من قام بثورة 25 يناير ؟!!!

[حمادة الدماطي]

سؤال في غاية الأهمية لأنه يتناسب مع حدث في غاية العظمة:
فمن ذا الذي قام بحدث عظيم مثل هذه الثورة المباركة التي أذهلت العالم كله؟!!
إن مليونين أو ثلاثة ملايين يذهبون للحج.. تقوم السعودية بكل قياداتها ومواردها وطاقاتها وتقف على قدم وساق لإدارة أيام الحج التي قد تكون أسبوعاً أو عشرة أيام.. ومع هذا قد يستغرق الإعداد لها أشهراً طوالاً.
فمن الذي أعد الخطة وأحكمها.. وقام عليها لاستقبال الملايين التي وصلت في بعض الأحيان لأربعة ملايين في وقت واحد.. بخلاف من يخرجون ويدخلون في ميدان التحرير؟!!
ومن الذي نظمهم هذا التنظيم الدقيق لمدة ثمانية عشرة يوما متواصلة؟!!
ومن الذي أخرج الملايين في طول البلاد وعرضها يؤازرون وكأنهم في نفس الميدان؟!!
ومن الذي جمعهم على هذه المطالب وجعلهم يتحدون عليها ويستميتون في الدفاع عنها؟!!
من الذي نشر بينهم ووجههم للمعاني الفاضلة وللأخلاق الكريمة من الحب والأدب والإيثار والكرم والشهامة والرجولة والخدمة والتواضع؟!!
إن المتأمل في ذلك كله يقف حائراً وعاجزاً عن الرد على كل هذه الأسئلة.
ولكني ما سمعت أحداً يتكلم في ذلك وما سألت أحداً عن هذا إلا وأجابني بما يستقر في عقلي وقلبي بأنه "ما فعل ذلك من أحد إلا الله سبحانه".
ولذلك فالفضل في هذه الثورة في قيامها وترتيبها وإخراجها وضبط السيناريو العظيم في نهايتها بهذا الشكل يرجع إلى الله وحده.
وما ذلك إلا لينسب النصر لصاحبه وهو الله.
ثم ليرجع الفضل بعد الله تعالى لشعب مصر العظيم بأكمله.
وحتى لا ينسب فضلها لفئة تمن بها بعد ذلك على الشعب.
ولذا فكل الطوائف التي شاركت لا تزعم أنها صاحبة الثورة.
فلا "الإخوان المسلمون" أصحاب السنوات الطوال في العمل لدين الله وأصحاب الباع الطويل في معارضة النظام البائد يدّعون أنهم أصحاب هذه الثورة.. لكنهم شركاء فيها.
ولا أي حزب من الأحزاب الشكلية التي كانت تدعي أنها تعارض النظام يدّعي أنه صاحب هذه الثورة.
ولا "الجماعة الإسلامية" والتي ظلت تعارض هذا النظام البائد منذ ثلاثين عاما ً .. ف*** منها المئات.. ومات في السجون منها المئات.. وأعدم منها ما يربوا عن المائة على يد هذا النظام.. وسجن منها عشرات الآلاف أعواماً عديدة.. ووصلت في معارضتها للاقتتال مع هذا النظام تزعم يوما أنها صاحبت هذا الشرف وحدها.. لكنها شريكة فيه .
ولا حتى مجموعات الشباب مثل "6 أبريل" ولا "كلنا خالد سعيد" ولا غيرهم رغم جهدهم الجبار المبارك في الدعوة لهذه التظاهرات يقولون أنهم أصحاب الثورة.. ولا يزعمون ذلك.. بل هم يقولون لسنا أصحابها وإن كنا قد دعونا لها.. لكنهم شركاء فيها.

إذن من صاحب فضلها بعد الله تعالى؟!!

لا شك أن مجموعات الشباب هي صاحبة فضل الدعوة إلى هذه التظاهرات.. ولكنها ما كانت تظن أن ثورة تتفجر من مظاهراتهم.
لكن الشباب أساس في الثورة المباركة ما كانت لتتم بدونهم.
وما كانت المظاهرات لتقيم ثورة لولا أن الشعب توارد عليها.. فحولها من المظاهرة إلى الثورة بعد سقوط عدد من الشهداء الأبرار.. ورؤية الناس للظلم الواضح في قمع المظاهرة السلمية بأبشع أنواع القمع.
إذن فالشعب شريك في الثورة المباركة ما كانت لتتم بدونه.
وما كان الشعب ليعلم بهذه التطورات الخطيرة على الأرض بعد قطع كل أنواع الاتصال من النت والهواتف المحمولة.. وهنا يبرز دور الإعلام الحر النزيه.
وإذا ذكر الإعلام الحر فلابد أن يبرز دور قناتي "الجزيرة" و"الجزيرة مباشر".. واللتان قاتلتا قتالاً مريراً في سبيل نقل الحقائق للناس.. فخطف مراسلوها.. واقتحم مكتبها.. ومنعت من العمل بمصر.. ومنع بثها الطبيعي على القمر الصناعي (نايل سات) فاحتالتا على النقل بتوفيق الله لهما.
إذن فالإعلام الحر شريك في الثورة المباركة ما كانت لتتم بدونه.
وهؤلاء جميعاً ما كانوا ليقيموا ثورة ناجحة لو أن الجيش قاومهم وقاتلهم و***هم كما صدرت له الأوامر بذلك.. لكن الجيش بحكمة قادته وأصالة رجاله قام على حماية الثوار وأكد مراراً أنه لا ولن يتعرض لهم بأذى.
إذن فالجيش شريك في الثورة المباركة ما كانت لتتم بدونه .
ومع هذا فكل ذلك ما كان ليتوج ثورة بهذا الانتصار الرائع لولا دعوات المخلصين في الأمة.. ودعوات الضعفاء في الأمة.. ودعوات العلماء في الأمة وتثبيتهم للثوار بالدعوة والدعاء وإيجاب المشاركة من الناس للثوار .
إذن فهؤلاء جميعاً شركاء في الثورة ما كانت لتتم بدونهم .
إذن فمن رتب لهذا العمل واتفق مع الجميع على أداء أدوارهم هذه في وقتها المحدد وبقدرها المطلوب؟!!
ومن الذي نسق بينهم في هذا السيناريو الجميل؟!!
الكل يجمع على أن الله وحده هو صاحب الفضل في ذلك كله.. ولذلك لا تنسب الثورة لأحد بعينه ولا لحزب بعينه ولا لجماعة بعينها.
فالله وحده صاحب الفضل في الثورة.
والشعب كله هو من قام بها ولكل فرد حق فيها.
وأيضاً من الذي أعمى بصيرة النظام البائد فلا يخرج بقرار إلا وينعكس عليه أي من الذي حرمه التوفبق في قراراته؟!!
لا يشك عاقل في أن الفضل في ذلك لله تعالى القائل "إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ".. وحقا فإنه سبحانه يمهل ولا يهمل.
وكما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته".
فحمداً لله منشئ هذه الثورة وراعيها.
وإن كنا نقف تعظيم سلام لمن شارك في الثورة وخاصة من استشهد فيها.
فإننا لا بد أن نسجد شكراً لله تعالى على توفيقه لهذا الشعب في ثورته .
ولا بد أن نصلي لله تعالى ونقوم له قانتين شكراً له على عظيم فضله هذا .
سائلين الله سبحانه وتعالى أن يوفق الأمة فيما بقي حتى يبرم سبحانه لهذه الأمة إبرام رشد.. يعز فيه أهل طاعته.. ويذل فيه أهل معصيته.. ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
فعوداً أيها الشباب لربكم لتكن ثورتكم لله.. ولتبقى زخراً لكم عند الله تعالى.. وليكون التوفيق حليفاً لكم دوماً بإذن الله تعالى.

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفشنا

ووفقنا لما فيه مصلحة البلاد والعباد

[بروفيشنال]

جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المفيد