|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#9
|
||||
|
||||
![]() أيهـا الولــد: قد علمت من هاتين الحكايتين أنك لا تحتاج إلى تكثير العلم ، والآن أبين لك ما يجب على سالك سبيل الحق: فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب ، ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته ، ويجعل مكانها خلقا حسنا. ومعنى التربية يشبه الفلاح الي يقلع الشوك. ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع لحيسن نباته. ويكمل ريعه ، ولا بد للسالك من شيخ يربيه ويرشده إلى سبيل الله تعالى لأن الله أرسل للعباد رسولا للإرشاد إلى سبيله فإذا ارتحل صلى الله عليه وسلم فقد خلف الخلفاء في مكانه ، حتى يرشدوا إلى الله تعالى. وشرط االشيخ الذي يصلح أن يكون نائبا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه: أن يكون عالما إلا أن كل عالم لا يصلح للخلافة. وإني أبيّن لك بعض علاماته على سبيل الإجمال؛ حتى لا يدّعي كل أحد أنه مرشد فنقول: من يعرض عن حب الدنيا وحب الجاه ، وكان قد تابع شيخا بصيرا تتسلسل متابعته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وكان محسنا رياضة نفسه من قلة الأكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم ، وكان بمتابعة الشيخ البصير جاعلا محاسن الأخلاق له سيرة: كالصبر والصلاة والشكر والتوكل واليقين والسخاء والقناعة وطمأنينة النفس والحلم والتواضع والعلم والصدق والحياء والوفاء والوقار والسكون والتأني وأمثالها ، فهو إذا نور من أنوار النبي صلى الله عليه وسلم يصلح للإقتداء به ، ولكن وجود مثله نادر أعز من الكبريت الأحمر. ومن ساعدته السعادة فوجد شيخا كما ذكرنا ، وقبله الشيخ ، ينبغي أن يحترمه ظاهرا وباطنا: أما احترام الظاهر فهو أن لا يجادله ، ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه ، ولا يلقي بين يديه سجّادته إلا وقت أداء الصلاة ، فإذا فرغ من الصلاة يرفعها ، ولا يكثر نوافل الصلاة بحضرته ، ويعمل ما يأمره الشيخ من العمل بقدر وسعه وطاقته وأما احترام الباطن: فهو أنّ كل ما يسمع ويقبل منه في الظاهر لا ينكره في الباطن لا فعلا ولا قولا؛ لئلا يتّسم بالنفاق ، وإن لم يستطع يترك صحبته إلى أن يوافق ياطنه ظاهره. ويحترز عن مجالسة صاحب السوء؛ ليقصر ولاية شياطين الإنس والجن من صحن قلبه ، فيصفي عن لوث الشيطنة ، وعلى كل حال يختار الفقر على الغنى. ثم اعلم أن التصوف له خصلتان: الاستقامة ، والسكون عن الخلق ، فمن استقام وأحسن خلقه بالناس وعاملهم بالحلم فهو "صوفي". والاستقامة أن يفدي حظ نفسه لنفسه. وحسن الخلق مع الناس: ألا تحمل الناس على مراد نفسك ، بل تحمل نفسك على مرادهم ما لم يخالفوا الشرع. - ثم إنك سألتني عن العبودية وهي ثلاثة أشياء: أحدها: محافظة أمر الشرع. وثانيها: الرضاء بالقضاء والقدر وقسمة الله تعالى. وثالثها: ترك رضاء نفسك في طلب رضاء الله تعالى. - وسألتني عن التوكل؟ وهو أن تستحكم اعتقادك بالله تعالى فيما وعد ، يعني تعتقد أن ما قدر لك سيصل إليك لا محالة وإن اجتهد كل من في العالم على صرفه عنك ، وما لم يكتب لك لن يصل إليك ، وإن ساعدك جميع العالم. - وسألتني عن الإخلاص؟ وهو أن تكون أعمالك كلها لله تعالى ، ولا يرتاح قلبك بمحامد الناس ، ولا تبالي بمذمتهم. واعلم أن الرياء يتولد من تعظيم الخلق. وعلاجه أن تراهم مسخرين تحت القدرة ، وتحسبهم كالجمادات في عدم قدرة إيصال الراحة والمشقة لتخلص من مراياتهم. ومتى تحسبهم ذوي قدرة وإرادة لن يبعد عنك الرياء. أيهـا الولــد: والباقي من مسائلك بعضها مسطور في مصنفاتي ، فاطلبه ثمّة: وكتابة بعضها حرام ، اعمل أنت بما تعلم ، لينكشف لك ما لم تعلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم)[1][20]. أيهـا الولــد: بعد اليوم لا تسألني ما أشكل عليك إلا بلسان الجنان ، قال تعالى:{ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم} واقبل نصيحة الخضر عليه السلام حين قال:{فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} ولا تستعجل حتى تبلغ أوانه يكشف لك وتره:{سأوريكم آياتي فلا تستعجلون}. فلا تسألني قبل الوقت وتيقن أنك لا تصل إلا بالسير لقوله تعالى:{أولم يسيروا في الأرض فينظروا}. [1][20]قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1\71: أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه
__________________
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا اللهم من أردا بنا كيداً فأردد كيدة إلى نحرة
|
العلامات المرجعية |
|
|