#1
|
||||
|
||||
التهجم علي الأزهر وعقيدته
التهجم علي الأزهر وعقيدته بقلم الدكتور:علي جمعة مفتي الديار المصرية يجب علي الشباب المسلم - خاصة طلبة العلم - أن يعملوا علي توحيد كلمة المسلمين. وأن لا يسعوا بينهم بالفرقة والنزاع والخصام. حيث أمرنا الله تعالي أن نعتصم جميعا بحبله المتين وألا نتفرق في الدين. قال تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" "آل عمران 103" وقال سبحانه: "الأنفال 46" "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين". وأن نقول للناس الحسن من الكلام. قال عز من قائل: "وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون" "البقرة 83". وأمرنا رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - بكل ما يؤدي إلي الوحدة. حتي جعل التبسم في وجه الأخ صدقة. كما يجب علي الشباب أن ينأوا بأنفسهم عن مناهج التكفير وتيارات التبديع والتفسيق والتضليل التي انتشرت بين المتعالمين في هذا الزمان. وأن يلتزموا بحسن الأدب مع الأكابر من علماء الأمة وصالحيها. وأي جماعة تتخذ من اسم "السلف الصالح" ستارا لتفرقة المسلمين وسببا للشقاق والنزاع تكون قد لبست الحق بالباطل. قال تعالي: "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" "البقرة 42". ومن المعلوم أن عقيدة الأزهر الشريف هي العقيدة الأشعرية وهي عقيدة أهل السنة والجماعة. والسادة الأشاعرة - رضي الله تعالي عنهم وأرضاهم- هم جمهور العلماء من الأمة. وهم الذين صدوا الشبهات أمام الملاحدة وغيرهم. وهم الذين التزموا بكتاب الله وسنة سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - عبر التاريخ. ومن كفرهم أو فسقهم يخشي عليه في دينه. قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في كتابه "تبيين كذب المفتري. فيما نسب إلي الإمام أبي الحسن الأشعري": "اعلم وفقني الله وإياك لمرضاته. وجعلنا ممن يتقيه حق تقاته. أن لحوم العلماء مسمومة. وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة. وأن من أطلق عليهم لسانه بالثلب. ابتلاه الله قبل موته بموت القلب". والأزهر الشريف هو منارة العلم والدين عبر التاريخ الإسلامي. وقد كون هذا الصرح الشامخ أعظم حوزة علمية عرفتها الأمة بعد القرون الأولي المفضلة. وحفظ الله تعالي به دينه ضد كل معاند ومشكك. فالخائض في عقيدته علي خطر عظيم. ويخشي أن يكون من الخوارج والمرجفين الذين قال الله تعالي فيهم: "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا" "الأحزاب 60". وهناك قضايا اعتبرها بعض الشباب من أولويات الإسلام وخاضوا فيها مثل حلق اللحية فإن من المقرر شرعا أن إعفاء اللحية وعدم حلقها مأثور عن النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة. وقد كان يعتني بتنظيفها بغسلها بالماء وتخليلها وتمشيطها. وقد تابع الصحابة رضوان الله عليهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيما كان يفعله وما يختاره. وقد وردت أحاديث نبوية شريفة ترغب في الإبقاء علي اللحية والعناية بنظافتها. كالأحاديث المرغبة في السلوك وقص الأظافر والشارب فحمل بعض الفقهاء هذه الأحاديث علي الوجوب وعليه يكون حلق اللحية حراما. بينما ذهب بعضهم الآخر إلي أن الأمر الوارد في الأحاديث ليس للوجوب بل هو للندب وعليه يكون إعفاء اللحية سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. أما دليل من قال بأن حلق اللحية حرام فهو الأحاديث الخاصة بالأمر بإعفاء اللحية مخالفة للمجوس والمشركين. وروي الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "عشر من الفطرة: قص الشارب. وإعفاء اللحية. والسواك. واستنشاق الماء. وقص الأظفار. وغسل البراجم. ونتف الإبط. وحلق العانة. وانتفاص الماء" قال بعض الرواة: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. ويقول أصحاب الرأي الآخر وهم الشافعية: إن الأوامر المتعلقة بالعادات والأكل والشرب واللبس والجلوس والهيئة.. إلخ تحمل علي الندب لقرينة تعلقها بهذه الجهات. ومثلوا ذلك بالأمر بالخضاب والصلاة في النعلين ونحو ذلك. كما أفاد ابن حجر العسقلاني في فتح الباري. وبناء علي ما سبق فهناك اختلاف بين الفقهاء بين الجواز وعدمه في مسألة حلق اللحية. والخروج من الخلاف مستحب ومن ابتلي بشيء من الخلاف وتعذر عليه الخروج منه فليقلد من أجاز. وأيضا تقصير الثياب فإن الأصل في لبس الثياب الإباحة بشرط ألا يكون فيها إسراف ولا كبر. لحديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - قال: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم. وعلي ذلك تحمل أحاديث النهي عن الإسبال كقوله - صلي الله عليه وآله وسلم -: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" رواه البخاري. وقوله - صلي الله عليه وآله وسلم -: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" قالها ثلاثا. قال أبوذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا. من هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل. والمنان. والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" رواه مسلم. فإن ذلك محمول علي من فعل ذلك اختيالا وتكبرا كما صرح بذلك في أحاديث أخري كحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما المروي في الصحيحين أن النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلي من جر ثوبه خيلاء". فالمطلق منها يجب تقييده بالإسبال للخيلاء كما قال الإمام النووي. وقد نص الإمام الشافعي علي الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء. وعقد الإمام البخاري في صحيحه بابا لذلك سماه "باب من جر إزاره من غير خيلاء" وأورد فيه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "لست ممن يصنعه خيلاء". وحديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: خسفت الشمس ونحن عند النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - فقام بجر ثوبه مستعجلا حتي أتي المسجد. وثاب الناس. فصلي ركعتين. فجلي عنها. ثم أقبل علينا وقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله حتي يكشفها". وهذان الحديثان صريحان في أن الإسبال المحرم إنما هو ما كان علي جهة الكبر والخيلاء. وما لم يكن كذلك فليس حراما. لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. وقد جعل الشرع الشريف للعرف مدخلا في اللبس والهيئة. ونهي النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - عن ثوب الشهرة الذي يلبسه صاحبه مخالفا به عادات الناس فقال: "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" رواه أبوداود وابن ماجة من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - وحسنه الحافظ المنذري. ولما دخلت الصحابة فارس صلوا في سراويلها. وتحدث العلماء عما إذا حدث للناس اصطلاح بتطويل بعض أنواع الثياب وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به وأن ما كان من ذلك علي طريق العادة فلا تحريم فيه. وإنما المحرم منه ما كان علي سبيل الخيلاء. وينبغي للمسلم المحب للسنة أن يكون مدركا لشأنه عالما بزمانه وأن يحسن تطبيقها بطريقة ترغب الناس وتحببهم فيها فلا يكون فتنة يصدهم عن دينهم. وأن يفرق فيها بين السنن الجبلية وسنن الهيئات التي تختلف باختلاف الأعراف والعادات وغيرها من السنن. وأن يعتني بترتيب الأولويات في ذلك فلا يقدم المندوب علي الواجب ولا يكون اعتناؤه بالهدي الظاهر علي حساب الهدي الباطن وحسن المعاملة مع الخلق وأن يأخذ من ذلك بما يفهمه الناس وتسعه عقولهم وعاداتهم حتي لا يكون ذريعة للنيل من السنة والتكذيب بها كما قال سيدنا علي كرم الله وجهه: "حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون. أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!" رواه البخاري وغيره. وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" رواه مسلم. وأما بالنسبة لقنوت الفجر فإن القنوت في صلاة الفجر سنة نبوية ماضية قال بها أكثر السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار. وجاء فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه. وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتي فارق الدنيا". وهو حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه - كما قال الإمام النووي وغيره - وبه أخذ الشافعية والمالكية في المشهور عنهم. فيستحب عندهم القنوت في الفجر مطلقا. وحملوا ما روي في نسخ القنوت أو النهي عنه علي أن المتروك منه هو الدعاء علي أقوام بأعيانهم لا مطلق القنوت. والفريق الآخر من العلماء يري أن القنوت في صلاة الفجر إنما يكون في النوازل التي تقع بالمسلمين. فإذا لم تكن هناك نازلة تستدعي القنوت فإنه لا يكون حينئذ مشروعا. وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.
__________________
العلم النافع .. صدقة جارية |
العلامات المرجعية |
|
|