وزير التعليم في حوار غير تقليدي: نشأتي الدينية أثرت في حياتي وهذه أولوياتي للنهوض

[الاستاذ عوض على]

علي غير عادة استقبال الوزراء. كانت زفة بلدي تستقبل د. أحمد جمال الدين موسي أمام الوزارة. حين كلف بمسئولية وزارتين هامتين هما: التعليم العالي والتربية والتعليم. أما سبب هذا الاستقبال الصادق الحافل. فهو ما تركه وجوده السريع القديم من بصمة طيبة لدي من تعامل معهم. فضلا عن السيرة الشخصية والعلمية الهائلة التي توجت بفوزه بجائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية عام 2008م. لتنضم هذه الجائزة. لسلسلة طويلة من الجوائز والأنواط. منذ حصل علي جائزة جامعة المنصورة عام 1989م في العلوم الاجتماعية. ثم حصوله علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1991م. ثم جائزة الدولة في البحوث البيئية في العام التالي له. ثم توجت هذه المسيرة بحصوله علي نوط الامتياز من رئيس الجمهورية عام 1996م.
في هذا الحوار يكشف الدكتور ¢جمال الدين¢ عن جوانب خفية في حياة عالم مصري فذ. ظل يستلهم منابع علمه من أمرين: ارتباطه بدينه وارتباطه بقريته.
النشأة الدينية
* * لأسرتكم رحلة طويلة مع رموز العمل الديني في مصر. فماذا يتبقي لدي سيادتكم من هذه الذكريات؟
- الإمام الشعراوي كان زميلا لعمي المرحوم الشيخ أحمد جمال الدين الذي سميت علي اسمه. وكذلك تحمل أسرتنا معزة خاصة لمشايخنا الأجلاء الشيخ الغزالي والشيخ عطية صقر والشيخ أبو الوفا التفتازاني. والشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار الأسبق. وأذكر أن عمي - وكان زميلا للشيخ الشعراوي في معهد الزقازيق الديني. وأذكر أن عمي كان متفوقا ومتميزا جدا في الدراسة. وكان الشيخ الشعراوي شاعرا وأهدي عمي ديوانه الشعري ومازلنا نحتفظ به في مكتبة العائلة.
ومما لا أنساه يوم قدوم الشيخ الغزالي ليلقي محاضرة بمدينة السنبلاوين - وكنت وقتها تلميذا بالمرحلة الثانوية. وأصر - رحمه الله - أن ياتي إلي المقاطعة لكي يذهب إلي بيت عمي . الشيخ أحمد جمال الدين. رغم أن عمي كان قد توفي من أكثر من خمسة عشر عاما.
وكذلك كان الشيخ عطية صقر مع عمي في بعثة الحج. الخاصة بالمتفوقين في كلية اصول الدين. ولا أنسي أني كنت أزور الشيخ أبو الوفا التفتازاني مع عمي ووالدي. في نجع حمادي. كما أتذكر أني حين ذهبت للجامعة. كان والدي يكلفني استمرارا لما كان يقوم به جدي أن أذهب لزيارة الشيخ محمد حسنين مخلوف » محملا بهدية من عسل النحل. الذي كان ينتج عندنا.
تأثير القرية
* * هل نشأتكم بقرية ¢المقاطعة ¢ مركز السنبلاوين. لها تأثير في شخصيتكم بشكل عام ؟
- أعتقد أن التأثير الأكبر يرجع للنشأة في القرية نفسها. القرية بمجموعة القيم السائدة فيها. حيث التحقت فترة بالكتّاب . لكن الفترة لم تطل . ثم التحقت بدار حضانة التي كانت موجودة بالمركز الاجتماعي . ثم التحقت بمدرسة المقاطعة الابتدائية. ثم مدرسة المقاطعة الاعدادية. ثم بعد ذلك بالمدرسة الثانوية بالسنبلاوين لعامين. ثم انتقلت للثانوية بالمنصورة في العام الثالث. التي حصلت عليها عام 1960 في هذه الفترة أذكر أنني كنت في فريق أوائل الطلبة في المدرسة ممثلا للقسم الأدبي. وكان معي من القسم العلمي مجموعة من الزملاء الأعزاء حاليا» منهم الدكتور أحمد بيومي رئيس جامعة المنصورة. والدكتور عمرو سرحان عميد كلية الطب وآخرون. حيث كنا ضمن فريق يمثل المدرسة في مسابقة الإذاعة المدرسية. وأوائل الطلبة. وأيضا حصلنا علي المركز الأول علي مستوي المحافظة في مسابقة المدارس الثانوية.
بعد ذلك انتقلت للقاهرة كلية الحقوق. حتي تخرجت وكان ترتيبي السادس علي الدفعة. فعينت في مجلس الدولة مندوبا مساعدا... وفي نفس الوقت التحقت بالقوات المسلحة. وكان ذلك عام 1972م. فدخلت كلية ضباط الاحتياط. ثم رقيت من دراستي فيها لرتبة ملازم احتياط. لكي أخرج علي الجبهة. ثم بعد أسابيع قليلة. كانت حرب أكتوبر المجيدة التي شرفت بأن أعبر مع كتيبتي. لقناة السويس يوم السادس من اكتوبر. وأن نحتل مواقع متقدمة جدا في سيناء. وأذكر أنها كانت تجربة رائعة جدا. وانتهت الحرب. وانتهت خدمتي العسكرية وعدت لمجلس الدولة.
لمدة قليلة الارتباط بالقرية
* * رغم كثرة جولاتك ومناصبك . ظللت علي ارتباطك بقريتك ,ما الذي رأيته فيها ولم تره في غيرها ؟
- القرية تكتسب عندي طابعا رومانسيا تماما في ذهني. لأن فعلا فترة نشأتي وتربيتي فيها. والتحاقي بمدارسها. كانت انطباعي عنها أنها قرية نموذجية بكل معانيها. فقد كانت متقدمة جدا. ساعية للتحضر. حريصة علي التعليم.
التكافل الاجتماعي بين الناس قوي جدا. كذلك كانت المحبة والسعي للوصول لوضع أفضل أمراً مستمراً بين الناس. فالمقاطعة ¢تركت انطباعا قويا جدا. خاصة أنها كانت تمر بتجربة ديمقراطية. لأن مفهوم المراكز الاجتماعية التي أنشأتها وزارة الشئون الاجتماعية في مصر قبل الثورة. كانت تقوم علي أن كل مركز اجتماعي يديره الأهالي بأنفسهم. فهم يعتبرون أصحابه. فهم أعضاء مجلس الإدارة المكون من كل أبناء القرية الذين يديرون كل شئونها. وأذكر أن هذا الشعور راسخ عندي. حيث كنت احضر مع والدي ومع جدي. مما أعطاني إحساسا من الديمقراطية المبكرة. وقد كانت المناقشات تدار بروح طيبة ومنظمة وذكية جدا. وأذكر أني كنت طفلا أحضر مع والدي هذه الجلسات كان يعجبني الرأي والرأي المضاد الذي يصب جميعه في السعي للصالح العام. فالناس تنتخب الناس وتغير الناس وليس هناك شخص يدوم في منصبه.
علامات مضيئة
* * في مسيرة الكبار دائما علامات تضيء لهم الطريق.. فمن أضاء طريق الدكتور أحمد جمال الدين؟
- أدين بالفضل قبل كل شيء وبعده لله تعالي. ثم للوالد والوالدة. حيث تركا تأثيرا كبيرا عليّ وعلي إخوتي. والحمد لله نحن جميعا في نفس الإطار. وأدين بالفضل أيضا لأساتذتي الكبار في مراحل التعليم المختلفة. سواء في مصر أو فرنسا. فيما بعد. كما أدين حاليا لأسرتي الصغيرة: زوجني وأبنائي . وبكل تأكيد لأشخاص وأصدقاء كثيرين. في الواقع الإنسان طوال حياته يكتسب علامات ويكتسب ميزات. وأحيانا يصيبه ضرر من علاقته بالآخرين. هذا أمر طبيعي في الحياة. لكن أهم شيء أن الإنسان يتأثر بالأشخاص أصحاب القيم العظيمة والتأثير الإيجابي .
* * كيف استقبلتم تكليفكم بالوزارة؟
- لا شك أنه من الصعب عليّ رفض المشاركة في حكومة إنقاذ وطني. فالمعروف أنها حكومة تسيير أعمال. لفترة انتقالية. ولذا فهي ليست مطمعا لدي كثيرين. لكننا لا نعمل يوما بيوم . ولدينا أهداف واضحة في التعليم العالي والتربية والتعليم. أكثر ما يعتز به المرء كونه أستاذا بالجامعة. ومهما تنقل في المناصب تظل الجامعة بيته المفتوح. إنما هي بكل الصدق تكليفات يتمني المرء أن تكون في خدمة الوطن.
الملفات العاجلة
* * وهل معني ذلك أنكم ستركزون علي الملفات المتعلقة بتسيير الأعمال. وتؤجلون الاستراتيجيات ؟
- كما قلت لك سابقا. وكما قلت قبل ذلك. نحن لا نعمل يوما بيوم. لكن الأمور الحاكمة ستكون الخاصة بحل المشكلات القائمة مثل تثبيت المعلمين. وتأجيل الامتحانات إلخ... ثم نحاول وضع استراتيجيات هامة مثل الاهتمام بالتعليم الفني. فقد مضي عهد طويل علي هذا التعليم شديد الأهمية. وهو في حالة يرثي لها. سنسعي إذن لتحويله إلي تعليم حقيقي. فهو تعليم مكلف جدا. ولكنه لا ينتج كثيرا. لأن لعبة الشكل والمضمون لابد أن تتغير بمنتهي السرعة. نريد جدية وانتماء في وطننا. فإن كانت الشعارات سهلة. فإنها أيضا قد ترسم طريقا للعمل.
مستقبل الاقتصاد
* * كأستاذ اقتصاد.. كيف تري اقتصاد مصر بصورة عامة ؟
- إن شاء الله يكون بخير. ونرجو أن يكون المستقبل أفضل من الحاضر وان يكون فيه عناصر جيدة. وأعتقد أن هناك بعض المؤشرات الجيدة. ومؤشرات أخري أقل جودة. نتمني إن شاء الله أن تكون للمؤشرات الجيدة دور أفضل في الفترة القادمة. فلدينا معدل نمو جيد. وتدفق رءوس اموال أجنبية طيب. لكن المؤشر السلبي هو ارتفاع الأسعار والبطالة. حيث يمثلان أخطر المشاكل الرئيسية العامة لاقتصاد مصر حاليا.
رؤية مستقبلية
* * أخيرا.. لسيادتكم تجربة طيبة سابقة في الوزارة.. يعلمها الجميع. هل من جديد لديكم للغد ؟
- حاولت قدر طاقتي في السابق تحويل فكر الوزارة. فمثلا أصررت علي أن تكون مجالس الأمناء بالانتخاب. عكس رغبة الآخرين جميعا. لكني أصررت علي ذلك لأني أدرك تماما أنه علي المستوي المحلي. يستطيع الناس إذا اختيروا من قبل المواطنين أن يمارسوا عملا أفضل. ولكن الاستراتيجيات تتحقق علي المدي الطويل. وليست قرارا لحظيا. فالتنمية البشرية في العالم الثالث. ينظر لها باعتبارها تحميلا علي الدولة. وليست إنتاجا مستقبليا.
وعلي أي حال فالتعليم من ضمن اهتماماتي حتي قبل الوزارة. وأكتب الآن مؤلفاً كبيراً عن التعليم بطريقة موضوعية. بعيدا عن الأحداث الجارية. وأخيرا.. مصر بخير دائما واملنا في الغد كبير. . ثم تقدمت للالتحاق بكلية الحقوق جامعة المنصورة وقت إنشائها. فعينت مدرسا مساعدا. وخرجت إلي بعثة الدكتوراة لفرنسا عام 1977م. في نفس عام التحاقي بجامعة المنصورة.
دراسة الاقتصاد
** لماذا اخترتم دراسة علم الاقتصاد رغم أن دراستكم للقانون بكلية الحقوق؟
- البعثة التي كانت معروضة بالنسبة لي. تخصصها ¢ميزانية عامة¢ فاخترت هذا الموضوع وكنت اود دراسة المالية العامة. والاقتصاد المرتبطة بالقانون في نفس الوقت. قضيت فترة البعثة في فرنسا لمدة ست سنوات. وحصلت علي الدكتوراة بمرتبة الشرف الأولي. وحصلت الرسالة علي المركز الأول في الجامعة. ورشحت لجائزة وزارة التعليم الفرنسية علي مستوي فرنسا. وعدت في نفس العام 1984م إلي مصر لكلية الحقوق جامعة المنصورة مدرسا. ثم تدرجت. من مدرس إلي أستاذ مساعد ثم أستاذ وعام حصولي علي الأستاذية توليت رئاسة قسم الاقتصاد والمالية العامة. وفي العام التالي عينت وكيلا للكلية لشئون التعليم والطلاب. وبقيت خمسة أعوام في هذا المنصب. وفي نفس الوقت كنت مستشارا لرئيس الجامعة لمدة ثماني سنوات. وفي العام 2001م عينت نائبا لرئيس جامعة المنصورة لشئون التعليم والطلاب. وفي عام 2003م عينت رئيسا للجامعة. وفي عام 2004م اخترت وزيرا للتربية والتعليم. وفي عام 2006م تركت الوزارة وعدت أمارس عدة أعمال أبرزها أستاذ ورئيس قسم المالية العامة بجامعة المنصورة بالإضافة لأشياء أخري عديدة.

http://www.aqidati.net.eg/

[احمد احمد حجاج]

اتقي الله فى ابناء المسلمين و اعلم ان من سبقوك خربوا التعليم قبل الجامعى و الجامعى فليس هناك حاجه للاستعانه بهم هؤلاء يجب محاكمتهم

[شمعة تحترق]

شكرا على الخبر