|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
الله أكبر (تسعاً) لا إله إلا لله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد... الله أكبر كلما صام صائم وأفطر... الله أكبر كلما لاح صباح عيد وأسفر ... الله أكبر كلما لمع برق وأمطر ... الله أكبر ما هلل مسلم وكبر، وتاب تائب واستغفر... الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً...
* أما بعد: فللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وها نحن اليوم قد أفطرنا، وأنهينا شهرنا، أفليست هذه فرحة كبيرة؟ إنَّ السعادة الحقيقيَّة والفرح الحقيقي يوم أن تلتزمَ بطاعة الله، يوم أن تتمسَّك بسُنَّة رسول الله، يوم أن تحافظ على تلاوتك للقرآن، يوم أن تخالِفَ نفسك وشيطانَك، وتنتصر عليهما. * فرحك أخي المسلم، بإيمانك وتقواك، ورحم الله القائل: وَلَسْتُ*أَرَى*السَّعَادَةَ*جَمْعَ*مَالٍ********وَ لَكِنَّ****التَّقِيَّ****هُوَ****السَّعِيدُ فَتَقْوَى**اللَّهِ**خَيْرُ**الزَّادِ**ذُخْرًا***** ***وَعِنْدَ****اللَّهِ****لِلْأَتْقَى*****مَزِيدُ * يقول صاحب كتاب "هكذا علمتني الحياة":"والله لو كبَّرَت قلوبُ المسلمين كما كبَّرت ألسنتهم، لغيَّروا وجه التاريخ، ولو اجتمعوا دائمًا كما يجتمعون لصلاة العيد، لهزَموا جحافل الأعداء، ولو تصافحَت قلوبهم كما تتصافح أيديهم، لقضوا على عوامل الفُرقة، ولو تبسَّمت أرواحهم كما تبسَّمت شفاههم، لكانوا مع أهل السماء، ولو لبسوا أكمل الأخلاق كما يلبسون أفخر الثياب، لكانوا أجمل أمة على الأرض"، فهذه دعوة لكل المتخاصمين في صباح العيد إلى أن تتصافح قلوبهم كما تتصافح أيديهم؛ روى ابن السُّنِّي والطبرانيُّ عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيَعجز أحدُكم أن يكون كأبي ضَمضَمٍ؟))، قالوا: مَن أبو ضمضم يا رسول الله؟ قال: ( كان إذا أصبح قال: اللهمَّ إني قد وهبتُ نفسي وعِرضي لك، فلا يشتم من شتَمَه، ولا يَظلِم مَن ظلَمه، ولا يَضرب مَن ضربَه). * أيها المؤمنون: العيد هو فرح الطائع بطاعته، والمصلي بصلاته، والصائم بصيامه، والقائم بقيامه، والمتصدق بصدقته. العيد هو فرح البارِّ بوالدَيه، الواصل لرحمه، الباحث عن رضا ربه. العيد هو فرح مَن صام رمضان، يرجو الرضوان، والعِتق مِن النِّيران. * فعيدنا الحقيقي يومَ أن يفرحَ بنا الله - عزَّ وجلَّ - يوم يفرح بنا النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم أن نترجِم ما قاله عليٌّ - رضي الله عنه - عندما دخل عليه رجلٌ في يوم عيد الفطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد؟! فقال له الإمام عليٌّ - رضي الله عنه -: اعلمْ يا أخي، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه، وغفر ذنبَه، ثم قال له: اليوم لنا عِيد، وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا نَعصي الله فيه فهو عندنا عِيد. * أيها الأحبة الفائزون: نفرح بالعيد عندما يكون عيدنا .. تعاطف وتراحم؛ لأن عماد العيد التعاطف والتراحم والحنان، والتآخي والبذل والسخاء، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" مسلم. * أيها الأحبة الفائزون: نفرح بالعيد عندما يكون عيدنا صلة لأرحامنا: فصلة الأرحام دليل على كمال الإيمان، وبسطة في الرزق والعمر، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" البخاري، نفرح بالعيد عندما نكون قد أصلحنا ذات بيننا وها هي أيام العيد مناسبة لإصلاح ذات البين:فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ"(أبو داود). * أصلح ما بينك وبين الله بالتوبة النصوح، وبالطاعة التامة، وبالتقرب إليه بنوافل العبادات وصالح الأعمال، وأصلح ما بينك وبين الآخرين بالمسامحة ، أو الاعتذار، أو أداء ما قصرت في أداءه، ثم أصلح بين المؤمنين: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1]. * معاشر المسلمين: العيد فرصة لإصلاح العلاقات الاجتماعية، بين الزوج وزوجته، وبين الجار وجاره، وبين كل طوائف وشرائح المجتمع، لتعم السعادة أرجاء مصرنا الحبيبة, وأمتنا الإسلامية. أحبابي يا من تحتفلون بعيد الفطر السعيد احرصوا على الطاعات. * كالتكبير وحضور صلاة العيد، احرصوا على إدخال السرور على قلوب أهليكم "الوالدين والزوجات والأولاد والأقارب"، احرصوا على صلة أرحامكم، قال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه"(البخاري ومسلم). * احرصوا على التكافل الاجتماعي مع الفقراء واليتامى والأرامل.فالعيد فرصة طيبة لتحسين العلاقات وإصلاح ذات البين، بين المتهاجرين المتدابرين، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، حتى يكون لنا فرحة في الأرض وفرحة في السماء. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحق لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" (مسلم). * نحن في هذا اليوم جدير بنا أن نمدَّ أيدينا بالمصافحة، وألسنتَنا بالكلام الطيب، وقلوبنا بغَسلِها مِن الأضغان والأحقاد والشَّحناء والبغضاء؛ فيجب اليوم أن تتواصَلَ أرحامُنا، وتتقارَب قلوبُنا؛ هذا هو جوهر العيد في الإسلام. * العيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب وإزالة الشوائب عن النفوس وتنقية الخواطر مما علق بها من بغضاء أو شحناء، ولنتذكر قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزا ) رواه مسلم، وقوله: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية عند أبي داود: ( فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار ) صححه الألباني. واستمع إلى حديث تقشعّر منه الجلود، قال: ( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ) رواه أبو داود وصححه الإمام الألباني. * فلنغتنم هذه الفرصة، ولتجدد المحبة وتحل المسامحة والعفو محلّ العتب والهجران مع جميع الناس، من الأقارب والأصدقاء والجيران. قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين. * الخطبة الثانية الله أكبر (سبعاً) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد... الله أكبر! نعيِّد العيد ويعيدون العيد، نلبس الجديد في العيد ثيابنا البيض رمز البهجة والنظافة والنقاء والفرح والسرور، بينما المستضعفون، والمظلومون يلبسون البيض يلفون فيه لفًّا, ولا جيوب لثياب العيد عندهم, ولا خيوط تخيط ثيابهم.. إنهم يلبسون الأكفان البيض يعيدون بها في الحفر.. في القبور.. في المقابر! * الله أكبر! يكبر بها أئمة المساجد عندنا سبعًا, ويكبر بها الأئمة هناك في بلدان المسلمين أربعًا.. إن التكبيرات السبع هي هيئة صلاة العيد, والتكبيرات الأربع هي هيئة صلاة الجنائز على أرواح شهداء الإسلام في كل مكان. * لكن أبشروا أيها الصابرون؛ أيها المظلومون، فإن الطغاة والمجرمين فرحهم زائل بإذن الله فليفرح هؤلاء فرحًا زائلاً، فرحًا زائفًا، فرحًا غير مشروع؛ لأنَّه فرح بغير الحق؛ ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر: 75]. * فرَحُهم مؤقَّت كفرَح هؤلاء؛ ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]. عباد الله: أعيادُنا يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، ويوم أنْ تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه غير مُقصِّر، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه لا يزيد. * أعيادنا يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم، من الصَّديق قبل العدوِّ، ومن القَرِيب قبل البعيد، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله تعالى. * أعيادُنا يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود وغير اليهود. * معاشر المسلمين: خلاصة القول، اجعَلُوا هذه الأيَّام أيامَ العيد فرحًا لا ترحًا، أيَّامَ اتِّفاق لا اختلاف، أيَّامَ سعادةٍ لا شَقاء، أيَّام حب وصَفاء، لا بَغضاء ولا شَحناء، تسامَحُوا وتَصافَحُوا، توادُّوا وتحابُّوا، تَعاوَنُوا على البرِّ والتَّقوى، لا على الإثم والعُدوان، صِلُوا الأرحام، وارحَمُوا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام. * اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تكتبنا في عتقائك من النار، اللهم اجعل الجنة مثوانا، وأورثنا الفردوس الأعلى، وأدخلنا الجنة دون حساب ولا عذاب، يا كريم يا وهاب، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، يا منان، يا ذا الفضل العظيم تفضل على هؤلاء الجمع بعتقهم من النار، وإخراجهم من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، لا تفرق هذا الجمع إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي متقبل مشكور، يا ودود يا غفور، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم اغفر لوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اجعلنا إخوة متحابين، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، اسلل سخائم صدورنا، اسلل سخائم صدورنا، اسلل سخائم صدورنا، واختم بالصالحات أعمالنا، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. ياسر عبدالله محمد الحوري
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
عناصر الخطبة:
أولاً: يفرح الصائمون لأنهم أطاعوا الله ورسوله ثانياً: يفرح الصائمون لأنهم اتصفوا بصفات المتقين ثالثاً: يفرح الصائمون لأنهم قاموا رمضان رابعاً: يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم خامساً: يفرح الصائمون لأنهم ادخلوا البسمة على الفقراء والمساكين * الخطبة الأولى الحمد لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، أحمدُه حمدًا لا انتهاءَ لأمَده، وأشكرُه شُكرًا لا إحصاءَ لعدده، الحمدُ لله عددَ خلقِه وزِنةَ عرشِه ورِضا نفسِه ومِدادَ كلماته، الحمدُ لله كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله النبيُّ المُصطفى والخليلُ المُجتبَى، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه ومن اقتفَى. * أما بعد: فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فمن اتَقاه وقَاه، ومن أقرضَه جزاه، ومن أحبَّه قرَّبه وأدناه. فان قلت بماذا يفرح الصائمون؟ ومتى ذلك الفرح؟ * الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. عيدٌ امتلأت القلوب به فرحًا وسرورًا، وازدانت به الأرض بهجة ونورًا، يومٌ يخرج المسلمون فيه بالأمصار إلى المصليات والمساجد مكبرين ومهللين ولربهم حامدين معظمين، وبنعمته مغتبطين، فلله الحمد رب العالمين. * الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. أيها الأحبة: عيدكم مبارك وعيدكم سعيد، افرحوا بعيدكم أفراحًا كثيرة؛ فرحة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، ووافر عطائه، وفرحة بالهداية يوم ضلت فئام من البشر عن صراط الله المستقيم، ففرحنا أن هدانا يوم ضل غيرنا: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدةَ وَلِتُكَبّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]. اللهُ أكبرُ قُولُوْهَا بِلَا وَجَلٍ وزينوا القلبَ من مغزى معانيها بها ستعلو على أفق الزمان لنا رايات عز نسينا كيف نفديها الله أكبر ما أحلى النداءُ بها كأنه الري في الأرواحِ يحيها * اعلم علمني الله وإياك أن الله تعالى اخبرنا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فانه له سبحانه وتعالى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ (صحيح البخاري). * لذا فإن الله تعالى يمنح الصائمين من الأجر والثواب ما تقر به أعينهم في الدنيا والآخرة كما في الحديث السابق (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) واليك البشريات والمفرحات. أولا: يفرح الصائمون لأنهم أطاعوا الله ورسوله: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد يفرح الصائمون لأنهم فازوا بطاعة ربهم و الاقتداء بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فقد شاهدوا فجر الأجر قال الله تعالى ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70]. * أنعم بها من معية فقد صار الصائمون مع كواكب العارفين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هل استشعرتم تلك المعية أيها الصائمون؟ * روى الطبراني وابن مردويه بسند قال السيوطي: لا بأس به عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم - شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية ومن يطع الله والرسول. * طاعة الله تجلت في ذلك الشهر لتشمل شتى مناحي الحياة. وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم- كانت قرة عيون الصائمين والصائمات في الأقوال والأفعال. * الله أكبر الله أكبر هذا هو يوم الجائزة لكم أيها الطائعون الصائمون قال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. * ثانيا: يفرح الصائمون لأنهم اتصفوا بصفات المتقين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد هذا هو الفرح حيث اتصفتم بصفات المتقين الذين حققوا التقوى في أعلى معانيها حيث العمل بطاعة الله على نور من الله وترك معصية الله على نور من الله. فقد حققتم التقوى عباد الله و هي الغاية المنشودة و الدرة المفقودة قال الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ﴾ [آل عمران: 102]. * يفرح الصائمون عندما يشاهدون أجر و جزاء المتقين عند رب العالمين ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]. وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]. * يفرح الصائمون عندما يشاهدون الجنان وقد زينة والحور وقد أعدت والقصور وهيئة قال الله تعالى ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا* لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ: 31 -36]. * ثالثا: يفرح الصائمون لأنهم قاموا رمضان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد يفرح الصائمون لأنهم قاموا الليل و تصفوا بصفات عباد الرحمن و أنعم بها من صفات قال الله تعالى ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67]. * بشراكم أيها القائمون بهذه العطايا التي لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولا خطرت على قلب بشر قال الله تعالى ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15 -17]. * عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يُسمعُ الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم مَن أولى بالكرم. ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ الآية، فيقومون وهم قليل(ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده ، وأبو يعلى). * عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". قال أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾. * رابعا: يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم. فكم وكم من عداوة وبغضاء كانت بين ذوي الأرحام فلما دخل عليهم رمضان تقاربت القلوب وتواصلت الأرحام وتعددت الزيارات واستبدلوا القطيعة بالصلة والبغضاء بالمحبة، فقد رأينا كيف ألف الصيام بين الإخوة والأخوات وبين الأبناء والإباء وبين جميع ذوي الأرحام بشراكم أيها الواصلون صلة الرحمن قال الله تعالى ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 20 - 24]. * بشراكم أيها الواصلون سعة الأزرق والبركة في الأعمار وتعمير الديار عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه وقد أخرجاه عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلة الرحم، وحسن الخلق يعمرن الديار ويزدن في الأعمار " أخرجه البيهقي. * أيها المسلمون صلوا أرحامكم تدخلوا جنة ربكم عن عبد الله بن سلام قال: لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه و قيل قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فجئت في الناس لأنظر إليه فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته بتكلم أن قال: " يا أيها الناس أفشوا وأطعموا و صلوا الأرحام و صلوا الناس نيام تدخلوا الجنة بالسلام" أخرجه البيهقي. * خامسا: يفرح الصائمون لأنهم ادخلوا البسمة على الفقراء والمساكين: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد بارك الله لكم معاشر أيها الصائمون فقد رسمتم البسمة على أفواه الفقراء وكم أدخلتم البهجة على قلوب المساكين، وكم أطعمتم بطونا جائعة، وكم كسوتم أجسادا عارية، بشراكم معاشر الصائمين بعطاء رب العالمين. * اسمعوا: وفد رجل على علي فطلب له حاجة، فقال: الحمد لله الذي جعلك صاحب الحاجة ولم يجعلني صاحب الحاجة، لأقضينها إن شاء الله. * قال الرجل: كسوتني حلة تبلى محاسنها * لأكسونك من حسن الثنا حللا. الثناء الجميل: ولم أرَ كالإحسان أما مذاقهُ * فحلو وأما وجهه فجميلُ. • كاد الجميل أن يكون رجلاً، ولو كان رجلاً لكان حسناً، وكاد أن يكون نبتاً، ولو كان نبتاً لكان ورداً. • قال أبو جعفر المنصور لجلاسه وسماره: ما أحسن بيت قالته العرب؟ قالوا: ما ندري. قال: قول القائل: الخير يبقى وإن طال الزمان به •• والشر أخبث ما أوعيت من زادِ كيف يضيع الله من كفل الأيتام وقام على الأرامل ورعى ضعفه المسلمين؟ كيف يضيع الله من فرّج الكربات؟ كيف يضيع الله عبداً فرّج الكربات وتنافس في المرضاة وتسابق إلى الطاعات؟! كيف يضيع عند الله سعيه؟ * عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فرج عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) أخرجه مسلم. * الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد أخي المسلم: بر والديك، وخصهما منك بالدعاء، وأكثر لهما من الاستغفار، ففي التنزيل العزيز: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28] ويقول سبحانه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ﴾ [الإسراء:24]. * صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك، وعف عن المحارم تكن عابداً، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً ارحم المسكين، وأكرم الغريب، واسع على الأرامل فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ) ولذلك كان عبد الله -كما يقول أبو بكر بن حفص - لا يأكل طعاماً إلا وعلى خوانه يتيم، لابد أن يدعو يتيماً في كل وجبة من وجبات طعامه ليأكل معه إحساناً إلى اليتامى. * سادسا: العيد والإخاء: جاء العيد أيها المسلمون - ليرسم على الشفاه معاني الحب، ويكتب في حياة المسلمين حياة من الإخاء الصادق، يقول: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". * والسؤال الذي يطرح نفسه في ساحة العيد بالذات: القلوب المتنافرة أما آن لها أن تتصافح؟! أما زالت مصرة على معاندتها للفطر السوية؟! أما زال الكبر يوقد ضرامها ويشعل فتيل حقدها؟! ألا يمكن أن ينجح العيد في أن يعيد البسمة لشفاه قد طال شقاقها؟! إن هذه القلوب يُخشى عليها إن لم تُفلح الأعياد في ليّها للحق فإن لفح جهنم قد يكون هو الحل الأخير القادر على كسر مكابرتها ولي عناقها. * إلى متى هؤلاء يصمّون آذانهم عن قول رسول الهدى: "هجْر المسلم سَنَةً كسفك دمه"، وقوله: "تُعرض الأعمال على الله كل اثنين وخميس إلا المتخاصمَيْن، فيقول الله: أنظروا هذين حتى يصطلحا"؟!. * وإن لم يُفلح العيد في تحليل صلابة هذه القلوب فوعيد الله تعالى غير بعيد حين قال في كتابه الكريم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22-23]. * عباد الله، كل عام أنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم الصيام وصالح الأعمال. قوموا وليصافح بعضكم بعضاً. السيد مراد سلامة
__________________
![]() آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 05-07-2016 الساعة 01:17 PM |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|