اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > إبداعات ونقاشات هادفة

إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-12-2009, 05:23 AM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 16
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي حبــر أســود


حبــر أســود

إهداء: إلى د. أحمد خالد توفيق!

الشمس في كبد السماء.. لكن كل شيء أسود في عينيّ..
الجو بارد لكنني أشعر أنني أختنق..
أفتح الأزرار الثلاثة العلوية من سترتي العسكرية، لكنني أتصبب عرقا..
ورغم أنني أسير بتؤدة إلا أنني كنت ألهث، وصوت حذائي العسكري على بلاط الممر يقرع رأسي كمطارقَ عملاقة.
حتى عيناي لم تعودا تريان أحدا، أو أنني لم أكترث برد تحية أحد.
***
قال لي جون وهو مستلقٍ أمامي على أريكة الفحص في العيادة النفسية:
- لقد أطلقت النار.. لم يأمرني أحد، ولكني فعلت.. كنت أقف على قاطع الطريق شمال غرب بغداد.. الشمس حارقة، والعرق يعميني، والذباب يحوم حول وجهي ويئز في أذني بطريقة تثير الجنون، لكني لم أفكر حتى في رفع كفي لطرده، فعقلي كان في إصبعي المتحفز على زناد رشاشي غير المؤمّن.. في كل ثانية كنت أتوقع الموت، وفي كل عراقي كنت أرى انتحاريا.. لهذا مع أول شبح لاح لي قادما من الرمال المحيطة بالطريق، لم يفكر إصبعي كثيرا.. أطلقت النار من على بعد 300 متر، لأرى ـ وعيناي لا تفهمان ـ شيخا وصبيا يمسك يده يسقطان مضرجين في دمائهما.
***
إليزا لا ترد على اتصالاتي الهاتفية..
لقد هجرتني بعد أن صرخت في وجهها وصفعتها الأسبوع الماضي، حين ضبطتها في أحضان صديقي مايكل، وخرجت غاضبا من شقتها.
حين عدت مساء اليوم التالي وجدتها غيرت رتاج الشقة، ولم تفلح كل طرقاتي إلا في جعلها تهدنني بالاتصال بالشرطة، وهي تصرخ بأنني همجي متخلف، فرحلت في صمت.
***
قال لي رالف وعيناه تتوهجان:
- كان لا بد من أن أنتقم.. لقد رأيت أشلاء أصدقائي تتطاير أمام عيني حينما عبرت سيارتهم "الهامر" بجوار عبوة ناسفة على جانب الطريق.. كان يمكن أن تكون سيارتنا نحن، لولا أن ذلك الإرهابي الحقير الذي فجر العبوة عن بعد قرر أن سيارتهم هي المنشودة!.. وحينما كنت ملقى على الأسفلت والرصاص يئز فوق رأسي، وأنا أطلق رشاشي في كل اتجاه وغبار الانفجار لا يجعلني أرى شيئا، أقسمت أن أنتقم.. لهذا حينما دهمت دوريتي أول قرية أفغانية في الأسبوع التالي، لم أتردد أنا وفيرد في التناوب على ****** أول فتاة صادفتنا في أول منزل فتشناه.. كانت مجرد طفلة في الحادية عشرة، لكن هذا هو المطلوب بالضبط.. لا شيء يكسر هؤلاء الإرهابيين سوى هتك عرضهم.. الموت لا يخيفهم، والألم لا يعنيهم.. لكن الشرف يطعنهم في مقتل.
***
ليلة وحيدة أخرى في شقتي..
أرهقني الأرق، خاصة أن مزاجي كان متعكرا، منذ أن صرخ ذلك الزنجي المدمن وهو يلوح بمدية في وجهي بأنني إرهابي، وطالبني بأن أرحل من هنا.
لم يعنِه زيي العكسري، ولا أنني لم أعرف لي بلدا غير هذا البلد، ولا أنني لا أختلف عنه كثيرا، فكلانا ـ مثل كل سكان هذا البلد ـ جئنا من أصول مختلفة من بلاد العالم المختلفة، ببساطة لأن السكان الأصليين لهذا البلد أبيدوا منذ أمد!
لم يعنِه كل هذا، وتذكر فقط أن اسمي أحمد، وهذا يعني حتما أنني عضو في تنظيم إرهابي ما، وأن ابن لادن يختبئ في صوان ملابسي بلا ريب!
أطلق سبة بذيئة وهمّ بمهاجمتي، لولا أن رأى تحفزي ونفور عضلاتي، فذكره زيي العسكري أنني لست صيدا سهلا، فتراجع وهو يرغي ويزبد.
***
قال لي هاورد في بلادة:
- لم أكن أفكر فيهم كبشر وأنا أعذبهم في جوانتانمو.. وصرخاتهم لم تكن تبدو لي أكثر من نعيق غربان مذعورة.. كل ما كان يعنيني هو أن أحصل على الإجابات المطلوبة.. لقد حطمت ضلوعهم، وصعقتهم، وكسرت آدميتهم وكرامتهم بإلقائهم عرايا في محابسهم.. لكن كل هذا لم يكسر إرادتهم.. كانوا يقابلونه بصبر ويقين غريب، وكأن كلا منهم يظن نفسه المسيح المخلص الذي يجب أن يتحمل الصَلب والعذاب من أجل قضية أكبر.. لكنهم حتى لم يكونوا يؤمنون بأن يسوع صُلب، وقال لي أحدهم إنه رُفِع إلى السماء.. لقد فشلت في فهم هؤلاء البشر.. هل تستطيع أن تخبرني أنت كيف يفكرون؟.. ألست واحدا منهم؟
***
كنت أقلب الملعقة في كوب الشاي بفراغ، والخبز المحمص كالعلقم في حلقي، ولا أكاد اسمع مرح الجنود وصحبهم من حولي في قاعة الطعام.
كل شيء يصير أقبح يوما عن يوم..
كنت أمتص السواد من نفوس هؤلاء الجنود المكتئبين، لكنه كان يتراكم بداخلي.. كأنني قطعة من الإسفنج تغمس كل يوم في زجاجة حبر شديد القتامة!
يبدو أنني أحتاج إلى زيارة طبيب نفسي بدوري، لأعصر إسفنجتي عنده، وأسكب بداخله بعضا من هذا الحبر الأسود، الممزوج بالقبح والوحشية وانعدام الإنسانية!
***
لا أذكر آخر مرة صليت فيها.. سأجرب أن أصلي هذا المساء وأناجي الله، لعل هذا ينفس عني بعضا من هذا الضغط الداخلي الهائل.
***
قال الكولونيل (إديموند) وهو يغلق الدفتر الذي بين يديه:
- هذا آخر ما وجدناه في مذكراته، وهو بتاريخ شهرين مضيا.. بعد هذا لم يدون شيئا، ويبدو أنه ازداد اكتئابا وزادت حالته سوءا.. أظن هذا كافيا ليبرر ما فعله اليوم.
أجابه الجنرال (إيزاك) بسخط:
- هذا يوضح لكنه لا يبرر.. لقد قتل هذا المعتوه عشرة من خيرة جنود قاعدتنا العسكرية، وجرح أكثر من ضعفهم، بفتح رشاشه عليهم وهم في طابور الصباح.
هز الكولونيل (إديموند) رأسه بأسف، وسأله:
- هل أجهز لك البيان الذي ستدلي به إلى الصحافة؟
فكر الجنرال (إيزاك) لحظة، قبل أن يقول بخبث:
- نعم.. لكنك ستجري به تعديلات طفيفة.. دعنا ننسى هذه المذكرات السخيفة، ولنبدأ من أن اسمه أحمد.
التقى حاجبا الكولونيل (إديموند) لحظة، قبل أن يبتسم ابتسامة واسعة، تدل على أنه فهم المراد، فقال بخبث:
- لعلنا إذن نحتاج إلى آخر مقطع من مذكراته، الذي يتعلق بالصلاة.. هذا يشي بميول إرهابية واضحة.
وضحكا معا في جذل.
***
بكل الحزن والأسى، تنعي الولايات المتحدة الأمريكية عَشرة من خيرة جنونها الأبطال، الذين قتلهم سفاح إرهابي غادر، لا يستحق الانتماء إلى هذا البلد ولا الخدمة تحت علمه.. فليذكر التاريخ بالفخار أسماء هؤلاء الأبطال:
جون وودز، رالف سبنسر، هاورد ستيفنسون، ....... ، ...... ، .........
***
محمد حمدي غانم
13/12/2009
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-04-2010, 04:21 AM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 16
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي


موضوع ذا صلة:
مذكرات جندي أمريكي هارب من جحيم العراق
http://refaq.maktoobblog.com/1610125

هذه مقتطفات من هذه المذكرات:
اقتباس:
وبدأت الدوريات ليلا في المدينة كل رجل في الدورية يبعد ثلاثة أمتار عن الآخر الدم متجمد في العروق والرشاش في اليد.


اقتباس:
كان رفاقي يختفون الواحد تلو الآخر دون أن نعرف أخبارهم إن كانوا جرحى أو قتلى. ببساطة لم نعد نسمع شيئا عنهم. في إحدى الفترات كثرت الهجمات وإطلاق الصواريخ إلى حد أننا ما أن نصحو صباحا حتى نقول هل جاء اليوم دوري؟ وكنا نحلم بان نصاب بجرح للعودة إلى المنزل. كل شيء من هذا القبيل كنا نحلم به إلى حد القبول أن فقدان احد أطرافنا كان بالنسبة إلينا أفضل من البقاء في هذا الجحيم. لقد أطلق عدد من الجنود النار على أطرافهم وأفخاذهم من اجل ذلك. رفيق لي استخدم بندقية أل إم 16 إطلاق النار على رجله لم اعرف أبدا ما حل به من بعد ولكن فكرة إطلاق النار على الأطراف كان موجودة في تفكير الجميع.


اقتباس:
كنا نتمركز دائما في وسط المدن بلا ماء عذب وبلا إمكانية استحمام محرومين من المنتفعات العادية. كانت ثيابنا العسكرية ملوثة بالدم وكان نحرق بأنفسنا نفاياتنا. في الرمادي كنا ننام في قصر قديم لصدام نهب وحطمت محتوياته. في أماكن أخرى كنا نتدبر إقامتنا بين أنقاض منازل مدمرة جراء القصف فنجد ملجأ فيها. في الواقع كان ينقصنا النوم بشكل دائم واعتقد أن ذلك كان مقصودا فهو يجعلنا عصبيين وقلقين مستعدين لإطلاق النار على كل شيء يتحرك. ودائما متأهبين كالهياكل الآدمية التائهة وسط الضباب.


اقتباس:
كنت شخصا يشعر أن بلده خانه و يقول لنفسه: لماذا نفعل هذا. لا يوجد في هذا البلد أسلحة دمار شامل. لا طائرات. لا آليات لا جيش. هنا فقط أناس وعائلات نرهبها ونحطم حياتها.

الاستبداد الكامل. أي كان يمكن سجنه بلا سبب وفي أية لحظة. أية سيارة يمكن تفجيرها. كنا نطلق النار أولا ونفكر من بعد. كم عراقي قتل فقط بسبب حاجز اللغة. اذكر رجلا وابنه الطفل الذين قتلا خلال ثانيتين لأنهما لا يعرفان معنى كلمة "ستوب" اي توقف بالإنجليزية. أصبت بتقزز من ذلك. لم يكونا مسلحين كانا بريئين.


اقتباس:
يحتاج الأمر مع الأسف إلى سنوات عديدة حتى تخرج أمريكا من تنويمها المغناطيسي وحتى تظهر الحقيقة حول الأعمال الوحشية التي تحدث في العراق أنا لست ضد الحرب بالمطلق. اعتقد أن هناك حروبا عادلة لكن ليس هذه الحرب.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-04-2010, 08:51 AM
الصورة الرمزية الأستاذة ام فيصل
الأستاذة ام فيصل الأستاذة ام فيصل غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 16,492
معدل تقييم المستوى: 32
الأستاذة ام فيصل is just really nice
افتراضي تحية تقدير واحترام الى حضرتك

تسلم ايدك
قدمت لنا وباسلوبك الرائع اهم مايدور في الساحه الدوليه
بصوره مؤجزه من ظلم وانتهاك وحروب ممكن اسميها حول العالم في 5 دقائق
جزاك الله الخير كله وبارك فيك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-04-2010, 06:12 PM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 16
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي

نغم محمد:
تسمية شيقة فعلا..
آخرون سموها مذكرات جندي أمريكي
عامة، تختلف المسميات والحصيلة واحدة: نحن نعيش عصر التجبر الأمريكي، لكن الله سبحانه سيأخذهم بظلمهم في النهاية.
تحياتي
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:49 AM.