|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
هل يُسقط ترامب «المؤامرة» الذى تتبناها السلطة فى مصر لإفزاع الناس؟
هل يُسقط ترامب «المؤامرة» الذى تتبناها السلطة فى مصر لإفزاع الناس؟ د. عمار علي حسن هل ستحاصر الولايات المتحدة جماعة الإخوان فى قابل الأيام؟ قبل أسابيع من إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى انتهت بفوز رجل الأعمال دونالد ترامب كان السؤال الأكثر إلحاحا فى العالم العربى هو: أيهما أفضل لنا، ترامب أم كلينتون؟ وهو سؤال نبع، فى حد ذاته، من ثقافة تعكس ذاتها على رؤية الآخر، وتطبعه بطبعنا، وتضفى عليه تقاليدنا السياسية، التى يلعب فيها رأس الدولة، رئيس أو ملك أو سلطان، دورا محوريا فى النظام السياسى، بحكم الصلاحيات الواسعة التى تعطيها لهم الدساتير، أو بواقع الممارسات والتقاليد المتبعة على مدار عقود من الزمن، وهو ما لا يقع على هذا النحو بالنسبة للرئيس الأمريكى، الذى يحاط بأطر قانونية وسياسية وأساليب عمل تغل يده، أو تقيده، عن فعل كل ما يريد، فى كل المواقف. وفى كل الأحوال يطلق المرشحون العنان لألسنتهم باحثين عما يربحون به سباق الرئاسة، فإن وصل الواحد منهم إلى البيت الأبيض تصرف بطريقة عملية جدا، ووفق الاستراتيجيات الموضوعة سلفا، وحسب توازنات المؤسسات، ولا يستطيع فى الوقت نفسه أن يدير ظهره للرأى العام وتغيراته. وبذا يصبح من الطبيعى أن نضع كل ما قاله ترامب، فى غمرة المنافسة الانتخابية المحمومة، عن علاقة بلاده بدول الخليج وإيران وسوريا محل مراجعة، فيده لن تكون مطلقة فى هذه الملفات، ولن يحدث فيها تبديل تام، أو تنتقل علاقة أمريكا بها، أو إدارتها لها، من النقيض إلى النقيض. ومع هذا لا يخلو السؤال الذى كان يفاضل بين ترامب وكلينتون السابق من وجاهة، إذ إن للرئيس الأمريكى، من حيث توجهاته وثقافته وتصوراته، دورا فى تسيير السياسات الأمريكية، ولو بنسبة معينة، تتمدد وتنكمش وفق القدرات والسمات الشخصية له، والتى تفاوتت من رئيس إلى آخر على مدار تاريخ الولايات المتحدة. لكن السؤال الأهم يجب أن ينصرف إلى ماهية المحددات التى تحكم السياسة الأمريكية، وكذلك الاستراتيجيات التى تنتهجها واشنطن حيال العالم العربى؟ إن أمريكا، كقوة عظمى فى عالمنا المعاصر، لا تتصرف ارتجاليا فى سياساتها الخارجية، إنما وفق استراتيجية، تتمع بقدر كبير من الرسوخ والاستمرارية، رغم تبدل الرؤساء، وتعاقب الجمهوريين والديمقراطيين على البيت الأبيض. وبالنسبة للعالم العربى، كانت هناك دوما محددات تحكمت، إلى حد بعيد، فى السياسة الأمريكية حيال العرب، منها: ضمان تدفق النفط العربى إلى الولايات المتحدة، وتوفير الأمن لإسرائيل، وتزويد الجيوش العربية بصفقات السلاح الأمريكى، وتوظيف العرب فى إحداث توازن إقليمى، وأخيرا مكافحة الإرهاب، إلى جانب المحدد العام الذى يحكم علاقة أمريكا بدول ومناطق إقليمية أخرى فى العالم وهو تصدير السلع والقيم الثقافية الأمريكية إليها، فى ظل إدراك الأمريكيين لأهمية القوة اللينة أو الناعمة المتعلقة بدور الثقافة إلى جانب القوى الصلبة المرتبطة بالاقتصاد والسلاح. وهذه المحددات العامة مثلت الأطر المرجعية العامة للعلاقة بين الطرفين منذ أن ملأت الولايات المتحدة الفراغ الذى تركه انسحاب بريطانيا من المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة، والتزم بها الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون، وانعكست فى سياساتهم، بدرجات متفاوتة، ووفق الظروف التى تغيرت باستمرار. فهذه التغيرات كانت فى بعض الخطط والسياسات، لكنها ليست فى الاستراتيجية، وهى مسألة معروفة، وقد شرحتها باستفاضة كتب ودراسات لباحثين وخبراء أمريكان، حيث تنقسم الاستراتيجية إلى خطط، ثم تتوزع الخطط على سياسات فرعية، وتكون هناك مرونة كبيرة فى تغيير السياسات وفق الظروف المستجدة، ومرونة أقل مع الخطط، مع ثبات فى الاستراتيجية. وبالتالى فإن حرية حركة رؤساء أمريكا المتعاقبين حيال العالم العربى، كما هو حيال العالم بأسره، تنحصر فى حيز السياسات إلى حد كبير، والخطط إلى حد ما، مع ثبات فى الاستراتيجيات، والتى تدور أساسا حول تفوق أمريكا كقوة عظمى. لكل هذا لا يبدو من المستساغ أن يستغرق العرب فى السؤال حول شخصية الرئيس، بقدر ما يجب عليهم أن يعرفوا طريقا للتحرك والمناورة وسط هذه المحددات الرئيسة، ويلعبوا أكثر على السياسات والخطط، وألا يضيعوا وقتا جديدا فى هذا المسار، لا سيما مع الظروف الصعبة التى يعيشونها، والانقسامات التى تتسع بينهم، والاستقطابات التى تزيد فى صفوفهم، والتى تتطلب معالجة قبل الشروع فى تبنى سياسات حيال واشنطن، بما يضمن لهم حدا أدنى من الاتفاق على المصالح الأساسية والجوهرية التى تؤثر على حاضرهم ومستقبلهم قبل أن يتحركوا من رد الفعل إلى الفعل النسبى حيال السياسات الأمريكية، وهى مسألة ليست مستحيلة فى ضوء إقرار الأمريكيين أنفسهم بأن قوتهم ليست مطلقة إنما لها حدود، وأنهم بحاجة ماسة إلى أطراف وقوى إقليمية فى كل مكان فى العالم حتى يضمنوا تحقيق مصالحهم. أخيرا يبقى بالنسبة لنا نحن فى مصر من فوز ترامب نصيب كبير، إذا أخذنا فى الاعتبار وجود احتمالات قوية لقيام الرجل بتبنى سياسة تحاصر جماعة الإخوان، داخل الولايات المتحدة وخارجها، وقيامه بتحسين علاقة واشنطن بالنظام الحاكم فى مصر، لا سيما أنه لن ينشغل، على النقيض من منافسته هيلارى كلينون، بقضية حقوق الإنسان والديمقراطية واستيعاب التيار الدينى، ولذا بدا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يفضله فى رئاسة أمريكا. ومع هذا فإن فوز ترامب يثير تساؤلا مهما مفاده: هل بوسع السلطة والمجموعات التى تردد خطابها أن تتحدث من الآن فصاعدا عن مؤامرة أمريكية على مصر؟ وما النتائج التى ستترتب على سقوط خطاب المؤامرة هذا وهو الذى اعتمد عليه أهل الحكم منذ ثورة يناير وحتى الآن فى سياسة تخويف الناس وإفزاعهم حيال التغيير؟ هذان أمران سيحددان جانبا مهما فى علاقة مصر بالولايات المتحدة فى قابل الأيام، وكلاهما معطوف على قاعدة تقول: «فى العلاقات الدولية لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، إنما مصالح دائمة». |
العلامات المرجعية |
|
|