال للحسن بن علي : ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال " أدخلني غرفة الصدقة ، فأخذت منها تمرة فألقيتها في فمي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلقها فإنها لا تحل لرسول الله ولا لأحد من أهل بيته(1) صلى الله عليه وسلم . 7 ـ حدثنا بُريدة بن أبي مريم عن أبي الحوراء قال : كنا عند حسن بن علي ، فسُئِل : ما عَقلْتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت أمشي معه فمَّرعلى جَرِين من تمر الصدقة ، فأخذت تمرة فأليقتها في فمي ، فأخذها بلعابي ، فقال بعض القوم : وما عليك لو تركتها ؟ قال : إنا آل محمد لا تحلُّ لنا الصدقة ، وعقلت منه الصلوات الخمس(2) . 8 ـ عن أيوب بن محمد : أن الحسن بن علي وابن عباس رأيا جنازة ، فقام أحدهما وقَعد الآخر ، فقال الذي قام : ألم يَقمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وقال الذي قعد : بلى وقعد(3) . هذه بعض الأحاديث التي رواها الحسن بن علي رضي الله عنهما عن جده صلى الله عليه وسلم ويعتبر الحسن بن علي رضي الله عنه من علماء الصحابة المفتين وهو من ضمن الطبقة الثالثة ، فقد قسم المحدِّثون علماء َ الصحابة إلى ثلاث طبقات ، وذلك نظراً إلى قلة أو كثرة فتاواهم . قال ابن القيم رحمه الله ـ : كانوا بين مكثر منها ومقل ومتوسط . __________ (1) مسند أحمد (3/170) إسناده صحيح قاله أحمد شاكر . (2) مسند أحمد (3/170) إسناده صحيح قاله أحمد شاكر . (3) مسند أحمد (3/171) إسناده صحيح قاله أحمد شاكر . (1/99) أ ـ المكثرون من الفتيا : والذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مئة ونيف وثلاثون نفساً ما بين رجل وامرأة ، وكان المكثرون منهم سبعة : عمر بن خطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود وعائشة أم المؤمنين ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم : قال أبو محمد بن حزم : ويمكن أن يجمع في فتوى كل واحد منهم سفر ضخم ، قال : وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب ابن أمير المؤمنين المأمون فتيا ابن عباس رضي الله عنه في عشرين كتاباً ، وأبو بكر محمد المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث . ب ـ المتوسطون في الفتيا : قال أبو محمد : والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا أبو بكر الصديق ، وأم سلمة ، وأنس بن مالك ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو هريرة ، وعثمان بن عفان ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم .. الخ . جـ ـ المقلِّون في الفتيا : والباقون منهم مقلِّون في الفتيا ، ولا يروي عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والزيادة اليسيرة على ذلك .. وهم أبو الدرداء ، وأبو اليسر ، وأبو سلمة المخزومي ، وأبو عبيدة بن الجراح ، والحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب ، والنعمان بن بشير ، وأبي بن كعب ، وأبو أيوب ، وأبو طلحة وأبو ذر ، وأم عطية ، وصفية أم المؤمنين ، وحفصة ، وأم حبيبة رضي الله عنهم أجمعين(1) . ثامناً : صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما يرويها الحسن بن علي : __________ (1) إعلام الموقعين (1/12 ، 13) ، سيرة عائشة سليمان الندوي صـ 327 . (1/100) 1 ـ عن الحسن بن علي عن خاله هند بن أبي هالة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل(1) الأحزان ، دائم الفكرة ليست له راحة ، طويل السكت لا يتكلم من غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه(2) ، ويتكلم بجوامع الكلم(3) ، كلامه فصل(4) ، لا فضول ولا تقصير ، ليس بالجافي(5) والمهيمن(6) ، يعظم النعمة وإن دقت(7) ، لا يذم منها شيئاً ، غير أنه لم يكن يذم ذواقاً(8) ، ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا ولا مكان لها(9) ، فإذا تعدى الحق لم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، لا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح(10) ، وإذا فرح غض طرفه ، جُل(11) ضحكه التبسم ، يفتر(12) عن مثل حب الغمام(13) ، وكان فخماً(14) مفخماً(15) يتلألأ(16) وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ، مسيح(17) القدمين ينبو(18) عنهما الماء ، إذا زال زال(19) __________ (1) أي لا ينفك حزن عن حزن يعقبه . (2) جمع شدق بالكسر طرف الفم أي أنه يستعمل جمع فمه للتكلم ولا يقتصر على تحريك الشفتين كفعل المتكبرين . (3) أي بكلمات قليلة الحروف جامعة لمعانٍ كثيرة وقيل الجوامع القواعد الكلية المحتوية على الفروع المتكثرة . (4) الفاصل بين الحقل والباطل . (5) الجافي : الغليظ الطبع السئ الخلق العديم البر . (6) المهيمن : لم يكن غليظ الخلق ولا ضعيفه بل كان معتدلاً من أنواع المهابة والوقار والجلالة . (7) صغرت وقلت . (8) المأكول والمشروب فعال بمعنى المفعول من الذوق . (9) أي ولا يغضبه أيضاً إلا ما كان له علاقة بالدنيا (10) جد في الإعراض وبالغ فيه . (11) معظمه أو أكثره . (12) من افتر ضحك ضحكاً حسناً حتى بدت أسنانه من غير قهقهة . (13) أي البرد . (14) أي عظيماً في نفسه . (15) أي المعظم في الصدور والعيون . (16) يتلألأ : أي يستنير . (17) مسيح : أملسهما . (18) ينبو : يتباعد ويتجافى . (19) أي رفع رجله عن الأرض رفعاً بائناً بقوة لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب خطاه تبختراً . (1/101) قلعاً يخطو تكفياً(1)، ويمشي هوناً ذريع المشية(2) ، إذا مشى كأنما ينحط من صبب(3) ، وإذا التفت التفت جميعاً(4) ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة(5) ، يسوق أصحابه ، يبدأ من لقى بالسلام(6) . __________ (1) جملة مؤكدة لما قبلها وهو بكسر الفاء المشددة بعدها ياء أي يمشي مائلاً إلى سنن المشي لا إلى طرفيه يقال يتكفأ أي يتمايل إلى قدام . (2) أي سريعها . (3) أي محل منحدر . (4) إي لا يسارق النظر . (5) وهي مفاعلة من اللحظ وهو النظر باللحاظ يقال لحظه ولحظ إليه (6) مختارات من أدب العرب لأبي الحسن النووي صـ 13 . (1/102) 2 ـ وعن الحسن بن علي عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جاء وصف النبي كالتالي : لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً(1) ولا صاخباً(2) في الأسواق ، ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح(3) . ما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا ضرب خادماً ، ولا امرأة ، ما رأيته منتصراً من مظلمة ظُلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله تعالى شئ ، فإذا انتهك من محارم الله تعالي كان من أشدهم غضباً ، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، وإذا دخل بيته كان بشراً من البشر يفلي(4) ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه ، كان يخزن لسانه إلا فيما يعنيه ويؤلّفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي على أحد منهم بشره(5) ، ولا خلقه ، ويتفقد(6) أصحابه ويسأل عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهيه(7) ، معتدل الأمر غير مختلف ، ولا يغفل مخافة أن يغفلوا ويملوا ، لكل حال عنده عتاد(8) ، لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة(9) ومؤازرة(10) ، لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، يعطي كل جلسائه بنصيبه ، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ، من جالسه أو فاوضه(11) ، في حاجة __________ (1) إي ولا المتكلف به أي لم يكن الفحش له خلقياً ولا كسبياً . (2) صاخباً : صيَّاحاً . (3) صفح عنه : أعرض عنه وتركه ، بابه فتح . (4) فلا يفلي فلياً رأسه أو ثوبه : نقاهما من القمل . (5) بشره : بالكشر طلاقة الوجه وبشاشته . (6) يتفقد : يتعرف ويطلب من غاب منهم . (7) يوهيه : يضعفه . (8) العتاد : هو العدة والتأهب مما يصلح لكل ما يقع أعتدُ وعُتُد وأعتدِة . (9) المداراة وهي إصلاح أحوال النار بالمال والنفس . (10) مؤازرة : المعاونة . (11) فاوضه : عامله في حاجة أو خالطه . (1/103) صابره حتى يكون هو المنصرف ، ومن سأله حاجته لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً ، وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس علم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن(1) فيه الحرم ولا تنثى(2) ، فلتاته(3)، متعادلين(4) يتفاضلون فيها بالتقوى ، متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب .(5) __________ (1) ولا تؤبن : هو العيب والتهمة أي لا تقذف ولا تعاب . (2) ولا تنثى : لا تشاع ولا تذاع . (3) فلتاته : زلاته ومعائبه على تقدير وجود وقوعها جمع فلتة . (4) متعادلين : متساوين . (5) مختارات من أدب العرب لأبي الحسن الندوي صـ 15 . (1/104) 3 ـ عن الحسن بن علي عن الحسين بن علي عن علي رضي الله عنهم ملتقطاً من جزء الشمائل للترمذي : كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب(1) ليس بفظ(2) ، ولا غليظ وصخاب ولا فحّاش ولا عياب ولا مشاح(3) ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه ولا يجيب(4) فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء(5) ، والإكبار وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث كان لا يذمّ أحداً ولا يعيبه ولا يطلب عورته . ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه وإذا تكلم أطرق(6) ، جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث ، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم(7) ، يضحك مما يضحكون ويتعجب ممّا يتعجبون ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه يستجلبونهم ويقول إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه(8) ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ(9) ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام ، أجود الناس صدراً وأصدق الناس لهجة(10) ، وألينهم عريكة(11) ، وأكرمهم عشيرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبَّه ويقول ناعته لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم(12) . تاسعاً : آية التطهير وحديث الكساء : __________ (1) أي سريع العطف كثير اللطف ، جميل الصفح ، وقيل قليل الخلاف وقيل كناية عن السكون والوقار والخشوع والخضوع . (2) الغليظ السيئ الخلق الخشن الكلام . (3) اسم فاعل من باب المفاعلة من الشح وهو البخل وقيل أشده . (4) أي لا يجب أحداً فيما لا يشتهي بل يسكت عنه عفواً وتكرماً . (5) الجدال . (6) أمالوا رأسهم وأقبلوا ببصرهم إلى صدورهم . (7) أي حديث أفضلهم أو كأول تكلمهم أي لا عن ملالة وسآمة . (8) الإرفاد الإعطاء والإعانة . (9) أي من مقارب في مدحه غير مجاوز به عن حد مثله ولا مقصر به عما رفعه الله إليه من علو مقامه . (10) اللسان . (11) الطبيعة . (12) مختارات من أدب ب الحسن الندوي صـ 16 نقلاً عن الشمائل للترمذي . (1/105) آية التطهير هي قول الله عز وجل : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) (الأحزاب ، آية : 33) وأما حديث الكساء ، فقد روت عائشة رضي الله عنها ، فقالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل(1) ، فأدخل علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، قال ": ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) (الأحزاب ، آية : 33) وإن رواية عائشة للحديث يبين لنا كذب من يقول أن الصحابة يكتمون فضائل علي ، فهذه عائشة التي يدعون أنها تبغض علياً هي التي تروي هذا الفضل لعلي وفاطمة(2) والحسن والحسين رضي الله عنهم . __________ (1) كساء من خز أو صوف أو كتان لسان العرب (7/401) والمرحل نقش فيه تصوير الرحال . (2) حقبة من التاريخ صـ 187 . (1/106) إن الخطاب في الآيات الكريمة كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم حيث بدأ بهم وختم بهن قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًاً جميلاً ، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ، يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يسيراً ، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا)) إلى قوله تعالى : ((((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا *وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) (الأحزاب ، آية : 28 ـ 34) فالخطاب كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومعهنّ الأمر والنهي والوعد والوعيد ، لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بضمير المذكر لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر ، حيث تناول أهل البيت كلهم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أخص من غيرهم بذلك لذلك خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم ، كما أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يتعدى علياً والحسن والحسين وفاطمة إلى غيرهم كما في حديث زيد بن أرقم وأنه لما قيل له نساؤه من أهل بيته ؟ قال نساؤه ولكن أهل بيته الذين حرموا الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس(1) وقد تعمد علماء الشيعة الإثني عشرية اقتطاع آية التطهير __________ (1) مسلم رقم 107 . (1/107) من السياق القرآني الذي جاءت فيه والذي خاطب الله به نساء النبي صلى الله عليه وسلم إغفالاً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم من الخطاب ، ثم ضموا إلى ذلك حديث الكساء الذي رواه مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة ، قالت : خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه المرط(1) المرحل(2) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي ، فأدخله ثم جاء الحسين ، فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) ، وحديث أم المؤمنين أم سلمة لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) قالت أم سلمة : وأنا معهم يا نبي الله ؟ قال : أنت على مكانك ، وأنت على خير(3) لتثبيت المعنى الذي يريدونه من الاستدلال بهذه الآية الكريمة(4) ، ويرى علماء الشيعة أن في آية التطهير دلالة على عصمة أصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين ، من الخطايا والذنوب صغيرها وكبيرها بل ومن الخطأ والسهو البشري(5) ، ويعتقدون أن الحسن بن علي هو الإمام الثاني المعصوم عندهم . __________ (1) مرط : يعني كساء .. (2) وهو الموشي المنقوش عليه صور رجال الإبل . (3) سنن الترمذي ، ك المناقب رقم : 3788 . (4) ثم أبصرت الحقيقة صـ 176 . (5) المصدر نفسه صـ 176 . (1/108) إن عصمة الإمامة عند الشيعة الإمامية شرط من شروط الإمامة وهي من المبادئ الأولية في كيانهم العقدي ولها أهمية كبرى عندهم ونتيجة لما أضفاه الشيعة الرافضة على أئمتهم من صفات وقدرات ومواهب علمية غير محدودة ، ذهبوا إلى أن الإمام ليس مسئولاً أمام أحد من الناس ولا مجال للخطأ في أفعاله مهما أتى من أفعال ، بل يجب تصديقه والإيمان بأن كل ما يفعله من خير لا شر فيه لأن عنده من العلم وما لا قبل لأحد بمعرفته ، ومن هنا قرر الشيعة الرافضة للإمام ضمن ما قرروا العصمة ، فذهبوا إلى أن الأئمة معصومون في كل حياتهم لا يرتكبون صغيرة ولا كبيرة ولا يصدر عنهم أي معصية ، ولا يجوز عليهم خطأً ولا نسيان(1) ، وقد نقل الإجماع على ذلك شيخهم المفيد ، فقال : إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرع وتأديب الأنام معصومون ، كعصمة الأنبياء ، وأنهم لا يجوز منهم كبيرة ولا صغيرة وأنه لا يجوز منهم سوء في شيء من الدين ولا ينسون شيئاً من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منهم ، وتعلق بظواهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنه الفاسد من هذا الباب(2) ، وقد تحدثت عن هذه العقيدة بنوع من التفصيل في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(3) ، فمن أراد المزيد فليرجع إليه . وأما حجة الشيعة الإمامية في آية التطهير فنقدها من وجوه : أ ـ حديث أم سلمة السابق ، فقد ورد بعدة صيغ : __________ (1) دراسات عن الفرق د. أحمد جلي صـ 203 . (2) أوائل المقالات للمفيد صـ 35 . (3) أسمى المطالب سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (2/302) . (1/109) …فروي عن أم سلمة أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم عندي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فجعلت لهم خزيرة ، فأكلوا وناموا وغطى عليهم عباءة أو قطيفة ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم أجلسهم على كساء ، ثم أخذ بأطرافه الأربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، فقال : هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم أجلسهم على كساء ، ثم أخذ بأطرافه الأربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، فقال : هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وهاتان الروايتان تتفقان مع رواية مسلم عن السيدة عائشة في دخول الخمسة الآية ، ولكن هذا لا يحتم عدم دخول غيرهم(1) ، وقد وردت روايات عن أم سلمة فيها زيادات تشير إلى عدم دخولها مع أحاديث الكساء ، لا يخلو أكثرها من الضعف لكن صح منها من جملتها هذه الرواية : لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً ، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، قالت أم سلمة : وأنا معهم يا نبي الله ؟ قال : أنت على مكانك وأنت على خير(2) ، وهناك رواية هامة جداً رويت بإسناد حسن تشير إلى أن أم سلمة قد دخلت في الكساء بعد خروج أهل الكساء منه(3) ، ولعل التعليل في ذلك أنه لا يصح أن تدخل أم سلمة مع علي بن أبي طالب تحت كساء واحد فلذلك أدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروج أهل الكساء __________ (1) ثم أبصرت الحقيقة صـ 177 . (2) فضائل الصحابة (2/727) رقم 1994 إسناده فيه ضعف وله طرق قوية . (3) ثم أبصرت الحقيقة صـ 177 . (1/110) منه ، فعن شهر قال : سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء نعي الحسين بن علي ، لعنت أهل العراق ، فقالت : قتلوه قتلهم الله ، غروه وذلوه لعنهم الله ، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته فاطمة غدية ببرمة قد وضعت فيها عصيدة تحملها في طبق لها ، حتى وضعتها بين يديه ، فقال لها : أين ابن عمك ؟ قالت : هو في البيت ، قال : اذهبي فادعيه وائتني بابنيه ، قال : فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيد ، وعلي يمشي في إثرهما ، حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسهما في حجره وجلس علي على يمينه وجلس فاطمة على يساره ، قالت أم سلمة : فاجتبذ كساء خيبرياً كان بساطاً لنا على المنامة ، فلفّه رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً فأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز وجل : قال : اللهم أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، قلت يا رسول الله : ألست من أهلك ؟ قال بلى فادخلي في الكساء ، فدخلت في الكساء بعدما قضى دعاءه لابن عمه علي وابنيه وابنته فاطمة(1) ، فشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة أنها من أهل بيته وأدخلها في الكساء بعد دعائه لهم(2) . ب ـ ومما يدل على أن الآية ليست دالة على العصمة والإمامة أن الخطاب في الآيات لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم حيث بدأ بهن وختم بهنّ : __________ (1) فضائل الصحابة (2/852) رقم 1170 إسناده حسن . (2) ثم أبصرت الحقيقة صـ 178 . (1/111) …قال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًاً جميلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ، يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يسيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا *يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا معروفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا *وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) (الأحزاب ، آية : 28 ـ 34) . (1/112) …فالخطاب كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد ، لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بضمير المذكر ، لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر ، حيث تناول أهل البيت كلهم ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أخص من غيرهم بذلك ، لذلك خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم ، كما أن زوج الرجل من أهل بيته ، وهذا شائع في اللغة كما يقول الرجل لصاحبه : كيف أهلك ؟ أي امرأتك ونساؤك ، فيقول : هم بخير ، وقد قال تعالى : ((قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)) (هود : 73) والمخاطب بهذه الآية بالإجماع هي سارة زوجة إبراهيم عليه السلام ، وهذا دليل على أن زوجة الرجل من أهل البيت(1) . …وقوله تعالى : ((فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)) (القصص : 29) . والمخاطب هنا أيضاً زوجة موسى عليه السلام . __________ (1) الإمامة والنص ، فيصل نور صـ 386 . (1/113) …وقوله تعالى : ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)) (مريم : 54 ـ 55) . فمن أهله الذين كان يأمرهم بالصَّلاة ؟ وهذا كقوله تعالى مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم : ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)) (طه : 132) . ولا شك في دخول زوجاته أو خديجة رضي الله عنها على أقل تقدير في الأهل ، باعتبار أن السورة مكية(1) ، وقال تعالى : ((وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (يوسف ، آية : 25) ، فالمخاطب هنا عزيز مصر ، وقولها : ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً ؟ أي زوجتك ، وهذا بين(2) . جـ ـ إذهاب الرجس لا يعني في لغة القرآن معنى العصمة : …يقول الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن مادة رجس ، الرجس الشئ القذر ، قال : رجل رجسي ، ورجال أرجاس ، قال تعالى : ((رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)) (المائدة : 90) .. والرجس من جهة الشرع والخمر والميسر .. وجعل الكافرين رجساً من حيث أن الشرك بالعقل أقبح الأشياء ، قال تعالى : (( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ)) (التوبة : 125) وقوله تعالى : ((وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)) (يونس : ، آية : 100) . __________ (1) المصدر نفسه صـ 391 . (2) المصدر نفسه صـ 393 . (1/114) …قيل الرجل : النتن ، وقيل العذاب ، وذلكم كقوله : ((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)) وقال : أو لحم خنزير فإنه رجس وبالجملة لفظ ((الرجس)) أصله القذر يطلق ويراد به الشرك كما في قوله تعالى : ((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)) (الحج ، آية : 30) ويطلق ويراد به الخبائث المحرمة كالمطعومات والمشروبات ونحو قوله : ((قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا)) (الأنعام ، آية : 145) وقوله تعالى : ((إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)) (المائدة ، آية : 90) ، ولم يثبت أن استخدم القرآن لفظ ((الرجس)) بمعنى مطلق الذنب بحيث يكون في إذهان الرجس عن إثبات لعصمته(1) . د ـ التطهير من الرجس لا يعني إثبات العصمة لأحد : __________ (1) ثم أبصرت الحقيقة صـ 181 . (1/115) …فكما أن كلمة ((الرجس)) لا يراد بها ذنوب الإنسان وأخطاؤه في الاجتهاد وإنما يُراد بها القذر والنتن والنجاسات المعنوية والحسية فإن كلمة التطهير لا تعني العصمة ، فإن الله عز وجل يريد تطهير كل المؤمنين وليس أهل البيت فقط ، وإن كان أهل البيت هم أولى الناس وأحقهم بالتطهير ، فقد قال الله تعالى عن صحابة رسوله : ((مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)) (المائدة ، : 6) وقال عز من قال : ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)) (التوبة ، آية : 103) وقال ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (البقرة ، آية : 222) ، فكما أخبر الله عز وجل بأنه يريد تطهير أهل البيت أخبر كذلك بأنه يريد تطهير المؤمنين فإن كان في إرادة التطهير وقوع للعصمة لحصل هذا للصحابة ، ولعموم المؤمنين الذين نصت الآيات على إرادة الله عز وجل تطهيرهم ، وقد قال تعالى عن رواد مسجد قباء من الصحابة : ((فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) (التوبة ، آية : 108) ، ولم يكن هؤلاء معصومين من الذنوب بالاتفاق ، وقال تعالى عن أهل بدر وهو ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً : ((وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ)) (الأنفال ، آية : 11) ولم يكن في هذا إثبات لعصمته مع أنه لا فرق يذكر في الألفاظ بين قول الله تعالى عن أهل البيت ليذهب عنكم الرجز أهل البيت ويطهركم تطهيراً وبين قوله في أهل بدر : ((وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ)) فالرجز والرجس متقاربان ويطهركم في الآيتين واحد ، لكن الهوى هو الذي جعل من الآية الأولى دليلاً على العصمة دون الأخرى والعجيب في علماء الشيعة الرافضة أنهم يتمسكون (1/116) بالآية ويصرفونها إلى أصحاب الكساء ، ثم يصرفون معناها من إرادة التطهير إلى إثبات عصمة أصحاب الكساء ثم يتناسون في الوقت نفسه آيات أخرى نزلت في إرادة الله عز وجل لتطهير الصحابة ، بل هم بالمقابل يقدحون فيهم ، ويقولون بانقلابهم على أعقابهم مع أن الله عز وجل نص على إرادته تطهيرهم بنص الآية(1) ، ((وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)) . ـ…الإرادة في الآية إرادة شرعية ، وهي غير الإرادة القدرية : …يعني يحب الله أن يذهب عنكم الرجس ، وقد تحدث علماء أهل السنة عن الإرادتين الشرعية الدينية ، والإرادة القدرية الكونية ، فقالوا : ـ…إرادة شرعية دينية : وهي تتضمن معنى المحبة والرضى ، كقوله تعالى : ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)) (البقرة ، آية : 185) وقوله تعالى : ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)) (النساء ، آية : 27 ـ 28) . __________ (1) ثم أبصرت الحقيقة صـ 182 . (1/117) ـ…إرادة قدرية خلقية : وهي بمعنى المشيئة الشاملة لجميع الموجودات ، وذلك مثل الإرادة في قوله تعالى : ((وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)) (البقرة ، آية : 253) وقوله : ((وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ)) (هود ، آية : 34) ، فالمعاصي إرادة كونية قدرية فهو لا يحبها ولا يرضاها ولا يأمر بها ، بل يبغضها ويسخطها ، ويكرهها ونهي عنها ، هذا قول السلف والأئمة قاطبة ، فيفرقون بين إرادته التي تتضمن محبته ورضاه وبين إرادته ومشيئته الكونية القدرية التي لا يلزم منها المحبة والرضى(1) ، ولا شك أن الله عز وجل أذهب الرجس عن فاطمة والحسن والحسين وعلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الإرادة في هذه الآية ، إرادة شرعية ولذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جللهم بالكساء قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس(2) هـ ـ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يحسم القضية : …آية التطهير لو كان فيها ما يدل على وقوع التطهير لأهل الكساء لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغطيتهم بالكساء والدعاء لهم بقوله : اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس(3) ، بل في هذا دلالة واضحة على أن الآية نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه أراد أن ينال أصحاب الكساء هذا الأخبار الرباني عن التطهير ، فجمعهم وجللهم بالكساء ودعا لهم فتقبل الله دعاءه لهم(4) ، فطهرهم كما طهر الله نساء النبي بنص الآية(5) . __________ (1) وسطية أهل السنة بين الفرق ، محمد با عبد الله صـ 387 . (2) سنن الترمذي ، ك مناقب أهل البيت رقم 3787 . (3) سنن الترمذي ، ك مناقب أهل البيت رقم 3787 ، صححه الألباني . (4) ثم أبصرت الحقيقة صـ 182 . (5) أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي (2/314) . (1/118) و ـ من الردود الدالة على عدم دلالة الآية الإمامة والعصمة : …ومنها : أن ما اختص به أمير المؤمنين علي والحسن والحسين رضي الله عنهم من الآية بزعم القوم ثبت للسيدة فاطمة رضي الله عنها ، وخصائص الإمامة لا تثبت للنساء ، فلو كان هذا دليلاً لكان من يتصف بما في الآية يستحق العصمة والإمامة ، وفاطمة رضي الله عنها كذلك وبذات الاعتبار ، فدل على أن الآية لا يراد بها الإمامة ولا العصمة ، ومنها خروج تسعة من الأئمة المزعومين لعدم شمول الآية لهم ، حيث اختصت الآية بثلاثة منهم(1) وهم : ـ…علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ـ…والحسن بن علي رضي الله عنه . ـ…والحسين بن علي رضي الله عنه . عاشراً : آية المباهلة ووفد نصارى نجران : __________ (1) الإمامة والنص صـ 387 . (1/119) …جاء وفد نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : كنا مسلمين قبلكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم يمنعكم من الإسلام ثلاث : عبادتكم الصليب ، وأكلكم الخنزير ، وزعمكم أن لله ولداً(1) ، وكثر الجدال والحجاج بينه وبينهم ، والنبي يتلو عليهم القرآن ويقرع باطلهم بالحجة ، وكان مما قالوه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالك تشتم صاحبنا ، وتقول إنه عبد الله ، فقال : أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنساناً قط من غير أب ، فإن كنت صادقاً فأر مثله ؟ فأنزل الله في الرد عليهم قوله سبحانه : ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)) (آل عمران ، آية : 59 ـ 60) . فكانت حجة دامغة شبّه فيها الغريب بما هو أغرب منه(2) ، فلما لم تجد معهم المجادلة بالحكمة والموعظة الحسنة دعاهم إلى المباهلة(3) ، امتثالاً لقوله تعالى : ((فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) (آل عمران ، آية : 61) . وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين وفاطمة وقال : وإذا أنا دعوت فأمِّنوا(4) ، فائتمروا فيما بينهم ، فخافوا الهلاك لعلمهم أنه نبي حقاً ، وأنه ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا ، فأبوا أن يلاعنوه وقالوا : أحكم علينا بما أحببت فصالحهم على الفي حلة ، ألف في رجب ، وألف في صفر(5) __________ (1) زاد المعاد (3/633) سنده فيه ضعف . (2) زاد المعاد (3/629 ـ 638) . (3) السيرة النبوية لأبي شهبة (2/547) . (4) المصدر نفسه (2/547) . (5) السيرة النبوية لأبي شهبه (2/547) . (1/120) . وهكذا يتضح المقصد الحقيقي لنزول الآية ومناسبتها وأنه ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد على ما ادعاه الشيعة على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنص وقد رددت على زعمهم في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه(1) ، فمن أراد التوسع فليرجع إليه . الحادي عشر : أثر التربية الأسرية على الحسن بن علي رضي الله عنه : …نشأ الحسن بن علي رضي الله عنه في بيت النبوة وتربى على يدي جده ووالده علي وأمه فاطمة رضي الله عنهما ، فأخذ عن جده ووالديه مفاهيم الإسلام ولهذه النشأة تأثير كبير في بناء وتكوين شخصيته القوية التي التزمت بأوامر الإسلام واستقامة على تعاليمه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الناس معادن كمعادن الفضة والذهب ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام(2) ، فمعدن الحسن بن علي نادر الوجود ولم ينشأ في الجاهلية وإنما نشأ في بيت النبوة ، مما جعله يكون سيداً بما تعني هذه الكلمة من معنى ، وقد اجتمع للحسن بن علي من أصالة النسب والتربية الأسرية ما لم يجتمع لغيره من الناس . فجده الحبيب المصطفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وأبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وأمه فاطمة الزهراء رضي الله عنها . __________ (1) أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي (2/334 إلى 336) . (2) البخاري ، رقم 3383 . (1/121) وجدته لأمه السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى أمير المؤمنين علي تربية الحسن والحسين وأشرف عليهم إشرافاً مباشراً ، وكانت شخصية أمير المؤمنين تتوفر فيها شروط الأب المربي ولا شك أنه فهم واستوعب قول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يؤمرون)) (التحريم ، آية : 66) ومن الشروط الواجب توافرها في الأب المربي المسئول هي : 1 ـ الإخلاص والشعور بأهمية القضية والاهتمام بها : …فقد اهتم أمير المؤمنين علي بتربية وتعليم الحسن والحسين أبنائه وشمَّر عن ساعد الجد ، وتعهدهم بالرعاية والإهتمام ويكون هدفه من ذلك رضاء الله وثوابه والتقرب إليه بتربية علي أولاده على طاعة الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم . 2 ـ إعطاء القدوة الحسنة للأبناء : …تعتبر القدوة من أهم وسائل التربية إن لم تكن هي أهمها على الإطلاق ، وذلك لوجود تلك الغريزة الفطرية الملحة في كيان الإنسان التي تدفعه نحو التقليد والمحاكاة ، خاصة الأطفال الصغار(1) يقول ابن خلدون : ويبدأ التقليد غايته في سن الخامسة أو السادسة ويستمر معتدلاً حتى الطفولة المتأخرة(2) ، وكان أمير المؤمنين علي قدوة عظيمة لابنه الحسن فهو من سادات الصحابة ومن الخلفاء الراشدين ، وكان الحسن بن علي يقلد أباه وأمه عن حب عميق . 3 ـ كان أمير المؤمنين علي رحيماً رفيقاً ليناً في تربيته : __________ (1) مسئولية الأب ، عدنان با حارث صـ 65 . (2) مقدمة ابن خلدون نقلاً عن موسوعة تربية الأجيال المسلمة ، لنصر بن محمد العنقري صـ 86 . (1/122) …فقد كان أمير المؤمنين متحلياً بالرحمة والحلم وكان رفيقاً وليناً بالحسن والحسين في تربيتهم ويعرف لهم فضلهم ومكانتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة فاطمة رضي الله عنها . 4 ـ التوسط في المعاملة والعدل بين الأبناء : …ويظهر هذا الخلق جلياً في وصيته للحسن والحسين عندما أصبح من الدنيا راحلاً ولأصحابه مفارقاً ولكأس المنية شارباً ، وقد اتبع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه التوجيهات القرآنية في تربيته وتعليمه وتوجيهه لأبنائه مثل قوله تعالى : ((وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عظيم *وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)) (لقمان ، آية : 13 ، 14) . …والمقصود أن الهدي القرآني اهتم بتذكير الأنبياء بتربية الأبناء وحياة أمير المؤمنين علي تطبيق لأوامر الله عز وجل ، وابتعاد عن نواهييه ، هذه بعض الصفات المهمة في شخصية أمير المؤمنين علي والتي ساعدته في تربية ابنيه الحسن والحسين . الثاني عشر : أثر الواقع الاجتماعي على تربية الحسن : (1/123) إن البيئة الاجتماعية المحيطة لها دور فعال ومهم قي صناعة الرجال وبناء شخصيتهم ، فالحسن بن علي رضي الله عنه عاش في زمن ساد فيه الصحابة ، والرعيل الأول الذي تربى على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهيمنت الفضيلة والتقوى والصلاح على ذلك المجتمع الفريد ، وكثر الإقبال على طلب العلم والعمل بالكتاب والسنة فهذه الحالة دفعت الحسن بن علي إلى الاستفادة والاقتداء بالمجتمع الذي يعيش فيه ، فكان عدد الصحابة الذين استوطنوا المدينة في حياة الرسول كم كبير ، واستمر عدد كبير في المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن مجتمعاً عاش فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وتربي فيه على يديه النواة الأولى لخير أمة أخرجت للناس ، لهو مجتمع لا يدانيه أي مجتمع آخر ، فقد شاهد هذا المجتمع الوحي وصاحب الدعوة ، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان لهذه الملازمة والصحبة آثار نفسية ومعان إيمانية وتعلق روحي(1) فكان هذا المجتمع محل جذب الناس والتأثير فيهم بالسلوك والقول ، وأن هذا المجتمع له قوة التأثير في صياغة شخصية الحسن بن علي التربوية والعلمية . المبحث الثالث : الحسن بن علي في عهد الخلفاء الراشدين : أولاً : مكانة الحسن بن علي في عهد الصديق رضي الله عنه : كان للحسن والحسين بن علي رضي الله عنهما مكانة مرموقة لدي الصديق ، وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً ، فقد كانوا يحبونهم ويتعاملون معهم بشكل خاص ، فبينما كان أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يمضيان بعد صلاة العصر فرأى أبو بكر رضي الله عنه الحسن يلعب مع الغلمان ، فأخذه أبو بكر فحمله على عنقه وقال : ………بأبي شبيه النبي ………………ليس شبيهاً بعلي __________ (1) الإمام الزهري ، شرّاب صـ 26 . (1/124) وعلي يبتسم(1) . وقد تأثر الحسن بن علي بسيرة الصديق حتى أنه سمّى أحد أبنائه على أبي بكر ، ولا يسمّى أحد من الناس أسماءً على شخص معين إلا نتيجة حب ومعرفة مفصلة بسيرته ، وقد تعلم الحسن بن علي من عهد الصديق سواء في حياته أو بعد وفاة أبي بكر أموراً منها : 1 ـ هول فاجعة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف أبي بكر منها : قال ابن رجب : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اضرب المسلمون ، فمنهم من دُهش فخولط ومنهم من أقعد فلم يُطق القيام ، ومن اعتقل لسانه فلم يطق الكلام ، ومنهم من أنكر موته بالكلية(2) ، وقال ابن إسحاق : ولما توفي رسول الله صلة الله عليه وسلم عظمت به مصيبة المسلمين فكانت عائشة فيما بلغني تقول لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب واشرأبت اليهودية ، والنصرانية ونجم النفاق ، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الثانية لفقد نبيهم(3) ، وقال القاضي أبو بكر بن العربي : .. واضطربت الحال .. فكان موت النبي صلى الله عليه وسلم قاصمة الظهر ، ومصيبة العمر ، فأما علي فاستخفى في بيت فاطمة ، وأما عثمان فسكت ، وأما عمر فأهجر ، وقال : ما مات رسول الله وإنما واعده ربه كما واعد موسى ، وليرجعن رسول الله ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم(4) ، ولما سمع أبو بكر الخبر أقبل على فرس من مسكنه بالسُّنح ، حتى نزل ، فدخل المسجد ، فلم يكلِّم الناس ، حتى دخل على عائشة فتيمَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغشّى بثوب حبرة ، فكشف عن وجهه ، ثم أكبَّ عليه فقبله وبكى ، ثم قال : بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التي عليك فقد متها(5) ، وخرج أبو بكر وعمر يتكلم فقال : أجلس يا عمر ، وهو ماضي في كلامه ، وفي ثورة غضبه ، __________ (1) نسب قريش (1/23) ، البخاري (5/93) . (2) لطائف المعارف صـ 114 . (3) سيرة ابن هشام (4/323) . (4) القواصم من العواصم صـ 38 . (5) البخاري ، ك المغازي ـ رقم 4452 . (1/125) فقام أبو بكر في الناس خطيباً بعد أن حمد الله وأثنى عليه ، فقال : أما بعد فإن من كان يعبد محمداً فإن محمد قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية : ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)) (آل عمران ، آية : 144). فنشح الناس يبكون . وبهذه الكلمات القلائل ، واستشهاد الصديق بالقرآن الكريم خرج الناس من ذهولهم وحيرتهم ورجعوا إلى الفهم الصحيح رجوعاً جميلاً ، فالله هو الحي وحده الذي لا يموت ، وأنه وحده الذي يستحق العبادة ، وأن الإسلام باق بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم(1) ، كما جاء في رواية من قول الصديق : إن دين الله قائم ، وإن كلمة الله تامة وإن الله ناصر من نصره ، ومعز دينه ، وإن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمد صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه ، والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله ، إن سيوف الله لمسلولة ما وضعناها بعد ، ولنجاهدنّ من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله فلا يبغين أحد إلا على نفسه(2) . __________ (1) استخلاف أبو بكر الصديق ـ جمال عبد الهادي صـ 160 . (2) دلائل النبوة للبيهقي (7/218) . (1/126) كان موت محمد صلى الله عليه وسلم مصيبة عظيمة ، وابتلاءاً شديداً ، ومن خلالها وبعدها ظهرت شخصية الصديق كقائد للأمة فذ لا نظير له ولا مثيل(1) ، فقد أشرق اليقين في قلبه وتجلى ذلك في رسوخ الحقائق فيه ، فعرف حقيقية العبودية ، والنبوة ، والموت ، وفي ذلك الموقف العصيب ظهرت حكمته رضي الله عنه ، فانحاز بالناس إلى التوحيد (من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) وما زال التوحيد في قلوبهم غضاً طرياً ، فما إن سمعوا تذكير الصديق لهم حتى رجعوا إلى الحق(2) ، تقول عائشة رضي الله عنها : فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس ، فما يسمع بشر إلا يتلوها(3) . ولا شك أن هذه الحادثة أخذت مكانها الطبيعي في ذاكرة الحسن بن علي وأصبحت من ضمن ثقافته ومعرفته ، فقد كان عمر الحسن عندما مضى رسول الله إلى الرفيق الأعلى سبع أو ثماني سنين وهو طور تنمو فيه مدارك الطفولة ، وتكون فيه فكرة الطفل كالعدسة اللاقطة تنقل إلى ذاكرته كثيراً من المشاهدات والصور ، والحسن من الأطفال الأذكياء وله من الاستعداد لأن يستوعب مجريات ذلك العهد ويفهم الغايات السامية والأعمال العظيمة ، والمواقف المشهودة والقيم الكبرى التي قام بها الصديق ، ولقد أثرت تلك الأعمال والمواقف على نفسية الحسن وتملك قلبه حب الصديق وسمّى أحد أبنائه عليه . ومن أهم الدروس التي تعلمها الحسن من وفاة النبي هي أن البقاء للمبادئ وليست للأشخاص وأهمية التعلق بالله وحده فهو الباقي وهو النافع والضار وهو على كل شئ قدير . 2 ـ سقيفة بني ساعدة : __________ (1) دولة ـ مجدي حمدي صـ 25 ، 26 . (2) استخلاف أبو بكر الصديق صـ 160 . (3) البخاري ، رقم 1241 ، 242 . (1/127) …لما علم الصحابة رضي الله عنهم بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه وهو يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة ، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده(1) ، والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه ، ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين وهم مجتمعون مع أبي بكر لترشيح من يتولى الخلافة(2) ، قال المهاجرون لبعضهم : انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار ، فإن لهم في هذا الحق نصيباً(3) ، .. فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة ، فإذا رجل مزمِّل بين ظهرانيهم ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : هذا سعد بن عبادة ، فقلت : ما له ؟ قالوا : يُوعَك ، فلما جلسنا قليلاً تشهَّد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط ، وقد دفت دافة من قومكم(4) ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر(5) ، فلما سكت أردت أن أتكلم ـ وكنت قد زوَّرتُ مقالتي أعجبتني أريد أقدّمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحدِّة ، فلما أردتُ أن أتكلم قال أبو بكر : على رسلك . فكرهت أن أغضبه ، فتكلم أبو بكر ، فكان هو أحلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت ، فقال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحيِّ من قريش ، هم أوسط العرب نسباً وداراً ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ـ فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ـ فلم أكره مما قال غيرها ، والله أن أقدّم فتضرب عنقي __________ (1) التاريخ الإسلامي (9/21) . (2) عصر الخلافة الراشدة للعمري صـ 40 . (3) المصدر نفسه صـ 40 . (4) أي عدد قليل . (5) أي يخرجوننا من أمر الخلافة . (1/128) لا يُقرِّبني ذلك من إثم أحب إليَّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ، اللهم إلا أن تُسوِّل إليَّ نفسي عند الموت شيئاً لا أجده الآن . فقال قائل من الأنصار : أنا جُذيلها المحكَّك ، وعُذيقُها المرحَّب(1) ، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ، فكثر اللغط ، وارتفعت الأصوات ، حتى فرقت من الاختلاف فقلت : أبسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده ، فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار(2) . وفي رواية أحمد .. فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فلم يترك شيئاً في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم وإلا ذكره ، وقال : ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار . ولقد علمت يا سعد(3) ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد : قريش ولاة هذا الأمر فَبَرُّ الناس تبع لبرِّهم ، وفاجر الناس تبع لفاجرهم ، قال فقال له سعد : صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء .(4) . __________ (1) الجزيل : عود ينصب للإبل الجَرْبَى لتحتك به ، والمحكك : الذي يحتك به كثيراً ، أراد أن يستشفي برأيه ، والعذيق النخلة : أي الذي يعتمد عليها . (2) البخاري ، ك الحدود ـ رقم 6830 . (3) يعني سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه . (4) مسند أحمد (1/5) ، صحيح لغيره . (1/129) …وكان أبو بكر الصديق زاهداً في الإمارة وظهر زهده في خطبته التي اعتذر فيها من قبول الخلافة حيث قال : والله ما كنت حرصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط ولا كنت فيها راغباً ولا سألتها الله عزَّ وجل في سر وعلانية ، ولكني أشفقت من الفتنة ، ومالي في الإمارة من راحة ولكن قلدت أمراً عظيماً مالي به طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل ، ولو وددت أن أقوي الناس عليها مكاني(1) ، وقد قام بإستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته واستحلفهم على ذلك فقال : أيها الناس أذكر الله أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه ، فقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ومعه السيف ، فدنا منه حتى وضع رِجلاً على عتبة المنبر ، والأخرى على الحصى وقال : والله لا نقيلك ولا نستقيلك قدّمك رسول الله فمن ذا يؤخرك(2) ، هذه هي الحقائق التي عرفها وتعلمها الحسن بن علي عن حادثة السقيفة لا كما يدعي مزورو التاريخ ولم يكن أبو بكر وحده الزاهد في أمر الخلافة والمسئولية ، بل أنها روح العصر ـ ويمكن الرجوع إلى النصوص التي تمّ ذكرها بتوسع في كتابي الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي بكر الصديق(3) ، ويمكن القول : إن الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعدة لا يخرج عن هذا الاتجاه ، بل يؤكد حرص الأنصار على مستقبل الدعوة الإسلامية واستعدادهم المستمر للتضحية في سبيلها ، فما أن اطمأنوا على ذلك حتى استجابوا سراعاً لبيعة أبي بكر الذي قبل البيعة لهذه الأسباب ، وإلا فإن نظرة الصحابة مخالفة لرؤية الكثير مما جاء بعدهم ممن خالفوا المنهج العلمي ، والدراسة الموضوعية ، بل كانت دراستهم متناقضة مع روح ذلك العصر ، وآمال وتطلعات أصحاب رسول الله من الأنصار وغيرهم ، وإذا كان اجتماع __________ (1) المستدرك (3/66) قال الحاكم : حديث صحيح وأقره الذهبي . (2) الأنصار في العصر الراشدي صـ 108 ، الرياض النضرة (1/216) . (3) الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي البكر الصديق صـ 136 إلى 187 . (1/130) السقيفة أدي إلى إنشقاق بين المهاجرين والأنصار كما زعمه بعضهم(1) ، فكيف قبل الأنصار بتلك النتيجة وهم أهل الديار وأهل العدد والعدة ؟ وكيف انقادوا لخلافة أبي بكر ونفروا في جيوش الخلافة شرقاً وغرباً مجاهدين لتثبيت أركانها ؟ لو لم يكونوا متحمسين لنصرتها ؟ فالصواب اتضح من حرص الأنصار على تنفيذ سياسة الخلافة والاندفاع لمواجهة المرتدين ، وأنه لم يتخلف أحد من الأنصار عن بيعة أبي بكر فضلاً عن غيرهم من المسلمين وأن أخوة المهاجرين والأنصار أكبر من تخيلات الذين سطروا الخلاف بينهم في رواياتهم المغرضة(2) والتي زعموا أن حادثة السقيفة أثرت في نفسية الحسن بن علي لما رأى من التآمر والمكر والخديعة كما زعم صاحب كتاب حياة الإمام الحسن بن علي(3) . …فالحقيقة التي يعرفها الحسن بن علي رضي الله عنه أنه لم يحدث أزمات لا بسيطة ولا خطيرة ، ولم يثبت أي انقسام أو فرق لكل منها مرشح يطمع في الخلافة كما زعم بعض كتاب التاريخ الذين اعتمدوا على روايات الروافض ، وكتب الأدب ، وأكاذيب التاريخ ، ولم يثبت النقل الصحيح تآمراً حدث بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة لاحتكار الحكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم(4) ، فهم كانوا أخشى لله وأتقى من أن يفعلوا ذلك . __________ (1) أنظر : الإسلام وأصول الحكم ، محمد عمارة صـ 71 إلى 74 . (2) الأنصار في العصر الراشدي . (3) أنظر : حياة الحسن بن علي ، باقر شريف القرشي (1/123 إلى 139) . (4) استخلاف أبو بكر ، جمال عبد الهادي صـ 50 ، 51 ، 53 . (1/131) …إن الحسن رضي الله عنه حدثنا بأنه عقل الصلوات الخمس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان يتردد على مسجد رسول الله ولا شك في أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم أبا بكر على غيره أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم ، وقد علم ببيعة المسلمين لأبي بكر بعد جده ، فمعتقد الحسن بن علي رضي الله عنه في خلافة أبي بكر ، معتقد أهل السنة والجماعة القائل بصحة وشرعية خلافة أبي بكر الصديق بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم إياه في الصلوات على جميع الصحابة وقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مراد المصطفى عليه الصلاة والسلام من تقديمه في الصلاة ، فأجمعوا على تقديمه في الخلافة ومتابعته ولم يختلف منهم أحد ولم يكن الرب جلا وعلا ليجمعهم على ضلالة فبايعوه طائعين وكانوا لأوامره ممتثلين ولم يعارض أحد في تقديمه(1) ، فعندما سئل سعيد بن زيد متى بويع أبو بكر ؟ قال : يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم : كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة(2) ، وقد نقل جماعة من أهل العلم المعتبرين إجماع الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة على أن أبا بكر رضي الله عنه أولى بالخلافة من كل أحد(3) ، كالخطيب البغدادي(4) وأبي الحسن الأشعري(5) ، وعبد الملك الجويني(6) وأبي بكر البقلاني(7) ، وقد استوعب الحسن بن علي رضي الله عنه أسس الخلافة الإسلامية الراشدة وبأنها تقوم على الشورى ، والبيعة ، وقد أجمع المسلمون على وجوب الخلافة ، وأن تعيين الخليفة فرض على المسلمين يرعى شئون الأمة ويقيم الحدود ويعمل على نشر الدعوة __________ (1) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/550) . (2) تاريخ الطبري (3/207) . (3) عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة (2/550) . (4) تاريخ بغداد (10/130 ـ 131) . (5) الإبانة عن أصول الديانة صـ 66 . (6) كتاب الإرشاد صـ 361 . (7) الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به صـ 65 . (1/132) الإسلامية وعلى حماية الدين والأمة بالجهاد وعلى تطبيق الشريعة وحماية حقوق الناس ورفع المظالم وتوفير الحاجات الضرورية لكل فرد(1) . …هذا وقد قام أهل الحل والعقد في سقيفة بني ساعدة ببيعة الصديق خاصة ثم رشحوه للناس في اليوم الثاني وبايعته الأمة في المسجد البيعة العامة(2) . …وقد تعلم الحسن رضي الله عنه مما دار في سقيفة بني ساعدة مجموعة من المبادئ منها ، أن قيادة الأمة لا تقام إلا بالاختيار ، وأن البيعة هي أصل من أصول الاختيار وشرعية القيادة ، وأن الخلافة لا يتولاها إلا الأصلب ديناً والأكفأ إدارة ، فاختيار الخليفة يكون وفق مقومات إسلامية ، وشخصية ، وأخلاقية ، .. وأن الحوار الذي دار في سقيفة بني ساعدة قام على قاعدة الأمن النفسي السائد بين المسلمين حيث لا هرج ولا مرج ، ولا تكذيب ولا مؤامرات ولا نقض للاتفاق ، ولكن تسليم للنصوص التي تحكمهم حيث المرجعية في الحوار إلى النصوص الشرعية(3) . 3 ـ بعض ملامح الحكم في عهد الصديق : __________ (1) الخلافة والخلفاء الراشدون صـ 163 . (2) الخلافة والخلافاء الراشدون صـ 66 ، 67 . (3) دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة ، للشجاع صـ 256 . (1/133) …إن الحسن بن علي رضي الله عنه قد استوعب هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين ، ولذلك نجده عندما تنازل لمعاوية شرط عليه الالتزام بالكتاب والسنة ومنهج الخلفاء الراشدين ، وهذا يدلنا على أنه على علم ودراية بعهد الصديق رضي الله عنهما ، وخطة الصديق عندما تولى القيادة تعتبر من عيون الخطب الإسلامية على إيجازها وقد قرر فيها قواعد العدل والرحمة في التعامل بين الحاكم والمحكوم وركز على أن طاعة ولي الأمر مرتبة على طاعة الله ورسوله ، ونص على الجهاد في سبيل الله لأهميته في إعزاز الأمة ، وعلى اجتناب الفاحشة لأهميته ذلك في حماية المجتمع من الانهيار والفساد(1) ، ومن خلال الخطبة ، والأحداث التي تمت بعد وفاة رسول ، تعلم الحسن بن علي ملامح نظام الحكم في بداية عهد الخلافة الراشدة والتي من أهمها : أ ـ القرآن الكريم والسنة النبوية : ، المرجعية العليا في دولة الصديق رضي الله عنه : …قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته : أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم(2) . ب ـ حق الأمة في مراقبة الحاكم ومحاسبته : …وجاء في خطبته : فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني(3) ت ـ إقرار مبدأ العدل والمساواة بين الناس : …وجاء في خطبته أيضاً : الضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله(4) . ث ـ الصدق أساس التعامل بين الحكم والمحكوم : …وجاء في خطبته أيضاً : الصدق أمانة والكذب خيانة(5) . أن الصدق بين الحاكم والأمة هو أساس التعامل ، في العهد الراشدي . ج ـ إعلان التمسك بالجهاد وإعداد الأمة لذلك : __________ (1) التاريخ الإسلامي (9/28) . (2) البداية والنهاية (6/306) . (3) البداية والنهاية (6/305) . (4) البداية والنهاية (6/305) . (5) المصدر نفسه (6/305) . (1/134) …قال أبو بكر رضي الله عنه : وما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل(1) ، وهذا ما فهمه الصديق من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تبايعتم بالعينة ، ,اخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه ، حتى ترجعوا إلى دينكم(2) . ح ـ تطهير المجتمع من الفواحش : …قال أبو بكر رضي الله عنه : ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء(3) ، والصديق هنا يذكر الأمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا(4) . هذه بعض الأهداف التي بينها الصديق في خطابه للأمة بعد البيعة العامة والذي رسم فيه سياسة الدولة فحدد مسئولية الحاكم ومدى العلاقة بينه وبين المحكومين وغير ذلك من القواعد المهمة في بناء الدولة وتربية الشعوب(5) . 4 ـ مبايعة والد الحسن للصديق رضي الله عنهما : __________ (1) المصدر نفسه (6/305) . (2) سنن أبي داود رقم 3462 صححه الألباني . (3) البداية والنهاية (6/305) . (4) صحيح ابن ماجة للألباني رقم 4019 . (5) الإنشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق صـ 183 . (1/135) …جاءت روايات صحيحة السند تفيد بأن علياً والزبير رضي الله عنهما بايعا الصديق في أول الأمر وقد ذكرت تفاصيلها في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(1) ، وقد رأى الحسن والده في مواقفه الداعمة للصديق ، فقد كان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لا يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع عنه في جماعة من الجماعات ، وكان يشاركه في المشورة ، وفي تدبير أمور المسلمين ، وكان رضي الله عنه لأبي بكر عيبة نصح(2) له مرجحاً لما فيه مصلحة للإسلام والمسلمين على أي شئ آخر ، ومن الدلائل الساطعة على إخلاصه لأبي بكر ونصحه للإسلام والمسلمين وحرصه على الاحتفاظ ببقاء الخلافة واجتماع شمل المسلمين ما جاء في موقفه من توجه أبي بكر رضي الله عنه بنفسه إلى ذي القصة، وعزمه على محاربة المرتدين ، وقيادته للتحركات العسكرية ضدهم بنفسه ، وما كان في ذلك من مخاطرة وخطر على الوجود الإسلامي(3) ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما برز أبو بكر إلى ذي القصة واستوى على راحلته أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد : لم سيفك ولا تفجعنا بنفسك ، وارجع إلى المدينة ، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبداً ، فرجع(4) ، فلو كان علي رضي الله عنه ـ أعاذه الله من ذلك ـ لم ينشرح صدره لأبي بكر ، وقد بايعه على رغم من نفسه ، فقد كانت هذه فرصة ذهبية ينتهزها علي ، فيترك أبا بكر وشأنه ، لعله يحدث به حدث فيستريح منه ويصفو له الجو ، وإذا كان فوق ذلك ـ حاشاه الله ـ من كراهته له ، وحرصه على التخلص منه ، أغرى به أحداً يغتاله ، كما يفعل السياسيون الانتهازيون __________ (1) أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1/187) . (2) العيبة : وعاء من خوص ونحوه ينقل فيه الزرع المحصور ووعاء من أدم يكون فيه المتاع . (3) المرتضى للندوي صـ 97 . (4) البداية والنهاية (6/314 ـ 315) . (1/136) بمنافسيهم ، وأعدائهم(1) ، وقد كان رأي علي رضي الله عنه مقالتة المرتدين وقال لأبي بكر لما قال لعلي ، ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال أقول : إنك إن تركت شيئاً مما كان أخذه منهم رسول الله ، فأنت على خلاف سنة الرسول ، فقال : أما لئن قلت : ذاك لأقاتلنهم وإن منعوني عقالاً(2) ، ولا شك أن الحسن بن علي سمع والده في مدحه لأبي بكر وعمر مثل قوله : لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفترى(3) ، وقوله : ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر وعمر(4) ، وقد تواتر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : خير الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر . وقد روي هذا عنه من طرق كثيرة قيل أنها تبلغ ثمانين طريقاً(5) ، وعن صلة بن زفر العبسي قال : كان أبو بكر إذا ذكر عند علي قال : السباق تذكرون والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر(6) ، وقد كان علي رضي الله عنه يمتثل أوامر الصديق فعندما جاء وفد من الكفار إلى المدينة ، ورأوا بالمسلمين ضعفاً وقلة لذهابهم إلى الجهات المختلفة للجهاد واستئصال شأفة المرتدين والبغاة الطغاة وأحس منهم الصديق خطراً على عاصمة الإسلام والمسلمين ، أمر الصديق بحراسة المدينة وجعل الحرس على انقابها يبيتون بالجيوش ، وأمر علياً والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود أن يرأسوا هؤلاء الحراس ، وبقوا ذلك حتى آمنوا منهم(7) ، وللتعامل الموجود بينهم وللتعاطف والتوادد والوئام الكامل كان عليّ وهو سيد أهل البيت ووالد سبطي الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، يتقبل الهدايا __________ (1) المرتضى للندوي صـ 97 . (2) المختصر من كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة للزمخشري صـ 48 . (3) فضائل الصحابة (1/83) في سنده ضعف . (4) مسند أحمد (1/106 ، 110 ، 127) صحح أحمد شاكر . (5) منهاج السنة (3/162) . (6) الطبراني في الأوسط (7/207 ، 208) إسناده ضعيف . (7) تاريخ الطبري (4/64) ، الشيعة وأهل البيت صـ 71 . (1/137) والتحف داب الأخوة المتساورين ما بينهم والمتحابين كما قبل الصهباء الجارية التي سبيت في معركة عين التمر ، وولدت له عمر ورقية(1) ، وأيضاً منحه الصديق خولة بنت جعفر بن قيس التي أسرت مع من أسر في حرب اليمامة وولدت له أفضل أولاده بعد الحسن والحسين وهو محمد بن الحنفية ، وكانت خولة من سبي أهل الردة وبها يعرف ابنها ونسب إليها محمد بن الحنفية(2) ، يقول الأمام الجويني عن بيعة الصحابة لأبي بكر : وقد اندرجوا تحت الطاعة عن بكرة أبيهم لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وكان علي رضي الله عنه سامعاً لأمره ، وبايع أبا بكر على ملأ من الأشهاد ، ونهض إلى غزو بني حنيفة(3) ، ووردت روايات عديدة في قبوله هو وأولاده الهدايا المالية والخمس من الغنائم وأموال الفئ من الصديق رضي الله عنهم أجمعين وكان عليّ هو القاسم والمتولي في عهده على الخمس والفئ وكانت هذه الأموال بيد علي ، ثم كانت بيد الحسن ، ثم بيد الحسين ، ثم الحسن بن الحسن ثم زيد بن الحسن(4) ، وكان علي رضي الله عنه يؤدي الصلوات الخمسة في المسجد خلف الصديق ، راضياً بإمامته ، ومظهراً للناس إتفاقه ووئامه معه(5) وهذا ما عرفه الحسن بن علي في علاقة والده بالصديق ، بالإضافة إلى المصاهرات بين الصديق وأهل البيت ، وتسمية أهل البيت بعض أسمائهم باسم أبي بكر ، فقد كانت صلة أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعضاء أهل البيت ، صلة ودية تقديرية تليق به وبهم ، وكانت هذه المودة والثقة متبادلة وكانت من المتانة بحيث لا يتصور معها التباعد والاختلاف مهما نسج المسامرون الأساطير والأباطيل ، فالصديقة عائشة بنت الصديق بنت أبي بكر كانت زوجة جد الحسن بن علي صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب الناس إليه مهما __________ (1) الطبقات (3/20) المصدر نفسه . (2) الطبقات (3/20) . (3) الإرشاد للجويني صـ 428 نقلاً عن أصول مذهب الشيعة للغفاري . (4) الشيعة وأهل البيت صـ 72 . (5) المصدر نفسه صـ 72 . (1/138) احترق الحساد ونقم المخالفون ، فإنها حقيقة ثابتة وهي طاهرة مطهرة بشهادة القرآن مهما جحدها المبطلون وأنكرها المنكرون ، ثم أسماء بنت عميس التي كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب شقيق علي ، فمات عنها وتزوجها الصديق وولدت له ولداً سماه محمداً الذي ولاه على مصر ، ولما مات أبو بكر تزوجها علي بن أبي طالب فولدت له ولداً سماه يحي(1) ، وكان من حب أهل البيت للصديق والتوادد ما بينهم أنهم سموا أبنائهم بأسماء أبي بكر ، وهذا دليل على حب ومؤاخاة وإعظام علي للصديق رضي الله عنهما ، والجدير بالذكر أنه ولد له هذا الولد بعد تولية الصديق الخلافة والإمامة ، بل بعد وفاته كما هو معروف بداهة ، وعلي رضي الله عنه لم يسم ابنه بأبي بكر إلا متيمناً بالصديق ، وإظهاراً له المحبة والوفاء وحتى بعد وفاته وإلا فلا يوجد في بني هاشم رجل قبل علي سمي ابنه بهذا الإسم ، ثم لم يقتصر علي بهذا التيمن والتبرك وإظهار المحبة والصداقة للصديق بل بعده بنوه أيضاًُ مشوا مشيه ونهجوا نهجه ، فالحسن والحسين سميا كل واحد منهم أحد أولادهما بأبي بكر ، وحتى اليعقوبي والمسعودي ذكر ذلك ، وهما من مؤرخي الشيعة(2) ، واستمر أهل البيت يسمون من أسماء أولادهم بأبي بكر ، ولا شك أن العلاقة المتينة بين أبي بكر وعلي رضي الله عنهما كان لها أثرها البالغ في نفسية وقلب الحسن بن علي مما ترتب عليه تقديره للصديق واحترامه ومعرفة فضله ومكانته في الإسلام . 5 ـ إنفاذ الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما : __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب وترتيب وتهذيب كتاب البداية والنهاية للسُّلمي صـ 22 . (2) تاريخ اليعقوبي (2/228) . (1/139) …ومن الأحداث المشهورة في عهد الصديق والتي لها أثرها الخاص في ثقافة الحسن وجيله إنفاذ أبي بكر لجيش أسامة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وإصراره على ذلك تنفيذاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد اقترح بعض الصحابة على الصديق رضي الله عنه بأن يبقى الجيش فقالوا : إن هؤلاء جل المسلمين ، والعرب كما ترى ـ قد انتقضت بك فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين(1) ، وأرسل أسامة من معسكره من الجرف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى أبي بكر يستأذنه أن يرجع بالناس ، وقال : إنَّ معي وجوه المسلمين وجلتهم ، ولا آمن على خليفة رسول الله ، وحرم رسول الله ، والمسلمين أن يتخطفهم المشركون(2) ، وبعد مناقشات ومداولات أمر الصديق بفض الاجتماع الأول ثم دعاهم إلى اجتماع عام آخر في المسجد ، وفي هذا الاجتماع طلب من الصحابة أن ينسوا فكرة إلغاء مشروع وضعه رسول الله بنفسه وأبلغهم أنه سينفذ هذا المشروع حتى لو تسبب تنفيذه في احتلال المدينة من قبل الأعراب المرتدين ، فقد وقف خطيباً وخاطب الصحابة(3) قائلاً : والذي نفس أبي بكر بيده ، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته(4) وطلبت الأنصار رجلاً أقدم سناً من أسامة يتولى أمر الجيش وأرسلوا عمر بن الخطاب ليحدث الصديق في ذلك ، فقال عمر رضي الله عنه : فإن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة رضي الله عنه فوثب أبو بكر رضي الله عنه وكان جالساً وأخذ بلحية عمر رضي الله عنه وقال : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب : استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأمرني أن أعزله(5) ، .. ثم خرج أبو بكر الصديق حتى أتاهم ، فأشخصهم ، وشيعهم ، وهو ماش راكب ، __________ (1) البداية والنهاية (6/308) . (2) الكامل لابن الأثير (2/226) . (3) الشورى بين الأصالة والمعاصرة صـ 83 . (4) تاريخ الطبري (4/45) . (5) المصدر نفسه (4/46) . (1/140) وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر رضي الله عنهما ، فقال له أسامة رضي الله عنه : يا خليفة رسول الله : والله لتركبن أو لأنزلن . فقال : والله لا تنزل ، والله لا أركب . وما عليَّ أن أُغبَّر قدميَّ في سبيل الله(1) . ثم قال الصديق رضي الله عنه لأسامة رضي الله عنه : إن رأيت تعينني بعمر رضي الله عنه فافعل ، فأذن له(2) . ثم توجه الصديق رضي الله عنه إلى الجيش فقال : يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر ، فاحفظوها عني لا تخونوا ولا تغلوا ، وتغدروا ولا تمثلوا(3) ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة ، وسوف تمرون بأقوام قد فرغّوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منه شيئاً بعد شئ فاذكروا اسم الله عليها . وتلقون أقواماً قد فحصوا(4) أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب ، فأخفقوهم(5) بالسيف خفقاً . اندفعوا باسم الله(6) ، وأوصى الصديق أسامة رضي الله عنهما أن يفعل ما أمر به النبي الكريم قائلاً : أصنع ما أمرك به نبي الله صلى الله عليه وسلم أبدأ ببلد قضاعة ثم إيت آبل(7) ، ولا تقصِّرن في شئ من أمر رسول الله ، ولا تعجلنَّ لما خلَّفت عن عهده(8) ، ومضى أسامة بجيشه وانتهى إلى ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من بث الخيول من قبائل قضاعة ، والغارة على آبل ، فسَلِم وغنم(9) ، وكان مسيره ذاهباً وقافلاً أربعين يوماً(10) . __________ (1) المصدر نفسه (4/46) . (2) تاريخ الطبري (4/46) . (3) ولا تمثلوا : يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلاً إذا قطعت أطرافه وشوَّهت به . (4) فحصوا : حلقوا . (5) فأخفقوهم : من أخفق فلاناً أي صرعه . (6) تاريخ الطبري (4/46) . (7) آبل : منطقة في جنوب بلاد الأردن اليوم . (8) تاريخ الطبري (4/47) . (9) تاريخ الطبري (4/47) . (10) المصدر نفسه (4/47) ، تاريخ خليفة بن خياط صـ 101 . (1/141) …وقد قدم بنعي رسول الله على هِرَقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبراً واحداً ، فقالت الروم : ما بال هؤلاء يموت صاحبهم ثم أغاروا على أرضنا(1) ، وقال العرب : لو لم يكن لهم قوة لما أرسلوا هذا الجيش(2) ، فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه(3) ولقد اختلق بعض الشيعة الرافضة حديثاً نسبوه لرسول الله ، لا أصل له في كتب السنة فقالوا : بأن رسول الله لعن من تخلف عن جيش أسامة ، وهذا الحديث منكر لا أصل له وهم ما احتجوا بهذا الحديث المختلق إلا ليجعلوا من أبي بكر وعمر أول الملعونين . فقد قالوا : وقد تخلف أبو بكر وعمر عن جيش أسامة ولم يجد الرافضة الحديث مسنداً إلا من طريق منبوذ مجهول لدى الرافضة والسنة لقد استفاد الحسن بن علي رضي الله عنه وشباب ذلك الجيل من قصة انفاذ جيش أسامة دروساً وعبراً منها . أ ـ الأحوال تتغير وتتبدل والشدائد لا تشغل أهل الإيمان عن أمر الدين : __________ (1) عهد الخلفاء الراشدين للذهبي صـ 20 . (2) قصة بعض أبي بكر جيش أسامة د. فضل إلهي صـ 14 . (3) الكامل لابن الأثير (2/227) . (1/142) …فقد علّم الصديق الأمة إذا نزلت بها الشدة وألمت بها المصيبة أن تصبر ، فالنصر ، مع الصبر ، وأن لا تيأس ولا تقنط من رحمة الله (( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) (الأعراف ، آية : 56) . وليتذكر المسلم دائماً أن الشدة مهما عظمت ، والمصيبة مهما اشتدت وكبرت فإن من سنن الله الثابتة ، ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * َإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) (الإنشراح ، آية : 5 ـ 6) . وإن المسلم لأمره عجيب في هذه الدنيا فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : عجاً لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له(1) . فالشدائد والمصائب مهما عظمت وكبرت لا تشغل أهل الإيمان عن أمر الدين ، فوفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم تشغل الصديق عن أمر الدين وأمر ببعث أسامة في ظروف كالحة مظلمة بالنسبة للمسلمين ولكن ما تعلمه الصديق من رسول الله من الاهتمام بأمر الدين مقدم على كل شئ وبقي هذا الأمر حتى ارتحل من هذه الدنيا(2) ، وقد تعلم الحسن بن علي رضي الله عنه هذا الدرس واستوعبه وعاش به في حياته . __________ (1) مسلم (4/2295) . (2) قصة بعث أبي بكر جيش أسامة صـ 24 . (1/143) ب ـ المسيرة الدعوية لا ترتبط بأحد ، ووجوب اتباع النبي صلي الله عليه وسلم فقد تعلم الحسن بن علي من قصة إنفاذ جيش أسامة بأن مسيرة الدعوة لم ولن تتوقف ، حتى بموت سيد الخلق ، وإمام الأنبياء وقائد المسلمين صلى الله عليه وسلم ، وقد كان الصديق رضي الله عنه قبل ذلك قد بين في خطبته التي ألقاها إثر بيعته عن عزمه على مواصلة بذل الجهود لخدمة هذا الدين(1) ، وقد جاء في رواية قوله : فاتقوا الله أيها الناس ، واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم فإن دين الله قائم ، وإن كلمة الله تامة ، وإن الله ناصر من نصره ، ومعز دينه والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله ، إن سيوف الله لمسلولة ، وما وضعناها بعد ، ولنجاهدنَّ من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يبغين أحد إلا على نفسه(2) . ومن الدروس التي استفادها الحسن بن علي من قصة أنفاذ الصديق جيش أسامة رضي الله عنهم أنه يجب على المسلمين اتباع أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، في السراء والضراء ، فقد بين الصديق من فعله أنه عاض على أوامر النبي صلى الله عليه وسلم بالنواجذ ومنفِّذها مهما كثرت المخاوف وشدّت المخاطر فمن أقوال الصديق الخالدة في تلك الحادثة : والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفنني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته(3) ، وقدَّم بموقفه هذا صورة تطبيقية لقول الله تعالى : ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)) (الأحزاب ، آية : 36) ، وقد تعلم المسلمون أن الله تعالى ربط نصر الأمة وعزها باتباع النبي صلى الله عليه __________ (1) قصة بعث أبي بكر جيش أسامة صـ 27 . (2) البداية والنهاية (5/213 ، 214) . (3) تاريخ الطبري (4/45) . (1/144) وسلم ، فمن أطاعه فله النصر والتمكين ، ومن عصاه فله الذل والهوان ، فسر حياة الأمة في طاعتها لربها واقتدائها بسنَّة نبيها صلى الله عليه وسلم(1) . جـ ـ حدوث الخلاف بين المؤمنين وردَّه إلى الكتاب والسنَّة: …ومما إستفاده الحسن بن علي رضي الله عنه من هذه القصة أنه قد يحدث الخلاف بين المؤمنين الصادقين حول بعض الأمور فقد اختلفت الآراء حول تنفيذ جيش أسامة رضي الله عنه في تلك الظروف الصعبة ، وقد تعددت الأقوال حول إمارته ولم يصر أحد على رأي بعد وضوح فساده وبطلانه ، وعندما ردّ الصديق الخلاف إلى ما ثبت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببعث أسامة وبين رضي الله عنه أنه ما كان ليفرِّط فيما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما وضحه لهم الصديق ، وكما أنه لا عبرة لرأي الأغلبية إذا كان مخالفاً للنص ، فقد رأى عامّة الصحابة حبس جيش أسامة ، وقالوا للصديق : إن العرب قد انتقصت عليك وإنك لا تصنع بتفريق الناس شيئاً(2) ، فأولئك الناس لم يكونوا كعامة الناس بل كانوا من الصحابة الذين هم خير البشر وجدوا على الأرض بعد الأنبياء والرسل عليهم السلام ، لكن الصديق رضي الله عنه لم يستجب لهم مبيناً أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أجل وأكرم ، وأوجب من رأيهم كلهم(3) ، قال الحافظ بن حجر : تعليقاً على رأي الأكثرية ، حول وفاته صلى الله عليه وسلم : فيؤخذ منه أن الأقل عدداً في الاجتهاد قد يصيب ويخطئ الأكثرية ، فلا يتعين الترجيح ، بالأكثر(4) ، فخلاصة الكلام إن مما نستفيده من قصة تنفيذ الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما أن تأييد الكثرة لرأي ليس دليلاً على إصابته(5) ، ومما يستفاد من هذه القصة انقياد __________ (1) الانشراح ورفع الضيق بسيرة أبي بكر الصديق للصَّلاَّبيِّ صـ 227 ، قصة جيش أسامة صـ 227 . (2) تاريخ خليفة بن خياط صـ 227 . (3) قصبة بعث أبي بكر جيش أسامة صـ 44 . (4) فتح الباري (8/146) . (5) قصة بعث أبي بكر جيش أسامة 46 . (1/145) المؤمنين وخضوعهم للحق إذا اتضح لهم ، فعندما ذكرهم الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بتنفيذ جيش أسامة وهو الذي عين أسامة أميراً على الجيش ، انقاد أولئك الأبرار للأمر النبوي الكريم(1) . س ـ جعل الدعوة مقرونة بالعمل : …فقد تعلم الحسن بن علي رضي الله عنه من قصة جيش أسامة أهمية جعل الدعوة مقرونة بالعمل ، فقد علم أن الصديق لم يقتصر على الإصرار على إمارة أسامة فحسب بل قدم اعترافاً عملياً بإمارته ، وقد تجلى ذلك في أمرين : مشى أبو بكر رضي الله عنه مع أسامة رضي الله عنه ، وهو راكب وقد كان ابن عشرين سنة من عمره وأصر على المشي مع أسامة رضي الله عنه ، كما أصر على بقاء أسامة راكباً لما طلب منه أسامة رضي الله عنه إما أن يركب هو ، أو يأذن له بالنزول ، فلم يوافق رضي الله عنه لا على هذا ولا على ذاك ، وكأن الصديق بمشيه ذلك يخاطب الجيش فيقول : انظروا أيها المسلمون أنا أبو بكر رغم كوني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمشي مع أسامة وهو راكب إقراراً وتقديراً لإمارته . كان أبو بكر الصديق يرغب في بقاء عمر بن الخطاب نظراً لحاجته إليه ، لكنه لم يأمره بذلك ، بل استأذن من أسامة في تركه إياه بالمدينة إن رأى هو ذلك مناسباً ، وبهذا قدَّم الصديق رضي الله عنه صورة تطبيقية أخرى لاعترافه واحترامه لإمارة أسامة رضي الله عنه ، وفيها بلا شك دعوة قوية للجيش إلى الإقرار والانقياد لإمارته وهذا الذي اهتم به الصديق رضي الله عنه من جعل دعوته مقرونة بالعمل هو الذي أمر به الإسلام ووبّخ الرب عز وجل أولئك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم(2) ، قال تعالى : ((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) (البقرة ، آية : 44) . ش ـ مكانة الشباب في الإسلام : __________ (1) المصدر نفسه صـ 52 . (2) قصة بعث أبي بكر جيش أسامة صـ 66 . (1/146) …ومما يتجلى في هذه القصة كذلك منزلة الشباب العظيمة في خدمة الإسلام ، فقد عين رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاب أسامة بن زيد رضي الله عنهما أميراً على الجيش المعدّ لقتال الروم ـ القوة العظمى في زعم الناس في ذلك الوقت ـ وكان عمره آنذاك عشرين سنة ، أو ثماني عشرة سنة ، وأقره أبو بكر الصديق رضي الله عنه على منصبه رغم انتقاد الناس ، وعاد الأمير الشاب بفضل الله من مهمته التي أسندت إليه غانماً ظافراً وفي هذا توجيه للشباب في معرفة مكانتهم في خدمة الإسلام(1) . فعلى الدعاة والمربين إعطاء هذا الجانب حقه بالإهتمام ، وفتح المجال أمام الطاقات الشابة لكي تبدع في خدمة دينها وهذه السنة النبوية تجدد الحيوية والنشاط في الأمة وتساهم في تفجير طاقات خلاَّقة تقوم بالدور الحضاري المنوط بالمسلمين . ل ـ صورة مشرقة من آداب الجهاد في الإسلام : …وتعلم الحسن بن علي رضي الله عنه من قصة بعث أبي بكر لجيش أسامة الصورة المشرفة للجهاد الإسلامي وقد تجلت تلك الصورة المشرقة في وصية أبي بكر الصديق لجيش أسامة عند توديعهم إياهم ، ولم يكن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في وصاياه للجيوش إلا مستناً بسنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث كان عليه الصلاة والسلام يوصي الأمراء والجيوش عند توديعهم(2) ، ومن خلال الوصية التي جاءت في البحث تظهر الغاية من حروب المسلمين فهي دعوة إلى الإسلام ، فإذا ما رأت الشعوب جيشاً يلتزم بهذه الوصايا لا يملك إلا الدخول في دين الله طواعية واختياراً(3) . ي ـ أثر جيش أسامة على هيبة الدولة الإسلامية : __________ (1) المصدر نفسه صـ 70 . (2) المصدر نفسه صـ 80 . (3) تاريخ الدعوة إلى الإسلام صـ 269 . (1/147) …عاد جيش أسامة ظافراً غانماً بعدما أرهب الروم حتى قال لهم هرقل وهو بحمص بعد ما جمع بطارقته ، هذا الذي حذرتكم ، فأبيتم أن تقبلوا مني !! قد صارت العرب تأتي مسيرة شهر فتغير عليكم ثم تخرج من ساعتها ولم تكلم(1) ، وأصاب القبائل العربية في الشمال الرعب والفزع من سطوة الدولة الإسلامية ، وكان لهذه الغزوة أثر في حياة المسلمين وفي حياة العرب الذين فكروا في الثورة عليهم ، وفي حياة الروم الذين تمتد بلادهم على حدودهم(2) فقد فعل هذا الجيش بسمعته ما لم يفعله بقوته وعدده ، فأحجم من المرتدين من أقدم ، وتفرق من اجتمع ، وهادن المسلمين من أوشك أن ينقلب عليهم ، وصنعت الهيبة صنيعها قبل أن يصنع الرجال ، وقبل أن يصنع السلاح(3) ، حقاً لقد كان إرسال هذا الجيش نعمة على المسلمين ، إذ أمست جبهة الردة في الشمال أضعف الجبهات ، ولعل من آثار هذا أن الجبهة في وقت الفتوحات كان كسرها أهون على المسلمين من كسر جبهة العدو في العراق ، كل ذلك يؤكد أن أبا بكر رضي الله عنه كان في الأزمات ، من بين جميع الباحثين عن الحل ، أثقبهم نظراً ، وأعمقهم فهماً(4) ، وقد أثبتت الأحداث تأثر الحسن بن علي ، بالخلفاء الراشدين في إدارته للأزمات ، فكان في خلافته من أعمق الناس فهماً وأبعدهم نظراً وأشدهم حرصاً على وحدة المسلمين . 7 ـ حروب الردة : __________ (1) ولم تكلم : تصاب بالجروح . (2) الصديق ـ لهيكل باسا صـ 107 . (3) عبقرية الصديق ـ للعقاد صـ 107 . (4) حركة الردة د. علي العتوم صـ 168 . (1/148) كان رأي الصديق في حرب المرتدين رأياً ملهماً ، وهو الرأي الذي تمليه طبيعة الموقف لمصلحة الإسلام والمسلمين ، وأي موقف غيره سيكون فيه الفشل والضياع والهزيمة والرجوع إلى الجاهلية ، ولولا الله ثم القرار الحاسم من أبي بكر رضي الله عنه في قتال أهل الردة لتغير وجه التاريخ وتحولت مسيرته ، ورجعت عقارب الساعة إلى الوراء ولعادت الجاهلية تعيث في الأرض فساداً(1) ، لقد تجلى فهمه الدقيق للإسلام وشدة غيرته على هذا الدين في قوله : قد انقطع الوحي وتم الدين ، أينقص وأنا حي(2) ؟ لقد سمع أبو بكر وجهات نظر الصحابة في حرب المرتدين ، وما عزم على خوض الحرب إلا أنه كان سريع القرار حاسم الرأي فلم يتردد لحظة واحدة بعد ظهور الصواب له وعدم التردد كان سمة بارزة من سمات أبي بكر ـ هذا الخليفة العظيم ـ في حياته كلها(3) ، ولقد اقتنع المسلمون بصحة رأيه ورجعوا إلى قوله واستصوبوه ، وأصبح قوله : والله لو منعوني عقالاً(4) ، كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه(5) ، من أقواله الخالدة التي حفظها لنا التاريخ ولم تهملها الليالي ولم تفصلها عنا حواجز الزمن ولا أسوار القرون ولقد استخدم في جهاده للمرتدين دهاء وحنكة سياسية ورؤية استراتيجية واضحة تمثلت في أساليب عدة منها ، النفسية والدعوية ، والإستخباراتية ، والإعلامية ، والعلمية ، وتوجها بجيوشه المظفرة التي قضت على حركة الردة في جزيرة العرب ولقد فهم وتعلم الحسن فقه الصديق في التعامل مع المرتدين ولمس بعض فقه التمكين في جهاده للمرتدين والتي من أهم معالمه : ـ استقرار التنظيم الإداري في الجزيرة(6) . __________ (1) الشورى بين الأصالة والمعصارة صـ 86 . (2) المرتضى لأبي الحسن الندوي صـ 70 مشكاة المصابيح 6034 . (3) الشورى بين الأصالة والمعاصرة صـ 87 . (4) العقال : هو الحبل الذي يعقل به البعير . (5) البخاري رقم 6924 . (6) الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبو بكر صـ 329 إلى 365 . (1/149) ولا شك أن حروب الردة وأسبابها ، وفقه الصديق في القضاء عليها أخذت بلباب الحسن بن علي وشكلت جزءاً من ثقافته سواء عن طريق السماع أو المشاهدة . ـ كما أن معالم السياسة الخارجية في دولة الصديق كانت واضحة في حس أبناء ذلك الجيل الذي من نوابغه الحسن بن علي رضي الله عنه ، فقد رسمت خلافة الصديق رضي الله عنه أهدافاً في السياسة الخارجية ، للدولة الإسلامية والتي كان من أهمها : ـ بذر هيبة الدولة في نفوس الأمم الأخرى . ـ العدل بين الأمم المفتوحة والرفق بأهلها . ـ رفع الإكراه على الأمم المفتوحة . ـ مواصلة الجهاد الذي أمر به المولى عز وجل في القرآن . ـ كما أن معالم التخطيط الحربي عند الصديق أصبحت من ثقافة ذلك الجيل وأدبياته خصوصاً للاطلاع القيادة الشبابية وعلى رأسهم الحسن بن علي ، فقد وضع الصديق مع مستشاريه من الصحابة خطوطاً رئيسية للخطة الحربية التي سار عليها ، وقد كانت هذه الخطة المحكمة عاملاً من عوامل نزول النصر والتمكين من الله عز وجل للمسلمين ومن هذه الخطوط : ـ عدم الإيغال في بلاد العدو حتى تدين للمسلمين . ـ التعبئة وحشد القوات . ـ تنظيم عملية الإمداد للجيوش . ـ تحديد الهدف من الحرب . ـ إعطاء الأفضلية لمسارح العمليات . ـ عزل ميدان المعركة . ـ التطور في أساليب القتال . ـ سلامة خطوط الاتصال مع القادة . ـ ذكاء الخليفة وفطنته(1) . فقد امتازت الخطط الحربية الإسلامية في بداية الفتوحات بوجود العقل المدبر ، ذي الفطنة والذكاء والكياسة والفراسة ، وهو الصديق وقد ساعد أبو بكر على فهمه الواسع للتخطيط الحربي طول ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد تربى على تعليمه وتوجيهاته . __________ (1) المصدر نفسه صـ 454 إلى 45 . (1/150) فكسب علوماً شتى ، وخبرات متنوعة ، فقام بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام الخلافة خير قيام ، فحمل البصيرة الواعية ، وزود الجيوش بالنصائح الغالية ، وأرسل الإمدادات في أوقاتها تسعف المجاهدين ، وتمدهم بالهمة والعزيمة الماضية(1) إن الحسن بن علي رضي الله عنه تربى على كتاب الله وهدي رسوله وتشرّب هدى الخلفاء الراشدين المهديين والذين في مقدمتهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه . ثانياً : في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : كان عمر رضي الله عنه شديد الإكرام لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثارهم حتى على أبنائه ، وأسرته وله في ذلك مواقف كثيرة منها : 1 ـ أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر : جاء فيما رواه الحسين بن علي رضي الله عنه : إن عمر قال لي ذات يوم : إي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا ؟ فجئت يوماً وهو خال بمعاوية ، وابن عمر بالباب لم يؤذن له ، فرجعت فلقيني بعد ، فقال : يا بني لم أراك تأتينا ؟ قلت : جئت وأنت خال بمعاوية فرأيت ابن عمر رجع ، فرجعت فقال : أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر ، إنما أنبت في رؤوسنا ما ترى : الله ثم أنتم ، ووضع يده على رأسه(2) . 2 ـ والله مهنأ لي ما كسوتكم : __________ (1) تاريخ الدعوى الإسلامية صـ 336 . (2) المرتضى صـ 11 ، كنز العمال (7/105) الإصابة (1/133) . (1/151) روى ابن سعد عن جعفر بن محمد الباقر عن أبيه على بن الحسين ، قال : قدم على عمر حلل من اليمن ، فكسا الناس فراحوا في الحلل ، وهو بين القبر والمنبر جالس ، والناس يأتونه فيسلمون عليه ويدعون له ، فخرج الحسن والحسين من بيت أمهما فاطمة رضي الله عنها يتخطيان الناس ، ليس عليهما من تلك الحلل شئ ، وعمر قاطب صار بين عينيه ثم قال : والله ما هنأ لي ما كسوتكم ، قالوا يا أمير المؤمنين ، كسوت رعيتك فأحسنت ، قال : من أجل الغلامين يتخطيان الناس وليس عليهما من شئ كبرت عنهما وصغرا عنها ثم كتب إلى والي اليمن أن أبعث بحلتين لحسن وحسين وعجل ، فبعث إليه بحلتين فكساهما(1) . 3 ـ تقديم الحسن والحسين وبني هاشم في العطاء : عن أبي جعفر أنه لما أراد عمر أن يفرض للناس بعدما فتح الله عليه ، وجمع ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : أبدأ بنفسك ، فقال : لا والله بالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن بني هاشم رهط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرض للعباس ، ثم لعلي ، حتى وإلى ما بين خمس قبائل ، حتى انتهى إلى بني عدي ابن كعب ، فكتب : من شهد بدراً من بني هاشم ، ثم من شهد بدراً من بني أمية بن عبد شمس ، ثم الأقرب ، فالأقرب ففرض الاعطيات لهم(2) ، وألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف درهم(3) . وفي هذه القصة تظهر حقيقة محبة عمر لآل البيت عموماً والحسن والحسين خصوصاً ، حيث خصهم بأن جعلهم مع الطبقة الأولى من سادات الصحابة في الغطاء وما ذلك إلا محض المحبة لهما وتقديراً لهما من مكانتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم . __________ (1) المرتضى صـ 11 ، الإصابة (1/106) . (2) الخراج لأبي يوسف صـ 24 ، 35 المرتضى ص 118 . (3) تاريخ دمشق الكبير (14/6) . (1/152) 4 ـ معاملة عمر بن الخطاب للسيدة فاطمة والدة الحسن رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أسلم العدوي قال : لما بويع لأبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها ، فبلغ عمر فدخل على فاطمة ، فقال : يا بنت رسول الله ما أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك ، وكلمها ، فدخل علي والزبير على فاطمة فقالت : انصرفا راشدين ، فما رجعا إليهما حتى بايعا(1) ، وهذا هو الثابت الصحيح والذي مع صحة سنده ينسجم مع روح ذلك الجيل وتزكية الله له وقد زاد رواة الشيعة الرافضة في هذه الرواية واختلقوا إفكاً وبهتاناً وزوراً وقالوا بأن عمر قال : إذا اجتمع عندك هؤلاء النفر أحرق عليهم هذا البيت ، لأنهم أرادوا شق عصى المسلمين بتأخرهم عن البيعة ثم خرج عنها ، فلم يلبث أن عادوا إليها ، فقالت لهم : تعلمون أن عمر جاءني وحلف بالله لأن أنتم عدتم إلى هذا البيت ليحرقنه عليكم وايم الله أنه ليصدقن فيما حلف عليه ، فانصرفوا عني فلا ترجعوا إليّ ، ففعلوا ذلك، ولم يرجعوا إليها إلا بعدما بايعوا(2) . وهذه القصة الباطلة لم تثبت عن عمر رضي الله عنه ، ودعوى أن عمر رضي الله عنه همّ بإحراق بيت فاطمة ، من أكاذيب الرافضة ، وقد اوردها مع أكاذيب أخرى الطبري الطبرسي في كتابه دلائل الإمامة (3)، عن جابر الجعفي ، وهو رافضي كذاب باتفاق أئمة الحديث كما في الميزان الذهبي(4)، وتهذيب التهذيب (5)، وزعم بعض الروافض أن عمر ضرب فاطمة حتى اسقط ولدها محسنا وهو في بطنها ، وهذه من الأكاذيب الرافضية التي لا أساس لها من الصحة وما __________ (1) أخرجه ابن أبي شيبه : المصنف (14/567) إسناده صحيح . (2) عقائد الثلاثة والسبعين فرقة لأبي محمد اليمني (1/140) . (3) دلائل الإمامة ص26 نقلا عن عقائد الثلاثة والسبعين ( 1 / 140 ) (4) الميزان الذهبي ( 1/ 279 ) (5) تهذيب التهذيب(2/47) (1/153) علموا إنهم يطعنون في علي رضي الله عنه وذلك باتهامه بالجبن والسكوت عن عمر وهو من أشجع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (1)، بل إن بعض عقلاء الشيعة أنكر صحة هذا الهذيان والزور(2). علما بأن محسن ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك بالرواية الصحيحة في مسند الإمام أحمد كما سبق 5 ـ زواج عمر من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب : كان عمر يكن لأهل البيت محبة خاصة لا يكنها لغيرهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما أوص به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكرم أهل البيت ورعاية حقوقهم ، فمن هذا الباعث خطب عمر أم كلثوم ابنته علي وفاطمة رضوان الله عليهم وتودد إليه في ذلك قائلاً : فوا الله ما على الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصده ، فقال علي : قد فعلت ، فأقبل عمر إلى المهاجرين ،وهو مسرور قائلاً : رفئوني .. ثم ذكر أن سبب زواجه منها ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسيبي ، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب(3)،وقد قام الأستاذ أبو معاذ الإسماعيلي في كتابه زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب حقيقة وليس افتراء بتتبع مراجع ومصادر الشيعة وأهل السنة فيما يتعلق بهذا الزواج الميمون ، وقد ذكرت شيئاً من سيرتها ومواقفها في حياتها في عهد الفاروق في كتابي فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، شخصيته وعصره . 6 ـ في غنائم المدائن : __________ (1) حقبه من التاريخ صـ224 (2) مختصر التحفة الأثني عشرية ص252 (3) اسناده حسن أخرجه الحاكم في المستدرك ( 3/ 142 ) صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي : متعقباً منقطع وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 173) وقال أورده الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهناك من ضعفه . (1/154) عندما فتحت المدائن(1) ، عام 16هـ جاءت الأموال منها فقام عمر رضي الله عنه بإعطاء الحسن والحسين رضي الله عنهما ألف درهم لكل واحد منهم وأعطى ابنه عبد الله خمسمائة(2) ، وفي هذه الحادثة تأكيد على محبة عمر للحسن والحسين وتقديمه لهما . تأثر الحسن بن علي بالفقه الراشدي للفاروق : قامت دولة الفاروق على فقه الخلافة الراشدة وكان ـ بعد الله وتوفيقه ـ لعبقرية الفاروق أثر في تطوير مؤسسات الدولة والاجتهاد في النوازل الفقهية ، وإدارة الأزمات ، ومما ساعد على تأثر الحسن بن علي بثقافته ، وأدبيات عهد الفاروق قرب والده أمير المؤمنين علي من الفاروق فقد كان علي رضي الله عنه عضواً بارزاً في مجلس شورى الدولة العمرية بل كان هو المستشار الأول ، فقد كان عمر رضي الله عنه يعرف لعلي فضله ، وفقهه ، وحكمته ، وكان رأيه فيه حسناً ، فقد ثبت فيه قوله فيه أقضانا علي(3) ، وكان لعلي اجتهادات في الأمور القضائية ، والمالية والإدارية في عهد الفاروق أخذ بها أمير المؤمنين عمر ، وكان الفاروق يستشير علي في الأمور الكبيرة منها والصغيرة ، وقد استشاره حين فتح المسلمون بيت المقدس ، وحين فتحت المدائن ، وعندما أراد عمر التوجه إلى نهاوند وقتال الفرس ، وحين أراد أن يخرج لقتال الروم ، وفي موضع التقويم الهجري وغير ذلك من الأمور(4) ، وكان علي رضي الله عنه طيلة حياة عمر مستشاراً ناصحاً لعمر محباً له خائفاً عليه ، وكان عمر يحب علياً وكانت بينهم مودة ومحبة وثقة متبادلة ، ومع ذلك يأبى أعداء الإسلام إلا أن يزوروا التاريخ ، ويقصوا بعض الروايات التي تناسب أمزجتهم ومشاربهم ليصوروا لنا فترة الخلفاء الراشدين عبارة عن : أن كل __________ (1) المدائن : بلدة بينها وبين بغداد ستة فراسخ فتحت على يد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه . (2) مقامات العلماء للغزالي صـ 161 . (3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب صـ 1102 . (4) علي بن أبي طالب مستشار أمين للخلفاء الراشدين صـ 99 . (1/155) واحد منهم كان يتربص بالآخر الدوائر لينقضّ عليه ، وكل أمورهم كانت تجري من وراء الكواليس(1) ، إن من أبرز ما يلاحظه المتأمل في خلافة عمر تلك الخصوصية في العلاقة وذلك التعاون المتميز الصافي ، بين عمر وعلي رضي الله عنهما ، فقد كان علي هو المستشار الأول لعمر في سائر القضايا والمشكلات وما اقترح علي على عمر رأياً إلا واتجه عمر إلى تنفيذه عن قناعة ، وكان علي رضي الله عنه يمحضه النصح في كل شئونه وأحواله(2) ، فلا شك أن تلك العلاقة بين علي وعمر رضي الله عنهما لها انعكاساتها الثقافية والعلمية والتربوية على الحسن وأبناء ذلك الجيل والمواقف التي تدل على قوة العلاقة بين عمر وعلي كثيرة منها : كساني هذا الثوب أخي وخليلي : خرج علي وعليه برد عدني فقال : كساني هذا الثوب أخي وخليلي وصفيي وصديقي أمير المؤمنين عمر(3) ، وفي رواية عن أبي السفر قال : رؤي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه برد كان يكثر لبسه قال : فقيل : يا أمير المؤمنين إنك لتكثر لبس هذا البرد ؟ فقال : نعم ، إن هذا كسانيه خليلي وصفيي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناصح الله فنصحه ، ثم بكى(4)ومن هذه القصص وأمثالها عرف الحسن حقيقة محبه علي وأهل البيت لعمر ومحبة عمر لهم . ما قاله علي في عمر بعد استشهاده : __________ (1) علي بن أبي طالب مستشار أمين للخلفاء الراشدين صـ 99 . (2) فقه السيرة النبوية للبوطي صـ 529 . (3) المختصر من كتاب الموافقة صـ 140 . (4) المصنف لابن أبي شيبة (12/29) (1/156) قال ابن عباس كما في صحيح البخاري : وصنع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون ، قبل أن يرفع ، وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي ، إذا علي بن أبي طالب ، فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحداً أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيراً ما أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر(1) . إن عمر بن الخطاب كان يكره نزوله ، فأنا أكرهه لذلك : لما فرغ علي من وقعه الجمل ، ودخل البصرة ، وشيع أم المؤمنين عائشة لما أرادت الرجوع إلى مكة ، سار من البصرة إلى الكوفة ، فدخلها يوم الاثنين ، لثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وثلاثين ، فقيل له : أنزل بالقصر الأبيض ، فقال : لا إن عمر بن الخطاب كان يكره نزوله فأنا أكره لذلك ، فنزل في الرحبة وصلى في الجامع الأعظم ركعتين(2) حب أهل البيت لعمر رضي الله عنه : __________ (1) البخاري رقم 3685 . (2) تاريخ الخلافة الراشدة ، محمد كنعان صـ 383 . (1/157) إن من دلالة محبة أهل البيت لعمر رضي الله عنه تسمية أبنائهم بإسمه حباً وإعجاباً بشخصيته ، وتقديراً لما أتى به من الأفعال الطيبة والمكارم العظيمة ، ولما قدم إلى الإسلام من الخدمات الجليلة ، وإقراراً بالصلات الودية الوطيدة والتي تربطه بأهل بيت النبوة والرحم ، الصهر القائم بينه وبينهم ، فأول من سمي ابنه باسمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سمى ابنه من أم حبيب بنت ربيعة البكرية عمر(1) ، وقد جاء في كتاب صاحب الفصول ، تحت ذكر أولاد علي بن أبي طالب : وعمر من التغلبية وهي الصهباء بنت ربيعة من السبي الذي أغار عليهم خالد بن الوليد بعين التمر ، وعمّر عمر هذا حتى بلغ خمساً وثمانين سنة فحاز نصف ميراث علي رضي الله عنه ، وذلك أن جميع اخوته وأشقائه وهم عبد الله وجعفر وعثمان قتلوا جميعهم قبله مع الحسين رضي الله عنهم ـ يعني انه لم يقتل معهم ـ بالطف فورثهم(2) ، هذا وتبعه الحسن في ذلك الحب لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم فسمّي أحد أبنائه عمر أيضاً(3) ، وكذلك الحسين بن علي سمّي عمر ، ومن بعد الحسين ابنه علي الملقب بزين العابدين سمّى أحد أبنائه باسم عمر(4) ، وكذلك موسى بن الصادق الملقب بالكاظم سمى أحمد أبنائه باسم عمر(5) ، فهؤلاء الأئمة من أهل البيت الذين ساروا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومعالم منهج أهل السنة والجماعة بسيرته العطرة يظهرون لعمر الفاروق ما يكنونه في صدورهم من حبهم وولائهم له بعد وفاته بمدة ، وقد جرى هذا الإسم وكذلك أبو بكر وعثمان في ذرية أهل البيت ممن ساروا على مذهب الحق وهو منهج أهل السنة والجماعة إلى يومنا هذا ، ونجد أسماء الصحابة وأمهات المؤمنين في البيوت الهاشمية التي التزمت بالكتاب والسنة ، __________ (1) تاريخ اليعقوبي (2/213) الشيعة وأهل البيت صـ 133 . (2) الفصول المهمة صـ 143 ، الشيعة وأهل البيت صـ 133 . (3) الشيعة وأهل البيت صـ 133 . (4) المصدر نفسه صـ 134 . (5) المصدر نفسه صـ 135 . (1/158) فقد سموا طلحة ، وعبد الرحمن وعائشة وأم سلمة ونحن ندعو الشيعة اليوم ، الاقتداء بعلي والحسن والحسين وسائر الأئمة من آل البيت فيحبون أنصار دين الله وأصحاب رسوله ، فيسمون بعض أبنائهم وبناتهم بأسماء الخلفاء الراشدين ، وأمهات المؤمنين(1)نرجو ذلك . قول عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في عمر : عن حفص بن قيس ، قال : سألت عبد الله بن الحسن عن المسح على الخُفَّين ، فقال ، فقال : أمسح ، فقد مسح عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : فقلت : إنما أسألك أنت تمسح ؟ قال : ذاك أعجز‘ لك ، أخبرك عن عمر وتسألني عن رأيي ، فعمر كان خيراً مني ومن ملء الأرض . فقلت : يا أبا محمد ، فإن أناساً يزعمون أن هذا منكم تقية ، قال : فقال لي ـ ونحن بين القبر والمنبر ـ : اللهم إن هذا قولي في السر والعلانية ، فلا تسمعنّ عليَّ قول أحد بعدي . ثم قال : من هذا الذي يزعم أن علياً رضي الله عنه كان مقهوراً ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمر ولم ينفذه . وكفى بإزراء على علي ومنقصة أن يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمره ولم ينفذه(2) . ثالثاً : في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه : __________ (1) اذهبوا فأنتم الرافضة ، عبد العزيز الزبيري صـ 230 . (2) النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب لمحمد عبد الواحد المقدسي صـ 57 . (1/159) كان ذو النورين على صلة وثيقة بالدعوة الإسلامية من سنتها الأولى ، فلم يفته من أخبار النُّبوَّة الخاصَّة ، والعامَّة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يفته شئ بعدها من أخبار الخلافة في حياة الشيخين ، ولم يفته بعبارة أخرى شئ مما نسمّيه اليوم بأعمال التأسيس في الدولة الإسلامية ، وكان المنهج التربوي الذي تربى عليه عثمان بن عفان ، وكل الصحابة الكرام القرآن الكريم ، المنزل من عند رب العالمين ، كما أن الرافد القوي الذي أثر في شخصية عثمان بن عفان ، وصقل مواهبه ، وفجر طاقته ، وهذب نفسه هو مصاحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتتلمذه على يديه في مدرسة النبوة ، ذلك : أن عثمان رضي الله عنه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بعد إسلامه كما لازمه في المدينة بعد هجرته ، فقد نظم عثمان نفسه ، وحرص على التلمذة في حلقات مدرسة النبوة في فروع شتى من المعارف والعلوم على يدي معلم البشرية ، وهاديها ، والذي أدبه ربُّه ، فأحسن تأديبه ، ولم يكن عثمان بن عفان رضي الله عنه ممن تخلفوا عن بدر لتقاعس منه ، أو هروب ينشده ، كما يزعم أصحاب الأهواء ممن طعن عليه في تغيبه عن بدر ، فهو لم يقصد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الفضل الذي حازه أهل بدر في شهود بدر طاعة الرسول ومتابعته ، وعثمان رضي الله عنه خرج فيمن خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم فرده صلى الله عليه وسلم للقيام على ابنته رقية التي اشتد بها المرض وماتت بسبب ذلك ، فكان عثمان في أجلِّ فرض لطاعته لرسول الله صلى الله عليه ، وتخلفه ، وقد ضرب له بسهمه ، وأجره ، وشاركهم في الغنيمة والفضل ، والأجر لطاعته المولى عز وجل ورسوله ، وانقياده لهما ، وفي الحديبية ذكر المحب الطبري اختصاص عثمان بعدة أمور ، منها : اختصاصه بإقامة يد النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة مقام يد عثمان لما بايع الصحابة ، وعثمان غائب ، واختصاصه بتبليغ رسالة رسول الله صلى الله (1/160) عليه وسلم إلى من بمكة أسيراً من المسلمين وذكر شهادة النبي في عثمان بموافقته في ترك الطواف لما أرسله في تلك الرسالة(1) ، وفي فتح مكة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعة عثمان بن عفان في عبد الله بن أبي السرح في فتح مكة(2)، ومن حياة عثمان رضي الله عنه الاجتماعية في المدينة ، زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة رقيَّة بنت رسول الله ، ووفاة عبد الله بن عثمان ، ثم وفاة أمَّ كلثوم رضي الله عنها ، ومن مساهمته الإقتصادية في بناء الدولة ، شراء بئر رومة بعشرين ألف درهم ، وجعلها عثمان رضي الله عنه للغني والفقير وابن السبيل ، وتوسعة المسجد النبوي ، وإنفاقه الكبير على جيش العسرة ، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضله مع غيره ، ومنها ما ورد في فضله وحده ، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة التي يقتل فيها عثمان ، وكان رضي الله عنه من الصحابة وأهل الشورى الذين يؤخذ رأيهم في أمهات المسائل في عهد الصديق ، فهو ثاني اثنين في الحظوة عند الصديق ، فعمر ابن الخطاب للحزم والشَّدائد ، وعثمان للرِّفق والأناة ، وكان عمر وزير الخلافة الصديقية ، وكان عثمان أمينها العام ، وكاتبها الأكبر ، وكان رضي الله عنه ذا مكانة عند عمر ، فكانوا إذا أرادوا أن يسألوا عمر عن شئ رموه بعثمان وبعبد الرحمن بن عوف ، وكان عثمان يسمّى الرِّديف ـ والرِّديف بلسان العرب هو الذي يكون بعد الرّجل ـ والعرب تقول ذلك للرّجل الذي يرجونه بعد رئيس ، وكانوا إذا لم يقدر هذان على عمل شئ ، ثلثوا بالعبَّاس(3) . __________ (1) المناقب النضرة في المناقب العشرة صـ 490 ، 491 . (2) أضواء البيان في تاريخ القرآن ، لصابر أبو سليمان صـ 79 . (3) 3 تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان للصَّلابي ص274 (1/161) وكان الحسن بن علي رضي الله عنه في عهد عثمان في عز الشباب وعنفوانه ، فقد كان في سن يسمح لصاحبها أن يستوعب ما يدور حوله ويتعلم من الأحداث ومن سياسة الخليفة الراشد عثمان ومن حوله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أهم الدروس التي استوعبها الحسن بن علي هي : 1 ـ الفقه العمري في الاستخلاف : …استمرّ اهتمام الفاروق رضي الله عنه بوحدة الأمة ، ومستقبلها حتَّى اللحظات الأخيرة من حياته ، رغم ما كان يعانيه من آلام جراحاته البالغة ، وهي بلا شك لحظات خالدة ، تجلَّى فيها إيمان الفاروق العميق ، وإخلاصه ، وإيثاره(1) ، وقد استطاع الفاروق في تلك اللحظات الحرجة أن يبتكر طريقة جديدة لم يسبق إليها في اختيار الخليفة الجديد ، وكانت دليلاً ملموساً ، ومعْلماً واضحاً على فقهه في سياسة الدّولة الإسلامية ، لقد مضى قبله الرّسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يستخلف بعده أحداً بنصٍّ صريح ، ولقد مضى أبو بكر الصِّدِّيق ، واستخلف الفاروق بعد مشاورة كبار الصَّحابة ، ولمَّا طُلب من الفاروق أن يستخلف وهو على فراش الموت ، فكر في الأمر مليّاً ، وقرّر أن يسلك مسلكاً آخر يتناسب مع المقام ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم ترك النّاس ، وكلهم مقرُّ بأفضلية أبي بكر ، وأسبقيته عليهم فاحتمال الخلاف كان نادراً ، وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وجّه الأمة قولاً وفعلاً إلى أن أبا بكر أولى بالأمر من بعده والصِّدِّيق لما استخلف عمر ، كان يعلم : أنّ عند الصحابة أجمعين قناعة بأنّ عمر أقوى ، وأفضل من يحمل المسئولية بعده ، فاستخلفه بعد مشاورة كبار الصحابة ، ولم يخالف رأيه أحد منهم ، وحصل الإجماع على بيعة عمر(2) ، وأما طريقة انتخاب الخليفة الجديد ، فتعتمد على جعل الشورى في عدد محصور ، وقد حصر ستَّة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم __________ (1) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني صـ 161 . (2) أوليات الفاروق للقرشي صـ 122 . (1/162) يصلحون لتوليّ الأمر ، ولو أنهم يتفاوتون ، ويحدّد لهم طريقة الانتخاب ، ومدَّته ، وعدد الأصوات الكافية لانتخاب الخليفة ، وحدّد الحكم في المجلس ، والمرجِّح إن تعادلت الأصوات ، وأمر مجموعة من جنود الله لمراقبة سير الانتخابات في المجلس ، وعقاب من يخالف أمر الجماعة ، ومنع الفوضى بحيث لا يسمحون لأحد يدخل ، أو يسمع ما يدور في مجلس أهل الحلِّ والعقد(1) ، وهذا بيان ما أجمل في الفقرات السَّابقة . أ ـ العدد الذي حدده للشُّورى ، وأسماؤهم : …أمّا العدد ، فهو ستة ، وهم : علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقَّاص ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم جميعاً ، وترك سعيد بن زيد ، وهو من العشرة المبشَّرين بالجنة ، ولعله تركه لأنه من قبيلة بني عديِّ(2) ، وكان عمر رضي الله عنه حرصاً على إبعاد الإمارة عن أقاربه ، مع أنَّ فيهم من هو أهلُ لها ، فهو يُبعد قريبه سعيد بن زيد عن قائمة المرشَّحين للخلافة(3) . ب ـ طريقة اختيار الخليفة : …أمرهم ، أن يجتمعوا في بيت أحدهم ، ويتشاوروا ، وفيهم عبد الله بن عمر يحضر معهم مشيراً فقط ، وليس له من الأمر شئ ، ويصلِّي بالناس أثناء التشاور صهيب الرُّوميُّ ، وقال له : أنت أمير الصَّلاة في هذه الأيام الثلاثة . حتى لا يوليِّ إمامة الصلاة أحداً من السِّتَّة ، فيصبح هذا ترشيحاً من عمر له بالخلافة(4) ، وأمر المقداد بن الأسود ، وأبا طلحة الأنصاريَّ أن يرقبا سير الانتخابات(5) . ت ـ مدَّة الانتخابات أو المشاورة : __________ (1) أوليَّات الفاروق ، صـ 124 . (2) البداية والنهاية (7/142) . (3) الخلفاء الراشدون للخالدي صـ 98 . (4) الخلافة والخلفاء الراشدون للبهنساوي صـ 213 . (5) أشهر مشاهير الإسلام في الحرب والسياسة صـ 648 . (1/163) …حدَّدها الفاروق رضي الله عنه بثلاث أيّام ، وهي فترة كافية ، وإن زادوا عليها ، فمعنى ذلك أن شقَّة الخلاف ستتَّسع ، ولذلك قال لهم : لا يأتي اليوم الرّابع إلا وعليكم أمير(1) . ث ـ عدد الأصوات الكافية لاختيار الخليفة : …أخرج ابن سعد بإسناد رجاله ثقات : أنَّ عمر رضي الله عنه قال لصهيب : صلِّ بالناس ثلاثاً ، وليخل هؤلاء الرَّهط في بيت ، فإذا اجتمعوا على رجل ، فمن خالفهم فاضربوا رأسه(2) ، فعمر رضي الله عنه أمر بقتل من يريد أن يخالف هؤلاء الرّهط ويشقَّ عصا المسلمين ، ويفرِّق بينهم ، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : من أتاكم وأمركم جميع على رجل منكم يريد أن يشقَّ عصاكم ، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه(3) ، وما جاء في كتب التَّاريخ من أن عمر رضي الله عنه أمرهم بالاجتماع ، والتَّشاور وحدّد لهم أنه إذا اجتمع خمسة منهم على رجل ، وأبى أحدهم ، فليضرب رأسه بالسَّيف ، وإن اجتمع أربعة ، ورضوا رجلاً منهم ، وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما(4) ، فهذه من الرِّويات التي لا تصح سنداً ، فهي من الغرائب ، التَّي ساقها أبو مخنف ـ الرَّافضي الشيعي ـ مخالفاً فيها النصوص الصحيحة وما عرف من سير الصَّحابة رضي الله عنهم ، فما ذكر أبو مخنف من قول عمر لصهيب : وقم على رؤوسهم ـ أي : أهل الشورى ـ فإن اجتمع خمسة ، ورضوا رجلاً ، وأبى واحد ، فاشدخ رأسه بالسَّيف ، وإن اتَّفق أربعة ، فرضوا رجلاً منهم ، وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما(5) : فهذا قول منكر، وكيف يقول عمر رضي الله عنه هذا ، وهو يعلم : أنَّهم هم الصَّفوة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي اختارهم لهذا الأمر لعلمه بفضله وقدرهم(6) ، وقد ورد عن ابن سعد : أن عمر قال للأنصار " __________ (1) الطبقات لابن سعد (3/364) . (2) المصدر السابق نفسه (3/364) . (3) مسلم (3/1480) . (4) تاريخ الطبري (5/226) . (5) المصدر السابق نفسه . (6) مرويات أبي مخنف في تاريخ الطَّبري ، د . يحي صـ 175 . (1/164) أدخلوهم بيتاً ثلاثة أيام ، فإن استقاموا وإلا فادخلوا عليهم فاضربوا أعناقهم(1) ، وهذه الرِّواية منقطعة ، وفي إسنادها "سماك بن حرب" وهو ضعيف ، وقد تغير بأخره(2) . جـ ـ الحكم في حال الاختلاف : …لقد أوصى بأن يحضر عبد الله بن عمر معهم في المجلس ، وأن ليس له من الأمر شئ ، ولكن قال لهم ، فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم ، وثلاثة رجلاً منهم ، فحكِّموا عبد الله بن عمر ، فأيُّ الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم ، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر ، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرَّحمن بن عوف ، ووصف عبد الرَّحمن بن عوف بأنه مسدَّدٌ رشيدٌ ، فقال عنه ، ونعم ذو الرأي عبد الرَّحمن بن عوف مسدَّدٌ رشيدٌ ، له من الله حافظ ، فاسمعوا منه(3) . ح ـ جماعة من جنود الله تراقب الاختيار ، وتمنع الفوضى : …طلب عمر أبا طلحة الأنصاريَّ ، وقال له : يا أبا طلحة : إن الله ـ عزّ وجلَّ ـ أعزَّ الإسلام بكم ، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار ، فاستحثَّ هؤلاء الرَّهط ، حتّى يختاروا رجلاً منهم(4) . وقال للمقداد بن الأسود : إذا وضعتموني في حفرتي ، فاجمع هؤلاء الرَّهط في بيت حتَّى يختاروا رجلاً منهم(5) . خ ـ جواز تولية المفضول مع وجود الأفضل : __________ (1) الطبقات لابن سعد (3/342) . (2) مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري صـ 176 . (3) تاريخ الطبري (5/325) . (4) تاريخ الطبري (5/225) . (5) المصدر السابق . (1/165) …ومن فوائد الشُّورى : جواز تولية المفضول مع وجود الأفضل ، لأنَّ عمر جعل الشُّورى في ستة أنفس مع علمه : أنَّ بعضهم كان أفضل من بعض ، ويؤخذ هذا من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد ، حيث كان لا يراعي الفضل في الدِّين فقط ، بل يضمُّ إليه مزيد المعرفة بالسِّياسة مع اجتناب ما يخالف الشَّرع منها ، فاستخلف معاوية ، والمغيرة بن شعبة ، وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل من كلِّ منهم في أمر الدِّين ، والعلم كأبي الدّرداء في الشِّام ، وابن مسعود في الكوفة(1) . ش ـ جمع عمر بين التعيين ، وعدمه : …عرف عمر ، أن الشُّورى لن تكون بين الستة فقط ، وإنّما ستكون في أخذ رأي الناس في المدينة ، فيمن يتولىَّ الخلافة ، حيث جعل لهم أمد ثلاثة أيَّام ، فيمكنهم من المشاورة ، والمناظرة لتقع ولاية من يتولى بعده عن اتِّفاق من معظم الموجودين حينئذ ببلده التي هي دار الهجرة ، وبها معظم الصّحابة ، وكلُّ من كان ساكناً في بلد غيرها كان تبعاً لهم فيما يتَّفقون عليه ، فما زالت المدينة حتى سنة 23هـ مجمع الصَّحابة بل لأنَّ كبار الصَّحابة فيها ، حيث استبقاهم عمر بجانبه ، ولم يأذن لهم بالهجرة إلى الأقاليم المفتوحة(2) . ك ـ أهل الشورى أعلى هيئة أعلى هيئة سياسية : __________ (1) المدينة النبوية فجر الإسلام والعصر الراشدي (2/97) . (2) المصدر السابق . (1/166) …إنّ عمر رضي الله عنه أناط بأهل الشُّورى وحدهم اختيار الخليفة من بينهم ، ومن المهمِّ أن نشير إلى أنَّ أحداً من أهل الشُّورى لم يعارض هذا القرار الذي اتّخذه عمر ، كما أنَّ أحداً من الصَّحابة الآخرين لم يشر أيَّ اعتراض عليه ، ذلك ما تدلُّ عليه النُّصوص التي بين أيدينا ، فنحن لا نعلم : أنَّ اقتراحاً آخر قد صدر عن أحد من النّاس في ذلك العصر ، أو أنَّ معارضة ثارت حول أمر عمر خلال السَّاعات الأخيرة من حياته ، أو بعد وفاته ، وإنّما رضي الناس كافة عن هذا التدبير ، ورأوا فيه مصلحة لجماعة المسلمين ، وفي وسعنا أن نقول : إن عمر قد أحدث هيئة سياسية عليا ، مهمَّتها انتخاب رئيس الدَّولة ، أو الخليفة ، وهذا التنظيم الدُّستوري الجديد ، الذي أبدعته عبقرية عمر لا يتعارض مع المبادئ الأساسية التي أقرَّها الإسلام ، ولا سيَّما فيما يتعلق بالشُّورى ، لأنَّ الغيرة من حيث النتيجة للبيعة العامَّة التي تجري في المسجد الجامع . وعلى هذا لا يتوجَّه السُّؤال الذي قد يرد على بعض الأذهان ، وهو : من أعطى عمر هذا الحقَّ ؟ ما هو مستند عمر في هذا التدبير ؟ ويكفي أن نعلم أنَّ جماعة من المسلمين قد أقرَّت هذا التدبير ، ورضيت به ، ولم يُسمع صوت اعتراض عليه ، حتى نتأكد : أنَّ الإجماع ـ وهو من مصادر التشريع ـ قد انعقد على صحته ، ونفاذه(1) ، ولا ننسى أن عمر خليفة راشد ، كما ينبغي أن نؤكِّد : أن أهل الشُّورى أعلى هيئة سياسية قد أقرَّه نظام الحكم في الإسلام في العهد الرَّاشدي ، كما : أنّ الهيئة التي سمّاها عمر ، تمتّعت بمزايا لم يتمتع بها غيرها من جماعة المسلمين ، وهذه المزايا مُنحت لها من الله ، وبلَّغها الرسول ، فلا يمكن عند المؤمنين أن يبلغ أحد من المسلمين مبلغ هؤلاء العشرة ، من التّقوى ، والأمانة . هكذا ختم عمر رضي الله عنه حياته ، ولم يشغله ما نزل به من __________ (1) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ للقاسمي (1/227 ، 258) . (1/167) البلاء ، ولا سكرات الموت عن تدبير أمر المسلمين ، وأرسى نظاماً صالحاً للشّورى لم يسبقه عليه أحد ، ولا يُشكُ : أنّ أصل الشُّورى مقرّرٌ في القرآن الكريم ، ، والسُّنّة القوليّة ، والفعلية ، وقد عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، ولم يكن عمراً مبتدعاً بالنسبة للأصل ، ولكنَّ الذي عمله عمر هو تعيين الطّريقة التي يختار بها الخليفة ، وحصر عدد معين جعلها فيهم ، وهذا لم يفعله الرّسول صلى الله عليه وسلم ، ولا الصِّدِّيق رضي الله عنه ، بل أوَّل من فعل ذلك عمر ، ونِعْمَ ما فعل ، فقد كانت أفضل الطُّرق المناسبة لحال الصَّحابة في ذلك الوقت(1) ، ولا شك بأن هذا التطوير الرائع لفقه الخلافة والوعي السياسي وما تتطلبه المرحلة من اجتهادات عملية ساهم في تثقيف وتعليم الحسن بن علي رضي الله عنه وأعطاه فهماً واسعاً ونظراً ثاقباً ، فيما بعد مما جعله يختار أسلوباً جديداً ، لم يسبق إليه ساهم في توحيد الأمة بعد الفرقة والاختلاف ، فالشخصيات الفذَّة ، والعبقريات المبدعة لا تأتي من فراغ وإنما هي حصيلة لخبرة واسعة ، واستفادة كبيرة من جهود من سبقها في البناء الحضاري الرباني الراشدي . 2 ـ منهج عبد الرحمن بن عوف في إدارة الشُّورى : …ومما عاصره الحسن بن علي في أمر بيعة عثمان منهج عبد الرحمن بن عوف في إدارة الشورى والذي تمثل في الخطوات التالية : أ ـ اجتماع الرّهط للمشاورة : __________ (1) أوليَّات الفاروق صـ 127 . (1/168) …لم يكد يفرغ النَّاس من دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتَّى أسرع ، رهط الشُّورى وأعضاء مجلس الدَّولة الأعلى إلى الاجتماع في بيت عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها وقيل : إنَّهم اجتمعوا في بيت فاطمة بنت قيس الفهْرية أخت الضحاك ابن قيس ، ليقضوا في أعظم قضيَّة عرضت في حياة المسلمين ـ بعد وفاة عمر ـ وقد تكلَّم القوم ، وبسطوا آراءهم ، واهتدوا بتوفيق الله إلى كلمة سواء ، رضيها الخاصَّة والكافة من المسلمين(1) . ب ـ عبد الرحمن يدعو إلى التنازل : …عندما اجتمع أهل الشُّورى قال لهم عبد الرّحمن بن عوف : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . فقال الزُّبير : جعلت أمري إلى عليِّ . وقال طلحة : جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد : جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف . وأصبح المرشحون ثلاثة ، علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف . فقال عبد الرحمن أيكما تبرَّأ من هذا الأمر ، فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام لينظرنَّ أفضلهم في نفسه ، فأسكت الشيخان ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أفتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكما ؟ قالا : نعم(2) . جـ ـ تفويض ابن عوف بإدارة عمليَّة الشُّورى : __________ (1) عثمان بن عفان ، لصادق عرجون صـ 62 ، 63 . (2) البخاري ، ك فضائل أصحاب النَّبي رقم 2700 . (1/169) …بدأ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه اتصالاته ، ومشاوراته فور انتهاء اجتماع المرشَّحين السِّتَّة صباح يوم الأحد ، واستمرَّت مشاوراته ، واتِّصالاته ثلاثة أيام كاملة ، حتى فجر يوم الأربعاء الرَّابع من المحرم ، وهو موعد انتهاء المهلة التي حدّدها لهم عمر ، وبدأ عبد الرحمن بن عوف بعليِّ بن أبي طالب ، فقال له : إن لم أبايعك فأشر عليَّ ، فمن ترشح للخلافة ؟ فقال عثمان : عليَّ بن أبي طالب .. وذهب ابن عوف بعد ذلك إلى الصحابة الآخرين ، واستشارهم ، وكان يشاور كلَّ من يلقاه في المدينة من كبار الصَّحابة ، وأشرافهم ، ومن أمراء الأجناد ، ومن يأتي للمدينة ، وشملت مشاوراته النَّساء في خدورهنَّ ، وقد أبدين رأيهن ، كما شملت الصِّبيان ، والعبيد في المدينة والمسلمين كانوا يشيرون بعثمان بن عفَّان ، ومنهم من كان يشير بعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وفي منتصف ليلة الأربعاء ، ذهب عبد الرحمن بن عوف إلى بيت ابن أخته : المسور بن مخرمة ، فطرق البيت ، فوجد المسور نائماً ، فضرب الباب حتى استيقظ ، فقال : أراك نائماً ، فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم ، انطلق فادع الزبير ، وسعداً . فدعوتهما له : فشاورهما ثمّ دعاني ، فقال : أدع لي علياً ، فدعوته ، فنجاه حتَّى أبهارَّ(1) الليل ثم قام عليٌّ من عنده .. ثم قال : ادع لي عثمان ، فدعوته فنجاه حتى فرّق بينهما المؤذِّن بالصُّبح(2) . ح ـ الاتفاق على بيعة عثمان : رضي الله عنه : __________ (1) أبهارَّ : أي : انتصف . (2) البخاري ، ك الأحكام ، رقم 7207 . (1/170) …وبعد صلاة صبح يوم البيعة ، اليوم الأخير من شهر ذي الحجة 23هـ/ 6 نوفمبر 644م وكان صهيب الرُّومي الإمام ، إذ أقبل عبد الرَّحمن بن عوف ، وقد اعتمَّ بالعمامة التي عمَّمه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد اجتمع رجال الشورى عند المنبر ، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين ، والأنصار ، وأمراء الأجناد ، منهم : معاوية أمير الشَّام ، وعمير بن سعد أمير حمص ، وعمرو بن العاص أمير مصر ، وكانوا وافوا تلك الحجَّة مع عمر ، وصاحبوه إلى المدينة(1) ، وجاء في رواية البخاري : .. فلمَّا صلَّى للنَّاس الصُّبح ، واجتمع أولئك الرّهط عند المنبر ، فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين ، والأنصار ، وأرسل إلى أمراء الأجناد ، وكانوا وافوا تلك الحجَّة مع عمر ، فلمّا اجتمعوا ، تشهَّد عبد الرحمن ، ثمّ قال : أمّا بعد : يا عليُّ : إني قد نظرت في أمر النَّاس ، فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعل بنفسك سبيلاً . فقال عبد الرحمن مخاطباً عثمان(2) : أبايعك على سُنَّة الله ، ورسوله ، ، والخليفتين من بعده : فبايعه الناس : المهاجرون ، والأنصار وأمرا الأجناد ، والمسلمين(3) . وجاء في رواية صاحب التّمهيد ، والبيان : أن عليَّ بن أبي طالب أوَّل من بايع بعد عبد الرّحمن بن عوف(4) . س ـ حكمة عبد الرحمن بن عوف في تنفيذ خطة الشُّورى : __________ (1) شهيد الدَّار صـ 37 وهناك خلافاً في تحديد تاريخ البيعة . (2) فقال : أي عبد الرحمن مخاطباً عثمان . (3) البخاري ، ك الأحكام رقم 7207 . (4) التمهيد والبيان صـ 26 . (1/171) …نفّذ عبد الرحمن بن عوف خطة الشورى بما دلَّ على شرف عقله ، ونبل نفسه ، وإيثاره مصلحة المسلمين العامة على مصلحته الخاصَّة ونفعه الفردي ، وترك عن طواعية ورضا أعظم منصب يطمح إليه إنسان في الدنيا ، ليجمع كلمة المسلمين ، وحقق أوّل مظهر من مظاهر الشورى المنظمة في اختيار من يجلس على عرش الخلافة ، ويسوس أمور المسلمين ، فهو قد اصطنع من الأناة ، والصبر ، والحزم ، وحسن التدبير ما كفل له النجاح في أداء مهمته العظمى ، وقد كانت الخطوط التي اتخذها كالآتي : ـ بسط برنامجه في أول جلسة عقدها مجلس الشورى في دائرة الزمن الذي حدّده لهم عمر ، وبذلك أمكنه أن يحمل جميع أعضاء مجلس الشورى على أن يدلوا برأيهم ، فعرف مذهب كل واحد منهم ، فسار في طريقه على بينة من أمره ، ـ خلع نفسه وتنازل عن حقه في الخلافة ، ليدفع الظُّنون ويستمسك بعروة الثِّقة الوثقى . ـ أخذ في تعرُّف نهاية ما يصبو إليه كل واحد من أصحابه ، وشركائه في الشُّورى ، فلم يزل يقلِّب وجوه الرَّأي معهم ، حتى انتهى إلى شبه انتخاب جزئيِّ ، فاز فيه عثمان برأي سعد بن أبي وقاص ، ورأي الزبير بن العوام ، فلاحت له أغلبية آراء الأعضاء الحاضرين معه . ـ عمد إلى معرفة كلِّ واحد من الإمامين : عثمان ، وعليِّ في صاحبه بالنِّسبة إلى وزنه من سائر الرَّهط الذين رشَّحهم عمر، فعرف من كل واحد منهما : أنه لا يعدل صاحبه أحداً إذا فاته الأمر . ـ أخذ في تعرُّف رأي مَنْ وراء مجلس الشُّورى من خاصَّة الأمَّة ، وذوي رأيها ، ثمَّ من عامّتها ، وضعفائها ، فرأى أنَّ معظم النَّاس لا يعدلون أحداً بعثمان ، فبايع له ، وبايعه عامَّة الناس(1) . __________ (1) عثمان بن عفَّان رضي الله عنه ـ لصادق عرجون صـ 70 ، 71 . (1/172) لقد تمكَّن عبد الرحمن بن عوف بكياسته ، وأمانته ، واستقامته ، ونسيانه نفسه بالتخلِّي عن الطّمع في الخلافة ، والزُّهد بأعلى منصب في الدولة أن يجتاز هذه المحنة ، وقاد ركب الشُّورى بمهارة ، وتجرد مما يستحقُّ أعظم التَّقدير(1) . قال الذَّهبي : ومن أفضل أعمال عبد الرَّحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشُّورى ، واختياره للأمَّة ممَّا أشار به أهل الحل والعقد ، فنهض في ذلك أتمَّ نهوض على جميع الأمَّة على عثمان ، ولو كان محابياً فيها ، لأخذها لنفسه ، أو لولاها ابن عمِّه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقَّاص(2) ، وبهذا تحقَّقت صورة أخرى من صور الشُّورى في عهد الخلفاء الرَّاشدين : وهي الاستخلاف عن طريق مجلس الشُّورى ، ليعيِّنوا أحدهم بعد أخذ المشورة العامَّة ، ثمَّ البيعة العامة(3) ، فهذا هو الذي تمَّ في عملية الشورى وما عصره الحسن بن علي رضي الله عنه من أحداث ، ولا ينظر للأباطيل الرافضية التي دست في قصة الشورى وشوهت التاريخ الإسلامي والتي تلقفها المستشرقون وقاموا بتوسيع نشرها ، وتأثر بها الكثير من المؤرخين ، والمفكرين المحدثين ولم يمحِّصوا الرِّوايات ، ويحقِّقوا في سندها ومتنها ، فانتشرت بين المسلمين ، لقد اهتم مؤرخو الشيعة الرّافضة بقصة الشورى وتولية عثمان بن عفان الخلافة ودسوا فيها الأباطيل والأكاذيب ، وألف جماعة منهم كتباً خاصة ، فقد ألف أبو مخنف كتاب الشورى ، وكذلك ابن عقدة ، وابن بابويه(4)، ونقل ابن سعد تسع روايات من طريق الواقدي في خبر الشورى وبيعة عثمان وتاريخ تولية الخلافة(5) ، ورواية من طريق عبيد الله بن موسى تضمنت مقتل عمر ، وحصره للشورى في السِّتَّة ووصيته لكلٍّ من عليّ ، وعثمان __________ (1) مجلة البحوث الإسلامية ، العدد (10) صـ (255) . (2) سير أعلام النبلاء (1/86) . (3) دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة صـ 278 . (4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة (14/246) . (5) الطبقات الكبرى (3/63) (3/67) . (1/173) إذا تولى أحدهما أمر الخلافة ، ووصيته لصهيب في هذا الأمر(1) . وقد نقل البلاذري خبر الشورى ، وبيعة عثمان عن أبي مخنف(2) الرافضي المحترق ، وعن هشام الكلبي ، منها ما نقله عن أبي مخنف(3) ، ونقل ابن أبي الحديد بعض أحداث قصَّة الشورى من طريق أحمد بن عبد العزيز الجوهري(4) ، وأشار إلى نقله عن كتاب (الشُّورى) للواقدي(5) ، وقد تضمَّنت الرِّوايات الشيعيَّة عدَّة أمور مدسوسة ، ليس لها دليلٌ من الصِّحَّة ، وهي : ـ اتهام الصَّحابة بالمحاباة في أمر المسلمين : __________ (1) المصدر السابق نفسه (3/340) . (2) أنساب الأشراف (5/18 ، 19) . (3) المصدر نفسه . (4) شرح نهج البلاغة (9/ 49 ، 50 ، 58) (5) شرح البلاغة (9/15) ، عثمان بن عفان للصَّلآَّبيّ صـ 73 . (1/174) اتَّهمت الرِّوايات الشِّيعيَّة الصَّحابة بالمحاباة في أمر المسلمين ، وعدم رضا عليّ بأن يقوم عبد الرحمن بن عوف باختيار الخليفة ، فقد ورد عن أبي مخنف ، وهشام الكلبيِّ عن أبيه ،وأحمد الجوهريِّ : أنَّ عمر جعل ترجيح الكفَّتين إذا تساوتا بعبد الرحمن بن عوف ، وأنَّ علياً أحسَّ بأن الخلافة ذهبت منه ، لأنَّ عبد الرحمن سيقدِّم عثمان للمصاهرة التي بينهما(1) ، وقد نفى ابن تيمية أي ارتباط في النَّسب القريب بين عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف فقال : فإنَّ عبد الرحمن ليس أخا عثمان ، ولا ابن عمِّه ، ولا من قبيلته أصلاً ، بل هذا من بني زهرة وهذا من بني أمية ، وبنو زهرة إلى بني هاشم أكثر ميلاً منهم إلى بني أميِّة ، فإن بني زهرة أخوال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، ومنهم عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم : هذا خالي فليرني امرؤ خاله(2) ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤاخ بين مهاجريِّ ، ومهاجريٍّ ، ولا بين أنصاريِّ ، وأنصاريِّ ، وإنما آخى بين المهاجرين والأنصار ، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن الربيع الأنصاري(3) ، وحديثه مشهور ثابت في الصِّحاح وغيرها ، يعرفه أهل العلم بذلك(4) وقد بنت الرِّوايات الشيعية محاباة عبد الرحمن لعثمان للمصاهرة التي كانت بينهما ، متناسية أن قوة النَّسب أقوى من مصاهرة من جهة ، ومن جهة أخرى تناسوا طبيعة العلاقة بين المؤمنين في الجيل الأوّل ، وأنها لا تقوم على نسب ولا على مصاهرة ، وأما كيفية المصاهرة التي كانت بين عبد الرحمن وعثمان ، فهي أنَّ عبد الرحمن تزوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت الوليد(5) ـ حزب أموىّ ، وحزب هاشمي : __________ (1) أثر التشيع على الرِّوايات التاريخية صـ 322 . (2) صحيح سنن الترمذي (3/220) رقم (4018) . (3) البخاري ، ك مناقب الأنصار رقم 3780 . (4) 4 منها ج السنة النبوية ( 6 / 271 ، 272 ) (5) الطبقات الكبرى ( 3 / 127 ) (1/175) أشارت رواية أبي مخنف الرافضي إلى وقوع مشادَّةٍ بين بني هاشم ، وبني أميَّة أثناء المبايعة ، وهذا غير صحيح ، ولم يرد ذلك برواية صحيحة ولا ضعيفة(1) ، وقد انساق بعض المؤرَّخين خلف الرِّوايات الشِّيعيَّة الرَّافضيَّة ، وبنوا تحليلاتهم الخاطئة على تلك الرِّوايات ، فصوَّر تشاور أصحاب الرَّسول صلى الله عليه وسلم من تحديد الخليفة الجديد بصورة الخلاف العشائريِّ ، وأنَّ الناس قد انقسموا إلى حزبين : حزب أمويِّ وحزبٍ هاشميِّ وهو تصوُّر موهوم ، واستنتاج مردود ولا دليل عليه ، إذ أنَّه ليس نابعاً من ذلك الجوِّ الذي كان يعيشه أصحاب رسول الله حينما كان يقف المهاجري مع الأنصاري ضدَّ أبيه ، وأخيه ، وابن عمه وبني عشيرته ، وليس نابعاً من تصوُّر هؤلاء الصَّحب وهو يضحُّون بكلِّ شئ من حطام الدنيا في سبيل أن يسلم لهم دينهم ، ولا من المعرفة الصحيحة لهؤلاء النخبة من المبشرين بالجنة ، فالأحداث الكثيرة التي رويت عن هؤلاء تثبت : أنَّ هؤلاء كانوا أكبر بكثير من أن ينطلقوا من هذه الزَّاوية الضَّيِّقة في معالجة أمورهم ، فليست القضيَّة قضيَّة تمثيل عائلي ، أو عشائري ، فهم أهل شورى لمكانتهم في الإسلام(2) . ـ أقوال نسبت زوراً وبهتاناً لوالد الحسن رضي الله عنهما : __________ (1) مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري صـ 177 ، 178 . (2) الخلفاء الرَّاشدون ، أمين القضاة صـ 78 ، 79 . (1/176) قال ابن كثير : وما يذكره كثير عن المؤرخين كابن جرير ، وغيره عن رجال لا يعرفون : أنَّ علياً قال لعبد الرَّحمن بن عوف : خدعتني ، وإنِّك إنَّما وليته لأنَّه صهرك ، ويشاورك كلَّ يوم في شأنه ، وأنه تلكَّأ حتى قال لعبد الرحمن : ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)) (الفتح ، آية : 10) ، إلى غير ذلك من الأخبار المخالفة لما ثبت في الصِّحاح فهي مردودة على قائليها ، وناقليها ، والله أعلم ، والمظنون من الصّحابة خلاف ما يتوهَّم كثير من الرَّافضة ، وأغبياء القصَّاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار ، وضعيفها ، ومستقيمها ، وسقيمها ، و……… ، وقويمها ، والله الموفق للصَّواب(1) . في الدروس المهمة التي استفدتها من دراستي لمرحلة السيرة النبوية والخلافة الراشدة أنه بجانب الرواية الصحيحة التي تظهر حقيقة الصورة المشرقة للصحابة في دينهم وصفائهم ومحبتهم لبعضهم هناك صورة أخرى مناقضة لها حرص أعداء الإسلام من الكذابين على نشرها حقداً على الإسلام وروَّج لها المستشرقين وأذنابهم ، وتورط فيها بعض الفضلاء عن جهل وهي بطبيعة الحال تساهم في إضعاف الأمّة وفقدان الأجيال التالية نموذج الاقتداء في سلفهم الصالح فيجب على الغيورين من الباحثين في هذه الأمَّة كشف هذا الزيف والأباطيل والتحذير من الكتب التي تروّج لها وتنشرها ، وبيان الروايات الصحيحة والترويج للكتب التي تتبناها دفاعاً عن الصحابة الكرام وابتغاء لمرضاة الله تعالى . 3 ـ معتقد الحسن بن علي في خلافة عثمان رضي الله عنهم : __________ (1) البداية والنهاية (7/152) . (1/177) إن معتقد الحسن بن علي في خلافة عثمان ، هو ما ذهب إليه الصحابة ، حيث أجمعوا على صحة خلافته بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولم يخالف ، أو يعارض في هذا أحد ، بل الجميع سلَّم له بذلك وقد قال أبو الحسن الأشعري : وثبتت إمامة عثمان رضي الله عنه بعقد من عقد له الإمامة من أصحاب الشُّورى ، الذين نصَّ عليهم عمر ، فاختاروه ورضوا بإمامته ، وأجمعوا على فضله وعدله(1) ، وقال عثمان الصَّابوني مبيناً عقيدة أهل السنة ، وأصحاب الحديث في ترتيب الخلافة بعد أن ذكر : أنَّهم يقولون أوّلاً بخلافة الصِّدِّيق ، ثمّ عمر ، قال : ثم خلافة عثمان رضي الله عنه بإجماع أهل الشورى . وإجماع الصحابة ، كافة ، ورضاهم حتَّى جعل الأمر إليه(2) . 4 ـ الحسن بن علي في فتح أفريقيا في جيش العبادلة : __________ (1) الإبانة عن أصول الديانة صـ 68 . (2) عقيدة السَّلف وأصحاب الحديث ضمن الرسائل المنيرية (1/139) . (1/178) …كانت خطة عثمان في الفتوحات تتسم بالحسم والعزم وتمثَّلت في الآتي : إخضاع المتمرِّدين من الفرس ، والرُّوم وإعادة سلطان الإسلام إلى هذه البلاد ، واستمرار الجهاد والفتوحات فيها وراء هذه البلاد لقطع المدد عنهم ، وإقامة قواعد ثابتة يرابط فيها المسلمون لحماية البلاد الإسلامية ، وإنشاء قوة بحرية عسكرية لافتقار الجيش الإسلامي إلى ذلك ، وكانت معسكرات الإسلام ومسالكه (ثغوره) في عهد عثمان هي عواصم أقطاره الكبرى ، فمعسكر العراق : الكوفة ، والبصرة ، ومعسكر الشَّام في دمشق بعد أن خلص الشَّام كله لمعاوية بن أبي سفيان ، ومعسكر مصر ، وكان مركزه الفسطاط ، وكانت هذه المعسكرات تقوم بحماية دولة الإسلام ، ومواصلة الفتوحات ، ونشر الإسلام ، ومن أشهر قادة الفتوحات في عهد عثمان رضي الله عنه : الأحنف بن قيس ، وسليمان بن ربيعة ، وعبد الرحمن ربيعة ، وحبيب بن مسلمة ، وقد استفاد المسلمون من تلك الفتوحات العثمانية دروساً منها ، تحقق وعد الله للمؤمنين بالنصر والتمكين والتطور في فنون الحرب والسياسة وركوب البحر ، والقتال البحري ، وجمع المعلومات على الأعداء ، والحرص على وحدة الكلمة في مواجهة العدو وعندما أراد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه أن يفتح أفريقيا استشار الأكابر من أصحاب رسول الله ، فقد جاء في رياض النفوس أن أمير المؤمنين عثمان جاءه من واليه على مصر عبد الله بن سعد ، أنَّ المسلمين يغيرون على أطراف أفريقيا فيصيبون من عدوهم وأنهم قريبون من حَوز المسلمين ، فأعرب عثمان بن عفان رضي الله عنه ـ علي إثر ذلك ـ للمسور بن مخرمة عن رغبته في بعث الجيوش لغزو أفريقيا . جاء في هذا الصدد ما نصه : فما رأيك يا ابن مخرمة ؟ قلت : أغزهم . قال : أجمع اليوم الأكابر من أصحاب رسول الله ، واستشيرهم ، فما أجمعوا عليه فعلته ، أو ما أجمع عليه أكثرهم فعلته .. ايت علياً ، وطلحة والزبير والعباس ، وذكر رجالاً ، فخلا بكل واحد منهم (1/179) في المسجد ، ثم دعا أبا الأعور سعيد بن زيد . فقال له عثمان : لم كرهت ـ يا أبا الأعور ـ من بعثة الجيوش إلى أفريقيا ؟ فقال له : سمعت عمر يقول : لا أغزيها أحداً من المسلمين ما حملت عينايَ الماء . فلا أرى لك خلاف عمر . فقال له عثمان : والله ما نخافهم وإنهم لراضون أن يقروا في مواضعهم ، فلا يغزون ، فلم يختلف عليه أحد ممن شاوره غيره ، ثم خطب الناس ، وندبهم إلى الغزو إلى أفريقيا ، فخرج بعض الصحابة ، منهم عبد الله بن الزبير وأبو ذر الغفاري(1) ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر والحسن والحسين(2) وغيرهم كثير ، وقد قدم المسلمون الغالي والرَّخيص في فتوحات أفريقيا ، واستشهد منهم الكثير وممَّن توفي منهم بأفريقيا في خلافة عثمان أبو ذُؤيب الهُذلي وكان شاعراً مشهوراً ، وهو الذي قال : ………وإذا المنية أنشبت أظفارها …………………ألفيت كل تميمة لا تنفع …………وتجلدي للشامتين أُريهم …………………أني لريب الدهر لا أتضعضع …وبعد انتصارهم الكبير على أعدائهم اتجه الحسن ومعه ثلة مباركة من المسلمين إلى عاصمة الخلافة وقلبه مفعم بالسرور والارتياح لتوسع النفوذ الإسلامي ، وانتشار دين رب العالمين . 5 ـ موقف والد الحسن بن علي والصحابة في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه : __________ (1) رياض النفوس (1/8 ـ 9) الجهاد والقتال لهيكل (1/556) . (2) ليبيا من الفتح العربي حتى انتقال الخلافة الفاطمية للدكتور صالح مصطفى صـ 41 ، الشرف والتسامي بحركة الفتح الإسلامي للصَّلآَّبيِّ صـ 19 . (1/180) …كانت هناك أسباب متنوعة ومتداخلة ساهمت في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه كالرخاء وأثره في المجتمع ، وطبيعة التحول الاجتماعي ، ومجئ عثمان بعد عمر رضي الله عنهما ، وخروج كبار الصحابة من المدينة ، والعصبية الجاهلية ، وتآمر الحاقدين ، والتدبير المحكم لإشارة المآخذ ضد عثمان ، واستخدام الوسائل والأساليب المهيجة للناس ، وأثر السبئية في أحداث الفتنة وقد فصلت وشرحت تلك الأسباب في كتابي ، تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان شخصيته وعصره . (1/181) …ولقد استخدم أعداء الإسلام في فتنة مقتل عثمان الأساليب والوسائل المهيجة للناس ، من إشاعة الأراجيف حيث ترددت كلمة الإشاعة والإذاعة كثيراً ، والتحريض والمناظرة والمجادلة للخليفة أمام الناس والطعن في الولاة واستخدام تزوير الكتب واختلاقها على لسان الصحابة رضي الله عنهم ، عائشة وعلي وطلحة والزبير ، والإشاعة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الأحق بالخلافة وأنه الوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتنظيم فرق في كل من البصرة والكوفة ومصر ، أربع فرق من كل مصر مما يدل على التدبير المسبق ، وأوهموا أهل المدينة أنهم ما جاءوا إلا بدعوة الصحابة ، وصعدوا الأحداث حتى وصلت إلى القتل(1) ، وإلى جوار هذه الوسائل ، استخدموا مجموعة من الشعارات منها التكبير ، ومنها أن جهادهم هذا ضد المظالم ومنها أنهم لا يقومون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومنها المطالبة باستبدال الولاة وعزلهم ، ثم تطورت المطالبة إلى خلع عثمان ، إلى أن تمادوا في جرأتهم وطالبوا بل سارعوا إلى مقتل الخليفة وخاصة حينما وصلهم الخبر بأن أهل الأمصار قادمون لنصرة الخليفة ، فزادهم حماسهم المحموم لتضييق الخناق على الخليفة ، والتشوق إلى قتله بأية وسيلة(2) ، وكان التنظيم السبئي بقيادة عبد الله بن سبأ اليهودي خلف تلك الأحداث والتي بعدها كالجمل والصفين وغيرها وقد تحدثنا عن حقيقة عبد الله بن سبأ في كتابي عثمان بن عفان ، وكتابي أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فمن أراد المزيد فليرجع إليهما ولقد تعرّضت في كتابي عثمان بن عفان للشبهات التي ألصقت بتاريخ عثمان رضي الله عنه وبينت كذبها وبطلانها ، بالأدلة الدامغة والبراهين الساطعة ، فقد كان عثمان رضي الله عنه بحق الخليفة المظلوم الذي افترى عليه خصومه الأوَّلون ، ولم ينصفه المتأخِّرون . __________ (1) دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة صـ 401 . (2) المصدر نفسه صـ 402 . (1/182) ـ موقف علي رضي الله عنه في بداية الفتنة : استمر علي رضي الله عنه في طريقته المعهودة مع الخلفاء وهي السمع والطاعة والإدلاء بالمشورة والنصح ، وقد عبر بنفسه عن مدى طاعته للخليفة عثمان وإلتزام أمره ولو كان شاقاً بقوله : لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت(1) ، وعندما نزل المتمردون في ذي المروة قبل مقتل عثمان بما يقارب شهراً ونصفاً ، أرسل إليهم عثمان علياً ورجلاً آخر لم تسمه الروايات والتقى بهم علي رضي الله عنه فقال لهم : تعطون كتاب الله ، وتعتبون من كل ما سخطتم ، فوافقوا على ذلك(2) ، وفي رواية أنهم شادُّوه وشادهم مرتين أو ثلاثاً ، ثم قالوا : ابن عم رسول الله ، ورسول أمير المؤمنين يعرض عليكم كتاب الله فقبلوا(3) ، فاصطلحوا على خمس : على أن المنفى يقلب ، والمحروم يعطى ، ويوفر الفئ ويعدل في القسم ويستعمل ذو الأمانة والقوة ، وكتبوا ذلك في كتاب ، أن يرد ابن عامر على البصرة ، وأن يبقى أبو موسى على الكوفة(4) وهكذا اصطلح عثمان رضي الله عنه مع كل وفد على حدة ثم انصرفت الوفود إلى ديارها(5) ، وبعد هذا الصلح وعودة أهل الأمصار جميعاً راضين تبين لمشعلي الفتنة أن خطتهم قد فشلت ، وأن أهدافهم الدنيئة لم تتحقق ، لذا خططوا تخطيطاً آخر يذكي الفتنة ويحييها يقتضي تدمير ما جرى من صلح بين أهل الأمصار ، وعثمان رضي الله عنه وبرز ذلك فيما يلي : في أثناء طريق عودة أهل مصر ، رأوا راكباً على جمل يتعرض لهم ، ويفارقهم ، فكأنه يقول : خذوني فقبضوا عليه ، وقالوا له : ما لك ؟ أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله فتحوا الكتاب ، فإذا فيه أمر بصلبهم أو قتلهم أو تقطيع أيديهم وأرجلهم ، فرجعوا إلى المدينة حتى وصلوها(6) ، __________ (1) مصنف ابن أبي شيبة (15/225) سنده صحيح . (2) تاريخ دمشق ترجمة عثمان صـ 328 ، تاريخ خليفة صـ 169 . (3) فتنة مقتل عثمان (1/129) . (4) المصدر نفسه (1/ 129) . (5) المصدر نفسه (1/329) . (6) تاريخ الطبري (5/379) . (1/183) ونفى عثمان رضي الله عنه أن يكون كتب هذا الكتاب ،وقال لهم : أنهما أثنتان : أن تقيموا رجلين من المسلمين أو يمين بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمللت ، ولا علمت ، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل وينقش الخاتم فلم يصدقوه(1) ، وهو الصادق البار لغاية في نفوسهم ، وهذا الكتاب الذي زعم هؤلاء المتمردون البغاة المنحرفون أنه من عثمان وعليه خاتمه يحمله غلامه على واحد من إبل الصدقة إلى عامله بمصر ابن أبي سرح ، يأمر فيه بقتل هؤلاء الخارجين هو كتاب مزور مكذوب على لسان عثمان وذلك لعدة أمور منها(2) : كيف علم العراقيون بالأمر وقد اتجهوا إلى بلادهم ، وفصلتهم عن المصريين ، الذين أمسكوا بالكتاب المزعوم ـ مسافة شاسعة ، فالعراقيون في الشرق والمصريون في الغرب ، ومع ذلك عادوا جميعاً في آن واحد ، كأنما كانوا على ميعاد ؟ لا يعقل هذا إلا إذا كان الذين زوَّروا الكتاب واستأجروا راكباً آخر انطلق إلى العراقيين ليخبرهم بأن المصريين قد اكتشفوا كتاباً بعث فيه عثمان لقتل المنحرفين المصريين ، وهذا ما احتج به علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقد قال : كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر ، وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا(3) ، بل أن علياً يجزم : هذا والله أمر أبرم بالمدينة(4) . __________ (1) فتنةمقتل عثمان (5/132) (البداية والنهاية (7/191) . (2) تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان للصًّلآَّبيِّ صـ 410 . (3) تاريخ الطبري (5/359) . (4) تاريخ الطبري (5/359) . (1/184) إن هذا الكتاب المشؤوم ليس أول كتاب يزوِّره هؤلاء المجرمون ، بل زوَّروا كتباً على لسان أمهات المؤمنين وكذلك على لسان علي وطلحة والزبير ، فهذه عائشة رضي الله عنها تُتهم بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان فتنفي وتقول : لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت لهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي(1) هذا ويعقب الأعمشي فيقول : فكانوا يرون أنه كتب على لسانها(2) ، ويتهم الوافدون علياً بأنه كتب إليهم أن يقدموا عليه بالمدينة ، فينكر ذلك عليهم ويقسم : والله ما كتبت إليكم كتاباً(3) ، كما ينسب إلى الصحابة بكتابة الكتب إلى أهل الأمصار يأمرونهم بالقدوم إليهم فدين محمد قد فسد وترك ، والجهاد في المدينة خير من الرباط في الثغور البعيدة(4) ، ويعلق ابن كثير على هذا الخبر قائلاً : وهذا كذب على الصحابة ، وإنما كتبت كتب مزورة عليهم ، فقد كتب من جهة علي وطلحة والزبير إلى الخوارج ـ قتلة عثمان ـ كُتُبٌ مزورة عليهم أنكروها ، وكذلك زوَّر هذا الكتاب على عثمان أيضاً ، فإنه لم يأمر به ، ولم يعلم به(5) ، ويؤكد كلام ابن كثير ما رواه الطبري وخليفة من استنكار كبار الصحابة ـ علي وعائشة والزبير ـ أنفسهم لهذه الكتب في أصحَّ الروايات(6) . __________ (1) تحقيق مواقف الصحابة (1/334) . (2) تاريخ خليفة بن خياط صـ 169 . (3) تحقيق مواقف الصحابة (1/335) البداية والنهاية (7/191) . (4) تحقيق مواقف الصحابة (1/335) البداية والنهاية (7/175) . (5) البداية والنهاية (7/175) . (6) تحقيق مواقف الصحابة (1/335) . (1/185) إن الأيدي المجرمة التي زوَّرت الرسائل الكاذبة على لسان أولئك الصحابة هي نفسها التي أوقدت نار الفتن من أولها إلى آخرها ، ورتبت ذلك الفساد العريض ، وهي التي زورت وروَّجت على عثمان تلك الأباطيل ، وإنه فعل وفعل ولقنتها للناس ، حتى قبلها الرعاع ، ثم زوَّرت على لسان عثمان ذلك الكتاب ، ليذهب عثمان ضحية إلى ربه شهيداً سعيداً ولم يكن عثمان الشهيد المجني عليه وحده في هذه المؤامرة السبئية اليهودية ، بل الإسلام نفسه كان مجنياً عليه قبل ذلك ، ثم التاريخ المشوَّه المحرَّف ، والأجيال الإسلامية التي تلقت تاريخها مشوَّهاً هي كذلك ممن جنى عليهم الخبيث اليهودي وأعوانه من أصحاب المطامع والشهوات والحقد الدفين ، أما آن للأجيال الإسلامية أن تعرف تاريخها الحق ، وسير رجالاتها العظام ؟ بل ألم يأن لمن يكتب في هذا العصر من المسلمين ـ أن يخاف الله ولا يتجرأ على تجريح الأبرياء قبل أن يحقق ويدقق حتى لا يسقط كما سقط غيره(1) . موقف الحسن بن علي ووالده أثناء الحصار : __________ (1) عثمان بن عفان الخليفة الشاكر الصابر صـ 238 ، 229 . (1/186) اشتد الحصار على عثمان رضي الله عنه ، حتى منع من أن يحضر للصلاة في المسجد ، وكان صابراً على هذه البلوى التي أصابته كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وكان مع إيمانه القوي بالقضاء والقدر ، يحاول أن يجد حلاً لهذه المصيبة ، فنراه تارة يخطب الناس عن حرمة دم المسلم ، وإنه لا يحل سفكه إلا بحقه وتارة يتحدث في الناس ويظهر فضائله وخدماته الجليلة في الإسلام ويستشهد على ذلك ببقية العشرة رضوان الله عليهم(1) ، وكأنه يقول ، من هذا عمله وفضله هل من الممكن أن يطمع بالدنيا ويقدمها على الآخرة وهل يعقل يخون الأمانة ويعبث بأموال الأمة ودمائها وهو يعرف عاقبة ، ذلك عند الله وهو الذي تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم والذي شهد له وزكاه وكذلك أفاضل الصحابة ، ومتى بعد ما تجاوز السبعين وقارب الثمانين من عمره أهكذا تكون معاملته ؟ واشتدت سيطرة المتمردون على المدينة حتى أنهم ليصلون بالناس في أغلب الأوقات(2) ، وحينها أدرك الصحابة أن الأمر ليس كما حسبوا ، وخشوا من حدوث ما لا يحمد عقباه ، وقد بلغهم أن القوم يريدون قتله ، فعرضوا عليه أن يدافعوا عنه ، ويخرجوا الغوغاء عن المدينة ، إلا أنه رفض أن يراق دم بسببه(3) . وأرسل كبار الصحابة أبناءهم دون استشارة عثمان رضي الله عنه ، ومن هؤلاء الحسن بن علي رضي الله عنهما ، وعبد الله بن الزبير ، فقد كان عثمان يحب الحسن ويكرمه ، فعندما وقعت الفتنة وحوصر عثمان رضي الله عنه أقسم على الحسن رضي الله عنه بالرجوع إلى منزله وذلك خشية عليه أن يصاب بمكروه(4) ،وقد قال عثمان للحسن رضي الله عنه : أرجع يا ابن أخي حتى يأتي الله بأمره(5) ، وقد __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد علي صـ 85 . (2) سير أعلام النبلاء (3/515) . (3) فتنة مقتل عثمان (1/167) ، المسند (1/396) أحمد شاكر . (4) تاريخ المدينة لابن شبة (4/1208) . (5) الرياض النظرة نقلاً عن الحسن بن علي ودوره السياسي صـ 46 . (1/187) صحت روايات أن الحسن حمل جريحاً من الدار يوم الدار(1) ، كما جرح غير الحسن ، عبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب ومروان بن الحكم ، كما كان معهم الحسين بن علي وابن عمر رضي الله عنهما(2) وقد كان علي من أدفع الناس عن عثمان رضي الله عنه وشهد له بذلك مروان بن الحكم(3) كما أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن علياً أرسل إلى عثمان فقال : إن معي خمسمائة دارع ، فأذن لي ، فأمنعك من القوم فإنك لم تحدث شيئاً يستحل به دمك ، فقال : جزيت خيراً ، ما أحب أن يهراق دم في سببي(4) ، وقد وردت روايات عديدة تفيد وقوفه بجانب عثمان رضي الله عنهما ، أثناء الحصار فمن ذلك : أن الثائرين منعوا عن عثمان الماء حتى كاد أهله أن يموتوا عطشاً ، فأرسل علي رضي الله عنه إليه بثلاث قرب مملؤة ماء فما كادت تصل إليه ، وجرح بسبها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصلت (5)، ولقد تسارعت الأحداث فوثب الغوغاء على عثمان وقتلوه رضي الله عنه ، وأرضاه ، ووصل الخبر إلى الصحابة وأكثرهم في المسجد ، فذهبت عقولهم ، وقال على لأبنائه و أبناء أخيه كيف قتل عثمان وأنتم على الباب ؟ ولطم الحسن ، وكان قد جرح(6)، وضرب صدر الحسين ، وشتم ابن الزبير وابن طلحة ، وخرج غضبان إلى منزله ويقول : تباً لكم سائر الدهر ، اللهم أني أبرأ إليكم من دمه أن يكون قتلت أو ما لأت على قتله(7) ، وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه ، نصح وشورى سمع وطاعة ، ووقفة قوية بجانبه أثناء الفتنة ، ومن أدفع الناس عنه ، ولم يذكره بسوء قط ، يحاول الإصلاح وسد الخرق بين الخليفة والخارجين __________ (1) الطبقات لابن سعد (8/128) بسند صحيح . (2) تاريخ خليفة صـ 174 . (3) تاريخ الإسلام للذهبي صـ 46 ـ 461 إسناده قوي . (4) تاريخ دمشق صـ 403 . (5) أسباب الأشراف للبلاذري ( 5 / 76 ) . (6) ابن أبي عاصم الآحاد والثماني 1 / 125 ) نقلاً عن خلافة علي صـ 87 . (7) مصنف ابن أبي شيبه (15/209) إسناد صحيح . (1/188) عليه لكن الأمر فوق طاقته ، وخارج إرادته ، إنها إرادة الله عز وجل أن يفوز أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالشهادة(1) ……… ويبوء المفسدين بالإثم أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنكر قتل عثمان ، وتبرأ من دمه ، وكان يقسم على ذلك في خطبه ، وغيرها : إنه لم يقتله ولا أمر بقتله ، ولا مالأ عليه ، ولا رضي ، وقد ثبت ذلك عنه بطرق تفيد القطع(2) ، خلافاً لما تزعمه الرافضة من أنه كان راضياً بقتل عثمان رضي الله عنهما(3) ، وقال الحاكم بعد ذكر بعض الأخبار الواردة في مقتله رضي الله عنه : فأما الذي ادعته المبتدعة من معونة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإنه كذب ، وزور ، فقد تواترت الأخبار بخلافه(4) . وقال ابن تيميه : وهذا كله كذب على علي رضي الله عنه ، وافتراء عليه ، فعلي رضي الله عنه لم يشارك في دم عثمان رضي الله عنه ولا أمر ولا رضي ، وقد روي عنه ذلك ، وهو الصادق البار(5) ، وقد قال علي رضي الله عنه : اللهم أني أبرأ إليك من دم عثمان(6) . وقد شوهت بعض كتب التاريخ مواقف الصحابة من فتنة مقتل عثمان ، وذلك بسبب الروايات الرافضية التي ذكرها كثير من المؤرخين والمتتبع لأحداث الفتنة في تاريخ الإمام الطبري ، وكتب التاريخ الأخرى من خلال روايات أبي مخنف ، والواقدي ، وابن أعثم ، وغيرها من الأخبار يبين ويشعر أن الصحابة هم الذين كانوا يحركون المؤامرة ، ويثيرون الفتنة ، فأبي مخنف ذو الميول الشيعية لا يتورع في اتهام عثمان بأنه الخليفة الذي كثرت سقطاته ، فاستحق ما استحق ، ويظهر طلحة في مروياته كواحد من الثائرين على __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب صـ 87 ، على عبد الحميد . (2) البداية والنهاية (7/202) . (3) العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط صـ 129 ، حق اليقين ، عبد الله شبر صـ 189 . (4) المستدرك (3/103) . (5) مناهج السنة (4/406) . (6) العقيدة في أهل البيت صـ 130 ، إسناده حسن الطبقات (3/3) . (1/189) عثمان ، والمؤلبين ضده ، ولا تختلف روايات الواقدي عن رويات أبي مخنف ، وقد كثرت الروايات الرافضية التي تتهم الصحابة بالتآمر ضد عثمان رضي الله عنه وأنهم هم الذين حركوا الفتنة ، وأثاروا الناس ، وهذا كله كذب وزور(1) ، وخلافاً للروايات الرافضية والموضوعة والضعيفة فقد حفظت لنا كتب المحدثين بحمد الله الروايات الصحيحة التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان ، والمنافحين عنه والمتبرأين من قتله ، والمطالبين بدمه بعد مقتله وبذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة ، أو إثارتها(2)، إن الصحابة جميعاً رضي الله عنهم أبرياء من دم عثمان رضي الله عنه ومن قال خلاف ذلك ، فكلامه باطل لا يستطيع أن يقيم عليه أي دليل ينهض إلى مرتبة الصحة ، ولذلك أخرج خليفة في تاريخه عن عبد الأعلى بن الهيثم ، عن أبيه ، قال : قلت للحسن : أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين ، والأنصار ؟ قال : لا ، كانوا أعلاجاً(3)، من أهل مصر . وقال الإمام النَّووي ، : ولم يشارك في قتله أحد من الصحابة ، وإنما قتله همج ، ورعاع من غوغاء القبائل سفلة الأطراف والأراذل ، تحزَّبوا ، وقصدوه من مصر ، فعجزت الصَّحابة الحاضرون عن دفعهم ، فحصروه حتَّى قتل ، رضي الله عنه(4) ، وقد وصفهم الزبير رضي الله عنه بأنهم غوغاء من الأمصار ، ووصفتهم السيَّدة عائشة بأنَّهم نزَّاع القبائل(5) ، ووصفهم ابن تيميه بأنهم خوارج مفسدون وضالون ، باغون معتدون(6) ، ووصفهم الذهبيُّ بأنهم رؤوس شرِّ ، وجفاء(7) ، ووصفهم ابن العماد الحنبليُّ في الشذرات بأنَّهم أراذل من أوباش القبائل(8) __________ (1) تحقيق مواقف الصحابة (2/14 إلى 18) . (2) المصدر السابق نفسه . (3) العلج : كل جاف شديد من الرّجال (4) شهيد الدار عثمان بن عفان صـ 148 . (5) شرح النَّوويِّ على صحيح مسلم (15/148) . (6) منهاج السنَّة (2/189 ـ 206) . (7) دول الإسلام للذهبي (1/12) . (8) تحقيق مواقف الصحابة (1/482) ، شذرات الذهب (1/40) . (1/190) ، ويشهد على هذا الوصف تصرُّف هؤلاء الرُّعاع منذ الحصار إلى قتل الخليفة رضي الله عنه ظلماً ،وعدواناً فكيف يمنع الماء عنه ، والطّعام ، وهو الذي طالما دفع من ماله الخاص ما يروي ظمأ المسلمين بالمجّان(1) ، وهو الذي يساهم بأموال كثيرة عندما يلمُّ بالناس مجاعة ، أو مكروه وهو الدائم العطاء عندما يصيب النَّاس ضائقة ، أو شدَّة من الشدائد(2) ، حتى أنَّ علياً رضي الله عنه يصف هذا الحال ، وهو يؤنب المحاصرين بقوله : يا أيُّها الناس : إن الذي تفعلونه لا يشبه أمر المؤمنين ، ولا أمر الكافرين ، فلا تمنعوا عن هذا الرّجل الماء ، ولا المادة ـ الطعام ـ فإن الرُّوم ، وفارس لتأسر ، وتطعم ، وتسقي(3) ، لقد صحَّت الأخبار ، وأكَّدت حوادث التاريخ على براءة الصَّحابة من التَّحريض على عثمان أو المشاركة في الفتنة ضدّه(4) ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابي تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان(5) . رابعاً : الحسن بن علي في عهد والده رضي الله عنهما : __________ (1) تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان للصَّلاَّبيَّ صـ 450 . (2) التمهيد والبيان صـ 424 . (3) تاريخ الطبري (5/400) . (4) تحقيق مواقف الصحابة (2/18) . (5) عثمان بن عفان للصَّلاَّبيَّ صـ 451 إلى 466 . (1/191) تمت بيعة علي رضي الله عنه بالخلافة بطريقة الاختيار وذلك بعد أن استشهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه على أيدي الخارجين المارقين الشذاذ الذين جاءوا من الآفاق ، ومن أمصار مختلفة ، وقبائل متباينة لا سابقة لهم ، ولا أثر خير في الدين ، فبعد أن قتلوه رضي الله عنه ظلماً وزوراً وعدواناً يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين(1) ، قام كل من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله بمبايعة علي رضي الله عنه بالخلافة وذلك لأنه لم يكن أحد أفضل منه على الإطلاق في ذلك الوقت ، فلم يدع الإمامة لنفسه أحد بعد عثمان رضي الله عنه ولم يكن أبو السبطين رضي الله عنه حريصاً عليها ، ولذلك لم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد ممن بقي من الصحابة بالمدينة وخوفاً من ازدياد الفتن وانتشارها ومع ذلك لم يسلم من نقد بعض الجهال أثر تلك الفتن كموقعة الجمل وصفين التي أوقد نارها وأنشبها الحاقدون على الإسلام كابن سبأ وأتباعه الذين استخفهم ، فأطاعوه لفسقهم ولزيغ قلوبهم عن الحق والهدى ، وقد روى الكيفية التي تم بها اختيار علي رضي الله عنه للخلافة بعض أهل العلم(2) ، وقد ذكرت تلك الروايات بالتفصيل في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد انعقد أجماع أهل السنة والجماعة على أن علياً رضي الله عنه كان متعيناً للخلافة بعد عثمان رضي الله عنه لبيعة المهاجرين والأنصار له لما رأوا لفضله على من بقي من الصحابة ، وأنه أقدمهم إسلاماً ، وأوفرهم علماً ، وأقربهم بالنبي صلى الله عليه وسلم نسباً ، وأشجعهم نفساً ، وأحبهم إلى الله ورسوله وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً وسمتاً فكان رضي الله عنه متعيناً للخلافة دون غيره ، وقد قام من بقي من أصحاب __________ (1) الطبقات لابن سعد (3/31) . (2) عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام (2/677) . (1/192) النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعقد البيعة به بالخلافة بالإجماع فكان حينئذ إماماً حقاً وجب على سائل الناس طاعته وحرم الخروج عليه ومخالفته ، وقد نقل الإجماع على خلافته كثير من أهل العلم منهم ، ابن سعد(1) ، وابن قدامة(2)، وأبو الحسن الأشعري(3)، وأبو نعيم الأصبهاني(4) ، وأبو منصور البغدادي(5) ، والزهري(6) ، وعبد الملك الجويني(7) ، وأبو عبد الله بن بطة(8) ، والغزالي(9) ،وأبو بكر بن العربي(10) ، وابن تيمية(11) ، وابن حجر(12) ، والذي نستفيده من هذه النقول المتقدمة للإجماع أن خلافة علي رضي الله عنه محل إجماع على أحقيتها وصحتها في وقت زمانها وذلك بعد قتل عثمان رضي الله عنه حيث لم يبق على الأرض أحق بها منه رضي الله عنه ، فقد جاءت علي رضي الله عنه على قدر في وقتها ومحلها(13) . 1 ـ خروج أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى الكوفة : __________ (1) الطبقات الكبرى (3/31) . (2) منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين صـ 77 ـ 78 نقلاً عن عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/689) . (3) الإبانة عن أصول الديانة صـ 78 ، مقالات الإسلاميين (1/346) . (4) كتاب الإمامة والرد على الرافضة صـ 360 ـ 361 . (5) كتاب أصول الدين صـ 286 ـ 287 . (6) الاعتقاد صـ 193 . (7) كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد صـ 362 ، 363 . (8) لوامع الأنوار البهية للسفاريتي (2/246) ، عقيدة أهل السنة (2/692) . (9) الاقتصاد في الاعتقاد صـ 154 . (10) العواصم من القواصم صـ 142 . (11) الوصية الكبرى صـ 23 . (12) فتح الباري (7/72) . (13) عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام (2/693) . (1/193) …لم يكن بعض الصحابة رضي الله عنهم في المدينة يؤيدون خروج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من المدينة ، وقد تبين ذلك حينما همَّ عليَّ بالنهوض إلى الشام ليزور أهلها وينظر ما هو رأي معاوية ما هو صانع(1) ، فقد كان يرى أن المدينة لم تعد تمتلك المقومات التي تملكها بعض الأمصار في تلك المرحلة فقال : إن الرجل والأموال بالعراق(2) ، فلما علم أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه بهذا الميل قال للخليفة : يا أمير المؤمنين ، لو أقمت بهذه البلاد لأنها الدرع الحصينة ، ومهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها قبره ومنبره ومادة الإسلام ، فإن استقامة لك العرب كنت كمن كان ، وإن تشعب عليك قوم رميتهم بأعدائهم وإن ألجئت حينئذ إلى السير سرت وقد أعذرت .. ، فأخذ الخليفة بما أشار عليه أبي أيوب . وعزم المقامة بالمدينة وبعث العمال على الأمصار(3) ، ولكن حصلت كثير من المستجدات السياسية التي أرغمت الخليفة على مغادرة المدينة ، وقرّر الخروج للتوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام(4) ، وأثناء استعداده للخروج ، بلغه خروج عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة فاستنفر أهل المدينة ودعاهم إلى نصرته وحدث تثاقل من بعض أهل المدينة بسبب وجود الغوغاء في جيش علي ، وطريقة التعامل معهم ، فكثير من أهل المدينة يرون أن الفتنة لا زالت مستمرة ، فلا بد من التروي حتى تتجلى الأمور أكثر ، وهم يقولون لا والله ما ندري كيف نصنع ، فإن هذا الأمر لمشتبه علينا ونحن مقيمون حتى يضيئ لنا ويسفر ، وروى الطبري أن علي رضي الله عنه خرج في تعبئته التي كانت تعبئ بها إلى الشام وخرج معه النشطة من الكوفيين والبصريين متخفين في سبعمائة __________ (1) الثقات لابن حبان (2/283) ، الأنصار في العصر الراشدي صـ 161 . (2) المصدر نفسه (2/283) ، الأنصار في العصر الراشدي صـ 161 . (3) الثقات لابن حبان (2/283) ، الأنصار في العصر الراشدي صـ 161 . (4) استشهاد عثمان ووقعة الجمل صـ 183 . (1/194) رجل(1) ، والأدلة على تثاقل الكثير من أهل المدينة عن إجابة دعوة أمير المؤمنين للخروج كثير منهم ، خطب الخليفة التي شكا فيها من هذا التثاقل(2) . 2 ـ نصيحة الحسن بن علي لوالده : …خرج أمير المؤمنين من المدينة ، وعندما بلغ الربذة(3) عسكر فيها بمن معه ، ووفد عليه عدد من المسلمين بلغوا المائتين(4) ، وفي الربذة قام إليه ابنه الحسن رضي الله عنهما وهو باك لا يخفي حزنه وتأثره على ما أصاب المسلمين من تفرق واختلاف ، وقال الحسن لوالده : قد أمرتني فعصيتك ، فتقتل غداً بمضيعة لا ناصر لك ، فقال علي : إنك لا تزال تخن خنين الجارية(5) ، وما الذي أمرته فعصيته ؟ ، قال : أمرتك يوم أحيط بعثمان رضي الله عنه أن تخرج من المدينة ، فيقتل ولست بها ، ثم أمرتك يوم قتل أن لا تبايع حتى يأتيك وفود أهل الأمصار والعرب وبيعة كل مصر ، ثم أمرتك حين فعلا هذان الرجلان ، ما فعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا ، فإن كان الفساد كان على يدي غيرك ، فعصيتني في ذلك كله . قال : أي بني ، أما قولك : لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان ، فوا الله لقد أحيط بنا كما أحيط به ، وأما قولك : لا تبايع حتى تأتي بيعة الأمصار ، فإن الأمر أمر أهل المدينة وكرهنا أن يضيع هذا الأمر ، وأما قولك حين خرج طلحة و الزبير ، فإن ذلك كان وهناً على أهل الإسلام ، والله ما زلت مقهوراً مذ وليت ، منقوصاً لا أصل إلى شئ مما ينبغي ، وأما قولك : اجلس في بيتك فكيف لي بما قد لزمني أو مِنُ تريدني ؟ أتريدني أن أكون مثل الضبع التي يحاط بها ، ويقال : دباب دباب (6)، ليست هاهنا حتى يحل عرقوباها ثم نخرج ، وإذا لم __________ (1) المصدر نفسه (5/481) . (2) الطبقات (3/237) ، الأنصار في العصر الراشدى صـ 163 . (3) شرق المدينة المنورة تبعد 240 كم . (4) أنساب الأشراف (2/45) خلافة علي بن أبي طالب صـ 143 . (5) تاريخ الطبري (5/482) : خن : أخرج الصوت من خياشيمه . (6) دباب ، كقطام : دعاء الضبع للضبع . (1/195) أنظر فيما لزمني من هذا الأمر ويعنيني فمن ينظر فيه ، فكف عنك أي بني . ومن هذه الحادثة نلاحظ حسن تربية أمير المؤمنين علي لأبنه ، وكيف أعطاه مجالاً ليعبر عن ما في نفسه بدون ضغوط ثم رد أمير المؤمنين على كل اعتراض ، كما تبين ميل الحسن رضي الله عنه المبكر للسلم والابتعاد عن استخدام القوة مهما كلف الأمر ، أما أمير المؤمنين علي ،فقد كان حازماً ـ والحق معه ـ في هذه المشكلة وواضح ولم يستطيع أحد أن يثنيه عن عزمه وكان متريثاً في تنفيذ القصاص على قتلة عثمان فقد كان ينتظر حتى يستتب له الأمر ، ثم ينظر في شأن قتلة عثمان فحين طالب الزبير وطلحة ومن معهم بإقامة حد القصاص عليهم اعتذر لهم بأنهم كثير وأنهم قوة لا يستهان بها ، وطلب منهم أن يصبروا حتى تستقر الأوضاع وتهدأ الأمور ، فتؤخذ الحقوق ،لئن الظروف لم تكن مواتية من جلب المصالح وقد ألمح أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى اختيار أهون الشرين حين قال : هذا الذي ندعوكم إليه من إقرار ـ قتلة عثمان ـ وهو خير من شر منه ـ القتال والفرقة (1)، لقد رأى أمير المؤمنين أن المصلحة تقتضي تأخير القصاص لا تركه ، فأخر القصاص من أجل هذا ،وكان رضي الله عنه ينتظر بقتلة عثمان أن يستوثق الأمن وتجتمع الكلمة ويرفع الطلب من أولياء الدم ، فيحضر الطالب للدم والمطلوب ، وتقع الدعوة ويكون الجواب ، وتقوم البينة ويجري القضاء في مجلس الحكم (2)،ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدى ذلك إلى إثارة الفتنة وتشتيت الكلمة (3)، وأما ما أثير عن وجود قتلة عثمان في جيش أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وكيف يرضى أن يكون هؤلاء في جيشه ، فقد أجاب الإمام الطحاوي عن ذلك بقوله : وكان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان من لم يعرف بعينه ومن تنتصر __________ (1) المصدر السابق ( 5/460 ) (2) تحقيق مواقف الصحابة ( 2 / 156 ) (3) أحكام القرآن لأبن العربي ( 2/ 1718 ) (1/196) له قبيلته ومن لم تقم عليه حجة بما فعله ، ومن في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله (1)، وعلى كل حال ، كان موقفه منهم موقف المحتاط منهم ،المتبرئ من فعلهم ، وكان راغباً في الإستغناء عنهم بل الإقتصاص منهم ، لو وجد إلى ذلك سبيلاً وقد فصلت ذلك في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 3 ـ أثر الحسن بن علي في استنفار أهل الكوفة : كان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يمارس صلاحياته كخليفة وكان فيه من العزم والحزم بحيث لا يستطيع أحد أن يثنيه عن عزمه ، فأرسل علي رضي الله عنه من الربذة يستنفر أهل الكوفة ويدعوهم إلى نصرته ، وكان الرسولان محمد بن أبي بكر الصديق ، ومحمد بن جعفر ولكنهما لم ينجحا في مهمتهما ، إذ أن أبا موسى الأشعري والى الكوفة من قبل علي ، ثبط الناس ونهاهم عن الخروج والقتال في الفتنة وأسمعهم ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من التحذير من الإشتراك في الفتنة (2)،فأرسل علي بعد ذلك هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ،ففشل في مهمته ،لتأثير أبي موسى عليهم (3)، فبعث عبد الله بن عباس فأبطوا عليه ، فأتبعه بعمار بن ياسر والحسن بن علي ، وعزل أبا موس الأشعري واستعمل قرظة بن كعب بدلا منه(4) وكان للقعقاع بن عمرو دور كبير في إقناع أهل الكوفة ، قام فيهم وقال : أني لكم ناصح وعليكم شفيق ، وأحب أن ترشدوا ، ولأقولن لكم قولا هو الحق ، … والقول الذي هو القول إنه لا بد من إمارة تنظم الناس وتنزع الظالم ، وتعز المظلوم ، وهذا علي يلي ما ولي ، وقد أنصف في الدعاء ، وإنما يدعوا إلى الإصلاح ،فانفروا وكونوا في هذا الأمر بمرأ ومسمع و مسمع(5) ، وكان __________ (1) شرح الطحاوية ص 546 (2) تاريخ الطبري ( 5 / 514 ) مصنف ابن أبي شيبة (15 / 12 )اسناده حسن (3) خلافة علي بن أبي طالب ص 44 عبد الحميد ، سير أعلام النبلاء ( 3 / 486 ) (4) فتح الباري ( 13/ 25 ) ، التاريخ الصغير ( 1/ 109 ) (5) تاريخ الطبري ( 5/ 516 ) (1/197) للحسن بن علي أثر واضح ، فقد قام خطيباً في الناس وقال : أيها الناس ، أجيبوا دعوة أميركم ، وسيروا إلى إخوانكم ، فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه ، والله لأن يليه أولو النهى(1) ، أمثل في العاجلة وخير في العاقبة ، فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم(2) ، ولبى كثير من أهل الكوفة وخرجوا مع عمار والحسن إلى علي ما بين ستة إلى سبعة ألف رجل ، ثم انضم إليهم من أهل البصرة ألفان من عبد القيس ثم توافدت عليه القبائل إلى أن بلغ جيشه عند حدوث المعركة اثني عشر ألف رجل تقريباً(3) ، وعندما التقى أهل الكوفة بأمير المؤمنين علي بذي قار قال لهم : يا أهل الكوفة ، أنتم وليتم شوكة العجم وملوكهم وفضضتم جموعهم ، حتى صارت إليكم مواريثهم ، فأعنتم حوزتكم واغتنم الناس على عودهم وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن يرجعوا فذلك ما نريد وأن يلجوا داويناهم بالرفق وبايناهم حتى يبدؤونا بظلم ، ولن ندع أمراً فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله ولا قوة إلا بالله(4) . 4 ـ محاولات الصلح : __________ (1) أولو النهى : أصحاب العقول . (2) تاريخ الطبري (5/516) . (3) مصنف عبد الرزاق (5/456 ـ 457) بسند صحيح إلى الزهري . (4) تاريخ الطبري (5/519) . (1/198) كان علي رضي الله عنه حريصاً على أن يقضي على هذه الفرقة والفتنة بالوسائل السلمية وتجنيب المسلمين شر القتال والصدام المسلح بكل ما أوتي من قوة وجهد ، وكذلك الحال بالنسبة لطلحة والزبير ، وقد اشترك في محاولات الصلح عدد من الصحابة وكبار التابعين ، وكان من أشهرها محاولة القعقاع بن عمرو ، فقد حاور طلحة والزبير والسيدة عائشة ، وقد تأثروا بما طرح وسألت السيدة عائشة القعقاع عن رأيه في أمر قتلة عثمان ، فقال : هذا أمر دواءه التسكين ، ولا بد من التأني في الاقتصاص من قتلة عثمان ، وإن أنتم بايعتم علياً(1) واتفقتم معه ، كان هذا علامة خير ، وتباشير رحمة ، وقدرة على الأخذ بثأر عثمان ، وإن أنتم أبيتم ذلك ، وأصررتم على المكابرة والقتال كان هذا علامة شر ، وذهاباً لهذا الملك ، فآثروا العافية ترزقونها وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولاً ، ولا تعرضونا للبلاء ، فتتعرضوا له ، فيصرعنا الله وإياكم وأيم والله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه ، وإني لخائف ألا يتم ، حتى يأخذ الله حجته من هذه الأمة التي قل متاعها ، ونزل بها ما نزل ، فإن ما نزل بها أمر عظيم ، وليس كقتل الرجل الرجل ولا قتل النفر الرجل ، ولا قتل القبيلة القبيلة ، اقتنعوا بكلام القعقاع المقنع الصادق المخلص ، ووافقوا على دعوته إلى الصلح، وقالوا له أحسنت وأصبت المقالة ، فارجع فإن قدم علي وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر إن شاء الله ، وعاد القعقاع إلى علي في "ذي قار" ، وقد نجح في مهمته ، وأخبر علياً بما جرى معهم ، فأعجب علي بذلك ، وأوشك القوم على الصلح ، كرهه من كرهه ورضيه من رضيه(2) . 5 ـ دور السبائية في نشوب القتال في معركة الجمل : __________ (1) المقصود : الانقياد التام لسياسة أمير المؤمنين علي في التعامل مع قتلة عثمان . (2) البداية والنهاية (7/739) ، تاريخ الطبري (5/521) . (1/199) …لما عاد القعقاع وأخبر أمير المؤمنين علي بما فعل ، أرسل علي رضي الله عنه رسولين(1) إلى عائشة والزبير ومن معه يستوثق فيه مما جاء به القعقاع بن عمرو ، فجاءا علياً ، بأنه على ما فارقنا عليه القعقاع فأقدم ، فارتحل علي حتى نزل بحيالهم ، فنزلت القبائل إلى قبائلهم مضر إلى مضر وربيعة إلى ربيعة ، واليمن إلى اليمن ، وهم لا يشكون في الصلح ، فكان بعضهم بحيال بعض ، وبعضهم يخرج إلى بعض ، ولا يذكرون ولا ينوون إلا الصلح(2) . وكان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لما نوى الرحيل قد أعلن قراره الخطير : ألا وأني راحل غداً فارتحلوا يقصد إلى البصرة ، ألا ولا يرتحلن غداً أحدٌ أعان على عثمان بشئ في شئ من أمور الناس(3) ، وكان في معسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة والخوارج الذي قتلوا عثمان من لم يعرف بعينه ومن تنتصر له قبيلته ، ومن لم تقم عليه حجة بما فعله ، ومن في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره(4) ، وحرص أتباع ابن سبأ على إشعال الفتنة وتأجيج نيرانها حتى يفلتوا من القصاص(5) ، فلما نزل الناس منازلهم واطمأنوا خرج علي وخرج طلحة والزبير ، فتوافقوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه ، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح ، وترك الحرب حين رأوا أن الأمر أخذ في الانقشاع ، فافترقوا على ذلك ، ورجع علي إلى عسكره ، ورجع طلحة والزبير إلى عسكرهما ، وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه ما عدا أولئك الذين حاصروا عثمان رضي الله عنه ـ فبات الناس على نية الصلح والعافية وهم لا يشكون في الصلح ، فكان بعضهم بحيال بعض وبعضهم يخرج إلى بعض ، ولا ينوون إلا الصلح ، وبات الذين أثاروا الفتنة بشر ليلة باتوها قط ، إذ أشرفوا على الهلاك ، وجعلوا يتشاورون ليلتهم __________ (1) تاريخ الطبري (5/525) . (2) المصدر نفسه (5/539) . (3) المصدر نفسه (5/525) . (4) المصدر نفسه (5/526) . (5) المصدر نفسه (5/527) ، تحقيق مواقف الصحابة (2/120) . (1/200) كلهم ، وقال قائلهم : أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما ، وأما علي فلم نعرف أمره حتى كان اليوم وذلك حين طلب من الناس أن يرتحلوا في الغد ولا يرتحل معه أحد أعان على عثمان بشئ ـ ورأي الناس فينا والله واحد ، وأن يصطلحوا مع علي فعلى دماءنا(1) ، وتكلم ابن السوداء ـ عبد الله بن سبأ وهو المشير فيهم ـ فقال : إن عزكم في خلطة الناس فصانعوهم وإذا التقى الناس غداً فانشبوا القتال ، ولا تفرغوهم للنظر ، وإذا أنتم معه لا يجد بداً من أن يمتنع ، ويشغل الله علياً وطلحة والزبير ومن رأى رأيهم عما تكرهون ، فابصروا الرأي وتفرقوا عليه والناس لا يشعرون(2) فاجتمعوا على هذا الرأي بإنشاب الحرب في السر ، فغدوا في الغلس وعليهم ظلمة ، وما يشعر بهم جيرانهم فخرج مضريهم إلى مضريهم وربيعيهم إلى ربيعيهم ، ويمانيهم إلى يمانيهم فوضعوا فيهم السيوف ، فثار أهل البصرة ، وثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم ، فخرج الزبير وطلحة في وجوه الناس واندلع القتال(3) ، وقد تحدثت عن جولات معركة الجمل بالتفصيل في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقد كان أثر السبئية في معركة الجمل مما يكاد يجمع عليه العلماء ، سوى أسموهم بالمفسدين أو بأوباش الطائفتين أو أسماهم البعض بقتلة ، أو نبذوهم بالسفهاء ، أو بالغوغاء ، أو أطلقوا عليهم صراحة السبئية(4) وهذه بعض النصوص التي تؤكد ذلك . أ ـ جاء في أخبار البصرة لعمر بن شبة أن الذي نسب إليهم قتل عثمان خشوا أن يصطلح الفريقان على قتلهم ، فانشبوا الحرب بينهم حتى كان ما كان(5) . __________ (1) تاريخ الطبري (5/526) . (2) المصدر نفسه (5/527) . (3) المصدر نفسه (5/541) . (4) عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام صـ 194 . (5) فتح الباري (13/56) . (1/201) ب ـ قال الإمام الطحاوي : فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من علي ولا من طلحة وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين(1) . ت ـ وقال الباقلاني : .. وتم الصلح والتفرق على الرضا ، فخاف قتلة عثمان من التمكن منهم ، والإحاطة بهم ، فاجتمعوا ، وتشاوروا واختلفوا ، ثم اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فرقتين ويبدأوا بالحرب سحرة في المعسكرين ويختلطوا ، ويصيح الفريق الذي في معسكر علي : غدر طلحة والزبير ، ويصيح الفريق الذي في طلحة والزبير : غدر علي ، فتم لهم ذلك على ما دبروه ونشب الحرب ، فكان كل فريق منهم دافعاً لمكروه عن نفسه ومانعاً من الإشاطة بدمه ، وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى إذا وقع ، والامتناع منهم على هذا السبيل ، فهذا هو الصحيح المشهور ، وإليه تميل ، وبه نقول(2) . ث ـ ونقل القاضي عبد الجبار : أقوال العلماء ، باتفاق رأي علي وطلحة والزبير وعائشة ـ رضوان الله عليهم ـ على الصلح ، وترك الحرب ، واستقبال النظر في الأمر ، وأنَّ من كان في المعسكر من أعداء عثمان كرهوا ذلك ، وخافوا أن تتفرغ الجماعة لهم ، فدبّروا في إلقاء ما هو معروف ، وتمّ ذلك(3) . جـ ـ ويقول القاضي أبو بكر بن العربي : وقدم عليّ على البصرة ، وتدانوا ليتراءوا ، فلم يتركهم أصحاب الأهواء وبادروا بإراقة الدماء واشتجر الحرب ، وكثرت الغوغاء على البوغاء ، كل ذلك حتى لا يقع برهان ، ولا يقف الحال على بيان ، ويخفي قتلة عثمان ، وإنّ واحداً في الجيش يفسد تدبيره ، فكيف بألف(4) . __________ (1) شرح العقيدة الطحاوية صـ 546 . (2) التمهيد صـ 233 . (3) تثبيت دلائل النبوة للهمذاني صـ 299 . (4) العواصم من القواصم صـ 156 ، 157 . (1/202) ح ـ ويقول ابن حزم : … وبرهان ذلك أنهم اجتمعوا ولم يقتتلوا ولا تحاربوا ، فلما كان الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم ، فبيتوا عسكر طلحة والزبير وبذلوا السيف فيهم ، فدفع القوم عن أنفسهم حتى خالطوا عسكر عليّ ، فدفع أهله عن أنفسهم كل طائفة تظن ولا شك أن الأخرى بدأتها القتال ، واختلط الأمر اختلاطاً ، لم يقدر أحد على أكثر من الدفاع عن نفسه ، والفسقة من قتلة عثمان لا يفترون من شنّ الحرب واضرامها ، فكلتا الطائفتين مصيبة في غرضها ومقصدها ، مدافعة عن نفسها ، ورجع الزبير وترك الحرب بحالها ، وأتى طلحة سهم غارب ، وهو قائم لا يدري حقيقة ذلك الاختلاط ، فصادف جرحاً في ساقه كان أصابه يوم أحد بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فانصرف ومات من وقته ـ رضي الله عنه ـ وقتل الزبير بوادي السباع ـ بعد انسحابه من المعركة ـ على أقل من يوم من البصرة ، فهكذا كان الأمر(1) . __________ (1) الفصل في الملل والنحل (4/157 ، 158) . (1/203) خ ـ ويقول الذهبي .. كان وقعة الجمل أثارها سفهاء الفريقين(1) . ويقول : إن الفريقين اصطلحا وليس لعلي ولا لطلحة قصد القتال ، بل ، ليتكلموا في اجتماع الكلمة ، فترامى أوباش الطائفتين بالنيل وشبت نار الحرب ، وثارت النفوس(2) . وفي دول الإسلام : والتحم القتال من الغوغاء : وخرج الأمر عن علي وطلحة والزبير(3) . يقول الدكتور سليمان بن حمد العودة : ولنا بعد ذلك أن نقول : وما المانع أن تكون رواية الطبري المصرّحة بدور السبئية في الجمل ، تفسر هذا التعميم وتحدد تلك المسميات التي وردت في نقولات هؤلاؤء العلماء ؟ وحتى ولو لم تكن هذه الطوائف الغوغائية ذات صلة مباشرة بالسبئية ولم تكن لها أهداف كأهدافهم ، فأي مانع يمنع القول أن هذه شكلت أرضية استغلها ابن سبأ وأعوانه "السبئية" كما هي العادة في بعض الحركات الغوغائية التي تستغل من قبل المفسدين(4) . …وقد كان الحسن رضي الله عنه يوم الجمل على الميمنة وقيل على الميسرة ، وكان يكره القتال ويشير على أبيه بتركه(5) . 6 ـ عدد القتلى في الجمل : __________ (1) العبر (1/37) ، عبد الله بن سبأ للعودة صـ 195 . (2) تاريخ الإسلام (1/15) ، عبد الله بن سبأ للعودة صـ 195 . (3) دول الإسلام (1/15) ، عبد الله بن سبأ للعودة صـ 195 . (4) المصدر نفسه صـ 196 . (5) الوافي بالوفيات للصدفي (12/109) . (1/204) …أسفرت هذه الحرب الضروس عن عدد من القتلى اختلف في تقديره الروايات ، وذكر المسعودي أن هذا الاختلاف في تقدير عدد القتلى مرجعه إلى أهواء الرواة(1) ، وقد أورد خليفة بن خياط بياناً بأسماء من حفظ من قتلى يوم الجمل ، فكانوا قريباً من المائة(2) ، فلو فرضنا أن عددهم كان مائتين وليس مائة ، فإن هذا يعني أن قتلى معركة الجمل لا يتجاوز المائتين . وهذا هو الرقم ، الذي ترجح لدى الدكتور خالد بن محمد الغيث في رسالته استشهاد عثمان ووقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر في تاريخ الطبري دراسة نقدية(3) ، وأما ما ذكره أبو مخنف الرافضي الشيعي في كون القتلى يصل عددهم إلى عشرين ألفاً(4) ، فهذا مبالغ فيه ، وقد أساء هذا الكذّاب من حيث يظن أنه أحسن ، إذ ذكر أن العشرين ألفاً من أهل البصرة فقط(5) ، وأما سيف فيذكر أنهم عشرة آلاف نصفهم من أصحاب علي رضي الله عنه ونصفهم من أصحاب عائشة رضي الله عنها ، وفي رواية أخرى قال : وقيل خمسة عشرة آلاف ، خمسة آلاف من أهل الكوفة ، وعشرة آلاف من أهل البصرة ، نصفهم قتل في المعركة الأولى ونصفهم في الجولة الثانية(6) ، والروايتان ضعيفتان للانقطاع غيره ، وفيها مبالغة أيضاً ، ويذكر عمر بن شبه أن القتلى يزيدون على ستة آلاف ، إلا أن الرواية ضعيفة سنداً(7) ، وأما اليعقوبي ، فقد جاوز هؤلاء جميعاً ، إذ وضع عدد القتلى نيفاً وثلاثين ألفاً(8) ، وهذه الأرقام مبالغاً فيها جداً وقد ذكرت في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أسباب المبالغة . 7 ـ نداء أمير المؤمنين بعد الحرب : __________ (1) مروج الذهب (3/367) . (2) تاريخ خليفة صـ 187 ، 190 . (3) استشهاد عثمان ووقعة الجمل صـ 215 . (4) تاريخ خليفة صـ 86 بسند مرسل . (5) المصدر نفسه صـ 186 . (6) تاريخ الطبري (5/542 إلى 555) . (7) تاريخ خليفة بن خياط صـ 186 إسناده منقطع وهو حسن إلا قتادة . (8) مصنف ابن أبي شيبة (7/546) فتح الباري (13/62) . (1/205) …ما إن بدأت الحرب تضع أوزارها ، حتى نادى منادي علي : أن لا يجهزوا على جريح ، ولا يتبعوا مدبراً ، ولا يدخلون داراً ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن وليس لجيشه من غنيمة إلا ما حمل إلى ميدان المعركة من سلاح وكراع وليس لهم ما وراء ذلك من شئ ، ونادى منادي أمير المؤمنين فيمن حاربه من أهل البصرة من وجد شيئاً من متاعه عند أحد من جنده ، فله أن يأخذه(1) . 8 ـ تفقده للقتلى وترحمه عليهم : …بعد انتهاء المعركة خرج أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يتفقد القتلى في نفر من أصحابه ، فأبصر محمد بن طلحة السجاد ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أما والله لقد كان شاباً صالحاً ، ثم قعد كئيباً حزيناً .. ودعا للقتلى بالمغفرة وترحم عليهم وأثنى على عدد منهم بالخير والصلاح(2) . 9 ـ تأثره من مقتل طلحة رضي الله عنه : .. وإن علياً لما دار بين القتلى رأى طلحة مقتولاً فجعل يمسح عن وجهه التراب(3) ثم قال : عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مُجندلاً في الأودية ، ثم قال : إلى الله أشكو عُجري وبُجري(4) وترحم عليه وقال : ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة(5) . 10 ـ وقفه من قاتل الزبير رضي الله عنه : __________ (1) استشهاد عثمان ووقعة الجمل صـ 202 . (2) مصنف ابن أبي شيبة (15/261) المستدرك (3/103 ، 375 ، 104) والإسناد حسن لغيره ، خلافة علي بن أبي طالب صـ 169 . (3) البداية والنهاية (7/258) . (4) سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي . (5) تاريخ الإسلام ، عهد الخلفاء الراشدين صـ 528 . (1/206) لما غدر عمرو بن جرموز بالزبير وقتله إحتز رأسه وذهب به إلى علي ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده فاستأذن فقال علي : بشرّ قاتل ابن صفية بالنار ، ثم قال علي : سمعت رسول الله يقول لكل نبي حواري وحواريّ الزبير(1) ، ولما رأى علي سيف الزبير قال : إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله(2) وفي رواية : منع أمير المؤمنين ابن جرموز بالدخول عليه ، وقال للآذان بشر قاتل ابن صفية بالنار(3) ، ويقال ابن عمرو بن جرموز قتل نفسه في عهد علي ، وقيل بل عاش إلى أن تأمر مصعب بن الزبير على العراق فاختفى منه ، فقيل لمصعب : إن عمرو بن جرموز هاهنا وهو مختف ، فهل لك فيه ؟ فقال : مروه فليظهر فهو آمن ، والله ما كنت لأقيد(4) للزبير منه فهو أحقر من أن أجعله عدلاً للزبير(5) ، وكان أمير المؤمنين قد وضع الأسرى في مساء يوم الجمل في موضع خاص ، فلما صلى الغداة طلب موسى بن طلحة بن عبيد الله ، فقربه ورحب به وأجلسه بجواره وسأله عن أحواله وأحوال أخوته ، ثم قال له : إنا لم نقبض أرضكم هذه ونحن نريد أن نأخذها إنما أخذناها مخافة أن ينتهبها الناس ، ودفع له غلتها وقال : يا ابن أخي وأننا في الحاجة إذا كانت لك وكذلك فعل مع أخيه عمران بن طلحة فبايعاه ، فلما رأى الأسارى ذلك دخلوا على علي رضي الله عنه يبايعونه ، فبايعهم وبايع الآخرين على راياتهم قبيلة قبيلة(6) ، كما سأل عن مروان بن الحكم وقال : يعطفني عليه رحم ماسة وهو مع ذلك سيد من شباب قريش ، وقد أرسل مروان إلى الحسن والحسين وابن عباس رضي الله عنهم ليكلموا عليا فقال علي هو آمن فليتوجه حيث شاء ، ولكن مروان إزاء هذا الكرم والنبل ، لم تطاوعه __________ (1) فضائل الصحابة (2/920) . (2) البداية والنهاية (7/261) . (3) الطبقات (3/105) إسناده حسن خلافة علي صـ 164 عبد الحميد . (4) أقيد : قود : القتل بالقاتل . (5) البداية والنهاية (7/261) . (6) الطبقات (3/224) بسند حسن ، المستدرك (3/376 ـ 377) . (1/207) نفسه أن يذهب حتى بايعه (1)، كما أن مروان بن الحكم أثنى على فعال أمير المؤمنين علي وقال لأبنه الحسن : ما رأيت أكرم غلبة من أبيك ، ما كان إلا أن ولينا يوم الجمل حتى ناد مناديه : ألا يتبع مدبر ، ولا يذفف على جريح (2) 11 ـ أمير المؤمنين علي يرد عائشة إلى مأمنها معززة مكرمة : جهز أمير المؤمنين علي عائشة بكل شئ ينبغي لها من مركب وزاد أو متاع ، وأخرج معها من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام ، واختر لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وقال : تجهز يا محمد ابن الحنفية : فبلغها ، فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه جاءها حتى وقف لها ، وحضر الناس ، فخرجت على الناس ، وودعوها وودعتهم وقالت : يا بني تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة ولا يعتدن أحداً منك على أحد بشئ بلغه من ذلك ، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه عندي على معتبتي من الأخيار ، وقال علي : يا أيها الناس ، صدقت والله وبرت ما كان بيني وبينها إلا ذلك ، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة ستة وثلاثين ، وشيعها علي أميالاً وسرح بنيه معها يوماً(3) . 12 ـ ندمهم على ما حصل منهم : قال ابن تيميه : .. وهكذا عامة السابقين ، ندموا على ما دخلوا فيه من القتال ، فندم طلحة والزبير وعلي وغيرهم ، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال ، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم(4) . أ ـ فأمير المؤمنين علي ورد عنه ، عندما نظر وقد أخذت السيوف مأخذها من الرجال فقال : لوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة(5) . __________ (1) 2 سنن سعيد ابن منصور ( 2 / 337 ) بسند حسن (2) كتاب أهل البغي من الحاوي الكبير للماوردي ص 111 (3) تاريخ الطبري (5/581) . (4) المنتقى من منهاج الاعتدال صـ 222 . (5) الفتن نعيم بن حماد (1/80) . (1/208) ب ـ وروى نعيم بن حماد ، بسنده إلى الحسن بن علي ، إنه قال لسليمان بن صرد ، لقد رأيت علياً حين اشتد القتال وهو يلوذ بي ، ويقول : يا حسن : لوددت مت قبل هذا بعشرين سنة(1) . ت ـ وعن حسن بن علي قال : أراد أمير المؤمنين علي أمراً ، فتتابعت الأمور ، فلم يجد منزعاً(2) . ث ـ وعن سليمان بن صرد ، عن حسن بن علي سمع علي يقول : ـ حين نظر إلى السيوف قد أخذت القوم ـ يا حسن أكل هذا فينا ؟ ليتني مت قبل هذا بعشرين أو أربعين سنة(3) . خ ـ قال ابن تيمية : فإن عائشة لم تقاتل ، ولم تخرج لقتال وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنت أن خروجها مصلحة للمسلمين ، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانت إذا خرجت خروجها تبكي حتى تبل خمارها وهكذا عامّة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال ، فندم طلحة والزبير وعلي وغيرهم ، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال ، ولكن وقع القتال بغير اختيارهم(4) . د ـ قال الذهبي ولا ريب أن عائشة ندمت ندمة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل ، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ(5) ، ومن أراد التوسع والمزيد من معركة الجمل التي حضرها الحسن بن علي رضي الله عنه فليراجع كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . __________ (1) المصدر السابق (1/80) . (2) الفتن (1/81) نعيم بن حماد . (3) أحداث وأحاديث فتنة الهرج صـ 217 . (4) المنتقى من منهاج الاعتدال صـ 222 ، 223 . (5) سير أعلام النبلاء (2/177) . (1/209) س ـ وقبل أن نودع الأحداث المؤلمة في الجمل نقف عند درس مهم نستخلصه منها : وهو أننا لا بد أن نعمل حساب لكيد الأعداء ومكرهم في سبيل إفشال إي جهد مخلص لتوحيد الصف أو فيه خطر على مصالحهم ، فيجب في مثل هذه الحالة إننا إذا اتفقنا على الأفكار العامة أن نرسم الخطط ونضع التدابير اللازمة ، لتنفيذ ما اتفقنا عليه وتفويت الفرصة على الأعداء في إفشاله وإلا تترك الفرحة بجمع الكلمة تنسينا خطر الأعداء وما يمكن أن يقوموا به بالإضرار بالإسلام والمسلمين ، وقد استفاد الحسن من هذا الدرس وطبقه في مشروعه الإصلاح الذي سيأتي تفصيله بإذن الله . ـ معركة صفين : (1/210) ومن الأحداث الكبيرة التي شاهدها الحسن بن علي في عهد والده معركة صفين ، كما كان على اطلاع مفصل بالعلاقة بين أمير المؤمنين علي ومعاوية رضي الله عنهم ، فقد كان معاوية رضي الله عنه واليا على الشام في عهدي عمر وعثمان رضي الله عنهما ، ولما تولى علي الخلافة أراد عزله وتولية عبد الله بن عمر فأبى عليه عبد الله بن عمر قبول ولاية الشام واعتذر في ذلك وذكر له القرابة والمصاهرة التي بينهم (1)، ولم يلزمه أمير المؤمنين علي وقبل منه طلبه بعدم الذهاب إلى الشام ، وأما الروايات التي تزعم أن عليا قام بالتهجم على عبد الله بن عمر رضي الله عنه لاعتزاله وعدم الوقوف بجانبه ، ففي ذلك الخبر تحريف وكذب (2)، وأقصى ما وصل إليه الأمر في قضية عبد الله بن عمر وولاية الشام ما رواه الذهبي من طريق سفيان بن عيينة ، عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال : بعث إلي علي قال : يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام ، فسر فقد أمرتك عليهم ، فقلت : أذكر الله وقرابتي من رسول الله وصحبتي إياه إلا ما أعفيتني فأبى علي فاستعنت بحفصة ، فأبى ، فخرجت ليلاً إلى مكة (3). وهذا دليل قاطع على مبايعة ابن عمر ، ودخوله في الطاعة ، إذ كيف يوليه علي وهو لم يبايع ، وبعد اعتذار ابن عمر من قبول ولاية الشام أرسل أمير المؤمنين علي سهل بن حنيف بدلا منه ، إلا أنه ما كاد يصل مشارف الشام حتى أخذته خيل معاوية وقالوا له : إن كان بعثك عثمان فحيهلا بك وإن كان بعثك غيره فارجع (4)وكانت بلاد الشام تغلي غضباً على مقتل عثمان ظلما وعدوانا فقد وصلهم قميصه مخضباً بدمائه ، بأصابع نائلة زوجه التي قطعت أصابعها وهي تدافع عنه ، وكانت قصة __________ (1) المصنف لابن أبي شيبة ( 7 / 472 ) اسناده صحيح (2) استشهاد عثمان ووقعت الجمل ، خالد الغيث ص 160 (3) سير أعلام النبلاء ( 3 / 224 ) رجاله ثقات (4) تهذيب تاريخ دمشق ( 4 / 39 ) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد ص 110 (1/211) استشهاده أليمة فظيعة أهتزت لها المشاعر ، وتأثرت بها القلوب ، وذرفت منها الدموع ، كما وصلتهم أخبار المدينة وسيطرة الغوغاء عليها ، وهروب بني أمية إلى مكة ، كل هذه الأمور وغيرها من الأحداث والعوامل كان لها تأثير على أهل الشام وعلى رأسهم معاوية رضي الله عنه ، فقد كان يرى أن عليه مسؤولية الإنتصار لعثمان والقود من قاتليه فهو ولي دمه والله عز وجل يقول (( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا )) ( الإسراء :33) ولذلك جمع معاوية الناس ، وخطبهم بشأن عثمان وأنه قتل ظلماً وعدوانا على يد سفهاء منافقين لم يقدروا الدم الحرام إذ سفكوه في الشهر الحرام في البلد الحرام ، فثار الناس ، واستذكروا وعلت الأصوات وكان منهم عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحدهم واسمه مرة بن كعب فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلمت ، وذكر الفتن فقربها ، فمر رجل متقنع في ثوب ، فقال : هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت عليه بوجهه فقلت : هذا ؟ قال : نعم (1)وهناك حديث آخر له تأثيره في طلب معاوية القود من قتلة عثمان ومنشطاً ودافعاً قوياً للتصميم على تحقيق الهدف وهو عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي الله عنها قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه فقال : يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ثلاث ، فقلت لها : يا أم المؤمنين ، فأين كان هذا عنك ؟ قالت : نسيته والله ما ذكرته قال : فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرضى بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن أكتبي إليّ به ، فكتبت إليه به كتاب(2) ، فقد كان الحرص الشديد على تنفيذ حكم الله في القتلة السبب الرئيسي __________ (1) صحيح سنن ابن ماجه ( 1 / 24 ) (2) مسند أحمد باقي مسند الأنصار رقم 24045 حديث صحيح . (1/212) في رفض أهل الشام بزعامة معاوية بن أبي سفيان بيعة علي بن أبي طالب بالخلافة ، وليست لأطماع معاوية في ولاية الشام ، أو طلبه ما ليس بحق إذ كان يدرك إدراكاً تاماً أن هذا الأمر في بقية الستة من أهل الشورى وأن علياً أفضل منه وأولى بالأمر(1) ودليل ذلك ما أخرجه يحي بن سليمان الجعفي بسند جيد ، عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية : أنت تنازع علياً ، أم أنت مثله ؟ فقال : لا والله إني لأعلم أنه لأعلم مني ، وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً ، وأنا ابن عمه ، والطالب بدمه ، فأتوه ، فقولوا له : فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلم لهم ، وأتوا علياً فكلموه ، فلم يدفعهم إليه(2) ، وفي رواية : فأتوه فكلموه فقال : يدخل في البيعة ويحاكمهم إليَّ فامتنع معاوية(3) . 1 ـ هل خروج معاوية على علي رضي الله عنهما بسبب أطماع دنيوية ؟ __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد صـ 112 . (2) فتح الباري (13/92) ، البداية والنهاية (8/129) . (3) فتح الباري (13/92) استشهاد عثمان صـ 160 . (1/213) …إن الروايات التي تصور معاوية في خروجه عن طاعة علي بسب أطماع ذاتية وأطماع دنيوية ، بسبب التنافس والعداء الجاهلي القديم بين بني هاشم وبني أمية وغير ذلك من القذف والافتراءات والطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أعتمد عليها الكتاب المعاصرين ـ كالعقاد في عبقرية علي ، وعبد العزيز الدوري في مقدمته في تاريخ صدر الإسلام وبنوا عليها تحليلاتهم الباطلة ، هي روايات متروكة مطعون في رواتها عدلاً وضبطاً(1) ، مما قد شاع بين الناس قديماً وحديثاً أن الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ـ كان سببه طمع معاوية في الخلافة وأن خروج هذا الأخير على عليّ وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام ، ذكرها مؤرخو الشيعة الروافض أو كتاب الإمامة والسياسية المنسوب زوراً وبهتاً لابن قتيبة الدينوري ، فهذا الكتاب لا يثبت لابن قتيبة وإنما كاتبه رافضي محترق ، وهذه مجموعة من الأدلة تبرهن على أن الكتاب المذكور منسوب إلى الإمام ابن قتيبة كذباً وزوراً ومن هذه الأدلة : …ـ إن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكر واحد منهم أنه ألف كتاباً في التاريخ يدعى الإمامة والسياسة ، ولا نعرف من مؤلفاته التاريخية إلا كتاب المعارف . …ـ إن المتصفح للكتاب يشعر أن ابن قتيبة أقام في دمشق والمغرب في حين أنه لم يخرج من بغداد إلاّ إلى الدينور . …ـ إن المنهج والأسلوب الذي سار عليه المؤلف "الإمامة والسياسة" يختلف تماماً عن منهج وأسلوب ابن قتيبة في كتبه التي بين أيدينا في منهج ابن قتيبة أن يقدم لمؤلفاته بمقدمات طويلة يبين فيها منهجه والغرض من مؤلفه ، وعلى خلاف ذلك يسير صاحب الإمامة والسياسة ، فمقدمته قصيرة جداً لا تزيد عن ثلاثة أسطر هذا إلى جانب الاختلاف في الأسلوب ، ومثل هذا النهج لم نعهده في مؤلفات ابن قتيبة . __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد علي صـ 112 (1/214) …ـ يروي مؤلف الكتاب عن أبي ليلى بشكل يشعر بالتلقى عنه ، وابن أبي ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه : قاضي الكوفة ، توفي سنة 148هـ والمعروف أن ابن قتيبة لم يولد إلا سنة 213هـ أي بعد وفاة ابن أبي ليلى بخمسة وستين عاماً . …ـ إن قسماً كبيراً من رواياته جاءت بصيغة التمريض ، فكثيراً ما يجئ فيه : ذكروا عن بعض المصريين ، وذكروا عن محمد بن سليمان عن مشايخ أهل مصر وحدثنا بعض مشايخ أهل المغرب ، وذكروا عن بعض المشيخة ، وحدثنا بعض المشيخة . ومثل هذه التراكيب بعيدة كل البعد عن أسلوب وعبارات ابن قتيبة ولم ترد في كتبه(1) . …ـ ابن قتيبة يحتل منزلة عالية لدى العلماء فهو عندهم من أهل السنة وثقة في علمه ودينه ، يقول : السَّلفي : كان ابن قتيبة من الثقات وأهل السنة ، ويقول ابن حزم : كان ثقة في دينه وعلمه ، وتبعه في ذلك الخطيب البغدادي ، ويقول عنه ابن تيمية : وإن ابن قتيبة من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب أهل السنة المشهورة(2) . ورجل هذه منزلته لدى رجال العلم المحققين هل من المعقول أن يكون مؤلف كتاب الإمامة والسياسة الذي شوه التاريخ وألصق بالصحابة الكرام ما ليس فيهم(3) . …إن مؤلف الإمامة والسياسة قدح في صحابة رسول الله قدحاً عظيماً فصور ابن عمر رضي الله عنه جباناً وسعد بن أبي وقاص حسوداً وذكر محمد بن مسلمة بأنه غضب على علي بن أبي طالب لأنه قتل مرحبا اليهودي بخيبر ، وإن عائشة رضي الله عنها أمرت بقتل عثمان(4) ، والقدح في الصحابة من أظهر خصائص الرافضة وأن شاركهم الخوارج إلاّ أنّ الخوارج لا يقدحون في عموم الصحابة(5) . __________ (1) عقيدة الإمام ابن قتيبة ، علي العلياني صـ 90 . (2) لسان الميزان (3/357) ، تحقيق مواقف الصحابة (2/144) . (3) تحقيق مواقف الصحابة (2/144 . (4) الإمامة والسياسة (1/54 ـ 55) . (5) عقيدة الإمام ابن قتيبة صـ 91 للعلياني . (1/215) …ـ إن مؤلف الإمامة والسياسة كتب عن الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان خمساً وعشرين صفحة فقط وكتب عن الفتنة التي وقعت بين الصحابة مائتين صفحة ، فقام المؤلف الرافضي باختصار التاريخ الناصع المشرق وسوّد الصحائف بتاريخ زائف لم يثبت منه إلا القليل وهذه من أخلاق الروافض المعهودة نعوذ بالله من الضلال والخذلان . …ـ يقول محمود شكري الألوسي في مختصر الأثنا عشرية : ومن مكايدهم ـ يعني الرافضة ـ أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتد بروايته كالسدي فإنهما رجلان أحدهما السدي الكبير والثاني السدي الصغير ، فالكبير من ثقات أهل السنة والصغير من الوضاعين الكذابين وهو رافضي غال . وعبد الله بن قتيبة رافض غال وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة وقد صنف كتاباً سماه بالمعارف فصنف ذلك الرافضي كتاباً سماه بالمعارف أيضاً قصداً للإضلال(1) ، وهذا ما يرجح أن كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الرافضي وليس لابن قتيبة السني الثقة ، وإنما خلط الناس بينهما لتشابه الأسماء(2) ، وقد اعتمد كثير من المعاصرين على هذا الكتاب وساهموا في تشويه كثير من الصحابة الكرام ولذلك وجب التحذير منه بطريقة علمية تعتمد على التحقيق والتوثيق والدليل والبرهان ، وقد ذكر صاحب كتاب الإمامة والسياسة : أن معاوية ادّعى الخلافة وذلك من خلال الرواية التي ورد فيها ما قاله ابن الكواء لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أعلم أن معاوية طليق الإسلام ، وأن أباه رأس الأحزاب ، وأنه أدعى الخلافة من غيره مشورة فإن صدقك فقد حلّ خلعه ، وإن كذبك فقد حرم عليك كلامه(3) ، وهذا كلام __________ (1) مختصر التحفة الإثنا عشرية للألوسي صـ 32 . (2) عقيدة الإمام ابن قتيبة صـ 93 . (3) الإمامة والسياسية (1/113) . (1/216) لا يثبت عن أمير المؤمنين علي وإنما من كلام الروافض وقد امتلأت كتب التاريخ والأدب بالروايات الموضوعة والضعيفة التي تزعم أن معاوية اختلف مع علي من أجل الملك والزعامة والإمارة(1) والصحيح أن الخلاف بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما كان حول مدى وجوب بيعة معاوية وأصحابه لعلي قبل توقيع القصاص على قتلة عثمان أو بعده ، وليس هذا من أمر الخلافة في شئ فقد كان رأي معاوية ـ رضي الله عنه ـ ومن حوله من أهل الشام أن يقتص عليّ ـ رضي الله عنه ـ من قتلة عثمان ثم يدخلون بعد ذلك البيعة(2) ويقول القاضي ابن العربي أن سبب القتال بين أهل الشام وأهل العراق يرجع إلى تباين المواقف بينهما : فهؤلاء ـ أي أهل العراق ـ يدعون إلى عليّ بالبيعة وتأليف الكلمة على الإمام وهؤلاء ـ أي أهل الشام ـ يرجعون إلى التمكين من قتلة عثمان ويقولون : لا نبايع من يأوي القتلة(3) . ويقول إمام الحرمين الجويني في لمع الأدّلة : أن معاوية وإن قاتل علياً ، فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه ، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظاناً منه أن مصيب ، وكان مخطئاً(4) ، ويقول الهيتمي : ومن اعتقاد أهل السنة والجماعة أنّ ما جرى بين معاوية وعليّ ـ رضي الله عنهما ـ من الحروب ، فلم يكن لمنازعة معاوية لعليّ في الخلافة للإجماع على أحقيتها لعليّ .. فلم تهج الفتنة بسببها ، وإنما هاجت بسبب أن معاوية ابن عمّه فامتنع علي(5) ، لقد تضافرت الروايات وأشارت إلى أنّ معاوية ـ رضي الله عنه ـ اتخذ موقفه للمطالبة بدم عثمان ، وأنه صرح بدخوله في طاعة علي رضي الله عنه ـ إذا أقيم الحد على قتلة عثمان . ولو افترض إنه اتخذ قضية القصاص والثأر لعثمان ذريعة لقتال علي طمعاً في السلطان ، فماذا سيحدث __________ (1) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (2/145) . (2) العواصم من العواصم صـ 162 . (3) العواصم من القواصم صـ 162 . (4) لمع الأدلة في عقائد أهل السنة والجماعة صـ 115 . (5) الصواعق المحرقة (2/622) . (1/217) لو تمكن علي من إقامة الحد على قتلة عثمان ، حتماً ستكون النتيجة خضوع معاوية لعلي ومبايعته له ، لأنه التزم بذلك في موقفه من تلك الفتنة ، كما أن كل ما حارب معه كانوا يقاتلون على أساس إقامة الحد على قتلة عثمان ، على أن معاوية إذا كان يخفي في نفسه شيئاً آخر لم يعلن عنه ، سيكون هذا الموقف بالتالي مغامرة ، ولا يمكن أن يقدم عليها إذا كان ذا أطماع(1) . إن معاوية رضي الله عنه كان من كتّاب الوحي ومن سادة المسلمين المشهورين بالحلم ويكفيه شرف الصحبة ، فكيف يعتقد أن يقاتل الخليفة الشرعي ويهرق دماء المسلمين من أجل مُلْك زائل ، وهو القائل : والله لا أخير بين أمرين ، بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه(2) ، وقد ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال فيه : اللهم أجعله هادياً مهدياً وأهد به(3) ،وقال : اللهم علمه الكتاب وقيه العذاب(4) . أما وجه الخطأ في موقفه في مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ فيظهر في رفضه أن يبايع لعليّ ـ رضي الله عنه ـ قبل مبادرته إلى الاقتصاص من قتلة عثمان ويضاف إلى ذلك خوف معاوية على نفسه لمواقفه السابقة من هؤلاء الغوغاء وحرصهم على قتله بل ويلتمس منه أن يمكنه منهم ، مع العلم أن الطالب للدم لا يصح أن يحكم ، بل يدخل في الطاعة ، ويرفع دعواه إلى الحاكم ، ويطلب الحق عنده(5) ، وقد اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتصّ من أحد ويأخذ حقه دون السلطان ، أو من نصبه السلطان لهذا الأمر ، لأن ذلك يفضي إلى الفتنة وإشاعة الفوضى(6) ، ويمكن القول إن معاوية ـ رضي الله عنه ـ كان مجتهداً متأولاً يغلب ظنه أن الحق معه فقد قام خطيباً في أهل الشام بعد أن جمعهم __________ (1) تحقيق مواقف الصحابة (2/150) . (2) سير أعلام النبلاء (3/151) . (3) صحيح سنن الترمذي للألباني رقم 3018 (3/236) . (4) فضائل الصحابة (2/913) إسناده صحيح . (5) تحقيق مواقف الصحابة (2/151) . (6) تفسير القرطبي (2/256) . (1/218) وذكّرهم أنه ولي عثمان ـ ابن عمه ـ وقد قتل مظلوماً ، وقرأ عليهم الآية الكريمة ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)) (الإسراء ، آية : 33) . ثم قال أنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان ، فقام أهل الشام جميعهم وأجابوا إلى الطلب بدم عثمان ، وبايعوه على ذلك ، وأعطوه العهود والمواثيق على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم حتى يدركوا ثأرهم أو يفني الله أرواحهم(1) . هذه الأحداث الجسام عاصرها الحسن بن علي وعرف موقف كل صحابي من الفتنة وكان ميالاً للصلح والسلم ما وجد إلى ذلك سبيلاً . 2 ـ نهي أمير المؤمنين علي عن شتم معاوية ولعن أهل الشام بعد معركة صفين : __________ (1) صفين لابن مزاحم صـ 32 ، تحقيق مواقف الصحابة (2/152) . (1/219) نشب الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في صفين وقد فصلنا تلك الأحداث في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد اشتد القتال وتوجّه النصر فيها لأهل العراق على أهل الشام ، وتفرقت صفوفهم ، وكادوا أن ينهزموا ، فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح وقالوا : هذا بيننا وبينكم قد فني الناس ، فمن لثغور أهل الشام بعد أهل الشام ، ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق ؟ فلما رأى الناس المصاحف قد رفعت ، قالوا : نجيب إلى كتاب الله عز وجل وننيب إليه(1) ، فالدعوة إلى تحكيم كتاب الله دون التأكيد على تسليم قتلة عثمان إلى معاوية وقبول التحكيم دون التأكيد على دخول معاوية في طاعة علي والبيعة له ، تطور فرضته أحداث حرب صفين ، إذ أن الحرب التي أودت بحياة الكثير من المسلمين ، أبرزت اتجاها جماعيا رأى أن وقف القتال وحقن الدماء ضرورة تقتضيها حماية شوكة الأمة وصيانة قوتها أمام عدوها ، وهو دليل على حيوية الأمة ووعيها وأثرها في اتخاذ القرارات(2)، فقد قبل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقف القتال في صفين ورضي التحكيم وعد ذلك فتحا ورجع إلى الكوفة ، وعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف وجمع الكلمة ووحدة الصف ، وتقويت الدولة ، وإعادة حركة الفتوح من جديد وكان أمير المؤمنين بعد نهاية الجولات الحربية في صفين يتفقد القتلى ، وقد وقف على قتلاه وقتلى معاوية فقال : غفر الله لكم ، غفر الله لكم ، للفريقين حميعاً(3) ، وعن يزيد بن الأصم قال : لما وقع الصلح بين علي ومعاوية ، خرج علي فمشى في قتلاه فقال : هؤلاء في الجنة ثم خرج إلى قتلى معاوية فقال : هؤلاء في الجنة ، وليصير الأمر إلي وإلى معاوية(4) وكان يقول __________ (1) تنزيه خال المؤمنين معاوية صـ 36 نقلا عن تاريخ الطبري . (2) دراسة في تاريخ الخلفاء الأمويين صـ 38 (3) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد صـ 250 . (4) مصنف ابن أبي شيبة ( 15 / 303) سند حسن . (1/220) عنهم هم : المؤمنين(1) ، وقوله رضي الله عنه في صفين لا يكاد يختلف عن قوله في أهل الجمل(2)، وروي أن علياً رضي الله عنه لمّا بلغه أن أثنين من أصحابه يظهران شتم ولعن أهل الشام أرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما ، فأتيا فقالا : يا أمير المؤمنين ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى ورب الكعبة المسدنة ، قالا : فلما تمنعنا من شتمهم ولعنهم ؟ قال : كرهت لكم أن تكونوا لعانين ، ولكن قولوا : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، وأبعدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ، ويرعوي عن الغي من لجج به(3) ، وأما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية وأصحابه ، وأن معاوية إذا قنت لعن علياً وابن عباس والحسن والحسين لا تثبت من ناحية السند حيث فيها أبي مخنف لوط بن يحيى الرافضي المحترق الذي لا يوثق في رواياته كما أن في أصح كتب الشيعة عندهم جاء النهي عن سب الصحابة ، فقد أنكر على من يسب معاوية ومن معه فقال : إني أكره لكم أن يكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، وقلتم مكان سبكم أياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم(4) ، فهذا السبب والتكفير لم يكن من هدي أمير المؤمنين علي باعتراف أصح كتاب في نظر الشيعة(5) ، كما أن الحسن رضي الله عنه كان معاصراً للأحداث وسمع ورأى موقف والده من أهل الشام ، وهذه النظرة السليمة لأصحاب معاوية ساعدت الحسن بن علي في هندسته لمشروع الإصلاح الذي تقدم به لوحدة الأمة والذي تحقق بفضل الله ثم فقهه العميق لمقاصد الإسلام ومعرفته الدقيقة لعلم المصالح والمفاسد __________ (1) تاريخ دمشق ( 1 / 331 ، 329 ) خلافة علي صـ 251 . (2) خلافة علي ، عبد الحميد صـ 251 ، تنزيه خال المؤمنين صـ 169 . (3) الإخبار الطوال صـ 165 نقلاً عن تحقيق مواقف الصحابة ( 2/232) . (4) نهج البلاغة صـ 323 (5) أصول مذهب الشيعة (2/934) . (1/221) . 3 ـ مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه بصفين وأثره على المسلمين : يعد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّار رضي الله عنه : تقتلك الفئة الباغية(1) من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان لمقتل عمّار رضي الله عنه أثر في معركة صفين ، فقد كان علماً لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافاً سلاحه ، فلما رأى مقتل عمار سل سيفه وقاتل أهل الشام وذلك لأنه سمع حديث رسول الله عن عمار : تقتله الفئة الباغية(2) واستمر في القتال حتى قتل(3) وكان لمقتل عمّار أثر في قادة معسكر معاوية مثل عمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو ، وأبو الأعور السلمي ، عند شرعة الماء يسقون وكانت هي شريعة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان ، وكان حديثهم عن مقتل عمّار بن ياسر ، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده : لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتله الفئة الباغية . فقال عمرو لمعاوية لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال فقال معاوية أسكت فوالله ما تزال تدحض(4) في بولك أنحن قتلناه ؟ إنما قتله من جاء به(5) ، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام انتشار النار في الهشيم ، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو بن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال : قتل عمّار وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقتله الفئة الباغية . فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجّع حتى دخل معاوية فقال له معاوية ما شأنك فقال : قتل عمار فماذا ؟ قال عمرو : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : تقتلك الفئة الباغية فقال له معاوية : دحضت __________ (1) مسلم رقم 2916 . (2) المصدر نفسه . (3) خلافة علي صـ 211 مجمع الزوائد (7242) وقال فيه : ورواه الطبراني وفيه معشر وهو لين . (4) الدحض : الزلق والداحض من لا ثبات له ولا عزيمة في الأمور . (5) مصنف عبد الرزاق (11/240) بسند صحيح . (1/222) في بولك ، أو نحن قتلناه ، إنما قتله علي وأصحابه ، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا ، أو قال بين سيوفنا (1) ، وفي رواية صحيحة أيضاً : جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما : أنا قتلته ، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص : ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقتله الفئة الباغية قال معاوية : فما بالك معنا ؟ قال : إن أبي شكاني إلى رسول الله : أطع أباك مادام حياً ولا تعصه ، فأنا معكم ولست أقاتل (2). من الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حريص على قول الحق ، والنصح ، فقد رأى أن معاوية وجنده هم الفرقة الباغية لقتلهم عماراً ، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة ، ولا شك أن مقتل عمار رضي الله عنه قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث ، إلا أن معاوية رضي الله عنه أول الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عماراً هم الذين جاءوا به إلى القتال(3) ، وقد رد علي رضي الله عنه على قول معاوية بأن قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه ، وهذا من علي إلزام لا جواب عنه ، وحجة لا اعتراض عليها(4) وقد أثر على مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص ، بل كان استشهاد عمار دافعاً لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب(5) وقد قال رضي الله عنه : وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة(6) ، وقد جاء في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبتين ، فراه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول : ويح عمار __________ (1) مصنف عبد الرزاق ( 11/ 240 ) بسند صحيح (2) مسند أحمد ( 11 / 138 ـ 139 ) (3) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد صـ 325 (4) التذكرة (2/223) . (5) معاوية بن أبي سفيان ، الغضبان صـ 215 (6) أسباب الأشراف ( 1/ 170 ) ، عمرو بن العاص للغضبان صـ 603 (1/223) تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار .قال عمار : أعوذ بالله من الفتن(1)، وقال ابن عبد البر : تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تقتل عمار الفئة الباغية ، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، وهو من أصح الأحاديث(2) ، وقال الذهبي بعد ما ذكر الحديث : وفي الباب عن عدة من الصحابة ، فهو متواتر(3) 4 ـ فهم العلماء لحديث رسول الله في عمار : تقتلك الفئة الباغية(4) أ ـ قال ابن حجر : وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة ، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار ، ورد على النواصب (5)الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه(6)، وقال أيضاً : دل الحديث : تقتل عماراً الفئة الباغية ، على أن عليا كان المصيب في تلك الحروب ، لأن أصحاب معاوية قتلوه(7) . ب ـ يقول النووي : وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث (8) __________ (1) البخاري رقم 447 (2) الاستيعاب ( 3/ 1140 ) (3) سير أعلام النبلاء ( 1/ 421 ) (4) مسلم رقم 5916 . (5) والمقصود بالنواصب هي احد طوائف أهل البدع التي أصيبت في معتقدها بعدم التوفيق للإعتقاد السديد في الصحابة ، فقد زين لهم الشيطان اعتقاد عدم محبة رابع الخلفاء الراشدين وأحد الأئمة المهديين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحملهم على التدين ببغضه وعداوته والقول فيه بما هو برئ منه كما تعدى بغضهم إلى غيره من أهل البيت كابنه الحسين بن علي وغيره (6) فتح الباري (1/ 646 ) . (7) المصدر نفسه ( 13 / 92 ) . (8) تهذيب الأسماء واللغات ( 2 / 38 ) . (1/224) جـ ـ قال ابن كثير : كان علي وأصحابه أدنى الطائفتين إلى الحق من أصحاب معاوية ، وأصحاب معاوية كانوا باغين عليهم ، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ، قال حدثني من هو خير مني ـ يعني أبا قتادة ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية(1) ، وقال أيضاً : وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنهما مع أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب قتله أهل الشام ، وبان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه تقتله الفئة الباغية ، وبان بذلك أن علياً محق ، وأن معاوية باغ ، وما في ذلك من دلائل النبوة(2) حـ ـ وقال الذهبي : هي طائفة من المؤمنين ، بغت على الإمام علي ، وذلك بنص قول المصطفى صلوات الله عليه لعمار : تقتلك الفئة الباغية(3) . جـ ـ قال القاضي أبو بكر العربي : في قوله تعالى : ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ)) هذه الآية أصل في قتال المسلمين ، والعمدة في حرب المتأولين ، وعليها عول الصحابة إليها لجأ الأعيان من هذه الأمة ، وإياها عني النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : تقتل عمار الفئة الباغية(4) . __________ (1) البداية والنهاية ( 6 / 220 ) . (2) المصدر نفسه ( 7 / 277 ) . (3) سير أعلام النبلاء (8/209) . (4) أحكام القرآن (4/1717) . (1/225) خ ـ وقال ابن تيمية : وهذا يدل لصحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داعي إلى الجنة ، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار ـ وإن كان متأولاً ـ وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي ، وعلى هذا فمقاتله مخطئ ـ وإن كان متأولاً ـ أو باغ ـ بلا تأويل ـ وهو أصح القولين لأصحابنا ، وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً ، وهو مذهب الأئمة لأصحابنا ، وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً ، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين(1) ، وقال أيضاً : مع أن علياً أولى بالحق ممن فارقه ، ومع أن عمار قتلته الفئة الباغية ـ كما جاءت به النصوص ـ وعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله ، ولا يكون لنا هوى ، ولا نتكلم بغير علم ، بل نسلك سبل العلم والعدل ، ذلك هو اتباع الكتاب والسنة ، وأما من تمسك ببعض الحق دون بعض ، وهذا منشأ الفرقة والاختلاف(2) . س ـ وقال عبد العزيز بن باز : وقال : صلى الله عليه وسلم في حديث عمار : تقتل عمار الفئة الباغية . فقتله معاوية وأصحابه في موقعة صفين ، فمعاوية وأصحابه بغاة ، لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان(3) . ش ـ وقال سعيد حوى : بعد أن قتل عمار الذي وردت النصوص مبينة أنه تقتله الفئة الباغية ، تبين للمترددين أن علياً كان على حق وأن القتال معه كان واجباً ولذا عبر ابن عمر عن تخلفه بأنه يأسى بسبب هذا التخلف ، وما ذلك إلا أنه ترك واجباً وهو نصرة الإمام الحق على الخارجين عليه بغير حق ، كما أفتى بذلك الفقهاء(4) ، لقد كان الحسن بن علي رضي الله عنه على يقين راسخ ومعرفة متينة بأن والده كان على الحق . 5 ـ موقف الحسن بن علي من تلك الحروب : __________ (1) مجموع الفتاوى (4/437) . (2) المصدر نفسه (4/449 ـ 450) . (3) فتاوى ومقالات متنوعة (6/87) . (4) الأساس في السنة (4/1710) . (1/226) …كان موقف الحسن بن علي رضي الله عنه هو موقف أهل السنة والجماعة من الحرب التي وقعت بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم وهو الإمساك عما شجر بينهم إلا فيما يليق بهم رضي الله عنهم لما يسببه الخوض في ذلك من توليد العداوة والحقد والبغض لأحد الطرفين وقالوا : إنه يجب على كل مسلم أن يحب الجميع ويترضى عنهم ويترحم عليهم ويحفظ لهم فضائلهم ، ويعترف لهم بسوابقهم ، وينشر مناقبهم وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد والجميع مثابون في حالتي الصواب والخطأ ، غير أن ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ في اجتهاده وأن القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة ، ولم يجوز أهل السنة والجماعة الخوض فيما شجر بينهم ، وقبل أن أذكر طائفة من أقوال أهل السنة التي تبين موقفهم فيما شجر بين الصحابة أذكر بعض النصوص التي فيها الإشارة إلى ما وقع بين الصحابة من الاقتتال وبما وصفوا به فيها وتلك النصوص هي (1) __________ (1) عقيدة أهل السنة في الصحابة ( 2 / 727 ) (1/227) أ ـ قال تعالى : ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) (الحجرات ، آية : 9) . ففي هذه الآية أمر الله تعالى بالإصلاح بين المؤمنين إذا ما جرى بينهم قتال لأنهم إخوة وهذا الاقتتال لا يخرجهم عن وصف الإيمان وإذا كان حصل اقتتال بين عموم المؤمنين ولم يخرجهم ذلك من الإيمان لأن الله ذكر في الآية التي بعدها ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)) ، فأصحاب الرسول الله الذين اقتتلوا في موقعة الجمل وبعدها أول من يدخل في اسم الإيمان الذي ذكر في هذه الآية فهم لا يزالون عند ربهم مؤمنين إيمان حقيقياً ولم يؤثر ما حصل بينهم من شجار في إيمانهم بحال لأنه كان عن اجتهاد (1) __________ (1) العواصم من القواصم صـ 169 ـ 170 أحكام القران ( 4 / 1717 ) (1/228) ب ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق (1). والفرقة المشار إليها في الحديث ما كان من الاختلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وقد وصف صلى الله عليه وسلم الطائفتين معاً بأنهما مسلمتان وأنهما متعلقتان بالحق ، والحديث علم من أعلام النبوة : إذ وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام ، وفيه الحكم بإسلام الطائفتين : أهل الشام وأهل العراق ، لا كما يزعمه فرقة الرافضة ، والجهلة الطغام من تكفيرهم أهل الشام ، وفيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين إلى الحق وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة والذي عليه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن علياً هو المصيب وأن كان معاوية مجتهداً وهو مأجور إن شاء الله ولكن علي هو الإمام فله أجران كما ثبت في صحيح البخاري : إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجره(2) . __________ (1) مسلم ( 2 / 745 ) (2) البخاري مع شرحه في فتح الباري (13/318) . (1/229) جـ ـ وعن أبي بكرة قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين(1) . ففي هذا الحديث شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام الطائفتين أهل العراق وأهل الشام والحديث فيه رد واضح على الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه ومعاوية ومن معه بما تضمنه الحديث من الشهادة للجميع بالإسلام ولذا كان يقول سفيان ابن عيينة : قوله فئتين من المسلمين يعجبنا جداً . قال البيهقي : وإنما أعجبهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم جميعاً مسلمين وهذا خبر من رسول الله بما كان من الحسن بن علي بعد وفاة علي في تسليمه الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان(2) ، فهذه الأحاديث المتقدم ذكرها فيها الإشارة إلى أهل العراق الذين كانوا مع علي وإلى أهل الشام الذين كانوا مع معاوية بن أبي سفيان ، وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم من أمته(3) ، كما وصفهم بأنهم جميعاً متعلقون بالحق لم يخرجوا عنه كما شهد لهم صلى الله عليه وسلم بأنهم مستمرون على الإيمان ولم يخرجوا عنه بسبب القتال الذي حصل بينهم وقد دخلوا تحت عموم قوله تعالى : ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)) (الحجرات ، آية : 90) ، وقد قدمنا أن مدلول الآية ينتظمهم رضي الله عنهم أجمعين فلم يكفروا ولم يفسقوا بقتالهم بل هم متأولون مجتهدون . وقد بين الحكم في قتالهم ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما مر معنا ، فالواجب على المسلم ، ومن زعم أنه محب لأهل البيت أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة والذين من أئمتهم وسادتهم أمير المؤمنين علي وابنيه الحسن والحسين وهو الإمساك عما حصل بينهم رضي الله عنه ولا __________ (1) البخاري ، ك الفتن رقم 7109 . (2) الاعتقاد للبيهقي صـ 198 فتح الباري (13/66) . (3) مسلم (2/746) . (1/230) يخوض فيه إلا بما هو لائق بمقامهم . 6 ـ استشهاد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : …تركت معركة النهروان في نفوس الخوارج جرحاً غائراً لم تزده الأيام والليالي إلا إيلاماً وحسرة ، فاتفق نفر منهم على أن يفتكوا بعلي رضي الله عنه ويثأروا لمن قتل من أخوانهم في النهروان ، واستطاع عبد الرحمن بن ملجم أن يقتل أمير المؤمنين علي بالغدر وهذا محمد بن الحنفية يروي لنا قصة مقتل أمير المؤمنين ، فقد قال : كنت والله إني لأصلي تلك الليلة التي ضرب فيها علي في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المصر ، يصلون قريباً من السدة ، ما هم إلا قيام وركوع وسجود ، وما يسأمون من أول الليل إلى آخره ، إذ خرج علي لصلاة الغداة ، فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة الصلاة ، فما أدري أخرج من السدة ، فتكلم بهذه الكلمات أم لا ؟ ، فنظرت إلى بريق ، وسمعت : الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك ، فرأيت سيفاً ، ثم رأيت ثانياً ، ثم سمعت علياً يقول : لا يفوتنكم الرجل وشد الناس عليه من كل جانب ، قال : فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم وأدخل على علي ، فدخلت فيما دخل من الناس ، فسمعت علياً يقول : النفس بالنفس ، أنا إن مت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي(1) ، وذكر أن الناس دخلوا على الحسن فزعين لما حدث من أمر علي ، فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه ، إذ نادته أم كلثوم بنت علي وهي تبكي : أي عدو الله لا بأس على أبي ، والله مخزيك ، قال : فعلى من تبكين ؟ والله لقد اشتريته بألف ، وسممته بألف ، ولو كانت هذه الضربة على جميع أهل المصر ما بقي منهم أحد(2) ، وقد جمع الأطباء لعلي رضي الله عنه يوم جرح وكان أبصرهم بالطب أثير بن عمر السكوني ، وكان صاحب كسرى يتطبب فأخذ أثير رئة شاه حارة ، فتتبع عرقاً منها ، فاستخرجه ، فأدخله في جراحة علي ، ثم نفخ العرق واستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ وإذا __________ (1) تاريخ الطبري (6/62) . (2) المصدر نفسه (6/62) . (1/231) الضربة قد وصلت إلى أم رأسه ، فقال : يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإنك ميت(1) ، وذكر أن جندب بن عبد الله دخل على علي فسأله ، فقال : يا أمير المؤمنين إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ فنبايع الحسن ؟ قال ما آمركم ولا أنهاكم أنتم أبصر(2) ، ومن هذا الأثر يظهر إيمان أمير المؤمنين علي بحق الأمة في اختيار خليفتها . 7 ـ وصية أمير المؤمنين علي للحسن والحسين رضي الله عنهم : __________ (1) الاستيعاب (3/1128) . (2) تاريخ الطبري (6/62) . (1/232) دعا أمير المؤمنين حسن وحسيناً ، فقال : أوصيكما بتقوى الله ، وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ، ولا تبكيا على شئ زُوِي عنكما ، وقولا الحق ، وأرحما اليتيم وأغيثا الملهوف ، واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، واعملا بما في الكتاب ولا تأخذكما في الله لومة لائم ، ثم نظر إلى محمد بن الحنفية ، فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك(1) ، قال : نعم ، قال : فإني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك ، لعظيم حقهما عليك ، فاتبع أمرهما ، فلا تقطع أمراً دونهما ثم قال : أوصيكما به ، فإنه ابن أبيكما ، وقد علمتما أن أبيكما كان يحبه ، وقال للحسن : أوصيك أي بني بتقوى الله واقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة عند محلها ، وحسن الوضوء فإنه لا صلاة إلا بطهور ، ولا تقبل صلاة من مانع زكاة ، وأوصيك بغفر الذنب ، وكظم الغيظ ، وصلة الرحم ، والحلم عند الجهل ، والتفقه في الدين ، والتثبت في الأمر ، والتعهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش(2) ، فلما حضرته الوفاة أوصى فكانت وصيته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب ، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون . ثم أن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، ثم أوصيك يا حسن وجميع أهلي وولدي وأهلي بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون فاعتصموا بحبل الله جميعاً ، ولا تفرقوا ، فإني سمعت أبا القاسم يقول : إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب ، الله الله في الأيتام ، فلا تعنوا أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم صلى الله عليه __________ (1) المصدر نفسه (6/63) . (2) المصدر نفسه (6/63) . (1/233) وسلم ما زال يوصي به حتى ظننا أنه سيورثه ، الله الله في القرآن ، فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم ، والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم ، والله الله في بيت ربكم فلا تخلّوه ما بقيتم ، فإنه إن ترك لم يناظر ، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ، والله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب ، والله الله في ذمة نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم ، والله الله في أصحاب نبيكم فإن الله أوصى بهم ، والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم ، والله في ما ملكت أيمانكم . الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم ، يكفيكم من أرادكم وبغى عليكم وقولوا لله حسناً كما أمركم الله ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى الأمر شراركم ، ثم تدعون فلا يستجاب لكم . وعليكم بالتواصل والتباذل ، وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ، حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم . استودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض رضي الله عنه(1) ، وجاء في رواية أخرى : .. يا بَنَّي : أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر والعدل على الصديق والعدو ، والعمل في النشاط والكسل ، والرضى عن الله في الشدة والرخاء يا بني ما شر بعده الجنة بشر ، ولا خير بعده نار بخير ، وكل نعيم دون الجنة حقير ، وكل بلاء دون النار عافية ، يا بني من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره ، ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما فاته ومن سل سيف بغي قتل به ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها ، ومن هتك حجاب أخيه كشف عورات نفسه ، ونسي خطيئته استعظم خطيئة غيره ، ومن أعجب برأيه ضل ، ومن استغنى بعقله زل ، ومن تكبر على الناس ذل ومن خالط الأنذال احتقر ، ومن دخل __________ (1) تاريخ الطبري (6/64) . (1/234) مداخل السوء اتهم ، ومن جالس العلماء وقّر ، ومن مزح استخف به ، ومن أكثر من شئ عرف به ، ومن كثر كلامه كثر خطأه ، ومن كثر خطأه قل حياؤه ، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه ، ومن قلّ ورعه مات قلبه ، ومن مات قلبه دخل النار . يا بني ، الأدب خير ميراث ، وحسن الخلق خير قرين ، يا بني العافية عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت إلا من ذكر الله ، وواحدة في ترك مجالسة السفهاء يا بني زينة الفقر الصبر ، وزينة الغنى الشكر ، يا بني لا شرف أعلى من الإسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا لباس أجمل من العافية ، الحرص مفتاح التعب ومطية النصب التدبير قبل العمل يؤمنك الندم ، فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد ، طوبى لمن أخلص لله علمه وعمله وحبه وبغضه وأخذه وتركه ، وكلامه وصمته وقوله وفعله(1) . 8 ـ نهي أمير المؤمنين علي عن المثلة بقاتله : __________ (1) الشُهب اللامعة في السياسة النافعة لابن رضوان صـ 632 ، 633 . (1/235) …قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : احبسوا الرجل فإن مت فاقتلوه وإن أعش فالجروح قصاص(1) . وفي رواية أخرى قال : أطعموه وأسقوه وأحسنوا إساره ، فإن صححت فأنا ولي دمي أعفو إن شئت وإن شئت استقدت(2) ، وفي رواية أخرى زيادة ، وهي قوله إن مت فاقتلوه قتلتي ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(3) ، وقد كان علي نهى الحسن عن المُثْلة ، وقال يا بني عبد المطلب ، لا ألفيتكم تخوضون دماء المسلمين ، تقولون : قتل أمير المؤمنين ، قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يُقتَلنَّ . أنظر يا حسن ، إن من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة ، ولا تمثل بالرجل ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إياكم والمثلة ولو أنها بالكلب العقور(4) . وقد جاء في شأن وصية أمير المؤمنين بأمر قاتله روايات كثيرة تتفاوت منها الصحيح ومنها الضعيف ، فالرواية التي فيها أمر علي رضي الله عنه بإحراق الشقي بعد قتله إسنادها ضعيف ، والروايات الأخرى تسير في إتجاه واحد فكلها فيها أمر علي رضي الله عنه بقتل الرجل إن مات من ضربته ونهاهم عما سوى ذلك ، فهذه الروايات يعضد بعضها ، وتنهض للاحتجاج بها هذا من جهة ، كما أن أمير المؤمنين لم يجعله مرتداً ، فيأمر بقتله ، بل نهاهم عن ذلك لما همّ بعض المسلمين بقتله وقال : لا تقتلوا الرجل ، فإن برئت فالجروح قصاص ، وإن مت فاقتلوه(5) ، وتذكر الرواية التاريخية المشهورة : فلما قبض علي رضي الله عنه بعث الحسن إلى ابن ملجم ، فقال للحسن ، هل لك في خصلة ؟ إني والله ما أعطيت الله عهداً إلا وفيت به ، إني كنت قد أعطيت الله عهداً عند الحطيم أن أقتل علياً ومعاوية أو أموت دونهما ، فإن شئت خليت بيني وبينه ، ولك الله علي إن لم أقتله ـ أو قتلته ثم بقيت ، أن __________ (1) فضائل الصحابة (2/560) بسند حسن . (2) المحن لابن أبي العرب صـ 94 ، خلافة علي صـ 439 عبد الحميد . (3) الطبقات (3/35) . (4) تاريخ الطبري (6/64) . (5) منهاج السنة (5/245) . (1/236) آتيك حتى أضع يدي في يدك . فقال له الحسن : أما والله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله(1) ثم إن الناس أخذوه ، فأحرقوه بالنار ، ولكن هذه الرواية منقطعة(2) ، والصحيح من الروايات والذي يليق بالحسن والحسين وأبناء أهل البيت أنهم التزموا بوصية أمير المؤمنين علي في معاملة عبد الرحمن بن مُلْجم وفيها يظهر خلق الإسلام العظيم في النهي في المثلة والالتزام بالقصاص الشرعي . ولا تثبت الرواية التي تقول : فلما دفن اضروا ابن ملجم ، فاجتمع الناس ، وجاءوا بالنفط والبواري ، فقال محمد بن الحنفية ، والحسين ، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، دعُونا نشتفّ منه ، فقطع عبد الله يديه ورجليه ، فلم يجزع ولم يتكلّم ، فكحَلَ عينيه ، فلم يجزع ، وجعل يقول إنك لتكحُل عيني عمّك وجعل يقرأ ((إقرأ بسم ربك الذي خلق)) (العلق ، آية : 1) حتى ختمها ، وإن عينيه لتسيلان ثم أمر به فعولج عن لسانه ليُقْطع فجزع ، فقيل له في ذلك . فقال : ما ذاك بجزع ولكنّي أكره أن أبقى في الدنيا فُواقاً لا أذكر الله فقطعوا لسانه ، ثمّ أحرقوه ، وكان أسمر ، حسن الوجه ، أفلج ، شعره من شحمة أذنيه ، وفي جبهته أثر السجود(3) . …وابن ملجم عند الروافض أشقى الخلق في الآخرة ، وهو عندنا أهل السنة ممن نرجو له النّار ، ونجوِّز أن الله يتجاوز عنه ، لا كما يقول الخوارج والروافض فيه ، وحكمه حكم قاتل عثمان وقاتل الزبير ، وقاتل طلحة ، وقاتل سعيد بن جبير ، وقاتل عمّار وقاتل خارجة ، وقاتل الحسين ، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله ، ونكل أمورهم إلى الله عز وجل(4) . 9 ـ خطبة الحسن بن علي رضي الله عنهما بعد مقتل أبيه : __________ (1) تاريخ الطبري (6/64) . (2) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد صـ 440 . (3) طبقات ابن سعد (3/39) الأخبار الطوال صـ 215 . (4) تاريخ الإسلام ، عهد الخلفاء الراشدين صـ 654 . (1/237) …عن عمر بن حُبشي قال : خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنه ، فقال : لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون ، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف(1) ، حتى يُفتح له ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله(2) . 10 ـ استقبال معاوية خبر مقتل علي رضي الله عنهما : __________ (1) فضائل الصحابة (2/737) إسناده صحيح : فلا ينصرف : يرجع . (2) فضائل الصحابة (2/737) إسناده صحيح . (1/238) …ولما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ، فقالت له امرأته : أتبكيه وقد قاتلته ؟ فقال : ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم(1) ، وكان معاوية يكتب فيما ينزل به يسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك ، فلما بلغه قتله قال : ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب ، فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام ، فقال له : دعني عنك(2) ، ولنتعرف على شخصية علي عندما طلب معاوية رضي الله عنه في خلافته من ضرار الصُّدائي أن يصف له علياً ، فقال أعفني يا أمير المؤمنين قال : لتصفنَّه ، قال : أما إذ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى ، شديد القُوى ، يقول فُصلاً(3) ويحكم عدلاً يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ويستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته وكان غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما قُصر ومن الطعام ما خشن ، وكان فينا كأحَدِنا ، يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن والله ـ مع تقريبه إيانا وقربه منا ـ لا نكاد نكلمه هيبة له ، يعظِّم أهل الدين ويُقرِّب المساكين ، ولا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف في عدله ، وأشهد أنه قد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سُدُولَه(4) وغارت نجومه ، قابضاً على لحيته ، يتململ تململ السليم(5) ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا غُرِّي غيري ، إليّ تعرّضت أم إلى تشوَّفتِ : هيهات هيهات ، قد باينتك ثلاثاً لا رجع فيها فعمرك قصير ، وخطرك قليل ، آه من قلة الزاد وبُعد السفر ، ووحشة الطريق ، فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها(6) __________ (1) البداية والنهاية (8/133) . (2) الاستيعاب (3/1108) . (3) المصدر نفسه (3/1107) . (4) سدوله : سدلته . (5) تململ السليم : يعني الملدوغ كانت العرب تسميه كذلك للتفاؤل ببرئه . (6) الاستيعاب (3/1108) . (1/239) ، وعن عمر بن عبد العزيز قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأبو بكر وعمر جالسان عنده ، فسلمت عليه وجلست ، فبينما أنا جالس إذ أتى بعلي ومعاوية فأدخلا بيتاً وأجيف(1) الباب وأنا أنظر ، فما كان بأسرع من أن خرج علي وهو يقول : قضي لي ورب الكعبة ، ثم ما كان بأسرع من خرج معاوية وهو يقول : غفر لي ورب الكعبة(2) . وروى ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنه قال له رجل : إني أبغض معاوية فقال له ولم ؟ قال : لأنه قاتل علياً ، فقال له أبو زرعة : ويحك إن رب معاوية رحيم ، وخصم معاوية خصم كريم ، فايش دخولك أنت بينهما ؟ رضي الله عنهما(3) . الفصل الثاني بيعة الحسن بن علي بن أبي طالب وأهم صفاته وبعض مواقفه في الحياة الاجتماعية ومشروعه الإصلاحي الذي توّج بوحدة الأمة : المبحث الأول : بيعة الحسن بن علي رضي الله عنهما : __________ (1) أجيف الباب : رُد وأغلق . (2) البداية والنهاية (8/133) . (3) المصدر نفسه (8/133) . (1/240) كانت بيعة الحسن بن علي رضي الله عنهما في شهر رمضان من سنة 40هـ وذلك بعد استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم المرادي(1) ، وقد اختار الناس الحسن بعد والده ولم يعين أمير المؤمنين أحداً من بعده ، فعن عبد الله بن سبع قال : سمعت علياً يقول : لتخضبن هذه من هذا(2) فما ينتظر بي الأشقى(3) . قالوا : يا أمير المؤمنين ، فأخبرنا به نبير عترته(4) ، قال : إذن تالله تقتلون بي غير قاتلي . قالوا : فاستخلف علينا قال : لا ، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فما تقول لربك إذا أتيته ، قال وكيع(5) مرة : إذا لقيته قال : أقول : اللهم تركتني فيهم ما بدا لك ، ثم قبضتني إليك وأنت فيهم ، فإن شئت أصلحتهم ، وإن شئت أفسدتهم(6) ، وفي رواية : أقول : اللهم استخلفتني فيهم ما بدا لك ، ثم قبضتني وتركتك فيهم(7) ، وبعد مقتل علي صلى عليه الحسن بن علي وكبر عليه أربع تكبيرات ، ودفن بالكوفة ، وكان أول ما بايعه قيس بن سعد ، قال له : أبسط يدك أبايعك على كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه ، وقتال المُحلِّين ، فقال له الحسن رضي الله عنه : على كتاب الله وسنة نبيه ، فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط : فبايعه وسكت ، وبايعه الناس(8) ، وقد اشترط الحسن بن علي على أهل العراق عندما أرادوا بيعته فقال لهم : إنكم سامعون مطيعون ، تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت(9) ، وفي رواية قال لهم : __________ (1) الطبقات (3/35 ـ 38) تحقيق د. إحسان عباس . (2) أي لتخضبن لحيته من دم رأسه . (3) مجمع الزوائد (9/139) مسند أحمد (2/325) حسن لغيره . (4) نبير عُترتَه : نهلك أقرباءه لسان العرب (4/5) (4/538) . (5) وكيع بن الجراح ، ثقة حافظ عابد ، التقريب 581 . (6) مسند أحمد (2/325) حسن لغيره الموسعة الحديثة . (7) كشف الأستار عن زوائد البزار (3/204) . (8) تاريخ الطبري (6/73) . (9) المصدر نفسه (6/77) . (1/241) والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم قالوا : ما هو ؟ قال : تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت(1)، وفي رواية ابن سعد : إن الحسن بن علي أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين ، بايعهم على الإمرة ، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه ، ويرضوا بما رضي به (2)، ويستفاد من الروايات السابقة ابتداء الحسن رضي الله عنه في التمهيد للصلح فور استخلافه والذي سيأتي تفصيله لاحقاً بإذن الله تعالي ، ومن دراستنا لبيعة الحسن نستنبط دروساً وعبراً وفوائد منها : أولاً : بطلان قضية النص على خلافة الحسن : …عند حديثنا عن بيعة الحسن رضي الله عنه تبرز أمامنا قضية يروج لها الشيعة الإمامية بقوة ألا وهي قضية النص على خلافة الحسن رضي الله عنه من قبل والده علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3)وهذا الأمر يعد من المفتريات على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حيث لم يصح النقل عنه بذلك ، إن الشيعة الرافضة يعتقدون أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأنها مثلها لطف من الله عز وجل ، ولا يجب أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى ، وليس للبشر حق اختيار الإمام وتعيينه ، بل وليس للإمام نفسه حق تعيين من يأتي بعده ، وقد وضعوا على لسان أئمتهم عشرات الروايات في ذلك ، منها ما نسبوه إلى الإمام محمد الباقر رحمه الله أنه قال : أترون أن هذا الأمر إلينا نجعله حيث نشاء ؟ لا والله ما هو إلا عهد من رسول الله رجل فرجل مسمى حتى تنتهي إلى صاحبها (4)، ويعتقد الشيعة الرافضة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نص على الأئمة من بعده وعينهم بأسمائهم وهم اثنا عشر إماماً لا ينقصون ولا يزيدون وهم : __________ (1) الطبقات تحقيق د . محمد السلمي (1/286،287) (2) المصدر نفسه (1/316،317) (3) فرق الشيعة للنوبختي صـ 34 ، مرويات خلافة معاوية (4) الإمامة والنص ، فيصل نور صـ 8 (1/242) 1ـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه المرتضى توفي 40هـ . 2 ـ الحسن بن علي رضي الله عنه الزكي توفي 50هـ . 3 ـ الحسين بن علي سيد الشهداء توفي 61هـ رضي الله عنه . 4 ـ علي بن الحسين ـ زين العابدين ـ توفي 95هـ . 5 ـ محمد بن علي الباقر توفي 114هـ . 6 ـ جعفر بن محمد الصادق توفي 148هـ . 7 ـ موسى بن جعفر الكاظم توفي 183هـ . 8 ـ علي بن موسي الرضا توفي 203هـ . 9 ـ محمد بن علي الجواد توفي 220هـ . 10ـ علي بن محمد الهادي توفي 254هـ . 11ـ الحسن بن علي العسكري توفي 260هـ . 12ـ محمد بن الحسن المهدي توفي 256هـ . (1/243) وأساس عقيدة الوصية هو ابن سبأ وكان ينتهي بأمر الوصية عند علي رضي الله عنه ولكن جاء فيمن بعد من عممها في مجموعة من أولاده ، وكانت الخلايا الشيعية الرافضية تعمل بصمت وسرية ، فينفون ذلك نفياً قاطعاً ، كما فعل جدهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ولذلك اخترع أولئك الكذابون على أهل البيت "عقيدة التقية" حتى يسهل نشر أفكارهم وهم في مأمن من تأثر الأتباع بمواقف أهل البيت الصادقة والمعلنة للناس(1) ، إن من أخطر الأمور التي ابتدعها الشيعة الوصية وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة بعد وفاته مباشرة إلى علي رضي الله عنه ، وأن من سبقه مغتصبين لحقه كما جاء في كتابهم "الكافي" : من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان علياً عليه السلام(2) ، ولكن الاستقراء التاريخي لتاريخ الخلفاء الراشدين ، لا نجد للوصية ذكراً في خلافة أبي بكر ولا في عمر رضي الله عنهما ، وإنما نجد بداية ظهورها في السنوات الأخيرة من خلافة عثمان رضي الله عنه ، عند بزوغ قرن الفتنة ، وقد استنكر الصحابة هذا القول ، عندما وصل إلى أسماعهم ، وبينوا كذبه ، ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب ، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما ، ثم نرى هذا القول يتبلور في فكرة موجهة ، وعقيدة تدعو إلى الإيمان بها والدعوة إليها ، وذلك في خلافة علي رضي الله عنه ، وهذه الوصية التي تدعيها الرافضة فقد أثبت علماؤهم أنها من وضع عبد الله بن سبأ كما ذكر ذلك النوبختي والكشي ، وقد فصلت ذلك في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويكفي في الرد على زعمهم الباطل ما ورد بالنقل الصحيح عن عدد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومنهم علي رضي الله عنه نفسه والأدلة كثيرة منها : __________ (1) أصول الشيعة الإمامية (2/800) . (2) أصول الكافي (2/16 ـ 17) . (1/244) 1 ـ ذكر عند عائشة أن النبي صل صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي ، فقالت : من قاله ؟ لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وإني لمسندته إلى صدري ، فدعا بالطست ، فانخنث ، فمات ، فما شعرت فكيف أوصى إلى علي(1) ، وتصريح عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص لعلي من أعظم الأدلة على عدم الوصية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في حجرها ولو كانت هناك وصية لكانت هي أدرى الناس بها(2) . __________ (1) البخاري رقم 1471 ، ك الوصايا . (2) بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود (1/190) . (1/245) 2 ـ وعن ابن عباس قال : إن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه ، فقال الناس يا أبا الحسن ، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أصبح بحمد الله بارئاً ، فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له : أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ، وإني والله لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى في وجعه هذا ، وإني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت ، اذهب بنا إلى رسول الله ، فلنسأله فيمن هذا الأمر ، إن كان فينا علمنا ذلك ، وإن كان في غيرنا علمنا فأوصى بنا ، فقال علي : إنا والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها ، لا يعطيناها الناس من بعده ، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم(1) ، وفي قوله رضي الله عنه شهادة للصحابة رضوان الله عليهم ـ على مدى التزامهم بتنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت هناك وصية لما تخلف أحد عنه ، ولما عبرت الأنصار عن رأيها في السقيفة بحرية وشجاعة وصدق : منا أمير ومنكم أمير(2) ، ولبايعوا من عهد إليه الوصية ، أو على الأقل سيذكر بعضهم ، ولو كان هناك نص قبل ذلك لقال علي للعباس : كيف نسأله عن هذا الأمر فيمن يكون وهو قد أوصى لي بالخلافة ، وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس اليوم ، فلما لم يوجد شئ من ذلك تبين ما يدعى من النص دعوى لا أساس لها من الصحة ، وكل ما أوردوه من ذلك من التنصيص على علي مردود ، لمخالفته هذا النص الصريح من علي رضي الله عنه ، لأن كل أدلتهم السمعية إما أنها لا تدل على المدعي ـ وإما نصوص تدل على ذلك ولكنها موضوعة(3) . __________ (1) البخاري ، ك المغازي رقم : 4447 . (2) البخاري ، ك الحدود رقم 6830 . (3) الإمامة والرد على الرافضة ، تحقيق علي ناصر فقيهي صـ 238 . (1/246) 3 ـ سئل علي رضي الله عنه أخصكم رسول الله بشئ فقال : ما خصنا رسول الله بشئ لم يعم به الناس كافة ، إلا ما كان في قراب سيفي هذا ، قال : فأخرج صحيفة مكتوب فيها : لعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن من سرق منار الأرض ، ولعن الله من لعن والده ، ولعن الله من آوى محدثاً(1) . قال ابن كثير : وهذا الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه يرد على فرقة الرافضة من زعمهم أن رسول الله أوصى إليه بالخلافة ، ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة ، فإنهم كانوا أطوع لله ورسوله في حياته ، وبعد وفاته من أن يفتأتوا عليهم فيقدموا غير من قدمه ، ويؤخروا من قدمه بنصه ، حاشا وكلا ! ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطئ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومضادتهم لحكمه ونصه ، مع ما أنزل الله من ثناء عليهم بالقرآن ، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام ، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام(2) ، قال النووي : فيه إبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة الإمامية بالوصية لعلي وغير ذلك من اختراعاتهم(3) . 4 ـ وعن عمرو بن سفيان قال : لما ظهر علي يوم الجمل قال : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا من هذه الإمارة شيئاً حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر ، فأقام واستقام حتى مضى لسبيله(4) . __________ (1) مسلم (3/1567) رقم 1978 . (2) البداية والنهاية (5/221) . (3) شرح صحيح مسلم (13/151) . (4) الاعتقاد صـ 184 ، وقال البيهقي في دلائل النبوة سنده حسن . (1/247) 5 ـ روى أبو بكر البيهقي بإسناده إلى شقيق ابن سلمة ، قال : قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : ألا تستخلف علينا ؟ فقال : ما استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستخلف ، ولكن إن يرد الله بالناس خيراً فسيجمعهم بعدي على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم(1) فهذا دليل واضح من أن دعوى النص عليه رضي الله عنه إنما من اختلاق الرافضة الذين ملئت قلوبهم بالبغض والحقد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيهم علي وأهل بيته ، وإنما يدعون حبهم تستراً ليتسن لهم الكيد للإسلام وأهله(2) . __________ (1) الاعتقاد صـ 184 ، إسناده جيد . (2) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/620) . (1/248) …بهذه النصوص : القطعية يتضح بجلاء أن لا أصل للوصية المزعومة وأن ما اعتمد عليه الرافضة هو من وضع عبد الله بن سبأ الذي هو أول من أحدث الوصية ، ثم وضعت بعد ذلك أسانيد وركبت متون نسبوها زوراً وبهتاناً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهدفهم من ذلك الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم لمخالفتهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماعهم على ذلك ومن ثم الطعن ورد ما نقلوه إلى أجيال المسلمين من قرآن وحديث(1) ، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن رده على الحلي : وأما النص على علي فليس في شئ من كتب أهل الحديث المعتمدة ، وأجمع أهل الحديث على بطلانه ، حتى قال أبو محمد بن حزم ، ما وجدنا قط رواية عند أحد في هذا النص المدعى إلا رواية إلى مجهول يكنى أبا الحمراء لا نعرف من هو في خلق الله(2) ، وقال في موضع آخر : فعلم أن ما تدعيه الرافضة من النص هو مما لم يسمعه أحد من أهل العلم بأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم قديماً ولا حديثاً ولهذا كان أهل العلم بالحديث يعلمون بالضرورة كذب هذا النقل كما يعلمون كذب غيره من المنقولات(3) ، وقد جاء من الغلاة فيما بعد من أحيا نظرية ابن سبأ في أمير المؤمنين علي ثم عمموها على آخرين من سلالة علي والحسين في إثارة مشاعر الناس وعواطفهم ، والدخول إلى قلوبهم ، لتحقيق أغراضهم ضد الدولة الإسلامية في ظل هذا الستار ، وأول من بدأ يشيع القول بأن الإمامة محصورة بأناس مخصوصين في آل البيت ، شيطان الطاق الذي تلقبه الشيعة مؤمن الطاق(4) ، وأنه حينما علم بذلك زيد بن علي رحمه الله بعث إليه ليقف على حقيقة الإشاعة ، فقال له زيد : بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماماً مفترض الطاعة ؟ قال شيطان الطاق : نعم ، وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم ، فقال : وكيف وقد كان يؤتي __________ (1) خلافة علي بن أبي طالب ، علي عبد الحميد صـ 65 . (2) المنهاج (8/362) (الفصل 4/161) . (3) المنهاج (7/50) . (4) أصول الشيعة الإمامية (2/800) . (1/249) بلقمة وهي حارة فيبردها بيده ثم يلقمنيها ، أفترى أنه كان يشفق علي من حر اللقمة ، ولا يشفق علي من حر النار ؟ قال شيطان الطاق : قلت له : كره أن يخبرك ، فتكفر ، فلا يكون له فيك شفاعة(1) ، وهذه القصة المروية في أوثق كتب الرجال عندهم تبين أن هذه النظرية كانت سرية التداول لدرجة أنها خفيت على إمام من أئمة أهل البيت وهو الإمام زيد ، وقد بين محب الدين الخطيب أن شيطان الطاق هو أول من اخترع هذه العقيدة الضالة وحصر الإمامة والتشريع وادعى العصمة لأناس مخصوصين من آل البيت(2) ، وقد شارك شيطان الطاق رجل آخر هو هشام بن الحكم المتوفي 179هـ(3) ، ويبدو أن عقيدة حصر الإمامة بأناس معينين سرت في الكوفة(4) ، بسعي مجموعة من أتباع هشام وشيطان الطاق ، ففكرة حصر الأئمة بعدد معين قد وضع جذورها في القرن الثاني زمرة ممن يدعي الصلة بأهل البيت(5) ، أمثال شيطان الطاق وهشام بن الحكم(6) ، ولقد اختلفت اتجاهات الشيعة وتباينت مذاهبهم في عدد الأئمة قال في مختصر التحفة : أعلم أن الإمامية قائلون بانحصار الأئمة ، ولكنهم مختلفون في مقدارهم ، فقال بعضهم : خمسة ، وبعضهم سبعة ، وبعضهم ثمانية ، وبعضهم : اثنا عشر ، وبعضهم ثلاثة عشر(7) ، والغريب أن القائلين بنظرية الإمامة الإلهية انقسموا إلى عدة فرق كل فريق منهم ينقل روايات مناقضة للآخر في إمامة من يراه ثم ينسبون ذلك لعلي رضي الله عنه . وكتب الشيعة الرافضة نقلت صورة هذا التباين والتناقض سواء كانت من كتب الإسماعيلية بمسائل الإمامة للناشئ الأكبر ، أو الزينة لأبي حاتم الرازي ، أو من كتب الاثني عشرية مثل ، المقالات والفرق للأشعري القمي ، وفرق __________ (1) رجال الكشي صـ 186 . (2) مجلة الفتح صـ 5 ، العدد 862 عام 1367هـ . (3) أصول الشيعة الإمامية (2/803) . (4) بحار الأنوار (1/259) ، أصول الشيعة الإمامية (2/805) . (5) أصول الشيعة (2/806) . (6) المصدر نفسه (2/806) . (7) مختصر التحفة صـ 193 . (1/250) الشيعة للنبوختي ، وقضية الإمامة عندهم ليست بالأمر الفرعي الذي يكون فيه الخلاف أمراً عادياً ، بل هي أساس الدين وأصله المتين ، ولا دين لم لم يؤمن بإمامهم ولذلك يكفر بعضهم ويلعن بعضهم بعضاً(1) ، إما الاثنا عشرية فقد استقر قولها ـ فيما بعد ـ بحصر الإمامة في اثني عشر إماماً ، ولم يكن في العترة النبوية بني هاشم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم من يقول ، بإمامة الاثنى عشرة(2) ، إنما عرف الاعتقاد بإثني عشر إماماً بعد وفاة الحسن العسكري(3) ، إن حصر الأئمة بعدد معين عقيدة فاسدة باطلة ، وأمير المؤمنين علي وأولاده وأحفاده براء منها ، ففي كتب الشيعة المعتمدة في نهج البلاغة ، عن علي رضي الله عنه قال : دعوني والتمسوا غيري ، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول(4) ، وإن الآفاق قد أغامت(5) ، والمحجة قد تنكرت ، واعلموا أني إن أحببتكم ركبت لكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً(6) ، فلو كانت إمامة علي منصوصاً عليها من الله عز وجل لما جاز لعلي بن أبي طالب تحت إي ظرف من الظروف أن يقول للناس : دعوني والتمسوا غيري ويقول أنا لكم وزيراً خير لكم مني أمير" كيف والناس تريده وجاءت تبايعه(7) . ويقول في النهج كلاماً أكثر صراحة وأشد وضوحاً حين يقول ، إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن __________ (1) أصول الشيعة الإمامية (2/807) . (2) منهاج السنة (2/11) . (3) أصول الشيعة الإمامية (2/808) . (4) لا تصبر له ولا تطيق احتماله . (5) أغامت : غطيت بالغيم . (6) نهج البلاغة خطبة رقم 92 صـ 236 . (7) ثم أبصرت الحقيقة صـ 158 . (1/251) اجتمعوا على رجل سمّوه إماماً كان ذلك لله رضا ، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منه ، فإن أبي قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى(1) ، وقد أشار أمير المؤمنين بهذه العبارة حقائق جديرة بالإهتمام حيث جعل : ـ الشورى للمهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدهم الحل والعقد . ـ اتفاقهم على شخص سبب لمرضات الله وعلامة لموافقته سبحانه وتعالى إياهم . ـ لا تنعقد الإمامة في زمانهم دونهم وبغير اختيارهم . ـ لا يرد قولهم ولا يخرج عن حكمهم إلا المبتدع الباغي المتبع غير سبيل المؤمنين ، فأين هم الشيعة الأثني عشرية عن هذه التصريحات الهامة(2) . __________ (1) نهج البلاغة ، ك إلى معاوية رقم 6 صـ 526 . (2) ثم أبصرت الحقيقة صـ 161 . (1/252) إن مسألة النص لا تثبت بأي وجه من الوجوه ، ومسألة حصر الأئمة بعدد معين مردوده بالكتاب والسنة ، كما أنه لا يقبلها العقل ومنطق الواقع ، إذ بعد إنتهاء العدد المعين هل تظل الأمة بدون إمام ؟ ولذلك فإن عصر الأئمة الظاهرين عند الإثني عشرية لا يتعدى قرنين ونصف إلا قليلاً وهم من ذلك الوقت إلى الآن بدون إمام بشكل فعلي وواقعي مما ترتب على وضعهم هذا فقدانهم كل ما يزعمون من مبرر ضروري أو مصلحة ضرورية من وجود إمام معصوم وهذا تناقض ظاهر ، وقد اضطر الشيعة للخروج عن حصر الأئمة بمسألة نيابة المجتهد عن الإمام ، واختلف قولهم في حدود النيابة وفي هذا العصر اضطروا للخروج نهائياً عن هذا الأصل الذي هو قاعدة دينهم ، فجعلوا رئاسة الدولة تتم عن طريق الانتخاب ولكنهم خرجوا عن حصر العدد إلى حصر النوع فقصروا رئاسة الدولة على الفقيه الشيعي(1) ، وهو فعلياً غير معصوم بالاتفاق ولا عنده نص يخوِّله للإمامة وهم بهذا الأمر نسخوا فعلياً نظرية الإمامة التي شقوا بها صفوف الأمة ، فأصبح الإنسان العادي حتى ولو كان من غير أهل البيت يستطيع أن يحكم ويقود بحجة أنه فقيه ، وقد فصّل الأستاذ أحمد الكاتب تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه وتحدث عن أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه والشورى وبين بوضوح أن الحسن بن علي لم يعتمد في دعوة الناس لبيعته على ذكر أي نص حوله من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من أبيه أمير المؤمنين علي ، وتحدث عن إيمان الحسن بن علي بنظام الشورى وحق الأمة في انتخاب إمامها ، وقد تجلى هذا الإيمان مرة أخرى عند تنازله عن الخلافة إلى معاوية واشتراطه عليه العودة إلى نظام الشورى بين المسلمين ، ولو كانت الخلافة بالنص من الله والتعيين من الرسول ، كما تقول النظرية الإمامية ، لم يكن يجوز للإمام الحسن أن يتنازل عنها لأي أحد تحت أي ظرف من __________ (1) الحكومة الإسلامية للخميني صـ 248 ، أصول الشيعة (2/814) . (1/253) الظروف ، ولم يكن يجوز له بعد ذلك أن يبايع معاوية أو أن يدعو أصحابه وشيعته لبيعته ، ولم يكن يجوز له أن يهمل الإمام الحسين ولأشار إلى ضرورة تعيينه من بعدِه ولكن الإمام الحسن لم يفعل أي شئ من ذلك وسلك مسلكاً يوحي بالتزامه بحق المسلمين في انتخاب خليفتهم عبر نظام الشورى وقد ظل الشهيد الحسين رضي الله عنه ملتزماً ببيعة معاوية إلى آخر يوم من حياة الأخير ، ورفض عرضاً من شيعة الكوفة بعد وفاة أمير المؤمنين الحسن بالثورة على معاوية ، وذكر إن بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه ، ولم يدع إلى نفسه إلا بعد وفاة معاوية الذي عهد إلى ابنه يزيد بالخلافة بعده ، حيث رفض الحسين البيعة له وأصرَّ على الخروج إلى العراق حيث استشهد في كربلاء عام 61هـ(1) . ثانياً : ما يحتج به الشيعة الاثنا عشرية في أمر تحديد عدد الأئمة بما جاء في كتب السنة : عن جابر ين سمرة قال رسول الله : يكون إثنا عشر أميراً . فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنه قال : كلهم في قريش(2) . وفي مسلم عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشرة خليفة . ثم قال كلمة لم أفهمها . فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : كلهم من قريش(3) . وفي لفظ : لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة(4) ، وفي لفظ آخر : لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً(5) ، وعند أبي داود : لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم إثنا عشر خليفة ، كلهم تجتمع عليهم الأمة(6) . __________ (1) تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه صـ 17 ، 18 . (2) البخاري ، ك الأحكام ، باب الاستخلاف (8/127) . (3) مسلم ، ك الإمارة ، باب الناس (2/1453) . (4) المصدر نفسه (2/1453) . (5) المصدر نفسه (2/ 1453) . (6) سنن أبي داود ، ك المهدي (4/471) . (1/254) وأخرجه أبو داود أيضاً من طريق الأسود بن سعيد عن جابر بنحو ما مضى قال : وزاد فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا : ثم يكون ماذا قال : الهرج(1) . يتعلق الشيعة الاثني عشرية لهذا النص ويحتجون به على أهل السنة ، لا لإيمانهم بما جاء في كتب السنة(2) ، ولكن للاحتجاج عليهم بما يسلمون به ، وبالتأمل في النص بكل حيدة وموضوعية نجد أن هؤلاء الاثني عشر وصفوا بأنهم يتولون الخلافة ، وأن الإسلام في عهدهم يكون في عزة ومنعة ، وأن الناس تجتمع عليهم ولا يزال أمر الناس ماضياً وصالحاً في عهدهم ، وكل هذه الأوصاف لا تنطبق على من تدعي الاثنا عشرية فيهم الإمامة ، فلم يتول الخلافة منهم إلا أمير المؤمنين علي والحسن ، كما لم يقم أمر الأمة في مدة أحد من هؤلاء الاثني عشر ـ في نظر الشيعة أنفسهم ـ بل ما زال أمر الأمة فاسداً .. ويتولى عليهم الظالمون بل الكافرون(3) وأن الأئمة أنفسهم كان يتسترون في أمور دينهم بالتقية(4) ، وأن عهد أمير المؤمنين علي وهو على كرسي الخلافة عهد تقية ، كما صرح بذلك شيخهم المفيد(5) ، فلم يستطع أن يظهر القرآن ، ولا أن يحكم بجملة من أحكام الإسلام ، كما صرح بذلك شيخهم الجزائري(6) ، واضطر إلى ممالأة الصحابة ومجاراتهم على حساب الدين ، كما أقرَّ بذلك شيخهم المرتضى(7) .. فالحديث في جانب ومزاعم هؤلاء في جانب آخر ، ثم أنه ليس في الحديث حصر للأئمة بهذا العدد ، بل نبوة منه ، بأن الإسلام لا يزال عزيزاً في عصور هؤلاء ، وكان عصر الخلفاء الراشدين وبني أميه عصر عزة ومنعة(8) ، ولهذا قال ابن تيمية : إن الإسلام وشرائعه في بني أمية أظهر وأوسع مما كان __________ (1) سنن أبي داود (4/472) ، فتح الباري (13/211) . (2) أصول الشيعة الإمامية (2/815) . (3) منهاج السنّة (4/210) المنتقى صـ 533 . (4) أصول الشيعة الإمامية (2/816) . (5) المصدر نفسه (2/816) . (6) المصدر نفسه (2/816) . (7) المصدر نفسه (2/816) . (8) أصول الشيعة (2/816) . (1/255) بعدهم ، ثم استشهد بحديث : لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش . ثم قال : وهكذا كان ، فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة معاوية وابنه يزيد ثم عبد الملك وأولاده الأربعة وبينهم عمر بن عبد العزيز وبعد ذلك حصل من النقص ما هو باق إلى الآن . ثم شرح ذلك(1) ، ثم أنه قال في الحديث : كلهم من قريش(2) ، وهذا يعني أنهم لا يختصون بعلي وأولاده : ولو كانوا مختصين بعلي وأولاده لذكر ما يميزون به ، ألا ترى أنه لم يقل : كلهم من ولد إسماعيل ولا من العرب ، فلو امتازوا بكونهم من بني هاشم ، أو من قبيل علي لذكروا بذلك ، فلما جعلهم من قريش مطلقاً علم أنهم من قريش ، بل لا يختصون بقبيلة ، بل بنو تيم وبنو عدي ، وبنو عبد شمس ، وبنو هاشم ، فإن الخلفاء الراشدين كانوا من هذه القبائل(3) ، فإذن لم يبق من الأوصاف التي تنطبق على ما يريدون إلا مجرد العدد ، والعدد لا يدل على شئ(4) . ثالثاً : مدة خلافة أمير المؤمنين الحسن ومعتقد أهل السنة في خلافته : __________ (1) منهاج السنة (4/206) . (2) مسلم (2/1453) . (3) منهاج السنة (4/211) . (4) أصول الشيعة (2/818) . (1/256) استمر أمير المؤمنين الحسن بن علي بعد بيعته خليفة على الحجاز واليمن والعراق وغير ذلك نحو سبعة أشهر ، وقيل ثمانية أشهر ، وقيل ستة أشهر وكانت خلافته هذه المدة خلافة راشدة حقة لأن تلك المدة كانت تتمة لمدة الخلافة الراشدة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً(1) ، فقد روي الترمذي بإسناده إلى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك(2) ، وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال : وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما(3) ، وبذلك يكون الحسن بن علي رضي الله عنه خامس الخلفاء الراشدين(4) وعند الإمام أحمد من حديث سفينة أيضاً بلفظ : الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك(5) . وعند أبي داود بلفظ : خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء أو ملكه ما يشاء(6) ، ولم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن وقد قرر جمع من أهل العلم عند شرحهم لقوله صلى الله عليه وسلم الخلافة في أمتي ثلاثون سنة . أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بن علي بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة ومكملة لها فقد قال كل من : __________ (1) عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة (2/743) . (2) سنن الترمذي مع شرحها تحفة الأحوذي (6/395 ـ 397) حديث حسن . (3) البداية والنهاية (11/134) . (4) مآثر الأنافة (1/105) ، مرويات خلافة معاوية ، خالد الغيث صـ 155 . (5) فضائل الصحابة (2/744) إسناده حسن . (6) صحيح سنن أبي داود (3/879) ، سنن أبي داود (2/515) . (1/257) 1 ـ أبو بكر بن العربي رحمه الله : فنفذ الوعد الصادق في قوله صلى الله عليه وسلم ـ : الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم تعود ملكاً . فكانت لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وللحسن منها ثمانية أشهر لا تزيد ولا تنقص يوماً فسبحان المحيط لا رب غيره(1) . 2 ـ وقال القاضي عياض : رحمه الله لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي .. والمراد في حديث : الخلافة ثلاثون سنة . خلافة النبوة فقد جاء مفسراً في بعض الروايات : خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً(2) . 3 ـ وقال الحافظ بن كثير ـ رحمه الله ـ : والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في دلائل النبوة(3) من طريق سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً ، وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي(4) . 4 ـ وقال شارح الطحاوية : وكانت خلافة أبي بكر الصديق سنتين وثلاثة أشهر ، وخلافة عمر عشر سنين ونصفاً ، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر ، وخلافة الحسن ستة أشهر(5) . 5 ـ وقال المناوي : بعد ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم : ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(6) ، قال : وكان ذلك فلما بويع له بعد أبيه وصار هو الإمام الحق مدة ستة أشهر تكملة للثلاثين سنة التي أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم إنها مدة الخلافة وبعدها يكون ملكاً .........(7) . __________ (1) أحكام القرآن لابن العربي (4/1720) . (2) شرح النووي علي صحيح مسلم (12/201) . (3) البداية والنهاية (11/134) . (4) البداية والنهاية (11/134) . (5) شرح الطحاوية صـ 545 . (6) البخاري (7/94) . (7) فيض القدير (2/409) . (1/258) 6 ـ وقال ابن حجر الهيثمي : هو آخر الخلفاء الراشدين بنصِّ جَدِّه صلى الله عليه وسلم ، ولي الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعة أهل الكوفة ، فأقام بها ستة أشهر وأياماً ، خليفة حق وإمام عدل وصدق تحقيقاً لما أخبر به جده الصادق المصدوق بقوله : الخلافة بعدي ثلاثون سنة(1) ، فإن تلك الستة الأشهر هي المكملة لتلك الثلاثين ، فكانت خلافته منصوصاً عليها وقام عليها إجماع من ذكر ، فلا مرية في حَقِّيتها(2) . إن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن خلافة الحسن بن علي كانت خلافة حقة وأنها جزء مكمل لخلافة النبوة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ستكون ثلاثين سنة(3) رابعاً : خطب لا تصح للحسن بعد مقتل والده : ونورد هذا المبحث لمعرفة الباطل والتحذير منه كما قال الشاعر : ……عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ………………ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه __________ (1) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (2/397) . (2) المصدر نفسه (2/397) . (3) عقيدة أهل السنة في الصحابة (2/748) . (1/259) وقد اخترع الشيعة الرافضة الكثير من الخطب ونسبوها كذباً وبهتاناً للحسن بن علي رضي الله عنه وإليك نماذج من ذلك منها : .. أيها الناس : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني ، فأنا الحسن بن علي . أنا البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل بإذنه وأنا ابن السراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، والذين ، افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول : ((وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا)) (الشورى ، آية : 22) . فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت(1) . ونسجوا خطبة لأبي الأسود الدؤلي إلى أن قالوا : .. ثم بكى حتى اختلفت أضلاعه ثم قال : وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه وسليله ووشبيهه في خلقه وهديه ، وإني لأرجو أن يجبر الله به ما وهي ، ويسد به ما انثلم ويجمع به الشمل ويطفئ به نيران الفتنة فبايعوه ترشدوا ، فبايعت الشيعة كلها وتخلف ناس ممن كان يرى رأي العثمانية وهربوا إلى معاوية(2) ، وذكروا رسائل مطولة من الحسن إلى معاوية يدعوه لبيعته ويدلي بحجته وأحقيته وهي لا تثبت من حيث السند والمتن وإنما ذكرت في كتب الشيعة الرافضة العارية من الأسانيد الصحيحة ، المتعارضة مع ما ثبت عن الحسن بن علي في خلافته(3) ، ويكفي أن تلك المراجع تحدث فيها علماء وأهل السنة وبينوا زيفها وبطلانها وأنها ليست بحجة في مجال الاعتقاد والأحكام والعلاقة بين الصحابة الكرام ، ويكفي أن النصوص السالفة الذكر من كتاب مقاتل الطالبيين والأغاني للأصفهاني ومن كتاب نهج البلاغة وقد تحدث العلماء عن الأصفهاني وكتابه وكذلك نهج البلاغة فقالوا : 1 ـ الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني : __________ (1) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني صـ 51 ـ 52 . (2) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني (1/121) . (3) الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي محمد ماهر حمادة صـ 90 إلى 95 . (1/260) يعتبر كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء ومجون وليس كتاب علم وتاريخ وفقه وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ ولقد تحدث العلماء فيه قديماً فقالوا : قال الخطيب البغدادي : كان أبو الفرج الأصفهاني أكذب الناس كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف ، ثم تكون كل رواياته منها . قال ابن الجوزي : ... ومثله لا يوثق بروايته ، يصّح فيه كتبه بما يوجب عليه الفسق ، ويهوّن شرب الخمر ، وربما حكى ذلك عن نفسه ، ومن تأمَّل كتاب الأغاني ، رأى كل قبيح ومنكر(1) . قال الذهبي : رأيت شيخنا تقيّ الدين ابن تيمية يضعّفه ويتهمه في نقله ، ويستهْول ما يأتي به(2) . وقد تحدث عنه بعض المعاصرين فقالوا : قال الأستاذ شوقي أبو خليل مقوماً مصادر فيليب حتَّى في كتابه تاريخ العرب المطوّل ما نصه : واعتمد حتى كتاب الأغاني للأصفهاني ، وهو ليس كتاب تاريخ يعتمد أيضاً ، إنّه كتاب أدب ، وهذا لا يعني مطلقاً أن كل كتاب أدب لا يؤخذ به ، بل يعتمد إن كان صاحبه ثقة ، معروفاً عنه الأمانة في النقل والرِّواية . إن كتاب الأغاني الذي جعله حتَّى مرجعاً تاريخياً معتمداً ، صاحبه متَّهم في أمانته الأدبيَّة والتاريخية ، جاء في ميزان الاعتدال في نقد الرّجال : أن الأصفهاني في كتابه الأغاني كان يأتي بالأعاجيب بحدثنا وأخبرنا . ومن يقرأ الأغاني يرى حياة العباسيين لهواً ومجوناً وغناء وشراباً .. وهذا يناسب المؤلِّف وخياله وحياته ، ومن يرجع إلى كتب التاريخ الصحيحة يجد صورة أخرى فيها علم وجهاد وأدب ، فكتاب الأغاني ليس كتاب تاريخ يحتج به(3) . __________ (1) المنتظم (7/40 ، 41) . (2) ميزان الاعتدال (3/123) . (3) موضوعية فيليب حتَّى في كتابه تاريخ العرب المطول صـ 187 . (1/261) وقال أبو عبيدة مشهور بن حسن آل مشهور : .. لا بد من ذكر أمر هام تفطن إليه بعض الباحثين وهو أن أهواء وميول أبي فرج الشيعية لها دور بارز ظهر فيما دوّنه في كتابه هذا ، قال الدكتور محمد أحمد خلف الله في خاتمة كتابه أبو الفرج الأصفهاني ما نصه : ولقد وقفنا على ما لأبي فرج من ميول وأهواء ، فيجب أن نحذر هذه الميول وهذه الأهواء كلما حاولنا الاعتماد على ما خلَّف الرجل من مرويَّات ، فقد يكون الرجل مضللاً ، وقد يكون صاحب غرض وهوى ، وليس يخفى أنَّ للأهواء حكمها في التاريخ ، وهو حكم قد يملي رغبته لا في ذكر الأخبار فحسب وإنما أيضاً في الكتمان(1) وأخيراً لماذا هذا التحذير ؟ وقد يتساءل البعض : لماذا هذا التفصيل في التحذير من هذا الكتاب ؟ والجواب : كان هذا التحذير لأسباب كثيرة هي : أ ـ لشهرة هذا الكتاب وصيته الذائع . ب ـ لاعتماد كثير من أهل التغريب عليه . جـ ـ لما حواه من أخبار فيها قدح في الإسلام والصحابة والخلفاء والولاة الصالحين العادلين . د ـ لحرص غير واحد من المعاصرين على إظهار ما فيه على أنه حق وصدق ، وقد كتب في ذلك وحرص عليه شفيق جبري في كتاب دراسة الأغاني الذي وضعه بتشجيع من طه حسين والخلاصة أن هذا الكتاب على الرغم من قيمته الأدبية وأسلوبه القوي الأخَّاذ ، إلا أن أخباره ومادته تحتاج إلى وقفات ونقدات(2) . __________ (1) أبو الفرج الأصفهاني صـ 235 ، كتب حذر منها العلماء (2/30) . (2) كتب حذر منها العلماء (2/30 ، 31) . (1/262) * قال الأستاذ وليد الأعظمي في كتابه السيف اليماني في نحر الأصفهاني في مقدمة كتابه بعد كلام : من هنا بدأت أنظر إلى كتاب الأغاني نظرة جديدة ، ورجعت إلى كتب التضعيف ، والتوثيق والجرح والتعديل ، فوجدت الأصفهانيِّ رجلاً غير مأمون ، ولا يوثق به عند علمائنا الأجلاَّء المدقِّقين الممحِّصين وسلخت من عمري سنتين كاملتين متفرغاً لكتاب الأغاني أتملَّ نصوصه ، وأقواله ، وأقف عند كل خبر من أخباره ، حتى فلَّيت سطوره وكلماته ، واستخرجت قَمْلَه من بين شعراته، واصطبرت عليه اصطبار المجاهدين المرابطين على الثغور ، فرأيت نيران الشعوبية والحقد وهي تغلي في الصدور كغلي القدور ، وشعرت بنبال الأعداء تتوجَّه إلينا ، وسهامهم تنثال علينا ، ورددت قول الشاعر : ……لو كان سهماً واحداً لاتَّقَيْتُهُ ………………ولكنه سهم وثانٍ وثالث (1/263) فشمرت عن ساعد الجد لأميز الهزل من الجدّ والسمَّ من الشهد ، .. ورحت أفحص رجال السند الذين روى عنهم الأصفهاني ، وبحثت عنهم في كتب نقد الرجال ، وقرأت ما جاء فيهم من أقوال ، فوجدت فيهم كل داهية دهياء ، وبلية سوداء عمياء من الكذابين والمجروحين والمطعون عليهم ، فعزلت أولئك الكذابين وعرّفت بهم ، ثم رحت أحصي روايات الأصفهاني عن كل واحد من هؤلاء ، وهالني ما رأيت من الاعتماد على أولئك الكذابين والرواية عنهم ، والاستقاء من دلائهم ، والاستضاءة بنارهم ورأيت نفسي في وادٍ سحيق رهيب ، ودخلت في كهف مظلم كئيب وإذا كان أولئك الرواة يكذبون في رواية الحديث النبوي الشريف ، فكيف بهم في أخبار الناس وقد تورَّعوا إلى مذاهب وفرق وطوائف ، تتجاذبهم الأهواء والمشارب والمنافع ، وتتقاذف بهم المقاصد والأهداف ؟ وإذا كان الأغناني كتاب أدب وسمر وغناء وليس كتاب علم وتاريخ وفقه ، فليس معنى ذلك أن نسكت عمّا ورد فيه من الدس والكذب الفاضح والطعن والمعايب ، وقد جمع فيه الأصفهاني كثير من أخبار السيرة والتفسير والفقه والأدب إلى أن قال .. واحتوى الفصل الثاني أخباراً وحكايات أوردها الأصفهاني عن آل البيت النبويِّ الشريف ، وهي أخبار تسئ إليهم ، وتجرح سيرتهم ، وتشوِّه سلوكهم ، وتوهِّن أمرهم بما يوافق هوى آل بويه الذين يزعمون الولاء لآل البيت كذباً وزوراً ، وقد ناقشت تلك الأخبار وعلَّقت على كل حكاية بما يناسبها .. وجعلت الفصل الرابع للأخبار والحكايات المتفرقة التي طعن فيها الأصفهاني بالعقائد الإسلامية ، ولعْن دين الإسلام وتفضيل الجاهلية على الإسلام ، مع الكفر البواح والاستخفاف بالصلاة والحج ويوم القيامة ، مع دفاع عن البرامكة وإشادة بالفرس ، وطعون مختلفة بأعلام العرب والمسلمين ، وناقشت كل تلك الأخبار ، وعلَّقت عليها بما يناسب أيضاً(1) . إلى أن قال في الخاتمة : بعد هذه الجولة الواسعة في كتاب __________ (1) السيف اليماني صـ 10 ـ 13 . (1/264) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ، والوقوف عند أخباره ومناقشتها والتعليق عليها ، أرجو أن يكون القرئ الكريم قد تبيَّن مقاصد هذا الشعوبي الحاقد اللئيم ، وقد غضضت وصرفت القلم عن أخبار فظيعة وحكايات شنيعة لا يكتبها أشدُّ الناس عداوة وبغضاً للعرب والمسلمين ، فقد اتّهم كثيراً من أعلامهم باللواطة ، وكريم نسائهم بالسحاق ، وألصق بهم السخائم من ذميم الخصال وقبيح الفعال ، متستراً بظلال الأدب والسمر والمذاكرة والمؤانسة ، كأن ذلك لا يحصل إلا بشتم سلف هذه الأمة المجيدة في تاريخها وخُلُقها(1) . __________ (1) السيف اليماني صـ 264 . (1/265) وقال أنور الجندي : ركز التغريب والغزو الثقافي على كتابي الأغاني وألف ليلة تركيزاً شديداً بهدف رفعهما إلى مرتبة المراجع الأساسية التي يعتمد عليها في تصوير المجتمع الإسلامي ، مع تجاهل عيوب الكتابيين التي تحول دون اعتمادها في المصادر الموثوق بها أما الأول ، فكاتبه شعوبي عدو للإسلام وأما الثاني ، فهو كتاب لقيط ليس مؤلف ، أما كتاب الأغاني ، فهو موسوعة في بضع وعشرين مجلداً ، وضعها أبو فرج الأصفهاني ليسامر بها الأمراء والفارغين من المترفين في أسمار الليل ، ولم يقصد بها إلى العلم أو التاريخ ، وكان الأصفهاني في نفسه إنساناً رافضاً لمجتمع المسلمين والعرب ، وله ولاء بالمولد والفكر جميعاً إلى خصوم المسلمين والباطنية والرافضة وغيرهم ، ولم يكن عمله هذا إلا نوعاً من الحرب العنيفة التي شنتها الشعوبية على الإسلام والمسلمين ، رغبة في هدم فكرهم كوسيلة إلى هدم مجتمعهم وقد حرص التغريب وأصحابه نظرية النقد الأدبي الغربي الوافدة على إلقاء الأضواء الساطعة على هذا الكتاب وإحيائه ، واعتباره مرجعاً في الدراسات الأدبية ومصدراً لتصوير المجتمع الإسلامي ، وكان الدكتور طه حسين جزاه الله بما هو أهله من أبرز من دعوا إلى ذلك وألحوا عليه ، فقد عمد إلى الأغاني نفسها ، فأصدر اعتماداً على قصصها أحكاماً زائفة على مجتمع المسلمين وتاريخهم أراد بها المساهمة في عملية التغريب الضخمة والتي كانت تجري في الثلاثينيات من هذا القرن(1) وقال : على أن أقل مواجهة لسيرة الأصفهاني تكشف عن أنه كان من الشعوبيين ، وقد عرف بالتحايل والإغراق ، وأثبت كثير من الباحثين والمؤرخين أنه لم يكن مؤرخاً وأكدوا أن كتابه لا يصلح لأن يكون مادة تاريخ ، وإنما هو جماع لقصص وجدها في الكتب والأسواق وأراد بها أن يسجل للأغاني والمغنيين ، وهو جانب واحد في حياة المجتمع الإسلامي الحافل بالجوانب __________ (1) مؤلفات في الميزان صـ 100 ، كتب حذر العلماء منها (2/38) . (1/266) السياسية والاجتماعية والفقهية والصوفية ، وقد شهد عليه الكثير من معاصريه ومؤرخيه بالإنحراف ودمغه المؤرخ اليوسفي بشهادة هي في نظر العلماء كمصدر موثوق به ، إذ قال : إن أبي الفرج أكذب الناس ، لأنه كان يدخل سوق الورقين وهي عدة من الدكاكين مملوءة بالكتب ، فيشتري منها شيئاً كثيراً في الصحف ويحملها إلى بيته ، ثم تكون رواياته كلها منها(1) ، وذكر عنه صاحب معجم الأدباء قوله : كان شأنه في معاقرة الخمر ، وحب الغلمان ، ووصف النساء شأن الشعراء والأدباء الذين كانوا في عصره أو قبله ، حيث يقدم دهاقين الخمارين ، وجلهم من النصارى واليهود والصابئين والمجوس ، وقد عرف بمعاقرته للخمر ولم تكن له عناية بتنظيف جسمه وثيابه(2) .. ثم قال أنور الجندي : ولست أدري كيف يصلح مثل هذا الكتاب مرجعاً في نظر الباحثين أو يمكن أن يؤتمن على رأي أو قول ، ولقد عودتنا مناهج الفكر الإسلامي أن تنظر إلى كاتبه ، فإن وجدناه كريماً أميناً موضع تقدير الناس بالصدق والحق ، قبلنا منه ، وإلا رفضنا ما يقدمه ولو كان صادقاً في بعضه(3) ثم قال تحت عنوان ، كتاب مجنون وخلاعة ما نصه : فقد كان الأصفهاني مسرفاً ، أشنع في الإسراف في الملذات والشهوات ، وقد كان لهذا الجانب في تكوينه الخلقي أثر ظاهر في كتابه ، فإن كتاب الأغاني أحفل كتاب بأخبار الخلاعة والمجون ، وهو حين يعرض للكتاب والشعراء يهتم بسرد الجوانب الضعيفة في أخلاقهم الشخصية ويهمل الجوانب الجدية إهمالاً ظاهراً يدل على أنه كان قليل العناية بتدوين أخبار الجد والرزانة والتجمل والاغتسال ، وهذه الناحية من الأصفهاني أفسدت كثيراً من آراء المؤلفين الذين اعتمدوا عليه ، ونظرة فيما كتبه جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية ، وما كتبه طه حسين في حديث الأربعاء تكفي للاقتناع بأن الاعتماد على __________ (1) كتب حذر العلماء منها (2/38) . (2) معجم الأدباء (5/153) . (3) مؤلفات في الميزان صـ 100 إلى 103 . (1/267) كتاب الأغاني جر هذين الباحثين إلى الحط من أخلاق الجماهير في عصر الدولة العباسية ، وحملها على الحكم بأن ذلك العصر كان عصر فسق وشك ومجون ولا شك أن إكثار الأصفهاني من تتبع سقطات الشعراء وتلمس هفوات الكتاب جعل في كتابه جوّاً مشبعاً بأوزار الإثم ، والغواية ، وأذاع في الناس فكرة خاطئة هي اقتران العبقرية بالترف والطيش(1) . إن الخطر كل الخطر أن يطمئن الباحثون إلى أن لروايات الأغاني قيمة تاريخية ، وأن يبنوا على أساسها ما يثيرون من حقائق التاريخ ، ولقد كان من أخطر أعمال التغريب هو توجيه الباحثين إلى اتخاذ الأغاني مصدراً لدراسة المجتمع الإسلامي ، بينما قصر عند جانب واحد هو جانب اللهو ، ولم يتعرض للجوانب الأخرى الجادة في المجتمع وهي متعددة ، ومن هنا يوحي حين الاعتماد عليه كمصدر أن الحياة الإسلامية في القرن الثاني الهجري كانت لهواً ، وهو ما صرح به طه حسين ورده الكثيرون وكشفوا زيفه .. كذلك اعتمد المستشرق لامنس على كتاب الأغاني في كتابه تاريخ بني أمية ، وكذلك ما أورده المستشرق فلهوزن في كتابه ((الدولة العربية وسقوطها)) ويحاول جبور عبد النور أن يدافع عن الأصفهاني فيسأل : أفمن الضروري إن كان المؤرخ فاسقاً أو مسرفاً يتتبع الإسراف في اللذات والشهوات أن لا يكون مؤرخاً وألا يكون صادقاً فيما يروي أو يقول أو يكتب ؟ ونحن نقول له : نعم ، في فكرنا الإسلامي ، فإن لم يكن في الفكر الغربي كذلك ، فهذا أمر آخر ، إن فكرنا الإسلامي وضع قواعد البحث والنقد والعلم على أساس الارتباط الجذري بين علم الباحث وشخصيته ، فإن كان منحرفاً في حياته ، مضطرباً في شخصيته ، بعيداً عن الأخلاق والدين ، فنحن نرفضه مصدراً علمياً ولا نقبل له شهادة ، والأصفهاني بشهادة الجميع من أنصاره وخصومه على السواء مهدور الرأي ساقط الشهادة ، وإن فسقه الشخصي قد أدخل كثيراً من __________ (1) المصدر نفسه صـ 100 إلى 103 نقلاً عن كتب حذر العلماء منها (2/40) . (1/268) هواه على ما أورده ، فضلاً عن انحرافه الفكري والعقائدي والاجتماعي مما يفسد آراءه إفساداً ، بالإضافة إلى أن كتاب الأغاني ليس مرجعاً علمياً ، ولكنه من كتب التسلية والسمر التي كتبت لتزجية فراغ بعض المترفين ، ومن هنا فإنه لا يصلح أساساً كمصدر للعلم أو مرجعاً للبحث في الأدب والتاريخ(1) . ولقد كان لهذا الكتاب أثر كبير في تشويه تاريخنا ولذلك وجب التحذير منه . 2 ـ نهج البلاغة : …من الكتب التي ساهمت في تشويه تاريخ الصحابة بالباطل كتاب نهج البلاغة ، فهذا الكتاب مطعون في سنده ومتنه ، فقد جمع بعد أمير المؤمنين بثلاثة قرون ونصف بلا سند ، وقد نسبت الشيعة الرافضة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصاً فيما يوافق بدعته فكيف إذا لم يسند كما فعل في النهج ؟ وأما المتهم ـ عند المحدثين ـ بوضع النهج فهو أخوه علي(2) ، فقد تحدث العلماء فيه فقالوا : قال ابن خلكان في ترجمة الشريف المرتضى : وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هل جمعه ؟ أم جمع أخيه الرضي ؟ وقد قيل : إنه ليس من كلام علي ، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه(3) والله أعلم . __________ (1) مؤلفات في الميزان صـ 100 إلى 103 . (2) الأدب الإسلامي ، نايف معروف صـ 53 . (3) الوفيات (3/134) . (1/269) وقال الذهبي في ترجمة المُرتضى أبي طالب علي بن حسين بن موسى الموسوي المتوفى سنة 436هـ : هو جامع كتاب نهج البلاغة المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه ، ولا أسانيد لذلك ، وبعضها باطل وفيه حق ، لكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها ، ولكن ، أين المنصف ؟ وقيل : بل جَمْعُ أخيه الشريف الرَّضي(1) وقال أيضاً : وفي تواليفه سبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنعوذ بالله من علم لا ينفع(2) ، وقال أيضاً في ترجمته : وهو المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة ، وله مشاركة قويّة في العلوم ، ومن طالع كتابه نهج البلاغة ، جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه ، ففيه السّبُّ الصّراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة ، وبنفس غيرهم ممّن بعدهم من المتأخرين ، جزم بأن الكتاب أكثره باطل(3) . __________ (1) كتب حذر منها العلماء (2/250) ، الميزان (1/200) . (2) سير أعلام النبلاء (17/589 ، 590) . (3) ميزان الاعتدال (3/124) ، لسان الميزان (4/223) . (1/270) وقال ابن تيمية : .. وأيضاً ، فأكثر الخطب التي ينقلها صاحب نهج البلاغة ، بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ، فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال : إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق ، فقد أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق .. وأيضاً فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام عليّ موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيراً من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يُحكى عن عليّ أنه تكلَّم به ، ومنه ما هو كلام حقُّ يليق به أن يتكلم به ، ولكن هو في نفس الأمر من كلام غيره ، ولهذا ، يوجد في كلام "البيان والتبيين" للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول عن غير عليّ ، وصاحب "نهج البلاغة" يجعله عن علي ، وهذه الخطب منقولة في كتاب نهج البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه ، لكانت موجودة قبل هذا المصنَّف ، منقولة عن عليّ بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عَرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيراً منها ((بل أكثرها)) لا يُعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن الذي نقله عن عليّ ، وما أسناده ؟ وإلا فالدعوة المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبيّن صدقها من كذبها ، عَلِم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن عليّ من أبعد الناس عن المنقولات ، والتمييز بين صدقها وكذبها(1) . __________ (1) منهاج السنة (8/55 ـ 56) كتب حذر العلماء منها (2/256) . (1/271) وقال العلامة المقبلي : أخرج البخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال : اقضوا كما كنتم تقضون ، فإني أكره الخلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي . قال : وكان ابن سيرين يرى عامة ما يرون عن علي رضي الله عنه كذباً ، وصدق ابن سيرين رحمه الله ، فإن كل قلب سليم ، وعقل غير زائغ عن الطريق القويم ، ولب تدرب في مقاصد سالكي الصراط المستقيم ، يشهد بكذب كثير مما في نهج البلاغة الذي صار عند الشيعة عديل كتاب الله بمجرد الهوى الذي أصاب كل عرق منهم ومفصل ، وليتهم سلكوا مسلك جلاميد الناس ، وأوصلوا ذلك إلى علي برواية تسوغ عند الناس ، وجادلوا عن رواتها ، ولكن ، لم يبلغوا بها مصنفها(1) . ويمكن تلخيص أهم ما لاحظه القدامى والمحدثون على نهج البلاغة للتشكيك بصحة نسبته للإمام علي بما يلي : خلوَّه من الأسانيد التوثيقية التي تعزز نسبة الكلام إلى صاحبه متناً ورواية وسنداً . كثرة الخطب وطولها ، لأن هذه الكثرة وهذا التطويل ممّا يتعذر حفظه وضبطه قبل عصر التدوين . رصد العديد من الأقوال والخطب في مصادر وثيقة منسوبة لغير علي رضي الله عنه ، وصاحب النهج يثبتها له . اشتمال هذا الكتاب على أقوال تتناول الخلفاء الراشدين قبله بما لا يليق به ولا بهما ، وتنافي ما عُرف عنه من توقيره لهما بالأسانيد الصحيحة ، ومن أمثلة ذلك ما جاء بخطبته المعروفة بـ"الشقشقية" التي يظهر فيها حرصه الشديد على الخلافة ، رغم ما شُهر عنه من التقشّف والزهد . شيوع السجع فيه ، إذ رأى عدد من الأدباء أن هذه الكثرة لا تتّفق مع البعد عن التكلّف الذي عُرف به عصر الإمام علي رضي الله عنه ، مع أن السجع العفوي الجميل لم يكن بعيداً عن روحه ومبناه . __________ (1) العلم الشامخ صـ 237 ، كتب حذر العلماء منها (2/251) . (1/272) الكلام المنمق الذي تظهر فيه الصناعة الأدبية التي هي من وَشْي العصر العباسي وزخرُفه ، ما نجد في وصف الطاؤوس والخفّاش ، والنحل والنمل ، والزرع والسحاب وأمثالها . الصيغ الفلسفية والمقالات الكلامية التي وردت في ثناياه ، والتي لم تُعرف عند المسلمين إلا في القرن الثالث الهجري ، حين ترجمت الكتب اليونانية والفارسية والهندية ، وهي أشبه ما تكون بكلام المناطقة والمتكلمين منه بكلام الصحابة والراشدين(1) إن هذا الكتاب يجب الحذر منه في الحديث عن الصحابة ومن أراد الاستفادة منه فعليه أن يعرض المسائل العقائدية وحديثه عن الصحابة والأحكام التي فيه على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وافق الكتاب والسنة ، فلا مانع من الاستئناس به وما خالف فلا يلتفت إليه . لقد نقل صاحب كتاب الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي خطباً ورسائل وحوارات للحسن بن علي بن أبي طالب مع معاوية رضي الله عنه والمتعلقة بخلافته وعهده أكثرها لا يصح(2) ، واعتمد على مصادر ضعيفة واهية ، كالأغاني ونهج البلاغة وغيرها من الكتب التي لا يمكن لطالب علم يحترم الحقيقة العلمية والموضوعية والحيادية أن يعتمد عليها في البحث التاريخي الجاد الذي يراد به وجه الله تعالى . المبحث الثاني : أهم صفاته وحياته في المجتمع : أولاً أهم صفاته : __________ (1) الأدب الإسلامي صـ 54 ، 55 . (2) الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصر الأموي صـ 76 إلى 100 . (1/273) …إن شخصية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه تعتبر شخصية قياديّة ، وقد اتصف رضي الله عنه بصفات القائد الرّباني ، فمن أهم هذه الصِّفات : إيمانه العظيم بالله واليوم الآخر ، والعلم الشرعيُّ ، والثقة بالله ، والقدوة ، والصِّدق ، والكفاءة ، والشَّجاعة ، والمروءة ، والزُّهد ، وحب التضحية ، والتّواضع ، وقبول النصيحة ، والحلم والصَّبر ، وعلو الهمَّة ، والحزم ، والإدارة القويَّة ، والعدل ، والقدرة على حلِّ المشكلات ، وغير ذلك من الصِّفات ، وبسبب ما أودع الله فيه من صفات القيادة الربانية استطاع أن يقدم مشروعه الإصلاحي مع قدرته على التنفيذ والتغلب على العوائق في الطريق وتوّجت جهوده الفذة بوحدة الأمة ومن أهم تلك الصِّفات التّي نحاول تسليط الأضواء عليها هي : 1 ـ العلم : (1/274) …تربى الحسن في بيت النبوة ، فتأثر بجده صلى الله عليه وسلم ووالدته السيدة فاطمة في طفولته واستفاد من والده العلم الغزير ، فقد اهتم به اهتماماً كبيراً ، وكان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يعلم الناس كتاب الله ومن بينهم أبنائه ومنهم أمير المؤمنين الحسن والحسين فتعلموا منه منهجه لبيان الحكم الشرعي وطريقته في الاستنباط والتي كانت ملامحها ، الالتزام بظاهر القرآن الكريم ، حمل المطلق على المقيد ، وحمل المجمل على المفسر ، والعلم بالناسخ والمنسوخ ، والنظر في لغة العرب ، وفهم النص بنص آخر ، والسؤال عن مشكله ، والعلم بمناسبة الآيات ، وتخصيص العام ، ومعرفة عادات العرب وأحوالهم ، وقوة الفهم وسعة الإدراك ، وكان القرآن الكريم لذلك الجيل ومنهم الحسن بن علي هو المنهج التربوي ومع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فكانت للآيات القرآنية الكريمة التي سمعها من والده أمير المؤمنين علي أثرها في علمه وصياغة شخصيته ، فقد تطهر قلبه وزكت نفسه ، وتفاعلت معه روحه ، فأبصر الحقائق الكبرى في عالم الوجود ، وكان من شيوخه الذين حفظ عليهم القرآن الكريم عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلُّمي ، مقري الكوفة وكان لأبيه صحبة روى عن علي رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان وقد أخذ القراءة عنه عاصم وعطاء والحسن والحسين رضي الله عنهم وكان يقرئ عشرين آية بالغداة وعشرين آية بالعشي وكان فقيهاً وتوفي في الكوفة في خلافة عبد الملك بن مروان وكان ثقة كثير الحديث(1) ، وعن عبد الله بن المبارك عن عطاء بن السائب قال : دخلنا على أبي عبد الرحمن السُّلمي ـ وهو يقضي أي ينزع في المسجد ، فقلنا له : لو تحولت إلى الفرش فإنه أوثر(2) . قال : حدثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلآّه ينتظر الصلاة(3) __________ (1) تهذيب التهذيب (5/183 ـ 184) ، الطبقات (2/173) . (2) أوثر : أوطأ . (3) كتاب الزهد ، رقم 420 صـ 141 ـ 142 . (1/275) ، وفي رواية ابن سعد : الملائكة تقول : اللهم اغفر له ، اللهم أرحمه . قال أبو عبد الرحمن السُّلمي : فأريد أن أموت وأنا في مسجدي(1) ، وكان منهجه رحمه الله في تعليم القرآن الكريم منهج الصحابة الكرام ، فعن أبي عبد الرحمن السُّلمي قال : حدّثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ـ كعثمان بن عفّان ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهما : أنَّهم كانوا إذا تعلَّموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يتجاوزها حتى يتعلموا ما فيها من العلم ، والعمل ، قالوا : فتعلَّمنا القرآن والعلم ، والعمل جميعاً ، ولهذا كانوا يبقون مدّة في حفظ السُّورة(2) ، ويعتبر أبو عبد الرحمن السُّلمي شيخ الحسن بن علي في القرآن الكريم من أشهر تلاميذ عثمان بن عفان رضي الله عنه(3) وقد سار الحسن بن علي على نفس الطريقة في حفظ وفهم والعمل بالقرآن الكريم . نظرة أمير المؤمنين الحسن لله والكون والحياة والجنة والنار : قد عرف الحسن من خلال القرآن الكريم وتربية والده أمير المؤنين علي من هو الإله الذي يجب أن يعبده ، فأصبحت نظرة الحسن بن علي إلى الله عز وجل ـ والكون ، والحياة ، والجنّة والنَّار ، والقضاء والقدر ، وحقيقة الإنسان ، وصراعه مع الشيطان مستمدة من القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم . فالله سبحانه وتعالى منَّزهُ عن النقائص ، موصوف بالكمالات التي تتناهى فهو سبحانه واحد لا شريك له ، ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً . وأنَّه سبحانه حدّد مضمون هذه العبودية ، وهذا التّوحيد في القرآن الكريم(4) . __________ (1) الطبقات الكبر (6/174/175) . (2) الفتاوى (13/177) . (3) تيسير الكريم المنّان في سيرة عثمان بن عفان صـ 25 . (4) منهج الرسول في غرس الروح الجهاديّة صـ 10 إلى 16 . (1/276) وأما نظرته للكون ، فقد استمدّها من قول الله تعالى : ((قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)) (فصلت ، آية : 9 ـ 12) . وأما هذه الحياة مهما طالت ، فهي إلى زوال ، وأنّ متاعها مهما عظم ، فإنه قليل حقير ، قال تعالى : ((إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) (يونس ، آية : 24) . (1/277) وأما نظرته إلى الجنة ، فقد استمدها من خلال الآيات الكريمة فأصبح هذا التصور مهيمناً على نفسه ، فيرى المتتبِّع لسيرة الحسن بن علي رضي الله عنه عمق استيعابه لفقه القدوم على الله عز وجل ، وشدّة خوفه من عذاب الله ، وعقابه وأما مفهوم القضاء والقدر فقد استمدَّه من كتاب الله ، وتعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، فقد رسخ مفهوم القضاء والقدر في قلبه كما قال تعالى : ((قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) (التوبة ، آية 51) . وعرف الحسن بن علي رضي الله عنه من خلال القرآن الكريم حقيقة الصِّراع بين الإنسان والشيطان ، وأن هذا العدوّ يأتي للإنسان من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله يوسوس له بالمعصية ، ويستثير فيه كوامن الشهوات ، فكان مستعيناً بالله على عدوِّه إبليس وانتصر عليه في حياته . وتعلّم من خطئية آدم ضرورة توكُّل المسلم على ربِّه ، وأهمية التوبة ، والاستغفار في حياة المؤمن ، وضرورة الاحتراز من الحسد ، والكبر ، وأهمية التخاطب بأحسن الكلام مع الصَّحابة لقول الله تعالى : ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)) (الاسراء ، آية : 53) . (1/278) لقد أكرم المولى ـ عز وجل ـ الحسن بن علي رضي الله عنه بالعيش مع القرآن الكريم ، فعاش به ، واستمد أصوله ، وفروعه من كتاب الله ، وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح من أئمة الهدى ، الذين يرسمون للنَّاس خطَّ سيرهم ، ويتأسَّى النَّاس بأقوالهم ، وأفعالهم في هذه الحياة ، وكان رضي الله عنه من أهل القرآن ولذلك كانت خطبه بالقرآن الكريم فقد روي عنه رضي الله عنه بأنه خطب يوم الجمعة فقرأ سورة إبراهيم على المنبر حتى ختمها(1) وقد كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قرأ سورة ق حتى ختمها ،. فقد روى مسلم عن أم هشام بنت حارثة قالت : ما أخذت "ق ، والقرآن المجيد" إلا من لسان رسول الله يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس(2) ، وروى عن ابن ماجة عن أبي بن كعب قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة "تبارك" وهو قائم ، فذكرنا بأيام الله ، وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني فقال : متى أنزلت هذه السورة ؟ فإني لم أسمعها إلى الآن ، فأشار إليه أن سكت(3) ، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته : كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يخطب بالقرآن(4) ، ولذلك كان الحسن بن علي رضي الله عنه يوجِّه الناس بآيات القرآن الكريم ويتلوها عليهم ، ملتزماً بالمنهج النبوي في قراءته للقرآن بإتقان وتركيز وتدبر وخشوع ، وتحسين للصوت ، فتهتز لها القلوب وتذرف لها الدموع . وإذا حاولنا أن نتأمل في سورة إبراهيم عليه السلام التي قرأها على المنبر كاملة نلاحظ بأن أهم مواضيعها هي : __________ (1) الطبقات ، تحقيق السُّلمي (1/278) إسناده ضعيف . (2) مسلم رقم 873 . (3) سنن ابن ماجة رقم 1111 إسناده حسن . (4) زاد المعاد (1/43) . (1/279) ـ إثبات أصول العقيدة من الإيمان بالله وبالرسل وبالبعث والجزاء وإقرار التوحيد ، والتعريف بالإله الحق خالق السَّماوات والأرض ، وبيان الهدف من إنزال القرآن الكريم ، وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النُّور ، واتَّحاد مهمة الرُّسل ودعوتهم في أصول الاعتقاد والفضائل وعبادة الله والإنقاذ من الضلال . ـ الوعد والوعيد : ذمَّ الكافرين ووعيدهم على كفرهم وتهديدهم بالعذاب الشديد ، ووعد المؤمنين على أعمالهم الطِّيِّبة بالجنان (الآية 2 ، والآية 23 ، والآيات 28 ـ 31) . ـ الحديث عن إرسال الرُّسل بلغات أقوامهم ، لتسهيل البيان والتفاهم (الآية : 4) . ـ تسلية الرّسول صلى الله عليه وسلم ببيان ما حدث للرُّسل السابقين مع أقوامهم : قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، والتذكير بعقابهم ، كما في الآيات (9 ـ 12) والآيات (13 ـ 18) . ـ ابتداء من بين قصص بعض الأنبياء المتقدمين عليهم السّلام بمحاورة موسى لقومه ودعوته إيَّاهم لعبادة الله تعالى (الآيات 5 ـ 8) . ـ ابتداء من بين قصص بعض الأنبياء المتقدمين عليهم السّلام بمحاورة موسى لقومه ودعوته إيَّاهم لعبادة الله تعالى (الآيات 5 ـ 8) . ـ دعوات إبراهيم عليه السَّلام بعد بناء البيت الحرام لأهل مكة بالأمان والرّزق وتعلُّق القلوب بالبيت الحرام ، وتجنيبه وذريَّته عبادة الأصنام ، وشكره ربه على ما وهبه من الأولاد بعد الكبر ، وتوفيقه وذريّته لإقامة الصَّلاة ، وطلبه المغفرة له ولوالديه وللمؤمنين (الآيات 53 ـ 41) . ـ بيان مشهد من مشاهد الحوار بين أهل النار في عالم الآخرة (الآيات 19 ـ 23) . ـ ضرب الأمثال لكلمة الحق والإيمان وكلمة الباطل والضَّلال بالشجرة الطيبة والشَّجرة الخبيثة (الآيات 24 ـ 27 ) . ـ التذكير بأهوال القيامة وتهديد الظالمين وبيان ألوان عذابهم (الآيات : 42 ـ 52) . (1/280) ـ بيان الحكمة من تأخير العذاب ليوم القيامة ، وهو ما ختمت به السورة(1) (الآيات : 51 ـ 52) . هذه أهم المواضيع التي اشتملت عليها سورة إبراهيم عليه السلام والتي خطب بها الحسن بن علي رضي الله عنه على المنبر لخطبة الجمعة ، كما كان الحسن بن علي رضي الله عنه إذا أوى إلى فراشه قرأ سورة الكهف ، وقد استهلت السورة ببيان وصف القرآن بأنه قيم مستقيم لا اختلاف فيه ولا تناقض في لفظه ومعناه ، وأنه جاء للتبشير ثم لفت النظر إلى ما في الأرض من زينة وجمال وعجائب تدل دلالة واضحة على قدرة الله تعالى ، وتحدثت السورة عن ثلاث قصص من روائع قصص القرآن الكريم وهي قصة أصحاب الكهف ، وقصة موسى مع الخضر ، وقصة ذي القرنين ، أما قصة سورة الكهف (9 ـ 26) فهي مثال عالٍ ، ورمز سام للتضحية بالوطن والأهل والأقارب والأصدقاء والأموال في سبيل العقيدة الصحيحة وإتباع الهدى ، فقد فرّ هؤلاء الشباب الفتية المؤمنون بدينهم من بطش الملك الوثني واحتموا في غار في الجبل ، فأنامهم الله ثلاثة مائة وتسع سنين سنة قمرية ، ثم بعثهم ليقيم دليلاً حسياً للناس على قدرته على البعث واتبع الله تعالى القصة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتواضع ومجالسة الفقراء المؤمنين وعدم الفرار إلى مجالسة الأغنياء لدعوتهم إلى الدين : ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ)) (الكهف ، الآية : 28) . ثم هدد الله تعالى الكفار بعد إظهار الحق ، وذكر ما أعده لهم من العذاب الشديد في الآخرة ((وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ)) (الكهف ، الآية : 29) وقارن ذلك بما أعده سبحانه من جنات عدن للمؤمنين الصالحين (30 ـ 31) . __________ (1) التفسير المنير (13/198 ، 199) . (1/281) …وأما قصة موسى مع الخضر في الآيات (60 ـ 78) فكانت مثلاً للعلماء في التواضع أثناء طلب العلم ، وأنه قد يكون عند العبد الصالح من العلوم في غير أصول الدين وفروعه ما ليس عند الأنبياء ، بدليل قصة خرق السفينة ، وحادثة قتل الغلام ، وبناء الجدار ، وأما قصة ذي القرنين في الآيات (83 ـ 99) فهي عبرة للحكام والسلاطين ، إذ أن هذا الملك تمكن من السيطرة على العالم ، ومشارق الأرض ومغاربها ، وبنائه السد العظيم بسبب ما اتصف به من التقوى والعدل والصلاح . وتخللت هذه القصة أمثلة ثلاثة بارزة رائعة مستمدة من الواقع ، لإظهار أن الحق لا يقترن بالسلطة والغنى ، وإنما يرتبط بالإيمان ، وأول هذه الأمثلة قصة أصحاب الجنتين (32 ـ 44) للمقارنة بين الغني المغتر بماله ، والفقير المعتز بإيمانه ، لبيان حال فقراء المؤمنين وحال أغنياء المشركين . وثانيها : مثل الحياة الدنيا (45 ـ 46) لإنذار الناس بفنائها وزوالها . وأردف ذلك بإيراد بعض مشاهد القيامة الرهيبة من تسيير الجبال ، وحشر الناس في صعيد واحد ، ومفجأة الناس بصحائف أعمالهم (47 ـ 49) وثالثها : قصة إبليس وإبائه السجود لآدم (50 ـ 53) للموازنة بين التكبر والغرور ، وما أدى إليه من طرد وحرمان وتحذير الناس من شر الشيطان ، وبين العبودية لله والتواضع ، وما حقق من رضوان الله تعالى ، وأردف ذلك بيان عناية القرآن بضرب الأمثال للناس للعظة والذكر وإيضاح مهام الرسل للتبشير والإنذار والتحذير من الأعراض عن آيات الله (54 ـ 57) وختمت السورة بموضوعات ثلاثة : أولها ـ إعلان تبديد أعمال الكفار وضياع ثمرتها في الآخرة (100 ـ 106) وثانيها ـ تبشير المؤمنين الذين عملوا الصالحات بالنعيم الأبدي (107 ـ 108) وثالثها ـ أن علم الله تعالى لا يحده حدود ولا نهاية(1) (109 ـ 110) وكانت آخر آية في السورة وبعدما بين المولى عز وجل كمال كلامه ، أمر تعالى محمداً __________ (1) التفسير المنير (16/ 197 ، 198 ، 199) . (1/282) صلى الله عليه وسلم بالتواضع فقال ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) (الكهف ، آية : 110) أي قل يا محمد لهم : ما أنا إلا بشر مثلكم في البشرية ، ليس لي صفة الملَكية أو الألوهية ، ولا علم لي إلا ما علمني الله ، إلا أن الله تعالى أوحى إلي أنه لا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد ، فلا شريك له في ألوهيته ، فمعبودكم الذي يجب أن تعبدوه هو معبود واحد لا شريك له ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) أي فمن آمن بلقاء الله ، وطمع في ثواب الله على طاعته ، فليتقرب إليه بصالح الأعمال ، وليخلص له العبادة ، وليجتنب الشرك بعبادة الله أحداً من مخلوقاته ، سواء أكان شركاً ظاهراً كعبادة الأوثان أو إدعاء غير الله تعالى أو النذر للمخلوقين أو اعتقاد أن الخلق ينفعون أو يغيرون بما لا يقدر عليه إلا الله أو صرف أنواع العبودية من خوف أو رجاء أو حب لغير الله مما لا ينبغي إلا لله ، أم شركاً خفياً كفعل شئ رياء أو سمعة وشهرة(1) ، والرياء هو الشرك الأصغر ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء(2) وقد جمعت الآية الكريمة شرطي قبول الأعمال ، إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله : ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا)) __________ (1) التفسير المنير (16/43) . (2) مسند أحمد (5/428 ـ 429) إسناده حسن . (1/283) والإخلاص لله وهو قوله : (( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) . …إن هذه المعاني الكريمة والآيات العزيزة كان الحسن بن علي يقرأها كل يوم بتمعن وتدبر ، فكانت لها تأثيرها على نفسه وفي حياته ، كما كان للحسن بن علي رضي الله عنه اهتمام بالسيرة النبوية الشريفة ، فقد كانت من ثقافة ذلك الجيل تعلم السيرة النبوية ، فقد قال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص : كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدها علينا ويقول هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها(1) وقال علي بن الحسن : كنا نُعلم مغازي رسول الله كما نعلم السورة من القرآن(2) ، وأما السنة النبوية ، فقد كان والده أمير المؤمنين علي أكثر الخلفاء الراشدين رواية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا راجع إلى تأخر وفاته عن بقية الخلفاء ، وكثرة الرواة عنه ، وانتشار طلبة العلم من التابعين الذين كانوا يكثرون السؤال ، ووقوع الأحاديث التي تقتضي البلاغ والرواية ، في أمور أخرى فنقلوا عنه ما بلغهم بأمانه ونزاهة وقد استفاد منه ابنه الحسن استفادة عظيمة أما من جده صلى الله عليه وسلم فقد توفي صلى الله عليه وسلم ، والحسن صغير كما هو معلوم ، فعقل عن رسول الله أحاديث وأموراً ذكرها منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد بينتها فيما مضى . وكان الحسن رضي الله عنه يحث أولاده على طلب العلم ، فقد دعا بنيه وبني أخيه فقال : يا بنيَّ وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين فتعلّموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته(3) ، وكان رضي الله عنه خطيباً مفوهاً ، فقد قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه للحسن ذات يوم : قم فاخطب الناس يا حسن . قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك فتغيب __________ (1) البداية والنهاية (2/242) . (2) المصدر نفسه ، السيرة النبوية للصَّلاَّبيِّ (1/6) . (3) الطبقات (1/292) إسناده حسن تحقيق السُّلمي . (1/284) عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه ، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم(1) ، ثم نزل فقال علي : ((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) (آل عمران ، آية : 34) . وقد ورث الحسن من جده صلى الله عليه وسلم ووالده رضي الله عنهم الخطابة والفصاحة والبلاغة وقوة البيان ، وقد ذكرت كتب التاريخ : أن علياً رضي الله عنه سأل ابنه ـ يعني الحسن ـ عن أشياء عن المُروءة ، فقال : يا بُنيّ ما السَّدادُ ؟ قال : يا أبتي السَّدادُ دفع المنكر بالمعروف . قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة . قال : فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المرءِ مالَه . قال : فما الدِّقَّةُ(2) ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير(3) . قال : فما اللُّؤْم ؟ قال : إحراز المرءِ نفسه وبذله يحْرسَه قال : فما السماحة ؟ قال : البذل في العسر واليسر . قال : فما الشُّح ؟ قال : أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً . قال : فما الإخاء ؟ قال : الوفاء في الشدة والرخاء . قال : فما الجُبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنّكول على العدو . قال : فما الغنيمة ؟ قال : الرغبة في التقوى ، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ ومَلْكُ النفس . قال فما الغنى ؟ قال : رضا النفس بما قسم الله لها وإن قلَّ ، فإنما الغنى غنى النفس قال : فما الفقر ؟ قال : شره النفس في كل شئ . قال : فما الذلُّ ؟ قال : الفزع عند المصدوقة(4) . قال فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران . قال فما الكُلْفة ؟ قال : كلامك فيما لا يَعْنِيك . قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغُرم وأن تعفو عن الجُرم . قال فما العقل ؟ قال : قال : حفظ القلب كلَّ ما استرعيته . قال : فما __________ (1) الطبقات (1/276) إسناده ضعيف مرسل . (2) الدقة : الحقارة النهاية (2/127) . (3) الحقير هنا : الشئ اليسير . (4) المصدوقة : الحملة الصادقة ليس لها مكذوبة . (1/285) الخُرقُ(1) ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك . قال : فما الثناء . قال : إتيان الجميل وترك القبيح . قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة ، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم . قال فما الشَّرف ؟ قال : قال : موافقة الأخوان ، وحفظ الجيران قال : فما السَّفَهُ ؟ قال اتباعُ الدُّناة ، ومصاحبة الغُواة . قال : فما الغفلة ؟ قال : تركُك المسجد وطاعتك المفسد . قال فما الحرمان ؟ قال : تركك حظَّك وقد عُرض عليك . قال : فما السَّيِدُ ؟ قال : الأحمق في المال ، المتهاون بعرضه ، يُشْتَمُ فلا يجيب ، المحتزن بأمر العشيرة(2) هو السيد . ثم قال عليُّ : يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكفِّ ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا إيمان كالحياء ، ورأس الإيمان الصبر ، وآفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة الحلم السفه ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظَّرف الصَّلف ، وآفة الشجاعة البغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء وآفة الحبِّ الفخر . ثم قال علي : يا بُنيَّ ، لا تستخفَّنَّ برجل تراه أبداً فإن كان أكبر منك فعُدَّ أنه أبوك ، وإن كان مثلك فهو أخوك ، وإن كان أصغر منك ، فاحسب أنه ابنك . فهذا ما ساءل عليُّ ابنه عن أشياء من المروءة . قال القاضي أبو الفرج . ففي هذا الخبر من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه ووعاه ، وعمل به ، وأدّب نفسه بالعمل عليه ، وهذبها بالرجوع إليه ، وتتوفر فائدته بالوقوف عنده ، وفيما رواه أمير المؤمنين وأضعافه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما لا غنى لكل لبيب عليم ومدره(3) __________ (1) الخرق : الجهل والحمق . (2) المتحزن بأمر العشيرة : المهتم بأمرهم . (3) المدرة : زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم . (1/286) حكيم عن حفظه وتأمُّله ، والمسعود من هُدى لتقبُّله والمجدود(1) من وفق لامتثاله وتقبله(2) . وقد علق ابن كثير على هذا الأثر فقال : ولكنَّ هذا الأثر وما فيه من الحديث المرفوع ضعيف ومثل هذه الألفاظ في عبارتها ما يدل ما في بعضها من النّكارة على أنه ليس بمحفوظ والله أعلم(3) . وما دامت الأمور التي ذكرتها مع الكتاب والسنة لا تتعارض ولا تبنى عليها عقيدة أو عبادة وإنما تدعو إلى مكارم الأخلاق ، فلا مانع من الاستئناس بها . وقد سأل أمير المؤمنين علي ابنه الحسن كم بين الإيمان واليقين ؟ فقال الحسن رضي الله عنه : أربع أصابع . فقال أمير المؤمنين علي وكيف ؟ فقال الحسن : الإيمان كل ما سمعته أذناك وصدقه قلبك . واليقين ما رأته عيناك ، فأيقن به قلبك وليس بين العين والأذن إلا أربع أصابع(4) . ومن أقواله : حسن السؤال نصف العلم(5) ، وسئل عن الصمت فقال : هو ستر العين أو زين العرض وفاعله في راحة وجليسه في أمان(6) ، ومن علمه أنه أوصى بتعلم اللغة العربية(7) وتأكيده على تعلم اللغة العربية تأكيد على ضرورة تطبيق القواعد العلمية في القراءة وخاصة قراءة الآيات القرآنية ، لأن اللغة العربية هي اللغة التي أنزل الله بها القرآن كتابة ولفظاً وخاطب بها شرائع دينه وفرائض ملته وبها بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم رسالته وعلم بها سنته النبوية الشريفة المطهرة وبها ألفت الكتب الدينية والكتب العلمية وكتب الحكمة . فلا بد للناشئ من تعلمها ، وإلا كان جاهلاً بالدين منقوصاً في العلم ، __________ (1) المجدود : المحظوظ . (2) البداية والنهاية (11/202) . (3) المصدر نفسه (11/202) الطبراني الكبير ، حديث موضوع . (4) التبيين في أنساب القرشيين صـ 127 . (5) نور الأبصار للشبلنجي صـ 122 ، الحسن بن علي رسالة ماجستير صـ 38 . (6) من أقوال الصحابة صـ 67 نقلاً عن الحسن بن علي رسالة ماجستير صـ 38 . (7) مفتاح السعادة ، أحمد مصطفى (2/82) نقلاً عن الحسن بن علي . (1/287) إضافة إلى ما تمتاز به هذه اللغة من الفصاحة والبيان والطلاوة على اللسان والحلاوة في الإسماع والآذان(1) . ومن الأمور التي تؤكد تمكن الحسن بن علي من اللغة العربية ، فقد كان يعد من فصحاء العرب ، فقد قال عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن بن علي رضي الله عنهما(2) ، وقد كان للحسن بن علي تلاميذ نجباء منهم ابنه الحسن ، والمسيب بن نجبة ، وسويد بن غفلة ، والعلاء بن عبد الرحمن ، والشعبي ، وهبيرة بن يريم والأصبغ بن نباته ، وجابر بن خالد ، وأبو الحوراء ، وعيسى بن مأمون بن زرارة ويقال ابن المأموم وأبو يحي عمير بن سعيد النّخعي ، وأبو مريم قيس الثقفي ، وطحرب العجلي ، وإسحاق بن يسار والد محمد بن إسحاق وسفيان بن الليل ، وعمر بن قيس الكوفيون(3) . ويظهر غزارة علمه ، ودقة فقهه في علم المصالح والمفاسد ، ومعرفته العميقة بمقاصد الشريعة في تقديمه وحدة الأمة وحفظ الدماء على المصلحة الخاصة من ملك الدنيا عندما تنازل لمعاوية . 2 ـ عبادته : …كان الحسن بن علي رضي الله عنه من المجتهدين في العبادة ومارس مفهوم العبادة الشامل في حياته ، فقد رضع لبان العبادة مع ما رضعه من معدن النبوة ، وتربية الزهراء التي جاءت إلى أبيها عليه الصلاة والسلام لتطلب خادماً ، فدلها على ما هو أفضل من ذلك ألا وهو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ، وقال لها ولزوجها في الليل وهما في الفراش : ألا تقومان تصليان؟ فأطل على الحياة في بيت الزهد والعبادة ، والورع والتقى ، والحلم والصبر ، وانغمس في هذه المفاهيم والمثل والمبادئ حتى غدا مثالاً من مثلها ، ومثالاً بها يضرب ، يشهد له بذلك معاصروه من الصحابة الأبرار . __________ (1) نصيحة الملوك صـ 350 للماوردي . (2) الكامل في التاريخ (4/132) نقلاً عن . (3) تاريخ دمشق (14/5) . (1/288) ـ ومن عاشره من الأخيار ، فقد كان عابداً بمعرفة ، مقبلاً على الله بيقين ، مدبراً عن الدنيا وشواغلها برضى واطمئنان ، ولهذا كان إذا توضأ وفرغ من الوضوء تغير لونه ، فقيل له في ذلك فقال : حق من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه(1) ، وقد ذكر ابن سعد قوله : ما رأيت أخوف من الحسن بن علي وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما(2) ، فكلما اقترب العبد من مولاه ، وتعرف على أسمائه وصفاته ، ونعوت كماله ، ازدادت هيبته وإجلاله وخوفه منه فهو سبحانه وتعالى يداول الأيام بين الناس قال تعالى : ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (آل عمران ، آية : 26) . يقلب الدول ، فيذهب بدولة ، ويأتي بأخرى والرسل من الملائكة ـ عليهم السلام ـ بين صاعد إليه بالأمر ، ونازل من عنده به ، وأوامره متعاقبة على تعاقب الآيات ، نافذة بحسب إرادته ، فما شاء كان كما يشاء في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يشاء من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تقدم ولا تأخر ، وأمره وسلطانه نافذ في السماوات وأقطارها ، وفي الأرض وما عليها وفي البحار ، وفي الجو وفي سائر أجزاء العالم وذراته ، يقلبها ، ويصرفها ويحدث فيها ما يشاء(3) ، قال تعالى : ((يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)) (السجدة ، آية : 5) . فهو سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات ، ولا في قرار البحار ، ولا تحت أطباق الجبال ، قال تعالى : ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا __________ (1) وفيات الأعيان (2/69) . (2) الطبقات الكبرى (5/398) . (3) الإيمان أولاً فكيف نبدأ به ، مجدي الهلالي صـ (1/289) إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) (الأنعام ، آية : 59) ، فاستشعار عظمة الله وجلاله ، ومعرفة أسمائه وصفاته تولد عند العبد خشية وخوفاً ومهابة من هذا الإله العظيم الذي يخضع له كل شئ(1) ((وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)) (الرعد ، آية : 15) . وكان الحسن بن علي رضي الله عنه إذا صَلَّى الغَداةَ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس في مصلاَّه يذكر الله حتى ترتفع الشمس ، ويجلس إليه من يجلس من سادات الناس يتحدّثون عنده ، ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيُسلِّم عليهن ، وربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله(2) . __________ (1) المصدر نفسه صـ 76 . (2) البداية والنهاية (11/193 ، 194) . (1/290) إن من السعداء الذين تصلِّي عليهم الملائكة أولئك الذين يجلسون بعد أداء الصلاة في مصلاَّهم ، ومما يدل على ذلك ما يلي : روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الملائكة تصلِّي على أحدكم ما دام في مصلآَّه الذي صلّى فيه ، ما لم يحدث(1) . اللهم أغفر له ، اللهم أرحمه(2) ، وإن جلس ينتظر الصلاة صلّت عليه الملائكة ، وصلاتهم عليه : اللهم أغفر له ، اللهم أرحمه(3) . وروى الإمام أحمد عن عطاء بن السائب قال : دخلت على أبي عبد الرحمن السلمي ، وقد صلّى الفجر ، وهو جالس ، فقلت : لو قمت إلى فراشك كان أوطأ لك . فقال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلّى الفجر ثم جلس في مُصلاّه صلت عليه الملائكة ، وصلاتهم عليه : اللهمَّ أغفر له ، اللهم أرحمه . ومن ينتظر الصلاة صلّت عليه الملائكة ، وصلاتهم عليه : اللهم أغفر له ، اللهم أرحمه(4) . وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ـ هل المكوث في المنزل بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن حتى تطلع الشمس ، ثم يصلّي ركعتي الشروق ، له نفس الأجر الذي يحصل بالمكوث في المسجد ؟ فأجاب : هذا العمل فيه خير كثير وأجر عظيم ، لكن ظاهر الأحاديث الواردة في ذلك أنه لا يحصل له نفس الأجر الذي وعد به إلا من جلس في مصلاّه في المسجد ، لكن لو صلّى في بيته صلاة الفجر لمرض أو خوف ، ثم جلس في مصلاّه ، يذكر الله أو يقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس ، ثم يصلي ركعتين فإنه يحصل له ما ورد في الأحاديث لكونه معذوراً حين صلّى في بيته ، وهكذا المرأة إذا جلست في مصلاّها بعد صلاة الفجر تذكر الله أو تقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس ، ثم تصلي ركعتين __________ (1) أي : حدثاً حقيقاً ، أي : ما لم يبطل وضوءه . (2) مسند أحمد رقم 8106 صححه أحمد شاكر . (3) مسند أحمد رقم 1218 حسنه أحمد شاكر . (4) مسند أحمد (2/305 ـ 306) حسّن إسناده أحمد شاكر . (1/291) فإنه يحصل لها ذلك الأجر الذي جاءت به الأحاديث(1) . إن الحسن بن علي رضي الله عنه يعلمنا أهمية الذكر في البكور ، ويرغبنا في ترك النوم في ذلك الوقت من خلال سيرته الربانية ولقد تحدث ابن القيم عن أهمية الذكر في البكور فقال : ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، فإنه وقت غنيمة ، وللسير في ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة ، ومنه ينشأ النهار ، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة ، فيجب أن يكون نومها كنوم المضطر(2) ، ولشرف هذا الوقت ، ولأهميته في السير إلى الله ، نجد الترغيب الشديد في إحيائه بالذكر ، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الفجر في جماعة ، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة(3) . قال ابن رجب : لما كان الحج من أفضل الأعمال والنفوس تتوق إليه لما وضع الله في القلوب من الحنين إلى ذلك البيت المعظم وكان كثيراً من الناس يعجز عنه ولا سيما كل عام ، شرع الله لعباده أعمالاً يبلغ أجرها أجر الحج ، فيتعوض بذلك العاجزون في التطوع(4) . __________ (1) مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة ، ابن باز (11/403ـ 404) . (2) تهذيب مدارج السالكين صـ 248 . (3) سنن الترمذي وقال الترمذي حديث حسن صحيح رقم 586 . (4) لطائف المعارف صـ 351 ، البدر في الحث على صلاة الفجر الدكتور عماد علي صـ 86 . (1/292) ويقول الأستاذ البنا : أيها الأخ العزيز ، أمامك كل يوم لحظة بالغداة ، ولحظة بالعشي ، ولحظة في السحر ، تستطيع أن تسمو فيها كلها بروحك الطهور إلى الملأ الأعلى ، فتظفر بخير الدنيا والآخرة وأمامك مواسم الطاعات ، وأيام العبادات ، وليالي القربات التي وجهك إليها كتابك الكريم ، ورسولك العظيم ، فأحرص أن تكون فيها من الذاكرين لا من الغافلين ومن العاملين لا من الخاملين ، واغتنم الوقت ، فالوقت كالسيف ، ودع التسويف فلا أضر منه(1) . __________ (1) الرقائق صـ 18 نقلاً عن مجلة مجلة الدعوى العدد 8 سنة 1951 ، الإيمان أولاً صـ 248 . (1/293) وكان الحسن بن علي رضي الله عنه يقول إذا طلعت الشمس: سمع سامع بحمد الله الأعظم لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، سمع سامع بحمد الله الأمجد لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير(1) ، وقد لازم الحسن بن علي ما ثبت عن رسول الله من أوراد وأذكار وأدعية ، وكان يحث الناس على الصلوات في المساجد وكان يقول من أدمن الاختلاف إلى المساجد رزقه الله احدى خصال : أخاً مستفاداً ورحمة مستترة له أو علماًَ مستطرفاً أو كلمة تدل على هدى أو يترك الذنوب خشية أو حياء(2) ، وكان رضي الله عنه من أهل القيام ، فقد كان رضي الله عنه يأخذ نصيبه من القيام في أول الليل وكان الحسين رضي الله عنه يأخذه من آخر الليل(3) ، فقيام الليل من الوسائل المهمة في إيقاظ الإيمان ، جربها الصالحون فوجدوا لها أبلغ الأثر في إحياء القلوب ، وقال ابن الحاج في المدخل : وفي قيام الليل من الفوائد جملة ، فمنها : أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق اليابس من الشجرة ، ومنها أنه ينور القلب ، ومنها أن موضعه تراه الملائكة من السماء يتراءى مثل الكوكب الدري لأهل الأرض ، ونفحه من نفحات قيام الليل تعود على صاحبها بالبركات والأنوار والتحف التي يعجز عنها الوصف(4) __________ (1) الطبقات (1/291) تحقيق السلمي إسناده صحيح . (2) عيون الأخبار (3/5) الحسن بن علي صـ 27 . (3) الزهد لابن حنبل صـ 171 ، رهبان الليل (1/403) للعفاني . (4) الإيمان أولاً صـ 172 . (1/294) إن قيام الليل شرف المؤمن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه استغناؤه عما في أيد الناس(1) ، ومهما كثرت دعاوي المحبة طولب أصحابها بالدليل ، وشهدت عليهم ساعات الليل ، فالبينة على من ادعى ، فأهل القيام هم الأشراف بين الناس ، أما أهل النوم والغفلة ـ من أمثالنا ـ فقد فضحتهم تلك الساعات ، فأسقطت ذكرهم ، وأدنت شرفهم(2) ، ومن سيرة الحسن بن علي نتعلم أهمية قيام الليل ، فبالليل يتم الغرس ، غرس بذور الإخلاص والصدق ، وعلى قدر غرسك سيكون الخير في قلبك ، وكلما ازدادت مساحته ، ازداد توالي الهدايا عليه من كل جانب ((إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)) (الأنفال ، آية : 70) . إن قيام الليل من أهم صور الشكر التي كان يمارسها الحسن بن علي رضي الله عنه ، فشكر الله ـ عز وجل ـ على نعمه التي لا تعد ولا تحصى غاية من غايات العبودية ، والشكر عمل ، والعبد الشكور هو الذي يظهر عليه أثر النعمة ، وأبلغ أثر للنعمة ينبغي أن يظهر على العبد هو زيادة الذل والانكسار والتعظيم لولي النعم(3) ، يقول تعالى : ((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ * أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألباب)) (الزمر ، آية : 8 ـ 9) . __________ (1) صحيح الجامع رقم 3701 السلسلة الصحيحة رقم 1903 . (2) الإيمان أولاً صـ 173 . (3) الإيمان أولاً صـ 174 . (1/295) فالآيات الكريمة تتحدث عن صنفين من الناس ، أنعم الله عليهما بنعمة .. الأول مرَّ بتجربة شديدة ، وكان في ضيق وهم فدع الله بصدق ففرج همه ، وكشف كربه ، لكنه أعرض عن شكره ، وعاد إلى غيِّه ، أما الآخر فقد سار في طريق الشكر بطول القنوت بالليل ، وـ والتضرع لله ـ عز وجل ويُعَقِّب القرآن على الحالتين بقوله تعالى : ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (الزمر ، آية : 9) ، لا يستوي الذين يعلمون حق الشكر النعم والذين لا يعلمون ذلك(1) قال الشاعر : ……القانتون المخبتون لربهم ………………الناطقون بأصدق الأقوال ……يحيون ليلهم بطاعة ربهم ………………بتلاوة وتضرع ، وسؤال ……وعيونهم تجري بفيض دموعهم ………………مثل انهمال الوابل الهطّال ……في الليل رهبان وعند جهادهم ………………لعدوهم من أشجع الأبطال ……بوجهم أثر السجود لربهم ………………وبها أشعة نوره المتلالي(2) __________ (1) الإيمان أولاً صـ 175 (2) رهبان الليل (1/365) . (1/296) وكان الحسن بن علي رضي الله عنه كثير الحج ، فقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ما ندمت على شئ فاتني في شبابي إلا إني لم أحج ماشياً ، ولقد حج الحسن بن علي خمساً وعشرية حجة ماشياً ، وإن النجائب لتُقاد معه ، ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى أنه يعطي الخف ويُمسك النعل(1) ، فهذا مثل من لزوم ما لا يلزم شرعاً يقوم به الحسن بن علي رضي الله عنهما ، حيث لازم الحج ماشياً خمساً وعشرين حجَّة ، وهذا يدل على فضيلة المشي في الحج ، كما يؤيد ذلك ندم ابن عباس رضي الله عنهما على عدم قيامه بذلك أيام شبابه ومداومة الحسن على ذلك على ما فيه من مشقة تدل على قوة إيمانه ورغبته الصادقة في المزيد من الأعمال الصالحة ، والمقصود بالمشي من الحج من مكة إلى عرفة ثم من عرفة إلى مكة ، وليس المقصود أن يحج الحاج ماشياً من بلده(2) , ومن سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه نتعلم أهمية السياحة إلى البيت الحرام ، كلما سمحت ظروفنا وتيسر حالنا قال صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإن متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد(3) ، ولذلك حج الحسن ماشياً ونجائبه تقاد إلى جانبه خمساً وعشرين مرة في بعض الروايات(4) وقال : إني استحيي من ربي عز وجل أن ألقاه ولم أمشي إلى بيته(5) ، وكان رضي الله عنه كثير الصمت ، متعبداً على منهج جده صلى الله عليه وسلم . 3 ـ زهده : __________ (1) سير أعلام النبلاء (3/260) . (2) التاريخ الإسلامي (19/221) . (3) الإيمان أولاً صـ 249 . (4) تاريخ ابن عساكر (14/72) . (5) المصدر نفسه (14/71) . (1/297) …فهم الحسن رضي الله عنه من خلال معايشته للقرآن الكريم وملازمته لوالده أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ومن تفكره في هذه الحياة بأن الدنيا دار ابتلاء واختبار ، فقد تربى على كتاب الله واستوعب الآيات التي تحدثت عن الدنيا وأخبرتنا بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها وكان رضي الله عنه يقرأ كل يوم سورة الكهف ويمر على قوله تعالى : ((وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)) (الكهف ، آية : 45 ، 46) فهذا المثل يدل على حقارة الدنيا وقلة بقائها ، ومصير ما فيها من النعيم والترف إلى الهلاك ، ولما بين تعالى أن الدنيا سريعة الانقراض والزوال ، بين أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا في عرف الناس ، وكل ما كان من زينة الدنيا فهو سريع الانقضاء والانقراض ، فيقبح بالعاقل الافتخار به أو الفرح بسببه(1) ((وأما َالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)) أي أن أعمال الخير وأفعال الطاعات ، كالصلوات والصدقات ، والجهاد في سبيل الله ، ومساعدة الفقراء والأذكار أفضل ثواباً ، وأعظم قربة عند الله ، وأبقى أثراً ، إذ ثوابها عائد على صاحبها ، وخير أملاً حيث ينال صاحبها في الآخرة كل ما كان يؤمله في الدنيا(2) ، وتربى الحسن بن علي على منهج جده صلى الله عليه وسلم الذي كان أعرف الخلق بالدنيا ومقدارها ، إذ هو القائل صلى الله عليه وسلم ، لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً شربة ماء(3) __________ (1) التفسير المنير (15/259) . (2) التفسير المنير (15/261) . (3) سنن الترمذي رقم 4110 صحيح غريب . (1/298) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليمِّ فلينظر بما ترجع(1) ، وقال صلى الله عليه وسلم ، الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر(2) ، وقد تأثر أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه بالتربية القرآنية والنبوية ، فكان من أصدق النَّماذج الإسلامية في الزهد ، فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في الزهد وإليك التفصيل . إن حرص المرء على الشرف والملك أشد من حرصه على المال كما أن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها ، والرياسة على الناس ، والعلو في الأرض أضرُّ على العبد من طلب المال ، وضرره أعظم والزهد فيه أصعب ، فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف ، والحرص على الشرف على قسمين : __________ (1) مسلم رقم 2858 . (2) مسلم رقم 2856 . (1/299) أحداهما : طلب الشرف بالولاية السلطان والمال ، وهذا خطر جدّاً ، وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزّها . قال تعالى : ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) (القصص ، آية : 83) . وقلَّ من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فَيُوَفَّقُ ، بل يُوَكلُ إلى نفسه(1) ، كما قال : صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمُرة رضي الله عنه : يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أُعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها(2) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة(3) ، وبئست الفاطمة(4) إن حبَّ المال والرياسة والحرص عليهما يفسد دين المرء ، حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله فقد قال صلى الله عليه وسلم ، ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه(5) . وأصل محبة المال والشرف حبُّ الدنيا ، وأصل حبَّ الدنيا إتباع الهوى(6) ، قال وهب بن مُنبِّه : من إتباع الهوى الرغبة في الدنيا ، ومن الرغبة فيها حبُّ المال والشرف ، ومن حب المال والشرف استحلال المحارم(7) ولذلك قال تعالى : ((فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ __________ (1) ما ذئبان جائعان لابن رجب صـ 33 . (2) البخاري رقم 6622 . (3) مثل ضربه للإمارة وما يصل إلى الرجل من المنافع فيها واللذات . (4) مثل ضربه للموت الذي يهدم عليه تلك اللذات ويقطع منافعها عنه ، البخاري رقم 7148 . (5) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان رقم 3218 حسن صحيح . (6) شرح حديث ما ذئبان جائعان لابن رجب صـ 71 . (7) المصدر نفسه صـ 71 . (1/300) الْمَأْوَى)) (النازعات ، آية : 37 ـ 41) . كما أن النفس تحب الرفعة والعُلُوَّ على أبناء جنسها ومن هنا نشأ الكبُر والحسد ، ولكنَّ العاقل ينافس في العلو الدائم الباقي الذي فيه رضوان الله وقربه وجواره ، ويرغب عن العلوِّ الثاني الذي الفاني الزائل الذي يعقبه غضب الله وسخطه وانحطاط العبد وسفوله وبعده عن الله وطرده عنه ، فهذا العلو الثاني الذي يُذَمُّ وهو العتو والتكبر في الأرض بغير الحقِّ . وأما العلوُّ الأول والحرص عليه ، فهو محمود قال الله تعالى : ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)) (المطففين ، آية : 26) . وقال الحسن : إذا رأيت الرَّجُل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة ، وقال وهيب بن الورد : إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل(1) . ففي درجات الآخرة الباقية يُشرعُ التنافس وطلب العلوِّ في منازلها والحرص على ذلك بالسِّعي في أسبابه ، وأن لا يقنع الإنسان منها بالدون مع قدرته على العلوِّ ،ـ وأما العلوُّ الفاني ، المنقطع الذي يُعقب صاحبه غداً حسرة وندامة وذلة وهواناً وصغاراً فهو الذي يُنْشَرُ الزهد فيه والإعراض عنه(2) ، وهذا الفقه العظيم والفهم العميق نتعلمه من سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه فقد ترك الملك والسلطان رغبة فيما عند الله وحقناً لدماء المسلمين ، فقد تركها وهو في قوة ومنعة فقد قال : كانت جماجم العرب بيدي ، يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله(3) . وقال في رواية أخرى : .. ولكن خشيت أن يجئ يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً ، أو أكثر أو أقلُّ ، كلهم تنضح أوداجهم دماً ، كلهم يستعدي الله فيم هُرِيق دمه(4) ، لقد بايع الحسن بن علي بعد وفاة علي تسعون ألفاً(5) ، فزهد في الخلافة ، فلم يُردها وسلّمها لمعاوية وقال __________ (1) المصدر نفسه صـ 72 . (2) المصدر نفسه صـ 73 . (3) البداية والنهاية (11/206) . (4) تاريخ دمشق (14/104) . (5) المصدر نفسه (14/98) . (1/301) : لا يهرق علي يدي محجمة دم(1) . وقال في رواية : ما أحببتَ أن ألي من أمة محمد مثقال حبة من خردل يهراق فيه محجمة من دم ، قد علمت ما ينفعني ممّا يضرني ، فالحقوا بطيَّتكم(2) . 4 ـ إنفاقه وكرمه وجوده : …من الأخلاق القرآنية والتي تتصف بها النفوس الكريمة التي تجسدت في شخصية الحسن بن علي رضي الله عنه ، خلق الكرم والجود ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله تعالى ، وكان تنويه القرآن الكريم بأهل الكرم عظيماً ، وقد كان هذا التنويه من أول القرآن الكريم حيث يقول سبحانه في مستهل ثاني سورة بعد البسملة : ((ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْب وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) ثم وصفهم بقوله : ((أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (البقرة ، آية : 1 ـ 5) وقد تأثر أمير المؤمنين الحسن بالقيم القرآنية والنبوية والتربية العملية في حضن أمير المؤمنين علي وانعكس ذلك على نفسيته وترك لنا آثاراً بارزة دالة على تأصل خلق الجود والكرم والإنفاق في شخصيته العظيمة ، فقد كان على جانب عظيم من السخاء والجود ، وكيف لا يكون كذلك وقد شبَّ وكبر في بيت أكرم الكرماء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وقد تسلسلت إليه هذه الخلة الكريمة وتشربتها نفسه في طفولته ، وأخبار كرمه وجوده أصبحت مضرب الأمثال ، وقدوة العظماء من الرجال(3) . __________ (1) المصدر نفسه (14/98) . (2) بطيتكم : طية الشئ ـ جهته ونواحيه ، تاريخ دمشق (14/89) . (3) الدوحة النبوية الشريفة صـ 84 . (1/302) …منها : قال محمد بن سيرين : ربما أجاز الحسن بن علي الرجل الواحد بمائة ألف(1) ، وقال سعيد بن عبد العزيز ، سمع الحسن رجلاً إلى جانبه يدعو الله أن يملكه عشرة آلاف درهم فقام إلى منزله فبعث إليه(2) ، وذكروا أنه رأى غلاماً في حائط من حوائط المدينة يأكل من رغيف لقمة ، ويطعم كلباً هناك لقمة ، فقال له : ما حملك على هذا ؟ فقال : إني استحيي من أن آكل ولا أطعمه ، فقال له الحسن : لا تبرح مكانك حتى آتيك فذهب إلى سيده فاشتراه ، واشترى الحائط الذي هو فيه ، فأعتقه وملَّكه الحائط ، فقال له الغلام : يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له(3) ، وقال أبو هارون العبدي : انطلقنا حجاجاً فدخلنا المدينة ، فدخلنا على الحسن بن علي ، فحدثناه بمسيرتنا ، وحالنا ، فلما خرجنا بعث إلى كل واحد منا بأربعمائة ، فرجعنا ، فأخبرناه بيسارنا ، فقال : لا تردوا على معروفي فلو كنت في غير هذه الحال لكان هذا لكم يسيراً ، أما إني مزودكم ، إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة(4) ، فهذا الحسن بن علي رضي الله عنه قد أعطى أولئك الحجاج ذلك المال مع ظهور يسارهم ، فكيف الحال لو كانوا محتاجين ، وحينما أظهروا له عدم حاجتهم لم يقبل منهم رد ذلك المال ، وهذا دليل على قوة الدافع في نفسه نحو السخاء والجود ، ولم ينس أن يزودهم بما هو خير من ذلك حيث ذكّرهم بفضل يوم عرفة الذي يباهي الله تعالى به ملائكته عليهم السلام(5) ، وعن عبد الله بن عبيد الله بن عمير قال قال : ابن عباس عن الحسن بن علي : ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى إنه يعطي الخف ويمسك النعل(6) . وهذا مثال عزيز في الكرم ، حيث قسم الحسن بن علي رضي الله عنه ماله قسمين ثلاث مرات ، فكان يتصدق بنصف ماله ، __________ (1) تهذيب الكمال (6/234) . (2) سير أعلام النبلاء (3/260) . (3) البداية والنهاية (11/196) . (4) سير أعلام النبلاء (3/261) . (5) التاريخ الإسلامي (17/136) . (6) سير أعلام النبلاء (3/260) . (1/303) ولقد كان دقيقاً في محاسبته نفسه وكأنه يؤدي واجباً من الواجبات ، حيث كان يعطي الخف ويمسك النعل مع أن أحدهما لا يغني عن الآخر وأنه في عمله هذا قد جعل من نفسه قدوة للمسلمين في أعمال الخير والإحسان(1) . فقد كان رضي الله عنه من أسخى أهل زمانه(2) ، وعد رضي الله عنه من الأجواد(3) ، ومن أخبار جوده أن معاوية بن أبي سفيان بعث إليه بمائة ألف فقسمها بين جلسائه ، فأصاب كل واحد منهم عشرة آلاف(4) ، ومن أخبار كرمه أنه دخل على أسامة بن زيد وهو يجود بنفسه ويقول واكرباه واحزناه فقال له الحسن ، وما الذي أحزنك يا عم ، فقال له أي ابن رسول الله عليَّ دين مقداره ستون ألف درهم ولا أتمكن من رده فقال الحسن رضي الله عنه ، سأردها عنك ، فقال له أسامة فك الله رهانك يا ابن النبي أن الله أعلم حيث يجعل رسالته(5) . وكان الناس يشهدون للحسن رضي الله عنه بكرمه ودليل ذلك أن إعرابياً قدم إلى المدينة يستعطي الناس فقيل له عليك بالحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو عبد الله بن جعفر أو سعيد بن العاص ، فلقي سعيد بن العاص ، فأكرمه وأعطاه ما أراد(6) ، ومن كرم الحسن رضي الله عنه أنه قيل له من أحسن الناس عيشاً ؟ فقال من أشرك الناس في عيشه وقيل له من شر الناس ؟ فقال : من لا يعيش في عيشه أحد(7) ولقد سئل الحسن بن علي رضي الله عنه لأي شئ نراك لا ترد سائلاً وإن كنت على فاقة ، فقال : إني لله سائلاً وفيه راغب وإن الله تعالى عودني عادة ، عودني أن يفيض نعمه عليّ وعودته أن أفيض نعمه على الناس ، فأخشى أن قطعت عادتي أن يمنعني عادته(8) __________ (1) التاريخ الإسلامي (17/137) . (2) المحاسن والمساوي صـ 55 ، الحسن بن علي صـ 32 . (3) الحسن بن علي ، رسالة ماجستير صـ 32 لم تنشر . (4) البداية والنهاية نقلاً عن الحسن بن علي صـ 32 . (5) المحاسن والمساوئ صـ 57 . (6) غاية المرام ، عز الدين القريشي (1/95) . (7) تاريخ اليعقوبي (2/226 ، 227) . (8) نصيحة الملوك صـ 438 للماوردي . (1/304) ، وكان الحسن رضي الله عنه في سخاءه وإيثاره لا يميز بين غني وفقير ، أو صغير وكبير ، أو قريب أو بعيد لأن النفس التي ترتاح للبذل والعطاء ، وجبلت على الكرم والسخاء لذتها في إسعاد الناس(1) ابتغاء مرضاة الله وطلباً للمثوبة والأجر تجد راحتها في ذلك . وكأن الشاعر حافظ إبراهيم كان يعني الحسن عندما قال : …………إني لتطربني الخلالُ كريمةً ……………………طرب الغريب بأوبة وتلاق …………ويهزُّني ذكرُ المروءة والندى ……………………بين الشمائل هِزة المشتاق …………فإذا رُزِقتَ خليقة محمودة ……………………فقد اصطفاك مقسِّم الأرزاق …………فالناس هذا حظه مال ، وذا ……………………علم ، وذاك مكارم الأخلاق وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه خطب الناس ثم قال : إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالاً ، وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر الناس فقام الحسن فقال : إنما جمعته للفقراء ، فقام نصف الناس ، ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس(2) ، ومن سيرة الحسن بن علي نتعلم أن بداية انطلاق النفس إلى رضاء الله ، وتخلُّصها من جواذب الأرض ، وتطهيرها من الشح بدوام الإنفاق في سبيل الله حتى يصير سجية من سجاياها ، فتزهد في المال ويخرج حبه من القلوب فلا يفرح صاحبه بزيادته ولا يحزن على نقصانه مصداقاً لقوله تعالى : ((لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) (الحديد ، آية : 23) . كما أن للصدقة أثر عظيم في تزكية النفوس فإن لها فوائد أخرى عظيمة في الدنيا والآخرة منها : فهي أفضل استثمار للمال : __________ (1) الدوحة النبوية الشريفة صـ 84 . (2) الطبقات (1/278) إسناده صحيح . (1/305) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فُلَّوه حتى يكون مثل الجبل(1) . وهي حجاب من النار : عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة ، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان(2) وهي ظل لصاحبها يوم القيامة : عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول كل امرئ في ظل صدقته حتى يُقضي بين الناس(3) . والصدقة تدفع العذاب وقد ترد الحقوق بين الناس : عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، إنكن تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير(4) . قال ابن حجر : وفي هذا الحديث : أن الصدقة تدفع العذاب ، وأنها تكفر الذنوب بين المخلوقين(5) . وأما في الدنيا ففوائدها كثيرة ومجزية وجاءت الأحاديث التي تؤيد تلك الفوائد ، فهي دواء للمرضى ، وتدفع البلاء ، وتيسر الأمور ، تجلب الرزق ، تقي مصارع السوء ، وتطفئ غضب الرب ، وتزيل أثر الذنوب(6) . __________ (1) صحيح متفق عليه ، والفلو : الفرس أول ما يولد . (2) صحيح الترغيب والترهيب للألباني 855 . (3) صحيح الترغيب والترهيب رقم 822 . (4) متفق عليه . (5) فتح الباري (1/536) . (6) الإيمان أولاً كيف نبدأ به صـ 188 إلى 189 . (1/306) إن للإنفاق في سبيل الله علاقة وثيقة بالسير إلى الله فهو وسيلة مؤثرة غاية التأثير كما أنه من الوسائل المحورية في إحياء القلب وإيقاظ الإيمان ، ولنا في جود وكرم وإنفاق الحسن بن علي أسوة وقدوة حسنة . فإن الإنفاق في سبيل الله من أعظم أبواب الجنة وهو مفتوح للمؤسرين أكثر من غيرهم ، دخل من خلاله سادات الأمة الجنة ، مثل عثمان وعبد الرحمن بن عوف والحسن وغيرهم ، فعلى أغنياء المسلمين في العصر الحديث أن يقتحموا هذا الباب فيدعموا قضايا الإسلام العادلة ومشاريع الدعوة إليه بما يستطيعون فيكسبون رضا الله ودخول الجنة والمساهمة في نصرة دين الله وإغاثة المحتاجين ولا يبخلوا فيضيق الله عليهم . 5 ـ حلمه : (1/307) كان بين الحسن بن علي ومروان بن الحكم كلام ، فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له ، والحسن ساكت ، فامتخط مروان بيمينه ، فقال الحسن رضي الله عنه : ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج ، أف لك ، فسكت مروان(1) وما سكون الحسن رضي الله عنه ، إلا لما كان لحق نفسه ، فلما خالف مروان السنة ، غضب لله وللسنة وأبان له الصواب فيها(2) ، ولما مات رضي الله عنه ، بكى مروان بن الحكم في جنازته ، فقال له الحسين : أتبكيه وقد كنت تجرِّعه ما تجرِّعه ؟ فقال : إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا وأشار إلى الجبل(3) ، وذكر ابن عائشة أن رجلاً من أهل الشام ، قال : دخلت المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فرأيت رجلاً راكباً على بغلة ، لم أرَ أحسن وجهاً ولا سمتاً ، ولا ثوباً ، ولا دابة منه ، فمال قلبي إليه فسألت عنه ، فقيل : هذا الحسن بن علي بن أبي طالب فامتلأ قلبي بغضاً له ، وحسدت علياً أن يكون له ابن مثله ، فصرت إليه ، فقلت : أأنت ابن علي بن أبي طالب ؟ قال : أنا ابنه ، قلت : فعل بك وبأبيك ، أسبهما ، فلما انقضى كلامي ، قال لي : أحسبك غريباً ، قلت : أجل ، قال : مر بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك ، وإن احتجت إلى مال آسيناك ، أو إلى حاجة عاوناك ، قال : فانصرفت عنه ، وما على الأرض أحب إليَّ منه وما فكرت فيما صنع ، وصنعت إلا شكرته وخزيت نفسي(4) ، وهذه المواقف الكريمة التي نتعلم منها الحلم من سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه وكيفية كسب المخالفين ، بالإحسان إليهم والترفق بهم والصبر على آذاهم ومحبة الخير لهم وقد يغلب على كثير منهم الجهل وعدم معرفة الحقائق ، تطبيق لقول الله تعالى : ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)) (الأعراف ، الآية : 199)واقتداء بجده صلى __________ (1) سير أعلام النبلاء (3/260) . (2) الدوحة النبوية الشريفة صـ 87 . (3) تهذيب الكمال (6/235) . (4) وفيات الأعيان (2/67 ، 68) . (1/308) الله عليه وسلم ، فقد بلغ عليه الصلاة والسلام الذروة والغاية في حلمه وعفوه وضبط نفسه إزاء التخرصات والمفتريات التي نُسِبت إليه ، إضافة إلى الإيذاء من مشركين العرب : كامرأة أبي لهب ، وأبي جهل ، وأبي بن خلف ، وغيرهم من سفهاء مكة(1) ، ووصفت السيدة عائشة رضي الله عنها خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح(2) ، وعنها أيضاً قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط ـ بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شئ ـ قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيئاً من محارم الله فينتقم لله عز وجل(3) . وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال : من كظم غيظاً ـ وهو قادر على أن ينفذه(4) دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يُخيَّر من أي الحور العين(5) شاء(6) وفي صفة الحلم يقول الشاعر : ………وفي الحلم ردع للسفيه عن الأذى …………………وفي الخرق(7) إغراء فلا تلك أخرقا ………فتندم إذ لا تنفعك ندامة …………………كما ندم المغبون لمّا تفرَّقا(8) 6 ـ تواضعه : __________ (1) الأخلاق بين الطبع والتطبع ، فيصل الحاشدي صـ 139 . (2) رواه الترمذي رقم 2016 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم 1640 . (3) مسلم رقم 2328 . (4) ومنه العفو عند المقدرة . (5) الحور : نساء شديدات سواد العيون وبياضها . (6) سنن الترمذي رقم 4777 حسّنه الألباني صحيح الجامع (2/6518) . (7) الخرق : الجهل ضدُّ الرِّفق . (8) الأخلاق بين الطبع والتطبع صـ 151 . (1/309) مرّ الحسن بن علي رضي الله عنه على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق ، وهم يأكلون منها فدعوه إلى مشاركتهم فأجابهم إلى ذلك وهو يقول : إن الله لا يحب المتكبرين . ولما فرغ من تناول الطعام دعاهم إلى ضيافته ، فأطعمهم وكسَاهم وأغدق عليهم من إحسانه(1) ، ومن مواقف تواضعه ، أنه مرّ على صبيان يتناولون الطعام فدعوه لمشاركتهم ، فأجابهم إلى ذلك ثم حملهم إلى منزله فمنحهم ببره ومعروفه وقال : اليد لهم لأنهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجد مما أعطيناهم(2) ، فصفة التواضع من صفات عباد الرحمن ، قال الله تعالى وتبارك : ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)) (الفرقان ، الآية : 63) ، والتواضع علامة من علامات حب الله للعبد ، قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم)) (المائدة ، الآية : 54) فمن سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه نتعلم صفة التواضع قال الشاعر : ………تواضع كالنجم لاح(3) لناظر …………………على صفحات الماء وهو رفيع ………ولأنك كالدخان يعلو بنفسه …………………على طبقات الجو وهو وضيع(4) 7 ـ سيادته : __________ (1) حياة الإمام الحسن بن علي (1/291) . (2) صلاح الأمة في علو الهمة (5/437) . (3) الأخلاق بين الطبع والتطبع صـ 128 : لاح : ظهر وبرز . (4) المصدر نفسه صـ 128 . (1/310) ولقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة هذا الإمام وسيادته وجلالة قدره ، على مرأى ومسمع من الناس في غير مرة ، وقد تواترت الروايات بقوله صلى الله عليه وسلم عن الحسن ، إن ابني هذا سيد ، قال ابن عبد البر : وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن بن علي : إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين(1) ، وجاء من حديث جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ابني هذا ـ يعني الحسن ـ سيِّد ، وليصلحنَّ الله به بين فئتين من المسلمين(2) ، وعن سعيد بن أبي سعيد قال : كنا مع أبي هريرة جلوساً ، فجاء حسن بن علي بن أبي طالب فسلم علينا ، فرددنا عليه ، وأبو هريرة لا يعلم فمضى ، فقلنا : يا أبا هريرة هذا حسن بن علي قد سلم علينا ، فقام فلحقه ، فقال : يا سيدي ، فقلت له : تقول يا سيدي ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لسيد(3) ، وعن جابر بن عبد الله أنه قال : من سرَّه أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي(4) ، وعن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة(5) وقد نقل إلينا خبر سيادة الحسن والحسين في الجنة جمع غفير من الصحابة ، وما ذلك إلا لإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك مرة بعد مرة ، أو في محافل جامعة(6) ، وقد أثبتت الأيام ومرور الشهور والأعوام على رسوخ صفة السيادة في الحسن وقد بلغت ذروتها في توفيق الله له في عقد الصلح مع معاوية ، وجمع الأمة على كلمة سواء ، __________ (1) البخاري ، فضائل الصحابة (7/94) . (2) الطبراني في الكبير رقم 2597 . (3) المستدرك (3/169) وقال الحاكم صحيح وأقرَّه الذهبي . (4) صحيح ابن حبان (15/421 ، 422) ، مجمع الزوائد (9/178) . (5) مستدرك الحاكم (3/166) وقد صح هذا الحديث من أوجه كثيرة . (6) الدوحة النبوية الشريفة صـ 81 . (1/311) فقد كان الحسن سيداً جليلاً ، ويعلمنا الحسن بأن السيادة لا تكون بالقهر وسفك الدماء ، أو أهدار الأموال والحرمات ، بل السيادة بصيانتها وإزالة البغضاء والشحناء ، فصلحه وحقنه لدماء المسلمين بلغ فيه ذروة السيادة التي لا يستطيعها من فكر بالقوة وهو يملك طرفاً منها ، وقد صالح الحسن معاوية وحوله الألوف فيهم من هو طامع مدسوس ولكن فيهم الكثير الكثير من المخلصين الأوفياء ، فما أراد أن تراق بسببه قطرة دم ، أو يخدش مسلم في هذا السبيل ، وإن الرئاسة للأقوام إن لم تكن لصيانتها وحياطتها وحفظها ، وترقيتها ، فهي نوع من الطاغوت الأعمى والتهور الأحمق ، والمغامرة والمقامرة التي تجلب معها الدمار والخراب ، والإذلال واليباب ، وينتهي أصحابها إلى غضب الله ، ولعنة التاريخ ، وهل تدافع أمواج الدماء البشرية عبر العصور والقرون إلا من الحرص على الرئاسة والسلطان والتكالب على الدنيا(1) . 8 ـ صفاته الخَلْقية : كان الحسن بن علي رضي الله عنه سيداً وسيماً جميلاً أبيض اللون مشرباً بحمرة أدعج العينيين سهل الخدين كث اللحية كأن عنقه أبريق فضة ، عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين ليس بالطويل ولا بالقصير من أحسن الناس وجهاً جعد الشعر حسن البدن(2) ، ومن بركات الله سبحانه وتعالى على الحسن أنه كان أشبه الناس بجده صلى الله عليه وسلم(3) ؟ ثانياً : من حياة الحسن بن علي في المجتمع : ترك لنا الحسن بن علي مواقف متميزة من حياته في المجتمع الإسلامي الراشدي ، فقد كان حريصاً على تصحيح المفاهيم وقضاء حوائج الناس ، ومخالطتهم بالحسنى ، وإرشادهم بالمواعظ ، والحكم النادرة وغير ذلك وإليك تفصيل ما أجملت : 1 ـ تفنيده لمعتقد الرجعة : __________ (1) المصدر نفسه صـ 94 . (2) سير أعلام النبلاء (3/49) ، أخبار الدول صـ 105 . (3) الحسن بن علي فتيخان كردي صـ 24 . (1/312) عن عمرو بن الأصمِّ ، قلت للحسن : إن الشيعة تزعم أن علياً مبعوث قبل يوم القيامة ، قال : كذبوا والله ، ما هؤلاء بالشيعة ، لو علمنا أنه مبعوث ما زوَّجنا نساءه ، ولا اقتسمنا ماله(1) ، وكان أول من قال بالرجعة ابن سبأ ، إلا أنه قال بأنه غاب وسيرجع ولم يصدق بموته ، وكانت عقيدة الرجعة خاصة برجعة الإمام عند السبئية الكيسانية وغيرها ، ولكنها صارت عند الاثني عشرية عامة للإمام وكثير من الناس ، ويشير الألوسي إلى تحول مفهوم الرجعة عند الشيعة الرافضة من رجعة الإمام فقط إلى ذلك المعنى العام كان في القرن الثالث(2) ، وأما المفهوم العام لمبدأ الرجعة عند الاثني عشرية فهو يشمل ثلاثة أصناف : ـ الأئمة الأثني عشر ، حيث يخرج المهدي من مخبئه ، ويرجع من غيبته ، وباقي الأئمة يحيون بعد موتهم ويرجعون لهذه الدنيا . ـ ولاة المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة ـ في زعمهم الباطل ـ من أصحابها الشرعيين "الأئمة الاثني عشرية" فيبعث خلفاء المسلمين وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان .. ومن قبورهم يرجعون لهذه الدنيا كما يزعم الشيعة الرافضة ـ للاقتصاص منهم بأخذهم الخلافة من أهلها فتجري عليهم عمليات التعذيب والقتل والصلب . __________ (1) سير أعلام النبلاء (3/263) . (2) روح المعاني (5/27) ضحى الإسلام (3/237) أحمد أمين . (1/313) ـ عامة الناس ، ويخص منهم : من محض الإيمان محضاً ، وهم الشيعة عموماً ـ على حد زعمهم ـ ولأن الإيمان خاص بالشيعة كما تتفق على ذلك رواياتهم وأقوال شيوخهم ومن محض الكفر محضاً وهم كل الناس ما عدا المستضعفين(1) . ولهذا قالوا في تعريف الرجعة إنها رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة(2) ، وعودتهم إلى الحياة بعد الموت في صورهم التي كانوا عليها(3) . وقد خالف الشيعة الرافضة علماء أهل البيت ممن سارو على الهدى والحق كتاب الله وسنة رسوله في معتقد الرجعة وعلى رأسهم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وجعلوا الرجعة من أصول المذهب الشيعي الرافضي ، فمن رواياتهم اختلاقها الرواة الكذبة : ليس منا من لم يؤمن بكرتنا(4) ، وقال ابن بابويه في الاعتقادات : واعتقادنا في الرجعة أنها حق(5) ، وقال المفيد : واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات(6) ، وقال الطبرسي والحر العاملي ، وغيرهما من شيوخ الشيعة : بأنها موضع إجماع الشيعة الإمامية(7) ، وأنها من ضروريات مذهبهم ، وأنهم : مأمورون بالإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة والقيامة(8) . __________ (1) أصول الشيعة الإمامية (2/1105) . (2) تفسير القمي (2/76) وضع عنوان في أعلى الصفحة أعظم دليل على الرجعة . (3) أوائل المقالات صـ 95 . (4) أصول الشيعة الإمامية (2/1103) . (5) الاعتقادات صـ 90 . (6) أوائل المقالات صـ 51 . (7) مجمع البيان (5/52) . (8) القاموس (3/28) مجمع البحرين (4/334) . (1/314) إن فكرة الرجعة عن الشيعة الرفضة بعد الموت مخالفة صريحة لنص القرآن الكريم ، وباطلة بدلالة آيات عديدة من كتاب الله سبحانه وتعالى ، قالى تعالى : ((قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) (المؤمنون ، الآية : 99 ، 100) . فقوله سبحانه ((وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)) صريح في نفي الرجعة مطلقاً(1) ، وقال تعالى : ((وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنين * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) (الأنعام ، الآية : 27 ، 28) . فهؤلاء جميعاً يسألون الرجوع عند الموت ، وعند العرض على الجبار جلا علاه ، وعند رؤية النار يجابون ، لما سبق من قضائه أنهم لا يرجعون ولذلك عد أهل العلم القول بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت من أشد مراحل الغلو في بدعة التشيع(2) ، وقد مرّ معنا موقف الحسن بن علي من رواية عمرو بن الأصمِّ وقد جاء في مسند أحمد أن عاصم بن ضمرة : وكان من أصحاب علي رضي الله عنه قال للحسن بن علي : إن الشيعة يزعمون أن علياً يرجع . قال الحسن : كذب أولئك الكذابون ولو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه(3) ، والقول بالرجعة بعد الموت على الدنيا لمجازة المسيئين وإثابة المحسنين يتافي طبيعة هذه الدنيا وأنها ليست دار جزاء قال تعالى : ((وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ __________ (1) مختصر التحفة صـ 201 . (2) أصول الشيعة الإمامية (2/1124) . (3) مسند أحمد (2/312) قال أحمد شاكر إسناده صحيح . (1/315) الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)) (آل عمران ، الآية : 185) . وقد كان لابن سبأ اليهودي دور التأسيس لمبدأ الرجعة ، إلا أنها رجعة خاصة بعلي كما أنه ينفي وقوع الموت عليه أصلاً كحال الاثني عشرية مع مهديهم الذي يزعمون وجوده ، وعقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية خلاف ما علم من الدين بالضرورة من أنه لا حشر قبل يوم القيامة وأن الله كلما توعد كافراً أو ظالماً إنما توعده بيوم القيامة ، كما أنها خلاف الآيات والأحاديث المتواترة المصرحة بأنه لا رجوع إلى الدنيا قبل يوم القيامة(1) . هذا من حيث النقل ، وأما من حيث العقل ، فإن الله جعل الدنيا دار ابتلاء وجعل الآخرة دار جزاء فلماذا يرجعهم للدنيا ليحاسبهم فيها ومع وجود الآخرة ، علماً بأن عذاب الآخرة أعظم وأشد لمن انحرف عن دينه ، ولم يحدث أن أرجع الله أحداً من الأموات ليحاسبه في الدنيا في تاريخ البشرية كلها . 2 ـ قضاء حوائج الناس : __________ (1) أصول الشيعة الإمامية (2/1124) . (1/316) جاء رجل إلى الحسن بن علي رضي الله عنه فذكر له حاجته فخرج معه لحاجته ، فقال : أما إني قد كرهت أن أعينك في حاجتي ولقد بدأت بحسين فقال : لولا اعتكافي لخرجت معك . فقال الحسن : لقضاء حاجة أخ لي في الله أحبّ إليّ من اعتكاف شهر(1) ، وجاء في رواية أخرى أنه ترك الطواف وخرج في حاجة إنسان له حاجة عند شخص معين(2) ، وجاء من كلام الحسن وذكر بعض الكتّاب أنه من كلام الحسين رضي الله عنهما : إن حوائج الناس إليكم ، من نعم الله عليكم ، فلا تملوا النعم فتحور(3) نقماً ، واعلموا أن المعروف مكسب حمداً ومعقب أجراً ، فلو رأيتم المعروف رجلاً ، رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتموه حسناً جميلاً يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتم اللؤم ، رأيتموه سمجاً(4) مشوهاً ، تنفر عنه القلوب والأبصار(5) ، وذكر صاحب كتاب الشهب اللامعة في السياسة النافعة : أن رجلاً رفع إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما رقعة فقال : قد قرأتها ، حاجتك مقضية ، فقيل له : يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو نظرت إلى رقعته وراجعته على حسب ما فيها ، فقال : أخاف أن أسأل عن ذل مقامه بين يدي حتى أقرأها(6) ، وهذه المواقف تدل على حسن أخلاقه وعظمتها مع تواضع كبير ولا نستغرب ذاك من سيدنا الحسن ، فهو القائل : مكارم الأخلاق عشرة ، صدق اللسان ، وصدق البأس ، وإعطاء السائل وحسن الخلق ، والمكافأة بالصنائع ، وصلة الرحم ، والترحم على الجار ، ومعرفة الحق للصاحب وقرى الضعيف ، ورأسهن الحياء(7) ، وأيضاً قوله : أشد من المصيبة سوء الخلق(8) __________ (1) تاريخ دمشق الكبير (14/76) . (2) المصدر نفسه (14/76) . (3) فتحور : ترجع . (4) سمج : قبح ، لسان العرب (2/197) سمج . (5) الشهب اللامعة في السياسة النافعة صـ 441 . (6) الشهب اللامعة في السياسة النافعة صـ 439 . (7) من أقوال الصحابة ، محمد خورشيد صـ 68 ، الحسن بن علي صـ 31 . (8) تاريخ اليعقوبي (2/227) . (1/317) ، وهذه المواقف الكريمة للحسن رضي الله عنه تطبيق لتوجهات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عبد الله بن دينار عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قيل يا رسول الله ، من أحب الناس إلى الله ؟ قال أنفعهم للناس . وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرْباً أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأنْ أمشي مع أخي المسلم في حاجة ، أحبُّ إليَّ مٍنْ أن أعتكف شهرين في مسجد .. ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يُثبتَها له ، ثبَّت الله قدمه يوم تزل فيه الأقدام ، وإنَّ سوء الخُلُقِ ليُفْسِدُ العمل ، كما يفسد الخلُّ العسل(1) . وعن مسلمة بن مخلد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة ، ومن نجّي مكروباً فك الله عنه كُربةٌ من كرب يوم القيامة ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته(2) . 3 ـ زواجه من بنت طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم : عن شعيب بن يسار ، أن الحسن بن علي أتى ابناً لطلحة بن عبيد الله(3) ، فقال : قد أتيتك لحاجة وليس لي مرد قال : وما هي ؟ قال : تزوجني أختك(4) ، قال : إن معاوية كتب إلي يخطبها على يزيد ، قال : مالي مردُّ إذ أتيتك فزوجها إياي ثم قال : دخل بأهلك ، فبعث إليها بحلة ثم دخل بها ، فبلغ ذلك معاوية ، فكتب إلى مروان أنْ خيّرها فخيّرها فاختارت حسناً فأقرّها ثم خلف عليها بعده حسين(5) . 4 ـ زواجه من خوّلة بنت منظور : __________ (1) سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 906 وحسن الألباني إسناد في الصحيح الجامع . (2) مصنف عبد الرزاق رقم 18936 ، حديث صحيح . (3) هو إسحاق بن طلحة . (4) هي أم إسحاق . (5) الطبقات ، تحقيق السُّلمي (1/292) إسناده لا بأس به . (1/318) عن ابن أبي مليكة ، قال : تزوج الحسن بن علي خولة بنت منظور فبات ليلة على سطح أجم(1) ، فشدت خمارها برجله والطرف الآخر بخلخالها فقام من الليل فقال : ما هذا ؟ قالت : خفت أن تقوم من الليل بوسنك(2) فتسقط ، فأكون أشأم سخلة(3) على العرب ، فأحبها ، فأقام عندها سبعة أيام(4) . فقال ابن عمر : لم نر أبا محمد منذ أيام . فانطلقوا بنا إليه ، فأتوه فقالت له خولة : أتحبسهم حتى نهيئ لهم غداءاً قال : نعم ، قال ابن عمر : فابتدأ الحسن حديثاً ألهانا بالاستماع إعجاباً به حتى جاءنا الطعام(5) . 5 ـ لا يرى أمهات المؤمنين : كان الحسن والحسين لا يريان أمهات المؤمنين . فقال ابن عباس : إنَّ رؤيتهن حلال لهما وعلق الذهبي فقال : الحل متيقن(6) . وهذا يدل على شدة حياءه . 6 ـ الغيرة في النسب النبوي : __________ (1) المصدر نفسه (1/307) . (2) الوسن : قيل النوم الثقيل وقيل أول النوم . (3) سخلة : السخلة : ولد الشاه من المعز والضأن ذكراً كان أو أنثى ويطلق على المولود المحبب لوالديه والمراد أشأم امرأة . (4) المعلوم من السنة أن الرجل إذا تزوج امرأ’ على زوجته فإنه يقيم عندها سبعة أيام متواصلة إذا كانت بكراً وثلاثة أيام إذا كانت ثيباً ثم يعود إلى القسم بينهن وخولة عندما تزوجها الحسن لم تكن بكراً حيث سبقها عليه محمد بن طلحة بن عبيد الله كما في جمهرة أنساب العرب لابن حزم صـ 258 وحقها ثلاث ليال لا سبعاً . وحقها ثلاث ليال لا سبعاً وهذا ما يؤكد ضعف الرواية فإن إسنادها ضعيف جداً وهذه نكارة في المتن تؤكد الضعف . (5) الطبقات ، تحقيق السُّلمي (1/307 ، 308) إسناده ضعيف . (6) سير أعلام النبلاء (3/265) . (1/319) دخل سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما السُّوق لحاجة يقضيها فساوم صاحب دكان في سلعة ، فأخبره بالسعر العام ، ثم علم أنه الحسن بن علي رضي الله عنهما سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنقص في السعر إجلالاً له وإكراماً ، ولكن الحسن بن علي رضي الله عنهما لم يقبل منه ذلك ، وترك الحاجة ، وقال : إنني لا أرضى أن استفيد من مكانتي من رسول الله في شئ تافه(1) . وهذا الحال كان مصاحباً لأهل البيت ممن ساروا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا زين العابدين بن علي بن الحسين ، يقول عن جويرية بن أسماء ـ وهو من أخص خدمه ، ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهماً قط(2) ، وكان إذا سافر كتم نفسه ، فقيل له في ذلك ، فقال : أنا أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أعطي به(3) . وكذلك روي عن أبي الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم فقد قيل إنه كان إذا سافر كتم نفسه ، فقيل له في ذلك ، فقال : أنا أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أعطي به(4) فهؤلاء السادة من أهل البيت كانوا غيارَى أشد الغيرة في الرحم التي كانت تصلهم برسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانوا يستغلون هذه النسبة لمصالح دنوية ، شأن أبناء أسر الزعماء الدينيين في الديانات الأخرى ممن ينالون تقديساً زائداً في كل حال ، ويعاملون من أتباعهم كشخصيات تفوق البشر ، وكانوا بعيدين عن كسب حطام الدنيا بأسمائهم ، وبناء قصور الفخر على عظامهم واستغنائهم وعزّة نفسهم ، تصور سيرتهم وسلوكهم تصويراً يختلف تماماً عن سيرة الطبقة المحترفة بالدين من البراهمة والكهنة في الديانات والملل الأخرى ، فإنها تعتبر ذات قدسية وعظمة عن طريق الولادة ، فهي لا تحتاج لكسب المعاش وتحقيق حاجات الحياة __________ (1) المرتضى للندوي صـ 228 . (2) البداية والنهاية نقلاً عن المرتضى للندوي صـ 228 . (3) وفيات الأعيان (2/434) . (4) المصدر نفسه (2/434 . (1/320) إلى بذل شئ من الجُهد والسعي(1) . 7 ـ صلاته على الأشعث بن قيس : مات الأشعث بن قيس بعد مقتل أمير المؤمنين علي بأربعين ليلة ، وصلى عليه الحسن بن علي(2) ، وهو زوج بنت الأشعث بن قيس(3) ، وقد ذهبت بعض الروايات الضعيفة إلى تورط الأشعث بن قيس في دم أمير المؤمنين وهذا ليس عليه دليل ، وذلك لأن الأشعث بن قيس عند استعراض دوره في خلافة علي رضي الله عنه نجده مخلصاً ووفياً ، فهو أول من حارب أهل الشام أثناء القتال على الماء ، وأظهر العداوة للخوارج منذ نشأتهم فهو الذي أبلغ علياً رضي الله عنه أن الخوارج يقولون : إن علياً تاب من خطيئته ورجع عن التحكيم وقاتل علي الخوارج في النهروان ، وقد حرص كل الحرص على أن يوطد علاقته بعلي وآل بيته فزوج ابنته من الحسن بن علي رضي الله ، وعندما أراد الحن أن يبني بها قامت كندة وجعلت أرديتها بسطاً من بابه إلى باب الأشعث(4) ، وقد مات الأشعث بعد مقتل علي وصلى عليه الحسن بن علي كما مرّ ، ولم ينقل عن أل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أنهم اتهموا الأشعث بهذه التهمة ، أو كشفوا أحداً من آل الأشعث بهذا السبب ، ويظل قتل علي عملاً من تدبير الخوارج جاء في الأرجح ثأراً لقتلى النهروان(5) . 8 ـ معاملته لمن يسئ إليه : __________ (1) المرتضى للندوي صـ 228 . (2) الكامل في التاريخ (3/444) . (3) تهذيب التهذيب (2/300) . (4) تهذيب الكمال (3/393 ـ 394) الطبقات (6/23) . (5) دراسة في تاريخ الخلفاء الأمويين بطاينة صـ 52 . (1/321) قدم رجل من المدينة وكان يبغض علياً فقطع به فلم يكن له زاد ولا راحلة فشكا ذلك إلى بعض أهل المدينة ، فقال له عليك بالحسن بن علي ، فقال له الرجل : ما لقيت هذا إلاّ في حسن وأبي حسن ؟ فقيل له : فإنك لا تجد خيراً إلا منه فأتاه فشكل إليه ، فأمر له بزاد وراحلة ، فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالاته فقيل للحسن : أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت له بزاد وراحلة قال : أفلا أشتري عرضي منه بزاد وراحلة(1) . 9 ـ من أدبه في المجالس : كان ذات يوم جالساً في مكان ، فأراد الانصراف ، فجاءه فقير فرحب به ولاطفه وقال له : إنك جلست على حين قيام منا أفتأذن لي بالانصراف ؟ قال : نعم يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .(2) . 10 ـ حسن خلقه بين الناس : عن عميربن إسحاق قال : ما تكلم عندي أحد كان أحبَّ إليَّ إذا تكلَّم ألا يسكت من الحسن بن علي ، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة ، فإنه كان بين الحسين بن علي وبين عمرو بن عثمان خصومة ، فقال الحسن : ليس له عندنا إلا ما رَغِم أنفه . فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط(3) . 11 ـ ملاعبته بالمداحي(4) : قال سليمان بن شديد : كنت ألاعب الحسن والحسين بالمداحي فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي : يحل لك أن تركب بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وإذا أصاب مدحاتي قال : أما تحمد ربك أن يركبك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم(5) . 12 ـ بعده عن فضول الكلام : __________ (1) تاريخ ابن عساكر (14/76) . (2) الطبقات (1/281) تحقيق السُّلمي إسناده ضعيف ، تاريخ الخلفاء صـ 73 . (3) البداية والنهاية (11/198) . (4) المداحي : هي أحجار أمثال القِرَصَة كانوا يحفرون حفرة ويدحون فيها بتلك الأحجار ، فإن وقع الحجر فيها غلب صاحبها وإن لم يقع . غُلب : وهي لعبة يلعب بها أهل مكة وقد سئل ابن المسيب عن المراماة والمسابقة بها فقال : لا بأس به . (5) الطبقات ، تحقيق السُّلمي (1/294) . (1/322) كان الحسن بن علي أكثر دهره صامتاً ، فإذا قال بذَّ القائلين فالحسن بن علي يعلمنا الابتعاد عن فضول الكلام وهذا عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد قال : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه(1) ، وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت(2) ، وجاء عنه : من صمت نجا(3) ، وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج(4) ، وقد سئل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار ، فأخبره برأسه وعموده وذروة سنامه ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كلِّه ؟ قال : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسان نفسه ، ثم قال : كُفَّ عليك هذا . فقال : وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يُكُبُ الناس في النار على وجوهه ـ أو على مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم(5)ويقول بن عبيد : ما من الناس أحد يكون لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك صلاحاً في سائر عمله(6) ، وكان ابن الكاتب يقول : إذا سكن الخوف في القلب لم ينطق اللسان إلا بما يعنيه(7) ، وقال الأوزاعي : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة أما بعد : فإنه من أكثر ذكر الموت رضي بالدنيا باليسير ، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه ، والسلام(8) . فالحسن بن علي كان يعد كلامه من عمله ولذلك أكثر الصمت . 13 ـ إكرام الحسن بن علي أسامة بن زيد رضي الله عنهما : __________ (1) السلسلة الصحيحة رقم 2841 . (2) البخاري رقم 6136 . (3) صحيح الجامع رقم 6367 . (4) السلسلة الصحيحة رقم 669 . (5) سنن الترمذي وقال حديث صحيح . (6) صفة الصفوة (3/372) . (7) المصدر نفسه (4/323) . (8) سير أعلام النبلاء (5/133) . (1/323) عن حرملة ـ مولى أسامة ـ قال : أرسلني بن زيد إلى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وقال لي : إنه سيسألك ويقول لك : ما خلَّف صاحبك فقل له : يقول لك : لو كنت في شدْق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ، ولكن هذا أمر لم أرَه قال : فأتيت علياً فلم يعطني شيئاً ، فذهبت إلى حسن وحسين وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم ـ فأوقروا لي راحلتي(1) . 14 ـ الحسن بن علي واليهودي الفقير : اغتسل الحسن رضي الله عنه وخرج من داره في بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووفرة ظاهرة ومحاسن سافرة فعرض له في طريقه شخص من محاويج اليهود وعليه مسح من جلود ، قد أنهكته العلة ، وركبته القلة والذلة ، وشمس الظهيرة قد شوت شواه وهو حامل جرة ماء على قفاه ، فاستوقف الحسن رضي الله عنه وقال : يا ابن رسول الله ، سؤال ، قال : ما هو ؟ قال : جدك يقول : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر(2) . وأنت مؤمن وأنا كافر . فما أرى الدنيا إلا جنة لك تتنعم بها ، وما أراها إلا سجناً عليّ قد أهلكني ضرها وأجهدني فقرها ، فلما سمع الحسن كلامه قال له : يا هذا لو نظرن إلى ما أعد الله لي في الآخرة لعلمت أني في هذه الحالة بالنسبة إلى تلك في سجن ، ولو نظرت إلى ما أعد الله لك في الآخرة من العذاب الأليم لرأيت أنك الآن في جنة واسعة(3) . لقد كان الحسن بن علي حاضر البديهة ، فأجاب بجواب مقنع مفحم حيث أوضح له أن حالته التي يشكو منها إنما هي كالجنة بالنسبة إلى عذاب الآخرة الذي أعد للكافرين وأن حالة الحسن التي ظنها نعيماً إنما هي كالسجن بالنسبة إلى نعيم الجنة الذي أعد للمتقين(4) . 15 ـ احترام وتقدير ابن عباس للحسن والحسين رضي الله عنهم : __________ (1) ذخائر العقبى صـ 237 . (2) مسلم وابن ماجة رقم 4113 . (3) الحسن والحسين ، محمد رشيد رضا صـ 32 . (4) الحسن والحسين رضي الله عنهما صـ 33 . (1/324) قال مدرك أبو زياد : كنا في حيطان ابن عباس فجاء ابن عباس وحسن وحسين فطافوا في البستان فنظروا ثم جاءوا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها فقال لي حسن : يا مُدرك أعندك غداء ؟ قلت : قد خبزنا ، قال : إئت به . قال : فجئته بخبز وشئ من ملح جريش وطاقتي بقل فأكل ثم قال : يا مُدرك ما أطيب هذا ؟ ثم أتى بغدائه ، وكان كثير الطعام طيّبه ـ فقال : يا مُدرك اجمع لي غلمان البستان قال : فقدم إليهم فأكلوا ولم يأكل فقلت : ألا تأكل ؟ فقال : ذاك أشهى عندي من هذا ، ثم قاموا فتوضأوا ثم قدّمت دابة الحسن فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوَّى عليه ، ثم جئ بدابّة الحسين فأمسك له ابن عباس بالركاب وسوَّى عليه ، فلما مضيا قلت : أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوّي عليهما ؟ فقال : يا لُكع أتدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مما أنعم الله عليّ به أن أمسك لهما وأسوّي عليهما(1) ؟ وهذا الاحترام والتقدير من ابن عباس للحسن والحسين دليل على محبته لهما ومعرفة فضلهما ، كما يدل على فضل ابن عباس فلا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهله . وقد كان أمير المؤمنين علي يعامل عمه العباس والد عبد الله معاملة قلّ نظيرها في الاحترام والتقدير فعن ابن عباس رضي الله عنهما ـ قال : اعتلَّ أبي العباس ، فعاده عليُّ ، فوجدني أضبط رجليه ، فأخذهما من يدي ، وجلس موضعي وقال : أنا أحقُّ بعمِّي منك ، إن كان الله عز وجل قد توَّفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمِّي حمزة وأخي جعفراً فقد أبقى لي العباس . عمُّ الرجل صِنْوُ أبيه ، وبُّره به كِبرِّه بأبيه ، اللهُمَّ هب لعمِّي عافيتك وارفع له درجته ، واجلعه عندك في علِّيِّين(2) . 16 ـ ثناء عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما عن الحسن : __________ (1) تاريخ ابن عساكر (14/69) . (2) ذخائر العُقبى صـ 337 . (1/325) قال عبد الله بن عروة : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة قال : فوالله ما قام حتى تفسّخ جبينه عرقاً فغاظني ذلك ، فقمت إليه فقلت : يا عم ! قال : ما تشاء ؟ قال : قلت رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي ، فأقمت إليه حتى تفسخ جبينك عرقاً قال : يا ابن أخي إنه ابن فاطمة ، لا والله ما قامت النساء عن مثله(1) . 17 ـ بين الحسن والحسين رضي الله عنهما : ذكر ابن خلكان (بصيغة التمريض) وقيل : دار بين الحسن والحسين كلام فتقاطعا فقيل للحسين ، لو أتين أخاك فهو أكبر منك سناً منك ، فقال : فإن الفضل للمبتدئ وأنا أكره أن يكون لي الفضل على أخي ، فبلغ ذلك الحسن فأتاه(2) . 18 ـ أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدة وخالاً وخالة وعماً وعمة : قال معاوية ـ وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ـ من أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدّة وخالاً وخالة وعماً وعمّة ؟ فقام النعمان بن العجلان الزُرقاني ، فأخذ بيد الحسن فقال : هذا أبوه علي وأمه فاطمة وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ، وعمته أمّ هاني بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته زينب(3) . 19 ـ محبة الناس له ولأخيه الحسين وازدحامهم عليهما في البيت الحرام : __________ (1) تاريخ ابن عساكر (14/70) . (2) وفيات الأعيان (2/69) . (3) تاريخ ابن عساكر (14/70) . (1/326) قال أبو سعيد : رأيت الحسن والحسين صليا مع الإمام العصر ثم أتيا الحجر فاستلماه ثم طافا أسبوعاً وصليا ركعتين ، فقال الناس : هذان ابنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فحطمهما الناس حتى لم يستطيعا أن ويمضيا معهما رجل من الركانات وأخذ الحسين بيد الركاني(1) ، وردّ الناس عن الحسن ـ وكان يجله وما رأيتهما مرّا بالركن الذي يلي الحجر من جانب الحجر إلا استلماه قال : قلت لأبي سعيد(2) ، فلعله بقي عليهما بقيه من سُبُوع قطعته الصلاة ؟ قال : لا بل طافا أسبُوعاً تاماً(3) . ثالثاً : من أقواله وخطبه ومواعظه التي حفظها عنه الناس : 1 ـ قال الحسن بن علي : هلاك الناس في ثلاث : الكبر والحرص والحسد ، فالكبر هلاك الدين ، وبه لُعن إبليس ، والحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة ، والحسد رائد السؤ ومنه قتل قابيل هابيل(4) فهذه الأمراض القلبية حذر منها الحسن بن علي رضي الله عنه وهي من أشد الأمراض علة وإليك بعض البيان : أ ـ مرض الكبر : قول الحسن : فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبلس : الكبر نقيض التواضع ، وهو استعظام النفس واستكبار حالة نفسه ، والنظر إلى الآخرين بعين الاحتقار وهو من عظيم الآفات ، وعنه تتشعب أكثر البليات يستوجب به من الله عز وجل سرعة العقوبة والغضب لأن الكبر لا يحق إلا لله عز وجل ، ولا يليق ولا يصلح لمن دونه ، إذ كل من سواه عبد مملوك ، وهو المليك الإله القادر ، فيستحق المتكبر أن يقصمه الله عز وجل ويحقره ويصغره ، إذ تعدى قدره ، وتعاطى ما لا يصلح لمخلوق(5) . __________ (1) كأنه منسوب إلى ركانه بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلب الذي صارعه النبي صلى الله عليه وسلم مرتين ، كما في مادة ركن من القاموس وشرحه . (2) القائل الراوي وهو عمارة بن معاوية الدّهني . (3) تاريخ ابن عساكر (14/69) . (4) علموا أولادم حب صـ 31 . (5) منهج الإسلام في تزكية النفس 342 . (1/327) ـ علامات الكبر ، وللكبر علامات في الظاهر تدل عليه ، فمنها : حب التقدم على الناس ، وإظهار الترفع عليهم ، وحب التصدر في المجالس والتبختر في المشية ، والاستنكاف من أن يرد عليه كلامه وإن كان باطلاً ، والامتناع من قبوله ، والاستخفاف بضعفاء المسلمين ومساكينهم ، ومنها تزكيته لنفسه والثناء عليها ، والفخر بالآباء والتبجح بالنسب ، والتكبر بالمال والعلم ، والعمل والعبادة والجمال والقوة ، وكثرة الأتباع والأنصار والعشيرة ونحو ذلك(1) . الوقاية والعلاج من هذا المرض : ـ أن يُسائل المسلم نفسه وأن يراقب قلبه ، هل هو متكبر ؟ هل يميل إلى التكبر ؟ فإن وجد نفسه ميالاً إلى التواضع كارهاً التكبر وأهله ، فليحمد الله عز وجل على ما أنعم عليه وأفضل وإلا عاتب نفسه ، وحاسبها وجاهدها ، وعاقبها بكثرة الذكر والعبادة والصيام والطاعة وحرمانها من كثير من الراحة واللهو والرغبات المباحة حتى تعود إلى رشدها ، وتبتعد عن طريق غيها ، وتشفى من مرضها . وأن يضع المسلم نصب عينه حقيقة هذا المرض ونتائجه في الدنيا والآخرة ، وحكمه في الشريعة ، وعقابه في الدنيا والآخرة ، ومن القرآن والسنة والواقع ، وقصص الصالحين وحياتهم ، فهذا القرآن الكريم يظهر أن الكبر من صفات الشيطان قال تعالى في إبليس اللعين : ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) (البقرة ، الآية : 34) . والمتكبر لا يحبه الله ، كما قال تعالى : ((لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)) (النحل ، الآية : 23) . وقال سبحانه : ((وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) (لقمان ، الآية : 18) . __________ (1) المصدر نفسه صـ 342 . (1/328) والخيلاء والفخر من أوصاف المتكبر ، والمتكبر متعرض لأن يطبع الله على قلبه ، كما قال تعالى : ((الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)) (غافر ، الآية : 35) . فإن تكبر بالعلم والعبادة وهو أعظم آفات التكبر ، فعليه أن يعلم أن حجة الله على أهل العلم ...... ، وأنه يحتمل من الجاهل مالا يحتمل من العالم ، وبالتكبر يعصي الله عز وجل عن علم فجنايته أفحش وخطره أعظم ، وأن تكبر من جهة النسب ، فليعلم أن هذا تعزز بكمال غيره ثم يعلم أباه وجدّه ، فإن أباه القريب نطفة قذرة ، وأباه البعيد تراب ، ومن اعتراه الكبر بالجمال ، فلينظر إلى باطنه نظر العقلاء ولا ينظر إلى ظاهره نظر البهائم ، ومن اعتراه من جهة القوة ، فليعلم أنه لو آلمه عرق عاد أعجز من عاجز ، ومن تكبر بسبب الغنى فلينظر لمن هو أغنى منه قارون وهامان وما حل بهما ، من كل ذلك يجد نفسه أصغر من أن يتكبر ، وما عليه إلا أن يتواضع فيرفعه الله ويعزه ، ويعلو شأنه ويرضى الله عنه في الدنيا والآخرة وأن يعتبر بالآخرين ممن ذكروا في القرآن الكريم أو السنة الشريفة ، أو من قصص الأقدمين والحاضرين ممن تكبروا ، فما كان مصيرهم ومآلهم وخزيهم في الدنيا والآخرة ؟ يعتبر منهم فيتقي نفسه من التكبر ويعالجها إن مرضت ، وأن يصاحب المتواضعين من الصالحين لينتفع منهم ويكسب من أخلاقهم وأقوالهم وطريقة معاملتهم للآخرين ويبتعد عن المتكبرين ولا يجالسهم ، حتى لا يكسب منهم ما يضره في الدنيا والآخرة ، أو يتأثر بهم فينساق في أهوائهم وضلالاتهم(1) . ب ـ الحرص : قول الحسن : والحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة : __________ (1) منهج الإسلام في تزكية الإسلام صـ 346 . (1/329) …قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه(1) ، فهذا مثل عظيم جداَ ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا ، وأنَّ فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين جائعين ضاريين باتا في الغنم قد غاب عنها رِعاؤها ليلاً ، فهما يأكلان في الغنم ويفترسان فيها ، ومعلوم أنه لا ينجلو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه إلا قليل ، فأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ حرص المرء على المال والشرف إفساد لدينه ليس بأقلَّ من إفساد الذئبين لهذه الغنم ، بل إما أن يكون مساوياً وإما أكثر . يشير إلى أنه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل ، فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شرِّ الحرص على المال والشرف في الدنيا فأما الحرص على المال فهو على نوعين : …ـ حال من حرص على جمع المال : __________ (1) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان رقم 3218 حسن صحيح . (1/330) …* أحدهما شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه المباحة والمبالغة في طلبه ، والجدُّ في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع الجهد والمشقة وقد ورد أن سبب الحديث كان وقوع بعض أفراد هذا النوع ، كما أخرجه الطبراني(1) من حديث عاصم بن عديّ رضي الله عنه قال : اشتريت مائة سهم من سهام خيبر فبلغ ذلك النبيَّ صلّى الله عليه وسلم فقال : ما ذئبان ضاريان ضَلاَّ في غنم أضاعها ربُّها بأفسد في طلب المسلم المال والشرف لدينه(2) . وقد علق ابن رجب ـ رحمه الله ـ على الحديث فقال : ولو لم يكن في الحرص على المال إلا تضييع العمر الشريف الذي لا قيمة له ، وقد يُمكِّن صاحبه فيه اكتساب الدرجات العلى والنعيم المقيم ، فضيَّعه بالحرص في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه إلا ما قُدِّر وقُسم ، ثمَّ لا ينتفع به ، بل يتركه لغيره ، ويرتحل عنه فيبقى حسابه عليه ونفعه لغيره فيجمع لمن لا يحمده ، ويقدَّم على مَنْ لا يعذره لكفاه بذلك ذماً للحرص ، فالحريص يضيع زمانه الشريف ، ويخاطر بنفسه التي لا قيمة لها في الأسفار وركوب الأخطار لجمع مال ينتفع به غيره ، كما قيل : ………ومن ينفق الأيام في جمع ماله …………………مخافة فقر فالذي فعل الفقر(3) __________ (1) الطبراني في الأوسط (1/470) رقم 855 . (2) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان رقم 3218 حسن صحيح . (3) ما ذئبان جائعان لابن رجب صـ 23 . (1/331) …وقال ابن مسعود رضي الله عنه : اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله ولا تحسدنَّ أحداً على رزق الله ، ولا تلوم أحداً على ما لم يؤتك الله ، فإنّ الرزق لا يسوقه حِرصُ حريصٍ ، ولا ترده كراهة كاره ، فإن الله بقسطه جعل الروح والفرح في اليقين والرِّضا . وجعل الهمَّ والحزن في الشك والسَّخط(1) ، وكان عبد الواحد بن زيد يحلف بالله لحرص المرء على الدنيا أخوف عليه عندي من أعْدَى أعدائه . وكان يقول : يا أخوتاه لا تغبطوا حريصاً على ثروته وسعته في مكسب ولا مال وانظروا له بعين المقت له في اشتغاله اليوم بما يرديه غداً في المعاد ثمَّ يتكبَّر وكان يقول : الحرص حرصان : حرص فاجع ، وحرص نافع ، فأما النافع فحرص المرء على طاعة الله ، وأما الحرص الفاجع ، فحرص المرء على الدنيا(2) . وكتب بعض الحكماء إلى أخ له كان حريصاً على الدنيا : أما بعد : فإنك أصبحت حريصاً على الدنيا تخدمها وهي تخرجُك من نفسها بالأعراض والأمراض والآفات والعلل ، كأنك لم تر حريصاً محروماً ولا زاهداً مرزوقاً وقال بعض الحكماء : أطول الناس هماً الحسود ، وأهنؤهم عيشاً القنوع وأصبرهم على الأذى الحريص ، وأخفضهم عيشاً أرفضهم للدنيا وأعظم ندامة العالم المفرِط(3) . قال الشاعر : …………الحرص داء قد أضرَّ …………………بمن ترى إلاَّ قليلا …………كم من حريص طامع …………………والحرص صيَّرهُ ذليلاً(4) …وقال الشاعر محمود الوراق : …………ونازح الدار لا ينفك مغترباً …………………عن الأحبة لا يدرون بالحال …………بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها …………………لا يخطر الموت من حرص على بال …………ولو قنعت أتاك الرزق في دعة …………………إنَّ القنوع الغِنَى لا كثرة المال …وقال أيضاً : …………أيها المتعب جهداً نفسه …………………يطلب الدنيا حريصاً جاهداً …………لا لك الدنيا ولا أنتَ لها __________ (1) المصدر نفسه صـ 26 . (2) ما ذئبان جائعان صـ 26 . (3) المصدر نفسه صـ 27 . (4) المصدر نفسه صـ 27 . (1/332) …………………فاجعلِ الهمينِ هماً واحداً(1) وأما النوع الثاني : من الحرص على المال أن يزيد على ما سبق ذكره في النوع الأول ، حتى يطلب المال من الوجوه المحرّمة ويمنع الحقوق الواجبة ، فهذا من الشحِّ المذموم ، قال الله تعالى : ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (التغابن ، الآية : 16) . وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الشحَّ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا ، وأمرهم بالبخل فبخلوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا(2) ، وقال طائفة من العلماء : الشُّحُّ هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحِبَهُ على أن يأخذ الأشياء من غير حِلِّها ، ويمنعها حقوقها(3) ، والبخل هو إمساك الإنسان ما في يده . والشّحُ تناول ما ليس له ظلماً وعُدْواناً من مال أو غيره . حتى قيل : إنه رأس المعاصي كلِّها ، وبهذا فسَّرَ ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف الشحَّ والبخل(4) ، وقد يستعمل الشُّح بمعنى البخل وبالعكس ، ولكنَّ الأصل هو التفريق بينهما على ما ذكرناه ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصاً بيِّناً ، فإن منع الواجبات وتناول المحرمات ينقص بهما الدين والإيمان بلا ريب حتى لا يبقى منه إلا القليل(5) ، وأما حرص المرء على الشرف فهو أشد إهلاكاً من الحرص على المال ، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها ، والرياسة على الناس ، والعُلُوِّ في الأرض أضرُّ على العبد من طلب المال ، وضرره أعظم ، والزهد فيه أصعب ، فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف والحرص على الشرف قسمين : أحدهما : طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال ، وهذا خطر جِدَّاً وهو في الغالب يمنع خير الآخرة __________ (1) المصدر نفسه صـ 29 . (2) سنن أبي داود (2/324) رقم 1698 ، صححه الألباني . (3) ما ذئبان جائعان صـ 31 . (4) المصدر نفسه صـ 31 . (5) المصدر نفسه صـ 31 . (1/333) وشرفها وكرامتها وعزَّها ، قال تعالى : ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) (القصص ، الآية : 83) ، وقلَّ من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيُوفَّقُ ، بل يُوكَلُ إلى نفسه ، كما قال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه : يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أُعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها(1) . واعلم أنَّ الحرص على الشرف يستلزم ضرراً عظيماً قبل وقوعه في السّعي في أسبابه ، وبعد وقوعه بالحرص العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظُّلم والتكبر وغير ذلك من المفاسد(2) . وأما القسم الثاني ، طلب الشرف والعلوِّ على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد ، فهذا أفحش من الأول ، وأقبح فساداً وخطراً ، فإن العلم والعمل والزهد إنما يطلب به ما عند الله من الدرجات العُلى والنعيم المقيم ، القُرب منه ، والزُّلفى لديه(3) ، وأما طريقة العلاج من الحرص المذموم ، فيكون بالزهد وفيه أسباب عديدة منها : ـ نظر العبد إلى سوء عاقبة الشرف في الدنيا بالولاية والإمارة لمن لا يؤدي حقها في الآخرة . ـ نظر العبد إلى عقوبة الظالمين والمتكبرين ، ومن ينازع الله رداء الكبرياء . ـ نظر العبد إلى ثواب المتواضعين لله في الدنيا بالرفعة في الآخرة ، فإن من تواضع لله رفعه الله . __________ (1) البخاري رقم 6622 . (2) ما ذئبان جائعان صـ 43 ، 35 . (3) المصدر نفسه صـ 47 . (1/334) ـ وليس هو في قدرة العبد ولكنه من فضل الله ورحمته ما يعوِّض الله عباده العارفين به الزاهدين فيما يغني المال والشرف مما يعجِّلُهُ الله لهم في الدنيا من شرف التقوى وهيبة الخلق لهم في الظاهر ، ومن حلاوة المعرفة والإيمان والطاعة في الباطن ، وهي الحياة الطيبة التي وعدها الله لمن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن وهذه الحياة الطيبة لم يذقها الملوك في الدُّنيا ولا أهل الرياسات ، والحرص على الشرف كما قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجادلونا عليه بالسيوف . ومن رزقه الله ذلك اشتغل به عن طلب الشرف الزائل ، والرياسة الفانية(1)، قال تعالى : ((وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)) (الأعراف ، الآية : 26) وقال : ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)) (فاطر ، الآية : 10) . فالحسن بن علي رضي الله عنه يحذرنا من الحرص المذموم ولذلك قال : الحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة(2) . جـ ـ الحسد : قال الحسن : والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل : __________ (1) ما ذئبان جائعان صـ 75 ، 76 . (2) علموا أولادكم حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم صـ 131 . (1/335) …الحسد نقيض الحب الذي هو تمني الخير للآخرين ، فهو تمني زوال النعمة عن المحسود ، وهو مرض مهلك مذموم وقبيح ، أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من شر الحاسد كما أمره بالاستعاذة من شر الشيطان ، فقال تعالى : ((وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)) (الفلق ، الآية : 5) ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً(1) ، وقال أنس : كنا يوماً جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة قال فطلع علينا رجل من الأنصار ينفض لحيته من وضوئه ، قد علّق نعليه في يده الشمال ، فسلم ، فلما كان الغد قال صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل ، وقاله في اليوم الثالث فطلع ذلك الرجل ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له : إني لآحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً ، فإن رأيت أن تأويني إليك حتى تمضى الثلاث فعلت ، فقال : نعم فبات عنده ثلاث ليال ، فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا انقلب عن فراشه ذكر الله تعالى ، ولم يقم إلا لصلاة الفجر ، قال : غير أني ما سمعته يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ، وكدت أن أحتقر عمله فقلت : يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هَجْر ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا ، فأردت أن أعرف عملك فلم أرك تعمل عملاً كثيراً ، فما الذي بلغ بك ذاك ؟ فقال : ما هو إلا ما رأيت فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما رأيت ، غير أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشاً ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه . قال عبد الله فقلت له هي التي بلغت بك ، وهي التي لا نطيق(2) ، والحسد له أسباب كثيرة منها العداوة والبغضاء والعجب وحب الرياسة ، وخبث النفس وبخلها __________ (1) البخاري رقم 6065 . (2) مسند أحمد (3/166) إسناده صحيح . (1/336) وغيرها من أمراض القلب الأخرى، فالحسد جامع الآفات والأمراض ، وهو من أشدها مذهباً للدين والإيمان والحب والإخاء ، وهو مفسدة وأي مفسدة ويكثر الحسد بين أقوام تكثر بينهم الأسباب التي ذكرناها ، ويقع ذلك غالباً بين الأقران ، والأمثال والإخوة وبني العم ، وأصحاب المهن والأعمال ، وبين العلماء والتجار ، لأن سبب التحاسد توارد الأغراض على مقاصد يحصل فيها فيثور التنافر والتباغض ، فأصل الحسد التزاحم على غرض واحد ومنشأ جميع ذلك حب الدنيا ، والدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين(1) . ـ علاج مرض الحسد : هناك عدة أدوية تقي وتعالج من مرض الحسد منها : ـ العلم بأن مرض الحسد ضرر على الحاسد في الدين والدنيا ، وأنه لا يضر المحسود في الدين ولا في الدنيا ، وأن النعمة لا تزول عن المحسود بحسد الحاسد ، فماذا يستفيد الحاسد من حسده إلا البغض والألم والحسرة والانفعال وذهاب الدين والدنيا ، فكيف يريد الحاسد زوال نعمة أنعمها الله عز وجل على المحسود ، فالله أحب أن ينعم على عبده ، والحاسد يحب زوالها فقد أحب ما كره الله وكره ما أحب الله وهذا داء مزيل للإيمان ، لأن صاحبه لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير . ـ التذكر الدائم لمساوئ هذا المرض في الدين والدنيا ، وبغض الله عز وجل له وكراهية النبي صلى الله عليه وسلم له ، والنتيجة التي ينالها الحاسد في الدنيا والآخرة كل يساعد على فهم حقيقة الحسد ، والوقاية منه والبعد عنه وطلب العلاج . ـ العبرة من الآيات والأحاديث والقصص وواقع الحاسدين ، ونتائج حسدهم ، كل ذلك يساعد على الوقاية والعلاج من هذا المرض الخطير . ـ محاسبة النفس ومعاتبتها عند كل فكرة حسد تعرض عليه ، ومحاولته كف نفسه عن المحسود ، بل الثناء عليه ، والدعاء له ، بالحفظ والزيادة ، ولا مانع من أن يتمنى لنفسه مثل ذلك دون حسد الآخرين . __________ (1) منهج الإسلام في تزكية النفس صـ 340 . (1/337) ـ الرضا بعطاء الله ومنحه ، والقناعة بذلك ، والإيمان بأن الرزق والعطاء والفضل من الله يؤتيه من يشاء وكيفما يشاء ، ولا أحد يستطيع أن يزيل نعمة أنعمها الله على عبد من عباده ، وأنه لا ينال عطاء الله إلا بفضل الله وإرادته ، ولا يملك العبد إلا الرضا والدعاء والالتجاء ، فلِمَ لا يقف العبد على الباب الذي يجلب الخير ؟ ولِمَ يبتعد عن المرض الذي يجلب الشر(1) ؟ فالحسن بن علي رضي الله عنه يحذرنا من الحسد ولذلك قال : والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل(2) ، عندما حسد أخيه على تقبل الله منه ولم يتقبل منه هو . 2 ـ مقام الرضا بين الحسن وأبي ذر : __________ (1) منهج الإسلام في تزكية النفس صـ 341 . (2) علموا أولادكم محبة آل بيت النبي صـ 31 . (1/338) قال أبو العباس محمد بن يزيد المبّرِّدُ : قيل للحسن بن عليِّ : إن أبا ذرِّ يقول : الفقر أحبُّ إليَّ من الغنى ، والسَّقم أحبُ إليَّ من الصحة ، فقال : رحم الله أبا ذرَّ ، أما أنا فأقول : من اتَّكل على حسن اختيار الله له لم يتمنَّ أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له وهذا حد الوقوف على الرِّضا بما تصرَّف به القضاء(1) . إن الحسن بن علي رضي الله عنه في حديثه هذا يصف لنا شيئاً من أعمال القلوب وهذا دليل على معرفته بهذا العمل العزيز ، فالرضا من أعمال القلوب ، نظير الجهاد من أعمال الجوارح ، فإنَّ كل واحد منهما ذروة سنام الإيمان(2) ، فالرضا ثمرة من ثمار المحبة ـ لله عز وجل ـ وهو أعلى مقامات المقرّبين ، وحقيقته غامضة على الأكثرين . وهو باب الله الأعظم ، ومستراح العارفين ، وجنة الدنيا ، فجدير بمن نصح نفسه أن تشتد رغبته فيه ، وأن لا يستبدل بغيره منه ورضا الله على العبد أكبر من الجنة وما فيها ، لأن الرضا صفة الله والجنة خلقه قال تعالى : ((وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ)) (التوبة ، الآية : 72) ، بعد قوله : (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة ، الآية : 72) . وهذا الرضا جزاء من رضاهم عنه في الدنيا ، ولما كان هذا الجزاء أفضل الجزاء ، كان سببُه أفضال الأعمال ، والسخط باب الهمِّ والغمِّ وشتات القلب ، وكَسْف البال ، وسُوء الحال ، والظنَّ بالله خلاف ما هو أهله ، والرضا يخلّصه من ذلك كلّه ، ويفتح له باب جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ، فالرضا يوجب له الطمأنينة وبَرد القلب وسكونه وقراره ، والسُّخط يُوجب اضطراب قلبه ، وريبته وانزعاجه ، وعدم قراره ، __________ (1) البداية والنهاية (11/199) . (2) مدارج السالكين (2/214) . (1/339) والسُّخط يوجب تلون العبد ، وعدم ثباته مع الله ، فإنه لا يرضى إلاَّ بما يلائم طبعه ونفسه ، والمقادير تجري دائماً بما يلائمه وما لا يلائمه ، وكلّها جرى عليها منه ما لا يلائمه أسخطه فلا تثبت له قدم على العبودية ، فإذا رضي عن ربه في جميع الحالات استقرت قدمه في مقام العبودية ، فلا يُزيل التلوُّن عن العبد شئٌ مثل الرضا ، والرضا يفرِّغ القلب لله ، والسُّخط يُفرِّغ القلب من الله ، فإنّ من ملأ قلبه من الرضا ، ملأ الله صدره غنىً وأمناً وقناعة وفرّغ قلبه لمحبّته والإنابة إليه والتوكل عليه ، ومن فاته حظُّه من الرضا امتلأ قلبه بضدّ ذلك واشتغل عمّا فيه سعادته وفلاحه ، وبداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من جملة المقامات ، ونهايته من جملة الأحوال وليس مكتسبة ، فأوَّله مقام ونهايته حال وقد مدح الله أهله وأثنى عليهم وندبهم إليه ، فدلّ ذلك على أنّه مقدور لهم . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً ، وبمحمد رسولاً(1) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال حين يسمع المؤذن : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً ، وبمحمد رسولاً ، وبالإسلام ديناً . غفر الله له ما تقدم من ذنوبه(2) . قال ابن القيم : وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين ، وإليهما ينتهي . وقد تضمّنا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته ، والرضا برسوله ، والانقياد له والرضا بدينه ، والتسليم له . ومن اجتمعت له هذه الأربعة ، فهو الصديق حقّاً ، وهي سهلة بالدعوى واللسان ، وهي من أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان ، ولاسيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادّها ، من ذلك تبيّن أن الرضا كان لسانه به ناطقاً ، فهو على لسانه لا على حاله . __________ (1) مسلم رقم 43 (1/62) . (2) مسلم رقم 386 (1/290) . (1/340) ـ فارضا بإلهيته : يضمن الرضا بمحبته وحده وخوفه ، ورجائه والإنابة إليه ، والتبتُّل إليه ، وانجذاب قوى الإرادة والحبّ كلها إليه ، فعل الراضي بمحبوبه كلّ الرضا ، وذلك يتضمّن عبادته والإخلاص له . ـ والرضا بربوبيّته : يتضمّن الرضا بتدبيره لعبده ، ويتضمّن إفراده بالتوكل عليه ، والاستعانة به ، والثقة به ، والاعتماد عليه ، وأن يكون راضياً لكل ما يفعل به ، فالأول ، يتضمن رضاه بما يؤمر به ، والثاني : يتضمّن رضاه بما يُقدِّر عليه . (1/341) ـ وأما الرضا بنبيّه رسولاً : فيتضمن كمال الانقياد له ، والتسليم المطلق إليه بحيث يكون أولى به من نفسه وأن يكون متميزاً بمكانته عن غيره من البشر فلا يشاركه أحداً مكانته ولا خصوصيته ، فلا يتلقّى الهدى إلا من مواقع كلماته ، ولا يحاكم إلا إليه ، ولا يحكّم عليه غيره ، ولا يرضى بحكم غيره البتة ، ولا في شئ من أسماء الربّ وصفاته وأفعاله ، ولا في شئ من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته ، ولا في شئ من أحكام ظاهره وباطنه ، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره ، ولا يرضى إلا بحكمه ، فإن عجز عنه كان تحكيمه غيَره من باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يعينُهُ إلا من الميتة والدم ، وأحسن أحواله : أن يكون من باب التراب ، الذي إنما يُتيمَّم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور ، وأما الرضا بدينه ، فإذا قال ، أو حكم أو أمر ، أو نهى : رضي كل الرضا ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسَلَّم له تسليماً ، ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها أو قوْل مُقلِّده وشيخه وطائفته(1) .. وقال : .. فإن الرضا آخر التوكّل ، فمن رسخ قدمه في التوكل والتسليم والتفويض حصل له الرضا ولابدّ ، ولكن لعزَّته وعدم إجابة أكثر النفوس له ، وصعوبته عليها ـ لم يُوجبه الله على خلقه ، رحمة بهم ، وتخفيفاً عنهم ، لكن ندبهم إليه ، وأثنى على أهله ، وأخبر أن ثوابه رضاه عنهم ، الذي هو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها ، فمن رضي عن ربِّه رضي الله عنه ، بل رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه ، فهو محفوف بنوعين من رضاه عن عبده ، رضا قلبه ، أوجب له أن يرضى عنه ، ورضاً بعده وهو ثمرة رضاه عنه ، ولذلك كان الرضا باب الله الأعظم ، وجنة الدنيا ، ومستراح العارفين ، وحياة المحبّين ، ونعيم العابدين ، وقُرّة عيون المشتاقين . كيف تحقق الرضا ؟ : __________ (1) مدارج السالكين (2/172 ـ 173) صلاح الأمة في علو الهمّة (4/491 ، 492) . (1/342) إن من أعظم أسباب حصول الرضا : أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه ، فإنه يوصله إلى مقام الرضا ولابد . قيل ليحي بن معاذ : متى يبلغ العبد مقام الرضا ؟ فقال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يُعامل به ربَّه ، فيقول : إن أعطيتني قبلت ، وإن منعتني رضيت ، وإن تركتني عبدت ، وإن دعوتني أجبت . وقال الجنيد : الرضا هو صحة العلم الواصل إلى القلب ، فإذا باشر القلب حقيقة العلم ، أدّاه إلى الرضا ، وليس "الرضا والمحبة" كالرجاء والخوف ، فإنّ الرضا والمحبة حالان من أحوال أهل الجنة ، لا يفارقان المتلبِّس بها في الدنيا ، ولا في البرزخ ، ولا في الآخرة ، بخلاف الخوف والرجاء ، فإنهما يفارقان أهل الجنة بحصول ما كانوا يرجونه ، وأمّنهم مما كانوا يخافونه ، وإن كان رجاؤهم لما ينالون من كرامته دائماً لكنّه ليس رجاءً مشوباً بشكٍّ ، بل هو رجاء واثق بوعد صادق ، من حبيب قادر ، فهذا لون ورجاؤهم في الدنيا لون . وقال ابن عطاء : الرضا سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنَّه اختار له الأفضل ، فيرضى به(1) . وقال بعض العارفين : من يتوكل على الله ، ويرضى بقدر الله ، فقد أقام الإيمان ، وفرغ يديه ورجليه لكسب الخير ، وأقام الأخلاق الصالحة التي تُصلح للعبد أمره والرضا يفتح باب حُسن الخلق مع الله تعالى ومع الناس ، فإن حسن الخلق من الرضا ، وسوء الخلق من السخط ، وحسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم ، وسوء الخلق يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والرضا يُثمر سرور القلب بالمقدور في جميع الأمور وطيب النفس وسكونها في كل حال .. ولهذا سمَّي بعض العارفين الرضا : حسن الخلق مع الله ، فإنه يوجب ترك الاعتراض عليه في ملكه ، وحذف فضول الكلام التي تقدح في حسن خُلقه(2) . قال الشاعر : ……العبد ذو ضجر والرب ذو قدر ………………والدهر ذو دول والرزق مقسوم __________ (1) مدارج السالكين (2/174 ـ 175) . (2) صلاح الأمة (4/512) نقلاً عن مدارج السالكين (1/343) ……والخير أجمع في ما اختار خالقنا ………………وفي اختياره سواه اللَّوْمُ والشُّومُ وقال الشاعر : ……إذا ارتحل الكرام إليك يوماً ………………ليلتمسوك حالاً بعد حال فإنَّ رحالنا حطت لترضى …………بحلمك عن حلول وارتحال أنخنا في فنانك يا إلهي …………إليك مُعَرَّضين بلا اعتلال فسُسْنَا كيف شئت ولا تكلنا …………إلى تدبيرنا يا ذا المعالي(1) فهذه بعض المعاني في مقام الرضا توضح قول أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه عندما قال : من اتكل على حسن اختيار الله له ، لم يتمنَّى أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرَّف به القضاء(2) . __________ (1) صلاح الأمة في علو الهمّة (4/529) . (2) البداية والنهاية (11/199) . (1/344) 3 ـ قال أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنه : إني أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني ، وكان عظيم ما عظَّمه في عيني صِغرُ الدنيا في عينه ، كان خارجاً عن سلطان بطنه ، فلا يشتهي مالا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان خارجاً من سلطان فرجه ، فلا يستخف له عقله ولا رأيه ، وكان خارجاً من سلطان الجهلة ، فلا يمد يداً إلا على ثقة المنفعة ، كان لا يسخط ولا يتبرم ، كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إذا غُلِب على الكلام لم يُغلَب على الصمت ، كان أكثر دهره صامتاً ، فإذا قال بذَّ القائلين ، كان لا يشارك في دعوى ، ولا يدخل في مراء ، ولا يدلي بحجة حتى يُرى قاضياً يقول ما يفعل ، ويفعل ما لا يقول تفضلاً وتكرماً ، كان لا يغفل عن أخوانه ، ولا يستخص بشئ دونهم ، كان لا يلوم أحداً فيما يقع العُذر بمثله ، كان إذا ابتدأه أمران لا يَرى أيهما أقرب إلى الحقِّ ، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه(1) . ففي هذا الأثر ترشيد وتوضيح وتعليم للناس نحو صفات كريمة وأخلاق حميدة ، وهذا منهج سلوكي رفيع ينبغي أن نربي عليه أنفسنا وأبنائنا حتى يتحول إلى واقع ملموس في الحياة ، ونستفيد من ذلك الأثر دروساً وعبر منها : ـ قول الحسن رضي الله عنه : وكان عظيم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه(2) : ولا تصغر الدنيا إلا في عين من عرف حقائق الأمور واستقر التصور الصحيح عن الله والحياة والكون والجنة والنار ، والقضاء والقدر واستوعب بعمق فقه القدوم على الله تعالى فعمل للباقي وترفع عن الفاني ، وأيقن أن الدنيا دار اختبار وابتلاء وعليه ، فإنه مزرعة للآخرة ، ولذلك تحرّر من سيطرة الدنيا بزخارفها ، وزينتها ، وبريقها وخضع وانقاد وأسلم نفسه لربه ظاهراً وباطناً ، وكان وصل إلى حقائق استقرت في قلبه ساعدته على الزهد في هذه الدنيا ، ومن هذه الحقائق . __________ (1) المصدر نفسه (11/199) . (2) المصدر نفسه (11/199) . (1/345) * اليقين التام بأننا في هذه الدنيا أشبه بالغرباء أو عابري سبيل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل(1) . * إن هذه الدنيا لا وزن لها ولا قيمة عند رب العزة إلا ما كان منها طاعة لله تبارك وتعالى ، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم : لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء(2) ، وقال صلى الله عليه وسلم : الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالماً أو متعلماً(3) . * إن عمرها قد قارب على الانتهاء ، إذ يقول صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين بالسبّابة والوسطى(4) ، وتبدأ قيامة الإنسان بموته والعمر قصير ، فإذا استثنينا منه فترة الطفولة والنوم والكدر فكم يصفى لنا منه . * إن الآخرة هي الباقية ، وهي دار القرار ، كما قال مؤمن آل فرعون : ((يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ القرَار * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)) (غافر ، الآية : 39 ، 40) فإذا استقرت هذه الحقائق في قلب الأخ المسلم تصغر الدنيا في عينه . __________ (1) الترمذي ، ك الزهد رقم 2333 وهو حديث صحيح . (2) الترمذي ، ك الزهد رقم 2320 . (3) الترمذي ، ك الزهد رقم 2322 وقال : حسن غريب . (4) مسلم ، ك الفتن وأشراط الساعة رقم 132 ـ 135 . (1/346) ـ قول الحسن رضي الله عنه : كان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي مالا يجد ولا يكثر إذا وجد(1) ، ففي هذا التوجيه دعوة إلى ترك فضول الطعام ، لأنه داع إلى أنواع كثيرة من الشرب ، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي ويثقلها عن الطاعات وحسبك بهذين شراً ، فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام ، وكم من طاعة حال دونها ، فمن وفي شر بطنه فقد وفي شراً عظيماً والشيطان أعظم ما يتحكم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام(2) ، ولذلك حذرنا ربنا سبحانه من إتباع وساوسه ومكائده التي تؤدي إلى طغيان شهوة البطان وعدم الاكتفاء بالحلال ، فقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين)) (البقرة ، الآية : 168) ، كما أرشد سبحانه إلى الاعتدال في الطعام والشراب لئلا يؤدي ذلك إلى تسلط شهوة البطن وانحرافها قال تعالى ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرَِفين)) ( الأعراف ، الآية : 31 ) . فالأمر التي تدل على تسلط شهوة البطن أن يُكثر صاحبها من الطعام والشراب فوق الحاجة ، ويبالغ في الشبع ويفرط فيه وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أخطار هذا الإسراف وضرره على الجسد والنفس ، وذلك فيما رواه الترمذي عن مقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه(3) . وفي هذا الحديث النبوي بيان للمنهج السوي الذي ينبغي التمسك به في الإقلال من الطعام والشراب وعدم الإسراف في شهوة البطن لأن هذا الإسراف يؤدي إلى الشر الكبير ، وليس المقصود بالشر __________ (1) البداية والنهاية (11/199) . (2) جهاد النفس / على الدهامي صـ 93 . (3) الترمذي ، ك الزهد ، رقم 380 ، حديث حسن صحيح (1/347) هنا ما يتعلق بأمراض المعدة فحسب ، وإنما المقصود أيضاً الشر الذي يصيب النفس حينما تعتاد الشرهَ في الطعام والشراب وشدة التعلق بهما فيتحول الطعام من وسيلة للغذاء وتقوية البدن إلى غاية وهدف يسعى صاحبه من أجله ويصبح ذلك السعي شغله الشاغل حتى تصبح همته مصروفة إليها ، فمهما شبعت بطنه لا تشبع نفسه ، لأن شهوة البطن أضحت عنده مقياس السعادة (1)، فطغيان شهوة البطن لا يعني كثرة الأكل فحسب لأن كثرة الأكل عرض ظاهري لهذا المرض ، وإنما حقيقة المرض في شَرَه النفس وما دِّيتها وتحول الطعام من وسيلة إلى غاية حتى يصبح الإنسان كالبهائم التي تسيِّرها شهواتها وفي ذلك يقول الله عز وجل : ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)) (محمد ، الآية : 12) ، وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد (2). ومعنى هذا الحديث أن من شأن المؤمنين التقليل من الأكل للاشتغال بأسباب العبادة ، والكافر بخلاف ذلك كله لأنه تابع لشهوة نفسه مسترسل فيها غير خائف من تبعات الحرام ، وإن أكل قليلا فليس ذلك لزهده في الدنيا وإنما لمراعاة الصحة ورياضة الجسم ، فهو لشدة حرصه على الدنيا وتمسكه بها كأنه يأكل في سبعة أمعاء كما تقول : فلان يأكل الدنيا أكلاً وأما المؤمن فإنه يأكل في معي واحد ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في هذا الحديث للمؤمن وزهده في الدنيا وللكافر وحرصه عليها (3)، وقد ذكر النووي ـ رحمه الله ـ توجيهاً آخر لهذا الحديث فقال : قيل : المراد بالسبعة سبع صفات ، الحرص والشره ، وطول الأمل ، والطمع ، وسوء الطبع ، والحسد ، والسمن (4) __________ (1) أمراض النفس ، و . أنس كرزُون صـ 109 (2) مسلم رقم 2060 (3) فتح الباري شرح البخاري ( 9 / 538 ـ 539 ) (4) شرح النووي على صحيح مسلم ( 14 / 23 ) (1/348) . وقد قال : ابن القيم ـ رحمه الله ـ : لعينه وذاته كالمحرمات والثاني : ما يفسده بقدر وتعدي حده كالإسراف في الحلال والشبع المفرط ، فإنه يثقله عن الطاعات ، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولته حتى يظفر بها ، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها والتأذي بثقلها ، وقوى عليه مواد الشهوة ، وطرق مجاري الشيطان ووسعها ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فالصوم يضيق مجارية ويسد عليه طرقه والشبع يطرقها ويوسعها ، ومن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً(1) __________ (1) مدارج السالكين (1/458ـ459) (1/349) قول الحسن رضي الله عنه : وكان خارجاً من سلطان فرجه ، فلا يستخف له عقله ولا رأيه(1) ، فالحسن رضي الله عنه يدعو إلى التحكم في شهوة الفرج ولا يكون إشباعاً إلا بما شرّع المولى عز وجل ، الآن طغيانها يترتب عليه نتائج خطيرة ، كقسوة القلب وضعف الإيمان ، فكلما تمادت شهوة الفرج في الطغيات ازداد القلب قسوة وظلمة ووحشة ابتداء من النظر إلى ما حرم الله ثم الاختلاط بين الجنسين وما يتبعه من رجُّل النساء وتخنث الرجال ، وما ينتج عنه من تهوين أمر الفاحشة والتمهيد لها حتى يقع فيها وعندها يتمكن المرض من القلب ، وتبتعد عنه حقيقة الإيمان ، ومصداق ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن(2) . قال البخاري ـ رحمه الله ـ عند روايته لهذا الحديث : أي لا يكون هذا مؤمناً تاماً ولا يكون له نور الإيمان ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا زنى العبد خرج منه الإيمان ، فكان فوق رأسه كالظُلة ، فإذا أخرج من ذلك العمل رجع إليه الإيمان(3) . فأصحاب الكبائر ينزع منهم نور الإيمان ويضعف تعظيم الرب سبحانه من قلوبهم ، إذ لو استشعروا من أتى الكبائر مثل الزنى أو السرقة أو شرب الخمر وغير ذلك ، فلا بدأ أن يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور ، وإن بقى أصل التصديق في قلبه ، وهذا من الإيمان الذي ينزع منه عند فعل الكبيرة(4) ومن نتائج طغيان شهوة الفرج ، كثرة الوقوع في المعاصي ، فالمعصية ولو كانت صغيرة تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها ولا يدرك صاحبها خطرها ، فالنظرة تؤدي إلى الفكرة ثم يتولد الخاطر في القلب وتتحرك الشهوة وقد يؤدي ذلك إلى العزم على اقتراف __________ (1) البداية والنهاية (11/199) (2) البخاري ، ك الحدود (8/13) مسلم رقم 57 . (3) صححه الحاكم في المستدرك (1/22) ووافقه الذهبي . (4) كتاب الإيمان ، لابن تيمية صـ 29 . (1/350) الفاحشة ، فإن تيسرت أسبابها وقع فيها ولهذا كانت النظرة مقدمة من مقدمات الزنى ، وباباً من الأبواب الموصلة إليه ، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى ، مدرك ذلك لا محالة ، فالعينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، ، والرجل زناها الخُطا ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه(1) ، وهكذا تتدرج المعاصي في تسربها إلى قلب العبد وتأثيرها عليه حتى لا يبالي بها ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها(2) ، وفي ذلك يقول ابن اقيم ـ رحمه الله ـ : إن المعاصي تزرع أمثالها ، ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .. حتى تصير هيئات راسخة وصفات لازمة وملكات ثابتة ، ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه ، وضاق صدره حتى يعاودها ، حتى إن كثيراً من الفسَّاق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ، ولا داعية إليها إلا لما يجده من الألم بمفارقتها(3) . ومن نتائج طغيان شهوة الفرج ، ذهاب الحياء ، فإذا اعتاد العبد على مقارفة الآثام نتيجة لطغيان شهوته ، سيصل إلى حال لا يبالي فيه باطلاع الناس على أفعاله القبيحة ، بل أن كثيراً من هؤلاء يخبرون الناس بما يفعلونه ويتباهون به لأنهم انسلخوا من الحياء(4) . __________ (1) مسلم رقم 2657 . (2) أمراض النفس صـ 121 . (3) الجواب الكافي صـ 59 ـ 60 . (4) أمراض النفس صـ 122 . (1/351) وهكذا نجد أن التهاون في وقاية شهوة الفرج من الانحراف ولو كان يسيراً ، سيؤدي شيئاً فشيئاً إلى ما هو أخطر وحتى لا يقع المرء فريسة طغيان الشهوة التي يصعب التخلص من شرودها ، وتؤدي في النهاية إلى طمس قلب صاحبها وانسلاخه من الأخلاق الفاضلة بالإضافة إلى ما يصيبه من الأمراض النفسية والجسدية(1) ، فقد شرع الإسلام تدابير وقائية من طغيان شهوة الفرج منها : غض البصر وستر العورة : لأن الطريق الذي تنفذ منه سهام الشهوة إلى القلب هو البصر ولذلك أمر الله عباده بغض البصر عمّا حرّم عليهم وستر عواراتهم عمن لا يحل لهم قال تعالى : ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) (النور ، الآية : 30 ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد(2). يقول ابن القيم ـ رحمه الله : قد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته ، وإذا أطلق بصره أطلق شهوته (3)ويقول أيضاً : النظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمّية ، فإن لم تقتله جرحته ، وهي بمنزلة الشرارة من النار تُرمي في الحشيش اليابس ، فإن لم تُحرقه كلَّه أحرقت بعضه وقد قيل : كل الحوادث مبداها من النظر ……… …ومعظم النار من مُستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها …………فتك السهام بلا قوس ولا وَتر والمرء ما دام ذا عين يُقلبِّها ……في أعين الغيد موقوف على الخطر يَسُرُّ مقلته ما ضرّ مهجته لا مرحباً بسرور عاد بالضرر(4) ـ تحريم الاختلاط والأمر بحجاب النساء : __________ (1) أمراض النفس صـ 123 . (2) مسلم رقم 338 (3) روضة المحبين صـ 109 (4) المرجع نفسه صـ 114 (1/352) وقد ورد في بيان ذلك آيات قرآنية وأحاديث نبوية عديدة ومنها : قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيماً)) (الأحزاب ، الآية : 59) . وقوله تعالى : ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)) الأحزاب ، الآية : 153) وروى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله قال : إياكم والدخول على النساء . فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت(1) . والحمو : أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج كابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وقوله صلى الله عليه وسلم الحمو الموت . معناه أن الخوف منه أكثر من غيره لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي(2) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم(3) كما ورد التشديد والوعيد في أحاديث عديدة من تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في اللبس والحركة لما في ذلك من إثارة الشهوات وانحرافها ، روي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال(4) . ـ الترغيب في الصيام لتسكين الشهو : __________ (1) مسلم رقم 2172 . (2) شرح النووي على صحيح مسلم (14/153) . (3) مسلم رقم 1341 . (4) البخاري ، ك اللباس (7/55) . (1/353) إذا لم يتيسر الزواج ولم يجد المرء المقدرة عليه لسبب من الأسباب فعليه أن يقي نفسه من تسلط الشهوة وذلك بالمبادرة إلى الصيام لما فيه من تسكين الشهوة وتخفيف وطأتها ، وقد ورد في الإرشاد إلى ذلك الحديث الذي رواه الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء(1) ، أي : أن الصوم يقطع الشهوة ، ويُلحق بذلك التقليل من الأغذية المحركة للشهوة لكي يكسر من حدتها ويضعف تأثيرها ، فإذا لم يحرص المرء على هذه التدابير الوقائية ولم يلتزم بها ، فإن سهام الشهوة وسمومها لا بد أن تنفذ إلى القلب ما دام على أهبة الاستعداد لقبول هذا الانحراف ، وعندها سيتمادى في مرضه وتتمادى الشهوة في طغيانها يوماً بعد يوم حتى يقع صاحبه في حمأة الرذيلة(2) ، فقول الحسن بن علي رضي الله عنه : كان خارجاً من سلطان فرجه ، فلا يستخفُّ له عقله ولا رأيه(3) ، دعوة صريحة إلى كبح طغيان شهوة الفرج . __________ (1) مسلم رقم 400 . (2) أمراض النفس صـ 126 . (3) البداية والنهاية (11/199) . (1/354) ـ قول الحسن بن علي رضي الله عنه : كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه أن يتكلم(1) . وفي هذا احترام للعلماء وتقديرهم والاستفادة منهم ، فتوقيرهم واحترامهم من السنة ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر ويعرف لعالمنا حقه(2) . لقد كان سلف هذه الأمة يحترمون علماءهم احتراماً كبيراً ويتأدبون معهم ولقد أكثر أهل العلم من الكلام عن أسلوب التعامل مع العالم في مجلسه ، وأسلوب الحديث معه مما هو مذكور بتوسع في كتب آداب العالم والمتعلم ، ومن أجمع ما رُوي في ذلك ما قاله علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : إن من حق العالم ألاّ تكثر عليه السؤال ، ولا تعنته في الجواب ، وأن لا تُلِحَ عليه إذا كسل ـ ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تفشينّ له سراً ولا تغتابن عنده أحداً ، وإن زلَّ قبلت معذرته ، وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله ولا تجلس أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته(3) . وقال : من حق العالم عليك أن أتيته أن تسلِّم عليه خاصة ، وعلى القوم عامة ، وتجلس قدامه ، ولا تشر بيديك ، ولا تغمز بعينيك ، ولا تقل قال فلان خلاف قولك ولا تأخذ بثوبه ، ولا تلح عليه في السؤال فإنه بمنزلة النخلة المرطبة لا يزال يسقط عليك منها شئ(4) وقال عبد الرحمن بن مهدي ـ رحمه الله ـ : كان الرجل من أهل العلم إذا لقي من هو فوقه في العلم فهو يوم غنيمة سأله وتعلم منه وإذا لقي من هو دونه في العلم علَّمه وتواضع له ، وإذا لقي من هو قرينه في العلم ذاكره ودارسه(5) . __________ (1) المصدر نفسه (11/199) . (2) سنن الترمذي رقم 1986 صححه ابن حبان رقم 1913 . (3) جامع بيان العلم وفضله (1/129) . (4) المصدر نفسه (1/146) . (5) المحدث الفاصل للرامهرمزي صـ 206 ، قواعد في التعامل مع العلامء ، عبد الرحمن بن معلا اللويحق صـ 86 . (1/355) ولقد ضرب السلف الصالح أبلغ المثل في الحرص على الطلب ، والسعي في الأخذ عن أهل العلم والاستماع إليهم واحترامهم وتقديرهم تشهد لذلك قصصهم التي ساقها الخطيب البغدادي وغيره في هذا المجال . ـ قول الحسن بن علي رضي الله عنه : كان أكثر دهره صامتاً ، فإذا قال بذَّ القائلين ، كان لا يشارك في دعوى ، ولا يدخل في مراء(1) . فالحسن بن علي رضي الله عنه يدعو إلى التقليل من الكلام ، ومنابذة المراء ، وفي الحديث : إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كُلها تُكفِّرُ اللسان ، تقول : اتِّق الله فينا ، فإنما نحن بك ، فإذا استقمت استقمنا ، وإن أعوججت أعوججنا(2)، وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في كلامه ، لئن اللسان أيسر حركات الجوارح وهي أضرُّها على العبد ، وكان الصديق رضي الله عنه يمسك بلسانه ويقول : هذا أوردني الموارد (3)، والكلام أسيركُ ، فإذا اخرج من فيك صرت أنت أسيره والله عند لسان كل قائل ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) ( ق ، الآية : 18 ) . وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى : آفة الكلام ، وآفة السكوت ، وقد يكون كل منهما أعظم إثماً من الأخرى في وقتها ، فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، عاص لله ، مراء ، مداهن ؛ إذا لم يخف على نفسه ، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ، عاص لله ، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته ؛ فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفُّوا ألسنتهم عن الباطل ، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة ، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة ، فضلا عن أن نضره في آخرته ، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلَّها ، ويأتي بسيئات أمثال الجبال ، فيجد لسانه قد هدمها __________ (1) البداية والنهاية (11/199) . (2) الترمذي رقم 2407 حسنه الألباني في الصحيح الجامع (1/5136) . (3) جهاد النفس صـ 76 (1/356) من كثرة ذكر الله وما اتَّصل به(1)، فليس الكلام مأمورا به على الإطلاق ، ولا السكوت كذلك ، بل لا بد من الكلام بالخير والسكوت عن الشر ، وكان السلف كثيراً يمدحون الصمت عن الشر ، وعما لا يعني لشدته على النفس ، ولذلك يقع فيه الناس كثيراً ، فكانوا يعالجون أنفسهم ، ويجاهدونها على السكوت عما لا يعنيهم(2)، قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ : ما حج ولا رباط ، ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، ولو أصبحت يهمك لسانك ، أصبحت في غم شديد . وقال : سجن اللسان سجن المؤمن ، ولو أصبحت يهمك لسانك ، أصبحت في غم شديد(3) ـ قول الحسن بن علي رضي الله عنه : كان إذا ابتدأه أمران(4) لا يرى أيهما أقرب إلى الحقِّ ، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه : __________ (1) الداء والدواء لابن القيم صـ 379 (2) جهاد النفس صـ 77 (3) جامع العلوم والحكم (4) البداية والنهاية ( 11 / 199 (1/357) فالحسن رضي الله عنه ، يحث على مخالفة الهوى ، والهوى ، ميلان النفس إلى ما تستلذه من الشهوات من غير داعية الشرع(1) ، ويعتبر الهوى من الأسباب التي لأجلها خالفت كثير من الأمم أنبيائها فاستكبروا ولم يقبلوا الحق والهدى والنور الذي جاءتهم به أنبياؤهم ، عليهم السلام . قال تعالى : ((وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أنْفُسَهم َفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)) (المائدة ، الآية : 10) كما أن الله تعالى أمر نبيه داود عليه السلام بمخالفة الهوى ، قال تعالى : ((يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ يَومُ الحِسَاب)) (ص ، الآية : 26) . ويقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ونفس الهوى ـ هو الحب والبغض الذي في النفس ـ لا يلام عليه ، فإن ذلك قد لا يملك ، وإنما يلام على اتباعه(2) ،وقال في موضع آخر : ومجرد الحب والبغض هوى ، لكن المحرم اتباع حبّه وبغضه بغير هدى من الله(3) ، إن العلاج الناجع والبلسم الشافي لمن ابتلى بشئ من الهوى ، إلزام النفس بالكتاب والسنة ، واتباع منهج السلف الصالح وتربية النفس باستمرار على التقوى والخشية من الله تعالى ، واتهام النفس ومحاسبتها دائماً فيما يصدر منها وعدم الاغترار بأهوائها وتزييناتها وخداعها ، والإكثار من إستشارة أهل العلم والإيمان واستجلاء آرائهم حول ما يريد أن يقوله ويفعله ، وكذلك ترويض النفس على استنصاح الآخرين وتقبل الآراء الصحيحة الصائبة وإن كانت مخالفة لما في النفس ، وتعويدها على __________ (1) التعريفات للجرجاني ص 257 . (2) القناوي (28/131) . (3) المصدر نفسه (28/133) . (1/358) التريث وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام وإمضاء الأعمال والحذر من ردود الأفعال التي قد يكون فيها إفراط وتفريط وغلو أو تقصير ، وجهل وبغى وعدوان ، وإكثار المرء من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بأن يجنبه اتباع الهوى ومضلات الفتن ويسأله تعالى أن يوفقه لقول كلمة الحق في الغضب والرضا ويكثر الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته : وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب(1) . وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء(2) . __________ (1) النسائي ، ك السهو ، باب الدعاء بعد الذكر (3/55) صححه الألباني . (2) سنن الترمذي وصححه الألباني ، كما في صحيح سنن الترمذي (3/183) . (1/359) 4 ـ قال الحسن رضي الله عنه : يجوز أن يظن السوء بمن علم السوء منه وبدت عليه أدلته وليس ينبغي أن يظن به السوء بمجرد الظن فإن الظن يكذب كثيراً(1) . ومفهوم هذه الحكمة الحسنية أن المؤمن الكيس الفطن يجوز له ظن السوء بمن علم من أحواله ، وتصرفاته ، وسلوكه ومواقفه وأقواله ما يشير إلى السوء به ، فإن الإنسان يظهر بعض ما في نفسه على صفحات وجه وفلتات لسانه ، وبعض مواقفه ، وهذا الظن لا يبني عليه عقاب أو جزاءً على الشخص المشكوك فيه بطبيعة الحال ولكن المقصد من قول الحسن رضي الله عنه الاحتراز والحذر والحيطة من أمثال هؤلاء حتى لا يقع الإنسان المسلم في مصائب وويلات بسبب حسن الظن بأمثال هؤلاء ومن عاشر الناس علم خطورة الثقة في من له سوابق من سوء الظن وقرائن تدل على ذلك وأما مجرد ظن السوء بالمسلم بلا دلائل ولا قرائن قوية فلا ينبغي للمسلم ، فقد قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)) (الحجرات ، الآية : 12) . قال بعض العلماء في قوله تعالى ((إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)) . هو أن تظنَّ بأهل الخير سوءاً ، فأمّا أهل السوء والفسوق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر لنا(2) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث(3) . وعد ابن حجر سوء الظن بالمسلم من الكبائر الباطنة حيث قال .. وذلك أنّ من حكم بشرِّ على غيره بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره ، وعدم القيام بحقوقه ، والتّواني في إكرامه ، وإطالة اللسان في عرضه ، وكل هذا مهلكات ، وكل من رأيته يسئ الظّّنَّ بالناس ، طالباً لإظهاره معايبهم ـ فاعلم أنّ ذلك لخبث باطنه وسوء طويّته ، فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه ، والمنافق يطلب __________ (1) الشهب اللامعة في السياسة النافعة للمالقي صـ 173 . (2) الأخلاق بين الطبع والتطبع صـ 243 . (3) البخاري رقم 5143 ، مسلم رقم 2563 . (1/360) العيوب لخُبث باطنه(1) . فهذه إطلالة موجزة على قول الحسن بن علي رضي الله عنه : يجوز أن يظن السوء بمن علم السوء منه وبدت عليه أدلته وليس ينبغي أن يظن به السوء بمجرد الظن ، فإن الظن يكذب(2) كثيراً . 5 ـ قول الحسن بن علي رضي الله عنه : والله ما تشاور قوم قط إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم(3) ، فالحسن رضي الله عنه يحث الناس ويوصيهم بضرورة التشاور فيما بينهم في جميع أمورهم ، وقد مارس الرعيل الأول الشورى وتعلمها من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ، وقد شاور الحسن أخيه الحسين وابن عمه عبد الله بن جعفر وغيرهم من قادة دولته في الصلح مع معاوية رضي الله عنهم كما سيأتي بيانه ، وتعتبر الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ، ومن لا يستشير أهل العلم والدين ـ من الأحكام ـ فعزله واجب ، هذا ما لا خلاف فيه(4). وقال الجصاص الحنفي ـ رحمه الله ـ في تفسيره بأحكام القرآن معقباً على قوله تعالى : ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) وهذا يدل على جلالة موقع الشورى لذكرها مع الإيمان ، وإقامة الصلاة ، ويدل على أننا مأمورون بها (5)، قال الطاهر بن عاشور : مجموع كلام الجصاص يدل على أن مذهب أبي حنيفة وجوبها(6)، وقال النووي ـ رحمه الله ـ : واختلف أصحابنا هل كانت الشورى واجبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كانت سنة في حقه كما في حقنا ، والصحيح عندهم وجوبها ، وهو المختار قال الله تعالى : ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)) ، والمختار الذي عليه جمهور الفقهاء ومحققو الأصول أن الأمر للوجوب(7) __________ (1) الزواجر صـ 114 . (2) الشهب اللامعة في السياسة اللامعة صـ 173 . (3) تهذيب الرياسة ، وترتيب السياسة للقلعي صـ 183 . (4) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (3/379) . (5) أحكام القرآن للجصاص ( 3 / 386 ) (6) التحرير والتنوير ( 4 / 149 ) (7) شرح النووي على مسلم ( 4/ 76 ) (1/361) . وقال ابن تيميه رحمه الله : لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإن الله تعالى أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى : ((فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) (آل عمران ، آية : 159 ) . إن الشورى من قواعد النظام الإسلامي التي تساهم في إقامة المجتمع المسلم ، وقد شرع نظام الشورى لحكم بالغة ومقاصد عظيمة ، ولما فيها من المصالح الكبيرة ، والفوائد الجليلة التي تعود على الأمة والدولة والمجتمع بالخير والبركة ومن ذلك : ـ الشورى نوع من الحوار المفتوح ، ومن أحسن الأساليب لتوعية الرأي العام وتنويره ، وتعزيز عوامل الحب والثقة بين الحاكم والمحكومين ، والقائد والمقودين ، والرئيس والمرءوسين ، وهو خير أسلوب في الحكم لعزل الشكوك ، ونفي الهواجس ، وإزالة الأوهام ، ووقف الإشاعات التي تنمو عادة في ظل الاستبداد ، وتنشر في عتمة الغوغائية ـ تقضي مبادئ الإسلام بأن يشعر كل فرد أن له دوراً في حياة المجتمع والجماعة ، والشورى تتيح الفرصة أمام كل فرد لكي يقدم ما يستطيع من جهود وأفكار وآراء ومهارات لخير المجتمع ، كما تتيح الفرصة أمام كل فرد ليعبر عن رأيه في الشئون العامة . ـ إن الشورى تمنح الدفء العاطفي ،والتماسك الفكري لأفراد الأمة ، وفيها إشعار الفرد بقيمته الذاتية ، وقيمته الفكرية ، وقيمته الإنسانية ، وتدفع أفراد المجتمع نحو الاجتهاد والإبداع والرضى وتتفجر الطاقات وتنكشف المواهب المغمورة في الأمة . ـ إن الشورى تساهم في علاج ضروب الكبت الضاغطة ، وكوامن الأحقاد الدفينة ، وتطيح بكثير من الكظوم الخفية ، تدفع رعايا الدولة للعطاء والحرص على ترسيخ النظام ، وصدق الولاء . ـ وفي نظام الشورى تذكير للأمة بأنها هي صاحبة السلطان وتذكير لرئيس الدولة بأنه وكيل عنها في مباشرة الحكم والسلطان . (1/362) ـ وفي المشاورة امتثال لأمر الله بها ، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه المزية أرجح المزايا المتقدمة ، وهذا أهم العوامل في نجاح نظام الشورى(1). فالحسن بن علي رضي الله عنه يحث الناس على الاهتمام بالشورى وممارستها وتطبيقها ولذلك قال : والله ما تشاور قوم قط إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم(2) 6 ـ قال الحسن بن علي رضي الله عنه في بعض مواعظه للمسلمين : يا ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابداً وارض بما قسم الله لك تكن غنياً واحسن جوار من جاورك تكن مسلماً ، وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عادلاً . أنه كان بين أيديكم قوم يجمعون كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً أصبح جمعهم بوراً وعملهم غروراً ومساكنهم قبوراً . يا ابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك ، فجد بما في يدك لما بين يديك فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع(3) ، وتلا هذه الآية : ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) (البقرة ، آية : 197) . __________ (1) الشورى بين الأصالة والمعاصرة لعز الدين التميمي صـ 33 ، 34 (2) تهذيب الرياسة وترتيب السياسة صـ 183 (3) نور الأبصار ، الشبلنجي صـ 121 ، الحسن بن علي صـ 28 (1/363) أ ـ وهذا شرح موجز لهذه الخطبة الحسنية يا ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابداً(1)، فهذا توجيه من الحسن بن علي يحث فيه الناس على الابتعاد من المحرمات ، ويعتبر الحسن بن علي من ترك المحرمات فهو العابد فالوقوع في المحرمات توقع الإنسان في الغفلة وتعرضه لسخط الله وعقابه وغضبه ، كما أن الوقوع في المحرمات والغفلة عن طاعة الله سببان لمفاسد كثيرة وأضرار بليغة في الدنيا والآخرة يقول ابن القيم : قلة التوفيق وفساد الرأي ، وخفاء الحق ، وفساد القلب ، وخمول الذكر ، وإضاعة الوقت ، ونضرة الخلق ، والوحشة بين العبد وبين ربه ، ومنع إجابة الدعاء ، وقسوة القلب ، ومحق البركة في الرزق والعمر ، وحرمان العلم ولباس الذل ، وإهانة العدو ، وضيق الصدر ، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ، ويضيعون الوقت ، وطول الهم والغم وضنك المعيشة ، وكسف البال ، كل هذه الأشياء تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد الزرع من الماء ، والإحراق من النار ،وأضداد هذه تتولد من الطاعة(2)، فالبعد عن المحرمات طريق للطاعات ، فيصبح المسلم عابداً ، ولذلك قال الحسن عف عن محارم الله تكن عابداً(3). ب ـ وأرض بما قسم الله لك تكن غنياً(4) : __________ (1) المصدر نفسه صـ 121 (2) الفوائد صـ 32 (3) الحسن بن علي صـ 28 ، نور الأبصار صـ 121 (4) المصدر نفسه صـ 28 1المفردات للراغب صـ 197 (1/364) يتحدث الحسن رضي الله عنه عن الرضى بما كتبه الله على العبد ، وأن الرضى يؤدي إلى الغنى بالله سبحانه وتعالى ، والرضا عن الله سبحانه وتعالى معناه : أن لا يكره العبد ما يجري به قضاء الله تعالى (1). وأعلاه : سرور القلب ، وسكينة النفس إلى قضاء الله وقدره خيره وشره والإيمان بالقضاء والقدر أحد الأركان الستة ، حلوه ومره ، وهذا القسم من الرضا من أجل الأخلاق الإيمانية لأنه : آخذ بزمام مقامات الدين كلها ، إذ هو روحها وحياتها ، فإنه روح التوكل وحقيقته ، وروح اليقين ، وروح المحبة ودليل صحة محبة المحب ، وروح الشكر ودليله(2)، وهو أيضاً يفتح باب حسن الخلق مع الله تعالى ومع الناس ، فإن حسن الخلق من الرضا ، وسوء الخلق من السخط ، بل إن بعض العلماء عرف الرضا بحسن الخلق مع الله ، قال ، لأنه يوجب ترك الاعتراض عليه في ملكه ، وحذف فضول الكلام الذي يقدح في حسن خلقه … فلا يسمى شيئاً قط قضاه الله تعالى وقدره باسم مذموم ، إذا لم يذمه الله تعالى ، لأنه ينافي الرضا(3)، ولذلك كان هذا النوع من الرضا محل عناية القرآن الكريم في التحدث عنه بآيات كثيرة يقول فيها عز وجل : ((رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)) (التوبة ، الآية : 100) مما يدل على أنه من أعلى مقامات الإيمان لما يعينه من كمال الخُلق مع الخالق جلا وعلا لكل ما يقضيه الله عز وجل في خلقه وكونه وتشريعه ، فيقبله العبد بكل سرور واطمئنان وانشراح نفس ، فلا يجد في نفسه حرجاً ممّا قضاه الله تعالى له من خير أو شر ـ بل يرضى بمرُ القضاء الذي قدره له ـ ولا على ما قضاه في الكون من تدبير وخلق وفناء بداية لما يعلمه من حكمته سبحانه في تدبيره الملكوت كله ، ولا على ما شرعه لعباده من تشريع على ألسنة رسله ، وفي محكم كتابه ، لأنه كله هو الحق والهدى ـ فصاحب هذا الخلق يتلقى كل ذلك بالمحبة والسرور على مراد الله __________ (2) مدارج السالكين (2/218) (3) مدارج السالكين (2/220) (1/365) الذي قضاه في كل ذلك ، لعلمه أن الله عز وجل حكيم في فعله وتدبيره وقضائه ودود مع عباده لا يفعل لهم إلا محض الخير مهما بدا لأنفسهم خلافه(1) ، وقد كان جدّ الحسن صلى الله عليه وسلم القدوة المثلى والأسوة الحسنى ، فقد بين لنا صلى الله عليه وسلم كيف كان رضاه عن الله تعالى فيما يبتليه به في الحياة من متاعب في النفس أو المال أو البنين أو الأقارب ؟ ، فكان صلى الله عليه وسلم على ذلك النحو من الرضا كمالاً وتماماً سواء فيما ناله من الأذية في نفسه من جراء دعوته إلى الله تعالى في مكة أو في الطائف أو في المدينة ، ولقد بلغت به الأذيّة، أن جرت عليه عدة محاولات اغتيال فلم تفلح، فلم يزد على تقرير المحاولين ما أرادوه ، ثم العفو عنهم ، وأما رضاه بما كان عليه من القلة في المال ، فلم تعرف البشرية رضاً مثله ، حيث بلغ به في حاله ذاك ، أن جعل يدعو الله تعالى ويقول : اللهم أجعل رزق آل محمداً قوتاً(2) ، وأما في فقد الأولاد فلما مات خال الحسن ولد النبي صلى الله عليه وسلم الرضيع إبراهيم عليه السلام عن ثمانية عشراً شهراً ، وقد رزق به على الكِبَر وبعد موت أبنائه الذكور من قبل ، لم يتزعزع رضاه عليه الصلاة والسلام لقضاء الله وقدره ، بل أعلن رضاه بذلك ، وقال فيما رواه عنه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ : إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا بما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون(3) وأما أقاربه صلى الله عليه وسلم فقد صُرِّعوا حوله بين يديه في الدفاع عنه وعن دعوته ، فلم يتبرم لذلك ، بل جاء أنه قال في حق عمه أسد الله وأسد رسوله حمزةبن عبد المطلب(4) رضي الله عنه ـ الذي استشهد بأحد ، ومُثِّلَ به أيَّما تمثيل : فنظر إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه ، نظر إليه ، __________ (1) أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة (1/96) . (2) البخاري ، الرقائق رقم 1055 . (3) مسلم رقم 2315 . (4) طبقات بن سعد (3/8) . (1/366) الكتاب : الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المؤلف : علي محمَّد الصَّلاَّبيِّ وقد مُثِّل به ، فما زاد على أن قال : رحمة الله عليك ، إن كنت ما علمتك إلا وصولاً للرحم ، فعولاً للخيرات ، والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله في بطون السباع(1) ومع ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من كمال الرضا عن الله تعالى في كل أحواله ، فقد كان دائب الدعاء أن يرزقه الله تعالى المزيد من الرضا والثبات الدائم عليه(2)، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : … وأسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، وأعوذ بك من ضراء مضرة ، وفتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين(3)، ولم تقتصر أقواله صلى الله عليه وسلم في الرضا على ما كان يعبر به عن نفسه من ذلك الخلق العظيم ، بل كذلك كان ينوه بهذا الخلق العظيم ، ويبين ما له من عظيم الأجر والثواب عند الله ، ليحض أمته عليه ، وذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم : من قال حين يسمع المؤذن : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، وبالإسلام دينا ، غفر له ذنبه(4). ويلاحظ هنا كيف ربط النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء بأمر يتكرر يومياً خمس مرات ، ليصبح هذا الدعاء ومضمونه شيئاً راسخاً في نفس المؤمنين والمؤمنات ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا(5). فقد بين في هذين الحديثين عظيم خلق الرضا عن __________ (1) تفسير ابن كثير (2/592) عزاه ابن كثير إلى البزار وقال عنه بعد إيراده له بسنده : هذا إسناده فيه ضعف ، وذكره بنحوه ابن هشام في سيرته (3/171) عن ابن إسحاق مرسلاً . (2) أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة (1/100) (3) سنن النسائي ، في السهو (3/55) من حديث عمار بن ياسر اسناده حسن (4) مسلم رقم 386 (5) مسلم رقم 2758 (1/367) الله تعالى حيث أبان أن هذا الخلق سبب لمغفرة الذنوب ، وشهد له في الحديث الآخر أنه مما يوجد حلاوة الإيمان ، وذلك لأن صاحب هذا الخلق يعلم أنه ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن تدبير الله تعالى له خير من تدبيره لنفسه ، فيعيش قرير العين في هذه الحياة في السراء والضراء ، يحمد الله تعالى على الخير وغيره ، لأن ذلك كله فعل الله تعالى وتصرفه في ملكه ، وأي راحة للمرء أكثر من أن يعيش في هذه الحياة على هذا النحو(1) ؟ ، فالحسن بن علي رضي الله عنه حثّ على هذا الخلق بلسان الحال ولسان المقال فقد قال : وأرضى بما قسم الله لك تكن غنيا(2) جـ ـ قوله : واحسن جوار من جاورك تكن مسلماً(3) : فالحسن رضي الله عنه يحث المسلمين على حسن الجوار فحق الجار على جاره من أعظم الحقوق ، قال تعالى ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ)) (النساء ، آية :36 ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه(4) وذلك لشدة الوصية به وتأكيدها ومن حقوق الجوار وآدابه في الإسلام أمر منها : ـ عدم إيذائه بأي شئ من قول أو عمل : فقد قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره(5) . فيجب على الإنسان أن يكف اذاه عن جاره ، وسواء كان بالقول ، أو بالفعل ، أو بالإشارة فأذية الجار محرمة على كل حال __________ (1) أخلاق النبي في القرآن والسنة ( 1/ 101 ) . (2) الحسن بن علي صـ 28 ، نور الأبصار 121 . (3) المصدر نفسه صـ 28 . (4) البخاري ، رقم 6015 . (5) البخاري ، رقم 6018 . (1/368) ـ الإحسان إليه دائماً : وبكل صورة ممكنه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيراً ، أو ليسكت(1) ونظراً للأهمية الكبرى التي يعطيها الإسلام للجار ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين صدق الإيمان بالله واليوم الآخر والإحسان للجار ولو طبقنا هذا التوجيه النبوي مع جيراننا في مجتمعاتنا لتحولت هذه المجتمعات إلى مجتمعات متعاونة ومتكاثفة ولعاش أهلها حياة طيبة . ـ تحمل أذى الجار والصبر عليه : وكما قيل : ليس حسن الجوار بكف الأذى على الجار ، ولكن بتحمل أذاه . فينبغي للمسلم أن يصبر على أذى جاره ، وأن يتحمله ، وأن يقابله بالإحسان . فإن بهذا يغلق الباب أمام نزغ الشيطان ـ مواساته بالطعام ولا سيما إذا كان فقيراً : قال صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع جنبه(2) ، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا طبخ أحدكم قدراً فليكثر مرقها ، ثم ليناول جاره منها(3) ، وقال صلى الله عليه وسلم : يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة(4) . فينبغي لكل مسلم أن يتنبه إلى هذا الأدب الرفيع ، وألا يهمله ، فإن له أثراً عظيمًا على الجار ، وهو دليل على اتصاف المجتمع المسلم بالتراحم ، والتعاطف ، والتكافل بين أفراده(5) ويفهم من الحديث الحرص على سد احتياجات الجار ما أمكن من ملابس وأدوية وغيرها ـ مشاركته الفرح والحزن : فإذا كان عند جاره مناسبة سارة فينبغي له أن يذهب إليه ، وأن يشاركه ويقاسمه فرحه ، ما لم يكن فيه معصية وإذا أحلت به __________ (1) مسلم ، رقم 48 . (2) المستدرك (4/167) السلسلة الصحيحة رقم 148 . (3) مجمع الفوائد ( 8 / 165 ) ، صحيح الجامع للألباني رقم 676 (4) مسلم رقم 1030 (5) موسوعة الآداب الإسلامية ( 1 / 299 ) (1/369) نازلة فينبغي له أن يحضره ، وأن يشاركه ويقاسمه حزنه ، ويواسيه بالكلمة الصالحة ، ويشد من أزره . وكل هذا من حق المسلم أصلا على أخيه المسلم ، والجار أولى بهذه الحقوق من غيره . ـ أن يعرض عليه البيت قبل غيره إذا أراد التحول عنه : فإذا أراد أن ينتقل من داره فليعرضها على جاره قبل غيره ، فقد يرغب في شرائها ، وكذلك أي أرض أو عقار ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من كانت له أرض فأراد بيعها فليعرضها على جاره(1). وهذا أطيب لخاطره ولقلبه ، وإذا فرط الناس في هذا الأمر فإنهم يفتحون بابا للمشاحنات والمنازعات والعداوات ، فالله المستعان . ـ ألا يمنع جاره من غرس خشبه في جداره : إذا احتاج الجار إلى ذلك ، فينبغي أن يسمح له بغرس هذه الخشبة ، ولا يمنعه من الانتفاع بها ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يمنع جار جاره أن يغرس خشبه في جداره(2). ثم قال أبو هريرة : مالي أراكم عنها معرضين ؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم . أي لأصرحن ولأحدثن بها بينكم مهما ساءكم ذلك وأوجعكم(3)ويفهم من الحديث كل مساعدة يحتاجها الجار ولا يترتب عليها ضرر لجاره ، فالإسلام يحث على تقديمها . __________ (1) سنن ابن ماجة رقم 2493 ، صحيح ابن ماجة 2022 (2) البخاري رقم 2463 (3) موسوعة الآداب الإسلامية (1/301) (1/370) ـ تعظيم حرمة الجار وعدم خيانته : لا بإفشاء سره ، ولا بهتك عرضه ، ولا بالفجور بأهله ، فإنه من أقبح الكبائر قال صلى الله عليه وسلم لما سئل : أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك . قيل ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك(1)، بل ينبغي أن يحفظه في نفسه وماله وعرضه ، حتى يأمنه جاره ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : والله لا يؤمن ـ ثلاثاً ـ الذي لا يأمن جاره بوائقه(2). أي غدره وخيانته(3). ولذلك كان الحسن بن علي رضي الله عنه يوصي الناس في مواعظه وخطبه بحسن الجوار والإحسان إلى الجار فقد قال : واحسن جوار من جاورك تكن مسلماً(4). __________ (1) مسلم رقم 86 (2) البخاري رقم 6016 (3) موسوعة الآداب الإسلامية (1/301) (4) الحسن بن علي صـ 28 نور الأبصار صـ 121 (1/371) ح ـ قوله : وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عادلاً : فالحسن رضي الله عنه يحث المسلمين على إنصاف الناس ومصاحبتهم بالعدل وعدم ظلمهم ، فالإنصاف خصلة شريفة ، وخلة كريمة ، يدل على نفس مطمئنة ، وأفق واسع ، ونظر في العواقب بعيد ، ويعرف بأنه ، استيفاء الحقوق لأربابها(1)، واستخراجها بالأيدي العادلة ، والسياسة الفاضلة(2)، وقال ابن القيم في إنصاف الناس : أن تؤدي حقوقهم ، وألا تطالبهم بما ليس لك ، وألا تحملهم فوق وسعهم ، أن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به ، وأن تعوضهم ممّا تحب أن يعوضوك منه ، وأن تحكم لهم أو عليهم بما تحكم به لنفسك أو عليها(3). الإنصاف والعدل تؤمان نتيجتهما عُلُوُّ الهمَّة ،وبراءة الذِّمَّة باكتساب الفضائل ، واجتناب الرَّذائل(4)، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالأنصاف ، ونهى أن يحملنا بغضنا للكُفَّار على عدم الأنصاف ،فقال عزّ وجلَّ : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَاتعْمَلُون )) ( المائدة : 8 ) . قال ابن تيميه ـ رحمه الله ـ : فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفار على ألاَّ يعدلوا ، فكيف إذا كان البغض لفاسق ، أو مبتدع ، أو متأوِّل من أهل الإيمان ؟ فهو أولى أن يجب عليه ألاَّ يحمله ذلك على ألاَّ يعدل على مؤمن ، وإن كان ظالماً له(5). وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل ، فإن العدل واجب على كلِّ أحد في كل أحد في كل حال ، وقال لبعض السلف : ما عملت من عص الله فيك بمثل أن تطيع الله __________ (1) أرباب : أصحاب ، مفرد رب (2) الأخلاق بين الطبع والتطبع صـ 228 (3) زاد المعاد (2 / 407 ) بتصرف (4) التَّوفيق على مهَّمات التعريف للمناوي صـ 64 (5) الاستقامة ( 1 / 38 ) (1/372) فيه(1). وقال سبحانه وتعالى : ((وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)) ( المائدة : 2 ) . قال أبو عبيدة والفراء : أي لا يكسبنكم بغض قوم أن تعتدوا(2) الحق إلى البال ، والعدل إلى الظلم(3) فما أجمل أن يتحلى المرء بالإنصاف ، فهو من صفات الربانيين الذين لا يرجون إلا الحق(4). قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : وتعر من ثوبين من يلبسهما يلق الردى بمذمة وهوان(5) ثوب من الجهل المركب فوقه ثوب التعصب بئست الثوبان وتحل بالإنصاف أفخر حلة زينت بها الأعطاف والكتفان(6) وقال المتنبي : ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة بين الرجال ولو كان ذوي رحم __________ (1) تفسير ابن كثير ( 2 / 7 ) (2) تعتدوا : تتجاوزا (3) تفسير القرطبي (6/45) (4) الأخلاق بين الطبع والتطبع صـ 229 (5) الهوان : الخزي والعار (6) الأعطاف : جمع عطف ، وهو الجانب (1/373) ومن إنصاف العباد إنصافهم في الأموال والمعاملات ، والحجج والمقالات وقد عاب الله سبحانه وتعالى الذين يبخسون الناس أشياءهم ، وأوعدهم بالخسارة والهلاك ، فقال سبحانه وتعالى : ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ )) ( المطففين : 1 ـ 3 ) . قال ابن سعدي ـ رحمه الله ـ : دلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له ، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات ، بل يدخل في عموم هذه الحجج والمقالات ، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن واحد منهما يحرص على ما له من الحجج ، فيجب عليه ـ أيضاً ـ أن يبين ما لخصمه من الحجج التي لا يعلمها ، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو ، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه(1) ، وتواضعه من كبره ، وعقله من سفهه(2) . فما أجمل قول الحسن بن علي رضي الله عنه : وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عادلاً(3) __________ (1) الإعتساف : أشد الظلم (2) تفسير ابن سعدي صـ 915 (3) الحسن بن علي صـ 28 (1/374) خ ـ قول الحسن رضي الله عنه : إنه كان بين أيديكم قوم يجمعون كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً أصبح جمعهم بوراً وعملهم غروراً ومساكنهم قبوراً يا ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك ، فجد بما في يدك لما بين يديك فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع وتلا هذه الآية ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) (البقرة ، الآية : 197 ) . فالحسن رضي الله عنه يصف صنفاً من الناس منغمساً في الدنيا وزينتها ، مشغولاً بالجمع والبناء ومصاباً بمرض طول الأمل فهذا حال أغلب الناس إلا من رحم ربي ، فإذا الموت يأتي بغتة ، فلم ينتفعوا بما جمعوا ، فأصبحت أعمالهم ضائعة ، ومساكنهم خالية ، فالحسن بن علي رضي الله عنه يحذر الناس من الإغترار بهذه الدنيا ويحثهم على الزهد فيها وإنما ينشأ الزهد لليقين بالتفاوت بين الدنيا والآخرة ، قال تعالى ((قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا)) ( النساء ، آية : 77 ) . والقرآن يربي المؤمن على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الكفار هم الذين يغترون بزينة الدنيا وزخرفها ، فقال تعالى : ((زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) (البقرة ، الآية : 212). (1/375) وقد بين القرآن الكريم في كثير من المواضع أن الدنيا حقيرة لا يجب أن تشغل المرء عن طلب الآخرة منها قوله تعالى : ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)) (التكاثر ، الآية : 1ـ 8 ) ، أي أشغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها ، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها(1). وروى الإمام أحمد ، عن عبد الله بن الشخير قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)) يقول ابن آدم مالي مالي ، وهو لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت ، فأمضيت(2) ؟ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث ، ما أكل فأفنى ، أو لبس ، فأبلى ، أو تصدق فأمضى ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس(3) ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يتبع الميت ثلاث فيرجع اثنان ويبقى معه واحد : يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله(4) ، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يهرم ابن آدم وتبقى معه اثنتان : الحرص والأمل(5) ، وقال الأحنف بن قيس لما رأى في يد رجل درهماً : لمن هذا الدرهم ؟ فقال الرجل : لي ، فقال : إنما هو لك إذا أنفقته في أجر ، أو ابتغاء شكر ، ثم أنشد الأحنف متمثلاً قول الشاعر : أنت للمال إذا أمسكته __________ (1) معنى الزهد والمقالات وصفة الزاهدين لأبي سعيد البعري صـ 9 (2) مسلم رقم 2958 (3) مسلم 2959 (4) البخاري رقم 6514 (5) مسلم رقم 1047 (1/376) فإذا أنفقته فالمال لك(1) وفي قوله تعالى : ((ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم)) أي : ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ، ما إذا قابلتم به نعمة من شكره وعبادته(2). وقال تعالى : ((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أزْواجاً منْهُم زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) ( طه : 131 ، 132 ) .قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تنظر إلى هؤلاء المترفين وأشباههم ونظرائهم وما فيه من النعيم ، فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور ، وقال مجاهد : ((أَزْوَاجًا مِنْهُمْ)) يعني : الأغنياء ، فقد آتاك الله خيراً مما آتاهم . ولهذا قال : ((وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)) فكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد الله ، ولم يدخر لنفسه شيئاً قال : إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله ؟ قال : بركات الأرض(3) وقال قتادة والسدي : ( زهرة الحياة ) يعني : زينة الحياة الدنيا . وقال قتادة : ((لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ)) لنبتليهم . وقوله : ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)) أي : استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة ، واصبر أنت على فعلها ، كما قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)) (التحريم ، الآية : 6) . وقوله : __________ (1) معنى الزهد والمقالات وصفة الزاهدين صـ 10 (2) معنى الزهد والمقالات وصفة الزاهدين صـ 10 (3) البخاري رقم 6427 (1/377) ((لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ)) يعني : إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب . كما قال تعالى : ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)) ( الطلاق : 2 ، 3 ) ولهذا قال : ((لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ)) . وقال الثوري : لا نسألك رزقاً : أي لا نكلفك الطلب . وقال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة(1). وعن زيد ابن ثابت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة(2). وقوله : ((وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) أي : وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وهي الجنة لمن أتقى .. انتهى(3). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ، فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت امسح عنه ، فقلت : يا رسول الله ، ألا آذنتنا فبسطنا شيئاً يقيك منه ، فتنام عليه ، فقال : مالي وللدنيا ، ما أنا والدنيا إلا ****ب سار في يوم صائف ، فقال تحت شجرة ، ثم تركها(4). وقد كان الصحابة رضي الله عنهم سائرين على نهج النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانوا أزهد الناس وأرغبهم في الآخرة ، فنظروا إلى الدنيا بعين أنها فانية وإلى الآخرة أنها باقية ، فتزودوا من الدنيا زاد الراكب ونظروا إلى الآخرة بقلوبهم ، فعلموا أنهم سينظرون إليها بقلوبهم وأعينهم ولمَّا علموا أنهم سيرتحلون منها بأبدانهم تعبوا قليلاً ، وتنعموا كثيراً ، كل __________ (1) معنى الزهد والمقالات وصفة الزاهدين صـ 11 (2) سنن ابن ماجة رقم 4105 ، وصححه الألباني صحيح الجامع 6510 (3) ففروا إلى الله صـ 62 لأبي ذر القلموني بتعرف (4) سنن الترمذي رقم 2377 وصححه الألباني صحيح الجامع رقم 5668 (1/378) ذلك بتوفيق مولاهم الكريم ، فأحبوا ما أحبَّ لهم ، وكرهوا ما كره لهم ، قال ابن مسعود رضي الله عنه للتابعين : لأنتم أكثر عملاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم كانوا خيراً منكم ، كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة ، فكان في التابعين من هو أكثر قياماً وصياماً وعبادة من الصحابة رضي الله عنهم ، ولكن الصحابة رضي الله عنهم سبقوا بأحوالهم الإيمانية من الزهد واليقين ، وصدق التوكل على الله عز وجل ولا شك في أن الصحابة رضي الله عنهم تعلموا الزهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر عليه الهلال ثم الهلال ثم الهلال ، ثلاث أهلة في شهرين ، ولا يُوقد في بيته من أبياته نار(1) . وأما قول الحسن بن علي رضي الله عنهما : فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع وتلا هذه الآية : ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) (البقرة ، الآية : 197) . ففيها دعوة للتقوى ، والالتزام بها ، والتقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله والمطلوب من العبد أن يتعلق قلبه بالله وحده محبة له وإخلاصاً له في عبادته ورغبة فيما عنده من نعيم أعده للمتقين ، فخوفاً من سخطه وعقابه وعذابه . وللتقوى ثمار يحتاج إليها كل مسلم منها ، المخرج من كل ضيق والرزق من حيث لا يحتسب العبد ، قال تعالى : ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)) (الطلاق ، الآية : 4) . ومنها ، تيسير العلم النافع ، قال تعالى : ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ)) (البقرة ، الآية : 282) . ومنها ، إطلاق نور البصيرة ، قال تعالى ((إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا)) الأنفال ، الآية : __________ (1) البخاري رقم 6567 مسلم رقم 2972 . (1/379) 29) ، ومنها ، محبة الله عز وجل ومحبة ملائكته والقبول في الأرض ، قال تعالى : ((بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) (آل عمران ، الآية : 76) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أحب الله العبد قال لجبريل : قد أحببت فلاناً فأحبه . فيحبه جبريل عليه السلام ثم ينادي في أهل السماء ، إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض(1) . ومنها ، نصرة الله عز وجل وتأييده وتسديده : وهي المعية المقصودة بقول الله عز وجل : ((وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) (البقرة ، الآية : 194) فهذه المعية هي معية التأييد والنصرة والتسديد وهي معية الله عز وجل لأنبيائه وأوليائه ومعيته للمتقين والصابرين وهي تقتفي التأييد والحفظ والإعانة كما قال تعالى لموسى عليه السلام وهارون ((لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)) (طه ، الآية : 46) وأما المعية العامة مثال قوله تعالى : ((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)) (الحديد ، الآية : 4) وقوله: ((وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)) (النساء : 108) . والمعية العامة تستوجب من العبد الحذر والخوف ومراقبة الله عز وجل . ومنها ، البركات من السماء والأرض قال تعالى : ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) (الأعراف ، الآية : 96) . ومنها البشرى في الحياة الدنيا ، وهي الرؤيا الصالحة وثناء الخلق ومحبتهم ، قال تعالى : ((أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ َلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى __________ (1) مسلم ، ك البر والصلة رقم 6937 . (1/380) فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)) (يونس ، الآية : 62 ـ 64) والبشرى في الحياة ما بشر الله : المؤمنين المتقين . في غير مكان من كتابه وعن النبي صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة من الله(1) . وعنه صلى الله عليه وسلم : لم يبق من النبوة إلا المبشرات . قالوا : وما المبشرات قال : الرؤيا الصالحة(2) . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجل يعمل العمل لله ويحبه الناس ، فقال : تلك عاجل بشرى المؤمن(3) . وقد رأينا من الموفقين ثناء الناس على أعمالهم في الدنيا . ومنها الحفظ من كيد الأعداء ومكرهم قال تعالى : ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)) (آل عمران ، الآية : 120) . يرشدهم تعالى إلى السلامة من شر الأشرار وكيد الفجار باستعمال الصبر والتقوى والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائهم ، فلا حول ولا قوة لهم إلا به ، وهو الذي ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن(4) . ومنها ، حفظ الذرية الضعاف بعناية الله تعالى عز وجل ، قال تعالى : ((وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)) (النساء ، الآية : 9) . وفي الآية إشارة إلى إرشاد المسلمين الذين يخشون ترك ذرية ضعاف بالتقوى في سائر شئونهم حتى تحفظ أبناؤهم ويدخلون تحت حفظ الله وعنايته ، ويكون في إشعارها تهديد بضياع أولادهم إن فقدوا تقوى الله ، وإشارة إلى أن تقوى الأصول تحفظ الفروع ، وأن الرجال الصالحين يحفظون في ذريتهم الضعاف كما الآية : ((وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ __________ (1) البخاري ، ك الرؤيا رقم 6986 . (2) البخاري ، رقم 6990 . (3) مسلم ، (4/2034) . (4) تفسير القرآن العظيم (1/329) . (1/381) لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا)) (الكهف ، الآية : 82) . فإن الغلامين حفظا ببركة أبيهما في أنفسهما ومالهما(1) ، ومنها ، سبب قبول الأعمال التي بها سعادة العباد في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) (المائدة ، الآية : 27) . ومنها ، سبب النجاة من عذاب الدنيا ، قال تعالى : ((وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)) (فصلت ، الآية : 18 ـ 19) . ومنها ، تكفير السيئات وهو سبب النجاة من النار ، وعظم الأجر ، وهو سبب الفوز بدرجة الجنة ، قال تعالى : ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)) (الطلاق ، الآية : 5) . ومنها ميراث الجنة ، فهم أحق الناس بها وأهلها ، بل ما أعد الله الجنة إلا لإصحاب هذه الرتبة العلية والجوهرة البهية . قال تعالى : ((تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا)) (مريم ، الآية : 63) . فهم الورثة الشرعيون لجنة الله عز وجل ، وهم لا يذهبون إلى الجنة سيراً على أقدامهم بل يحشرون إليها ركباناً مع أن الله عز وجل يقرب إليهم الجنة تحية لهم ودفعاً لمشقتهم كما قال تعالى : ((وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ)) (ق ، الآية : 31) وقال تعالى ((يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا)) (مريم ، الآية : 85) . فالحسن رضي الله عنه يحث المسلمين على التقوى حرصاً منه على أن ينال المسلمين هذه الثمار في الدنيا والآخرة ولذلك قال : فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع وتلا هذه الآية : ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى))(2) __________ (1) محاسن التأويل للقاسمي (5/47) . (2) الحسن بن علي صـ 28 ، نور الأبصار صـ 121 . (1/382) (البقرة ، الآية : 197) . (1/383) -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- الأحد 4 نوفمبر 2007 25 شوال, 1428 النشأة والسيرة : هو أمير المؤمنين الخليفة الراشد الخامس الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن بنته فاطمة رضي الله عنه وابن ابن عمه علي بن أبي طالب يكنى أبا محمد ويكنى بالمجتبى وبالزكي ، سبط النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه فعن علي ، قال : « أشبه الحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك » ،وريحانة النبي صلى الله عليه وسلم ويلقب بالتقي والسيد، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أبو حسن الخير ، سليل الهدى وحليف أهل التقى ، وخامس أهل الكساء ، كان يخضب بالسواد ، يتختم في يساره وله جمة . ولدته أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة هذا أصح ما قيل في ذلك إن شاء الله ،وقيل ولد بعد أحد بسنة ، وقيل : بسنتين فعن قتادة ، قال : ولدت فاطمة حسنا بعد أحد بسنتين ، وكان بين وقعة أحد وبين مقدم النبي صلى الله عليه وسلم سنتان وستة أشهر ونصف ، فولدته لأربع سنين وسبعة أشهر ونصف من التاريخ [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 291 حديث 1647 ]. عق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش و حلق رأسه وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة. [ الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1/ 113 ، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 35 ، معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 275 ، الذرية الطاهرة للدولابي 1/ 112 -121 ] فعن ابن الأعرابى، عن المفضل، قال: إن الله تعالى حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبى - صلى الله عليه وسلم - ابنيه الحسن والحسين. قال: قلت له: فالذين باليمن؟ قال: ذاك حسْن، بإسكان السين، وحَسِين، بفتح الحاء وكسر السين.أرضعته أم الفضل امرأة العباس مع ابنها قثم بن العباس [ تهذيب الأسماء للنووي 1/ 210 ]. عن عمر بن عمير ، عن عروة بن فيروز ، عن سودة بنت مشرح ، قالت : كنت فيمن حضر فاطمة حين ضربها المخاض قالت : فوضعت ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعلت ؟ قلت : قد ولدت غلاما ، وسررته ولففته في خرقة صفراء ، فقال : ائتيني به فأتيته به ، فألقى عنه الخرقة الصفراء ، ولفه في خرقة بيضاء وتفل في فيه وألباه بريقه ، فجاء علي ، فقال : ما سميته يا علي ؟ فقال : سميته جعفراً يا رسول الله ، قال : لا ، ولكنه حسن ، وبعده حسين ، وأنت أبو حسن الخير [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 282 حديث 1638 ] عن محمد بن إسماعيل بن رجاء ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسن بن علي ، كان يخضب بالسواد . [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 286 حديث 1642 ] حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا الحضرمي ، ثنا طاهر بن أبي أحمد ، ثنا معن بن عيسى ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : كان الحسن يتختم في يساره [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 288 حديث 1644 ] حدثنا أبو حامد ، أحمد بن محمد النيسابوري قال : ثنا أبو العباس الثقفي ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، قال : رأيت الحسن بن علي وله جمة [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 289 حديث 1645 ] حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، ثنا محتسب أبو عائذ حدثني شجاع بن عبد الرحمن ، أنه « رأى الحسن بن علي يضرب شعره منكبيه » »[ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 290 حديث 1646 ] الأحد 4 نوفمبر 2007 الأحد 4 نوفمبر 2007 صفاته الخَلقية والخُلقية : كان الحسن سيداً حليماً، زاهدَاً عاقلاَ، فاضلا، فصيحَاً، ذا سكينة ووقار، جواداً يكره الفتن وسفك الدماء، دعاه ورعه وزهده إلى ترك الخلافة وقال: خشيت أن يجئَ يوم القيامة سبعون ألفَاً أو أكثر تنضح أوداجهم دماً. وكان من أحسن الناس وجهَاً، وأكرمهم وأجودهم وأطيبهم كلاماً، وأكثرهم حياء، وكان أكثر دهره صائماً، وكان فعله يسبق قوله في المكارم والجود، وكان كثير الأفضال على إخوانه؛ لا يغفل عن أحد منهم، ولا يحوجه إلى أن يسأله؛ بل يتقدمه بالعطاء قبل السؤال. وقال لأصحابه: إني أخبركم عن أخٍ كان من أعظم الناس في عيني، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجاً عن سلطان بطشه؛ فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، انتهى. وما سمع من الحسن كلمة فحش قط، وأعظم ما سمع منه: أنه كان بينه وبين شخص خصومة فقال: إنه ليس عندنا إلا ما رغم أنفه. قلت: هذا الشخص المبهم هو مروان بن الحكم الأموي.[ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/38 ] . و كان الحسن بن علي بن أبي طالب أبيض مشرب حمرة أدعج [ شدة سواد العينين مع سعتهما ] العينين سهل الخدين دقيق المسربة [ شعر دقيق من الصدر إلى السرة ] كث [ الغزير والكثيف ] اللحية ذا وفرة [ من الشعر ما كان إلى الأذنين ، ولا يجاوزهما ] وكأن عنقه إبريق فضة عظيم الكراديس [ جمع كردوس ، وهي رءوس العظام ] بعيد ما بين المنكبين ربعة ليس بالطويل ولا القصير مليحا من أحسن الناس وجها وكان يخضب [ صبغ شعره أو جلده بالحناء وغيرها ] بالسواد وكان جعد الشعر [ في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا : فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا ] حسن البدن [ الذرية الطاهرة للدولابي 1/ 166 حديث 136 ] قال فيه الذهبيُّ في السير (3/245 246): " الإمامُ السيِّد، رَيحانةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسِبطُه، وسيِّد شباب أهل الجَنَّة، أبو محمد القرشي الهاشمي المدني الشهيد ". وقال أيضاً (3/253): " وقد كان هذا الإمامُ سيِّداً، وَسيماً، جميلاً، عاقِلاً، رَزيناً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، خيِّراً، دَيِّناً، وَرِعاً، مُحتشِماً، كبيرَ الشأنِ ". وعن سعيد بن عبد العزيز: قال: أن الحسن بن علي سمع رجلاً يسأل ربَّه عز وجل أن يرزقه عشرة آلاف. فانصرف الحسن فبعث بها إليه.[ صفة الصفوة 1/ 168 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن نصير ، ثنا إسماعيل بن عمرو ، ثنا العباس بن الفضل ، عن القاسم ، عن محمد بن علي ، قال : قال الحسن بن علي : « إني لأستحيي من ربي عز وجل أن ألقاه ولم أمش إلى بيته ، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه »[ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 296 حديث 1652 ] ومن مناقبه وجوده وزهده في الدنيا قوله: وخرج من ماله مرتين، وقاسم الله ثلاث مرات، حتى إنه كان يعطي نعلا ويمسك نعلا. وقال محمد بن سيرين: ربما كان يجيز الواحد بمائة ألف. واشترى حائطاً من قوم من الأنصار بأربعمائة ألف، وإنه بلغه أنهم احتاجوا إلى ما في أيدي الناس فرده إليهم. ولم يقل لسائل قط: لا. ولا يأنس به أحد فيدعه يحتاج إلى غيره، ورأى غلاماً أسود يأكل من رغيف لقمة ويطعم كلبَاً هنالك لقمة فقال: ما يحملك على هذا؟ فقال الغلام: إني أستحيي أن آكل ولا أطعمه، فقال الحسن: لا تبرح حتى آتيك، فذهب إلى سيده فاشتراه واشترى الحائط الذي هو فيه، وأعتقه وملكه الَحائط، فقال الغلام: يا مولاي، قد وهبت الحائط للذي وهبتني إليه. وقيل له: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إليّ من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال: رحم اللّه أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار اللّه عز وجل لم يتمن غير الحالة التي اختارها اللّه عز وجل. وهذا حد الوقوف على الرضا بما يصرف به القضاء. الأحد 4 نوفمبر 2007 25 شوال, 1428الزوجات والأبناء : كان - رضي اللّه عنه - كثير التزويج، فكان لا تفارقه أربع حرائر، وكان مطلاقاً مصدقاً، وكان أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: يا أهل الكوفة، لا تزوجوه فإنه مطلاق، فيقولون: واللّه يا أمير المؤمنين، لو خطب إلينا كل يوم زوجناه منا، ابتغاء في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.[ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 43 ] وقيل إنه أحصن بسبعين امرأة، وقلما تفارقه أربع حرائر، وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه.[ الوافي بالوفيات 4/ 162 ] وقيل وأحصن تسعين امرأة. [ تاريخ الخلفاء 1/ 77 ] خولة بنت منظور بن ريان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن مازن، وكانت قبل الحسن السبط تحت محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي أحد العشرة رضوان الله تعالى عليهم، فقتل عنها يوم الجمل وله منها أولاد، فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب، فسمع بذلك أبوها منظور فدخل المدينة الشريفة، وركز راية سوداء عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق قيسي إلا دخل تحتها، ثم قال: أمثلي يفتات عليه في ابنته؟ فقالوا: لا.فلما رأى الحسن ذلك سلم إليه ابنته فحملها في هودج، وخرج بها من المدينة، فلما صارت بالبقيع قالت: يا أبت أين تذهب بي؟ إنه الحسن ابن أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لها: إن كان له فيك حاجة فسيلحقنا.فلما صارا في نخل المدينة إذا بالحسن والحسين وعبد الله بن جعفر قد لحقوا بهم، فأعطاه إياها فردها إلى المدينة، وفي ذلك يقول جد حفيز العبسي: من البسيط: إن الندَى مِنْ بني ذُبيَانَ قَدْ عَلِمُوا والجودَ في آل مَنْظورِ بنِ سَيّارِ ألماطرينَ بِأَيديهِم نَدىً ديماً وكل غَيثٍ مِنَ الوَسْمِي مِدرَارِ تَزُورُ جارَهَمُ وهناً هديتُهُمْ وما نهاهم لها وهناً بزوارِ [ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 339 ] وقال ابن أبي مليكة: تزوج الحسن بن علي خولة بنت منظور، فبات ليله على سطح أجم، فشدت خمارها برجله، والطرف الآخر بخلخالها، فقام من الليل فقال: ما هذا ؟ قالت: خفت أن تقوم من الليل بوسنك فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب، فأحبها، فأقام عندها سبعة أيام، فقال ابن عمر: لم نر أبا محمد منذ أيام، فانطلقوا بنا إليه، فأتوه، فقالت له خولة: احتبسهم حتى نهيئ لهم غداء، قال ابن عمر: فابتدأ الحسن حديثاً ألهانا بالاستماع إعجاباً به حتى جاءنا الطعام.وقيل: إن التي شدت خمارها برجله هند بنت سهيل بن عمرو. فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري، وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم، فطلقهما، وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف درهم وزقاق من عسل متعة، وقال لرسوله يسار أبي سعيد بن يسار وهو مولاه: احفظ ما تقولان لك، فقالت الفزارية: بارك الله فيه وجزاه خيراً، وقالت الأسدية: متاع قليل من حبيب مفارق، فرجع فأخبره، فراجع الأسدية وترك الفزارية. وقال محمد بن سيرين: تزوج الحسن بن علي امرأة فبعث إليها بمئة جارية مع كل جارية ألف درهم. ولما خطب الحسن بن علي إلى منظور بن سيار بن زبان الفزاري ابنته فقال: والله إني لأنكحك، وإني لأعلم أنك علق طلق ملق غير أنك أكرم العرب بيتاً وأكرمه نسباً. [ مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/403 ] عائشة الخثعمية : عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ الْخَثْعَمِيَّةُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ رضى الله عنه فَلَمَّا أُصِيبَ عَلِىٌّ وَبُويِعَ الْحَسَنُ بِالْخِلاَفَةِ قَالَتْ لِيَهْنِكَ الْخِلاَفَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ يُقْتَلُ عَلِىٌّ وَتُظْهِرِينَ الشَّمَاتَةَ اذْهَبِى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا. قَالَ فَتَلَفَّعَتْ بِسَاجِهَا وَقَعَدَتْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا بِعَشَرَةِ آلاَفٍ مُتْعَةً وَبَقِيَّةٍ بَقِىَ لَهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَقَالَتْ مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهَا بَكَى وَقَالَ لَوْلاَ أَنِّى سَمِعْتُ جَدِّى أَوْ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّهُ سَمِعَ جَدِّى يَقُولُ « أَيُّمَا رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا مُبْهَمَةً أَوْ ثَلاَثًا عِنْدَ الأَقْرَاءِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ». لَرَاجَعْتُهَا. [ سنن الدار قطني 9/ 287 حديث 4017 ] ابنة سهيل بن عمرو : قال الخرائطي في اعتلال القلوب : حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال : حدثنا أيوب بن عمرو الغفاري قال : حدثني خالي محمد بن عمارة بن نعيم الغفاري قال : طلق ابن عبد الله بن عامر امرأته ابنة سهيل بن عمرو ، فقدمت المدينة ومعها ابنة لها وديعة جوهر استودعها إياه فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب ، ثم أراد ابن عامر الحج ، فأتى المدينة فلقي الحسن عليه السلام ، فقال : حدثنا يا محمد ، إن لي إلى ابنة سهيل حاجة ، فأحب أن تأذن لي عليها ، فقال لها الحسن : البسي ثيابك ، فهذا ابن عامر يستأذن عليك ، فدخل عليها فسألها وديعته ، فجاءته بها عليها خاتمه ، فقال : خذي ثلثها ، فقالت : ما كنت لآخذ على أمانة اؤتمنت عليها شيئا أبدا ، ثم أقبل عليها ابن عامر فقال : إن ابنتي قد بلغت ، وأحب أن تخلي بيني وبينها ، فبكت وبكت ابنتها ، ورق ابن عامر فقال الحسن : فهل لكما ، فو الله ما من محلل خير مني قال : أجل ، فو الله لا أخرجها من عندك أبدا قال : فكفلها حتى مات رضي الله عنه [ 12/ 61 حديث 522 ] عاتكة بنت زيد، أخت سعيد بن عمرو بن نفيل خطبها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد انقضاء العدة فقالت: يا أمير المؤمنين، بالمسلمين إليك حاجة، ولم تتزوج. وكان علي بعد ذلك يقول: من أراد الشهادة الحاضرة فعليه بعاتكة؛ وتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وتوفي عنها وكان آخر من ذكر من أزواجها. [ الوافي بالوفيات 5/ 315 ] وأم إسحاق بنت طلحة تزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب فولدت له طلحة ثم توفي عنها [ الطبقات الكبرى لابن سعد 3/214 ] أولاده : تسعة عشر ولدَاً: تسعة ذكور، الحسن، وزيد، وحسين الأثرم، وعبد اللّه، وأبو بكر، وعبد الرحمن، والقاسم، وطلحة، وعمر، قاله البلاذري، وذكر المحب الطبري في ذخائر العقبى نقلا عن الدولابي أنهم خمسة: الحسن، وزيد، وعبيد اللّه، وعمر، وإبراهيم. وعن أبي بكر بن الدراع أنهم أحد عشر ذكرَاً وبنت: عبد الله القاسم، والحسن، وزيد، وعمر، وعبيد اللّه، وعبد الرحمن، وأحمد، وإسماعيل، والحسين، وعقيل، والأنثى: أم الحسن. وعلى كل الروايات: العقب منه في رجلين فقط هما زيد والحسن المثنى. وكان قد أعقب - أيضاً - من الحسين الأثرم وعمر، لكن انقرض عقبهما، فلم يبق للحسن السبط إلا من هذين الشخصين: الحسن المثنى وزيد ابني الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وكرم وجهه.[ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 44 ] وقيل كان له من الولد خمسة عشر ذكراً وثمان بنات.و قال الدولابي في الذرية الطاهرة : سمعت أبا إسحاق السعدي الجوزجاني ، يقول : « خلف الحسن بن علي بن أبي طالب حسن بن حسن وعبد الله بن حسن وعمرو بن حسن وزيد بن حسن وإبراهيم بن حسن »[ 1/ 124 حديث 110 ] ولد للحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام: زيد من أم ولد.والحسن بن الحسن من أم ولد.والقاسم، وأبو بكر، وعبد الله، لا عقب لهم، قتلوا مع عمهم الإمام الحسين بن علي عليه السلام بالطف.وعمرو بن الحسن، وعبد الرحمن بن الحسن، والحسين، ومحمد، ويعقوب، وإسماعيل بنو الحسن.فهؤلاء هم الذكور من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام .[ إتحاف الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء 1/2 ] الأحد 4 نوفمبر 2007 25 شوال, 1428يوم في حياته رضي الله عنه : عن أبي سعيد أن معاوية قال لرجل من أهل المدينة: أخبرني عن الحسن بن علي. قال: يا أمير المؤمنين؛ إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، له شرف، إلا أتاه، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين، ثم ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن، فربما أتحفنه، ثم ينصرف إلى منزله، ثم يروح فيصنع مثل ذلك. فقال: ما نحن معه في شيء. وعن أم موسى قالت: كان الحسن بن علي إذا أوى إلى فراشه بالليل أتى بلوح فيه سورة الكهف فيقرؤها، قالت فكان يطاف بذلك اللوح معه حيث طاف من نسائه. [ مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/400 ] فضائل الحسن بن علي رضي الله عنه : روى الحاكم في مستدركه جملة من الأحاديث الدالة على فضائل سيدان الحسن بن علي فقال رحمه الله : عن عقبة بن الحارث ، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لقي الحسن بن علي رضي الله عنهما فضمه إليه وقال : بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي ، وعلي يضحك هذا حديث صحيح على شرط الشيخين . وعن أبي هريرة أنه لقي الحسن بن علي فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بطنك ، فاكشف الموضع الذي قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله ، قال : وكشف له الحسن فقبله هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه. وعن إسماعيل بن أبي خالد ، قال : سمعت وهبا أبا جحيفة يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وله شاهد صحيح. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لم يكن في ولد علي أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لا أزال أحب هذا الرجل بعدما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ما يصنع ، رأيت الحسن في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدخل أصابعه في لحية النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فمه ثم قال : اللهم إني أحبه فأحبه . هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، قال : كنا مع أبي هريرة فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب علينا ، فسلم فرددنا عليه السلام ولم يعلم به أبو هريرة ، فقلنا له : يا أبا هريرة ، هذا الحسن بن علي قد سلم علينا فلحقه وقال : وعليك السلام يا سيدي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنه سيد » « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله العمري ، ثنا محمد بن إسحاق الإمام ، ثنا أبو موسى ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، قال : سمعت يزيد بن خمير يحدث ، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير بن نفير يحدث ، عن أبيه ، قال : قلت للحسن بن علي : إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة فقال : « قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ، ويسالمون من سالمت تركتها ابتغاء وجه الله تعالى ، وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم ابتزها باتئاس أهل الحجاز » « هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » وحدثني نصر بن محمد العدل ، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ، ثنا أحمد بن يحيى البجلي ، ثنا محمد بن إسحاق البلخي ، ثنا نوح بن دراج ، عن الأجلح ، عن البهي ، عن سفيان بن الليل ، قال : لما كان من أمر الحسن بن علي ومعاوية ما كان قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه ، - فذكر الحديث بطوله - قال : فتذاكرنا عنده الأذان فقال بعضنا : إنما كان بدء الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم ، فقال له الحسن بن علي : « إن شأن الأذان أعظم من ذاك ، أذن جبريل عليه السلام في السماء مثنى مثنى ، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقام مرة مرة فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن الحسن حين ولي » عن سالم بن أبي حفصة ، قال : سمعت أبا حازم يقول : إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص ويطعن في عنقه ويقول : تقدم فلولا أنها سنة ما قدمتك وكان بينهم شيء ، فقال أبو هريرة : أتنفسون على ابن نبيكم صلى الله عليه وسلم بتربة تدفنونه فيها وقد سمعت رسول الله يقول : « من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني » « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » سمعت ثعلبة بن أبي مالك قال : « شهدنا الحسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع ولو طرحت إبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان » عن محارب قال : « مات الحسن بن علي سنة خمسين خلون من ربيع الأول ، وهو ابن ست وأربعين سنة وصلى عليه سعيد بن العاص وكان يبكي وكان مرضه أربعين يوما »عن أبي إسحاق قال : بويع لأبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب بالكوفة عقيب قتل أمير المؤمنين علي وأخذ البيعة عن أصحابه ، فحدثني حارثة بن مضرب قال : سمعت الحسن بن علي يقول : « والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم » ، قالوا : ما هي ؟ قال : « تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت » ، ولما تمت البيعة خطبهم عن عمرو بن مرة ، سمعت عبد الله بن الحارث يحدث ، عن زهير بن الأقمر ، رجل من بني بكر بن وائل ، قال : لما قتل علي قام الحسن يخطب الناس فقام رجل من أزد شنوءة ، فقال : أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته وهو يقول : « من أحبني فليحبه ، وليبلغ الشاهد الغائب » ، ولولا كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أبدا حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق ، وعلي بن حمشاذ قالا : ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا أبو موسى ، قال : سمعت الحسن يقول : « استقبل الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال ، فقال عمرو بن العاص : والله إني لأرى كتائب لا تولى أو تقتل أقرانها ، فقال معاوية وكان خير الرجلين : أرأيت إن قتل هؤلاء هؤلاء ؟ من لي بدمائهم ؟ من لي بأمورهم ؟ من لي بنسائهم ؟ قال : فبعث معاوية عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس - قال سفيان : وكانت له صحبة - فصالح الحسن معاوية وسلم الأمر له وبايعه بالخلافة على شروط ووثائق ، وحمل معاوية إلى الحسن مالا عظيما يقال : خمس مائة ألف ألف درهم وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين ، وإنما كان ولي قبل أن يسلم الأمر لمعاوية سبعة أشهر وأحد عشر يوما » عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي : « إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين » حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا الأسود بن عامر شاذان ، ثنا زهير بن معاوية ، ثنا أبو روق الهمداني ، ثنا أبو العريف ، قال : كنا في مقدمة الحسن بن علي اثني عشر ألفا تقطر أسيافنا من الحدة على قتال أهل الشام ، وعلينا أبو العمر طه ، فلما أتانا صلح الحسن بن علي ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الحرد والغيظ ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قام إليه رجل منا يكنى أبا عامر سفيان بن الليل ، فقال : السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال الحسن : « لا تقل ذاك يا أبا عامر ، لم أذل المؤمنين ، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك » عن الشعبي ، قال : خطبنا الحسن بن علي بالنخلة حين صالح معاوية ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « إن أكيس الكيس التقى ، وإن أعجز العجز الفجور ، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ ، وكان أحق بحقه مني أو حق لي فتركته لمعاوية إرادة استضلاع المسلمين وحقن دمائهم ، وإن أدري لعله فتنة لكم ، ومتاع إلى حين ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم » حدثنا إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة ، ثنا عيسى بن مهران القيسي ، ثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، ثنا حماد بن واصل ، حدثتني فاطمة بنت الحارث ، عن أبيها ، أن عليا كان يقول للحسن رضي الله عنهما : « خالع سرباله (جمع سربال وهو القميص أو الدرع أو كل ما يلبس) » عن عمير بن إسحاق ، أن الحسن بن علي قال : « لقد بلت طائفة من كبدي ، ولقد سقيت السم مرارا ، فما سقيت مثل هذا » عن عمران بن عبد الله قال : رأى الحسن بن علي فيما يرى النائم بين عينيه مكتوبا ( قل هو الله أحد فقصها على سعيد بن المسيب فقال : « إن صدقت رؤياك فقد حضر أجلك » ، قال : فسم في تلك السنة ومات رحمة الله عليه [ المستدرك على الصحيحين 11/ 97 -134 ] عن ابن سيرين ، أن الحسن بن علي ، رضي الله عنهما قال : « لو نظرتم ما بين جابرس إلى جابلق ما وجدتم رجلا جده نبي غيري وغير أخي ، وإني أرى أن تجتمعوا على معاوية ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. قال معمر : جابرس وجابلق المغرب والمشرق [ دلائل النبوة 7/321 حديث 2767 ] فيها حديث علي بن أبي طالب وأم سلمة وتقدما في باب ما اشترك فيه علي وغيره من الفضل. وعن ابن أبي مليكة قال: " كانت فاطمة تنقز الحسن وتقول: بُني شبيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس شبيه بعلي ". رواه أبو داود الطيالسي وعنه أحمد بن حنبل. وعن عبد الله بن جعفر- رضي الله عنه- قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر تلقي بي وبالحسن فجعل أحدنا بين يديه والآخر خلفه على الدابة ". رواه أبو داود الطيالسي. وعن زهير بن الأقمر قال: " خطب الحسن بن علي بعد موت علي- رضي الله عنهما- فقام رجل من الأزد آدم طوال فقال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و هذا في حبوته فقال: إنى أحبه فأحبه ليبلغ الشاهد الغائب. ولولا عزمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حدثتكم ".رواه مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل. وعن عمير بن إسحاق قال: "كنت مع الحسن بن علي فلقينا أبو هريرة فقال للحسن: هات أقبل منك حيث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل منك. قال فقال بقميصه فوضع فاه على سرته فقبلها".رواه مسدد ومحمد بن يحيى بن أبي عمر وأحمد بن حنبل وابن حبان فى صحيحه والحاكم وصححه. وعن أبي ليلى- رضي الله عنه- قال: " كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جلوسًا فجاء الحسن يحبو حتى جلس على صدره فبال عليه قال: فابتدرناه لنأخذه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ابني ابني. ثم دعا فصبه عليه ".رواه أبو بكر بن أبي شيبة بسند ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وعن سعيد بن زيد- رضي الله عنه-: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الحسن بن علي- رضي الله عنهما- فقال: اللهم إني أحبه فأحبه ".رواه أبو بكر بن أبي شبية وعنه أبو يعلى الموصلي. [ إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 7/ 89 ] . عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد الحسن والحسين ثم يقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما. وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمنا، ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما. وعن البراء قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملاً الحسن بن علي وهو يقول: اللهم، إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه. وعنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل الحسن أو الحسين على عاتقه، وهو يقول: اللهم، إني أحبه فأحبه. وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. وعن أبي هريرة قال: ما رأيت الحسن بن علي إلا فاضت عيناي دموعاً رحمة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فوجدني في المسجد، فأخذ بيدي، فاتكأ علي، ثم انطلقت معه حتى جئنا سوق بني قينقاع، فما كلمني، فطاف فيه، ونظر ثم رجع، ورجعت معه، فجلس في المسجد فاحتبي ثم قال: ادع لي لكاع، فأتى حسن بشدة حتى وقع في حجره، فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح فمه ويدخل فمه في فمه، ويقول: اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه. ثلاثاً. وفي حديث آخر عنه: والنبي صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فمه، أو لسان الحسن في فمه. وعنه قال: سمعت أذناي هاتان، وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفيه جميعاً، يعني حسناً أو حسيناً، وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: من الرجز حزقة حزقة ... ترق عين بقة فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: افتح فاك، ثم قبله، ثم قال: اللهم، أحبه فإني أحبه. قال أبو نعيم: الحزقة: المتقارب الخطا والقصير الذي يقرب خطاه. وعين بقة: أشار إلى البقة ولا شيء أصغر من عينها لصغرها. وقيل: أراد النبي صلى الله عليه وسلم بالبقة فاطمة، فقال له: ترق ياقرة عين بقة. وعن علي قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين لكع ؟ ههنا لكع ؟ قال: فخرج إليه الحسن بن علي، وعليه سخاب قرنفل، وهو ماد يده، قال: فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فالتزمه وقال: بأبي أنت وأمي من أحبني فليحب هذا. وعن علي عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة. وعن زهير بن الأقمر، قال: بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي، إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته يقول: من أحبني فليحبه، فليبلغ الشاهد الغائب، ولولا عزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثتكم. وعن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومه حسن وحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة ويلثم هذا مرة، حتى انتهى إلينا. فقال له رجل: يا رسول الله، إنك لتحبهما. فقال: من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. وعن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان ابناي، من أحبهما فقد أحبني. وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فلما صلى وضعهما في حجره ثم قال: من أحبني فليحب هذين. وعن أبي بكرة قال: كان الحسن والحسين يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فيمسكهما بيده حتى يرفع صلبه، ويقومان على الأرض، فلما فرغ أجلسهما في حجره، ثم قال: إن ابني هذين ريحانتي من الدنيا. وعن أم سلمة أنها قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي يوماً إذ قالت الخادم: إن علياً وفاطمة بالسدة قالت: فقال لي: قومي فتنحي لي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما. قالت: واعتنق علياً بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى، فقبل فاطمة وقبل علياً فأغدق عليهم خميصة سوداء فقال: اللهم إليك لا إلى النار، أنا وأهل بيتي. قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله. فقال: وأنت. وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا ثم وضع يديه عليه فقال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد فإنك حميد مجيد. قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه وقال: إنك على خير. وعن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها: ادعي زوجك وابنيك. قالت: فجاء علي وحسن وحسين، فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة له، على دكان تحته كساء خيبري. قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: " إنّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً " قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج بيده فألوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم، هؤلاء أهل بيتي وحامتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال: إنك إلى خير، إنك إلى خير. وعن أبي سعيد قال: نزلت هذه الآية في خمسة نفر، وسماهم: " إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً " في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وعن حذيفة قال:قالت لي أمي: متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت: مالي به عهد مذ كذا وكذا. فقالت: متى ؟ فقلت لها: دعيني فإني آتيه وأصلي معه المغرب، وأسأله أن يستغفر لي. قال: فأتيته وهو يصلي المغرب. فقال: ما رأيت العارض الذي عرض بي ؟ قلت: بلى. قال: فذلك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة، استأذن ربه عز وجل في السلام علي فسلم علي، وبشرني بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي. وعن يعلى بن مرة قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه، وأخذ الآخر فضمه إلى إبطه الآخر، وقال: هذان ريحانتاي من الدنيا، من أحبني فليحبهما. ثم قال: الولد مبخلة مجبنة مجهلة. وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العشاء، وكان الحسن والحسين يثبان على ظهره، فلما صلى قال أبو هريرة: يا رسول الله ألا أذهب بهما إلى أمهما ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، فبرقت برقة فما زالا في ضوئها حتى دخلا إلى أمهما. وعن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم إليهما، فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر، فقال: صدق الله " إنِّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةً " ، رأيت هذين الصبيين فلم أصبر عنهما. ثم أخذ في خطبته. وعن زيد بن أرقم قال: خرج الحسن بن علي وعليه بردة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فعثر الحسن فسقط، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، وابتدره الناس فحملوه، وتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمله ووضعه في حجره، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الولد لفتنة ولقد نزلت إليه وما أدري أين هو. وعن أنس بن مالك قال: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه، فإذا رفع رأسه، يعني أعاده. وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر في الصلاة، فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهري صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر وأنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته. وعن جابر بن عبد الله قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حامل الحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي بهما فقلت: نعم الجمل جملكما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الراكبان هما. وعنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين على ظهره، وهو يمشي بهما على أربع، وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما. وعن ابن عباس قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم حامل الحسن على عاتقه فقال له رجل: يا غلام نعم المركب ركبت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكب هو. وعن زيد بن أرقم قال: إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم. وعن المقدام بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحسن مني والحسين من علي. وعن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن أو الحسين: هذا مني وأنا منه وهو يحرم عليه ما يحرم علي. وعن عمير بن إسحاق قال: كنت أمشي مع الحسن بن عي قي بعض طرق المدينة فلقيه أبو هريرة فقال له: أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل. قال: فقال بقميصه فكشف عن سرته فقبلها. وعن معاوية قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال: شفته يعني الحسن بن علي وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن جعفر قال: بينما الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطش فاشتد ظمؤه، فطلب له النبي صلى الله عليه وسلم ماء فلم يجد، فأعطاه لسانه، فمصه حتى روي. وعن أبي هريرة: أن مروان بن الحكم أتى أبا هريرة في مرضه الذي مات فيه، فقال مروان لأبي هريرة: ما وجت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلا في حبك الحسن والحسين. قال: فتحفز أبو هريرة فجلس فقال: أشهد لخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت الحسن والحسين، وهما يبكيان، وهما مع أمهما، فأسرع السير حتى أتاهما، فسمعته يقول: ما شأن ابني ؟ فقالت: العطش. قال: فأخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شنة يتوضأ بها، فيها ماء، وكان الماء يومئذ إعذاراً، والناس يريدون الماء، فنادى: هل أحد منكم معه ماء ؟ فلم يبثق أحد إلا أخلف يده إلى كلاله يبتغي الماء في شنه، فلم يجد أحد منهم قطرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني أحدهما، فناولته إياه من تحت الخدر فرأيت بياض ذراعيهما حين ناولته، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يصغو ما يسكت، فأدلع له لسانه فجعل يمصه حتى هدأ وسكن، فلم أسمع له بكاء، والآخر يبكي كما هو ما يسكت. فقال: ناوليني الآخر فناولته إياه، ففعل به كذلك فسكتا، فما اسمع لهما صوتاً، ثم قال: سيروا. فصدعنا يميناً وشمالاً عن الظعائن حتى لقيناه على قارعة الطريق. فأنا لا أحب هذين وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! وعن أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يفرج بين رجلي الحسن، ويقبل ذكره. وعن أبي هريرة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حامل الحسن بن علي على عاتقه ولعابه يسيل عليه. وعنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل التمرة. وعن ابن عباس قال: اتخذ الحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: هي يا حسن، خذ يا حسن، فقالت عائشة: تعين الكبير على الصغير ؟ فقال: إن جبريل يقول: خذ يا حسين. وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته فاطمة وابناها إلى جانبها، وعلي نائم، فاستسقى الحسن، فأتى ناقة لهم فحلب منها، ثم جاء به فنازعه الحسين أن يشرب قبله حتى بكى، فقال: يشرب أخوك ثم تشرب. فقالت فاطمة: كأنه آثر عندك منه ؟ ! قال: ما هو بآثر عندي منه، وإنهما عندي بمنزلة واحدة، وإنك وهما وهذا المضجع معي في مكان واحد يوم القيامة. وعن ابن مسعود: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ مر الحسن والحسين وهما صبيان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هاتوا ابني أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، فضمهما إلى صدره، وقال: أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، وكل عين لامة. وكان إبراهيم النخعي يستحب أن يواصل هؤلاء الكلمات بفاتحة الكتاب. وقال منصور: تعوذ بها فإنها تنفع من العين والفزعة ومن الحمى ومن كل وجع. وعن ابن عمر قال: كان على الحسن والحسين تعويذان فيهما زغب من زغب جناح جبريل. وعن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: رأيت عيسى بن مريم عليه السلام في النوم، فقلت: يا روح الله، إني أريد أن أنقش على خاتمي فما أنقش عليه ؟ قال: انقش عليه لا إله إلا الله الحق المبين فإنه يذهب الهم والغم. وعن محمد بن سيرين قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحسن بن علي فقال: يا بني، اللهم سلمه وسلم منه. وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد أعطي سبعة رفقاء، نجباء، وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحسن وحسين، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر، والمقداد، وحذيفة، وعمار، وسلمان. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقومن أحد من مجلسه إلا للحسن أو الحسين أو ذريتهما. وعن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة، قال: فباع علي درعاً له؛ وبعض ما باع من متاعه، فبلغ أربع مئة وثمانين درهماً، قال: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثيه في الطيب، وثلثه في الثياب، ومج في جرة من ماء وأمرهم أن يغتسلوا به. قال: وأمرها ألا تسبقه برضاع ولدها. قال: فسبقته برضاع الحسين وأما الحسن فإنه صلى الله عليه وسلم صنع في فيه شيئاً لا يدري ما هو. فكان أعلم الرجلين. وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وفاطمة والحسن والحسين مجتمعون، هذه فاطمة وهذان الحسن والحسين ومن أحبنا يوم القيامة في الجنة، نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد. وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: إني وإياك وهذا، يعنيني، وهذين الحسن والحسين يوم القيامة في مكان واحد. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما استقر أهل الجنة في الجنة، قالت الجنة: يا رب أليس وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟ قال: ألم أزينك بالحسن والحسين ؟ قال: فمات الجنة ميساً كما تميس العروس. وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن الحسن بن علي قد أعطي من الفضل ما لم يعط أحد من ولد آدم، ما خلا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله. وعن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فلما كان في الرابعة أقبل الحسن والحسين حتى ركبا على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم وضعهما بين يديه، وأقبل الحسن فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر، ثم قال: أيها الناس: ألا أخبركم بخير الناس جداً وجدة ؟ ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة ؟ ألا أخبركم بخير الناس خالاً وخالة ؟ ألا أخبركم بخير الناس أباً وأماً ؟ الحسن والحسين: جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدتهما خديجة بنت خويلد، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوهما علي بن أبي طالب، وعمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانىء بنت أبي طالب، وخالهما القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالاتهما: زينب ورقية وأم كلثوم، بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ جدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأبوهما في الجنة وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالاتهما في الجنة، وهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فاطمة وعلياً والحسن والحسين في حظيرة القدس، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن. وعن زينب بنت أبي رافع قالت: رأيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتت بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله، هذان ابناك فورثهما، فقال: أما حسن فإن له هيبتي وسؤددي، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي. وعن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: كنا مع أبي هريرة إذ جاء الحسن بن علي فسلم فرددنا عليه ولم يعلم أبو هريرة فمضى، فقلنا: يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلم علينا، قال: فتبعه فلحقه قال: وعليك السلام يا سيدي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيد. وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ابني هذا سيد يعني الحسن بن علي وليصلحن الله على يديه بين فئتين من المسلمين عظيمتين. قال سفيان: قوله: بين فئتين من المسلمين يعجبنا جداً. وعن أبي بكرة قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن حتى صعد المنبر فقال: إن ابني هذا سيد، وإن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين. قال: فنظر إليهم أمثال الجبال في الحديد. قال: أضرب هؤلاء بعضهم ببعض في ملك من ملك الدنيا، لا حاجة لي به. قال الحسن راوي الحديث عن أبي بكرة: فما أهريق في ولايته محجمة من دم. وعن عمر بن الخطاب: أنه لما دون الدواوين وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف درهم.[ مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/ 396-400 ] لحسن بن علي ومواقفه مع أصحابه : الحسن بن علي ومعاوية : عن الشعبي ، قال : لما صالح الحسن بن علي رضي الله عنه ، وقال هشيم : لما سلم الحسن بن علي الأمر إلى معاوية ، قال له معاوية بالنخيلة : قم فتكلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقى ، وإن أعجز العجز الفجور ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به ، أو حق لي تركته لمعاوية إرادة إصلاح المسلمين ، وحقن دمائهم ، ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، ثم استغفر ونزل » [ دلائل النبوة للبيهقي 7/ 322 حديث 2768 ] عن الزهري ، فذكر قصة في خطبة معاوية ، قال : ثم قال : قم يا حسن فكلم الناس ، فقام حسن فتشهد في بديهة أمر لم يرو فيه ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ، وإن لهذا الأمر مدة ، والدنيا دول ، وإن الله تعالى قال لنبيه عليه السلام : ( قل إن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين )[ دلائل النبوة 7/ 323 حديث 2769 ] وقال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة: قال عبد الله بن جعفر قال الحسن إني رأيت رأيا أحب أن تتابعني عليه، فقلت ما هو؟ قال: رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي الأمر لمعاوية، فقد طالت الفتنة وسفكت الدماء وقطعت السبل، قال: فقلت، جزاك الله خيراً عن أمة محمد فبعث إلى حسين فذكر له ذلك، فقال أعيذك بالله، فلم يزل به حتى رضي. الحسن بن علي وعثمان : عن الحسن قال : كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما « يرد الناس عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار بسيفين يضرب بيديه جميعا »[ الشريعة للآجري 4/ 78 حديث 1390 ] أدبيات في حياة الحسن بن علي رضي الله عنه : أخرج الدارمي في مسنده والبيهقي مدخله من جهة شرحبيل بن سعد قال دعا الحسن بن علي بن أبي طالب بنيه وبني أخيه فقال يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين فتعلموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو قال يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته [ المقاصد الحسنة للسخاوي 1/ 368 ] . وكان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتمثل كثيراً ويقول: يا أهل لذات دنيا لا بقال لها ... إن اغتراراً بظل زائل حمق [ إحياء علوم الدين للغزالي 2/403 ] وقيل له: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إليّ من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال: رحم اللّه أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار اللّه عز وجل لم يتمن غير الحالة التي اختارها اللّه عز وجل. وهذا حد الوقوف على الرضا بما يصرف به القضاء. ومن كلامه رضي اللّه عنه: كن في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك. [ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 38 ] وعن الحارث الأعور: أن علياً عليه السلام سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة فقال: يا بني ما السداد ؟ قال: يا أبه، السداد دفع المنكر بالمعروف.قال: فما الشرف ؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.قال: فما المروءة ؟ قال: العفاف وإصلاح المرء حاله.قال: فما الدقة ؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير.قال: فما اللؤم ؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه من اللؤم.قال: فما السماحة ؟ قال: العدل في اليسر والعسر. قال: فما الشح ؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفاً.قال: فما الإخاء ؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء.قال: فما الجبن ؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.قال: فما الغنيمة ؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة. قال: فما الحلم ؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.قال: فما الغنى ؟ قال: رضاء النفس بما قسم الله عز وجل لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس.قال: فما الفقر ؟ قال: شره النفس في كل شيء.قال: فما المنعة ؟ قال: شدة البأس ومقارعة أشد الناس.قال: فما الذل ؟ قال: الفزع عند المصدوقة.قال: فما الجرأة ؟ قال: موافقة الأقران.قال: فما الكلفة ؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.قال: فما المجد ؟ قال: أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم.قال: فما العقل ؟ قال: حفظ القلب كل ما استرعيته.قال: فما الخرق ؟ قال: معاداتك لإمامك ورفعك عليه كلامك.قال: فما السنا ؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح.قال: فما الحزم ؟ قال: طول الأناة والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم.قال: فما الشرف ؟ قال: موافقة الإخوان وحفظ الجيران.قال: فما السفه ؟ قال: اتباع الدناة ومصاحبة الغواة.قال: فما الغفلة ؟ قال: تركك المسجد وطاعتك المفسد.قال: فما الحرمان ؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك.قال: فما السيد ؟ قال: السيد: الأحمق في المال المتهاون في عرضه، يشتم فلا يجيب، المتحزن بأمر عشيرته هو السيد.قال: ثم قال علي رضي الله عنه : يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر. يا بني لا تستخفن برجل تراه أبداً، فإن كان أكبر منك فعد أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ولدك. وقال المدائني: قال معاوية للحسن بن علي: ما المروءة يا أبا محمد ؟ قال: فقه الرجل في دينه، وإصلاح معيشته، وحسن مخالقته.قال: فما النجدة ؟ قال: الذب عن الجار، والإقدام على الكريهة، والصبر على النائبة. قال: فما الجود ؟ قال: التبرع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال والإطعام في المحل. [ مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/ 404 ] ومن كلامه رضي اللّه عنه: كن في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك. وكان يقول لبنيه وبني أخيه: تعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه - أو قال يرويه - فليكتبه وليضعه في بيته. ورأى سيدنا أبو بكر الحسن - رضي اللّه عنهما - وهو يلعب مع الصبيان، فحمله أبو بكر على عاتقه وقال: بأبي، شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي، وعلي رضي اللّه عنه يتبسم. وقد كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يجله ويعظمه، ويحترمه ويكرمه، وكذلك عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه. وقد جاء الحسن والحسين يوم الدار وعثمان محصور، ومعهما السلاح ليقاتلا عن عثمان، فخشي عثمان عليهما، وأقسم عليهما ليرجعان إلى منازلهما، تطييباً لقلب علي وخوفاً عليهما، وكان علي - رضي اللّه عنه وكرم وجهه - أرسلهما وأمرهما بذلك، وكان علي يكرم الحسن إكراماً زائداً، ويعظمه ويبجله. وكان ابن عباس يأخذ الركاب للحسن والحسين إذا ركبا، ويرى هذا مِنَ النعم. وكان إذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما مِما يزدحمون عليهما للسلام عليهما، رضي اللّه عنهما وأرضاهما. وروى الحافظ أبو نعيم وغيره عن الشعبي - رحمه اللّه تعالى - أنه قال: أما بعد، فإن أكيس الكيس التقي، وأحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت عليه أنا ومعاوية إنما هو حق لامرئ، فإن كان له فهو أحق بحقه، وإن كان لي فقد تركته له إرادة صلاح الأمة وحقن دمائهم " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " " الأنبياء: 111 " ثم نزل. وكان عبد اللّه بن الزبير يقول: واللّه ما قامت النساء عن مثل الحسن. خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه : قال بعض علماء السلف: هو آخر الخلفاء، وبمدة ولايته تمت أيام الخلافة، لقول النبي صلى الله عليه وآله: الخلافة بعدي ثلاثون سنة. وبويع له يوم الأحد التاسع عشر من رمضان، وقيل: في الثاني والعشرين من رمضان سنة أربعين، بايعه أهل الحل والعقد ومن بقي من المهاجرين والأنصار، ومن نكل من بيعة الله فقد بايعه طوعاً إلا من كان بدمشق.ومدة ولايته خمسة أشهر، ثم صالح معاوية وعمره ما بين الأربعين والخمسين. وقيل: عاش اثنتا وأربعين سنة. وقيل: ثمان. وهو أصح وقيل: كان نقش خاتمه الله أكبر وبه أستغيث. وكان كاتبه خاله من قبل هند بن أبي هالة.[ لباب الأنساب والألقاب والأعقاب 1/19 -20] قال الحافظ الذهبي في تاريخه دول الإسلام: قال جرير بن حازم: بايع أهل الكوفة الحسن بن علي بعد أبيه وأحبوه أكثر من أبيه، ثم سار حتى نزل بالمدائن، وبعث قيس بن سعد بن عبادة على المقّدمة في اثني عشر ألفاً، فبينما الحسن بالمدائن إذ نادى منادٍ: ألا إن قيساً قد قتل. فاختبط الناس وانتهبت الغوغاء سرادق الحسن حتى نازعوه بساطه تحته، وطعنه رجل من الخوارج بخنجر مسموم في فخذه؛ فوثب الناس على الرجل فقتلوه، لا رحمه اللّه، ونزل الحسن القصر الأبيض بالمدائن، وكاتب معاوية في الصلح. وقال نحو هذا ابن إسحاق والشعبي. وروى أنه لما خلع نفسه قام فيهم فقال: ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، لكن كنتم في مسيركم إلى صفين، ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم. وتوجع الحسن من تلك الطعنة، ثم عوفي وللّه الحمد. ثم سار الحسن يريد الشام، وأقبل معاوية، وكان اجتماعهما بمسكن وهي من أرض السواد من ناحية الأنبار. قّال ابن عيينة: حدثنا أبو موسى قال: سمعت الحسن البصري يقول: استقبل الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: واللّه إني لأرى كتائب لا تولى أو تقتل أقرانها. فقال معاوية، وكان خير الرجلين: أرأيت إن قتل هؤلاء هؤلاء من لي بذراريهم، من لي بأمورهم، من لي بنسائهم؟ قال: فبعث عبد الرحمن بن ميسرهَ فصالح الحسن معاوية وسلم الأمر له، وبايعه بالخلافة على شروط اشترطها ووثائق، وحمل إليه معاوية مالا، يقال: خمسمائة ألف. قلت: لم أجد تعيين هذه الخمسمائة ألف؛ هي دنانير أم دراهم فيما اطلعت عليه من التواريخ، وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين. قال أبو عبد الله الهمداني محمد: حدثنا أبو العريف قال: لما ورد الحسن إلى الكوفة بعد مبايعته معاوية، قال له رجل من همدان يقال له أبو عامر: السلام عليك يا مذل المسلمين. فقال: لست بمذل المسلمين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك. ثم قال له آخر: يا عار المسلمين. فقال: العار خير من النار. ثم إن الحسن - رضي الله تعالى عنه - رجع مع آل بيته من الكوفة ونزل المدينة، وسمي هذا العام المذكور - وهو عام إحدى وأربعين - عام الجماعة لاجتماع الأمة على خليفة واحد، هو معاوية بعد نزول الحسن - رضي اللّه عنه - له بها. [ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/35 ] الحسن بن علي وارآئه الفقهية : عن أبى شعبة التميمي قال: رأيت الحسن بن على بن أبى طالب يطوف بعد العصر ويصلى. [ المحلى 3/ 4 ] وعن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - : قال : «يُقْرَأُ على الطفل فاتحةُ الكتاب، ويقول : اللهم اجعله سَلَفا وفَرَطا وذُخرا وأجْرا ». [ جامع الأصول من أحاديث الرسول 6 حديث 4319 ] مسألة - فإن تطوع عند قضاء ما عليه بأن يعطى أكثر مما أخذ. فعن سفيان ابن عيينة عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبيه قال: قضاني الحسن بن على بن أبى طالب وزادني نحوا من ثمانين درهما . ومن طريق وكيع عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبيه قال: تقاضيت الحسن بن على دينا لي عليه فوجدته قد خرج من الحمام فقضاني ولم يزنه فوزنته فوجدته قد زادني على حقي سبعين درهما . [ المحلى 8/ 78 ] وعَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَرَنَ بَيْنَ حَجٍّ، وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ يُهْدِ [ المحلى 4/ 689 ] وفي آداب الأكل قال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الطعام أصون من أن يحلف عليه فينبغي لداعي الضيف أن لا يقسم عليه بالله بل يتلطف بقوله ائتني تجبر ونحو ذلك وإذا رآه مقصرا في الأكل كرر عليه العزيمة ولا يزد على قوله كل ثلاث مرات. [ آداب الأكل للأقفهسي 1/13 ] عن الضحاك بن مزاحم قال : رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ارفع ذا وضع ذا .[ تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجري ص 73] الحسن بن علي في القراءات والتفسير : سورة البقرة : قال الله تعالى : " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) روى الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : « للسَّائِل حَقٌّ ، وَلَوْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ » ، وقال تعالى : وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ والمحروم [ الذاريات : 19 ][ تفسير اللباب لابن عادل 2/299 ] قال الله تعالى : " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُـرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) " أخرج أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني عن عمرو بن دينار قال : قال الحسن بن علي بن أبي طالب لذريح أبي قيس : أحل لك أن فرقت بين نفسي وبيني [ الدر المنثور 1/ 191 ] سورة آل عمران : قال الله تعالى : " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) " أخرج القضاعي في مسند الشهاب عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحسن الحسن الخلق الحسن » .[ الدر المنثور 2/ 437 ] سورة النساء : قال الله تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) " الحياة الطيبة : قال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هي القناعة وهذا طيب عيش الدنيا [ المحرر الوجيز 4/ 196 ] سورة الأنفال : قال الله تعالى : " وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) : قال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كانت ليلة "الفرقان يوم التقى الجمعان"، لسبع عشرة من شهر رمضان. [ جامع البيان في تأويل القرآن للطبري 13/ 562 ، تفسير ابن كثير 4/ 66 ] سورة القصص : قال الله تعالى : " قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) " أخرج ابن مردويه عن مقسم قال : لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فقلت له : أي الأجلين قضى موسى . الأول أو الآخر؟ قال : الآخر . [ الدر المنثور 7/ 488 ] . سورة الدخان : قال الله تعالى : " ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) " قرأ الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما على المنبر والكسائي إِنَّكَ بفتح الهمزة على معنى لأنك . [ تفسير الآلوسي 18/ 481 ] . سورة القيامة : قال الله تعالى : " فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) " قال الحسن : هو يوم القيامة قال تعالى : " يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ " قرأ الحسن بن علي بن أبي طالب وهو موضع الفرار . وقرأ الحسن : بكسر الميم وفتح الفاء ، ونسبها ابن عطية للزهري ، أي الجيد الفرار .[ تفسير البحر المحيط 10/ 393 ] سورة الأعلى : قال الله تعالى : " الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) " قرأ الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم يزكي بإدغام التاء في الزاي . [ تفسير الآلوسي 22/ 495 ] سورة الضحى : قال الله تعالى : " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) " عَنْ مِقْسَمٍ، قَالَ: لَقِيتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَصَافَحْتُهُ، فَقَالَ: التَّقَابُلُ مُصَافَحَةُ الْمُؤْمِنِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ:" " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " ، قَالَ: الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَيُخْبِرُ بِهِ أَهْلَ بَيْتِهِ، قُلْتُ: أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى، الْأَوَّلِ أَوِ الْآخِرِ؟ قَالَ: الْآخِرَ" عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ:" " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " ، قَالَ: إِذَا أَصَبْتَ خَيْرًا فَحَدِّثْ إِخْوَانَكَ".[ تفسير ابن أبي حاتم 12/ 424 ، الدر المنثور 10/ 287 ] وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الديك إذا صاح قال اذكروا الله يا غافلين ". أحاديث رواها الحسن رضي الله عنه : روى عنه عائشة ، وأبو هريرة ، والشعبي ، وسويد بن غفلة ، وشقيق بن سلمة أبو وائل ، وهبيرة بن يريم ، والحسن ابنه ، والمسيب بن نجبة ، والأصبع بن نباتة ، ومعاوية بن حديج ، وإسحاق بن يسار ، ومحمد بن سيرين ، وعمير بن مأمون ، وأبو الحوراء ، وعمير بن إسحاق ، وأبو جميلة في آخرين[ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 275 ] فهذه بعض وطرفاً من أحاديث رواها رضي الله عنه عن الصادق المصدوق عليه السلام : فعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ [ مسند أحمد 4/ 146 حديث 1625 ، الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 1/ 430 حديث 391 ] عَنْ هُبَيْرَةَ قال خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَقَدْ فَارَقَكُمْ رَجُلٌ بِالْأَمْسِ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُهُ بِالرَّايَةِ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ [ مسند أحمد 4/ 147 حديث 1626 ] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَرَّ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَقَامَ الْقَوْمُ وَلَمْ يَقُمْ فَقَالَ الْحَسَنُ مَا صَنَعْتُمْ إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَذِّيًا بِرِيحِ الْيَهُودِيِّ [ مسند أحمد 4/ 149 حديث 1628 ] عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَسُئِلَ مَا عَقَلْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى جَرِينٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتُ تَمْرَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي فِيَّ فَأَدْخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصْبُعَهُ فِي فِيَّ فَأَخْرَجَهَا بِلُعَابِي فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَمَا عَلَيْكَ لَوْ تَرَكْتَهَا قَالَ إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ قَالَ وَعَقَلْتُ مِنْهُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ [ مسند أحمد 4/ 154 حديث 1633 ] قال ابن أبي شيبة في مصنفه : حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان يقول إذا طلعت الشمس : سمع سامع بحمد الله الاعظمي ، لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، سمع سامع بحمد الله الاكبرى ، لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، سمع سامع بحمد الله الامجدي ، لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير [ 7/ 99 ] 28 شوال, 1428 وفاته ووصيته : عن عمران بن عبد الله قال : رأى الحسن بن علي فيما يرى النائم بين عينيه مكتوبا ( قل هو الله أحد فقصها على سعيد بن المسيب فقال : « إن صدقت رؤياك فقد حضر أجلك » ، قال : فسم في تلك السنة ومات رحمة الله عليه[ المستدرك على الصحيحين 11/ 134 ] حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بن الْفَرَجِ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْرٍ ، قَالَ : " تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بن عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ سَعِيدُ بن الْعَاصِ ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِالْمَدِينَةِ وَسِنُّهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَأَرْبَعُونَ " . [ المعجم الكبير للطبراني 3/ 119، الذرية الطاهرة للدولابي 1/ 122 -123حديث 108 -109 ] وقيل وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، سنة ثمان وخمسين بالمدينة ، وقيل : سنة ثمان وأربعين ، وقيل : أربع وأربعين ، وقيل : تسع وأربعين [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 275 ] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بن عَدَوِيَّةَ ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأُخْرِجَ بِسَرِيرِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وأَرَادَ أَنْ يَدْفِنَهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَافَ أَنْ يَمْنَعَهُ بنو أُمَيَّةَ ، فَلَمَّا انْتَهَوْا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ قَامَتْ بنو أُمَيَّةَ ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَرٍ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُهُ ، يَقُولُ : " إِنْ مَنَعُوكُمْ فَادْفِنُونِي مَعَ أُمِّي ".[ المعجم الكبير للطبراني 3/ 120 ] حدثنا أبو علي ، محمد بن أحمد قال : ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبي ، ثنا يحيى بن أبي بكير ، عن شعبة ، عن أبي بكر بن حفص ، قال : « توفي سعد بن أبي وقاص ، والحسن بن علي في أيام بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين » »[ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 292 حديث 1648 ] حدثنا أبو حامد ، أحمد بن محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن إسحاق السراج ، ثنا محمد بن الصباح ، ثنا سفيان ، عن أبي حفصة يعني سالما ، عن أبي حازم ، قال : لما مات الحسن بن علي قال الحسين ، لسعيد بن العاص وهو أمير المدينة : « تقدم فلولا أنها السنة ما تقدمت » »[ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 293 حديث 1649 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن الحسين ثنا عمرو بن علي ، قال : « مات الحسن بن علي وقد سقي السم ، فوضع كبده في ربيع الأول ، سنة تسع وأربعين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة ، وكان يخضب بالوسمة ، وكان يكنى أبا محمد » [ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني 5/ 294 حديث 1650 ] عن سفيان بن عيينة ، عن رقبة بن مسقلة قال : لما حضر الحسن بن علي قال : « أخرجوني إلى الصحن ، لعلي أنظر في ملكوت السموات - يعني الآيات - فلما أخرج به قال : اللهم أحتسب نفسي عندك ، فإنها أعز الأنفس علي ، قال : فكان مما صنع الله عز وجل له أن احتسب نفسه » [ وصايا العلماء عند حضور الموت لابن زبر الربعي 1/ 73 حديث 49 ] عن عُمير بن إسحق قال: دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي نعوده، فقال. يا فلان: سلني. فقال: لا والله لا نسألك حتى يعافيك الله. قال: ثم دخل، ثم خرج إلينا فقال سلني قبل ألا تسألني.قال: بل يعافيك الله عز وجل. قال: لقد ألقيتُ طائفةً من كبدي وإني قد سقيت السمّ مراراً، فلم أُسقَ مثل هذه المرّة.ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه، قال: يا أخي من تتهم؟ قال: لِمَ؟ لتقتله؟ قال: نعم. قال: إن يكن الذي أظن فالله أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً، وإلا يكن فما أُحِبُّ أن يُقتل بي بريء. ثم قضى رضي الله عنه. وقد ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن بنت الأشعث بن قيس كانت تحت الحسن بن علي فزعموا أنها هي التي سمَّته. مرض الحسن بن علي عليه السلام أربعين يوماً، وتوّفي لخمس ليالٍ خلون من ربيع الأول سنة خمسين، وقيل: سنة تسع وأربعين ودفن بالبقيع. رضي الله عنه. [ صفة الصفوة 1/ 168 ] فلما حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قد قطع السم أمعاءه. فقال الحسين: يا أبا محمد خبرني من سقاك ؟ قال: ولم يا أخي ؟ قال: أقتله، والله، قبل أن أدفنك، أولا أقدر عليه ؟ أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه ؟ فقال: يا أخي، إنما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله، فأبى أن يسميه. وعن أم موسى: أن جعدة بنت الأشعث بن قيس سقت الحسن السم، فاشتكى منه شكاة، قال: فكان يوضع تحته طست وترفع أخرى نحواً من أربعين يوماً. فقال كثير ويرى للنجاشي: من السريع يا جعد بكيه ولا تسأمي قال أبو جعفر: حدث بهذا السندي ونحن مع أبي نعيم، فقال أبو نعيم: لما اشتد المرض بالحسن بن علي بن أبي طالب جزع، قال: فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع ؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك: حمزة وجعفر، وعلى أخوالك: القاسم والطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب. قال: فسري عنه.بكاء حق ليس بالباطل لن تستري البيت على مثله في الناس من حاف ولا ناعل أعني الذي أسلمه أهله للزمن المستخرج الماحل كان إذا شبت له ناره يرفعها بالنسب الماثل كيما يراها بائس مرمل أو فرد قوم ليس بالآهل يغلي بني اللحم حتى إذا أنضج لم يغل على آكل وفي حديث بمعناه: فقال له الحسن: أي أخي إني أدخل في أمر من أمر الله، لم أدخل في مثله، وأرى خلقاً من خلق الله لم أر مثله قط، قال: فبكى الحسين. وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: لما أن حضر الحسن بن علي الموت بكى بكاء شديداً، فقال له الحسين: ما يبكيك يا أخي ؟ وإنما تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى علي وفاطمة وخديجة، وهم ولدوك، وقد أجرى الله لك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أنك سيد شباب أهل الجنة، وقاسمت الله مالك ثلاث مرات، ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرة حاجاً، وإنما أراد أن يطيب نفسه. قال: فو الله ما زاده إلا بكاء وانتحاباً. وقال: يا أخي إني أقدم على أمر عظيم مهول لم أقدم على مثله قط. قال أبو حازم: لما حضر الحسن، قال للحسين: ادفنوني عند أبي يعني النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن تخافوا الدماء، فإن خفتم الدماء فلا تهريقوا في دماً؛ ادفنوني عند مقابر المسلمين. قال: فلما قبض تسلح الحسين، وجمع مواليه، فقال أبو هريرة: أيدك الله، ووصية أخيك ؟ فإن القوم لن يدعوك حتى تكون بينكم دماء. قال: فلم يزل به حتى رجع. قال: ثم دفنوه في بقيع الغرقد. فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن مع أبيه فمنع، أكانوا قد ظلموه ؟ قال: فقالوا: نعم. قال: فهذا ابن نبي الله، قد جيء به ليدفن مع أبيه. وعن محمد بن جعفر عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول يوم دفن الحسن بن علي: قاتل الله مروان قال: والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دفن عثمان بالبقيع. فقلت: يا مروان ! اتق الله ولا تقل لعلي إلا خيراً، فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحبه الله ورسوله، ليس بفرار. وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حسن: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه. قال مروان: إنك والله قد أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، فلا أسمع منك ما تقول، فهلم غيرك يعلم ما تقول، قال: قلت: هذا أبو سعيد الخدري. فقال مروان: لقد ضاع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يرويه إلا أنت وأبو سعيد الخدري. والله ما أبو سعيد الخدري يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غلام، ولقد جئت أنت من جبال دوس قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتق الله يا أبا هريرة ! قال: قلت: نعم ما أوصيت به وسكت عنه. [ مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 2/ 407-408 ] ويروى أن فاطمة بنت الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم نظرت إلى جنازة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فقالت ( وكانوا رجاء ثم عادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت ) ثم ضربت على قبره فسطاطا وأقامت عليه سنة فلما مضت السنة قلعوا الفسطاط ليدخلوا المدينة فسمعوا صوتا من جانب البقيع يعني المقابر يقول هل وجدوا ما طلبوا فسمعوا صوتا من الجانب الآخر يجاوبه بل يئسوا فانقلبوا [ العاقبة في ذكر الموت لابن الخراط 1/148] . ولما كتب مروان إلى معاوية بشكاته كتب إليه أن أقبل المطي إلي بخبر الحسن؛ ولما بلغه موته سمع تكبيراً من الحضر، فكبر أهل الشام لذلك التكبير فقالت فاختة زوجة معاوية: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين، ما الذي كبرت له قال: مات الحسن، قالت: أعلى موت ابن فاطمة تكبر قال: والله ما كبرت شماتة بموته ولكن استراح قلبي. وكان ابن عباس بالشام، فدخل عليه فقال: يا ابن عباس، هل تدري ما حدث في أهل بيتك قال: لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشراً وقد بلغني تكبيرك وسجودك، قال: مات الحسن، قال: إنا لله، يرحم الله أبا محمد، ثلاثاً؛ ثم قال: والله يا معاوية لا تسد حفرته حفرتك ولا يزيد نقص عمره في يومك، وإن كنا أصبنا بالحسن لقد أصبنا بإمام المتقين وخاتم النبيين، فسكن الله تلك العبرة وجبر تلك المصيبة وكان الله الخلف علينا من بعده. [ وفيات الأعيان 2/ 66 – 67 ] عن أم بكر بنت المسور قالت : « كان الحسن بن علي سم مرارا كل ذلك يفلت حتى كانت المرة الأخيرة التي مات فيها ، فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا » عن أبي جعفر قال : « مكث الناس يبكون على الحسن بن علي وما تقوم الأسواق » عن عائشة بنت سعد قالت : « حد نساء الحسن بن علي سنة » سمعت ثعلبة بن أبي مالك قال : « شهدنا الحسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع ولو طرحت إبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان » عن محارب قال : « مات الحسن بن علي سنة خمسين خلون من ربيع الأول ، وهو ابن ست وأربعين سنة وصلى عليه سعيد بن العاص وكان يبكي وكان مرضه أربعين يوما » [ المستدرك على الصحيحين للحاكم ] ولما دفن وقف محمد ابن الحنفية أخوه على قبره فقال: لئن عزت حياتك فقد هزت وفاتك، ولنعم الروح روح تضمنها كفنك، ولنعم الكفن كفن تضمنه بدنك، وكيف لا يكون هذا وأنت عضيد الهدى، وعتيد التوى وخلف أهل التقى، وخامس أهل الكسا. غذتك بالتقوى أكف الحق، وأرضعتك ثدي الإيمان، وربيت في حجر الإسلام، فطب حياً وميتاً، وإن كانت أنفسنا غير سخية بفراقك، رحمك اللّه أبا محمد. ثم تمثل بقول القائل: من الطويل: أأدهُنُ رأسي أم تطيبُ مجالسي وخدكَ معفور وأنتَ سليبُ؟! سأبكِيكَ ما ناحَ الحمامُ بأيكةٍ وما اخضَر في أرضِ الحجازِ قضيبُ غريباً وأكنافُ الحجازِ تحوطُه ألا كُل ما تحتَ الترابِ غريبُ [ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 2/ 44 ] ومن رثاء ابن الحنفية للحسن ووجدت في وجه آخر من الروايات في أخبار أهل البيت أن محمداً وقف على قبره فقال: أبا محمد، لئن طابت حياتك، لقد فجع مماتك، وكيف لا تكون كذلك وأنت خامس أهل الكساء، وابن محمد المصطفى، وابن علي المرتضى، وابن فاطمة الزهراء، وابن شجرة طُوبَى. ثم أنشأ يقول رضي اللّه عنه: أأدهُنُ رأسي أم تطيبُ مجالسي وخدكَ معفور وأنتَ سليبُ؟! أأشْرَب ماء المزن من غير مَائِة وقد ضمن الأحشاء منك لهيب سأبكِيكَ ما ناحَ الحمامُ بأيكةٍ وما اخضَر في أرضِ الحجازِ قضيبُ غريباً وأكنافُ الحجازِ تحوطُه ألا كُل ما تحتَ الترابِ غريبُ [ مروج الذهب 1/347 ] __________________________________________________ _____________________________________ العقاد-العبقريات الاسلامية(عبقرية الامام علي -الحسين ابو الشهداء-فاطمة الزهراء والفاطميون اهل البيت) http://www.4shared.com/document/RlF5...__-_____0.html __________________________________________________ _____ على أن نوالى جميعا إضافة كتب أهل السنة عن أهل البيت وأكد على عدم إضافة تعليقات على صورة شكر وأطلب من الادارة حذفها إذا أضيفت... Free Sign Up >>
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
مرويات الامام الصادق في كتب السنة
المقدمة أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى كل من ساعدني في إتمام هذه الدراسة وإخراجها على هذه الصورة، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه المساعدة في ميزان حسناتهم يوم يلقونه، وأخص بالشكر والتقدير والعرفان : الأستاذ الدكتور/ أحمد يوسف سليمان ، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة ، أشكره على ما قدمه لي من إرشادات وإضاءات أزالت عني كثيراً من ظلمات الجهل. وعلى سعة صدره ، وصبره على المتعلمين ، جعله الله في ميزان حسناته، وأثابه عنا خير الجزاء في الدنيا والآخرة. ولا أنسى عزيزاً على تلاميذه ، أستاذاً فاضلاً ، الأستاذ الدكتور/ عبد الخالق محمود عبد الخالق أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا، والذي رحل عن دنيانا بعد أن أنهى مع طلابه أبحاثهم، ونترجم الشكر له إلى دعوات نرجو الله أن يجزل له العطاء عما منحه لنا من علم وتوجيه وإرشاد ، وأن يسكنه فسيح جناته، وأنه يجعل أبحاثه وعلمه، صدقة جارية على روحه، إنه نعم المولى ونعم النصير. وأتوجه بالشكر إلى من علمني كيف أتعلم، ووضع قدمي على بداية طريق العلم شيخي الأول وأستاذي الأستاذ الدكتور/ مصطفى رجب، عميد كلية التربية بسوهاج الأسبق، على ما قدمه لي من مساعدات علمية ، ومعنوية ، وغيرها ، وفتح مكتبته الزاخرة العظيمة لي لآخذ منها ما أشاء وما ندر من الكتب في مختلف التخصصات. وفي النهاية أتقدم بالشكر إلى والدي وإخوتي وزوجتي وكل من ساعدني في إتمام هذه الدراسة، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل مني خالصاً لوجهه الكريم ، إنه نعم المولى ونعم النصر. الباحث الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبيينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى الصحابة المنتجبين ، ثم أما بعد فإن من فضل الله تعالى على أمة الإسلام أن سخر قوماً من أجناده وضعوا علوم الحديث ، تلك الكوكبة من العلوم التي تعتبر من أرقى العلوم وأكملها التي ورثها لنا علماء الإسلام الأوائل ، وضعوها حفاظاً وتنقية وتصفية للمصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي ؛ السنة المطهرة ، وقد تركوا لنا تراثاً ضخماً من المؤلفات والتصانيف في تلك العلوم الجليلة . وقد عُنيت الأمة الإسلامية منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم بحفظ الأحاديث وروايتها ، والالتزام بها علما ، وعملاً ، وسلوكاً ، وأخلاقاً ثم عنيت بجمعها ، وتدوينها في كتب السنة من الصحاح([1]) والسنن ([2]) والمسانيد ([3]) والمعاجم ([4]) والجوامع ([5]) والأجزاء ([6]) ونحوها . وكذلك عُنيت بالرواة والمرويات من حيث القبول والرد ، ووضعوا في ذلك أدق ، وآصل ، وأحكم قواعد النقد العلمي الصحيح ، وتركوا لنا في علم تاريخ الرجال ثروة نادرة لا توجد في أية أمة من الأمم الأخرى ، وفي علم الجرح والتعديل ما لم يعرف عند أمة أخرى "([7]) . أسباب اختيار الموضوع: وقد دفع الباحث إلى اختيار موضوع " مرويات الإمام جعفر الصادق في الكتب التسعة وصحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الصغير " ما للإمام جعفر الصادق رحمه الله من منزلة عظيمة في السنة النبوية المطهرة والفقه الإسلامي ، فقد روى للإمام جعفر أئمة الحديث في معظم كتب السنة ، وقد وثقه جل علماء الحديث ، ورغم ذلك فالدراسات عن هذا الإمام الفاضل قليلة جداً ، ولم تتعرض دراسة من الدراسات التي عنيت به ، بموقفه من السنة النبوية المطهرة ، لذا شرعت في هذه الدراسة التي تظهر شخصية الإمام جعفر الصادق المحدث. ومن الأسباب التي دفعت الباحث لدراسة هذه المرويات : 1- أن الأحاديث التي رواها الإمام الصادق لم تجمع ولم تدرس من قبل. 2- أن جمع هذه الأحاديث جنباً إلى جنب له فائدة عظيمة في المقارنة بينها، مما يؤدي إلى توثيق بعضها البعض، فهناك أحاديث ضعيفة تتقوى بشاهد أو متابع فترتفع إلى درجة الحسن لغيره، وكذلك الحسن يرتفع إلى الصحيح لغيره. 3- وترجع أهمية هذه الدراسة كذلك إلى أن الكثير من كتب الحديث تأتي بكنى الرواة فقط أو الاسم الأول منه، أو ألقابهم ، مما يصعب على الدارسين معرفة هؤلاء الرواة، وضم المرويات بعضها إلى بعض يزيل هذه الجهالة في الأسماء. 4- هناك الكثير من المصنفين يخرجون بعض الأحاديث مختصرة، أو مجزأة ، وضم المرويات يفيد في معرفة المتن الكامل للحديث ، مما يفيد في عملية البحث. منهج البحث: لقد استخدم الباحث منهج رجال الحديث في دراسة الأسانيد، وقد قام الباحث بالخطوات التالية: 1- ترجم الباحث لحياة الإمام جعفر بن محمد الصادق ترجمة اجتهد أن تكون وافية مع نوع من الاختصار ، تناول فيها عصر الإمام الصادق من الناحية السياسية ومن الناحية العلمية، ثم التعريف بالإمام الصادق من جهة نسبه وتاريخ ميلاده وشيوخه وتلاميذه وعلاقاته بالعلماء والحكام في عصره ثم وفاته وبعض أقوال أهل العلم فيه. 2- مرحلة الجمع : قام الباحث بجمع مرويات الإمام جعفر بن محمد الصادق من عشرة كتب وهي : كتاب صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن النسائي الكبرى، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجه ، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، وأخيراً موطأ الإمام مالك بن أنس. وقد اكتفى الباحث بالكتب التسعة، نظراً لتلقي الأمة لها بالقبول والدراسة. 3- مرحلة الدراسة : قام الباحث بتخريج كل مرويات الإمام جعفر تخريجاً مفصلاً ، جامعاً لطرق الحديث التي وردت في الكتب التسعة، مكتفياً بتدوين رقم المجلد أو الجزء والصفحة مع سلسة الإسناد ، إتماماً للفائدة ، هذا إذا كان الحديث صحيحاً ، أما الأحاديث الضعيفة والموضوعة فقد حاول الباحث أن يجمع طرقها من جميع كتب السنة ، وآراء العلماء في هذه الأحاديث . وفي كلٍ اعتمد الباحث على طبعات معروفة ومتداولة ومتوفرة من الكتب . 4- دراسة الأسانيد: قام الباحث بترجمة رواة كل حديث ، بعد أن ميز بينهم ، مستعيناً في ذلك بكتب التراجم والرجال ، وفي الترجمة ذكر أقوال علماء الجرح والتعديل في الراوي ، مع توثيق هذه الترجمة من أشهر كتب الرجال . 5- الحكم على سند الحديث : حاول الباحث قدر استطاعته أن يحكم على الأحاديث التي رواها الإمام جعفر بن محمد ، مستعيناً في ذلك ببعض الكتب مثل سلسلة الأحاديث الصحيحة وسلسلة الأحاديث الضعيفة وكتاب إرواء الغليل للشيخ المحدث الألباني رحمه الله ، واستعان كذلك بكتب الأحاديث الضعيفة وكتب الموضوعات المشهورة، إذا تطلب الأمر ذلك، أما الأحاديث التي وردت في صحيح مسلم ، فهي صحيحة باتفاق الأمة. 6- ثم قام الباحث بتوضيح معنى بعض الكلمات الغريبة التي وردت في بعض الأحاديث مستعيناً في ذلك بكتب الشروح. 7- وفي النهاية صنف الباحث هذه الأحاديث موضوعياً إلى أربعة أصناف : أ- أحاديث العبادات ب- أحاديث المعاملات ت- أحاديث العقائد ث- أحاديث في موضوعات أخرى. 8- وقد ذيل الباحث البحث، بخاتمة وتوصيات مقترحة، ثم صنع فهارس فنية لإتمام الفائدة: أ- فهرس للآيات القرآنية الواردة في بعض الأحاديث. ب- فهرس الأحاديث النبوية والآثار. ت- فهرس بأسماء الرواة . ث- فهرس المصادر والمراجع. ج- فهرس المحتويات. وقد قسم الباحث الدراسة إلى تمهيد وبابين : 1- التمهيد: حياته وعصره، و قسمه الباحث إلى مبحثين: المبحث الأول: عصر الإمام الصادق المبحث الثاني:مسيرة حياته. 2- الباب الأول : مرويات الإمام جعفر الصادق في الكتب التسعة وصحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الصغير ، وقد قسمه الباحث إلى أحد عشر مبحثاً : المبحث الأول: موقف الإمام البخاري من الإمام الصادق. المبحث الثاني : مرويات الإمام جعفر في صحيح مسلم. المبحث الثالث : مروياته في سنن الترمذي . المبحث الرابع : مروياته في سنن النسائي. المبحث الخامس : مروياته في سنن أبي داود. المبحث السادس : مروياته في سنن ابن ماجه المبحث السابع : مروياته في مسند الإمام أحمد بن حنبل المبحث الثامن : مروياته في موطأ الإمام مالك بن أنس المبحث التاسع : مروياته في سنن الدارمي المبحث العاشر: مروياته في صحيح ابن حبان المبحث الحادي عشر : مروياته في المعجم الصغير للطبراني 3- الباب الثاني : تصنيف مرويات الإمام جعفر موضوعياً ، وقسمه الباحث إلى أربعة مباحث: المبحث الأول: أحاديث العبادات المبحث الثاني: أحاديث المعاملات المبحث الثالث: أحاديث العقائد المبحث الرابع: أحاديث في موضوعات مختلفة 4- الخاتمة والتوصيات وبعد؛ فقد اجتهد الباحث قدر استطاعته لإخراج هذه الدراسة على أكمل وجه، ولكن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، ولا معصوم من الخطأ إلا الأنبياء عليهم صلوات من ربهم ورحمة، ولابد لكل بحث من أخطاء، فمن أخطاء غيرنا نتعلم ، ومن أخطائنا يتعلم الآخرون، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ما أخطأنا فيه دون قصد، وأن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينتفع به المسلمون، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. الباحث ________________________________________ [1] - كتب تعنى بجمع الأحاديث الصحيحة فقط كصحيح الإمام مسلم وصحيح الإمام البخاري . [2] - السنن هي كتب تجمع الأحاديث النبوية ولا تعنى بالحديث الصحيح فقط وإنما تذكر الصحيح والحسن والضعيف ، كـ " سنن النسائي " و " سنن الترمذي " . [3] - هي كتب تعنى بجمع الأحاديث وترتيبها تبعاً لوحدة الصحابي الرواي ، كمسند الإمام أحمد بن حنبل الذي يحوي الكثير من المسانيد بأسماء الصحابة. [4] - هي كتب تجمع الأحاديث النبوية ، وترتب فيها الصحابة على حروف المعجم. [5] - وهي عبارة عن كتب تجمع أكثر من كتاب من كتب الأحاديث ، مثل كتاب " الجمع بين الصحيحين للحسين بن مسعود البغوي . وكتاب " مصابيح السنة " لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء. [6] - الأجزاء الحديثية نوع من المؤلفات التي تجمع الأحاديث المروية عن رجل واحد من الصحابة أو من بعدهم ، أو تجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد على سبيل البسط والاستقصاء ، مثل جزء الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ( ت 257 ) . و جزء رفع اليدين في الصلاة ، وجزء القراءة خلف الإمام ، وكلاهما للإمام البخاري ( ت 256 هـ ). [7] - د. محمد بن محمد أبو شهبة ، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ، القاهرة : دار الفكر العربي ، د.ت ، ص 6. عصر الإمام الصادق أولاً : الظروف السياسية: انتهت الخلافة الراشدة بتنازل الحسن بن عَلِيّ بن أبي طالب، عن الخلافة لمعاوية بن أبي سُفْيَان، ليبدأ عهد جديد فِي التاريخ الإسلامي، عهد ملوك الإسلام الَّذِي بدأ بمعاوية بن أبي سُفْيَان، تصديقاً لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- : (الْخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثَونَ سَنَةً، ثم مُلْكٌ) ([1]). قَالَ الحافظ ابن كثير : (والعجب أن خلافة النبوة التالية لزمان رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَتْ ثَلَاثَين سنة كَمَا نطق بِهَا الحديث الصحيح، فكان فيها، أبو بكر، ثم عمر، ثم عُثْمَان، ثم علي، ثم ابنه الحسن بن عَلِيّ ستة شهور حَتَّى كملت الثَلَاثَون، ثم كَانَتْ ملكا، فكان أول ملوك الإسلام من بني أبي سُفْيَان معاوية بن أبي سُفْيَان صخر بن حرب بن أمية، ثم ابنه يزيد، ثم ابن ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، وانقرض هَذَا البطن المفتتح بمعاوية المختتم بمعاوية)([2]). وخلال فترة حكم يزيد بن معاوية الَّذِي (بويع لَهُ بالخلافة بعد أبيه فِي رجب سنة ستين، وكان مولده سنة ست، وعشرين، فكان يوم بويع ابن أربع وثَلَاثَين سنة)([3]) وقعت أحداث جسام، كَانَ لها أثر بالغ فِي نفوس المسلمين، فقد بدأ يزيد حكمه بقتل سيد الشهداء الإمام الحسين بن عَلِيّ سنة إحدى وستين، ثم موقعة الحرة سنة ثَلَاثَ وستين، واستباحة مدينة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- و قَدْ أوغرت مأساة مقتل الحسين صدور الناس ضد بني أمية. وتوفي يزيد فِي الرابع عشر من ربيع الأول سنة أربع وستين ([4]) (وبويع بعد يزيد لابنه معاوية بن يزيد، وكان رجلا صالحا، فلم تطل مدته، مكث أربعين يوماً، وقيل عشرين يوما)([5]). ويروى أن معاوية بن يزيد هَذَا نادى فِي الناس الصلاة جامعة ذات يوم، فاجتمع الناس فَقَالَ لهم فيما قَالَ: يا أَيُّهَا الناس إني قَدْ وليت أمركم، وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوي كَمَا تركها الصديق لعمر، وإن شئتم تركتها شورى فِي ستة مِنْكُمْ كَمَا تركها عُمَر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركت لكم أمركم فولوا عليكم من يصلح لكم. ثم نزل، ودخل منزله فلم يخَرَجَ منه حَتَّى مات رحمه الله تعالى. ويقَالَ إنه سقي، ويقَالَ إنه طعن.ولما دفن حضر مروان دفنه فَلَمَّا فرغ منه قَالَ مروان: أتدرون من دفنتم ؟ قَالَوا: نعم معاوية بن يزيد، فَقَالَ مروان: هو أبو ليلى الَّذِي قَالَ فيه أرثم الفزاري: إني أرى فتنة تغلي مراجلها والْمُلْكَ بعد أبي ليلى لمن غلبا قَالَوا: فكان الأمر كَمَا قَالَ "([6]). ثم وثب مروان بن الحكم "وكانت البيعة لمروان يوم الاثنين للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين. ثم إِنَّ أم خالد دبرت أَمَرَ مروان فسمته، ويقَالَ: بَلْ وضعت عَلَى وجهه، وهو نائم، وسادة فمات مخنوقا، ثم إنها أعلنت الصراخ هي، وجواريها، وصحن: مات أمير المؤمنين فجأة"([7]). ولم يبق بالحكم إِلَّا تسعة أشهر ومات " وقام بعده ابنه عبد الملك، فنازعه فيها عَمْرُو بن سعيد بن الأشدق، وكان نائبا عَلَى المدينة من زمن معاوية، وأيام يزيد، ومروان، فَلَمَّا هلك مروان زعم أنه أوصى لَهُ بالأمر من بعد ابنه عبد الملك، فضاق بِهِ ذرعا، ولم يزل بِهِ حَتَّى أخذه بعدما استفحل أمره بدمشق فقتله فِي سنة تسع وستين، ويقَالَ: فِي سنة سبعين، واستمرت أيام عبد الملك حَتَّى ظفر بابن الزبير سنة ثَلَاثَ وسبعين، قتله الحَجَّاج بن يوسف الثَّقَفِيَّ، عن أمره بِمَكَّةَ، بعد محاصرة طويلة اقتضت أن نصب المنجنيق عَلَى الكعبة من أجل أن ابن الزبير لجأ إِلَى الحرم، فلم يزل بِهِ حَتَّى قتله، ثم عهد فِي الأمر إِلَى بنيه الأربعة بعده الوليد، ثم سُلَيْمَان، ثم يزيد، ثم هشام بن عبد الملك"([8]). وقد ولد الإمام جَعْفَر فِي عهد عبد الملك بن مروان، وعاصر من ملوك بني أمية الوليد بن عبد الملك، وسُلَيْمَان بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك. وقد كَانَتْ الدولة الأموية فِي عهد هشام بن عبد الملك فِي أوج ازدهارها، وقوتها، وبوفاته انهارت قوى الدولة، وتصدعت، فقد تولى بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك الَّذِي روى الحافظ ابن كثير أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ عنه ": قَدْ جعلتم تسمون بأسماء فراعنتكم، إنه سيكون فِي هذه الأمة رجل يقَالَ لَهُ الوليد، هو أضر عَلَى أمتي من فرعون عَلَى قومه. قَالَ أبو عَمْرُو الأوزاعي: فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد، لفتنة الناس بِهِ، حَتَّى خرجوا عليه فقتلوه، وانفتحت عَلَى الأمة الفتنة والهرج"([9])، وقد تولى مكانه يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص، ولم يعمر فِي الحكم فقد مات بعد خمسة أشهر من توليه الحكم، ثم تولى مكانه أخوه إِبْرَاهِيم بن الوليد بن عبد الملك، ثم تولى بعده مروان بن مُحَمَّد بن مروان بن الحكم، وعلى يديه انتهت دولة بني أمية، وكانت خلافته مليئة بالثورات، والفتن، والاضطرابات. وقد عاصر الإمام جَعْفَر الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه- كل تلك الثورات، والأوضاع السياسية التي لم تستقر عَلَى حال، وشاهد حكام الدولة الأموية، ومن بعدها الدولة العباسية، وهم يبذلون جهوداً مضنية فِي سبيل إخماد الفتن والثورات والاضطرابات. وقد ترك الإمام الصادق السياسة، وابتعد، عن طريقها، وعكف عَلَى العلم عكوفه عَلَى العبادة، وتلازم علمه مَعَ عبادته، حَتَّى ما كَانَ يرى إِلَّا عابداً أو دارساً أو قارئاً للقرآن أو راوياً للحديث، أو ناطقا بالحكمة التي أشرق بها قلبه، واستنارت بِهَا نفسه([10]). وعلى الرغم من ابتعاد الإمام الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه - عن السياسة، فقد تعرض للكثير من المضايقات من الحكام الأمويين الذين عاصرهم، "وقد تتبع هؤلاء أهل بيته بالقتل الذريع، وامتحن الرجل أشد امتحان، وصبر جَعْفَر بن مُحَمَّد عَلَى كل ما نزل بِهِ من محن، واضطهاد، وتضييق، وتشريد، ومهانة"([11]). وكان مما عاصره الإمام الصادق ثورة عمه زيد بن علي([12]) ضد ظلم هشام بن عبد الملك، عام 121هـ، وعلى الرغم من عدم خروجه مَعَ عمه، فكان مما يؤثر، عن الإمام زيد بن عَلِيّ ما قَالَه عن نفسه، وعن الإمام جَعْفَر الصادق:" من أراد الجهاد فإلى، ومن أراد العلم فإلى ا بن أخي جَعْفَر، وقَالَ الإمام جَعْفَر:"القائم إمام سيف، والقاعد إمام علم"([13]). والمتتبع للوضع السياسي لتلك المرحلة، يرى أن الاضطراب العقائدي، والأخلاقي كَانَ سمة من سمات ذَلِكَ العصر. ولقد كاد تمرد زيد ضد الأمويين أن ينتهي لصالح زيد، لولا وقوع الفتنة فِي صفوف أتباعه، فقد روى الطبري فِي تاريخه:أن أتباع زيد دخلوا عليه مرة فَقَالَوا : رحمك الله ما قولك فِي أبى بكر، وعمر ؟ قَالَ زيد : رحمهما الله، وغفر لهما ما سمعت أحدا من أهل بيتى يتبرأ منهما، ولا يقول فيهما إِلَّا خيرا، قَالَوا : فلم تطلب إِذاً بدم أهل هَذَا البيت إلا أَن وثبا عَلَى سلطانكم فنزعاه من أيديكم. فَقَالَ لهم زيد :إِنَّ أشد ما أقول فيما ذكرتم إنا كنا أحق بسلطان رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من الناس أجمعين، وإن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذَلِكَ عندنا بِهِم كفرا، قَدْ ولوا فعدلوا فِي الناس، وعملوا بالكتاب والسنة. قَالَوا : فلم يظلمك هؤلاء إِذَا كَانَ أولئك لم يظلموك؟ فلم تدعو إِلَى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟ فَقَالَ :إِنَّ هؤلاء ليسوا كأولئك، إِنَّ هؤلاء ظالمون لى، ولَكُمْ، ولانفسهم. وإنما ندعوكم إِلَى كتاب الله، وسنة نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وإلى السنن أن تحيا، وإلى البدع أن تطفا فإن أنتم أجبتمونا سعدتم، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل. ففارقوه، ونكثوا بيعته "([14]). وكان الغرض من إلقاء السؤال فِي ذَلِكَ الموقف الحرج، وفي ساحة الحرب هو أحد أمرين: وفي كليهما نجاح تلك الخدعة، فإما أَن يتبرّأ زيد من الشيخين فيكون حينئذ مستحقا للذم والمقاتلة ضده؛ لأنه يسيء القول فِي الشيخين، وتلك وسيلة اتّخذها الأمويون، ومن بعدهم للقضاء عَلَى خصومهم. وإمّا أَن يترحم عَلَى الشيخين، وينكر التبرؤ منهما، فيكون جوابه عَلَى أيّ حال سبباً لإيقاع الخلاف بين أصحابِهِ. وبالفعل نجحت المؤامرة، وتفرّق عنه أصحابه، وكانت هذه الحيلة من الوالي يوسف بن عمر أقوى سلاح لجأ إِلَيَّه، و خُذل زيد، وتفرق عنه أصحابِهِ، وقُتل، وصُلب. وبعد موت هشام بن عبد الملك تولى الخلافة الوليد بن يزيد سنة (125 هـ)، وكان يسمى بالفاسق؛ إذ لم يكن فِي بني أمية أكثر إدماناً للشراب، والسماع، ولا أشد مجوناً، وتهتكاً، واستخفافاً بأمر الأمة منه. ولاه هشام بن عبد الملك الحج سنة 119هـ فـ" حمل مَعَهُ قبة عملها عَلَى قدر الكعبة، ليضعها عَلَى الكعبة، وحمل مَعَهُ خمرا، وأراد أَن ينصب القبة عَلَى الكعبة، ويجلس فيها، فخوفه أصحابه، وقَالَوا : لَا نأمن الناس عليك، وعلينا معك، فلم يحركها، وظهر للناس منه تهاون بالدين، واستخفاف "([15]). وبعد أحداث عظام - لَيْسَ هَذَا مقام تفصيلها - سقطت دولة بني أمية، وجاءت إِلَى الحكم دولة بني العباس، فقط أراد الباحث أن يلقي نظرة سريعة عَلَى عصر الإمام الصادق من الناحية السياسية، والتي ترتب عَلَيْهَا التضييق عَلَى الإمام جَعْفَر، وعلى رواية الحديث عنه، مما نتج عنه قلة الأحاديث عنه فِي كتب السنة. الدولة العباسية، والإمام الصادق: حرّك العباسيون العواطف بقوّة، وحاولوا إقناع الناس بأن الهدف من دعوتهم هو الانتصار لأهل البيت، الذين تعرّضوا للظلم، والاضطهاد، وأريقت دماؤهم فِي سبيل الحق، وركّز العباسيون بين صفوف دعاتهم بأن الهدف المركزي من دعوتهم هو رجوع الخلافة المغتصبة إِلَى أهلها. ولهذا تفاعل الناس مَعَ شعار (الرضي من آل مُحَمَّد)، ووجدوا فِي هَذَا الشعار ضالّتهم. وكان يعتقد الدعاة أن هذه الدعوة تنبئ بظهور عهد جديد، يضمن لهم حقوقهم كَمَا عرفوه من عدالة عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- وقد حقق هَذَا الشعار نجاحاً باهراً، خصوصاً فِي البلاد التي كَانَتْ قَدْ لاقت البؤس، والحرمان، وكانت تترقب ظهور الحق عَلَى يد أهل بيت النبوة. وقد حقّق العباسيون بدهاء إِبْرَاهِيم الإمام ([16])، وأبيه([17]) من قبل، وأنصاره فِي خراسان تقدماً مشهوداً، وكثرت أنصارهم هناك، وشكلوا مجاميع منظّمة تدعو لهم، وتأكدوا من نجاح أساليبهم فِي تضليل الناس، وأنها قَدْ ترسّخت فِي نفوس دعاتهم. نشط إِبْرَاهِيم الإمام ليواصل عمله، فأصدر عدّة قرارات سرية كعادته منها: أنه كتب إِلَى شيعته فِي الكوفة، وخراسان:أني قَدْ أمّرت أبا مسلم بأمري فاسمعوا لَهُ، وأطيعوا، قَدْ أمّرته عَلَى خراسان، وما غلب عليه. كَانَ ذَلِكَ سنة ( 128 هـ )، وكان أبو مسلم الخراساني لَا يتجاوز عمره التسعة عشر سنة، ووصفوه بأنه كَانَ يقظاً فاتكاً غادراً لَا يعرف الرحمة، ولا الرأفة، وكان ماهراً فِي حياكة الدسائس، وكان سفاكا للدماء، يزيد عَلَى الحَجَّاج فِي ذلك.وهو أول من سن للدولة لبس السواد([18]). أمّا ما هو الخط الَّذِي سوف يتحرك بموجبِهِ، أبو مسلم لإعلان ثورته هناك ؟ فقد جاء هَذَا الخط فِي، وصية إِبْرَاهِيم الإمام لَهُ عندما "قَالَ : يا عبد الرَّحْمَن إنك رجل منا أهل البيت فاحفظ، وصيتي، وانظر هَذَا الحي مِنَ الْيَمَن فأكرمهم، وحل بين أظهرهم، فإن الله لَا يتم هَذَا الامر إِلَّا بِهِم، وانظر هَذَا الحي من ربيعة فاتهمهم فِي أمرهم، وانظر هَذَا الحي من مضر فإنهم العدو القريب الدار فاقتل من شككت فِي أمره، ومَنْ كَانَ فِي أمره شبِهِة، ومن وقع فِي نفسك منه شئ، وإن استطعت أن لَا تدع بخراسان لسانا عربيا، فافعل فأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله ([19]) ، وهذه الوصية تلخص السياسة العباسية مَعَ المسلمين. وتقدّمت جيوش أبي مسلم ـ بعد أن هزمت، ولاة الأمويين فِي خراسان ـ نحو العراق، وهي كالموج تخفق عَلَيْهَا الرايات السود فاحتلّت العراق بدون مقاومة تذكر. وبهذا أعلن الحكم العباسي عَلَى يد أبي مسلم الخراساني فِي الكوفة سنة ( 132 هـ ). وفي سنة ( 131 هـ ) بعد إعلان أبي مسلم الخراساني الثورة فِي خراسان، وقبل دخوله الكوفة، اُلقي القبض عَلَى إِبْرَاهِيم الإمام ـ الرأس المدبّر للثورة ـ من قبل الخليفة الأموي مروان، وحبسه فِي حرّان، ثم قتله بعد ذَلِكَ فِي نفس التاريخ، وبهذا الحدث تعرضت الحركة العباسية لانتكاسة كبرى. ويقَالَ بعد أن "انتشرت دعوته – أي إِبْرَاهِيم الإمام - بخراسان، ووجه إِلَيَّها بأبي مسلم، والياً عَلَى دعاته، فظهر هناك، فكان يدعو إِلَى طاعة الإمام، من غير تصريح باسمه إلى أن ظهر أمره، ووقف مروان عَلَى أمره، فأخذ إِبْرَاهِيم، وقتله. قَالَ صالح بن سُلَيْمَان: كَانَ أبو مسلم: يكاتبِهِ، فقدم رسوله، فرآه عربيا فصيحا فغمه ذلك. فكتب إِلَى أبي مسلم: ألم أنهك، عن أن يكون رسولك عربيا؟ يطلع عَلَى أمرك، فإِذَا أتاك فاقتله، فأحس الرسول، ثم قرأ الكتاب، فذهب بِهِ إِلَى مروان، فأخذ إبراهيم.([20]) وقد خاف، أبو العَبَّاس السفاح، وأبو جَعْفَر المنصور، وجماعة فهربوا إِلَى الكوفة، لوجود قاعدة من الدعاة العباسيين فيها، وعلى رأسهم، أبو سَلَمَة الخلاّل ([21]) الَّذِي كَانَ يضاهي أبا مسلم فِي الدهاء، والنشاط، وكان يُعرف بوزير آل مُحَمَّد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) فأخلى لهم داراً، وتولى خدمتهم بنفسه، وتكتّم عَلَى أمرهم."، وكان أبو مسلم تابعا لَهُ فِي الدعوة، ثم توهم منه ميلاً إِلَى آل عَلِيّ عِنْدَ ما قُتل مروان إِبْرَاهِيم الإمام. فَلَمَّا قام السفاح، وزر له، وفي النفس شيء.ثم كتب، أبو مسلم إِلَى السفاح يحسن لَهُ قتله فأبى، وقَالَ: رجل قَدْ بذل نفسه، وماله لنا. فدس عليه، أبو مسلم من سافر إِلَيَّه، وقتله غيلة ليلا بالأنبار، فإنه خَرَجَ من السمر من عِنْدَ الخليفة، فشد عليه جماعة فقتلوه، وذلك بعد قيام السفاح بأربعة أشهر سنة اثنتين وثَلَاثَين ومئة، فِي رجبِهِا"([22]). وخطب السفاح فكان من جملة ما قَالَه فِي خطابِهِ : "يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، أنتم الذين لم تتغيروا، عن ذَلِكَ، ولم يثنكم، عن ذَلِكَ تحامل أهل الجور عليكم، حَتَّى أدركتم زماننا، وأتاكم الله بدولتنا، فأنتم أسعد الناس بنا، وأكرمهم علينا، وقد زدتكم فِي أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير"([23]) التزم الإمام الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه- إزاء المستجدّات السياسية فِي هذه المرحلة موقف الحياد. لكنه من جانب آخر، واصل العمل فِي نهجه السابق، وأخذ يتحرّك بقوة، ويوسع من دائرة الأفراد الصالحين فِي المجتمع، تحقيقاً لهدفه الَّذِي خطه قبل هَذَا الوقت، وحفاظاً عَلَى جهده فِي بناء الإنسان. موقف الإمام جَعْفَر رَضِيَ اللهُ عَنْه من عرض أبي سَلَمَة الخلاّل: كان، أبو سَلَمَة الخلاّل ـ أحد الدعاة العباسيين النشطين فِي الكوفة، قَدْ أدى دوراً متميزاً فِي نجاح الدعوة العباسية، وتكثير أنصارها فِي الكوفة، وذلك لما امتاز بِهِ من لياقة، وعلم، ودهاء، وثراء حيث أنفق من ماله الخاص عَلَى رجال الدعوة العباسية، وكانت لَهُ علاقة خاصة، واتصالات مستمرة مَعَ إِبْرَاهِيم الإمام. وقد أدرك، أبو سَلَمَة بعد موت إِبْرَاهِيم الإمام، بأن الأمور تسير عَلَى خلاف ما كَانَ يطمح إِلَيَّه، أو لعلّه كَانَ قَدْ تغير هواه، واستجد فِي نفسه شيء، ولاحظ أن مستقبل الخلافة سيكون إِلَى أبي العَبَّاس أو المنصور، وهما غير جديرين بالخلافة، أو لطمعه بالسلطة، "وقد كَانَ، أبو سَلَمَة لما قتل إِبْرَاهِيم الإِمام خاف انتقاض الأمر، وفساده عليه، فبعث بمُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أسلم، وكان أسلم مَوْلَى لرسول اللهّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وكتب مَعَهُ كتابين عَلَى نسخة، واحدة إِلَى أبي عبد اللّه جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب، وإلى أبي مُحَمَّد عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْه-أجمعين، يدعو كلَّ واحد منهما إِلَى الشخوص إِلَيَّه. ليصرف الدعوة إِلَيَّه، ويجتهد فِي بيعة أهل خراسان له، وقَالَ للرسول: العَجَلَ العَجَلَ، فلا تكونَنَّ كوافد عاد، فقدم مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المدينة عَلَى أبي عبد الله جَعْفَر بن مُحَمَّد فلقيه ليلاً، فَلَمَّا، وصل إِلَيَّه أعلمه أنه رسول أبي سَلَمة، ودفع إِلَيَّه كتابِهِ، فَقَالَ لَهُ أبو عبد اللهّ، وما أنا وأبو سَلَمة. وأبو سَلَمَة شيعة لغيري، قَالَ: إني رسول، فتقرأ كتابه، وتجيبه بِمَا رأيت، فدعا، أبو عبد اللّه بسراج، ثم أخذ كتاب أبي سَلَمَة فوضعه عَلَى السراج حَتَّى احترق، وقَالَ للرسول: عرف صاحبك بِمَا رأيت، ثم أنشأ يقول متمثلاً بقول الكميت بن زيد: : أيا مُوقِداً ناراً لغيرك ضوءهـا ويا حاطباً فِي غير حبلك تحطب فخَرَجَ الرسول من عنده، وأتى عبد اللّه بن الحسن فَدَفَعَ إِلَيَّه الكتاب، فقبله، وقرأَه، وابتهج بِهِ، فَلَمَّا كَانَ من غد ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي، وصل إِلَيَّه فيه الكتابُ ركب عبد اللّه حماراً حَتَّى أَتَى منزل أبي عبد اللّه جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، فَلَمَّا راه، أبو عبد اللّه أكبر مجيئه، وكان، أبو عبد اللّه أسَنِّ من عبد اللهّ، فَقَالَ له: يا أبا مُحَمَّد ، أَمَرَ ما أَتَى بك، قَالَ: نعم، وهو أجَلُّ من أن يوصف، فَقَالَ : وما هو يا أبا مُحَمَّد . قَالَ: هَذَا كتاب أبي سَلَمَة يدعوني إِلَى ما أقبله، وقد تقدمت عليه شيعتنا من أهل خراسان، فَقَالَ لَهُ، أبو عبد اللّه: يا أبا مُحَمَّد ، ومتى كَانَ أهل خراسان شيعة لك. أنت بعثت أبا مسلم إِلَى خراسان، وأنت أمرته بلبس السواد. وهؤلاء الذين قدموا العراق أنت كنت سبب قدومهم، أو، وجَّهت فيهم، وهل تعرف منهم أحداً. فنازعه عبد الله بن الحسن الكلام، إلى أن قَالَ: إنما يريد القوم بني مُحَمَّداً لأنه مهديُّ هذه الأُمة، فَقَالَ ، أبو عبد اللهّ جَعْفَر: واللّه ما هو مهدي هذه الأُمة، ولئن شهر سيفه ليقتلن، فنازعه عبد اللهّ القول، حَتَّى قَالَ له: واللّه ما يمنعك من ذَلِكَ إِلَّا الحسد، فَقَالَ ، أبو عبد اللّه: واللّه ما هَذَا نصح مني لك، ولقد كتب إِلَى، أبو سَلَمَة بمثل ما كتب بِهِ إِلَيَّك، فلم يجد رسوله عندي ما، وجد عندك، ولقد أحرقْتُ كتابه من قبل أن أقرأه، فانصرف عبد اللّه من عِنْدَ جَعْفَر مغضبا»([24]). ولم يخف أَمَرَ أبي سَلَمَة الخلال عَلَى العباسيين، فقد أحاطوه بالجواسيس التي تسجل جميع حركاته، وأعماله، وترفعها إِلَى العباسيين، فتم قتله، وتصفيته. وحين تولّى الحكم، أبو جَعْفَر المنصور بعد أخيه أبي العَبَّاس السفّاح سنة ( 136 هـ ) بالغ فِي التضييق عَلَى الإمام الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه- عن طريق نشر عيونه، وجواسيسه التي كَانَتْ تراقب حركة الإمام الصادق، وترصد نشاطاته لتزوّده بآخر المعلومات، ليتّخذ منها مسوّغاً للنيل من الإمام -رَضِيَ اللهُ عَنْه-، والتضييق عَلَى حركته التي كَانَ يرى فيها المنصور خطراً حقيقياً عَلَى سلطانه، وبالتالي تمهّد لَهُ تلك التقارير أن يصوغ ما يريده من الاتّهامات لأجل أن يتخذها ذريعة فِي قتله، وقد تضمّن هَذَا الاتّجاه جملة من الأساليب. ومن أساليبه باتّجاه سياسة التضييق التي فرضها عَلَى الإمام رضي الله عنه، محاولة تسليط الضوء عَلَى بعض الشخصيّات ليجعل منها بدائل علميّة تغطّي عَلَى الإمام، وتؤيّد سياسته، وتساهم من جانب آخر فِي إضعاف الهيبة، والانجذاب الجماهيري نحو الإمام، وتؤدّي إِلَى شق، وحدة التيار الإسلامي الَّذِي يقرّ بزعامة الإمام-رَضِيَ اللهُ عَنْه- وأعلميته، وإيجاد الفرقة، والاختلاف بين مريديه . وقد نجح المنصور بهذه الخطوة فاستقطب بعض أتباع الإمام رضي الله عنه حِينَ أحاطهم بِهِالة من الاحترام، والتقدير، وهيأ لهم مكانة اجتماعية مرموقة . قَالَ ابن عقدة الحافظ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن حسين بن حازم، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الرماني، أبو نجيح، سمعت حسن بن زياد، سمعت أبا حنيفة، وسئل: من أفقه من رأيت ؟ قَالَ: ما رأيت أحدا أفقه من جَعْفَر بن مُحَمَّد ، لما أقدمه المنصور الحيرة، بعث إِلَيَّ فَقَالَ : يا أبا حنيفة، إِنَّ الناس قَدْ فتنوا بجَعْفَر بن مُحَمَّد ، فهيئ لَهُ من مسائلك الصعاب. فهيأت لَهُ أربعين مسألة.، ثم أتيت أبا جَعْفَر، وجَعْفَر جالس، عن يمينه، فَلَمَّا بصرت بِهِما، دخلني لجَعْفَر من الهيبة ما لَا يدخلني لأبي جَعْفَر، فسلمت، وأذن لي، فجلست. ثم التفت إِلَى جَعْفَر، فَقَالَ : يا أبا عبد الله، تعرف هَذَا ؟ قَالَ: نعم. هَذَا، أبو حنيفة.، ثم أتبعها: قَدْ أتانا. ثم قَالَ: يا أبا حنيفة، هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله فابتدأت أسأله. فكان يقول فِي المسألة: أنتم تقولون فيها كذا، وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، وكذا، ونحن نقول كذا، وكذا، فربما تابعنا، وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا، حَتَّى أتيت عَلَى أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة. ثم قَالَ أبو حنيفة أليس قَدْ روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ؟! ([25]). لقد كَانَتْ سياسة الإمام جَعْفَر -رَضِيَ اللهُ عَنْه- إزاء حكومة المنصور ذات طابع غير ثوري، وإنما سلك الإمام نفس نهجه السابق فِي التغيير، والإصلاح، وقد أوحى للمنصور فِي، وقت سابق بأنه لم يكن بصدد التخطيط للثورة ضدّه بَلْ صرّح لَهُ فِي أكثر من مرة بذلك، إلا أَن المنصور لم يطمئن لعدم تحرك الإمام، وثورته التغييرية، وذلك بسبب ما كَانَ يشاهده من كثرة مؤيديه. واستخدم المنصور مَعَ الإمام -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أيضاً سياسة الاستدعاء، والمقابلة، المصحوبة بالتهم، والافتراءات، أو الاستدعاءات الفارغة من أيّ سؤال، محاولا، عن طريق هذه السياسة شلّ حركة الإمام، وجعله تَحْتَ ضوء رقابة أجهزته، ليطمئنّ المنصور من خطر الإمام، كَمَا استخدم بعض الأساليب التي من شأنها أن تنال من كرامة الإمام -رَضِيَ اللهُ عَنْه- فقد أرسل، أبو جَعْفَر المنصور إِلَى الإمام جَعْفَر الصادق يستدعيه ليروعه، ويقمع مَعَهُ بيت الحسين، فقد كَانَ المنصور يعلم أن جَعْفَر إنما يمنع مُحَمَّد النفس الزكية من أن يدعي أنه المهدي، ولكنه فِي نفس الوقت لَا يمنعه أن يغضب لله، ويأمر بالمعروف، وينهي، عن المنكر ([26])، ولقد دعاه مرة إِلَى بغداد، عندما بلغه أنه يجبي الزكاة من شيعته، وأنه كَانَ يمد بِهَا إِبْرَاهِيم، ومُحَمَّداً أولاد عبد الله بن الحسن، عندما خَرَجَ عليهم، فَلَمَّا حضر مجلس المنصور قَالَ: يا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، ما هذه الأموال التي يجيبِهِا لك المعَلِيّ بن الخنيس ([27]). فقَالَ أبو عبد الله الصادق: معاذ الله أنه ما كَانَ شيء من ذلك، قَالَ المنصور: إِلَّا تحف عَلَى براءتك من ذَلِكَ بالطلاق، والعتاق، قَالَ الصادق: نعم، أحلف بالله أنه ما كَانَ شيء من ذَلِكَ أما ترضى بيمين الله الَّذِي لَا إله إِلَّا هو؟. قَالَ أبو جَعْفَر: لَا تتفقه على، دع عنك هذا، فإني أجمع الساعة بيتك، وبين الرجل الَّذِي رفع عليك هَذَا حَتَّى يواجهك، فأتاه بالرجل، وسألوه بحضرة جَعْفَر فَقَالَ : نعم، هَذَا صحيح، وهذا جَعْفَر، والَّذِي قلت فيه كَمَا قلت، قَالَ الصادق: تحلف أَيُّهَا الرجل أن هَذَا الَّذِي رفعته صحيح. فقَالَ الرجل: نعم، ثم ابتدأ بِاليَمِيْن فَقَالَ : والله الَّذِي لَا إله إِلَّا هو الغالب الحي القيوم، قَالَ الصادق: لَا تعجل فِي يمينك فإني استحلفك، قَالَ المنصور: ما أنكرت من هَذَا اليَمِيْن. قَالَ الصادق:إِنَّ الله تعالى حيي كريم، ولكن قل أَيُّهَا الرجل: أبرأ إِلَى الله من حوله، وقوته، وألجأ إِلَى حولي، وقوتي إني لصادق بار فيما أقول، قَالَ المنصور : احلف بِمَا استحلفك بِهِ، أبو عبد الله، فحلف الرجل بهذا اليَمِيْن، فلم يستتم الكلام حَتَّى خر ميتا، فاضطرب المنصور، وارتعدت فرائصه، وقَالَ للصادق: يا أبا عبد الله، سر من عندي إِلَى حرم جدك إِذَا اخترت ذلك، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل فِي إكرامك، وبرك، فو الله لَا قبلت قول أحد فيك بعد أبداً([28]). هذه بعض الملامح من التاريخ السياسي للإمام جَعْفَر الصادق –-رَضِيَ اللهُ عَنْه- – يتبين من خلاله أنه كَانَ قوياً فِي الحق لَا يخشى إِلَّا الله سبحانه، وتعالى، وأنه كَانَ يرى أن الموجهة بالسلاح ضد السلطان غير مجدية، وأن التغيير لابد أن ينبع من المجتمع نفسه، ولن يتحقق ذَلِكَ فِي نظره إِلَّا بالعلم، والقضاء عَلَى الجهل. ثانياً: الظروف العلمية: بعد أن تناول الباحث بشيء من الإيجاز الظروف السياسية لعصر الإمام الصادق، يتعرض هنا للظروف العلمية، لعصر الإمام الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه- ، والَّذِي يعتبر من أزهى العصور الإسلامية من الناحية العلمية، فقد شهد عصر الإمام الصادق ازدهاراً كبيراً لسائر العلوم الإسلامية، وفي هَذَا العصر ظهر جل أئمة الفقه، والتفسير، والحديث، والكلام، وغيرها، من العلوم الإسلامية، وقد بدأت تلك العلوم تزدهر فِي عصر الدولة الأموية إِلَّا أنها لم تصل إِلَى الازدهار الَّذِي، وصلت إِلَيَّه أيام الدولة العباسية، وربما يرجع ذَلِكَ إِلَى تعصب الأمويين للعرب، الَّذِي أدى إِلَى عدم الاستفادة من الشعوب ذات الحضارات القديمة، عَلَى عكس ما حدث أيام العباسيين الذين انفتحوا عَلَى الشعوب الْأُخْرَى، وازدهرت حركة الترجمة، فتمت ترجمة الكثير من الكتب، والثقافات التي تخص الشعوب اليونانية، والفارسية، والهندية. وقد اغتنم الإمام الصادق تلك الفرصة العظيمة، وحركة الازدهار، وأسس مدرسة علمية فِي مدينة جده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - و لَيْسَ من المبالغة، و الخروج، عن الواقع وصف مدرسة الإمام الصادق -رَضِيَ اللهُ عَنْه- بأنها جامعة إسلامية، خلفت ثروة علمية، وخرجت عدداً، وافراً من رجال العلم، وأنجبت خيرة المفكرين، وصفوة الفلاسفة، وجهابذة العلماء، "، وروى عنه: - كَمَا يقول أرباب الإحصاءات - أربعة آلاف من الرواة، وكتب عنه أربعمائة كاتب. كلهم يقول: قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد . فأي مجلس كَانَ ذَلِكَ المجلس ! تتراءى فيه أشياء من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. بعضها مادى يجرى فِي أصلاب رجل بعد رجل. وبعضه معنوي يتراءى فِي معانيه، وفحوى مقولاته، لكل هؤلاء. لَيْسَ بالمجلس لجاجة، ولا حَجَّاج عقيم. يقول للتلامذة (من عرف شيئا قل كلامه فيه. وإنما سمى البليغ بليغا لأنه يبلغ حاجته بأدنى سعيه). ([29]). (وكان يؤم مدرسته طلاب العلم، ورواة الحديث من الأقطار النائية، لرفع الرقابة، وعدم الحذر، فأرسلت الكوفة، والبصرة، وواسط، والحجاز إِلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد أفلاذ أكبادها، ومن كل قبيلة من بني أَسَد، ومخارق، وطي، وسُلَيْم، وغطفان، وغفار، والأزد، وخزاعة، وخثعم، ومخزوم، وبني ضبة، ومن قريش، ولا سيما بني الحارث بن عبد المطلب، وبني الحسن بن الحسن بن عَلِيّ)([30]) . (و لم يكن علمه مقصوراً عَلَى الحديث، وفقه الإسلام، بَلْ كَانَ يدرس علم الكلام، والمعتزلة يعتبرونه من أئمتهم، وله معهم مناظرات، كَمَا قام الإمام بتدريس علم الكون، وفوق هذه العلوم كَانَ عَلَى علم بالأخلاق، وهكذا درس الصادق كل العلوم التي كَانَتْ شائعة فِي عصره)([31]). ________________________________________ [1] - أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الفتن باب ما جاء فِي الخلافة ج3، ص341-، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج5، ص220-، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب السنة، باب فِي الخلفاء المجلد الثاني، ص398. [2] - الحافظ ابي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ، البداية، والنهاية، تحقيق عَلِيّ شيري دار إحياء التراث العربي، الطبعة الاولى 1988 م - ج 13، ص 239 [3] - المرجع السابق ج8، 156. [4] - المرحع السابق ج8، ص248. [5] - المرجع السابق ج6، ص262 [6] - المرجع السابق ج8، ص261. [7] - المرجع السابق ج8 ص 283-284. [8] - المرجع السابق ج6/262. [9] - المرجع السابق ج6، 271. [10]- مُحَمَّد ، أبو زهرة، الإمام الصادق ، القاهرة : دار الفكر العربي ص ص 93، 94. [11]- د. عَلَى سامي النشار، نشأة الفكرة الفلسفي فِي الإسلام، القاهرة: دار المعارف، سنة 1385هـ- 1965م الطبعة الثالثة ج2، 213. [12] - زيد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب، أبو الحسين الهاشمي العلوي المدني. وكان ذا علم، وجلالة، وصلاح، هفا، وخرج، فاستشهد. وفد عَلَى متولي العراق يوسف بن عمر، فأحسن جائزته، ثم رد، فأتاه قوم من الكوفة، فَقَالَوا : ارجع نبايعك، فما يوسف بشئ، فأصغى إِلَيَّهم، وعسكر، فبرز لحربِهِ عسكر يوسف، فقتل فِي المعركة، ثم صلب أربع سنين. انظر ترجمته: الإمام شمس الدين مُحَمَّد بن أحمد بن عُثْمَان الذهبي ت 748هـ، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط، بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة 1993م - ج5، ص389. [13]- د. محمود عبد القادر، الإمام جَعْفَر الصادق رائد السنة، والشيعة، القاهرة: المجلس الأعلى للفنون، والآداب، ص 13، 14 . [14] - أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، راجعه، وصححه، وضبطه نخبة من العلماء، منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، د.ت، ج5، ص498. [15] - المرجع السابق، ج5، ص520. [16] - إِبْرَاهِيمَ الإمام السيد، أبو إسحاق إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حبر الأمة عبد الله بن العَبَّاس الهاشمي كَانَ بالحميمة من البلقاء. عهد إِلَيَّه أبوه بالأمر. وعلم بِهِ مروان الحمار، فقتله. انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج5، ص379. [17] - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عبد الله بن عَبَّاس، والد السفاح، والمنصور [18] - أبو مسلم الخراساني اسمه عبد الرَّحْمَن بن مسلم، ويقَالَ: عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن يسار الخراساني، الأمير، صاحب الدعوة، وهازم جيوش الدولة الأموية، والقائم بإنشاء الدولة العباسية. كَانَ من أكبر الملوك فِي الإسلام. انظر ترجمته سير أعلام النبلاء، ج6، ص48. [19] - تاريخ الأمم والملوكللطبري، مرجع سابق، ج6، ص15. [20] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج5، ص379- ترجمة إِبْرَاهِيمَ الإمام [21] -ا لخلال الوزير القائم بأعباء الدولة السفاحية، أبو سلمة حَفْص بن سُلَيْمَان، الهمداني، مولاهم، الكوفي. انظر ترجمته سير أعلام النبلاء ج6، ص7. [22] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص8- ترجمة الخلال [23] - تاريخ الأمم والملوك، مرجع سابق، ج6، ص83. [24] - سيد فرج عبد الحليم، عقيدة الإمام جَعْفَر الصادق بين أهل النسة، والشيعة، رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين جامعة الأزهر، 1997م، نقلاً عن : مروج الذهب مروج الذهب للمسعودي، مطبعة السعادة بمصر: ج 3، ص ص 254، 255. [25] - سير اعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص257. [26]- عبدالعزيز سيد الأهل، جَعْفَر بن مُحَمَّد ، القاهرة: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1384هـ - 1964م، ص141. [27]- المعَلِيّ بن خنيس الكوفي من رؤوس الشيعة، قَالَ ابن سعد فِي طبقاته الكبرى : أَخْبَرَنَا شبابة بن سوار قَالَ: أَخْبَرَنَا فضيل بن مرزوق قَالَ: سألت عُمَر بن عَلِيّ ، وحسين بن عَلِيّ عمي جَعْفَر قلت: هل فيكم أهل البيت إنسان مفترضة طاعته تعرفون لَهُ ذَلِكَ، ومن لم يعرف لَهُ ذلك فمات مات ميتة جاهلية؟ فَقَالَا: لَا والله ما هَذَا فينا. من قَالَ هَذَا فينا فهو كذاب. قَالَ فَقُلْتُ لعُمَر بن علي: رحمك الله.إِنَّ هذه منزلة تزعمون أنها كَانَتْ لعَلِيّ أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أوصى إِلَيَّه.، ثم كَانَتْ للحسن أن عليا أوصى إِلَيَّه.، ثم كَانَتْ للحسين أن الحسن أوصى إِلَيَّه.، ثم كَانَتْ لعَلِيّ بن الحسين أن الحسين أوصى إِلَيَّه، ثم كَانَتْ لمُحَمَّد بن عَلِيّ أن عليا أوصى إِلَيَّه. فَقَالَ : والله لمات أبي فما أوصى بحرفين. قاتلهم الله!، والله إِنَّ هؤلاء إِلَّا متأكلون بنا، هَذَا خنيس الخرؤ ما خنيس الخرؤ؟ قَالَ قلت: المُعَلَّى بن خنيس، قَالَ: نعم المُعَلَّى بن خنيس، والله لفكرت عَلَى فراشي طويلا أتعجب من قوم لبس الله عقولهم حِينَ أضلهم المُعَلَّى بن خنيس. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1968م، ج5، ص325. [28]- الإمام الصادق للشيخ مُحَمَّد ، أبو زهرة، مرجع سابق. ص 45 [29]- عبد الحليم الجندي، الإمام جَعْفَر الصادق، القاهرة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1397 هم، ص156. [30] - عبد العزيز سيد الأهل، جَعْفَر بن مُحَمَّد ، القاهرة : سلسلة التعريف بالإسلام، يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، 1964م . ص268 [31]- الإمام الصادق للشيخ مُحَمَّد ، أبو زهرة، مرجع سابق، ص 66. مسيرة حياته نشأته وأسرته: ولد الإمام الصادق رضي الله عنه فِي أسرة هي أعظم أسر العرب، فهي الأسرة التي أنجبت خاتم النبيين، وسيد المرسلين مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وأخرجت للأمة الإسلامية أعلام العلماء، فينتمي الإمام الصادق رضي الله عنهمن جهة أبيه إِلَى بني هاشم، ومن جهة أمه إِلَى بني تيم بن مرة. فجده الأعلى لأبيه الإمام عَلِيّ بن أبي طالب رضي الله عنه وجده الأعلى لأمه صاحب رسول الله صلى الله عليه، وآله، وسلم أبي بكر الصديق. من هذه الأسرة، وهذه الأعراق الكريمة، ولد الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق رضي الله عنه، وقد، ورث من عظماء أسرته جميع خصالهم العظيمة فكان ملء فم الدنيا فِي صفاته، وحركاته. والده هو الإمام مُحَمَّد بن عَلِيّ الباقر رضي الله عنه. كَانَ من قراء، وفقهاء المدينة، "ولقد كَانَ، أبو جَعْفَر إماما، مجتهدا، تالياً لكتاب الله، كبير الشأن"([1])، "ذكره النسائي فِي فقهاء التابعين من أهل المدينة. وروي، عن سُفْيَان بن عيينة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي مُحَمَّد بن علي، وكان خير مُحَمَّد ي عَلَى، وجه الأرض، فذكر عنه حديثا"([2]). أما أمه فهي السيدة (أم فروة) بنت الفقيه القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر ([3])، وقد كَانَتْ من فضليات النساء، فقد نشأت فِي بيت يملؤه إيمان أبيها الفقيه الورع، وقد تلقت الفقه، والمعارف الإسلامية من زوجها الإمام مُحَمَّد الباقر رضي الله عنه. تاريخ ولادته : اختلف المؤرخون فِي السنة التي، ولد فيها الإمام الصادق رضي الله عنه فذهب أكثرهم إِلَى إنه، ولد بالمدينة المنورة سنة ( 80 هـ ) ([4]). وذهب البعض الآخر، وخاصة الشيعة إِلَى أنه، ولد سنة ثَلَاثَ وثمانين، عَلَى اختلاف بينهم فِي تحديد الْيَوْم، والشهر الَّذِي، ولد، ويرى بعض الشيعة أنه، ولد سنة ثَلَاثَ وثمانين. يقول الشيخ المفيد: " الصادق، ولد بالمدينة سنة ثَلَاثَ وثمانين، وذكر المجلسي فِي "بحار الأنوار"، والكليني فِي "الكافي" عدة روايات تؤكد أنه، ولد سنة ثَلَاثَ وثمانين من الهجرة "([5]). شخصيته، وعلمه، وعلاقاته برجال عصره من الحكام، والعلماء: لقد «نشأ جَعْفَر فِي مهد العلم، ومعدنه، نشأ ببيت النبوة الَّذِي توارث علمها كابراً، عن كابر، وعاش فِي مدينة جده رسول اللّه (ص) فتغذى من ذَلِكَ الغرس الطاهر، وأشرق فِي قلبِهِ نور الحكمة بِمَا درس، وما تلقى، وبما فحص، ومحص. وكان قوة فكرية فِي عصره، فلم يكتف بالدراسات الإسلامية، وعلوم الْقُرْآن، والسنة، والعقيدة، بَلْ اتجه إِلَى دراسة الكون، وأسراره، ثم حلق بعقله الجبار فِي سماء الأفلاك، ومدار الشمس، والقمر، والنجوم، كَمَا عنى عناية كبرى بدراسة النفس الإنسانية، وإِذَا كَانَ التاريخ يقرر أن سقراط قَدْ أنزل الفلسفة من السماء إِلَى الإنسان فإن الإمام الصادق قَدْ درس السماء، والأرض، والإنسان، وشرائع الأديان . وكان فِي علم الإسلام كله الإمام الَّذِي يرجع إِلَيَّه. فهو أعلم الناس باختلاف الفقهاء، وقد اعتبره، أبو حنيفة أستاذه فِي الفقه. أما صفاته النفسية، والعقلية فقد علا بِهَا عَلَى أهل الأرض، وأنّى لأهل الأرض أن يتساموا أهل السماء ؟!. سمو فِي الغاية، وتجرد فِي الحق، ورياضة فِي النفس، وانصراف إِلَى العلم، والعبادة، وابتعاد، عن الدنيا، ومآربِهِا، وبصيرة تبدد الظلمات، وإخلاص لَا يفوقه إخلاص، لأنه من معدنه، من شجرة النبوة، وإِذَا لم يكن الإخلاص فِي عترة النبي، وأحفاد عَلِيّ سيف اللّه المسلول، وفارس الإسلام ففيمن يكون ؟!. فلقد توارث أحفاد عَلِيّ الإخلاص خلفاً، عن سلف، وفرعاً، عن أصل، فكانوا يحبون للّه، ويبغضون للّه، ويعتبرون ذَلِكَ من أصول الإيمان، وظواهر اليقين»([6]). لقد شقق الإمام الصادق العلوم بفكره الثاقب، وبصره الدقيق، حَتَّى ملأ الدنيا بعلومه، وهو القائل: "سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لَا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي" ([7])ولم يقل أحد هذه الكلمة سوى جده الإمام عَلِيّ بن أبي طالب كرم الله، وجهه . " وجَعْفَر بن مُحَمَّد ممن تفتح قلبِهِ للعلم، وكان يقظاً بصيراً، حَتَّى إِنَّ ما أفيض عَلَى قلبِهِ من سجال التقوى جعل الأحكام التي لَا تدرك عللها، والمسائل التي تقصر الأفهام، عن الإحاطة بِهَا مدركة لديه، مكشوفة بفهمه الثاقب، وقلبِهِ البصير"([8]) وقد كَانَ من مظاهر سعة علمه أنه قَدْ ارتوى من بحر علومه " أربعة آلاف من الرواة، وكتب عنه أربعمائة كاتب. كلهم يقول: قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد "([9])، وقد أشاعوا العلم، والثقافة فِي جميع الحواضر الإسلامية، ونشروا معالم الدين، وأحكام الشريعة. و" لقد تتلمذ، أبو حنيفة، ومَالِك للإمام الصادق، وتأثرا كثيرا بِهِ، سواء فِي الفقه أو فِي الطريقة. ومَالِك شيخ الشافعي. والشافعي يدلى إِلَى أبناء النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بأسباب من العلم، والدم. وقد تتلمذ لَهُ أحمد بن حَنْبَل سنوات عشرة. فهؤلاء أئمة أهل السنة الأربعة، تلاميذ مباشرون أو غير مباشرين للإمام الصادق "([10]). ومن أدلة اهتمام الإمام الصادق بالعلم أنه قَدْ " وضع التعريف للعلم بِمَا لَيْسَ وراءه مجال أبعد منه فِي الروحانية، والخير. فَقَالَ :إِنَّ استنارة القلب هي روح العلم، والصدق هدفه، والإلهام دليله، والعقل مستقره، والله موجهه."([11]) فالإمام الصادق " هو الإمام الوحيد من " أهل البيت " الذى أتيحت لَهُ إمامة دامت أكثر من ثلث قرن، تمحض فيها مجلسه للعلم، دون أن يمد عينيه إِلَى السلطة فِي أيدى الملوك. وبهذا التخصص سلم الأمة مفاتح العلم النبوى، ومنه يبدأ التأصيل الواضح لمنهج علمي عام للفكر الإسلامي، نقلته أمم الغرب فبلغت بِهِ مبالغها الحالية. وعمل بِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثم أعلنه، تلميذه جَابِر بن حيان أول كيمائى كَمَا تبايع لَهُ " أوروبة الحديثة "، وهو " منهج التجربة، والاستخلاص "، أي الاعتبار بالواقع، وتحكيم العقل، مَعَ النزاهة العلمية. فالأمام الصادق هو فاتح العالم الفكري الجديد، بالمنهج العقلاني، والتجريبى، كأصحاب الكشوف الذين فتحوا أرض الله لعابده فدخلوها آمنين. والإمام الصادق هو الإمام الوحيد فِي التاريخ الإسلامي، والعالم الوحيد فِي التاريخ العالمي، الذى قامت عَلَى أسس مبادئه " الدينية، والفقهية، والاجتماعية، والاقتصادية " دول عظمي. ومصر تذكر منها أكبر دولة عرفها التاريخ فيها من عهد الفراعنة - الدولة الفاطمية - التى امتد سلطانها من المحيط الأطلسي إِلَى برزخ السويس. ولولا هزيمة جيوشها أمام الأتراك لخفقت أعلامها عَلَى جبال الهملايا فِي، وسط آسيا. والعالم كله مدين لها بمدينة القاهرة. والمسلمون يدينون لها بالجامع الأزهر، الذى حفظ الْقُرْآن، والسنة، واللغة العربية، وعلومها كافة."([12]) وقد انبعثت من مدرسة الإمام الصادق علوم كثيرة اتخذت طابعاً نظرياً لانعدام الصناعة القادرة، والتقنية اللازمة للانطلاق العملي، وظهر مما نقله الرواة، عن الإمام الصادق تفوقه العلمي، وجريه، وحيداً فِي عصره فِي شتى الميادين العلمية، الأمر الَّذِي ترك بصماته فيما بعد عَلَى الحضارة الإسلامية المزدهرة، وكان أساساً للحضارة الغربية الحديثة. " فمدرسة الصادق فِي أكبر موسوعاتها، وضعت أساساً ضخماً للنظرية العلمية التي تربط بين العلم، والدين، وتتخذ من العلم سبيلاً إِلَى الله لَا إِلَى جحوده بحكم العبقرية الإنسانية التي تركب، وتستخلص، وتنهج نهجاً عقلياً سليماً يشير إِلَى الحكمة الكبرى"([13]). ولقد كَانَ أول ما عني بِهِ الإمام الصادق تفسير الْقُرْآن الكريم، وعلومه، وقراءاته، وبلاغته، فلقد " اجتمع عِنْدَ جَعْفَر بن مُحَمَّد من علم الْقُرْآن ما كَانَ يعلمه منه أهل البيت الذين سبقوه، وما كَانَ يعلمه ابن عَبَّاس، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء، وابن زيد، وابن عمر، وغيرهم من صحابة النَّبِيّ، والتابعين، من الذين لم يكن همهم إِلَّا كتاب الله. ولو لم يصر إِلَى جَعْفَر إِلَّا علم عَلِيّ بن أبي طالب لكفى، فمن عَلِيّ أخذ الناس، وما علم أولئك إِلَّا قبس منه. وابن عَبَّاس يقول : ما أخذت من تفسير الْقُرْآن فعن عَلِيّ بن أبي طالب. وعن عامر بن واثلة، أن علياً قَالَ فِي إحدى خطبِهِ: " سلوني، عن كتاب الله، فوالله ما من آية إِلَّا أنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، إِنَّ فِي سَهْل نزلت أم فِي جبل"."([14]) وقد ازداد اهتمام الإمام الصادق بحديث جده المصطفى- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - اهتماماً عظيماً، بعد أن كثر الكذب، والوضع عَلَى رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وعلى الرغم من كثرة الرواة، والتلاميذ، عن الإمام جَعْفَر الصادق، إلا أَن مروياته التي نقلت فِي كتب السنة المعتمدة ليست بالكثرة التي توجد بِهَا فِي كتب الشيعة، وهناك عوامل كثيرة أدت إِلَى ذلك، منها العوامل السياسية التي سبق وأن أشار إِلَيَّها الباحث، وما كَانَ يلاقيه آل البيت، ومن تبعهم، ومن أخذ عنهم من حكام بني أمية، وحكام بني العباس. يقول الشيخ، أبو زهرة:" ما أجمع علماء الإسلام عَلَى اختلاف طوائفهم فِي أمر، كَمَا أجمعوا عَلَى فضل الإمام الصادق، وعلمه فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوه عنه، وأخذ عنه مَالِك، وأخذ عنه طبقة مَالِك كسُفْيَان بن عيينة، وسُفْيَان الثوري، وغيرهم كثير، وأخذ عنه مَالِك، وأخذ عنه طبقة مَالِك كسُفْيَان بن عيينة، وسُفْيَان الثوري، وغيرهم كثير، وأخذ عنه، أبو حنيفة مَعَ تقاربِهِما فِي السن، واعتبره أعلم الناس باختلاف الناس، وقد تلقي عليه رواية الحديث طائفة كبيرة من التابعين، منهم يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وأيوب السجستاني، وأَبَان بن تغلب، وأبو عَمْرُو ابن العلاء، وغيرهم من أئمة التابعين فِي الفقه، والحديث، ذَلِكَ فوق الذين رووا عنه، من تابعي التابعين، ومن جاء بعدهم من الأئمة، والمجتهدين"([15]). ولم يقتصر علم الإمام الصادق عَلَى التفسير، والحديث، والفقه، وإنما تعداه إِلَى علوم كثيرة كَانَ لَهُ فيها الباع الطويل، منها علم الكلام، وعلم الكيمياء، فقد " أطلت عين جَعْفَر عَلَى حقائق العلم فرآها فِي علوم الدنيا، وعلوم الدين، فلم يدع، واحداً منهما ليلقي بنفسه عَلَى الآخر، وإنما قدم ما حقه التقديم، ولم ينس نصيبِهِ من الدنيا، وأخذ يسبق إِلَى مسائل العلم المادي لأنه رآها معينة عَلَى علوم الدين، ولا غنى للدنيا عنها"([16]). وقد درّس الإمام الصادق فِي مدرسته علم الكيمياء، " وقد اشتهر من تلامذته فِي هَذَا العلم هشام بن الحكم، وجَابِر بن حيان. أما هشام فنظريته فِي جسمية الأعراض كاللون، والطعم، والرائحة مشهورة، وقد أخذها، عن تلميذه إِبْرَاهِيم بن سيار المعتزلي. ومؤدى هذه النظرية أن الضوء يتألف من جزيئات فِي منتهى الصغر تجتاز الفراغ، والأجسام الشفافة، وأن الرائحة تتألف من جزيئات متبخرة من الأجسام تتأثر بِهَا الغدد الأنفية، وأن المذاق جزيئات صغيرة تتأثر بِهَا الحليمات اللسانية. وقد أثبت العلم الحديث صحة ما ذهب إِلَيَّه هشام بن الحكم الَّذِي أخذه، عن أستاذه الإمام جَعْفَر الصادق أما التلميذ الأكثر شهرة فِي مجال الكيمياء، والعلوم الطبيعية - جَابِر بن حيان - فقد دوّن فِي ألف، ورقة وخمسمائة رسالة من تقريرات الإمام فِي علمي الكيمياء، والطب. وتمكن من تحقيق، وتطبيق طائفة كبيرة من نظريات الإمام العلمية، أهمها: تحضير (حامض الكبريتيك) بتقطيره من الشَّبَّة، وسمّاه (زيت الزاج) كَمَا حضّر (حامض النتريك)، و(ماء الذهب)، و(الصودا الكاوية)، وكان أول من لاحظ ترسب (كلوريد الفضة) عِنْدَ إضافة محلول ملح الطعام إِلَى ملح (نترات الفضة)، وينسب إِلَيَّه تحضير مركبات أخرى مثل (كربونات الصوديوم)، و(كربونات البوتاسيوم)، وغير ذَلِكَ مما لَهُ أهمية كبرى فِي صنع المفرقعات، والأصباغ، والسماد الصناعي، والصابون، وما إِلَى ذلك. ولم تقف عبقرية جَابِر فِي الكيمياء عِنْدَ تحضير هذه المواد فحسب، بَلْ انه انبعث منها إِلَى ابتكار جديد فِي الكيمياء سماه (علم الميزان) أي معادلة ما فِي الأجساد، والمعادن من طبائع. وقد جعل لكل جسد من الأجساد موازين خاصة بطبائعه، وكان ذَلِكَ بداية لعلم المعادلات فِي طبائع كل جسم. كَمَا امتد نشاط جَابِر إِلَى ناحية أخرى من الكيمياء يسمونها (الصنعة) أي تحويل المعادن الخسيسة إِلَى معادن ثمينة من ذهب، وفضة بموجب توجيهات الإمام الصادق رضي الله عنه . ويعد جَابِر رائداً لمن أَتَى بعده من العلماء الَّذِي شغفوا بهذه الناحية من الكيمياء كالرازي، وابن مسكويه، والصغرائي، والمجريطي، والجلدكي)"([17]). كانت هذه إطلالة يسيرة عَلَى بعض الجوانب العلمية للإمام جَعْفَر الصادق، التي لم يتوسع الباحث فيها إِلَّا بمقدار أن نتعرف عَلَى أنه رضي الله عنه كَانَ عالماًَ راسخاً فِي سائر العلوم الدينية، والدنيوية. شيوخ الإمام الصادق: نشأ الإمام الصادق، وتربي فِي مدرسة جده الإمام عَلِيّ زين العابدين، وبعد رحيل أستاذه الأول، انتقل إِلَى معلمه الثاني، والده الإمام مُحَمَّد الباقر، وسيورد الباحث إطلاله سريعة عَلَى أهم شيوخ الإمام الصادق: 1- جده الإمام عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين. روى عن: أبيه، وعمه الحسن، وأرسل، عن جده عَلِيّ بن أبي طالب، وروى، عن ابن عَبَّاس، والْمِسْوَر بن مَخْرَمَة، وأم سَلَمَة، وابنتها زينب بنت أبي سَلَمَة، وغيرهم . روى عنه: أولاده مُحَمَّد، وزيد، وعبد الله، وعمر، وغيرهم قَالَ ابن عيينة، عن الزُّهْرِيّ ما رأيت قرشيا أفضل من عَلِيّ بن الحسين، وقَالَ حماد بن زيد، عن يَحْيَى بن سعيد سمعت عَلِيّ بن الحسين، وكان أفضل هاشمي أدركته قَالَ ابن سعد فِي الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة أمه أم، ولد، وكان ثقة، مأمونا كثير الحديث عالياً رفيعا، ورعا قَالَ ابن حُجْر فِي التقريب ثقة، ثبت عابد فقيه فاضل مشهور من الثالثة مات سنة ثَلَاثَ وتسعين، وقيل غير ذَلِكَ ([18]). 2 - والده الإمام مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي، أبو جَعْفَر الباقر، ثقة، من الرابعة، وقد قيل أن رواية مُحَمَّد، عن الصحابة ما عدا ابن عَبَّاس، وجَابِر بن عَبْدِ اللَّه، وعبد الله بن جَعْفَر بن أبي طالب مرسلة، ونقل ابن أبي حاتم، عن أحمد أنه قَالَ لَا يصح أنه سمع من عائشة، ولا من أم سَلَمَة، وقَالَ أبو حاتم لم يلق أم سلمة. روى عن: خلق كثير مات سنة ست وخمسين ([19]). 3- جده لأمه : القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر كَانَ من الفقهاء الأجلاء، وكان عُمَر بن عبد الْعَزِيز يجله كثيراً، وقد قَالَ: لو كَانَ لي من الأمر شيء لوليت القاسم بن مُحَمَّد الخلافة، وقد عمر طويلا، وذهب بصره فِي آخر عمره، ولما احتضر قَالَ لابنه: سن عَلِيّ التراب سناً ـ أي ضعه عَلِيّ سهلا ـ، وسوّي عَلَى قبري، والحق بأهلك، وإياكإِنَّ تقول: كَانَ أبي، وكانت، وفاته بمكان يقَالَ لَهُ قديد، وهو اسم موضع يقع ما بين مكة، والمدينة، ([20]). مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر بن عبد الله بن الهدير التيمي، أبو عبد الله، ويقَالَ: أبو بكر أحد الأئمة الأعلام، ثقة، فاضل من الثالثة . روى عن: أنس، وجَابِر، وأبي إمامة بن سَهْل بن حنيف، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وابن الزبير، وابن عَبَّاس، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن أَبِي رَافِع، وعبد الله بن حنين، وغيرهم، وروى عنه: زيد بن أسلم، وعَمْرُو ابن دينار، والزُّهْرِيّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن الهاد، والثَّوْرِيّ، وأبو عوانة، وابن عُيَيْنَة، وآخرون. قَالَ إسحاق ابن راهويه، عن ابن عُيَيْنَة كَانَ من معادن الصدق، ويجتمع إِلَيَّه الصالحون، وقَالَ الحميدي ابن الْمُنْكَدِر حافظ، وقَالَ ابن معين، وأبو حاتم ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ كَانَ من سادات القراء مات سنة ثَلَاثَين ومائة ([21]). تلاميذه: إنه من الصعوبة بمكان عَلَى باحث أن يستطيع حصر عدد تلاميذ الإمام جَعْفَر الصادق، فِي شتى مناحي العلوم، فقد " روى عنه - كَمَا يقول أرباب الإحصاءات - أربعة آلاف من الرواة، وكتب عنه أربعمائة كاتب([22]). فكيف لباحث أن يحصي هَذَا الكم الهائل من الرواة، والكتبة، بتراجمهم، ولكن سيذكر الباحث أشهر من تتلمذ عَلَى الإمام الصادق من أئمة المسلمين، ومنهم: 1- الإمام، أبو حنيفة النعمان: منهم، أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي من الموالي، وأصله من كابل، ولد بالكوفة، وبِهِا نشأ، ودرس، وكانت لَهُ فيها حوزة، وانتقل إِلَى بغداد، وبِهِا مات عام 150، وقبره بِهَا معروف، وهو أحد الأئمة الأربعة، وحاله أشهر من أن يذكر([23]). وأخذه، عن الصادق معروف، "وهو القائل (لو لَا السنتان لهلك النعمان) قاصدا مدة دراسته عَلَى الإمام الصادق([24]). 2- الإمام مَالِك بن أنس : مَالِك بن أنس بن مَالِك بن أبي عامر الأصبحي الحميري، أبو عبد الله الْمَدَنِيّ الفقيه أحد أعلام الإسلام إمام دار الهجرة، كَانَ مَالِك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن لَيْسَ بثقة فِي الحديث، ولم يكن يروي إِلَّا ما صح، ولا يحدث إلا عن ثقة، ([25]) 3- سُفْيَان الثوري: ومنهم سُفْيَان بن سعيد بن مسروق الثَّوْرِيّ الكوفي، قَالَ النسائي هو أجل من أن يقَالَ فيه ثقة، وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله ممن جعله للمتقين إماما مات سنة إحدى وستين ومائة([26]). 4- سُفْيَان بن عيينة: سُفْيَان بن عُيَيْنَة بن أبي عِمْرَان ميمون الهلالي، أبو مُحَمَّد الْكُوفِيّ، ثقة، حافظ إمام حجة من رؤوس الثامنة، قَالَ ابن سعد كَانَ ثقة، ثبتا كثير الحديث حجة، وجزم ابن الصلاح فِي علوم الحديث بأنه مات سنة ثمان وتسعين ومائة([27]). 5- يَحْيَى بن سعيد بن قيس بن عَمْرُو ابن سَهْل الأنصاري، ثقة، ثبت من الخامسة، قَالَ أحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة ثقة، مات سنة أربع وأربعين ومائة ([28]). 6- ابن جريح: عبد الملك بن عبد الْعَزِيز بن جريح المكّي، سمع جمعاً كثيراً من العلماء، كَانَ من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم ([29]) . 7- الْقَطَّان : يَحْيَى بن سعيد بن فروخ الْقَطَّان التميمي الحافظ، قَالَ أبو زرعة: يَحْيَى الْقَطَّان من الثقات الحفاظ.وقَالَ أبو حاتم: ثقة، حافظ مات يوم الاحد الثاني عشر من صفر سنة ثمان وتسعين ومائة. وقَالَ النسائي: ثقة، ثبت مرضي([30]) . وغيرهم الكثير، أما رواة الحديث عنه فمنهم : إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر ([31])، وحاتم بن إِسْمَاعِيل ([32])، والحسن بن صالح بن حي([33])، والحسن بن عَيَّاش ([34])، وحَفْص بن غِيَاث ([35])، وزُهَيْر بن مُحَمَّد التميمي ([36])، وسعيد بن سُفْيَان الاسلمي ([37])، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وسُلَيْمَان بن بِلَال ([38])، وعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي([39])، وعبد الملك بن عبد الْعَزِيز بن جُرَيْج، وعبد الْوَهَّابِ بن عبدالمجيد الثَّقَفِيَّ ([40])، وعُثْمَان بن فَرْقَد العطار ([41])ومَالِك بن أنس، ويَحْيَى بن سعيد الانصاري، ويَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان . وغيرهم من الرواة الذين سترد تراجمهم فِي مروياتهم، عن الإمام الصادق. أقوال العلماء فِي الإمام الصادق: يقول عنه ابن حبان فِي كتابه " الثقات " : كَانَ من سادات أهل البيت فقها، وعلما، وفضلا"([42]). "وعن أبي حنيفة قَالَ: ما رأيت افقه من جَعْفَر بن مُحَمَّد، وقَالَ أبو حاتم: ثقة، لَا يسئل، عن مثله"([43]) . ويروي الإمام الذهبي فِي " سير أعلام النبلاء" قول يحي بن سعيد الْقَطَّان: أملى عَلِيّ جَعْفَر بن مُحَمَّد الحديث الطويل، يعني فِي الحج، ثم قَالَ: وفي نفسي منه شئ، مجالد ([44]) أحب إِلَيَّ منه. ويرد عليه الإمام الذهبي بقوله : هذه من زلقات يَحْيَى الْقَطَّان. بَلْ أجمع أئمة هَذَا الشأن عَلَى إِنَّ جَعْفَراً أوثق من مجالد. ولم يلتفتوا إِلَى قول يَحْيَى . ويكمل الإمام الذهبي قوله : " جَعْفَر ثقة، صدوق، وهو من ثقات الناس كَمَا قَالَ ابن معين"([45]). "وقَالَ أبو العَبَّاس بن عقدة: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هشام قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَفْص بن راشد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، عن عَمْرُو ابن أبي المقدام، قَالَ: كنت إِذَا نظرت إِلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد علمت أنه من سلالة النبيين"([46]). وعن صالح بن أبي الأسود سمعت جَعْفَر بن مُحَمَّد يقول سلوني قبل إِنَّ تفقدوني فانه لَا يحدثكم احد بعدى بمثل حديثي. وقَالَ هياج بن بسطام كَانَ جَعْفَر الصادق يطعم حَتَّى لَا يبقى لعياله شيء"([47]) . ويسرد الإمام الذهبي فِي سيره قصة سُفْيَان الثَّوْرِيّ مَعَ الإمام الصادق التي يرويها سُفْيَان فيقول : دخلت عَلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد، وعليه جبة خز دكناء وكساء خز أيدجاني فجعلت أنظر إليه تعجبا ؟ فَقَالَ : مَالِك يا ثوري ؟ قلت: يا ابن رسول الله، ليس هَذَا من لباسك، ولا لباس آبائك، فَقَالَ : كَانَ ذاك زمانا مقترا، وكانوا يعملون عَلَى قدر إقتاره وإفقاره، وهذا زمان قَدْ أسبل كل شئ فيه عزاليه .ثم حسر عن ردن جبته، فإِذَا فيها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل، عن الذيل، وقَالَ: لبسنا هَذَا لله، وهذا لكم، فما كَانَ لله أخفيناه، وما كَانَ لكم أبدنياه. وقيل: كَانَ جَعْفَر يقول: كيف أعتذر، وقد احتججت، وكيف أحتج، وقد علمت ؟ روى يَحْيَى بن أبي بكير، عن هياج بن بسطام قَالَ كَانَ جَعْفَر بن مُحَمَّد يطعم حَتَّى لَا يبقى لعياله شئ. عن بعض أصحاب جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن جَعْفَر، وسئل: لم حرم الله الربا ؟ قَالَ: لئلا يتمانع الناس المعروف. وعن هشام بن عباد، سمعت جَعْفَر بن مُحَمَّد يقول: الفقهاء أمناء الرسل، فإِذَا رأيتم الفقهاء قَدْ ركنوا إِلَى السلاطين، فاتهموهم. قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد : الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا، وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة. وما عال من اقتصد، والتقدير نصف العيش، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن، والديه، فقد عقهما، ومن ضرب بيده عَلَى فخذه عِنْدَ مصيبة فقد حبط أجره، والصنيعة لَا تكون صنيعة إِلَّا عِنْدَ ذي حسب أو دين، والله ينزل الصبر عَلَى قدر المصيبة، وينزل الرزق عَلَى قدر المؤنة، ومن قدر معيشته، رزقه الله، ومن بذر معيشته، حرمه الله.([48]) "وعن يَحْيَى بن الفرات، إِنَّ جَعْفَر الصادق قَالَ: لَا يتم المعروف إِلَّا بثَلَاثَة: بتعجيله، وتصغيره، وستره."([49]). وعن أبي نعيم الحافظ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن غزوان، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِك بن أنس، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، قَالَ: لما قَالَ لَهُ سفيان: لَا أقوم حَتَّى تحَدَّثَنِي، قَالَ جَعْفَر: أما إني أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان، إِذَا أنعم الله عليك بنعمة، فأحببت بقاءها، ودوامها، فأكثر من الحمد، والشكر عَلَيْهَا، فإن الله عز، وجل، قَالَ فِي كتابِهِ: ((لئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ))([50])، وإِذَا استبطأت الرزق، فأكثر من الاستغفار، فإن الله عز، وجل قَالَ فِي كتابِهِ: (( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً))([51]) فِي الآخرة، يا سُفْيَان إِذَا حزبك أَمَرَ من سلطان أو غيره، فأكثر من: " لَا حول ولا قوة إِلَّا بالله "، فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة، فعقد سُفْيَان بيده، وقَالَ: ثَلَاثَ، وأي ثَلَاثَ ؟ ! قَالَ جَعْفَر: عقلها([52]). "عن الفضل بن الربيع، عن أبيه، قَالَ: دعاني المنصور فَقَالَ :إِنَّ جَعْفَر بن مُحَمَّد يلحد فِي سلطاني قتلني الله إِن لم أقتله. فأتيته، فَقُلْتُ: أجب أمير المؤمنين. فتطهر، ولبس ثيابا. أحسبه قَالَ جددا فأقبلت بِهِ فاستأذنت له، فَقَالَ : أدخله، قتلني الله إِن لم أقتله. فَلَمَّا نظر إِلَيَّه مقبلا قام من مجلسه فتلقاه، وقَالَ: مرحبا بالنقى الساحة، البرئ من الدغل والخيانة، أخي وابن عمي. فأقعده مَعَهُ عَلَى سريره، وأقبل عليه بوجهه، وسأله عن حاله، ثم قَالَ: سلني عن حاجتك فَقَالَ : أهل مكة، والمدينة قَدْ تأخر عطاؤهم فتأمر لهم بِهِ. قَالَ: أفعل.ثم قَالَ: يا جارية ائتني بالتحفة. فأتته بمدهن زجاج فيه غالية، فغلفه بيده وانصرف. فاتبعته، فَقُلْتُ: يا ابن رسول الله ; أتيت بك، ولا أشك أنه قاتلك، فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عِنْدَ الدخول فما هو ؟ قَالَ: قلت: اللَّهُمَّ احرسني بعينك التي لَا تنام، واكنفني بركنك الَّذِي لَا يرام، واحفظني بقدرتك علي، ولا تهلكني. وأنت رجائي.رب كم من نعمة أنعمت بِهَا عَليّ قَلّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بِهَا قَلّ لها عندك صبري ؟ ! فيا من قل عِنْدَ نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عِنْدَ بليته صبري فلم يخذلني.ويا من رآني عَلَى المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا النعم التي لَا تحصى أبدا، ويا ذا المعروف لذي لَا ينقطع أبدا، أعني عَلَى ديني بدنيا، وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إِلَى نفسي فيما خطرت. يا من لَا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لَا يضرك، وأعطني ما لَا ينقصك، يا وهاب أسألك فرجا قريبا.وصبرا جميلا، والعافية من جميع البلايا، وشكر العافية."([53]). "وسئل، أبو حنيفة: من أفقه من رأيت ؟ فَقَالَ : ما رأيت أحدا أفقه من جَعْفَر بن مُحَمَّد، لما أقدمه المنصور الحيرة، بعث إِلَيَّ فَقَالَ : يا أبا حنيفة إِنَّ الناس قَدْ فتنوا بجَعْفَر بن مُحَمَّد، فهيئ لَهُ من مسائلك الصعاب، قَالَ: فهيأت لَهُ أربعين مسألة، ثم بعث إِلَيَّ، أبو جَعْفَر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه، وجَعْفَر جالس، عن يمينه، فَلَمَّا بصرت بِهِما دخلني لجَعْفَر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جَعْفَر، فسلمت، وأذن لي، فجلست، ثم التفت إِلَى جَعْفَر، فَقَالَ : يا أبا عبد الله تعرف هَذَا ؟ قَالَ: نعم، هَذَا أبو حنيفة، ثم أتبعها: قَدْ أتانا، ثم قَالَ: يا أبا حنيفة ؟ هات من مسائلك، نسأل أبا عبد الله، وابتدأت أسأله، وكان يقول فِي المسألة: أنتم تقولون فيها كذا، وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، وكذا، ونحن نقول كذا، وكذا، فربما تابعنا، وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا حَتَّى أتيت عَلَى أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة، ثم قَالَ أبو حنيفة: أليس قَدْ روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس"([54]) وفاته: أجمع العلماء، والمؤرخون عَلَى أن الإمام الصادق رضي الله عنه قَدْ توفي سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة، ودفن فِي البقيع فِي قبر يضم الإمام الحسن بن عَلِيّ، والإمام عَلِيّ زين العابدين، والإمام مُحَمَّد الباقر([55]) . ________________________________________ [1] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج4، ص402. [2] - جمال الدين أبي يوسف المزي، تهذيب الكمال، تحقيق د. بشار عواد، لبنان : مؤسسة الرسالة، الطبعة الرابعة 1985م- ج26، ص140. [3] - القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكركَانَ من الفقهاء الأجلاء، وكان عُمَر بن عبد العزيز يجله كثيراً وقد قَالَ: لو كَانَ لي من الأمر شيء لوليت القاسم بن مُحَمَّد الخلافة، وقد عمر طويلا، وذهب بصره فِي آخر عمره، ولما احتضر قَالَ لابنه: سن عَلِيّ التراب سناً ـ أي ضعه عَلِيّ سهلا ـ، وسوّي عَلَى قبري، والحق بأهلك، وإياك أن تقول: كَانَ أبي. وكانت، وفاته بمكان يقَالَ لَهُ قديد، وهو اسم موضع يقع ما بين مكة، والمدينة، انظر ترجمته : سير أعلام النبلاء ج5، ص60-أحمد بن عَلِيّ بن حجرالعسقلاني، تهذيب التهذيب، دار الفكر الطبعة الأولى 1984م ج8، ص299-تهذيب الكمال ج23، ص427- [4] - انظر: - مُحَمَّد بن حبان بن أحمد البستي، الثقات، طبعة مجلس دائرة المعارف العُثْمَان ية بحيدر آباد 1973م، ج6، ص131. - خير الدين الزركلي، الأعلام، بيروت: دار العلم للملايين، ج2، ص125. - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص255. - تهذيب الكمال، مرجع سابق، ج5، ص97 - تهذيب التهذيب، مرجع سابق، ج2، ص89. [5]- انظر : - مُحَمَّد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، بيروت: مؤسسة الوفاء الطبعة الثانية 1983م، ج 43، ص 1 . - مُحَمَّد بن يعقوب بت إسحاق الكليني، الأصول من الكافي، بيروت : دار الأضواء، ج 2، 472. [6] - الإمام الصادق للشيخ مُحَمَّد ، أبو زهرة، مرجع سابق، ص ص 93، 94. [7] - انظر : - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص 257. - شمس الدين الذهبي، تذكرة الحفاظ، دار إحياء التراث العربي، ج 1، 166. - تهذيب الكمال، مرجع سابق، :ج 5، 79. [8] - عبد العزيز سيد الأهل، جَعْفَر بن مُحَمَّد الإمام الصادق، مرجع سابق، 1964م، ص45. [9] - الإمام الصادق لعبد الحليم الجندي، مرجع سابق، ص156. [10] - المرجع السابق، ص3. [11] - عبد العزيز سيد الأهل، جَعْفَر بن مُحَمَّد، مرجع سابق، ص46. [12] - الإمام جَعْفَر الصادق لعبد الحليم الجندي، مرجع سابق، ص4. [13] - الإمام جَعْفَر الصادق راشد السنة، والشيعة، مرجع سابق، ص197. [14] - جَعْفَر بن مُحَمَّد، عبد العزيز سيد الأهل، مرجع سابق، ص64. [15]- الإمام الصادق للشيخ، أبو زهرة، مرجع سابق، 66. [16] - جَعْفَر بن مُحَمَّد، عبد العزيز سيد الأهل، مرجع سابق، ص47. [17] - نور الدين آل علي، الإمام الصادق كَمَا عرفه علماء الغرب، الطبعة الأولى 1408هـ/ مؤسسة الوفاء –بيروت، ص53-55 . [18] - انظر ترجمته :ثقات ابن حبان ج8، ص456- تهذيب التهذيب ج7، ص286- سير أعلام النبلاء ج4، ص386 - تهذيب الكمال ج20، ص382. [19] - انظر ترجمته : الثقات لابن حبان ج 5، ص348، تهذيب التهذيب ج 9 ص310- سير أعلام النبلاء ج4، ص401. [20] - انظر ترجمته : سير أعلام النبلاء ج5، ص60-تهذيب التهذيب ج8، ص299-تهذيب الكمال ج23، ص427. [21] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج5، ص350 – تهذيب التهذيب ج9 ص417 – سير أعلام النبلاء ج5، ص353. [22] - الإمام جَعْفَر الصادق، لعبد الحليم الجندي، مرجع سابق، ص156. [23] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص391. [24] - الإمام جَعْفَر الصادق لعبد الحليم الجندي، مرجع سابق، ص252. [25] - انظر ترجمته:ثقات ابن حبان ج7، ص459- تهذيب التهذيب ج10، ص5 – سير أعلام النبلاء ج8، ص48- تهذيب الكمال ج27، ص91. [26] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج6، ص401-تهذيب التهذيب ج4، ص99-سير أعلام النبلاء ج7، ص229. [27] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج6، ص402- تهذيب التهذيب ج4، ص104- تقريب التهذيب ج1، ص369. [28] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج5، ص521- تهذيب التهذيب ج11، ص194- سير أعلام النبلاءج5، ص468. [29] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص93- تهذيب التهذيب ج6، ص357- سير أعلام النبلاء ج6، ص324. [30] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج7، ص611- تهذيب التهذيب ج11، ص190- سير أعلام النبلاء ج9، ص175- تهذيب الكمال ج31، ص329. [31] - إسماعيل بن جَعْفَر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم، أبو إسحاق القاري، قَالَ أحمد، وأبو زرعة، والنسائي ثقة، وقَالَ ابن معين ثقة، انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص44- تهذيب التهذيب ج1، ص251- سير أعلام النبلاءج8، ص228. [32] - حاتم بن إسماعيل المدني، أبو إسماعيل مولاهم، صحيح الكتاب صدوق يهم من الثامنة . روى عن: جَعْفَر، عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها مات سنة ست أو سبع وثمانين ومائة انظر ترجمته – سير أعلام النبلاء ج8، ص518 .- الثقات لابن حبان ج8، ص210-تقريب التهذيب ج1 ص 168. [33] - الحسن بن صالح بن صالح بن حي، وهو حيان بن شفي بن هني بن رافع الهمداني الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، فقيه عابد من السابعة انظر ترجمته: ثقات بن حيان ج6، ص164- سير أعلام النبلاء ج7، ص361- تهذيب التهذيب ج2، ص248- تقريب التهذيب ج1، ص205. [34] - الحسن بن عَيَّاش بن سالم الأَسَدي الكوفي، صدوق من الثامنة، وقَالَ النسائي ثقة، وقَالَ الطحاوي ثقة، حجة، وقَالَ العجلي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، مات سنة اثنتين وسبعين ومائة انظر ترجمته:ثقات ابن حبان ج6، ص169-تهذيب التهذيب ج2، ص270. [35] - حَفْص بن غِيَاث بن طلق بن معاوية بن مَالِك بن الحارث بن ثعلبة النخعي، أبو عمر الكوفي، وقاضي بغداد، ثقة، فقيه تغير قليلاً بأخرة مات سنة أربع وتسعين ومائة انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج6، ص200- تهذيب التهذيب ج2، ص357- سير أعلام النبلاء ج9، ص22. [36] - زُهَيْر بن مُحَمَّد التميمي العنبري، أبو المنذر الخراساني المروزي الخرقي صدوق روى لَهُ الجماعة(ثقات ابن حبان ج6، ص337- ميزان الاعتدال ج2، ص84- سير أعلام النبلاء ج8، ص187- تهذيب التهذيب ج3، ص301- تقريب التهذيب ج1، ص316. [37] - سعيد بن سفيان الأسلمي مولاهم، المدني، مقبول من السابعة ذكره ابن حبان فِي الثقات انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج8، ص261- ميزان الاعتدال ج2، ص141- تهذيب التهذيب ج4، ص36- تقريب التهذيب ج1، ص355. [38] - سُلَيْمَان بن بِلَال، أبو أيوب مولى بن أبى عتيق بن أبى بكر الصديق، ثقة، من الثامنة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن عدي ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائة ثقات ابن حبان ج6، ص388-تهذيب التهذيب ج4، ص154- سير أعلام النبلاء ج7، ص424. [39] - عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد بن أبي عبيد الداروردي، أبو مُحَمَّد المدني، صدوق من الثامنة، ذكره ابن حبان فِي الثقات ثقات ابن حبان ج7، ص116-تهذيب التهذيب ج6، ص315-سير أعلام النبلاء ج8، ص366. [40] - عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد بن الصلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاص الثَّقَفِيَّ، أبو مُحَمَّد البصري، ثقة، تغير من الثامنة كل، وذكره ابن حبان فِي الثقات مات سنة أربع وتسعين ومائة انظر ترجمته : الثقات لابن حبان ج7 ص132، سير أعلام النبلاء ج9 ص237، الطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص289. [41] - عُثْمَان بن فرقد العطار، أبو معاذ، أبو عبد الله البصري، صدوق من الثامنة روى لَهُ البخاري مقروناً بآخر انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج7، ص194- تهذيب التهذيب ج7، ص134- ميزان الاعتدال ج3، ص51- تقريب التهذيب ج1، ص662. [42] - ثقات ابن حبان ج6، ص131. [43] - تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي، مرجع سابق، ج1، ص167. [44] - مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام، ويقَالَ: ابن ذي مران بن شرحبيل، كَانَ يَحْيَى بن سعيد يضعفه. وكان عبد الرَّحْمَن بن مهدي لَا يروي لَهُ شيئا. وكان أحمد بن حَنْبَل لَا يراه شيئا. يقول: لَيْسَ بشئ. وقَالَ الدارقطني: ضعيف. انظر ترجمته : سير أعلام النبلاء، ج6، ص284. [45] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص256. [46] - تهذيب الكمال، مرجع سابق، ج5، ص78. [47] - تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي، مرجع سابق، ج1، ص167. [48] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص262. [49] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص262. [50] - ابراهيم: من الآية7 [51] - نوح:10-12. [52] - تهذيب الكمال، مرجع سابق، ج5، ص85. [53] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص266. [54] - تهذيب الكمال، مرجع سابق، ج5، ص79. [55] - انظر : ثقات ابن حبان ج6، ص131. تذكرة الحفاظ للذهبي ج1، ص166.سير أعلام النبلاء ج6، ص269.تهذيب الكمال ج5، ص97. موقف الإمام البخاري من الإمام الصادق أولاً: الإمام البخاري([1])، وصحيحه: هو الإمام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن المغيرة بن بزدزبِهِ . أبو عبد الله، الجعفي بالولاء، البخاري مولداً. لقد أوتي الإمام البخاري من سرعة الحفظ، وشدة الإتقان، ووفرة الذاكرة، ما يقل نظيره فيه فِي زمانه، يجمع فِي ذَلِكَ الذكاء، والفطنة، والنباهة، وسرعة لاستحضار ما يريد، ويقول البخاري: ألهمت الحفظ، وأنا فِي الكتاب – كَمَا ذكر الذهبي فِي سيره – فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن أبي حاتم: وكم أَتَى عليك إذ ذاك؟ فَقَالَ : عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب، فجعلت أختلف إِلَى الداخلي، وغيره، فَقَالَ يوماًَ فيما كَانَ يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فَقُلْتُ :إِنَّ أبا الزبير لم يرو، عن إبراهيم، فانتهرني. فَقُلْتُ له: ارجع إِلَى الأصل إِنَ كَانَ عندك، فدخل، فنظر فيه، ثم رجع فَقَالَ : كيف هو يا غلام؟ فَقُلْتُ: هو الزبير، وهو ابن عدي، عن إِبْرَاهِيم، فأخذ القلم، وأصلح كتابه. وقَالَ لي : صدقت. فقيل للبخاري: أبن كم كنت حِينَ رددت عليه؟ فَقَالَ : ابن إحدى عشر سنة. وقد قَالَ وراقه مُحَمَّد بن أبي حاتم: سمعته يقول: دخلت بلخ، فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا، فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم. قَالَ: وسمعته قبل موته بشهر يقول: كتبت، عن ألف وثمانين رجلا، لَيْسَ فيهم إِلَّا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول، وعمل، يزيد، وينقص . قَالَ مُحَمَّد بن أبي حاتم البخاري: سمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يقول: حججت، ورجع أخي بأمي، وتخلفت فِي طلب الحديث فَلَمَّا طعنت فِي ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة، والتابعين، وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى. وصنفت كتاب " التاريخ " إذ ذاك عِنْدَ قبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الليالي المقمرة. وقَلّ اسم فِي التاريخ إِلَّا وله قصة، إِلَّا أني كرهت تطويل الكتاب. كتبت عن ألف شيخ وأكثر، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر (2)، ما عندي حديث إِلَّا أذكر إسناده. لقيت أكثر من ألف رجل أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، لقيتهم كرات، أهل الشام، ومصر، والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مَرَّاتٍ، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة، وبغداد مَعَ محدثي خراسان. وكان يقول : أحفظ مئة ألف حديث صحيح، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح. وكما سبق فقد طاف الإمام البخاري البلاد الإسلامية طلباً للعلم، ومن البلاد التي زاراها: 1- خراسان، وما جاورها. 2- البصرة. 3- الكوفة. 4- بغداد. 5- مكة. 6- المدينة. 7- الشام. 8- مصر. مؤلفاته: اعتنى الإمام البخاري بالتصنيف فِي شتى أنواع العلوم الإسلامية، وقد، وصلت إِلَيَّنا مؤلفات كثيرة من مؤلفاته، وأكثرها مطبوع، ومتداول، ويذكر منها الباحث: 1- الجامع الصحيح المعروف ب" صحيح البخاري" . 2- التاريخ الكبير : وقد جمع فيه الإمام البخاري رجال الحديث من عصر الصحابة حَتَّى عصره، وهو مطبوع فِي حيدر آباد بالهند سنة 1691. 3- التاريخ الصغير: وقد جمع فيه الإمام البخاري رجال الحديث مثله مثل التاريخ الكبير، إِلَّا أنه مرتب عَلَى السنين، وقد طبع أكثر من طبعة. 4- كتاب الكنى: وهو مطبوع ملحقاً بالتاريخ الكبير. 5- الأدب المفرد: وهو كتاب جمع فيه الأحاديث الواردة فِي الأدب، والأخلاق، وقد طبع عدة مَرَّاتٍ . 6- القراءة خلف الإمام: ويعرف أيضاً ب"جزء القراءة"، وعرض فيه الإمام البخاري قضية قراءة المأموم خلف الإمام، وقد طبع عدة طبعات. 7- رفع اليدين فِي الصلاة: ويعرف ب"جزء رفع اليدين"، وكما هو، واضح من العنوان فقد تعرض فيه البخاري لقضية رفع المصلي يديه فِي صلاته، فِي تكبيرة الإحرام، وغيرها، وهو مطبوع. 8- خلق أفعال العباد: ويتناول فيه البخاري قضية أفعال العباد، وأنها مخلوقة، وأن الْقُرْآن غير مخلوق، وهو مطبوع. وهناك الكثير من المؤلفات التي لم تصلنا نظراً لفقدها. وفاته: توفي الإمام البخاري فِي ليلة السبت، ليلة عيد الفطر سنة 256هـ، وعمره 62 عاماً . كتابه الصحيح: أجمع أهل العلم عَلَى كون كتاب " الجامع الصحيح" أو "صحيح البخاري" أصح كتاب فِي حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقد تلقت الأمة كتابه " الجامع الصحيح" بالقبول، وهو من أصح مصادر السنة النبوية المطهرة. وكان الإمام البخاري قَدْ اشترط شرطاً لإيراد الحديث فِي كتابه "الجامع الصحيح"، فهو لَا يرى تحقق اتصال السند بين راويين حَتَّى يثبت اللقاء، والسماع بينهما، فإِذَا ثبت، ولو مرة كفى ذَلِكَ عنده لاتصال السند، ما لم يكن الراوي موصوفاً بالتدليس، فإِذَا كَانَ مدلساً فلا يقبل حديثه إِلَّا إِذَا صرح بالسماع. وقد بالغ الإمام البخاري فِي تحقيق هَذَا الشرط فِي صحيحه. ثانياً: موقفه من الإمام الصادق: أجمعت الأمة الإسلامية متمثلة فِي علمائها عَلَى عدالة، وتوثيق الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وقد عاصره أركان الحديث، وأئمة المذاهب الحنفية، والمَالِكية، وكلّهم اعترفوا بجلالته، وعلوّ مقامه. وجَعْفَر بن مُحَمَّد هو الَّذِي اعترف بإمامته، وجلالته فِي العلم كبار أئمة الأمة الإسلامية، روى الإمام الذَّهبي "عن عَمْرُو ابن أبي مقدام، قَالَ: كنت إِذَا نظرت إِلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد علمت أنه من سلالة النبيين، وقد رأيته، واقفاً عِنْدَ الجمرة يقول: سلوني، سلوني . وعن صالح بن أبي الأسود، سمعت جَعْفَر بن مُحَمَّد يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فانه لَا يحدِّثكم أحدٌ بعدي بمثل حديثي. وقَالَ ابن أبي حاتم: سمعت أبا زُرعة، وسئل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، وسهيل، عن أبيه، والعلاء، عن أبيه، أيها أصح؟ قَالَ : لَا يُقْرَنُ جَعْفَر إِلَى هؤلاء. وسمعت أبا حاتم يقول: جَعْفَر لَا يسأل، عن مثله"([2] ). وقَالَ الذهبي فِي الكاشف : جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، أبو عبد الله، وأمه أم فروة بنت القاسم بن مُحَمَّد، وأمها أسماء بنت عبد الرَّحْمَن ابن أبي بكر فكان يقول، ولدني الصديق مرتين سمع أباه، والقاسم، وعطاء . وعنه: شعبة، والْقَطَّان، وقَالَ فِي نفسي منه شيء، وقَالَ ابن معين ثقة، وقَالَ أبو حنيفة ما رأيت أفقه منه، وقد دخلني لَهُ من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور([3] ). هذا هو القول الوحيد فِي الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد، وقد قَالَه أحد علماء الجرح والتعديل، هو يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان الذي. روى عن: الإمام جَعْفَر، وهذا القول تكرر فِي سير أعلام النبلاء بلفظ " أملى عَلِيّ جَعْفَر بن مُحَمَّد الحديث الطويل، يعني فِي الحج، ثم قَالَ: وفي نفسي منه شيء، مجالد ([4] ) أحب إِلَيَّ منه"، وقد أجاب الذهبي : هذه من زلقات يَحْيَى الْقَطَّان.بل أجمع أئمة هَذَا الشأن عَلَى أن جَعْفَراً أوثق من مجالد.ولم يلتفتوا إِلَى قول يَحْيَى .وقَالَ إسحاق بن حكيم: قَالَ يَحْيَى الْقَطَّان: جَعْفَر ما كَانَ كذوبا. وقَالَ إسحاق بن راهويه، قلت للشافعي فِي مناظرة جرت: كيف جَعْفَر بن مُحَمَّد عندك ؟ قَالَ: ثقة، "([5] ). وكما قَالَ الإمام الذهبي فهذه من زلقات الْقَطَّان، فمجالد الَّذِي يفضله يَحْيَى الْقَطَّان، عن الإمام جَعْفَر ضعيف عِنْدَ معظم علماء الجرح، والتعديل، فيحي بن سعيد نفسه يضعفه، وكان الإمام أحمد بن حَنْبَل لَا يراه شيئاً، وكان يقول : لَيْسَ بشيء، كَمَا هو مذكور فِي ترجمته فِي سير أعلام النبلاء. ويبدو أن العوامل السياسية التي سبق وأن ذكرها الباحث من تضييق بني أمية عَلَى أهل البيت، قَدْ أثرت سلباً عَلَى مروياتهم، فهذا الإمام الجليل مَالِك بن أنس، وأحد تلاميذ الإمام جَعْفَر الصادق، "لم يرو، عن جَعْفَر حَتَّى ظهر أَمَرَ بني العباس"([6] ). وهل لهذا تفسير سوى تضييق بني أمية، وتعقبِهِم لمن يروي عن أهل البيت، حَتَّى أن الإمام مَالِك لم يرو عن الإمام جَعْفَر أستاذه، وشيخه إِلَّا بعد أن ظهر أَمَرَ بني العَبَّاس، وانتهت الدولة الأموية، ولتلك المصيبة روى النسائي فِي سننه: عن ابن عَبَّاس قوله: قَدْ تركوا السُّنَّة من بغض علي([7] ).وقَالَ النيسابوري فِي ذَلِكَ فِي الجهر بالبسملة فِي الصلاة"إِنَّ علياً كَانَ يبالغ فِي الجهر بالتسمية، فَلَمَّا كَانَ زمن بني أمية بالغوا فِي المنع، عن الجهر سعياً فِي إبطال آثار علي([8] ). وما حدث فِي أيام بني أمية حدث أيضاً فِي أيام الدولة العباسية، فهذا الحافظ العلامة الثقة نصر بن عَلِيّ بن نصر بن عَلِيّ الجهضمي([9] )، وكان من كبار الإعلام – كَمَا يقول الإمام الذهبي فِي سير أعلام النبلاء- يأمر الخليفة العباسي المتوكل بضربِهِ ألف سوط لأنه روى حديثاً، عن عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد حثني أخي موسى، عن أبيه، عن أبيه، عن عَلِيّ بن الحسين، عن أبيه، عن جده أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- : أخذ بيد حسن وحسين، فَقَالَ : " من أحبني وأحب هذين، وأباهما، وأمهما، كَانَ معي فِي درجتي يوم القيامة". والحديث أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد بن حَنْبَل فِي زوائد المسند، وأخرجه الترمذي فِي سننه، وسيأتي بإذن الله تعالى فِي موضعه. وقد ذكر الإمام الذهبي هذه القصة فِي سيره، وقَالَ " قَالَ عبد الله بن أحمد : لما حدث نصر بِهِذا، أَمَرَ المتوكل بضربِهِ ألف سوط، فكلمه جَعْفَر بن عبد الواحد، وجعل يقول له: الرجل من أهل السنة، ولم يزل بِهِ حَتَّى تركه. وكان لَهُ أرزاق، فوفرها عليه موسى. قَالَ أبو بكر الخطيب عقيبِه: إنما أَمَرَ المتوكل بضربِهِ، لأنه ظنه رافضيا . قلت: والمتوكل سني، لكن فيه نصب. وما فِي رواة الخبر إِلَّا ثقة، ما خلا عَلِيّ بن جَعْفَر، فلعله لم يضبط لفظ الحديث - وما كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من حبِهِ بث فضيلة الحسنين ليجعل كل من أحبِهِما فِي درجته فِي الجنة، فلعله قَالَ: فهو معي فِي الجنة. وقد تواتر قوله -رَضِيَ اللهُ عَنْه- : " المرء مَعَ من أحب "، ونصر بن علي، فمن أئمة السنة الأثبات"([10] ). وقد روى الإمام الذهبي فِي ترجمة الخليفة المتوكيل فِي " سير أعلام النبلاء" أنه " فِي سنة 236 هدم المتوكل قبر الحسين -رَضِيَ اللهُ عَنْه- ؛ فَقَالَ البسامي أبياتاً منها : أَسِفوا عَلَى أن لَا يكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما وكان المتوكل فيه نصب، وانحراف، فهدم هَذَا المكان، وما حوله من الدور، وأمر أن يزرع، ومنع الناس من ارتياده"([11] ). إذن لَيْسَ من الغريب بعد هذا أن نجد الإمام البخاري لَا يعتمد الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي صحيحه، فالإمام البخاري كَانَ معاصراً للخليفة المتوكل، وعاصر ما حدث مَعَ نصر الجهضمي فِي شأن حديث، واحد رواه، عن أهل البيت فِي فضائل الحسن، والحسن، والإمام عَلِيّ، والسيدة فاطمة، ومدرسة الإمام جَعْفَر الصادق لم تكن محصورة فِي مدة حياته، وإنما تخطت ذَلِكَ، واستمرت فِي عقبِهِ، وبالتالي استمر التضييق من قبل الحكام العباسيين، عَلَى اختلاف أهوائهم، وميولهم. ورواية الإمام البخاري لبعض الخوارج، والنواصب الذين يناصبون أهل البيت العداء أمثال عِمْرَان بن حطان ([12] )، ترك أثراً سيئاً، وهذا ما حدا الشيعة إِلَى اتهامه بالتعصب الطائفي ضد أهل البيت، وقد برر شيخ الإسلام ابن تيمية موقف الإمام البخاري تجاه جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي كتابه " منهاج السنة" حيث قَالَ :" قَدْ استراب البخاري فِي بعض حديثه لما بلغه، عن يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان فيه كلام فلم يخرج له"([13] ). ولكن الإمام البخاري كَانَ عالماً بالرجال لَهُ مصنفات كثيرة فِي ذَلِكَ منها التاريخ، والضعفاء، وغيرها. فهو أجل من أن يأخذ برأي إِلَّا وهو يدرك ذَلِكَ عنه، والإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد لم يكن رجلاً مجهولاً فِي فضله، وتقواه، وعلمه. وقد خَرَجَ الإمام البخاري للإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي كتابه " التاريخ الصغير" عدة أحاديث، وترجم لَهُ فِي كتابه " التاريخ الكبير"([14] ). وقد كَانَ عهد الإمام البخاري يقارب عهد الإمام جَعْفَر فقد توفي بعد الأمام جَعْفَر بقرن، واحد، لأن الأمام جَعْفَر توفي سنة 148 هـ، وتوفي الإمام البخاري سنة 256 ه. وقد خَرَجَ الإمام البخاري أحاديث عمن أخذوا العلم، عن الأمام الصادق مثل عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، حاتم بن إسماعيل، مَالِك بن أنس، ووهب بن منبِهِ، وهؤلاء هم من مشايخ البخاري فِي الحديث، ولكن الإمام البخاري لم يرو تلك الأحاديث التي رواها هؤلاء المشايخ، عن الأمام جَعْفَر! ! وقد استوطن الإمام البخاري المدينة المنورة أثناء رحلته لطلب العلم، وقد كَانَتْ المدينة مركزاً لمدرسة الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد، وكذلك تكررت رحلات الإمام البخاري إِلَى بغداد، والكوفة، وكانتا غاصتين بأصحاب الإمام جَعْفَر. وقد ترجم الإمام البخاري للإمام الصادق فِي تاريخه الكبير فَقَالَ : ( جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلَى بن حسين بن عَلَى بن أبى طالب الهاشمي الْمَدَنِيّ، أبو عبد الله الهاشمي، سمع أباه، والقاسم، وعطاء، سمع منه مَالِك، والثَّوْرِيّ، وشعبة، قَالَ أبو نعيم: مات سنة ثمان وأربعين ومائة، وقَالَ لي عَيَّاش بن المغيرة: ولد سنة الجحاف سنة ثمانين، وقَالَ لي عبد الله بن أبى الأسود، عن يَحْيَى بن سعيد: كَانَ جَعْفَر إِذَا أخذت منه العفو لم يكن بِهِ بأس، وإِذَا حملته حمل عَلَى نفسه)([15] ). ومن مرويات الإمام البخاري، عن الإمام الصادق فِي التاريخ الصغير : 1- حَدَّثَنَا عبد الله بن مَسَلَمَة ([16] )، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال ([17] )، عن جَعْفَر، عن أبيه، عن جَابِر قَالَ أقام النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالمدينة تسع سنين، ثم أذن فِي الناس بالحج فخَرَجَ حَتَّى كَانَ بذي الْحُلَيْفَةِ، ولدت أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أبي بكر ([18] ). 2- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الصَّلْتِ، أبو يعلى([19] )، وعبد الله بن مُحَمَّد ([20] ) قَالَا ثنا ابن عيينة([21] )، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه: قتل عَلَى، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ([22] ). 3- حَدَّثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان([23] ) ثنا حفص([24] )، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: كَانَ بين الحسن، والحسين طهر، واحد ([25] ). 4- حَدَّثَنَا خالد بن مَخْلَد ([26] ) ثنا سُلَيْمَان حَدَّثَنِي جَعْفَر، عن أبيه قَالَ كَانَ مروان يستعمل أبا أسيد عَلَى الصدقة ([27] ). 5- حَدَّثَنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بن الصَّلْتِ قَالَا، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه قَالَ مات عَلِيّ بن الحسين، وهو ابن ثمان وخمسين ([28] ). وقد روى عنه فِي الأدب المفرد : ((959)، حَدَّثَنَا موسى([29] ) قَالَ، حَدَّثَنَا، وهيب([30] ) قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أبيه، عن جَابِر قَالَ كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا كَانَ جنبا يصب عَلَى رأسه ثَلَاثَ حفنات من ماء قَالَ الحسن بن مُحَمَّد أبا عبد الله إِنَّ شعري أكثر من ذاك قَالَ وضرب جَابِر بيده عَلَى فخذ الحسن فَقَالَ يا بن أخي كَانَ شعر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أكثر من شعرك، وأطيب) ([31] ). ________________________________________ [1] - انظر ترجته : سير أعلام النبلاء للذهبي ج12، ص395- تهذيب الكمال للمزي ج24، ص430. [2] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج6، ص257. [3] - الإمام شمس الدين مُحَمَّد بن أحمد الذهبي، الكاشف فِي معرفة من لَهُ رواية فِي الكتب الستة، تحقيق مُحَمَّد عوامة أحمد مُحَمَّد نمر، جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية، مؤسسة علوم الْقُرْآن، الطبعة الأولى 1413هـ-1992م. ج 1، ص288- رقم798. [4] - مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام، ويقَالَ: ابن ذي مران بن شرحبيل، كَانَ يَحْيَى بن سعيد يضعفه. وكان عبد الرَّحْمَن ابن مهدي لَا يروي لَهُ شيئا. وكان أحمد بن حَنْبَل لَا يراه شيئا. يقول: لَيْسَ بشئ. وقَالَ الدارقطني: ضعيف. انظر ترجمته : سير أعلام النبلاء، ج6، ص284. [5] - سير أعلام البنلاء، مرجع سابق، ج6، ص256 [6] -تهذيب الكمال، مرجع سابق، ج5، ص76. [7] - سنن النسائي بشرح السيوطي، وحاشية السندي، مكتب تحقيق التراث، دار المعرفة ببيروت، ط 5 1420هـ، ج5، ص279. [8] - نظام الدين الحسن بن مُحَمَّد النيسابوري، تفسير غرائب، ورغائب الفرقان، مطبوع عَلَى هامش جامع البيان فِي تفسير الْقُرْآن للطبري، القاهرة: دار الحديث، 1987م – مج1، ص79. [9] - نصر بن عَلِيّ بن نصر بن عَلِيّ بن صهبان بن أبي، الحافظ العلامة الثقة، أبو عمرو، الازدي الجهضمي البصري الصغير، كَانَ من كبار الاعلام، وقَالَ النسائي، وابن خراش: ثقة، وقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد الفرهياني: نصر عندي من نبلاء الناس. انظر ترجمته سير أعلام النبلاء ج12، ص135. [10] - سير أعلام النبلاء، مرجع سابق، ج12، ص135. [11] - المرجع السابق، ج12، ص35. [12] - مران بن حطان ابن ظبيان، السدوسي البصري، من أعيان العلماء، لكنه من رؤوس الخوارج. ، ومن شعره فِي مصرع عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- : يا ضربة من تقي ما أراد بِهَا * إِلَّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا، إني لأذكره حينا فأحسبِهِ * أوفى البرية عِنْدَ الله ميزانا، أكرم بقوم بطون الطير قبرهم *لم يخلطوا دينهم بغيا، وعدوانا، انظر ترجمته سير أعلام النبلاء ج4، ص215. [13] - شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، منهاج السنة، تحقيق د. مُحَمَّد رشاد سالم، مؤسسة قرطبة 1406هـ، ج7، ص533. [14] - الإمام مُحَمَّد بن إسماعيل الجعفي البخاري، التاريخ الكبير، طبعة مطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العُثْمَان ية - حيدر آباد الدكن- ج2، ص199. [15] - مُحَمَّد بن إسماعيل بن إِبْرَاهِيمَ الجعفي البخاري المتوفى سنة 256 هـ، التاريخ الكبير، طبع مطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العُثْمَان ية بعاصمة الدولة الآصفية حيدر آباد الدكن، ج2، ص199 [16] - هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثقة، عابد من الطبقة التاسعة، ومن رجال مسلم. ثقات ابن حبان ج8، ص353 [17] - هو سُلَيْمَان بن بِلَال بن أيوب، ثقة، من الطبقة الثامنة، ومن رجال مسلم . تهذيب التهذيب ج4، ص154 [18] - مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري، التاريخ الصغير، تحقيق محمود إِبْرَاهِيمَ زايد فهرس أحاديثه يوسف المرعشي، بيروت : دار المعرفة الطبعة الاولى 1406 ه - 1986 م، م 1 ص55 [19] - مُحَمَّد بن الصلت البصري، أبو يعَلِيّ التوزي بفتح المثناة، وتشديد الواو بعدها زاي صدوق يهم من العاشرة، تقريب التهذيب (ج 2 / ص 89) [20] - عبد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بن عُثْمَان بن خواستي العبسي مولاهم، الكوفي صاحب المسند، والمصنف، ثقة، حافظ صاحب تصانيف من العاشرة، ثقات ابن حبان ج8، ص358 [21] - سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلإِلَيَّ، أبو مُحَمَّد الكوفي، ثقة، حافظ إمام حجة من رؤوس الثامنة، تقريب التهذيب ج1، ص369. [22] - التاريخ الصغير، مرجع سابق م1، ص98 [23] - سعيد بن سُلَيْمَان الضبي، أبو عُثْمَان الواسطي نزيل بغداد البزاز لقبِهِ سعدويه ثقة، حافظ من كبار العاشرة، تقريب التهذيب (ج 1 / ص 353) [24] - حَفْص بن غِيَاث بن طلق بن معاوية بن مَالِك بن الحارث بن ثعلبة النخعي، أبو عمر الكوفي، وقاضي بغداد، ثقة، فقيه تغير قليلاً بأخرة من العاشرة، تهذيب التهذيب ج2، ص357 [25] - التاريخ الصغير، مرجع سابق م1، ص125 [26] - خالد بن مخلد القطواني، أبو الهيثم البجلي مولاهم، الكوفي، صدوق يتشيع من العاشرة، تهذيب التهذيب ج3، ص95. [27] - التاريخ الصغير، مرجع سابق، م1، ص170. [28] -المرجع السابق م1، ص240. [29] - موسى بن إسماعيل المنقري بكسر الميم، وسكون النون، وفتح القاف، أبو سلمة التبوذكي بفتح المثناة، وضم الموحدة، وسكون الواو، وفتح المعجمة مشهور بكنيته، وباسمه ثقة، ثبت من صغار التاسعة، تقريب التهذيب (ج 2 / ص 220) [30] -، وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري صاحب الكرابيس، ثقة، ثبت من العاشرة، تهذيب التهذيب ج11، ص149 [31][31] - مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256 ه، الأدب المفرد، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولى 1406 ه- 1986 م، ص مروياته في صحيح مسلم أولاً: الإمام مسلم (1) وصحيحه: هو الإمام، أبو الحسين مسلم بن الحَجَّاج بن مسلم القشيري النيسابوري إمام أهل الحديث. قيل: إنه، ولد سنة أربع ومئتين. شيوخه: وقد عد الإمام الذهبي فِي سيره فكانت عدتهم مئتان، وعشرون رجلا، أخَرَجَ عنهم فِي " الصحيح". ومن البلاد التي زارها الإمام مسلم فِي رحلته لطلب العلم: 1- الري. 2- مكة. 3- المدينة. 4- مصر. 5- بغداد. 6- الكوفة. 7- البصرة. خراسان، وما حولها. قَالَ أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يقدمان مسلما فِي معرفة الصحيح عَلَى مشايخ عصرهما. وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم: كَانَ مسلم ثقة، من الحفاظ، كتبت عنه بالري، وسئل أبي عنه، فَقَالَ : صدوق. قَالَ أبو قريش الحافظ: سمعت مُحَمَّد بن بَشَّار يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدَّارِمِيّ بسمرقند، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ببخارى. وقَالَ الحسين بن مُحَمَّد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلما يقول: صنفت هَذَا " المسند الصحيح " من ثَلَاثَ مئة ألف حديث مسموعة. قَالَ أحمد بن سلمة: كنت مَعَ مسلم فِي تأليف " صحيحه " خمس عشرة سنة.قَالَ: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكرر، بحيث إنه إِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة، وأَخْبَرَنَا ابن رمح. يعدان حديثين، اتفق لفظهما أو اختلف فِي كلمة. قَالَ الحافظ ابن مندة: سمعت أبا عَلِيّ النيسابوري الحافظ يقول: ما تَحْتَ أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم. وقَالَ الإمام النووي رحمه الله فِي " شرحه لصحيح مسلم ": اتفق العلماء رحمهم الله عَلَى أن أصح الكتب بعد الْقُرْآن العزيز: " الصحيحان " البخاري، ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول.وكتاب البخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد، ومعارف ظاهرة، وغامضة. وقد صحإِنَّ مسلما كَانَ ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه لَيْسَ لَهُ نظير فِي علم الحديث. وقد انفرد مسلم بفائدة حسنة، وهي كونه أسَهْل متناولا من حيث انه جعل لكل حديث موضعا، واحدا يليق بِهِ، جمع فيه طرقه التي ارتضاها، واختار ذكرها، وأورد فيه أسانيده المتعددة، وألفاظه المختلفة فيسَهْل عَلَى الطالب النظر فِي، وجوهه، واستثمارها، ويحصل لَهُ الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه بخلاف البخاري، فإنه يذكر تلك الوجوه المختلفة فِي أبواب متفرقة متباعدة، وكثير منها يذكره فِي غير بابِهِ الَّذِي يسبقإِلَى الفهم أنه أولى بِهِ، وذلك لدقيقة يفهمهما البخاري منه، فيصعب عَلَى الطالب جمع طرقه، وحصول الثقة بجميع ما ذكره البخاري من طرق وقَالَ مكي بن عبدان: سمعت مسلما يقول: عرضت كتابي هَذَا " المسند " عَلَى أبي زرعة، فكل ما أشار عَلِيّ فِي هَذَا الكتأَبَان لَهُ علة، وسببا تركته، وكل ما قَالَ: إنه صحيح لَيْسَ لَهُ علة، فهو الَّذِي أخرجت. قَالَ أبو بكر الخطيب: كَانَ مسلم يناضل، عن البخاري، حَتَّى أوحش ما بينه، وبين مُحَمَّد بن يَحْيَى بسببِهِ، ويرى الإمام الذهبيإِنَّ مسلما، لحدة فِي خلقه، انحرف أيضا، عن البخاري، ولم يذكر لَهُ حديثا، ولا سماه فِي " صحيحه "، بَلْ افتتح الكتاب بالحط عَلَى من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة " عن " وادعى الإجماع فِيإِنَّ المعاصرة كافية، ولا يتوقف فِي ذَلِكَ عَلَى العلم بالتقائهما، ووبخ من اشترط ذلك. وإنما يقول ذَلِكَ، أبو عبد الله البخاري، وشيخه عَلِيّ بن المديني، وهو الأصوب الأقوى. و من مرجحات " صحيح البخاري " عَلَى " صحيح مسلم "إِنَّ مسلما صرح فِي مقدمة " صحيحه "إِنَّ الحديث المروي بلفظ "، عن " لَهُ حكم الاتصال إِذَا تعاصر المعنعن، والمعنعن عنه، وإن لم يثبت اجتماعهما.والبخاري لَا يحمله عَلَى الاتصال حَتَّى يثبت اجتماعهما، ولو مرة، واحدة. وقد تكلم مسلم فِي مقدمة كتابه فِي الرواية بالعنعنة، وأنه شرط فيها البخاري ملاقاة الراوي لمن عنعن عنه، وأطال فِي رد كلام البخاري، والتهجين عليه، ولم يصرح أنه البخاري، وإنما اتفق أهل العلم أنه أراده، ورد مقَالَته. والخلاف بين البخاري ومسلم فِي الحديث المروي بلفظ " عن " فقط، وأما ما كَانَ بلفظ " أَخْبَرَنَا " و " حَدَّثَنَا " و " أنبأنا " فهو ومسلم فيه سواء، فإنه لَا يكون إِلَّا بالمشافهة. وقَالَ الحاكم: أراد مسلم أن يخرج " الصحيح " عَلَى ثَلَاثَة أقسام، وعلى ثَلَاثَ طبقات من الرواة، وقد ذكر هَذَا فِي صدر خطبته، فلم يقدر لَهُ إِلَّا الفراغ من الطبقة الأولى، ومات. نقل أبو عبد الله الحاكمإِنَّ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّابِ الفراء قَالَ: كَانَ مسلم بن الحَجَّاج من علماء الناس، ومن أوعية العلم. مؤلفات الإمام مسلم التي وصلت إِلَيَّنا: 1- الصحيح: وهو أعظم مؤلفاته. 2- الكنى والأسماء : مطبوع 3- المنفردات والوحدان : مطبوع وقد عد الإمام الذهبي المؤلفات الْأُخْرَى التي لم تصل إِلَيَّنا ومنها : 1- كتاب " المسند الكبير " عَلَى الرجال. 2- كتاب " الجامع عَلَى الأبواب. 3- كتاب " العلل ". 4- كتاب " الوحدان ". 5- كتاب " الأفراد ". 6- كتاب " الأقران ". 7- كتاب " سؤالاته أحمد بن حَنْبَل ". 8- كتاب " عَمْرُو ابن شعيب ". 9- كتاب " الانتفاع بأهب السباع ". 10- كتاب " مشايخ مَالِك ". 11- كتاب " مشايخ الثَّوْرِيّ ". 12- كتاب " مشايخ شعبة ". 13- كتاب " من لَيْسَ لَهُ إِلَّا راو واحد ". 14- كتاب " المخضرمين ". 15- كتاب " أولاد الصحابة ". 16- كتاب " أوهام المحدثين ". 17- كتاب " الطبقات ". 18- كتاب " أفراد الشاميين ". شرط كتابه الصحيح: كان شرط الإمام مسلم فِي صحيحه أن يخرج الحديث الَّذِي اتصل سنده، برواية الثقة، عن مثله إِلَى منتهاه، ولا يكون شاذاً، ولا معللاً، وهو شرط البخاري أيضاً، ولكنه خالف البخاري فِي سماع الثقة ممن فوقه، فَقَالَ مسلم: إِذَا ، وقعت المعاصرة بينهما، وأمكن اللقاء، والسماع فهو سند متصل، وإن لم يأت فِي خبر أنهما اجتمعا أو تشافا، إلا أَن يكون الراوي مدلساً، أو قامت حجة تثبت الانقطاع بينهما، أما البخاري فيشترط ثبوت السماع، ويكتفي، ولو بمرة، واحدة، ولا يكتفي بالمعاصرة. وفاته: وقد توفي الإمام مسلم فِي شهر رجب سنة إحدى وستين ومئتين بنيسابور، عن بضع وخمسين سنة. ثانياً: المرويات: 1] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ : كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ ، صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِنْ مَاءٍ. فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بن مُحَمَّد ([2]) :إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. قَالَ جَابِر فَقُلْتُ لَهُ : يَا ابن أَخِي كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ، وأَطْيَبَ ([3]). رجال السند: مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ت 252هـ : مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى بن عبيد بن قيس بن دينار العنزي، أبو موسى الْبَصْرِيّ الحافظ، ثقة، ثبت من العاشرة. روى عن: خلق كثير منهم عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وحَفْص بن غِيَاث قَالَ عبد الله بن أحمد، عن ابن معين: ثقة،. وقَالَ أبو سعد الْهَرَوِيّ : سألت الذهلي عنه فَقَالَ : حجة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، ولد سنة سبع وستين ومائة، ومات سنة اثنتين وخمسين ومائتين فِي ذي القعدة ([4] ). عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ت 194هـ : عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد بن الصَّلْتِ بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاص الثَّقَفِيَّ ، أبو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، ثقة، تغير من الثامنة. روى عن: خلق منهم جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ. وقَالَ الدوري، عن ابن معين : اختلط بأخرة. وقَالَ عقبة بن مكرم: اختلط قبل موته بثَلَاثَ سنين أو أربع سنين.وقَالَ عَلِيّ بن المديني : لَيْسَ فِي الدنيا كتاب، عن يَحْيَى ، يعني ابن سعيد الأنصاري أصح من كتاب عبد الْوَهَّابِ ، وكل كتاب، عن يَحْيَى فهو عليه كَلٌّ، وذكره ابن حبان فِي الثقات، مات سنة أربع وتسعين ومائة ([5] ). مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين ت56هـ : مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي، أبو جَعْفَر الباقر، ثقة، من الرابعة، وقد قيلإِنَّ رواية مُحَمَّد ، عن الصحابة ما عدا ابن عَبَّاس، وجَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، وعبد الله بن جَعْفَر بن أبي طالب مرسلة، ونقل ابن أبي حاتم، عن أحمد أنه قَالَ : لَا يصح أنه سمع من عائشة، ولا من أم سَلَمَة، وقَالَ أبو حاتم : لم يلق أم سَلَمَة،. روى عنه: خلق كثير، مات سنة ست وخمسين ([6]). جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ت 87هـ : الصحابي الجليل جَابِر بن عَبْدِ اللَّه بن عَمْرُو ابن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلَمَة الأنصاري السلمي، أحد المكثرين، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ،. روى عنه: جماعة من الصحابة، مات جَابِر -رَضِيَ اللهُ عَنْه- سنة ثمان وسبعين، قَالَ عَلِيّ بن المديني: مات جَابِر بعدإِنَّ عُمِّرَ فأوصى إِلَّا يصلي عليه الحَجَّاج ، ويقَالَ مات سنة ثَلَاثَ وسبعين، ويقَالَ إنه عاش أربعا وتسعين سنة ([7] ). الحكم عَلَى سند الحديث : هذا حديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، مداره فِي الكتب التسعة عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الأنصاري، ومشهور من طريق أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين. 2] حَدَّثَنَا زُهَيْر بن حَرْبٍ، وإسحاق قَالَا: أَخْبَرَنَا ، أبو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُد بن قَيْسٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بن عَبْدِ اللَّهِ بن حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عَبَّاس، عن عَلِيّ قَالَ: نَهَانِي حِبِّي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-أن أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا. حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِك، عن نَافِعٍ :. و حَدَّثَنِي عِيسَى بن حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عن يَزِيدَ بن أَبِي حَبِيبٍ قَالَ : ح، و حَدَّثَنِي هَارُون بن عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابن أبي فديك، حَدَّثَنَا الضَّحَّاك بن عُثْمَان قَالَ ح، وحَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وهُوَ الْقَطَّان، عن ابن عجلان ح، و حَدَّثَنِي هَارُون بن سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا بن وهب حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بن زَيْدٍ قَالَ ح، وحَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ، وقُتَيْبَة، وابن حُجْر قَالَوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل، يَعْنُونَ ابن جَعْفَر، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد ، وهُوَ ابن عَمْرُو، قَالَ ح، و حَدَّثَنِي هَنَّاد بن السَّرِيّ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عن مُحَمَّد بن إسحاق، كُلُّ هَؤُلَاءِ، عن إِبْرَاهِيم بن عَبْدِ اللَّهِ بن حُنَيْنٍ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ ح إِلَّا الضَّحَّاك ، وابن عجلان فَإِنَّهُمَا زَادَا، عن ابن عباس، عن عَلِيٍّ، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كُلُّهُمْ قَالَوا: نَهَانِي عن قِرَاءَةِ الْقُرْآن، وأَنَا رَاكِعٌ.وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي رِوَايَتِهِمُ النَّهْيَ عَنْهَا فِي السُّجُودِ كَمَا ذَكَرَ الزُّهْرِيّ ، وزَيْدُ بن أَسْلَمَ، والْوَلِيدُ بن كَثِيرٍ، ودَاوُد بن قَيْسٍ، و حَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ، عن حَاتِمِ بن إِسْمَاعِيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِرِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن حُنَيْنٍ، عن عَلِيّ ، ولَمْ يَذْكُرْ فِي السُّجُودِ ([8] ). رجال السند : قُتَيْبَة ت 240هـ: قُتَيْبَة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثَّقَفِيَّ ، مولاهم، أبو رجاء البغلاني، ثقة، ثبت من العاشرة. روى عن: حاتم بن إِسْمَاعِيل، وآخرون،. روى عنه: الجماعة سوى ابن ماجه، وروى لَهُ الترمذي أيضا، وابن ماجه بواسطة أحمد بن حَنْبَل، وأحمد بن سعيد الدَّارِمِيّ، وأبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، ومُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي. قَالَ الأثرم، عن أحمد : أنه ذكر قُتَيْبَة فأثنى عليه. وقَالَ : هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقَالَ ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي : ثقة، زاد النسائي: صدوق. وقَالَ الحاكم: قُتَيْبَة ثقة، مأمون. وقَالَ أحمد بن سيار المروزي : كَانَ ثبتا فيما روى صاحب سنة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، مات سنة أربعين ومائتين ([9] ). حاتم بن إِسْمَاعِيل ت 187هـ : حاتم بن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ ، أبو إِسْمَاعِيل مولاهم، صحيح الكتاب صدوق يهم من الثامنة. روى عن: يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وغيرهم. روى عنه: ابن مهدي، وابنا أَبِي شَيْبَةَ، وسعيد بن عَمْرُو الأشعثي، وقُتَيْبَة، وإسحاق بن راهويه، وهَنَّاد بن السَّرِيّ ، ويَحْيَى بن معين، وأبو كريب، وجماعة. قَالَ أحمد : هو أحب إِلَيَّ من الدَّارَوَرْدِيّ، وزعمواإِنَّ حاتما كَانَ فيه غفلة إلا أَن كتابه صالح. وقَالَ أبو حاتم: هو أحب إِلَيَّ من سعيد بن سالم. وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ ابن سعد : كَانَ ثقة، مأمونا كثير الحديث. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ العجلي: ثقة، وكذا قَالَ إسحاق بن منصور، عن يَحْيَى بن معين. وقَالَ ابن المديني :. روى عن: جَعْفَر، عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها. مات سنة ست أو سبع وثمانين ومائة([10] ). مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر ت 130 هـ : مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر بن عبد الله بن الهدير التيمي، أبو عبد الله، ويقَالَ: أبو بكر أحد الأئمة الأعلام، ثقة، فاضل من الثالثة. روى عن: أنس، وجَابِر ، وأبي إمامة بن سَهْل بن حنيف، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وابن الزبير، وابن عَبَّاس، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن أَبِي رَافِع ، وعبد الله بن حنين، وغيرهم. وروى عنه: زيد بن أسلم، وعَمْرُو ابن دينار، والزُّهْرِيّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن الهاد، والثوري، وأبو عوانة، وابن عُيَيْنَة، وآخرون. قَالَ إسحاق بن راهويه، عن ابن عُيَيْنَة : كَانَ من معادن الصدق، ويجتمع إِلَيَّه الصالحون. وقَالَ الحميدي: ابن الْمُنْكَدِر حافظ. وقَالَ ابن معين، وأبو حاتم : ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ : كَانَ من سادات القراء مات سنة ثَلَاثَين ومائة ([11] ). عبد الله بن حنين : عبد الله بن حنين الهاشمي مَوْلَى العَبَّاس، ويقَالَ مَوْلَى عَلِيّ ، ثقة، من الثالثة. روى عن: عَلِيّ ، وابن عَبَّاس، وأبي أيوب، وابن عمر، والْمِسْوَر بن مَخْرَمَة. وعنه: ابنه إِبْرَاهِيم، ومُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر، ومُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التيمي، وأسامة بن زيد الليثي، ونافع مَوْلَى ابن عمر، وأبو بكر بن حَفْص بن عُمَر بن سعد بن أبي، وقاص، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر، وغيرهم. ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: مات فِي، ولاية يزيد بن عبد الملك. وقَالَ العجلي : مدني تابعي ثقة، ([12] ) الحكم عَلَى سند الحديث : إسناد الحديث صحيح ، ومدار هَذَا الحديث عَلَى الإمام عَلِيّ بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْه- فرواه عنه جمع : عبيدة بن عمرو ([13] )، وروايته عنه فِي سنن الترمذي، عن حماد بن سعدة، عن أشعث، عن مُحَمَّد ، وكذلك فِي سنن النسائي، ورواه، عن الإمام عَلِيّ كذلك عبد الله بن عَبَّاس الَّذِي. روى عنه: عبد الله بن الحارث بن نوفل فِي سنن أبي داود. وقد اشتهر هَذَا الحديث من طريق عبد الله بن حنين رواه عنه مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر، وإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين، ونافع، ومُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وخالد بن معدان، وأسامة بن زيد، واشتهر من طريق إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين فرواه عنه الوليد بن كثير، وزيد بن أسلم، وابن شهاب، ونافع، وابن عجلان، والضَّحَّاك بن عُثْمَان ، ويزيد بن أبي حبيب، وابن إسحاق، ومُحَمَّد بن عَمْرُو، ودَاوُد بن قيس. 3] حَدَّثَنِي حَجَّاج بن الشَّاعِر ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بن أَسَد، حَدَّثَنَا ، وهَيْبُ بن خَالِدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ ، عن أُمّ هَانِئ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- صَلَّى فِي بَيْتِهَا عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي ثَوْبٍ، واحِدٍ قَدْ خَالَفَ([14] ) بَيْنَ طَرَفَيْهِ ([15] ). رجال السند : حَجَّاج بن الشَّاعِر ت 259هـ : الحافظ، أبو مُحَمَّد حَجَّاج بن يوسف بن حَجَّاج الثَّقَفِيَّ ، البغدادي، ثقة، حافظ من الحادية عشرة،. روى عنه: أبو دَاوُد، ومسلم، وبقى بن مَخْلَد ، وأبو يعلى، وعبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم، والمحاملي، وخلق. قَالَ ابن أبي حاتم: ثقة، حافظ. مات سنة تسع وخمسين ومائتين([16] ) مُعَلَّى بن أَسَد ت 218هـ : مُعَلَّى بن أَسَد العمي، أبو الهيثم الْبَصْرِيّ الحافظ. روى عن: وهيب بن خالد، وعبد الواحد بن زياد، وعبد الْعَزِيز بن المختار، وغيرهم. روى عنه: البخاري، وروى الباقون لَهُ بواسطة أحمد بن يوسف السلمي، وحَجَّاج بن الشَّاعِر ، وأحمد بن عبد الله بن عَلِيّ بن منجوف، وغيرهم. قَالَ العجلي: شيخ بصري ثقة، كيس. وقَالَ أبو حاتم : ثقة،. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ : مات فِي رَمَضَانَ سنة ثماني عشرة ومائتين. وقَالَ مَسَلَمَة بن قاسم : ثقة، وقَالَ مسعود بن الحكم : ثقة، مأمون([17]). وهيب بن خالد ت 165هـ : وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، مولاهم، أبو بكر البصري، صاحب الكرابيس، ثقة، ثبت من العاشرة. روى عن: يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وجَعْفَر الصادق، وهشام بن عروة، وغيرهم. قَالَ ابن المديني، عن ابن مهدي: كَانَ من أبصر أصحابِهِ بالحديث، والرجال. وقَالَ عَمْرُو ابن علي: سمعت يَحْيَى بن سعيد ذكره فأحسن الثناء عليه.وقَالَ يونس بن حبيب، عن أبي داود، ثنا، وهيب، وكان ثقة. وقَالَ العجلي: ثقة، ثبت. قَالَ أبو حاتم : ما أنقى حديثه لَا تكاد تجده يحدث عن الضعفاء، وهو الرابع من حفاظ البصرة، وهو ثقة. ويقَالَ أنه لم يكن بعد شعبة أعلم بالرجال منه، مات، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وروى البخاري أنه مات سنة خمس وستين ومائة ([18] ). أبو مرة مَوْلَى عقيل : ويقَالَ مَوْلَى هانئ، حجازي مشهور بكنيته. روى عن: عقيل بن أبي طالب، وأُمّ هَانِئ بنت أبي طالب، وأبي الدرداء، وعَمْرُو ابن العاص، والمغيرة بن سعيد، وأبي، واقد الليثي، ورأى الزبير بن العوام، وروى عنه: أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، وإسحاق بن أبي طَلْحَة، وإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين، وأبو حازم بن دينار، ويزيد بن الهاد، وغيرهم. قَالَ الواقدي : هو مَوْلَى أُمّ هَانِئ ، وكان يلزم عقيلا فنسب إِلَيَّه، وكان شيخا قديما. روى عن: عُثْمَان ، وكان ثقة قليل الحديث. وقَالَ العجلي: مدني تابعي ثقة. ذكره ابن حبان فِي الثقات ([19] ) أُمّ هَانِئ : أُمّ هَانِئ بنت أبي طالب الهاشمية، اسمها فاختة، وقيل هند، روت، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.وعنها : مولاها، أبو مرة، وأبو صالح بذام، وابن ابنها جعدة المخزومي، وابن ابنها يَحْيَى بن جَعْفَر، وابن ابنها أيضا هَارُون ، وعبد الله بن عَيَّاش، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وابنه عبد الله، والشعبي، وعبد الرَّحْمَن ابن أبي ليلى، وعطاء، وكريب، ومجاهد، وعروة بن الزبير، ومُحَمَّد بن عقبة بن أبي مَالِك، وهي شقيقة الإمام علي، وكانت تَحْتَ هبيرة بن أبي، وهب المخزومي، فولدت لَهُ عمرا، وهانئا، ويوسف، وجعدة. وعاشت بعد عَلِيّ مدة. ماتت فِي خلافة معاوية([20] ) الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات. ومدار هَذَا الحديث فِي الكتب التسعة عَلَى أُمّ هَانِئ بنت أبي طالب فقد رواه عنها : أبو مرة مَوْلَى عقيل، واشتهر من طريقه فرواه عنه : مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين. وعنه: جَعْفَر بن مُحَمَّد ، وروايته فِي مسلم. وأبو النضر مَوْلَى عُمَر بن عبيد الله، وأخذ عنه مَالِك، وروايته عنه فِي صحيح البخاري، وسنن الترمذي، ومسند الإمام أحمد بن حَنْبَل، وموطأ مَالِك، وسنن الدَّارِمِيّ. و سالم وعنه: مَالِك، وروايته فِي سنن الترمذي. وسعيد بن أبي هند ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب ، وعنه: الليث بن سعد، وروايته فِي سنن ابن ماجه وإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين. وعنه: الضَّحَّاك بن عُثْمَان ، وروايته فِي مسند الإمام أحمد بن حَنْبَل وموسى بن ميسرة. وعنه: مَالِك، وروايته فِي الموطأ. ورواه عن أُمّ هَانِئ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. وعنه: عَمْرُو ابن مرة. وعنه: شعبة، وروايته عنه فِي صحيح البخاري، وسنن الترمذي، وسنن الدَّارِمِيّ. وكلك رواه، عن أُمّ هَانِئ ابن عَبَّاس. وعنه: كريب مَوْلَى ابن عَبَّاس. وعنه: مَخْرَمَة بن سُلَيْمَان، وروايته فِي سنن أبي دَاوُد. ورواه عنها كذلك عبد الله بن عبد الله بن نوفل. وعنه: بن شهاب الزُّهْرِيّ ، وروايته فِي سنن ابن ماجه، وعنها عبد الله بن الحارث. وعنه: يزيد بن أَبِي زِيَاد، وروايته فِي سنن ابن ماجه، وعنها يوسف بن ماهك. وعنه: عُثْمَان بن خثيم، وروايته فِي مسند أحمد بن حَنْبَل، وعنها عطاء بن أبي رباح. وعنه: عبد الملك بن أبي سُلَيْمَان، وروايته فِي الترمذي، وابن جُرَيْج، وروايته فِي مسند أحمد. 4] حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أبو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بن عَيَّاش، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا. ([21] )قَالَ حَسَنٌ :فَقُلْتُ لِجَعْفَر: فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قَالَ : زَوَالَ الشَّمْسِ. ([22] ) رجال السند : أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ ت 235هـ : عبد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن خواستي، العبسي مولاهم، الكوفي، صاحب المسند، والمصنف، ثقة، حافظ صاحب تصانيف من العاشرة، سمع من يَحْيَى بن آدَمَ، وشريك القاضي، وأبي الأحوص، وابن المبارك، وابن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وطبقتهم. وعنه: أبو زرعة، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو بكر بن أبي عاصم، وبقي بن مَخْلَد ، والبغوي، وجَعْفَر الفريابي، وأمم سواهم. قَالَ العجلي: ثقة، حافظ.وقَالَ الفلاس: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ.وقَالَ أبو عبيد : انتهى الحديث إِلَى أربعة: فأبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ أسردهم لَهُ، وأحمد أفقههم فيه، وابن معين أجمعهم له، وابن المديني أعلمهم بِهِ. مات سنة خمس وثَلَاثَين ومائتين ([23]). إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ ت238هـ: إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ بن مَخْلَد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مطر الحنظلي، أبو بعقوب المروزي، المعروف بابن راهويه، ثقة، حافظ مجتهد، نزيل نيسابور، ولد سنة إحدى وستين ومئة. وتوفي سنة ثمان وثَلَاثَين ومئتين. أحد الائمة، أخَرَجَ لَهُ أئمة الحديث، سوى ابن ماجه. وروى فيمن روى عنهم، عن يَحْيَى آدَمَ([24]). يَحْيَى بن آدَمَ ت 203 : يَحْيَى بن آدَمَ بن سُلَيْمَان الأموي، مَوْلَى آل أبي معيط، أبو زَكَرِيَّا الْكُوفِيّ، ثقة، حافظ نبيل. روى عن: الثوري، وجرير بن حازم، والحسن بن حي، والحسن بن عَيَّاش، وغيرهم. وعنه: أحمد، وإسحاق، وعَلِيّ بن المديني، ويَحْيَى بن معين، والحسن بن عَلِيّ الخلال، وابنا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ: عن ابن معين ثقة، وكذا النسائي، وقَالَ أبو حاتم: كَانَ يتفقه، وهو ثقة، وقَالَ يعقوب بن شيبة: ثقة، كثير الحديث، وقَالَ العجلي: كَانَ ثقة، جامعا للعلم عاقلا ثبتا فِي الحديث، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن شاهين فِي الثقات: قَالَ يَحْيَى بن أَبِي شَيْبَةَ: ثقة، صدوق ثبت حجة ما لم يخالف من هو فوقه مثل، وكيع، مات سنة ثَلَاثَ ومائتين. ([25] ) الحسن بن عَيَّاش ت 172هـ : الحسن بن عَيَّاش بن سالم الأَسَدي الْكُوفِيّ، صدوق من الثامنة. روى عن: الأعمش، ومغيرة، وإِسْمَاعِيل بن أبي خالد، وأبي إسحاق الشيباني، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وعَمْرُو ابن ميمون، وابن عجلان، وابن إسحاق، وجَعْفَر الصادق، وزائدة، والثوري، وغيرهم قَالَ: عُثْمَان الدَّارِمِيّ عن: ابن معين ثقة، وأخوه، أبو بكر ثقة، قَالَ: عُثْمَان ليسا بذاك، وهما من أهل الصدق، والأمانة، وقَالَ: النسائي ثقة، وقَالَ: الطحاوي ثقة، حجة، وقَالَ: العجلي ثقة، وذكره بن حبان فِي الثقات.مات سنة اثنتين، وسبعين ومائة. ([26] ) الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات. ومداره فِي الكتب التسعة عَلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ رواه عنه: الحسن بن عَيَّاش، وروايته عنه فِي صحيح مسلم، وسنن النسائي، ومسند أحمد بن حَنْبَل، ورواه عنه: كذلك سُلَيْمَان بن بِلَال، وروايته عنه فِي صحيح مسلم. 5] حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بن زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا خَالِدُ بن مَخْلَد : ح، و حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حَسَّانَ قَالَا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه : مَتَى كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ؟ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي، ثم نَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا. زَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ، حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ يَعْنِي النَّوَاضِحَ. ([27] ) رجال السند : القاسم بن زَكَرِيَّا 250 هـ : القاسم بن زَكَرِيَّا بن دينار القرشي، أبو مُحَمَّد الطحان الْكُوفِيّ، ثقة، من الحادية عشرة. روى عن: إسحاق بن منصور السلولي، وحسين بن عَلِيّ الجعفي، وخالد بن مَخْلَد ، ووكيع، وغيرهم. وعنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، والحسين بن سفيان، والحسين بن إسحاق التستري، والقاسم بن زَكَرِيَّا المطرز، والقاسم بن خلف الدوري، وغيرهم قَالَ :النسائي ثقة، وذكره بن حبان فِي الثقات. ذكر صاحب الزهرة:أن مسلما روى عنه: ستة، وعشرين حديثا. مات سنة خمسين ومائتين. ([28] ) خالد بن مَخْلَد ت 213هـ : خالد بن مَخْلَد القطواني، أبو الهيثم البجلي مولاهم، الكوفي، صدوق يتشيع من العاشرة. روى عن: سُلَيْمَان بن بِلَال، وعبد الله بن عمر العمري، ومُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير، ومَالِك، وغيرهم. وعنه: البخاري، وروى لَهُ مسلم، وأبو دَاوُد فِي مسند مَالِك، والباقون. بواسطة قَالَ: عبد الله بن أحمد، عن أبيه لَهُ أحاديث مناكير، وقَالَ أبو حاتم يكتب حديثه، وقَالَ: الآجري، عن أبي دَاوُد صدوق، ولكنه يتشيع. وقَالَ: عُثْمَان الدَّارِمِيّ، عن ابن معين ما بِهِ بأس، وقَالَ: ابن عدي هو من المكثرين، وهو عنديإِنَّ شاء الله لَا بأس بِهِ، وقَالَ العجلي ثقة، فيه قليل تشيع، وكان كثير الحديث. وقَالَ ابن شاهين فِي الثقات قَالَ: عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ هو ثقة، صدوق. وذكره الساجي، والعقيلي فِي الضعفاء، وذكره ابن حبان فِي الثقات مات سنة ثَلَاثَ عشرة ومائتين.([29] ) عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ ت 255هـ : عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابن الفضل بن بِهِرام بن عبد الصمد، أبو مُحَمَّد السمرقندي الدَّارِمِيّ، من بنى دارم بن مَالِك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، ثقة، فاضل فقيه حافظ من الحادية عشرة، كَانَ أحد الرحالين فِي الحديث، والموصوفين بجمعه، وحفظه، والإتقان لَهُ مَعَ الثقة، والصدق، والورع، والزهد. قَالَ: أبو حاتم بن حبان كَانَ من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع فِي الدين ممن حفظ، وجمع، وتفقه، وصنف، وحدث، وأظهر السنة فِي بلده، ودعا إِلَيَّها، وذب، عن حريمها، وقمع من خالفها. وقَالَ: ابن أبي حاتم، عن أبيه ثقة، صدوق، وقَالَ: الحاكم، أبو عبد الله كَانَ من حفاظ الحديث المبرزين. وروى الخطيب فِي تاريخه، عن أحمد بن حَنْبَل قَالَ :كان ثقة، وزيادة واثنى عليه خيرا. مات سنة خمس وخمسين ومائتين.([30] ) يَحْيَى بن حَسَّانَ ت 208هـ : يَحْيَى بن حَسَّانَ بن حيان التنيسي البكري، أبو زَكَرِيَّا الْبَصْرِيّ، ثقة، من التاسعة. روى عن: وهيب بن خالد، ومعاوية بن سلام، وابن أبي الزناد، وسُلَيْمَان بن بِلَال، وغيرهم قَالَ: عبد الله بن أحمد، عن أبيه ثقة، رجل صالح.وقَالَ: الأثرم، عن أحمد ثقة، صاحب حديث.وقَالَ: العجلي كَانَ ثقة، مأمونا عالما بالحديث.وقَالَ: أبو حاتم صالح الحديث، وقَالَ: النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: ابن يونس كَانَ ثقة، حسن الحديث مات سنة ثمان ومائتين. ([31] ) سُلَيْمَان بن بِلَال ت 177هـ : سُلَيْمَان بن بِلَال ، أبو أيوب، مَوْلَى ابن أبى عتيق بن أبى بكر الصديق، ثقة، من الثامنة، روى عن: زيد بن أسلم، وعبد الله بن دينار، وجَعْفَر الصادق، وسعد بن سعيد الأنصاري، وغيرهم.وعنه : أبو عامر العقدي، وعبد الله بن المبارك، ومُعَلَّى بن منصور الرازي، وأبو سَلَمَة الخزاعي، وغيرهم. قَالَ: أبو طالب، عن أحمد لا بأس بِهِ ثقة، وقَالَ الدوري، عن ابن معين: ثقة، وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ: قلت لابن معين :سُلَيْمَان أحب إِلَيَّك أو الداروردي؟ فَقَالَ : سُلَيْمَان، وكلاهما ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن عدي : ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائة. ([32] ) الحكم عَلَى سند الحديث : إسناده صحيح: 6] حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ، ومَسَّاكُمْ، ويَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، ويَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثم يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا([33] ) فَإِلَيَّ وَعَلِي([34] ) رجال السند : مُحَمَّد بن المثني : تقدم، وهو ثقة، ثبت عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد : تقدم، وهو ثقة الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، ومداره فِي الكتب التسعة جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الأنصاري، ومشهور من طريق جَعْفَر بن مُحَمَّد بن علي، عن أبيه فقد رواه عنه: عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد، ورواته عنه فِي مسلم، وسنن ابن ماجه. سُلَيْمَان بن بِلَال. وعنه: خالد بن مَخْلَد. وعنه: عبد بن حميد، وروايته عنه فِي صحيح مسلم. مُصْعَب بن سلام، وروايته عنه فِي مسند أحمد بن حنبل يَحْيَى بن سليم، وروايته عنه فِي مسند أحمد بن حنبل، وسنن الدَّارِمِيّ سُفْيَان بن سعيد بن مسروق الثَّوْرِيّ، وعنه جمع :ا بن الوليد، وروايته فِي مسند أحمد بن حَنْبَل، ومُحَمَّد بن كثير، ورايته فِي سنن أبي دَاوُد، وابن المبارك. وعنه: عتبة بن عبيد الله، وروايته فِي سنن النسائي، ووكيع، وروايته فِي مسند أحمد بن حَنْبَل، عن، وكيع، أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، وروايته فِي صحيح مسلم. ورواه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، أبو سَلَمَة. وعنه: الزُّهْرِيّ. وعنه: معمر. وعنه: عبد الرزاق. وعنه: أحمد بن حنبل، وهي فِي المسند، وفي سنن أبي دَاوُد. 7 ] حَدَّثَنَا عَبْدُ بن حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بن مَخْلَد ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، حَدَّثَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :سَمِعْتُ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه يَقُولُ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَوْمَ الْجُمُعَةَ يَحْمَدُ اللَّهَ ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثم يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، ثم سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ ([35] ). رجال السند : 1- عبد بن حميد ت 249هـ : عبد بن حميد بن نصر الكشي ، أبو مُحَمَّد ، قيل :إِنَّ اسمه عبد المجيد، ثقة، حافظ من الحادية عشرة. روى عن: خالد بن مَخْلَد القطواني، وخلق آخرين. وروى عنه: مسلم، والترمذي، والبخاري فِي التعإِلَيَّق، وقَالَ أبو حاتم بن حبان فِي الثقات :عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشى، وهو الَّذِي يقَالَ لَهُ عبد بن حميد، وكان ممن جمع، وصنف. ومات سنة تسع وأربعين ومائتين ([36] ). 2- خالد بن مَخْلَد القطواني : تقدم، وهو صدوق. 3- سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث : إسناده صحيح، انظر الحكم عَلَى الحديث السابق. 8] حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ، وكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَخْطُبُ النَّاسَ يَحْمَدُ اللَّهَ ، ويُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثم يَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وخَيْرُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ. ثم سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الثَّقَفِيَّ ([37] ). رجال السند : 1 - أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ : تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2 - وكيع ت 196هـ : وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سُفْيَان الْكُوفِيّ الحافظ، ثقة، حافظ عابد من كبار التاسعة. روى عن: أبيه، وإِسْمَاعِيل بن أبي خالد، وسُفْيَان الثوري، وشعبة، وطَلْحَة بن يَحْيَى بن طلحة، وخلق. روى عنه: ابناؤه سفيان، ومليح، وعبيد، ومستمليه مُحَمَّد بن أَبَان البلخي، وشيخه سُفْيَان الثوري، وغيرهم. وقَالَ عبد الله بن أحمد، عن أبيه : ما رأيت أوعى للعلم من، وكيع، ولا أحفظ منه. وقَالَ ابن سعد :كان ثقة، مأمونا عالياً ، رفيع القدر، كثير الحديث، حجة. وقَالَ العجلي: كوفي ثقة، عابد صالح أديب، من حفاظ الحديث، وكان يفتي. وقَالَ خليفة، وغيره: مات سنة ست وتسعين. وقَالَ ابن حبان فِي الثقات :كان حافظا متقنا. وقَالَ إسحاق بن راهويه: كَانَ حفظه طبعا، وحفظنا بتكلف([38] ). 3- سُفْيَان ت 161هـ : سُفْيَان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الْكُوفِيّ، ثقة، حافظ فقيه عابد إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، روى عن: أبيه، وأبي إسحاق الشيباني، وأبي السحاق السبيعي، وابن الْمُنْكَدِر، وأبي الزبير، ومُحَمَّد ، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم.روى عنه: خلق لَا يحصون منهم يَحْيَى بن آدَمَ. قَالَ شعبة، وابن عُيَيْنَة، وأبو عاصم، وابن معين، وغير، واحد من العلماء : سُفْيَان أمير المؤمنين فِي الحديث. وقَالَ الدوري: رأيت يَحْيَى بن معين لَا يقدم عَلَى سُفْيَان فِي زمانه أحدا فِي الفقه، والحديث، والزهد، وكل شيء. وقَالَ الآجري، عن أبي دَاوُد : لَيْسَ يختلف فِي سُفْيَان، وشعبة فِي شيء إِلَّا يظفر سفيان. وقَالَ النسائي :هو أجل منإِنَّ يقَالَ فيه ثقة، وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله ممن جعله للمتقين إماما. مات سنة إحدى وستين ومائة([39] ). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح. 9] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان، وهُوَ ابن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن ابن أَبِي رَافِع قَالَ : اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ ، فَصَلَّى بنَا، أبو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ.قَالَ : فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ. فَقَالَ ، أبو هُرَيْرَةَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةَ([40] ). رجال السند : عبد الله بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب ت 220هـ : عبد الله بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب ، الإمام الثبت القدوة شيخ الإسلام، أبو عبد الْمَدَنِيّ ، ثقة، عابد من التاسعة، سمع من: شعبة بن الحَجَّاج، وأسامة بن زيد بن أسلم، وسُلَيْمَان بن بِلَال ، ومَالِك بن أنس، ونافع بن عمر الجمحي، والليث بن سعد، والدَّارَوَرْدِيّ، وغيرهم. وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم. وروى مسلم أيضاً، وأبو عِيسَى الترمذي، وأبو عبد الرَّحْمَن النسائى، حديثه بواسطة. قَالَ أبو زرعة الرازي: ما كتبت، عن أحد أجل فِي عيني منه.وقَالَ أبو حاتم: ثقة، حجة لم أر أخشع منه.وقَالَ يَحْيَى ابن معين : ما رأيت رجلا يحدث لله إِلَّا وكيعا، والقَعْنَبي. مات سنة عشرين ومائتين ([41] ). سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة. ابن أَبِي رَافِع : عبيد الله بن أَبِي رَافِع الْمَدَنِيّ ، مَوْلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثقة، من الثالثة. روى عن: أبيه، وأمه سلمى، وعن عَلِيّ بت أبي طالب، وكان كاتبه، وأبي هُرَيْرَةَ ، وشُقْرَان مَوْلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. وعنه: أولاده إِبْرَاهِيم، وعبد الله، ومُحَمَّد ، والمعتمر، والحسن بن مُحَمَّد بن الحنفية، وعَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ ، وابن المنكدر، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، وآخرون. قَالَ أبو حاتم، والخطيب :ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات ([42] ) الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، ومداره فِي الكتب التسعة عَلَى مُحَمَّد بن عَلِيّ ، واشتهر من طريق جَعْفَر بن مُحَمَّد فرواه عنه : سُلَيْمَان بن بِلَال ، وروايته فِي صحيح مسلم، وسنن أبي دَاوُد. حاتم بن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ. وعنه: قُتَيْبَة بن سعيد، وروايته فِي صحيح مسلم، وسنن الترمذي. وعنه: أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، وروايته عنه فِي صحيح مسلم، وسنن ابن ماجه. عبد الْعَزِيز الدراودري. وعنه: قُتَيْبَة، وروايته فِي صحيح مسلم. وعن مُحَمَّد بن عَلِيّ رواه الحكم. وعنه: شعبة، وروايته فِي مسند أحمد بن حَنْبَل. 10] حَدَّثَنَا قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إسماعيل: ح. وحَدَّثَنَا قُتَيْبَة، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي الداروردي، كِلَاهُمَا، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع قَالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ. بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ : فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وفِي الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ. ورِوَايَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، مِثْلُ حَدِيثِ سُلَيْمَان بن بِلَال ([43] ). رجال السند : 1- قُتَيْبَة بن سعيد : تقدم، وهو ثقة، ثبت 2 - أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ : تقدم، وهو ثقة، حافظ 3- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب 4- عبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ ت 187هـ : عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبيد بن أبي عبيد الداروردي، أبو مُحَمَّد الْمَدَنِيّ ، صدوق من الثامنة. روى عن: إِبْرَاهِيم بن عقبة، وأسامة بن زيد الليثي، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وغيرهم. قَالَ مُصْعَب بن عبد الله الزبيري: كَانَ مَالِك بن أنس يوثق الداروردي. وقَالَ أبو طالب:سئل أحمد بن حنبل، عن عبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ فَقَالَ : كَانَ معروفا بالطلب، وإِذَا حدث من كتابه فهو صحيح، وإِذَا حدث من كتب الناس، وهم، وكان يقرأ من كتبِهِم فيخطىء. وقَالَ أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يَحْيَى بن معين: لَيْسَ بِهِ بأس، وقَالَ أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يَحْيَى بن معين : ثقة، حجة. وقَالَ أبو زرعة : سيء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطيء. وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم : سئل أبي عن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد ، ويوسف ابن الماجشون فَقَالَ : عبد الْعَزِيز محدث، ويوسف شيخ يخطىء. وقَالَ النسائي: عبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ لَيْسَ بالقوي. وقَالَ فِي موضع آخر : لَيْسَ بِهِ بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر.([44] ) الحكم عَلَى سند الحديث : إسناده صحيح، وقد تقدم. 11] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان، يَعْنِي ابن بِلَال ، عن جَعْفَر، وهُوَ بن مُحَمَّد ، عن عَطَاءِ بن أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - تَقُولُ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ والْغَيْمِ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وجْهِهِ، وأَقْبَلَ، وأَدْبَرَ. فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرَّ بِهِ، وذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ : إِنِّي خَشِيتُ أن يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي. ويَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ. ([45] ) رجال السند : عبد الله بن مَسَلَمَة : تقدم، وهو ثقة، عابد. سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة. عطاء بن أبي رباح ت 115 هـ : عطاء بن أبي رباح ، واسمه: أسلم القرشي، مولاهم، أبو مُحَمَّد المكي، ثقة فقيه فاضل من الثالثة. روى عن: ابن عَبَّاس، وابن عمرو، وابن عمر المخزومي، وعقيل بن أبي طالب، وعُمَر بن أبي طالب، وعُمَر بن أبي سَلَمَة ، ورافع بن خديج، وأبي الدرداء، وأبي سعيد الخدري، وأبي هُرَيْرَةَ ، وعائشة، وأم سَلَمَة، وأُمّ هَانِئ ، وغيرهم. روى عنه: ابنه يعقوب، وأبو إسحاق السبيعي، ومُجَاهِد، والزُّهْرِيّ ، وأيوب السختياني، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، وغيرهم. ورواية عطاء، عن عائشة لَا يحتج بِهِا، إلا أَن يقول سمعت. وقَالَ ابن أبي حاتم فِي المراسيل : قَالَ أحمد بن حَنْبَل لم يسمع عطاء من ابن عمر. وقَالَ عَلِيّ بن المديني، وأبو عبد الله : رأى ابن عمر، ولم يسمع منه، ورأى أبا سعيد الخدري يطوف بالبيت، ولم يسمع منه، ولم يسمع من زيد بن خالد، ولا من أم سَلَمَة، ولا من أُمّ هَانِئ ، ولا من أم كرز شيئا. وقَالَ أبو زرعة: لم يسمع عطاء من رافع بن خديج. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ : كَانَ من سادات التابعين فقها، وعلما، وورعا، وفضلا، لم يكن لَهُ فراش إِلَّا المسجد الحرام إلىإِنَّ مات سنة أربع عشرة ومائة. وقد قيل إنه مات سنة خمس عشرة ومائة ([46] ) الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، ومداره فِي الكتب التسعة عَلَى أم المؤمنين عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- فقد رواه عنها : عطاء بن أبي رباح فرواه عنه مُحَمَّد بن عَلِيّ. وعنه: جَعْفَر. وعنه: سُلَيْمَان بن بِلَال ، وروايته فِي صحيح مسلم، ورواه، عن عطاء جُرَيْج. وعنه:بن وهب فِي مسلم، ومُحَمَّد بن ربيعة فِي سنن أبي دَاوُد، ومعاذ بن معاذ فِي سنن ابن ماجه. سُلَيْمَان بن يسار. وعنه: أبي النضر. وعنه: عَمْرُو ابن الحارث. وعنه:بن وهب، ورايته فِي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي دَاوُد، ومسند أحمد بن حَنْبَل. أبو عبد الرَّحْمَن الحبلي. وعنه: حيي بن عبد الله. وعنه: ابن لهيعة، وروايته فِي مسند أحمد بن حنبل. 12] حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، يَعْنِي ابن عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهما-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ([47] )، فَصَامَ النَّاسُ، ثم دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ، فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيَّهِ، ثم شَرِبَ. فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ:إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ. وحَدَّثَنَا ه قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي الدَّارَوَرْدِيّ، عَنْ جَعْفَر بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وزَادَ : فَقِيلَ لَه ُإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ([48] ) رجال السند : مُحَمَّد بن المثني : تقدم، وهو ثقة، ثبت عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد :تقدم، وهو ثقة الحكم عَلَى سند الحديث : هذا الحديث إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، ومداره فِي الكتب التسعة عَلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد ، فقد رواه عنه ابن الهاد. وعنه: الليث بن سعد فِي سنن النسائي، و عبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ. وعنه: قُتَيْبَة بن سعيد، وروايته فِي صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وعبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ. وعنه: مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، وروايته فِي صحيح مسلم. 13] حَدَّثَنَا أبو غَسَّانَ مُحَمَّد بن عَمْرُو، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهما- فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ ، حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْه – فَأَمَرَهَا أن تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ. ([49] ) رجال السند : أبو غسان مُحَمَّد بن عَمْرُو ت 241هـ : مُحَمَّد بن عَمْرُو ابن بكر بن سالم، ويقَالَ مَالِك بن الحُبَاب التميمي العدوي، أبو غسان الرازي الطيالسي، المعروف بزنيج، ثقة، من العاشرة. روى عن: حكام بن سلم، وهَارُون بن المغيرة، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم. روى عنه: مسلم، وأبو دَاوُد، وابن ماجه، وذكره الدارقطني فِي شيوخ البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة، قَالَ ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول ثنا مُحَمَّد بن عَمْرُو زنيج، وكان ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات. قَالَ السراج: مات آخر سنة أربعين أو أول سنة إحدى وأربعين ومائتين ([50] ) جرير بن عبد الحميد ت 188هـ : جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي القاضي، ثقة، صحيح الكتاب من الثامنة، روى عن: عبد الملك بن عمير، وأبي إسحاق الشيباني، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم.وقَالَ العجلي: كوفي ثقة، نزل الري. وقَالَ ابن أبي حاتم: سألت أبي، عن الأحوص، وجرير، فِي حديث حصين فَقَالَ : كَانَ جرير أكيس الرجلين، أحب إِلَيَّ. قلت: يحتج بحديثه. قَالَ: نعم جرير ثقة، وهو أحب إِلَيَّ فِي هشام بن عروة من يونس بن بكير. وقَالَ النسائي: ثقة. وقَالَ ابن حبان فِي الثقات :كان من العباد الخشن ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة([51] ) يَحْيَى بن سعيد ت 141هـ : يَحْيَى بن سعيد بن قيس بن عَمْرُو ابن سَهْل، الأنصاري، ثقة، ثبت من الخامسة، روى عن: أنس بن مَالِك، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصديق، وجَعْفَر بن مُحَمَّد ، وخلق، وغيرهم. روى عنه: الزُّهْرِيّ ، ويزيد بن الهاد، وابن عجلان، ومَالِك، وابن إسحاق، وابن أبي ذنب، والأوزاعي، وغيرهم. قَالَ ابن سعد : كَانَ ثقة، كثير الحديث حجة ثبتا.وقَالَ جرير بن عبد الحميد: لم أر أنبل منه. وقَالَ سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجمحي: ما رأيت أقرب شبِهِا بالزُّهْرِيّ من يَحْيَى بن سعيد، ولولاهما لذهب كثير من السنن. وقَالَ ابن أبي حاتم، عن أبيه : يَحْيَى بن سعيد يوازي الزُّهْرِيّ. وعده الثَّوْرِيّ فِي الحفاظ، وابن عُيَيْنَة فِي محدثي الحجاز الذين يجيئون بالحديث عَلَى وجهه، وابن المديني فِي أصحاب صحة الحديث، وثقاته، ممن لَيْسَ فِي النفس من حديثهم شيء، وابن عَمَّار فِي موازين أصحاب الحديث. وقَالَ العجلي: مدني تابعي ثقة، لَهُ فقه، وكان رجلا صالحا، وكان قاضيا عَلَى الحيرة. وقَالَ النسائي : ثقة، مأمون. وفي موضع آخر : ثقة، ثبت. وقَالَ أحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة : ثقة، مات سنة أربع وأربعين ومائة ([52] ). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، مداره عَلَى جَعْفَر بن مُحَمَّد رواه عنه : - يَحْيَى بن سعيد. وعنه: جرير بن عبد الحميد فِي صحيح مسلم، وسنن النسائي، وسنن الدَّارِمِيّ. ابن الهاد. وعنه: الليث بن سعد فِي سنن النسائي. إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر فِي سنن النسائي. سُفْيَان الثَّوْرِيّ فِي سنن ابن ماجه. 14] حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وإِسْحَقُ بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا، عن حَاتِمٍ، قَالَ أبو بَكْرٍ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، فَسَأَلَ عن الْقَوْمِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي، فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثم نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ ، ثم، وضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ يَا ابن أَخِي ، سَلْ عَمَّا شِئْتَ. فَسَأَلْتُهُ، وهُوَ أَعْمَى، وحَضَرَ وقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ([53] ) مُلْتَحِفًا بِهَا، كُلَّمَا وضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ، رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيَّهِ ؛ مِنْ صِغَرِهَا، ورِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ([54] ) فَصَلَّى بنا. فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عن حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، فَقَالَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ، ثم أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ويَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ ؛ فَوَلَدَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ، مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: اغْتَسِلِي، واسْتَثْفِرِي([55] ) بِثَوْبٍ، وأَحْرِمِي. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الْمَسْجِدِ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ([56] )، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي، بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ، ومَاشٍ ، وعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ومِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، ومَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، عَمِلْنَا بِهِ. فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. وأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، ولَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَلْبِيَتَهُ، قَالَ جَابِر -رَضِيَ اللهُ عَنْه-: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم نَفَذَإِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيم -رَضِيَ اللهُ عَنْه- فَقَرَأَواتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) )([57] ).فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الْبَيْتِ. فَكَانَ أَبِي([58] ) يَقُولُ: ولَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. ثم رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ مِنَ الباب إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ))([59] )، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ، وكَبَّرَهُ، وقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ أَنْجَزَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحْدَهُ. ثم دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةَ ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي ([60] )، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى ، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةَ ، فَقَالَ : لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً. فَقَامَ سُرَاقَةُ بن مَالِك بن جُعْشُمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَصَابِعَهُ، واحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وقَالَ : دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ ، لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ. وقَدِمَ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن بِبُدْنِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَوَجَدَ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- مِمَّنْ حَلَّ، ولَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا([61] )، واكْتَحَلَتْ ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ:إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بهذا. قَالَ : فَكَانَ عَلِيّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ : فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُحَرِّشًا ([62] ) عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ : صَدَقَتْ، صَدَقَتْ. مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ؟ قَالَ: قُلْتُ اللهم إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ : فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ. قَالَ : فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن، والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِائَةً.قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، وقَصَّرُوا، إِلَّا النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَة، تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلَّوا بِالْحَجِّ، ورَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ، والْعَصْرَ، والْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ، والْفَجْرَ ، ثم مَكَثَ قَلِيلًا، حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بنمِرَةَ ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ولَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ واقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهِا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، وقَالَ :إِنَّ دِمَاءَكُمْ ، وأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ ، ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا: دَمُ ابن رَبِيعَةَ بن الْحَارِثِ ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بني سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ. ورِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ : رِبَانَا، رِبَا عَبَّاس بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، ولَكُمْ عَلَيْهِنَّ :أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ؛ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ : رِزْقُهُنَّ، وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، إِنَّ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ : كِتَابُ اللَّهِ، وأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالَوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ.فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ ، ويَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ : اللهم اشْهَدْ، اللهم اشْهَدْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثم أَذَّنَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثم رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتُهُ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، واسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا، حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا ، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ. وأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ ، ودَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ([63] )، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ([64] ) رَحْلِهِ، ويَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ ، السَّكِينَةَ، كُلَّمَا أَتَى حِبْلًا([65] ) مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بِأَذَانٍ واحِدٍ وإِقَامَتَيْنِ وإِقَامَتَيْنِ، ولَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. ثم اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وإِقَامَةٍ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ، وكَبَّرَهُ، وهَلَّلَهُ، ووَحَّدَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا، حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا([66] )، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الْفَضْلَ بن عَبَّاس، وكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ ، أَبْيَضَ وسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ([67] ) يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيَّهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ عَلَى وجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ، عَلَى وجْهِ الْفَضْلِ يَصْرِفُ وجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ([68] ) فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخَرَجَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ([69] )، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ ، فَنَحَرَ ثَلَاثَا وستينَ بِيَدِهِ ، ثم أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثم أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ ، فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا ، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثم رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ ، فَقَالَ : انْزِعُوا بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ ، لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ. وحَدَّثَنَا عُمَر بن حَفْص بن غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْتُ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، فَسَأَلْتُهُ، عن حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وسَاقَ الْحَدِيثَ بنحْوِ حَدِيثِ حَاتِمِ بن إِسْمَاعِيلَ. وزَادَ فِي الْحَدِيثِ : وكَانَتِ الْعَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ، أبو سَيَّارَةَ([70] ) عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ، فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَمْ تَشُكَّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، ويَكُونُ مَنْزِلُهُ، ثم فَأَجَازَ، ولَمْ يَعْرِضْ لَهُ، حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ ([71] ). رجال السند : أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ : تقدم، وهو ثقة، حافظ إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ : ثقة، حافظ حاتم بن إِسْمَاعِيل : صدوق صحيح الكتاب عُمَر بن حَفْص ت 222هـ : عُمَر بن حَفْص بن غِيَاث بن طلق بن معاوية النخعي، أبو حَفْص الْكُوفِيّ، ثقة، ربما، وهم من العاشرة، روى عن: أبيه، وابن إدريس، وأبي بكر بن عَيَّاش، وغيرهم.وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو دَاوُد، والترمذي، والنسائي لَهُ بواسطة، قَالَ أبو حاتم : ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ : ربما أخطأ. وقَالَ العجلي، وأبو زرعة: ثقة. وقَالَ ابن شاهين فِي الثقات : قَالَ أحمد : صدوق. مات سنة اثنتين، وعشرين ومائتين([72] ) حَفْص بن غِيَاث ت 94هـ : حَفْص بن غِيَاث بن طلق بن معاوية بن مَالِك بن الحارث بن ثعلبة النخعي، أبو عمر الْكُوفِيّ، وقاضي بغداد، ثقة، فقيه تغير قليلاً بأخرة من العاشرة. روى عن: جده، وإِسْمَاعِيل بن أبي خالد، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، والأعمش، والثوري، وجَعْفَر الصادق، وغيرهم. وروى عنه: أحمد، وإسحاق، وعَلِيّ ، وابنا أَبِي شَيْبَةَ، وابن معين، وابنه عُمَر بن حَفْص بن غِيَاث، والحسن بن عرفة، وجماعة. وروى عنه: يَحْيَى الْقَطَّان، وقَالَ إسحاق بن منصور، وغيره، عن ابن معين : ثقة. وقَالَ العجلي : ثقة، مأمون فقيه. وقَالَ أبو حاتم : حَفْص أتقن، وأحفظ من أبي خالد الأحمر. وقَالَ الدوري، عن ابن معين : حَفْص أثبت من عبد الواحد بن زياد. وقَالَ النسائي، وابن خراش: ثقة. وقَالَ ابن معين : جميع ما حدث بِهِ ببغداد من حفظه. وقَالَ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحسين البغدادي : قلت لأبي عبد الله: من أثبت عندك شعبة أو حَفْص بن غياث؟ يعني فِي جَعْفَر بن مُحَمَّد ، فَقَالَ : ما منهما إِلَّا ثبت، وحَفْص أكثر رواية، والقليل من شعبة كثير. مات سنة أربع وتسعين ومائة ([73] ) الحكم عَلَى سند الحديث : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، و هَذَا الحديث من أشهر مرويات الإمام جَعْفَر الصادق.وقد رواه عنه خلق فِي جميع كتب السنة، يسمى بالحديث الكبير، وقد رواه معظم أئمة الحديث بتمامه، ومقطعاً، ومختصراً، ومدار هَذَا الحديث الصحابي الجليل جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الأنصاري، رواه عنه جماعة، واشتهر من أكثر من طريق، فاشتهر من طريق عطاء بن أبي رباح، رواه عنه : الأوزاعي فِي صحيح البخاري، وسنن النسائي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجه، وأبو شهاب فِي صحيح البخاري، وحبيب المعلم فِي صحيح البخاري، وسنن أبي دَاوُد، ومسند أحمد بن حَنْبَل، وعبد الملك بن أبي سُلَيْمَان فِي صحيح مسلم، وسنن النسائي، ومسند أحمد بن حَنْبَل، وموسى بن نافع فِي صحيح مسلم، وأبو بشر فِي صحيح مسلم، وابن جُرَيْج فِي سنن النسائي، ومسند أحمد بن حنبل. واشتهر من طريق أبي الزبير فرواه عنه :ابن جُرَيْج فِي صحيح مسلم، وسنن النسائي، وسنن الترمذي، ومسند أحمد بن حَنْبَل، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي سنن النسائي، وسنن الترمذي، وسنن، أبو دَاوُد، وسنن الدَّارِمِيّ، ومسند أحمد بن حَنْبَل، والليث بن سعد فِي سنن النسائي، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ فِي سنن النسائي، وسنن ابن ماجه، ومسند أحمد بن حَنْبَل، ورباح المكي فِي مسند أحمد بن حَنْبَل، وأيوب فِي سنن النسائي. واشتهر من طريق جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وهو أشهرهم فرواه عنه : حَفْص بن غِيَاث فِي صحيح مسلم، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي صحيح مسلم، وسنن النسائي، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجه، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ فِي سنن النسائي، وسنن الترمذي، ومَالِك بن أنس فِي سنن النسائي، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجه، وموطأ مَالِك، وزيد بن الحسن الْأَنْمَاطِيّ فِي سنن الترمذي، ويَحْيَى بن سعيد فِي سنن النسائي، وسنن أبي دَاوُد، ومسند أحمد بن حَنْبَل، وحاتم بن إِسْمَاعِيل فِي سنن النسائي، وسنن أبي دَاوُد، وسنن ابن ماجه، وابن جريج، وابن الهاد، وإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر فِي سنن النسائي، وسُلَيْمَان بن بِلَال، وعبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ فِي سنن أبي دَاوُد، وعبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ فِي سنن ابن ماجه. وقد رواه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أيضاً مُجَاهِد. وعنه: أيوب فِي صحيح مسلم. 15] حَدَّثَنَا عُمَر بن حَفْص بن غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عن جَعْفَر : حَدَّثَنِي أَبِي، عن جَابِر فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ : نَحَرْتُ هَا هُنَا، ومِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ ، ووَقَفْتُ هَا هُنَا ، وعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ، ووَقَفْتُ هَا هُنَا ، وجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ. ([74] ) رجال السند : عُمَر بن حَفْص بن غِيَاث : تقدم، وهو ثقة حَفْص بن غِيَاث : تقدم، وهو ثقة، فقيه من الثامنة. الحكم عَلَى سند الحديث : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وهو نفس مخَرَج الحديث السابق. 16] حَدَّثَنَا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بن آدَمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهما- إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَتَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ، ثم مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ([75] ) ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا.([76] ) رجال السند : إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ : وهو ابن راهويه، تقدم، وهو ثقة، حافظ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : تقدم، وهو ثقة، حافظ الحكم عَلَى السند : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وهو نفس تخريج الحديث السابق. 17] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب ، حَدَّثَنَا مَالِك: ح، وحَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى، واللَّفْظُ لَهُ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهما- أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ. ([77] ) رجال السند : عبد الله بن مَسَلَمَة : تقدم، وهو ثقة. مَالِك بن أنس ت 179هـ : مَالِك بن أنس بن مَالِك بن أبي عامر بن عَمْرُو ابن الحارث بن عُثْمَان بن جثيل بن عَمْرُو ابن الحارث -وهو ذو أصبح - الأصبحي الحميري، أبو عبد الله الْمَدَنِيّ ، الفقيه أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، من السابعة. روى عن: خلق منهم: جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق. قَالَ مُحَمَّد بن إسحاق الثَّقَفِيَّ : سئل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البخاري، عن أصح الأسانيد، فَقَالَ : مَالِك، عن نافع، عن ابن عمر. وقَالَ عَلِيّ بن المديني، عن ابن عيينة: ما كَانَ أشد انتقاد مَالِك للرجال، وأعلمه بشأنهم. وقَالَ علي، عن بشر بن عمر الزهراني: سألت مَالِكا، عن رجل. فَقَالَ :رأيته فِي كتبي ؟ قلت: لَا قَالَ. لو كَانَ ثقة، لرأيته فِي كتبي. قَالَ علي: لَا أعلم مَالِكا ترك إنسانا إِلَّا إنسانا فِي حديثه شيء. وقَالَ الدوري، عن ابن معين :كل من روى عنه مَالِك فهو ثقة، إِلَّا عبد الكريم. وقَالَ النسائي: ما عندي بعد التابعين أنبل من مَالِك، ولا أجل منه، ولا أوثق، ولا آمن عَلَى الحديث منه، ولا أقل رواية، عن الضعفاء، ما علمناه حدث عن متروك، إِلَّا عبد الكريم. وقَالَ ابن حبان فِي الثقات: كَانَ مَالِك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن لَيْسَ بثقة فِي الحديث، ولم يكن يروي إِلَّا ما صح، ولا يحدث إلا، عن ثقة، ([78] ) يَحْيَى بن يَحْيَى 226هـ : يَحْيَى بن يَحْيَى بن بكير بن عبد الرَّحْمَن بن يَحْيَى بن حماد التميمي الحنظلي، أبو زَكَرِيَّا النيسابوري، ثقة، ثبت إمام من العشرة. روى عن: مَالِك، وسُلَيْمَان بن بِلَال، وغيرهما. وعنه: البخاري، ومسلم، وروى الترمذي، عن مسلم عنه، وغيرهم. قَالَ صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه : ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثله. وقَالَ عبد الله بن أحمد، عن أبيه: كَانَ ثقة. وقَالَ النسائي : ثقة، ثبت. وقَالَ مرة أخرى :ثقة مأمون. وذكره ابن حبان فِي الثقات ([79] ) الحكم عَلَى السند : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وهو نفس مخَرَج الحديث السابق. 15 ] حَدَّثَنِي ، أبو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وهب، أَخْبَرَنِي مَالِك، وَابن جُرَيْج، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عَنْ أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ الثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر ([80] ) رجال السند : أبو الطاهر ت 255هـ : أحمد بن عَمْرُو بن عبد الله بن عَمْرُو ابن السرح الأموي، مولاهم، المصري، ثقة، من كبار العاشرة. روى عن: ابن وهب فأكثر ، والشافعي، والوليد بن مسلم، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم. روى عنه: :مسلم، والنسائي. قَالَ ابن يونس :كان فقيها من الصالحين الأثبات. وقَالَ النسائي : ثقة، ([81] ) عبد الله بن وهب ت 197هـ : عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم، أبو مُحَمَّد المصري الفقيه، ثقة، حافظ عابد من التاسعة. روى عن: مَالِك، وسُلَيْمَان بن بِلَال ، ويونس بن يزيد، وغيرهم. وروى عنه: ابن أخيه أحمد بن عبد الرَّحْمَن ابن وهب، والليث بن سعد شيخه، وعبد الرَّحْمَن ابن مهدي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، قَالَ ابن أبي خيثمة، عن ابن معين : ثقة. وقَالَ ابن أبي حاتم، عن أبيه : صالح الحديث صدوق، أحب إِلَيَّ من الوليد بن مسلم، وأصح حديثا منه بكثير. وقَالَ العجلي: مصري ثقة، صاحب سنة، رجل صالح صاحب آثار. وقَالَ النسائي : كَانَ يتساهل فِي الأخذ، ولا بأس بِهِ. وقَالَ الساجي: صدوق ثقة. وقَالَ الخليلي: ثقة، متفق عليه ([82] ) ابن جُرَيْج ت 150 هـ : عبد الملك بن عبد الْعَزِيز بن جُرَيْج الأموي، مولاهم، أبو الوليد، وأبو خالد المكي، ثقة، فقيه فاضل من السادسة، روى عن: يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد، وأيوب السختياني، وجَعْفَر الصادق، وغيرهم.. وعنه: ابناه عبد الْعَزِيز، ومُحَمَّد ، والأوزاعي، والليث، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وهو من شيوخه، وابن وهب، وغيرهم. قَالَ عبد الله بن أحمد قلت لأبي: من أول من صنف الكتب؟ قَالَ: ابن جُرَيْج، وابن أبي عروبة. وقَالَ ابن أبي مريم، عن ابن معين : ثقة، فِي كل ما روى عنه من الكتاب. وقَالَ جَعْفَر بن عبد الواحد، عن يَحْيَى بن سعيد: كَانَ ابن جُرَيْج صدوقا، فإِذَا قَالَ : حَدَّثَنِي فهو سماع، وإِذَا قَالَ : أخبرني فهو قراءة، وإِذَا قَالَ: قَالَ فهو شبه الريح. وقَالَ الدارقطني: تجنب تدليس ابن جُرَيْج، فإنه قبيح التدليس، لَا يدلس إِلَّا فيما سمعه من مجروح، مثل إِبْرَاهِيم بن أبي يَحْيَى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما، وأما ابن عُيَيْنَة، فكان يدلس، عن الثقات. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: كَانَ من فقهاء أهل الحجاز، وقرائهم، ومتقنيهم، وكان يدلس. وقَالَ العجلي: مكي ثقة. وقَالَ الشافعي : استمتع ابن جُرَيْج بسبعين امرأة. وقَالَ أبو عاصم :كان من العباد، وكان يصوم الدهر، إِلَّا ثَلَاثَة أيام من الشهر. ([83] ) الحكم عَلَى السند : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وهو نفس مخَرَج الحديث السابق. 16] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان، يعني ابن بِلَال، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ بن هُرْمُز، أن نَجْدَةَ ([84] )كَتَبَ إِلَى ابن عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خَمْسِ خِلَالٍ، فَقَالَ ابن عباس: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيَّهِ. كَتَبَ إِلَيَّهِ نَجْدَةُ : أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي : هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟، وهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟، ومَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم ؟، وعَنِ الْخُمْسِ : لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابن عَبَّاس :كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟، وقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي :مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم ؟ فَلَعَمْرِي، إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ، ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ اليتم، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي، عن :الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟، وإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ.([85] ) رجال السند: 1- عبد الله بن مسلم بن قَعْنَب : تقدم، وهو ثقة، عابد. 2- سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة. 3- يزيد بن هُرْمُز : يزيد بن هُرْمُز الْمَدَنِيّ، أبو عبد الله، ثقة، من الثالثة، كَانَ رأس الموالي يوم الحرة. روى عن: أَبَان بن عُثْمَان بن عفان، وعبد الله بن عَبَّاس، وأبي هُرَيْرَةَ ، وغيرهم. روى عنه: الحارث بن عبد الرَّحْمَن ابن أبي ذباب، وسعيد المقبري، وعَمْرُو ابن دينار، وقيس بن سعد المكي، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، ومُحَمَّد بن مسلم بن شهاب الزُّهْرِيّ ، وغيرهم.قَالَ عَبَّاس الدوري، عن يَحْيَى ابن معين، وأبو زرعة : ثقة. وقَالَ مُحَمَّد بن إسحاق، عن الزُّهْرِيّ : حَدَّثَنِي يزيد بن هُرْمُز، وكان من الثقات. ذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، و روى لَهُ مسلم، وأبو دَاوُد، والترمذي، والنسائي([86] ). الحكم عَلَى السند : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، ومداره فِي الكتب التسعة عَلَى يزيد بن هُرْمُز فرواه عنه : مُحَمَّد بن عَلِيّ. وعنه: مُحَمَّد بن إسحاق فِي سنن النسائي، وسنن أبي دَاوُد. وعنه: أيضاً جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق. وعنه: مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني فِي مسند أحمد، حاتم بن إِسْمَاعِيل فِي صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسُلَيْمَان بن بِلَال فِي صحيح مسلم. ورواه عنه يزيد سعيد المقبري. وعنه: إِسْمَاعِيل بن أمية. وعنه: سُفْيَان سُفْيَان فِي صحيح مسلم. وعنه قيس بن سعد. وعنه: جرير بن حازم. وعنه: وهب بن جرير فِي صحيح مسلم، ومسند أحمد بن حَنْبَل، وسنن الدَّارِمِيّ. وعنه الزُّهْرِيّ. وعنه: يونس بن يزيد فِي سنن النسائي، وأبي دَاوُد، ومسند أحمد بن حَنْبَل. وعن الزُّهْرِيّ أيضاً مُحَمَّد بن إسحاق فِي سنن النسائي، وأبي دَاوُد. وعن يزيد المختار بن صيفي. وعنه: الأعمش فِي صحيح مسلم، وسنن أبي دَاوُد. وعنه سعيد بن أبي سعيد المقبري. وعنه: إِسْمَاعِيل بن أمية فِي مسند أحمد بن حَنْبَل. وقد تابع ابن عَبَّاس يزيد فرواه، عن ابن عَبَّاس عطاء. وعنه: الحَجَّاج فِي مسند أحمد بن حَنْبَل. 17] حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا، عن حَاتِمِ بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ بن هُرْمُزَ:أن نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابن عباس، يَسْأَلُهُ، عن خِلَالٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَان بن بِلَال، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَاتِمٍ :وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، إلا أَن تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ. وزَادَ إسحاق فِي حديثه عن حَاتِمٍ : وتُمَيِّزَ الْمُؤْمِنَ، فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ، وتَدَعَ الْمُؤْمِنَ.([87] ) رجال السند: 1 - أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- إسحاق بن إبراهيم: تقدم، وهو الحافظ ابن راهويه، ثقة، حافظ مجتهد. 3- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. 5- يزيد بن هُرْمُز : تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى السند: إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وهو نفس الحديث السابق مَعَ بعض اختلافات الرواة. 17] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان، يعني ابن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَة، والنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ([88] ) فَتَنَاوَلَهُ، فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثم قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ فَقَالَوا : مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، ومَا نَصْنَعُ بِهِ.قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ قَالَوا: واللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وهُوَ مَيِّتٌ. فَقَالَ : فَوَ اللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ. حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، يَعْنِيَانِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ الثَّقَفِيَّ : فَلَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ هَذَا السَّكَكُ بِهِ عَيْبًا ([89] ) رجال السند: عبد الله بن مَسَلَمَة بن قَعْنَب : تقدم، وهو ثقة. سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة. مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى : تقدم، وهو ثقة، ثبت. إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرعرة: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرعرة بن البرند بن النعمان بن علجة بن الاقفع بن كزمان بن الحارث بن حارثة بن مَالِك بن سعد بن عبيدة بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب القرشي السامي، أبو إسحاق البصري، نزيل بغداد. روى عن: خلق منهم: عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ ، وقد قَالَ ابن أبي حاتم الرازي فِي كتاب " الجرح والتعديل" : سئل أبي عن إِبْرَاهِيم بن أبي عرعرة فَقَالَ : صدوق. ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن حُجْر فِي تقريب التهذيب : ثقة، حافظ، تكلم فيه أحمد في بعض سماعه، من العاشرة، توفي سنة إحدى وثَلَاثَين ومائتين([90] ). الحكم عَلَى السند : إسناده صحيح، وجميع رواته ثقات، وقد اشهر من طريق جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق فرواه عنه سُلَيْمَان بن بِلَال فِي صحيح مسلم، وسنن أبي دَاوُد، ورواه عنه، وهيب فِي مسند أحمد بن حَنْبَل. ________________________________________ [1] - انظر ترجمته : تهذيب الكمال للمزي ج27، ص499- سير أعلام النبلاء ج12، ص577. [2] - هو الحسن بن مُحَمَّد بن الحنفية، الإمام، أبو مُحَمَّد الهاشمي حدث عن أبيه، وابن عباس، وجَابِر، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد الخدري، وعدة. روى عنه: الزُّهْرِيّ، وعمرو بن دينار، وموسى بن عبيدة، وعدة.وكان من علماء أهل البيت، وناهيكإِنَّ عمرو بن دينار يقول: ما رأيت أحدا أعلم بِمَا اختلف فيه الناس من الحسن بن مُحَمَّد.ما كَانَ زهريكم إِلَّا غلاما من غلمانه.قَالَ خليفة بن خياط : مات سنة مئة أو فِي التي قبلها.سير أعلام النبلاء ج4، ص130. [3] - أخرجه مسلم فِي كتاب الحيض - باب استحباب إفاضة الماء عَلَى الرأس وغيره ثَلَاثَاً ج1، ص178. ، وأخرجه الإمام البخاري فِي صحيحه كتاب الغسل باب الغسل بالصاع، ونحوه[ ج1-ص55] من حديث عبد الله بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، عن أبي إسحاق، حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الغسل، باب من أفاض عَلَى رأسه ثَلَاثَ من حديث مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا غندر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول بن راشد، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ. ومن حديث أبي نعيم، حَدَّثَنَا معُمَر بن يَحْيَى بن سام حَدَّثَنِي ، أبو جَعْفَر[ج1-ص56]. ، وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الطهارة باب ذكر القدر الَّذِي يكتفي بِهِ الرجل من الماء للغسل من حديث قُتَيْبَة بن سعيد، حَدَّثَنَا الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي جَعْفَر ج1، ص127. و فِي كتاب الغسل، والتيمم، باب ما يكفي الجنب من إفاضة الماء عليه من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، عن شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَر ج1، ص207. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الطهارة، وسننها باب فِي الغسل من الجنابة.من حديث أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غياث، عن جَعْفَر ، ج1، ص191 وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص319. وأخرجه أيضاً من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج3، ص289. ومن حديث هشيم أَخْبَرَنَا يزيد بن أبي زياد، عن سالم، عن أبي الجعد، عن جَابِر ج3، ص303. ومن حديث هشيم، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جَابِر ج3، ص304. ومن حديث عبد الملك بن عمروحَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله بن مقسم ج3، ص292. ومن حديث سعيد بن عامر أَخْبَرَنَا شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَرج3، ص370. ومن حديث إبراهيم، حَدَّثَنَا رباح، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن مقسم ج3، ص378. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر ج3، ص379. [4] - انظر ترجمته، الثقات لابن حبان ج9، ص110، تهذيب التهذيب ج9 ص378، سير أعلام النبلاء ج12 ص123. [5] - انظر ترجمته : الثقات لابن حبان ج7 ص132، سير أعلام النبلاء ج9 ص237، الطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص289. [6] - انظر ترجمته : الثقات لابن حبان ج 5، ص348، تهذيب التهذيب ج 9 ص310- سير أعلام النبلاء ج4، ص401. [7] - انظر ترجمته : الثقات لابن حبان ج3، ص51- سير أعلام البنلاء، ج3، ص189- أَسَد الغابة ج1، ص256. [8] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الصلاة - باب النهي، عن قراءة الْقُرْآن فِي الركوع، والسجود، ج2، ص49، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الصلاة، باب النهي، عن قراءة الْقُرْآن فِي الركوع، والسجود من طريق الوليد بن كثير، ومن طريق مُحَمَّد بن جَعْفَر، ومن طريق يونس، عن ابن شهاب ج2، ص49. ، وأخرجه الترمذي فِي سننه، كتاب الصلاة، باب ما جاء فِي النهي، عن القراءة فِي الركوع، والسجود من طريق مَالِك، عن نافع ج1، ص165. وفي كتاب اللباس، باب ما جاء فِي كراهية خاتم الذهب من طريق معمر، عن الزُّهْرِيّ ج3، ص139. وأخرجه النسائي فِي سننه، كتاب التطبيق، باب النهي، عن القراءة فِي الركوع من طريق حماد بن معدة ج2، ص187. ومن طريق يَحْيَى بن سعيد ج2، ص188. ومن طريق ابن أبي فديكج2، ص188. ومن طريق الليث بن سعد ج2، ص189.ومن طريق مَالِك، عن نافع ج2، ص189، وفي نفس الكتاب باب النهي، عن القراءة فِي السجود من طريق داود بن قيس ج2، ص217. ، ومن طريق ابن وهبج2، ص217. وفي كتاب الزينة، باب خاتم الذهب من طريق داود بن قيس، ومن طريق ابن أبي فديك، و من طريق نافع بن يزيد، ومن طريق خالد بن الحارث، ومن طريق زيد بن واقد ، ومن طريق عبيد الله، عن نافع، ومن طريق أيوب، عن نافع، ومن طريق عمرو بن سعيد الفدكي، ومن طريق الليث بن سعيد، عن نافع، ومن طريق حماد بن مسعدة، عن أشعث ج8، ص 167.وفي نفس الكتاب باب النهي، عن لبس خاتم الذهب من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، ومن طريق مَالِك، عن نافع، ومن طريق يَحْيَى، عن عمرو بن سعد الفدكي، ومن طريق يَحْيَى بن أبي كثير، ومن طريق يَحْيَى، عن خالد بن معدان ج8، ص191. وأخرجه، أبو داود فِي سننه، كتاب اللباس، باب من كرهه[لبس الحرير] من طريق مَالِك، عن نافع المجلد الثاني ص258. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه، كتاب اللباس، باب كراهية المعصفر للرجال من طريق، وكيع، عن أسامة بن زيد ج2، ص1191. وأخرجه أحمد بن حَنْبَل فِي مسنده، مسند العشرة، مسند عَلِيّ بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْه- من طريق موسى بن سالم، ومن طريق ابن إسحاق، ومن طريق الزُّهْرِيّ ، ومن طريق عبد الرَّحْمَن ابن إسحاق ج1، ص80-138. وأخرجه مَالِك فِي موطأه، كتاب النداء للصلاة، باب العمل فِي القراءة من طريق نافع ج1، ص93- حديث رقم 28. [9] - انظر ترجمته – تهذيب التهذيب ج8، ص321- سير أعلام النبلاء ج11، ص13. [10] - انظر ترجمته – سير أعلام النبلاء ج8، ص518.- الثقات لابن حبان ج8، ص210-تقريب التهذيب ج1 ص 168. [11] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج5، ص350 – تهذيب التهذيب ج9 ص417 – سير أعلام النبلاء ج5، ص353. [12] - انظر :الثقات لابن حبان ج5، ص8- تهذيب الكمال ج14، ص439.سير أعلام النبلاء ج4، ص604. [13] - أبو مسلم عبيدة بن عمرو السلماني سمع علياً، وعمر. روى عنه: إِبْرَاهِيمَ التخعي، وابن سيرين، كوفي تابعي ثقة، جاهلي أسلم قبل وفاة النَّبِيّ r بسنتين، ولم يره، وثقه ابن معين، وعده عَلِيّ بن المديني فِي الفقهاء من أصحاب ابن مسعود، وقَالَ أصح الأسانيد مُحَمَّد بن سيرين، عن عبيدة، عن عَلِيّ – انظر ترجمته : تهذيب التهذيب ج7، ص78. [14] - أي: المخالفة بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عاتقيه، انظر صحيح مسلم بشرح النووي، بيروت: دار الكتاب العربي، ج6، ص53. [15] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب صلاة المسافرين، وقصرها – باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثمان ركعات، وأوسطها أربع ركعات أو ست، والحث عَلَيْهَا ج2، ص158 ، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الحيض من طريق يحي بن يَحْيَى ، ومن طريق مُحَمَّد بن رمح بن المهاجر ج1، ص182. وأخرجه الإمام البخاري فِي صحيحه فِي كتاب الغسل – باب التستر فِي الغسل عِنْدَ الناس - من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن مَالِك ج1، ص60، وفي كتاب الصلاة – باب الصلاة فِي الثوب الواحد ملتحفاً بِهِ - من طريق إسماعيل بن أبي أويس ج1، ص74. وفي كتاب الجمعة – باب صلاة الضحى فِي السفر من طريق آدَمَ، حَدَّثَنَا شعبة، حَدَّثَنَا عمرو بن مرة ج1، ص212.وكتاب الجزية، والموادعة – باب أمان النساء، وجوارهن من طريق عبد الله بن يوسف أَخْبَرَنَا مَالِك ج2، ص225. وكتاب المغازي- باب منزلة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوم الفتح من طريق أبي الوليد، حَدَّثَنَا شعبة ج3، ص70. وكتاب الأدب – باب ما جاء فِي زعموا من حديث عبد الله بن مسلمة، عن مَالِك ج4، ص84. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الصلاة- باب ما جاء فِي صلاة الضحى من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ج1، ص295. ، وفي كتاب الاستئذان، والآداب – باب ما جاء فِي مرحبا من طريق إسحاق بن موسى الأنصاري ج4، ص175. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الطهارة- باب ذكر الاستتار عِنْدَ الاغتسال من طريق يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج1، ص126. وفي كتاب الغسل، والتيمم من طريق مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُحَمَّد ج1، ص202. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة – باب صلاة الضحى من طريق أحمد بن صالح، وحَفْص بن عمر المجلد الأول ص291. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الطهارة، وسننها- باب المنديل بعد الوضوء، وبعد الغسل من طريق مُحَمَّد بن رمح، عن الليث بن سعد ج1، ص158. ، وفي كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها-باب ما جاء فِي الاستتار عِنْدَ الغسل ج1، ص201. وأخرجه الإمام أحمد بن حَنْبَل فِي مسنده – باقي مسند الأنصار ج6، ص341 ، وفي مسند القبائل ج6، ص423. وأخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الصلاة – باب صلاة الضحى من طريق يَحْيَى، عن مَالِك، ومن طريق مَالِك، عن أبي النضر ج1، ص146. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب الصلاة – باب فِي صلاة الضحى من طريق، أبو الوليد الطيالسي ج1، ص338. ، ومن طريق عبيد الله بن عبد المجيد ج1، ص339. [16] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص203- تهذيب التهذيب ج2، ص183- تذكرة الحفاظ للذهبي ج2، ص138- سير أعلام النبلاء ج12، ص301. [17] - انظر ترجمته سير أعلام النبلاء ج10، ص626 - ثقات ابن حبان ج9، ص182. [18] - انظر ترجمته ثقات ابن حبان ج7، ص560-تهذيب التهذيب ج11، ص149-تهذيب الكمال ج31، ص164. [19] - انظر ترجمته ثقات ابن حبان ج5، ص561-تهذيب التهذيب ج11، ص328-تهذيب الكمال ج32، ص272. [20] - انظر ترجمتها : سير أعلام النبلاء ج2، ص311- الطبقات الكبرى لابن سعد ج8، ص151-أَسَد الغابة ج5، ص513. [21] - قوله نريح نواضحنا هو جمع ناضح، وهو البعير الَّذِي يستقي بِهِ سمى بذلك لأنه ينضح الماء أي يصبِهِ، ومعنى نريح أي نريحها من العمل، وتعب السقي فنخليها منه، وأشار القاضي إِلَى أنه يجوز أن يكون أراد الرواح للرعي، صحيح مسلم بشرح النووي (ج 6 / ص 149) [22] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب صلاة الجمعة حِينَ تزول الشمس ج3، ص8، و أيضاً فِي كتاب الجمعة من طريق القاسم بن زكريا ج3، ص8، 9. ، وأخرجه الإمام النسائي فِي سننه كتاب الجمعة – باب التبكير إِلَى الجمعة من طريق هَارُون بن عبد الله ج1، ص527. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص331.و أخرجه أيضاً من حديث يَحْيَى بن آدَمَ ، وأبي أحمد، حَدَّثَنَا عبد الحميد بن يزيد الأنصاري حَدَّثَنِي عقبة بن عبد الرَّحْمَن ابن جَابِر، عن جَابِر ج3، ص331. ومن حديث مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه ج3، ص331. [23] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج8، ص358- سير أعلام النبلاء ج11، ص123. [24] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص115-سير أعلام النبلاء ج11، ص358-تهذيب الكمال ج2، 373، تقريب التهذيب ج1، ص78. [25] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص253-تهذيب التهذيب ج11، ص154-سير أعلام النبلاء ج9، ص522. [26] - انظر ترجمته:ثقات ابن حبان ج6، ص169-تهذيب التهذيب ج2، ص270. [27] - أخرجه الإمام مسلم - كتاب الجمعة – باب صلاة الجمعة حِينَ تزول الشمس ج3، ص9، تخريج الحديث السابق. [28] - انظر ترجمته :ثقات ابن حبان ج9، ص19- تهذيب الكمال ج23، ص351. [29] - انظر : ثقات ابن حبان ج8، ص224-تهذيب التهذيب ج3، ص95-سير أعلام النبلاء ج10، ص217. [30] - انظر: ثقات ابن حبان ج8، ص364- تهذيب التهذيب ج5، ص258 – سير أعلام النبلاء ج12، ص224. [31] - انظر : ثقات ابن حبان ج9، ص254- تهذيب التهذيب ج11، ص173- سير أعلام النبلاء ج10، ص127. [32] - انظر :ثقات ابن حبان ج6، ص388- تهذيب التهذيب ج4، ص154- سير أعلام النبلاء ج7، ص424. [33] [33] - قَالَ أهل اللغة الضياع بفتح الضاد العيال قَالَ ابن قُتَيْبَة أصله مصدر ضاع يضيع ضياعا المراد من ترك أطفالا، وعيالا ذوي ضياع فأوقع المصدر موضع الاسم- صحيح مسلم بشرح النووي (ج 6 / ص 155) [34] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11، وأخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188 أخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، و من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر م2ص27 و أخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319 ، ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. وأخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. [35] [35] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11، تخريج الحديث السابق [36] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج8، ص401- سير أعلام النبلاء ج12، ص235- تهذيب الكمال ج18، ص524- تهذيب التهذيب ج6، ص404. [37] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11، تخريج الحديث السابق [38] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج7، ص561- تهذيب التهذيب ج11، ص109- تقريب التهذيب ج2، ص283. [39] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج6، ص401- تهذيب التهذيب ج4، ص99- سير أعلام النبلاء ج7، ص229. [40] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15. و أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الجمعة من طريق قُتَيْبَة بن سعيد. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة- باب ما يقرأ بِهِ فِي الجمعة من طريق القعنبي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال ، عن جَعْفَر، عن أبيه ج1، ص251. و أخرجه ابن ماجه فِي سننه- كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها- باب ما جاء فِي القراءة فِي الصلاة يوم الجمعة ج1، ص355 وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص430. وأخرجه أيضاٌ فِي باقي مسند المكثرين من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، وبِهِز، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج2، ص467. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب الصلاة – باب ما يقرأ فِي الجمعة، م1، ص225. [41] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج8، ص353- سير أعلام النبلاءج10، ص257. [42] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج5، ص68-تهذيب التهذيب ج7، ص10. [43] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15، تخريج الحديث السابق [44] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص116-تهذيب التهذيب ج6، ص315-سير أعلام النبلاء ج8، ص366. [45] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب صلاة الاستسقاء – باب التعوذ عِنْدَ رؤية الريح، والغيم، والفرح بالمطر ج3، ص26، و فِي كتاب صلاة الاستسقاء من طريق، أبو الطاهر ج3، ص26، ومن طريق هَارُون بن معروف ج3، ص26. وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب تفسير الْقُرْآن – سورة الأحقاف من حديث أحمد بن عِيسَى، حَدَّثَنَا بن وهب أَخْبَرَنَا عمرو أن أبا النضر حدثه، عن سُلَيْمَان بن يسار، عن عائشة ج3، ص209. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب تفسير القرآن- سورة الأحقاف - من طريق عبد الرَّحْمَن ابن الأسود، أبو عمرو البصري ج5، ص58. ، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الأدب – باب ما يقول إِذَا هاجت الريح من طريق أحمد بن صالح، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب ج2، ص932. ، وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الدعاء- باب ما يدعو بِهِ الرجل إِذَا رأى السحاب، والمطر - من طريق أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا معاذ بن معاذ، عن بن جريج، عن عطاء، عن عائشة ج2، ص1281. وأخرجه الإمام أحمد بن حَنْبَل فِي مسنده – باقي مسند الأنصار من طريق هَارُون بن معروف، ومن طريق حسن، عن أبي لهيعة ج6، ص66. [46] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج5، ص199- تهذيب التهذيب ج7، ص179- سير أعلام النبلاء ج5، ص79. [47] - كراع الغميم وهو بفتح الغين المعجمة وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال يضاف إِلَيَّه هَذَا الكراع وهو جبل أسود متصل بِهِ والكراع كل أنف سال من جبل أو حرة. صحيح مسلم بشرح النووي (ج 7 / ص 230). [48] - أخرجه الإمام مسلم – كتاب الصيام – باب جواز الصوم، والفطر فِي شهر رمضان للمسافر فِي غير معصية إِذَا كَانَ سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر ج3، ص141. ، وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الصوم من طريق قُتَيْبَة ج2، ص107. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الصوم من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ج2، ص101. [49] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب إحرام النفساء، واستحباب اغتسالها للإحرام، وكذا الحائض ج4، ص27، و أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب الاغتسال من النفاس، ج1، ص122، وًفِي كتاب الطهارة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث عمرو ابن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد حَدَّثَنَا جَعْفَر ج1، ص154، وفي كتاب الحيض، والاستحاضة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث مُحَمَّد بن قدامة، حَدَّثَنَا جرير، عن يَحْيَى بن سعيد عن جَعْفَر ج1، ص195، وفي كتاب مناسك الحج – إهلال النفساء من حديث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب أنبأنا الليث، عن ابن الهاد عن جَعْفَر، ومن حديث عَلِيّ بن حجر أنبأنا إسماعيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر ج5، ص164. أخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب المناسك – باب صفة حجة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - م1، ص428. أخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض تهل بالحج، ج2، ص972. أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 و أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض إِذَا أرادتا الحج، ج2، ص33. [50] - انظر : ثقات ابن حبان ج9، ص113، تهذيب التهذيب ج9، ص328، تهذيب الكمال ج26، ص199. [51] - انظر : ثقات ابن حبان ج6، ص145- تهذيب التهذيب ج2، ص65- سير أعلام النبلاء ج9، ص9. [52] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج5، ص521- تهذيب التهذيب ج11، ص194- سير أعلام النبلاءج5، ص468. [53] - ثوب ملفق. صحيح مسلم بشرح النووي ج8، ص171. [54] - هو بميم مكسورة، ثم شين معجمة ساكنة، ثم جيم، ثم باء موحدة، وهو اسم لأعواد يوضع عَلَيْهَا الثياب، ومتاع البيت، صحيح مسلم بشرح النووي ج8، ص171. [55] - الاستثفار هو أن تشد فِي، وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها عَلَى محل الدم، وتشد طرفيها من قدامها، ومن، ورائها فِي ذَلِكَ المشدود فِي، وسطها، المرجع السابق ج8، ص172. [56] - اسم لناقة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - و القصواء التي قطع طرف أذنها، المرجع السابق، ج8، ص173. [57] -البقرة/125 [58] - يقصد مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين. قَالَ جَعْفَر، ولا أعلم أبي ذكر تلك القراءة، عن قراءة جَابِر فِي صلاة جَابِر بل، عن جَابِر، عن قراءة النبي، المرجع السابق، ج8، ص176. [59] [59] - البقرة/158 [60] - هكذا هو فِي النسخ، وكذا نقله القاضي عياض، عن جميع النسخ قَالَ وفيه إسقاط لفظة لَا بد منها، وهي حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنَ الْوَادِي، ولا بد منها، وقد ثبتت هذه اللفظة فِي غير رواية مسلم، وكذا ذكرها الحميدى فِي الجمع بين الصحيحين، وفي الموطأ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سعى حَتَّى خَرَجَ منه، وهو بمعنى رَمَلَ هَذَا كلام القاضي، وقد، وقع فِي بعض نسخ صحيح مسلم حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سعى كَمَا، وقع فِي الموطأ، وغيره صحيح مسلم بشرح النووي م- (ج 8 / ص 178) [61] - لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً أَي مَصْبوغة غير بيض، وهي فَعِيل بمعنى مَفْعول لسان العرب – حرف الغين، مادة (صبغ) [62] - التحريش الإغراء، والمراد هنا أن يذكر لَهُ ما يقتضى عتابِهَا، المرجع السابق ج8، ص179. [63] - معنى شنق ضم، وضيق، وهو بتخفيف النون، صحيح مسلم بشرح النووي (ج 8 / ص 186). [64] - قطعة آدَمَ يتورك عَلَيْهَا الراكب تجعل فِي مقدم الرحل شبِهِ المخدة الصغيرة، المرجع السابق، ج8، ص186. [65] - التل اللطيف من الرَمَلَ الضخم، المرجع السابق، ج8، ص178. [66] - الضمير فِي أسفر يعود إلى الفجر المذكور أولا، وقوله (جدا) بكسر الجيم أي إسفارا بليغا، المرجع السابق، ج8، ص189. [67] -الظعن بضم الظاء، والعين، ويجوز أسكان العين جميع ظعينة كسفينة، وسفن، وأصل الظعينة البعير الَّذِي عليه امرأة، ثم تسمى بِهِ المرأة مجازا لملابستها البعير، صحيح مسلم بشرح النووي (ج 8 / ص 189) [68] - هو، واد بين منى، ومزدلفة سميت بِهِ لأن فيل أبرهة كل فيه، وأعيى فحسر أصحابِهِ بفعله، وأوقعهم فِي الحسرات، مُحَمَّد عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير، ضبطه، وصححه أحمد عبد السلام، بيروت:دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1415 ه - 1994 م (ج 5 / ص 35) [69] - بفتح الخاء المعجمة، وسكون الذال المعجمة، وبالفاء قَالَ العلماء حصى الخذف كقدر حبة الباقلاء، تحفة الأحوذي (ج 3 / ص 536). [70] - دفع بِهِم أي فِي الجاهلية، أبو سيارة بسين مهملة، ثم ياء مثناة تَحْتَ مشددة اسمه عميلة بن الأعزل. الديباج عَلَى مسلم (ج 6 / ص 325) [71] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب حجة النَّبِيّ r، ج4، ص39، وفي نفس الباب أيضاً من طريق سُلَيْمَان بن عبيد الله، أبو أيوب الغيلاني ج4، ص30-ومن طريق إسماعيل بن أويس، عن مَالِك، ج4، ص31-ومن طريق مُحَمَّد بن حاتم ج4، ص36ص37 -، ومن طريق عبد الملك بن أبي سُلَيْمَان، عن عطاء ج4، ص37-، ومن طريق بن نمير ج4، ص37-، ومن طريق مُحَمَّد بن معُمَر بن ربعي القيسي، ج4، ص38-، ومن طريق خلف بن هشام، وأبو الربيع، وقتيبة، عن حماد، ج4، ص38-، ومن طريق عُمَر بن حَفْص بن غِيَاث ج4، ص43.ومن طريق إسحاق بن إبراهيم، عن يَحْيَى بن آدَمَ ج4، ص43. وأخرجه الإمام البخاري فِي صحيحه كتاب الحج باب قوله تعالى " يأتوك رجالاً، وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍ عميق" من طريق إِبْرَاهِيمَ بن موسى أَخْبَرَنَا الوليد، حَدَّثَنَا الأوزاعي سمع عطاء يحدث عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ج1، ص276. وفي باب التمتع، والإقران، والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن مَعَهُ هدي من طريق أبي نعيم، حَدَّثَنَا أبو شهاب ج1، ص285-286. وفي باب تقضي الحائض المناسك كلها إِلَّا الطواف بالبيت، وإِذَا سعى عَلَى غير، وضوء بين الصفا، والْمَرْوَةَ من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حبيب المعلم، عن عطاء، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ج1، ص299-300. وفي باب عمرة التنعيم من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ، عن حبيب المعلم، عن عطاء حَدَّثَنِي جَابِر ج1، ص321. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الحج باب ما جاء من أي موضع أحرم النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من طريق ابن أبي عمر، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، ج2، ص157. وفي باب ما جاء كيف الطواف من طريق محمود بن غيلان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ أَخْبَرَنَا سفيان الثوري، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر ج2، ص173. وفي باب ما جاء فِي الرَمَلَ من حجر إلى الحجر من طريق عَلِيّ بن خشرم أَخْبَرَنَا عبد الله بن، وهب، عن مَالِك بن أنس عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر ج2، ص174. وفي باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل الْمَرْوَةَ أيضاً من طريق ابن أبي عمر ج2، ص176. وفي باب ما جاء فِي الإفاضة من عرفات أيضاً من طريق محمود بن غيلان ج2، ص186. وفي باب ما جاء أن الجمار التي يرمى بِهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ من طريق مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان حَدَّثَنَا بن جريج، عن أبي الزبير، عن جَابِر ج2، ص191. وفي كتاب المناقب باب مناقب أهل بيت النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من طريق نصر بن عبد الرَّحْمَن الكوفي، حَدَّثَنَا زيد بن الحسن الأنماطي، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ج5، ص327. وأخرجه الإمام النسائي فِي سننه كتاب الطهارة باب ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من طريق عمرو بن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد حَدَّثَنِي أبي، عن جَابِر ج1، ص154، وبنفس الطريق فِي باب اغتسال النفساء عِنْدَ الإحرام ج1، ص291. وفي كتاب مناسك الحج باب الكراهية فِي الثياب المصبغة للمحرم من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ج5، ص143، وفي باب ترك التسمية عِنْدَ الإهلال من طريق يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج5، ص156، وفي باب الحج بغير نية يقصده المحرم من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، وعمران بن يزيد ج5، ص157. وفي باب العمل فِي الإهلال من طريق عمران بن يزيد أنبأنا شعيب أخبرني بن جُرَيْج سمعت جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر ج5، ص162. وفي باب إهلال النفساء من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب أنبأنا الليث، عن بن الهاد، عن جَعْفَر، ومن طريق عَلِيّ بن حجر أنبأنا إسماعيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أبيه ج5، ص164. وفي باب فِي المُهِلَّة بالعمرة تحيض، وتخاف فوت الحج من طريق قتيبة، حَدَّثَنَا الليث، عن أبي الزبير، عن جَابِر ج5، ص165. وفي باب سوق الهدي من طريق عمران بن يزيد ج5، ص176. وفي باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي من طريق يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج5، ص178. وفي باب الوقت الَّذِي، وافى فيه النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مكة من طريق عمران بن يزيد ج5، ص178. وفي باب كيف يطوف أول ما يقدم، وعلى أي شقيه يأخذ إِذَا استلم الحجر من طريق عبد الأعلى بن، واصل بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ ، عن سفيان، عن جَعْفَر ج5، ص228.وفي باب الرَمَلَ من الحجر إلى الحجر من طريق مُحَمَّد بن سلمة، والحارث بن مسكين، عن ابن القاسم حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر ج5، ص230. وفي باب القول بعد ركعتي الطواف من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ج5، ص240. وفي باب القول بعد ركعتي الطواف من طريق عَلِيّ بن حجر ج5، ص236. وفي باب القراءة فِي ركعتي الطواف من طريق عمرو بن عُثْمَان بن سعيد بن كثير، عن الوليد، عن مَالِك، عن جَعْفَر ج5، ص236. وفي باب ذكر الصفا، والْمَرْوَةَ من طريق مُحَمَّد بن سلمة، ويعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج5، ص239.وفي باب موضع القيام عَلَى الصفا من طريق يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج5، ص240. وفي باب التكبير عَلَى الصفا من طريق مُحَمَّد بن سلمة ج5، ص240. وفي باب التهليل عَلَى الصفا من طريق عمران بن يزيد ج5، ص240. وفي باب الذكر، والدعاء عَلَى الصفا من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن الحكم ج5، ص241. وفي باب الطواف بين الصفا، والْمَرْوَةَ عَلَى الراحلة من طريق عمران بن يزيد ج5، ص241.وفي باب موضع المشي من طريق مُحَمَّد بن سلمة، والحارث بن مسكين ج5، ص243. وفي باب موضع الرَمَلَ من طريق مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ج5، ص243. وفي باب موضع القيام عَلَى الْمَرْوَةَ من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ج5، ص244. وفي باب التكبير عَلَيْهَا من طريق عَلِيّ بن جحر ج5، ص244. وفي باب المتمتع متى يهل بالحج من طريق إسماعيل بن مسعود، حَدَّثَنَا خالد، حَدَّثَنَا عبد الملك، عن عطاء، عن جَابِر ج5، ص248. وفي باب الأمر بالسكينة فِي الإفاضة من عرفة من طريق مُحَمَّد بن منصور، حَدَّثَنَا أبو نعيم، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي الزبير، عن جَابِر ، ومن طريق أبي داود، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جَابِر ج5، ص258.وفي باب الإيضاع فِي، وادي مُحَسِّرٍ من طريق إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جَابِر ، ومن طريق إِبْرَاهِيمَ بن هَارُون ج5، ص267، ص268. وفي باب المكان الَّذِي ترمى منه جمرة العقبة من طريق مُحَمَّد بن آدَمَ، عن عبد الرحيم، عن عبيد الله بن عمر، ومن طريق مُحَمَّد بن بشار، عن يَحْيَى، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جَابِر ج5، ص274. وفي باب عدد الحصى التي يرمى بِهَا الجمار من طريق إِبْرَاهِيمَ بن هَارُون ج5، ص275. وفي كتاب الضحايا باب ذبح الرجل غير أضحيته من طريق مُحَمَّد بن سلمة، والحارث بن مسكين ج7، ص231. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب المناسك باب فِي إفراد الحج من طريق العَبَّاس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حَدَّثَنِي الأوزاعي حَدَّثَنِي من سمع عطاء بن أبي رباح حَدَّثَنِي جَابِر، ومن طريق موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح عن جَابِر ، ومن طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، حَدَّثَنَا حبيب المعلم، عن عطاء ج1، ص402. وفي باب كيف التلبية من طريق القعنبي، عن مَالِك، عن نافع عن عبد الله بن عمر ج1، ص407. وفي باب صفة حجة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من طريق عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِيّ، وعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وهشام بن عَمَّار ، وسُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه ج1، ص428، ومن طريق عبد الله بن مسلمة، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال ، ومن طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، ويَحْيَى بن سعيد، عن جَعْفَر ج1، ص428، وفي باب التعجيل من جمع من طريق مُحَمَّد بن كثير حَدَّثَنَا سفيان حَدَّثَنِي ، أبو الزبير، عن جَابِر ج1، ص434. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك باب النفساء، والحائض تهل بالحج من طريق عَلِيّ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ ، عن سفيان، عن جَعْفَر م2، ص972. وفي باب التلبية من طريق زيد بن أخزم، حَدَّثَنَا مؤمل بن إسماعيل، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر م2، ص974. وفي باب الرَمَلَ حول البيت من طريق عَلِيّ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا أبو الحسين العكلي، عن مَالِك بن أنس عن جَعْفَر م2، ص983. وفي باب الركعتين بعد الطواف من طريق العَبَّاس بن عُثْمَان ، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم عن مَالِك بن أنس عن جَعْفَر م2، ص987. وفي باب الإفراد بالحج من طريق هشام بن عَمَّار ، حَدَّثَنَا عبد العزيز الداروردي، وحاتم بن إسماعيل، عن جَعْفَر م2، ص988. وفي باب فسخ الحج من طريق عبد الرَّحْمَن ابن إِبْرَاهِيمَ الدمشقي م2، ص988.وفي باب الوقوف بجمع من طريق مُحَمَّد بن الصباح حَدَّثَنَا عبد الله بن رجاء المكي، عن الثوري قَالَ أبو الزبير، حَدَّثَنَا جَابِر م2، ص1006. وفي باب حجة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من طريق هشام بن عَمَّار ، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد م2، ص1022.وفي كتاب الأضاحي باب الأكل من لحوم الأضاحي من طريق هشام بن عَمَّار م2، ص1055. وأخرجه الإمام أحمد بن حَنْبَل فِي مسنده، فِي باقي مسند المكثرين من طريق، وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي الزبير، عن جَابِر ج3، ص301. ومن طريق يَحْيَى بن سعيد عن عبد الملك، عن عطاء، عن جَابِر ج3، ص302. ومن طريق عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، حَدَّثَنَا حبيب المعلم، عن عطاء حَدَّثَنِي جَابِر ج3، ص305. ومن طريق يَحْيَى بن سعيد عن ابن جُرَيْج أخبرني، أبو الزبير ج3، ص313. ومن طريق إسماعيل أَخْبَرَنَا ابن جريج، عن عطاء ج3، ص317.ومن طريق يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَعْفَر حَدَّثَنِي أبي ج3، ص320.ومن طريق عفان، حَدَّثَنَا حماد أَخْبَرَنَا قيس بن سعد، عن عطاء، عن جَابِر ج3، ص362.، ومن طريق أبي أحمد، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي الزبير ج3، ص367. ومن طريق أبي داود، حَدَّثَنَا رباح المكي، عن أبي الزبير ج3، ص371.ومن طريق مُحَمَّد بن بكر أَخْبَرَنَا ابن جُرَيْج أخبرني، أبو الزبير ج3، ص378. ومن طريق روح، حَدَّثَنَا الثوري، عن أبي الزبير ج3، ص391. وأخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج باب الرَمَلَ فِي الطواف من طريق جَعْفَر بن مُحَمَّد ج1، ص305. وفي باب البدء بالصفا فِي السعي بنفس الطريق ج1، ص311، وبنفس الطريق فِي باب جامع السعي ج1، ص313. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب المناسك باب فِي سنة الحج من طريق إسماعيل بن أبان، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن جَعْفَر ج2، ص49. وفي باب الرمي بمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ من طريق عبيد الله بن موسى، عن سفيان، عن أبي الزبير ج2، ص62. [72] - انظر : ثقات ابن حبان ج8، ص445- تهذيب التهذيب ج7، ص381- سير أعلام النبلاء ج10، ص639. [73] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج6، ص200- تهذيب التهذيب ج2، ص357- سير أعلام النبلاء ج9، ص22. [74] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج - باب ما جاء أن عرفة كلها موقف ج4، ص43.، تخريج الحديث السابق. [75] - قَالَ العلماء الرَمَلَ هو أسرع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخبب، صحيح مسلم بشرح النووي (ج 8 / ص 175) [76] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، ج4، ص43، نفس تخريج الحديث السابق. [77] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب استحباب الرَمَلَ فِي الطواف، والعمرة، وفي الطواف الأول من الحج، ج4، ص64 نفس تخريج الحديث السابق. [78] - انظر ترجمته:ثقات ابن حبان ج7، ص459- تهذيب التهذيب ج10، ص5 – سير أعلام النبلاء ج8، ص48- تهذيب الكمال ج27، ص91. [79] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج11، ص259- سير أعلام النبلاء ج10، ص512- تهذيب الكمال ج32، ص31. [80] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب استحباب الرَمَلَ فِي الطواف، والعمرة، وفي الطواف الأول من الحج ج4، ص64، نفس التخريج السابق [81] - انظر ترجمته : ثقات ابن حبان ج8، ص29- تهذيب التهذيب ج1، ص55- سير أعلام النبلاء ج12، ص62، تهذيب الكمال ج1، ص410. [82] - انظر ترجمته:ثقات ابن حبان ج8، ص346- تهذيب التهذيب ج6، ص65- تهذيب الكمال ج16، ص 277. [83] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص93- تهذيب التهذيب ج6، ص357- سير أعلام النبلاء ج6، ص324. [84] -هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة من رؤوس الخوارج، رأس الفرقة النجدية، ويعرف أصحابِهَا بالنجدات، انفرد، عن سائر الخوارج بآراء. قَالَ ابن حجر العسقلاني: قدم مكة، وله مقَالَات معروفة، وأتباع انقرضوا. كَانَ أول أمره مع نافع بن الأزرق، وفارقه لإحداثه فِي مذهبِهِ.، ثم " خَرَجَ " مستقلا باليمامة (سنة 66 ه) أيام عبد الله بن الزبير، فِي جماعة كبيرة. فَأَتَى البحرين، واستقر بِهَا، وتسمى بأمير المؤمنين. ووجه إِلَيَّه مصعب ابن الزبير خيلا بعد خيل، وجيشا بعد جيش، فهزمهم. وأقام نحو خمس سنين، وعماله بالبحرين، واليمامة، وعمان، وهجر، وبعض أرض العرض. ونقم عليه أصحابِهِ أمورا - قيل: منها أنه، وجد ابنة لعمرو بن عُثْمَان بن عفان قَدْ، وقعت فِي السبي، فاشتراها من ماله بمائة ألف درهم، وبعث بِهَا إلى عبد الملك بن مروان - فخلعوه، ثم قتلوه. وقيل: قتله أصحاب ابن الزبير. والحروري نسبة إِلَى حروراء. موضع عَلَى ميلين من الكوفة، كَانَ أول اجتماع الخوارج بِهِ، فنسبوا إِلَيَّه. انظر الأعلام للزر كلي، ج8ص9، ترجمة نجدة الحروري. [85] - أخرجه الإمام مسلم فِي صحيحه – كتاب الجهاد، والسير- باب النساء الغازيات يرضخ لهن، ولا يسهم، والنهي، عن قتل صبيان أهل الحرب ج5، ص197، وفي كتاب الجهاد، والسير من حديث ابن أبي عمر، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن يزيد بن هرمزج5، ص197-198، ومن حديث إسحاق بن إبراهيم، عن، وهب بن جرير بن حازم، ومن حديث مُحَمَّد بن حاتم، عن بِهِز، عن جرير، ج5، ص198. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الجهاد – باب فِي المرأة، والعبد يحذيان من الغنيمة من حديث محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن زائدة، عن الأعمش، عن المختار بن صيفي، عن يزيد بن هُرْمُز المجلد الأول ص 619. ، ومن حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى بن فارس، عن أحمد بن خالد الوهبي، عن بن إسحاق، عن أبي جَعْفَر، والزُّهْرِيّ م1، ص620. ، وفي كتاب الخراج، والإمارة، والفيء من حديث أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس، عن ابن شهاب م2، ص40. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب قسم الفيء من حديث هَارُون بن عبد الله الحمال، عن عُثْمَان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج7، ص128. ، ومن حديث عمرو بن علي، عن يزيد بن هارون، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن الزُّهْرِيّ ، وعن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج7، ص129. وأخرجه الترمذي فِي كتاب - باب من يعطى من الفيء ج3، ص57. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج1، ص308. وأخرجه أيضاً فِي مسند بني هاشم من حديث عفان أَخْبَرَنَا جرير بن حازم أَخْبَرَنَا قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص248. ومن حديث، أبو معاوية، حَدَّثَنَا الحَجَّاج، عن عطاء، عن ابن عَبَّاس ج1، ص224. ومن حديث يزيد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ، وعن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص352. ومن حديث عبد الرَّحْمَن ابن مهدي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد بن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص344. ومن حديث سفيان، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص349. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ بن عطاء أَخْبَرَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص294. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب السير- باب سهم ذي القربى من حديث أبي النعمان، عن جرير ج2، ص225. [86] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج5، ص531- تهذيب التهذيب ج11، ص323- ميزان الاعتدال ج4، ص440- تقريب التهذيب ج3، ص333. [87] - مسلم – كتاب الجهاد، والسير- باب النساء الغازيات يرضخ لهن، ولا يسهم، والنهي، عن قتل صبيان أهل الحرب ج5، ص197، وفي كتاب الجهاد، والسير من حديث بن أبي عمر، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن يزيد بن هرمزج5، ص197-198، ومن حديث إسحاق بن إبراهيم، عن، وهب بن جرير بن حازم، ومن حديث مُحَمَّد بن حاتم، عن بِهِز، عن جريرج5، ص198. أخرجه الترمذي فِي كتاب - باب من يعطى من الفيء ج3، ص57. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب قسم الفيء من حديث هَارُون بن عبد الله الحمال، عن عُثْمَان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج7، ص128. ، ومن حديث عمرو بن علي، عن يزيد بن هارون، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن الزُّهْرِيّ ، وعن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج7، ص129. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الجهاد – باب فِي المرأة، والعبد يحذيان من الغنيمة من حديث محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن زائدة، عن الأعمش، عن المختار بن صيفي، عن يزيد بن هُرْمُز المجلد الأول ص 619. ، ومن حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى بن فارس، عن أحمد بن خالد الوهبي، عن ابن إسحاق، عن أبي جَعْفَر، والزُّهْرِيّ م1، ص620. ، وفي كتاب الخراج، والإمارة، والفيء من حديث أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس، عن بن شهاب م2، ص40. أخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج1، ص308. وأخرجه أيضاً فِي مسند بني هاشم من حديث عفان أَخْبَرَنَا جرير بن حازم أَخْبَرَنَا قيس بن سعد، عن يزيد ابن هُرْمُز ج1، ص248. ومن حديث، أبو معاوية، حَدَّثَنَا الحَجَّاج، عن عطاء، عن ابن عَبَّاس ج1، ص224. ومن حديث يزيد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ، وعن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص352. ومن حديث عبد الرَّحْمَن ابن مهدي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد ابن هُرْمُز ج1، ص344. ومن حديث سفيان، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص349. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ بن عطاء أَخْبَرَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمزج1، ص294 وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب السير- باب سهم ذي القربى من حديث أبي النعمان، عن جرير ج2، ص225. [88] - والنَّاسُ كَنَفَتَهُ : أي : جانبيه. أسك: أي: صغير الأذنين. [89] - أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الزهد، والرقائق، ج8، ص210-211. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب الطهارة – باب ترك الوضوء من مس الميتة، المجلد الأول، ص49. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص365.. [90] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص77-تهذيب الكمال ج2، ص178- تقريب التهذيب ج1، ص64. مروياته فِي سنن النسائي أولاً: الإمام النسائي([1])، وسننه: هو أحمد بن شعيب بن عَلِيّ بن سنان بن بحر بن دينار الخراساني. ونسا هذه التي ينسب إِلَيَّها النسائي هي مدينة بخراسان. مولده، ونشأته: ولد النسائي عام 215 هـ. وبدأ حياته العلمية فِي سن الخامسة عشرة، ثم بدأ الرحلة لطلب الحديث، واستهلها برحلته إِلَى قُتَيْبَة بن سعيد محدث خراسان سنة ثَلَاثَين ومائتين، وبقي عنده سنة وشهرين، وكان قُتَيْبَة من كبار حفاظ عصره، وأعلاهم، سندا أخذ عنه الشيخان، وغيرهما، وأكثر من الرواية عنه. ، ثم أستأنف الرحلة فِي ربوع خراسان، ثم الحجاز، ثم مصر، والعراق، والجزيرة، والشام، والثغور. ، ثم استوطن بمصر، وبِهِا اشتهر، وعلا شأنه. وقد أخذ النسائي العلم، وحصله، عن مجموعة معروفة من كبار الحفاظ، والأئمة. قَالَ الإمام الذهبي: " كَانَ من بحور العلم مَعَ الفهم، والإتقان، والبصر، ونقد الرجال، وحسن التأليف، ورحل الحفاظ إِلَيَّه، ولم يبق لَهُ نظير فِي هَذَا الشأن، وقَالَ عنه أبو الحسن الدارقطني: أبو عبد الرَّحْمَن مقدم عَلَى كل من يذكر بعلم الحديث فِي عصره "، ويقول: " كَانَ أفقه مشايخ مصر فِي عصر ه، وأعلمهم بالحديث، والرجال ". وكان الذهبي يقدمه عَلَى مسلم، وأبي دَاوُد، وأبي عِيسَى الترمذي، ويقول: " هو جار فِي مضمار البخاري، وأبي زرعة ". وسأل الذهبي: أيهما أحفظ مسلم بن الحَجَّاج صاحب الصحيح، أو النسائي ؟ فَقَالَ: النسائي. مؤلفات النسائي: 1- السنن الصغرى: والتي تعرف بـ( المجتبى). 2- السنن الكبرى: طبع بعضها. 3- خصائص علي: مطبوع 4- عمل الْيَوْم والليلة: مطبوع. 5- الضعفاء، والمتروكين: مطبوع. 6- تسمية فقهاء الأمصار: مطبوع. 7- تسمية من لم يرو عنه غير رجل، واحد: مطبوع. 8- ذكر من حدث عنه ابن أبي عروبة: مطبوع. كتاب السنن: صنف الحافظ النسائي كتابه " السنن الكبرى "، ويقول فِي ذَلِكَ ( لما عزمت عَلَى جمع كتاب السنن استخرت الله تعالى فِي الرواية، عن شيوخ كَانَ فِي القلب منهم بعض الشيء، فوقعت الخيرة عَلَى تكرهم فنزلت فِي جملة من الحديث كنت أعلوم فيه عنهم ). فإِذَا احتاج إِلَى تخريج رواية فيها من لَيْسَ عَلَى شرطه ذكر روايته، وبين علتها، ولا يسكت، عن مجروح، وإنما يحتاج إِلَى ذكر رواية هَذَا الصنف أحياناً لبيان مخالفة، وقعت فِي إسناد خالف فيها ضعيف ثقة. فيذكر ذَلِكَ مَعَ ذكر الجرح ليثبت صحة رواية الثقة. وأن مخالفة الضعيف ليست بقادحة. وقد تبدى للنسائي أن ينتخب من السنن الكبرى كتابا عَلَى غرار الجامع الصحيح المسند للبخاري فانتخب " المجتبى ". ويحكي مُحَمَّد بن معاوية بن الاحمر عنه ذَلِكَ حيث قَالَ: " قَالَ النسائي: " كتاب السنن كله صحيح، وبعضه معلول إِلَّا أنه لم يبين علته، والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله ". وفاته: كانت وفاة النسائي سنة 303هـ. ثانياً: المرويات: 1 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن زَيْنَبَ بنتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَكَلَ كَتِفًا ([2]) فَجَاءَهُ بِلَال فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، ولَمْ يَمَسَّ مَاءً ([3]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- يَحْيَى بن سعيد: الأنصاري تقدم، وهو ثقة، ثبت. 3- عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 4- زينب بنت أم سَلَمَة: زينب بنت أبي سَلَمَة بن عبد الأَسَد بن هلال بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم، وأمها أم سَلَمَة، ولدت بأرض الحبشة روت عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، وعن أمها، وعائشة، وزينب بنت جحش، وأم حبيبة بنت أبي سُفْيَان، وروى عنها ابنها أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، وعَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ ، وحميد بن نافع الْمَدَنِيّ ، وآخرون. قَالَ العجلي تابعية مدنية، وقَالَ ابن سعد كَانَتْ أسماء بنت أبي بكر أرضعتها فهي أحب أولادها من الرضاعة، وقَالَ بكر بن عبد الله المزني أخبرني أبو رافع قَالَ كنت إِذَا ذكرت امرأة بالمدينة فقيهة ذكرت زينب بنت أبي سَلَمَة ([4]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة([5]). 2 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن قُدَامَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ مُرْهَا أن تَغْتَسِلَ، وتُهِلَّ ([6]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن قُدَامَة ت250هـ: مُحَمَّد بن قُدَامَة بن أعين بن الْمِسْوَر القرشي مَوْلَى بني هاشم، أبو عبد الله المصيصي، ثقة، من العاشرة. روى عن: جرير بن عبد الحميد، وإِسْمَاعِيل بن علية، وفضيل بن عياض، ووكيع، وغيرهم. روى عنه: أبو دَاوُد، والنسائي، وأبو بكر بن أبي دَاوُد، وغيرهم قَالَ النسائي لَا بأس بِهِ، وقَالَ مرة صالح، وقَالَ الدارقطني ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات مات قريبا من سنة خمسين ومائتين([7]). 2- جرير بن عبد الحميد: تقدم، وهو ثقة، صحيح الكتاب. 3- يَحْيَى بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 3 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو ابن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيم، واللَّفْظُ لَهُ قَالَوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ ، ولَدَتْ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ اغْتَسِلِي، واسْتَثْفِرِي ثم أَهِلِّي ([8]). رجال السند: 1- عَمْرُو بن عَلِيّ ت 249هـ: عَمْرُو بن عَلِيّ بن بحر بن كنيز الباهلي، أبو حَفْص الْبَصْرِيّ الصيرفي الفلاس، ثقة، حافظ من كبار العاشرة. روى عن: عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، ويَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان، وابن عُيَيْنَة، ومُحَمَّد بن فضيل، وخلق كثير. روى عنه: الجماعة، وروى النسائي، عن زَكَرِيَّا السجزي عنه قَالَ أبو حاتم بصري صدوق، وقَالَ النسائي ثقة، صاحب حديث حافظ، وذكره ابن حبان فِي الثقات مات سنة تسع وأربعين ومئتين ([9]). 2- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 3- يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ت 252هـ: يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم العبدي القيسي مَوْلَى عبد آلاف، أبو يوسف الدورقي ، ثقة، حافظ من كبار العاشرة، رأى الليث بن سعد، وروى، عن يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان، وجرير بن عبد الحميد، وحَفْص بن غِيَاث ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وأبي عاصم الضَّحَّاك بن مَخْلَد ، وعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّارَوَرْدِيّ، ووكيع بن الجراح، ويَحْيَى بن أبي بكير، وخلق كثير. روى عنه: الجماعة قَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، وقَالَ أبو بكر الخطيب كَانَ ثقة، حافظا متقنا صنف المسند. قَالَ مُحَمَّد بن إسحاق السراج: مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين ([10]). 4- يَحْيَى بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 4 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن قُدَامَة قَالَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ (الأنصاري)، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ مُرْهَا أن تَغْتَسِلَ، وتُهِلَّ ([11]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن قُدَامَة: تقدم، وهو ثقة،. 2- جرير بن عبد الحميد: تقدم، وهو ثقة، ثبت صحيح الكتاب. 3- يَحْيَى بن سعيد الأنصاري: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات 5 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو ابن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيم، واللَّفْظُ لَهُ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ(الْقَطَّان) قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ ، ولَدَتْ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ اغْتَسِلِي، ثم اسْتَثْفِرِي ثم أَهِلِّي ([12]). رجال السند: 1- عَمْرُو ابن علي: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 3- يعقوب بن إبراهيم: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 4- يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان: تقدم، وهو ثقة، ثبت 5- الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 6 – أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن أَبِيهِ أَنَّ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الصُّبْحَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ ([13]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هَارُون: إِبْرَاهِيم بن هَارُون البلخي العابد، صدوق من الحادية عشرة، روى عن: بشر بن حبيب العدوي، وحاتم بن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ ، وخالد بن زياد الترمذي، ورواد بن الجراح العسقلاني، وزَكَرِيَّا بن حازم الشيباني، وعَلِيّ بن يونس البلخي العابد، والنضر بن زرارة الذهلي. روى عنه: الترمذي فِي الشمائل، النسائي، وأبو الحسن عَلِيّ ابن سعيد بن سنان، ومُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسن الحكيم الترمذي، ومُحَمَّد بن عَلِيّ بن طرخان البلخي، وأبو عبد الله المقرئ. قَالَ النسائي: ثقة([14]). 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 7 – أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهِا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَطْنَ الْوَادِي خَطَبَ النَّاسَ، ثم أَذَّنَ بِلَال، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ([15]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هارون: تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح الإسناد، ورجاله ثقات. 8 – أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهِا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَطْنَ الْوَادِي خَطَبَ النَّاسَ، ثم أَذَّنَ بِلَال، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ([16]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هَارُون: تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 9 – أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بِإِذَانٍ وإِقَامَتَيْنِ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ([17]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هَارُون: تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 10 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو ابن عَلِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى (الْقَطَّان)، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: أَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ([18]). رجال السند: 1- عَمْرُو ابن عَلِيّ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان: تقدم، وهو ثقة، متقن حافظ الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 11 – أَخْبَرَنِي هَارُون بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بن آدَمَ قَالَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بن عَيَّاش قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْجُمُعَةَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قُلْتُ: أَيَّةَ سَاعَةٍ ؟ قَالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ ([19]). رجال السند: 1- هَارُون بن عبد الله ت 243: هَارُون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى البزاز الحافظ المعروف بالحمال، ثقة، من كبار العاشرة. روى عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وعفان بن مسلم، وعُمَر بن حَفْص بن غِيَاث، ويَحْيَى بن آدَمَ . روى عنه: الجماعة سوى البخاري قَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات مات سنة ثَلَاثَ وأربعين ومئتين ([20]). 2- يَحْيَى بن آدَمَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 3- الحسن بن عَيَّاش: تقدم، وهو صدوق. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 12 – أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابن الْمُبَارَكِ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُول َاللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ، ويُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثم يَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد ، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، ثم يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ، وجْنَتَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، ثم قَالَ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلِيّ ، وأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ ([21]). رجال السند: 1- عتبة بن عبد الله: عتبة بن عبد لله بن عتبة اليحمدي الازدي، ويقَالَ: الأَسَدي أيضا، أبو عبد الله المروزي، صدوق من كبار العاشرة. روى عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن المبارك، وغيرهما. روى عنه: النسائي، وإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يزيد المروزي، ومُحَمَّد بن اسحاق بن خزيمة، وأبو رجاء مُحَمَّد بن حمدويه المروزي صاحب تاريخ " المراوزة "، ومُحَمَّد بن عَلِيّ الحكيم الترمذي، وغيرهم. قَالَ النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات ([22]). 2- ابن المبارك: عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم، أبو عبد الرَّحْمَن المروزي أحد الأئمة الأعلام، وحفاظ الإسلام، ثقة، ثبت فقيه عالم جواد زاهد من الثامنة. روى عن: سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة. روى عنه: عتبة بن عبد الله اليحمدي، وهَنَّاد بن السَّرِيّ ، والوليد بن مسلم، ويَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان، وأبو بكر بن عَيَّاش، وهو من شيوخه، وقَالَ مُحَمَّد بن سعد كَانَ ثقة، مأمونا إماما حجة كثير الحديث ([23]). 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 13 – أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن هَارُون الْبَلْخِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ: أن الْحَسَنَ بن عَلِيّ كَانَ جَالِسًا فَمُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَامَ النَّاسُ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْجَنَازَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا مُرَّ بِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ، وكَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى طَرِيقِهَا جَالِسًا فَكَرِهَ أن تَعْلُوَ رَأْسَهُ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَامَ ([24]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هارون: تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. 3- الحسن بن عَلِيّ بن أبي طالب ت51هـ: ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، الإمام السيد، ريحانة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وسبطه، وسيد شباب أهل الجنة، أبو مُحَمَّد القرشي الهاشمي الْمَدَنِيّ الشهيد. مولده فِي شعبان سنة ثَلَاثَ من الهجرة. حفظ عن جده أحاديث، وعن أبيه، وأمه. حدث عنه: ابنه الحسن بن الحسن، وسُوَيْد بن غفلة، وأبو الحوراء السعدي، والشعبي، وهبيرة بن يريم، وأصبغ بن نباتة، والمسيب بن نجبة. وكان يشبِهِ جده رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قَالَ ابن حبان فِي الثقات: " سم حَتَّى نزل كبده، وأوصىإِلَى أخيه الحسين إِذَا أنا مت فاحفر لي مَعَ أبى، وإلا ففي بيت عَلَى و فَاطِمَةَ، وإلا ففي البقيع، ولا ترفعن فِي ذَلِكَ صوتا فمات فِي شهر ربيع الاول سنة إحدى وخمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين، وهو ابن تسع وأربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص قدمه الحسين، وقَالَ تقدم فلولا انها سنة ما قدمتك، ثم أَمَرَ الحسين أن يحفر لَهُ فِي بيت عَلَى و فَاطِمَةَ فبلغ ذَلِكَ بنى أمية فأقبلوا، وعليهم السلاح، وقَالَوا: والله لَا نتخذ القبور مساجد فنادى الحسين فِي بنى هاشم فأقبلوا بالسلاح، ثم ذكر الحسين قول أخيه لَا ترفعن فِي ذَلِكَ صوت. فحفر لَهُ بالبقيع، ودفن هناك رَضِيَ اللهُ عَنْه فِي أحسن مقام" ([25]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 14 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ الْحَكَمِ، عن شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عن ابن الْهَادِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ فَبَلَغَهُ أن النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ، والنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ، وصَامَ بَعْضٌ فَبَلَغَهُ أن نَاسًا صَامُوا فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ([26]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ت 268 هـ: مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث المصري، أبو عبد الله الفقيه. روى عن: شعيب بن الليث بن سعد، وأبيه عبد الله بن عبد الحكم كثير، ويَحْيَى بن سلام الْبَصْرِيّ، وغيرهم. روى عنه: النسائي، وأبو رافع أسامة بن عَلِيّ بن سعيد بن بشير الرازي، وإِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن، وردان المصري، وغيرهم قَالَ النسائي ثقة، وقَالَ فِي موضع آخر صدوق لَا بأس بِهِ، وقَالَ فِي موضع آخر، وقد سئل عنه هو أظرف([27]) من أن يكذب، وذكره فِي تسمية الفقهاء من أهل مصر، وقَالَ أبو بكر بن خزيمة ما رأيت فِي فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة، والتابعين من مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم كتبت عنه، وهو صدوق ثقة، أحد فقهاء مصر من أصحاب مَالِك، وقَالَ أبو سعيد بن يونس كَانَ المفتي بمصر فِي أيامه توفي يوم الأربعاء النصف من ذي القعدة سنة ثمان وستين ومئتين([28]). 2- شعيب: شعيب بن الليث بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي مولاهم، أبو عبد الملك المصري. روى عن: أبيه الليث بن سعد، وموسى بن عَلِيّ بن رباح. روى عنه: أحمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، وأحمد بن عَمْرُو بن السرح، وابنه عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، ومُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم سألت أبي عنه: هو أحب إِلَيَّك أو عبد الله بن عبد الحكم؟ قَالَ: شعيب أحلى حديثا، وقَالَ أبو سعيد بن يونس: كَانَ فقيها مفتيا، وكان من أهل الفضل حَدَّثَنِي أبي، عن جدي قَالَ سمعت ابن وهب يقول: ما رأيت ابناً لعالم أفضل من شعيب بن الليث، وقَالَ أبو بكر الخطيب كَانَ ثقة، وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات ([29]). 3- الليث ت 175هـ: الليث بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي، أبو الحارث الإمام المصري، وروى، عن نافع، وابن أبي ملكية، ويزيد بن أبي حبيب، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وأخيه عبد ربهِ بن سعد، وابن عجلان، والزُّهْرِيّ ، وهشام بن عروة، وعطاء بن أبي رباح، ويزيد بن الهاد، وغيرهم. روى عنه: شعيب، ومُحَمَّد بن عجلان، وهشام بن سعد، وهما من شيوخه، وابن لهيعة، وهشيم بن بشير، وقيس بن الربيع، وعطاف بن خالد، وهم من أقرانه، وابن المبارك، وابن وهب، وقُتَيْبَة بن سعيد، وآخرون. وقَالَ ابن سعد كَانَ قَدْ اشتغل بالفتوى فِي زمانه، وكان ثقة، كثير الحديث صحيحه، وقَالَ أحمد بن سعد الزُّهْرِيّ، عن أحمد: الليث ثقة، ثبت، وقَالَ عبد الله بن أحمد، عن أنس: أصح الناس حديثا، عن المقبري الليث كَانَ يفصل ما روى عن أبي هُرَيْرَةَ ، وما روى عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ ، وقَالَ ابن أبي خيثمة، وإسحاق بن منصور، عن ابن معين: ثقة، وقَالَ ابن المديني: الليث ثقة، ثبت، وقَالَ العجلي: مصري ثقة، وقَالَ النسائي: ثقة، وقَالَ ابن حبان فِي الثقات: كَانَ من سادات أهل زمانه فقها، وورعا، وعلما، وفضلا، وسخاء، ومات فِي يوم الْجُمُعَةَ نصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة ([30]). 4- ابن الهاد: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله الْمَدَنِيّ. روى عن: مُحَمَّد بن عَمْرُو ابن عطاء، والزُّهْرِيّ ، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وأبي مرة مَوْلَى أُمّ هَانِئ ، وآخرين. وعنه: شيخه يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وإِبْرَاهِيم بن سعد، ومَالِك، وعبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ، والليث بن سعد، وآخرون. قَالَ الأثرم، عن أحمد: لَا أعلم بِهِ بأسا، وقَالَ ابن معين، والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن سعد: توفي بالمدينة سنة تسع وثَلَاثَين ومائة، وكان ثقة، كثير الحديث، وقَالَ العجلي: مدني ثقة([31]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 15 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرا فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ َمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِللْ، ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً ، وقَدِمَ عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-مِنَ الْيَمَن بِهِدْيٍ، وسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا، وإِذَا فَاطِمَةَ قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، واكْتَحَلَتْ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مُحَرِّشًا أَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَاطِمَةَ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، واكْتَحَلَتْ ، وقَالَتْ أَمَرَنِي بِهِ أَبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ صَدَقَتْ أَنَا أَمَرْتُهَا([32]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- يحي بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 16 – أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَثَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ حِجَجٍ، ثم أُذِّنَ فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي حَجِّ هَذَا الْعَامِ فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ويَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وخَرَجْنَا مَعَهُ قَالَ جَابِر ، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآن، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، ومَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ ([33]). رجال السند: 1- يعقوب بن إبراهيم: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- يَحْيَى بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 17 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَدَّثَنَا أن عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَن بِهِدْيٍ، وسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا قَالَ لِعَلِيّ بِمَا أَهْلَلْتَ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَعِيَ الْهَدْيُ قَالَ فَلَا تَحِلَّ ([34]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- يَحْيَى بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 18 – أَخْبَرَنِي عِمْرَان بن يَزِيدَ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنِي ابن جُرَيْج قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد يُحدث عن أَبِيهِ، عن جَابِر فِي حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ صَلَّى وهُوَ صَامِتٌ، حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ([35]). رجال السند: 1- عِمْرَان بن يزيد ت 244هـ: عِمْرَان بن خالد بن يزيد بن مسلم بن خالد بن يزيد بن مسلم بن أبي حميل القرشي، ويقَالَ الطَّائِيّ، صدوق من كبار العاشرة، مولاهم، أبو عمر، ويقَالَ: أبو عَمْرُو الدمشقي، وقد ينسب إِلَى جده، ويقَالَ عِمْرَان بن يزيد بن خالد. روى عن: معروف الخياط، وعبد الرَّحْمَن ابن أبي الرجال، وشعيب بن إسحاق، وغيرهم. روى عنه: النسائي، والعمري، وابن قُتَيْبَة، وغيرهم قَالَ أبو زرعة كتبت عنه حديثا، واحدا، عن رديح بن عطية، وقَالَ أبو حاتم كتبت عنه فِي الرحلة الثانية، وقَالَ النسائي لَا بأس بِهِ ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ مات سنة أربع وأربعين ومائتين، وقَالَ النسائي فِي موضع آخر ثقة([36]). 2- شعيب بن إسحاق: شعيب بن إسحاق بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن راشد الدمشقي الأموي. روى عن: أبيه، وأبي حنيفة، وتمذهب لَهُ، وابن جُرَيْج، والأوزاعي، وسعيد بن أبي عروبة، وعبيد الله بن عَمْرُو، وهشام بن عروة، والثَّوْرِيّ، وغيرهم. وعنه: إسحاق بن راهويه، وسُوَيْد بن سعيد، وأبو كريب مُحَمَّد بن العلاء، وهشام بن عَمَّار ، وغيرهم، وحدث عنه الليث بن سعد، وهو فِي عداد شيوخه قَالَ أبو طالب، عن أحمد ثقة، ما أصح حديثه، وأوثقه، وقَالَ أبو دَاوُد ثقة، وهو مرجئ سمعت أحمد يقول سمع من سعيد بن أبي عروبة بآخر رمق، وقَالَ ابن معين، ودحيم، والنسائي ثقة، وقَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ الوليد بن مسلم رأيت الأوزاعي يقربِهِ، ويدنيه ذكره ابن حبان فِي الثقات، ونقل، أبو الوليد الباجي، عن أبي حاتم قَالَ شعيب بن إسحاق ثقة، مأمون، ومات سنة 189 ([37]). 3- ابن جريج: تقدم، وهو ثقة، فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 19 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ الْحَكَمِ، عن شُعَيْبٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عن ابن الْهَادِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثم أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أن يَأْتِيَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا إِلَّا قَدِمَ فَتَدَارَكَ النَّاسُ لِيَخْرُجُوا مَعَهُ، حَتَّى جَاءَ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍفَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ اغْتَسِلِي، واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، ثم أَهِلِّي فَفَعَلَتْ. مُخْتَصَرٌ ([38]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: تقدم، وهو ثقة،. 2- شعيب بن الليث: تقدم، وهو ثقة، نبيل فقيه. 3- الليث بن سعد: تقدم، وهو ثقة، ثبت فقيه إمام. 4- ابن الهاد: يزيد بن عبد الله ابن الهاد تقدم، وهو ثقة، مكثر. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 20 - أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن حُجْر قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيل، وهُوَ ابن جَعْفَر قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر -رَضِيَ اللهُ عَنْه-قَالَ نُفِسَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَسْأَلُهُ كَيْفَ تَفْعَلُ فَأَمَرَهَا أن تَغْتَسِلَ، وتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبِهِا وتُهِلَّ ([39]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن حُجْر: تقدم، وهو ثقة،. 2- إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 21 – أَخْبَرَنَا عِمْرَان بن يَزِيدَ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بن إِسْحَقَ قَالَ أَنْبَأَنَا بن جُرَيْج قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ سَمِعَهُ يُحدث عن جَابِر أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سَاقَ هَدْيًا فِي حَجِّهِ([40]). رجال السند: 1- عِمْرَان بن يزيد: تقدم، وهو صدوق. 2- شعيب بن إسحاق: تقدم، وهو ثقة، مرجئ. 3- ابن جريج: عبد الملك بن عبد الْعَزِيز تقدم، وهو ثقة، فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 22 – أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بن واصِلِ بن عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، والْمَقَامُ بَيْنَهُ، وبَيْنَ الْبَيْتِ، ثم أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا ([41]). رجال السند: 1- عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى: عبد الأعلى بن، واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأَسَدي الكوفي. روى عن: يَحْيَى بن آدَمَ ، ويعَلِيّ بن عبيد، وجَعْفَر بن عون، ومُحَمَّد بن الصَّلْتِ الأَسَدي، وغيرهم. وعنه: الترمذي، والنسائي، وأبو حاتم، وابن جرير، وابن أبي الدنيا، وغيرهم قَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات قَالَ مطين مات سنة 247 قلت، وقَالَ الحاكم، عن الدارقطني ثقة([42]). 2- يَحْيَى بن آدَمَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ نبيل. 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، حافظ. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 23 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة، والْحَارِثُ بن مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وأَنَا أَسْمَعُ، عن ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ مِنَ الْحِجْرِإِلَى الْحِجْرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ([43]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن سَلَمَة: مُحَمَّد بن سَلَمَة بن عبد الله بن أبي فَاطِمَةَ المرادي الجملي مولاهم، أبو الحارث المصري الفقيه، ثقة، ثبت من الحادية عشرة. روى عن: بن وهب، وابن القاسم، وزياد بن يونس، وجماعة. روى عنه: مسلم، وأبو دَاوُد، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، وغيرهم قَالَ أبو سعيد بن يونس كَانَ ثبتا فِي الحديث ذكره النسائي يوما، ونحن عنده فَقَالَ كَانَ ثقة، ثقة توفي لست خلون من ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين([44]). 2- الحارث بن مسكين: الحارث بن مسكين بن مُحَمَّد بن يوسف الأموي مولاهم، أبو عمر المصري الفقيه، ثقة، فقيه من العاشرة. روى عن: بن القاسم، وابن وهب، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم. وعنه: أبو دَاوُد، والنسائي، وابنه أحمد بن الحارث، وآخرون. قَالَ النسائي ثقة، مأمون، وقَالَ الخطيب كَانَ فقيها عَلَى مذهب مَالِك، وكان ثقة، فِي الحديث ثبتا، وقَالَ الحاكم ثقة، مأمون([45]). 3- ابن القاسم: عبد الرَّحْمَن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي، أبو عبد الله المصري الفقيه، ثقة، من كبار العاشرة. روى عن: مَالِك، الحديث والمسائل، وعن بكر بن مضر، ونافع بن أبي نعيم القاري، وغيرهم. وعنه: ابنه موسى، والحارث بن مسكين، ومُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، وغيرهم قَالَ أبو زرعة مصري ثقة، قَالَ النسائي ثقة، مأمون أحد الفقهاء، وقَالَ الحاكم ثقة، مأمون، وقَالَ الخطيب ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات قَالَ كَانَ خيرا فاضلا ممن تفقه عَلَى مَالِك، وفرع عَلَى أصوله، وذب عنها، ونصر من انتحلها، وقَالَ أحمد بن مُحَمَّد الحضرمي سألت يَحْيَى بن معين عنه فَقَالَ: ثقة، ثقة([46]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 24 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ الْحَكَمِ، عن شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عن ابن الْهَاد، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِالْبَيْتِ سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى))، ورَفَعَ صَوْتَهُ يُسْمِعُ النَّاسَ، ثم انْصَرَفَ فَاسْتَلَمَ، ثم ذَهَبَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي، ويُمِيتُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَكَبَّرَ اللَّهَ، وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ، ثم نَزَلَ مَاشِيًا، حَتَّى تَصَوَّبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَسَعَى، حَتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثم مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ، وسَبَّحَهُ، وحَمِدَهُ، ثم دَعَا عَلَيْهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ ([47]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: تقدم، وهو ثقة،. 2- شعيب بن الليث: تقدم، وهو ثقة، نبيل فقيه. 3- الليث بن سعد: تقدم، وهو ثقة، ثبت فقيه إمام. 4- ابن الهاد: يزيد بن عبد الله تقدم، وهو ثقة، مكثر. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 25 - أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن حُجْر قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- طَافَ سَبْعًا رَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَرَأَ: ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ، وجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ، وبَيْنَ الْكَعْبَةِ، ثم اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثم خَرَجَ فَقَالَ: ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) فَابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ([48]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن حجر: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 26 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو ابن عُثْمَان بن سَعِيدِ بن كَثِيرِ بن دِينَارٍ، عن الْوَلِيدِ، عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثم عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا ([49]). رجال السند: 1- عَمْرُو بن عُثْمَان بن سعيد بن كثير بن دينار: عَمْرُو بن عُثْمَان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، أبو حَفْص الحمصي مَوْلَى بني أمية، صدوق من كبار العاشرة. روى عن: الوليد بن مسلم، وإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أبو دَاوُد، والنسائي، وابن ماجه، وآخرون. وقَالَ أبو حاتم صدوق، وذكره ابن حبان فِي الثقات، ووثقه النسائي فِي أسماء شيوخه، وكذا، أبو دَاوُد، ومَسَلَمَة ، وثقاه([50]). 2- الوليد بن مسلم: الوليد بن مسلم القرشي مَوْلَى بني أمية، وقيل مَوْلَى بني العَبَّاس، أبو العَبَّاس الدمشقي عالم الشام، ثقة، ولكنه كَانَ كثير التدليس، والتسوية من الثامنة. روى عن: حريز بن عُثْمَان ، والأوزاعي، وابن جُرَيْج، وابن عجلان، والثَّوْرِيّ، وخلق. وعنه: الليث بن سعد، وهو من شيوخه، وأحمد بن حَنْبَل، وإسحاق بن راهويه، وعَلِيّ بن المديني، وعَلِيّ بن حُجْر، وآخرون. قَالَ ابن سعد كَانَ ثقة، كثير الحديث، وقَالَ العجلي، ويعقوب بن شيبة الوليد بن مسلم ثقة، وقَالَ الآجري سألت أبا داود، عن صدقة بن خالد فَقَالَ هو أثبت من الوليد الوليد. روى عن: مَالِك عشرة أحاديث لَيْسَ لها أصل منها أربعة، عن نافع، وقَالَ عبد الله بن أحمد سئل عنه أبي فَقَالَ: كَانَ رفاعا([51]). 3- مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة. تقدم، وهو كبير المتثبتين. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 27 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا، وهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ([52]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن سلمة: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- عبد الرَّحْمَن ابن القاسم: تقدم، وهو ثقة. 3- مَالِك بن أنس: تقدم، وهو كبير المتثبتين. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 28 - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا جَابِر قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الصَّفَا، وقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، ثم قَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ))([53]). رجال السند: 1- يعقوب بن إبراهيم: تقدم، وهو ثقة، من الحفاظ. 2- يَحْيَى بن سعيد: الْقَطَّان تقدم، وهو ثقة، متقن حافظ إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 29 - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَقِيَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ ([54]). رجال السند: رجال الحديث السابق. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 30 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة، والْحَارِثُ بن مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وأَنَا أَسْمَعُ، واللَّفْظُ لَهُ، عن ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ إِذَا وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا، ويَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ويَدْعُو، ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ([55]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن سلمة: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- الحارث بن مسكين: تقدم، وهو ثقة، فقيه. 3- ابن القاسم: عبد الرَّحْمَن ابن القاسم تقدم، وهو ثقة. 4- مَالِك بن أنس: تقدم، وهو كبير المتثبتين. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 31 - أَخْبَرَنَا عِمْرَان بن يَزِيدَ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنِي بن جُرَيْج قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرا، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ثم وقَفَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى الصَّفَا يُهَلِّلُ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، ويَدْعُو بَيْنَ ذَلِكَ ([56]). رجال السند: 1- عِمْرَان بن يزيد: تقدم، وهو صدوق. 2- شعيب بن إسحاق: تقدم، وهو ثقة، مرجئ. 3- ابن جريج: عبد الملك بن عبد الْعَزِيز تقدم، وهو ثقة، فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 32 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن الْحَكَمِ، عن شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عن ابن الْهَادِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِالْبَيْتِ سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وقَرَأَ (( واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ))، ورَفَعَ صَوْتَهُ يُسْمِعُ النَّاسَ، ثم انْصَرَفَ فَاسْتَلَمَ، ثم ذَهَبَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، وقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وكَبَّرَ اللَّهَ وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ، ثم نَزَلَ مَاشِيًا، حَتَّى تَصَوَّبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَسَعَى، حَتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثم مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ، وسَبَّحَهُ، وحَمِدَهُ، ثم دَعَا عَلَيْهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ ([57]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: تقدم، وهو ثقة. 2- شعيب بن الليث: تقدم، وهو ثقة، فقيه. 3- الليث بن سعد: تقدم، وهو ثقة، ثبت إمام. 4- ابن الهاد: يزيد بن عبد الله تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 33 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة، والْحَارِثُ بن مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وأَنَا أَسْمَعُ، عن ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ ([58]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 34 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: لَمَّا تَصَوَّبَتْ قَدَمَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي بَطْنَ الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ ([59]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- سُفْيَان بن سعيد الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، حافظ فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 35 – أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَزَلَ، يَعْنِي عن الصَّفَا، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى ([60]). رجال السند: 1- يعقوب بن إبراهيم: تقدم، وهو ثقة، من الحفاظ. 2- يَحْيَى بن سعيد: الْقَطَّان تقدم، وهو ثقة، حافظ متقن. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 36 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ الْحَكَمِ، عن شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ، عن ابن الْهَادِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ، وسَبَّحَهُ وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ([61]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: تقدم، وهو ثقة. 2- شعيب بن الليث: تقدم، وهو ثقة، فقيه. 3- الليث بن سعد: تقدم، وهو ثقة، ثبت إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 37 - أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن حُجْر قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ذَهَبَ إِلَى الصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، ثم، وحَّدَ اللَّهَ عَزَّ، وجَلَّ، وكَبَّرَ، وقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثم مَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتْ قَدَمَاهُ مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى قَضَى طَوَافَهُ ([62]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن حجر: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: تقدم، وهو ثقة، ثبت الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 38 - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَدَّثَنَا أن نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ([63]). رجال السند: 1- يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ: تقدم، وهو ثقة، من الحفاظ. 2- يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان: تقدم، وهو ثقة، متقن حافظ إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 39 – أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- دَفَعَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الْفَضْلَ بن الْعَبَّاسِ، حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلًا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ([64]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هَارُون: تقدم، وهو صدوق 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 40 - أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بن هَارُون قَالَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ، عن أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ إن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ([65]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن هارون: تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 41 – أَخْبَرَنِي هَارُون بن إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن ابن عباس، عن أَخِيهِ الْفَضْلِ بن عَبَّاس قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ([66]). رجال السند: 1- هَارُون بن إسحاق الهمداني الْكُوفِيّ: هَارُون بن إسحاق بن مُحَمَّد بن مَالِك بن زبيد الهمداني، أبو القاسم الْكُوفِيّ الحافظ. روى عن: أبيه، وحَفْص بن غِيَاث، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم. روى عنه: البخاري فِي جزء القراءة خلف الإمام، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم قَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ النسائي ثقة، وقَالَ ابن خزيمة كَانَ من خيار عباد الله، وذكره ابن حبان فِي الثقات قَالَ مطين مات سنة ثمان وخمسين ومائتين([67]). 2- حَفْص بن غياث: تقدم، وهو ثقة، فقيه. 3- عَلِيّ بن الحسين: تقدم، وعلى ثقة، فقيه إمام قدوة. 4- ابن عباس: عبد الله بن عَبَّاس البحر -رَضِيَ اللهُ عَنْه- حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، أبو العَبَّاس عبد الله، ابن عم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العَبَّاس بن عبد المطلب شيبة بن هاشم صحب النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نحوا من ثَلَاثَين شهرا، وحدث عنه بجملة صالحة، وعن عمر، وعلي، ومعاذ، ووالده، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وأبي سُفْيَان صخر بن حرب، وأبي ذر، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وخلق. روى عنه: خلق منهم عَلِيّ بن الحسين([68]). 5- الفضل بن العباس: الفضل بن العَبَّاس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، ويكنى أبا مُحَمَّد ، وكان الفضل بن العَبَّاس أسن ولد العَبَّاس بن عبد المطلب، وغزا مَعَ رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - مكة، وحنين، وثبت يومئذ مَعَ رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وشهد مَعَهُ حجة الوداع، وأردفه رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وراءه فيقَالَ ردف رسول الله([69]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 42 – أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن سَعِيدٍ، أبو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَمْشِي فِي سَوَادٍ، ويَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ([70]). رجال السند: 1- عبد الله بن سعيد، أبو سعيد الأشج: تقدم، وهو ثقة. 2- حَفْص بن غِيَاث: تقدم، وهو ثقة، فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 43 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَلَمَة، والْحَارِثُ بن مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وأَنَا أَسْمَعُ، عن ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَحَرَ بَعْضَ بُدْنِهِ بِيَدِهِ، ونَحَرَ بَعْضَهَا غَيْرُهُ ([71]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن سلمة: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- الحارث بن مسكين: تقدم، وهو ثقة، فيه. 3- ابن القاسم: عبد الرَّحْمَن ابن القاسم تقدم، وهو ثقة. 4- مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج 14، ص 125 -، تهذيب الكمال ج1، ص 328. [2] - هو عظم عريض خلف المنكب أي اكل ما عليه من اللحم، إِبْرَاهِيمَ بن إسحاق الحربي 198 - 285 هـ، غريب الحديث، تحقيق، ودراسة الدكتور سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّد العاير، مركز البحث العلمي، وإحياء التراث الإسلامي الطبعة الأولى 1405 ه = 1985 م. (ج 1 / ص 219). [3] - أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص107، وفي باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص108 من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، حَدَّثَنَا بن جريج، عن مُحَمَّد بن يوسف، عن سُلَيْمَان بن يسار. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الطهارة، وسننها – باب الرخصة فِي ذلك( بعد باب الوضوء مما غيرت النار) ، ج1، ص165. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج6، ص292. ، وأخرجه من حديث، وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا أبو عون مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيَّ، عن عبد الله بن شداد سمعت أبا هريرة ج6، ص306. ومن حديث عبد الرزاق، و بن بكر، وروح قَالَوا، حَدَّثَنَا بن جُرَيْج أخبرني مُحَمَّد بن يوسفإِنَّ عطاء بن يسار أخبرهإِنَّ أم سلمة ج1، ص366. ومن حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد ج6، ص317. ومن حديث أحمد بن الحَجَّاج، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن مُحَمَّد ، عن مُحَمَّد بن طحلاء ج6، ص321. [4] - انظر ترجمتها: ثقات ابن حبان ج4، ص271- تهذيب التهذيب ج12، ص371 - تهذيب الكمال ج35، ص185. [5] - السلسلة الصحيحة، مرجع سابق، ج5، ص152. [6] - أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب الاغتسال من النفاس، ج1، ص122، و فِي كتاب الطهارة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث عمرو بن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد، حَدَّثَنَا جَعْفَر ج1، ص154، وفي كتاب الحيض، والاستحاضة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث مُحَمَّد بن قدامة، حَدَّثَنَا جرير، عن يَحْيَى بن سعيد عن جَعْفَر ج1، ص195، وفي كتاب مناسك الحج – إهلال النفساء من حديث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب أنبأنا الليث، عن ابن الهاد عن جَعْفَر، ومن حديث عَلِيّ بن حجر أنبأنا إسماعيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر ج5، ص164. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب إحرام النفساء، واستحباب اغتسالها للإحرام، وكذا الحائض ج4، ص27 وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب المناسك – باب صفة حجة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - م1، ص428. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض تهل بالحج، ج2، ص972. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 و أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض إِذَا أرادتا الحج، ج2، ص33. [7] - انظر: ثقات ابن حبان ج9، ص111- تهذيب التهذيب ج9، ص363- تهذيب الكمال ج26، ص308. [8] - النسائي –كتاب الطهارة – باب ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام ج1، ص154، نفس التخريج السابق. [9] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص487- تهذيب التهذيب ج8، ص69- سير أعلام النبلاء ج11، ص470- تهذيب الكمال ج22، ص162. [10] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص286- تهذيب التهذيب ج11، ص334- سير أعلام النبلاء ج12، ص141- تهذيب الكمال ج32، ص311. [11] - النسائي – كتاب الحيض، والاستحاضة – باب ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام ج1، ص195، نفس التخريج السابق. [12] - النسائي – كتاب الغسل، والتيمم – باب اغتسال النفساء عِنْدَ الإحرام ج1، ص208، نفس التخريج السابق. [13] - النسائي – كتاب المواقيت – باب أول، وقت الصبح ج1، ص270، انفرد بِهِ النسائي. [14] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج1، ص153- تهذيب الكمال ج2، ص230. [15] - أخرجه النسائي – كتاب المواقيت – باب الجمع بين الظهر، والعصر بعرفة ج1، ص291،. تخريج الحديث الطويل ص67 [16] - أخرجه النسائي – كتاب الإِذَان – باب الإِذَان لمن يجمع بين الصلاتين فِي، وقت الأول منهما ج2، ص15، التخريج السابق. [17] - النسائي – كتاب الإِذَان – باب الإِذَان لمن جمع بين الصلاتين بعد ذهاب، وقت الأولى منهما ج2، ص16، انفرد بِهِ النسائي. [18] - أخرجه النسائي – كتاب السهو – باب نوع آخر من الذكر بعد التشهد ج3، ص58. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج2ص27. وأخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319. ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. و أخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. [19] - أخرجه النسائي – كتاب الجمعة – باب، وقت الجمعة ج3، ص100. و أخرجه الإمام مسلم فِي صحيحه كتاب الجمعة من حديث، أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ ، وإسحاق بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ ، حَدَّثَنَا حسن بن عَيَّاش، عن جَعْفَر ج3، ص8، و أيضاً فِي كتاب الجمعة من طريق القاسم بن زكريا ج3، ص8، 9. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص331. و أخرجه أيضاً من حديث يَحْيَى بن آدَمَ ، وأبي أحمد، حَدَّثَنَا عبد الحميد بن يزيد الأنصاري حَدَّثَنِي عقبة بن عبد الرَّحْمَن ابن جَابِر، عن جَابِر ج3، ص331. ومن حديث مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه ج3، ص331. [20] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص240- سير أعلام النبلاء ج12، ص115- تهذيب الكمال ج30، ص96. [21] - أخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188. تخريج الحديث (10) [22] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص508- تهذيب التهذيب ج7، ص90- سير أعلام النبلاء ج11، ص539- تهذيب الكمال ج19، ص311. [23] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج5، ص334- تهذيب الكمال ج16، ص5- سير أعلام النبلاء ج8، ص378- تاريخ أسماء الثقات لعُمَر بن شاهين ص13. [24] - أخرجه النسائي – كتاب الجنائز – باب الرخصة فِي ترك القيام ج4، ص47، و فِي كتاب الجنائز- الرخصة فِي ترك القيام من حديث يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا هشيم أنبأنا منصور، عن ابن سيرين ج4، ص47، ومن حديث يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية، عن سُلَيْمَان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عَبَّاس، والحسن بن عَلِيّ ، ومن حديث قتيبة، حَدَّثَنَا حماد، عن أيوب، عن مُحَمَّد . ج4، ص46، انفرد بِهِ النسائي. [25] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء، ج3، ص245. [26] - أخرجه النسائي – كتاب الصيام – باب ما يكره من الصيام فِي السفر ج4، ص177، و و أخرجه الإمام مسلم – كتاب الصيام – باب جواز الصوم، والفطر فِي شهر رمضان للمسافر فِي غير معصية إِذَا كَانَ سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضررإِنَّ يصوم، ولمن يشق عليهإِنَّ يفطر ج3، ص141. ، وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الصوم من طريق قُتَيْبَة ج2، ص107. [27] - الظَرفُ: الكياسَةُ. وقد ظَرُفَ الرجل بالضم ظَرافَةً، فهو ظَريفٌ، وقومٌ ظُرَفاءُ، وظِرافٌ. وقد قَالَوا: ظُروفٌ. ويقَالَ أظْرَفَ الرجلُ، إِذَا ، ولَد بنين ظُرَفاءَ. وتَظَرَّفَ فلان، أي تكلَّفَ الظَرْفَ الصحاح فِي اللغة – حرف الظاء( ظرف). [28] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص134-تهذيب التهذيب ج5، ص252- تهذيب الكمال ج15، ص191. [29] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص309- تهذيب التهذيب ج4، ص310- تهذيب الكمال ج12، ص532. [30] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص360-تهذيب التهذيب ج8، ص412- تهذيب الكمال ج24، ص254. [31] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص617- تهذيب التهذيب ج11، ص297- سير أعلام النبلاء ج6ص، 188- تهذيب الكمال ج32، ص169. [32] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب الكراهية فِي الثياب المصبغة للمحرم ج5، ص143، تخريج الحديث الطويل ص67 [33] - أخرجه النسائي فِي كتاب مناسك الحج – باب ترك التسمية عِنْدَ الإهلال ج5، ص155، التخريج السابق. [34] - أخرجه النسائي فِي كتاب مناسك الحج – باب الحج بغير نية يقصده المحرم، ج5، ص157، التخريج السابق. [35] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج- باب العمل فِي الإهلال ج5، ص162، التخريج السابق. [36] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج8، ص115- تهذيب الكمال ج22، ص324. [37] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص438- تهذيب التهذيب ج4، ص304- سير أعلام النبلاء ج12، ص304- تهذيب الكمال ج12، ص501. [38] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – إهلال النفساء ج5، ص164، التخريج السابق. [39] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب إهلال النفساء، ج5، ص164 ، التخريج السابق. [40] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب سوق الهدي، ج5، ص176، التخريج السابق. [41] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج- باب كيف يطوف أول ما يقدم، وعلى أي شقيه يأخذ إِذَا استلم الحجر ج5، ص228 ، التخريج السابق. [42] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص410-تقريب التهذيب ج1، ص550- تهذيب التهذيب ج6، ص91. [43] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب الرَمَلَ من الحجرإِلَى الحجر ج5، ص230، التخريج السابق. [44] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج9، ص171- تقريب التهذيب ج3، ص81- تهذيب الكمال ج25، ص286. [45] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص182- تهذيب التهذيب ج2، ص136- سير أعلام النبلاء ج12، ص54. [46] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص374- تقريب التهذيب ج1، ص584- سير أعلام النبلاءج9، ص120. [47] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب الذكر، والدعاء عَلَى الصفا ج5، ص240-241، التخريج السابق. [48] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب القول بعد ركعتي الطواف ج5، ص236، التخريج السابق. [49] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب القراءة فِي ركعتي الطواف، ج5، ص236، التخريج السابق. [50] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص488- تهذيب التهذيب ج8، ص66- سير أعلام النبلاء ج12، ص305. [51] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص221- تهذيب التهذيب ج11، ص133- سير أعلام النبلاء ج9، ص211. [52] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب ذكر الصفا، والْمَرْوَةَ ج5، ص239، التخريج السابق. [53] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب ذكر الصفا، والْمَرْوَةَ ج5، ص239، التخريج السابق. [54] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب موضع القيام عَلَى الصفا ج5، ص239-240، التخريج السابق. [55] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب التكبير عَلَى الصفا ج5، ص 240، التخريج السابق. [56] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب التهليل عَلَى الصفا ج5، ص240، التخريج السابق. [57] - أخرجه النسائي- كتاب مناسك الحج – باب الذكر، والدعاء عَلَى الصفا ج5، ص240-241، التخريج السابق. [58] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب موضع المشي ج5، ص243، التخريج السابق. [59] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب موضع الرَمَلَ ج5، ص243، التخريج السابق. [60] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب موضع الرَمَلَ، ج5، ص243، التخريج السابق. [61] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج –باب موضع القيام عَلَى الْمَرْوَةَ ج5، ص243-244، التخريج السابق. [62] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب التكبير عَلَيْهَا ج5، ص244، التخريج السابق. [63] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب رفع إِلَيَّدين فِي الدعاء بعرفة ج5، ص 255-256، التخريج السابق. [64] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب الإيضاع فِي، وادي مُحَسِّرٍ ج5، ص267، التخريج السابق. [65] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب عدد الحصى التي يرمى بِهَا الجمار ج5، ص 274-275، التخريج السابق. [66] - أخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب التكبير مع كل حصاة ج5، ص275. كالسابق. [67] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص240- تهذيب التهذيب ج11، ص3- سير أعلام النبلاء ج12، ص126. [68] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج3، ص332. [69] - انظر ترجمته: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج4، ص54. [70] - أخرجه النسائي – كتاب الضحايا – باب الكبش، ج7، ص220-221، وأخرجه الترمذي فِي كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي، ج3، ص27. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الضحايا – باب ما يستحب من الضحايا، ج1، ص638. أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي، ج2، ص1046. [71] - أخرجه النسائي – كتاب الضحايا – باب ذبح الرجل غير أضحيته ج7، ص231، تخريج الحديث الحديث الطويل ص67 مروياته فِي سنن الترمذي أولاً: الترمذي ([1]) وسننه: هو مُحَمَّد بن عِيسَى بن سورة بن موسى بن الضَّحَّاك، وقيل: مُحَمَّد بن عِيسَى بن يزيد بن سورة بن السكن السلمي، أبو عِيسَى الترمذي الضرير الحافظ، صاحب " الجامع "، وغيره من المصنفات. أحد الأئمة الحفاظ المبرزين. ويذكر أن جده كَانَ مروزياً، ثم انتقل من مرو إِلَى ترمذ التي، ولد بِهِا. قيل: إنه كَانَ أكمه، طاف البلاد، وسمع خلقا كثيرا من الخراسانيين، والعراقيين، والحجازيين، وغيرهم. ومن البلاد التي زارها: 1- البصرة. 2- واسط. 3- الكوفة. 4- مكة. 5- المدية. 6- الري. 7- بغداد. 8- خراسان. قَالَ الترمذي فِي حديث عَلِيّ بن المنذر، عن ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي سعيد: أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ لعلي: " لَا يحل لأحد يجنب فِي هَذَا المسجد غيري وغيرك ": سمع مني مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل هَذَا الحديث. وذكره ابن حبان فِي كتاب " الثقات " وقَالَ: كَانَ ممن جمع، وصنف، وحفظ، وذاكر. من مؤلفات الترمذي: 1- الجامع: وهو كتابه المشهور " بالسنن"، وهو أشهر كتبِهِ، وأحد الأصول الستة المعتمدة. 2- العلل: واسمه "العلل الكبير"، وقد وصلنا بترتيب القاضي أبي طالب، وهو مطبوع. 3- الشمائل: وهو كتاب فِي صفات النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وهو مطبوع. 4- تسمية أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: مطبوع. كتاب السنن: انتهج الترمذي نهج أستاذه، وشيخه البخاري فِي التصنيف، فجمع كتابه الَّذِي يعد أحد الأصول الستة، وقد سمى الكتاب " الجامع"، ولكنه اشتهر " بالسنن"، وقد رتب الترمذي كتابه عَلَى أبواب العلم ابتداءً بالعبادات فالمعاملات، وهكذا، وقد ذكر علل الأحاديث، وميّز بين مَرَّاتٍ بِهَا، وتكلم، عن الرواة، وبيان درجاتهم، وكذلك بين الأسماء، والكنى، والألقاب، والوفيات. وقد جمع فِي كتابه إضافة إِلَى الخبر المرفوع إِلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الأثر الموقوف، والمقطوع. ولم يشترط الترمذي فِي كتابه الصحة، لذلك نجد فِي كتابه أنواع كثيرة من الأحاديث ففيه الصحيح، والحسن، والضعيف، والغريب، والمرسل، وغيرها، غير أنه التزم ببيان ذَلِكَ، وشرحه فيذكر الحديث، ويبين نوعه. وفاته: مات أبو عِيسَى الترمذي الحافظ بالترمذي ليلة الاثنين لثَلَاثَ عشرة ليلة مضت من رجب سنة تسع وسبعين ومئتين ثانياً المرويات: 1- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بنا، أبو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةَ، وفِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ قَالَ أبو هُرَيْرَةَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَقْرَأُ بِهِمَا ([2]). قَالَ وفِي الباب، عن ابن عَبَّاس، والنُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ، وأَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيِّ. قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ورُوِي عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع كَاتِبُ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-. رجال السند: 1- قُتَيْبَة بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. 3- عبيد الله بن أَبِي رَافِع: تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 2 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيز بن مُحَمَّد ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ، وصَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَقِيلَ لَه ُإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ، والنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيَّهِ فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ، وصَامَ بَعْضُهُمْ فَبَلَغَهُ أن نَاسًا صَامُوا فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ. قَالَ وفِي الباب، عن كَعْبِ بن عَاصِمٍ، وابن عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَةَ . قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ جَابِر حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وقَدْ رُوِيَ، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، واخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وغَيْرِهِم أن الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ، حَتَّى رَأَى بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ إِذَا صَامَ فِي السَّفَرِ، واخْتَارَ أحمد، وإسحاق الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ، و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وغَيْرِهِم إنْ، وجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَحَسَنٌ، وهُوَ أَفْضَلُ، وإِنْ أَفْطَرَ فَحَسَنٌ، وهُوَ قَوْلُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، ومَالِك بن أَنَسٍ، وعَبْدِ اللَّهِ بن الْمُبَارَكِ، و قَالَ الشَّافِعِيُّ، وإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، وقَوْلِهِ حِينَ بَلَغَه أن نَاسًا صَامُوا فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ فَوَجْهُ هَذَا إِذَا لَمْ يَحْتَمِلْ قَلْبِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ اللَّهِ فَأَمَّا مَنْ رَأَى الْفِطْرَ مُبَاحًا، وصَامَ، وقَوِيَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَعْجَبُ إِلَيَّ ([3]). رجال السند: 1- قُتَيْبَة بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي: تقدم، وهو صدوق. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وجميع رواته ثقات. 2- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن أَبِي زِيَاد الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بن حُبَابٍ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ، ومَعَهَا عُمْرَةٌ فَسَاقَ ثَلَاثَةً وستينَ بَدَنَةً، وجَاءَ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن بِبَقِيَّتِهَا فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ ([4]) مِنْ فِضَّةٍ فَنَحَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَطُبِخَتْ، وشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا ([5]). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَان لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بن حُبَاب، ورَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَن (الدَّارِمِيّ) رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي كُتُبِهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن أَبِي زِيَاد قَالَ وسَأَلْتُ مُحَمَّداً (البخاري)، عن هَذَا فَلَمْ يَعْرِفْهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيّ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ورَأَيْتُهُ لَمْ يَعُدَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْفُوظًا، و قَالَ إِنَّمَا يُرْوَى، عن الثَّوْرِيِّ، عن أَبِي إسحاق، عن مُجَاهِد مُرْسَلًا. رجال السند: 1- عبد الله بن أَبِي زِيَاد الْكُوفِيّ: عبد الله بن الحكم بن أَبِي زِيَاد القطواني، أبو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِيّ الدهقان، واسم أَبِي زِيَاد سُلَيْمَان صدوق من العاشرة. روى عن: بن عُيَيْنَة، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وزيد بن الحُبَاب، وغيرهم. وعنه: أبو دَاوُد، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ مطين مات سنة خمس وخمسين ومائتين ([6]). 2- زيد بن حُبَاب: زيد بن الحُبَاب بن الريان، وقيل ابن رومان التميمي، أبو الحسين العكلي الْكُوفِيّ، صدوق يخطئ من التاسعة. روى عن: أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان العبسي الْكُوفِيّ، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ، وشعبة بن الحَجَّاج ، والضَّحَّاك بن عُثْمَان الحزامي، وعبد الله بن المبارك، ومَالِك بن أنس، وغيرهم . روى عنه: سُفْيَان بن، وكيع بن الجراح، وعبد الله بن الحكم بن أَبِي زِيَاد القطواني، وغيرهم قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ، عن يَحْيَى ابن معين ثقة، وكذلك قَالَ عَلِيّ بن المديني، وأحمد بن عبد الله العجلي، وقَالَ أبو حاتم صدوق صالح مات سنة ثَلَاثَ ومئتين ([7]). 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، حافظ حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح. 4 - حَدَّثَنَا ابن أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْحَجَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا فَلَمَّا أَتَى الْبَيْدَاءَ أَحْرَمَ قَالَ وفِي الباب، عن ابن عُمَرَ، وأَنَسٍ، والْمِسْوَر بن مَخْرَمَة([8]). قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ جَابِر حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رجال السند: 1- ابن أبي عمر: مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي عمر العدني، أبو عبد الله الحافظ، صدوق من العاشرة. روى عن: أبيه، وابن عُيَيْنَة، وفضيل بن عياض، وعبد الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ، وعبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وغيرهم . روى عنه: مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وروى النسائي، عن مُحَمَّد بن حاتم بن نعيم الأزدي، وهلال بن العلاء، وزَكَرِيَّا بن يَحْيَى السجزي عنه، وآخرون. قَالَ ابن أبي حاتم، عن أبيه كَانَ رجلا صالحا، وكان بِهِ غفلة، ورأيت عنه حديثا موضوعا حدث بِهِ، عن ابن عُيَيْنَة، وكان صدوقا قَالَ وثنا أحمد بن سَهْل الإسفرائيني سمعت أحمد، وسئل عمن يكتب فَقَالَ أما بِمَكَّةَ فابن أبي عمر، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ البخاري مات فِي ذي الحجة سنة ثَلَاثَ وأربعين ومائتين ([9]). 2- سُفْيَان بن عُيَيْنَة: تقدم، وهو ثقة، ثبت إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 5 - حَدَّثَنَا مَحْمُود بن غَيْلَان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ أَخْبَرَنَا سُفْيَان الثَّوْرِيُّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، والْمَقَامُ بَيْنَهُ، وبَيْنَ الْبَيْتِ، ثم أَتَى الْحَجَر بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا أَظُنُّهُ قَالَ ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ) قَالَ وفِي الباب، عن ابن عُمَرَ قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ جَابِر حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ([10]). رجال السند: 1- مَحْمُود بن غَيْلَان: مَحْمُود بن غَيْلَان العدوي مولاهم، أبو أحمد المروزي الحافظ، ثقة، من العاشرة. روى عن: وكيع، وابن عُيَيْنَة، ويَحْيَى بن آدَمَ ، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ويعلى بن عبيد، وخلق. وعنه: الجماعة سوى أبي دَاوُد، وقَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات قَالَ البخاري، والنسائي، وغيرهما مات فِي رَمَضَانَ سنة تسع وثَلَاثَين ومائتين ([11]). 2- يَحْيَى بن آدَمَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، حافظ حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 6- حَدَّثَنَا عَلِيّ بن خَشْرَم أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وهْبٍ، عن مَالِك بن أَنَسٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَر ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا. قَالَ وفِي الباب، عن ابن عُمَرَ، قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ جَابِر حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَرَكَ الرَمَلَ عَمْدًا فَقَدْ أَسَاءَ، ولَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وإِذَا لَمْ يَرْمُلْ([12]) فِي الْأَشْوَاطِ الثَلَاثَةِ لَمْ يَرَمَلَ فِيمَا بَقِيَ، و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ رَمَلَ، ولَا عَلَى مَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا([13]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن خَشْرَم: عَلِيّ بن خَشْرَم بن عبد الرَّحْمَن ابن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي، أبو الحسن الحافظ، ثقة، من صغار العاشرة. روى عن: حَفْص بن غِيَاث، ونصف بن يونس، والدَّارَوَرْدِيّ، والفضل بن موسى السيناني، وابن عُيَيْنَة، وابن وهب، وغيرهم. وعنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وأحمد بن عبد الرَّحْمَن ابن بَشَّار النسائي، وأبو بكر بن أبي دَاوُد، وابن خزيمة قَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، ومات فِي رَمَضَانَ سنة 257 ([14]). 2- عبد الله بن وهب: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 3- مَالِك بن أنس: تقدم، إمام دار الهجرة، ورأس المتقين، وكبير المتثبتين. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 7 - حَدَّثَنَا ابن أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وأَتَى الْمَقَامَ فَقَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى))([15]) فَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ، ثم أَتَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ، ثم قَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا، وقَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) ([16]). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةَ فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةَ قَبْلَ الصَّفَا لَمْ يُجْزِهِ، وبَدَأَ بِالصَّفَا، واخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، ولَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ، حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إن لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ ذَكَرَ، وهُوَ قَرِيبٌ مِنْهَا رَجَعَ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ ، وإِنْ لَمْ يَذْكُرْ، حَتَّى أَتَى بِلَادَهُ أَجْزَأَهُ، وعَلَيْهِ دَمٌ، وهُوَ قَوْلُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، و قَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ تَرَكَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، وهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ ، واجِبٌ لَا يَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ ([17]). رجال السند: 1- ابن أبي عمر: تقدم، وهو صدوق. 2- سُفْيَان بن عيينة: تقدم، وهو ثقة، حافظ إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 8- أَخْبَرَنَا أبو مُصْعَب الْمَدَنِيّ قِرَاءَةً، عن عَبْدِ الْعَزِيز بن عِمْرَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِسُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ([18]). رجال السند: 1- أبو مُصْعَب الْمَدَنِيّ : أحمد بن أبي بكر، واسمه القاسم بن الحارث بن بينها بن مُصْعَب بن عبد الرَّحْمَن ابن عوف القرشي، أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ الفقيه قاضي مدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - صدوق من العاشرة. روى عن: إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهْرِيّ ، وحسين بن زيد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب، وعبد الْعَزِيز بن عِمْرَان بن عبد الْعَزِيز بن عُمَر بن عبد الرَّحْمَن ابن عوف الزُّهْرِيّ المعروف ببن أبي ثابت، وغيرهم . روى عنه: الجماعة سوى النسائي قَالَ أبو زرعة، وأبو حاتم صدوق قَالَ مُحَمَّد بن إسحاق السراج مات فِي رَمَضَانَ سنة اثنتين وأربعين ومئتين ([19]). 2- عبد الْعَزِيز بن عِمْرَان: عبد الْعَزِيز بن عِمْرَان بن عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن ابن عوف الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ الأعرج المعروف بابن أبي ثابت، متروك من الثامنة. روى عن: أبيه، وجَعْفَر بن مُحَمَّد ، ودَاوُد بن الحصين، وإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبة، وغيرهم قَالَ معاوية بن صالح، عن يَحْيَى ابن معين كَانَ صاحب نسب، ولم يكن من أصحاب الحديث، وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ، عن يَحْيَى لَيْسَ بثقة إنما كَانَ صاحب شِعْر، وقَالَ الحسين بن حبان، عن يَحْيَى قَدْ رأيته ببغداد كَانَ يشتم الناس، ويطعن فِي أحسابِهِم لَيْسَ حديثه بشيء، وقَالَ البخاري منكر الحديث لَا يكتب حديثه، وقَالَ النسائي متروك الحديث، وقَالَ مرة لَا يكتب حديثه قَالَ خليفة، وغيره مات سنة سبع وتسعين ومائة، وقَالَ ابن حبان يروي المناكير، عن المشاهير، وقَالَ أبو حاتم ضعيف الحديث منكر الحديث جدا قيل لَهُ يكتب حديثه قَالَ عَلَى الاعتبار، وقَالَ ابن أبي حاتم أمتنع، أبو زرعة من قراءة حديثه، وترك الرواية عنه، وقَالَ الترمذي، والدارقطني ([20]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث ضعيف، فيه عبد الْعَزِيز بن عِمْرَان، وهو متروك الحديث. 9 - حَدَّثَنَا هَنَّاد، حَدَّثَنَا، وكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. قَالَ أبو عِيسَى ، وهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيز بن عِمْرَان، وحَدِيثُ جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ فِي هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وعَبْدُ الْعَزِيز بن عِمْرَان ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ([21]). رجال السند: 1- هَنَّاد : هَنَّاد بن السَّرِيّ بن مُصْعَب بن أبي بكر بن شبر بن صعفوق بن عَمْرُو بن عدس بن زائدة بن عبد الله بن دارم التميمي الدَّارِمِيّ، أبو السَّرِيّ الكوفي، ثقة، من العاشرة. روى عن: عبد الرَّحْمَن ابن أبي الزناد، وهشيم، وأبي بكر بن عَيَّاش، وابن عُيَيْنَة، ووكيع، وغيرهم . روى عنه: البخاري فِي خلق أفعال العباد، والباقون قَالَ أحمد بن حَنْبَل عليكم بِهَنَّاد ، وقَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ قُتَيْبَة ما رأيت، وكيعا يعظم أحدا تعظيمه لهَنَّاد ، وقَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ السراج قَالَ هَنَّاد بن السَّرِيّ : وُلِدتُ سنة ثنتين وخمسين ومائة قَالَ ومات فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاثَ وأربعين ومائتين([22]). 2- وكيع بن الجراح: تقدم، وهو ثقة، حافظ عابد. 3- سُفْيَان بن عُيَيْنَة: تقدم، وهو ثقة، حافظ. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 10- حَدَّثَنَا زَيْدُ بن أَخْزَم الطَّائِيّ الْبَصْرِيّ، حَدَّثَنَا عُثْمَان بن فَرْقَد قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ الَّذِي أَلْحَدَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أبو طَلْحَة، والَّذِي أَلْقَى الْقَطِيفَةَ تَحْتَهُ شُقْرَان مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. قَالَ جَعْفَر، وأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع قَالَ سَمِعْتُ شُقْرَان يَقُولُ أَنَا، واللَّهِ طَرَحْتُ الْقَطِيفَةَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الْقَبْرِ([23]). وفِي الباب، عن ابن عَبَّاس قَالَ أبو عِيسَى حَدِيثُ شُقْرَان حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، ورَوَى عَلِيّ بن المديني، عن عُثْمَان بن فَرْقَد هَذَا الْحَدِيثَ. رجال السند: 1- زيد بن أَخْزَم الطَّائِيّ الْبَصْرِيّ: زيد بن أَخْزَم الطَّائِيّ النبهاني، أبو طالب الْبَصْرِيّ، ثقة، حافظ من الحادية عشرة. روى عن: أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ويَحْيَى الْقَطَّان، وابن مهدي، وأبي قُتَيْبَة، وأبي عامر العقدي، وغيرهم. وعنه: الجماعة سوى مسلم، وروى لَهُ النسائي أيضا بواسطة زَكَرِيَّا السجزي قَالَ أبو حاتم، والنسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ مستقيم الحديث، وقَالَ الدارقطني ثقة، وقَالَ صالح بن مُحَمَّد صدوق فِي الرواية، وقَالَ مَسَلَمَة ثنا عنه ابن المحاملي، وهو ثقة، ([24]). 2- عُثْمَان بن فَرْقَد: عُثْمَان بن فَرْقَد العطار، أبو معاذ، أبو عبد الله البصري، صدوق من الثامنة. روى عن: هشام بن عروة، والأعمش، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق. وعنه: مُحَمَّد بن سلام، وعَلِيّ بن المديني، وأبو موسى، ومُحَمَّد بن هشام بن أبي خيرة، وزيد بن أَخْزَم، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ مستقيم الحديث، وقَالَ الدارقطني يخالف الثقات، وقَالَ الأزدي يتكلمون فيه، قَالَ الذهبي فِي الميزان: ما علمت بِهِ بأساً، روى لَهُ البخاري مقروناً بآخر([25]). 3- عبيد الله بن أَبِي رَافِع: تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 11 – حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشَّار، ومُحَمَّد بن أَبَان قَالَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِدِ ([26]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن بَشَّار: مُحَمَّد بن بَشَّار بن عُثْمَان بن دَاوُد بن كيسان العبدي، أبو بكر الحافظ الْبَصْرِيّ بندار، ثقة، من العاشرة. روى عن: عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وغندر، وروح بن عبادة، ويَحْيَى الْقَطَّان، وابن مهدي، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وخلق كثير . روى عنه: الجماعة، وروى النسائي، عن أبي بكر المروزي، وزَكَرِيَّا السجزي عنه، وقَالَ العجلي بصري ثقة، كثير الحديث، وكان حائكا، وقَالَ أبو حاتم صدوق، وقَالَ النسائي صالح لَا بأس بِهِ، وقَالَ البخاري، وغير، واحد مات فِي رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقَالَ ابن حبان كَانَ يحفظ حديثه، ويقرأه من حفظه، وقَالَ الدارقطني من الحفاظ الأثبات، وقَالَ الذهبي لم يرحل ففاته كبار، واقتنع بعلماء البصرة، ثقة، صدوق ([27]). 2- مُحَمَّد بن أَبَان: مُحَمَّد بن أَبَان بن، وزير البلخي، أبو بكر بن إِبْرَاهِيم المستملي الحافظ، ويعرف بحمدويه، ثقة، من العاشرة، كَانَ مستملي وكيع . روى عنه: وعن ابن عُيَيْنَة، وابن علية، وعبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وعبد الرزاق، وابن مهدي، وآخرين . روى عنه: الجماعة سوي مسلم، وقَالَ ابن أبي حاتم، عن أبيه صدوق، وقَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ كَانَ حسن المذاكرة ممن جمع، وصنف، وكان مستملي وكيع([28]). 3- عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 12- حَدَّثَنَا عَلِيّ بن حُجْر أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِدِ قَالَ وقَضَى بِهَا عَلِيّ فِيكُمْ قَالَ أبو عِيسَى ، وهَذَا أَصَحُّ، وهَكَذَا رَوَى سُفْيَان الثَّوْرِيُّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُرْسَلًا، ورَوَى عَبْدُ الْعَزِيز بن أَبِي سَلَمَة، ويَحْيَى بن سُلَيْم هَذَا الْحَدِيثَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيٍّ، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - والْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وغَيْرِهِمْ رَأَوْا أَنَّ الْيَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِدِ جَائِزٌ فِي الْحُقُوقِ، والْأَمْوَالِ، وهُوَ قَوْلُ مَالِك بن أَنَسٍ، والشَّافِعِيِّ، وأحمد، وإِسْحَقَ، وقَالَوا لَا يُقَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِدِ إِلَّا فِي الْحُقُوقِ، والْأَمْوَالِ، ولَمْ يَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وغَيْرِهِمْ أَنْ يُقَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِدِ ([29]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن حجر: عَلِيّ بن حُجْر بن إياس بن مقاتل بن مخادش بن مشمرج بن خالد السعدي، أبو الحسن المروزي، ثقة، حافظ من التاسعة. روى عن: أبيه، وإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وابن المبارك، والدَّارَوَرْدِيّ، وخلق كثير. وعنه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو بكر بن خزيمة، ومُحَمَّد بن عَلِيّ الحكيم الترمذي، وآخرون. وقَالَ النسائي ثقة، مأمون حافظ، وقَالَ الخطيب كَانَ صدوقا متقنا حافظا اشتهر حديثه بمرو قَالَ البخاري: مات فِي جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومائتين، وقَالَ الحاكم كَانَ شيخا فاضلا ثقة([30]). 2- إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: . إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم، أبو إسحاق القاري، ثقة، ثبت من الثامنة، روى، عن عبد الله بن دينار، وربيعة، وجَعْفَر الصادق، وحميد الطويل، ومَالِك بن أنس، وغيرهم. وعنه: مُحَمَّد بن جهضم، ويَحْيَى بن أيوب المقابري، وعَلِيّ بن حُجْر، وجماعة قَالَ أحمد، وأبو زرعة، والنسائي ثقة، وقَالَ ابن معين ثقة، وهو أثبت من ابن أبي حازم، والدَّارَوَرْدِيّ، وأبي ضمرة، وقَالَ ابن سعد ثقة، وهو من أهل المدينة قدم بغداد فلم يزل بِهَا حَتَّى مات، وهو صاحب الخمس مائة حديث التي سمعها منه الناس، وقَالَ ابن خراش صدوق، وقَالَ ابن المديني ثقة، وقَالَ ابن معين فيما حكاه ابن أبي خيثمة: ثقة مأمون قليل الخطأ صدوق، وقَالَ الخليلي فِي الإرشاد: كَانَ ثقة، شارك مَالِكا فِي أكثر شيوخه، وكذا قَالَ الحاكم، وذكره ابن حبان فِي الثقات([31]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 13 –حَدَّثَنَا أبو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، ويَمْشِي فِي سَوَادٍ([32])، ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ([33]). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَفْص بن غِيَاث. رجال السند: 1- أبو سعيد الأشج: عبد الله بن سعيد بن حصين سنان، أبو سعيد، وعُثْمَان الْكُوفِيّ، ثقة، من كبار العاشرة. روى، عن إِسْمَاعِيل بن علية، وحَفْص بن غِيَاث، وابن أبي عتبة، وغيرهم. وعنه: الجماعة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن خزيمة، وجماعة قَالَ ابن أبي خيثمة، عن ابن معين لَيْسَ بِهِ بأس، ولكنه يروي، عن قوم ضعفاء، وقَالَ أبو حاتم ثقة، صدوق، وقَالَ مرة: وعُثْمَان إمام زمانه، وقَالَ النسائي صدوق، وقَالَ مرة لَيْسَ بِهِ بأس، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ الخليلي، ومَسَلَمَة بن قاسم ثقة، مات سنة سبع وخمسين ومائتين ([34]). 2- حَفْص بن غياث: تقدم، وهو ثقة، فقيه. 3- أبو سعيد الخدري: سعد بن مَالِك هو ابن أبي وقاص سعد بن مَالِك بن سنان بن عبيد الأنصاري، أبو سعيد الخدري لَهُ، ولأبيه صحبة. حدث عن النَّبِيّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فأكثر، وأطاب، وعن أبي بكر، وعمر، وطائفة، وكان أحد الفقهاء المجتهدين. روى عنه: مُحَمَّد بن عَلِيّ الباقر قَالَ الواقدي، وجماعة: مات سنة أربع وسبعين ([35]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 14 –حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ بن هُرْمُزَ أن نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ كَتَبَ إِلَى ابن عَبَّاس يَسْأَلُهُ هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابن عَبَّاس كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وكَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ([36]). وَفِي الباب، عن أَنَسٍ، وأُمِّ عَطِيَّةَ، وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، والْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وهُوَ قَوْلُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، والشَّافِعِيِّ، و قَالَ بَعْضُهُمْ يُسْهَمُ لِلْمَرْأَةِ، والصَّبِيِّ، وهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وأَسْهَمَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لِلصِّبْيَانِ بِخَيْبَرَ، وأَسْهَمَتْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِكُلِّ مَوْلُودٍ، ولِدَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وأَسْهَمَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لِلنِّسَاءِ بِخَيْبَرَ، وأَخَذَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَلِيّ بن خَشْرَمٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بن يُونُسَ، عن الْأَوْزَاعِيِّ بهذا، ومَعْنَى قَوْلِهِ، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ يَقُولُ يُرْضَخُ لَهُنَّ بِشَيْءٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ يُعْطَيْنَ شَيْئًا. رجال السند: 1- قُتَيْبَة بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. وقد روى هَذَا الحديث فِي صحيح مسلم من طريق عبد الله بن مَسَلَمَة القَعْنَبي، عن سُلَيْمَان بن بِلَال، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، ويبدو أنَّ الترمذي قَدْ رواه هنا مختصراً فقد جاء فِي الرواية التي أوردها الإمام مسلم: أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابن عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابن عَبَّاس لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيَّهِ كَتَبَ إِلَيَّهِ نَجْدَةُ أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟، وهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ ، ومَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم ؟ وعَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابن عَبَّاس كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ اليُتْم، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي، عن الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟، وإِنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ. 15 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمَانِ فِي يَسَارِهِمَا([37]). هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رجال السند: 1- قُتَيْبَة بن سعيد: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث موقوف صحيح الإسناد. 16 – حَدَّثَنَا أبو الْخَطَّابِ زِيَادُ بن يَحْيَى الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَيْمُونٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابه لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبه ([38]). قَالَ أبو عِيسَى: وفِي الباب، عن عُبَادَةَ، وجَابِر ، وعَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرُو، وهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن مَيْمُونٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بن مَيْمُونٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. رجال السند: 1- أبو الخطاب زياد بن يَحْيَى الْبَصْرِيّ: زياد بن يَحْيَى بن زياد بن حَسَّانَ الحساني، أبو الخطاب النكري، ثقة، من العاشرة، روى، عن بشر بن المفضل، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وعبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وعبد الله بن ميمون القداح، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم. وعنه: الجماعة، وأبو حاتم، وابن خزيمة قَالَ أبو حاتم، والنسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ مات سنة أربع وخمسين ومائتين([39]). 2- عبد الله بن ميمون: عبد الله بن ميمون بن دَاوُد القداح المخزومي مولاهم، المكي، متروك من الثامنة، روى، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، وإِسْمَاعِيل بن أمية، ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري، وعُثْمَان بن الأسود، وغيرهم. وعنه: أبو الخطاب زياد بن يَحْيَى ، ومُؤَمَّل بن إهاب، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وغيرهم قَالَ البخاري ذاهب الحديث، وقَالَ أبو زرعة: واهي الحديث. وقَالَ الترمذي: منكر الحديث. وقَالَ ابن عدي: عامة ما يرويه لَا يتابع عليه، لَهُ عنده حديث جَابِر فِي الإيمان بالقدر، وله فِي الشمائل التختم فِي اليمين. وقَالَ النسائي: ضعيف، وقَالَ أبو حاتم: منكر الحديث. وقَالَ أبو حاتم: يروي عن الأثبات الملزقات لَا يجوز الاحتجاج بِهِ إِذَا انفرد. وقَالَ الحاكم: روى عن: عبيد الله بن عمر أحاديث موضوعة، وقَالَ أبو نعيم الأصبِهِاني: روى المناكير ([40]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده حسن، وقد صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وقد خرج له مجموعة من الشواهد التي ترتفع بهذا الحديث إلى الصحة، ورد عَلَى قول الترمذي بقوله: لكن الحديث صحيح، فإنه جاء مفرقا فِي أحاديث: - الأول: عن عَمْرُو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً إِلَى قوله: " خيره، و شره ". أخرجه الآجري فِي " الشريعة " ( ص 188 )، و، أبو الحسن القزويني فِي " مجلس من الأمالي " ( 198 / 1 )، واللالكائي فِي " السنة " ( 1 / 141 / 2 )، و، أبو سعد الجنزروذي فِي " العاشر " من" أحاديث هشام بن عَمَّار " ( 5 / 2 ) من طرق عنه. قلت: و هَذَا إسناد حسن. - الثاني: عن عكرمة بن عَمَّار، عن شداد، عن ابن عمر مرفوعا بِهِ نحوه. أخرجه اللالكائي. - الثالث: عن إِسْمَاعِيل بن أبي الحكم الثَّقَفِيَّ قَالَ: حَدَّثَنِي بن أبي حازم، عن أبيه، عن سَهْل بن سعد الساعدي مرفوعا بِهِ. أخرجه اللالكائي أيضا، و الطبراني فِي " الكبير " ( 6 / 212 / 5900 ). و قَالَ الهيثمي ( 7 / 206 ): "، و إِسْمَاعِيل بن أبي الحكم الثَّقَفِيَّ لم أعرفه، و بقية رجاله ثقات ". و تعقبه الشيخ حمدي السلفي بأنه - أعني الهيثمي - قَدْ قَالَ فِي الثَّقَفِيَّ هَذَا فِي حديث آخر ( 4 / 80 ): "، وثقه، أبو حاتم، و لم يتكلم فيه أحد ". و أقول: لم يوثقه، أبو حاتم، فقد قَالَ ابنه فِي " الجرح " ( 1 / 1 / 165 ): " . روى عنه: أبو زرعة، سئل أبي عنه ؟ فَقَالَ : شيخ ". وهذه اللفظة: " شيخ "، لَا تعني أنه ثقة، و إنما يستشهد بِهِ كَمَا نص ابنه فِي كتابه ( 1 / 37 ). نعم، رواية أبي زرعة عنه توثيق لَهُ كَمَا هو معلوم. فالإسناد حسن إن شاء الله تعالى. - الرابع: من طريقين، عن أنس بن مَالِك مرفوعا بِهِ. أخرجه بن عساكر فِي " التاريخ "( 2 / 60 / 2، و 11 / 38 / 1 ). - الخامس: عن الوليد بن عبادة، عن أبيه عبادة بن الصامت فِي حديث: "، و لن تؤمن بالله حَتَّى تؤمن بالقدر خيره، و شره، و تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، و ما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: القدر عَلَى هَذَا من مات عَلَى غير هَذَا دخل النار ". أخرجه الآجري، وكذا أحمد، و ابن أبي عاصم، و هو حديث صحيح كَمَا حققته فِي " تخريج السنة لابن أبي عاصم " ( رقم 111 ). - السادس، و السابع، و الثامن، و التاسع: عن أبي بن كعب، و عبد الله بن مسعود، وحُذَيْفَة بن اليمان، و زيد بن ثابت مرفوعا فِي حديث لهم فِي القدر: "، و لو أنفقت مثل أحد ذهبا فِي سبيل الله ما قبله الله منك حَتَّى تؤمن بالقدر، و تعلم أن ما أصابك . " الحديث، و فيه: "، و لو مت عَلَى غير هَذَا لدخلت النار ". و إسناده صحيح، أخرجه جماعة من أصحاب السنن، و المسانيد، و غيرهم، و هو مخَرَجَ فِي " المشكاة " (115 )، و " تخريج السنة " ( 245 ). العاشر: عن أنس مرفوعا: " لَا يجد عبد حلاوة الإيمان حَتَّى يعلم أن ما أصابه. " الحديث. أخرجه بن أبي عاصم ( 247 ) بإسناد حسن عنه ([41]). 17 – حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عن مُحَمَّد بن ثَابِتٍ الْبنانِيّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي. قَالَ مُحَمَّد بن عَلِيّ: فَقَالَ لِي جَابِر: يَا مُحَمَّد مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ ولِلشَّفَاعَةِ ([42]). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُسْتَغْرَبُ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَر بن مُحَمَّد . رجال السند: 1- مُحَمَّد بن بشار: تقدم، وهو ثقة. 2- أبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الجارود، أبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ الحافظ، ثقة، حافظ من التاسعة، روى، عن أيمن ابن نابل، وأَبَان بن يزيد العطار، وإِبْرَاهِيم بن سعد، وجرير بن حازم، وحبيب بن يزيد أيمن ابن نابل، وأَبَان بن يزيد العطار، وإِبْرَاهِيم بن سعد، وجرير بن حازم، وحبيب بن يزيد، وبندار، وغيرهم، وروى عنه: جرير بن عبد الحميد الرازي، وهو من شيوخه، وقَالَ العجلي: بصري ثقة، وكان كثير الحفظ. وقَالَ النسائي: ثقة، من أصدق الناس لهجة. وقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة، كثير الحديث، وربما غلط توفي بالبصرة سنة 203. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ الخطيب: كَانَ حافظا مكثرا ثقة، ثبتا ([43]). 3- مُحَمَّد بن ثابت الْبنانِيّ: مُحَمَّد بن ثابت بن أسلم الْبنانِيّ الْبَصْرِيّ، ضعيف من السابعة. روى عن: أبيه، ومُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر، وعَمْرُو بن دينار، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وجماعة . روى عنه: جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وغيرهم. قَالَ معاوية بن صالح، عن ابن معين: لَيْسَ بشيء. وقَالَ أبو حاتم: منكر الحديث يكتب حديثه، ولا يحتج بِهِ. وقَالَ البخاري: فيه نظر. وقَالَ أبو دَاوُد، والنسائي: ضعيف. وقَالَ ابن عدي: عامتها -يعني أحاديثه- مما لَا يتابع عليه. وقَالَ أبو زرعة: لين. وقَالَ الدارقطني: ضعيف. وقَالَ الأزدي: ساقط. قَالَ ابن حبان: روى عن أبيه ما لَيْسَ من حديثه لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. وقَالَ يعقوب بن سُفْيَان: لَيْسَ بالقوي. وقَالَ الحاكم: هو عزيز الحديث، ولم يأت بمتن منكر([44]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف، ولكن الحديث صحيح بمجموع طرقه، كَمَا هي القاعدة عِنْدَ أهل الحديث فإنَّ الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق. وقد جمع له الإمام شمس الدين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السخاوي فِي كتابه " المقاصد الحسنة فِي بيان كثير من الأحاديث المشتهرة عَلَى الألسنة" مجموعة من الطرق التي تقويه وترتفع بدرجته فقد "أخرجه الترمذي، والبيهقي من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس بِهِ مرفوعا، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقَالَ الترمذي إنه حسن صحيح غريب من هَذَا الوجه، وقَالَ البيهقي إنه إسناد صحيح، وأخرجه أيضا هو، وأحمد، وأبو دَاوُد، وابن خزيمة، والحاكم فِي صحيحيهما من حديث أشعث الحداني، عن أنس، وهو، وابن خزيمة من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بلفظ ( الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي )، وهو وحده من حديث مَالِك بن دينار، عن أنس بزيادة، وتلا هذه الآية ((إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً))([45])، ومن حديث يزيد الرقاشي، عن أنس بلفظ قلنا يَا رَسُولَ الله لمن تشفع قَالَ: (لأهل الكبائر من أمتي، وأهل العظائم، وأهل الدماء)، ومن حديث زياد النميري، عن أنس بلفظ (إِنَّ شفاعتي أو إِنَّ الشفاعة لأهل الكبائر)، وفي الباب جماعة منهم جَابِر أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم فِي صحاحهم، والبيهقي من حديث زُهَيْر بن مُحَمَّد ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين عنه مرفوعا بلفظ الترجمة رواه، عن زُهَيْر عُمَر بن أبي سَلَمَة، ومُحَمَّد بن ثابت الْبنانِيّ زاد ثانيهما فِي رواية الطَّيَالِسِيّ فَقَالَ جَابِر: من لم يكن من أهل الكبائر فما لَهُ، وللشفاعة، وزاد الوليد بن مسلم فِي روايته له، عن زُهَيْر فَقُلْتُ: ما هَذَا يا جَابِر قَالَ نعم يا مُحَمَّد: إنه من زادت حسناته عن سيئاته فذلك الَّذِي يدخل الجنة بغير حساب، وأما الَّذِي قَدْ اسْتَوَتْ حسناته، وسيئاته فذلك الَّذِي يحاسب حسابا يسيرا، ثم يدخل الجنة، وإنما الشفاعة شفاعة رسول الله لمن أوبق نفسه، وأغلق ظهره. "([46]). 18 – حَدَّثَنَا ابن أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَقَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) فَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ، ثم أَتَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ، ثم قَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ، وقَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ([47]). رجال السند: 1- ابن أبي عمر: تقدم ، وهو صدوق. 2- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثبت حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 19 –حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عَلِيّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ أَخْبَرَنِي أَخِي مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وحُسَيْنٍ، فَقَالَ: مَنْ أَحَبني، وأَحَبَّ هَذَيْنِ، وأَبَاهُمَا، وأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ([48]). قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَر بن مُحَمَّد إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. رجال السند: 1- نصر بن عَلِيّ الجهضمي: نصر بن عَلِيّ بن نصر بن عَلِيّ بن أصبِهان الأزدي الجهضمي، أبو عَمْرُو الْبَصْرِيّ الصغير، ثقة، ثبت من العاشرة. روى عن: أبيه، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وخلق كثير. روى عنه: الجماعة، وروى النسائي أيضا، عن زَكَرِيَّا السجزي، وأحمد بن عَلِيّ المروزي عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون. قَالَ عبد الله بن أحمد سألت أبي عنه فَقَالَ ما بِهِ بأس، ورضيته، وقَالَ النسائي، وابن خراش ثقة، وقَالَ عبيد الله بن مُحَمَّد الفرهياني نصر عندي من نبلاء الناس، وقَالَ أبو عَلِيّ بن الصواف، عن عبد الله بن أحمد لما حدث نصر بن عَلِيّ بهذا الحديث يعني حديث عَلِيّ بن أبي طالب أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أخذ بيد حسن، وحسين فَقَالَ من أحبني وأحب هذين، وأباهما، وأمهما كَانَ فِي درجتي يوم القيامة. أَمَرَ المتوكل بضربِهِ ألف سوط فكلمه فيه جَعْفَر بن عبد الواحد، وجعل يقول لَهُ هَذَا من أهل السنة فلم يزل بِهِ حَتَّى تركه، وقَالَ الحسين بن إدريس الأنصاري سئل مُحَمَّد بن عَلِيّ النيسابوري، عن نصر بن عَلِيّ فَقَالَ : حجة. وقَالَ أبو بكر بن أبي دَاوُد: كَانَ المستعين بعث إِلَى نصر بن عَلِيّ ليوليه القضاء فَقَالَ لأمير البصرة: أرجع فأستخير الله تعالى فرجع إِلَى بيته فَصَلَّى ركعتين، ثم قَالَ اللهم إِنْ كَانَ لي عندك خير فاقبضني إِلَيَّك. فنام فنبهوه فإِذَا هو ميت. قَالَ البخاري: مات فِي ربيع الآخر سنة خمسين ومائتين([49]). 2- عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ : عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي العلوي، مقبول من كبار العاشرة. روى عن: أبيه أنه كَانَ سمع منه، وأخيه موسى الكاظم، وابن عم أبيه حسين بن زيد بن عَلِيّ بن الحسين، والثَّوْرِيّ، ومعتب مولاهم، وأبي سعيد المكي. وعنه: ابنه أحمد، ومُحَمَّد، وابن ابنه عبد الله بن الحسن بن عَلِيّ ، وعَلِيّ بن الحسن بن عَلِيّ بن عُمَر بن عَلِيّ بن أبي طالب، وزيد بن عَلِيّ بن حسين بن زيد بن عَلِيّ بن حسين بن عَلِيّ، وابنه حسين بن زيد، وابن بن أخيه إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إسحاق بن جَعْفَر، وسَلَمَة بن شبيب، ونصر بن عَلِيّ الجهضمي، وغيرهم قَالَ الذهبي فِي الميزان: ما هو من شرط كتابي، لأني ما رأيت أحدا لينه، نعم، ولا من وثقه، ولكن حديثه منكر جدا، ما صححه الترمذي، ولا حسنه([50]). 3- موسى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد : موسى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي العلوي، أبو الحسين الْمَدَنِيّ الكاظم، صدوق عابد. روى عن: أبيه، وعبد الله بن دينار، وعبد الملك بن قُدَامَة الجمحي. وعنه: أخواه عَلِيّ ، ومُحَمَّد ، وأولاده إِبْرَاهِيم، وحسين، وإِسْمَاعِيل، وعَلِيّ الرضي، وصالح بن يزيد، ومُحَمَّد بن صدقة العنبري قَالَ أبو حاتم ثقة، صدوق إمام من أئمة المسلمين قَالَ يَحْيَى بن الحسن بن جَعْفَر النسابة كَانَ موسى بن جَعْفَر يدعى العبد الصالح من عبادته، واجتهاده، وقَالَ الخطيب يقَالَ إنه ولد بالمدينة فِي سنة ثمان وعشرين ومائة، وأقدمه المهدي إِلَى بغداد، ثم رده إِلَى المدينة، وأقام بِهَا إِلَى أيام الرشيد فقدم هَارُون منصرفا من عمرة رَمَضَانَ سنة تسع وسبعين فحمله مَعَهُ إِلَى بغداد، وحبسه بِهَا إلى أَنْ توفي فِي محبسه، وقَالَ مُحَمَّد بن صدقة العنبري توفي سنة ثَلَاثَ وثمانين ومائة، وقَالَ غيره فِي رجب، ومناقبِهِ كثيرة، قَالَ الذهبي قَالَ ابن أبى حاتم: صدوق إمام. وقَالَ أبوه، أبو حاتم الرازي: ثقة، إمام. روى عنه: بنوه: عَلَى الرضا، وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين، وأخواه: على، ومُحَمَّد ، وإنما أوردته لأن العقيلى ذكره فِي كتابِهِ، وقَالَ: حديثه غير محفوظ - يعنى فِي الايمان، قَالَ: الحمل فيه عَلَى أبى الصَّلْتِ الهروي. قَالَ الإمام الذهبي فِي سيره: فإِذَا كَانَ الحمل فيه عَلَى أبى الصَّلْتِ فما ذنب موسى تذكره ؟وقد كَانَ موسى من أجواد الحكماء، ومن العباد الأتقياء([51]). 4- مُحَمَّد بن علي: تقدم، وهو ثقة. 5- عَلِيّ بن الحسين ت 94هـ: عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين. روى عن: أبيه، وعمه الحسن، وأرسل، عن جده عَلِيّ بن أبي طالب، وروى عن ابن عَبَّاس، والْمِسْوَر بن مَخْرَمَة، وأم سَلَمَة، وابنتها زينب بنت أبي سَلَمَة، وغيرهم . روى عنه: أولاده مُحَمَّد ، وزيد، وعبد الله، وعمر، وغيرهم قَالَ ابن عيينة، عن الزُّهْرِيّ: ما رأيت قرشيا أفضل من عَلِيّ بن الحسين. وقَالَ حماد بن زيد، عن يَحْيَى بن سعيد سمعت عَلِيّ بن الحسين: وكان أفضل هاشمي أدركته. قَالَ ابن سعد فِي الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة: أمه أم ولد، وكان ثقة، مأمونا كثير الحديث عالياً رفيعا، ورعا . قَالَ ابن حُجْر فِي التقريب: ثقة، ثبت عابد فقيه فاضل مشهور من الثالثة مات سنة ثَلَاثَ وتسعين، وقيل غير ذَلِكَ ([52]). 6- الحسين بن عَلِيّ : الحسين الشهيد - رَضِيَ اللهُ عَنْه- الإمام الشريف الكامل، سبط رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وريحانته من الدنيا، ومحبوبه. أبو عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين أبي الحسن عَلِيّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي. حدث عن جده، وأبويه، وصهره عمر، وطائفة. حدث عنه: ولده عَلِيّ ، وفاطمة، وعبيد بن حنين، وهمام الفرزدق، وعكرمة، والشعبي، وطَلْحَة العقيلي، وابن أخيه زيد بن الحسن، وحفيده مُحَمَّد بن عَلِيّ الباقر، ولم يدركه، وبنته سكينة، وآخرون([53]). الحكم عَلَى سند الحديث: ضعفه الألباني([54])، وقَالَ فيه الإمام الذهبي فِي سير أعلام النبلاء " هَذَا حديث منكر جدا. وما فِي رواة الخبر إِلَّا ثقة، ما خلا عَلِيّ بن جَعْفَر، فلعله لم يضبط لفظ الحديث - وما كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من حبِهِ بثَّ فضيلة الحسنين ليجعل كل من أحبِهِما فِي درجته فِي الجنة، فلعله قَالَ: فهو معي فِي الجنة. وقد تواتر قوله -رَضِيَ اللهُ عَنْه- : " المرء مَعَ من أحب "، ونصر بن علي، فمن أئمة السنة الأثبات. "([55]). ويرى الباحث أنَّ إنكار الإمام الذهبي لمتن هَذَا الحديث مرجعه إِلَى أنه – رحمه الله- استكثر أن يبلغ مسلم درجة التساوي مَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بمجرد حبِهِ لآل بيته كَمَا يبدو من عبارته السابقة، مع أن التساوي فِي الدرجة نسبي، فهو فِي تقدير الباحث تساوٍ فِي النوع، وليس فِي الكم، وهو ثابت لمسلمين آخرين بنص الْقُرْآن الكريم فِي قوله سبحانه، وتعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) [النساء:69]. وفي الحديث الشريف، عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: (أَنَا وكَافِلُ اليَتِيْم فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والْوُسْطَى)([56]) فالمعية فِي الآية الكريمة الثابتة من الظرف "مع" الذين أنعم الله عليهم، توحي بتساوٍ فِي النوع "الإكرام"، وليس فِي المرتبة التي يفهم تفاوتها من العطف بالواو بين فئات المكرمين المختلفة، وهم النبيون، والصديقون، والشهداء، والصالحون، إذ يتعين عقلاً ألا يكون هؤلاء جميعاً عَلَى درجة واحدة من الإكرام، وإن كانوا فِي المرتبة نفسها من الاصطفاء. وعلى هَذَا الفهم يمكن أن يرتفع الحديث إِلَى مرتبة الحديث الحسن ، وبخاصة أن سنده مضيء، ولا يوجد بِهِ ضعيف أو متروك. أما عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد فلم يضعفه أحد أو يوثقه، وقد ذكره عمر رضا كحالة فِي معجم المؤلفين، وقَالَ عنه: فقيه، وذكر أنَّ لَهُ كتاباً فِي المناسك، ومسائل لأخيه موسى بن جَعْفَر ([57])، وقَالَ ابن حجر: مقبول ([58]) وروت لَهُ كتب الشيعة مئات الروايات، ووثقوه، وقَالَوا مات أبوه، وهو طفل، وقد سمع من أخيه موسى بن جَعْفَر، وكان من الفضل، والورع عَلَى ما لَا يختلف عليه اثنان([59]). 20 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بن عَبْدِ الرَّحْمَن الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بن الْحَسَنِ هُوَ الْأَنْمَاطِيُّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وهُوَ عَلَى نَاقَتُهُ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنَّ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ، وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ([60]) قَالَ: وفِي الباب عن أَبِي ذَرٍّ، وأَبِي سَعِيدٍ، وزَيْدِ بن أَرْقَم ، وحُذَيْفَة بن أَسِيدٍ. قَالَ: وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ وزَيْدُ بن الْحَسَنِ قَدْ روى عنه: سَعِيدُ بن سُلَيْمَان، وغَيْرُ واحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. رجال السند: 1- نصر بن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِيّ: نصر بن عبد الرَّحْمَن ابن بكار الناجي، ويقَالَ الأزدي، أبو سُلَيْمَان، ويقَالَ: أبو سعيد الْكُوفِيّ الوشاء، ثقة، من العاشرة. روى عن: عبد الله بن إدريس، وزيد بن الحسن الْأَنْمَاطِيّ، وأحمد بن بشير الْكُوفِيّ، وغيرهم . روى عنه: الترمذي، وابن ماجه، وأبو حاتم، وأبو قريش مُحَمَّد بن جمعة، وآخرون. قَالَ ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فَقَالَ : شيخ كوفي رأيته يحفظ ما رأينا إِلَّا جمالا، وحسن خلق. وقَالَ النسائي: ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات. قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي: مات فِي شوال سنة ثمان وأربعين ومائتين([61]). 2- زيد بن الحسن الْأَنْمَاطِيّ: زيد بن الحسن القرشي، أبو الحسين الْكُوفِيّ صاحب الأنماط، ضعيف من الثامنة. روى عن: جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، ومعروف بن خربوذ، وعَلِيّ بن المبارك الهنائي. وعنه: إسحاق بن راهويه، وسعيد بن سُلَيْمَان الواسطي، وعَلِيّ بن المديني، ونصر بن عبد الرَّحْمَن الوشاء، ونصر بن مزاحم قَالَ أبو حاتم كوفي قدم بغداد منكر الحديث، وذكره ابن حبان فِي الثقات روى لَهُ الترمذي حديثا، واحدا فِي الحج([62]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وقد صححه الألباني، وقَالَ فِي السلسلة الصحيحة: " أخرجه الترمذي ( 2 / 308 )، و الطبراني ( 2680 )، عن زيد بن الحسن الأنماطي، عن جَعْفَر، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: " رأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي حجته يوم عرفة، و هو عَلَى نَاقَتُهُ القصواء يخطب، فسمعته يقول: " فذكره، و قَالَ: " حديث حسن غريب من هَذَا الوجه، و زيد بن الحسن قَدْ . روى عنه: سعيد بن سُلَيْمَان، و غير واحد من أهل العلم ".: قَالَ أبو حاتم، منكر الحديث، و ذكره ابن حبان فِي " الثقات ". و قَالَ الحافظ: " ضعيف ". قلت: لكن الحديث صحيح، فإن لَهُ شاهدا من حديث زيد بن أَرْقَم قَالَ: " قام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوما فينا خطيبا بماء يدعى ( خما ) بين مكة، و المدينة، فحمد الله، و أثنى عليه، و، وعظ، و ذكر، ثم قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، ألا أَيُّهَا الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أنْ يأتي رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله، فيه الهدى، و النور ( من استمسك بِهِ، و أخذ بِهِ كَانَ عَلَى الهدى، و من أخطأه ضل )، فخذوا بكتاب الله، و استمسكوا بِهِ - فحث عَلَى كتاب الله، و رغب فيه، ثم قَالَ: - و أهل بيتي، أذكركم الله فِي أهل بيتي، أذكركم الله فِي أهل بيتي، أذكركم الله فِي أهل بيتي ". أخرجه مسلم ( 7 / 122 - 123 )، و الطحاوي فِي " مشكل الآثار " ( 4 / 368 )، و أحمد ( 4 / 366 - 367 )، و ابن أبي عاصم فِي " السنة " ( 1550، و 1551 )، و الطبراني ( 5026 ) من طريق يزيد بن حيان التميمي عنه. ، ثم أخَرَجَ أحمد ( 4 / 371 )، و الطبراني ( 5040 )، و الطحاوي من طريق عَلِيّ بن ربيعة قَالَ: " لقيت زيد بن أَرْقَم ، و هو داخل عَلَى المختار أو خارج من عنده، فَقُلْتُ لَهُ: أسمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: إني تارك فيكم الثقلين ( كتاب الله، و عترتي ) ؟ قَالَ: نعم ". و إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح. و لَهُ طرق أخرى عِنْدَ الطبراني ( 4969 - 4971، و 4980 - 4982، و 5040 )، و بعضها عِنْدَ الحاكم ( 3 / 109، و 148، و 533 ). و صحح هو و الذهبي بعضها. و شاهد آخر من حديث عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " ( إنى أوشك أَنْ أدعى فأجيب، و إني تركت فيكم ما إِنَّ أخذتم بِهِ لن تضلوا بعدي، الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماءإِلَى الأرض، و عترتي أهل بيتي، ألا و إنهما لن يتفرقا حَتَّى يردا عَلِيّ الحوض ". أخرجه أحمد ( 3 / 14، و 17، و 26، و 59 )، و ابن أبي عاصم ( 1553، و 1555 )، و الطبراني ( 2678 - 2679 )، و الديلمي ( 2 / 1 / 45 ). و هو إسناد حسن فِي الشواهد. و لَهُ شواهد أخرى من حديث أبي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الدارقطني( ص 529 )، و الحاكم ( 1 / 93 )، و الخطيب فِي " الفقيه، و المتفقه " ( 56 / 1 ). و ابن عَبَّاس عِنْدَ الحاكم، و صححه، و، وافقه الذهبي. و عَمْرُو ابن عوف عِنْدَ بن عبد البر فِي " جامع بيان العلم " ( 2 / 24، 110 )، و هي – أي الشواهد - وإِنَّ كَانَتْ مفرداتها لَا تخلو من ضعف، فبعضها يقوي بعضا، و خيرها حديث ابن عَبَّاس. ثم وجدت لَهُ شاهدا قويا من حديث عَلِيّ مرفوعا بِهِ. أخرجه الطحاوي فِي " مشكل الآثار ( 2 / 307 ) من طريق أبي عامر العقدي: حَدَّثَنَا يزيد بن كثير، عن مُحَمَّد بن عُمَر بن علي، عن أبيه، عن عَلِيّ مرفوعا بلفظ: " . كتاب الله بأيديكم، و أهل بيتي ". ورجاله ثقات غير يزيد بن كثير فلم أعرفه، و غالب الظن أنه محرف عَلَى الطابع أو الناسخ. و الله أعلم. ثم خطر فِي البال أنه لعله انقلب عَلَى أحدهم، وإِنَّ الصواب كثير بن زيد، ثم تأكدت من ذَلِكَ بعد أنْ رجعت إِلَى كتب الرجال، فوجدتهم ذكروه فِي شيوخ عامر العقدي، و فِي الرواة، عن مُحَمَّد بن عُمَر بن عَلِيّ ، فالحمد لله عَلَى توفيقه. ثم ازددت تأكدا حِينَ رأيته عَلَى الصواب عِنْدَ بن أبي عاصم ( 1558 ). و شاهد آخر يرويه شريك، عن الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت مرفوعا بِهِ. أخرجه أحمد ( 5 / 181 - 189 )، و ابن أبي عاصم ( 1548 - 1549 )، و الطبراني فِي " الكبير " ( 4921 - 4923 ). و هَذَا إسناد حسن فِي الشواهد، و المتابعات، و قَالَ الهيثمي فِي " المجمع " ( 1 / 170 ): " رواه الطبراني فِي " الكبير "، و رجاله ثقات " !، و قَالَ فِي موضع آخر ( 9 / 163 ): " رواه أحمد، و إسناده جيد " ! "([63]) وبعدإِنَّ استعرض الشيخ الألباني طرق، ومتابعات، وشواهد هَذَا الحديث أثبت بِمَا لَا يدع مجالاً للشك صحته. ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: تهذيب الكمال ج26، ص250. وسير أعلام النبلاء: ج 13، ص 270- ثقات ابن حبان ج9 ص153. [2] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الجمعة – باب ما جاء فِي القراءة فِي صلاة الجمعة ج2، ص16، وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15، وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب الصلاة – باب ما يقرأ فِي الجمعة، م1، ص225. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه- كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها- باب ما جاء فِي القراءة فِي الصلاة يوم الجمعة ج1، ص355. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص430. أخرجه أيضاٌ فِي باقي مسند المكثرين من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، وبِهِز، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن مُحَمَّد ابن عَلِيّ ج2، ص467. [3] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الصوم – باب ما جاء فِي كراهية الصوم فِي السفر ج2، ص106، أخرجه الإمام مسلم – كتاب الصيام – باب جواز الصوم، والفطر فِي شهر رمضان للمسافر فِي غير معصية إِذَا كَانَ سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضررإِنَّ يصوم، ولمن يشق عليهإِنَّ يفطر ج3، ص141. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الصوم من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ج2، ص101. [4] - هي الحلقة التي تجعل في أنف البعير، غريب الحديث لابن سلام (ج 3 / ص 213) [5] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج – باب ما جاء كَمْ حج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ج2، ص155. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المنساك – باب حجة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من حديث القاسم بن مُحَمَّد بن عباد المهلبي، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج2، ص1027. [6] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص364- تقريب التهذيب ج1، ص485- تهذيب التهذيب ج5، ص166. [7] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص250- تهذيب التهذيب ج3، ص347- تقريب التهذيب ج1، ص325. [8] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج – باب ما جاء من أي موضع أحرم النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ج2، ص157. تخريج الحديث الطويل ص67 [9] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص98- تهذيب التهذيب ج9، ص457- تقريب التهذيب ج2، ص146. [10] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج – باب ما جاء كيف الطواف، ج2، ص173. تخريج الحديث الطويل ص67 [11] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص202- تهذيب التهذيب ج10، ص58- سير أعلام النبلاء ج12، ص223- تقريب التهذيب ج2، ص164. [12] - الرَمَلَ بفتحتين الهَرْوَلة، ورَمَلَ بينَ الصَّفَاء، والْمَرْوَةَ يَرَمَلَ بالضم رَمَلاً، ورَمَلاناً بفتح الراء، والميم فيهما. مختار الصحاح، باب الراء – مادة ر، م، ل [13] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج- باب ما جاء فِي الرَمَلَ من الحجرإِلَى الحجر، ج2، ص174. التخريج السابق. [14] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص471- تهذيب التهذيب ج7، ص278- تقريب التهذيب ج1، ص691. [15] - البقرة/125. [16] - البقرة/158. [17] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج- باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل الْمَرْوَةَ ، ج2، ص176. التخريج السابق. [18] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج- باب ما جاء ما يقرأ فِي ركعتي الطواف، ج2، ص179. التخريج السابق. [19] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص21- تهذيب التهذيب ج1، ص17- الطبقات الكبرى لابن سعد ج5، ص441- تقريب التهذيب ج1، ص29. [20] - انظر ترجمته: تقريب التهذيب ج1، ص604- تهذيب التهذيب ج6، ص312- ميزان الاعتدال ج2، ص632- ضعفاء العقيلي ج3، ص13- الضعفاء، والمتروكين ص80. [21] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الحج- باب ما جاء ما يقرأ فِي ركعتي الطواف، ج2، ص179. انفرد بِهِ الترمذي، وهو أثر مقطوع. [22] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص245- تهذيب التهذيب ج11، ص62- تقريب التهذيب ج2، ص270. [23] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الجنائز- باب ما جاء فِي الثوب الواحد يلقى تَحْتَ الميت فِي القبر، ج2، ص255، انفرد بِهِ الترمذي. [24] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص251- تهذيب التهذيب ج3، ص339- تقريب التهذيب ج1، ص323. [25] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص194- تهذيب التهذيب ج7، ص134- ميزان الاعتدال ج3، ص51- تقريب التهذيب ج1، ص662. [26] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الأحكام، باب ما جاء فِي إِلَيَّمين مع الشاهد، ج2، ص400. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأحكام – باب القضاء بالشاهد، وإِلَيَّمين، ج2، ص793. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص305. ومن حديث عبد الله بن الحرث، عن سيف بن سُلَيْمَان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس ج1، ص323. ومن حديث أبي مسلمة الخزاعي ثنا سُلَيْمَان بن بِلَال ، عن ربيعة بن عبد الرَّحْمَن، عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة، عن أبيه أنهم، وجدوا فِي كتب أو فِي كتاب سعد بن عبادة ج5، ص285. وأخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الأقضية36 – باب القضاء بإِلَيَّمين مع الشاهد4-، ج2، ص567. [27] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص111- تهذيب التهذيب ج9، ص61- ميزان الاعتدال ج3، ص489- تقريب التهذيب ج2، ص58. [28] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص102- تهذيب التهذيب ج9، ص4- ميزان الاعتدال ج3، ص453- تقريب التهذيب ج2، ص49. [29] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الأحكام – باب ما جاء فِي إِلَيَّمين مع الشاهد، ج2، ص400. انفرد الترمذي بِهِذَا الإسناد. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص305. ومن حديث عبد الله بن الحرث، عن سيف بن سُلَيْمَان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس ج1، ص323. ومن حديث أبي مسلمة الخزاعي ثنا سُلَيْمَان بن بِلَال ، عن ربيعة بن عبد الرَّحْمَن، عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة، عن أبيه أنهم، وجدوا فِي كتب أو فِي كتاب سعد بن عبادة ج5، ص285. [30] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص214- تهذيب التهذيب ج7، ص259- سير أعلام النبلاءج11، ص507. [31] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص44- تهذيب التهذيب ج1، ص251- سير أعلام النبلاءج8، ص228. [32] - (يأكل فِي سواد) أي فمه أسود (ويمشي فِي سواد) أي قوائمه سود مع بياض سائره (وينظر فِي سواد) أي حوإِلَيَّ عينيه سواد، تحفة الأحوذي(ج 5 / ص 67) [33] - أخرجه الترمذي فِي كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي، ج3، ص27. وأخرجه النسائي – كتاب الضحايا – باب الكبش، ج7، ص220-221، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الضحايا – باب ما يستحب من الضحايا، ج1، ص638. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي، ج2، ص1046. [34] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص365- تهذيب التهذيب ج5، ص208. [35] - انظر ترجمته: سير اعلام النبلاء ج3، ص169. [36] - أخرجه الترمذي فِي كتاب - باب من يعطى من الفيء ج3، ص57. وأخرجه الإمام مسلم فِي صحيحه – كتاب الجهاد، والسير- باب النساء الغازيات يرضخ لهن، ولا يسهم، والنهي، عن قتل صبيان أهل الحرب ج5، ص197، وفي كتاب الجهاد، والسير من حديث ابن أبي عمر، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن يزيد بن هرمزج5، ص197-198، ومن حديث إسحاق بن إبراهيم، عن، وهب بن جرير بن حازم، ومن حديث مُحَمَّد بن حاتم، عن بِهِز، عن جرير، ج5، ص198. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب قسم الفيء من حديث هَارُون بن عبد الله الحمال، عن عُثْمَان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج7، ص128. ، ومن حديث عمرو بن علي، عن يزيد بن هارون، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن الزُّهْرِيّ ، وعن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج7، ص129. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الجهاد – باب فِي المرأة، والعبد يحذيان من الغنيمة من حديث محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن زائدة، عن الأعمش، عن المختار بن صيفي، عن يزيد بن هُرْمُز المجلد الأول ص 619. ، ومن حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى بن فارس، عن أحمد بن خالد الوهبي، عن بن إسحاق، عن أبي جَعْفَر، والزُّهْرِيّ م1، ص620. ، وفي كتاب الخراج، والإمارة، والفيء من حديث أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس، عن ابن شهاب م2، ص40. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج1، ص308. وأخرجه أيضاً فِي مسند بني هاشم من حديث عفان أَخْبَرَنَا جرير بن حازم أَخْبَرَنَا قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص248. ومن حديث، أبو معاوية، حَدَّثَنَا الحَجَّاج، عن عطاء، عن ابن عَبَّاس ج1، ص224. ومن حديث يزيد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ، وعن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص352. ومن حديث عبد الرَّحْمَن ابن مهدي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد بن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص344. ومن حديث سفيان، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص349. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ بن عطاء أَخْبَرَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص294 . وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب السير- باب سهم ذي القربي من حديث أبي النعمان، عن جرير ج2، ص225. [37] - أخرجه الترمذي فِي كتاب اللباس – باب ما جاء فِي لبس الخاتم فِي إِلَيَّمين، ج3، ص141 ، انفرد بِهِ الترمذي. [38] - أخرجه الترمذي فِي كتاب – باب ما جاء فِي الإيمان بالقدر خيره، وشره، ج3ص306، انفرد بِهِ الترمذي. [39] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص349- تهذيب التهذيب ج3، ص335- تقريب التهذيب ج1، ص322. [40] - انظر ترجمته: تقريب التهذيب ج1، ص538- ضعفاء العقيلي ج2، ص301- الضعفاء، والمتروكين للنسائي ص 70. [41] - مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، السلسلة الصحيحة، الرياض: مكتبة المعارف. ج5، ص566. [42] - أخرجه الترمذي فِي كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب ما جاء فِي الشفاعة ج4، ص43. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب السنة –باب فِي الشفاعة- من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحداني، عن أنس بن مَالِك، عن النَّبِيّ المجلد الأول ص787. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الزهد – باب ذكر الشفاعة ج2، ص1441. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحراني، عن أنس بن مَالِك ج3، ص213. [43] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص275- تهذيب التهذيب ج4، ص160- تقريب التهذيب ج1، ص382. [44] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج9، ص72- ضعفاء العقيلي ج4، ص35، ميزان الاعتدال ج3، 494- تقريب التهذيب ج2، 60. [45] - (النساء: 31) [46] - شمس الدين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السخاوي ت 902هـ، المقاصد الحسنة فِي بيان كثير من الأحاديث المشتهرة عَلَى الألسنة، بيروت: دار الكتاب العربي، د. ت. ج1، ص 405-407. [47] - أخرجه الترمذي فِي كتاب تفسير الْقُرْآن – باب من سورة البقرة ج4، ص278. تخريج الحديث الطويل ص67. [48] - أخرجه الترمذي فِي كتاب المناقب - باب مناقب عَلِيّ بن أبي طالب، ج5، ص305. و أخرجه الإمام أحمد في مسنده - مسند العشرة المبشرين بالجنة، ج1، ص77. [49] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص216- تهذيب التهذيب ج10، ص384- تقريب التهذيب ج2، ص243. [50] - انظر ترجمته: تقريب التهذيب ج1، ص687- ميزان الاعتدال ج3، ص116. [51] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج10، ص302- تقريب التهذيب ج2، ص221- ميزان الاعتدال ج4، ص200. [52] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص456- تهذيب التهذيب ج7، ص286- سير أعلام النبلاء ج4، ص386 - تهذيب الكمال ج20، ص382. [53] - انظر: سير أعلام النبلاء ج3، ص280. [54] - مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، ضعيف سنن الترمذي، الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج، المكتب الإسلامي، ط1، 1411هـ-1991م، ص504 [55] - سير أعلام النبلاء ج12، ص135. فِي ترجمة نصر بن علي [56] - رواه البخاري فِي صحيحه، والترمذي، وأبو داود فِي سننهما. [57] - عمر ضا كحالة – معجم المؤلفين – بيروت: دار إحياء النراث العربية، ج7، ص53. [58] - تقريب التهذيب ج1، ص687 [59] - السيد، أبو القاسم الموسوي الخوئي، معجم رجال الحديث، العراق: مركز نشر الثقافة الإسلامية ط5، 1992م، ج12، ص 314-318. [60] - أخرجه الترمذي فِي كتاب المناقب – باب مناقب أهل البيت، ج5ص328. [61] -انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص216- تهذيب التهذيب ج10، ص382- تقريب التهذيب ج2، ص243. [62] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص313- تهذيب التهذيب ج3، ص350- ميزان الاعتدال ج2، ص102. [63] - السلسلة الصحيحة، مرجع سابق، ج4، ص355. مروياته فِي سنن ابن ماجه أولاً: ابن ماجه([1])، وسننه: هو: مُحَمَّد بن يزيد الربعي، مولاهم، أبو عبد الله ابن ماجه القزويني الحافظ، صاحب كتاب " السنن " سمع بخراسان، والعراق، والحجاز، ومصر، والشام، وغيرهما من البلاد. ذكره الحافظ، أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني فِي رجال قزوين، وقَالَ فيه: ثقة، كبير، متفق عليه، محتج بِهِ، لَهُ معرفة بالحديث، وحفظ، وله مصنفات فِي السنن، والتفسير، والتأريخ. وقَالَ فِي موضع آخر: أبو عبد الله مُحَمَّد بن يزيد يعرف بماجه مَوْلَى ربيعة لَهُ سنن، وتفسير، وتأريخ، وكان عارفا بهذا الشأن، ارتحل إِلَى العراقين البصرة، والكوفة، وبغداد، ومكة، والشام، ومصر، والري لكتب الحديث، مات سنة ثَلَاثَ وسبعين ومئتين. وقَالَ الحافظ، أبو الفضل مُحَمَّد بن طاهر المقدسي: رأيت لَهُ بقزوين تأريخا عَلَى الرجال، والأمصار، من عهد الصحابة إِلَى عصره، وفي آخره بخط جَعْفَر بن إدريس صاحبِهِ: مات، أبو عبد الله مُحَمَّد بن يزيد المعروف بماجة يوم الاثنين، ودفن يوم الثَلَاثَاء لثمان بقين من شهر رَمَضَانَ من سنة ثَلَاثَ وسبعين ومئتين، وسمعته يقول: ولدت فِي سنة تسع ومئتين، ومات، وله أربع وستون سنة، وصلى عليه أخوه، أبو بكر، وتولى دفنه، أبو بكر، وأبو عبد الله إخوته، وابنه عبدالله. ورغم ذكر الحافظ المزي لهذه الرواية التي تؤكد أنَّ لابن ماجه مصنفات فِي السنن، والتفسير، والتاريخ، إِلَّا أنه لم يصلنا غير كتاب السنن المشهور، والمعدود من الأصول. كتاب السنن: عدد كتب ( سنن ) ابن ماجه اثنان وثَلَاثَون كتاباً، وقد قَالَ أبو الحسن الْقَطَّان: فِي (السنن) ألف وخمس مئة باب، وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث. وفاته: مات فِي يوم الاثنين لتسع بقين من رَمَضَانَ سنة ثَلَاثَ وسبعين ومئتين. وقيل سنة خمس وسبعين ومئتين. ثانياً: المرويات: 1 – حَدَّثَنَا سُوَيْد بن سَعِيدٍ، وأحمد بن ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيّ قَالَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، ويَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا، والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، ويَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى، ويَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد ، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكَانَ يَقُولُ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلِيّ وإِلَيَّ ([2]). رجال السند: 1- سُوَيْد بن سعيد: سُوَيْد بن سعيد بن سَهْل بن شهريار الْهَرَوِيّ، أبو مُحَمَّد الحدثاني، صدوق فِي نفسه من قدماء العاشرة. روى عن: مَالِك، وحَفْص بن ميسرة، والدَّارَوَرْدِيّ، ومعتمر بن سُلَيْمَان، وابن عُيَيْنَة، وعبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: مسلم، وابن ماجه، وغيرهم. قَالَ عبد الله بن أحمد: عرضت عَلَى أبي أحاديث سويد، عن ضمام بن إِسْمَاعِيل فَقَالَ لي: أكتبها كلها فإنه صالح، أو قَالَ ثقة. وقَالَ البغوي: كَانَ من الحفاظ، وكان أحمد ينتقي عليه لولديه فيسمعان منه. وقَالَ أبو داود، عن أحمد أرجو أن يكون صدوقا لَا بأس بِهِ. وقَالَ أبو حاتم: كَانَ صدوقا، وكان يدلس، ويكثر. وقَالَ البخاري: كَانَ قَدْ عمي فيلقن ما لَيْسَ من حديثه. وقَالَ يعقوب بن شيبة: صدوق مضطرب الحفظ، ولاسيما بعدما عمي. وقَالَ صالح بن مُحَمَّد : صدوق إِلَّا أنه كَانَ عمي فكان يلقن أحاديث لَيْسَ من حديثه. وقَالَ البرذعي: رأيت أبا زرعة يسيء القول فيه فَقُلْتُ لَهُ: فإيش حاله ؟ قَالَ: أما كتبِهِ فصحاح، وكنت أتتبع أصوله فاكتب منها، فأما إِذَا حدث من حفظه فلا. وقَالَ النسائي: لَيْسَ بثقة، ولا مأمون، أخبرني سُلَيْمَان بن الأشعث قَالَ: سمعت يَحْيَى ابن معين يقول: سُوَيْد بن سعيد حلال الدم. وقَالَ مُحَمَّد بن يَحْيَى الحراز: سألت ابن معين عنه فَقَالَ: ما حدثك فاكتب عنه، وما حدث بِهِ تلقينا فلا. وقَالَ عبد الله بن عَلِيّ بن المديني: سئل أبي عنه فحرك رأسه، وقَالَ: لَيْسَ بشيء. قَالَ البخاري: مات سنة أربعين ومائتين. وقَالَ العجلي: ثقة، من أروى الناس، عن عَلِيّ بن مسهر. وقَالَ ابن حبان: كَانَ أتى عن الثقات بالمعضلات. وقَالَ سَلَمَة فِي تاريخه: سُوَيْد ثقة، ثقة روى عنه أبو دَاوُد. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن أبي طالب: قيل لمسلم كيف استجزت الرواية عن سُوَيْد فِي الصحيح ؟ فَقَالَ : ومن أين كنت أَتَى بنسخة حَفْص بن ميسرة([3]). 2- أحمد بن ثابت الْجَحْدَرِيّ: أحمد بن ثابت الجحدري، أبو بكر الْبَصْرِيّ، صدوق من العاشرة. روى عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وعبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، وغيرهم . روى عنه: ابن ماجه، والبخاري فِي التاريخ، وغيرهم قَالَ ابن حبان فِي الثقات كَانَ مستقيم الأمر فِي الحديث([4]). 3- عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني فِي كتاب "إرواء الغليل فِي تخريج أحاديث منار السبيل" ([5]). 2 - حَدَّثَنَا سَهْل بن أَبِي سَهْل، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بن صَالِحٍ، أبو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيّ بن مُوسَى الرِّضَا، عن أَبِيهِ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ ، وقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ أبو الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ ([6]). رجال السند: 1- سَهْل بن أبي سَهْل: سَهْل بن زنجلة، وهو سَهْل بن أبي سَهْل الرازي، أبو عَمْرُو الخياط الأشتر الحافظ، صدوق من العاشرة. روى عن: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وحَفْص بن غِيَاث، وعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي، ووكيع بن الجراح، والوليد بن مسلم، ويَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان . روى عنه: ابن ماجه، وإِبْرَاهِيم بن إسحاق، وآخرون. قَالَ أبو حاتم صدوق، وذكره ابن حبان فِي الثقات([7]). 2- مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن سمره الأحمسي، أبو جَعْفَر الْكُوفِيّ السراج، ثقة، من العاشرة. روى عن: أبي معاوية، وابن عُيَيْنَة، ووكيع، ووهب بن إِسْمَاعِيل الأَسَدي، ومُحَمَّد بن نُفَيْل، ومُحَمَّد بن الحسن الواسطي، و آخرين. وعنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وآخرون. قَالَ ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فَقَالَ: صدوق، وسمعت منه مَعَ أبي، وهو صدوق ثقة. وقَالَ النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ أبو القاسم: مات سنة ستين ومائتين([8]). 3- عبد السلام بن صالح، أبو الصَّلْتِ الْهَرَوِيّ: عبد السلام بن صالح بن سُلَيْمَان بن أيوب بن ميسرة القرشي مولاهم، أبو الصَّلْتِ الْهَرَوِيّ، صدوق لَهُ مناكير، سكن نيسابور، ورحل فِي الحديث إِلَى الأمصار، وخدم عَلِيّ بن موسى الرضا، وروى عن: مَالِك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، وجَعْفَر بن سُلَيْمَان، وهشيم، وغيرهم. وعنه: ابنه مُحَمَّد ، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأحمسي، وسَهْل بن زنجلة قَالَ أحمد بن سيار ذكر لنا: أنه من موالي عبد الرَّحْمَن بن سمرة، وقد لقي، وجالس الناس، ورحل فِي الحديث، وكان صاحب قشافة، وزهد، ولم أره يفرط فِي التشيع، وناظر بشر المريسي، ثم المأمون، وكان الظفر لَهُ، ورأيته يقدم أبا بكر، وعمر، ويترحم عَلَى عَلِيّ ، وعُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهما- ولا يذكر الصحابة إِلَّا بجميل إلا أن ثمة أحاديث يرويها فِي المثالب، وسألت إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ عنها فَقَالَ: أما من رواها عَلَى طريق المعرفة فلا أكره ذَلِكَ، وأما من يرويها ديانة فلا أرى الرواية عنه. وقَالَ القاسم بن عبد الرَّحْمَن : سألت يَحْيَى بن معين، عن حديث حَدَّثَنَا بِهِ أبو الصلت، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عَبَّاس مرفوعا: أنا مدينة العلم الحديث. فَقَالَ: هو صحيح. وقَالَ الخطيب: أراد أنه صحيح، عن أبي معاوية. وقَالَ الحسن بن عَلِيّ بن مَالِك: سألت ابن معين عن أبي الصَّلْتِ فَقَالَ : ثقة، صدوق إِلَّا أنه يتشيع. وقَالَ ابن الجنيد، عن ابن معين: قَدْ سمع، وما أعرفه بالكذب. قلت: فحديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عَبَّاس قَالَ: ما بلغني إِلَّا عنه، وما سمعت بِهِ قط. وقَالَ مرة أخرى، ولم يكن أبو الصَّلْتِ عندنا من أهل الكذب. وقَالَ الدوري سمعت ابن معين يوثق أبا الصَّلْتِ، وقَالَ فِي حديث أنا مدينة العلم قَدْ حدث بِهِ مُحَمَّد بن جَعْفَر الفيدي، عن أبي معاوية. وقَالَ ابن محرز، عن ابن معين: لَيْسَ ممن يكذب، فقيل لَهُ فِي حديث أبي معاوية هَذَا فَقَالَ أخبرني ابن نمير قَالَ حدث بِهِ، أبو معاوية قديما، ثم كف عنه، وكان أبو الصَّلْتِ موسرا يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشائخ فكانوا يحدثونه بِهَا. وقَالَ صالح بن مُحَمَّد: رأيت ابن معين يحسن القول فيه. وقَالَ زَكَرِيَّا الساجي: يحدث مناكير هو عندهم ضعيف. وقَالَ النسائي: لَيْسَ بثقة. وقَالَ أبو حاتم سألت أبي عنه فَقَالَ: لم يكن بصدوق، وهو ضعيف، ولم يحَدَّثَنِي عنه. وضرب أبو زرعة عَلَى حديثه، وقَالَ لَا أحدث عنه، ولا أرضاه. وقَالَ ابن عدي: لَهُ أحاديث مناكير فِي فضل أهل البيت، وهو متهم فيها. قَالَ دعلج أنه سمع أبا سعيد الْهَرَوِيّ، وقيل لَهُ ما تقول فِي أبي الصَّلْتِ قَالَ نعم بن الهضيم ثقة، قَالَ إنما سألتك، عن عبد السلام فَقَالَ نعم ثقة، ولم يزد عَلَى هَذَا. قَالَ أبو الحسن: وروى حديث الإيمان إقرار بالقول، وهو متهم بوضعه، فهو الابتداء فِي هَذَا الحديث. لَهُ فِي ابن ماجه حديث الإيمان المذكور، وقَالَ ابن حبان: لَا يجوز الاحتجاج بِهِ إِذَا انفرد، وقَالَ الحاكم، والنقاش، وأبو نعيم: روى مناكير، وقَالَ الحاكم: وثقه إمام أهل الحديث يَحْيَى بن معين. وقَالَ الآجري، عن أبي دَاوُد: كَانَ ضابطا، ورأيت ابن معين عنده ([9]). 4- عَلِيّ بن موسى الرضا: عَلِيّ بن موسى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب الهاشمي، أبو الحسن الرضى، صدوق من كبار العاشرة. روى عن: أبيه، وعبيد الله بن أرطاة بن المنذر . روى عنه: أبو عُثْمَان المازني النحوي، وعَلِيّ بن عَلِيّ الدعبلى، وأيوب بن منصور النيسابوري، وأبو الصَّلْتِ عبد السلام بن صالح الْهَرَوِيّ، والمأمون بن الرشيد، وعلى بن مهدي بن صدقة لَهُ عنه نسخة، وأبو أحمد دَاوُد بن سُلَيْمَان بن يوسف القاري القزويني لَهُ عنه نسخة، وعامر بن سُلَيْمَان الطَّائِيّ لَهُ عنه نسخة كبيرة، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حبان التمار، وآخرون. قَالَ أبو الحسن يَحْيَى بن جَعْفَر النسابة العلوي: عقد لَهُ المأمون ولي عهد، ولبس الناس الخضرة فِي أيامه. وقَالَ المبرد، عن أبي عُثْمَان المازني: سئل عَلِيّ بن موسى الرضى: يكلف الله العباد ما لَا يطيقون، قَالَ: هو أعدل من ذلك. قَالَ: يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون؟ قَالَ: هم أعجز من ذلك. قيل أنه مات فِي حدود سنة ثَلَاثَ ومائتين، وقَالَ الحاكم فِي تاريخ نيسابور: أشخصه المأمون من المدينةإِلَى البصرة، ثم إِلَى الأهواز، ثم إِلَى فارس، ثم إِلَى نيسابور إلى أن أخرجه إِلَى مرو، وكان ما كَانَ يعني من قصة استخلافه، قَالَ: وسمع عَلِيّ بن موسى أباه، وعمومته إِسْمَاعِيل، وعبد الله، وإسحاق، وعَلِيّ بني جَعْفَر، وعبد الرَّحْمَن ابن أبي الموالي، وغيرهم من أهل الحجاز، وكان يفتي فِي مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، وهو ابن نيف، وعشرين سنة . روى عنه من أئمة الحديث آدَمَ بن أبي إياس، ونصر بن عَلِيّ الجهضمي، ومُحَمَّد بن رافع القشيري، وغيرهم. استشهد عَلِيّ بن موسى بسند أباد طوس فِي شهر رَمَضَانَ من سنة 203 هـ، وهو ابن 49 سنة وستة أشهر. قَالَ أبو بكر مُحَمَّد بن المُؤَمَّل بن الحسن بن عِيسَى : خرجنا مَعَ إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة، وعديله أبي عَلِيّ الثَّقَفِيَّ مَعَ جماعة من مشائخنا، وهم إذ ذاك متوافرون إِلَى زيارة قبر عَلِيّ بن موسى الرضى بطوس. قَالَ: فرأيت من تعظيمه -يعني ابن خزيمة- لتلك البقعة، وتواضعه لها، وتضرعه عندها ما تحيرنا، وكان الرضى من أهل العلم، والفضل مَعَ شرف النسب([10]). الحكم عَلَى سند الحديث: حكم عليه الألباني بالوضع فِي السلسلة الضعيفة ([11])، وذكره ابن الجوزي فِي كتاب الموضوعات، وقَالَ: " هَذَا حديث موضوع لم يقله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. قَالَ الدارقطني: المتهم بوضع هَذَا الحديث أبو الصَّلْتِ الهروي، وابن عبد السلام بن صالح. قَالَ أبو حاتم الرازي: لم يكن عندي بصدوق، وضرب، أبو زرعة عَلَى حديثه، وقَالَ ابن عدى: متهم، وقَالَ ابن حبان: لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. فأما عبد الله بن أحمد بن عامر فإنه. روى عن: أهل البيت نسخة باطلة، وأما عَلَى بن غراب فَقَالَ السعدى: هو ساقط، وقَالَ ابن حبان: حدث بالاشياء الموضوعة فبطل الاحتجاج بِهِ، وأما مُحَمَّد بن سَهْل، ودَاوُد فمجهولان. "([12]). وقد تعقب ابن العرّاق الكناني هَذَا الحديث فِي كتابه تنزيه الشريعة المرفوعة فَقَالَ: بأن أبا الصَّلْتِ، وثقه ابن معين، وقَالَ لَيْسَ ممن يكذب، وقَالَ غيره معدود فى الزهاد، وقَالَ فى الميزان صالح إِلَّا أنه شيعى، ولم يكن غالياً. وقَالَ الحاكم فى المستدرك: أبو الصَّلْتِ ثقة، مأمون. لكن اعترضه الحافظ العراقى فَقَالَ كيف يلتئم هَذَا مَعَ قوله- يعنى الحاكم- فى المدخل أن أبا الصَّلْتِ هذا روى عن حماد بن زيد، وأبى معاوية، وعباد بن العوام، وغيرهم أحاديث مناكير، والله أعلم، وقد أخَرَجَ الحديث من طريقه ابن ماجه فى سننه، والبيهقى فى الشعب، وعلى بن غراب، وثقه ابن معين قَالَ أحمد كان يدلس، وما أراه إِلَّا كَانَ صدوقا، وروى لَهُ النسائى، وابن ماجه، وقَالَ الخطيب: تكلم فيه لأنه كَانَ غالياً فى التشيع، وأما رواياته فوصفوه بالصدق. وقَالَ الحافظ ابن حُجْر فى التقريب أفرط ابن حبان فى تضعيفه، والله أعلم، ومثل هَذَا يصلح فى المتابعة، وقَالَ المزى فى التهذيب تابع أبا الصَّلْتِ الحسن بن عَلَى التميمى، وأحمد بن عِيسَى العلوى. وتابعه أيضا الحسن بن مُحَمَّد بن عَلَى السيد المحجوب رواه الشيرازى فى الألقاب، ومُحَمَّد بن زياد السهمى رواه الصابونى فى المائتين، ومُحَمَّد بن أسلم رواه البيهقى فى الشعب، وعبد الله بن موسى بن جَعْفَر رواه ابن السنى فى كتاب الإخوة، والأخوات، وأبو سعيد بن الاعرابى فى معجمه، وقَالَ الديلمى فى مسند الفردوس: لما دخل عَلَى بن موسى الرضى نيسابور خَرَجَ علماء البلد فى طلبِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى ، وإسحق بن راهويه، وأحمد بن حرب، ومُحَمَّد بن رافع فتعلقوا بلجام بغلته، وقَالَ لَهُ إسحق: بحق آبائك الطاهرين، حَدَّثَنَا بحديث سمعته من أبيك فَقَالَ ( حَدَّثَنَا ) العبد الصالح أبى موسى بن جَعْفَر، وذكر الحديث. وله شاهدان أحدهما من حديث أبى قتادة: من شهدإِنَّ لَا إله إِلَّا الله، وأن مُحَمَّد رسول الله فذل بِهَا لسانه، واطمأن بِهَا قلبه لم تطعمه النار. أخرجه البيهقى فى الشعب، وثانيهما من حديث عائشة الإيمان بالله إقرار باللسان، وتصديق بالقلب، وعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ أخرجه الديلمى، والشيرازى فى الألقاب([13]). وبعد قول العلماء فِي هَذَا الحديث، فإن الباحث يميل إِلَى رأي ابن العرّاق، فِي أن هَذَا الحديث يصلح فِي المتابعات، وله الكثير من المتابعات التي ترتقي بِهِ من مرتبة الموضوع. 3 –حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيلَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، عن زَيْنَبَ بنتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمِّ سَلَمَة قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِكَتِفِ شَاةٍ فَأَكَلَ مِنْهُ، وصَلَّى، ولَمْ يَمَسَّ مَاءً ([14]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن الصباح: مُحَمَّد بن سُفْيَان بن أبي سُفْيَان الجرجرائي، أبو جَعْفَر التاجر مَوْلَى عُمَر بن عبد الْعَزِيز، صدوق من العاشرة. روى عن: إسحاق بن يوسف الأزرق ، وأَسَد بن عَمْرُو البجلي، وجرير بن عبد الحميد ، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وحَفْص بن غِيَاث، وغيرهم . روى عنه: أبو دَاوُد، وابن ماجه، وآخرون. قَالَ أحمد بن مُحَمَّد بن القاسم بن محرز سألت يَحْيَى بن معين، عن مُحَمَّد الجرجرائي فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بأس من أهل المخرم، ولكن انتقل، عنده عن الوليد بن مسلم كتاب صالح، وعن ابن عُيَيْنَة حديث كثير، فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بأس، وقَالَ أبو زرعة: ثقة. وقَالَ أبو حاتم: صالح الحديث، والدولابي أحب إِلَيَّ منه. قَالَ البخاري، وأبو القاسم البغوي: مات سنة أربعين ومئتين بجرجرايا زاد البخاري لانسلاخ جمادى الآخرة([15]). 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب، ومن رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 4 –حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِي أَرْضٍ بَارِدَةٍ فَكَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَمَّا أَنَا فَأَحْثُو عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَا([16]). رجال السند: أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ: عبد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شَيْبَةَ تقدم، وهو ثقة، حافظ صاحب تصانيف. حَفْص بن غياث: تقدم، وهو ثقة، فقيه من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 5 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بن عُثْمَان الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَالِك بن أَنَسٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيم الَّذِي قَالَ اللَّهُ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِك أَهَكَذَا قَرَأَ، واتَّخِذُوا قَالَ نَعَمْ ([17]). رجال السند: 1- العَبَّاس بن عُثْمَان الدمشقي: عَبَّاس بن عُثْمَان بن مُحَمَّد البجلي، أبو الفضل الدمشقي الراهبي المعلم، صدوق يخطئ من كبار الحادية عشرة. روى عن: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وأيوب بن سُوَيْد الرملي، وعراك بن خالد بن يزيد بن صبيح المري، والوليد بن مسلم . روى عنه: ابن ماجه، وأحمد بن إِبْرَاهِيم الغساني، وآخرون. قَالَ أبو الحسن بن سميع: كَانَ ثقة. وقَالَ مَحْمُود بن خالد السلمي: كَانَ للعَبَّاس بن عُثْمَان المعلم من الوليد بن مسلم موقع. وقَالَ أحمد بن أبي الحواري: سمعت الوليد بن مسلم يقول: احفظوني فِي عَبَّاس فإن لي فيه فراسة. وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، وقَالَ: ربما خالف، قَالَ أبو زرعة الدمشقي: مات سنة تسع وثَلَاثَين ومئتين([18]). 2- الوليد بن مسلم: تقدم، وهو ثقة، لكنه كثير التدليس، والتسوية. 3- مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة، تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث ضعيف منكر بهذا اللفظ، والصحيح الحديث الَّذِي جاء بعده فِي سنن ابن ماجه: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الصباح، حَدَّثَنَا هشيم، عن حميد الطويل، عن أنس بن مَالِك قَالَ: قَالَ عمر قلت: يَا رَسُولَ الله لو اتخذت من مقام إِبْرَاهِيم مصلى فنزلت ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى))([19]). 6 – حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع قَالَ اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بنا، أبو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وفِي الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَقْرَأُ بِهِمَا ([20]). رجال السند: 1- أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني([21]). 7 –حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد ([22]). رجال السند: 1- محد بن بَشَّار: تقدم، وهو ثقة. 2- عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني([23]). 8 – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابن أبي فديك، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن سُفْيَان مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن جَعْفَر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ اللَّهُ مَعَ الدَّائِنِ، حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ. قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَر يَقُولُ لِخَازِنِهِ: اذْهَبْ فَخُذْ لِي بِدَيْنٍ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا واللَّهُ مَعِي بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ([24]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن المنذر: إِبْرَاهِيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أَسَد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأَسَدي الحزامي، أبو إسحاق الْمَدَنِيّ ، صدوق تكلم فيه أحمد لأجل الْقُرْآن من العاشرة. روى عن: إِبْرَاهِيم بن عَلِيّ الرافعي، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، ومَالِك بن أنس، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابن أبي فديك، وغيرهم . روى عنه: البخاري، وابن ماجه، وإِبْرَاهِيم بن أحمد بن النعمان الأزدي، وآخرون. قَالَ عبد الخالق بن منصور، عن يَحْيَى ابن معين: ثقة. وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فَقَالَ: صدوق. قَالَ الحافظ أبو بكر الخطيب: أما المناكير فقل ما توجد فِي حديثه إلا أن تكون عن المجهولين، ومن لَيْسَ بمشهور، ثم المحدثين، ومع هَذَا فإن يَحْيَى بن معين، وغيره من الحفاظ كانوا يرضونه، ويوثقونه. قَالَ يعقوب بن سُفْيَان، ومُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي: مات سنة ست وثَلَاثَين ومئتين([25]). 2- ابن أبي فديك: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مسلم ابن أبي فديك، واسمه دينار الديلي مولاهم، أبو إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ ، صدوق من صغار الثامنة. روى عن: أبيه، ومُحَمَّد بن عَمْرُو ابن علقمة حديثا، واحدا، وهشام بن سعد، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أبي ذيب، وكثير بن زيد الأسلمي، وجماعة. وعنه: الشافعي، وأحمد، والحميدي، وقُتَيْبَة، وأحمد بن صالح، وإِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، وآخرون. وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس، وذكره ابن حبان فِي الثقات. قَالَ البخاري: مات سنة مائتين. وقَالَ ابن معين: ثقة. وقَالَ ابن سعد: كَانَ كثير الحديث، و لَيْسَ بحجة([26]). 3- سعيد بن سُفْيَان مَوْلَى الأسلميين: سعيد بن سُفْيَان الأسلمي مولاهم، الْمَدَنِيّ ، مقبول من السابعة. روى عن: جَعْفَر الصادق، وسلام بن حكيم الصيرفي. وعنه: ابن أبي فديك، وعبد الله بن إِبْرَاهِيم الغفاري ذكره ابن حبان فِي الثقات روى لَهُ ابن ماجه حديثا، واحدا، وقَالَ صاحب الميزان: لَا يكاد يعرف، وقواه ابن حبان ([27]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، وقد صححه الألباني فِي السلسلة الصحيحة([28]). 9 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا وكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلِيّ ، وإِلَيَّ، وأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ ([29]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن مُحَمَّد : عَلِيّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن أبي شداد، ويقَالَ عَلِيّ بن مُحَمَّد بن أبي شداد، ويقَالَ عَلِيّ بن مُحَمَّد بن شروى، ويقَالَ عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ، ويقَالَ عَلِيّ بن مُحَمَّد بن نباتة الطنافسي، أبو الحسن الْكُوفِيّ، ثقة، عابد من العاشرة، مَوْلَى زيد بن عبد الله بن عُمَر بن الخطاب. روى عن: إِبْرَاهِيم بن عُيَيْنَة، وإسحاق بن سُلَيْمَان الرازي، وإسحاق بن منصور السلولي، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم . روى عنه: ابن ماجه، وإِبْرَاهِيم بن سهلوية المعدل، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: كَانَ ثقة، صدوقا، وهو أحب إِلَيَّ من أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الفضل، والصلاح، وأبو بكر أكثر حديثا منه، وأفهم. وقَالَ الحافظ أبو يعلى الخليل القزويني: عَلِيّ بن مُحَمَّد بن أبي شداد الطنافسي، وأخوه الحسن بن مُحَمَّد ، وهما ابنا أخت الطنافسيين علماء الكوفة عمر، ويعلى، ومُحَمَّد، وإِبْرَاهِيم بني عبيد أقاما بقزوين، وارتحل إِلَيَّهما الكبار، أبو زرعة، وأبو حاتم، ومُحَمَّد بن مسلم بن وارة، ومُحَمَّد بن أيوب، وروى عنهما من أهل قزوين يَحْيَى بن عبدك، ومُحَمَّد بن ماجه، وغيرهما، ولهما محل عظيم، ولم يكن إسنادها فِي ذَلِكَ الوقت بعال إنهما سمعا ابن عُيَيْنَة، وأخوالهما، ووكيعا، ومُحَمَّد بن فضيل، وأبا معاوية. توفي الحسن سنة اثنتين وعشرين ومئتين، وعَلِيّ سنة ثَلَاثَ وثَلَاثَين ومئتين، وروى لَهُ النسائي فِي مسند علي([30]). 2- وكيع بن الجراح: تقدم، وهو ثقة، حافظ عابد. 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، حافظ إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، وقد صححه الألباني([31]). 10 –حَدَّثَنَا عَلِيّ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَأَمَرَهَا أن تَغْتَسِلَ، وتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ و تُهِلَّ ([32]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن مُحَمَّد بن إسحاق: تقدم، وهو ثقة، 2- يَحْيَى بن آدَمَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ من رجال مسلم. 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، حافظ إمام. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 11 – حَدَّثَنَا زَيْدُ بن أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ كَانَتْ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك َإِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ([33]). رجال السند: 1- زيد بن أَخْزَم: تقدم، وهو ثقة، حافظ. 2- مُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيل: مُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيل القرشي العدوي، أبو عبد الرَّحْمَن البصري، صدوق يخطئ من صغار التاسعة. روى عن: إِبْرَاهِيم بن يزيد الخوزي، وحماد بن زيد ، وحماد بن سَلَمَة ، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وشعبة بن الحَجَّاج، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن إِبْرَاهِيم الدورقي العبدي، وأحمد بن حَنْبَل، وآخرون. قَالَ أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يَحْيَى بن معين: ثقة. وقَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ: قلت ليَحْيَى بن معين: أي شيء حال مُؤَمَّل فِي سُفْيَان؟ فَقَالَ: هو ثقة. وقَالَ أبو حاتم: صدوق شديد فِي السنة كثير الخطأ. وقَالَ البخاري: منكر الحديث. وقَالَ أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن مُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيل فعظمه، ورفع من شأنه إِلَّا أنه يهم فِي الشيء. وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، وقَالَ: مات يوم الاحد لسبع عشرة ليلة خلت من رَمَضَانَ سنة ست ومائتين استشهد بِهِ البخاري، وروى لَهُ، أبو دَاوُد فِي القدر، والباقون سوى مسلم([34]). 3- سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، حافظ حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، ورواته ثقات. 12 –حَدَّثَنَا عَلِيّ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا أبو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ، عن مَالِك بن أَنَسٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ مِنَ الْحِجْرِ إِلَى الْحَجَر ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا ([35]). رجال السند: 1- عَلِيّ بن مُحَمَّد بن إسحاق: تقدم، وهو ثقة. 2- أبو الحسين العكلي: هو زيد بن الحُبَاب، وقد تقدم، وهو صدوق يخطئ فِي حديث الثوري. 3- مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة، تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 13 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بن عُثْمَان الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، عن مَالِك بن أَنَسٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيم الَّذِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ). قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِك: هَكَذَا قَرَأَهَا ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) قَالَ: نَعَمْ ([36]). رجال السند: 1- العَبَّاس بن عُثْمَان الدمشقي: تقدم، وهو صدوق يخطئ 2- الوليد بن مسلم: تقدم، وهو ثقة، ولكن كثير التدليس. 3- مَالِك بن أنس: تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث ضعيف منكر بِهذَا اللفظ، وقد مر الحكم عليه. 14 – حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّار، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيز الدَّارَوَرْدِيّ، وحَاتِمُ بن إِسْمَاعِيلَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَفْرَدَ الْحَجَّ ([37]). رجال السند: 1- هشام بن عَمَّار: تقدم، وهو صدوق. 2- عبد الْعَزِيز الداروردي: تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم. 3- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات 15- حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّار، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيَّهِ سَأَلَ عن الْقَوْمِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَحَلَّ زِرِّي الْأَعْلَى، ثم حَلَّ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثم وضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ، وهُوَ أَعْمَى، فَجَاءَ وقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَّمَا وضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيَّهِ مِنْ صِغَرِهَا، ورِدَاؤُهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى بنا. فَقُلْتُ: أَخْبَرَنَا عن حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا وقَالَ: إن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ويَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ فَخَرَجَ ، وخَرَجْنَا مَعَهُ. فَأَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ اغْتَسِلِي، واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وأَحْرِمِي. فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الْمَسْجِدِ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ قَالَ جَابِر: نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ بَيْنَ رَاكِبٍ ومَاشٍ، وعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ومِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، مَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، وأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، ولَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِر: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَام َإِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيم فَقَالَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الْبَيْتِ- فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: ولَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنه كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - ثم رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثم خَرَجَ مِنَ الباب إِلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ اللَّهَ، وهَلَّلَهُ، وحَمِدَهُ، وقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ، لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي، ويُمِيتُ وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَنْجَزَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحْدَهُ. ثم دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، وقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةَ فَمَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا -يَعْنِي قَدَمَاهُ - مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةَ قَالَ: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ َلمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّلْ، ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وقَصَّرُوا، إِلَّا النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. فَقَامَ سُرَاقَةُ بن مَالِك بن جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ الْأَبَدِ؟ قَالَ: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، وقَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ هَكَذَا مَرَّتَيْنِ، لَا بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ. قَالَ: وقَدِمَ عَلِيّ بِبُدْنِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، ولَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا واكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عَلِيّ. فَقَالَتْ: أَمَرَنِي أَبِي بهذا. فَكَانَ عَلِيّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْهُ، مُسْتَفْتِيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ وأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ؟ قَالَ: قُلْتُ اللهم إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ . قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً. ثم حَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وقَصَّرُوا، إِلَّا النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَة وتَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ والْعَصْرَ، والْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ، والصُّبْحَ، ثم مَكَثَ قَلِيلًا، حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ واقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَوِ الْمُزْدَلِفَةِ. كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهِا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ ، فَرُحِلَتْ لَهُ فَرَكِبَ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. ألاوإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بن الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بني سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، ورِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا رِبَا الْعَبَّاس بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَمْ تَضِلُّوا إِنَّ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالَوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ إِلَى السَّمَاءِ، ويَنْكُبِهِا إِلَى النَّاسِ: اللهم اشْهَدِ الله اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم أَذَّنَ بِلَال، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثم رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتُهُ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، واسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا، حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ خَلْفَهُ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وقَدْ شَنَقَ الْقَصْوَاءَ بِالزِّمَامِ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، ويَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ. كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، ثم أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بِأَذَانٍ واحِدٍ وإِقَامَتَيْنِ، ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثم اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وإِقَامَةٍ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وكَبَّرَهُ، وهَلَّلَهُ فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا، حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثم دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الْفَضْلَ بن الْعَبَّاس، وكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ ، أَبْيَضَ وسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَرَّ الظُّعُنُ يَجْرِينَ فَطَفِقَ يَنْظُرُ إِلَيَّهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ فَصَرَفَ الْفَضْلُ وجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلًا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، ورَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثَا وستينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، وأَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثم أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا ، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثم أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ فَأَتَى بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وهُمْ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ : انْزَعُوا بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ . فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ ([38]). رجال السند: 1- هشام بن عَمَّار : تقدم، وهو صدوق. 2- حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 16 –حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بن مُحَمَّد بن عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ثَلَاثَ حَجَّاتٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وقَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً، واجْتَمَعَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَا جَاءَ بِهِ عَلِيّ مِائَةَ بَدَنَةٍ مِنْهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَنَحَرَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِيَدِهِ ثَلَاثَا وستينَ، ونَحَرَ عَلِيّ مَا غَبَرَ. قِيلَ لَهُ مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ: جَعْفَر عن أَبِيهِ، عن جَابِر ، وابن أَبِي لَيْلَى، عن الْحَكَمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابن عَبَّاس ([39]). رجال السند: 1- القاسم بن مُحَمَّد بن عباد المهلبي: القاسم بن مُحَمَّد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، ثقة، من الحادية عشرة. روى عن: أبيه، وعبد الله بن دَاوُد الخريبي، وأبي عاصم، وغيرهم. وعنه: ابن ماجه، وأبو دَاوُد فِي السنن، وابن خزيمة فِي صحيحه، وابن أبي عاصم، والمعمري، وابن أبي الدنيا، وآخرون. ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة([40]). 2- عبد الله بن دَاوُد: عبد الله بن دَاوُد بن عامر بن الربيع الهمداني، ثم الشعبي، أبو عبد الرَّحْمَن المعروف بالخريبي، ثقة، عابد من التاسعة. روى عن: إِسْمَاعِيل بن أبي خالد، والثَّوْرِيّ، والحسن بن صالح، وطَلْحَة بن يَحْيَى بن طَلْحَة، والأوزاعي، وجماعة. وعنه: الحسن بن صالح بن حي، وهو من شيوخه، وزيد بن أخرم، وغيرهم قَالَ ابن سعد كَانَ ثقة، عابدا ناسكا، وقَالَ معاوية بن صالح، عن ابن معين ثقة، صدوق مأمون، وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ سألت ابن معين عنه، وعن أبي عاصم فَقَالَ: ثقتان. قَالَ الدَّارِمِيّ: الخريبي أعلى. وقَالَ أبو زرعة، والنسائي: ثقة. وقَالَ أبو حاتم: كَانَ يميل إِلَى الرأي، وكان صدوقا. وقَالَ الدارقطني: ثقة، زاهد. وقَالَ ابن عُيَيْنَة: ذاك أحد الأحدين، وقَالَ مرة: ذاك شيخنا القديم. قَالَ ابن حبان فِي الثقات: مات سنة أحدى عشرة ومائتين، وقيل سنة ثَلَاثَ عشرة([41]). 3- سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، ثبت حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 17 –حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، ويَمْشِي فِي سَوَادٍ، ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ([42]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير: مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي، أبو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِيّ الحافظ، ثقة، حافظ فاضل من العاشرة. روى عن: أبيه، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، ومروان بن معاوية، وإِسْمَاعِيل بن علية، وأبي معاوية، وعبد الله بن إدريس، وحَفْص بن غِيَاث، وخلق كثير . روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو دَاوُد، وابن ماجه، وروى الترمذي، والنسائي عنه بواسطة البخاري، وغيرهم. قَالَ أبو إِسْمَاعِيل الترمذي: كَانَ أحمد بن حَنْبَل يعظم مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير تعظيما عجبا، ويقول أي فتى هو. وعن أحمد أيضا قَالَ هو: درة العراق. وقَالَ عَلِيّ بن الجنيد: كَانَ أحمد، وابن معين يقولان فِي شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم. قَالَ ابن الجنيد: وما رأيت بالكوفة مثل ابن نمير، وكان رجلا نبيلا قَدْ جمع العلم، والفهم والسنة والزهد، وكان فقيرا. وقَالَ أحمد بن سنان: ما رأيت من الكوفيين من أحداثهم أفضل منه. وقَالَ العجلي: كوفي ثقة، ويعد من أصحاب الحديث. وقَالَ أبو حاتم: ثقة، يحتج بحديثه. وقَالَ الآجري، عن أبي دَاوُد: ابن نمير أثبت من أبيه. وقَالَ النسائي: ثقة، مأمون. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: مات فِي شعبان سنة أربع وثَلَاثَين ومائتين، وكان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع ([43]). 2- حَفْص بن غياث: تقدم، وهو ثقة، فقيه، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وقد صححه الألباني([44]). 18 –حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّار، حَدَّثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَمَرَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلُوا مِنَ اللَّحْمِ، وحَسَوْا مِنَ الْمَرَقِ ([45]). رجال السند: 1- هشام بن عَمَّار: تقدم، وهو صدوق. 2- سُفْيَان بن عيينة: تقدم، وهو حجة ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات 19 –حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَقُولُ إِنَّ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ([46]). رجال السند: 1- عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الدمشقي: عبد الرَّحْمَن ابن إِبْرَاهِيم بن عَمْرُو ابن ميمون القرشي، أبو سعيد الدمشقي المعروف بدحيم بن اليتيم، ثقة، حافظ متقن من العاشرة. روى عن: آدَمَ بن أبي إياس، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، والوليد بن مسلم، وغيرهم . روى عنه: البخاري، وأبو دَاوُد، والنسائي، وابن ماجه، وإِبْرَاهِيم بن إسحاق الحربي، وآخرون. قَالَ أحمد بن عبد الله العجلي، وأبو حاتم، والنسائي، والدارقطني: ثقة، زاد النسائي: مأمون لَا بأس بِهِ. وقَالَ أبو دَاوُد: حجة لم يكن بدمشق فِي زمنه مثله. وقَالَ البخاري، وأبو زرعة الدمشقي، وابنه عَمْرُو ابن دحيم، وأبو سعيد بن يونس، وغير واحد: مات سنة خمس وأربعين ومئتين([47]). 2- الوليد بن مسلم: تقدم، وهو ثقة، كثير التدليس، والتسوية. 3- زُهَيْر بن مُحَمَّد : زُهَيْر بن مُحَمَّد التميمي العنبري، أبو المنذر الخراساني المروزي الخرقي، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببِهِا. قَالَ البخاري، عن أحمد: كأن زُهَيْر ا الَّذِي يروي عنه الشاميون آخر. وقَالَ أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه من السابعة. روى عن: أَبَان بن أبي عَيَّاش، وإِسْمَاعِيل بن، وردان، وأسيد بن أبي أسيد البراد ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وحميد الطويل، وزيد بن اسلم، وغيرهم . روى عنه: بشر بن منصور السليمي. قَالَ حَنْبَل بن إسحاق، عن أحمد بن حَنْبَل: ثقة. وقَالَ أبو بكر المروذي، عن أحمد بن حَنْبَل: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن يعقوب الجوزجاني، عن أحمد: مستقيم الحديث. وقَالَ أبو الحسن الميموني، عن أحمد: مقارب الحديث. وقَالَ البخاري قَالَ أحمد: كأن الَّذِي روى عنه أهل الشام زُهَيْر آخر، فَقُلْتُ اسمه. وقَالَ أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله، وذكر رواية الشاميين، عن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: يروون عنه أحاديث مناكير هؤلاء، ثم قَالَ لي: ترى هَذَا زُهَيْر بن مُحَمَّد الَّذِي يروون عنه أصحابنا، ثم قَالَ: اما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة، واما أحاديث أبي حَفْص ذاك التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعة، أو نحو هَذَا، فأما بواطيل فقد قَالَه. وقَالَ أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يَحْيَى ابن معين: صالح لَا بأس بِهِ. وقَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ، عن يَحْيَى: ثقة، . وقَالَ أحمد بن عبد الله العجلي: جائز الحديث، وذكره أبو زرعة فِي أسامي الضعفاء، وقَالَ أبو حاتم: محله الصدق، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه فما حدث من حفظه ففيه أغاليط، وما حدث من كتبِهِ فهو صالح، وقَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ، وصالح بن مُحَمَّد البغدادي ثقة، صدوق زاد عُثْمَان ، وله أغاليط كثيرة، وقَالَ البخاري ما روى عنه: أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه: أهل البصرة فإنه صحيح، وقَالَ النسائي ضعيف، وقَالَ فِي موضع آخر لَيْسَ بالقوي، وقَالَ فِي موضع آخر لَيْسَ بِهِ بأس، وعند عَمْرُو بن أبي سَلَمَة عنه مناكير، وقَالَ يعقوب بن شيبة: صدوق صالح الحديث، وقَالَ أبو عروبة الحراني: كَانَ أحاديثه فوائد. وقَالَ أبو أحمد بن عدي: ولعل أهل الشام اخطأوا عليه فإنه إِذَا حدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبه المستقيمة، وأرجو انه لَا بأس بِهِ روى لَهُ الجماعة([48]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وقد صححه الألباني فِي مشكاة المصابيح ([49]). ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: تهذيب الكمال ج27، ص40- سير أعلام النبلاء ج 13، ص 277-وتذكرة الحفاظ ج 2، ص 636. [2] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه فِي المقدمة – باب اجتناب البدع، والجدل، ج1، ص17، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الأحكام – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله ، وعلى رسوله، من حديث عَلِيّ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا ، وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج2، ص807. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11. وأخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188، و فِي سننه كتاب الجنائز – الصلاة عَلَى من عليه دين من حديث نوح بن حبيب القومسي، حَدَّثَنَا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج4، ص65. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، و من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج2ص27. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319. ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. وأخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي من حديث مُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سليم حَدَّثَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، ج1، ص69. [3] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج4، ص239- سير أعلام النبلاء ج11، ص410- تقريب التهذيب ج1، ص403، ميزان الاعتدال ج2، ص248- الكامل فِي ضعفاء الرجال ج3، ص428- الضعفاء، والمتروكين ص 56. [4] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص42- تهذيب التهذيب ج1، ص18 – تقريب التهذيب ج1، ص31. [5] - مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، إرواء الغليل فِي تخريج أحاديث منار السبيل، بيروت: المكتب الإسلامي ط2، 1985، ج3، ص73. [6] - انفرد بِهِ ابن ماجه . [7] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص291- سير أعلام النبلاء ج10، ص692- تهذيب التهذيب ج4، ص221- تقريب التهذيب ج1، ص398. [8] - انظر: ثقات ابن حبان ج9، ص118- تهذيب التهذيب ج9، ص50. [9] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج6، ص285- ميزان الاعتدال ج2، ص616- ضعفاء العقيلي ج3، 68- الضعفاء لأبي نعيم ص 104. [10] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص456- سير أعلام النبلاء ج9، ص387- تهذيب التهذيب ج7، ص338- ميزان الاعتدال ج3، ص158- تقريب التهذيب ج1، ص704. [11] - مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، السلسلة الضعيفة، الرياض: مكتبة المعارف، ج5، ص295. [12] - عبدالرَّحْمَن ابن عَلَى بن الجوزي القرشى 510 - 597، الموضوعات، ضبط، وتقديم، وتحقيق عبدالرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان ، ط، 1966، المكتبة السلفية المدينة المنورة. ج1، ص128. - [13] عَلِيّ بن مُحَمَّد بن العرّاق الكناني، تنزيه الشريعة المرفوعة، عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة، تحقيق: عبد الله بن مُحَمَّد بن الصديق الغماري، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 1981م، ج1، ص151. [14] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الطهارة، وسننها – باب الرخصة فِي ذلك( بعد باب الوضوء مما غيرت النار) ، ج1، ص165. أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص107، وفي باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص108 من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، حَدَّثَنَا بن جريج، عن مُحَمَّد بن يوسف، عن سُلَيْمَان بن يسار و أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج6، ص292. ، وأخرجه من حديث، وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا أبو عون مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيَّ، عن عبد الله بن شداد سمعت أبا هريرة ج6، ص306. ومن حديث عبد الرزاق، وا بن بكر، وروح قَالَوا، حَدَّثَنَا ابن جُرَيْج أخبرني مُحَمَّد بن يوسفإِنَّ عطاء بن يسار أخبرهإِنَّ أم سلمة ج1، ص366. ومن حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد ج6، ص317. ومن حديث أحمد بن الحَجَّاج، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن مُحَمَّد ، عن مُحَمَّد بن طحلاء ج6، ص321. [15] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج9، ص202- سير أعلام النبلاء ج10، ص672- مبزان الاعتدال ج3، ص584- تقريب التهذيب ج3، ص88. [16] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الطهارة، وسننها باب فِي الغسل من الجنابة، ج1، ص191. وأخرجه الإمام البخاري فِي صحيحه كتاب الغسل باب الغسل بالصاع، ونحوه[ ج1-ص55] من حديث عبد الله بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، عن أبي إسحاق، حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الغسل، باب من أفاض عَلَى رأسه ثَلَاثَ[ج1-ص56]. من حديث مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا غندر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول بن راشد، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ . ومن حديث أبي نعيم، حَدَّثَنَا معُمَر بن يَحْيَى بن سام حَدَّثَنِي ، أبو جَعْفَر[ج1-ص56]. ، وأخرجه مسلم فِي كتاب الحيض - باب استحباب إفاضة الماء عَلَى الرأس، وغيره ثَلَاثَاً ج1، ص178. ، وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الطهارة باب ذكر القدر الَّذِي يكتفي بِهِ الرجل من الماء للغسل من حديث قُتَيْبَة بن سعيد حَدَّثَنَا الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي جَعْفَرج1، ص127. و فِي كتاب الغسل، والتيمم، باب ما يكفي الجنب من إفاضة الماء عليه من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، عن شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَر ج1، ص207. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص319. وأخرجه أيضاً من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج3، ص289. ومن حديث هشيم أَخْبَرَنَا يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جَابِر ج3، ص303. ومن حديث هشيم، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جَابِر ج3، ص304. ومن حديث عبد الملك بن عمروحَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله بن مقسم ج3، ص292. ومن حديث سعيد بن عامر أَخْبَرَنَا شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَرج3، ص370. ومن حديث إبراهيم، حَدَّثَنَا رباح، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن مقسم ج3، ص378. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ ، عن جَعْفَر ج3، ص379. [17] - أخرجه ابن ماجه – كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها – باب القبلة، ج1، ص322. وقد انفرد ابن ماجه بِهِذَا اللفظ. [18] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص511- تهذيب التهذيب ج5، ص109. [19] - أخرجه ابن ماجه – كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها – باب القبلة، ج1، ص322. [20] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه- كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها- باب ما جاء فِي القراءة فِي الصلاة يوم الجمعة ج1، ص355. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15. و أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الجمعة من طريق قُتَيْبَة بن سعيد . ج1، ص251. ، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة- باب ما يقرأ بِهِ فِي الجمعة من طريق القعنبي، حَدَّثَنَا سليما بن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أبيه ج1، ص251. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص430. أخرجه أيضاٌ فِي باقي مسند المكثرين من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، وبِهِز، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج2، ص467. [21] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج2، ص64. [22] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأحكام – باب القضاء بالشاهد، وإِلَيَّمين، ج2، ص793. وأخرجه الترمذي فِي كتاب الأحكام، باب ما جاء فِي إِلَيَّمين مع الشاهد، ج2، ص400. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص305. ومن حديث عبد الله بن الحرث، عن سيف بن سُلَيْمَان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس ج1، ص323. ومن حديث أبي مسلمة الخزاعي ثنا سُلَيْمَان بن بِلَال عن ربيعة بن عبد الرَّحْمَن، عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة، عن أبيه أنهم، وجدوا فِي كتب أو فِي كتاب سعد بن عبادة ج5، ص285. وأخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الأقضية36 – باب القضاء بإِلَيَّمين مع الشاهد4-، ج2، ص567. [23] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج8، ص303. [24] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الصدقات – باب من ادّان ديناً، وهو ينوي قضاءه ج2، ص805. وأخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب البيوع – باب فِي الدائن معان ج2، ص263. [25] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج1، ص145- سير أعلام النبلاء ج10، ص689- تقريب التهذيب ج1، ص66. [26] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص42- تهذيب التهذيب ج9، ص52- سير أعلام النبلاء ج9، ص486. [27] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص261- ميزان الاعتدال ج2، ص141- تهذيب التهذيب ج4، ص36- تقريب التهذيب ج1، ص355. [28] - السلسلة الصحيحة، مرجع سابق، ج3، ص74، حديث رقم 1000. [29] - أخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11، وأخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188 أخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، و من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر م2ص27 وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319 ، ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. وأخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. [30] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص467- سير أعلام النبلاء ج11، ص459- تهذيب التهذيب ج7، ص331- تقريب التهذيب ج1، ص702. [31] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج5، ص249. [32] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض تهل بالحج، ج2، ص972. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب إحرام النفساء، واستحباب اغتسالها للإحرام، وكذا الحائض ج4، ص27، و أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب الاغتسال من النفاس، ج1، ص122، و فِي كتاب الطهارة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث عمرو ابن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد حَدَّثَنَا جَعْفَر ج1، ص154، وفي كتاب الحيض، والاستحاضة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث مُحَمَّد بن قدامة، حَدَّثَنَا جرير، عن يَحْيَى بن سعيد عن جَعْفَر ج1، ص195، وفي كتاب مناسك الحج – إهلال النفساء من حديث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب أنبأنا الليث، عن بن الهاد، عن جَعْفَر، ومن حديث عَلِيّ بن حجر أنبأنا إسماعيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر ج5، ص164. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب المناسك – باب صفة حجة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - م1، ص428. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 و أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض إِذَا أرادتا الحج، ج2، ص33. [33] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب التلبية ج2، ص974. تخريج الحديث الطويل ص67. [34] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص187- ميزان الاعتدال ج4، ص228- سير أعلام النبلاء ج10، ص110- تهذيب التهذيب ج10، ص339- تقريب التهذيب ج3، ص231. [35] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المناسك – باب الرَمَلَ حول البيت ج2، ص983. تخريج الحديث السابق. [36] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المناسك – باب الركعتين بعد الطواف، ج2، ص987 تخريج الحديث الطويل ص67. [37] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المناسك – باب الإفراد بالحج ج2، ص988. كالسابق [38] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المناسك – باب حجة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ج2، ص1022-1027. تخريج الحديث الطويل ص67. [39] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المنساك – باب حجة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ج2، ص1027. وأخرجه الترمذي فِي كتاب الحج – باب ما جاء كَمْ حج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ج2، ص155، [40] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص18- تهذيب التهذيب ج8، ص301- تقريب التهذيب ج3، ص23. [41] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص60- سير أعلام النبلاء ج9، ص346- تقريب التهذيب ج1، ص489. [42] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي ج2، ص1046. أخرجه الترمذي فِي كتاب الأضاحي – باب ما يستحب من الأضاحي، ج3، ص27. وأخرجه النسائي – كتاب الضحايا – باب الكبش، ج7، ص220-221، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الضحايا – باب ما يستحب من الضحايا /ج1، ص638. [43] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص85- سير أعلام النبلاء ج11، ص455- تهذيب التهذيب ج9، ص251- تقريب التهذيبج3، ص100. [44] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج4، ص351. [45] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأضاحي – باب الأكل من لحوم الضحايا ج2، ص1055. تخريج الحديث الطويل ص67. [46] - أخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الزهد – باب ذكر الشفاعة ج2، ص1441. وأخرجه الترمذي فِي كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب ما جاء فِي الشفاعة ج4، ص43. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب السنة –باب فِي الشفاعة- من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحداني، عن أنس بن مَالِك، عن النَّبِيّ المجلد الأول ص787. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحراني، عن أنس بن مَالِك ج3، ص213. [47] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص381- سير أعلام النبلاء ج11، ص515- تقريب التهذيب ج1، ص559. [48] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص337- ميزان الاعتدال ج2، ص84- سير أعلام النبلاء ج8، ص187- تهذيب التهذيب ج3، ص301- تقريب التهذيب ج1، ص316. [49] - مُحَمَّد بن عبد الله الخطيب التبريزي، مشكاة المصابيح، تحقيق مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، بيروت: المكتب الإسلامي، ط3، 1985. ج3، ص216. مروياته فِي مسند الإمام أحمد بن حَنْبَل أولاً: الإمام أحمد بن حنبل([1])، ومسنده: هو: أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هلال بن أَسَد الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثم البغدادي. خرج بِهِ من مرو حملا، وولد ببغداد، ونشأ بِهِا، ومات بِهِا، وطاف البلاد فِي طلب العلم، ودخل الكوفة، وبالبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، الشام، الجزيرة. وقَالَ أبو بكر بن أبي داود: أحمد بن حَنْبَل من بني مازن بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عَلِيّ بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أَسَد بن ربيعة بن نزار أخي مضر بن نزار. وكان فِي ربيعة رجلان لم يكن فِي زمانهما مثلهما، لم يكن فِي زمان قتادة مثل قتادة، ولم يكن فِي زمان أحمد بن حَنْبَل مثله، وهما جميعا سدوسيان. وقَالَ عبدالله بن أحمد بن حنبل: بلغني، عن يَحْيَى بن معين قَالَ: ما رايت خيرا من أحمد بن حَنْبَل قط، ما افتخر علينا قط بالعربية، ولا ذكرها. وقد كَانَ الإمام أحمد يقول: ولدت فِي سنة أربع وستين ومئة. وطلبت الحديث فِي سنة تسع وسبعين ومئة، وأنا ابن ست عشرة. وقَالَ أحمد بن سَلَمَة النيسابوري: سمعت قُتَيْبَة بن سعيد يقول: أحمد بن حَنْبَل إمام الدنيا. وقَالَ عبد الرحمان بن أبي حاتم، عن الحسين بن الحسن الرازي: سمعت عَلِيّ ابن المديني يقول: لَيْسَ فِي أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وبلغني أنه كَانَ لَا يحدث إِلَّا من كتاب، ولنا فيه أسوة حسنة. وقَالَ صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، عن أبيه: وأحمد بن حَنْبَل يكنى أبا عبد الله، سدوسي من أنفسهم بصري من أهل خراسان، ولد ببغداد، ونشأ بِهِا، ثقة، ثبت فِي الحديث، نزه النفس، فقيه فِي الحديث، متبع، يتبع الآثار، صاحب سنة، وخير. مؤلفات الإمام أحمد بن حنبل: 1- المسند: وقد طبع عدة مَرَّاتٍ . 2- العلل: وهو مطبوع أكثر من طبعة. 3- الأشربة: وهو مطبوع. 4- الفضائل: مطبوع. 5- الأسماء، والكنى: مطبوع. ومن الآثار المجموعة، عن الإمام أحمد بن حَنْبَل، ما جمعه، أبو بكر الخلال من أقواله، وفتاويه: 1- كتاب العلل: ثَلَاثَة مجلدات. 2- كتاب العلم: ثَلَاثَة مجلدات. 3- كتاب السنة: ثَلَاثَة مجلدات. المسند: لقد عمل الإمام أحمد على جمع الحديث الشريف فِي كتاب يكون إماماً للناس، جارياً عَلَى النسق المعروف من الترتيب عَلَى المسانيد، مقتصراً عَلَى المرفوع منها فِي الجملة. يقول الإمام أحمد بن حَنْبَل مخاطباً ابنه: " قصدت فِي المسند جمع المشهور، وتركت الناس تَحْتَ ستر الله تعالى، ولو أردت أن أقصد ما صح عندي، لم أرو من هَذَا المسند إِلَّا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي فِي الحديث، لست أخالف ما ضعف إِذَا لم يكن فِي الباب ما يدفعه). ولذلك فإن المسند يحتوي عَلَى أقسام كثيرة من الحديث ففيه الصحيح لذاته، ولغيره، والحسن لذاته، ولغيره، وكذلك الضعيف. وفاته: توفي الإمام أحمد يوم الْجُمُعَةَ لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومائتين. ثانياً: المرويات: 1 –حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي نَصْرُ بن عَلِيّ الْأَزْدِيُّ أَخْبَرَنِي عَلِيّ بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ بن عَلِيّ حَدَّثَنِي أَخِي مُوسَى بن جَعْفَر، عن أَبِيهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ، وسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وحُسَيْنٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهمَا فَقَالَ: مَنْ أَحَبني وأَحَبَّ هَذَيْنِ وأَبَاهُمَا وأُمَّهُمَا، كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ([2]). رجال السند: 1- عبد الله: عبد الله بن أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هلال بن أَسَد الشيباني، أبو عبدالرَّحْمَن البغدادي، قَالَ أبو عَلِيّ الصواف قَالَ عبدالله بن أحمد بن حَنْبَل: كل شئ اقول قَالَ أبي فقد سمعته مرتين أو ثَلَاثَة، وقَالَ ابن أبي حاتم: كتب إِلَيَّ بمسائل أبيه، وبعلل الحديث، قَالَ أبو الحسين بن المنادي: لم يكن فِي الدنيا أحد أروى، عن أبيه منه، لأنه سمع منه المسند، وهو ثَلَاثَون ألفاً، والتفسير، وهو مائة وعشرون ألفاً سمع منه ثمانين ألفاً، والباقي وجادة، والناسخ، والمنسوخ، والتاريخ، وحديث شعبة، وجوابات الْقُرْآن، والمناسك، وغير ذَلِكَ من التصانيف، وحديث الشيوخ. قَالَ وما زلنا نرى اكابر شيوخنا يشهدون لَهُ بمعرفة الرجال، وعلل الحديث، والأسماء، والكنى، والمواظبة عَلَى الطلب، حَتَّى إِنَّ بعضهم أسرف فِي تفريطه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع عَلَى أبيه، قَالَ ابن عدي: نَبُل بأبيه، وله فِي نفسه محل فِي العلم، ولم يكتب، عن أحد إِلَّا من أمره أبوه أن يكتب عنه، وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ثبتا فهما، وقَالَ أبو عَلِيّ بن الصواف: ولد سنة ثَلَاثَ عشرة، ومات سنة تسعين ومائتين([3]). 2- نصر بن عَلِيّ الأزدي: الجهضمي تقدم، وهو ثقة، ثبت. 3- عَلِيّ بن جَعْفَر: تقدم، وهو مقبول. 4- موسى بن جَعْفَر: تقدم، وهو صدوق عابد. الحكم عَلَى سند الحديث: أنظر الحكم عَلَى الحديث رقم 19 فِي سنن الترمذي. ص 153. 2 –حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ عَبْد اللَّهِ، وسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ، عن ابن عباس، عن الْفَضْلِ بن عباس أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهَُ عَلَيْهِ، وسَلَّمَ- لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ([4]). رجال السند: 1- عبد الله بن مُحَمَّد : أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ تقدم، وهو ثقة، حافظ، ومن رجال مسلم. 2- حَفْص بن غياث: تقدم، وهو ثقة، فقيه من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 3 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَمَانٍ، عن حَسَنِ بن صَالِحٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد : قَالَ كَانَ الْمَاءُ، مَاءُ غُسْلِهِ -صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ غَسَّلُوهُ بَعْدَ وفَاتِهِ يَسْتَنْقِعُ فِي جُفُونِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - فَكَانَ عَلِيّ يَحْسُوهُ ([5]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن يمان: يَحْيَى بن يمان العجلي، أبو زَكَرِيَّا الْكُوفِيّ، صدوق عابد يخطئ كثيراً، وقد تغير من كبار التاسعة. روى عن: روى، عن إِبْرَاهِيم بن يزيد الخوزي، وأسامة بن زيد بن أسلم، وإِسْمَاعِيل بن أبي خالد، وغيرهم العجلي . روى عنه: أحمد بن أَسَد البجلي، وإسحاق بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن الشهيد، وأبو بكر إِسْمَاعِيل بن حَفْص الأبلي، وابنه دَاوُد بن يَحْيَى بن يمان، وكان من الحفاظ، وسُفْيَان بن، وكيع بن الجراح، وقُتَيْبَة بن سعيد، ويَحْيَى ابن معين، وروى لَهُ البخاري فِي الأدب. ضعفه أحمد بن حَنْبَل، وقَالَ: حدث عن الثَّوْرِيّ بعجائب، لَا أدري لم يزل هكذا أو تغير حِينَ لقيناه، أو لم يزل الخطأ فِي كتبِهِ، وروى من التفسير، عن الثَّوْرِيّ عجائب. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الجنيد، عن يَحْيَى ابن معين: لَيْسَ بثبت لم يكن يبالي أي شيء حدث، كَانَ يتوهم الحديث. قَالَ: وقَالَ وكيع هذه الأحاديث التي يحدث بِهَا يَحْيَى بن يمان ليست من أحاديث سُفْيَان. وقَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ، عن يَحْيَى بن معين: أرجو أن يكون صدوقا. وقَالَ عبد الخالق بن منصور، عن يَحْيَى بن معين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ عبد الله بن عَلِيّ بن المديني، عن أبيه: صدوق، وكان قَدْ فلج فتغير حفظه. وقَالَ أبو بكر بن عفان الصوفي، عن وكيع: ما كَانَ أحد من أصحابنا أحفظ للحديث منه، كَانَ يحفظ فِي المجلس خمس مائة حديث، ثم نسي فلا أعلم بالكوفة أحدا أحفظ من دَاوُد ابنه. وقَالَ يعقوب بن شيبة: كَانَ صدوقا كثير الحديث، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط، وليس بحجة إِذَا خولف، وهو من متقدمي أصحاب سُفْيَان فِي الكثرة عنه. وقَالَ النسائي: لَيْسَ بالقوي، وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات([6]). 2- الحسن بن صالح: الحسن بن صالح بن صالح بن حي، وهو حيان بن شفي بن هني بن رافع الهمداني الثَّوْرِيّ، أبو عبد الله الْكُوفِيّ، ثقة، فقيه عابد من السابعة. روى عن: أَبَان بن أبي عَيَّاش الْبَصْرِيّ، وإِبْرَاهِيم بن مهاجر البجلي، والأجلح بن عبد الله سنان، وإِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السدي، وأشعث بن سوار، وبكير بن عامر البجلي، وغيرهم . روى عنه: أحمد بن عبد الله بن يونس، وإسحاق بن منصور السلولي، والجراح بن مليح الرؤاسي، وعبيد الله بن المبارك، وعبد الرَّحْمَن ابن مُصْعَب الْقَطَّان، وعبد الْعَزِيز بن الخطاب، وعبيد الله بن موسى، ووكيع بن الجراح، وآخرون. قَالَ مُحَمَّد بن عَلِيّ الوراق: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، عن الحسن بن صالح كيف حديثه؟ فَقَالَ: ثقة. وقَالَ عَلِيّ بن الحسن الهسنجاني، عن أحمد بن حَنْبَل: الحسن بن صالح صحيح الرواية متفقه صائن لنفسه فِي الحديث والورع، وقَالَ عبد الله بن أحمد بن حَنْبَل سمعت أبي يقول: الحسن بن صالح أثبت فِي الحديث من شريك. وقَالَ أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يَحْيَى بن معين: الحسن بن صالح ثقة. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الجنيد عن يَحْيَى: ثقة، مأمون. وقَالَ أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يَحْيَى: ثقة، مستقيم الحديث. وقَالَ عَبَّاس الدوري، عن يَحْيَى: يكتب رأي الحسن بن صالح، ورأي الأوزاعي، وهؤلاء ثقات. قَالَ: وسألت يَحْيَى، عن الحسن بن صالح فَقَالَ: ثقة. وقَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارِمِيّ قلت ليَحْيَى بن معين: فعلى بن صالح أحب إِلَيَّك أو الحسن بن صالح؟ فَقَالَ: كلاهما مأمونين ثقتين. وقَالَ أبو زرعة: اجتمع فيه إتقان، وفقه، وعبادة، وزهد. وقَالَ أبو حاتم: ثقة، حافظ متقن. وقَالَ النسائي: ثقة. وقَالَ الساجي، عن أحمد بن مُحَمَّد، عن أحمد بن حَنْبَل قَالَ وكيع: حَدَّثَنَا الحسن، قيل من الحسن، قَالَ: الحسن بن صالح الَّذِي لو رأيته ذكرت سعيد بن جبير، أو شبهته بسعيد بن جبير. ذكره البخاري فِي كتاب الشهادات من الجامع، وروى لَهُ فِي كتاب الأدب، وروى لَهُ الباقون ([7]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث ضعيف لانقطاعه، فالإمام جَعْفَر لم يدرك ذَلِكَ، ولم يسنده. 4 –حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ بن هُرْمُز قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابن عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابن عباس: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أن ابن عَبَّاس يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ، ولَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أن أَكْتُمَ عِلْمِي لَمْ أَكْتُبْ إِلَيَّهِ. كَتَبَ إِلَيَّهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهَُّ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ مَعَهُ ؟وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟، وهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ ومَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم ؟وأَخْبِرْنِي عن الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ بن عباس: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَدْ كَانَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ مَعَهُ، فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى، ولَمْ يَكُنْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، ولَكِنَّهُ كَانَ يُحْذِيهِنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِوسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، ولَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ إِلَّا أن تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ، فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ، وتَدَعَ الْمُؤْمِنَ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي، عن يُتْمِ اليَتِيْم مَتَى يَنْقَضِي؟ ولَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ تَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وهُوَ ضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ اليتم، وأَمَّا الْخُمُسُ فَإِنَّا كُنَّا نُرَى أَنَّهُ لَنَا، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا([8]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني: تقدم صدوق لَهُ أوهام. 2- زيد بن هُرْمُز: تقدم، وهو ثقة. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 5 –حَدَّثَنَا يَحْيَى، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع، وكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيّ: قَالَ كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً فَصَلَّى الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةَ، وإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَلَمَّا انْصَرَفَ مَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُلْتُ: أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ: قَرَأَ بِهِمَا حِبِّي، أبو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وسَلَّمَ- ([9]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن سعيد الأنصاري: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، ورواته ثقات. 6 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد. قَالَ جَعْفَر قَالَ أَبِي: وقَضَى بِهِ عَلِيّ بِالْعِرَاقِ. قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن : كَانَ أَبِي قَدْ ضَرَبَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ولَمْ يُوَافِقْ أَحَدٌ الثَّقَفِيَّ عَلَى جَابِر، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَرَأَهُ عَلِيّ، وكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ صَحَّ ([10]). رجال السند: 1- عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ : تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات. 7 - حَدَّثَنَا مُصْعَب بن سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ خَطَبنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَمِدَ اللَّهَ واثنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثم قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثم يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وتَحْمَرُّ، وجْنَتَاهُ، ويَشْتَدُّ غَضَبِهِ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ قَالَ، ثم يَقُولُ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ هَكَذَا، وأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ، ومَسَّتْكُمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ، والضَّيَاعُ يَعْنِي، ولَدَهُ الْمَسَاكِينَ ([11]). رجال السند: 1- مُصْعَب بن سلام: مُصْعَب بن سلام التميمي الْكُوفِيّ نزيل بغداد، صدوق لَهُ أوهام من الثامنة. روى عن: الأجلح بن عبد الله سنان، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، وحمزة بن حبيب الزيات، والزبرقان السراج، وسعد بن طريف الإسكاف، والعَبَّاس بن عبد الله القرشي، وغيرهم . روى عنه: إِبْرَاهِيم بن دينار التمار، وأحمد بن أبي الطيب المروزي، وأحمد بن أبي عبد الرَّحْمَن الأصباغي، وأحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وآخرون. قَالَ المفضل بن غسان الغلابي، وعَبَّاس الدوري، عن يَحْيَى بن معين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الجنيد، عن يَحْيَى بن معين: صدوق. وقَالَ جَعْفَر بن أبي عُثْمَان الطيالسي، عن يَحْيَى بن معين: ضعيف. وقَالَ العجلي: ثقة. وقَالَ أبو بكر الباغندي، حَدَّثَنَا هَارُون بن حاتم البزاز قَالَ، حَدَّثَنَا مُصْعَب بن سلام التميمي، وكان شيخ صدق. وقَالَ أبو حاتم: شيخ محله الصدق. قَالَ الذهبي فِي الميزان: ضعفه عَلَى بن المدينى. وقَالَ أبو حاتم: محله الصدق، ولابن معين فيه قولان. وقَالَ ابن حبان: كثير الغلط لَا يحتج بِهِ([12]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف لوجود مُصْعَب بن سلام، وقد توبع عليه. 8 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عن جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قَالَ لِي جَابِر قَالَ سَأَلَنِي ابن عَمِّكَ الْحَسَنُ بن مُحَمَّد، عن غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقُلْتُ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَصُبُّ بِيَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَا. فَقَالَ: إِنِّي كَثِيرُ الشَّعْرِ. فَقُلْتُ: مَهْ يَا ابن أَخِي، كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وأَطْيَبَ ([13]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن سعيد الأنصاري: تقدم، وهو ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات 9 – حَدَّثَنَا يَحْيَى، عن جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وأَحْسَنَ الْهُدَى هُدْى مُحَمَّد . قَالَ يَحْيَى: ولَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ أَعْلَى بِهَا صَوْتَهُ، واشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، ثم يَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا، والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وأَوْمَأَ. وصف يَحْيَى: بِالسَّبَّابَةِ والْوُسْطَى ([14]). رجال السند: كالحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات 10 –حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه، وهُوَ فِي بني سَلَمَة فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَثَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثم أُذِّنَ فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حَاجٌّ هَذَا الْعَامَ قَالَ فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ويَفْعَلَ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ نُفِسَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍفَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ اغْتَسِلِي، ثم اسْتَذْفِرِي بِثَوْبٍ، ثم أَهِلِّي فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك َإِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، ولَبَّى النَّاسُ، والنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ، ونَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ، والنَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَسْمَعُ فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ شَيْئًا فَنَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي، وبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ رَاكِبٍ ومَاشٍ، ومِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ شِمَالِهِ مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ جَابِر: ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآن، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، ومَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ. فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ فَاسْتَلَمَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْحَجَر الْأَسْوَدَ، ثم رَمَلَ ثَلَاثَةً، ومَشَى أَرْبَعَةً، حَتَّى إِذَا فَرَغَ عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيم فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثم قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) - قَالَ أَبِي - قَالَ أبو عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي جَعْفَرا - فَقَرَأَ فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثم اسْتَلَمَ الْحَجَر، وخَرَجَ إِلَى الصَّفَا، ثم قَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ))، ثم قَالَ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَنْجَزَ وعْدَهُ، وصَدَقَ عَبْدَهُ، وغَلَبَ الْأَحْزَابَ وحْدَهُ، ثم دَعَا، ثم رَجَعَ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ، ثم نَزَلَ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا فَلَمَّا كَانَ السَّابِعُ عِنْدَ الْمَرْوَةَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ َلمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، ولَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّلْ، ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ. فَقَالَ سُرَاقَةُ بن مَالِك بن جُعْشُمٍ -وهُوَ فِي أَسْفَلِ الْمَرْوَةَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَصَابِعَهُ فَقَالَ: لِلْأَبَدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثم قَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: وقَدِمَ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن فَقَدِمَ بِهَدْيٍ، وسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَعَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا. فَإِذَا فَاطِمَةَ -رَضِي اللَّهُ عَنْهَا- قَدْ حَلَّتْ ولَبِسَتْ ثِيَابِهِا صَبِيغًا، واكْتَحَلَتْ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيّ -رَضِي اللَّهُ عَنْه- عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ، قَالَ عَلِيّ بِالْكُوفَةِ. قَالَ جَعْفَر، قَالَ أَبِي: هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِر - فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا أَسْتَفْتِي بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي الَّذِي ذَكَرَتْ فَاطِمَةَ. قُلْتُ: إِنَّ فَاطِمَةَ لَبِسَتْ ثِيَابِهِا صَبِيغًا، واكْتَحَلَتْ، وقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهِ أَبِي. قَالَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ صَدَقَتْ، أَنَا أَمَرْتُهَا بِهِ. قَالَ جَابِر وقَالَ: لِعَلِيّ بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: ومَعِي الْهَدْي. قَالَ: فَلَا تَحِلَّ. قَالَ: فَكَانَتْ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي أَتَى بِهِ عَلِيّ -رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْه- مِنَ الْيَمَن، والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِائَةً فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وستينَ، ثم أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثم أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثم قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: قَدْ نَحَرْتُ هَا هُنَا، ومِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، ووَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ، وقَفْتُ هَاهُنَا، وعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، ووَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ: قَدْ وقَفْتُ هَاهُنَا، والْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ([15]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن سعيد الأنصاري: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، ورواته ثقات 11 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بن عَيَّاش أَخُو أَبِي بَكْرٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ، وسَلَّمَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قَالَ حَسَنٌ قُلْتُ لِجَعْفَر، ومَتَى ذَاكَ قَالَ زَوَالَ الشَّمْسِ ([16]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن آدَمَ : تقدم، وهو ثقة، حافظ نبيل. 2- الحسن بن عَيَّاش: تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح. 12 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ، أبو النَّضْرِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِر مَتَى كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ؟ فَقَالَ : كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا . قَالَ جَعْفَر: وإِرَاحَةُ النَّوَاضِحِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ ([17]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني: تقدم، وهو صدوق يخطئ كثيراً. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده حسن فِي المتابعات، والشواهد لأجل مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني فهو ضعيف يعتبر بِهِ. ولكنه صحيح بمجموع طرقه. 13 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر: أن الْبُدْنَ الَّتِي نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَتْ مِائَةَ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثَا وستينَ، ونَحَرَ عَلِيّ مَا غَبَرَ، وأَمَرَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، ثم شَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ([18]). رجال السند: كالحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، وإسناده هَذَا حسن فِي المتابعات، والشواهد لأجل مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني فهو ضعيف. 14 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا بن جُرَيْج حَدَّثَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه يُحدث عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ: ثم نَزَلَ عن الصَّفَا، حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا الشِّقَّ الْآخَرَ مَشَى ([19]). رجال السند: 1- روح: روح بن عبادة بن العلاء بن حَسَّانَ القيسي، أبو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، ثقة، فاضل لَهُ تصانيف من التاسعة. روى عن: أيمن بن نابل، ومَالِك، والأوزاعي، وابن جُرَيْج، وابن عون، وابن أبي ذئب، وحبيب بن الشهيد، وابن أبي عروبة، وشعبة، وحَجَّاج بن أبي عُثْمَان، وعوف، والسفيانين، وغيرهم. وعنه: أبو خيثمة، وأحمد بن حَنْبَل، وأبو قُدَامَة السرخسي، وغيرهم. قَالَ مُحَمَّد بن عمر: سألت ابن معين، عن روح فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بأس صدوق حديثه يدل عَلَى صدقه، قَالَ قلت ليَحْيَى: زعموا أن يَحْيَى الْقَطَّان كَانَ يتكلم فيه. فَقَالَ: باطل ما تكلم يَحْيَى الْقَطَّان فيه بشيء هو صدوق. وقَالَ الخطيب: كَانَ كثير الحديث، وصنف الكتب فِي السنن، والأحكام، وجمع التفسير، وكان ثقة. وقَالَ ابن أبي خيثمة، عن يَحْيَى: صدوق ثقة. وقَالَ الدَّارِمِيّ، عن ابن معين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ أبو بكر البزار فِي مسنده: ثقة، مأمون. وقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقةإِن شاء الله ([20]). 2- ابن جُرَيْج: عبد الملك بن عبد العزيز: تقدم، وهو ثقة، فقيه من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 15 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا بن الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ، وجْنَتَاهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ، وعَلَا صَوْتُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ صُبِّحْتُمْ مُسِّيتُمْ قَالَ وكَانَ يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ومَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ، وأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ ([21]). رجال السند: 1. ابن الوليد: عبد الله بن الوليد بن ميمون الأموي مولاهم، أبو مُحَمَّد المكي المعروف بالعدني، صدوق ربما أخطأ من كبار العاشرة. روى عن: الثَّوْرِيّ. قَالَ حرب، عن أحمد: سمع من سُفْيَان، وجعل يصحح سماعه، ولكن لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديث صحيح، وكان ربما أخطأ فِي الأسماء كتب عنه أبي كثيرا. وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ، عن ابن معين: لَا أعرفه لم أكتب عنه شيئا. وقَالَ أبو زرعة: صدوق. وقَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج بِهِ. وقَالَ ابن عدي: روى عن الثَّوْرِيّ جامعه. وذكره ابن حبان فِي الثقات وقَالَ: مستقيم الحديث. وقَالَ الأزدي: يهم فِي أحاديث، وهو عندي وسط. وقَالَ الدارقطني: ثقة، مأمون([22]) . 2. سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، حافظ. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 16 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا أبو سَلَمَة الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان، يعني ابن بِلَال أَخْبَرَهُ أَوْ حَدَّثَهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه سَمِعَهُ مِنْهُ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَّةَ قَالَ: فَطَافَ سَبْعًا، ورَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا ([23]). رجال السند: 1- أبو سَلَمَة الخزاعي: منصور بن سَلَمَة بن عبد الْعَزِيز بن صالح، أبو سَلَمَة الخزاعي الحافظ البغدادي، ثقة، ثبت حافظ من كبار العاشرة. روى عن: عبد الله بن عمر العمري، وسُلَيْمَان بن بِلَال، والوليد بن المغيرة المعافري، وغيرهم . روى عنه: أحمد بن حَنْبَل، ومُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف، وحَجَّاج بن الشَّاعِر، وغيرهم قَالَ أبو بكر الأعين، عن أحمد: أبو سَلَمَة الخزاعي من مثبتي أهل بغداد. وقَالَ ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة. وقَالَ الدار قطني: أحد الثقات الحفاظ الرفعاء الذين كانوا يسألون عن الرجال، ويؤخذ بقوله فيهم أخذ عنه أحمد، وابن معين، وغيرهما علم ذَلِكَ، وذكره ابن حبان فِي الثقات قَالَ البخاري: يقَالَ مات سنة تسع أو سبع ومائتين بطرسوس ([24]). 2- سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 17 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا أبو سَلَمَة الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بَدَأَ بِالْحَجَر فَرَمَلَ، حَتَّى عَادَ إِلَيَّهِ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا ([25]). رجال السند: نفس رجال الحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 18 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا، وهَيْبٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَتَى العالية فَمَرَّ بِالسُّوقِ. فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَرَفَعَهُ، ثم قَالَ: بِكَمْ تُحِبُّونَ أن هَذَا لَكُمْ ؟ قَالَوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، ومَا نَصْنَعُ بِهِ. قَالَ: بِكَمْ تُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ. قَالَوا: واللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَانَ عَيْبًا فِيهِ أَنَّهُ أَسَكُّ. فَكَيْفَ وهُوَ مَيِّتٌ. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ ([26]). رجال السند: 1- عفان: عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار، أبو عُثْمَان الْبَصْرِيّ، ثقة، ثبت من كبار العاشرة. روى عن: دَاوُد بن أبي الفرات، وشعبة، ووهيب بن خالد، وغيرهم . روى عنه: وأحمد بن حَنْبَل، والحسن بن مُحَمَّد الزعفراني، وعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وغيرهم قَالَ يعقوب بن شيبة سمعت يَحْيَى ابن معين يقول أصحاب الحديث خمسة مَالِك، وابن جُرَيْج، والثَّوْرِيّ، وشعبة، وعفان. وقَالَ الدوري سمعت ابن معين يقول: كَانَ عفان أثبت من زيد بن الحُبَاب. وقَالَ أبو حاتم: ثقة، إمام متقن. قَالَ ابن عدي: عفان أشهر وأصدق وأوثق من أن يقَالَ فيه شيء، وقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة، كثير الحديث ثبتا حجة. وقَالَ ابن خراش: ثقة، من خيار المسلمين. وقَالَ ابن قانع: ثقة، مأمون. وذكره ابن حبان فِي الثقات ([27]). 2- وهيب بن خالد: تقدم، وهو ثقة، ثبت من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 19 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا، وكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُومُ فَيَخْطُبُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ، ويُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ويَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وجْنَتَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَرَثَةِ، ومَنْ تَرَكَ ضَيَاعًا أَوْ دَيْنًا فَعَلِيّ وإِلَيَّ، وأَنَا ولِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ([28]). رجال السند: 1- وكيع بن الجراح: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، ثبت حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 20 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن خَالِدٍ، عن مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَر ([29]). رجال السند: 1- حماد بن خالد: حماد بن خالد الخياط القرشي، أبو عبد الله الْبَصْرِيّ مدني، ثقة، أمي من التاسعة. روى عن: أفلح بن حميد، ومَالِك بن أنس، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذئب، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حَنْبَل، وأبو عَلِيّ أحمد بن مُحَمَّد بن زيد، وأحمد بن منيع البغوي، وغيرهم. قَالَ عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: كَانَ حافظا. وقَالَ عَبَّاس الدوري، عن يَحْيَى بن معين: ثقة، كَانَ أميا لَا يكتب، وكان يقرأ الحديث. وقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمَّار: ثقة. وقَالَ عَلِيّ بن المديني: كَانَ ثقة عندنا. وقَالَ أبو زرعة: شيخ ثقة. وقَالَ النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، روى لَهُ الجماعة سوى البخاري ([30]). 2- مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة، تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات 21 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بن مُحَمَّد إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ قَالَ يَا ابن أَخِي كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ، وأَطْيَبَ ([31]). رجال السند: 1- عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، . الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 22 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنِي مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ ([32]). رجال السند: 1- إسحاق: إسحاق بن عِيسَى بن نجيح البغدادي، أبو يعقوب بن الطباع، صدوق من التاسعة. روى عن: مَالِك بن أنس، والْمُنْكَدِر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدِر، وأبي بكر بن عَيَّاش، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وأحمد بن منيع البغوي، وغيرهما. قَالَ البخاري: مشهور الحديث. وقَالَ صالح بن مُحَمَّد الحافظ: لَا بأس بِهِ صدوق روى لَهُ مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. ذكره ابن حبان فِي الثقات([33]). 2- مَالِك بن أنس: تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 23 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَن : مَالِك ح، وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا، وهُوَ يَقُولُ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ ([34]). رجال السند: 1- عبد الرَّحْمَن : عبد الرَّحْمَن بن مهدي بن حَسَّانَ بن عبد الرَّحْمَن العنبري، أبو سعيد الْبَصْرِيّ اللؤلؤي، ثقة، ثبت حافظ عارف بالرجال، والحديث من التاسعة. روى عن: خلق كثير منهم مَالِك بن أنس، وروى عنه: خلق منهم أحمد بن حَنْبَل، وقَالَ أبو حاتم: عبد الرَّحْمَن بن مهدي اثبت أصحاب حماد بن زيد، وهو إمام ثقة، اثبت من يَحْيَى بن سعيد، وأتقن من وكيع، وكان عرض حديثه عَلَى سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وقَالَ أبو بكر الأثرم سمعت أحمد بن حَنْبَل يقول: إِذَا حدث عبد الرَّحْمَن بن مهدي، عن رجل فهو حجة. و روى لَهُ الجماعة ([35]). 2- إسحاق بن عِيسَى : تقدم، وهو صدوق. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 24 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَن : مَالِك ح، وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا، ويَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَن: يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ويَدْعُو، ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ([36]). رجال الحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات 25 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَن : مَالِك، وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ ([37]). رجال الحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث : صحيح، ورواته ثقات. 26 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ، وبَعْضُهُ نَحَرَهُ غَيْرُهُ ([38]). كرجال الحديث السابق الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 27 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا مُوسَى بن دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الْحَجرِ إِلَى الْحَجر، وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم عَادَ إِلَى الْحَجَرِ، ثم ذَهَبَ إِلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، وصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثم رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثم رَجَعَ إِلَى الصَّفَا فَقَالَ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ ([39]). رجال السند: 1- موسى بن دواد: موسى بن دَاوُد الضبي، أبو عبد الله الطرسوسي الخلقاني، صدوق فقيه زاهد لَهُ أوهام من صغار التاسعة. روى عن: جرير بن حازم، ومبارك بن فضالة، ونافع بن عمر الجمحي، ويزيد بن إِبْرَاهِيم التستري، ومَالِك، والثَّوْرِيّ، وشعبة، وسُلَيْمَان بن بِلَال، وغيرهم . وعنه: مُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف، وعَلِيّ بن المديني، وأحمد بن حَنْبَل، وحَجَّاج بن الشَّاعِر، وآخرون. قَالَ ابن نمير: ثقة، وقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة، صاحب حديث، ولي قضاء طرسوس إلى أن مات بِهَا. وقَالَ ابن عَمَّار الموصلي: كَانَ قاضي المصيصة، وكان زاهدا صاحب حديث ثقة. وقَالَ العجلي: كوفي ثقة. وقَالَ أبو حاتم: شيخ فِي حديثه اضطراب. وقَالَ الدارقطني: كَانَ مصنفا مكثرا مأمونا، وولي قضاء الثغور فحمد فيها. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن سعد: مات سنة سبع عشرة، وقَالَ مطين: مات سنة ست عشرة أو سبع عشرة ومائتين، روى لَهُ مسلم حديث أبي سعيد فِي الشك فِي الصلاة فقط، واستشهد بِهِ الترمذي فِي حديث فِي صيام التطوع([40]). 2- سُلَيْمَان بن بِلَال: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات 28 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا مُوسَى بن دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَالِك، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ، حَتَّى عَادَ إِلَيَّهِ ([41]). رجال السند: 1- موسى بن دَاوُد: تقدم، وهو صدوق فقيه. 2- مَالِك بن أنس: تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات 29 –حَدَّثَنَا عبد الله، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو ابن مُحَمَّد النَّاقِدُ قَالَ، حَدَّثَنَا أبو أحمد الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن ابن عباس، عن مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَصَّرْتُ عن رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عِنْدَ الْمَرْوَةَ ([42]). رجال السند: 1- عَمْرُو بن مُحَمَّد الناقد: عَمْرُو بن مُحَمَّد بن بكير بن سابور الناقد، أبو عُثْمَان البغدادي الحافظ، ثقة، حافظ من العاشرة. روى عن: حاتم بن إِسْمَاعِيل، وحَفْص بن غِيَاث، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، ووكيع بن الجراح، وأبي أحمد الزبيري، وخلق كثر. روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو دَاوُد، وأبو شيبة إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، وعبد الله بن أحمد بن حَنْبَل، وآخرون. وقَالَ أبو حاتم: ثقة، أمين صدوق. وقَالَ عبد الخالق بن منصور سألت يَحْيَى بن معين، عن عَمْرُو الناقد، وقيل له إِنَّ خلقا يقع فيه فَقَالَ: ما هو من أهل الكذب هو صدوق. وقَالَ أبو عبيد الآجري سألت أبا داود، عن عَمْرُو الناقد فَقَالَ: ثقة. وقَالَ الحسين بن فهم صاحب مُحَمَّد بن سعد: عَمْرُو الناقد ثقة، ثبت صاحب حديث، وقد كتب عنه أهل بغداد كتابا كبيرا، وكان من الحفاظ المعدودين، وكان فقيها، وتوفي ببغداد يوم الخميس لأربع ليال خلون من ذي الحجة فِي العشر سنة اثنتين وثَلَاثَين ومئتين([43]). 2- أبو أحمد الزبيري: مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبير بن عُمَر بن درهم الأَسَدي، ثقة، ثبت إِلَّا إنه قَدْ يخطئ فِي حديث الثَّوْرِيّ من التاسعة. روى عن: أيمن بن نابل، وفطر بن خليفة، وسُفْيَان الثَّوْرِيّ، ومسعر، ومَالِك بن مغول، ومَالِك بن أنس، وغيرهم . وعنه: ابنه طاهر، وأحمد بن حَنْبَل، وأبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، وعبد الله بن مُحَمَّد المسندي، وعَمْرُو ابن مُحَمَّد الناقد، وآخرون. قَالَ حَنْبَل بن إسحاق، عن أحمد بن حَنْبَل: كَانَ كثير الخطأ فِي حديث سُفْيَان. وقَالَ ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة. وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ، عن ابن معين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ العجلي: كوفي ثقة، يتشيع. وقَالَ بندار: ما رأيت أحفظ منه. وقَالَ أبو زرعة، وابن خراش: صدوق،. قَالَ أبو حاتم: عابد مجتهد حافظ للحديث لَهُ أوهام.، وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس([44]). 3- سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات، ومختلف فيه عَلَى الإمام الصادق فرواه ابن جريج، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن عَلَى بن الحسين، عن ابن عباس، عن معاوية، وتابعه الثَّوْرِيّ من رواية أبي أحمد الزبيري عنه قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّد بن عَلِيّ بن محرز الكوفي، عن أبي أحمد، وخالفه المقدي، والفضل بن سَهْل الاعرج فروياه، عن أبي أحمد، ولم يذكروا فيه عَلِيّ بن الحسين. 30- حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَديُّ، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن ابن عباس، عن مُعَاوِيَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُقَصِّرُ بِمِشْقَصٍ([45])([46]). رجال السند: 1- أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ: هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شَيْبَةَ، وقد تقدم، وهو ثقة، حافظ 2- مُحَمَّد بن عبد الله الأَسَدي: هو، أبو أحمد الزبيري، وقد تقدم، وهو ثقة، ثبت إِلَّا إنه قَدْ يخطئ فِي حديث الثوري 3- سُفْيَان الثوري: تقدم، وهو ثقة، ثبت حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 31 – حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن عَبْدِ اللَّهِ بن بَشَّار الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّل، وأَبُو أحمد أَوْ أَحَدُهُمَا، عن سُفْيَانَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن ابن عباس، عن مُعَاوِيَةَ: أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَصَّرَ بِمِشْقَصٍ ([47]). رجال السند: 1- إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن بَشَّار الواسطي: إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن بَشَّار الواسطي. روى عن: يزيد بن هَارُون، ومُؤَمَّل، وجماعة. وعنه: عبد الله بن أحمد، وغيره قَالَ ابن حجر فِي تعجيل المنفعة: قدم بغداد، وحدث بِهَا سنة أربع وأربعين ومائتين زاد فِي الإكمال، ولا يكاد يعرف، وقَالَ أبو زرعة: ابن شيخنا لَا يعرف، وقد عرفه الخطيب، وذكر لَهُ ترجمة فِي تاريخه، وذكر فِي الرواة عنه أبا مُحَمَّد بن ناجية، وأبا مُحَمَّد بن صاعد الحافظين فزالت جهالة عينه، ومن المعروف أن عبد الله كَانَ لَا يكتب إلا عن ثقة، ثم أبيه ([48]). 2- مُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيل: تقدم، وهو صدوق يخطئ. 3- أبو أحمد الزبيري: هو مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبير الأَسَدي، تقدم، وهو ثقة، ثبت إِلَّا إنه قَدْ يخطئ فِي حديث الثوري. 4- سُفْيَان الثَّوْرِيّ: تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح. 32 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا أبو سَعِيدٍ مَوْلَى بني هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَر، عن أُمِّ بَكْرٍ، وجَعْفَر، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن أَبِي رَافِع، عن الْمِسْوَر قَالَ بَعَثَ حَسَنُ بن حَسَنٍ إِلَى الْمِسْوَر يَخْطُبُ ابنتًا لَهُ قَالَ لَهُ تُوَافِينِي فِي الْعَتَمَةِ فَلَقِيَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ الْمِسْوَر فَقَالَ : مَا مِنْ سَبَبٍ، ولَا نَسَبٍ، ولَا صِهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَسَبِكُمْ، وصِهْرِكُمْ، ولَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ: فَاطِمَةَ شُجْنَةٌ مِنِّي يَبْسُطُنِي مَا بَسَطَهَا، ويَقْبِضُنِي مَا قَبَضَهَا، وإِنَّهُ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْسَابُ، والْأَسْبَابُ إِلَّا نَسَبِي وسَبَبِي، وتَحْتَكَ ابنتُهَا، ولَوْ زَوَّجْتُكَ قَبَضَهَا ذَلِكَ فَذَهَبَ عَاذِرًا لَهُ ([49]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عباد المكي: مُحَمَّد بن عباد بن الزبرقان، صدوق يهم من العاشرة. روى عن: ابن عُيَيْنَة، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، والدَّارَوَرْدِيّ، وأبي صفوان الآمدي، وأبي سعيد مَوْلَى بني هاشم، وغيرهم . روى عنه: البخاري، ومسلم قَالَ عبد الله بن أحمد، عن أبيه: حديثه حديث أهل الصدق، وأرجو أنه لَا يكون بِهِ بأس، وقَالَ مرة: يقع فِي قلبي أنه صدوق. وقَالَ أبو زرعة، عن ابن معين: لَا بأس بِهِ. وذكره ابن حبان فِي الثقات. قَالَ البخاري، وغيره: توفي آخر سنة أربع وثَلَاثَين ومائتين ([50]). 2- أبو سعيد مَوْلَى بني هاشم: عبد الرَّحْمَن ابن عبد الله بن عبيد الْبَصْرِيّ، أبو سعيد مَوْلَى بني هاشم يلقب جردقة، صدوق ربما أخطأ من التاسعة. روى عن: أبي خلدة، وصخر بن جويرية، وعبد الله بن جَعْفَر، وجماعة. وعنه: أحمد بن حَنْبَل، وعَلِيّ بن مُحَمَّد الطنافسي، وعبد الله بن مُحَمَّد الْمِسْوَر، ومُحَمَّد بن عباد المكي البخاري، وغيرهم قَالَ أحمد، وابن معين: ثقة. وقَالَ أبو حاتم: ما كَانَ بِهِ بأس. وقَالَ أبو القاسم الطبراني: ثقة. ووثقه البغوي، والدارقطني، وذكره ابن شاهين فِي الثقات ([51]). 3- عبد الله بن جَعْفَر: عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْمِسْوَر بن مَخْرَمَة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف الزُّهْرِيّ المخرمي، أبو مُحَمَّد الْمَدَنِيّ، لَيْسَ بِهِ بأس من الثامنة، عن عمه أبي بكر، وعمة أبيه أم بكر بنت الْمِسْوَر، وغيرهم. وعنه: إِبْرَاهِيم بن سعد، وبشر بن عمر الزهراني، وإسحاق بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، وجماعة قَالَ صالح بن أحمد، عن أبيه: لَيْسَ بحديثه بأس. وقَالَ أبو حاتم، والنسائي: لَيْسَ بِهِ بأس. وقَالَ الترمذي: مدني ثقة، من أهل الحديث. وقَالَ فِي العلل، عن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: صدوق ثقة، وقَالَ الحاكم: ثقة، مأمون([52]). 4- أم بكر: أم بكر بنت الْمِسْوَر بن مَخْرَمَة القرشية الزُّهْرِيّة، لَا يعرف حالها من الثالثة، روت عن عبيد الله بن أَبِي رَافِع مَوْلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأبيها الْمِسْوَر بن مَخْرَمَة روى عنها ابن ابن أخيها عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الرَّحْمَن بن الْمِسْوَر بن مَخْرَمَة المخرمي روى لها البخاري فِي الأدب ([53]). 5- عبيد الله بن أَبِي رَافِع : تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. 6- الْمِسْوَر: الْمِسْوَر بن مَخْرَمَة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزُّهْرِيّ، أبو عبد الرَّحْمَن أمه الشفاء بنت عوف أخت عبد الرَّحْمَن بن عوف. روى عن: النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وعن أبيه، وخاله عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأبي بكر، وعُمَر بن الخطاب، وعَمْرُو بن عوف، وعُثْمَان، وعَلِيّ، ومعاوية، والمغيرة، ومُحَمَّد بن مَسَلَمَة، وأبي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وجماعة. وعنه: ابنته أم بكر، وآخرون. قَالَ عَمْرُو ابن عَلِيّ : ولد بِمَكَّةَ بعد الهجرة بسنتين فقدم بِهِ المدينة فِي عقب ذي الحجة سنة ثمان، ومات سنة أربع وستين أصابِهِ المنجنيق، وهو يصلي فِي الحجر فمكث خمسة أيام، وهو ابن ثَلَاثَ وستين، وفيها أرخه الواقدي ([54]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 33 – حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِقُ، عن ابن شِهَابٍ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ اللَّهِ، عن ابن عَبَّاس قَالَ: مَارَانِي رَجُلٌ مِنْ بني فَزَارَةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي اتَّبَعَهُ مُوسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْه- فَقُلْتُ: هُوَ الْخَضِرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-، وقَالَ الْفَزَارِيُّ: هُوَ رَجُلٌ آخَرُ. فَمَرَّ بنا أبي بن كَعْبٍ قَالَ ابن عَبَّاس: فَدَعَوْتُهُ فَسَأَلْتُهُ: سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَذْكُرُ الَّذِي تَبِعَهُ مُوسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْه- ؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَمَا مُوسَى جَالِسٌ فِي مَلَإٍ مِنْ بني إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَلْ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى مِنْكَ؟ قَالَ: مَا أَرَى. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّهِ: بَلَى عَبْدِي الْخَضِرُ. فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَيَّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى لَهُ الْحُوتَ آيَةً إِنْ افْتَقَدَهُ، وكَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى ([55]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عباد المكي: تقدم، وهو صدوق يهم. 2- عبد الله بن ميمون القداح: تقدم، وهو متروك الحكم عَلَى سند الحديث: في إسناده عبد الله بن ميمون القداح منكر الحديث، ومتروك. لهذا فالحديث ضعيف الإسناد. 34 – قَالَ عَبْد اللَّهِ، وجَدْت فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَكْرٍ أَخْبَرَنَا بن جُرَيْج أَخْبَرَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن مَالِك بن بُحَيْنَةَ: أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، واَبن الْقِشْبِ يُصَلِّي فَضَرَبَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَنْكِبِهِ، وقَالَ: يَا ابن الْقِشْبِ تُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا أَوْ مَرَّتَيْنِ. ابن جُرَيْج يَشُكُّ ([56]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن بكر: مُحَمَّد بن بكر بن عُثْمَان البرساني، أبو عبد الله، صدوق قَدْ يخطئ من التاسعة. روى عن: أيمن بن نابل، وعُثْمَان بن سعد الكاتب، وهشام بن حَسَّانَ، وعبد الحميد بن جَعْفَر، وابن جُرَيْج، وعبد الله بن زياد، وغيرهم . روى عنه: أحمد، وإسحاق، وعَلِيّ بن المديني، ويَحْيَى ابن معين، وأبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، وآخرون. قَالَ حَنْبَل بن إسحاق، عن أحمد: صالح الحديث. وقَالَ عُثْمَان الدَّارِمِيّ، عن ابن معين: ثقة. وقَالَ أبو دَاوُد، والعجلي: ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: هو، وابن سعد، وآخرون: مات سنة ثَلَاثَ ومائتين([57]). 2- ابن جريج: عبد الملك بن عبد الْعَزِيز تقدم، وهو ثقة، فقيه. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 35 –حَدَّثَنَا عبد الله حَدَّثَنِي أبي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ، عن زَيْنَبَ ابنةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَكَلَ كَتِفًا فَجَاءَهُ بِلَال فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، ولَمْ يَمَسَّ مَاءً ([58]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن سعيد الأنصاري: تقدم، وهو ثقة، ثبت. 2- عَلِيّ بن الحسين: تقدم، وهو ثقة، ثبت فقيه إمام. 3- زينب بنت أم سلمة: تقدمت، وهو تابعية فقيهة. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني فِي السلسلة الصحيحة ([59]). ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: تهذيب الكمال ج1، ص437. [2] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده - مسند العشرة المبشرين بالجنة، ج1، ص77. وأخرجه الترمذي فِي كتاب المناقب - باب مناقب عَلِيّ بن أبي طالب، ج5، ص305. [3] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج13، ص516- تهذيب التهذيب ج5، ص124. [4] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده- مسند بني هاشم – ج1، ص212. انظر تخريج الحديث الطويل ص 67 [5] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص267. انفرد بِهِ. [6] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج11، ص267- سير أعلام النبلاءج8، ص356- ميزان الاعتدال ج4، ص416- تقريب التهذيب ج3، ص319. [7] - انظر ترجمته: ثقات بن حيان ج6، ص164- سير أعلام النبلاء ج7، ص361- تهذيب التهذيب ج2، ص248- تقريب التهذيب ج1، ص205. [8] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج1، ص308. وأخرجه أيضاً فِي مسند بني هاشم من حديث عفان أَخْبَرَنَا جرير بن حازم أَخْبَرَنَا قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص248. ومن حديث، أبو معاوية، حَدَّثَنَا الحَجَّاج، عن عطاء، عن ابن عَبَّاس ج1، ص224. ومن حديث يزيد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ، وعن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص352. ومن حديث عبد الرَّحْمَن ابن مهدي، حَدَّثَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد بن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص344. ومن حديث سفيان، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص349. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ بن عطاء أَخْبَرَنَا جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن يزيد بن هُرْمُز ج1، ص294. وأخرجه مسلم – كتاب الجهاد، والسير- باب النساء الغازيات يرضخ لهن، ولا يسهم، والنهي، عن قتل صبيان أهل الحرب ج5، ص197، وفي كتاب الجهاد، والسير من حديث بن أبي عمر، عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن يزيد بن هرمزج5، ص197-198، ومن حديث إسحاق بن إبراهيم، عن، وهب بن جرير بن حازم، ومن حديث مُحَمَّد بن حاتم، عن بِهِز، عن جريرج5، ص198. وأخرجه الترمذي فِي كتاب - باب من يعطى من الفيء ج3، ص57. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب قسم الفيء من حديث هَارُون بن عبد الله الحمال، عن عُثْمَان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيّ، عن يزيد بن هرمزج7، ص128.، ومن حديث عمرو بن علي، عن يزيد بن هارون، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن الزُّهْرِيّ، وعن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج7، ص129. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الجهاد – باب فِي المرأة، والعبد يحذيان من الغنيمة من حديث محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن زائدة، عن الأعمش، عن المختار بن صيفي، عن يزيد بن هُرْمُز المجلد الأول ص 619.، ومن حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى بن فارس، عن أحمد بن خالد الوهبي، عن بن إسحاق، عن أبي جَعْفَر، والزُّهْرِيّ م1، ص620.، وفي كتاب الخراج، والإمارة، والفيء من حديث أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس، عن بن شهاب م2، ص40. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب السير- باب سهم ذي القربي من حديث أبي النعمان، عن جرير ج2، ص225. [9] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص430. أخرجه أيضاٌ فِي باقي مسند المكثرين من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، وبِهِز، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج2، ص467. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15، و أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الجمعة من طريق قُتَيْبَة بن سعيد . وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة- باب ما يقرأ بِهِ فِي الجمعة من طريق القعنبي، حَدَّثَنَا سليما بن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أبيه ج1، ص251. و أخرجه ابن ماجه فِي سننه- كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها- باب ما جاء فِي القراءة فِي الصلاة يوم الجمعة ج1، ص355. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب الصلاة – باب ما يقرأ فِي الجمعة، م1، ص225. [10] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص305. ومن حديث عبد الله بن الحرث، عن سيف بن سُلَيْمَان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس ج1، ص323. ومن حديث أبي مسلمة الخزاعي ثنا سُلَيْمَان بن بِلَال، عن ربيعة بن عبد الرَّحْمَن، عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة، عن أبيه أنهم، وجدوا فِي كتب أو فِي كتاب سعد بن عبادة ج5، ص285. أخرجه الترمذي فِي كتاب الأحكام، باب ما جاء فِي إِلَيَّمين مع الشاهد، ج2، ص400. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الأحكام – باب القضاء بالشاهد، وإِلَيَّمين، ج2، ص793. [11] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319. ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11. وأخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188، و فِي سننه كتاب الجنائز – الصلاة عَلَى من عليه دين من حديث نوح بن حبيب القومسي، حَدَّثَنَا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج4، ص65. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، و من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج2ص27. وأخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. و أخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. [12] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج10، ص146- ميزان اعتدال ج4، ص120- ضعفاء العقيلي ج4، ص189-تقريب التهذيب ج3، ص186. [13] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص319. وأخرجه أيضاً من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج3، ص289. ومن حديث هشيم أَخْبَرَنَا يزيد بن أبي زياد، عن سالم با أبي الجعد، عن جَابِر ج3، ص303. ومن حديث هشيم، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جَابِر ج3، ص304. ومن حديث عبد الملك بن عمروحَدَّثَنَا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله بن مقسم ج3، ص292 . ومن حديث سعيد بن عامر أَخْبَرَنَا شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَرج3، ص370. ومن حديث إبراهيم، حَدَّثَنَا رباح، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن مقسم ج3، ص378. ومن حديث عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر ج3، ص379. وأخرجه الإمام البخاري فِي صحيحه كتاب الغسل باب الغسل بالصاع، ونحوه[ ج1-ص55] من حديث عبد الله بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، عن أبي إسحاق، حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر، وأخرجه أيضاً فِي كتاب الغسل، باب من أفاض عَلَى رأسه ثَلَاثَ[ج1-ص56]. من حديث مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا غندر، حَدَّثَنَا شعبة، عن مخول بن راشد، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ . ومن حديث أبي نعيم، حَدَّثَنَا معُمَر بن يَحْيَى بن سام حَدَّثَنِي، أبو جَعْفَر [ج1-ص56]. وأخرجه مسلم فِي كتاب الحيض - باب استحباب إفاضة الماء عَلَى الرأس، وغيره ثَلَاثَاً ج1، ص178. ، وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الطهارة باب ذكر القدر الَّذِي يكتفي بِهِ الرجل من الماء للغسل من حديث قُتَيْبَة بن سعيد حَدَّثَنَا الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي جَعْفَرج1، ص127. و فِي كتاب الغسل، والتيمم، باب ما يكفي الجنب من إفاضة الماء عليه من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، عن شعبة، عن مخول، عن أبي جَعْفَر ج1، ص207. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الطهارة، وسننها باب فِي الغسل من الجنابة. من حديث أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْص بن غياث، عن جَعْفَر، ج1، ص191 [14] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص319. سبق تخريجه فِي الحديث السابع. [15] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 . تخريج الحديث الطويل ص67 [16] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص331. و أخرجه أيضاً من حديث يَحْيَى بن آدَمَ، وأبي أحمد، حَدَّثَنَا عبد الحميد بن يزيد الأنصاري حَدَّثَنِي عقبة ابن عبد الرَّحْمَن ابن جَابِر، عن جَابِر ج3، ص331. ومن حديث مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه ج3، ص331. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب صلاة الجمعة حِينَ تزول الشمس ج3، ص8، و أيضاً فِي كتاب الجمعة من طريق القاسم بن زكريا ج3، ص8، 9. وأخرجه الإمام النسائي فِي سننه كتاب الجمعة – باب التبكير إِلَى الجمعة من طريق هَارُون بن عبد الله ج1، ص527. [17] - التخريج السابق. [18] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص331. سبق تخريجه فِي الحديث العاشر. [19] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص333. سبق تخريجه فِي الحديث العاشر. [20] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص243- سير أعلام النبلاء ج9، ص402- تهذيب التهذيب ج3، ص253- تقريب التهذيب ج1، ص304. [21] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص338. سبق تخريجه فِي الحديث السابع. [22] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص348- تهذيب التهذيب ج6، ص64- تقريب التهذيب ج1، ص545. [23] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص340. تخريج الحديث العاشر. [24] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص172- تهذيب التهذيب ج10، ص273- سير أعلام النبلاء ج9، ص560- تقريب التهذيب ج3، ص214. [25] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص340. كالسابق. [26] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص365. أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الزهد، والرقائق، ج8، ص210-211. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب الطهارة – باب ترك الوضوء من مس الميتة، المجلد الأول، ص49. [27] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، 522- تهذيب التهذيب ج7، 205- سير أعلام النبلاء ج10، 242- تقريب التهذيب ج1، 679. [28] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص371. تخريج الحديث السابع. [29] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص373. تخريج الحديث العاشر. [30] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص206- تهذيب التهذيب ج3، ص7- تقريب التهذيب ج1، ص238. [31] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، 379. تخريج الحديث الثامن. [32] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص388. تخريج الحديث العاشر. [33] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص114- تهذيب التهذيب ج1، ص214- سير أعلام النبلاء ج10، ص386- تقريب التهذيب ج1، ص84. [34] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص388. كالسابق. [35] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص373- تهذيب التهذيب ج6، ص250- تقريب التهذيب ج1، ص592. [36] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص388. كالسابق. [37] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص388. كالسابق. [38] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص388. كالسابق. [39] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص394. كالسابق. [40] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص160- ميزان الاعتدال ج4، ص204- سير أعلام النبلاء ج10، ص136- تهذيب التهذيب ج10، ص305- تقريب التهذيب ج3، ص222. [41] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص397. كالسابق. [42] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج4، ص97. أخرجه أيضاً من حديث، أبو عمرو بن شجاع الجزري، حَدَّثَنَا خصيف، عن مجاهد، وعطاء، عن ابن عباسإِنَّ معاوية أخبره ج4، ص95 . ومن حديث مُحَمَّد بن بكر أَخْبَرَنَا بن جُرَيْج، وروح أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن عبد الله ابن عَبَّاس ج4، ص96 .، ومن حديث عبد الله، حَدَّثَنَا إسماعيل، ومُحَمَّد بن عباد، حَدَّثَنَا بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاووسج4، ص97. ومن حديث يَحْيَى بن سعيد عن بن جُرَيْج حَدَّثَنِي حسن بن مسلم، عن طاووسج4، ص98. وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب الحج – باب الحلق، والتقصير عِنْدَ الإحلال من حديث، أبو عاصم، عن بن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن ابن عَبَّاس ج1، ص312. وأخرجه مسلم فِي صحيحه كتاب الحج- باب التقصير فِي العمرة من حديث عمرو الناقد، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاووس قَالَ ابن عَبَّاس ج4، ص58. ومن حديث مُحَمَّد بن حاتم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد عن بن جُرَيْج حَدَّثَنِي الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن ابن عَبَّاس ج4، ص58. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب مناسك الحج – باب أين يقصر المعتمر من حديث مُحَمَّد بن الْمُثَنَّى، عن يَحْيَى بن سعيد عن بن جُرَيْج أخبرني الحسن بن مسلم أخبرني طاووس ج5، ص244. ومن حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عبد الله، حَدَّثَنَا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن بن طاووس ج5، ص245. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب المناسك- باب فِي الإقران من حديث عبد الْوَهَّابِ بن نجدة، حَدَّثَنَا شعيب بن إسحاق، عن بن جريج، حَدَّثَنَا، أبو بكر بن خلاد، حَدَّثَنَا يَحْيَى م 1، ص405. ومن حديث الحسن بن عَلِيّ، ومخلد بن خالد، ومُحَمَّد بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا عبد الزراق أَخْبَرَنَا معمر، عن بن طاووس، عن أبيه م1، ص405. [43] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص487- ميزان الاعتدال ج3، ص287- تهذيب التهذيب ج8، ص85- سير أعلام النبلاء ج11، ص147. [44] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص58- تهذيب الهذيب ج9، ص227- سير أعلام النبلاء ج9، ص529- تقريب التهذيب ج3، ص95. [45] - قوله: بمشقص، هو نصل السهم إِذَا كَانَ طويلا، وليس بالعريض، [ قَالَ أبو عبيد ]: فإِذَا كَانَ عريضا، وليس بالطويل فهو معبلة، وجمعه معابل. أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفى سنة 224 ه، غريب الحديث، طبع مطبعة مجلس دائرة المعارف العُثْمَان ية بحيدر آباد الدكن الهند سنة 1384 ه / 1964 م. (ج 2 / ص 257). [46] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج4، ص97. التخريج السابق. [47] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج4، ص102. كالسابق. [48] - انظر ترجمته: - مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حمزة الحسيني، الإكمال فِي ذكر من لَهُ رواية فِي مسند الإمام أحمد من الرجال. كراتشي: جامعة الدراسات الإسلامية، مراجعة د. عبد المعطي أمين قلعجي، 1409هـ، 1989م. ص 41، - أحمد بن عَلِيّ الخطيب البغدادي ت 463، تاريخ بغداد، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلمية الطبعة الاولى 1417 ه1997 م. ج6، ص118. [49] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج4، ص332. وأخرجه أيضاُ من حديث، وهب بن جرير، حَدَّثَنَا أبي سمعت النعمان يحدث عن الزُّهْرِيّ، عن عَلِيّ بن حسين، عن المسور ج4، ص326. ومن حديث أبي إِلَيَّمان أَخْبَرَنَا شعيب، عن الزُّهْرِيّ أخبرني عَلِيّ بن حسين ج4، ص326. ومن حديث يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبي، عن الوليد بن كثير حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة الدؤليإِنَّ بن شهاب حدثه ج4، ص326. ومن حديث أبي سعيد مولى ابني هاشم، حَدَّثَنَا عبد الله بن جَعْفَر حدثتنا أم بكير بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد الله بن أَبِي رَافِع، عن المسور ج4، ص323. وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب فرض الخمس- باب ما ذكر، عن درع النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذَلِكَ مما لم يذكر قسمته، من حديث سعيد بن مُحَمَّد الجرمي، حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبي، عن الوليد بن كثير، عن مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة، عن بن شهاب، عن عَلِيّ بن الحسين ج2، ص210-211. وفي كتاب المناقب- باب مناقب قرابة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ومنقبة فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السلام، من حديث أبي الوليد، حَدَّثَنَا بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن بن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة ج2، ص336-337. ومن حديث أبي إِلَيَّمان أَخْبَرَنَا شعيب، عن الزُّهْرِيّ حَدَّثَنِي عَلِيّ بن حسين ج2، ص342. وفي كتاب النكاح – باب ذبّ الرجل، عن ابنته فِي الغيرة، والإنصاف، من حديث قتيبة، حَدَّثَنَا الليث، عن بن أبي مليكة، عن المسور ج3، ص295. وأخرجه مسلم فِي صحيحه كتاب فضائل الصحابة من حديث أحمد بن عبد الله بن يونس، وقُتَيْبَة بن سعيد، عن الليث بن سعد حَدَّثَنَا عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن المسور ج7، ص140. ومن حديث أبي معمر إسماعيل بن إِبْرَاهِيمَ الهذلي، حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو، عن أبي مليكة، عن المسور ج7، ص141. ومن حديث أحمد بن حَنْبَل أَخْبَرَنَا يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبي، عن الوليد بن كثير حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي ج7، ص141. ومن حديث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدارمي أَخْبَرَنَا، أبو إِلَيَّمان أَخْبَرَنَا شعيب، عن الزُّهْرِيّ أخبرني عَلِيّ بن حسين ج7، ص141-142. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب المناقب- باب ما جاء فِي فضل فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- ا- من حديث قتيبة، حَدَّثَنَا الليث، عن بن أبي مليكة، عن المسور ج5، ص359. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب النكاح – باب ما يكرهإِنَّ يجمع بينهن من النساء من حديث أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ م1، ص459. ومن حديث أحمد بن يونس، وقُتَيْبَة بن سعيد، حَدَّثَنَا الليث حَدَّثَنِي عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة م1، ص460. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب النكاح- باب الغيرة، من حديث عِيسَى بن حماد المصري، حَدَّثَنَا الليث بن سعد عن بن أبي مليكة، عن المسور ج1، ص643. [50] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص90- تهذيب التهذيب ج9، ص216- تاريخ بغداد ج3، ص178- تقريب التهذيب ج3، ص91. [51] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج6، ص190- ميزان الاعتدال ج2، ص574- ضعفاء العقيلي ج2، ص340- تقريب التهذيب ج1، ص578. [52] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج5، ص150- سير أعلام النبلاء ج7، ص328- تقريب التهذيب ج1، ص483- ميزان الاعتدال ج2، ص403. [53] - انظر ترجمتها: تهذيب التهذيب ج12، ص409- ميزان الاعتدال ج4، ص611- تقريب التهذيب ج3، ص664. [54] - انظر ترجمته: أَسَد الغابة ج4، ص365- سير أعلام النبلاء ج3، ص390- تهذيب التهذيب ج10، ص137. [55] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج5، ص122. أخرجه من حديث أبي عُثْمَان عمرو بن مُحَمَّد بن بكير الناقد، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن اابن عَبَّاس ج5، ص117. ومن حديث أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير ج5، ص118. ومن حديث عبد الله بن إِبْرَاهِيمَ المروزي حَدَّثَنِي هشام بن يوسف فِي تفسير ابن جُرَيْج الَّذِي أملاه عليهم أخبرني يعلى ابن مسلم، وعمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير ج5، ص119. ومن حديث مُحَمَّد بن يعقوب، حَدَّثَنَا معتمر بن سُلَيْمَان، عن أبيه، حَدَّثَنَا رقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير ج5، ص121. ومن حديث سريح بن يونس، حَدَّثَنَا سلم بن قتيبة، حَدَّثَنَا عبد الجبار ابن عَبَّاس الهمداني، عن أبي إسحاق ج5، ص140. وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب العلم – باب ما ذكر فِي ذهاب موسى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي البحرإِلَى الخضر، وقوله تعالى: هل أتبعك عَلَىإِنَّ تعلمني مما علمت رشدا، من حديث الزُّهْرِيّ، حَدَّثَنَا يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي أبي، عن صالح، عن بن شهابإِنَّ عبيد الله بن عبد الله أخبره، عن ابن عَبَّاس ج1، ص24. وفي باب الخروج فِي طلب العلم من حديث أبي القاسم خالد بن خلي قاضي حمص، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حرب، حَدَّثَنَا الأوزاعي أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عَبَّاس ج1، ص24-25. وفي باب ما يسحب للعالم إِذَا سئل أي الناس أعلم فيكل العلمإِلَى الله، من حديث عبد الله بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا عمرو أخبرني سعيد بن جبير ج1، ص33-34. وفي كتاب أحاديث الأنبياء – باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، من حديث عمرو بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا يعقوب بن إِبْرَاهِيمَ ج2، ص271-272. وفي كتاب تفسير الْقُرْآن – تفسير سورة الكهف، من حديث الحميدي، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا عمرو بن دينار أخبرني سعيد بن جبير، عن ابن عَبَّاس ج3، ص169-171. وأخرجه مسلم فِي صحيحه كتاب الفضائل – فضائل الخضر -رَضِيَ اللهُ عَنْه-، من حديث عمرو بن مُحَمَّد الناقد، وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ الحنظلي، وعبيد الله بن سعيد، ومُحَمَّد بن أبي عمر المكي، عن بن عيينة، حَدَّثَنَا عمرو بن دينار، حَدَّثَنَا سعيد بن جبير ج7، ص103-105. ومن حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى القيس، حَدَّثَنَا المعتمر بن سُلَيْمَان، عن أبيه، عن رقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير ج7، ص105-107. ومن حديث حرملة بن يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابن وهبأخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله ابن عَبَّاس ج7، ص107. وأخرجه الترمذي فِي سننه – كتاب تفسير الْقُرْآن – سورة الكهف من حديث بن أبي عمر، حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير ج4، ص371. وأخرجه، أبو داود – كتاب الحروف، والقراءات – من حديث إِبْرَاهِيمَ بن موسى أَخْبَرَنَا عِيسَى، عن حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عَبَّاس م2، ص245. [56] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده، ج5، ص346. أخرجه أيضاً من حديث يعقوب، حَدَّثَنَا أبي، عن أبيه، حَدَّثَنَا حَفْص بن عاصم، عن عبد الله بن مَالِك ابن بحينة ج5، ص345. ومن حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، والحَجَّاج، عن سعد بن إبراهيم، عن حَفْص بن عاصم، عن مَالِك ج5، ص345. وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب الإِذَان – باب إِذَا أقيمت الصلاة فلا صلاة إِلَّا المكتوبة، من حديث عبد العزيز بن عبد الله، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمَ بن سعد، عن أبيه، عن حَفْص بن عاصم، عن عبد الله بن مَالِك بن بحينة ج1، ص124. وأخرجه مسلم فِي صحيحه كتاب صلاة المسافرين، وقصرها – باب كراهية الشروع فِي نافلة بعد شروع المؤذن من حديث عبد الله بن مسلمة القعنبي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمَ بن سعد، عن أبيه، عن حَفْص بن عاصم، عن عبد الله بن مَالِك بن بحينة ج2، ص154. ومن حديث قُتَيْبَة بن سعيد حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن سعد بن إبراهيم، عن حَفْص بن عاصم، عن بن بحينة ج2، ص154. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الإمامة – باب ما يكره من الصلاة عِنْدَ الإقامة من حديث قُتَيْبَة أَخْبَرَنَا، أبو عوانة ج2، ص117. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها – باب ما جاء فِي إِذَا أقيمت الصلاة فلا صلاة إِلَّا المكتوبة من حديث أبي مروان مُحَمَّد بن عُثْمَان العُثْمَان ي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمَ بن سعد ج1، ص364. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب الصلاة – باب إِذَا أقيمت الصلاة فلا صلاة إِلَّا المكتوبة من حديث هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا شعبة، عن سعد بن إِبْرَاهِيمَ ج1، ص338. [57] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص442- تهذيب التهذيب ج9، ص 67- ميزان الاعتدال ج3، ص492- سير أعلام النبلاء ج9، ص421. [58] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج6، ص292.، وأخرجه من حديث، وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا أبو عون مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيَّ، عن عبد الله بن شداد سمعت أبا هريرة ج6، ص306. ومن حديث عبد الرزاق، و ابن بكر، وروح قَالَوا، حَدَّثَنَا ابن جُرَيْج أخبرني مُحَمَّد بن يوسفإِنَّ عطاء بن يسار أخبرهإِنَّ أم سلمة ج1، ص366. ومن حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد ج6، ص317. ومن حديث أحمد بن الحَجَّاج، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بن طحلاء ج6، ص321. أخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص107، وفي باب ترك الوضوء مما غيرت النار، ج1، ص108 من حديث مُحَمَّد بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا خالد، حَدَّثَنَا بن جريج، عن مُحَمَّد بن يوسف، عن سُلَيْمَان بن يسار. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الطهارة، وسننها – باب الرخصة فِي ذلك( بعد باب الوضوء مما غيرت النار)، ج1، ص165. [59] - السلسلة الصحيحة، مرجع سابق، ج5، ص152. أولاً: الإمام مَالِك بن أنس ([1]): هو مَالِك بن أنس بن مَالِك بن أبي عامر بن عَمْرُو بن غيمان بن خثيل بن عَمْرُو بن الحارث، وهو ذو أصبح الأصبحي الحميري، أبو عبد الله الْمَدَنِيّ، إمام دار الهجرة. قَالَ مُحَمَّد بن إسحاق الثَّقَفِيَّ السراج: سألت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البخاري، عن أصح الأسانيد، فَقَالَ: مَالِك، عن نافع، عن ابن عمر. وقَالَ أبو بكر الأعين، عن أبي سَلَمَة الخزاعي: كَانَ مَالِك ابن أنس إِذَا أراد أن يخَرَجَ يحدث توضأ، وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابِهِ، ولبس قلنسوة، ومشط لحيته، فقيل لَهُ فِي ذلك، فَقَالَ: أوقر بِهِ حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وكان الإمام مَالِك بن أنس إِذَا أراد أن يجلس للحديث اغتسل، وتبخر، وتطيب فإن رفع أحد صوته فِي مجلسه زجره، وقَالَ: قَالَ الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ))([2]) فمن رفع صوته عِنْدَ حديث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. قَالَ يَحْيَى بن سعيد: ما فِي القوم أصح حديثا من مَالِك. يعني بالقوم: سُفْيَان الثوري، وابن عيينة. قَالَ: ومَالِك أحب إِلَيَّ من معمر. وقَالَ أيضا: قَالَ يَحْيَى بن سعيد: أصحاب الزُّهْرِيّ: مَالِك، فبدأ بِهِ، ثم سُفْيَان بن عيينة، ثم معمر. قَالَ: وكان عبد الرَّحْمَن بن مهدي لَا يقدم عَلَى مَالِك أحدا. مؤلفات الإمام مَالِك: يعتبر كتاب الموطأ من أشهر مؤلفات الإمام مَالِك، وله -رَضِيَ اللهُ عَنْه- مجموعة من الرسائل كتبِهِا إِلَى بعض العلماء، والأعيان. وقد أدرك الإمام مَالِك جمعاً غفيراً من التابعين من علماء المدينة، وقد عاصر الإمام مَالِك مرحلة تدوين السنة النبوية المطهرة، فقد كَانَ فِي بداية عصر التدوين، فعمل -رَضِيَ اللهُ عَنْه- عَلَى تدوين ما سمعه من العلم. وقد قيل لأبي حاتم الرازي: موطأ مَالِك لم سمي الموطأ؟ فَقَالَ : شيء صنعه، ووطّأه للناس حَتَّى قيل: موطأ مَالِك، كَمَا قيل: جامع سفيان. وقد قَدْ الإمام مَالِك: عرضت كتابي هَذَا عَلَى سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم، واطأني عليه، فسميته الموطأ. وقد صنف الإمام مَالِك موطأه بناء عَلَى طلب من الخليفة أبي جَعْفَر المنصور أول خليفة عباس، حيث قَالَ له: (ضع هَذَا العلم، ودوّن كتاباً، وجنب فيه شدائد ابن عمر، ورخص ابن عباس، وشواذ ابن مسعود، واقصد أوسط الأمور، وما أجمع الصحابة، والأئمة). وفي رواية قَالَ له: (ضع للناس كتاباً أحملهم عليه) فكلمه مَالِك فِي ذلك، فَقَالَ: ( ضعه فما أحد الْيَوْم أعلم منك) فوضع الموطأ، فما فرغ منه حَتَّى مات أبو جَعْفَر المنصور. وقد كَانَ الإمام مَالِك شديد التحري فِي سماع الحديث، وأخذه، فلا يكتب إلا عن الثقات، وينتقي المعروف من حديثهم فيخرجه، لذا جاءت أحاديث الموطأ معروفة، وقد اشترط ألا يدخل فِي كتابه إِلَّا من يُحتج بحديثه. وفاته: مات رحمه بالمدينة سنة تسع وسبعين ومئة، وهو ابن تسعين سنة، وحمل بِهِ ثَلَاثَ سنين يعني بقي فِي بطن أمه ثَلَاثَ سنين. ثانياً: المرويات: 1 - عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، وجَلَسَ بَيْنَهُمَا ([3]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني فِي أوراء الغليل، وقَالَ متفق عليه([4]). 2 - عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ ([5]). الحكم عَلَى سند الحديث: قَالَ ابن عبد البر أرسله رواة الموطأ، إِلَّا سعيد بن عفير، فَقَالَ : عن عائشة ([6])، صحيح، ورواته ثقات. 3 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ أَنَّ عُمَر بن الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ مَا أَدْرِي: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن بن عَوْفٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ ([7]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث منقطع لأن مُحَمَّد بن عَلِيّ لم يدرك عُمَر بن الخطاب، وقَالَ الألباني ضعيف([8]). 4 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ الْمِقْدَادَ بن الْأَسْوَدِ دَخَلَ عَلَى عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ بِالسُّقْيَا، وهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ دَقِيقًا، وخَبَطًا فَقَالَ: هَذَا عُثْمَان بن عَفَّانَ يَنْهَى عن أن يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ، والْعُمْرَةِ فَخَرَجَ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ، وعَلَى يَدَيْهِ أَثَرُ الدَّقِيقِ، والْخَبَطِ فَمَا أَنْسَى أَثَرَ الدَّقِيقِ، والْخَبَطِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَان بن عَفَّانَ فَقَالَ: أَنْتَ تَنْهَى عن أن يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ، والْعُمْرَةِ ؟ فَقَالَ عُثْمَان: ذَلِكَ رَأْيِي. فَخَرَجَ عَلِيّ مُغْضَبًا، وهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وعُمْرَةٍ مَعًا ([9]). الحكم عَلَى سند الحديث: موقوف، وليس بمتصل، إسناده ضعيف. 5 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ الحكم عَلَى سند الحديث: الحديث موقوف، والسند بِهِ انقطاع، إسناده ضعيف. 6 - عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ ([10]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 7 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا، وهُوَ يَقُولُ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا ([11]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 8 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا، ويَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ويَدْعُو ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ) ([12]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 9 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا، والْمَرْوَةَ مَشَى، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ([13]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 10 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ ( مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) شَاةٌ ([14]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث موقوف، وبِهِ انقطاع، إسناده ضعيف. 11 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن أَبِي طَالِب ٍأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ، ونَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ ([15]). الحكم عَلَى سند الحديث: السند منقطع، وهو حديث صحيح، وله شواهد كثيرة. 12 - عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: وزَنَتْ فَاطِمَةَ بنتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- شَعَرَ حَسَنٍ، وحُسَيْنٍ، وزَيْنَبَ، وأُمِّ كُلْثُومٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً ([16]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده منقطع. 13 – عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا آلى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وإِنْ مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ، حَتَّى يُوقَفَ فَإِمَّا أن يُطَلِّقَ، وإمّا أَن يَفِيءَ قَالَ مَالِك، وذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا ([17]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده منقطع، ولكن لَهُ شواهد عديدة، وقد صححه الألباني في إرواء الغليل ([18]). 14 – قَالَ مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الحكم عَلَى سند الحديث: هَذَا الحديث منقطع، وقد أرسله الإمام جَعْفَر فِي هذه الرواية، ووصله، عن جَابِر فِي باقي الروايات لأن جماعة من الثقات حفظوه، عن أبيه، عن جَابِر، والحكم يوجب أن يكون القول قولهم لأنهم زادوا، وهم ثقات، وزيادة الثقة مقبولة([19]). ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: تهذيب الكمال ج 27، ص 93- ثقات ابن حبان ج 7، 459- " تنوير الحوالك شرح عَلَى موطأ مَالِك، للسيوطي ت 911هـ، تحقيق الشيخ مُحَمَّد عبد العزيز الخالدي، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1418هـ-1997م. ص3. [2] - (الحجرات: من الآية2) [3] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الجمعة 5 – باب القراءة فِي صلاة الجمعة، والاحتباء، ومن تركها من غير عذر9، ج1، ص116. أخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب الجمعة – باب القعة بين الخطبتين يوم الجمعة من حديث مُسَدَّد، حَدَّثَنَا بشر بن المفضل، حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، عن نافع عن عبد الله بن عمر ج1/ص170. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة – باب الجلوس إِذَا صعد المنبر من حديث مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الأنباري، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ بن عطاء، عن العمري، عن نافع عن بن عمر ج1، ص245. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها – باب ما جاء فِي الخطبة يوم الجمعة من حديث محمود بن غيلان، حَدَّثَنَا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن بن عمرج1، ص351. وأخرجه أحمد بن حَنْبَل فِي مسند المكثرين من الصحابة من حديث أزهر بن القاسم، حَدَّثَنَا عبد الله، عن نافع عن بن عمر ج2، ص89. وفي مسند البصريين من حديث حسين، عن زائدة، عن مَالِك، عن جَابِر بن سمرة ج5، ص91. ومن حديث أبي سعيد، حَدَّثَنَا زائدة، حَدَّثَنَا مَالِك، عن جَابِر بن سمرة ج5، ص92. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب الصلاة – باب القعود بين الخطبتين من حديث مُسَدَّد، حَدَّثَنَا بشر بن المفضل، حَدَّثَنَا عبيد الله، عن نافع عن بن عمر ج1، ص336. [4] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج3، ص79. [5] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الجنائز16 – باب غسل الميت1 – ج1، ص200. وأخرجه أحمد بن حَنْبَل فِي باقي مسند بني هاشم من حديث بن إدريس أَخْبَرَنَا يزيد، عن بن مقسم، عن ابن عَبَّاس ج1، ص222. وفي باقي مسند الأنصار من حديث يعقوب، حَدَّثَنَا أبي، عن بن إسحاق حَدَّثَنِي يَحْيَى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة ج6، ص267. [6] - الإمام مَالِك بن أنس، الموطأ، تحقيق مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي، القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، د. ت، ص200. [7] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الزكاة17 – باب جزية أهل الكتاب، والمجوس24 – ج1، ص241. و أخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب الجزية، والموادعة من حديث عَلِيّ بن عبد الله، حَدَّثَنَا سفيان سمعت عَمراً قَالَ كنت جالساً مع جَابِر بن زيد، وعمرو بن أويس فحدثهما بجالة ج2، ص222. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب السير – باب فِي أخذ الجزية من المجوس من حديث أحمد بن منيع، حَدَّثَنَا أبو معاوية، حَدَّثَنَا الحَجَّاج بن أرطأة، عن عمرو بن دينار، عن بجالة بن عبدة ج3، ص73. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء- باب فِي أخذ الجزية من المجوس من حديث مُسَدَّد بن مسرهد، حَدَّثَنَا سفيان بن عمرو بن دينار سمع بجالة يحدث عمرو بن أويس، وأبا الشعثاء ج2، ص71. وأخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث سفيان، عن عمرو سمح بجالة ج1، ص190. [8] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج5، ص88. [9] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج 20– باب الْقُرْآن فِي الحج 12- ج1، ص284. و أخرجه النسائي فِي سننه كتاب مناسك الحج من حديث إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ أنبأنا، أبو عامر، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم سمعت عَلِيّ بن حسين يحدث عن مروان ج5، ص148. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب المناسك – باب فِي الْقُرْآن من حديث سهل بن حماد، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن عَلِيّ بن الحسين عن مروان بن الحكم ج2، ص69. [10] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج 20- باب الرَمَلَ فِي الطواف34- ج1، ص305. و أخرجه مسلم فِي صحيحه كتاب الحج من حديث عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حَدَّثَنَا مَالِك، وحَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى قرأت عَلَى مَالِك، عن جَعْفَر ج4، ص64. وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الحج –32 باب ما جاء كيف الطواف -858 من حديث محمود بن غيلان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ أَخْبَرَنَا سفيان الثوري، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ج2، ص173. وفي باب الرَمَلَ من الحجرإِلَى الحجر 33- 859من حديث عَلِيّ بن خشرم أَخْبَرَنَا عبد الله بن، وهب، عن مَالِك بن أنس عن جَعْفَرج2، ص174. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب مناسك الحج من حديث أحمد بن عمرو، وسُلَيْمَان بن داود، عنبن وهب أخبرني يونس، عن بن شهاب، عن سالم، عن أبيه ج5، ص229. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب الرَمَلَ حول البيت 29-2951من حديث عَلِيّ بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أبو الحسين العكلي، عن مَالِك بن أنس عن جَعْفَرج2، ص983. وأخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين من حديث أبي سلمة الخزاعي أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال أخبره أو حدثه جَعْفَر بن مُحَمَّد ج3، ص340. ومن حديث حماد بن خالد عن مَالِك، عن جَعْفَرج3، ص373. ومن حديث موسى بن داود، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عن جَعْفَر ج3، ص374. ومن حديث موسى بن داود، حَدَّثَنَا مَالِك، عن جَعْفَرج3، ص397. وأخرجه الدارمي فِي سننه كتاب المناسك – باب من رَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أربعا - من حديث أحمد بن عبد الله، حَدَّثَنَا مَالِك بن أنس عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ج2، ص42. [11] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج20 – باب البدء بالصفا فِي السعي41-ج1، ص311. تخريج الحديث الطويل ص 67 [12] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج20 – باب البدء بالصفا فِي السعي41-ج1، ص311. تخريج الحديث الطويل ص67 [13] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج20 – باب جامع السعي42-ج1، ص313. كالسابق. [14] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج20 – باب ما استيسر من الهدي51-ج1، ص320. انفرد بِهِ. [15] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الحج20 – باب العمل فِي النحر59-ج1، ص327. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب المناسك من حديث هَارُون بن عبد الله، حَدَّثَنَا مُحَمَّد، ويعلى ابنا عبيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الرَّحْمَن ابن أبي ليلى، عن عَلِيّ حديث رقم 1764 ج1، ص396. وأخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين من حديث إسحاق أَخْبَرَنَا مَالِك، عن جَعْفَرج3، ص388. [16] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب العقيقة26 – باب ما جاء فِي العقيقة1-ج2، ص406. و أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الأضاحي من حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى القطعي، حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين عن عَلِيّ، ج3، ص37. [17] - أخرجه الإمام مَالِك فِي موطئه كتاب الطلاق29 – باب الإيلاء6-ج2، ص445. انفرد بِهِ. [18] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج7، ص169. [19] - عَلِيّ بن عُمَر بن أحمد الدارقطني ت385هـ، العلل الواردة فِي الأحاديث النبوية، تحقيق محفوظ عبد الرَّحْمَن السلفي، الرياض: دار طيبة، 1985م، ج3، ص94. مرويات في سنن الدارمي أولاً: الدَّارِمِيّ([1])، وسننه هو: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الفضل بن بِهِرام بن عبد الصمد الدَّارِمِيّ التميمي، أبو مُحَمَّد السمرقندي الحافظ، من بني دارم بن مَالِك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. قَالَ عبد الصمد بن سُلَيْمَان البلخي الأعرج: سألت أحمد بن حنبل، عن يَحْيَى الحماني، فَقَالَ: تركناه لقول عبد الله بن عبد الرَّحْمَن لأنه إمام. وقَالَ إسحاق بن دَاوُد السمرقندي: قدم قريب لي من الشاش، فَقَالَ: أتيت أحمد بن حنبل، فجعلت أصف لَهُ أبا المنذر، وجعلت أمدحه، فَقَالَ ابن حنبل: لَا أعرف هَذَا فقد طالت غيبة إخواننا عنا، لكن أين أنت، عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن. قَالَ عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ: أَمَرَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أظهر من ذاك فيما يقولون، من البصر، والحفظ، وصيانة النفس، عافاه الله !، وقَالَ مُحَمَّد بن بَشَّار بندار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بن الحَجَّاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بسمرقند، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ببخاري. وقَالَ إسحاق بن أحمد بن زيرك الفارسي، عن أبي حاتم الرازي سمعه، يقول فِي سنة سبع وأربعين ومئتين: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أعلم من دخل العراق، ومُحَمَّد بن يَحْيَى أعلم بخراسان اليوم، ومُحَمَّد بن أسلم أورعهم، وعبد الله بن عبد الرَّحْمَن أثبتهم. وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم الرازي، عن أبيه: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن إمام أهل زمانه. وقَالَ أبو حامد ابن الشرقي: إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة رجال: مُحَمَّد بن يَحْيَى، ومُحَمَّد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبد الرَّحْمَن، ومسلم بن الحَجَّاج، وإِبْرَاهِيم بن أبي طالب. وقَالَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منصور الشيرازي: كَانَ عَلَى غاية من العقل، والديانة من يضرب بِهِ المثل فِي الحلم، والدراية، والحفظ، والعبادة، والزهادة. أظهر علم الحديث، والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرا كاملا، وفقيها عالما. وقَالَ أبو حاتم بن حبان: كَانَ من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع فِي الدين، ممن حفظ، وجمع، وتفقه، وصنف، وحدث، وأظهر السنة فِي بلده، ودعا إِلَيَّها، وذب، عن حريمها، وقمع من خالفها. وقَالَ الحافظ، أبو بكر الخطيب: كَانَ أحد الرحالين فِي الحديث، والموصوفين بحفظه، وجمعه، والاتقان له، مَعَ الثقة، والصدق، والورع، والزهد، واستقضي عَلَى سمرقند، فأبى، فألح عليه السلطان حَتَّى تقلده، وقَضَى قضية، واحدة، تم استعفى، فأعفي. وكان عَلَى غاية العقل، وفي نهاية الفضل يضرب بِهِ المثل فِي الديانة، والحلم، والرزانة، والاجتهاد، والعبادة، والزهادة، والتقلل. وصنف " المسند "، وهو أشهر ما، وصل إِلَيَّنا من كتبِهِ، و " التفسير "، و " الجامع "، وهما لم يصلا إِلَيَّنا. كتاب السنن: لم يرد، عن الإمام الدَّارِمِيّ شيء بخصوص شرط فِي كتابه "المسند"، ولم يتحدث العلماء عنه بِمَا يستحقه، ولعل مرجع ذَلِكَ إِلَى عدم عدّه عِنْدَ الأكثر فِي جملة الأصول الستة المعتمدة التي حظيت بالدراسة، والتحقيق. وقَالَ إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ الوراق: سمعت عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، يقول: ولدت فِي سنة مات ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومئة. وقَالَ أحمد بن سيار المروزي: كَانَ حسن المعرفة، قَدْ دون " المسند "، و " التفسير ". وفاته: مات فِي سنة خمس وخمسين ومئتين يوم التَّرْوِيَة بعد العصر، ودفن يوم عرفة، وذلك يوم الْجُمُعَةَ، وهو ابن خمس وسبعين سنة. وقَالَ مكي بن مُحَمَّد بن أحمد بن ماهان البلخي، وابن حبان فِي تاريخ، وفاته نحو ذلك. وقَالَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منصور الشيرازي: مات سنة خمس وخمسين ومئتين. ثانياً: المرويات: 1- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيْم حَدَّثَنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الْأَنْصَارِيِّ قَالَ خَطَبنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَحَمِدَ اللَّهَ واثنى عَلَيْهِ، ثم قَال: َإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ([2]). رجال السند: مُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف: مُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف، واسمه مُحَمَّد السلمي، ثقة، من العاشرة. روى عن: يَحْيَى بن سُلَيْم الطائفي، وغيره خلق كثير، وروى عنه: مسلم، و أبو دَاوُد، وعبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ. قَالَ أبو حاتم: ثقة، صدوق.وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات، وقَالَ ابن حبان: مات سنة سبع وثَلَاثَين ومئتين([3]). يَحْيَى بن سُلَيْم: يَحْيَى بن سُلَيْم القرشي الطائفي، صدوق سيء الحفظ من التاسعة. روى عن: عبيد الله بن عمر العمري، وموسى بن عقبة، ودَاوُد بن أبي هند، وابن جُرَيْج، وإِسْمَاعِيل بن أمية، وعبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، وعُثْمَان بن الأسود، وعُثْمَان بن كثير، والثَّوْرِيّ، وعِمْرَان القصير، وغيرهم. روى عنه: وكيع، ومُحَمَّد بن أحمد بن أبي خلف، وغيرهم.قَالَ الدوري، عن ابن معين: ثقة. وقَالَ أبو حاتم: شيخ صالح محله الصدق، ولم يكن بالحافظ يكتب حديثه، ولا يحتج بِهِ.وقَالَ ابن سعد:كَانَ ثقة، كثير الحديث.وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس، وهو منكر الحديث.وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: يخطئ مات سنة ثَلَاثَ أو أربع وتسعين ومائة([4]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات، وقد صححه الألباني ([5]) 2- أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا دَاوُد بن عَطَاءٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ عَرْضُ الْكِتَابِ، والْحَدِيثُ سَوَاءٌ ([6]). رجال السند: إِبْرَاهِيم بن المنذر: تقدم، وهو صدوق تكلم فيه أحمد لأجل القرآن. دَاوُد بن عطاء: دَاوُد بن عطاء المزني الْمَدَنِيّ ، ضعيف من الثامنة. روى عن: موسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وصالح بن كيسان، وزيد بن أسلم، وغيرهم. وعنه: الأوزاعي، وإِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، وغيرهم قَالَ عبد الله بن أحمد، عن أبيه، والبخاري، عن أحمد: ليس بشيء.وقَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقوي ضعيف الحديث منكره.وقَالَ البخاري، وأبو زرعة: منكر الحديث.وقَالَ النسائي:ضعيف.وقَالَ ابن عدي: لَيْسَ حديثه بالكثير، وفي حديثه بعض النكرة.وقَالَ الدارقطني: متروك([7]) الحكم عَلَى سند الحديث: أثر ضعيف الإسناد. أَخْبَرَنَا عُثْمَان بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَبَا بَكْرٍ أن يَأْمُرَهَا أن تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ ([8]). رجال السند: عُثْمَان بن مُحَمَّد : هو عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وقد تقدم، وهو ثقة، حافظ. جرير بن عبد الحميد: تقدم، وهو ثقة، صحيح الكتاب من رجال مسلم يَحْيَى بن سعيد: الأنصاري تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. أَخْبَرَنَا أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِك بن أَنَسٍ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ: رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَر ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ([9]). رجال السند: أحمد بن عبد الله: أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس، ثقة، من كبار العاشرة. روى عن: الثَّوْرِيّ، وابن عُيَيْنَة، وزائدة، وعاصم بن مُحَمَّد، وابن أبي الزناد، وإسرائيل، والليث، ومَالِك، وخلق . روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو دَاوُد.وقَالَ أبو حاتم: كَانَ ثقة، متقنا آخر من روى عن الثَّوْرِيّ، وقَالَ النسائي:ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات([10]) مَالِك بن أنس: إمام دار الهجرة تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 5- أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بن أَبَانَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيلَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أبو جَعْفَر دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلَ عن الْقَوْمِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْنِ بن عَلِيّ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى زِرِّيَ الْأَعْلَى، وزِرِّيَ الْأَسْفَلِ، ثم، وضَعَ فَمَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابن أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ، وهُوَ أَعْمَى، وجَاءَ وقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي سَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَّمَا، وضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفُهَا إِلَيَّهِ مِنْ صِغَرِهَا، ورِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عن حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا فَقَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثم أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ويَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ اغْتَسِلِي واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وأَحْرِمِي فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الْمَسْجِدِ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ فَنَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ ومَاشٍ ، وعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وخَلْفَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْك، إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ فَأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَيْهِمْ شَيْئًا، ولَبَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَلْبِيَتَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ قَالَ جَابِر: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أَرْبَعًا، ثم تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيم فَصَلَّى فَقَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى )) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الْبَيْتِ -وكَانَ أَبِي يَقُولُ:ولَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ عن جَابِر، عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثم رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ مِنَ الباب إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا أَتَى الصَّفَا قَرَأَ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)) أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَوَحَّدَ اللَّهَ، وكَبَّرَهُ، وقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ ، أَنْجَزَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحْدَهُ، ثم دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةَ ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي -قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَن الدَّارِمِيّ يَعْنِي: فَرَمَلَ- حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا مَشَى، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةَ قَالَ: إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، ويَجْعَلْهَا عُمْرَةً.فَقَامَ سُرَاقَةُ بن مَالِك بن جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَوْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى. فَقَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ هَكَذَا مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ ، وقَدِمَ عَلِيّ بِبُدْنٍ مِنَ الْيَمَن لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ ولَبِسَتْ ثِيَابَ صَبِيغٍ، واكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ عَلِيّ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي - فَكَانَ عَلِيّ يَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أُحَرِّشُهُ عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِيمَا ذَكَرَتْ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ: صَدَقَتْ. مَا فَعَلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟ قَالَ: قُلْتُ اللهم إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ قَالَ: فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّلْ.قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن، والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِائَةَ بَدَنَةٍ فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، وقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَة، وجَّهَ إِلَى مِنًى فَأَهَلَّلْنَا بِالْحَجِّ، ورَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَصَلَّى بنا الظُّهْرَ والْعَصْرَ، والْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ، والصُّبْحَ، ثم مَكَثَ قَلِيلًا، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بنمِرَةَ، ثم رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَسَارَ لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ واقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ بنمِرَةَ فَنَزَلَهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتْ يَعْنِي الشَّمْسَ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، وقَال:إِنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ ، ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وأَوَّلُ دَمٍ وضِعَ دِمَاؤُنَا دَمُ رَبِيعَةَ بن الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بني سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، ورِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا عَبَّاس بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالَوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ، ويَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللهم اشْهَدِ اللهم اشْهَدِ الله اشْهَدْ، ثم أَذَّنَ بِلَال ابندَاءٍ، واحِدٍ، وإِقَامَةٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثم رَكِبَ، حَتَّى وقَفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتُهُ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصُّخَيْرَاتِ، وقَالَ إِسْمَاعِيلُ: إِلَى الشُّجَيْرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثم اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا، حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ فَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، ثم دَفَعَ، وقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُصِيبُ رَأْسُهَا مَوْرِكَ رَحْلِهِ، ويَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بأذان، وإِقَامَتَيْنِ، ثم اضْطَجَعَ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى الْفَجْرَ بِأَذَانٍ وإِقَامَةٍ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى، وقَفَ عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، واسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ، وكَبَّرَهُ، وهَلَّلَهُ، ووَحَّدَهُ، حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثم دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وأَرْدَفَ الْفَضْلَ بن الْعَبَّاس، وكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ ، أَبْيَضَ وسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَرَّ بِالظُّعُنِ يَجْرِينَ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيَّهِنَّ فَأَخَذَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى وجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ رَأْسَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ فَوَضَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ، حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى إِذَا أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَهَا الشَّجَرَةُ فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ حَصَاةٍ، مِنْ حَصَى الْخَذْفِ، ثم رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثَا وستينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثم أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وأَشْرَكَهُ فِي بُدْنِهِ، ثم أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لُحُومِهَا، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثم رَكِبَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَأَتَى الْبَيْتَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ ، وأَتَى بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وهُمْ يَسْتَقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انْزِعُوا بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن سَعِيدٍ الأصبهاني أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بن إِسْمَاعِيلَ، عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بِهذَا ([11]). رجال السند: إِسْمَاعِيل بن أَبَان: إِسْمَاعِيل بن أَبَان الوراق الأزدي، أبو إسحاق، كوفي ثقة، من التاسعة. روى عن: حاتم بن إِسْمَاعِيل، وخلف كثير. وعنه: البخاري، وروى لَهُ، أبو دَاوُد، والترمذي بواسطة، وأحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى ابن معين، وآخرون. قَالَ أحمد بن حَنْبَل، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبو دَاوُد، ومطين: ثقة. وقَالَ البخاري: صدوق.وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس.وقَالَ ابن معين :إِسْمَاعِيل بن أَبَان الوراق ثقة، وإِسْمَاعِيل بن أَبَان الغنوي كذاب.وقَالَ أبو أحمد الحاكم: ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات([12]). حاتم بن إِسْمَاعِيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. مُحَمَّد بن سعيد الأصبهاني: مُحَمَّد بن سعيد بن سُلَيْمَان بن عبد الله الْكُوفِيّ، أبو جَعْفَر بن الأصبهاني، ثقة، ثبت. روى عن: عمه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله الأصبهاني، وعبد الله، وزافر بن سُلَيْمَان، وأبي الأحوص، وحَفْص بن غِيَاث، وإِبْرَاهِيم بن المختار، وغيرهم . روى عنه: البخاري، وروى الترمذي، عن البخاري عنه، والنسائي قَالَ النسائي ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات. قَالَ البخاري، وأبو دَاوُد: مات سنة عشرين ومائتين([13]) الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات 6- أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابن أبي فديك، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن سُفْيَان مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِنَّ اللَّهَ مَعَ الدَّائِنِ، حَتَّى يُقَضَى دَيْنُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ قَالَ وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَر يَقُولُ لِخَازِنِهِ: اذْهَبْ فَخُذْ لِي بِدَيْنٍ فَإِنِّي أَكْرَهُ أن أَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا واللَّهُ مَعِي بَعْدَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ([14]). رجال السند: إِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي: تقدم، وهو صدوق تكلم فيه أحمد لأجل القرآن. مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك: تقدم، وهو صدوق. سعيد بن سُفْيَان: تقدم، وهو مقبول. عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طالب :. روى عن: النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، وعن أمه أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ ، وعمه عَلِيّ بن أبي طالب، وعُثْمَان ، وعَمَّار بن ياسر. وعنه: بنوه معاوية، وإسحاق، وإِسْمَاعِيل، وأم أبيها، وابن خالته عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن أخيه لأمه القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، والحسن بن الحسن بن عَلِيّ ، وابنه عبد الله بن الحسن، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين قَالَ ابن حبان فِي الثقات: مات سنة ثمانين سنة سيل الجحاف الَّذِي ذهب بالحاج من مكة، وكانت أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ بن كعب بن ربيعة الخثعمي، ولدته بأرض الحبشة، وكان يوم توفى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ابن عشر سنة، وإنما سميت فِي تلك السنة سيل الجحاف لأن فِي تلك السنة أغار الجحاف عَلَى بنى ثعلب فقيل سيل الجحاف ([15]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، وقد صححه الألباني([16]) حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بن حَمَّادٍ، عن عَبْدِ الْعَزِيز بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، عن أَبِيهِ: أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ، وابنهَا زَيْدًا مَاتَا فِي يَوْمٍ، واحِدٍ فَالْتَقَتِ الصَّائِحَتَانِ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرِثْ كُلُّ، واحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وأَنَّ أَهْلَ الْحَرَّةِ لَمْ يَتَوَارَثُوا، وأَنَّ أَهْلَ صِفِّينَ لَمْ يَتَوَارَثُوا ([17]). رجال السند: نعيم بن حماد: نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث بن همام بن سَلَمَة بن مَالِك الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، صدوق يخطئ كثيراً فقيه عارف بالفرائض من العاشرة. روى عن: عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّارَوَرْدِيّ، وغيره خلق كثير، وروى عنه: الدَّارِمِيّ، وغيره، وقَالَ إِبْرَاهِيم بن الجنيد، عن ابن معين: ثقة، وقَالَ عَلِيّ بن حسين بن حبان قَالَ أبو زَكَرِيَّا:نعيم بن حماد صدوق ثقة، رجل صدق.وقَالَ العجلي: نعيم بن حماد مروزي ثقة. وقَالَ ابن أبي حاتم: محله الصدق([18]). عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد : تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وقد صححه الألباني في إرواء الغليل ([19]) 8- أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن يَزِيدَ بن عَبْدِ اللَّهِ بن قُسَيْطٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْمَرْءُ أَحَقُّ بِثُلُثِ مَالِهِ يَضَعُهُ فِي أَيِّ مَالِهِ شَاءَ ([20]). رجال السند: مروان بن مُحَمَّد : مروان بن مُحَمَّد بن حَسَّانَ الأَسَدي الطاطري، أبو بكر، ثقة، من التاسعة. روى عن: سُلَيْمَان بن بِلَال ، وآخرين. وعنه: الدَّارِمِيّ، وغيره، وقَالَ أبو حاتم، وصالح بن مُحَمَّد ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ولد سنة سبع وأربعين ومائة، وقَالَ البخاري مات سنة عشر ومائتين([21]) سُلَيْمَان بن بِلَال : تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. يزيد بن عبد الله بن قسيط: زيد بن عبد الله بن قسيط الإمام الفقيه الثقة، أبو عبد الله الليثي الْمَدَنِيّ الأعرج، قَالَ ابن إسحاق: كَانَ ثقة، فقيها، يستعان بِهِ فِي الأعمال لأمانته، وفقهه، وقَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بقوي. وروى مَالِك عنه قليلا. مات سنة اثنتين، وعشرين ومئة. وقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة، كثير الحديث، ذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ربما أخطأ([22]). الحكم عَلَى سند الحديث: حديث مرفوع للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - مرسل سقط منه الصحابي، إسناده ضعيف. ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: تهذيب الكمال ج15، ص210. [2] - أخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11. وأخرجه النسائي – كتاب صلاة العيدين – باب كيف الخطبة ج3، ص188، و فِي سننه كتاب الجنائز – الصلاة عَلَى من عليه دين من حديث نوح بن حبيب القومسي، حَدَّثَنَا عبد الرزاق أنبأنا معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج4، ص65. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء – باب فِي أرزاق الذرية، و من طريق أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن جَابِر ج2ص27. وأخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319. ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. [3] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص91- تاريخ بغداد ج1، ص352- تهذيب التهذيب ج9، ص20- تقريب التهذيب ج3، ص52. [4] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص615- ميزان الاعتدال ج4، ص383- سير أعلام النبلاء ج9، ص307- تهذيب التهذيب ج11، ص198- تقريب التهذيب ج3، ص304. [5] - إرواء العليل، مرجع سابق، ج3، ص73. [6] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المقدمة – باب فِي العرض، ج1، ص152. انفرد بِهِ. [7] - انظر ترجمته: تهذيب التهذيب ج3، ص168- ميزان الاعتدال ج2، ص12- تقريب التهذيب ج1، ص281. [8] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض إِذَا أرادتا الحج، ج2، ص33. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب إحرام النفساء، واستحباب اغتسالها للإحرام، وكذا الحائض ج4، ص27 وأخرجه النسائي – كتاب الطهارة – باب الاغتسال من النفاس، ج1، ص122، وً فِي كتاب الطهارة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث عمرو ابن عَلِيّ ، ومُحَمَّد بن الْمُثَنَّى ، ويعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد حَدَّثَنَا جَعْفَر ج1، ص154، وفي كتاب الحيض، والاستحاضة – ما تفعل النفساء عِنْدَ الإحرام من حديث مُحَمَّد بن قدامة، حَدَّثَنَا جرير، عن يَحْيَى بن سعيد عن جَعْفَر ج1، ص195، وفي كتاب مناسك الحج – إهلال النفساء من حديث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب أنبأنا الليث، عن بن الهاد، عن جَعْفَر، ومن حديث عَلِيّ بن حجر أنبأنا إسماعيل بن جَعْفَر، حَدَّثَنَا جَعْفَر ج5، ص164. وأخرجه، أبو داود فِي سننه – كتاب المناسك – باب صفة حجة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - م1، ص428. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب المناسك – باب النفساء، والحائض تهل بالحج، ج2، ص972. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 . [9] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب من رَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أربعا، ج2، ص42. وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الحج – باب حجة النَّبِيّ r، ج4، ص39. وأخرجه الترمذي فِي كتاب الحج- باب ما جاء فِي الرَمَلَ من الحجرإِلَى الحجر، ج2، ص174. وأخرجه النسائي – كتاب مناسك الحج – باب الرَمَلَ من الحجرإِلَى الحجر ج5، ص230 وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب المناسك – باب الرَمَلَ حول البيت ج2، ص983. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص320 . [10] - انظر: ثقات ابن حبان ج8، ص9- تهذيب التهذيب ج1، ص44- سير أعلام النبلاء ج10، ص457- تقريب التهذيب ج1، ص39. [11] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب المناسك – باب فِي سنة الحاج – ج2، ص44-49. تخريج الحديث الطويل ص 67 [12] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص91- تهذيب التهذيب ج1، ص236- سير أعلام النبلاء ج10، ص347- تقريب التهذيب ج1، ص89. [13] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص63- تهذيب التهذيب ج9، ص166- تقريب التهذيب ج3، ص80. [14] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب البيوع – باب فِي الدائن معان ج2، ص263. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الصدقات – باب من ادّان ديناً، وهو ينوي قضاءه ج2، ص805. . [15] - انظر ترجمته: أَسَد الغابة فِي معرفة الصحابة ج3، ص133- سير أعلام النبلاء ج3، ص456. الثقات لابن حبان ج3، ص207. [16] - السلسلة الصحيحة، مرجع سابق، ج3، ص74، حديث رقم 1000. [17] - أخرجه الدارمي فِي سنه – كتاب الفرائض- باب ميراث الغرقي ج2، ص379. انفرد بِهِ. [18] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص219- ميزان الاعتدال ج4، ص267- تهذيب التهذيب ج10، 409- سير أعلام النبلاء ج10، ص595- تقريب التهذيب ج3، ص250. [19] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ج6، ص154. [20] - أخرجه الدارمي فِي سننه – كتاب الوصايا- باب من أحب الوصية، ومن كره، ج2، ص413. انفرد بِهِ. [21] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص179- ميزان الاعتدال ج4، ص93- سير أعلام النبلاء ج9، ص510- تهذيب التهذيب ج10، ص86- تقريب التهذيب ج3، ص172. [22] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج5، ص543- سير أعلام النبلاء ج5، ص266- تقريب التهذيب ج3، ص327. مروياته في صحيح ابن حبان أولاً: ابن حبان([1])، وصحيحه: هو الإمام العالم الفاضل المتقن المحقق الحافظ العلامة مُحَمَّد بن حبان بن أحمد بن حبان، أبو حاتم التميمي البستي السجستاني، ونسبته التميمي نسبة إِلَى تميم جد القبيلة العربية المشهورة. ولد سنة بضع وسبعين ومئتين فِي مدينة قديمة كَانَتْ تعد من أعمال سجستان، وموقعها الْيَوْم ضمن أفغانستان الحديثة، يقَالَ لها: بست. وقد كَانَ ابن حبان من أوعية العلم فِي الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال. قَالَ ابن حبان فِي أثناء كتاب " الأنواع ": لعلنا قَدْ كتبنا، عن أكثر من ألفي شيخ. وقد ذكر مسعود بن ناصر السجزي تصانيف ابن حبان، فَقَالَ: " تاريخ الثقات "-" علل أوهام المؤرخين " - " علل مناقب الزُّهْرِيّ " - " علل حديث مَالِك " - " علل ما أسند أبو حنيفة " - " ما خالف فيه سُفْيَان شعبة " - " ما خالف فيه شعبة سُفْيَان " - " ما انفرد بِهِ أهل المدينة من السنن " - " ما انفرد بِهِ المكيون " - " ما انفرد بِهِ أهل العراق " - " ما انفرد بِهِ أهل خراسان " - " ما انفرد بِهِ ابن عروبة، عن قتادة، أو شعبة، عن قتادة " - " غرائب الاخبار " مجلد، " غرائب الكوفيين " - " غرائب أهل البصرة " - " الكنى " مجيليد، " الباب الوصل " - " الباب بين حديث أشعث بن عبد الملك، وأشعث بن سوار " - " موقوف ما رفع " - " مناقب مَالِك "-" مناقب الشافعي " - " المعجم عَلَى المدن " - " الابواب المتفرقة " - " أنواع العلوم، وأوصافها " - " الهداية إِلَى علم السنن " - " قبول الاخبار ". قَالَ مسعود بن ناصر: وهذه التواليف إنما يوجد منها النزر اليسير، وكان قَدْ وقف كتبه فِي دار، فكان السبب فِي ذهابِهِا مَعَ تطاول الزمان ضعف أَمَرَ السلطان، واستيلاء المفسدين. شرط الصحيح: قَالَ فِي " صحيحه ": شرطنا فِي نقله ما أودعناه فِي كتابنا إِلَّا نحتج إِلَّا بأن يكون فِي كل شيخ فيه خمسة أشياء: العدالة فِي الدين بالستر الجميل. الثاني: الصدق فِي الحديث بالشهرة فيه. الثالث: العقل بِمَا يحدث من الحديث. الرابع: العلم بِمَا يحيل المعنى من معاني ما روى. الخامس: تعري خبره من التدليس. فمن جمع الخصال الخمس احتججنا بِهِ. وقد قام بترتيب الصحيح عَلَى الكتب، والأبواب تقريبا لطالبيه مَعَ المحافظة عَلَى الأصل الأمير علاء الدين، أبو الحسن عَلِيّ بن بلبان بن عبد الله المصري الحنفي الفقيه النحوي المحدث المتوفى سنة 739هـ. وقد علق عليه محدث العصر الشيخ ناصر الدين الألباني فِي كتابه " التعليقات الحَسَّانَ عَلَى صحيح ابن حبان" وفاته: توفي ابن حبان بسجستان بمدينة بست فِي شوال سنة أربع وخمسين وثَلَاثَ مئة، وهو فِي عشر الثمانين. ثانياً: المرويات: 1- أَخْبَرَنَا أحمد بن عَلِيّ بن الْمُثَنَّى قَالَ، حَدَّثَنَا أحمد بن إِبْرَاهِيم الموصلي قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ حَتَّى كَأَنَّه نذير جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، ويَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا، والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ يفرق بَيْنَ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى، ويَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد ، وإن َشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثم يَقُولُ أنا أولى بكل مؤمن من نفسه مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ ([2]). رجال السند: أحمد بن عَلِيّ بن الْمُثَنَّى: الإمام الحافظ شيخ الإسلام، أبو يعلى أحمد بن عَلِيّ بن الْمُثَنَّى بن يَحْيَى بن عِيسَى بن هلال التميمي الموصلي محدث الموصل، وصاحب المسند، والمعجم، وسمع من أحمد بن حاتم الطويل، وأحمد بن جميل، وأحمد بن عِيسَى التستري، وأحمد بن إِبْرَاهِيم الموصلي، وغيرهم حدث عنه الحافظ أبو عبد الرَّحْمَن النسائي فِي الكنى فَقَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن الْمُثَنَّى نسبِهِ إِلَى جده، والحافظ أبو زَكَرِيَّا يزيد بن مُحَمَّد الأزدي، وأبو الفتح الأزدي، وأبو عَلِيّ الحسين بن مُحَمَّد النيسابوري، وحمزة بن مُحَمَّد الكناني، والطبراني ، وغيرهم، وقد وثق أبا يعلى، أبو حاتم البستي، وغيره قَالَ ابن حبان: هو من المتقنين المواظبين عَلَى رعاية الدين، وأسباب الطاعة توفي فِي سنة سبع وثَلَاثَمائة([3]) أحمد بن إِبْرَاهِيم الموصلي: أحمد بن إِبْرَاهِيم بن خالد، أبو عَلِيّ الموصلي، صدوق من العاشرة. روى عن: حماد بن زيد، وعبد الْوَهَّابِ الثقفى، وآخرين. وعنه: أبو يعَلِيّ أحمد بن عَلِيّ الْمُثَنَّى ، وآخرون. ذكره ابن حبان فِي الثقات، وكتب عنه أحمد بن حَنْبَل، ويحيي بن معين قَالَ عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن يحيي بن معينك لَيْسَ بِهِ بأس، وقَالَ فيه أبو زَكَرِيَّا يزيد بن مُحَمَّد بن إياس الأزدي صاحب تاريخ الموصل:ظاهر الصلاح، والفضل كثير الحديث توفي سنة خمس وثَلَاثَين ومئتين([4]) عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، و جميع رواته ثقات، وقد صححه الألباني في إرواء الغليل ([5]) أَخْبَرَنَا أبو خليفة قَالَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن عَطَاءِ بن أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَقُولُ كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا كَانَ يَوْمُ رِّيحِ، وغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وجْهِهِ، وأَقْبَلَ، وأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ، وذَهَبَ عَنْهُ فسئل فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِنِّي خَشِيتُ أن يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي ([6]). رجال السند: أبو خليفة: أبو خليفة الفضل بن الحُبَاب الجمحي الْبَصْرِيّ حدث عن مُسَدَّد، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ هشام بن عبد الملك، وعُثْمَان بن الهيثم المؤذن، و آخرين حدث عنه الأئمة، والحفاظ، أبو عَلِيّ الحسين بن عَلِيّ النيسابوري، وأبو حاتم مُحَمَّد ابن حبان البستي، وغيرهم توفي فِي جمادي الأولى من سنة خمس وثَلَاثَمائة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ أبو عَلِيّ الخليلي: احترقت كتبِهِ منهم من، وثقه، ومنهم من تكلم فيه، وهو إِلَى التوثيق أقرب([7]) سُلَيْمَان بن بِلَال: تقدم ، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: حديث صحيح، جميع رواته ثقات. 3- أَخْبَرَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم، حَدَّثَنَا هشام بن عَمَّار، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَقَالَ ثم أَمَرَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بقبة من شعر فضربت لَهُ بنمِرَةَ فَسَارَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ولَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ واقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فخطب الناس، ثم قَالَإِنَّ دِمَاءَكُمْ ، وأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَّا كل شيء من أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قدمى موضوع، ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ من دمائنا دَمُ ابن رَبِيعَةَ بن الْحَارِثِ كَانَ مسترضعا فِي بني ليث فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، ولَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فإن فعلن ذَلِكَ فاضربوهن ضرباً عن مبرح، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وقد تَرَكْتُ فِيْكُمْ ما لن تضلوا بعده إِن اعتصمتم بِهِ كتاب الله، وأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالَوا نشهد أنك قَدْ بلغت فأديت، ونصحت فَقَالَ بِإِصْبَعه السَّبَّابَةِ يرفعها إِلَى السماء، وينكتها إِلَى الناس: اللَّهُمَّ أشهد ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم أذن، ثم أقام فَصَلَّى الظهر، ثم أقام فَصَلَّى العصر، ولم يصلي بينهما شيئا. قَالَ أبو حاتم: لما جاز تقديم صلاة العصر عن وقتها، ولم يستحق فاعله أن يكون كافرا كَانَ من آخر الصلاة، عن وقتها، ثم أداها بعد، وقتها أولى أن لَا يكون كافرا ([8]). رجال السند: عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم: الإمام المحدث العابد الثقة، أبو مُحَمَّد ، عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم بن حبيب الفريابي الأصل المقدسي. سمع مُحَمَّد بن رمح، وحرملة بن يَحْيَى، وجماعة بمصر، وهشام بن عَمَّار، وعبد الرَّحْمَن ابن إِبْرَاهِيم دحيما، وعبد الله بن ذكوان بدمشق. حدث عنه: أبو حاتم ابن حبان، ووثقه، والحسن بن رشيق، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.وصفه بن المقرئ بالصلاح، والدين. مات سنة نيف عشرة وثَلَاثَ مئة.([9]) هشام بن عَمَّار: تقدم، وهو صدوق حاتم بن إسماعيل: تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([10]) أَخْبَرَنَا المفضل بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيمَ الجندي بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الحسن بن عَلِيّ الحلواني، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَيَّاش، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْجُمُعَةَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا فَقُلْتُ أَيِّة سَاعَةٍ تِلْكَ قَالَ زَوَالَ الشَّمْسِ ([11]). رجال السند: المفضل بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيمَ الجندي: المقرئ المحدث الإمام، أبو سعيد المفضل بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيمَ بن مفضل بن سعيد بن الإمام عامر بن شراحيل الشعبي الكوفي، ثم الجندي الحرام حدث عن الصامت بن معاذ الجندي، ومُحَمَّد بن أبي عمر العدني، وغيرهم أخذ عنه، أبو بكر بن مُجَاهِد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وحدث عنه أيضا، أبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم البستي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. وقَالَ الحافظ، أبو عَلِيّ النيسابوري هو ثقة، قَالَ أبو القاسم بن مندة توفي سنة ثمان وثَلَاثَ مئة([12]) الحسن بن عَلِيّ الحلواني: الحافظ الإمام، أبو مُحَمَّد الحسن بن عَلِيّ بن مُحَمَّد الخلال حدث عن أبي معاوية، ووكيع بن الجراح، ومعاذ بن هشام حدث عنه الجماعة سوى النسائي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو العَبَّاس السراج، ومُحَمَّد بن المجدر، وخلق سواهم قَالَ أبو دَاوُد كَانَ عالما بالرجال، ولا يستعمل عليه، وقَالَ يعقوب بن شيبة كَانَ ثقة، ثبتا متقنا مات الحلواني فِي ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين([13]). يَحْيَى بن آدَمَ: تقدم، وهو ثقة، حافظ من رجال مسلم الحسن بن عَيَّاش: تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([14]) أَخْبَرَنَا أبو يعلى قَالَ، حَدَّثَنَا عبد الله بن عُمَر بن أَبَان قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ قَالَ فَصَامَ النَّاسُ، وهم مشاة، وركبان فقيل له: إِنَّ الناس قَدْ شق عليهم الصوم إنما ينظرون ما تفعل فدعا بِقَدَحٍ فَرَفَعَهُ إِلَى فيه، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ، ثم شَرِبَ فأفطر بعض الناس، وصام بعض فقيل للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِنَّ بعضهم صام فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ، واجتمع المشاة من أصحابِهِ فَقَالَوا نتعرض لدعوات رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، وقد اشتد السفر، وطالت المشقة فَقَالَ لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استعينوا بالنسل فإنه يقطع علم الأرض، وتخفون لَهُ قَالَ ففعلنا فخففنا له([15]) رجال السند: أبو يعلى: هو مُعَلَّى بن منصور تقدم، وهو ثقة، فقيه. عبد الله بن عُمَر بن أَبَان: عبد الله بن عُمَر بن أَبَان بن صالح بن عمير الأموي مولاهم، أبو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِيّ لقبِهِ مشكدانة، ويقَالَ لَهُ الجعفي، صدوق من العاشرة. روى عن: حسين بن عَلِيّ الجعفي وأبي الأحوص، وابن المبارك، وعبدة بن سُلَيْمَان، وابن نمير، والمحاربي، وأسباط بن مُحَمَّد ، وعبد الرحيم بن سُلَيْمَان، وعَلِيّ بن هاشم بن البريد، ومُحَمَّد بن فضيل، وجماعة. وعنه: مسلم، وأبو دَاوُد ، روى لَهُ النسائي فِي خصائص عَلِيّ بواسطة أبي بكر أحمد بن عَلِيّ المروزي، وزَكَرِيَّا بن يَحْيَى خياط السنة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن بشير الطَّيَالِسِيّ، وابن أبي الدنيا، ومُحَمَّد بن إسحاق السراج، والبغوي، وغيرهم قَالَ أبو حاتم صدوق، وذكره ابن حبان فِي الثقات([16]). عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([17]) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن وردان بالفسطاط قَالَ، حَدَّثَنَا هَارُون بن سعيد بن الهيثم قَالَ، حَدَّثَنَا ابن وهب قَالَ، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن عبيد الله بن أَبِي رَافِع قَالَ، ثم قلت لأبي هُرَيْرَةَ إِنَّ عَلِيّ بن أبي طالب رضوان الله عليه إذ كَانَ بالعراق يقرأ فِي صلاة الْجُمُعَةَ سورة الْجُمُعَةَ، وإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ: كذلك كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قرأ ([18]). رجال السند: إِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن وردان: الشيخ العالم المسند، أبو العَبَّاس إِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن، وردان المصري البزاز سمع عِيسَى بن حماد، ومُحَمَّد بن رمح، وزَكَرِيَّا كاتب العمري، وغيرهم حدث عنه، أبو سعيد بن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، ومُحَمَّد بن أحمد الإخميمي، وآخرون. توفي فِي ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وثَلَاثَ مئة([19]) هَارُون بن سعيد بن الهيثم: هَارُون بن سعيد بن الهيثم بن مُحَمَّد بن الهيثم بن فيروز التميمي الأيلي السعدي. روى عن: ابن عُيَيْنَة، وابن وهب، وأبي ضمرة، وخالد بن أبي نزار، ومُؤَمَّل بن إِسْمَاعِيل، وبشر ابن بكر . روى عنه: مسلم، وأبو دَاوُد، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: شيخ، وقَالَ النسائي:لَا بأس بِهِ، وقَالَ فِي موضع آخر:ثقة، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ ابن يونس: توفي فِي ربيع الأول سنة ثَلَاثَ وخمسين ومائتين، وكان مولده سنة سبعين ومائة، وكان ثقة، وكان قَدْ ضعف، ولزم بيته، وقَالَ أبو عمر سنان: كَانَ فقيها من أصحاب ابن وهب([20]) ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم قَدْ تقدم، وهو ثقة، حافظ عابد. سُفْيَان: هو سُفْيَان بن سعيد بن مسروق الثَّوْرِيّ تقدم، وهو ثقة، ثبت حجة. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني في التعليقات الحسان([21]) أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الحسن بن سلم الأصبهاني قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عصام بن يزيد قَالَ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ، ثم كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا ذكر الساعة أحمرت، وجنتاه، واشتد غضبِهِ، وعَلَا صَوْتُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ قَالَ صبحتم مسيتم قَالَ وكان يقول أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، ومَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، ومن ترك دينا أو ضياعا فعَلِيّ ، وإِلَيَّ فأنا أولى بالمؤمنين ([22]). رجال السند: عَلِيّ بن الحسن بن سلم الأصبهاني: أبو الحسن عَلِيّ بن الحسن بن سلم الأصبهاني سمع مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي، وأحمد بن الأزهر، ومُحَمَّد بن الوليد البسري، ويَحْيَى بن حكيم المقوم، وأحمد بن الفرات، ومُحَمَّد بن عاصم، وإِسْمَاعِيل بن يزيد بن الْقَطَّان، وطبقتهم حدث عنه القاضي، أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والحافظ، أبو عَلِيّ النيسابوري، وأبو بكر بن المقرئ، وجماعة.قَالَ الحافظ أبو عَلِيّ النيسابوري: خرجت إِلَى الري، وبِهِا عَلِيّ بن الحسن بن سلم، وكان من أحفظ مشايخنا، فأفادني، عن إِبْرَاهِيم بن يوسف الهسنجاني، وغيره توفي بالري سنة تسع وثَلَاثَ مائة([23]). مُحَمَّد بن عصام بن يزيد: مُحَمَّد بن عصام بن يزيد الأصبهاني المعروف والده بجبر خادم سُفْيَان الثوري. روى عن أبيه .روى عنه: مُحَمَّد بن يَحْيَى بن منده ([24]). عصام بن يزيد: عصام بن يزيد بن عجلان مَوْلَى مرة الطيب من أهل الكوفة سكن أصبهان، ولقب عصام جبر يروى عن الثَّوْرِيّ، ومَالِك بن مغول . روى عنه: ابنه مُحَمَّد بن عصام، يتفرد، ويخالف، وكان صدوقا ([25]). سُفْيَان: الثَّوْرِيّ تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([26]) أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشَّار قَالَ، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه: ثم أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى بلغ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ، وصام الناس، ثم دعا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فرفعه حَتَّى نظر الناس إِلَيَّه، ثم شرب فقيل لَهُ بعد ذَلِكَ: إِنَّ بعض الناس قَدْ صام فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . قَالَ أبو حاتم قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أُولَئِكَ الْعُصَاةُ إنما أطلق عليهم هذه اللفظة بتركهم الأمر الَّذِي أمرهم بِهِ، وهو الإفطار لَا أنهم صاروا عصاة بصومهم فِي السفر ([27]). رجال السند: مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة: مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة بن صالح بن بكر الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة، أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف سمع من، ومُحَمَّد بن بَشَّار، ومُحَمَّد بن مثنى، والحسين بن حريث، وغيرهم حدث عنه البخاري، ومسلم الصحيحين، ومُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم أحد شيوخه، وأحمد بن المبارك المستملي، وإِبْرَاهِيم بن أبي طالب، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو العَبَّاس الدغولي، وأبو عَلِيّ الحسين بن مُحَمَّد النيسابوري، وأبو حاتم البستي، وآخرون. قَالَ أبو حاتم ابن حبان التميمي قَالَ: ما رأيت عَلَى وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح، وزياداتها حَتَّى كَانَ السنن كلها بين عينيه إِلَّا مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة فقط.قَالَ أبو الحسن الدارقطني: كَانَ ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير([28]). مُحَمَّد بن بَشَّار: تقدم، وهو ثقة، ثبت. عبد الْوَهَّابِ بن عبد المجيد الثَّقَفِيَّ: تقدم، وهو ثقة، من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([29]) أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشَّار قَالَ، حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر: ثم أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ ، وأنه صام حَتَّى بلغ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ، وصام الناس، ثم دعا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فرفعه حَتَّى نظر الناس إِلَيَّه، ثم شرب فقيل لَهُ بعد ذَلِكَ أن بعض الناس قَدْ صام قَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . قَالَ أبو حاتم: سماهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العصاة بتركهم الأمر الَّذِي أمرهم بالإفطار فِي السفر ليقووا بِهِ لَا أنهم عصاة بصومهم فِي السفر إذ الصوم، والإفطار فِي السفر جميعا طلق مباح([30]). رجال السند: رجال سند الحديث السابق. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([31]). 11- أَخْبَرَنَا عبد الله بن مُحَمَّد الأزدي قَالَ، حَدَّثَنَا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ قَالَ، حَدَّثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر: ثم أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لما قدم مكة رَمَلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. فيما وصفناه ([32]). سبق تخريجه. رجال السند: عبد الله بن مُحَمَّد الأزدي: هو عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم تقدم، وهو ثقة. إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ: هو ابن راهويه تقدم، وهو، ثقة، حافظ مجتهد. عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد: تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([33]) 11- أَخْبَرَنَا الفضل بن الحُبَاب قَالَ، عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ من الحجر إِلَى الحُجْر ([34]). قَالَ أبو حاتم ثم رَمَلَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالبيت ثَلَاثَا، ومَشَى أربعا كذلك قَالَه جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي رواية أصحابِهِ عنه، عن جَابِر ، واختصر مَالِك الخبر، ولم يذكر أنه رَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أربعا فكان الرَمَلَ لعلة معلومة، وهي أن يراهم المشركون جلداء لَا ضعف بِهِم فارتفعت هذه العلة، وبقي الرَمَلَ فرضا إِلَى يوم القيامة. سبق تخريج. رجال السند: الفضل بن الحباب: تقدم، وهو ثقة. مَالِك بن أنس: تقدم الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([35]) 12- أَخْبَرَنَا عُمَر بن سعيد بن سنان بمنبج قَالَ أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي بكر، عن مَالِك، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه: ثم أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ إِذَا وقف عَلَى الصفا يكبر ثَلَاثَا، ويقول لَا إله إِلَّا الله، وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يصنع ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ويدعو، ويصنع عَلَى الْمَرْوَةَ مثل ذَلِكَ ([36]). سبق تخريجه. رجال السند: عُمَر بن سعيد بن سنان: الإمام المحدث القدوة العابد، أبو بكر عُمَر بن سعيد بن أحمد بن سعد بن سنان الطَّائِيّ المنبجي سمع أبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ ، وهشام بن عَمَّار ، ودحيما، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، ومُحَمَّد بن قُدَامَة ، وطبقتهم حدث عنه الطبراني، وأبو حاتم ابن حبان، وعبدان بن حميد المنبجي، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن عبد الملك المنبجي، وأبو الأَسَد مُحَمَّد بن إِلَيَّاس البالسي، وآخرون. قَالَ ابن حبان: كَانَ قَدْ صام النهار، وقام الليل ثمانين سنة غازيا مرابطا رحمة الله عليه([37]) أحمد بن أبي بكر: تقدم، وهو صدوق من رجال مسلم. مَالِك بن أنس:تقدم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([38]) 13- أَخْبَرَنَا، أبو يعلى قَالَ، حَدَّثَنَا العَبَّاس بن الوليد النرسي قَالَ، حَدَّثَنَا ، وهيب بن خالد قَالَ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ، ثم أقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تسعا بالمدينة لم يحج، ثم أذن فِي الناس بالخروج فَلَمَّا جاء ذا الْحُلَيْفَةِ صلى بذي الْحُلَيْفَةِ ، وولدت أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أبي بكر فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- اغتسلي، واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وأهلي، قَالَ ففعلت. فَلَمَّا اطمأن صدر راحلة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى ظهر البيداء أهل، وأهللنا لَا نعرف إِلَّا الحج، وله خرجنا، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، والْقُرْآن ينزل عليه، وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وإنما يفعل ما أَمَرَ بِهِ قَالَ جَابِر: فنظرت بين يدي ومن خلفي عن يميني وعن شمالي مد بصري، والناس مشاة، وركبان فجعل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يلبي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. فَلَمَّا قدمنا مكة بدأ فاستلم الركن، ثم سعى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، ومَشَى أربعا فَلَمَّا فرغ من طوافه انطلق إِلَى المقام فَقَالَ قَالَ اللهواتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) فَصَلَّى خلف مقام إِبْرَاهِيم ركعتين، ثم انطلق إِلَى الركن فاستلمه، ثم انطلق إِلَى الصفا فَقَالَ نبدأ بِمَا بدأ الله بِهِ (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) فرقي عَلَى الصفا حَتَّى بدا لَهُ البيت فكبر ثَلَاثَا، وقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ يحيي، ويميت بيده الخير، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثَلَاثَا، ثم دعا، ثم هبط من الصفا فمَشَى حَتَّى إِذَا تصوبت قَدَمَاهُ فِي بطن المسيل سعى حَتَّى إِذَا صعدت قَدَمَاهُ من بطن المسيل مَشَى إِلَى الْمَرْوَةَ فرقي عَلَى الْمَرْوَةَ حت بدا لَهُ البيت فَقَالَ مثل ما قَالَ عَلَى الصفا فطاف سبعا، وقَالَ: من لم يكن مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، ومَنْ كَانَ مَعَهُ هدي فليقم عَلَى إحرامه فإني لولا أني معي هدي لتحللت، ولَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لأهللت بعمرة قَالَ وقدم عَلِيّ مِنَ الْيَمَن فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بأي شيء أهللت يا عَلِيّ ؟ قَالَ: قلت اللَّهُمَّ إني أهل بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: فإن معي هديا فلا تحل. قَالَ عَلِيّ: فدخلت عَلَى فَاطِمَةَ، وقد اكتحلت، ولبست ثياب صبغ. فَقُلْتُ: من التابعين بهذا فَقَالَت لي: أمرني أبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ فكان عَلِيّ يقول بالعراق فانطلقت إِلَى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ مستثبتا فِي الَّذِي قَالَت. فَقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: صدقت أنا أمرتها. قَالَ: ونحر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مائة بدنة من ذَلِكَ بيده ثَلَاثَا وستين، ونحر عَلِيّ ما غبر، ثم أخذ من كل بدنة قطعة فطبخ جميعا فأكلا من اللحم، وشربا من المرق.فَقَالَ سُرَاقَةُ بن مَالِك بن جُعْشُمٍ: ألعامنا هَذَا أم للأبد؟ قَالَ لَا بَلْ للأبد. دخلت العمرة فِي الحج، وشبك بين أصابعه([39]) قَالَ أبو حاتم: العلة فِي أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نحر ثَلَاثَا وستين بدنة بيده دون ما وراء هَذَا العدد أن لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم كَانَتْ ثَلَاثَ وستين سنة، ونحر لكل سنة من سنيه بدنة بيده، وأَمَرَ عليا بالباقي فنحرها. رجال السند: أبو يعلى: تقدم، وهو ثقة، ثبت. العَبَّاس بن الوليد النرسي: العَبَّاس بن الوليد النرسي، ثقة، من العاشرة، ابن عم عبد الأعلى بن حماد بن نصر أخَرَجَ البخاري فِي صفة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عنه، ثقة، مشهور تكلم فيه ابن المديني، وقَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه([40]) وهيب بن خالد: تقدم، وهو ثقة، ثبت من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([41]) 14- أَخْبَرَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم قَالَ، حَدَّثَنَا هشام بن عَمَّار ، وأَخْبَرَنَا الحسن بن سُفْيَان قَالَ، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَا، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه قَالَ، ثم دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فسأل، عن القوم حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أنا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثم نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثم، وضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، وأنا غلام يومئذ شاب فَقَالَ مرحبا يا بن أخي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فسألته، وهُوَ أَعْمَى، وجاء وقت الصلاة، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ ملتحف بِهَا كلما، وضعها عَلَى منكبيه رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيَّهِ مِنْ صِغَرِهَا، ورِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى بنا فَقُلْتُ: أخبرني عن حجة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ بيده وعقد تسعا، وقَالَ: إنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثم أذن فِي الناس فِي العشرأَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حاج فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، ويَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فولدت أسماء بنت عميس مُحَمَّد بن أبي بكر فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: اغْتَسِلِي، واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وأَحْرِمِي فَصَلَّى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الْمَسْجِدِ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ، ومَاش، وعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ومِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وهو يعرف تأوليه، وما عمل بِهِ من شيء عملنا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، وأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- منه شيئا، ولَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِر:لسنا ننوي إِلَّا الحج لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى أتينا البيت مَعَهُ استلم الركن فرَمَلَ ثَلَاثَا، ومَشَى أربعا، ثم تقدم إِلَى مقام إِبْرَاهِيم فقرأ (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) فجعل المقام بينه وبين البيت - فكان أبي يقول:ولا أعلمه ذكره إلا عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إنه كَانَ يقرأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قل هو الله أحد، و قل يا أَيُّهَا الكافرون، ثم رجع إِلَى الركن فاستلمه، ثم خَرَجَ من الباب إِلَى الصفا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ووحد الله، وكبره، وقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، ولَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إله إِلَّا الله، وحده أنجز وعده، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحْدَهُ، ثم دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مثل هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةَ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ إِلَى بَطْنَ الْوَادِي سعى حَتَّى إِذَا صعد مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ ففعل عَلَى الْمَرْوَةَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصفا حَتَّى إِذَا كَانَ آخر طواف عَلَى الْمَرْوَةَ قَالَ: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ َلمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ، وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فمن كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً . فَقَامَ سراقة بن جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله ألعامنا هَذَا أم للأبد؟ قَالَ فَشَبَّكَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَصَابِعَهُ، واحدة فِي الْأُخْرَى، وقَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لأبد الأبد لَا بَلْ لأبد الأبد.وقدم عَلِيّ مِنَ الْيَمَن ببدن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ ممن قَدْ حل ولبست ثياب صبغ، واكْتَحَلَتْ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَت: أَبِي أَمَرَنِي بِهِذَا. قَالَ: فكان عَلِيّ يقول بالعراق: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ للذي صنعت، وأخبرته أني أنكرت ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: صدقت. ما قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ؟ قَالَ: قلت اللَّهُمَّ إني أهل لما أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ . قَالَ فكان جماعة الهدي الَّذِي قدم بِهِ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن، والَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مائة قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، وقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، ومَنْ كَانَ مَعَهُ هدي فَلَمَّا كَانَ يوم التَّرْوِيَة تَوَجَّهُوا إِلَى منى فَأَهَلَّوا بالحج ركب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَصَلَّى بِهَا الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والصبح، ثم مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وأَمَرَ بقبة من شعر فضربت لَهُ بنمِرَةَ فَسَارَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ولَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ واقِفٌ بالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي يخطب الناس، ثم قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-إِنَّ دِمَاءَكُمْ ، وأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا كل شيء من أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ ، ودِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ ، وإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ من دمانا دَمُ ابن رَبِيعَةَ بن الْحَارِثِ ، وكان مسترضعا فِي بني ليث فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، ورِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ ، وأول ربا أضع ربا العَبَّاس بن المطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، ولَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحد تكرهونه فإن فعلن ذَلِكَ فاضربوهن مبرح، ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إِنَّ اعتصمتم بِهِ كتاب الله، وأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالَوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وأَدَّيْتَ ونَصَحْتَ فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يرفعهاإِلَى السماء، وينكتها إِلَى الناس: اللَّهُمَّ اشهد ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم أذن، ثم قام فَصَلَّى الظهر، ثم أقام فَصَلَّى العصر، ولم يصلي بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فجعل باطن نَاقَتُهُ القصواءإِلَى الصخرات، وجعل حبل المشاة بَيْنَ يَدَيْهِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا ، وغاب القرص أردف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أسامة خلفه، ودفع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وقد شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رحله، ويقول بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السكينة كلما أَتَى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى المزدلفة فَصَلَّى بِهَا المغرب، والعشاء بإِذَان واحد وإقامتين، ولَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثم اضْطَجَعَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حَتَّى طلع الفجر فَصَلَّى الفجر حَتَّى تبين لَهُ الصبح بِأَذَانٍ وإِقَامَةٍ، ثم رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ، وكَبَّرَهُ، وهَلَّلَهُ، ووَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ واقِفًا حَتَّى أصفر جدا دفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن العَبَّاس، وكان رجل حسن الشعر أبيض، وسيما فَلَمَّا دفع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مرت ظعن يجرين فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيَّهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدَهُ عَلَى وجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ ، وجهه من الشق الآخر فَحَوَّلَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يده إِلَى الشق الآخر عَلَى وجْهِ الْفَضْلِ فصرف، وجهه من الشق الآخر حَتَّى أَتَى محسرا فحرك قليلا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى التي تخَرَجَ إِلَى الجمرة الكبرى حَتَّى أَتَى الجمرة فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مثل حصاة الخذف، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثم انصرف إِلَى الْمَنْحَرِ فنحر ثَلَاثَ وستين بيده، ثم أعطى عليا رضوان الله عليه فنحر ما غبر منها، وأشركه فِي هديه، وأَمَرَ من كل بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا ، وشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثم ركب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأفاض إِلَى البيت فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظهر فَأَتَى بني عبد المطلب يستقون عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انزعوا يا بني عبد المطلب فلولا أن يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ .لفظ الخبر لأبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ([42]) قَالَ أبو حاتم: هَذَا النوع لو استقصيناه لدخل فيه ثلث السنن، وفيما أومأنا إِلَيَّه من الأشياء التي فرضت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وعلى أمته جميعا من الوضوء، والتيمم، والاغتسال من الجنابة، والصلاة، والحج، وما أشبه هذه الأشياء ما فيها غنية، عن الإمعان، والإكثار فيها لمن، وفقه الله للصواب، وهداه لسلوك الرشاد. رجال السند: عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم: تقدم، وهو ثقة، . هشام بن عَمَّار: تقدم، وهو صدوق. الحسن بن سفيان: تقدم، وهو ثقة، . أبو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ:تقدم، وهو ثقة، حافظ. حاتم بن إسماعيل:تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. الحسن بن سُفْيَان: الحسن بن سُفْيَان بن عامر بن عبد الْعَزِيز بن عطاء بن النعمان، أبو العَبَّاس الشيباني الخراساني النسوي صاحب المسند، وروى، عن أحمد بن حَنْبَل، وإِبْرَاهِيم بن يوسف البلخي، وقُتَيْبَة بن سعيد، ويَحْيَى ابن معين، وخلق كثير سمع الحسن تصانيف الإمام أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ منه حدث عنه إمام الأئمة ابن خزيمة، ويَحْيَى بن منصور القاضي، وأبو حاتم ابن حبان، وحفيده إسحاق بن سعد النسوي، وقَالَ أبو حاتم ابن حبان: كَانَ الحسن ممن رحل، وصنف، وحدث عَلَى تيقظ مَعَ صحة الديانة، والصلابة فِي السنة، وقَالَ الحافظ أبو بكر أحمد بن عَلِيّ الرازي: لَيْسَ للحسن فِي الدنيا نظير. مات سنة ثَلَاثَ وثَلَاثَ مئة([43]) الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([44]) 15- أَخْبَرَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم قَالَ، حَدَّثَنَا هشام بن عَمَّار قَالَ، حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر: ثم إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ساق مَعَهُ مائة بدنة فَلَمَّا انصرف إِلَى الْمَنْحَرِ نحر ثَلَاثَا وستين بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر منها([45]). رجال السند: عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم: تقدم، وهو ثقة. هشام بن عَمَّار: تقدم، وهو صدوق. حاتم بن إسماعيل:تقدم، وهو صدوق صحيح الكتاب من رجال مسلم. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([46]). 16- أَخْبَرَنَا حامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي قَالَ، حَدَّثَنَا سريج بن يونس قَالَ، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر: ثم إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَمَرَ بالهدي من كل جزور بضعة فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فأكلوا من اللحم، وحسوا من المرق([47]). رجال السند: حامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي: الإمام المحدث الثبت، أبو العَبَّاس حامد بن مُحَمَّد بن شعيب بن زُهَيْر البلخي، ثم البغدادي المؤدب حدث عن مُحَمَّد بن بكار بن الريان، وعبيد الله القواريري، وسريج بن يونس، وطبقتهم حدث عنه، أبو بكر مُحَمَّد بن عمر الجعابي، وعَلِيّ بن لؤلؤ الوراق، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الوراق، وعَلِيّ بن عمر السكري، وآخرون. وثقه الدارقطني، وغيره مولده فِي سنة ست عشرة ومئتين، ومات سنة تسع وثَلَاثَ مئة، عن ثَلَاثَ وتسعين سنة ([48]) سريج بن يونس: سريج بن يونس بن إِبْرَاهِيم الامام القدوة الحافظ، أبو الحارث المروزي، ثم البغدادي، ثقة، عابد من العاشرة، حدث عن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وهشيم بن بشير، وعباد بن عباد، ويوسف بن الماجشون، وإِسْمَاعِيل بن مجالد، وأبي إِسْمَاعِيل المؤدب، ويَحْيَى بن أبي زائدة، ومروان بن شجاع، وطبقتهم فأكثر حدث عنه مسلم، وبواسطة البخاري، والنسائي، وبقي بن مَخْلَد ، وأبو يَحْيَى مُحَمَّد بن عبد الرحيم صاعقة، وأبو زرعة، وموسى بن هَارُون ، وأبو جَعْفَر الحضرمي، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعدد كثير سئل أحمد بن حَنْبَل عنه فَقَالَ صاحب خير، وقَالَ يَحْيَى ابن معين لَيْسَ بِهِ بأس، وقَالَ صالح جزرة ثقة، جدا عابد، وقَالَ أبو حاتم صدوق([49]). سُفْيَان: الثَّوْرِيّ تقدم، وهو ثقة، ثبت. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، وجميع رواته ثقات، صححه الألباني([50]). 17- أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الساجي بالبصرة قَالَ، حَدَّثَنَا أبو كامل الْجَحْدَرِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا فضيل بن سُلَيْمَان، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر:أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قرأواتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى )([51]). رجال السند: زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الساجي: زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الساجي الْبَصْرِيّ ثقة، فقيه من الثانية عشرة نزل بغداد، وحدث بِها عن: عبد الله بن دَاوُد الخريبي، وزياد بن سَهْل الحارثي، وعبد الملك بن قريب الاصمعي، والحكم بن مروان الضرير . روى عنه: عبد الله بن إسحاق المدائني، ومُحَمَّد بن خلف المرزباني، وعبيد الله بن عبد الرَّحْمَن السكري، والقاضي المحاملي، ومُحَمَّد بن مَخْلَد ، وغيرهم مات سنة سبع وثَلَاثَمائة([52]). أبو كامل الْجَحْدَرِيّ: هو أحمد بن ثابت الْجَحْدَرِيّ تقدم، وهو ثقة، . فضيل بن سُلَيْمَان: فضيل بن سُلَيْمَان النميري، أبو سُلَيْمَان، صدوق لَهُ خطأ كثير من الثامنة. روى عن: أبى حازم، وعَمْرُو بن أبى عَمْرُو، وأبى مَالِك الأشجعي، وموسى بن عقبة . روى عنه: عبيد الله القواريرى، ومُحَمَّد بن أبى بكر المقدمي، وعلى بن المديني، وعَمْرُو بن عَلِيّ الصيرفي، وعبد الله بن معاوية الزبيري، ونصر بن عَلَى. قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بثقة.وقَالَ أبو زرعة: لين الحديث.وقَالَ النسائي: لَيْسَ بالقوي، وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقَالَ: مات سنة ست وثمانين ومائة.وقَالَ الساجي، عن ابن معين:لَيْسَ هو بشيء، ولا يكتب حديثه، وقَالَ الساجي، وكان صدوقا، وعنده مناكير ([53]) الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، صححه الألباني([54]). 18- أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الشرقي قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، وأحمد بن يوسف السلمي قَالَا، حَدَّثَنَا عَمْرُو ابن أبي سلمة، عن زُهَيْر بن مُحَمَّد العنبري، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جَابِر:أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ([55]). رجال السند: أحمد بن مُحَمَّد بن الشرقي: أبو حامد أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن النيسابوري بن الشرقي صاحب الصحيح، وتلميذ مسلم سمع مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي، وعبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن حَفْص بن عبد الله، وطبقتهم. قَالَ السلمي: سألت الدارقطني عن أبي حامد بن الشرقي فَقَالَ: ثقة، مأمون إمام.قلت: لم تكلم فيه بن عقدة؟ فَقَالَ:سبحان الله ترى يؤثر فيه مثل كلامه، ولو كَانَ بدل ابن عقدة يَحْيَى بن معين؟ فَقُلْتُ:وأبو عَلِيّ ؟قَالَ:ومن أبو عَلِيّ حَتَّى يسمع كلامه فيه. وقَالَ الخطيب: أبو حامد ثبت حافظ متقن. وقَالَ الخليلي: هو إمام وقته بلا مدافعة.قَالَ حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان، عن ابن عقدة: إِذَا نقل شيئا فِي الجرح والتعديل هل يقبل قوله قَالَ لَا يقبل([56]) مُحَمَّد بن يَحْيَى: مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي، أبو عبد الله النيسابوري الإمام الحافظ، ثقة، حافظ جليل من الحادية عشرة. روى عن: إِبْرَاهِيم بن الحكم بن أَبَان، وأحمد بن حَنْبَل، وأحمد بن خالد الوهبي، وأحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، وأحمد بن صالح المصري، وخلق كثير . روى عنه: الجماعة سوى مسلم، وأبو حاتم ، وأبو حامد أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن بن الشرقي، وقَالَ عبد الرَّحْمَن ابن أبي حاتم:كتب عنه أبي بالري، وهو ثقة، صدوق إمام من أئمة المسلمين.سئل أبي عنه فَقَالَ: ثقة، وقَالَ فِي موضع آخر: سمعت أبي يقول: مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي إمام أهل زمانه.وقَالَ النسائي: ثقة، مأمون، وقَالَ أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله مُحَمَّد بن يعقوب الشيباني الحافظ، ويعقوب بن مُحَمَّد الصيدلاني، ومُحَمَّد بن موسى الباشاني: مات سنة ثمان وخمسين ومئتين([57]) أحمد بن يوسف السلمي: أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية الأزدي المهلبي، أبو الحسن النيسابوري المعروف بحمدان السلمي. روى عن: عَمْرُو بن أبي سَلَمَة التنيسي، وخلق كثير . روى عنه: مسلم، وأبو دَاوُد، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حامد أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن بن الشرقي. قَالَ مكي بن عبدان سألت مسلم بن الحَجَّاج عنه فَقَالَ: ثقة، وأمرني بالكتابة عنه.وقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس.وقَالَ الدارقطني: ثقة، نبيل.وقَالَ الحاكم: أبو عبد الله أحد أئمة الحديث كثير الرحلة، واسع الفهم.وقَالَ أبو مُحَمَّد عبد الله بن أحمد الشعراني قَالَ: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: مات أحمد بن يوسف السلمي سنة أربع وستين ومئتين([58]) عَمْرُو ابن أبي سَلَمَة: عَمْرُو ابن أبي سَلَمَة التنيسي، أبو حَفْص الدمشقي مَوْلَى بني هاشم. روى عن: الأوزاعي، صدوق لَهُ أوهام من كبار العاشرة، وزُهَيْر بن مُحَمَّد التميمي، وطائفة. وعنه: ابنه سعيد، وأحمد بن يوسف، ومُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي، وآخرون. وقَالَ إسحاق بن منصور، عن ابن معين: ضعيف، وقَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج بِهِ، وقَالَ إسحاق بن منصور، عن ابن معين: ضعيف، وقَالَ أبو حاتم:يكتب حديثه، ولا يحتج بِهِ، توفي بتنيس سنة ثَلَاثَ عشرة ومائتين([59]) زُهَيْر بن مُحَمَّد العنبري:تقدم، رواية أهل الشام لَهُ غير مستقيمة، وضعف بسببِهِا. الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح ، صححه الألباني([60]). ________________________________________ [1] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء 16 / 92 - 104 [2] - أخرجه ابن حبان فِي المقدمة – باب الاعتصام بالسنة، وما يتعلق بِهَا نقلاً، وأمراً، وزجراً - ذكر الإخبار عما يجب عَلَى المرء من تحري استعمال السنن فِي أفعاله، ومجانبة كل بدعة تباينها، وتضادها ج: 1 ص: 148 ، و أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة، والخطبة ج3، ص11. ، و أخرجه الإمام النسائي فِي سننه كتاب صلاة العيدين من طريق عتبة بن عبد الله ج3، ص188 وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الخراج، والإمارة، والفيء من طريق مُحَمَّد بن كثير ، ومن طريق أحمد بن حَنْبَل. م2ص27 و أخرجه ابن ماجه – كتاب الصدقات – باب من ترك ديناً أو ضياعاً فعلى الله، وعلى رسوله ج2، ص807. ، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص310. ومن حديث بن الوليد، حَدَّثَنَا سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص338. ومن حديث يَحْيَى، عن جَعْفَر ج3، ص319. ومن حديث، وكيع، عن سفيان، عن جَعْفَر ج3، ص371. ، وأخرجه الدارمي فِي سننه، كتاب المقدمة، باب فِي كراهية أخذ الرأي، ج1، ص69. [3] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص55- سير أعلام النبلاء ج14، ص174. [4] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص25- تاريخ أسماء الثقات لبن شاهين ص 42- سير أعلام النبلاء ج11، ص35- تهذيب التهذيب ج1، ص8. [5] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ص 608، ص 611. [6] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الرقائق – باب الخوف، والتقوى - ذكر الإخبار عما يجب عَلَى المرء من قلة الأمن من عذاب الله نعوذ بِهِ منه، وإن كَانَ مشمرا الطاعات جهده ج: 2 ص: 110 وأخرجه البخاري فِي صحيحه كتاب تفسير الْقُرْآن – سورة الأحقاف من حديث أحمد بن عِيسَى، حَدَّثَنَا بن وهب أَخْبَرَنَا عمروإِنَّ أبا النضر حدثه، عن سُلَيْمَان بن يسار، عن عائشة ج3، ص209. أخرجه الإمام مسلم فِي كتاب صلاة الاستسقاء – باب التعوذ عِنْدَ رؤية الريح، والغيم، والفرح بالمطر ج3، ص26، و فِي كتاب صلاة الاستسقاء من طريق، أبو الطاهر ج3، ص26، ومن طريق هَارُون بن معروف ج3، ص26 وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب تفسير القرآن- سورة الأحقاف - من طريق عبد الرَّحْمَن ابن الأسود، أبو عمرو البصري ج5، ص58. ، وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الأدب – باب ما يقول إِذَا هاجت الريح من طريق أحمد بن صالح، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب ج2، ص932. ، وأخرجه ابن ماجه فِي سننه كتاب الدعاء- باب ما يدعو بِهِ الرجل إِذَا رأى السحاب، والمطر - من طريق أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا معاذ بن معاذ، عن بن جريج، عن عطاء، عن عائشة ج2، ص1281. وأخرجه الإمام أحمد بن حَنْبَل فِي مسنده – باقي مسند الأنصار من طريق هَارُون بن معروف، ومن طريق حسن، عن أبي لهيعة ج6، ص66. [7] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص8- ميزان الاعتدال ج3، ص350- سير أعلام النبلاء ج14، ص7. [8] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصلاة – باب الوعيد عَلَى ترك الصلاة -ذكر خبر ثالث يدل عَلَىإِنَّ من ترك الصلاة متعمدا إلىإِنَّ يدخل، وقت صلاة أخرى لَا يكفر بِهِ كفرا يوجب دفنه فِي المسلمين لو مات قبلإِنَّ يصليها ج: 3 ص: 111. انظر تخريج الحديث الطويل ص 67 [9] - سير أعلام النبلاء ج14، ص306. [10] - مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، التعليقات الحسان عَلَى صحيح ابن حبان، وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه، دار باوزير، د.ت.ج3، ص112. [11] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصلاة- باب مواقيت الصلاة - ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه ج: 3 ص: 142 وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب صلاة الجمعة حِينَ تزول الشمس ج3، ص8، و أيضاً فِي كتاب الجمعة من طريق القاسم بن زكريا ج3، ص8، 9. وأخرجه الإمام النسائي فِي سننه كتاب الجمعة – باب التبكير إِلَى الجمعة من طريق هَارُون بن عبد الله ج1، ص527. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج3، ص331.و أخرجه أيضاً من حديث يَحْيَى بن آدَمَ ، وأبي أحمد، حَدَّثَنَا عبد الحميد بن يزيد الأنصاري حَدَّثَنِي عقبة بن عبد الرَّحْمَن ابن جَابِر، عن جَابِر ج3، ص331. ومن حديث مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني، حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه ج3، ص331. [12] - انظر: سير أعلام النبلاء ج14، ص257- إكمال الإكمال ج5، ص120. [13] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص176- سير أعلام النبلاء ج11، ص398- تهذيب التهذيب ج2، ص262. [14] - إرواء الغليل، مرجع سابق، ص597. [15] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصلاة- باب المسافر - ذكر ما يستحب للمرءإِنَّ يستعمل فِي سفره إِذَا صعب عليه المشي، والمشقة ج: 4 ص: 335 وأخرجه الإمام مسلم – كتاب الصيام – باب جواز الصوم، والفطر فِي شهر رمضان للمسافر فِي غير معصية إِذَا كَانَ سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضررإِنَّ يصوم، ولمن يشق عليهإِنَّ يفطر ج3، ص141. ، وأخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الصوم من طريق قُتَيْبَة ج2، ص107. وأخرجه النسائي فِي سننه كتاب الصوم من طريق مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ج2، ص101. [16] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص358- ميزان الاعتدال ج2، ص466- سير أعلام النبلاء ج11، ص155- تهذيب التهذيب ج5، ص290. [17] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج4، ص 336. [18] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصلاة – باب صلاة الجمعة - ذكر وصف القراءة للمرء فِي صلاة الجمعة ج: 4 ص: 387 ، وأخرجه الإمام مسلم فِي كتاب الجمعة – باب ما يقرأ فِي صلاة الجمعة، ج3، ص15، و أخرجه الترمذي فِي سننه كتاب الجمعة من طريق قُتَيْبَة بن سعيد . وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب الصلاة- باب ما يقرأ بِهِ فِي الجمعة من طريق القعنبي، حَدَّثَنَا سليما بن بِلَال، عن جَعْفَر، عن أبيه ج1، ص251. و أخرجه ابن ماجه فِي سننه- كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها- باب ما جاء فِي القراءة فِي الصلاة يوم الجمعة ج1، ص355 وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج1، ص430. أخرجه أيضاٌ فِي باقي مسند المكثرين من حديث مُحَمَّد بن جَعْفَر، وبِهِز، حَدَّثَنَا شعبة، عن الحكم، عن مُحَمَّد بن عَلِيّ ج2، ص467. [19] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص521. [20] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص240- تهذيب التهذيب ج11، ص7- تهذيب الكمال ج30، ص90. [21] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج4، ص378. [22] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الجنائز – فصل فِي الصلاة عَلَى الجنازة - ذكر الخبر الدال عَلَىإِنَّ ترك -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى من مات، وعليه دين كَانَ ذَلِكَ فِي أول الإسلام ج: 5 ص: 66، و سبق تخريجه فِي الحديث الأول. [23] - أنظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص411. [24] - انظر:الجرح والتعديللابن أبي حاتم الرازي ج8، ص54. [25] - انظر ترجمته: الثقات لابن حبان ج8، ص520- الجرح والتعديللابن أبي حاتم ج7، ص26- إكمال الإكمال ج2، ص19. [26] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج5، ص67. [27] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصوم – باب صوم المسافر - ذكر خبر قَدْ يوهم من لم يحكم صناعة الحديثإِنَّ الصوم فِي جائز ج: 5 ص: 365 ، وسبق تخريجه. [28] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص156- سير أعلام النبلاء ج14، ص365. [29] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج5، ص366. [30] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الصوم – باب صوم المسافر - ذكر خبر قَدْ يوهم غير المتبحر فِي صناعة الحديث أن الصائم فِي السفر يكون عاصيا ج: 5 ص: 366 ، و سبق تخريجه. [31] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج5، ص367. [32] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب دخول مكة - ذكر وصف الطواف بالبيت العتيق للمحرم ج: 6 ص: 36، و سبق تخريجه. [33] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص36. [34] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب دخول مكة - ذكر خبر قَدْ يوهم غير المتبحر فِي صناعة العلم أنه مضاد لخبر اابن عَبَّاس الَّذِي ذكرناه ج: 6 ص: 38، و سبق تخريجه. [35] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص38. [36] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب السعي بين الصفا، والْمَرْوَةَ - ذكر ما يقول الحاج، والمعتمر عَلَى الصفا، والْمَرْوَةَ إِذَا رقاهما ج: 6 ص: 54، و سبق تخريجه. [37] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص290- إكمال الإكمال ج4، ص454. [38] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص54. [39] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب ما جاء فِي حج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واعتماره - ذكر وصف حجة المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ج: 6 ص: 117، و سبق تخريجه. [40] - انظر: ميزان الاعتدال ج2، ص386- سير أعلام النبلاء ج11، ص27- تقريب التهذيب ج1، ص475. [41] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، 119. [42] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج- باب ما جاء فِي حج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، واعتماره - ذكر وصف -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الَّذِي أمرنا الله جل، وعلا بإتباعه، وإتباع ما جاء بِهِ ج: 6 ص: 119 ـ، وسبق تخريجه. [43] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص157- تذكرة الحفاظ للذهبي ج2، ص703- ميزان الاعتدال ج1، ص492. [44] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص124. [45] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب الهدي - ذكر وصف ما نحر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من الهدي فِي حجته ج: 6 ص: 164، و سبق تخريجه. [46] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص165. [47] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب الحج – باب الهدي - ذكر ما فَعَلَ المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ببدنه المنحورة عِنْدَ إرادته أكل بعضها ج: 6 ص: 165، و سبق تخريجه. [48] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص291، تاريخ بغداد ج8، ص165. [49] - تنظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص307، سير أعلام النبلاء ج11، ص146- تهذيب التهذيب ج3، ص397- تقريب التهذيب ج1، ص341. [50] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج6، ص165. [51] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب التاريخ – باب من صفته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأخباره - ذكر قراءة المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ، واتخذوا من مقام إِبْرَاهِيمَ مصلى ج: 9 ص: 121، سبق تخريجه. [52] - انظر ترجمته: تذكرة الحفاظ للذهبي ج2، ص809-تاريخ بغداد ج8، ص461- تقريب التهذيب ج1، ص314. [53] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص316- تهذيب التهذيب ج8، ص262- ميزان الاعتدال ج3، ص361- تقريب التهذيب ج3، ص14. [54] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج9، ص121. [55] - أخرجه ابن حبان فِي كتاب التاريخ – باب الحوض، والشفاعة - ذكر البيان بأن الشفاعة فِي القيامة إنما تكون لأهل الكبائر من هذه الأمة ج: 9 ص: 204 وأخرجه الترمذي فِي كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب ما جاء فِي الشفاعة ج4، ص43. وأخرجه، أبو داود فِي سننه كتاب السنة –باب فِي الشفاعة- من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحداني، عن أنس بن مَالِك، عن النَّبِيّ المجلد الأول ص787. وأخرجه ابن ماجه فِي سننه – كتاب الزهد – باب ذكر الشفاعة ج2، ص1441. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث سُلَيْمَان بن حرب، حَدَّثَنَا بسطام بن حريث، عن أشعث الحراني، عن أنس بن مَالِك ج3، ص213. [56] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج15، ص37- تذكرة الحفاظ للذهبي ج3، ص821. [57] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج12، ص273- إكمال الإكمال ج2، ص587- تقريب التهذيب ج3، ص145. [58] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص47- سير أعلام النبلاء ج12، ص384- تهذيب التهذيب ج1، ص79. [59]- انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، 482- سير أعلام النبلاء ج10، ص213- ميزان الاعتدال ج3، ص362- تقريب التهذيب ج1، ص736. [60] - التعليقات الحسان، مرجع سابق، ج9، ص205. مروياته فِي المعجم الصغير للطبراني Bookmark and Share أولاً: الطبراني([1])، ومعجمه الصغير: هو، أبو القاسم سُلَيْمَان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي اليمني الطبراني، من كبار حفاظ الحديث، ورواته فِي القرن الرابع هجري. ولد رحمه الله (بعكا)، وشب بين ربوع فلسطين، والشام يحفظ الْقُرْآن، ويتلقى مبادئ العلم، والدين، ثم أزمع الرحلة. فقَضَى - رحمه الله - جل حياته مترحلا من بلد إِلَى بلد، ومن قطر إِلَى قطر فِي طلب العلم، والسماع من الشيوخ. رحل من الشام إِلَى الحجاز، ومِنَ الْيَمَن إِلَى مصر، والعراق، ومن بلاد الفرس إِلَى أرض الجزيرة، وأصهبان. وبقي بِها زمنا، وقد ألف فِي كثير من الفنون كالتفسير، ودلائل النبوة، والمناسك. كَمَا ألف (المعجم الكبير فِي أسامي الصحابة)، و (المعجم الأوسط فِي غرائب شيوخه)، وله كتب كثيرة منها: (كتاب حديث الشاميين)، و (كتاب عشرة النساء)، و (كتاب الأوائل)، و (كتاب السنة)، و (كتاب النوادر). وقد سمع منه، وروى عنه الكثيرون من الأجلاء، والعلماء. المعجم الصغير: قد جعله عَلَى صورة المعجم. حيث رتب فيه الأحاديث متتالية، وفقا للترتيب الأبجدي لأسماء مشايخه الذين نقل عنهم. والمصنف -إِنَّ كَانَ ضرب صفحا عن التبويب - فإنما هدف إِلَى ذَلِكَ عمدا ليحقق فوائد كثيرة منها. حصر كافة الأحاديث المروية، عن كل شيخ من شيوخه فِي نطاق. تحديد طرق الحديث التي نقله بهِا الرواة تحديدا قاطعا مبسطا التعريف - ما أمكن - بأهم، وأظهر الصفحات الشخصية لمشايخه من نقلة الأحاديث. أي متعلقات شخصياتهم الزمانية، والمكانية، والاجتماعية، والسياسية. وبإسهاب كلما تيسر ذَلِكَ حَتَّى صار ممكنا، تحديد الظروف، والمكان الَّذِي سمع فيه المصنف ذاك الحديث. وفاته: وافته المنية فِي شهر القعدة من عام 360 من الهجرة المباركة بعد حياة حافلة بلغت المائة عام. ثانياً: المرويات: 1- حَدَّثَنَا أبو العَبَّاس أحمد بن عَلِيّ الأبار، حَدَّثَنَا أمية بن بسطام، حَدَّثَنَا يزيد بن زريع، حَدَّثَنَا روح بن القاسم، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جَابِر أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قرأ: ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى)) لم يروه عن روح إِلَّا يزيد، ولا عن يزيد إِلَّا أمية تفرد بِهِ الأبار([2]). رجال السند: 1- أبو العَبَّاس أحمد بن عَلِيّ الأبار: أحمد بن عَلِيّ بن مسلم الأبار، حدث عن مسرهد، ومُحَمَّد بن المنهال، وعَلِيّ بن الجعد، وأمية بن بسطام قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، حافظا متقنا حسن المذهب، و توفي الأبار يوم النصف من شعبان سنة تسعين ومئتين([3]). 2- أمية بن بسطام: أمية بن بسطام العيشي، بصري، يكنى أبا بكر، صدوق من العاشرة، ذكره ابن حبان فِي الثقات، مات سنة إحدى وثَلَاثَين ومائتين([4]). 3- يزيد بن زريع: يزيد بن زريع التميمي العيشي، أبو معاوية الْبَصْرِيّ، الحافظ، أحد الأعلام، قَالَ ابن معين: ثقة، مأمون، وقَالَ أبو حاتم: ثقة، إمام، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة([5]). 4- روح بن القاسم: روح بن القاسم التيمي العنبري، أبو غِيَاث البصري، ثقة، حافظ، من السادسة، مات سنة إحدى وأربعين ومائة، وقيل بعد الخمسين ومائة([6]). الحكم عَلَى سند الحديث: صحيح، ورواته ثقات. 2 - حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر المري الْبَصْرِيّ القاضي بطبرية، حَدَّثَنَا نصر بن عَلِيّ الجهضمي، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا القاسم بن معن، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْه – أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لما قدم مكة طاف بالبيت سبعا، ثم خَرَجَ من باب الصفا فارتقى الصفا فَقَالَ نبدأ بِمَا بدأ الله بِهِ، ثم قرأ ((إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ))، لم يروه عن القاسم بن ينعقد إِلَّا عَلِيّ بن نصر تفرد بِهِ ابنه نصر، ولم نكتبه إلا عن هَذَا الشيخ([7]). رجال السند: 1- الإمام أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن الوليد بن سعد المري الدمشقي المقرئ. روى عن: أبي مسهر الغساني، وأبي اليمان، وآدَمَ بن أبي إياس، وهشام بن عَمَّار، وعدة. وعنه: أبو عَلِيّ بن آدَمَ، وابن أبي العقب، وأبو أحمد بن الناصح، والطبراني، وأبو عُمَر بن فضالة، وآخرون. مات سنة سبع وتسعين ومئتين([8]) 2- نصر بن عَلِيّ الجهضمي: تقدم، وهو ثقة، . 3- عَلِيّ الجهضمي: عَلِيّ بن نصر بن عَلِيّ بن صهبان بن أبي الجهضمي الحداني الأزدي، أبو الحسن الْبَصْرِيّ الكبير، ثقة، من كبار التاسعة. روى عن: القاسم بن ينعقد، ومهدي بن ميمون، وهشام الدستوائي، وغيرهم. وعنه: ابنه نصر، ووكيع، ومُحَمَّد بن عبد الله الأنصاري، وأبو نعيم، وغيرهم. قَالَ أحمد بن حَنْبَل: صالح الحديث أثبت من أبي معاوية، وقَالَ ابن معين، والنسائي: ثقة، وقَالَ أبو حاتم: ثقة، صدوق، وقَالَ صالح بن مُحَمَّد صدوق، وقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي، وأبو صالح بن حيان: مات سنة سبع وثمانين ومائة ذكره ابن حبان فِي الثقات([9]). 4- القاسم بن معن: القاسم بن معن بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مسعود، المسعودي الْكُوفِيّ، أبو عبد الله القاضي، ثقة، فاضل من السابعة، وثقه أبو حاتم، مات سنة خمس وسبعين ومائة([10]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده صحيح، ورواته ثقات. 3 - حَدَّثَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد العمري القاضي بمدينة طبرية سنة سبع وسبعين ومائتين، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، حَدَّثَنَا موسى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جده عَلِيّ بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-قَالَ قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- : من سب الأنبياء قتل، ومن سب الأصحاب جلد. لَا يروى عن عَلِيّ إِلَّا بهذا الإسناد تفرد بِهِ بن أبي أويس([11]). رجال السند: 1- عبيد الله بن مُحَمَّد العمري: عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العمري، من شيوخ الطبراني، رماه النسائي بالكذب، قَالَ الدارقطني: كَانَ ضعيفاً، ومن مناكيره ما رواه الطبراني عنه هَذَا الحديث، وكان ينزل فلسطين، وتأخر إِلَى بعد التسعين ومائتين([12]). 2- إِسْمَاعِيل بن أويس: هو عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس بن مَالِك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله الْمَدَنِيّ محدث مكثر فيه لين. روى عن: خاله مَالِك، وأخيه عبد الحميد، وأبيه، وأقدم من لقي عبد الْعَزِيز الماجشون، وسَلَمَة بن وردان. وعنه: صاحبا الصحيح، وإِسْمَاعِيل القاضي، والكبار قَالَ أحمد: لا بأس بِهِ، وقَالَ ابن أبي خيثمة، عن يَحْيَى: صدوق ضعيف العقل لَيْسَ بذاك، وقَالَ أبو حاتم: محله الصدق مغفل، وقَالَ النسائي: ضعيف، وقَالَ الدارقطني: لَا أختاره فِي الصحيح توفي سنة ست، وعشرين ([13]). 3- موسى بن جَعْفَر: تقدم، وهو ثقة، فقيه عابد. الحكم عَلَى سند الحديث: موضوع قَالَ الألباني بعد إِنَّ حكم عليه بالوضع فِي السلسلة الضعيفة: " هَذَا الإسناد رجاله كلهم ثقات إِلَّا العمري كَمَا قَالَ الحافظ فِي " اللسان "، و العمري متهم بالكذب، و الوضع كَمَا تقدم فِي الحديث الَّذِي قبله، قَالَ الحافظ: و من مناكيره هَذَا الخبر. و الحديث ذكره الهيثمي فِي " المجمع " ( 6 / 260 )، و قَالَ: رواه الطبراني فِي " الصغير "، و " الأوسط "، عن شيخه عبيد الله بن مُحَمَّد العمري رماه النسائي بالكذب"([14]). 4 - حَدَّثَنَا عبد الْوَهَّابِ بن رواحة الرامهرمزي، حَدَّثَنَا أبو كريب مُحَمَّد بن العلاء الهمداني، حَدَّثَنَا حَفْص بن بشير بشر الأَسَدي، حَدَّثَنَا حسن بن بشير بشر الأَسَدي، حَدَّثَنَا حسن بن الحسين بن زيد العلوي، عن أبيه، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه مُحَمَّد بن علي، عن أبيه عَلِيّ بن الحسين، عن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ: قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ لي جبرائيل: يا مُحَمَّد أحب من شئت فإنك مفارقه، وعش ما شئت فإنك ميت، وقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أوجز لي جبريل الخطبة. حكم ابن الجوزي عليه بالوضع([15]). رجال السند: 1- عبد الْوَهَّابِ بن رواحة الرامهرمزي: لم أقف لَهُ عَلَى ترجمة فيما بين يدي من المصادر. 2- ابو كريب مُحَمَّد بن العلاء الهمداني: مُحَمَّد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي، الحافظ، أحد الأثبات المكثرين، ثقة، حافظ من العاشرة، قَالَ أبو عَلِيّ النيسابوري: سمعت أبا العَبَّاس بن عقدة يقدم أبا كريب فِي الحفظ، والكثرة عَلَى مشايخه، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين، وقيل سنة سبع ([16]). 3- حَفْص بن بشير بشر الأَسَدي: قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل): حَفْص بن بشر. روى عن: يعقوب القمي . روى عنه: أبو كريب، سمعت أبي يقول ذلك([17]). 4- حسن بن الحسين بن زيد العلوي: لم أعثر لَهُ عَلَى ترجمة. 5- الحسين بن زيد العلوي: الحسين بن زيد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب، صدوق ربما أخطأ، من الثامنة، مات، وله ثمانون عاماً، فِي حدود التسعين ومائة ([18]). الحكم عَلَى سند الحديث: حكم عليه ابن الجوزي بالوضع([19]). 5 - وبإسناده قَالَ: قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: رأس العقل بعد الإيمان بالله التحبب إِلَى الناس([20]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف، وقد خرج الحديث الإمام السخاوي فِي المقاصد الحسنة، وقَالَ: " أخرجه البيهقي فِي الشعب، والعسكري، والقضاعي من حديث عَلِيّ بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَةَ رفعه بهذا فالعسكري من جهة كرم بن أرطبان، والقضاعي من جهة عبيد بن عَمْرُو السعدي، والبيهقي من جهة سُفْيَان ثَلَاثَتهم، عن ابن جدعان، وهو عِنْدَ البيهقي من حديث أشعث بن براز، حَدَّثَنَا عَلِيّ بن زيد مرسلا بحذف أبي هُرَيْرَةَ، وزاد فيه، (وما يستغني رجل، عن مشورة، وأهل المعروف فِي الدنيا هم أهل المعروف فِي الآخرة، وإن أهل المنكر فِي الدنيا هم أهل المنكر فِي الآخرة)، وقَالَ البيهقي إنه هو المحفوظ قلت، وهكذا هو عِنْدَ العسكري من حديث أحمد بن عبيد الله الغداني، عن هشيم، عن ابن جدعان مرسلا بحذف أبي هُرَيْرَةَ بزيادة (وأهل المعروف فِي الدنيا أهل المعروف فِي الآخرة، ولن يهلك الرجل بعد مشورة)، وقَالَ الغداني إِنَّ هشيما حدث بِهِ الرشيد فأمر لَهُ بعشرة آلاف درهم . ومن حديث مُحَمَّد بن يزيد المقسمي، عن هشيم بِهِ كذلك بلفظ ( مدارة الناس ) بدل ( التودد )، وبدون (ولن يهلك) إِلَى آخره، ومن حديث عبد الرزاق، عن حرام بن عُثْمَان، عن ابن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه، عن أبيه رفعه مثل الَّذِي قبله، وفي الباب، عن أنس، وجَابِر، وابن عَبَّاس، وعَلِيّ، ويتأكد بعضها ببعض، وروى الخطابي فِي أواخر العزلة من جهة حزم القطعي سمعت الحسن يقول يقولون المداراة نصف العقل، وأنا أقول هي العقل كله، وقد أفرد ابن أبي الدنيا المداراة بالتأليف"([21])، ويصح الحديث بمجموع هذه الطرق. 6 - وبِهِ قَالَ: قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ثَلَاثَ من لم تكن فيه فليس مني، ولا من الله. قيل: وما هن يَا رَسُولَ الله ؟قَالَ: حلم يرد بِهِ جهل جاهل، وحسن خلق يعيش بِهِ الناس، وورع يحجزه، عن معاصى الله عز وجل([22]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف. 7-وبإسناده قَالَ: قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (والَّذِي نفسي بيده ما جمع شيء إِلَى شيء أفضل من علم إِلَى حلم). لَا تروى هذه الأحاديث الأربعة، عن عَلِيّ إِلَّا بهذا الإسناد تفرد بِهِ، أبو كريب، ولم نكتبِهِا إلا، عن عبد الْوَهَّابِ بن رواحة ([23]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف. 8 –حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خليد العبدي الْكُوفِيّ المؤدب، حَدَّثَنَا عباد بن يعقوب الأَسَدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه، قَالَ: لم يكن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يؤخر صلاة المغرب لعشاء ولا لغيره. لم يروه عن جَعْفَر إِلَّا مُحَمَّد ([24]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن خليد العبدي الْكُوفِيّ: لم أجد لَهُ ترجمة فيما بين يدي من المصادر سوى سنة وفاته التي ذكرها الكتاني في كتابه (ذيل مولد العلماء)، وقَالَ تَحْتَ عنوان سنة ست وعشرين ومائتين " وفيها مات مُحَمَّد بن خليد العبدي فِي جمادى الأول"([25]). 2- عباد بن يعقوب الأَسَدي: عباد بن يعقوب الأَسَدي، أبو سعيد الرواجني، الكوفي، أحد رؤوس الشيعة، وثقه، أبو حاتم، وابن خزيمة، وقَالَ ابن عدي: فيه غلو روى أحاديث منكرة فِي فضائل أهل البيت، وقَالَ صالح بن مُحَمَّد : يشتم عُثْمَان، مات سنة خمسين ومائتين([26]). 3- مُحَمَّد بن ميمون الزعفراني: تقدم، وهو صدوق لَهُ أوهام. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف. 9- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلاد الباهلي البصري، حَدَّثَنَا نصر بن علي، حَدَّثَنَا عَلِيّ بن جَعْفَر، عن أخيه موسى بن جَعْفَر، عن أبيه جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه مُحَمَّد بن علي، عن عَلِيّ بن الحسين، عن أبيه، عن عَلِيّ بن أبي طالب، أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أخذ بيد الحسن، والحسين فَقَالَ من أحب هذين، وأباهما، وأمهما كَانَ معي فِي درجتي يوم القيامة. لم يروه عن موسى بن جَعْفَر إِلَّا عَلِيّ بن جَعْفَر تفرد بِهِ نصر بن عَلِيّ ([27]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلاد الباهلي: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلاد الباهلي، أبو عمر الْبَصْرِيّ بن أخي أبي بكر بن خلاد ثقة، من الحادية عشرة قتل سنة سبع وخمسين([28]). 2- نصر بن عَلِيّ الجهضمي: تقدم، وهو ثقة. 3- عَلِيّ بن جَعْفَر: تقدم، وهو مقبول. 4- موسى بن جَعْفَر: ثقة، عابد. الحكم عَلَى سند الحديث: انظر الحكم عَلَى الحديث فِي أحاديث الترمذي الحديث رقم 19. 10- حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله القرمطي من، ولد عامر بن ربيعة ببغداد، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيْمَان بن نضلة الخزاعي، حَدَّثَنَا عمي مُحَمَّد بن نضلة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جده عَلِيّ بن الحسين حدثتني ميمونة بنت الحارث ([29]) زوج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بات عندها ليلتها فَقَامَ يتوضأ للصلاة فسمعته يقول فِي متوضئه: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا، نصرت نصرت ثَلَاثَا، فَلَمَّا خَرَجَ قلت: يَا رَسُولَ الله سمعتك تقول فِي متوضئك: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا، نصرت نصرت ثَلَاثَا، كأنك تكلم إنسانا فهل كَانَ معك أحد؟ فَقَالَ: هَذَا راجز بني كعب يستصرخني، ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر، ثم خَرَجَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأمر عائشة أن تجهزه، ولا تعلم أحدا. قَالَت: فدخل عَلَيْهَا أبو بكر فَقَالَ : يا بنية ما هَذَا الجهاز. فَقَالَت: والله ما أدري ؟ فَقَالَ: والله ما هَذَا زمان غزو بني الأصفر فأين يريد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَت، والله لَا علم لي، قَالَت: فأقمنا ثَلَاثَا، ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشده : يا رب إني ناشد مُحَمَّدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا إنا ولدناك وكنت ولدا ثمة أسلمنا ولم ننزع يدا إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا وزعموا أن لست تدعو أحدا فانصر هداك الله نصرا أيدا وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قَدْ تجردا إن سيم خسفا وجهه تربدا فقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا نصرت نصرت ثَلَاثَا، ثم خَرَجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَلَمَّا كَانَ بالروحاء نظرإِلَى سحاب منتصب فَقَالَ: إِنَّ السماء هَذَا لينتصب بنصر بني كعب فَقَامَ رجل من عدي بن عَمْرُو أخو بني كعب بن عَمْرُو فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله، ونصر بني عدي فَقَالَ: رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ترب نحرك، وهل عدي إِلَّا كعب، وكعب إِلَّا عدي فاستشهد ذَلِكَ الرجل فِي ذَلِكَ السفر، ثم قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: اللَّهُمَّ أعم عليهم خبرنا حَتَّى نأخذهم بغتة، ثم خَرَجَ حَتَّى نزل بمر، وكان أبو سُفْيَان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء خرجوا تلك الليلة حَتَّى أشرفوا عَلَى مر فنظر أبو سفيان إِلَى النيران فَقَالَ: يا بديل هذه نار بني كعب أهلك. فَقَالَ: جاشتها إِلَيَّك الحرب، فأخذتهم مزينة تلك الليلة، وكانت عليهم الحراسة فسألوا أن يذهبوا بِهِم إِلَى العَبَّاس بن عبد المطلب فذهبوا بِهِم، فسألهم أبو سفيان أن يستأمن لهم من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فخَرَجَ بِهِم حَتَّى دخل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فسأله أن يؤمن لَهُ من أمن فَقَالَ: قَدْ أمنت من أمنت، ما خلا أبا سُفْيَان. فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله لَا تحُجْر عَلِيّ. فَقَالَ: من أمنت فهو آمن. فذهب بِهِم العباس إِلَى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثم خَرَجَ بِهِم. فَقَالَ أبو سُفْيَان: إنا نريد أن نذهب. فَقَالَ اسفروا، وقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يتوضأ، وابتدر المسلمون الدفع ينتضحونه فِي وجوههم فَقَالَ أبو سُفْيَان: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك عظيما. فَقَالَ لَيْسَ بملك، ولكنها النبوة. وفي ذَلِكَ يرغبون. لم يروه عن جَعْفَر إِلَّا مُحَمَّد بن نضلة تفرد بِهِ يَحْيَى بن سُلَيْمَان، ولا يروى، عن ميمونة إِلَّا بهذا الإسناد([30]). رجال السند: 1- مُحَمَّد بن عبد الله القرمطي: مُحَمَّد بن عبد الله العدوي يعرف بالقرمطي مديني الأصل حدث عن بكر بن عبد الْوَهَّابِ، ويَحْيَى بن سُلَيْمَان بن فضالة . روى عنه: مُحَمَّد بن عُمَر بن غالب، وأبو القاسم الطبراني([31]). 2- يَحْيَى بن سُلَيْمَان بن نضلة الخزاعي: يَحْيَى بن سُلَيْمَان بن نضلة الخزاعي الْمَدَنِيّ. روى عن: مَالِك، وسُلَيْمَان بن بِلَال . وعنه: بن صاعد، وكان يفخم أمره، وقَالَ ابن عقدة سمعت بن خراش يقول لَا يسوى شيئا، وذكره ابن أبي حاتم، وذكر فِي شيوخه مسلم بن خالد، وابن أبي الزناد، وغيرهما قَالَ وكتب عنه أبي، وسألته عنه فَقَالَ شيخ حدث أياما، ثم توفي، وذكره ابن حبان فِي الثقات فَقَالَ يخطىء، ويهم قَالَ ابن عدي. روى عن: مَالِك، وأهل المدينة أحاديث عامتها مستقيمة([32]). 3- مُحَمَّد بن نضلة: لم أعثر لَهُ عَلَى ترجمة فيما بين يدي من المصادر. الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف. 11- حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم القزاز الْكُوفِيّ حَدَّثَنِي أبي حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر، عن أبيه، عن جده مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه : أن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ فِي حجته من الحجرإِلَى الحُجْر. لم يروه عن مُحَمَّد بن جَعْفَر إِلَّا عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم ([33]). رجال السند: 1- يَحْيَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم القزاز الْكُوفِيّ: لم أعثر لَهُ عَلَى ترجمة فيما بين يدي من المصادر 2- عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم: عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم القزاز السلولى. روى عن: إِبْرَاهِيم بن يوسف بن ابي اسحاق، وعبيدة بن الاسود . روى عنه: أبو زرعة، ومسلم بن الحَجَّاج، وعَلِيّ بن الحسين بن الجنيد.، حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن سمعت عَلِيّ بن الحسين يقول سمعت بن نمير يقول: نعم الشيخ عبد الله بن مُحَمَّد بن سالم ([34]). 3- مُحَمَّد بن جَعْفَر: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ الهاشمي الحسيني، عن أبيه، تكلم فيه، حدث عنه: إِبْرَاهِيم بن المنذر، ومُحَمَّد بن يَحْيَى العدني، وكَانَ بطلا شجاعا يصوم يوما، ويفطر يوما. مات سنة ثَلَاثَ ومائتين، وقد نيف عَلَى السبعين، وقبره بجرجان. ذكره ابن عدي فِي الكامل، وقَالَ البخاري: يتحقق إسحاق أوثق منه([35]). الحكم عَلَى سند الحديث: إسناده ضعيف، وهو صحيح بطرق أخرى. [1] - نقلاً، عن مقدمة كتابِهِ " المعجم الصغير " طبعة دار الكتب العلمية، بيروت. [2] - أخرجه الطبراني فِي المعجم الصغير ج 1 ص 34- انظر تخريج الحديث الطويل ص67. [3] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج13، ص443- تاريخ بغداد ج5، ص64- تذكرة الحفاظ للذهبي ج2، ص639. [4] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص123- سير أعلام النبلاء ج11، ص9- تهذيب التهذيب ج1، ص323- تقريب التهذيب ج1، ص109. [5] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص632- تهذيب التهذيب ج11، ص284- سير أعلام النبلاء ج8، ص296- تقريب التهذيب ج3، ص324. [6] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج6، ص305- تهذيب التهذيب ج3، ص257- سير أعلام النبلاء ج6، ص404- تقريب التهذيب ج1، ص305. [7] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج، 1 ص69. [8] - انظر ترجمته: سير أعلام النبلاء ج14، ص81. [9] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص460- تهذيب التهذيب ج7، ص341- سير أعلام النبلاء ج12، ص138- تقريب التهذيب ج1، ص704. [10] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج7، ص339- تهذيب التهذيب ج8، ص303- سير أعلام النبلاء ج8، ص190- تقريب التهذيب ج3، ص24. [11] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج 1، ص 236 انفرد بِهِ. [12] - انظر ترجمته فِي: أحمد بن عَلِيّ بن حجر العسقلاني، لسان الميزان، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1986م جـ4/112. [13] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج8، ص99- ميزان الاعتدال ج1، ص222- سير أعلام النبلاء ج10/ص391. [14] - السلسلة الضعيفة، مرجع سابق، ج1، ص372. [15] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج 1 ص249، انفرد بِهِ. [16] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص105- تذكرة الحفاظ جـ2/498، تهذيب التهذيب جـ9/342. [17] - الجرح والتعديللابن أبي حاتم الرازي، جـ3/169. ولم أقف لَهُ إِلَّا عَلَى هذه الترجمة [18] - انظر ترجمته: ميزان الاعتدال ج1، ص535- تقريب التهذيب جـ1/176. [19] - الموضوعات لابن الجوزي، مرجع سابق، ج2، ص108. [20] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج1، ص251. لم يروه أحد من الكتب التسعة. [21] - المقاصد الحسنة للسخاوي، مرجع سابق، د. ت. ج1، ص360. [22] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج1، ص251. انفرد بِهِ [23] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج1، ص251. انفرد بِهِ [24] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج 2 ص 23 انفرد بِهِ. [25] - عبد العزيز بن أحمد بن مُحَمَّد الكتاني، ذيل مولد العلماء، تحقيق: د. عبد الله أحمد سُلَيْمَان الْحَمْدَ، الرياض: دار العصمة، 1409هـ، ج2، ص498. [26] - انظر ترجمته: ميزان الاعتدال ج2، ص379- سير أعلام النبلاء ج11، ص536 - تهذيب التهذيب ج5، ص95، تقريب التهذيب ج1، ص394. [27] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج 2 ص 70. وأخرجه الترمذي فِي كتاب المناقب - باب مناقب عَلِيّ بن أبي طالب، ج5، ص305. و أخرجه الإمام أحمد في مسنده - مسند العشرة المبشرين بالجنة، ج1، ص77. [28] - انظر ترجمته: ثقات ابن حبان ج9، ص115- تهذيب التهذيب ج9، ص382- تقريب التهذيب ج3، ص130. [29] - ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النَّبِيّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قيل اسمها برة، فسماها النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ميمونة، وتزوجها، بسرف، سنة سبع، وماتت بِهَا، ودفنت سنة إحدى وخمسين عَلَى الصحيح. انظر ترجمتها فِي: أَسَد الغابة جـ5/550. [30] - أخرجه الطبراني فِي المعجم الصغير ج2، ص 73. تفرد بِهِ. [31] - انظر تاريخ بغداد، مرجع سابق، جـ5/433 [32] - انظر ترجمته: ميزان الاعتدال ج4، ص383- لسان الميزان جـ6/261. [33] - أخرجه الإمام الطبراني فِي المعجم الصغير ج 2، ص 147. انظر تخريج الحديث الطويل ص67 [34] - الجرح والتعديللابن أبي حاتم الرازي ج5، ص162. [35] - ميزان الاعتدال ج3، ص500. عرض المحتوى كاملاً المقدمة عصر الإمام الصادق مسيرة حياته موقف الإمام البخاري من الإمام الصادق مروياته في صحيح مسلم مروياته فِي سنن أبي داود مروياته فِي سنن النسائي مروياته فِي سنن الترمذي مروياته فِي سنن ابن ماجه مروياته فِي مسند الإمام أحمد بن حَنْبَل مروياته فِي موطأ مَالِك مرويات في سنن الدارمي مروياته في صحيح ابن حبان مروياته فِي المعجم الصغير للطبراني تصنيف مرويات الإمام جَعْفَر موضوعياً أحاديث العقائد أحاديث العبادات أحاديث المعاملات أحاديث في موضوعات مختلفة الخـــاتمة تصنيف مرويات الإمام جَعْفَر موضوعياً Bookmark and Share لقد أفرد الباحث هَذَا الباب لتصنيف الأحاديث التي رواها الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق، من حيث الموضوع، فجعل الباحث مبحثاً يحتوي عَلَى الأحاديث التي رواها جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي العقائد، وآخر لأحاديث العبادات، و مثله لأحاديث المعاملات، وأخيراً مبحثاً للأحاديث التي تحتوي عَلَى أكثر من موضوع، أو تلك التي لَا تندرج تَحْتَ أي مسمى من مسميات المباحث السابقة. أما مبحث أحاديث العقائد، فقد تطرقت مرويات الصادق للقضايا العقائدية التالية: 1- الاعتقاد بأن الدنيا أهون عَلَى الله من جدي ميت أسك. 2- أنه لابد من الإيمان بالقدر خيره، وشره، وهو من تمام الإيمان. 3- أن الشفاعة لأهل الكبائر من أمة الإسلام. 4- أن من أحب آل البيت كَانَ مَعَ النَّبِيّ فِي الجنة. 5- أن الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وعمل بالأركان. 6- أن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ يغضب لفاطمة، وأنها شجنة منه. 7- حكم من سب الأنبياء، ومن سب الصحابة. 8- أن صاحب موسى -رَضِيَ اللهُ عَنْه- هو الخضر. في مبحث أحاديث العبادات، شملت مرويات الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد بعض العبادات الهامة، مثل : 1- الاغتسال من الجنابة . وكيفية اغتسال الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- . 2- وصف غسل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. 3- أكل اللحوم أو ما مست النار لَا يذهب الطهارة. 4- صلاة الْجُمُعَةَ، وقت الزوال. 5- كراهة قراءة الْقُرْآن فِي السجود. 6- استحُبَاب قراءة سورة الْجُمُعَةَ، وإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فِي صلاة الْجُمُعَةَ. 7- وقت صلاة الصبح. 8- عدم تأخير الصلاة. 9- النهي، عن الصلاةإِلَى القبور. 10- تشهد الرسول . 11- وصف هيئة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وهو يخطب. 12- كراهة الصوم فِي السفر. 13- مناسك الحج بداية من تحرك الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من المدينة المنورإِلَى، وصوله مكة، وكل أفعاله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأقواله، وقضية طهارة المرأة فِي الحج، حيث نُفِسَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ، وولدت مُحَمَّد بن أبي بكر الصديق . 14- وصف أضحية الرسول . 15- العقيقة. 16- كيفية، وضع الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي قبره. 17- ضرورة التمسك بكتاب الله، وعترة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- . 18- سلوك المسلم تجاه مرور جنازة، وهو قاعد. وفي مبحث أحاديث المعاملات، تناولت مرويات الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد القضايا التإِلَيَّة: 1- سيرة الرسول فِي الجهاد، وكيف كَانَ تصرفه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - تجاه الفيء، وغزو النساء، والخمس لمن هو؟ 2- القضاء باليَمَنْ مَعَ الشَّاهِد الواحد. 3- الأكل من الأضحية. 4- كيفية التعامل مَعَ المجوس، وأن يسن لهم سنة أهل الكتاب. 5- قول الإمام عَلِيّ بن أبي طالب بأن الطلاق لَا يقع إِذَا إِلَى الرجل من امرأته. 6- أن الله تعالى مَعَ الدائن حَتَّى يقضي دينه. 7- أنه يحق للرجلإِنَّ يتصرف بثلث ماله حيثما شاء. وقد، وضع الباحث المرويات التي غطت ناحيتين أو أكثر من النواحي السابقة، أو تلك التي لَا تندرج تَحْتَ أي من مسميات المباحث السابقة، فِي مبحث مستقل بِهِ مرويات تناولت قضايا متنوعة، ومن هذه القضايا: 1- أن الحسن، والحسين كانا يتختمان فِي يسارهما. 2- أن عرض الكتاب، والحديث سواء. 3- أن أم كلثوم ماتت فِي يوم، واحد هي، وولدها زيد، ولم يتوارثوا، وكذلك أهل صفين لم يتوارثوا. 4- وصف قبر الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وأنه رُفع، عن الأرض بمقدار شبر. 5- قصة نقض قريش لعهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. أحاديث العقائد Bookmark and Share أولاً: فِي صحيح مسلم: 1- جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَة، والنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثم قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالَوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، ومَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالَوا، واللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ فَوَ اللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ. ثانياًَ: فِي سنن أبي داود: 1- عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وسَلَّم َمَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَة، والنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثم قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ، وسَاقَ الْحَدِيثَ ثالثاً: فِي سنن الترمذي: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ، وشَرِّهِ، حَتَّى يَعْلَمَإِنَّ مَا أَصَابِهِ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبِهِ. 2- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي قَالَ مُحَمَّد بن عَلِيّ فَقَالَ لِي جَابِر يَا مُحَمَّد مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ، ولِلشَّفَاعَةِ. 3- عن عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وحُسَيْنٍ فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّنِي، وأَحَبَّ هَذَيْنِ، وأَبَاهُمَا، وأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رابعاً فِي سنن ابن ماجه: 1- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عن أَبِيهِ، عن عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ ، وقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ أبو الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ. 2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ اللَّهُ مَعَ الدَّائِنِ، حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ قَالَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَر يَقُولُ لِخَازِنِهِ اذْهَبْ فَخُذْ لِي بِدَيْنٍ فَإِنِّي أَكْرَهُإِنَّ أَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا، واللَّهُ مَعِي بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-. 3- عَنْ جَابِر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ:إِنَّ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي. خامساً: فِي مسند الإمام أحمد بن حنبل: 1- عَنْ عَلِيّ بْنِ حُسَيْنٍ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وحُسَيْنٍ رَضِي اللَّهُمَّ عنهما فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّنِي، وأَحَبَّ هَذَيْنِ، وأَبَاهُمَا، وأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. 2- عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَتَى الْعَإِلَيَّةَ فَمَرَّ بِالسُّوقِ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَرَفَعَهُ، ثم قَالَ بِكَمْ تُحِبُّونَإِنَّ هَذَا لَكُمْ قَالَوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، ومَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ بِكَمْ تُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالَوا، واللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَانَ عَيْبًا فِيهِ أَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وهُوَ مَيِّتٌ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ. 3- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِع، عن الْمِسْوَر قَالَ بَعَثَ حَسَنُ بْنُ حَسَنٍإِلَى الْمِسْوَر يَخْطُبُ بِنْتًا لَهُ قَالَ لَهُ تُوَافِينِي فِي الْعَتَمَةِ فَلَقِيَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ الْمِسْوَر فَقَالَ مَا مِنْ سَبَبٍ، ولَا نَسَبٍ، ولَا صِهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَسَبِكُمْ، وصِهْرِكُمْ، ولَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ فَاطِمَةَ شُجْنَةٌ مِنِّي يَبْسُطُنِي مَا بَسَطَهَا، ويَقْبِضُنِي مَا قَبَضَهَا، وإِنَّهُ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَنْسَابُ، والْأَسْبَابُ إِلَّا نَسَبِي، وسَبَبِي، وتَحْتَكَ ابْنَتُهَا، ولَوْ زَوَّجْتُكَ قَبَضَهَا ذَلِكَ فَذَهَبَ عَاذِرًا لَهُ. سابعاً: فِي معجم الطبراني الصغير: 1- عن موسى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه، عن جده عَلِيّ بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-قَالَ قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم من سب الإنبياء قتل، ومن سب الأصحاب جلد. 2- عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه مُحَمَّد بن علي، عن أبيه عَلِيّ بن الحسين، عن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ قَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: قَالَ لي جبرائيل يا مُحَمَّد أحب من شئت فإنك مفارقه، وعش ما شئت فإنك ميت، وقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أوجز لي جبريل الخطبة. أحاديث العبادات Bookmark and Share أولاً: فِي صحيح مسلم: 1. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ قَالَ جَابِر فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ ،وأَطْيَبَ. 2. عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عن عَلِيّ قَالَ نَهَانِي حِبِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن أَقْرَأَ رَاكِعًا . 3. عن أُمّ هَانِئ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- صَلَّى فِي بَيْتِهَا عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي ثَوْبٍ ،واحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ . 4. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قَالَ حَسَنٌ فَقُلْتُ لِجَعْفَر فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ قَالَ زَوَالَ الشَّمْسِ 5. سَأَلَ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه مَتَى كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَالَ كَانَ يُصَلِّي، ثم نَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا زَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ يَعْنِي النَّوَاضِحَ 6. عن ابْنِ أَبِي رَافِع قَالَ اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ ،وخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى لَنَا ، أبو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ ، أبو هُرَيْرَةَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةَ . 7. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه رَضِي اللَّهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثم دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيَّهِ، ثم شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ،وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيز يَعْنِي الداروردي، عن جَعْفَر بهذا الْإِسْنَادِ ،وزَادَ فَقِيلَ لَهُإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ ،وإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ 8. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه رَضِي اللَّهُمَّ عنهما فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم فَأَمَرَهَاإِنَّ تَغْتَسِلَ ،وتُهِلَّ 9. دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَ عن الْقَوْمِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ فَأَهْوَى بِيَدِهِإِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثم نَزَعَ. حديث الحج الطويل 10. عن جَابِر فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ نَحَرْتُ هَا هُنَا ،ومِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ ،ووَقَفْتُ هَا هُنَا ،وعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ،ووَقَفْتُ هَا هُنَا ،وجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ 11. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه رَضِي اللَّهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ، ثم مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا 12. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه رَضِي اللَّهُ عنهما أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ 13. عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ الثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر ثانياً: فِي سنن أبي داود: 1- عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِع قَالَ صَلَّى بِنَا ، أبو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةَ ،وفِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ قَالَ أبو هُرَيْرَةَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةَ 2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَان تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ قَالَ وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِي تَلْبِيَتَهُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ،وسَعْدَيْكَ ،والْخَيْرُ بِيَدَيْكَ ،والرَّغْبَاءُ إِلَيَّكَ ،والْعَمَلُ، حَدَّثَنَا أحمد بن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَر، حَدَّثَنَا أَبِي، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ والنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ ،ونَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ ،والنَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا . 3- عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيَّهِ سَأَلَ، عن الْقَوْمِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُسَيْنٍ فَأَهْوَى. حديث الحج الطويل 4- عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ ،والْعَصْرَ بِأَذَانٍ واحِدٍ بِعَرَفَةَ ،ولَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وإِقَامَتَيْنِ ،وصَلَّى الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ واحِدٍ وإِقَامَتَيْنِ ،ولَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا 5- عَنْ جَابِر قَالَ، ثم قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَدْ نَحَرْتُ هَا هُنَا ،ومِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ ،ووَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ قَدْ ،وقَفْتُ هَا هُنَا ،وعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ،ووَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ قَدْ ،وقَفْتُ هَا هُنَا ،ومُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا حَفْص بْنُ غِيَاثٍ، عن جَعْفَر بِإِسْنَادِهِ زَادَ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان، عن جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي، عن جَابِر فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ،وأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ قَوْلِهِ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) قَالَ فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ ،وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ،وقَالَ فِيهِ قَالَ عَلِيّ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم بِالْكُوفَةِ قَالَ أَبِي هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِر فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا ،وذَكَرَ قِصَّةَ فَاطِمَةَ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهَا 6- عَنْ جَابِر أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ وقَفْتُ هَا هُنَا بِعَرَفَةَ ،وعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ،ووَقَفْتُ هَا هُنَا بِجَمْعٍ ،وجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ،ونَحَرْتُ هَا هُنَا ،ومِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ 7- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ يُضَحِّي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ،ويَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ،ويَمْشِي فِي سَوَادٍ 8- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ لِطَعَامٍ ولَا لِغَيْرِهِ 9- عَنْ جَابِر رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهمإِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَرَأَ (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ثالثاً : فِي سنن النسائي: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ مُرْهَاإِنَّ تَغْتَسِلَ ،وتُهِلَّ . 2- عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ،وخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ ،ولَدَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- : كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ اغْتَسِلِي ،واسْتَثْفِرِي، ثم أَهِلِّي. 3- عن جعفر عن أبيه أنَّ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الصُّبْحَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ . 4- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَ، حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنمِرَةَ فَنَزَلَ بِهِا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ ، حَتَّى إِذَا انْتَهَىإِلَى بَطْنَ الْوَادِي خَطَبَ النَّاسَ، ثم أَذَّنَ بِلَال ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثم أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ،ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. 5- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَ، حَتَّى انْتَهَىإِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ بِإِذَانٍ وإِقَامَتَيْنِ ،ولَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا . 6- عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: أَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ ،وأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- . 7- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْجُمُعَةَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قُلْتُ: أَيَّةَ سَاعَةٍ ؟ قَالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ . 8- إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيّ كَانَ جَالِسًا فَمُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَامَ النَّاسُ، حَتَّى جَاوَزَتِ الْجَنَازَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّمَا مُرَّ بِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ ،وكَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عَلَى طَرِيقِهَا جَالِسًا فَكَرِهَإِنَّ تَعْلُوَ رَأْسَهُ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَامَ . 9- عن جَابِر قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَإِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ فَبَلَغَهُإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ ،والنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ ،وصَامَ بَعْضٌ فَبَلَغَهُإِنَّ نَاسًا صَامُوا فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . 10-عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر ا فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ َمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ،وجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ لْ ،ولْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً ،وقَدِمَ عَلِيّ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم مِنَ الْيَمَن بِهِدْيٍ ،وسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا ،وإِذَا فَاطِمَةَ قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا ،واكْتَحَلَتْ . قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مُحَرِّشًا أَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِإِنَّ فَاطِمَةَ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا ،واكْتَحَلَتْ ،وقَالَتْ أَمَرَنِي بِهِ أَبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ صَدَقَتْ صَدَقَتْ صَدَقَتْ أَنَا أَمَرْتُهَا. 11-عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَثَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ حِجَجٍ، ثم أُذِّنَ فِي النَّاسِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي حَاجِّ هَذَا الْعَامِ فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ،ويَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ ،وخَرَجْنَا مَعَهُ قَالَ جَابِر ،ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآن ،وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ ،ومَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ . 12-عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا إِنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَن بِهِدْيٍ ،وسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا قَالَ لِعَلِيّ بِمَا أَهْلَلْتَ قَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ،ومَعِيَ الْهَدْيُ قَالَ فَلَا تَحِلَّ . 13-سَمِعْتُ جَعْفَر بْنَ مُحَمَّد يُحدث عن أَبِيهِ، عن جَابِر فِي حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ صَلَّى ،وهُوَ صَامِتٌ، حَتَّى أَتَى الْبَيْدَاءَ . 14-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثم أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَقْدِرُإِنَّ يَأْتِيَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا إِلَّا قَدِمَ فَتَدَارَكَ النَّاسُ لِيَخْرُجُوا مَعَهُ، حَتَّى جَاءَ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَوَلَدَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍفَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَقَالَ اغْتَسِلِي ،واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، ثم أَهِلِّي فَفَعَلَتْ . 15-عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهم قَالَ نُفِسَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍفَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- تَسْأَلُهُ كَيْفَ تَفْعَلُ فَأَمَرَهَاإِنَّ تَغْتَسِلَ ،وتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبِهِا ،وتُهِلَّ . 16-عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ سَمِعَهُ يُحدث عن جَابِر أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُإِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- سَاقَ هَدْيًا فِي حَجِّهِ . 17-عن عن جَابِر قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا، ثم أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ،والْمَقَامُ بَيْنَهُ ،وبَيْنَ الْبَيْتِ، ثم أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا 18-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحِجْرِإِلَى الْحِجْرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ . 19-عن جَابِر قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِالْبَيْتِ سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) ،ورَفَعَ صَوْتَهُ يُسْمِعُ النَّاسَ، ثم انْصَرَفَ فَاسْتَلَمَ، ثم ذَهَبَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا ، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ،ويُمِيتُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَكَبَّرَ اللَّهَ ،وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ، ثم نَزَلَ مَاشِيًا، حَتَّى تَصَوَّبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَسَعَى، حَتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثم مَشَى ، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ ،وسَبَّحَهُ ،وحَمِدَهُ، ثم دَعَا عَلَيْهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ . 20-عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- طَافَ سَبْعًا رَمَلَ ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ ،وجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ ،وبَيْنَ الْكَعْبَةِ، ثم اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثم خَرَجَ فَقَالَ ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ) فَابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ . 21-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمَّا انْتَهَىإِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيم قَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ،و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ،و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثم عَادَإِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا . 22-عن جَابِر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ،وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا ،وهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ . 23-حَدَّثَنَا جَابِر قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِإِلَى الصَّفَا ،وقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، ثم قَرَأَ ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ) . 24-حَدَّثَنَا جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَقِيَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا نَظَرَإِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ . 25-عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا ،وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا ،ويَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،ويَدْعُو ،ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ . 26-عن جَابِر ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَ، ثم ،وقَفَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عَلَى الصَّفَا يُهَلِّلُ اللَّهَ عَزَّ ،وجَلَّ ،ويَدْعُو بَيْنَ ذَلِكَ. 27-عن جَابِر قَالَ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِالْبَيْتِ سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا، ثم قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ،وقَرَأَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) ،ورَفَعَ صَوْتَهُ يُسْمِعُ النَّاسَ، ثم انْصَرَفَ فَاسْتَلَمَ، ثم ذَهَبَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا ، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ ،وقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ،ويُمِيتُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،وكَبَّرَ اللَّهَ ،وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ، ثم نَزَلَ مَاشِيًا، حَتَّى تَصَوَّبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَسَعَى، حَتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثم مَشَى ، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ ،وسَبَّحَهُ ،وحَمِدَهُ، ثم دَعَا عَلَيْهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ . 28-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه رَضِي اللَّهُمَّ عنهماأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ . 29-عن جَابِر قَالَ لَمَّا تَصَوَّبَتْ قَدَمَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي بَطْنَ الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ 30-حَدَّثَنَا جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَزَلَ يَعْنِي، عن الصَّفَا، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى . 31-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْمَرْوَةَ فَصَعِدَ فِيهَا، ثم بَدَا لَهُ الْبَيْتُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثم ذَكَرَ اللَّهَ ،وسَبَّحَهُ ،وحَمِدَهُ، ثم دَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ . 32-عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ذَهَبَإِلَى الصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهَا ، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، ثم ،وحَّدَ اللَّهَ عَزَّ ،وجَلَّ ،وكَبَّرَ ،وقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ،ويُمِيتُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثم مَشَى ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتْ قَدَمَاهُ مَشَى ، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى قَضَى طَوَافَهُ . 33-أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ . 34-دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَقَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- دَفَعَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ،وأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلًا، ثم سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي . 35-دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَقَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، ثم انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ . 36-عن ابْنِ عَبَّاسٍ، عن أَخِيهِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاس قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ . 37-عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَمْشِي فِي سَوَادٍ ،ويَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ،ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ . 38-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَحَرَ بَعْضَ بُدْنِهِ بِيَدِهِ ،ونَحَرَ بَعْضَهَا غَيْرُهُ. رابعاً : فِي سنن الترمذي : 1- عن عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي رَافِع مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ ،وخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بِنَا ، أبو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةَ ،وفِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ قَالَ أبو هُرَيْرَةَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهِمَا ِ . 2- عن جَابِر ابْنِ عَبْدِ اللَّهِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَصَامَ ، حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ،وصَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَقِيلَ لَهُإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ ،وإِنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ ،والنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيَّهِ فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ ،وصَامَ بَعْضُهُمْ فَبَلَغَهُإِنَّ نَاسًا صَامُوا فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . 3- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ،وحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ ،ومَعَهَا عُمْرَةٌ فَسَاقَ ثَلَاثَةً وستينَ بَدَنَةً ،وجَاءَ عَلِيّ مِنَ الْيَمَن بِبَقِيَّتِهَا فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَنَحَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ،وأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَطُبِخَتْ ،وشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا . 4- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ لَمَّا أَرَادَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْحَجَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا فَلَمَّا أَتَى الْبَيْدَاءَ أَحْرَمَ . 5- عن جَابِر قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثم مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا، ثم أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ،والْمَقَامُ بَيْنَهُ ،وبَيْنَ الْبَيْتِ، ثم أَتَى الْحَجَر بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثم خَرَجَ إِلَى الصَّفَا أَظُنُّهُ قَالَ ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ) . 6- عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا . 7- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِسُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ،وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . 8- عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّإِنَّ يَقْرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ،وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . 9- عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ،ويَمْشِي فِي سَوَادٍ ،ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ . 10-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَقَرَأَ (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) فَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ، ثم أَتَى الْحَجَر فَاسْتَلَمَهُ، ثم قَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ ،وقَرَأَ ( (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) ) . 11-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ ،وهُوَ عَلَى نَاقَتُهُ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَاإِنَّ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ ،وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي . خامساً : فِي سنن ابن ماجه: 1- عَنْ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عن زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمِّ سَلَمَة قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِكَتِفِ شَاةٍ فَأَكَلَ مِنْهُ ،وصَلَّى ،ولَمْ يَمَسَّ مَاءً . 2- عَنْ جَابِر قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِي أَرْضٍ بَارِدَةٍ فَكَيْفَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَمَّا أَنَا فَأَحْثُو عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَا . 3- عَنْ جَابِر أَنَّهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيم الَّذِي قَالَ اللَّهُ (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِك أَهَكَذَا قَرَأَ ،واتَّخِذُوا قَالَ نَعَمْ . 4- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِع قَالَ اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى بِنَا ، أبو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى ،وفِي الْآخِرَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيّ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ فَقَالَ ، أبو هُرَيْرَةَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهِمَا . 5- عَنْ جَابِر قَالَ نُفِسَتْ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍفَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَأَمَرَهَاإِنَّ تَغْتَسِلَ ،وتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ، ثم تُهِلَّ . 6- عَنْ جَابِر قَالَ كَانَتْ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَإِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ. 7- عَنْ جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحِجْرِإِلَى الْحَجَر ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا . 8- عَنْ جَابِر أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ طَوَافِ الْبَيْتِ أَتَى مَقَامَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيم الَّذِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ((واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِمَالِك هَكَذَا قَرَأَهَا (واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) ) قَالَ نَعَمْ . 9- عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَفْرَدَ الْحَجَّ . 10-جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيَّهِ سَأَلَ، عن الْقَوْمِ. حديث الحج الطويل . 11-حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ثَلَاثَ حَجَّاتٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ،وحَجَّةً بَعْدَ مَا هَاجَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ ،وقَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً ،واجْتَمَعَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ،ومَا جَاءَ بِهِ عَلِيّ مِائَةَ بَدَنَةٍ مِنْهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَنَحَرَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِيَدِهِ ثَلَاثَا وستينَ ،ونَحَرَ عَلِيّ مَا غَبَرَ قِيلَ لَهُ مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ جَعْفَر، عن أَبِيهِ، عن جَابِر ،وابْنُ أَبِي لَيْلَى، عن الْحَكَمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابْنِ عَبَّاس . 12-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ،ويَمْشِي فِي سَوَادٍ ،ويَنْظُرُ فِي سَوَادٍ. سادساً : فِي مسند الإمام أحمد بن حبنل : 1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍإِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ . 2- أَبِي، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِع ،وكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيّ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً فَصَلَّى الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةَ ،وإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَلَمَّا انْصَرَفَ مَشَيْتُإِلَى جَنْبِهِ فَقُلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ قَرَأَ بِهِمَا حِبِّي ، أبو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- . 3- عَنْ جَابِر إِنَّ الْبُدْنَ الَّتِي نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَتْ مِائَةَ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثَا وستينَ ،ونَحَرَ عَلِيّ مَا غَبَرَ ،وأَمَرَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ ، ثم شَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا . 4- عن جَابِر قَالَ سَأَلَنِي ابْنُ عَمِّكَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد ، عن غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقُلْتُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَصُبُّ بِيَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَا فَقَالَ إِنِّي كَثِيرُ الشَّعْرِ فَقُلْتُ مَهْ يَا ابْنَ أَخِي كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ ،وأَطْيَبَ . 5- أَتَيْنَا جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ،وهُوَ فِي بَنِي سَلَمَة فَسَأَلْنَاهُ، عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ . حديث الحج الطويل 6- سَأَلْتُ جَابِر ا مَتَى كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَقَالَ كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ ،وسَلَّمَ، ثم نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قَالَ جَعْفَر ،وإِرَاحَةُ النَّوَاضِحِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ . 7- سَمِعَ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه يُحدث عن حَجَّةِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ، ثم نَزَلَ، عن الصَّفَا، حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا الشِّقَّ الْآخَرَ مَشَى . 8- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه سَمِعَهُ مِنْهُ قَالَ قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَكَّةَ قَالَ فَطَافَ سَبْعًا ،ورَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَا ،ومَشَى أَرْبَعًا. 9- عَنْ جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر . 10-عَنْ جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ ،وأَطْيَبَ . 11-عن جعفر ، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ . 12- عن جعفر أَنَّ جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ،وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا ،وهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ عَزَّ ،وجَلَّ بِهِ . 13-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا ،وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا ،ويَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،وفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَن يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،ويَدْعُو ،ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ . 14-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ . 15-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ ،وبَعْضُهُ نَحَرَهُ . 16-عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر ،وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم عَادَإِلَى الْحَجَرِ، ثم ذَهَبَإِلَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا ،وصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثم رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثم رَجَعَ إِلَى الصَّفَا فَقَالَ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ عَزَّ ،وجَلَّ بِهِ . 17- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ، حَتَّى عَادَ إِلَيَّهِ . 18-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن مُعَاوِيَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُقَصِّرُ بِمِشْقَصٍ . 19-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن مُعَاوِيَةَإِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَصَّرَ بِمِشْقَصٍ. 20-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن مُعَاوِيَةَ قَالَ قَصَّرْتُ، عن رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عِنْدَ الْمَرْوَةَ . 21-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِك ابْنِ بُحَيْنَةَإِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ ،وابْنُ الْقِشْبِ يُصَلِّي فَضَرَبَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَنْكِبِهِ ،وقَالَ يَا ابْنَ الْقِشْبِ تُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا أَوْ مَرَّتَيْنِ ابْنُ جُرَيْج يَشُكُّ . 22-عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمِّ سَلَمَةَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَكَلَ كَتِفًا فَجَاءَهُ بِلَال فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ،ولَمْ يَمَسَّ مَاءً . سابعاً : فِي موطأ الإمام مَالِك: 1- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ ،وجَلَسَ بَيْنَهُمَا . 2- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ دَخَلَ عَلَى عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالسُّقْيَا ،وهُوَ يَنْجَعُ بَكَرَاتٍ لَهُ دَقِيقًا ،وخَبَطًا فَقَالَ هَذَا عُثْمَان بْنُ عَفَّانَ يَنْهَى، عنإِنَّ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ ،والْعُمْرَةِ فَخَرَجَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ،وعَلَى يَدَيْهِ أَثَرُ الدَّقِيقِ ،والْخَبَطِ فَمَا أَنْسَى أَثَرَ الدَّقِيقِ ،والْخَبَطِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَان بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ أَنْتَ تَنْهَى، عنإِنَّ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ ،والْعُمْرَةِ فَقَالَ عُثْمَان ذَلِكَ رَأْيِي فَخَرَجَ عَلِيّ مُغْضَبًا ،وهُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ ،وعُمْرَةٍ مَعًا . 3- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ . 4- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَمَلَ مِنَ الْحَجَر الْأَسْوَدِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ . 5- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ،وهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا ،وهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا . 6- ، عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا ،وقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثَا ،ويَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،ويَدْعُو ،ويَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ . 7- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا ،والْمَرْوَةَ مَشَى ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنَ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى يَخَرَجَ مِنْهُ . 8- عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقُولُ ( مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) شَاةٌ . 9- عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ ،ونَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ . 10-عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد ، عن أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ وزَنَتْ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- شَعَرَ حَسَنٍ ،وحُسَيْنٍ ،وزَيْنَبَ ،وأُمِّ كُلْثُومٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً . ثامناً : فِي سنن الدَّارِمِيّ: 1- عَنْ جَابِر فِي حَدِيثِ أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍإِنَّ يَأْمُرَهَاإِنَّ تَغْتَسِلَ ،وتُهِلَّ . 2- عَنْ جَابِر قَالَ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنَ الْحَجَرِإِلَى الْحَجَر ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ . 3- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أبو جَعْفَر دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فَسَأَلَ عن الْقَوْمِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ فَأَهْوَى. حديث الحج الطويل . تاسعاً : فِي صحيح ابن حبان : 1- عن جَابِر قَالَ كنا نصلي مَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الْجُمُعَةَ، ثم نرجع فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا فَقُلْتُ أية ساعة تلك قَالَ زَوَالَ الشَّمْسِ . 2- عن جَابِر أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى بلغ كُرَاعَ الْغَمِيمِ قَالَ فَصَامَ الناس ،وهم مشاة ،وركبان فقيل لَهُ إِنَّ الناس قَدْ شق عليهم الصوم إنما ينظرون ما تفعل فدعا بقدح فرفعهإِلَى فيه حَتَّى نظر الناس ، ثم شرب فأفطر بعض الناس ،وصام بعض فقيل للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-إِنَّ بعضهم صام فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ،واجتمع المشاة من أصحابِهِ فَقَالَوا نتعرض لدعوات رسول الله صلى الله عليه ،وسلم ،وقد اشتد السفر ،وطالت المشقة فَقَالَ لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استعينوا بالنسل فإنه يقطع علم الأرض ،وتخفون لَهُ قَالَ ففعلنا فخففنا . 3- عن عبيد الله بن أبي رافع قَالَ قلت لأبي هُرَيْرَةَ إِنَّ عَلِيّ بن أبي طالب رضوان الله عليه إذ كَانَ بالعراق يقرأ فِي صلاة الْجُمُعَةَ سورة الْجُمُعَةَ ،وإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ ، أبو هُرَيْرَةَ كذلك كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه ،وسلم قرأ . 4- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه ،وسلم خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى بلغ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ،وصام الناس، ثم دعا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فرفعه حَتَّى نظر الناس إِلَيَّه، ثم شرب فقيل لَهُ بعد ذَلِكَإِنَّ بعض الناس قَدْ صام فَقَالَ أولئك العصاة أُولَئِكَ الْعُصَاةُ قَالَ أبو حاتم -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أُولَئِكَ الْعُصَاةُ . 5- عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَمَلَ من الحجرإِلَى الحُجْر قَالَ أبو حاتم رضي الله عنه رَمَلَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بالبيت ثَلَاثَا ،ومَشَى أربعا . 6- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ إِذَا ،وقف عَلَى الصفا يكبر ثَلَاثَا ،ويقول لَا إله إِلَّا الله ،وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ،ولَهُ الْحَمْدُ ،وهو عَلَى كل شيء قدير يصنع ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،ويدعو ،ويصنع عَلَى الْمَرْوَةَ مثل ذَلِكَ . 7- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ أقام رسول الله صلى الله عليه ،وسلم تسعا بالمدينة لم يحج، ثم أذن فِي الناس بالخروج فَلَمَّا جاء ذا الْحُلَيْفَةِ صلى بذي الْحُلَيْفَةِ ،وولدت أَسْمَاء بنتِ عُمَيْسٍ مُحَمَّد بن أبي بكر فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- اغتسلي ،واسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ ،وأهلي قَالَ ففعلت فَلَمَّا اطمأن صدر راحلة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى ظهر البيداء أهل ،وأهللنا لَا نعرف إِلَّا الحج . 8- عن جَعْفَر بن مُحَمَّد ، عن أبيه قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِر بن عَبْدِ اللَّه فسأل، عن القوم حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ أنا مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحسين بن عَلِيّ بن أبي طالب فَأَهْوَى بِيَدِهِإِلَى رَأْسِي . حديث الحج الطويل . 9- عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ساق مَعَهُ مائة بدنة فَلَمَّا انصرفإِلَى الْمَنْحَرِ نحر ثَلَاثَا وستين بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر منها . 10-عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قرأ واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) . عاشراً : فِي معجم الطبراني الصغير: 1- عن جَابِر ، أِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قرأ واتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ) . 2- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْه - أِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لما قدم مكة طاف بالبيت سبعا، ثم خَرَجَ من باب الصفا فارتقى الصفا فَقَالَ نبدأ بِمَا بدأ الله بِهِ، ثم قرأ (إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) 3- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه ، : لم يكن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وآله ،وسلم يؤخر صلاة المغرب لعشاء ،ولا لغيره . أحاديث المعاملات Bookmark and Share أولاً: فِي صحيح مسلم: 1- عن يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَإِنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيَّهِ كَتَبَ إِلَيَّهِ نَجْدَةُ أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟، وهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟، ومَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم، وعَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابْنُ عَبَّاس كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم فَلَعَمْرِيإِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ إِلَيَّتْمُ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي، عن الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟، وإِنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ، حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيم كِلَاهُمَا، عن حَاتِمِ بْنِ إسماعيل، عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَإِنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خِلَالٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَان بْنِ بِلَال غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَاتِمٍ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ إلا أَن تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ، وزَادَ إسحاق فِي حديثه عن حَاتِمٍ، وتُمَيِّزَ الْمُؤْمِنَ فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ، وتَدَعَ الْمُؤْمِنَ. ثانياً: فِي سنن الترمذي: 1- عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد. 2- عن جَعْفَر بْنُ مُحَمَّد، عن أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِدِ قَالَ وقَضَى بِهَا عَلِيّ فِيكُمْ. 3- عن يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَإِنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاس يَسْأَلُهُ هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابْنُ عَبَّاس كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وكَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى، ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ. ثالثاً: فِي سنن ابن ماجه: 1- عَنْ جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِدِ 2- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أَمَرَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلُوا مِنَ اللَّحْمِ، وحَسَوْا مِنَ الْمَرَقِ. رابعاً: فِي مسند الإمام أحمد بن حَنْبَل: 1- عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُز قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُإِلَى ابْنِ عَبَّاس يَسْأَلُهُ، عن خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَإِنَّ ابْنَ عَبَّاس يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ، ولَوْلَا أَنِّي أَخَافُإِنَّ أَكْتُمَ عِلْمِي لَمْ أَكْتُبْ إِلَيَّهِ كَتَبَ إِلَيَّهِ نَجْدَةُ أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ مَعَهُ، وهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟، وهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟، ومَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيْم، وأَخْبِرْنِي، عن الْخُمُسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَدْ كَانَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ مَعَهُ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى، ولَمْ يَكُنْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، ولَكِنَّهُ كَانَ يُحْذِيهِنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، ولَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ إلا أَن تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ، وتَدَعَ الْمُؤْمِنَ، وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي، عن يُتْمِ اليَتِيْم مَتَى يَنْقَضِي، ولَعَمْرِيإِنَّ الرَّجُلَ تَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وهُوَ ضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَيَّتْمُ، وأَمَّا الْخُمُسُ فَإِنَّا كُنَّا نُرَى أَنَّهُ لَنَا فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا. 2- عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد قَالَ جَعْفَر قَالَ أَبِي، وقَضَى بِهِ عَلِيّ بِالْعِرَاقِ قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن كَانَ أَبِي قَدْ ضَرَبَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ولَمْ يُوَافِقْ أَحَدٌ الثَّقَفِيَّ عَلَى جَابِر فَلَمْ أَزَلْ بِهِ، حَتَّى قَرَأَهُ عَلِيّ، وكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ صَحَّ. خامساً: فِي موطأ الإمام مَالِك: 1- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ أَنَّ عُمَر بن الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ مَا أَدْرِي: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن ابن عَوْفٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ. 2- عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا إِلَى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وإِنْ مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ، حَتَّى يُوقَفَ فإما أَن يُطَلِّقَ، وإمّا أَن يَفِيءَ قَالَ مَالِك، وذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا. 3- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد، عن أَبِيهِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْن مَعَ الشَّاهِد. سادساً: فِي سنن الدَّارِمِيّ: 1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ جَعْفَر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُمَّ عَلَيْهِ، وسَلَّمَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الدَّائِنِ، حَتَّى يُقَضَى دَيْنُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ قَالَ وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَر يَقُولُ لِخَازِنِهِ اذْهَبْ فَخُذْ لِي بِدَيْنٍ فَإِنِّي أَكْرَهُإِنَّ أَبِيتَ لَيْلَةً إِلَّا، واللَّهُ مَعِي بَعْدَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-. 2- عن يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الْمَرْءُ أَحَقُّ بِثُلُثِ مَالِهِ يَضَعُهُ فِي أَيِّ مَالِهِ شَاءَ. أحاديث في موضوعات مختلفة Bookmark and Share أولاً: فِي صحيح مسلم: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ، ومَسَّاكُمْ، ويَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، ويَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى، ويَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثم يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ. 2- عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- تَقُولُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ، والْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وجْهِهِ، وأَقْبَلَ، وأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ، وذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنِّي خَشِيتُإِنَّ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي، ويَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ. ثانياً: فِي سنن أبي داود: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ. ثالثاً: فِي سنن النسائي: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ، ويُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثم يَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، ثم يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ، وجْنَتَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، ثم قَالَ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلِيّ، وأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ. رابعاً: فِي سنن الترمذي: 1- عن جَعْفَر بْنَ مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ الَّذِي أَلْحَدَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، أبو طَلْحَة، والَّذِي أَلْقَى الْقَطِيفَةَ تَحْتَهُ شُقْرَان مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ جَعْفَر، وأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِع قَالَ سَمِعْتُ شُقْرَان يَقُولُ أَنَا، واللَّهِ طَرَحْتُ الْقَطِيفَةَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي الْقَبْرِ. 2- عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ، والْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمَانِ فِي يَسَارِهِمَا. خامساً: فِي سنن ابن ماجه: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ، ويَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا، والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، ويَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى، ويَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكَانَ يَقُولُ: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلِيّ، وإِلَيَّ. 2- عَنْ جَابِر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلِيّ، وإِلَيَّ، وأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ سادساً: فِي مسند الإمام أحمد بن حنبل: 1- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد قَالَ كَانَ الْمَاءُ مَاءُ غُسْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حِينَ غَسَّلُوهُ بَعْدَ، وفَاتِهِ يَسْتَنْقِعُ فِي جُفُونِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَكَانَ عَلِيّ يَحْسُوهُ. 2- ِعن جَابِر قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَمِدَ اللَّهَ واثنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثم قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثم يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وتَحْمَرُّ، وجْنَتَاهُ، ويَشْتَدُّ غَضَبِهِ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ قَالَ، ثم يَقُولُ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ هَكَذَا، وأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى صَبَّحَتْكُمُ السَّاعَةُ، ومَسَّتْكُمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلِيّ، والضَّيَاعُ يَعْنِي، ولَدَهُ الْمَسَاكِينَ 3- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ، وجَلَّ، وأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد قَالَ يَحْيَى، ولَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ أَعْلَى بِهَا صَوْتَهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، ثم يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا، والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وأَوْمَأَ وصف يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ، والْوُسْطَى 4- عَنْ جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُومُ فَيَخْطُبُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ، ويُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ويَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ، وجْنَتَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبِهِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَرَثَةِ، ومَنْ تَرَكَ ضَيَاعًا أَوْ دَيْنًا فَعَلِيّ، وإِلَيَّ، وأَنَا، ولِيُّ الْمُؤْمِنِينَ. 5- عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ مَارَانِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي اتَّبَعَهُ مُوسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْه- فَقُلْتُ هُوَ الْخَضِرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْه-، وقَالَ الْفَزَارِيُّ هُوَ رَجُلٌ آخَرُ فَمَرَّ بِنَا أبي ابن كَعْبٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاس فَدَعَوْتُهُ فَسَأَلْتُهُ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَذْكُرُ الَّذِي تَبِعَهُ مُوسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ بَيْنَمَا مُوسَى جَالِسٌ فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ هَلْ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِاللَّهِ تَبَارَكَ، وتَعَالَى مِنْكَ قَالَ مَا أَرَى فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّهِ بَلَى عَبْدِي الْخَضِرُ فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَيَّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ، وتَعَالَى لَهُ الْحُوتَ آيَةًإِنَّ افْتَقَدَهُ، وكَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ، وتَعَالَى سابعاً: فِي سنن الدَّارِمِيّ: 1- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الْأَنْصَارِيِّ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فَحَمِدَ اللَّهَ واثنى عَلَيْهِ، ثم قَالَإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. 2- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ عَرْضُ الْكِتَابِ، والْحَدِيثُ سَوَاءٌ. 3- عن جَعْفَر، عن أَبِيهِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ، وابْنَهَا زَيْدًا مَاتَا فِي يَوْمٍ، واحِدٍ فَالْتَقَتِ الصَّائِحَتَانِ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرِثْ كُلُّ، واحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وأَنَّ أَهْلَ الْحَرَّةِ لَمْ يَتَوَارَثُوا، وأَنَّ أَهْلَ صِفِّينَ لَمْ يَتَوَارَثُوا ثامناً: فِي موطأ الإمام مَالِك: 1- عَنْ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد، عن أَبِيهِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ تاسعاً: صحيح ابن حبان: 1- عن جَابِر قَالَ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه، وسلم إِذَا خطب احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشتد غضبِهِ حَتَّى كأنه نذير جيش يقول صَبَّحَكُمْ، ومَسَّاكُمْ، ويقول بعثت أنا، والساعة كهاتين يفرق بين السبابة، والوسطى، ويقول أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وخير الهدي هدي مُحَمَّد، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومن ترك دينا أو ضيعة فإِلَيَّ، وعَلِيّ 2- عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تقول كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا كَانَ يوم ريح أو غيم عرف ذَلِكَ فِي، وجهه، وأَقْبَلَ، وأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سر بِهِ، وذهب ذَلِكَ عنه فسئل فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إني خشيتإِنَّ يكون عذابا سلط عَلَى أمتي 3- عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّه قَالَ كَانَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِذَا ذكر الساعة احمرت، وجنتاه، واشتد غضبِهِ، وعَلَا صَوْتُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ قَالَ صبحتم مسيتم قَالَ وكان يقول أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ومن ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فعَلِيّ، وإِلَيَّ فأنا أولى بالمؤمنين 4- عن جَابِر إِنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَمَرَ بالهدي من كل جزور بضعة فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فأكلوا من اللحم، وحسوا من المرق. عاشراً: في المعجم الصغير للطبراني: 1- عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جده عَلِيّ بن الحسين حدثتني ميمونة بنت الحارث زوج النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثمأَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بات عندها ليلتها فَقَامَ يتوضأ للصلاة فسمعته يقول فِي متوضئه لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا نصرت نصرت ثَلَاثَا فَلَمَّا خَرَجَ قلت يَا رَسُولَ الله سمعتك تقول فِي متوضئك لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا نصرت نصرت ثَلَاثَا كأنك تكلم إنسانا فهل كَانَ معك أحد فَقَالَ هَذَا راجز بني كعب يستصرخني، ويزعمإِنَّ قريشا أعانت عليهم بني بكر، ثم خَرَجَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فأمر عائشةإِنَّ تجهزه، ولا تعلم أحدا قَالَت فدخل عَلَيْهَا، أبو بكر فَقَالَ يا بنية ما هَذَا الجهاز فَقَالَ ت، والله ما أدري فَقَالَ، والله ما هَذَا زمان غزو بني الأصفر فأين يريد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَت، والله لَا علم لي قَالَت فأقمنا ثَلَاثَا، ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشده يا رب إني ناشد مُحَمَّد ا حلف أبينا، وأبيه الأتلدا إنا، ولدناك، وكنت، ولدا ثمة أسلمنا، ولم ننزع يدا إِنَّ قريشا أخلفوك الموعدا، ونقضوا ميثاقك المؤكدا ، وزعمواإِنَّ لست تدعو أحدا فانصر هداك الله نصرا أيدا ، وادع عباد الله يأتوامددا فيهم رسول الله قَدْ تجردا إِنَّ سيم خسفا، وجهه تربدا فَقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ثَلَاثَا نصرت نصرت ثَلَاثَا، ثم خَرَجَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَلَمَّا كَانَ بالروحاء نظرإِلَى سحاب منتصب فَقَالَ إِنَّ السماء هَذَا لينتصب بنصر بني كعب فَقَامَ رجل من عدي بن عَمْرُو أخو بني كعب بن عَمْرُو فَقَالَ يَا رَسُولَ الله، ونصر بني عدي فَقَالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ترب نحرك، وهل عدي إِلَّا كعب، وكعب إِلَّا عدي فاستشهد ذَلِكَ الرجل فِي ذَلِكَ السفر، ثم قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- اللَّهُمَّ. عم عليهم خبرنا حَتَّى نأخذهم بغتة، ثم خَرَجَ حَتَّى نزل بمر، وكان، أبو سُفْيَان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن، ورقاء خرجوا تلك الليلة حَتَّى أشرفوا عَلَى مر فنظر، أبو سفيانإِلَى النيران فَقَالَ يا بديل هذه نار بني كعب أهلك فَقَالَ جاشتها إِلَيَّك الحرب فأخذتهم مزينة تلك الليلة، وكانت عليهم الحراسة فسألواإِنَّ يذهبوا بِهِمإِلَى العَبَّاس بن عبد المطلب فذهبوا بِهِم فسألهم، أبو سفيانإِنَّ يستأمن لهم من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فخَرَجَ بِهِم حَتَّى دخل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فسألهإِنَّ يؤمن لَهُ من آمن فَقَالَ قَدْ آمنت من آمنت ما خلا أبا سُفْيَان فَقَالَ يَا رَسُولَ الله لَا تحُجْر عَلِيّ فَقَالَ من آمنت فهو آمن فذهب بِهِم العباسإِلَى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ثم خَرَجَ بِهِم فَقَالَ، أبو سُفْيَان إنا نريدإِنَّ نذهب فَقَالَ اسفروا، وقام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يتوضأ، وابتدر المسلمون الدفع ينتضحونه فِي، وجوههم فَقَالَ، أبو سُفْيَان يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك عظيما فَقَالَ لَيْسَ بملك، ولكنها النبوة، وفي ذَلِكَ. الخـــاتمة Bookmark and Share الحمد لله الَّذِي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة، والسلام عَلَى من لَا نبي بعده، سيدنا مُحَمَّد بن عبد الله سيد الأنبياء، والمرسلين، وعلى آله الطيبيين الطاهرين، وعلى صحابته الأخيار الأطهار، ثم أَمَّا بَعْدُ: فقد ثبت بالبحث خلال هذه الدراسة، أن الغالبية العظمى من أسانيد الإمام جَعْفَر الصادق صحيحة، إِلَّا ما ندر، وأن الرواة عنه معظمهم ثقات عدول، إِلَّا ما ندر كذلك، وقد بين الباحث ذَلِكَ فِي موضعه فِي الدراسة.وقد بلغت مرويات الإمام جَعْفَر فِي الكتب المحددة (206) حديث، منها أحاديث كثيرة مكررة فِي أكثر من كتاب، ولكن بسلسلة إسناد مختلفة، وإِذَا، ورد حديث بأكثر من إسناد، عُد كل إسناد حديث. وفي ضوء ما ثبت بالدراسة يوصي الباحث بالآتي: دراسة تراث الإمام جَعْفَر بن مُحَمَّد الصادق من الناحية الفقهية، وتنقية تراثه مما شابِهِ من المكذوب عليه، حيث إنه مذهب فقهي متكامل يعد من أقدم المذاهب الفقهية، وقد ضيعت هَذَا المذهب السياسة، وتضييق الحكام عَلَى تلاميذ الإمام الصادق. جمع الآراء الفقهية للإمام الصادق من جميع الكتب، ومقارنتها بالمذاهب الأربعة.لبيان أوجه التشابِهِ، والاختلاف، ومثل هذه الموازنة تسهم فِي إثراء البحث الفقهي الإسلامي من جهة، وفي تقريب، وجهات النظر بين أفراد الأمة المَسَلَمَة من جهة ثانية . جمع مرويات الإمام جَعْفَر الصادق فِي الحديث الشريف من كتب الفقه، والتفسير . جمع مرويات الإمام جَعْفَر من بقية كتب السنة التي لم تتناولها الدراسة الحإِلَيَّة كالمعاجم، والمسانيد، والأجزاء، وتخريجها بِهِدف إعداد موسوعة شاملة لمرويات، وفقه الإمام جَعْفَر. جمع مرويات الإمام مُحَمَّد الباقر بن عَلِيّ زين العابدين بن الحسين، والد الإمام الصادق، من كتب السنة، والتفسير، والفقه، وذلك لدراسة مدى تأثر الإمام جَعْفَر بوالده رواية، وفقهاً . تخصيص دراسة تاريخية تتناول علاقة الإمام جَعْفَر بنظم الحكم السياسية التي عاصرها، ومدى تأثير تلك العلاقة فِي التأريخ للإمام، والرواية عنه. ولا سيما علاقته بعمه زيد بن علي. وآخر دعوانا أن الْحَمْدَ لله رب العالمين
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
شبكة مشكاة الإسلامية
عودة إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله هذه رسالة نادرة لشيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله - قام بنشرها الشيخ ابو تراب الظاهرى – رحمه الله – وكذلك الاستاذ عبد القادر عطا – رحمه الله – وقد جمعنا تخريجهم للاحاديث الواردة فى الرسالة مع الاختصار واضفنا حكم العلامة الالبانى – رحمه الله – عليها . وكانت مجلة التصوف الاسلامى قد نشرت الرسالة بتعليق الشيخ ابى تراب لكنها حذفت منها القسم الاخير المتعلق بالمشاهد والقبور !!! ولقد ابقينا على العناوين الفرعية التى وضعها الاستاذ عبد القادر ، والمقدمة التى كتبها الشيخ ابى تراب . والعنوان الذى نشرته مجلة التصوف هو (فضل اهل البيت وحقوقهم ) ولا ندرى هل هو من وضعهم ام من صنيع ابى تراب ؟ ولقد نشرها ايضا الشيخ العلامة بكر ابو زيد فى كتابه جامع الرسائل المنثورة 3/69-115 . مقدمة الشيخ ابو تراب الظاهرى قال ابو تراب : هذه رسالة نادرة لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وجدتها في كناشتى ، وهي على صغر حجمها جليلة القدر ، لملمت بين ثناياها أطراف موضوعها من جميع الجوانب ، كعادة ابن تيميه إذا تكلم في مسألة فهو بحر مواج يبعد عليك الوصول إلى ساحله . ومحتوى الرسالة كما أنبنا عنه عنوانها – بيان مذهب السلف في شعبة من شعب الإيمان – التي تتعلق بأعمال القلب وهي حب أهل بيت النبوة كما دل عليه القرآن والحديث ، وقد أوضح ذلك في هذه الرسالة أتم إيضاح ، وكلامه عن ذلك في الفتاوى الكبرى ( ج3 ص154 ) وهو في العقيدة الواسطية ما نصه : ( ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث قال يوم غدير خم : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) ، وقال للعباس عمه – وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم- ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني هاشم ) . وقال في الفتاوى ( ج3 ص407 ) وهو في الوصية الكبرى ( ص297 ) ما نصه : ( آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها ، فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء ، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) ، وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء رحمهم الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ) وقد قال الله في كتابه : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس . وفي المسانيد والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس – لما شكا إليه جفوة قوم لهم – ( والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي ) وفي الصحيح أنه قال : ( إن الله اصطفى .. الحديث المذكور ) . وأورد شيخ الإسلام ابن تيميه في درجات اليقين ( ص149) قوله صلى الله عليه وسلم : ( أحبوا الله لما يغذوكم من نعمة وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي ) . وقال ابن تيميه في اقتضاء الصراط ( ص 73 ) الحجة قائمة بالحديث . وقال في ( ص89 ) وانظر إلى عمر بن الخطاب حين وضع الديوان فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونقل العلامة السيد حامد المحضار في الجزء الذي جمع فيه أقوال الشيخين ابن تيميه وابن القيم (ص23) قول شيخ الإسلام في رسالة ( رأس الحسين ) عقب حديث : ( والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) فإذا كانوا أفضل الخلق فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال. هذا والأحاديث في فضائل أهل البيت النبوي مستفيضة في المسانيد والمعاجم والسنن والمصنفات ، وفيها الضعيف والموضوع مع الصحيح ، وقد ميز بينها نقاد المحدثين ، ومعظمها في جامع المسانيد لابن كثير والجامع الكبير للسيوطي وكنز العمال للمتقى ، ونقد بعضها ابن كثير في تفسيره ( ج3 ص 483 ) ، وللمحب الطبري في ذلك تأليف مفرد سماه : ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، وانظر شرف بيت النبوة في جلاء الأفهام لابن القيم ( ص 177 ) ولغلاة الشيعة فيها تأليف مفردة فيها من المنكر شيء كثير ، وحسبنا ما صحت به الرواية ، وجاء به الحديث الثابت ، قال ابن كثير (ج4 ص 113 ) : ( ولا ننكر الوصاة بأهل البيت ، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه ، وعليّ وأهل بيته وذريته رضي الله عنهم أجمعين ) . وفي صحيح البخاري قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته . وقال لعليّ رضي الله عنهما : والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتي ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعباس : والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم ، لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب . وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه خطب فقال : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ) ، ورواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي ، وفي رواية ( كتاب الله وعترتي وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) . وروى ذلك أيضاً أبو ذر وأبو سعيد وجابر وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم وأورده ابن تيميه في الفرقان ( ص 163 ) وفي لفظ مسلم : ( أذكركم الله في أهل بيتي ) . قال الطيبي كما في تحفة الأحوذي ( ج4 ص 343 ) : لعل السر في هذه التوصية واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى : (( قل لا أسلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)) فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطاً بمحبتهم على سبيل الحصر فكأنه صلى الله عليه وسلم يوصي الأمة بقيام الشكر ، وقيد تلك النعمة به ، ويحذرهم عن الكفران ، فمن أقام بالوصية ، وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة فيهما لن يفترقا ، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردوا الحوض ، فشكر صنيعه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ هو بنفسه يكافئه ، والله تعالى يجزيه الجزاء الأوفى ، فمن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس ، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله : ( فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) ، أي : تأملوا وتفكروا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء . هذا وفي الرسالة فوائد يحرص أهل العلم على اقتناصها كمسألة إعطاء آل البيت من الزكوات . وكمسألة تخصيص أصحاب الكساء من عموم أهل البيت الذين نزلت فيهم الآية المذكورة في الأحزاب : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) وهم ذوو قرباه وأزواجه اللاتي سيقت الآيات فيهن وفي مخاطبتهن وتنظير ذلك بالمسجد الذي أسس على التقوى ، وهو مسجد قباء وعلى الأخص مسجد النبي صلى الله عليه وسلم . وكمسألة سيادة الحسن دون الحسين رضي الله عنهما وتنظير ذلك بإسحاق وإسماعيل عليهما السلام إلى غير ذلك مما تجده فيها . بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام العالم العامل فريد عصره ، مفتي الفرق ، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام العالم شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الإمام العلامة مجد الدين عبد السلام بن تيميه رضي الله عنه وأرضاه ، وأعلى درجته : هذا الكتاب إلى من يصل إليه من الإخوان المؤمنين الذين يتولون الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون . الذين يحبون الله ورسوله ، ومن أحبه الله ورسوله ، ويعرفون من حق المتصلين برسول الله ما شرعه الله ورسوله ، فإن من محبة الله وطاعته محبة رسوله وطاعته ، ومن محبة رسوله وطاعته محبة من أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمر الرسول بطاعته ، كما قال تعالى : (( يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) 1 ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إنما الطاعة في المعروف ) 2 ، وقال : ( لا [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة . 2 هذه قطعة حديث أخرجه البخاري ومسلم ، ونصه عند البخاري : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، فأغضبوه إلى شيء ، فقال : اجمعوا لي حطباً فجمعوا له ثم قال : أوقدوا ناراً فأوقدوا ثم قال : ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا ؟ قالوا : بلى ، قال : فادخلوها ، فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار ، فكانوا كذلك ، وسكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف . طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) 1 . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وهو للحمد أهل وهو على كل شيء قدير ، ونصلي على إمام المتقين ، وخاتم النبيين عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : وحدة المسلمين بالكتاب والسنة فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً بالكتاب والحكمة ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ، وقال الله تعالى : (( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) . وقال تعالى : (( واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به )) . وقال لأزواج نبيه صلى الله عليه وسلم : (( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة )) . والذي كان يتلوه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه : كتاب الله والحكمة . فكتاب الله هو القرآن ، والحكمة هي ما كان يذكره من كلامه ، وهي سنته صلى الله عليه وسلم . فعلى المسلمين أن يتعلموا هذا وهذا . وفي الحديث المشهور الذي رواه الترمذي وغيره عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ستكون فتنة . قلت : فما المخرج يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ) .2 [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 رواه أحمد والحاكم والطيالسي عن عمران بن حصين والحكم والغفاري وعبد الله بن الصامت وله مخارج آخر ، وصححه الالبانى فى الصحيحة برقم 179 2 اخرجه الترمذى و الدارمى و احمد ، وضعفه الالبانى فى ضعيف سنن الترمذى حديث رقم 554 وقال الله تعالى في كتابه : (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) ، وقال في كتابه : (( إن الذين تفرقوا وكانوا شيعا لست منهم في شيء )) . فذم الذين تفرقوا فصاروا أحزاباً وشيعاً ، وحمد الذين اتفقوا وصاروا معتصمين بحبل الله الذي هو كتابه شيعة واحدة للأنبياء كما قال تعالى : (( وإن من شيعته لإبراهيم )) ، وإبراهيم أبو الأنبياء ، كما قال : (( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )) . وقال تعالى : (( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يكن من المشركين )) ، إلى أن قال : (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركيين )) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أمته أن يقولوا إذا أصبحوا : ( أصبحنا على فطرة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ) 1 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، فلا ألفين رجلاً شبعان على أريكته يقول : بيننا وبينكم هذا القرآن ، فما وجدنا فيه من حلال حللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ) 2 . فهذا الحديث موافق لكتاب الله ، فإن الله ذكر في كتابه أنه صلى الله عليه وسلم يتلو الكتاب والحكمة ، وهي التي أوتيها مع الكتاب ، وقد أمر في كتابه بالاعتصام بحبله جميعاً ، ونهى عن التفرق والاختلاف ، و (أمر) أن نكون شيعة واحدة ، لا شيعاً متفرقين ، وقال الله تعالى في كتابه : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون )) فجعل المؤمنين إخوة ، وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل مع وجود الاقتتال والبغي . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.gif[/IMG] 1 أخرجه أحمد والطبراني والنسائي عن عبد الرحمن بن ابزى ، وصححه الالبانى فى الجامع 4550 2 رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حيان والحاكم عن أبي رافع، وأخرجه أحمد وأبو داود عن المقدام بن معد يكرب أيضاً ، صحيح المشكاة 162 وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) 1 ، وقال : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) 2 ، وشبك بين أصابعه . فهذه أصول الإسلام التي هي الكتاب والحكمة ، والاعتصام بحبل الله جميعاً ( واجب ) على أهل الإيمان للاستمساك بها . اهل البيت وخصائصهم من هم اهل البيت ؟ ولا ريب أن الله قد أوجب فيها من حرمة خلفائه وأهل بيته والسابقين الأولين ، والتابعين لهم بإحسان ما أوجب . قال الله تعالى : (( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً )) . وقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة : أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ) 3. وسنته تفسر كتاب الله وتبينه ، وتدل عليه ، وتعبر عنه . فلما قال : ( هؤلاء أهل بيتي ) مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه ، علمنا أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن ، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته ، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر ، والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بأصل الحكم ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يتفطن له يتصدق عليه ، ولا يسأل الناس إلحافاً ) . بين بذلك : أن هذا مختص بكمال المسكنة ، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة ، لوجود من يعطيه أحياناً ، مع أنه مسكين أيضاً . ويقال : هذا هو العالم ، وهذا هو العدو ، وهذا هو المسلم، لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 رواه الشيخان و الإمام أحمد . 2 أخرجه البخاري ومسلم ، عن أبي موسى . 3 اخرجه الترمذى واحمد ، صحيح الترمذى 3435 ونظير هذا في الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال : ( مسجدي هذا ) يعني مسجد المدينة . مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار : (( لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين )) . يقتضى أنه مسجد قباء . فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: ( ماهذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به ؟ فقالوا : لأننا نستنجي بالماء ) .1 لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء ، وإن كان كل منهما مؤسساً على التقوى ، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً ، فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة ، ثم يقوم بقباء يوم السبت 2، وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى . ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا ، دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصاً به ، وهم : علي ، وفاطمة ، رضي الله عنهما ، وسيدا شباب أهل الجنة ، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير ، وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله ليسبغها عليهم ، ورحمة من الله وفضل لم يبلغوهما بمجرد حولهم وقوتهم ، إذ لو كان كذلك لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يظن من يظن أنه استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له ، وهدايته إياه . وقد ثبت أيضاً بالنقل الصحيح : أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه ، وخيرهن كما أمره الله ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، ولذلك أقرهن ، ولم يطلقهن، حتى مات عنهن 3 ، ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله سبحانه وتعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده . ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال : ( إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين ، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين ) . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.gif[/IMG] 1 اخرجه احمد وابن ماجه . صحيح ابن ماجه 1/62 2 رواه الشيخان 3 رواه الشيخان وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى ( خم ) بين مكة والمدينة فقال : ( وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ) . قيل لزيد بن أرقم : ومن أهل بيته ؟ قال : الذين حرموا الصدقة : آل علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس . قيل لزيد : أكل هؤلاء أهل بيته ؟ قال : نعم ) 1 . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح أن الله لماأنزل عليه : (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً )) . سأل الصحابة : كيف يصلون عليه ؟ فقال : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )2 . وفي حديث صحيح : ( اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ) . مالهم وما عليهم : وثبت عنه أن ابنه الحسن لما تناول تمرة من تمر الصدقة قال له : ( كخ ، كخ ، أما علمت أنا آل البيت لا تحل لنا الصدقة ) 3 ، وقال : ( إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ) 4 وهذا والله أعلم من التطهير الذي شرعه الله لهم ، فإن الصدقة أوساخ الناس ، فطهرهم الله من الأوساخ ، وعوضهم بما يقيتهم من خمس الغنائم ، ومن الفيء الذي جعل منه رزق محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره : ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة ، حتى يعبد اللله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) 5 . ولهذا ينبغي أن يكون اهتمامهم بكفاية أهل البيت الذين حرمت عليهم الصدقة أكثر من اهتمامهم بكفاية الآخرين من الصدقة ، لا سيما إذا تعذر أخذهم من الخمس والفيء ، إما لقلة ذلك ، وإمـا [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image003.gif[/IMG] 1 رواه مسلم و أحمد والنسائي والترمذي . 2 رواه الشيخان . 3 رواه البخارى . 4 اخرجه الدارمى والنسائى ومالك ، صحيح صحيح الجامع 1660. 5 رواه البخارى تعليقا واحمد ، صحيح الجامع 2828 . لظلم من يستولي على حقوقهم ، فيمنعهم إياها من ولاة الظلم ، فيعطون من الصدقة المفروضة ما يكفيهم إذا لم تحصل كفايتهم من الخمس والفيء 1 . صفات اهل الفيء : وعلى الآخذين من الفيء من ذوي القربى وغيرهم أن يتصفوا بما وصف الله به أهل الفيء في كتابه حيث قال : (( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل )) الآيات . فجعل أهل الفيء ثلاثة أصناف : المهاجرين ، والأنصار ، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين بقونا بإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربينا إنك رؤوف رحيم . وذلك أن الفيء إنما حصل بجهاد المهاجرين والأنصار وإيمانهم وهجرتهم ونصرتهم ، فالمتأخرون إنما يتناولونه مخلفا عن أولئك ، مشبها بتناول الوارث ميراث أبيه ، فإن لم يكن مواليا له لم يستحق الميراث ، ( فلا يرث المسلم الكافر )2 ، فمن لم يستغفر لأولئك بل كان مبغضا لهم خرج عن الوصف الذي وصف الله به أهل الفيء ، حتى يكون قلبه مسلما لهم ، ولسانه داعيا لهم ، ولو فرض أنه صدر من واحد منهم ذنب محقق فإن الله يغفره له بحسناته العظيمة ، أو بتوبة تصدر منه ، أو يبتليه ببلاء يكفر به سيئاته ، أو يقبل في شفاعة نبيه وإخوانه المؤمنين ، أو يدعو الله بدعاء يستجيب له . سب الصحابة ... حرام على ال البيت وغيرهم : وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن حاطب بن أبي بلتعة كاتب كفار مكة لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزوهم غزوة الفتح ، فبعث إليهم إمرأة معها كتاب يخبرهم فيه بذلك ، فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فبعث عليا والزبير فأحضروا الكتاب ، فقال : ( ما هذا يا حاطب ؟ ) فقال : والله يا رسول الله ما فعلت ذلك أذى ولا كفرا ، ولكن كنــت امرأ ملصقــا من قريــش ، ولم أكــن [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.gif[/IMG] 1 قال أبو تراب : وقال بذلك أبو سعيد الأصطخري قال الرافعي : وكان محمد بن يحيى صاحب الغزالي يفتي بهذا . انظر شرح المهذب للنووي ج6 ص 227 . 2قال عبد القادر عطا :لانقطاع الموالاة بينهما لحديث اسامة بن زيد الذى اخرجه احمد والبخارى ومسلم والاربعة . من أنفسهم ، وكان من معك من أصحابك لهم قرابات يحمون بها أهليهم ، فأردت أن أتخذ عندهم يدا أحمي بها قرابتي ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق . فقال صلى الله عليه وسلم : ( إنه شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله قد اطلع عل أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) . وأنزل الله تعالى في ذلك : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة )) الآيات . وثبت في صحيح مسلم أن غلام حاطب هذا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله والله ليدخلن حاطب النار ، وكان حاطب يسىء إلى مماليكه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كذبت ، إنه قد شهد بدرا والحديبية ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل النار واحد بايع تحت الشجرة ) 1 . فهذا حاطب قد تجسس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فتح مكة التي كان صلى الله عليه وسلم يكتمها عن عدوه ، وكتمها عن أصحابه ، وهذا من الذنوب الشديدة جدا ، وكان يسيء إلى مماليكه ، وفي الحديث المرفوع ، ( لن يدخل الجنة سيء الملكة ) 2 . ثم مع هذا لما شهد بدرا والحديبية غفر الله له ورضي عنه ، فإن الحسنات يذهبن السيئات . فكيف بالذين هم أفضل من حاطب وأعظم إيماناً وعلما وهجرة وجهادا ، فلم يذنب أحد قريبا من ذنوبه ؟! . ثم إن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه روى هذا الحديث في خلافته ، ورواه عنه كاتبه عبيد الله بن أبي رافع ، وأخبر فيه أنه هو والزبير ذهبا لطلب الكتاب من المرأة الظعينة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأهل بدر بما شهد ، مع علم أمير المؤمنين بما جرى ، ليكف القلوب والألسنة عن أن تتكلم فيهم إلا بالحسنى ، فلم يأت أحد منهم بأشد مما جاء به حاطب ، بل كانوا في غالب ما يأتون به مجتهدين ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر )3 .. وهذا حديث صحيح مشهور . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جابر ومسلم عن أم بشر . 2 أخرجه الترمذي وابن ماجه واحمد ، ضعيف ضعيف ابن ماجه 3691 . 3 رواه الشيخان . وثبت عنه أيضا أنه لما كان في غزوة الأحزاب فرد الله الأحزاب بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وأمر نبيه بقصد بني قريظة قال لاصحابه( لايصلين احد منكم العصر إلافى بنى قريظة )1 ، فأدركتهم الصلاة في الطريق ، فمنهم قوم قالوا : لا نصليها إلا في بني قريظة ، ومنهم قوم قالوا : لم يرد منا تفويت الصلاة، إنما أراد المسارعة ، فصلوا في الطريق . فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحدة من الطائفتين . وكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه موافقة لما ذكره الله سبحانه وتعالى حيث قال : (( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) فأخبر سبحانه وتعالى أنه خص أحد النبيين بفهم الحكم في تلك القضية ، وأثنى على كل منهما بما اتاه من العلم والحكم . فهكذا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ورضوا عنه ، كانوا فيما تنازعوا فيه مجتهدين طالبين للحق . جهل الشيعة بمذهب الامام علي وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة )2 . وروى عنه مولاه سفينة أنه قال : ( الخلافة ثلاثون سنة ، ثم تصير ملكا ) 3 . فكان آخر الثلاثين حين سلم سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسن بن علي رضي الله عنهما الأمر إلى معاوية . وكان معاوية أول الملوك ، وفيه ملك ورحمة ، كما روى في الحديث : ( ستكون خلافة نبوة ، ثم يكون ملك ورحمة ، ثم يكون ملك وجبرية ، ثم يكون ملك عضوض ) 4. وقد ثبت عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من وجوه أنه لما قاتل أهل الجمل لم يسب لهم ذرة، ولم يغنم لهم مالا ، ولا أجهز على جريح ، ولا اتبع مدبرا ، ولا قتل أسيرا ، وأنه صلى على قتلى الطائفتين بالجمل وصفين ، وقال : ( إخواننا بغوا علينا )5 . وأخبر أنهم ليسوا بكفار ولا منافقين ، واتبع فيمـــا قاله كتاب الله وســـنة نبيــه صلى الله عليه وسلم ، فإن الله سماهـــم [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1رواه البخارى . 2رواه ابو داود و الترمذى وابن ماجه ، صحيح صحيح الترغيب 1/123 . 3رواه احمد ، صحيح صحيح الجامع 3336 . 4 اخرجه ابو داود والترمذى واحمد ، صحيح الصحيحة 5 . 5 رواه ابن ابى شيبة . إخوة وجعلهم مؤمنين في الاقتتال و البغي كما ذكر في قوله : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )). وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح أنه قال : ( تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين ، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) 1 . وهذه المارقة هم أهل حروراء ، الذين قتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه لما مرقوا من الإسلام ، وخرجوا عليه ، فكفروه ، وكفروا سائر المسلمين ، واستحلوا دمائهم وأموالهم . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة أنه وصفهم وأمر بقتالهم ، فقال : يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقرآنه مع قرآنهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لو يعلم الذين يقتلونهم ما لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل )2 . فقتلهم علي رضي الله عنه وأصحابه ، وسر أمير المؤمنين بقتلهم سرورا شديدا وسجد لله شكرا ، لما ظهر فيهم علامتهم وهو المخدج اليد ، الذي على يده مثل البضعة من اللحم ، عليها شعرات فاتفق جميع الصحابة على استحلال قتالهم ، وندم كثير منهم كابن عمر وغيره على ألا يكونوا شهدوا قتالهم مع أمير المؤمنين ، بخلاف ما جرى في وقعة الجمل وصفين ، فإن أمير المؤمنين كان متوجعا لذلك القتال ، متشكياً مما جرى ، يتراجع هو وابنه الحسن القول فيه ، ويذكر له الحسن أن رأيه ألا يفعله . فلا يستوي ما سر قلب أمير المؤمنين وأصحابه وغبطه به من لم يشهده ، مع ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه وساءه وساء قلب أفضل أهل بيته ، حب النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي قال فيه : ( اللهم إني أحبه فأحبه ، وأحب من يحبه )3 . وإن كان أمير المؤمنين هو أولى بالحق ممن قاتله في جميع حروبه . ولا يستوي القتلى الذين صلى عليهم و سماهم إخواننا ، والقتلى الذين لم يصل عليهم ، بل قيل له: من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؟ فقال : هم أهل حروراء. [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي سعيد . 2 رواه الشيخان . 3 رواه البخارى . فهذا الفرق بين أهل حروراء وبين غيرهم الذي سماه أمير المؤمنين في خلافته بقوله وفعله موافقا فيه لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو الصواب الذي لا معدل عنه لمن هدى رشده ، وإن كان كثير من علماء السلف والخلف لا يهتدون لهذا الفرقان ، بل يجعلون السير في الجميع واحدة . فإما أن يقصروا بالخوارج عما يستحقونه من البغض واللعن والقتل واما يزيدوا على غيرهم ما يستحقون من ذلك عوامل الضلال وسبب ذلك قلة العلم والفهم لكتاب الله وسنة رسوله الثابتة عنه ، وسيرة خلفائه الراشدين المهديين، وإلا فمن استهدى الله واستعانه ، وبحث عن ذلك ، وطلب الصحيح من المنقول ، وتدبر كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وسنة خلفائه رضي الله عنهم ، ولا سيما سيرة أمير المؤمنين الهادي المهدي التي جرى فيها ما اشتبه على خلق كثير فضلوا بسبب ذلك ، إما غلوا فيه ، وإما جفاء عنه ، كما روى عنه قال : ( يهلك في رجلان : محب غال يقرظني بما ليس في ، ومبغض قال يرميني بما نزهني الله منه )1 . وحد ذلك وملاك ذلك شيئان : طلب الهدى ، ومجانبة الهوى ، حتى لا يكون الإنسان ضالا وغاويا ، بل مهتديا راشدا ، قال الله تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم : (( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى )) . فوصفه بأنه ليس بضال – أي ليس بجاهل – ولا غاو – أي ولا ظالم – فإن صلاح العبد في أن يعلم الحق ويعمل به ، فمن لم يعلم الحق فهو ضال عنه . ومن علمه فخالفه واتبع هواه فهو غاو ، ومن علمه وعمل به كان من أولى الأيدي عملا ، ومن أولى الأبصار علما ، وهو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله سبحانه في كل صلاة أن نقول : (( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين )) . فالمغضوب عليهم : الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه كاليهود ، والضالون : الذين يعملون أعمال القلوب و الجوارح بلا علم كالنصارى . ولهذا وصف الله اليهود بالغواية في قوله تعالى: (( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا )) . 1رواه احمد واسناده ضعيف وجاء عند ابن ابى عاصم ( يهلك في رجلان مفرط فى حبى ومفرط فى بغضى ) وحسنه الالبانى السنة لأبى عاصم 984 . ووصف العالم الذي لم يعمل بعلمه في قوله تعالى : (( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه )) . ووصف النصارى بالضلال في قوله تعالى : (( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل )) . ووصف بذلك من يتبع هواه بغير علم حيث قال : (( وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين )) . وقال : (( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله )) . وأخبر من اتبع هداه المنزل فإنه لا يضل كما ضل الضالون ، ولا يشقى كما يشقى المغضوب عليهم فقال : (( فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى )) . قال ابن عباس : تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة . ومن تمام الهداية : أن ينظر المستهدي في كتاب الله وفيما تواتر من سنة نبيه ، وسنة الخلفاء ، وما نقله الثقات الأثبات ، ويميز بين ذلك وبين ما نقله من لا يحفظ الحديث ، أو يتهم فيه بكذب لغرض من الأغراض ، فإن المحدث بالباطل إما أن يتعمد الكذب ، أو يكذب خطأ لسوء حفظه أو نسيانه ، أو لقلة فهمه وضبطه . ثم إذا حصلت للمستهدى المعرفة بذلك تدبر ذلك ، وجمع بين المتفق منه ، وتدبر المختلف منه ، حتى يتبين أنه متفق في الحقيقة وإن كان الظاهر مختلفا ، أو أن بعضه راجح يجب اتباعه ، والآخر مرجوح ليس بدليل في الحقيقة ، وإن كان في الظاهر دليلا . أما غلط الناس فلعدم التمييز بين ما يعقل من النصوص والآثار ، أويعقل بمجرد القياس والاعتبار ، ثم إذا خالط الظن والغلط في العلم هوى النفوس ومناها في العمل صار لصاحبها نصيب من قوله تعالى: (( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى )) . وهذا سبب ما خلق الإنسان عليه من الجهل في نوع العلم ، والظلم في نوع العمل فبجهله يتبع الظن ، وبظلمه يتبع ما تهوى الأنفس . ولما بعث الله رسله وأنزل كتبه ، لهدى الناس وإرشادهم ، صار أشدهم اتباعا للرسل أبعدهم عن ذلك ، كما قال تعالى : (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم )) . ولهذا صار ما وصف الله به الإنسان لا يخص غير المسلمين دونهم ، ولا يخص طائفة من الأمة ، لكن غير المسلمين أصابهم ذلك في أصول الإيمان التي صار جهلهم وظلمهم فيها كفراناً وخسرانا مبينا، ولذلك من ابتدع في أصول الدين بدعة جليلة أصابه من ذلك أشد مما يصيب من أخطأ في أمر دقيق أو أذنب فيه ، والنفوس لهجة بمعرفة محاسنها ، ومساويء غيرها . وأما العالم العادل فلا يقول إلا الحق ، ولا يتبع إلا إياه ، ولهذا من يتبع المنقول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلفائه ، وأصحابه ، وأئمة أهل بيته ، مثل الإمام علي بن الحسين زين العابدين ، وابنه الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، وابنه الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق شيخ علماء الأمة ، ومثل أنس بن مالك ، والثوري وطبقتهما ، وجد ذلك جميعه متفقا مجتمعا في أصول دينهم ، وجماع شرائعهم ، ووجد في ذلك ما يشغله وما يغنيه عما أحدثه كثير من المتأخرين من أنواع المقالات التي تخالف ما كان عليه أولئك السلف وهؤلاء المتأخرين ، ممن ينتصب لعداوة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويبخسهم حقوقهم ، ويؤذيهم ، أو ممن يغلو فيهم غير الحق ، ويفتري عليهم الكذب ، ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم ، ورأى أن في المأثور عن أولئك السلف في باب التوحيد والصفات ، وباب العدل والقدر ، وباب الإيمان والأسماء والأحكام ، وباب الوعيد والثواب ، والعذاب ، وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما يتصل به من حكم الأمراء أبرارهم وفجارهم ، وحكم الرعية معهم ، والكلام في الصحابة والقرابة ما يبين لكل عاقل عادل أن السلف المذكورين لم يكن بينهم من النزاع في هذه الأبواب إلا من جنس النزاع الذي أقرهم عليه الكتاب والسنة كما تقدم ذكره ، وإن البدع الغليظة المخالفة للكتاب والسنة ، واتفاق أولي الأمر الهداة المهتدين إنما حدثت مع الأخلاف ، وقد يعزون بعض ذلك إلى بعض الأسلاف ، تارة بنقل غير ثابت ، وتارة بتأويل لشيء من كلامهم متشابه . ثم إن من رحمة الله أنه قل أن ينقل عنهم شيء من ذلك إلا وفي النقول الصحيحة الثابتة عنهم للقول المحكم الصريح ما يبين غلط الغالطين عليهم في النقل أو التأويل ، وهذا لأن الصراط المستقيم في كل الأمة بمنزلة الصراط في الملك ، فكمال الإسلام هو الوسط في الأديان والملك ، كما قال تعالى: (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )) لم ينحرفوا انحراف اليهود والنصارى والصابئين . فكذلك أهل الاستقامة ، ولزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما عليه السلف ، تمسكوا بالوسط ، ولم ينحرفوا إلى الأطراف ، فاليهود مثلا جفوا في الأنبياء والصديقين حتى قتلوهم وكذبوهم ، كما قال الله تعالى : (( فريقا كذبتم وفريقا تقتلون )) ، والنصارى غلوا فيهم حتى عبدوهم كما قال تعالى : (( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق )) الآية . واليهود انحرفوا في النسخ حتى زعموا أنه لا يقع من الله ولا يجوز عليه ، كما ذكر الله عنهم إنكاره في القرآن حيث قال : (( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها )) والنصارى قابلوهم فجوزوا للقسيسين والرهبان أن يوجبوا ما شاءوا ، ويحرموا ما شاءوا ، وكذلك تقابلهم في سائر الأمور . فهدى الله المؤمنين إلى الوسط ، فاعتقدوا في الأنبياء ما يستحقونه ، ووقروهم ، وعزروهم ، وأحبوهم ، وأطاعوهم ، واتبعوهم ، ولم يردوهم كما فعلت اليهود ، ولا أطروهم ولا غلوا بهم فنزلوهم منزلة الربوبية كما فعلت النصارى ، وكذلك في النسخ ، جوزوا أن ينسخ الله ، ولم يجوزوا لغيره أن ينسخ ، فإن الله له الخلق والأمر ، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره . وهكذا أهل الاستقامة في الإسلام المعتصمون بالحكمة النبوية ، والعصبة الجماعية ، متوسطون في باب التوحيد والصفات بين النفاة المعطلة وبين المشبهة الممثلة ، وفي باب القدر والعدل والأفعال بين القدرية والجبرية والقدرية والمجوسية ، وفي باب الأسماء والأحكام بين من أخرج أهل المعاصي من الإيمان بالكلية كالخوارج أهل المنزلة ، وبين من جعل إيمان الفساق كإيمان الأنبياء والصديقين كالمرجئة والجهمية ، وفي باب الوعيد والثواب والعقاب بين الوعيديين الذين لا يقولون بشفاعة نبينا لأهل الكبائر ، وبين المرجئة الذين لا يقولون بنفوذ الوعيد . وفي باب الإمامة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الذين يوافقون الولاة على الإثم والعدوان ، ويركنون إلى الذين ظلموا ، وبين الذين لا يرون أن يعاونوا أحدا على البر والتقوى، لا على جهاد ولا على جمعة ولا أعياد إلا أن يكون معصوما ، ولا يدخلوا فيما أمر الله به ورسوله إلا في طاعة من لا وجود له . فالأولون يدخلون في المحرمات ، وهؤلاء يتركون واجبات الدين ، وشرائع الإسلام ، وغلاتهم يتركونها لأجل موافقة من يظنونه ظالماً ، وقد يكون كاملاً في علمه وعدله . اهل الاستقامة ... عند المصيبة وأهل الاستقامة والاعتدال يطيعون الله ورسوله بحسب الإمكان ، فيتقون الله ما استطاعوا ، ولا يتركون ما أمروا به لفعل غيرهم ما نهى عنه ، بل كما قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) . ولا يعاونون أحدا على المعصية ، ولا يزيلون المنكر بما هو أنكر منه ، ولا يأمرون بالمعروف إلا بالمعروف ، فهم وسط في عامة الأمور ، ولهذا وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم الطائفة الناجية لما ذكر اختلاف أمته وافتراقهم . ومن ذلك أن اليوم الذي هو يوم عاشوراء الذي أكرم الله فيه سبط نبيه ، وأحد سيدي شباب أهل الجنة بالشهادة على أيدي من قتله من الفجرة الأشقياء ، وكان ذلك مصيبة عظيمة من أعظم المصائب الواقعة في الإسلام . وقد روى الإمام أحمد وغيره عن فاطمة بنت الحسين وقد كانت شهدت مصرع أبيها ، عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنه ، عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت ، فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها ) 1 . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه احمد وابن ماجه ، ضعيف جدا ضعيف ابن ماجه 1600 . فقد علم الله أن مثل هذه المصيبة العظيمة سيتجدد ذكرها مع تقادم العهد ، فكان من محاسن الإسلام أن روى هذا الحديث صاحب المصيبة والمصاب به أولا ، ولا ريب أن ذلك إنما فعله الله كرامة للحسين رضي الله عنه ، ورفعا لدرجته ومنزلته عند الله ، وتبليغا له منزل الشهداء ، وإلحاقا له بأهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء ، ولم يكن الحسن والحسين حصل لهما من الابتلاء ما حصل لجدهما ولأمهما وعمهما ، لأنهما ولدا في عز الإسلام ، وتربيا في حجور المؤمنين ، فأتم الله نعمته عليهما بالشهادة ، أحدهما مسموما ، والآخر مقتولا ، لأن الله عنده من المنازل العالية في دار كرامته ما لا ينالها إلا أهل البلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سل : أي الناس أشد بلاء ؟ فقال : ( الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة خفف عنه ، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة ) 1 . وشقي بقتله من أعان عليه ، أو رضي به ، فالذي شرعه الله للمؤمنين عند الإصابة بالمصاب وإن عظمت أن يقولوا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وقد روى الشافعي في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات وأصاب أهل بيته من المصيبة ما أصابهم ، سمعوا قائلا يقول : يا آل بيت رسول الله ، إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب .. فكانوا يرونه الخضر جاء يعزيهم بالنبي صلى الله عليه وسلم. فأما اتخاذ المآتم في المصائب ، واتخاذ أوقاتها مآتم ، فليس من دين الإسلام ، وهو أمر لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من السابقين الأولين ، ولا من التابعين لهم بإحسان ، ولا من عادة أهل البيت ، ولا غيرهم ، وقد شهد مقتل علي أهل بيته ، وشهد مقتل الحسين من شهده من أهل بيته ، وقد مرت على ذلك سنون كثيرة ، وهم متمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يحدثون مأتما ولا نياحة ، بل يصبرون ويسترجعون كما أمر الله ورسوله ، أو يفعلون ما لا بأس به من الحزن والبكـاء عند قـــرب المصـــيبة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما كان من العين والقلـــــب فمـــن الله ، وما كان من اليـــد واللســـــان [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه الإمام أحمد ، والترمذي ، وابن ماجة ، صحيح صحيح الترغيب 3/329 . فمن الشيطان )1 ، وقال : ( ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية )2، يعني مثل قول المصاب : يا سنداه يا ناصراه ، يا عضداه . وقال : ( إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تلبس يوم القيامة درعا من جرب ، وسربالا من قطران ) 3. وقال : ( لعن الله النائحة والمستمعة إليها )4 . وقد قال في تنزيله : (( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم )) . وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم قوله : (( ولا يعصينك في معروف )) بأنها النياحة . وتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من الحالقة والصالقة . والحالقة : التي تحلق شعرها عند المصيبة ، والصالقة : التي ترفع صوتها عند المصيبة . وقال جرير بن عبد الله : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام للناس من النياحة ، وإنما السنة : أن يصنع لأهل الميت طعام ، لأن مصيبتهم تشغلهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نعى جعفر بن أبي طالب لما استشهد بــمؤتة فقال : ( اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم ) 5. وهكذا ما يفعل قوم آخرون يــوم عاشـــوراء من الاكــتحال والاختضاب أو المصافحة والاغتســـال ، فهو بدعة أيضا لا أصل لها ، ولم يذكرها أحد من الأمــة المشهورين ، وإنــما روى فيها حديث : ( من اغتسل يــوم عاشوراء لم يمرض تلك السنة ، ومن اكتحــل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام ) 6 ونـــحو ذلك ، ولكن الــذي ثبت [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 اخرجه ابو نعيم ، وهو ضعيف جدا . 2 أخرجه الشيخان واحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة . 3 رواه مسلم . 4 اخرجه احمد وابو داود ، ضعيف ضعيف الجامع 4693 . 5 اخرجه الترمذى وابن ماجه ، حسن صحيح الجامع 1026 . 6 موضوع الضعيفة 2/89 . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه وقال صلى الله عليه وسلم : ( صومه يكفر سنة ) 1 ، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله أنجى فيه موسى وقومه ، وأغرق فرعون وقومه ، وروى أنه كان فيه حوادث الأمم .. فمن كرامة الحسين أن الله جعل استشهاده فيه. وقد يجمع الله في الوقت شخصا أو نوعا من النعمة التي توجب شكرا ، أو المحنة التي توجب صبرا، كما أن سابع عشر شهر رمضان فيه كانت وقعة بدر ، وفيه كان مقتل علي .. وأبلغ من ذلك: أن يوم الاثنين في ربيع الأول مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه هجرته ، وفيه وفاته . والعبد المؤمن يبتلى بالحسنات التي تسره ، والسيئات التي تسوءه في الوقت الواحد ، ليكون صبارا، شكورا ، فكيف إ‘ذا وقع مثل ذلك في وقتين متعددين من نوع واحد . ويستحب صوم التاسع والعاشر ، ولا يستحب الكحل ، والذين يصنعونه من الكحل من أهل الدين لا يقصدون به مناصبة أهل البيت ، وإن كانوا مخطئين في فعلهم ، ومن قصد منهم أهل البيت بذلك أو غيره ، أو فرح ، أو استشفى بمصائبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي ) 2 ، لما شكا إ‘ليه العباس أن بعض قريش يجفون بني هاشم وقال : ( إن الله اصطفى قريشا من بني كنانة ، واصطفى بني هاشم من قريش ، واصطفاني من بني هاشم ) 3 . وروى عنه أنه قال : ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) 4 . وهذا باب واسع يطول القول فيه . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.gif[/IMG] 1 أخرجه أحمد ومسلم والترمذي . 2 احمد والترمذى مع اختلاف فى الالفاظ , ضعيف ضعيف الترمذى 774 . 3 أخرجه مسلم والترمذي عن واثلة . 4 أخرجه الترمذي والحاكم ، ضعيف ضعيف الجامع 176. بدع وضلالات وكان سبب هذه المواصلة أن بعض الإخوان قدم بورقة فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر سادة أهل البيت ، وقد أجرى فيها ذكر النذور لمشهد المنتظر ، فخوطب من فضائل أهل البيت وحقوقهم ، بما سر قلبه ، وشرح صدره ، وكان ما ذكر بعض الواجب ، فإن الكلام في هذا طويل ، ولم يحتمل هذا الحامل أكثر من ذلك . وخوطب فيما يتعلق بالأنساب والنذور بما يجب في دين الله ، فسأل المكاتبة بذلك إلى من يذهب إليه من الإخوان ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ) ، قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ، ولكتابه ، ولرسـوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم) 1. أما ورقة الأنساب والتواريخ ففيها غلط في مواضع متعددة ، مثل ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في صفر ، وأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عمرو بن العلاء بن هاشم ، وأن جعفر الصادق توفي في خلافة الرشيد وغير ذلك . فإنه لا خلاف بين أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في شهر ربيع الأول ، شهر مولده وشهر هجرته ، وأنه توفي يوم الاثنين وفيه ولد ، وفيه أنزل عليه . وجده هاشم بن عبد مناف ، وإنما كان هاشم يسمى عمرا ، ويقال له : عمرو العلا ، كما قال الشاعر : عمر العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف وأن جعفرا أبا عبد الله توفي في سنة ثمان وأربعين في إمارة أبي جعفر المنصور ، وأما المنتظر فقد ذكر طائفة من أهل العلم بأنساب أهل البيت : أن الحسن ابن علي العسكري لما توفي بعسكر سامراء لم يعقب ولم ينسل ، وقال من أثبته : إن أباه لما توفي في سنة ستين ومائتين كان عمره سنتين أو أكثر من ذلك بقليل ، وأنه غاب من ذلك الوقت وأنه من ذلك الوقت حجة الله على أهل الأرض ، لا يتم الإيمان إلا به ، وأنه هو المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه يعلم كل ما يفتقر إليه الدين . وهذا موضع ينبغي للمسلم أن يثبت فيه ، ويستهدي الله ويستعينه ، لأن الله قد حرم القول بغير [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 رواه الشيخان . علم ، وذكر أن ذلك من خطوات الشيطان وحرم القول المخالف للحق ، ونصوص التنزيل شاهدة بذلك ، ونهى عن اتباع الهوى . فأما المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواه أهل العلم العالمون بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، الحافظون لها ، الباحثون عنها وعن رواتها ، مثل أبي داود ، والترمذي ، وغيرهما ، ورواه الإمام أحمد في مسنده . فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي ، يوطيء اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ) 1 . وروى هذا المعنى من حديث أم سلمة وغيرها . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ( المهدي من ولد ابني هذا ) . وأشار إلى الحسن. وقال صلى الله عليه وسلم : ( يكون في آخر الزمان خليفة يحثو المال حثوا ) 2 . وهو حديث صحيح . فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اسمه محمد بن عبد الله ، ليس محمد بن الحسن . ومن قال : إن أبا جده الحسين ، وإن كنيته الحسين أبو عبد الله فقد جعل الكنية اسمه ، فما يخفى على من يخشى الله أن هذا تحريف الكلم عن مواضعه ، وأنه من جنس تأويلا القرامطة ، وقول أمير المؤمنين صريح في أنه حسني لا حسيني ، لأن الحسن والحسين مشبهان من بعض الوجوه بإسماعيل وإسحاق ، وإن لم يكونا نبيين ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهما : ( أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة )3 . ويقول : ( إن إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق ) . وكان إسماعيل هو الأكبر والأحلم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على المنبر والحسن معه على المنبر : ( إن ابني هذا سيد ، وسيصــــلح الله به فئتين عظيمتين من [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه أبو داود واحمد والترمذى ، وانظر في أحاديث هذا الباب ، تحفة الأحوذي وله شواهد كثيرة وأنه من ولد فاطمة .صحيح الجامع 5180 2 رواه أحمد ومسلم . 3 رواه البخارى . المسلمين ) 1 . فكما أن غالب الأنبياء كانوا من ذرية إسحاق ، فهكذا كان غالب السادة الأئمة من ذرية الحسين ، وكما أن خاتم الأنبياء الذي طبق أمره مشارق الأرض ومغاربها كان من ذرية إسماعيل ، فكذلك الخليفة الراشد المهدي الذي هو آخر الخلفاء يكون من ذرية الحسن . وأيضا فإن من كان ابن سنتين كان في حكم الكتاب والسنة مستحقا أن يحجر عليه في بدنه ، ويحجر عليه في ماله ، حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد ، فإنه يتيم ، وقد قال الله تعالى : (( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم )) . فمن لم تفوض الشريعة إليه أمر نفسه كيف تفوض إليه أمر الأمة ؟ وكيف يجوز أن يكون إماما على الأمة من لا يرى ولا يسمع له خبر ؟ مع أن الله لا يكلف العباد بطاعة من لا يقدرون على الوصول إليه ، وله أربعمائة وأربعون سنة ينتظره من ينتظره وهو لم يخرج، إذ لا وجود له . وكيف لم يظهر لخواصه وأصحابه المأمونين عليه كما ظهر آباؤه ، وما الموجب لهذا الاختفاء الشديد دون غيره من الآباء ؟ وما زال العقلاء قديما وحديثا يضحكون بمن يثبت هذا ، ويعلق دينه به ، حتى جعل الزنادقة هذا وأمثاله طريقا إلى القدح في الملة ، وتسفيه عقول أهل الدين إذا كانوا يعتقدون مثل هذا . لهذا قد اطلع أهل المعرفة على خلق كثير منافقين زنادقة بإظهار هذا وأمثاله ، ليستميلوا قلوب وعقول الضعفاء ، وأهل الأهواء ، ودخل بسبب ذلك من الفساد ما الله به عليم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والله يصلح أمر هذه الأمة ويهديهم ويرشدهم . النذور للمشاهد والمساجد : (( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين )) . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه البخاري . وقال تعالى : (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين )) . وقال تعالى : (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة )) . وقال : (( وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا )) . وقال : (( ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا )) . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ) 1 . وقال : ( وبشر المشائين في ظلم الليل إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) 2 . وقال : ( من غدا إلى المسجد أو راح ، أعد الله له نزلا كلما غدا أو راح ) 3 . وقال : ( صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين درجة )4 . وقال : ( من تطهر في بيته فأحسن الطهور ، وخرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة ، كانت خطوتاه إحداهما ترفع درجة ، والأخرى تضع خطيئة )5 . وقال : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وماكان أكثر أحب إلى الله ) 6 . وقال : ( سيكون عليكم أمراء يؤخرن الصلاة عن وقتها ، فصلوا الصلاة لوقتها ، ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة )7 . 1 رواه مسلم . 2 اخرجه ابن ماجه ، صحيح صحيح الجامع 2820 . 3 أخرجه البخاري . 4 أخرجه البخاري . 5 أخرجه البخاري . 6 أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي ، صحيح صحيح ابو داود 1/111 . 7 أخرجه مسلم . وقال : ( يصلون لكم ، فإن أحسنوا فلكم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم ) . وهذا باب واسع جدا . وقال أيضا : ( لعن الله اليهود ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) 1. يحذر مما فعلوا . قالوا : ولولا ذلك لأبرز قبره ، ولكن كره أن يتخذ مسجدا . وهذا قاله في مرضه . وقال قبل موته بخمس : ( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ، ألا فلا تتخذون القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك ) 2 . ولما ذكر كنيسة الحبشة قال : ( أولئك إذا مات الرجل فيهم بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك التصاوير ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) 3 . وكل هذه الأحاديث في الصحاح المشاهير . وقال أيضا : ( لعن الله زوارات القبور ، والمتخذين عليها المساجد والسرج )4 . رواه الترمذي وغيره وقال : حديث حسن . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن الذين يتخذون على القبور والمساجد ، ويسرجون عليها الضوء ، فكيف يستحل مسلم أن يجعل هذا طاعة وقربة ؟!! وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني ألا أدع قبر مشرفا إلا سويته ، ولا تمثالا إلا طمسته ) . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ) 5 . وقال : ( لا تتخذوا قبري عيدا ، وصلوا عليّ حيثما كنتم ، فإن صلاتكم تبلغني ) 6 . فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاجتماع عند قبره . وأمر بالصلاة عليه في جميع المواضع ، فإن الصلاة عليه تصل إليه من جميع المواضع . وهذه الأحاديث رواها أهل بيته ، مثل : علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي ، ومثل : عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image003.gif[/IMG] 1 رواه الشيخان . 2 رواه الشيخان . 3 رواه الشيخان . 4 اخرجه الترمذى ، ضعيف الضعيفة 225 . والجملة الاولى ثابتة عن النبى عليه الصلاة والسلام . 5 رواه مالك واحمد ، صحيح تحذير الساجد 18 . 6 رواه ابو داود واحمد ، صحيح صحيح ابو داود 1/383 . فكانوا هم وجيرانهم من علماء أهل المدينة ينهون عن البدع التي عند قبره أو غير قبر غيره ، امتثالا لأمره ، ومتابعة لشريعته . فإن من مبدأ عبادة الأوثان : العكوف على الأنبياء و الصالحين ، والعكوف على تماثيلهم ، وإن كانت وقعت بغير ذلك . وقد ذكر الله في كتابه عن المشركين أنهم قالوا : (( لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا )) . وقد روى طائفة من علماء السلف أن هؤلاء كانوا قوما صالحين ، فلما ماتوا بنوا على قبورهم ، ثم صوروا تماثيلهم . وكذلك قال ابن عباس في قوله : (( أفرأيتم اللات والعزى . ومنات الثالثة الأخرى )) . قال ابن عباس : كان اللات رجلا يلت السويق للحجاج ، فلما مات عكفوا على قبره ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ) . ونهى أن يصلى عند قبره . ولهذا لما بنى المسلمون حجرته حرفوا مؤخرها ، وسنموه لئلا يصلي إليه احد فإنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها ) رواه مسلم . وكان صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى أهل البقيع يسلم عليهم ، ويدعو لهم . وعلم أصحابه أن يقولوا إذا زاروا القبور : ( سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، وإن شاء الله بكم لاحقون ، ويرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل الله لكم العافية ، اللهم آجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم ) 1 . هذا مع أن في البقيع إبراهيم وبناته أم كلثوم ورقية ، وسيدة نساء العالمين فاطمة ، وكانت إحداهن دفنت فيه قديما قريبا من غزوة بدر ، ومع ذلك فلم يحدث على أولئك السادة شيئا من هذه المنكرات ، بل المشروع التحية لهم ، والدعاء بالاستغفار وغيره . وكذلك في حقه ، أمر بالصلاة والسلام عليه من القرب والبعد ، وقال : ( أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة ، فإن صلاتكم معروضة علي . قالوا : كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ يعني : بليت . قال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )2 . وقال : ( ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ) 3 . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه مسلم . 2 أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة في كتاب والدارمي صحيح صحيح ابو داود 1/196 3 ضعيف رواه ابن الجوزى فى العلل المتناهية و ضعفه . وكل هذه الأحاديث ثابتة عن أهل المعرفة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم . فالدعاء والاستغفار يصل إلى الميت عند قبره وغير قبره ، وهو الذي ينبغي للمسلم أن يعامل به موتى المسلمين من الدعاء لهم بأنواع الدعاء ، كما كان في حياته يدعو لهم . وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا أن نصلي عليه ونسلم تسليما في حياته ومماته ، وعلى آل بيته . وأمرنا أن ندعو للمؤمنين والمؤمنات في محياهم ومماتهم ، عند قبورهم وغير قبورهم . ونهانا الله أن نجعل لله أندادا ، أو نشبه بيت المخلوق الذي هو قبره ببيت الله الذي هو الكعبة البيت الحرام ، فإن الله أمرنا أن نحج ونصلي إليه ، ونطوف به ، وشرع لنا أن نستلم أركانه ، ونقبل الحجر الأسود الذي جعله الله بمنزلة يمينه . قال ابن عباس : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، فمن استلمه وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه )1 . وشرع كسوة الكعبة ، وتعليق الستار عليها ، وكان يتعلق من يتعلق بأستار الكعبة كالمتعلق بأذيال المستجير به ، فلا يجوز أن تضاهى بيوت المخلوقين ببيت الخالق . ولهذا كان السلف ينهون من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبله ، بل يسلم عليه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، ويصلي عليه كما كان السلف يفعلون . فإذا كان السلف أعرف بدين الله وسنة نبيه وحقوقه ، وحقوق السابقين والتابعين من أهل البيت وغيرهم ، ولم يفعلوا شيئا من هذه البدع التي تشبه الشرك وعبادة الأوثان ، لأن الله ورسوله نهاهم عن ذلك ، بل يعبدون الله وحده لا شريك له ، مخلصين له الدين كما أمر الله به ورسوله ، ويعمرون بيوت الله بقلوبهم وجوارحهم من الصلاة والقراءة ، والذكر والدعاء وغير ذلك . فكيف يحل للمسلم أن يعدل عن كتاب الله ، وشريعة رسوله ، وسبيل السابقين من المؤمنين ، إلى ما أحدثه ناس آخرون ، إما عمدا وإما خطأ . فخوطب حامل هذا الكتاب بأن جميع هذه البدع التي على قبور الأنبياء والسادة من آل البيت والمشايخ المخالفة للكتاب والسنة ، ليس للمسلم أن يعين عليها ، هذا إذا كانت القبور صحيحة ، فكيف وأكثر هذه القبور مطعون فيها ؟ . وإذا كانت هذه النذور للقبور معصية قد نهى الله عنها ورسوله والمؤمنون السابقون ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يعطي الله فليطعـــمه ، ومن نذر أن يعصــى الله فلا 1 هذا الاثر منكر الضعيفة 1/350 . يعصيه )1 . وقال صلى الله عليه وسلم : ( كفارة النذر كفارة اليمين ) 2 . وهذا الحديث في الصحاح . فإذا كان النذر طاعة لله ورسوله ، مثل أن ينذر صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو نحو ذلك ، فهذا عليه أن يعني به . وإذا كان المنذر معصية كفرا أو غير كفر ، مثل : أن ينذر للأصنام كالنذور التي بالهند ، ومثلما كان المشركون ينذرون لآلهتهم ، مثل : اللات التي كانت بالطائف ، والعزى التي كانت بعرفة قريبا من مكة ، ومناة الثالثة الأخرى التي كانت لأهل المدينة . وهذه المدائن الثلاث هي مدائن أرض الحجاز ، كانوا ينذرون لها النذور ، ويتعبدون لها ، ويتوسلون بها إلى الله في حوائجهم ، كما أخبر عنهم بقوله : (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) . ومثلما ينذر الجهال من المسلمين لعين ماء ، أو بئر من الآبار ، أو قناة ماء أو مغارة ، أو حجر ، أو شجرة من الأشجار ، أو قبر من القبور ، وإن كان قبر نبي أو رجل صالح ، أو ينذر زيتا أو شمعا أو كسوة أو ذهبا ، أو فضة لبعض هذه الأشياء ، فإن هذا كله نذر معصية لا يوفى به . لكن من العلماء من يقول : على صاحبه كفارة يمين ، لما روى أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين )3 وفي الصحيح عنه أنه قال : ( كفارة النذر كفارة يمين ) 4 . وإذا صرف من ذلك المنذور شيء في قربة من القربات المشروعة كان حسنا ، مثل : أن يصرف الدهن إلى تنوير بيوت الله ، ويصرف المال والكسوة إلى من يستحقه من المسلمين ومن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسائر المؤمنين ، وفي سائر المصالح التي أمر الله بها ورسوله . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] 1 أخرجه البخاري . 2 أخرجه مسلم . 3 رواه مسلم . 4 رواه مسلم . وإذا اعتقد بعض الجهال أن بعض هذه النذور المحرمة قد قضت حاجته بجلب المنفعة من المال والعافية ونحو ذلك ، أو بدفع المضرة من العدو ونحوه ، فقد غلط في ذلك . فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال : ( إنه لا يأتي بخير ، ولكنه يستخرج به من البخيل ) 1 . فعد النذر مكروها ، وإن كان الوفاء به واجبا إذا كان المنذور طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج من البخيل ، وهذا المعنى قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، فيما كان قربة محضة لله ، فكيف بنذر شرك ؟ فإنه لا يجوز نذره ولا الوفاء به . وهذا وإن كان قد عمر الإسلام ، وكثر العكوف على القبور التي هي للصالحين من أهل البيت وغيرهم ، فعلى الناس أن يطيعوا الله ورسوله ، ويتبعوا دين الله الذي بعث به نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، ولا يشرعوا من الدين مالم يأذن به الله ، فإن الله إنما أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ، وليعبدوا الله وحده لا شريك له . كما قال تعالى : (( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون )) . وقال تعالى : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب )) . وقال تعالى : (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة )) وقال تعالى في حق الذين كانوا يدعون الملائكة والنبيين : (( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا . أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا )) . وقال : (( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا من دون الله أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون )) . [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 أخرجه البخاري ورد على من اتخذ شفعاء من دونه فقال : (( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون . وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون . قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون )) . وقال : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون )) . وقال تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) . وقال : (( وكــم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )) . وقال تعالى : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )) . قال : (( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له )) . وكتب الله من أولها إلى آخرها تأمر بإخلاص الدين لله ، ولا سيما الكتاب الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم أو الشريعة التي جاء بها ، فإنها كملت الدين . قال تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) . وقال : (( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون )) . وقد جعل قوام الأمر بالإخلاص لله ، والعدل في الأمور كلها ، كما قال تعالى : (( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون . فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة )) . ولقد خلص النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد من دقيق الشرك وجليله ، حتى قال : ( من حلف بغير الله فقد أشرك )1 رواه الترمذي وصححه . وقال : ( إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت )2 . وهذا مشهور في الصحاح . وقال : ( ولا يقولن أحدكــم ما شاء الله وشاء محمد ، ولكن قولوا : ما شاء الله ، ثم شاء محمد )3 . وقال له رجل : ما شاء الله وشئت ، فقال : ( أجعلتني لله ندا ؟ بل ما شاء الله وحده ) 4 . وروي عنه أنه قال : ( الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل ) 5 . وروي عنه أن الرياء شرك 6 . وقال تعالى : (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) . وعلّم بعض أصحابه أن يقول : ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ) . ومن هذا الباب الذين يسألون الصدقة أو يعطونها لغير الله ، مثل من يقول : لأجل فلان ، إما بعض الصحابة ، أو بعض أهل البيت ، حتى يتخذ السؤال بذلك ذريعة إلى أكل أموال الناس بالباطل، ويصير قوم ممن ينتسب إلى السنة يعطي الآخرين ، والشيطان قد استحوذ على الجميع ، فإن الصدقة وسائر العبادات لا يشرع أن تفعل إلا لله ، كما قال تعالى : (( وسيجنبها الأتقى . الذي يؤتي ماله يتزكى . وما لأحد عنده من نعمة تجزى . إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . ولسوف يرضى )) . وقال تعالى : (( وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون )) . وقال : (( مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] 1 أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي و أحمد ، صحيح صحيح الجامع 6080 . 2 أخرجه أحمد والترمذي ، صحيح صحيح الجامع 1919 . 3 أخرجه الدارمي وابن ماجة و أحمد ، صحيح الصحيحة 1/264 . 4 أخرجه الإمام أحمد ، حسن الصحيحة 1/266 . 5 أخرجه الإمام أحمد ، صحيح صحيح الجامع 3624 . . 6 أخرجه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد ، صحيح صحيح الترغيب 1/120. أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل )) . وقال : (( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا )) . وقال تعالى كلمة جامعة : (( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة . وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) . وعبادته تجمع الصلاة وما يدخل فيها من الدعاء والذكر ، وتجمع الصدقة والزكاة بجميع الأنواع، من الطعام واللباس والنقد وغير ذلك . والله يجعلنا وسائر اخواننا المؤمنين مخلصين له الدين ، نعبده ولا نشرك به شيئا ، معتصمين بحبله ، متمسكين بكتابه ، متعلمين لما أنزل من الكتاب والحكمة ، ويصرف عنا شياطين الجن و الإنس ، ويعيذنا أن تفرق بنا عن سبيله ، ويهدينا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا . الفهرس مقدمة الشيخ ابو تراب ............................................….. 3 اول كتاب حقوق ال البيت .............................................. 6 وحدة المسلمين بالكتاب والسنة .......................................... 7 اهل البيت و خصائصهم ................................................. 9 صفات اهل الفيء .................................................. ..... 12 سب الصحابة حرام على اهل البيت وغيرهم ............................ 12 جهل الشيعة بمذهب الامام على .......................................... 14 عوامل الضلال .................................................. ........ 16 اهل الاستقامة عند المصيبة ............................................... 19 بدع وضلالات .................................................. ....... 23
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
قضيـــــــــــــــــــــــــــــة الخمس في كتب السنــــــــــــة
- باب في صفايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الأموال
2963ـ حدثنا الحسن بن علي، ومحمد بن يحيى بن فارس، المعنى قالا: ثنا بشر بن عمر الزهراني قال: حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: أرسل إليَّ عمر حين تعالى النهار، فجئته فوجدته جالساً على سرير مُفْضياً إلى رماله، فقال حين دخلت عليه: يامال، إنه قد دفَّ أهل بيات من قومك، وإني قد أمرت فيهم بشىء فاقسِمْ فيهم، قلت: لو أمرت غيري بذلك، فقال: خذه، فجاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقَّاص؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعليّ؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، قال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا يعني عليّاً فقال بعضهم: أجل يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرحهما. قال مالك بن أوس: خُيِّل إليَّ أنهما قدَّما أولئك النفر لذلك، فقال عمر رضي اللّه عنه: اتَّئدا ، ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" قالوا: نعم، ثم أقبل على عليّ والعباس رضي اللّه عنهما! فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" فقالا: نعم، قال: فإِن اللّه خصَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخاصَّة لم يخصَّ بها أحداً من الناس، فقال اللّه تعالى: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ، ولكنَّ اللّه يسلِّط رسله على من يشاء، واللّه على كلِّ شىءٍ قديرٌ} وكان اللّه أفاء على رسوله بني النضير، فواللّه ما استأثر بها عليكم ولا أخذها دونكم، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأخذ منها نفقة سنة، أو نفقته ونفقة أهله سنة، ويجعل ما بقي أسوة المال، ثم أقبل على أولئك الرَّهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعليّ رضي اللّه عنهما فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، فلما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر رضي اللّه عنه تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر [رحمه اللّه]: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" واللّه يعلم إنه لصادقٌ بارٌّ راشد تابع للحق فوليها أبو بكر، فلما توفي [أبو بكر] قلت: أنا وليُّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووليُّ أبي بكر، فولِيتُها ما شاء اللّه أن أَلِيَها، فجئت أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فسألتمانيها فقلت: إن شئتما أن أدفعها إليكما على أنَّ عليكما عهد اللّه أن تلِيَاها بالذي كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يليها، فأخذتماها مني على ذلك، ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك، واللّه لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإِن عجزتما عنها فرُدّاها إليّ. قال أبو داود: إنّما سألاه أن يكون يُصَيّره بينهما نصفين، لا أنهما جهلا أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" فإِنهما كانا لا يطلبان إلا الصواب، فقال عمر: لا أوقع عليه اسم القسم، أدعه على ما هو عليه. 2964ـ حدثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بهذه القصة قال: وهما يعني عليّاً والعباس، رضي اللّه عنهما يختصمان فيما أفاء اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم من أموال بني النضير. قال أبو داود: أراد أن لا يوقع عليه اسم قسْمٍ. 2965ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن عبدة، المعنى أن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء اللّه على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خالصاً، ينفق على أهل بيته، قال ابن عبدة: ينفق على أهله، قوت سنة، فما بقي جعل في الكراع وعُدّةً في سبيل اللّه عزَّوجلَّ، قال ابن عبدة: في الكراع والسلاح. 2966ـ حدثنا مسدد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أيوب، عن الزهري قال: قال عمر: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولاركاب}، قال لزهري: قال عمر: هذه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة قُرَى عرينة فدك، وكذا وكذا، {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}، و{للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم}، {والذين تبوءوا الدار والإِيمان من قبلهم}، {والذين جاءوا من بعدهم}، فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق، قال أيوب: أو قال: حظ، إلا بعض من تملكون من أرِقَّائكم. 2967ـ حدثنا هشام بن عمار، ثنا حاتم بن إسماعيل، ح وثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد، ح وثنا نصر بن عليّ، قال: أخبرنا صفوان بن عيسى، وهذا لفظ حديثه، كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: كان فيما احتج به عمر أنه قال: كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك. فأما بنو النضير: كانت حُبُساً لنوائبه، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزَّأها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزءين بين المسلمين، وجزءاً نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين. 2968ـ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد اللّه بن موهب الهمداني، ثنا الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه تسأله ميراثها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، إنّما يأكل آل محمدٍ من هذا المال" وإني واللّه لا أغيِّر شيئاً من صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلأعملنَّ فيها بما عمل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأبى أبو بكر رضي اللّه عنه أن يدفع إلى فاطمة [عليهما السلام] منها شيئاً. 2969ـ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، ثنا أبي، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث، قال: وفاطمة [عليها السلام] حينئذٍ تطلب صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة رضي اللّه عنها: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، وإنما يأكل آل محمدٍ في هذا المال" يعني مال اللّه، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل. 2970ـ حدثنا حجّاج بن أبي يعقوب، حدثني يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عروة أن عائشة [رضي اللّه عنها] أخبرته بهذا الحديث، قال فيه: فأبى أبو بكر [رضي اللّه عنه] عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعباس رضي اللّه عنهم فغلبه عليّ عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر، وقال: هما صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعْرُوهُ ونوائبه، وأمرهما إلى من ولى الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم. 2971ـ حدثنا محمد بن عبيد، ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري في قوله: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} قال: صالح النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصرٌ قوماً آخرين فأرسلوا إليه بالصلح، قال: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} يقول: بغير قتال، قال الزهري: وكانت بنو النضير للنبيِّ صلى اللّه عليه وسلم خالصاً لم يفتحوها عَنْوَةً افتتحوها على صلح، فقسَّمها النبي صلى اللّه عليه وسلم بين المهاجرين، لم يُعْطِ الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة. 2972ـ حدثنا عبد اللّه بن الجرَّاح، ثنا جرير، عن المغيرة قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين اسْتُخْلِفَ فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت له فَدَكُ، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوِّج منها أيِّمَهُم، وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلِّيَ أبو بكر [رضي اللّه عنه] عمل فيها بما عمل النبي صلى اللّه عليه وسلم في حياته حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلي عمر عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله، ثم أُقْطِعَها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز قال عمر يعني ابن عبد العزيز فرأيت أمراً منعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاطمة [عليها السلام] ليس لي بحقٍّ، وأنا أشهدكم أنني قد رددتها على ما كانت، يعني على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال أبو داود: وُلِّيَ عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلَّتهُ أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار، ولو بقيَ لكان أقلّ. 2973ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: جاءت فاطمة [رضي اللّه عنها] إلى أبي بكر [رضي اللّه عنه] تطلب ميراثها من النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ اللّه عزوجل إذا أطعم نبيّاً طعمةً فهي للذي يقوم من بعده". 2974ـ حدثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لاتقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقةٌ". قال أبو داود: "مؤنة عاملي" يعني أَكَرَضة الأرض. 2975ـ حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتري قال: سمعت حديثاً من رجل فأعجبني فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوباً مُذَبَّراً : دخل العباس وعليٌّ على عمر، وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "كلُّ مال النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم صدقةٌ، إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لانورث؟" قالوا: بلى، قال: فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله، ثم توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فوليها أبو بكر سنتين، فكان يصنع الذي كان يصنع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ذكر شيئاً من حديث مالك بن أوس. 2976ـ حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: إنَّ أزواج النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم حين توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ثُمنَهُنَّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت لهنَّ عائشة: أليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ". 2977ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب بإِسناده نحوه، قلت: ألا تتَّقين اللّه؟ ألم تسمعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ، وإنّما هذا المال لآل محمدٍ لنائِبَتِهِم ولضيفهم، فإِذا متُّ فهو إلى من ولى الأمر من بعدي". 20- باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى 2978ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر بن ميسرة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللّه بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، قال: أخبرني جُبير بن مطعم أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقلت: يارسول اللّه، قسمت لإِخواننا بني المطلب، ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "إنّما بنو هاشمٍ وبنو المطلب شىءٌ واحدٌ" قال جبير: ولم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل [شيئاً] من ذلك الخمس: كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قَسْمِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يعطيهم قال: وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه وعثمان بعده. 2979ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر، ثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، ثنا جبير بن مطعم أنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخمس نحو قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما كان يعطيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه. 2980ـ حدثنا مسدد، ثنا هشيم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب قال: أخبرني جبير بن مطعم قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشمٍ وبني المطلب، وترك بني نوفلٍ وبني عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم، فقلنا: يارسول اللّه، هؤلاء بنو هاشم لاننكر فضلهم للموضع الذي وضعك اللّه به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّا وبنو المطلب لانفترق في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، وإنّما نحن وهم شىءٌ واحدٌ" وشبَّك بين أصابعه صلى اللّه عليه وسلم. 2981ـ حدثنا حسين بن عليّ العجلي، ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن السُّدِّي في ذي القربى قال: هم بنو عبد المطلب. 2982ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنا يزيد بن هُرمُزَ أن نجدة الحروريَّ حين حجَّ في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قسمه لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقِّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله. 2983ـ حدثنا عباس بن عبد العظيم، ثنا يحيى بن أبي بُكير، ثنا أبو جعفر الرَّازي، عن مُطرِّف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّاً يقول: وَلاَّني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وحياة أبي بكر، وحياة عمر فأتي بمال، فدعانني فقال: خذه، فقلت: لا أريده، فقال: خذه فأنتم أحقُّ به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال. 2984ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير، ثنا هاشم بن البريد، ثنا حسين بن ميمون، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّا [عليه السلام] يقول: اجتمعت أنا والعباس، وفاطمة، وزيد بن حارثة عند النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يارسول اللّه، إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب اللّه عزَّوجلَّ، فأقسمه [في] حياتك كي لاينازعني أحد بعدك فافعل، قال: ففعل ذلك قال: فقسمته حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ولاَّنيه أبو بكر رضي اللّه عنه، حتى إذا كانت آخر سنة من سني عمر [رضي اللّه عنه] فإِنه أتاه مال كثير فعزل حقنا، ثم أرسل إليَّ فقلت: بنا عنه العام غنىً، وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يَدْعُني إليه أحد بعد عمر، فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال: يا عليّ، حرمتنا الغداة شيئاً لايُرَدُّ علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً. 2985ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث، وعباس بن عبد المطلب، قالا لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن عباس: ائتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقولا له: يارسول اللّه، قد بلغنا من السنِّ ما ترى، وأحببنا أن نتزوج، وأنت يارسول اللّه أبرُّ الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا مايصدقان عنا، فاستعملنا يارسول اللّه على الصدقات، فلنؤدِّ إليك مايؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى عليُّ بن أبي طالب ونحن على تلك الحال، فقال لنا: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا واللّه لايستعمل أحداً منكم على الصدقة، فقال له ربيعة: هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم نحسدك عليه، فألقى عليّ رداءه، ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم، واللّه لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما بجوابٍ مابعثتما به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل [إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم] حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم، وهو يومئذٍ عند زينب بنت جحش، فقمنا بالباب، حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأخذ بأذي وأذن الفضل، ثم قال: أخرجا ما تُصَرِّرَان ثم دخل فأذن لي وللفضل، فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلاً ثم كلمته، أو كلمه الفضل، قد شك في ذلك عبد اللّه، قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ساعة ورفع بصره قِبَل سقف البيت حتى طال علينا أنه لايرجع إلينا شيئاً، حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لاتعجلا، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أمرنا، ثم خفض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأسه فقال لنا: "إنَّ هذه الصدقة إنّما هي أوساخ الناس، وإنَّها لاتحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآل محمدٍ، ادعوا لي نوفل بن الحارث" فدعي له نوفل بن الحارث فقال: "يانوفل أنكح عبد المطلب" فأنكحني نوفل، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ادعوا لي محمية بن جزء" وهو رجل من بني زُبَيْدٍ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمحمية "أنكح الفضل" فأنكحه، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا" لم يسمِّه لي عبد اللّه بن الحارث. 2986ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة بن خالد، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عليّ بن حسين أن حسين بن عليّ أخبره أن عليّ بن أبي طالب قال: كانت لي شارفٌ من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذٍ؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واعدت رجلاً صوَّاغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإِذخر، أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفيَّ متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، أقبلت حين جمعت ما جمعت، فإِذا بشارفيَّ قد اجتبَّت أسنمتهما وبُقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عينيَّ حين رأيت ذلك المنظر، فقلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شَرْب من الأنصار غنته قينة وأصحابه، فقالت في غنائها: ألا ياحمزُ للشُّرُفِ النِّوَاءِ فوثب إلى السيف، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال عليّ: فانطلقت حتى أدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي لقيت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مالك؟" قال: قلت: يارسول اللّه، ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتيّ، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شَرْبٌ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بردائه، فارتداه، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن، فأُذِنَ له، فإِذا هم شرب فطفق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإِذا حمزة ثملٌ محمرَّة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم صعَّد النظر فنظر إلى ركبتيه، ثم صعَّد النظر فظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبلي؟ فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه ثمِلٌ، فنكص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه. 2987ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد اللّه بن وهب، حدثني عيَّاش بن عقبة الحضرمي، عن الفضل بن الحسن الضمري أن ابن أم الحكم، أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثه، عن إحداهما أنها قالت: أصاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سبياً، فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشىء من السَّبي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "سبقكُنَّ يتامى بدرٍ، ولكن سأدلكنَّ على ما هو خيرٌ لكنَّ من ذلك: تكبرن اللّه على اثر كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً، ولا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شىء قدير". قال عياش: وهما ابنتا عمِّ النبي صلى اللّه عليه وسلم. 2988ـ حدثنا يحيى بن خلف، ثنا عبد الأعلى، عن سعيد يعني الجرَيْري عن أبي الورد؛ عن ابن أعبد قال: قال لي عليَّ [رضي اللّه عنه]: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكانت من أحبِّ أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرَّت بالرحى حتى أثّر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، فأتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم خدٌ فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً فأتته، فوجدت حُدَّاثاً فرجعت، فأتاها من الغد فقال: "ما كان حاجتك؟" فسكتت، فقلت: أنا أحدِّثك يارسول اللّه، جرَّت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حرَّ ما هي فيه، قال: "اتّقي اللّه يافاطمة، وأدِّي فريضة ربِّك، واعملي عمل أهلك، فإِذا أخذت مضجعك فسبِّحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبِّري أربعاً وثلاثين، فتلك مائةٌ فهي خيرٌ لك من خادمٍ" قالت: رضيت عن اللّه عزَّوجلَّ، وعن رسوله [صلى اللّه عليه وسلم]. 2989ـ حدثنا أحمد بن محمد المروزي، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عليّ بن حسين بهذه القصة قال: ولم يخدمها. 2990ـ حدثنا محمد بن عيسى، ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي، قال أبو جعفر: يعني ابن عيسى كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مُجَّاعة، عن هلال بن سرّاج بن مُجَّاعة، عن أبيه، عن جده مُجَّاعة، أنه أتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوسٍ من بني ذُهلٍ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت جاعلاً لمشركٍ ديةً جعلت لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبى" فكتب له النبي صلى اللّه عليه وسلم بمائة من الإِبل من أول خُمسٍ يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفةً منها وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مُجّاعةُ إلى أبي بكر، وأتاه بكتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاعٍ من صدقة اليمامة: أربعة آلاف بُرّاً، وأربعة آلاف شعيراً، وأربعة آلاف تمراً، وكان في كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم لمجَّاعة "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من محمد النبيِّ لمجاعة بن مرارة من بني سلمى، إني أعطيته مائةً من الإِبل من أول خمسٍ يخرج من مشركي بني ذهلٍ عقبةً من أخيه". 21- باب ما جاء في سهم الصّفي 2991ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن مطرِّف، عن عامر الشعبي قال: كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم سهمٌ يدعى الصَّفِيَّ، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس. 2992ـ حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو عاصم وأزهر قالا: ثنا ابن عَوْن قال: سألت محمداً عن سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم والصفيِّ قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفيُّ يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شىء. _________________________________________________ المصدر:فهرس أبو داوود
__________________
|
#5
|
|||
|
|||
لماذا؟
لدي سوال .... لا سيما من wasim gaballa هو کتب:
اقتباس:
|
#6
|
|||
|
|||
-------------------------------------------------------------------------------- سبحانكاللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب اليك مشكوووووووووووووووووووووور ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــ¤©§¤°حلوو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــ¤©§¤°حلوو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§ © ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤© §¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ رائع جدا جدا جدا جداــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلو ووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــ يعطيك العافيةوالمزيد من الابداع ــــــــ¤©§¤°حلو ووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــ مع تحياتحسام الدين ـــــــ¤©§¤°ح لوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°ح لوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ¤©§¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤© §¤°حلوووو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§ © ©§¤°يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــ¤©§¤°حلوو°¤§© ©§¤°يسلموو°¤§©¤ــ¤©§¤°حلوو°¤§© مشكوووووووووووووووووووووور مشكوووووووووووووووور سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوباليك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اللـــهـم ارزقــنىحـبــــــــــك وحـــــب مــــــن يحـبــــــــــك وحب كل عمل يقربإلى حبك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم __________________ |
العلامات المرجعية |
|
|