اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-01-2007, 08:57 AM
محمد صفوت محمد صفوت غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
العمر: 35
المشاركات: 170
معدل تقييم المستوى: 0
محمد صفوت is an unknown quantity at this point
افتراضي


الحرب الباردة هو مصطلح عام للفترة بين ما بعد الحرب العالمية الأخيرة مباشرة وحتى نهاية عام 1991، والتي احتضنت حرباً دارت بشكل سياسي واقتصادي واستخباراتي وثقافي وتسلح عسكري خاصة على الصعيد النووي، بين قطبي العالم آنذاك: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكنها لم تأخذ شكل المواجهات العسكرية المسلحة بينهما بصورة مباشرة قط..

سيتم تقديم سلسلة من المقالات عن أغرب حرب دارت في القرن العشرين، ليس لأجل محاولة فهم المصطلح بقدر ما هي رحلة كشف عن الأسباب والتطورات التاريخية التي مهدت لظهور القطب الواحد وتسيّد الولايات المتحدة زعامة العالم أجمع، ويتخللها توضيح لأحداث ومصطلحات مهمة تقع تحت أنظارنا بشكل مستمر دون محاولة التنقيب وراء دلالاتها أو مغزاها.. هلا بدأنا؟

كيف ولماذا؟

الثامن من مايو لعام 1945 هو يوم مشهود في تاريخ أوروبا والعالم، لقد انتهت الحرب المستعرة التي دارت بين دول المحور بقيادة الحلم النازي لسيادة العالم ودول الحلفاء الذين أوقفوا المد الهتلري والجموح الياباني، والآن جاء دور تقسيم الغنائم كما تم الاتفاق المسبق عليها في (مؤتمر يالطا) في فبراير لنفس العام، ألمانيا النازية سيتم تقسيمها إلى أربع قطاعات معلومة تتقاسمها كل دولة حليفة (أمريكا، الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، وفرنسا) بالإضافة إلى تقسيم العاصمة برلين –التي تقع داخل القطاع السوفيتي– بنفس الطريقة التي قُسمت بها ألمانيا، وهذا تم الاتفاق عليه بشكل أكثر تفصيلاً لاحقاً في (مؤتمر بوتسدام) أي بعد ثمانية أسابيع من النصر تقريباً..

هذا ما دار على الأرض حتى الآن، وإن كانت الخبايا السياسية والنوايا الحقيقية لم تُعلن بشكل واضح..
ففي الواقع، وعلى الرغم من التحالف الظاهري أثناء الحرب، إلا أن سياسة الولايات المتحدة لم تتسم بالود قط مع الاتحاد السوفيتي، لا سيما عندما رفض "ستالين" السماح للقوات الأمريكية باستخدام قواعد عسكرية سوفيتية أثناء الحرب، ثم اشتعل التوتر في مؤتمر يالطا بعد أن أعلن "ستالين" التزاماته القوية بنشر الفكر الشيوعي في أوروبا الشرقية وحبذا لو انتشر في فرنسا وإيطاليا أيضاً!

كانت الخلافات الأيديولوجية صارخة، تضغط على كل طرف بأخذ مواقف متباينة من الآخر، ولهذا فإنه يلزم وقفة توضيحية سريعة للرؤيتين المتضادتين..

الرؤية السوفيتية:

وتحركها أربعة محاور تصب في اتجاه واحد:

1. التاريخ: حيث الأحلام القديمة للروس بالسيادة على الشعوب السلافية في الشرق الأوروبي، وهي ذات جذور منذ أيام روسيا القيصرية، خاصة أنه بالهيمنة على دول مثل بولندا والمجر والمجر ورومانيا فقد تم الوصول إلى ثغور بحرية وإلى المياه الدافئة، حيث إن الثلوج القارسة التي تحاصر السوفيت كانت بمثابة هاجس يشغل تفكيرهم وكابوس يجثم عليهم..

2. الأيديولوجيا: وهو نشر الفكر الشيوعي التقدمي، ومحاربة الرجعية والإمبريالية، وانتقال جذوة الثورة البلشفية إلى الدول المجاورة، حيث إن اعتناق شعب للفكر الشيوعي أو صعود شيوعيين للحكم بواسطة صناديق الاقتراع أو الانقلابات؛ يعني مباشرة هيمنة السوفيت على تلك الدولة ورقعة أرض جديدة لصالح التوسع..

3. الخوف: كانت البوابة الغربية للروس مصدراً لحروبها خلال قرن كامل، بدءاً من حروب "نابليون" 1812 ومروراً بالحرب العالمية الأولى وانتهاءً بالثانية، مما يعني أن التوسع باتجاه أوروبا الشرقية هو الرادع الأمثل لصد الاعتداءات المتكررة على السوفيت، وذلك بدا واضحاً من رغبة "ستالين" في جعل ألمانيا منطقة *****ة السلاح وإعاقة نموها اقتصادياً مما يخالف رغبات الإدارة الأمريكية هناك..

4. الظروف: كان لدى "ستالين" قناعة قوية بأن المعسكر الرأسمالي سرعان ما تتضارب مصالحه التجارية، ويعود للنزاع حول مستعمرات ما وراء البحار. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن فائض الإنتاج نتيجة الحرب والعجز عن إيجاد منافذ لتصريفه، سوف يؤدي إلى هبوط مفاجئ في الأسعار محدثاً انهياراً اقتصادياً آخر كما حدث لأمريكا أواخر الثلاثينيات..

الرؤية الأمريكية:

وهي محكومة بتصورات إدارة الرئيس الراحل "فرانكلين روزفلت"، تلك المتعلقة بحق تقرير الشعوب لمصيرها من خلال الديمقراطية وجلب السلام الدائم وتعزيزه، واقتصادياً من خلال فتح الأسواق وتحريرها أمام الاستثمارات الواسعة والمشاريع الرأسمالية، وكل ذلك كان يتطلب تدمير الاتحاد السوفيتي..

لقد كان عام 1945 عصيباً بعد رحيل الرئيس وتولي نائبه "هاري ترومان" الحكم بعده، وازدادت الأمور اشتعالاً بعد قضية "إيجور غوزينكو Igor Gouzenko" وهو موظف بقسم الشفرة في القنصلية السوفيتية بأوتاوا في كندا، إذ فرّ ومعه وثائق كشفت خلايا تجسس نشطة للسوفيت في إنجلترا، وكندا، والولايات المتحدة، مما رفع الأمور إلى مناصبة السوفيت العداء السافر والعلني..

كذلك كانت لإدارة "ترومان" تخوفات من هبوط الأسعار المفاجئ كالتي توقع بها "ستالين". إن دوران عجلة الحرب أدت إلى انتعاش صناعات عسكرية للجيش واستهلاكية للشعب بشكل ضخم، وذلك تحسباً من أي نقص في أحد السلع الرئيسية قد تتسبب به الحرب، والآن وبعد أن انتهى كل ذلك، فقد تبقى مخزون طويل من هذه السلع ووجودها في السوق الأمريكية بشكل مفرط قد يؤدي إلى قلة الطلب عليها وانهيار الأسعار بالتالي.

وقد لجأت الإدارة الأمريكية إلى خطوات قاسية ولكنها حكيمة من أجل الحفاظ على الاقتصاد، وتضمن ذلك زيادة مدة التجنيد للكثير من الجنود عام 1944 بل والتجنيد الإجباري للكثير من الأمريكيين في زمن السلم –دون الالتفات إلى عدائية هذه الخطوة بالنسبة للاتحاد السوفيتي- وقد أدى ذلك إلى خفض الأيدي العاملة في السوق وتقليل نسبة البطالة، وكذلك ظهر إلى الوجود ما يخفف من ضغط الإنتاج الضخم في أمريكا... "مشروع مارشال".

في عام 1947، وبعد تشاورات مسبقة مع الرئيس، قرر وزير الخارجية آنذاك "جورج مارشال" إرسال مساعدات إلى أوروبا بقيمة مئات الملايين من الدولارات، وكان الهدف المباشر هو حماية ألمانيا من التأثير الشيوعي ودعم اقتصادها ليكامل باقي الاقتصاد الأوروبي، أما عن نتائجها فقد أنقذت أوروبا من وطأة الحرب ونجحت بشكل فعال في عودة الازدهار الاقتصادي مجدداً إليها، بينما دول شرق أوروبا والتي بطبيعة الحال رفضت تلك المساعدات فمازال سكانها يعانون من مستوى معيشي متدنٍ، أما بالنسبة لأمريكا فقد أنقذها ذلك المشروع من (أزمة دولار) كادت تعصف باقتصادها..

على صعيد السياسة الخارجية، فقد قرر الرئيس "ترومان" التخلص تماماً وإلى الأبد من العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة على نفسها نتيجة "مبدأ مونرو"، وقد ظهر ذلك جلياً أثناء الحرب الأهلية اليونانية..

العالم يتشكل من جديد:

كان السوفيت يسعون إلى بسط الشيوعية في أوروبا والعالم، وهذا ما تحقق لهم في أواخر الأربعينيات، إذ أن الأحزاب الشيوعية نالت أصواتاً كثيرة في صناديق الاقتراع مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وفنلندا، وقام انقلاب شيوعي غير متوقع عام 1948 في تشيكوسلوفاكيا، أما في شمال إيران فقد نجح الاتحاد السوفيتي في تشكيل (جمهورية مهاباد) كدولة كردية مستقلة، وإن كانت قد استسلمت أمام القوات الإيرانية بعد انسحاب الجيش السوفيتي من هذه المنطقة..

لكن اليونان كانت ذات وضع خاص، فالجميع شرقاً وغرباً متفقون ضمنياً على أنها خاضعة للنفوذ البريطاني، تلك الإمبراطورية التي بدأت الشمس تغيب عنها، وأصبحت حكومتها في 1947 على وشك الإفلاس، وبالتالي عدم قدرتها على مساندة القوات الملكية في اليونان والتي تواجه الأجنحة العسكرية الشيوعية، مما يعني ببساطة أن تلك الدولة الزرقاء المطلة على بحر إيجه ستصبح حمراء تحت رحمة الدب السوفيتي الذي يتلهف لابتلاعها..

هنا جاء تدخل "ترومان" حاسماً، والذي رفض أن ينحصر دور أمريكا مجدداً في نصف العالم الغربي كما حدث بعد الحرب العالمية الأولى، وقد نجح في إقناع الكونجرس الأمريكي بـ(نطرية الدومينو) وهي أنه عند السماح بسقوط دولة أوروبية واحدة تحت الظل الأحمر فإن هذا سيتلوه وقوع دولة أخرى وراءها ثم دولة ثالثة وهكذا...

في خطابه أمام الكونجرس، طلب الرئيس وقتها مساعدات بقيمة 400 مليون دولار لأجل الوقوف مع القوات المحاربة ضد الشيوعيين اليونانيين، وطلب تصديق المجلس على "دعم الشعوب الحرة والتي تقاوم محاولات الاعتداء عليها واستعبادها من قبل الأقليات المسلحة أو القوى الخارجية"، وهذا عُرف فيما بعد بسياسة التطويق containment أو (مبدأ ترومان)، وهو المبدأ الذي ظلت تتبعه الولايات المتحدة حتى حرب فيتنام، مقدمةً نفسها كقائدة للعالم الحر وزعيمة له تحت مزاعم الحفاظ على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، على حين أن الاتحاد السوفيتي قدم نفسه كنصير البروليتاريا المضطهدة وأعداء الرجعية والإمبريالية..

لقد كان هذا المبدأ هو نواة الانقسام الواضح بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، وعزز وضع الحكومات المعادية للشيوعية في أوروبا، في حين لم ينل إلا سخط الاتحاد السوفيتي وعداءه وذلك من خلال تصريح سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي آنذاك؛ والذي وصف المبدأ بأنه مساند للحكومات الرجعية وينم عن عداء سافر..

ثم في عام 1949 تم تأسيس أمن جماعي مشترك يشمل الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا تحت مظلة (حلف شمال الأطلنطي) أو منظمة الناتو NATO، وفي 1955 كان قد تأسس حلف وارسو والذي يضم الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية، وهكذا صار الانقسام واضحاً في العالم أجمع بين حلفاء الولايات المتحدة وحلفاء الاتحاد السوفيتي..

لكن هذا كله مسبوق بأزمة دولية كبيرة، شدت أنظار المعسكر الغربي إلى خطورة الاتحاد السوفيتي وعدم ضمان وده، وعرفت باسم (حصار برلين)..

برلين بين الحصار براً والإنقاذ جواً :

كان "ستالين" راغباً في سحق بذرة النمو الاقتصادي في ألمانيا، وهذا يتعارض مع الرؤية الواقعية لأمريكا بأن استقرار الاقتصاد الأوروبي كله مرهون بمدى فاعلية الاقتصاد الألماني، وهكذا فإن السوفيت قاموا باستئصال البنية الصناعية الثقيلة في قطاعهم الألماني وشحنوها إلى الاتحاد السوفيتي، وعندما طالبوا بتعويضات من ألمانيا في القطاعات الثلاثة الأخرى، رفض "ترومان" ذلك معتبراً إياه مخالفة صريحة لاتفاق يالطا، وقد رد "ستالين" بإعلان أن القطاع الألماني- السوفيتي قد صار شيوعياً، ثم قام بقطع كافة الطرق والسكك الحديدية المؤدية إلى برلين بما فيها القطاعات الثلاثة الغربية هناك، وذلك في الرابع والعشرين من يونيو لعام 1948..

حاول الغرب الاحتجاج على تلك الخطوة، لكن السوفيت كانوا واضحين.. حق استغلال الطرق المؤدية إلى برلين لم يتم مناقشته بشكل واضح في المعاهدات السابقة، وبالتالي فإن من حقهم التصرف في تلك الممرات كما يشاءون لأنها تقع في قطاعهم!

لكن الغرب الرافض أن تتحول هذه الأزمة إلى سبب لنشوب حرب عالمية أخرى، قام باستخدام نفس حجة السوفيت، وهي أن الاتفاقيات التي لم تحدد حقهم في استخدام الطرق المؤدية إلى قطاعاتهم البرلينية، فإنها لم تحدد أيضاً حق احتكار السوفيت لأجواء القطاع كذلك، وقاموا بمد جسر جوي على شكل مئات من الطائرات المزودة بالطعام والمؤن الأخرى والتي كانت تطير فوق القطاع السوفيتي لتلقي بحمولتها على سكان برلين بواسطة مظلات –باراشوت- صغيرة أو بالهبوط في المطارات العسكرية الموجودة داخل قطاعاتهم ببرلين!

كانت تلك حركة مذلة للغاية بالنسبة للسوفيت، وفي النهاية فقد تمت أكثر من 270 ألف طلعة جوية حملت ما يقارب 2.3 مليون طن من المعونات خاصة الفحم –لأن السوفيت قطعوا الكهرباء عن هذه القطاعات– وذلك على مدار عام تقريباً، وقام السوفيت بفك الحصار بعد أن أدركوا أن الغرب مستعد للمضي في هذه الرحلات الجوية المكلفة إلى ما لا نهاية!

وبالفعل، وعلى الرغم من انسحاب السوفيت في مايو 1949، إلا أن الطائرات استمرت بنقل المؤن لسكان برلين حتى أواخر سبتمبر من نفس العام وذلك لتخزين الفحم والطعام تحسباً من حصار سوفيتي آخر لهذه المدينة..

وبعد ذلك، بدا واضحاً بزوغ القوتين العظميين في العالم: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ثم تشكيل الستار الحديدي والذي يفصل الشرق بالنفوذ الشيوعي عن الغرب الرأسمالي، والأهم هو تقسيم الدولة الواحدة ذات الشعب الواحد إلى دولتين: ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية من الفترة (1949- 1990)، وإنشاء (جدار برلين) بينهما عام 1961 وذلك لمنع الهجرة من الشرق إلى الغرب..

الضرب تحت الحزام:

بعد تدمير المدينتين اليابانيتين هيروشيما ونازاجاكي بالسلاح النووي الأمريكي، صار واضحاً أمام العالم كله احتكار الولايات المتحدة لهذا السلاح الخطير والفعال، الأمر الذي لم يدم طويلاً بعد أن أطلق الاتحاد السوفيتي أول تجربة نووية محدودة عام 1949، مما وازن معايير القوى العالمية ودفع أمريكا إلى اتجاهات جديدة من التفكير..

سعت إدارة الرئيس "ترومان" إلى تعزيز النظم الدفاعية وزيادة النفقات العسكرية إلى أربعة أضعاف، وتقرر نشر حملة دعائية واسعة النطاق –propaganda- بين الشعب الأمريكي لإقناعهم بخوض هذه الحرب الباردة باهظة الثمن، وفي أوائل الخمسينيات أصدر "ترومان" قراره بالبدء في ابتكار أول قنبلة هيدروجينية في العالم وذلك للحفاظ على أسبقية الولايات المتحدة في منافستها العسكرية مع الاتحاد السوفيتي..

وبعد أن بدأت الأمور في الاستقرار نسبياً داخل أوروبا، كانت آسيا مجالاً مفتوحاً للمنافسة بين القوتين العظميين، حيث أبرمت الولايات المتحدة مع اليابان اتفاقية سلام أدت إلى تواجد قواعد عسكرية أمريكية في الجزر اليابانية لمدة طويلة، وسعت أيضاً إلى إيقاف النفوذ الشيوعي الواضح في فيتنام والصين..

الصين بالذات كانت تعاني آنذاك من حرب أهلية ضارية، وكالعادة بين الحزب الشيوعي فيها بقيادة "ماو تسي تونج" والذي لم ينل إلا مساعدات محدودة من السوفيت، والحزب الوطني الصيني بقيادة "كيانغ كاي-شيك" والذي فشل في إيقاف المد الشيوعي على الرغم من المساعدات الأمريكية الضخمة بالإمدادات العسكرية والقروض السخية والتي قُدرت بملايين الدولارات آنذاك.

ولعل هذا يرجع إلى تأييد القرويين للشيوعيين بالإضافة إلى عدم انضباط فرق الوطنيين العسكرية وقلة معنوياتها نظراً للحرب الطويلة التي خاضوها ضد اليابان.

المهم أن النتيجة النهائية كانت استيلاء الشيوعيين على بر الصين الرئيسي وإعلان "ماو تسي تونج" جمهورية الصين الشعبية، بينما فر "كيانغ كاي-شيك" وأتباعه إلى جزيرة تايوان ليعلنوا أن (تايبييه) مقر الحكومة الصينية المؤقتة، وأنها السلطة الصينية الوحيدة ذات الشرعية القانونية، وهو ما اعترف به العالم إذ احتفظت تايوان بمقعد الصين في الأمم المتحدة حتى عام 1971، عندما أخذت جمهورية الصين الشعبية كرسيها هناك بينما صار لتايوان كرسي آخر مستقل..

أما عن كوريا فقد قُسمت بعد الحرب العالمية الثانية عند خط العرض 38، وأخذ المعسكر الرأسمالي القسم الجنوبي بينما ابتلع الشيوعيون القسم الشمالي، والذي حاول "ستالين" استغلاله لدرء التوغل الأمريكي في آسيا بعد استقرار قواعدها العسكرية في اليابان، وهكذا قام بإذكاء جذوة الحرب بين الكوريين الشماليين ليقوموا بغزو الجنوبيين وإعادة توحيد أراضيهم تحت الفكر الشيوعي..

بالطبع فإن "(ترومان" لم يصمت أمام تلك النوايا السافرة، وطلب من مجلس الأمن أن تتحرك القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة لرد العدوان الشيوعي عن كوريا الجنوبية، ولمن يتساءل منكم عن دور المقعد السوفيتي في مجلس الأمن وحقه في نقض هذا القرار بصوت الرفض (الفيتو، فقد قام السوفيت بأحد أغبى الحركات الدبلوماسية على الإطلاق وهي مقاطعة هذه الجلسة الخطيرة في مجلس الأمن مما أدى إلى اشتعال الحرب برعاية دولية، ولعل هذا ما كان "ستالين" يريده من الأصل..

دارت الحرب المستعرة بين القسمين الكوريين على مدار (1950- 1953)، ولم تنتج شيئاً سوى ترسيخ الانقسام في شبه الجزيرة الكورية، وزيادة الجو العدائي ضد أمريكا، لا سيما بعد دخول الصين الحرب الكورية نتيجة إرسال قوات أمريكية على حدودها، مما قطع العلاقات بين الطرفين الأمريكي والصيني لفترة لا بأس بها..

على كل حال، فقد دخلت الحرب الباردة منحىً جديداً بعد تغيير القيادات في الدولتين العظميين عام 1953، إذ شهد الاتحاد السوفيتي موت "جوزيف ستالين" وتولي "نيكيتا خروشوف" الحكم بعده، كما انتهت مدة ولاية الرئيس "ترومان" وكسب "دوايت آيزنهاور" انتخابات الرئاسة..

في المقال القادم سيدور حديثنا حول الأحداث التي شهدها العالم بعد ذلك: من حركة عدم الانحياز والعدوان على قناة السويس إلى حرب فيتنام وتوابعها، مروراً بأقصى أزمة عسكرية وسياسية بين السوفيت والأمريكان كادت تقود إلى حرب نووية مدمرة... أزمة (خليج الخنازير)!


__________________
<div align="center">ودود يا ودود ، ياذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد ،
يا فعالا لما يريد ، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان
عرشك ، وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك ،
وأسألك برحمتك التي وسعت كل شيء ، لا إله إلا أنت ، يا
مغيث أغثنى...</div>
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:10 PM.