اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2017, 06:45 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp أسباب هجر تدبر القرآن


الحمد لله...
أيها الإخوة الكرام.. إذا كان كثير من المسلمين قد هجروا تلاوة القرآن أو سماعَه أو حفظَه، فإنَّ الأكثر منهم قد هجروا تدبُّره هَجْراً لم تعرفه الأمَّة من قبل، وحتَّى الذين يواظبون على تلاوة القرآن أو حفظِه؛ ما هو نصيبهم من تدبُّر المتلوِّ والمحفوظ؟ وما أثر القرآن في قلوبهم؟

أيها الإخوة الكرام.. لا شك أنَّ هجر التَّدبُّر له أسباب كثيرة ومتنوِّعة، تختلف من هاجِرٍ لآخر، ولربَّما اجتمع أكثر من سبب في شخصٍ واحد، وسيكون الحديث عن أهمِّ هذه الأسباب كما يلي:
فمن أعظم أسباب هجر التدبر:
أولاً: الإصرار على الذُّنوب:
إصرار العبد على الذَّنب، وارتكابه إيَّاه من أعظم الأسباب التي تحول دون تدبُّر القرآن، وفَهْمِ معانيه، فينبغي لمن أراد تدبُّرَ القرآن أن يبتعد عن الذُّنوب والمعاصي، ولا سيَّما التي لها اتِّصال مباشر بأدوات ووسائل التَّدبُّر وهي: القلب والسَّمع واللِّسان والبصر، فانهماك هذه الجوارح في الحرام يُعطِّلها عن تدبُّر القرآن، والانتفاع به، تأمَّل ماذا قال الكفار: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5].
فالأكنَّة: غطاءٌ للقلب، تمنعه من فهم القرآن، والوقر: غطاء للأذن، يمنع من سماع القرآن، والحجاب: غطاء للعين، يمنع من رؤية الحقِّ. انظر: شفاء العليل، لابن القيم (ص 93).
*
عباد الله.. إنَّ تأثير الذُّنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان، والقلب المريض لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه، قال تعالى: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14].
فالإصرار على الذُّنوب من أعظم ما يصدُّ عن اتِّعاظ القلب، وانشراح الصدر لمواعظ القرآن، وحِكَمه وأحكامه، والله تعالى يقول:﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾* [الأعراف: 146].
*
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: «أنزِعُ عنهم فَهْمَ القرآن». رواه السيوطي في (الدر المنثور)، (3/ 562)؛ والطبري في (تفسيره)، (9/ 60).
وقال ابن قدامة رحمه الله: «ولْيتخلَّ التَّالي عن موانع الفهم، ومن ذلك: أن يكون مُصِرّاً على ذنبٍ، أو متَّصفاً بِكِبْرٍ، أو مبتلى بهوىً مطاع، فإنَّ ذلك سببُ ظلمةِ القلب وصدئه، فالقلب مثلُ المرآة، والشَّهواتُ مِثْل الصَّدأ، ومعاني القرآن مِثْلُ الصُّوَرِ التي تتراءى في المرآة، والرِّياضة للقلب بإماطة الشَّهوات مِثْل جلاء المرآة». مختصر منهاج القاصدين، (ص 56-57).
*
أيها المسلمون.. ومن أعظم ما يصدُّ القلب عن تدبُّر القرآن: تعلُّقه بشهوات الدُّنيا، وتمكُّن البدع منه، وفي ذلك يقول الزَّركشي رحمه الله: «اعلم أنَّه لا يحصل للنَّاظر فَهْمُ معاني الوحي حقيقة، ولا يظهر له أسراره وفي قلبه بدعةٌ، أو كِبْر، أو هوى، أو حبُّ الدُّنيا، أو هو مُصِرٌّ على ذنب، أو غير متحقِّق بالإيمان، أو ضعيف التَّحقيق، أو يعتمد على مُفسِّرٍ ليس عنده علم، أو راجع إلى معقوله، وهذه كلُّها حُجُبٌ وموانعُ، بعضها آكد من بعض». البرهان في علوم القرآن، (2/ 180- 181).
*
ومن أسباب ترك التدبر - يا عباد الله..
ثانياً: انشغال القلب:
القلب المشغول عن القرآن بغيره لا يتأثَّر به؛ لتشعُّبه في أودية الدُّنيا، وغفلته عن تدبُّر كتاب الله، وكيف يحصل له ذلك، وهو قلب غائب ليس بحاضر.
إذاً؛ فحضور القلب وعدم انشغاله شرط في الانتفاع والتَّذكُّر بالقرآن الكريم، وفي ذلك قال ابن القيِّم رحمه الله - أيضاً: «فإذا حصل المؤثِّر: وهو القرآن. والمَحَلُّ القابل: وهو القلبُ الحي. وَوُجِدَ الشَّرط: وهو الإصغاء. وانتفى المانع: وهو اشتغالُ القلب وذهولُه عن معنى الخطاب، وانصرافُه عنه إلى شيءٍ آخَرَ؛ حَصَلَ الأَثَرُ: وهو الانتفاعُ والتَّذكُّر». الفوائد، (ص 6).
*
ومن أسباب هجر التدبر - أيها الفضلاء..
ثالثاً: الجهل باللُّغة العربيَّة:
أنزل الله عزّ وجل القرآن العظيم بلسان عربيٍّ مبين، كما قال جلَّ جلالُه: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192-195]. وسبب تنزُّله باللُّغة العربيَّة: هو أنَّها «أفصح اللُّغات، وأبينُها، وأوسعُها، وأكثرُها تأديةً للمعاني التي تقوم بالنُّفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللُّغات». تفسير ابن كثير، (2/ 467).
*
وإذا كان القارئ لا يعرف شيئاً عن لغة العرب، ولا يدرك أساليب كلامهم فأنَّى له أن يتدبَّر القرآن، ويعقل عن الله تعالى الخطاب، وهو سبحانه يقول: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]. ويقول تعالى: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3].
*
إنَّ جزءاً كبيراً من معاني ألفاظ القرآن وتراكيبه لا يؤدَّى إلاَّ باللِّسان العربي ولا يُفْهم إلاَّ به، كما جاء عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه قال: «التَّفسير على أربعة أوجهٍ: وَجْهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسيرٌ لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاَّ الله». رواه الطبري في (تفسيره)، (1/ 42)، (رقم 71)؛ والسيوطي في (الدر المنثور)، (2/ 151).
*
وهذا الذي جعل ابن تيميَّة رحمه الله يقول: «ومعلوم أنَّ تعلُّم العربيَّة؛ وتعليم العربيَّة فرضٌ على الكفاية، وكان السَّلف يؤدِّبون أولادهم على اللَّحن، فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي، ونُصْلِحَ الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فَهْم الكتاب والسُّنَّة». مجموع الفتاوى، (32/ 252).
*
بل جعل أهل العلم معرفة العربيَّة شرطاً لمن أراد تفسير القرآن، قال الإمام مالك رحمه الله: «لا أُوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسِّر كتاب الله إلاَّ جعلته نكالاً». رواه البيهقي في (شعب الإيمان)، (2/ 425)، (رقم 2287).
*
عباد الله.. فالمقصود الأعظم من تعلُّم اللُّغة العربيَّة: هو معرفة كلامِ الله تعالى، وكلامِ رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ومَنْ فاته تحقيق هذا المقصد، فقد أمضى عمره في غير ما طائل، بل ربَّما كان تعلُّمه حجَّة عليه، كحال الذين يتعلَّمون العربيَّة للطَّعن في القرآن وعلوم الشَّريعة من المستشرقين وأذنابهم. انظر: هجر القرآن العظيم: أنواعه وأحكامه، د. محمود الدوسري (ص 535) وما بعدها.
*
ومن الأسباب:
رابعاً: تَرْك التَّدبُّر تورُّعاً:
من النَّاس مَنْ يترك تدبُّر القرآن خوفاً من القول على الله تعالى بغير علم، ويعتقد أنَّ تدبُّر القرآن مهمَّة المفسِّرين والعلماء، فيكتفي بالقراءة هاجراً تدبُّر القرآن، ظانّاً أنَّ هذا هو الورع مع كتاب الله تعالى، ولا ريب أنَّ هذه مكيدةٌ من مكايد الشَّيطان حتَّى يصرفَ النَّاس عن الانتفاع بتدبُّر آيات القرآن، وفي ذلك يقول ابن هُبَيْرة رحمه الله: «ومن مكايد الشَّيطان: تنفيرُه عبادَ الله من تدبُّر القرآن؛ لعلمه أنَّ الهدى واقع عند التَّدبُّر، فيقول: هذه مُخاطرة، حتَّى يقولَ الإنسانُ: أنا لا أتكلَّم في القرآنِ تورُّعاً». ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب (3/ 273).
*
وأنكر ابن القيِّم رحمه الله على مَنْ هذا حاله بقوله: «ومَنْ قال: إنَّ له تأوُّلاً لا نفهمه، ولا نعلمه، وإنَّما نتلوه متعبِّدين بألفاظه؛ ففي قلبه منه حَرَج». التبيان في أقسام القرآن، (ص 144)، والله تعالى يقول: ﴿ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ﴾ [الأعراف: 2]؛ فهذا تهييج للمؤمنين على نفي الحرج من قلوبهم عند تلاوة القرآن أو سماعه أو تدبره أو العمل به.
*
إخوتي الكرام.. وهناك فرق بين التَّدبُّر، وبين تفسير مراد الله واستنباط الأحكام الشَّرعية - والتي هي مهمَّة العلماء الرَّاسخين، وهناك درجات ومنازل من الفهم، والاعتبار، والتَّذكُّر، والادِّكار، والاتِّعاظ، ومحاسبة النَّفس، لا يعذر أحدٌ في تركها. تدبر القرآن لماذا وكيف: إبراهيم بن عبد الرحمن التركي. مجلة البيان، (عدد: 144)، (شعبان 1420 هـ)، (ص 56).
*
الخطبة الثانية
الحمد لله...
ومن أسباب هجر تدبر القرآن:
خامساً: هجر كتب التَّفسير:
مَنْ هَجَرَ كتب التَّفسير ولم يطالعها، ولم يعرف أسباب النُّزول أو النَّاسخ من المنسوخ، ونحو ذلك من علوم القرآن، كيف يحصل له تدبُّر القرآن؟ ومتى يوفَّق إلى المعنى المراد؟
ولا غَرْوَ أنْ تعجَّب الطبريُّ رحمه الله مِمَّنْ أراد التَّلذُّذ بقراءة القرآن، وهو لا يعرف تفسير الآيات المتلوَّة، فقال: «إنِّي أعجبُ مِمَّنْ قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يَلْتَذُّ بقراءته». معجم الأدباء، ياقوت الحموي (5/ 256).
*
وصاحب هذا المنهج لا يسلم – غالباً - من الخطأ في فهم الآيات، والاستدلال بها، أو الخطأ في تطبيق بعض الآيات والعمل بها.
*
ومن أسباب ترك التدبر:
سادساً: التَّشاغل بكثرة التِّلاوة:
لا ريب أنَّ الآيات والأحاديث والآثار الواردة في فضائل التِّلاوة تُشجِّع على الإكثار منها، ويعضد ذلك اقتصار كثير من المذكِّرين والوعَّاظ على الرِّوايات المنقولة عن السَّلف في كثرة القراءة، وعدد الختمات في وقت وجيز، مع إعراضهم عن نهي السَّلف عن سرعة القراءة، وإعراضهم كذلك عمَّا ورد عن السَّلف في تعظيم شأن التَّدبُّر والحضِّ عليه، وما أُثِرَ عنهم من تفاعلهم ووقوفهم عند معاني الآيات.
*
ففي الحثِّ على التَّدبُّر آيات، وأحاديث، وأحوال للسَّلف، أكثر عدداً من مثيلاتها الدَّالة على فضل القراءة، بل أقوى حجَّةً وأعمق أثراً، لو تأمَّلها النَّاس لما اقتصروا على التِّلاوة، ولما هجروا تدبُّر القرآن، قال النَّووي رحمه الله: «ينبغي للقارئ أن يكون شأنه الخشوع والتَّدبُّر والخضوع؛ فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصُّدور، وتستنير القلوب، ودلائله أكثر من أنْ تُحصر، وأشهر من أنْ تُذكر». الأذكار، (1/ 87).
*
إذاً؛ فاستحباب كثرة التِّلاوة لا ينبغي أنْ يؤدِّيَ إلى ترك التَّدبُّر، ولذا جاء النَّهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاثٍ؛ من أجل التَّدبُّر والتَّأثُّر والانتفاع بالآيات.
فكثرة التِّلاوة المؤدِّية إلى هجر التَّدبُّر حالة ليست بمحمودة بل هي من تلبيس إبليس على القرَّاء، وفي ذلك يقول ابن الجوزي رحمه الله: «وقد لَبَّسَ على قومٍ بكثرة التِّلاوة، فهم يَهُذُّون هَذَّاً، من غير ترتيلٍ ولا تثبُّت، وهذه حالةٌ ليست بمحمودة». تلبيس إبليس، (ص 175).
*
الدعاء...

د. محمود بن أحمد الدوسري
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:50 AM.