#16
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما ايت حماد بن زيد فخذ العلم بحلم ثم قيده بقيد ودع البدعة من آثار عمرو بن عبيد وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
#17
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل يزيد بن حاتم بن قبيصة مات في رمضان، سنة سبعين ومائة. من كبار الولاة وأعدلهم في عهد العباسيين، وأخيه روح بن حاتم بن قبيصة كان وليًا عادلًا جوادًا للعباسيين أيضًا. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي. البصري، الأمير. ولي إمرة مصر سنة أربع وأربعين ومائة، فدام سبع سنين، ثم ولي المغرب مدة للمهدي، والهادي، والرشيد، ومهد إفريقية، وذلل البربر، وكان بطلا، شجاعا، مهيبا، شديد البأس". وكان من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وولاه المنصور على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي. وقد مدحه كثير من الشعراء؛ ومما قيل فيه لابن المولى: وإذا الفوارس عددت أبطالها عدوك في أبطالهم بالخنصر وعن صفوان بن صفوان أنه قال بداهة في يزيد: لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به حتى لقيت يزيدا عصمة الناس لقيت أكرم من يمشي على قدم مفضلا برداء الجود والباس لو نيل بالمجد ملك كنت صاحبه وكنت أولى به من آل عباس وفيه يقول ربيعة بن ثابت: لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد سليم، والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أني هجوته ولكنني فضلت أهل المكارم وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد النفس الزكية وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج "علي بن محمد" من أحفاد "الحسن بن علي بن أبي طالب" على العباسيين سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة. فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشة لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم في حملة وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور. ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ. ثم ولاه المنصور ولاية المغرب سنة 154هـ، وأرسله لمقاتلة الإباضيين الذين غلبوا على أفريقية، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس و*** أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الإباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بال*** طلباً لدم ابن عمه الذي *** على أيديهم، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم. وقد أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي. قيل: كان عادلًا، يحسن حكم الرعية، فأحبه الناس. وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر: بكى أهل مصر بالدموع السواجم غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء. وقد مات يزيد بن حاتم: بالمغرب، في رمضان، سنة سبعين ومائة، واستخلف ولده داود على المغرب. |
#18
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل عبدالله بن المبارك مات ابن المبارك، في شهر رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة. قال الإمام الذهبي في أول ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم، التركي، ثم المروزي، الحافظ، الغازي، أحد الأعلام، وكانت أمه خوارزمية. مولده: في سنة ثمان عشرة ومائة. فطلب العلم وهو ابن عشرين سنة". نشأ ابن المبارك في أسرة متواضعة؛ فقد كان أبوه أجيرًا بسيطًا يعمل حارسًا لبستان أحد الأثرياء، غير أن والده هذا كان سبب رخائه حيث أورثه المال وافرا مدرارا، وجعله يتفرغ لطلب العلم منذ صباه، فأقدم شيخ لقيه: هو الربيع بن أنس الخراساني، تحيل ودخل إليه إلى السجن، فسمع منه نحوًا من أربعين حديثًا، ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومائة، وأخذ عن بقايا التابعين، وأكثر من الترحال والتطواف، إلى أن مات في طلب العلم، وفي الغزو، وفي التجارة، والإنفاق على الإخوان في الله، وتجهيزهم معه إلى الحج. وقد أخذ العلم عن كل من: سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، والجريري، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وبريد بن عبدالله بن أبي بردة، وخالد الحذاء، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالله بن عون، وموسى بن عقبة، وأجلح الكندي، وحسين المعلم، وحنظلة السدوسي، وحيوة بن شريح المصري، وكهمس، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وابن جريج، ومعمر، والثوري، وشعبة، وابن أبي ذئب، ويونس الأيلي، والحمادين، ومالك، والليث، وابن لهيعة، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وابن عيينة، وبقية بن الوليد، وخلق كثير. حتى بذ أقرانه ونبغ في العلم، وصنف التصانيف النافعة الكثيرة. وحدث عنه الحديث: معمر، والثوري، وأبو إسحاق الفزاري، وطائفة من شيوخه، وبقية، وابن وهب، وابن مهدي، وطائفة من أقرانه، وأبو داود، وعبدالرزاق بن همام، والقطان، وعفان، وابن معين، وحبان بن موسى، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن آدم، وأبو أسامة، وأبو سلمة المنقري، ومسلم بن إبراهيم، وعبدان، والحسن بن الربيع البوراني، وأحمد بن منيع، وعلي بن حجر، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، والحسين بن الحسن المروزي، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن مجشر، ويعقوب الدورقي، وأمم يتعذر إحصاؤهم، ويشق استقصاؤهم. وقد أكثر ابن المبارك من الترحال في طلب العلم، فارتحل إلى: الحرمين، والشام، ومصر، والعراق، والجزيرة، وخراسان، وحدث بأماكن كثيرة. قال أحمد العجلي: ابن المبارك ثقة، ثبت في الحديث، رجل صالح، يقول الشعر، وكان جامعا للعلم. قال العباس بن مصعب: جمع عبدالله الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، والتجارة، والمحبة عند الفرق. وقال محمد بن عبدالوهاب الفراء: ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة: ابن المبارك، والنضر بن شميل، ويحيى بن يحيى. وعن عثمان الدارمي قال: سمعت نعيم بن حماد، سمعت يحيى بن آدم يقول: كنت إذا طلبت دقيق المسائل، فلم أجده في كتب ابن المبارك، أيست منه. وقال عثمان بن خرزاذ: حدثنا محمد بن حيان، حدثنا عبدالرحمن بن زيد الجهضمي، قال: قال الأوزاعي: رأيت ابن المبارك؟ قلت: لا. قال: لو رأيته لقرت عينك. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا ابن حميد، قال: عطس رجل عند ابن المبارك، فقال له ابن المبارك: أيش يقول الرجل إذا عطس؟ قال: الحمد لله. فقال له: يرحمك الله. وكان رحمه الله جوادًا كريم النفس في غير من ولا أذى، ومن لطيف حيله ما رواه عبدالله بن أحمد الدورقي قال، سمعت محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت أبي، قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك. فيقول: هاتوا نفقاتكم. فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا. ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه. جاء رجل إلى ابن المبارك، فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب له إلى وكيل له. فلما ورد عليه الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه؟ قال: سبع مائة درهم. وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم، فراجعه الوكيل، وقال: إن الغلات قد فنيت. فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات قد فنيت، فإن العمر أيضا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي. قال محمد بن المنذر: حدثني يعقوب بن إسحاق، حدثني محمد بن عيسى، قال: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله مرة، فلم يره، فخرج في النفير مستعجلا، فلما رجع، سأل عن الشاب، فقال: محبوس على عشرة آلاف درهم. فاستدل على الغريم، ووزن له عشرة آلاف، وحلفه ألا يخبر أحدا ما عاش، فأخرج الرجل، وسرى ابن المبارك، فلحقه الفتى على مرحلتين من الرقة، فقال لي: يا فتى أين كنت؟ لم أرك! قال: يا أبا عبدالرحمن! كنت محبوسا بدين. قال: وكيف خلصت؟ قال: جاء رجل فقضى ديني، ولم أدر. قال: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت عبد الله. وعوتب ابن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان دون بلده، قال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق، طلبوا الحديث، فأحسنوا طلبه لحاجة الناس إليهم، احتاجوا، فإن تركناهم، ضاع علمهم، وإن أعناهم، بثوا العلم لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم. وروي عن ابن مهدي قال: ما رأيت رجلا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أحسن عقلا من مالك، ولا أقشف من شعبة، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك. وقال محمد بن أعين: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، واجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: جالست الثوري، وسمعت منه، ومن ابن المبارك، فأيهما أرجح؟ قال: لو أن سفيان جهد على أن يكون يوما مثل عبد الله، لم يقدر. وعن محمد بن مخلد: حدثنا عبد الصمد بن حميد، سمعت عبدالوهاب بن عبد الحكم يقول: لما مات ابن المبارك، بلغني أن هارون أمير المؤمنين قال: مات سيد العلماء. قال القاسم بن محمد بن عباد: سمعت سويد بن سعيد يقول: رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم، فاستقى شربة، ثم استقبل القبلة، فقال: اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ماء زمزم لما شرب له) وهذا أشربه لعطش القيامة، ثم شربه. قال الفسوي في (تاريخه): سمعت الحسن بن الربيع يقول: شهدت موت ابن المبارك، مات لعشر مضى من رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات سحرا، ودفناه بهيت. قال عبدان بن عثمان: مات ابن المبارك بهيت وعانات - بلد مشهور بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وهو مشرف على الفرات -، في شهر رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة. • ولما احتضر ابن المبارك، جعل رجل يلقنه، قل: لا إله إلا الله. فأكثر عليه، فقال له: لست تحسن، وأخاف أن تؤذي مسلما بعدي، إذا لقنتني، فقلت: لا إله إلا الله، ثم لم أحدث كلاما بعدها، فدعني، فإذا أحدثت كلاما، فلقني حتى تكون آخر كلامي. • وعن نوفل، قال: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي برحلتي في الحديث، عليك بالقرآن، عليك بالقرآن. |
#19
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل يزيد بن حاتم بن قبيصة مات في رمضان، سنة سبعين ومائة. من كبار الولاة وأعدلهم في عهد العباسيين، وأخيه روح بن حاتم بن قبيصة كان وليًا عادلًا جوادًا للعباسيين أيضًا. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي. البصري، الأمير. ولي إمرة مصر سنة أربع وأربعين ومائة، فدام سبع سنين، ثم ولي المغرب مدة للمهدي، والهادي، والرشيد، ومهد إفريقية، وذلل البربر، وكان بطلا، شجاعا، مهيبا، شديد البأس". وكان من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وولاه المنصور على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي. وقد مدحه كثير من الشعراء؛ ومما قيل فيه لابن المولى: وإذا الفوارس عددت أبطالها عدوك في أبطالهم بالخنصر وعن صفوان بن صفوان أنه قال بداهة في يزيد: لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به حتى لقيت يزيدا عصمة الناس لقيت أكرم من يمشي على قدم مفضلا برداء الجود والباس لو نيل بالمجد ملك كنت صاحبه وكنت أولى به من آل عباس وفيه يقول ربيعة بن ثابت: لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد سليم، والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أني هجوته ولكنني فضلت أهل المكارم وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد النفس الزكية وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج "علي بن محمد" من أحفاد "الحسن بن علي بن أبي طالب" على العباسيين سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة. فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشة لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم في حملة وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور. ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ. ثم ولاه المنصور ولاية المغرب سنة 154هـ، وأرسله لمقاتلة الإباضيين الذين غلبوا على أفريقية، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس و*** أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الإباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بال*** طلباً لدم ابن عمه الذي *** على أيديهم، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم. وقد أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي. قيل: كان عادلًا، يحسن حكم الرعية، فأحبه الناس. وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر: بكى أهل مصر بالدموع السواجم غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء. وقد مات يزيد بن حاتم: بالمغرب، في رمضان، سنة سبعين ومائة، واستخلف ولده داود على المغرب. |
#20
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما ايت حماد بن زيد فخذ العلم بحلم ثم قيده بقيد ودع البدعة من آثار عمرو بن عبيد وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
#21
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي مات في رمضان، سنة أربع وسبعين ومائة. من الولاة الصالحين، في عهد العباسيين. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "الأمير، أبو حاتم، أحد الأجواد والأبطال، ولي ولايات جليلة للسفاح، والمنصور، وغيرهما. ولي السند، ثم البصرة، وكان أخوه يزيد بن حاتم أمير المغرب، فمات، فبعث الرشيد روحًا على المغرب، فقدمها سنة إحدى وسبعين، فوليها ثلاث سنين". وقد ولي روح لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد. ويقال أنه لم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري، فإنه ولي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وفي هذا إشارة إلى خبرته وحسن إدارته حتى أقره خمسة خلفاء على ولايته. قال عن ابن خلكان في "وفيات الأعيان": "كان روح من الكرماء الأجوادن وولي لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد". وكان روح والياً على السند، في عهد المهدي بن أبي جعفر المنصور في سنة 159 هـ، وكان قد ولاه في أول خلافته الكوفة، وقيل إنه ولي السند سنة 160 هـ، ثم عزله عن السند سنة 161 هـ، ثم ولاه البصرة. ثم ما لبث أن ولاه توفي أخوه "يزيد" والي إفريقية، فعزله الرشيد عن ولاية السند، وأرسله إفريقية أول رجب سنة 171 هـ، ولم يزل والياً عليها إلى أن توفي بها لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة 174 هـ، ودفن في قبر أخيه يزيد. |
#22
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل همام بن يحيى بن دينار العوذي المحلمي مات في رمضان، سنة أربع أو خمس وستين ومائة. من كبار المحدثين الثقات الحفاظ، ممن أثبت حديثه. قال عنه الذهبي: "الإمام، الحافظ، الصدوق، الحجة، أبو بكر، وأبو عبد الله العوذي، المحلمي، البصري". وقال الحاكم: ثقة حافظ. حدث الحديث عن: الحسن، وأنس بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن أبي كثير، وأبي جمرة الضبعي، وأبي عمران الجوني، وأبي التياح، وثابت البناني، وعلي بن زيد، وقتادة، وزيد بن أسلم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وابن جحادة، وشقيق أبي ليث، ومطر الوراق، وخلق. وحدث عنه: سفيان الثوري - مع تقدمه - وابن المبارك، وابن علية، ووكيع، ويزيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو علي الحنفي، والمقرئ، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأبو نعيم، ومحمد بن سنان العوقي، وأبو الوليد الطيالسي، وعفان، وعمرو بن عاصم، وحبان بن هلال، وحجاج بن منهال، وأبو داود، ومسلم بن إبراهيم، وعلي بن الجعد، وأبو سلمة التبوذكي، وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وسهل بن بكار، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو عمر الحوضي، وخلق سواهم. ومن الأحاديث التي رواها ما رواه ابن عساكر قال، أنبأنا أبو روح، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا هدبة، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا أبو جمرة الضبعي، عن أبي بكر، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلى البردين، دخل الجنة). قال يزيد بن هارون: كان همام قويا في الحديث. وروى: صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: همام ثبت في كل المشايخ. وعن أبي الوليد، وحبان: أن هماما قال: إني لأستحيي من الله أن أنظر في الكتاب، وأحفظ الحديث لكي أحدث الناس. قال عمرو بن علي: الأثبات من أصحاب قتادة: سعيد، وهشام، وشعبة، وهمام. قال عبد الله بن المبارك: همام ثبت في قتادة. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن همام، وأبان، قال: همام أحب إلي ما حدث من كتابه، وإذا حدث من حفظه، تقاربا في الحفظ والغلط. قال عفان: عن همام: إذا رأيتم في حديثي لحنا، فقوموه، فإن قتادة كان لا يلحن. قال الحافظ عبد الله بن عدي: وهمام أشهر وأصدق من أن يذكر له حديث، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو مقدم في يحيى بن أبي كثير. وذكر البخاري في "التاريخ الكبير": "قال موسى، قال همام - بن يحيى -: لا تخاف فإني لا أدلس". قال التبوذكي: سمعت همامًا يقول: ما من أعمال البر شيء إلا وأنا أرجو أن أريد به الله تعالى إلا هذا الحديث. وروى: البخاري، عن محمد بن محبوب: وفاته في سنة ثلاث وستين ومائة. وقال ابن حبان: مات في رمضان، سنة أربع وستين. وقال شريح بن النعمان: قدمت البصرة سنة أربع أو خمس وستين - شك - فقيل لي: مات همام منذ جمعة أو جمعتين. |
#23
|
||||
|
||||
|
#24
|
||||
|
||||
أعلام توفوا في شهر الصيام
محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما ايت حماد بن زيد فخذ العلم بحلم ثم قيده بقيد ودع البدعة من آثار عمرو بن عبيد وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
العلامات المرجعية |
|
|