اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2016, 12:55 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

♦ الركعةُ الأولى: تكبيرةُ الإحرامِ ثمَّ يستفتحُ ثمَّ ستُّ تكبيراتٍ.
♦ الركعةُ الثانيةُ: تكبيرةُ الانتقالِ ثمَّ خمسُ تكبيراتٍ.

الحمدُ للهِ المبدئِ المعيدِ، الفعالِ لما يريدُ، منَّ علينَا بصيامِ رمضانَ وإدراكِ العيدِ، وأمهلَ عبادَهُ ليتوبُوا إليهِ ووعدَهمْ سبحانَهُ بالجنةِ والمزيدِ. أحمدُهُ سبحانَهُ ما تعاقبَ الجديدانِ، وأشكرُهُ سبحانَهُ في كلِّ حينٍ وآنٍ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الديانُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِهِ الكرامِ والتابعينَ لهمْ بإحسانٍ إلى يومِ القيامةِ، وسلمْ تسليمًا كثيرًا.
*
اللهُ أكبرُ ما صامَ المسلمونَ شهرَ رمضانَ.
الله أكبرُ ما أحيُوا ليلَهُ بالقيامِ.
اللهُ أكبرُ ما أخرجُوا زكاةَ فطرِهمْ طيبةً بها نفوسُهمْ.
اللهُ أكبرُ ما اجتمعُوا في عيدِ الفطرِ يشكرونَ اللهَ على ما هداهُمْ للإسلامِ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
*
أمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُمْ- أَيُّها النَّاسُ- ونفسِي بِتَقوى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، فَإِنها خَيرُ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ، وَتَقَلَّلُوا مِنَ الدُّنيَا وَتَخَفَّفُوا مِن أَحمَالِهَا وَأَثقَالِهَا، فَإِنَّما هِيَ إِلى فَنَاءٍ وَنَفَادٍ، ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر:39].
*
اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أيُّها المسلمونَ: عيدُكمْ مُباركٌ، وعيدُكمْ - بإذنِ اللهِ - سعيدٌ، وتقبَّلَ اللهُ صيامَكمْ وقيامَكمْ، وصلواتِكمْ وصدقاتِكمْ، وجميعَ طاعاتِكمْ، وزادَكمْ إحسانًا وتوفيقًا، وأعانَكم على ذكرِهِ وشكرِهِ وحسنِ عبادتِهِ.
*
وكما فرِحتُمْ بصيامِكمْ، فافرحُوا بفِطرِكمْ، وقدْ علِمتُمْ أنَّ للصائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عندَ فِطرِهِ، وفرحةٌ بلقاءِ ربِّهِ، أدَّيتمْ فرضَكُمْ، وأطعتُمْ ربَّكمْ، صُمتُمْ وقرأتُمْ وتصدَّقتُمْ، فهنيئًا لكمْ ما قدَّمتُمْ.
*
إنَّ حقَّكمْ أنْ تفرحُوا بعيدِكمْ وتبتهِجُوا بهذا اليومِ. يومِ الزينةِ والسرورِ، ومنْ حقِّ أهلِ الإسلامِ في يومِ بهجتِهمْ أن يسمعُوا كلامًا جميلًا، وحديثًا مُبهِجًا، وأنْ يرقُبُوا آمالًا عِراضًا ومُستقبلًا زاهرًا لهمْ ولدينِهمْ ولأمتِهمْ.
*
أبشرُوا يا عبادَ اللهِ أبشرُوا، وأبشرُوا.
أبشرُوا أيُّها الصائمونَ، أبشرُوا أيُّها القائمونَ، أبشرُوا أيُّها التالونَ لكتابِ ربِّكمْ والخاتمونَ، أبشرُوا أيُّها الباذلونَ والمنفقونَ، أبشرُوا أيُّها الذاكرونَ والداعونَ، أبشرُوا أيُّها المعتمرونَ، أبشرُوا أيُّها المعتكفونَ، أبشرُوا أيُّها الفائزونَ برمضانَ أبشرُوا جميعًا بالفضلِ منَ اللهِ، أبشرُوا بروحٍ وريحانٍ وربٍّ غيرِ غضبانٍ، أبشرُوا بجناتٍ ونهرٍ في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدرٍ، لقدْ وعدَكمْ الكريمُ وقولُهُ حقٌّ ووعدُهُ حقٌّ، وعدَكمْ بالمغفرةِ والرضوانِ والعتقِ منَ النيرانِ، فما أعظمَ حظَّ الفائزينَ اليومَ، نعمْ هذا يومُ الفرحِ والسرورِ والفوزِ والحبورِ، ذهبَ التَّعَبُ، وزالَ النصبُ، وثبتَ الأجرُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
*
اليومُ يومُ التكريمِ، نعمْ اليومُ يكرمُ الذينَ جدُّوا واجتهدُوا خلالَ شهرٍ كاملٍ، وحقَّ لهمْ أنْ يفرحُوا بهذا التكريمِ قَالَ- جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7].
*
اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، وَللهِ الحَمدُ.
إنَّني أدعوكَ - أخي الكريمَ - أنْ تتأملَ معي هذهِ اللحظةَ، نعمْ تأملْ معي لحظةَ إعلانِ أسماءِ الفائزينَ بهذا الموسمِ العظيمِ، وإذْ بالمنادي يعلنُ أنَّكَ منْ أحدِهمْ وينادي باسمِكَ فلانٌ بنُ فلانٍ أوْ فلانةٌ بنتُ فلانٍ بأنَّ عملَكَ مقبولٌ، وسعيَكَ مشكورٌ، وأنَّكَ منَ الأشخاصِ المستحقينَ لدخولِ الجنانِ، المعتقينَ منَ النيرانِ. باللهِ عليكَ ما موقفُكَ يومَئذٍ؟ ما شعورُكَ؟ واللهِ إنَّ القلبَ ليطيرُ فرحًا وبهجةً وسرورًا وسعادةً وحبورًا، واللهِ إنَّ القلمَ لينكسرُ عندَمَا يحاولُ وصفَ ذلكَ الموقفِ، وفي وصفِ تلكَ اللحظةِ.
*
سبحانَ اللهِ في هذهِ اللحظةِ تَنسى ألمَ الجوعِ والعطشِ والجهدِ والمشقةِ، وتنسى تعبَ القيامِ وسهرَ تلكَ الليالي، تنسى ذلكَ كلَّهُ وأكثرَ..
*
وهكذَا حياتُكَ أنتَ، فعندَما تلفظُ أنفاسَكَ الأخيرةَ معلنًا نهايةَ حياتِكَ، وطيَّ كتابِكَ يذهبُ في تلكَ اللحظةِ كلَّ جهدٍ بذلتَهُ في طاعةِ ربِّكَ خلالَ حياتِكَ، ثمَّ تتفرغُ بعدَ ذلكَ للجزاءِ منْ عندِ اللهِ، فلا تسلْ عن كرمِ أكرمِ الأكرمينَ وجودِ أجودِ الأجودينَ يبدأُ التكريمُ لحظةَ خروجِ روحِكَ بأيسرِ ما تكونُ ثمَّ في صعودِهَا إلى السماءِ وهيَ تحفُّ بوابلٍ منَ الثناءِ والتكريمِ والتبجيلِ حتى تصلَ إلى السماءِ التي فيهِ اللهُ، ثمَّ إذا دخلتَ القبرَ تلقى منْ أنواعِ النعيمِ شيئًا لا يخطرُ على بالٍ.
*
عبادَ اللهِ:
لا تجعلُوا شيئًا يُكدِّرُ عليكمْ سعادةَ هذا العيدِ وبهجتِهِ، لا تتذكرُوا الأحزانَ والآلامَ، لا تجعلُوا حديثَ الكرة ِوالتعصبِ الرياضيِّ يسلبُ منْكمْ فرحتَهُ لا يكنْ للومِ والعتبِ والمشاحناتِ والملاسناتِ سبيلٌ للنيلِ منْ هذهِ الفرحةِ، لا تسمحُوا للشائعاتِ المغرضةِ أوْ حديثِ الهُزءِ والسخريةِ ينقصُ عليكمْ بهجتَهُ.
*
لا تجترَّ المشاكلَ وتمتصَّها في هذا اليومِ، بلِ اصنعِ الفرحةَ والبهجةَ لَكَ ولغيرِكَ.
افرحوا - يا أمةَ الإسلامِ - وابتهِجُوا واسعَدُوا، وانشرُوا السعادةَ والبهجةَ فيمنْ حولَكمْ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
*
أيُّهَا الصَّائِمُونَ القَائِمُونَ: ثِقُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِهِ سُبْحَانَهُ، فَظُنُّوا أَنَّهُ قَدْ قَبِلَ عَمَلَكُمْ، وَشَكَرَ سَعْيَكُمْ، وَغَفَرَ ذَنْبَكُمْ، وَاسْتَجَابَ دُعَاءَكُمْ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ظَنِّ عِبَادِهِ بِهِ، إِنْ ظَنُّوا خَيْرًا فَلَهُمْ، وَإِنْ ظَنُّوا غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ، وَاسْتَتْبِعُوا حُسْنَ الظَّنِّ بِحُسْنِ العَمَلِ، فَمَا أَجْمَلَ حُسْنَ الظَّنِّ مُقْتَرِنًا بِحُسْنِ العَمَلِ؛ فَإِنَّهُ يَقُودُ صَاحِبَهُ إِلَى المَزِيدِ مِنَ الإِحْسَانِ ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].
*
يقولُ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ: قسمًا باللهِ ما ظنَّ أحدٌ باللهِ ظنًّا إلا أعطاهُ ما يظنُّ؛ وذلكَ لأنَّ الفضلَ كُلَّهُ بيدِ اللهِ فما ظنُّكمْ بربِّ العالمينَ. ظنّ دائمًا الخيرَ، فربُّكَ سبحانَهُ هوَ الأكرمُ.
*
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
لما طعنَ عمرُ- رضيَ اللهُ عنهُ- احتملَهُ الصحابةُ حتى أدخلوهُ منزلَهُ مغمًى عليهِ، فلما أفاقَ قالَ ابنُ عباسٍ- رضيَ اللهُ عنهما: الصلاةَ يا أميرَ المؤمنينَ، ففتحَ عينيْهِ فقالَ: أصلى الناسُ؟ قلنَا: نعمْ، ثمَّ بادرَهمْ وألمُ الموتِ يقرصُهُ وقالَ: أما إنَّهُ لا حظَّ في الإسلامِ لأحدٍ تركَ الصلاةَ، فصلى وجرحُه يثعبُ دمًا.
*
قرةُ عيونِ المؤمنينَ، وبهجةُ نفوسِ الموحدينَ. إنَّها الصلاةُ، ركنُ الدينِ وعمودُهُ، آخرُ ما يفقدُ العبدُ منْ دينِهِ، فليسَ بعدَ ضياعِهَا والتفريطِ فيها إسلامٌ، هيَ أولُ ما يسألُ عنهُ العبدُ يومَ القيامةِ، فإنْ قبلتْ قبلَ سائرُ العملِ، وإلا ردَّ سائرُهُ.
*
الصلاةُ فرضتْ في أشرفِ مقامٍ وأرفعِ مكانٍ، هيَ فواتحُ الخيرِ وخواتمُهُ، مفروضةٌ في اليومِ والليلةِ خمسُ مراتٍ، يفتتحُ المسلمُ بالصلاةِ نهارَهُ ويختمُ بها يومَهُ.
*
لمْ يفترضِ اللهُ على عبادِهِ بعدَ توحيدِهِ فريضةً أعظمَ منَ الصلاةِ.
هيَ أولُ ما فرضَ، وهيَ آخرُ ما أوصى بِهِ النبيُّ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أمتَهُ وهوَ على فراشِ الموتِ مناديًا: « الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ » أخرجه أحمد في "المسند" وصححه الألباني.
*
يُشغلُ الكفارُ رسولَ اللهِ عليهِ السلامُ عنْ صلاةِ العصرِ فيدعوا عليهمْ دعاءً مرعبًا: « شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا»، أَوْ: «حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا » رواه الإمام أحمد والطبراني.
*
أيُّها المسلمونَ، إنَّ التفريطَ في أمرِ الصلاةِ منْ أعظمِ أسبابِ البلاءِ والشقاءِ، ضَنكٌ دنيويٌّ وعذابٌ برزخيٌّ وعِقابٌ أخرويٌّ، ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم:59].
*
شبابَ الإسلامِ، يا أصحابَ القوَّةِ والفُتوَّةِ، هذا ابنُ أمِّ مكتومٍ الرجلُ الأعمى رضيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ يُقبلُ على رسولِ اللهِ، فيقولُ: « يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ» رواهُ مسلمٌ.
*
أيُّها المسلمونَ، اتقوا اللهَ في أبنائِكمْ وقرّةِ عيونِكمْ، فإنَّهم أمانةٌ في أعناقِكمْ. مرُوهمْ بالمحافظةِ على الصلواتِ وحضورِ الجُمَعِ والجماعاتِ، رغِّبوهمْ ورهبوهُمْ، وشجّعوهُمْ بالحوافزِ والجوائزِ، نشِّئوهمْ على حبِّ الآخرةِ، وكونوا لهمْ قدوةً صالحةً، ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه:132] يقولُ رسولُ الهدى: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ » أخرجَهُ أحمدٌ وحسنه الألباني.
*
ومنَ الناسِ منْ يصلونَ ولهمْ أزواجٌ وأولادٌ وقرابةٌ لا يصلونَ؛ فلا يأمرونَهمْ بها، ولا ينهونَهمْ عنْ تركها، ولا يهجرونَهمْ في اللهِ تعالى منْ أجلِها، ولا يشددُونَ عليهمْ فيها كما يشددُونَ عليهمْ في أمورِ الدنيا منْ دراسةٍ أوْ مالٍ أوْ وظيفةٍ ونحوِها، وهمْ في سلطانِهم وتحتَ ولايتِهمْ؛ فهؤلاءِ قدْ غشُّوا رعيتَهمْ، ولمْ يؤدُّوا أمانتَهمْ** قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» رواهُ مسلمٌ.
*
هذهِ هيَ الصلاةُ- يا عبدَ اللهِ- وإنَّها لكذلكَ وأكثرَ منْ ذلكَ، ولماذا لا تكونُ كذلكَ؟ وهيَ الصلةُ بينَ العبدِ وربِّهِ. لذةٌ ومناجاةٌ تتقاصرُ دونَها جميعُ الملذاتِ، نورٌ في الوجهِ والقلبِ، وصلاحٌ للبدنِ والروحِ، ترفعُ الدرجاتِ وتكفرُ السيئاتِ، وتنهى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:153].
*
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
باركَ اللهُ لي ولكمْ في العيدِ السعيدِ، وأعادَهُ اللهُ علينا وعليكُمْ بالعمرِ المزيدِ للأمدِ البعيدِ. أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكمْ.
♦ ♦ ♦

الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ كثيرًا، واللهُ أكبرُ كبيرًا؛ أفرحَنَا بالعيدِ، ورزقَنَا الجديدِ، ومتعَنَا بالعيشِ الرغيدِ؛ فلهُ الحمدُ لا نحصي ثناءً عليهِ كما أثنى هوَ على نفسِهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ؛ جعلَ العيدَ منْ شعائرِهِ المعظمةِ: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
*
وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ؛ صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ إلى يومِ الدينِ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
*
أمّةَ الإسلامِ، تفكُّروا في نِعَمِ اللهِ عليكمْ، الظاهرةِ والباطنةِ، فكلَّما تذكرَ العبادُ نعَمَ اللهِ ازدادوا شكرًا للهِ. تذكَّروا نعمةَ الإسلامِ أعظمَ النعَمِ، وتحكيمَ الشريعةِ وتطبيقَها. تذكّروا أمنَكمْ واستقرارَكمْ. تذكَّروا ارتباطَ قيادتِكمْ معَ مواطنِيها.
*
فالْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ ضَرُورَتَانِ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحَيَاةِ، تَصْلُحُ بِهِمَا الْأَحْوَالُ، وَيَنْمُو الْعُمْرَانُ، وَتُقَامُ الشَّعَائِرُ، وَالْإِنْسَانُ - أَيُّ إِنْسَانٍ- لَا يَجِدُ هَنَاءً فِي عَيْشِهِ، وَطُمَأْنِينَةً فِي نَفْسِهِ إِلَّا بِأَمْنٍ وَاسْتِقْرَارٍ.
أيُّها الأخواتُ الكريماتُ لا أظنُّ دينًا منَ الأديانِ أوْ شعبًا منَ الشعوبِ احتفى بالمرأةِ أمًّا وزوجةً وبنتًا كهذا الدينِ القويمِ.
*
يا فتاةَ الإسلامِ، كوني كما أرادَكِ اللهُ، وكما أرادَ لكِ رسولُ اللهِ، لا كما يريدُهُ دعاةُ الفتنةِ وسُعاةُ التبرُّجِ والاختلاطِ، فأنتِ فينا مُربِّيةُ الأجيالِ وصانعةُ الرجالِ وغارسةُ الفضائلِ وكريمِ الخصالِ وبانيةُ الأممِ والأمجادِ، تأملي - أختي الكريمةَ- قولهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا»، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

باللهِ عليكنَّ ما أحوالُ نسائنا اليومَ وهنَّ في سباقٍ محمومٍ لرفعِ ثيابهنَّ لدرجةٍ لا تصدقُ بدافِعِ تتبعِ الموضةِ، لقدْ طافَ كثيرٌ منَ النساءِ في الأسواقِ هذهِ الأيامِ فلمْ يجدوا منَ الثيابِ إلا القصيرِ وبشكلٍ لافتٍ. وهذا واللهِ تحدٍّ لمنْ يريدُ السترَ لنسائهِ وبناتهِ. اسألوا اللهَ دائمًا أنْ يحببَ لكنَّ ولبناتكنَّ السترَ والحشمةَ وألا ينجرفنَّ وراءَ الموضةِ فإذا كانَ هذا حالُ النساءِ في تغييرِ لباسهنَّ بهذه السرعةِ فإنَّ أخوفَ ما نخافهُ أنْ ينجرفنَّ أيضًا في قادمِ الأيامِ لما أشنعَ من ذلكَ.
*
فيا أيتُها المسلمةَ، أنقذي نفسكِ، فإنَّ متاعَ الدنيا قليلٌ، والآخرةُ خيرٌ لمنِ اتقى، فلا تغترّي بمالكِ ولا جمالكِ، فإنَّ ذلكَ لا يغني عنكِ منَ اللهِ شيئًا.
*
عبادَ اللهِ:
يقول صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» أخرجه الإمام أحمد وأبو داوود وصححه الالباني.
عبادَ اللهِ، في بلدِنا هذا أبدعَ أبناؤُهُ في أيامِ هذا الشهرِ الكريمِ عبرَ إقامةِ أعمالٍ خيريةٍ، ومشاريعٍ نوعيةٍ، وبرامجَ تطوعيةٍ، جهودٍ كبيرةٍ، وأعمالٍ جليلةٍ يراها الجميعُ: فأطعمُوا الجائعَ، وأحسنُوا للفقيرِ، وفطرُوا الصائمَ، وعلموا الجاهلَ واعتنَوا بكتابِ اللهِ جلَّ وعلا.
*
كلُّ الشكرِ وبالغُ التقديرِ وخالصُ الدعاءِ للمشرفينَ على هذهِ الجهاتِ الخيريةِ والعاملينَ معهُمْ: المستودعُ الخيريُّ، ومكتبُ الدعوةِ، وجمعيةُ البرِّ، وجمعيةُ تحفيظِ القرآنِ، والمراكزُ الرمضانيةُ الشبابيةُ، ويبقى دورُكم - أيُّها الكرماءُ - في استمرارِ الدعمِ والمؤازرةِ، فمشاريعُهمْ قائمةٌ - بعدَ اللهِ - على أمثالِكمْ.
*
إنْ ننسى، فلا ننسى أئمةَ المساجدِ الذينَ اجتهدُوا في إقامةِ الصلواتِ واعتنَوا ببيوتِ ربِّهم، وكمْ يفرحُنا- واللهِ- أنْ نرى بعضَ المساجدِ قدِ امتلأتْ بالمصلينَ خلفَ شبابٍ حفاظٍ حباهُمُ اللهُ حسنَ الصوتِ وجودةَ القراءةِ، ولا ننسى إخوتَنا في الجهاتِ الأمنيةِ والقطاعاتِ الخدميةِ فجهودُهمْ كبيرةٌ وأعمالُهمْ مشهودةٌ. فللجميعِ الشكرُ والدعاءُ.
*
أيُّها المسلمونَ، أذكرُكم جميعًا وأحثُّ نفسي وإياكمْ على صيامِ ستةِ أيامٍ منْ شوالٍ،: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ » رواه مسلم.
*
أيُّها المسلمونَ، تقبَّلَ اللهُ طاعاتِكم وصالحَ أعمالِكمْ، وقبِلَ صيامَكمْ وقيامَكمْ وصدقاتِكمْ ودعاءَكمْ، وضاعفَ حسناتِكمْ، وجعلَ عيدَكمْ مباركًا وأيّامَكمْ أيَّامَ سعادةٍ وهناءٍ وفضلٍ وإحسانٍ، وأعادَ اللهُ علينا وعلى المسلمينَ منْ بركاتِ هذا العيدِ، وجعلنا في يومِ القيامةِ منَ الآمنينَ، وحشرَنَا تحتَ لواءِ سيدِ المرسلينَ.
*
اللهمَّ إنَّا خرجْنَا اليومَ إليكَ نرجو ثوابَكُ ونرجو فضلِكَ ونخافُ عذابَكَ، اللهمَّ حققَّ لنا ما نرجو، وأمِّنَّا مما نخافُ، اللهمَّ تقبلْ منَّا واغفرْ لنا وارحمْنَا، اللهمَّ انصرْنا على عدوِّنا واجمعْ كلمتَنا على الحقِّ، واحفظْ بلادَنَا منْ أيِّ مكروهٍ ووفقَ قيادتَنا لكلِّ خيرٍ إنَّكَ جوادٌ كريمٌ...ألا وصلُّوا- عبادَ اللهَ- على خيرِ البريةِ أجمعينَ ورسولِ ربِّ العالمينَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
*
اللهمَّ صلِّ وسلمْ على سيدِنَا محمدٍ وعلى آلِهِ الأطهارِ وصحابتِهِ المهاجرينَ منهمْ والأنصارِ، وارضَ اللهمَّ عنِ الخلفاءِ الراشدينَ وبقيةِ الصحبِ والتابعينَ، وعنَّا معهمْ بجودِكَ وكرمِكَ يا أرحمَ الراحمينَ.

أحمد بن عبد الله الحزيمي
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-07-2016, 12:56 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

الحمد لله رب العالمين الذي بلَّغنا رمضان فصُمنا نهاره إيماناً واحتساباً، وهدانا لطاعته فأقمنا ليله إيماناً واحتساباً، وحبَّب إلينا الذكر فذكرناه سبحانه وتعالى وتلونا كتابه محبة وعِرفاناً، وأغدق علينا الرزق فتصدقنا وزكَّينا طاعة لربنا وتطهيراً لأموالنا، ووفقنا للخير فوصلنا الأرحام، وحسَّنا أخلاقنا مع الأنام وصلينا بالليل والناس نيام طامعين أن يُدخلنا الله الجنة بسلام.
*
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه، ولا راد لأمره، ولا مُغيِّر لقَدَرِه ومشيئته. جعل قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يُقَلِّبها كيف يشاء فيُسعد هذا ويُشقي ذاك، ويُضحك هذا ويُبكي ذاك. فالسعيد من أسعده الله تعالى ولو كان على الشوك، والشقي من أحزنه الله تعالى ولو كان في سعة القصور ولين الحرير. قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2] وقال: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
*
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أرسله الله تعالى بالحق مبشراً ونذيراً. عن*مصعب بن سعد بن أبي وقاصعن أبيه قال:*قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: " الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه (وفيه): حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة " أخرجه*الحاكم.

• أخي في الله: طالما أن الله تعالى هو الذي يُضحك فلا تكترث بالوضع أو بالحالة التي أنت عليها مريضاً أو مهموماً أو جريحاً أو مُطارداً أو سجيناً فستضحك وستفرح وستبتهج وتكون سعيداً مُنشرح الصدر مسروراً إذا أراد الله تعالى لك ذلك. وطالما أنه سبحانه وتعالى هو الذي يُبكي فلو كنت في القصور الفارهة والحدائق الغنَّاء والمال الوفير فستبكي بل سينفطر قلبك من البكاء إذا قدَّر الله تعالى لك ذلك.
*
• رحم الله ابن تيمية يوم قال: " أنا جنتي وبستاني في صدري أنَّى اتجهت فهي معي لا تفارقني... أنا سجني خلوة و***ي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة ". وقال احد الصالحين: والله إنَّا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.
*
• وتذكَّرْ ما قاله الإمام عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه عندما دخل رجلٌ عليه في يوم عيد الفِطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد!! فقال له الإمام عليٌّ كرم الله وجهه: اعلمْ يا أخي، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه، وغفر ذنبَه، ثم قال له: اليوم لنا عيد، وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا نعصى الله فيه فهو عندنا عِيد. وقال الحسن: كل يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عيد، وكلُّ يوم يقطعه المؤمن في طاعة*مولاه وذِكْره وشكره فهو له عِيد.
*
• أحبائي في الله: إن من ينظر لبعض بيوتنا ويتفقد أحوالها يجد في كل بيت من دواعي الهم والحَزَن ودواعي البكاء والألم ما لو وُزِّعت على أهل الأرض لكفتهم. فهذا البيت فيه مريض وذاك فيه غارم، وآخر فيه شهيد وذاك فيه جريح وآخر فيه مُطارد وغيره فيه أسير إلى غير ذلك من أسباب الحُزن والبكاء بل والعويل. ولكنك إذا دخلت معظم هذه البيوت وجالست أهلها فلن تجد سوى الرضا والتسليم بل والفرح بقضاء الله وحُكمه في أهل هذا البيت. ولما لا، وهؤلاء قد تربوا على مائدة القرآن. ولما لا، وهم يعلمون جيداً أن تضحيتهم مأجورة ولن تضيع عبثاً. ولما لا، وهم يستشعرون كلام النبي صلى الله عليه وسلم (صبراً آل ياسر) فإن موعدكم الجنة. ولما لا، وهم يشعرون بأنهم معنيون ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا صهيب (ربح البيع صهيب، ربح البيع أبا يحي).
*
فالمسلم مأجور على كل ما يُصيبه إن احتسب ذلك بالنية الصالحة. ودليل ذلك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسلموغيره عنصهيبرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له! وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له! وفي مسند أحمد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجباً للمؤمن! لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له" وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما يُصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه".

• ذكر الإمام*الغزالي*رحمه الله كلاماً طويلاً في بيان نعمة الله تعالى في الابتلاء حيث يقول:*" في كل فقر ومرض وخوف وبلاء في الدنيا خمسة أمور ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها:
• أولها: أن هناك مصائب وأمراض أكبر من هذه فليشكر إذ لم تكن أعظم مما هي عليه.
*
• الثانية: أنه كان يمكن أن تكون هذه المصيبة في دينه.
*
• الثالثة: من نعم البلاء أنه ما من عقوبة إلا كان يُتصور أن تُؤخر إلى الآخرة، ومصائب الدنيا يُتسلى عنها بأسباب أخرى تُهَوِّن المصيبة فيخف وقعها، وأما مُصيبة الآخرة فتدوم، وإن لم تدم فلا سبيل إلى تخفيفها بالتسلَّي، ومن عُجِّلت عقوبته في الدنيا فلا يُعاقب مرة ثانية، فالله أكرم من أن يُعاقب العبد مرتين، قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وابن ماجة: "إن العبد إذا أذنب ذنباً، فأصابته شدة أو بلاء في الدنيا، فالله أكرم من أن يُعذبه ثانية".
*
• الرابعة: أن هذه المصيبة والبليَّة كانت مكتوبة عليه في أم الكتاب، وكان لا بد من وصولها إليه ووقوعها عليه، وقد وصلت ووقع الفراغ، واستراح من بعضها أو جميعها، وهذه نعمة من نعم الله.
*
• الخامسة: أن ثوابها أكبر منها، فإن مصائب الدنيا طريق إلى ثواب الآخرة، كما يكون الدواء الكريه نعمة في حق المريض، فمن عرف هذه الأمور تُصوِّر منه أن يشكر على البلايا.
*
1) فأسرة الشهيد وأهله فرحون بمنزلته عند ربه وببشارة النبي صلى الله عليه وسلم: عن عُبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن للشهيد عند الله سبع خصال، أن يغفر الله له في أول دفعة من دمه. ويرى مقعدهُ من الجنة ويُحلّى حلية الإيمان، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة فيه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين ويُشَفَّع في سبعين من أقاربه".
*
• لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك؟ قلت: بلى. قال: ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلّم أباك كفاحاً، فقال: يا عبدي تمنّ عليّ أعطك. قال: يا رب تُحييني فأ*** فيك ثانية! قال: إنه سبق مِنِّي أنهم إليها لا يُرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه. (كِفَاحاً: أَيْ مُوَاجَهَةً)

• وقال صلى الله عليه وسلم: لما أُصيب إخوانكم بأُحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خُضر تَرِد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طِيب مشربهم ومأكلهم وحُسن منقلبهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكِلوا عن الحرب. فقال الله عز وجل: أنا أُبلغهم عنكم، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169] رواه الإمام أحمد وأبو داود.
*
وبعد كل هذا الفضل ألا يحق لأهل الشهيد أن يفرحوا بل يتمنوا أن يلحقوا به على درب الشهداء؟

2) الأسير والمُطارد وأهليهما فرحين بما يقدمونه من أجل نصرة دين الله ومن أجل الأمة ورفعتها وحريتها: فهذا الأسير وذاك المطارد قد قدَّر الله تعالى لهما أن ينخلعا من نمط الحياة المألوف إلى نمط اختاره الله عز وجل لهما. هذا النمط الذي في ظاهره العذاب والعنت والمشقة ولكن في باطنه الرحمة واليُسر والهداية، الرحمة التي قد طالت إبراهيم عليه السلام في النار، وشعر بها يونس عليه السلام في بطن الحوت، واستلذ بها كليم الله موسى وهو مُطارد خشية أن ي***ه فرعون ورجاله كما استلذ بها أصحاب الكهف. قال تعالى: ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾ [الكهف: 16] لقد قيد الله تعالى لهؤلاء خلوة ربانية وفتح لهم أبواباً من العبادة والمناجاة ما كانت تُفتح إلا في مثل هذه الظروف والأحوال. لقد أنعم الله عليهم بالرضا لأنهم قد استودعوا أموالهم أهليهم وذويهم عند من لا تضيع عنده الودائع ففرحوا بما قدموا من طاعات.
*
3) والأرملة التي انقطعت لتربية أيتامها فرحة ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم: عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنا أول من يفتح باب الجنة فأرى امرأة تُبادرني (أي تُسابقني) تُريد أن تدخل معي الباب فأقول لها: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي".. رواه أبو يعلى الموصلي، وصححه الألباني.
*
• مات زوجها فأبت الزواج مع حاجتها الفطرية إليه، ونأت بنفسها عن مواطن الشبهات، وعكفت على تربية الأبناء تربية صالحة كما يحب ربنا ويرضى. تركت كل لذة واستعلت على كل شهوة، ورفضت الخُطَّاب، وتفرغت لهذه المهمة العظيمة ما تبغي سوى مرضاة ربها، هذه هي منزلتها مع المصطفى صلى الله عليه وسلم. ألا يحق لها أن تفرح؟
*
4) ومن يكفل اليتيم ويسعى على الأرملة وينفق من ماله ليفك أسيراً أو يجهز مجاهداً في سبيل الله فرحاً بما بُشِّر به من أجر وثواب: فكفى اليتيم شرفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد يتيماً، وكفاه فخراً بأن الله تعالى قد وصى عليه وأمر بإكرامه. عن مالك بن الحارث أنه سمع النبيّصلى الله عليه وسلميقول: من ضم يتيماً بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة البتة، ومن أعتق امرءاً مسلماً كان فِكاكه من النار يجزي بكل عضو منه عضواً من النار " رواه الإمام أحمد.
*
• وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر " رواه البخاري ومسلم.
*
• عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏ "‏ من جهز غازياً في سبيل الله فله مثل أجره‏ "‏‏ ‏ رواه الطبراني.
*
5) ومن غبَّر قدميه أو جُرح في سبيل الله فرحاً مستبشراً بجزيل عطاء الله تعالى له: عن أبي الدرداء يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏: ‏"‏ لا يجمع الله عز وجل في جوف رجل غباراً في سبيل الله ودخان جهنم، ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرَّم الله سائر جسده على النار ومن صام يوماً‏ في سبيل الله باعد الله منه النار مسيرة ألف عام للراكب المستعجل، ومن جرح جراحة في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء له نور يوم القيامة لونها مثل لون الزعفران وريحها مثل ‏(ريح)‏ ‏المسك يعرفه بها الأولون والآخرون يقولون‏:‏ فلان عليه طابع الشهداء، ومن قاتل في سبيل الله عز وجل فواق ناقة وجبت له الجنة‏ "‏‏ رواه أحمد (فواق الناقة: المدة بين حلبتين).
*
6) والمرابط في سبيل الله تعالى الذي لا يغير ولا يبدل ولا ينكث ولا يفرط فرحاً بأن ثبته الله تعالى على الحق:عن عقبة بن عامر قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏" ‏كل ميِّت يُختم على عمله إلا المُرابط في سبيل الله فإنه يجري عليه أجر عمله حتى يبعثه الله‏ " ‏‏.‏ وفي رواية ‏:‏ ‏" ‏ويُؤمَّن من فتان القبر ‏" ‏‏‏رواه أحمد والطبراني.
*
الخطبة الثانية
بعد الحمد والثناء....
• أيها الموحدون: إن الخنساء التي ملأت الدنيا رثاءً وصُراخاً وعويلاً لفقدان أخيها صخر في الجاهلية كانت لها موعظة لأولادها قُبيل معركة القادسية - بعد أن منَّ الله تعالى عليها وشرح صدرها للإسلام وعرفت كيف تنهل عن معين السعادة الذي لا ينضب - قالت فيهاوهي تودع أبنائها للجهاد: "يا بَنِيَّ إنكم أسلمتم وهاجرتم مُختارين، واللهالذيلا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خُنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هَجَّنت حسبكم ولا غيَّرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عزَّ وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مُستبصرين، وبالله على أعدائه مُستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمَّرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها (رئيس جماعة القوَّاد الذين تصدُر عنهم خُطَط الجيش) عند احتدام خميسها (الخمِيسُ الجَيشُ الجَرَّارُ؛ سُمِّي بذلك لأَنه خَمْسُ فِرَق: المُقَدِّمَةُ، والقلبُ، والمَيْمَنةُ، والمَيْسَرَةُ، والساقَةُ) تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة " فلما وصل إليها نبأ استشهادهم جميعًا فما نطق لسانها برثائهم وهم فلذات أكبادها، ولا لطمت الخدود ولا شقت الجيوب، وإنما قالت برباطة جأش وعزيمة وثقة: " الحمد لله الذي شرَّفني ب***هم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ".
*
• أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن السعادة أمراً معنوياً نسبياً، فما يُسعد هذا ربما يُشقي ذاك. وما يجلب لهذا الفرح والسرور ربما يجر على غيره الحزن والأسى. وإن من تأمل السعادة في أسبابها وجد لديه الكثير منها ولكننا نغفل عما بين أيدينا ونبحث عما ينقصنا ونلهث خلفه فيشقينا فلا نتنعم بهذا ولا ندرك ذاك.
*
•روي أنأحد السلف كان أقرع الرأس أبرص البدن أعمى العينين مشلول القدمين واليدين وكان يقول: " الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق، وفضلني تفضيلاً" فمر به رجل فقال له: مما عافاك؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول فمما عافاك؟ فقال: ويحك يا رجل؛ جعل لي لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وبدناً على البلاء صابراً.

•ابحث عن السعادة في المقابر تجد أنك حي تُرزق. انظر إلى من ضل الطريق وانكب على وجهه محروماً من رحمة الله تعالى تجد أنك تمشي على صراط مستقيم. اذهب إلى المستشفيات تجد أصحاب العِلل والأمراض والعاهات وأنت مُعافا في بدنك سليم الأعضاء...... الخ.
*
•إن طُمأنينة القلب والرضا بما قسمه الله تعالى من أعظم نعم الله على المؤمن، وذلك أن سكون النفس واستقرارها هو الدافع للخير والشعور بالغبطة والسعادة، وبقيمة الحياة وهدفها، والثقة بالله ووعده ولذا كانت طُمأنينة القلب هي حصنه الحصين الذي يستعصى على الشياطين، وذلك أن النفس المطمئنة والقلب الثابت الموصول بربه لا سبيل إلى زعزعته بإذن الله تعالى ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
*
ولله در القائل:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غِضَاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب
*
وأخيراً: أود أن أقول لكل مبتلى: إنك في منحة من الله عز وجل تغبط عليها، منحة يصطفي فيها من يشاء من عباده ويتخذ فيها من يشاء من عباده شهداء ويرفع فيها أجراً ويحط فيها وزراً، في هذه المنحة نتعلم في مدرسة الصبر وجامعة الشكر، في هذه المنحة نكتسب زاداً نُربي به من خلفنا ليكونوا أصلب منَّا عوداً وأقوى منَّا عزيمة وشكيمة فلا يُؤتى الإسلام من قِبَلهم كما أنه لن يُؤتى من قِبَلنا إن شاء الله تعالى.
*
• افرحوا جميعاً بعيدكم واملؤوا بيوتكم بالفرحة ولست بهذا الطلب أريد أن أجردكم من مشاعركم أو أخرجكم عن طبيعتكم البشرية ولكن لأن فرحكم هذا هو الرصاص الذي يكيد أعداء أمتكم.. فابتسامتكم أقوى من الرصاص في صدور جلاديكم، فبفرحكم تُعكرون صفو عيدهم وتُفسدون فرحتهم فأنتم أحق بالفرح منهم وهم ما لهم إلا الهم والغم والحسرة والندامة.
*
•اللهم عليك بمن ظلم المسلمين.. اللهم عليك بمن خذل المؤمنين.. اللهم عليك بمن بغى على الموحدين.. اللهم عليك بمن سفك الدماء.. اللهم عليك بمن يتم الأطفال.. اللهم عليك بمن رمل النساء.. اللهم عليك بمن خرَّب بيوتك.. اللهم عليك بمن تطاول على دينك.. اللهم عليك بمن تطاول على نبيك.. اللهم عليك بمن تطاول على العلماء.. اللهم عليك بمن تآمر على أمن بلاد المسلمين... اللهم أهتك سترهم.. اللهم اقصم ظهورهم.. اللهم أرعب قلوبهم.. اللهم بدَّد مُلكهم.. اللهم عرضهم للفتن ما ظهر منها وما بطن.. اللهم خلِّص منهم البلاد والعباد.. اللهم انزع البركة من صحتهم ومن أموالهم.. اللهم اجعل صدورهم ضيقة حرجة.. اللهم ابتليهم من الأمراض ما لا شفاء لها.. اللهم اجعلهم لكل ظالم عبرة وآية.. اللهم لا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية.. اللهم لا ترفع لهم في بلادنا راية.. اللهم لا تجعل لهم على أهل الحق سبيلاً.. اللهم ائذن لشرعك أن يسود.. اللهم اجعلنا للحق جنود.. اللهم إنا نجعلك في نحورهم.. اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم. اللهم استجب... اللهم آمين.

محمد عبدالرحمن صادق
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-07-2016, 01:07 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

بسم الله الرحمن الرحيم
خُطبةُ عِيدِ الفِطْرِ المبارَكِ
1 شوال 1437هـ
في المرفقات
و الله الموفق
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-07-2016, 01:12 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

الله أكبر (تسعاً) لا إله إلا لله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد... الله أكبر كلما صام صائم وأفطر... الله أكبر كلما لاح صباح عيد وأسفر ... الله أكبر كلما لمع برق وأمطر ... الله أكبر ما هلل مسلم وكبر، وتاب تائب واستغفر... الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً...
*
أما بعد: فللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وها نحن اليوم قد أفطرنا، وأنهينا شهرنا، أفليست هذه فرحة كبيرة؟
إنَّ السعادة الحقيقيَّة والفرح الحقيقي يوم أن تلتزمَ بطاعة الله، يوم أن تتمسَّك بسُنَّة رسول الله، يوم أن تحافظ على تلاوتك للقرآن، يوم أن تخالِفَ نفسك وشيطانَك، وتنتصر عليهما.
*
فرحك أخي المسلم، بإيمانك وتقواك، ورحم الله القائل:
وَلَسْتُ*أَرَى*السَّعَادَةَ*جَمْعَ*مَالٍ********وَ لَكِنَّ****التَّقِيَّ****هُوَ****السَّعِيدُ
فَتَقْوَى**اللَّهِ**خَيْرُ**الزَّادِ**ذُخْرًا***** ***وَعِنْدَ****اللَّهِ****لِلْأَتْقَى*****مَزِيدُ
*
يقول صاحب كتاب "هكذا علمتني الحياة":"والله لو كبَّرَت قلوبُ المسلمين كما كبَّرت ألسنتهم، لغيَّروا وجه التاريخ، ولو اجتمعوا دائمًا كما يجتمعون لصلاة العيد، لهزَموا جحافل الأعداء، ولو تصافحَت قلوبهم كما تتصافح أيديهم، لقضوا على عوامل الفُرقة، ولو تبسَّمت أرواحهم كما تبسَّمت شفاههم، لكانوا مع أهل السماء، ولو لبسوا أكمل الأخلاق كما يلبسون أفخر الثياب، لكانوا أجمل أمة على الأرض"، فهذه دعوة لكل المتخاصمين في صباح العيد إلى أن تتصافح قلوبهم كما تتصافح أيديهم؛ روى ابن السُّنِّي والطبرانيُّ عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيَعجز أحدُكم أن يكون كأبي ضَمضَمٍ؟))، قالوا: مَن أبو ضمضم يا رسول الله؟ قال: ( كان إذا أصبح قال: اللهمَّ إني قد وهبتُ نفسي وعِرضي لك، فلا يشتم من شتَمَه، ولا يَظلِم مَن ظلَمه، ولا يَضرب مَن ضربَه).
*
أيها المؤمنون:
العيد هو فرح الطائع بطاعته، والمصلي بصلاته، والصائم بصيامه، والقائم بقيامه، والمتصدق بصدقته.
العيد هو فرح البارِّ بوالدَيه، الواصل لرحمه، الباحث عن رضا ربه.
العيد هو فرح مَن صام رمضان، يرجو الرضوان، والعِتق مِن النِّيران.
*
فعيدنا الحقيقي يومَ أن يفرحَ بنا الله - عزَّ وجلَّ - يوم يفرح بنا النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم أن نترجِم ما قاله عليٌّ - رضي الله عنه - عندما دخل عليه رجلٌ في يوم عيد الفطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا، فقال له: يا أمير المؤمنين، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد؟! فقال له الإمام عليٌّ - رضي الله عنه -: اعلمْ يا أخي، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه، وغفر ذنبَه، ثم قال له: اليوم لنا عِيد، وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا نَعصي الله فيه فهو عندنا عِيد.
*
أيها الأحبة الفائزون:
نفرح بالعيد عندما يكون عيدنا .. تعاطف وتراحم؛ لأن عماد العيد التعاطف والتراحم والحنان، والتآخي والبذل والسخاء، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" مسلم.
*
أيها الأحبة الفائزون:
نفرح بالعيد عندما يكون عيدنا صلة لأرحامنا: فصلة الأرحام دليل على كمال الإيمان، وبسطة في الرزق والعمر، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" البخاري، نفرح بالعيد عندما نكون قد أصلحنا ذات بيننا وها هي أيام العيد مناسبة لإصلاح ذات البين:فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ"(أبو داود).
*
أصلح ما بينك وبين الله بالتوبة النصوح، وبالطاعة التامة، وبالتقرب إليه بنوافل العبادات وصالح الأعمال، وأصلح ما بينك وبين الآخرين بالمسامحة ، أو الاعتذار، أو أداء ما قصرت في أداءه، ثم أصلح بين المؤمنين: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1].
*
معاشر المسلمين:
العيد فرصة لإصلاح العلاقات الاجتماعية، بين الزوج وزوجته، وبين الجار وجاره، وبين كل طوائف وشرائح المجتمع، لتعم السعادة أرجاء مصرنا الحبيبة, وأمتنا الإسلامية. أحبابي يا من تحتفلون بعيد الفطر السعيد احرصوا على الطاعات.
*
كالتكبير وحضور صلاة العيد، احرصوا على إدخال السرور على قلوب أهليكم "الوالدين والزوجات والأولاد والأقارب"، احرصوا على صلة أرحامكم، قال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه"(البخاري ومسلم).
*
احرصوا على التكافل الاجتماعي مع الفقراء واليتامى والأرامل.فالعيد فرصة طيبة لتحسين العلاقات وإصلاح ذات البين، بين المتهاجرين المتدابرين، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، حتى يكون لنا فرحة في الأرض وفرحة في السماء. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحق لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" (مسلم).
*
نحن في هذا اليوم جدير بنا أن نمدَّ أيدينا بالمصافحة، وألسنتَنا بالكلام الطيب، وقلوبنا بغَسلِها مِن الأضغان والأحقاد والشَّحناء والبغضاء؛ فيجب اليوم أن تتواصَلَ أرحامُنا، وتتقارَب قلوبُنا؛ هذا هو جوهر العيد في الإسلام.
*
العيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب وإزالة الشوائب عن النفوس وتنقية الخواطر مما علق بها من بغضاء أو شحناء، ولنتذكر قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزا ) رواه مسلم، وقوله: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية عند أبي داود: ( فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار ) صححه الألباني. واستمع إلى حديث تقشعّر منه الجلود، قال: ( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ) رواه أبو داود وصححه الإمام الألباني.
*
فلنغتنم هذه الفرصة، ولتجدد المحبة وتحل المسامحة والعفو محلّ العتب والهجران مع جميع الناس، من الأقارب والأصدقاء والجيران.
قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
*
الخطبة الثانية
الله أكبر (سبعاً) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد...
الله أكبر! نعيِّد العيد ويعيدون العيد، نلبس الجديد في العيد ثيابنا البيض رمز البهجة والنظافة والنقاء والفرح والسرور، بينما المستضعفون، والمظلومون يلبسون البيض يلفون فيه لفًّا, ولا جيوب لثياب العيد عندهم, ولا خيوط تخيط ثيابهم.. إنهم يلبسون الأكفان البيض يعيدون بها في الحفر.. في القبور.. في المقابر!
*
الله أكبر! يكبر بها أئمة المساجد عندنا سبعًا, ويكبر بها الأئمة هناك في بلدان المسلمين أربعًا.. إن التكبيرات السبع هي هيئة صلاة العيد, والتكبيرات الأربع هي هيئة صلاة الجنائز على أرواح شهداء الإسلام في كل مكان.
*
لكن أبشروا أيها الصابرون؛ أيها المظلومون، فإن الطغاة والمجرمين فرحهم زائل بإذن الله فليفرح هؤلاء فرحًا زائلاً، فرحًا زائفًا، فرحًا غير مشروع؛ لأنَّه فرح بغير الحق؛ ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر: 75].
*
فرَحُهم مؤقَّت كفرَح هؤلاء؛ ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44].

عباد الله:
أعيادُنا يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، ويوم أنْ تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه غير مُقصِّر، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه لا يزيد.
*
أعيادنا يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم، من الصَّديق قبل العدوِّ، ومن القَرِيب قبل البعيد، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله تعالى.
*
أعيادُنا يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود وغير اليهود.
*
معاشر المسلمين:
خلاصة القول، اجعَلُوا هذه الأيَّام أيامَ العيد فرحًا لا ترحًا، أيَّامَ اتِّفاق لا اختلاف، أيَّامَ سعادةٍ لا شَقاء، أيَّام حب وصَفاء، لا بَغضاء ولا شَحناء، تسامَحُوا وتَصافَحُوا، توادُّوا وتحابُّوا، تَعاوَنُوا على البرِّ والتَّقوى، لا على الإثم والعُدوان، صِلُوا الأرحام، وارحَمُوا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام.
*
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تكتبنا في عتقائك من النار، اللهم اجعل الجنة مثوانا، وأورثنا الفردوس الأعلى، وأدخلنا الجنة دون حساب ولا عذاب، يا كريم يا وهاب، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، يا منان، يا ذا الفضل العظيم تفضل على هؤلاء الجمع بعتقهم من النار، وإخراجهم من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، لا تفرق هذا الجمع إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي متقبل مشكور، يا ودود يا غفور، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم اغفر لوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اجعلنا إخوة متحابين، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، اسلل سخائم صدورنا، اسلل سخائم صدورنا، اسلل سخائم صدورنا، واختم بالصالحات أعمالنا، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

ياسر عبدالله محمد الحوري
__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-07-2016, 01:13 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

عناصر الخطبة:
أولاً: يفرح الصائمون لأنهم أطاعوا الله ورسوله
ثانياً: يفرح الصائمون لأنهم اتصفوا بصفات المتقين
ثالثاً: يفرح الصائمون لأنهم قاموا رمضان
رابعاً: يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم
خامساً: يفرح الصائمون لأنهم ادخلوا البسمة على الفقراء والمساكين
*
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، أحمدُه حمدًا لا انتهاءَ لأمَده، وأشكرُه شُكرًا لا إحصاءَ لعدده، الحمدُ لله عددَ خلقِه وزِنةَ عرشِه ورِضا نفسِه ومِدادَ كلماته، الحمدُ لله كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله النبيُّ المُصطفى والخليلُ المُجتبَى، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه ومن اقتفَى.
*
أما بعد: فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فمن اتَقاه وقَاه، ومن أقرضَه جزاه، ومن أحبَّه قرَّبه وأدناه.
فان قلت بماذا يفرح الصائمون؟ ومتى ذلك الفرح؟
*
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عيدٌ امتلأت القلوب به فرحًا وسرورًا، وازدانت به الأرض بهجة ونورًا، يومٌ يخرج المسلمون فيه بالأمصار إلى المصليات والمساجد مكبرين ومهللين ولربهم حامدين معظمين، وبنعمته مغتبطين، فلله الحمد رب العالمين.
*
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها الأحبة: عيدكم مبارك وعيدكم سعيد، افرحوا بعيدكم أفراحًا كثيرة؛ فرحة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، ووافر عطائه، وفرحة بالهداية يوم ضلت فئام من البشر عن صراط الله المستقيم، ففرحنا أن هدانا يوم ضل غيرنا: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدةَ وَلِتُكَبّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

اللهُ أكبرُ قُولُوْهَا بِلَا وَجَلٍ
وزينوا القلبَ من مغزى معانيها
بها ستعلو على أفق الزمان لنا
رايات عز نسينا كيف نفديها
الله أكبر ما أحلى النداءُ بها
كأنه الري في الأرواحِ يحيها
*
اعلم علمني الله وإياك أن الله تعالى اخبرنا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فانه له سبحانه وتعالى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ (صحيح البخاري).
*
لذا فإن الله تعالى يمنح الصائمين من الأجر والثواب ما تقر به أعينهم في الدنيا والآخرة كما في الحديث السابق (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) واليك البشريات والمفرحات.
أولا: يفرح الصائمون لأنهم أطاعوا الله ورسوله:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
يفرح الصائمون لأنهم فازوا بطاعة ربهم و الاقتداء بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فقد شاهدوا فجر الأجر قال الله تعالى ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].
*
أنعم بها من معية فقد صار الصائمون مع كواكب العارفين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
هل استشعرتم تلك المعية أيها الصائمون؟
*
روى الطبراني وابن مردويه بسند قال السيوطي: لا بأس به عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم - شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية ومن يطع الله والرسول.
*
طاعة الله تجلت في ذلك الشهر لتشمل شتى مناحي الحياة.
وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم- كانت قرة عيون الصائمين والصائمات في الأقوال والأفعال.
*
الله أكبر الله أكبر هذا هو يوم الجائزة لكم أيها الطائعون الصائمون قال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
*
ثانيا: يفرح الصائمون لأنهم اتصفوا بصفات المتقين
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
هذا هو الفرح حيث اتصفتم بصفات المتقين الذين حققوا التقوى في أعلى معانيها حيث العمل بطاعة الله على نور من الله وترك معصية الله على نور من الله.
فقد حققتم التقوى عباد الله و هي الغاية المنشودة و الدرة المفقودة قال الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ﴾ [آل عمران: 102].
*
يفرح الصائمون عندما يشاهدون أجر و جزاء المتقين عند رب العالمين ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].
وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].
*
يفرح الصائمون عندما يشاهدون الجنان وقد زينة والحور وقد أعدت والقصور وهيئة قال الله تعالى ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا* لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ: 31 -36].
*
ثالثا: يفرح الصائمون لأنهم قاموا رمضان
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
يفرح الصائمون لأنهم قاموا الليل و تصفوا بصفات عباد الرحمن و أنعم بها من صفات قال الله تعالى ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67].
*
بشراكم أيها القائمون بهذه العطايا التي لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولا خطرت على قلب بشر قال الله تعالى ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15 -17].
*
عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يُسمعُ الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم مَن أولى بالكرم. ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ الآية، فيقومون وهم قليل(ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده ، وأبو يعلى).
*
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". قال أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾.
*
رابعا: يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
يفرح الصائمون لأنهم وصلوا أرحامهم.
فكم وكم من عداوة وبغضاء كانت بين ذوي الأرحام فلما دخل عليهم رمضان تقاربت القلوب وتواصلت الأرحام وتعددت الزيارات واستبدلوا القطيعة بالصلة والبغضاء بالمحبة، فقد رأينا كيف ألف الصيام بين الإخوة والأخوات وبين الأبناء والإباء وبين جميع ذوي الأرحام بشراكم أيها الواصلون صلة الرحمن قال الله تعالى ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 20 - 24].
*
بشراكم أيها الواصلون سعة الأزرق والبركة في الأعمار وتعمير الديار عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه وقد أخرجاه عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلة الرحم، وحسن الخلق يعمرن الديار ويزدن في الأعمار " أخرجه البيهقي.
*
أيها المسلمون صلوا أرحامكم تدخلوا جنة ربكم عن عبد الله بن سلام قال: لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه و قيل قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فجئت في الناس لأنظر إليه فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته بتكلم أن قال: " يا أيها الناس أفشوا وأطعموا و صلوا الأرحام و صلوا الناس نيام تدخلوا الجنة بالسلام" أخرجه البيهقي.
*
خامسا: يفرح الصائمون لأنهم ادخلوا البسمة على الفقراء والمساكين:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
بارك الله لكم معاشر أيها الصائمون فقد رسمتم البسمة على أفواه الفقراء وكم أدخلتم البهجة على قلوب المساكين، وكم أطعمتم بطونا جائعة، وكم كسوتم أجسادا عارية، بشراكم معاشر الصائمين بعطاء رب العالمين.
*
اسمعوا: وفد رجل على علي فطلب له حاجة، فقال: الحمد لله الذي جعلك صاحب الحاجة ولم يجعلني صاحب الحاجة، لأقضينها إن شاء الله.
*
قال الرجل:
كسوتني حلة تبلى محاسنها * لأكسونك من حسن الثنا حللا.
الثناء الجميل:
ولم أرَ كالإحسان أما مذاقهُ * فحلو وأما وجهه فجميلُ.
• كاد الجميل أن يكون رجلاً، ولو كان رجلاً لكان حسناً، وكاد أن يكون نبتاً، ولو كان نبتاً لكان ورداً.
• قال أبو جعفر المنصور لجلاسه وسماره: ما أحسن بيت قالته العرب؟
قالوا: ما ندري.
قال: قول القائل:
الخير يبقى وإن طال الزمان به •• والشر أخبث ما أوعيت من زادِ
كيف يضيع الله من كفل الأيتام وقام على الأرامل ورعى ضعفه المسلمين؟
كيف يضيع الله من فرّج الكربات؟
كيف يضيع الله عبداً فرّج الكربات وتنافس في المرضاة وتسابق إلى الطاعات؟!
كيف يضيع عند الله سعيه؟
*
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فرج عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) أخرجه مسلم.
*
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله أكبر ولله الحمد
أخي المسلم: بر والديك، وخصهما منك بالدعاء، وأكثر لهما من الاستغفار، ففي التنزيل العزيز: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28] ويقول سبحانه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ﴾ [الإسراء:24].
*
صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك، وعف عن المحارم تكن عابداً، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً ارحم المسكين، وأكرم الغريب، واسع على الأرامل فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ) ولذلك كان عبد الله -كما يقول أبو بكر بن حفص - لا يأكل طعاماً إلا وعلى خوانه يتيم، لابد أن يدعو يتيماً في كل وجبة من وجبات طعامه ليأكل معه إحساناً إلى اليتامى.
*
سادسا: العيد والإخاء:
جاء العيد أيها المسلمون - ليرسم على الشفاه معاني الحب، ويكتب في حياة المسلمين حياة من الإخاء الصادق، يقول: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
*
والسؤال الذي يطرح نفسه في ساحة العيد بالذات: القلوب المتنافرة أما آن لها أن تتصافح؟! أما زالت مصرة على معاندتها للفطر السوية؟! أما زال الكبر يوقد ضرامها ويشعل فتيل حقدها؟! ألا يمكن أن ينجح العيد في أن يعيد البسمة لشفاه قد طال شقاقها؟! إن هذه القلوب يُخشى عليها إن لم تُفلح الأعياد في ليّها للحق فإن لفح جهنم قد يكون هو الحل الأخير القادر على كسر مكابرتها ولي عناقها.
*
إلى متى هؤلاء يصمّون آذانهم عن قول رسول الهدى: "هجْر المسلم سَنَةً كسفك دمه"، وقوله: "تُعرض الأعمال على الله كل اثنين وخميس إلا المتخاصمَيْن، فيقول الله: أنظروا هذين حتى يصطلحا"؟!.
*
وإن لم يُفلح العيد في تحليل صلابة هذه القلوب فوعيد الله تعالى غير بعيد حين قال في كتابه الكريم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22-23].
*
عباد الله، كل عام أنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم الصيام وصالح الأعمال. قوموا وليصافح بعضكم بعضاً.

السيد مراد سلامة
__________________

آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 05-07-2016 الساعة 01:17 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:05 AM.