الدعاء عند الختم

[أحمد حافظ جلال]

الدعاء عند الختم :

يستحب الدعاء عند الختم استحبابا متأكدا .

عن حميد الأعرج قال: " من قرأ القرآن ثم دعا أَمَّنَ على دعائه أربعة آلاف مَلَك ".

وعن مجاهد قال: " بلغنا أن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ".

رواهما الدارمي في سننه 2/560-561.

وقال سعيد بن منصور: نا سفيان عن أبي أمية عن مجاهد قال:" من ختم القرآن أعطي دعوة لا ترد " .

وقال الإمام البخاري رحمه الله :" عند كل ختمة دعوة مستجابة "(شعب الإيمان للبيهقي 2/416).

قال النووي رحمه الله تعالى :" الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا، وينبغي أن يلح في الدعاء وأن يدعو بالأمور المهمة، وأن يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري بإسناده أن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمنين والمؤمنات "( التبيان،ص: 94-95).

الحال المرتحل :

يستحب لمن ختم القرآن أن يشرع في أخرى ، وهذا هو المراد بالحال المرتحل.

وقد ورد تسميته بذلك في حديث ابن عباس بأن رجلا قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟،فقَالَ ص:الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ،قَالَ:وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ ؟،قَالَ: " الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ ".

رواه الترمذي ( السنن 5/197،كتاب القراءات، باب منه، ح:2948) وغيره.

قال الترمذي رحمه الله: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا لوجه، وإسناده ليس بالقوي.

قلت: مداره على صالح المري الواعظ الزاهد، لكنه ضعيف في الحديث.

قال العلامة ابن الجزري رحمه الله تعالى : " هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله. شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ، ثم يفتتح سيره أي يبتدئه .وكذلك قراء مكة إذا ختموا القرآن ابتدءوا وقرءوا الفاتحة وخمس آيات من أول البقرة إلى { وأولئك هم المفلحون } ثم يقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل ، أي ختم القرآن ، وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان" (تحفة الأحوذي بشرح الترمذي للمباركفوري 8/220).

قال النووي رحمه الله تعالى :" قد استحب ذلك السلف، واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : خير الأعمال الحل والرحلة، قيل: وما هما؟ ، قال: افتتاح القرآن وختمه " ( التبيان،ص:97).

قلت: حديث أنس ذكر الحافظ في أمالي الأذكار أنه رواه ابن أبي داود بسند فيه من كذب، وقال الحافظ أحمد بن الصديق الغماري : وهو من رواية بشر بن الحسين الأصبهاني عن الزبير بن عدي عن أنس، وبشر قال أبو حاتم: يكذب على الزبير، وحكم هو وجماعة من الحفاظ ببطلان هذا الحديث، وقد أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس واستغربه، وكذا الطبراني والحاكم ، وقال: تفرد به صالح المري وهو من الزهاد إلا أن الشيخين لم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأنه متروك، ثم أخرج له الحاكم شاهدا من حديث أبي هريرة وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بأنه موضوع على سند الصحيحين، وفيه مقدام بن داود متكلم فيه والآفة منه " اهـ (من تعليقات الحافظ أحمد بن الصديق على التذكار للقرطبي، ص: 88، هامش رقم:1).

حضور مجالس الختم :

يستحب حضور مجالس الختم وشهوده .

لحديث أن رسول الله ص أمر بالحيض بالخروج يوم العيد فيشهدن الخير ودعوة المسلمين .

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم 6/180:" فيه استحباب حضور مجامع الخير ودعاء المسلمين وحلق الذكر والعلم ونحو ذلك ".

وروى الدارمي 2/560 عن ابن عباس أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن ، فإذا أراد أن يختم القرآن أعلم ابن عباس فيشهد ذلك.

وروى أيضا عن ثابت قال: كان أنس بن مالك إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته فدعا لهم (سنن الدارمي 2/560).

وعن الحكم بن عتيبة قال: أرسل إلي مجاهد وعبادة بن أبي لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن والدعاء يستجاب عند ختم القرآن ( سنن الدارمي 2/560).

وفي رواية : وإنه كان يقال : إن الرحمة تتنزل عند خاتمة القرآن (انظر: مصنف ابن أبي شيبة 6/128).

وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح عن مجاهد قال : " كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون تتنزل الرحمة "( التبيان للنووي،ص:94).

وقال وهيب بن الورد: قال لي عطاء: بلغني أن حميد الأعرج يريد أن يختم القرآن فانظر إذا أراد أن يختم فأخبرني حتى أحضر الختمة (التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي،ص:89).

وقال الإمام أحمد : كان معتمر بن سليمان يختم كل جمعة القرآن، فإذا كان يوم ختمته اجتمع إليه ناس ، ثم يدعو إذا فرغ من الختمة (العلل ومعرفة الرجال لأحمد 3/20).

من أحوال الصالحين وقصصهم في ختم القرآن :

ـــــــــــــــــــــــ الختم عند ساعة الاحتضارـــــــــــــــــــــــ:

جاء في سير أعلام النبلاء في ترجمة (( آدم بن أبي إياس )) الإمام الحافظ القدوة، شيخ الشام، أبو الحسن الخراساني المروذي، ثم البغدادي، ثم العسقلاني، محدث عسقلان، المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائتين للهجرة ( 221هـ ).

" قال أبو عبد الله المقدسي : لما حضرت آدم الوفاة، ختم القرآن وهو مسجى، ثم قال: بحبي لك إلا ما رفقت لهذا المصرع، كنت أؤملك لهذا اليوم، كنت أرجوك، ثم قال: لا إله إلا الله، ثم قضى رحمه الله "( حكاها أيضا: الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7/29، والحافظ المزي في تهذيب الكمال 2/305).

وقال أبو بكر العطوي: كنت عند الجنيد – قُدِّس سره - حين مات فختم القرآن ثم ابتدأ من البقرة ، فقرأ سبعين آية ثم مات رحمه الله "( تاريخ بغداد 7/248).

ـــــــــــــــــــــــ الختم ومهور الحور العين ـــــــــــــــــــــــ:

قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في ترجمة الإمام الثقة الفاضل (( زكريا بن يحيى بن عبد الملك بن مروان بن عبد الله أبو يحيى الناقد )):" كان أحد العباد المجتهدين ومن أثبات المحدثين وذكره الدارقطني فقال :ثقة فاضل .. قال أبو زرعة الطبري: قال أبو يحيى الناقد : اشتريت من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة،فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي تقول :وفيت بعهدك فها أنا التي قد اشتريتني .فيقال إنه مات عن قريب "( تاريخ بغداد 8/461) .

وذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه ( لطائف المعارف )ص:43 عن بعضهم أنه اشترى من الله تعالى حوراء بصداق ثلاثين ختمة فنام ليلة قبل أن يكمل الثلاثين فرآها في منامه تقول له :

أَتَخْطُبُ مِثْلِي وَ عَنِّي تَنَامُ ونوم المحبين عَنِّي حرام

لأنَّا خُلِقنا لِكُلِّ امــــــرِىٍء كَثيرِ الصلاة بَرَاهُ الصيام

ـــــــــــــــــــــــ أسرة تحيي الليل بختم القرآن ـــــــــــــــــــــــ:

جاء في ترجمة العبد الصالح (( الحسن بن صالح بن صالح بن حي الثوري الهمداني )) : قال وكيع: كان الحسن وعلي ابنا صالح وأمهما قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء يختمون فيه القرآن في بيتهم كل ليلة ، أمهم ثلث وعلى ثلث وحسن ثلث ، فماتت أمهما فكانا يختمانه ، ثم مات على فكان الحسن يختم كل ليلة " (انظر: معرفة الثقات للعجلي 1/295، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/250).

ـــــــــــــــــــــــ الختم وفكاك الأسرـــــــــــــــــــــــ:

جاء في كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي رحمه الله تعالى (الذيل والتكملة 2/508-509) في ترجمة الشيخ (( عيسى بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن عقاب الغافقي ؛ أبو الأصبغ )) :

" كان من حسباء قرطبة وفضلائها ومجودي مقرئيها.. وكان كثير تلاوة القرآن حسن الصوت به جميل الإيراد له.

حدث أنه مكث غائباً ببلاد النصارى - دمرهم الله - ببعض جزائر البحر زماناً إذ كان قد امتحن بالأسر في البحر، وقد ركبه مشرقاً حاجاً،

وان سبب سراحه أنه تقاطع مع الله تعالى على إنقاذه من الأسر بمائة ختمة يختمها من القرآن العزيز، فكان متى ختم ختمة قام إلى حائط فخط فيه خطاً، فبينا هو يوماً قد ختم القرآن وكانت تمام الختمات المائة، وهو لم يشعر لذلك، رأى طائراً كان محبوساً في قفص هنالك وقد انفتح له باب القفص فخرج منه ووقف على ظهره فسوى جناحيه وطار، فوقع بخاطره أن ذلك تنبيه من الله عز وجل له، فقام إلى تلك الخطات التي كان يخط بالحائط فعدها فألفاها مائة خطة، فخرج في الليلة الآتية إلى شاطيء البحر فوجد هنالك زورقاً فدخل فيه هو وجماعة معه من المسلمين الأسارى فنجاهم الله بنجاته، وخرجوا جميعاً إلى بلاد المسلمين سالمين، والحمد لله رب العالمين ".

ـــــــــــــــــــــــ غرس وختم ـــــــــــــــــــــــ:

جاء في ( الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم 2/140 في ترجمة (( إبراهيم بن مالك البزاز البغدادي )) :" هو صدوق وكان من الصالحين، وكان يغرس النخيل الصغار، فإذا غرس نخلة لم يبرح حتى يختم القرآن ".

ـــــــــــــــــــــــ البخاري وختم القرآن ـــــــــــــــــــــــ:

قال نسج بن سعيد :كان محمد بن إسماعيل البخاري إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال ، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ، وتكون ختمة عند الإفطار كل ليلة ، ويقول :عند كل ختم دعوة مستجابة "( تاريخ بغداد 2/12) .

ـــــــــــــــــــــــ ختم ودعاء الرابطة ـــــــــــــــــــــــ:

قال العلامة ابن حبان في (( مشاهير علماء الأمصار )) ص: 161 في ترجمة الإمام شيخ الحفاظ وإمام أهل الجرح والتعديل بلا منازع " يحيى بن سعيد القطان " رحمه الله :" وكان يختم القرآن في كل يوم وليلة ، ويدعو لألف إنسان من أهل العلم وإخوانه ،ثم يخرج بعد العصر فيحدث الناس".

ـــــــــــــــــــــــ مع صفة الصفوة ـــــــــــــــــــــــ:

(( هذه الآثار مأخوذة من كتاب " صفوة الصفوة " لابن الجوزري رحمه الله تعالى )).

*- كان أبي بن كعب يختم القرآن في كل ثماني ليال ، وكان تميم الداري يختمه في سبع ( 1/476).

*- وقال الربيع: كان الشافعي يختم كل شهر ثلاثين ختمة،وفي رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة (2/255).

*- وقال محمد بن زهير بن قمير: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات، تسعين ختمة في شهر رمضان (2/400).
*- وكان أبو العباس ابن عطاء يختم في كل يوم مرة،وفي شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات (2/444).
*- وكان أبو بكر الكتاني قد ختم في الطواف اثنتي عشرة ألف ختمة (2/495).
*- وقال إبراهيم النخعي: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين.. وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال "(3/23).
*- وكان علقمة بن قيس يختم القرآن في كل خمس (3/27).
*- وقال يحيى بن أكثم : صحبت وكيع بن الجراح في السفر والحضر، وكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة ( 3/171).
*- وكان قتادة السدوسي يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة (3/259).
*- وقال علي بن المديني: كان يحيى بن سعيد القطان يختم القرآن في يوم وليلة ما بين المغرب والعشاء (3/366).
*- وقال عبد العزيز المقدسي- وكان من الأبدال - : لما بلغت الحلم أخذت على نفسي أن أروضها وأمنعها من الآثام ، واسْتَوْفَقْتُ الله تعالى فَوَفَّقَنِي ،واستعنت به فأعانني .ولقد حاسبت نفسي من يوم بلوغي إلى يومي هذا ، فإذا زلاتي لا تجاوز ستة وثلاثين زلة ، ولقد استغفرت الله عز وجل لكل زلة مائة ألف مرة، وصليت لكل زلة ألف ركعة ،ختمت في كل ركعة منها ختمة ،وإني مع ذلك غير آمن سطوة ربي عز وجل أن يأخذني بها ، وأنا على خطر قبول التوبة (4/245).

تمت بحمد الله

[Amethyst]

جزاك الله خيرا ..

[أحمد حافظ جلال]

شكر الله مرورك يا ابنتنا الغالية

[محمد على ابوزياد]

جزاكم الله خيراَ وجعلم الله فى ميزان حسناتكم

[account closed]

جزاك الله خيرا