اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-10-2010, 12:01 AM
الصورة الرمزية الاستاذ / عاطف ابو خاطر
الاستاذ / عاطف ابو خاطر الاستاذ / عاطف ابو خاطر غير متواجد حالياً
مشرف عام تعليمى الرياضيات للمرحلة الاعدادية سابقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
المشاركات: 3,613
معدل تقييم المستوى: 20
الاستاذ / عاطف ابو خاطر is on a distinguished road
افتراضي عبد الحكيم عامر ابن سمالوط ظالم ام مظلوم

عبدالحكيم عامر.. ذكرى هادئة لآخر رجل ثان في مصر
المنياـ محمد وطني:




مرت علينا الذكرى الثانية والأربعين لرحيل عبد الحكيم علي عامر وزير دفاع مصر الأسبق بهدوء تام، رغم ما كان للرجل من أثر عميق وجذري ليس في تاريخ مصر المعاصر فحسب، بل وفي تاريخ الأمة العربية.

ورغم قناعتنا التامة أن حياة الرجل، التي امتدت إلى الثامنة والأربعين من العمر، وتاريخه وما واكبه من أحداث جسام في حاجة إلى مراجعة كثيرة ودراسة عميقة، إلا أننا آثرنا في سطور أن نلقي ضوءا يسيرا على جوانب شخصية رجل كان في ثلاثينياته، عندما أصبح الرجل الثاني في مصر، بل كان آخر رجل ثان عرفته مصر.

كانت السيارة تتهادى في طريق ريفي ضيق، لكنه مرصوف جيدا، يشق مساحات خضراء لا يدرك البصر نهايتها، كنا في طريقنا إلى قرية "أسطال" الواقعة في الغرب من مركز سمالوط بالمنيا، وهي القرية التي تنتسب إليها عائلة المشير عامر، وكان مضيفي الأول هاني صلاح نصر مدرس دراسات اجتماعية، ومتتبع لتاريخ الأسرة. قال لي: "رغم أن الذكرى الـ42 لوفاة المشير قد انقضت منذ أيام في سكون تام وصمت أضحى عادة سنوية مألوفة، إلا أننا لازلنا نفخر بهذا الرجل المنتسب إلى قريتنا، ونذكر أبناءنا بما أريد لهم أن ينسوه من تاريخ الرجل ودوره، وبادرني بسؤال يحمل دهشة حقيقية: "هل تصدق أن مجمل ما كتب عن المشير في كتب التاريخ التي أدرسها للطلاب لا يكاد يكمل سطرا واحدا؟".

في هذه الأثناء كنا قد وصلنا إلى "خديجة" وهو الاسم الذي يطلق على "الفيلا" التي ولد ونشأ فيها عبد الحكيم عامر، وعاش فيها والده وإخوته، ويقطنها حاليا القبطان وحيد مصطفى عامر وشقيقه الدكتور حكيم مصطفى عامر، ابنا شقيق المشير، اللذين كانا في استقبالي. أول ما يلفت نظرك في "خديجة" هي البساطة الشديدة في التصميم، وهو ما يجعلها أقرب ما تكون لبيت أو استراحة ريفية صغيرة تحيط بها حديقة مترامية الأطراف وسور يبدو أنه تم تجديده حديثا. سألت عن سبب هذه التسمية، فأجابني القبطان وحيد أن السبب ليس معروفا له على وجه اليقين، لكنه يظن أن هذه الاستراحة كانت مملوكة لامرأة تدعي "خديجة"، قبل أن يشتريها جده وتصبح مقرا للعائلة.

كانت البداية من النهاية.. فقد كان الأسبوع الأخير من شهر أغسطس 1967م هو آخر أسبوع قضاه المشير عبد الحكيم عامر في "خديجة"، قبل أن يستجيب لدعوات متكررة من الرئيس عبد الناصر له ليعود إلى القاهرة، ولم تكن الدعوات مقتصرة على المكالمات الهاتفية، وإنما كانت من خلال زيارات شخصية لمسئولين كبار في الدولة آنذاك، كلهم زاروا "خديجة"، وجلسوا في ذات "المضيفة" التي نجلس فيها، وكلهم حاولوا إقناع المشير بالعودة، ويبدو أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل -وزير الإرشاد القومي آنذاك- كان لها فعل السحر، حيث نجح هيكل في إقناع عامر بالعودة إلى القاهرة.

وفيما كان ركبه يهم بمغادرة "خديجة" لم يكن أحد يستطيع الجزم ما إذا كان المشير يعتقد في قرارة نفسه أن هذه هي المرة الأخيرة التي ستقع فيها عيناه على المكان الذي أحبه كثيرا وولد ونشأ به، حيث لم تمض سوى أيام قليلة، عاد بعدها عامر إلى "خديجة" محمولا داخل سيارة إسعاف صغيرة، ووري الثرى في أقل من ساعة -حسب رواية شهود العيان-، ولم يحضر جنازته من أفراد عائلته سوى شقيقه الأكبر المستشار عبد الجواد عامر، بينما كان معظم أفراد العائلة يقبعون خلف أسوار المعتقلات.

الربان البحري "وحيد مصطفى على عامر" أو القبطان كما يحب أن يناديه الناس، هو رأس عائلة عامر حاليا، وهو ابن شقيق المشير وزوج ابنته "نوال"، وهو أب لثلاث بنات، تخرج في الكلية البحرية، وعمل ضابطا بالقوات البحرية المصرية، ثم تم انتدابه للعمل كمرشد في هيئة قناة السويس، قبل أن يتقاعد ويتجه للعمل في الاستثمار السياحي في البحر الأحمر، ثم يعود إلى مسقط رأسه ومقر العائلة ليشغل مقعد الفئات عن دائرة سمالوط، وهو حاليا مشغول بالإعداد لحملته الانتخابية على مقعد مجلس الشعب، الذي تكاد العائلة تحتكره منذ عقود، وكان يشغله من قبل والده مصطفى عامر، قبل أن يخفق في الانتخابات الأخيرة 2005، ويشاء القدر أن يتوفى اللواء "حميدة عبد العاطي" نائب العمال عن ذات الدائرة في حادث ليترشح "وحيد عامر" عن المقعد الشاغر، وينجح في الفوز به، ومما يذكر في هذا الإطار أن العائلة تترشح دائما على قوائم الحزب الوطني الديمقراطي.

"وحيد عامر" من مواليد الأول من يناير عام 1948م، مما يعني أنه كان في العشرين تقريبا حين توفي المشير عامر، يقول عن تلك اللحظة، كنت من القلائل من عائلة عامر، الذين لم يتم اعتقالهم، حيث كنت طالبا في الفرقة الثانية في الكلية البحرية، ولم يصلني الخبر في وقته وإنما بعد مدة، وكان بمثابة الصدمة، لكنني علمت من والدي ومن آخرين فيما بعد أنهم كانوا يتوقعون مثل تلك النهاية، وأنهم حذروا المشير منها ومن العودة إلى القاهرة، إلا أنه رفض، حيث كانت الشجاعة التي تصل إلى حد التهور من صفاته المعروفة.

"كيف أصبح وزير دفاع لا يفقه شيئا في التخطيط العسكري -كما يزعمون-، من كان أركان حرب اللواء الضارب في حرب فلسطين 1948م، وهو لم يتم بعد الثلاثين من عمره؟" .. بهذا التساؤل الذي يحمل مرارة واضحة يبادرنا وحيد عامر، في معرض حديثه عن المشير، وما ينسب إليه من توريط مصر، وتدمير جيشها.

ويستطرد قائلا: "كان عامر هو أركان حرب اللواء الضارب في حرب 1948م، ذلك اللواء الذي كان يقوده اللواء محمد نجيب شخصيا، وقد أبدى براعة وشجاعة نادرة، خصوصا في عملية اقتحام مستعمرة (بيت ساليم)، وهي العملية التي أصيب فيها إصابة استدعت عودته إلى القاهرة لتلقى العلاج، لكنه أصر على العودة للجبهة مرة أخرى، وهو ما تم بالفعل، ليعود للقتال، ويتلقى عن شجاعته وكفاءته ترقية استثنائية لرتبة الرائد ووسام الملك فؤاد.

ويضيف وحيد عامر: "كان من المعروف عن المشير الشجاعة المفرطة، وأنه أسعد ما يكون وهو يقيم بين زملائه من الضباط والجنود، حتى بعدما أصبح الرجل الثاني في نظام الثورة، عقب الإطاحة بالرئيس محمد نجيب".

يفاجئنا القبطان وحيد حين يؤكد لنا أن المشير عامر ظل ولفترة طويلة يقيم هو وعائلته وأبناؤه في أربعة "أكشاك" بمعسكر حلمية الزيتون، كان يخصص واحدا منها لوالدته وآخر له وثالثا لأبنائه والأخير لاستقبال ضيوفه، وأن والدته كانت في طريق عودتها إلى المعسكر في سيارة جيب عسكرية يقودها أحد الجنود عندما اصطدمت بها سيارة نقل "لوري" يقودها مجند فأودى الحادث بحياتها، وبعد التحقيق والتأكد من أن الحادث كان قضاء وقدرا، تم إخلاء سراح الجندي دون أن يمسه أحد.

ويضيف (وحيد عامر): "إن العديد من المؤرخين يشيدون بشجاعة عبد الناصر، لرفضه مغادرة القاهرة أثناء العدوان الثلاثي، بينما لم يشر أحد من قريب أو من بعيد إلى أن المشير عامر لم يكتف بالإقامة في القاهرة وحسب، وإنما كان يقيم هو وأفراد أسرته جميعا في معسكر حلمية الزيتون بين ضباطه وجنوده".

يقول وحيد عامر: "إن المشير لم يكن ليسمح لي أو لأي من أفراد عائلته باستغلال اسمه ونفوذه في مصالح شخصية، وأذكر في هذا الإطار أنني حين تقدمت بأوراقي للالتحاق بالكلية البحرية لم يتصل بأحد، ولم أذكر لأحد أن عمي هو سيادة المشير، حتى وصلت لكشف الهيئة، حينما بادرني أحد الضباط من هيئة المقابلة وسألني: هل هناك أي من أفراد عائلتك سبق له الالتحاق بالقوات المسلحة؟ فأجبت: نعم، وبدأت بعمي، وعندما أخبرتهم بذلك ساد وجوم ودهشة قطعها أحدهم قائلا إنت جاي هنا تهرج؟!.

ورغم ذلك كان المشير من أكثر أفراد العائلة حنانا ورفقا بنا، وكنا نلجأ إليه دائما لحل المشاكل العائلية، حتى تلك التي كانت تحدث بيني وبين والدي، ولا زالت أذكر بساطته في التعامل معنا، رغم أننا كنا جميعا ندرك أن هناك خطوطا حمراء لا يسمح أبدا بتخطيها، وكان أهمها على الإطلاق الحديث عن الرئيس عبد الناصر، وأذكر أنني تحدثت مرة مع والدي عقب خروجه من المعتقل بمدة، وسألته لماذا لم تحذروه ليأخذ احتياطاته أثناء الأزمة، فقال لي: "إننا فعلنا مرارا وتكرارا، لكنه لم يكن ليصغي لنا، وذات مرة تجاسرت وتحدثت عن عبد الناصر بطريقة لم تعجبه، ورغم أنني لم أتجاوز إلا أنه انفعل للغاية، ونهرني بشدة وقال: كله إلا عبد الناصر، فقلت له حتى بعد ما حصل، فرد: مهما حصل".

ويذكر وحيد عامر أن جمال عبد الحكيم عامر، أكبر أبناء المشير، وأقرب أصدقائه من أفراد العائلة روي له أنه ذات مرة كان عائدا للمنزل برفقة مجموعة من أصدقائه، وشاهده والده فسأله: من هؤلاء؟" فأجاب: أصدقائي، فقال له المشير: "كل هؤلاء أصدقاؤك؟"، فأجاب جمال: نعم، هل هناك مشكلة في ذلك؟، فقال المشير: "أنا لي صديق واحد هو جمال عبد الناصر".

مرت السنوات وانقضت أحداث كثيرة وجسيمة، وقد يكون عبد الحكيم عامر ظالما أو مظلوما، مخطئا أو مصيبا، تم إنصافه أو تم غبنه، يمكن أن نتفق أو نتخلف حول ذلك، ويظل للتاريخ وباحثيه المنصفين ما يقولونه في هذا الصدد، إلا أن ما لا يمكن أن نختلف حوله هو أن دور الرجل وتاريخه لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم تجاهله بهذه الطريقة، وأن يتم تكريس محوه من ذاكرة أجيال مصرية لازالت تنهل من العلم في المدارس بهذا الشكل، فلعلنا على الأقل نتفق أن الأمة التي لا تاريخ لها لا مستقبل لها، وأن تاريخنا - كمصريين- بكل ما فيه من بطولات وإخفاقات يستحق أن نفخر به وأن نورثه لأجيال قادمة.
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:27 AM.