اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-10-2016, 08:35 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New المنديلُ الأحمر: سياسةُ إلإلهاء


يفتحُ الباب للثور الهائج لينطلق غاضباً مُسرعاً بكل قوة إلى الساحة متجهاً إلى المصارع مباشرة لينتقم منه ، الثور كبير ، عظيم البُنية ، هائج وغاضب ، وفي مواجهته مصارعٌ صغيرٌ لن يستطيع مواجهة الثور ولو للحظة ، ولكنه بدلاً عن المواجهة التي سيخسرها حتماً ؛ يستخدمُ المنديل الأحمر ، يُلوحُ المصارعُ بمنديله نحو اليمين ونحو اليسار ، يظهر مصارعٌ آخر بمنديل آخر يلوح به أيضاً ، وهكذا..
يتشتت الثور عن هدفه الرئيسي - المُصارع – إلى مطاردة المناديل الحمراء المُلوحُ بها ، وهكذا يستغلُ المصارع أو المصارعون حالة التشتت هذه التي حتماً تُضعف الثور ، ويبدأون في غرس سهامهم واحداً وراء الثاني في رقبة الثور الهائج الذي أدركه الإعياء لطول مطاردته للمناديل ، ثم لا يلبث الثور أن يسقط تماماً ، وهنا يتمكن المصارع الصغير من هدفه عندما يجد الثور الهائج الكبير الذي ليس له به طاقة ، يجده أمامه ساقطاً بلا حراك ، فيُجهز عليه ، أمام التصفيق والتصفير من الحضور!

هذه هي قصة مصارعة الثيران ، وهذه القصة بالضبط تتكرر كثيراً في حياة الأمم والشعوب ، وبما أن هذه التجربة ناجحة ، فإنها أصبحت خياراً جيداً يستخدمه أهل الأهواء والإفساد في تمرير مشاريعهم ، ففي سبيل إضعاف غضب الأمم والمجتمعات ، وفي سبيل تشتيت الجهد المجتمعي الرافض للفساد ، يستحضر المُفسد طريقة المُصارع والمنديل الأحمر، فيُسَوق لقضية هنا ، ويعلنُ عن قرار هناك ، وينشرُ أكذوبة هنا ، ويأمر بعملٍ إيجابي هناك وهكذا ليلتهي ذلك المجتمع أو تلك الأمة عن القضية الرئيسية التي أحفظتها وأغضبتها ، وتتشتت الجهود بين هذا الخبر وذاك وهذه وتلك وهكذا إلى أن تضيع البوصلة تماماً ، وينتصر المُفسد ، ويعود ذلك المجتمع بخسائر كثيرة ، فلا هو ربح معركته التي حارب من أجلها ، ولا هو حافظ على نشاطه واستخدمه في مشاريع أخرى! بل عاد منهكاً مهزوماً ، وربما استغفله المُفسد أكثر من ذلك فرمى له بقطعة صغيرة من الحلوى يلهو ويتمتع بها ، تُلهيه عن نفسه وعن ما يُصنع حوله ، ويلوحُ بها أمام أعين الشامتين أن انظروا : لقد ظفرتُ بهذه!

ولهذا فإن المجتمع الناجح هو ذلك المجتمع الذي يعرف أولوياته جيداً وإذا سار في طريق نحو مطلبٍ ما لم تُلهيه عن مطلبه بُنياتُ الطريق ، ولا الأحداث المفتعلة ، ولا المناديلُ الحمراء الملوح بها هنا وهناك ، بل يسير في مهمته الرئيسية وهدفه الأساسي ، وكلما زادت المُلهياتُ والمناديلُ كلما زاد تركيزه أكثر على هدفه الأول لأنه يعلم أن ازدياد المناديل الحمراء ، دليلٌ قاطعٌ على صحة طريقه وأهمية هدفه ومبتغاه.
هناك سببٌ مهم يقف خلف مثل هذا التخبط والجري خلف المناديل ، وهذا السبب هو غياب المشروع!

فماذا يعني غياب المشروع؟
معناه أن تظل ردة فعل للحدث الجزئي ، أن تبقى مستعداً متحفزاُ متوتراً بسبب وبلا سبب ، ترتقب خطوات المفسدين ثم تكون ردة فعلٍ لها ، أن تأتي في أعقاب الآخرين ، أن تكون كالأعرابي الذي غفل عن حفظ إبله ، فبيتهُ اللصوص وسرقوا إبله وذهبوا بها ، فلم يملك إلا أن صعد إلى أكمة ثم أوسعهم سباً وشتماً ! فلما أسفر النهار سأله قومه: مالذي حصل ؟ فقال مسرورأ متوهماً النصر : "أوسعتهم شتماً وساروا بالإبل!"

وعندما يحضر المشروع ، وتتضح الفكرة ، يذهب كل هذا ، ويصبحُ الآخرون ردة فعل وأنت في المقدمة ، لأنك تبني ، لأنك تخطو ، لأنك تزرع ، لأنك ترى بناءك يكبر أمامك في طريقه إلى الصورة الكاملة المرسومة في ذهنك ، لأنك ترى بذرتك تنمو وتستوي ، تنشر جذورها في باطن الأرض وتبعث أغصانها عالياً ، أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء ، عندما تكون هنا ، فأنت لا تهتم كثيراً لما يفعله الآخرون ، لا تنشغلُ كثيراً بحجم الدمار من حولك ، ليس لديك الوقت لأن يلهو الآخر بمنديله أمام عينيك ، لأنك ببساطة مشغولٌ بزرعك ، ببنائك ، عيناك تنظر فقط إلى غاية واحدة وهدف واحد ، وتغض طرفها عما سواه!
وأصحاب المشاريع - سواء مشاريع مؤسساتيه أو فردية - هم الأكثر هدوءً ونفعاً وتعاملاً مع الأزمات ، تحل الويلات فيكونون أول من ينفض عن نفسه غبارها ، بينما من لا يملك مشروعاً ، يغرق عند أول موجه ويبقى يقاومها ويتتبعها ويشغل نفسه بها وربما ذهبت وأتت أخرى أقوى منها وأشد وهو لا يزال يلعنُ الأولى التي أتت وولت ، فلا يصرفه عما هو فيه إلا هدير الثانية ، ثم لا تلبث أن تُلقي به بعيداً ، وهكذا يضيعُ بين موجة وأخرى ، ولو صنع له زورقاً لكان قادراً على اعتلاء ألف موجه!

ولهذا فإن أكثر الناس نواحاً وتشاؤماً مع أي حدث هم الأقل نتاجاً في الغالب فردياً ومؤسساتياً ، وذلك لأنه يتألم مما يفعله الفاسدون ، وزيادة ألمه عمن سواه ليس لأنه أغير أو أكثر هماً منهم ، كلا ، ولكن لأنه لا يعيش مشروعاً يعزي به نفسه ويرى فيه نتاجه ، بينما غيره – ممن لديه مشروع - يتألم أيضاً ويحزنه تمكن الفاسدين وأهل الأهواء ، ولكن ألمه لا يلبث أن يزول أو يخف لأن لديه ما يستحقُ أن يبذل فيه طاقته ، أو هو على الأقل راض عن نفسه عندما يرى بعض زرعه أمام عينيه مورقاً يانعا.

الصالحون كلهم يتألمون عند رؤية المنكر وارتفاع صوت الباطل ، لكن هناك من يبعثه الألم ويُحييه ويجعله يبذل الطاقة في مشروعه الذي بين يديه ، وهناك من يزيده الألم ضعفاً فيكتفي بالويل والثبور وكأن القيامة غداً ونسي وصية نبيه صلى الله عليه وسلم : إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل!

أيها المصلح : ابدأ غرسك من اليوم.


علي جابر المشنوي
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-10-2016, 05:32 AM
الصقر الجامح2 الصقر الجامح2 غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2016
المشاركات: 32
معدل تقييم المستوى: 0
الصقر الجامح2 is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20-10-2016, 01:57 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

بارك الله فيك
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:58 PM.