اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-04-2010, 12:12 AM
الصورة الرمزية مستر/ عصام الجاويش
مستر/ عصام الجاويش مستر/ عصام الجاويش غير متواجد حالياً
مدرس اللغة الانجليزية للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
العمر: 57
المشاركات: 5,854
معدل تقييم المستوى: 21
مستر/ عصام الجاويش is on a distinguished road
افتراضي حديث الذبابة


حديث الذبابة

استهزأ المعترضون وغيرُهم بكلامِ النَّبِيِّr حول الحديثِ المشهورِ باسم (حديث الذبابة) ، وطعنوا فيه طعونًا كثيرةً ؛ الحديث في صحيح البخاري كِتَاب ( بَدْءِ الْخَلْقِ) بَاب (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْأُخْرَى شِفَاءً) برقم 3073 حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ t يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ r: " إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً ".

· الرد على الشبهة

أولاً: إن هذا الحديثَ ليس فيه إلزام من النَّبِيِّr لنا بأن الذباب إذا وقع في شرابِنا أو إنائِنا أن نغمسه فيه، هناك نفوسُ لا تحتمل ذلك الأمر ، وأنا واحدٌ منهم ؛ يقولI : ]وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [ (الحج78)،ويقولI: ]لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا[ (البقرة 286 (، ويقول I:] يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)[(النساء).
وعليه إذا وقع الذبابُ في إناءِ شخصٍ يشمئز منه ، ولا يمكنه تناول ما فيه ؛ فإن اللهَ I لا يكلف نفسًا إلا وسعها...
ثم إن هذا الحديثَ لم يدع أحدًا إلى صيدِ الذبابِ ووضعِه عنوة في الإناءِ ، ولم يشجع على تركِ الآنية مكشوفة حتى يسقط الذبابُ فيها....
ولم يمنع(الحديث) أحدًا من الأطباءِ والقائمين على منظمةِ الصحةِ من التصدي للذباب في موطنه ومحاربته وإبادته ؛ ولكن الحديث يحكي لنا كيف يتعامل الإنسان معه في موقفٍ معينٍ وافق عليه الطب الحديث كما ستيقدم معنا - إن شاء اللهI -
قال ابنُ حجرٍ في الفتح: قَالَ أَبُو الطَّيِّب الطَّبَرِيُّ : لَمْ يَقْصِد النَّبِيّ r بِهَذَا الْحَدِيث بَيَان النَّجَاسَة وَالطَّهَارَة ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بَيَان التَّدَاوِي مِنْ ضَرَر الذُّبَاب ، وَكَذَا لَمْ يَقْصِد بِالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاة فِي مَعَاطِن الْإِبِل وَالْإِذْن فِي مَرَاح الْغَنَم طَهَارَة وَلَا نَجَاسَة وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْخُشُوع لَا يُوجَد مَعَ الْإِبِل دُون الْغَنَم . قُلْت : وَهُوَ كَلَام صَحِيح . إذًا الْعِلَّة فِي الذُّبَاب قَاصِرَة وَهِيَ عُمُوم الْبَلْوَى ، وَهَذِهِ مُسْتَنْبَطَة من قولهr فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً . أهـ
قلتُ : بالمثال يتضح المقال: لو أن هناك شخصًا أراد أن يشرب كوبًا من اللبن فسقطت فيه ذبابة ماذا يفعل ؟ الجواب : هو بالخيار بين أمرين: إما أن يشرب كوب اللبن بعد غمس الذبابة وأخراجها منه، فلا يضره شيء ، بل يأخذ الأجرَ على تصديقه لحديث النَّبِيِّ r ، وإما أن يمتنع عن شربه إن كانت نفسه لا تطيق ذلك فلا إثم عليه. لكن القضية هي لو أن هناك رجلاً بائعا لبنًا يُحضر اللبن بكمياتٍ كبيرة ٍجدًا ، وسقطت ذبابة في هذه الكميات الكبيرة ماذا يفعل هذا البائع أو التاجر ؟ هل يخسر هذه الكميات الكبيرة من اللبن ،ويخسر تجارته ؛ يلقى بها أم أنه يغمس الذبابة ثم يخرجها مرة أخرى ؟
الجواب: لاشك أنه يغمسها ثم يخرجها مرة أخرى.

ثانيًا : إن المعترضين وغيرهم يعترضون على هذا الحديثِ ، ويشمئزون مما فيه ، ولا يعترضون ويشمئزون من بعضِ الأدويةِ المصنوعةِ من العفن، مثل: المضادات الحيوية كالبنسلين ، الستربتومايسين .... يأخذونها إذا مرضوا على الرحب والسعة ؛ لأنها ليست من كلامِ النَّبِيِّ ، هذا وإن دل يدل على مدى حقدِهم وكرهِهِم للرسولِ الأمين r ....
إن كل ما في الحديثِ أن الذبابَ يحمل الأمراضَ في إحدى جناحيه ،وزوال ضرره يكون بغمسه في الإناء الذي وقع فيه ثم إخراجه لتفادي الأضرار .

ثالثًا : إن هذا الحديثَ فيه دلالة من دلائلِ صدقِ نبوتِه r ؛ هو من المعجزاتِ التي أتى بها النبيُّ r فهؤلاء المعترضون يضحكون على جهلِهم ، ولا يعرفون ما قاله العلماءُ والأطباءُ قديمًا وحديثًا في شأنِ هذا الحديث
أولاً : أذكرُ ما قاله العلماءُ القدامى من علماءِ السلفِ - رحمهم اللهُ - :
قال ابنُ حجرٍ في الفتحِ : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فَقَالَ : كَيْف يَجْتَمِع الشِّفَاء وَالدَّاء فِي جَنَاحَيْ الذُّبَاب ، وَكَيْف يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ نَفْسه حَتَّى يُقَدِّم جَنَاح الشِّفَاء ، وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَهَذَا سُؤَال جَاهِل أَوْ مُتَجَاهِل ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَان قَدْ جَمَعَ الصِّفَات الْمُتَضَادَّة . وَقَدْ أَلَّفَ اللَّه بَيْنهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاع وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَان ، وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النَّحْلَة اِتِّخَاذ الْبَيْت الْعَجِيب الصَّنْعَة لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ ، وَأَلْهَمَ النَّمْلَة أَنْ تَدَّخِر قُوتهَا أَوَان حَاجَتهَا ، وَأَنْ تَكْسِر الْحَبَّة نِصْفَيْنِ لِئَلَّا تَسْتَنْبِت ، لَقَادِر عَلَى إِلْهَام الذُّبَابَة أَنْ تُقَدِّم جَنَاحًا وَتُؤَخِّر آخَر . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِل لَيْسَ بِعَجِيبٍ ، فَإِنَّ النَّحْلَة تُعَسِّل مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمّ مِنْ أَسْفَلهَا ، وَالْحَيَّة الْقَاتِل سُمّهَا تَدْخُل لُحُومهَا فِي التِّرْيَاق الَّذِي يُعَالَج بِهِ السُّمّ ، وَالذُّبَابَة تُسْحَق مَعَ الْإِثْمِد لِجَلَاءِ الْبَصَر . وَذَكَرَ بَعْض حُذَّاق الْأَطِبَّاء أَنَّ فِي الذُّبَاب قُوَّة سُمِّيَّة يَدُلّ عَلَيْهَا الْوَرَم وَالْحَكَّة الْعَارِضَة عَنْ لَسْعه ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاح لَهُ ، فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَاب فِيمَا يُؤْذِيه تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ ، فَأَمَرَ الشَّارِع أَنْ يُقَابِل تِلْكَ السُّمِّيَّة بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْجَنَاح الْآخَر مِنْ الشِّفَاء فَتَتَقَابَل الْمَادَّتَانِ فَيَزُول الضَّرَر بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى . وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ : " ثُمَّ لِيَنْزِعهُ " عَلَى أَنَّهَا تَنْجُس بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ ، وَالْقَوْل الْآخَر كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة ، أَنَّهَا لَا تَنْجُس ، وَاَللَّه أَعْلَم . أهـ
يتضح مما سبق : أن هذا الحديثَ إعلان بالغيب عن وجود سم في الذباب ، وهو شيء لم يكشفه العلم الحديث بصفة قاطعة إلا في القرنين الأخيرين (التاسع عشر والعشرين) الميلاديين ، وقبل ذلك كان من الممكن للعلماء أن يكذّبوا الحديثَ النبوي لعدم ثبوتِ وجود شيء ضار في الذباب، وبعد اكتشاف الجراثيم يعودون فيصححون الحديث!
ليس من حق أحدٍ أن يرفض هذا الحديث ، أو أي حديث نبوي آخر، لمجرد عدم موافقتِه للعلم الحالي . فالعلم يتطور ويتغير، بل ويتقلب كذلك؛ فمن النظريات العلمية ما تصف شيئًا اليوم بوصفٍ معينٍ بأنه صحيح، ثم تصفه بعد زمن قريب أو بعيد بأنه خطأ....
ثانيًا : إن العلمَ الحديث يثبت صحة حديثِ النَّبِيِّ r الذي يرفضه المعترضون ... علماءٌ غيرُ مسلمين ؛علماءٌ أستراليون يستخرجون مضادات حيوية من الذبابِ ... وصدق رسولُ اللهِ r فهذا آخر اكتشاف لجناحِ الذبابةِ في موقع أي بي سي http://www.abc.net.au/science/news/stories/s689400.htm ترجمة – محمود أبا شيخ
إنَّ ظهر الذباب هو آخر مكان نتوقع أن نجد فيه مضادات حيوية , ومع ذلكهذا المكان بالتحديد الذي يركز عليه فريق من الباحثين الاستراليين
وذلك بناءً علي نظرية حتمية امتلاك الذباب مضادات للجراثيم فعالة للحفاظعلي حياتها في بيئة الروث واللحم أو الفواكه المتعفنة, والفريق من قسم علوم الأحياءبجامعة ماكوري يقوم حاليا بدراسة للتعرف علي خاصية تلك المضادات واختلافها فيالمراحل المختلفة لنمو الذباب.
وقالت السيدة جوان كلارك : إن بحثنا جزء صغير من أبحاث وجهود عالميةللحصول علي مضادات حيوية جديدة , ونعتقد أننا نبحث حيث لم يبحث فيه أحد منقبل.
السيدة جوان كلارك هي التي تولت تقديم الاكتشاف نيابة عن الباحثين في مؤتمرجمعية علم الأحياء المجهري عقد في ماربون، ويعتبر هذا الموضوع جزء من رسالةالدكتوراه التي تحضرها
العلماء قاموا باختبار أربعة أصناف من الذباب : الذبابةالمنزلية , ذبابة اللحم , ذبابة الفواكة والكنترول .. والنوع الأخير من صنف ذبابةالفاكهة في كوينسلاند وتضع بيضها علي الفواكة الطازجة.احتياج هذه اليرقات للمضاداتأقل من الأصناف الأخرى لقلة ملاقاتها للجراثيم.
الذباب تمر بعدة أطوار في دورةحياتها بداية من مرحلة اليرقة ثم مرحلة الشرنقة إلى أن تدخل مرحلة الحشرة الكاملةأو طور البلوغ , وخلال طور الشرنقة الذباب يكون محاطا بغلاف محمي ولا تتغذي.وأضافت السيدة جوان كلارك أنهم توقعوا قلة إنتاج المضادات في هذا الطور.
ولكنخلال طور الشرنقة لم تظهر الأصناف الأربعة خصائص المضادات الحيوية سوى صنف كنترولهو التابع لصنف الفواكة في كوينسلاند بينما جميع الأصناف أفرزت مضادات في طورالبلوغ ؛ لأنها في هذا الطور تكون في حاجة إلي حماية مضادات الجرثومية لكثرة تحركهاوملاقاة الحشرات الأخرى
خصائص المضادات وجدت في جميع الأنواع الأربع،وذكرت جوان أن المضادات تظهر أيضا في أحشاء الذبابة كما تظهر خارج الجسم وسببتركيزنا علي خارج الجسم هو فقط للسهولة عملية الاستخراج
ويتم استخلاص المضاداتعن طريق وضع الذبابة في الكحول الأثيلي، ثم يتم استخلاص مادة المضاد الخام بتمريرمركب المحلول خلال مرشح ( فبلتر). وعند وضع المضاد الحيوي المستخرج من الذباب في محلول ملوث بشتى أنواع البكتيريا مثل أي كولاي , جولدين ستاف ( معروف أيضًا بستافلوكوكس ) وخميرة الكانديدا ومعديات أخرى .. وفي كل الحالات لوحظ فعالية المضاد الحيوي ( المستخرج من الذباب )

وأضافت السيدة جوان كلارك قائلة :" إننا حاليا نحاول التعرف عليمكونات المضاد الحيوي لإنتاجه كيميائيا. ولأن المركب ليس مستخرجا من بكتيريا لن يكنسهلا للبكتيريا أن تكوّن مناعة ضد المضاد الحيوي ( المستخرج من الذباب ) ونأمل أنيكون لهذه المضادات فعالية علاجية لمدةطويلة .أهـ
ولمزيد
من الأبحاث والمعلومات في هذا الشأن يستطيع القارئ أن يرجع إلي موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة سيجد ما يسره - إن شاء الله - .أهـ بتصرف يسير.
رابعًا : إنني سمعتُ تسجيلاً صوتيًا موثقًا للأب بيشوي حلمي يقول: لو وقعت ذبابة في كأس الدم بعد التقديس لازم الكاهن يأكلها!!ويبدو أنها ورطة ، فبماذا يجيب المعترضون على ذلك ؟؟ مضطرين
من كتاب ) "رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه الصلاة والسلام-")
تأليف/ أكرم حسن مرسي
من دعاةِ الجمعيةِ الشرعيةِ بالجيزة

__________________
مستر/ عصام الجاويش
معلم خبير لغه انجليزيه بمدرسه التل الكبير الثانويه بنات بمحافظه الاسماعيليه
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-04-2010, 07:13 AM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله خيرا أستاذ عصام الجاويش

الطعن في هذ الحديث قديم وحديث ممن نصّب عقله وذوقه حكما على وحي الله وشرعه

َقَالَ الْخَطَّابِيُّ : تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيث مَنْ لَا خَلَاق لَهُ فَقَالَ : كَيْف يَجْتَمِع الشِّفَاء وَالدَّاء فِي جَنَاحَيْ الذُّبَاب ، وَكَيْف يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ نَفْسه حَتَّى يُقَدِّم [الصواب: يؤخر] جَنَاح الشِّفَاء ، وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَهَذَا سُؤَال جَاهِل أَوْ مُتَجَاهِل ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَان قَدْ جَمَعَ الصِّفَات الْمُتَضَادَّة . وَقَدْ أَلَّفَ اللَّه بَيْنهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاع وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَان ، وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النَّحْلَة اِتِّخَاذ الْبَيْت الْعَجِيب الصَّنْعَة لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ ، وَأَلْهَمَ النَّمْلَة أَنْ تَدَّخِر قُوتهَا أَوَان حَاجَتهَا ، وَأَنْ تَكْسِر الْحَبَّة نِصْفَيْنِ لِئَلَّا تَسْتَنْبِت ، لَقَادِر عَلَى إِلْهَام الذُّبَابَة أَنْ تُقَدِّم جَنَاحًا وَتُؤَخِّر آخَر .


وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِل لَيْسَ بِعَجِيبٍ ، فَإِنَّ النَّحْلَة تُعَسِّل مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمّ مِنْ أَسْفَلهَا ، وَالْحَيَّة الْقَاتِل سُمّهَا تَدْخُل لُحُومهَا فِي التِّرْيَاق الَّذِي يُعَالَج بِهِ السُّمّ ، وَالذُّبَابَة تُسْحَق مَعَ الْإِثْمِد لِجَلَاءِ الْبَصَر . وَذَكَرَ بَعْض حُذَّاق الْأَطِبَّاء أَنَّ فِي الذُّبَاب قُوَّة سُمِّيَّة يَدُلّ عَلَيْهَا الْوَرَم وَالْحَكَّة الْعَارِضَة عَنْ لَسْعه ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاح لَهُ ، فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَاب فِيمَا يُؤْذِيه تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ ، فَأَمَرَ الشَّارِع أَنْ يُقَابِل تِلْكَ السُّمِّيَّة بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْجَنَاح الْآخَر مِنْ الشِّفَاء فَتَتَقَابَل الْمَادَّتَانِ فَيَزُول الضَّرَر بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى .[ زاد المعاد 4/101]


قال الإمام الألباني-رحمه الله- ( السلسة الصحيحة 1/59) عقب بحث نفيس يتعلق برواية: " إن أحد جناحي الذباب سم و الآخر شفاء ، فإذا وقع في الطعام فامقلوه ، فإنه يقدم السم و يؤخر الشفاء " وبعد أن سرد طرقه ورواته قال:
"... قال الحافظ : و إسناده صحيح ، كما في " نيل الأوطار " ( 1 / 55 ) .أما بعد ، فقد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة ، عن هؤلاء الصحابة الثلاثة أبي هريرة و أبي سعيد و أنس ، ثبوتا لا مجال لرده و لا للتشكيك فيه ، كما ثبت صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلافا لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين ، و من تبعه من الزائغين ، حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه ، و اتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و حاشاه من ذلك ، فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه بريء من كل ذلك و أن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه ، لأنهم رموا صحابيا بالبهت ، و ردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة ! و قد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت ، و ليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث ، و هو حجة و لو تفرد ، أم جهلوا ذلك ، فإن كان الأول فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه ، و يوهمون الناس أنه لم يتابعه أحد من الأصحاب الكرام ؟ ! و إن كان الآخر فهلا سألوا أهل الاختصاص و العلم بالحديث الشريف ؟ و ما أحسن ما قيل :

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة و إن كنت تدري فالمصيبة أعظم

ثم إن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء و هو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم ، فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم ، و الحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك ، بل هو يؤيدهم إذ يخبر أن في أحد جناحيه داء ، و لكنه يزيد عليهم فيقول : " و في الآخر شفاء " فهذا مما لم يحيطوا بعلمه ، فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين ، و إلا فالتوقف إذا كانوا من غيرهم إن كانوا عقلاء علماء ! ذلك لأن العلم الصحيح يشهد أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه . نقول ذلك على افتراض أن الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة ، و قد اختلفت آراء الأطباء حوله ، و قرأت مقالات كثيرة في مجلات مختلفة كل يؤيد ما ذهب إليه تأييدا أو ردا ، و نحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث و أن النبي صلى الله عليه وسلم ( ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) ، لا يهمنا كثيرا ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب ، لأن الحديث برهان قائم في نفسه لا يحتاج إلى دعم خارجي و مع ذلك فإن النفس تزداد إيمانا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح ،و لذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث قال :
" يقع الذباب على المواد القذرة المملؤة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة ، فينقل بعضها بأطرافه ، و يأكل بعضا ، فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة يسميها علماء الطب بـ " مبعد البيكتريا " ، و هي تقتل كثيرا من جراثيم الأمراض ، و لا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود مبعد البكتريا . و أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب ، هي أنه يحول البكتريا إلى ناحيته ، و على هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام و ألقي الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب ، فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم و أول واق منها هو مبعد البكتريا الذي يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه ، فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه ، و غمس الذباب كله و طرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة ، و كاف في إبطال عملها " .

و قد قرأت قديما في هذه المجلة بحثا ضافيا في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي ( مجلد العام الأول ) و قرأت كلمة في مجلد العام الفائت ( ص 503 ) كلمة للطبيبين محمود كمال و محمد عبد المنعم حسين نقلا عن مجلة الأزهر . ثم وقفت على العدد ( 82 ) من " مجلة العربي " الكويتية ص 144 تحت عنوان : " أنت تسأل ، و نحن نجيب " بقلم المدعو عبد الوارث كبير ، جوابا له على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة و الضعف ؟ فقال :
" أما حديث الذباب ، و ما في جناحيه من داء و شفاء ، فحديث ضعيف ، بل هو عقلا حديث مفترى ، فمن المسلم به أن الذباب يحمل من الجراثيم و الأقذار ... و لم يقل أحد قط أن في جناحي الذبابة داء و في الآخر شفاء ، إلا من وضع هذا الحديث أو افتراه ، و لو صح ذلك لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب و يحض على مكافحته " .
و في الكلام على اختصاره من الدس و الجهل ما لابد من الكشف عنه دفاعا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و صيانة له أن يكفر به من قد يغتر بزخرف القول ! فأقول :

أولا : لقد زعم أن الحديث ضعيف ، يعني من الناحية العلمية الحديثية بدليل قوله : " بل هو عقلا حديث مفترى " . و هذا الزعم واضح البطلان ، تعرف ذلك مما سبق من تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و كلها صحيحة . و حسبك دليلا على ذلك أن أحدا من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث كما فعل هذا الكاتب الجريء !

ثانيا : لقد زعم أنه حديث مفترى عقلا . و هذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه ، لأنه مجرد دعوى لم يسق دليلا يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به ، ألست تراه يقول : " و لم يقل أحد ... ، و لو صح لكشف عنه العلم الحديث ... " . فهل العلم الحديث - أيها المسكين - قد أحاط بكل شيء علما ، أم أن أهله الذين لم يصابوا بالغرور - كما أصيب من يقلدهم منا - يقولون : إننا كلما ازددنا علما بما في الكون و أسراره ، ازددنا معرفة بجهلنا ! و أن الأمر بحق كما قال الله تبارك و تعالى : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) . و أما قوله : " إن العلم يقطع بمضار الذباب و يحض على مكافحته " ! فمغالطة مكشوفة ، لأننا نقول : إن الحديث لم يقل نقيض هذا ، و إنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها ، فإذا قال الحديث : " إذا وقع الذباب .. " فلا أحد يفهم ، لا من العرب و لا من العجم ، اللهم إلا العجم في عقولهم و إفهامهم أن الشرع يبارك في الذباب و لا يكافحه ؟

ثالثا : قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم ، من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " القاتل للجراثيم . و هذا و إن لم يكن موافقا لما في الحديث على وجه التفصيل ، فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه و أمثاله من اجتماع الداء و الدواء في الذباب ، و لا يبعد أن يأتي يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا ، ( و لتعلمن نبأه ، بعد حين ) . و إن من عجيب أمر هذا الكاتب و تناقضه ، أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث ، ذهب إلى تصحيح حديث " طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات : إحداهن بالتراب " فقال : " حديث صحيح متفق عليه " فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته ، فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم ، فكيف جاز له تضعيف هذا و تصحيح ذاك ؟ ! ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه ، لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة ، و أن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر ! و هذا تأويل باطل ، بين البطلان و إن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه . فلا أدري أي خطأيه أعظم ، أهو تضعيفه للحديث الأول و هو صحيح ، أم تأويله للحديث الآخر و هو تأويل باطل ! . و بهذه المناسبة ، فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في بعض المجلات السائرة ، أو الكتب الذائعة ، من البحوث الإسلامية ، و خصوصا ما كان منها في علم الحديث ، إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولا ، ثم بعلمه و اختصاصه فيه ثانيا ، فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر ، و خصوصا من يحمل منهم لقب " الدكتور " ! . فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم ، و ما لا علم لهم به ، و إني لأعرف واحدا من هؤلاء ، أخرج حديثا إلى الناس كتابا جله في الحديث و السيرة ، و زعم فيه أنه اعتمد فيه على ما صح من الأحاديث و الأخبار في كتب السنة و السيرة ! ثم هو أورد فيه من الروايات و الأحاديث ما تفرد به الضعفاء و المتروكون و المتهمون بالكذب من الرواة كالواقدي و غيره ، بل أورد فيه حديث : " نحن نحكم بالظاهر ، و الله يتولى السرائر " ، و جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ ، كما نبه عليه حفاظ الحديث كالسخاوي و غيره ، فاحذروا أيها القراء أمثال هؤلاء . و الله المستعان" أهـ الألباني

والطاعنون في هذا الحديث –ممن قابل ربه كمحمد الغزالي الداعية، أو ممن ينتظر من معتزلي هذا العصر- إمامهم عقولهم القاصرة ، وأذواقهم السقيمة ، وأهواؤهم المنحرفة. وكثيرا ما يستشهدون بالبيت التالي :

إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه

ورحم الله الإمام الألباني إذ يقول... و يقابل هؤلاء بعض الكتاب الذين لا يقيمون لـ " الصحيحين " وزنا ، فيردون من أحاديثهما ما لا يوافق عقولهم و أهواءهم ، مثل " السقاف "[حسن السقاف] و " حسان "[حسان عبد المنان] و "الغزالي"[الداعية المتوفى محمد الغزالي] و غيرهم . وقد رددت على هؤلاء و هؤلاء في غيرما موضع.[ الصحيحة تحت حديث 2450]

وصدق الله تعالى إذ يقول:
(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت 53
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:27 PM.