الصيام لغة: الإمساك مطلقا،قال تعالى حكاية عن مريم: (إني نذرت للرحمن صوما،فلن أكلم اليوم إنسيا) · وشرعا: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.1
· مشروعية صوم رمضان:
هو ركن من أركان الدين،دل على فرضيته الكتاب والسنة والإجماع.
-فمن الكتاب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).2
-ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله،وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام رمضان »3
-كما انعقد إجماع المسلمين على فرضية صوم شهر رمضان.
· أما متى شرع صيام رمضان، فيقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله:
ولما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها، تأخر فرض صيام رمضان إلى وسط الإسلام بعد الهجرة ،لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة وألفت أوامر القرآن فنقلت إليه بالتدريج .
وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم صام تسع رمضانات... وكان للصوم رتب ثلاث إحداها : إيجابه بوصف التخيير.
والثانية : تحتمه، لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة.
فنسخ ذلك بالرتبة الثالثة وهي التي استقر عليها الشرع إلى يوم القيامة.4
· الغاية المنشودة من الصيام
قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [ البقرة : 183 ]
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فأحد مقصودي الصيام الجنة والوقاية وهي حمية عظيمة النفع والمقصود الآخر : اجتماع القلب والهم على الله تعالى وتوفير قوى النفس على محابه وطاعته.5
وقال: الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن ،منافعه تفوت الإحصاء، وله تأثير عجيب في حفظ الصحة وإذابة الفضلات وحبس النفس عن تناول مؤذياتها ولا سيما إذا كان باعتدال وقصد في أفضل أوقاته شرعا وحاجة البدن إليه طبعا... ثم إن فيه من إراحة القوى والأعضاء ما يحفظ عليها قواها وفيه خاصية تقتضي إيثاره وهي تفريحه للقلب عاجلا وآجلا.
وقال في موضع آخر:وأما الصوم فناهيك به من عبادة تكف النفس عن شهواتها وتخرجها عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين فإن النفس إذا خليت ودواعي شهواتها التحقت بعالم البهائم فإذا كفت شهواتها لله ضيقت مجاري الشيطان وصارت قريبة من الله بترك عادتها وشهواتها محبة له وإيثارا لمرضاته وتقربا ...وبالجملة فعون الصوم على تقوى الله أمر مشهور فما استعان أحد على تقوى الله وحفظ حدوده واجتناب محارمه بمثل الصوم فهو شاهد لمن شرعه وأمر به بأنه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأنه إنما شرعه إحسانا إلى عباده ورحمة بهم ولطفا بهم لا بخلا عليهم برزقه ولا مجرد تكليف و***** خال من الحكمة والمصلحة بل هو غاية الحكمة والرحمة والمصلحة وإن شرع هذه العبادات لهم من تمام نعمته عليهم ورحمته بهم.6
1) الشرح الممتع(6/298)بتصرف
2) سورة البقرة-183
3) متفق عليه
4) زاد المعاد (2/28،29)
5) زاد المعاد(4/304(
6) مفتاح دار السعادة(2/3( اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم