"مصر أولى بأبنائها" ...
هكذا علق المتحدث الرسمي للخارجية المصرية على القصة المؤثرة للطفل فريد محمود الذي عبر المتوسط في إحدى مراكب الموت ، بحثا عن فرصة علاج لأخيه الأصغر المصاب بسرطان الدم ..
جاء التعليق ردا على التصريحات الرسمية من إيطاليا بأنها وافقت على التكفل بكامل علاج الطفل المصاب بالسرطان ، والذي قام أخوه بهذه المغامرة البطولية التي كان يمكن أن يموت فيها ، بحثا عن فرصة علاج له ...
أما رد وزارة الصحة فقد كان "يمكننا علاج الطفل على نفقة الدولة .. ولكن اسرته لم تتقدم بأي طلب لذلك "
السؤال الموجه للسادة من وزارتي الخارجية والصحة .. هل حقيقي حضراتكم ترون في هذه الواقعة أن مصر أولى بأبنائها ؟؟؟ أو بتعبير أدق هل حضراتكم ترون أن مصر أقدر على علاج أبنائها ؟؟ وهل هذا ينطبق على علاج كل المرضى المصريين المحتاجين للعلاج ،أم علاج الطفل أحمد محمود فقط بعد أن وصلت قصته للعالم كله ؟؟؟
لعلكم تكتشفون مع هذه الواقعة أنه أصبح واضحا للجميع أن رحلة عبور البحر المتوسط في إحدى سفن الموت ، أصبحت أسهل وأضمن من رحلة استخراج قرار علاج على نفقة الدولة ، والأهم تجديده مع موعد الجرعات المتتالية للعلاج ، خصوصا إذا كان لتأخر الجرعات أثر خطير كما هو الحال في علاج الأورام ...
لعلنا نقف أمام هذه الواقعة الكاشفة لنذكر الحكومة بالحرب التي دخلتها أثناء مناقشة الميزانية العامة للدولة ، حينما بذلت الحكومة جل جهدها لتضع بنودا وهمية للتهرب من تنفيذ الاستحقاق الدستوري برفع نصيب الصحة من الموازنة العامة للدولة ....
لعلنا نقف أمام هذه الواقعة الفاجعة لنتذكر الحرب الضروس التي شنها الإعلام وكل الجهات الحكومية على نقابة الأطباء ، عندما حاولنا أن نطبق "برتكول العلاج المجاني" لعلاج مرضى المستشفيات الحكومية .. أحمد محمود .. وإخوته .. وأهله وأهلنا ...
لعلنا نقف أمام هذه الواقعة الفاجعة لنراجع الخطوات التي تتخذ حاليا في مجال العلاج ... رفع أسعار الدواء ... الاصرارعلى طرح المستشفيات الحكومية لمشاركة القطاع الخاص ... التحويل التدريجي لمستشفيات المناطق الشعبية والفقيرة والأرياف لنظم العلاج بأجر .. والأمثلة كثيرة مستشفى ناصر بشبرا الخيمة .. مستشفى الشيخ زايد بمنشية ناصر .. مستشفى دار السلام ..مستشفى بني سويف العام ... ومن لا يستطيع أن يتحمل النفقات عليه أن يبدأ رحلة استخراج قرار علاج على نفقة الدولة أو عبور البحر المتوسط أيهما أسهل ...