اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-06-2015, 03:29 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

صور من الابتلاء في حياة خاتم الأنبياء

محمد صلى الله عليه وسلم



أحمد بن محمد محروس

في غزوة أُحد:
قال ابن إسحاق: وانكشف المسلمون، فأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء وتمحيص، أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة، حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدُثَّ بالحجارة حتى وقع لشقِّه، فأُصيبت رباعيته، وشُجَّ في وجهه، وكُلِمت شفته، وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص، قال ابن إسحاق: فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال: كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وشج في وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128].


قال ابن هشام: وذكر ربيح بن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى، وأن عبدالله بن شهاب الزهري شجه في جبهته، وأن ابن قمئة جرح وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمِل أبو عامر؛ ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعه طلحة بن عبيدالله حتى استوى قائمًا، ومص مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ازْدَرَدَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن مسَّ دمي دمه لم تُصبه النار.


قال ابن هشام: وذكر عبدالعزيز بن محمد الدَّراوَرْدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيدالله، وذكر - يعني عبدالعزيز الدراوردي - عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عيسى بن طلحة، عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن أبا عبيدة بن الجراح نزع إحدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت ثنيته، ثم نزع الأخرى، فسقطت ثنيته الأخرى، فكان ساقط الثنيتين.



من أشد المحن والابتلاءات (حديث الإفك ):
قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا، أقرع بين أزواجه، فأيهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أحمل في هودجي، وأنزل فيه، فسِرنا، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، وقفل دنونا من المدينة قافلين، آذن ليلةً بالرحيل، فقمت، حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني، أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع ظفار، قد انقطع فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جاريةً حديثة السن، فبعثوا الجمل فساروا، ووجدت عقدي، بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم، وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني، فيرجعون إليّ، فبينا أنا جالسة في منزلي، غلبتني عيني، فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه، حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فقمت إليها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش، موغرين في نحر الظهيرة، وهم نزول، قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كِبَر الإفك عبدالله بن أبي بن سلول.


قال عروة - (أحد رواة الحديث) -: أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره ويستمعه ويستوشيه، وقال عروة أيضًا: لم يسم من أهل الإفك أيضًا إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة؛ كما قال الله تعالى، وإن كبر ذلك يقال عبدالله بن أبي بن سلول، قال عروة: كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول: إنه الذي قال: فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء، قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرًا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُسلم، ثم يقول: كيف تيكم، ثم ينصرف، فذلك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع، وكان مُتبرَّزَنا، وكنا لا نخرج إلا ليلًا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبًا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبدمناف، وأمها بنت صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي، حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلًا شهد بدرًا، فقالت: أي هنتاه، ولم تسمعي ما قال، قالت: وقلت ما قال، فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضًا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي، دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّم، ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقنَ الخبر من قِبَلهما، قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوِّني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئةً عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا كثرنَ عليها، قالت: فقلت سبحان الله، أوَقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، قالت: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما، ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة، فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرًا، وأما علي، فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وسل الجارية، تصدقك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك، قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرًا قط أغمصه، غير أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن، فتأكله، قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فاستعذر من عبدالله بن أُبي، وهو على المنبر، فقال: يا معشر المسلمين، من يَعذِرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا، وما يدخل على أهلي إلا معي، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبدالأشهل، فقال: أنا يا رسول الله أعذِرك، فإن كان من الأوس، ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرَك، قالت: فقام رجل من الخزرج، وكانت أم حسان بنت عمه، من فخِذه وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، قالت: وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا ت***ه، ولا تقدر على ***ه، ولو كان من رهطك، ما أحببت أن ي***، فقام أُسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لن***نه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: فثار الحَيَّان - الأوس والخزرج - حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزَل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم، حتى سكتوا، وسكت، قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويومًا لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي، فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فسلَّم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي، منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: أما بعد يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئةً، فسيُبرئك الله، وإن كنت ألْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد، إذا اعترف، ثم تاب، تاب الله عليه، قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قلص دمعي، حتى ما أحس منه قطرةً، فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ القرآن كثيرًا: إني والله لقد علِمت أنكم سمعتُم هذا الحديث، حتى استقر في أنفسكم وصدقتُم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة، لتُصَدِّقُنِّي، فوالله لا أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف حين قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيًا يُتلى لشأني في نفسي، كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يُبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات، من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة أما الله، فقد برَّأك، قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل، قالت: وأنزل الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ * الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 11 - 26].



الشاة المسمومة:
لما اطمأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها، أهدت له زينب بنت الحارث - امرأة سلام بن مشكم - شاةً مصليةً، وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السم، سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع، فلاك منها مضغةً، فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها، فاعترفت، فقال: ما حملك على ذلك؟ قالت: بلغت من قومي ما لم يخفَ عليك، فقلت: إن كان ملكًا استرحت منه، وإن كان نبيًّا، فسيخبر، قال: فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بِشْر من أكلته التي أكل.


قال ابن إسحاق: وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في مرضه الذي توفي فيه - ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده: يا أم بشر، إن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر، قال: فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيدًا، مع ما أكرمه الله به من النبوة.


مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته:
عن ابن عباس، قال: لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح السورة كلها، علم النبي عليه السلام أنه قد نُعيتْ إليه نفسه، وسأل عمر ابن عباس عن هذه السورة، فقال: يقول له: اعلم أنك ستموت عند ذلك، فقال عمر: لله درُّك يا ابن عباس، إعجابًا بقوله، وقد كان سأل عنها غيره من كبار الصحابة، فلم يقولوا ذلك، ثم لما دنت وفاته أخذه وجعه في بيت ميمونة، فخرج إلى أهل أُحد فصلى عليهم صلاته على الميت، وكان أول ما يشكو في علته الصداع، فيقول: "وارأساه، ثم لما اشتد به وجعه، استأذن أزواجه أن يُمرَّض في بيت عائشة، فأذن له في ذلك، فمُرِّض في بيت عائشة إلى أن مات فيه صلى الله عليه وسلم، وكان يقول في مرضه ذلك لعائشة: "ما زلت أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، ما زالت تلك الأكلة تعاودني، فهذا أوان قطعت أبهري، وأغمي عليه، فظنوا أن به ذات الجَنب فلدُّوه، وكان العباس الذي أشار بذلك، فلما أفاق أنكر ذلك عليهم، وأمر بالقصاص في ذلك منهم، واستثنى العباس برأيه، فلُدَّ كل من حضر في البيت إلا العباس، وأوصاهم في مرضه بثلاث: أن يجيزوا الوفد بنحو مما كان يجيزهم به، وألا يتركوا في جزيرة العرب دينين، قال: أخرجوا منها المشركين، والله اللهَ في الصلاة وما ملكتْ أيمانُكم، فأحسنوا إليهم، وقال: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وقال لهم: هلمُّوا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدًا، فاختلفوا، وتنازعوا، واختصموا، فقال: قوموا عني، فإنه لا ينبغي عندي تنازُع"، وكان عمر القائل حينئذ: قد غلب عليه وجعه، وربما صح، وعندكم القرآن، فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب ذلك الكتاب لاختلافهم ولَغَطِهم، وسار فاطمة رضي الله عنها في مرضه ذلك، فقال لها: إن جبريل كان يعرض علي القرآن كل عام مرةً، وإنه عرضه علي العام مرتين، وما أظن إلا أني ميت من مرضي هذا"، فبكت، فقال لها: "ما يسرك أنك سيدة نساء أهل الجنة ما عدا مريم بنت عمران"، فضحكت، وكان يقول في صحته: "ما يموت نبي حتى يُخيَّر، ويرى مقعده، روته عائشة، قالت: فلما اشتد مرضه جعل يقول: "مع الرفيق الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا، وقال حين عجز عن الخروج إلى المسجد: مروا أبا بكر، فليُصل بالناس"، وخرج يومًا من أيام مرضه إلى المسجد تخط رجلاه في الأرض، يحمله رجلان: أحدهما علي، والآخر العباس، وقيل: الفضل بن عباس، وقال في مرضه: "هَرِيقوا عليّ من سبع قِرَب، لم تُحلل أوكيتهن لعلِّي أعهد إلى الناس، فأجلس في مخضب لحفصة، ثم صُبَّ عليه من تلك القرب حتى طفق يشير بيده أن حسْبكم، ثم خرج إلى الناس فصلى بهم، وأصبح الناس يومًا يسألون عليًّا والعباس عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اشتدت به الحال، فقال علي: أصبح بخير، فقال العباس: ما الذي تقول؟ والله لقد رأيتُ في وجهه من الموت ما لم أزل أعرفه في وجوه بني عبدالمطلب، ثم قال له: يا علي، اذهب بنا نسأله فيمن يكون هذا الأمر بعده، فكره عليّ ذلك، فلم يسألاه، واشتد به المرض، فجعل يقول: "لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات، الرفيق الأعلى، فلم يزل يقولها حتى مات، ومات صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين بلا اختلاف، قيل في وقت دخوله المدينة في هجرته حين اشتد الضحى في صدر ربيع الأول سنة إحدى عشرة، لتمام عشر سنين من الهجرة، ودُفِن يوم الثلاثاء، وقيل: بل دفن ليلة الأربعاء، ولم يحضر غسله ولا تكفينه إلا أهل بيته، غسَّله عليّ، وكان الفضل بن عباس يصب عليه الماء، والعباس يُعينهم، وحضرهم شقران مولاه.


منقول من كتاب (الدرر في اختصار المغازي والسير).

المؤلف: أبو عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ).
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:50 PM.