اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2015, 10:04 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي المدرس والتنين


المدرس والتنين
علي عفيفي علي غازي

منذ أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها بهزيمة المريخيين في معركة المقاتلات الفضائية، ومن ثم جلاؤهم عن كوكب الأرض، ومحمود يسكن بجوار أطلال القاهرة القديمة التي هجرها جميع البشر، منذ أن استوطنها المريخيون وفجروا مفاعلها النووي.
منذ أن انتقل محمود لمقره الجديد على إثر عمله كمدرس بالقاهرة الجديدة من قريته الريفية، وهو يشعر بالخوف والرهبة من تلك البقايا الصامتة, خاصة بعدما سمع الكثير من الحكايات والروايات التي يرويها أهالي المنطقة عن الخفافيش والحرباوات التي تخرج في الليالي القمرية الصافية لخطف البشر وأكلهم، وعن الأفعى الكبرى التي خرجت في إحدى الليالي المطيرة البهيمة، وأخذت تفح فحيحًا عظيمًا وتنفث نارًا من فمها في وجوه كل من تراه فتحرقه، إلا أنه كان مضطرًا للإقامة في هذه الشقة؛ فالحصول على مسكن بالقاهرة الجديدة أصبح صعبًا للغاية بعدما هجر كثير من سكان القاهرة القديمة مساكنهم إليها خوفًا مما يسمعون عنه من المخلوقات الأسطورية التي يرسلها المريخيون بين الحين والآخر لتعيث في الأرض فسادًا، فترهب أهلها وتدمر مساكنهم، حيث نشطت مخابراتهم في محاولة للقضاء على ال*** البشري ليتمكنوا بعد ذلك من استيطان الأرض لحاجتهم الشديدة للمياه التي تردد وكالاتهم الكونية عن قرب نضوبها من على الكوكب الأحمر.
الليلة يشعر بتوتر غريب وخوف شديد على إثر إشاعة يرددها الجميع عن تنين أرسله المريخيون يقوم بابتلاع الإنسان فيمتص دمه ويهشم عظامه ثم يقذف بها، وكل يوم يقرأ في الجرائد الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية عن ضحايا ذلك الكائن الغريب الذي يجنده المريخيون بهدف القضاء على بني الإنسان، ومن ثم يتمكنون من احتلال الأرض بلا مقاومة ولا قتال.
أحكم غلق أبواب شقته ونوافذها الإلكترونية, ثم استلقى على سريره ليذهب في نوم مليء بالأحلام والكوابيس المفزعة، فتارة يرى التنين الأسطوري يدق زجاج نافذته, وتارة يجد نفسه مستقرًّا في ظلمة باطنه، إلى أن تنفس الصباح بالضياء على الكون ليتسرب إلى داخل غرفته سني من نسيمه، فاستيقظ مسرعًا إلى ارتداء ملابسه وسترته الواقية خوفًا من الإشعاعات النووية التي ملأت كوكب الأرض على إثر تفجير المحتلين المريخيين للمفاعلات النووية الكبرى الموجودة بها، وأدار محرك سيارته الصاروخية لينطلق بأقصى سرعة، وهو يتصفح الجرائد الإلكترونية اليومية عبر جهاز الحاسب الآلي الموجود بها ليستقر بصره على خبر بثته وكالة الأنباء الفضائية الكونية عن انتقال التنين الأسطوري المجند من قبل المريخيين من قارة أوروبا إلى قارة أفريقيا عبر البحر المتوسط سابحًا، مؤكدين أنه لا يتأثر ببرودة الجو ولا بحرارته، وتشير آخر الأنباء إلى أنه سيستقر في أطلال القاهرة القديمة حيث إنها أصبحت مركزًا للتحكم في تلك الكائنات الآلية الأسطورية التي يرسلها المريخيون إلى الأرض.
ما إن قرأ الخبر إلا وشعر برعشة اهتز لها جسده, ونبض لها قلبه، وارتجفت أنامله, وأوشك أن يفقد زمام السيطرة على سيارته التي كادت تصطدم بسيارة أخرى لولا القدر الذي نجاه من اصطدام مؤكد، ليتوقف أمام بوابة المدرسة, ويشاهد الذعر على وجه الجميع من أثر الخبر الذي بثته الوكالة الفضائية الكونية للأخبار.
لكنه رغم ذلك دلف إلى داخل الفصل, وبدأ يشرح درسه في مادة التاريخ عن بداية ظهور عصر العولمة والإنترنت في القرن العشرين، وعصر الحداثة والسوبر حداثة وما بعد الحداثة والعدمية في القرن الحادي والعشرين، ثم انتقل إلى عصر الفضاء والعصر المريخي الأول الذي شهد الغزوة المريخية الأولى للأرض، والتي انتهت بجلائهم بفضل المناضل العربي ماجد بن راشد المخزوم, وما تبعها من الحرب الكونية الأولى في محاولة من المريخيين لاستعادة سيطرتهم على الأرض ونشاط المخابرات المريخية وكيف تصدت لها المخابرات البشرية دفاعًا عن الأرض، إلى أن نجح المريخيون في استعادة سيطرتهم على الأرض بواسطة الأفعى الأسطورية التي تلفح وجه كل من تراه بنار تنفثها من فمها, وترتب على ذلك بدء حرب التحرير الأرضية وما تبعها من الحرب الكونية الثانية التي شهدت دخول أحياء من كواكب أخرى إلى جوار البشريين الذين تمكنوا من إعادة تحرير الأرض مرة أخرى.
فجأة.. وبينما هو مسترسل في شرح الدرس، إذ هشم التنين الأسطوري زجاج الفصل الإلكتروني, وأطلقت أجهزة الإنذار صرخة محذرة منذرة بصوت شديد، فعم الهرج والضوضاء المدرسة، وذلك التنين يلتهم الواحد تلو الآخر ليعصره ويلقي بعظامه مهشمة، وكثير من التلاميذ يلقون بأنفسهم من نوافذ المدرسة التي انفتحت جميعها آليًّا في أعقاب انطلاق صافرة الإنذار، ومحمود يعدو وذلك التنين يلاحقه ويطلق بين برهة وأخرى زئيرًا شديدًا أشبه بزئير مائتي أسد في صوت واحد ليبث في داخل الجميع الرعب والفزع، وعم الخبر القاهرة فخرجت الأسر مغادرة منازلها إلى الصحراء المجاورة وبعضهم استقل سيارته الصاروخية مهاجرًا إلى الصعيد لدى أقاربه حتى تزول الغمامة.
ملأ الذعر والفزع قلب محمود وجسده الذي أطلق لقدميه العنان في العدو إلى أي جهة شاءت، ليصطدم فجأة بطرقة المدرسة المغلقة آليًّا ويصبح وجهًا لوجه أمام التنين الذي وقف أمامه وراح ينظر إليه بعينيه الواسعتين المشقوقتين طوليًّا كأعين الثعابين، وأذرعه تتحرك في حركة سريعة دون توقف، وذيله الطويل يمتد خلفه لأكثر من مائة متر، وجسده المليء بالأشواك السامة، وهو يحدق فيه بعينيه، والرعب يسري في جسد محمود، وقلبه كاد أن يمزق قفصه الصدري ليخرج إلى خارج جسده، لدرجة أنه أغمض عينيه وراح يترقب لحظة النهاية مستسلمًا منتظرًا أن يلتهمه التنين الذي يقف منتصبًا أمامه ويفح فحيحًا ينم عن غضبه الشديد منه.
التنين يقف غاضبًا، والمدرس يقف مستسلمًا، وامتلأ فناء المدرسة من جديد في لحظة ترقب، ولكن التنين لا يقترب منه، لابد أن معه شيئًا يخيفه ويمنع اقترابه منه، تحسس جيوبه فعثر بداخلها على القرآن الكريم، تأكد أن ذلك الكتاب الخالد هو الذي يمنع اقتراب التنين منه فسارع لإخراجه، وأخذ يتلو آيات من الذكر الحكيم، وذلك التنين يزأر زئيرًا عظيمًا يزداد شدة كلما ازداد قراءة، وشعر أنه يختنق فراح يتلو بصوت شديد يطغى على صوت زئير التنين وهو يختنق ويختنق.
فجأة انفجر التنين إلى قطع صغيرة تناثرت في كافة الأرجاء إلا أن قلبه أمام الخوف الشديد والرعب المنقطع النظير توقف عن النبض ليخر على الأرض فاقدا للوعي.
يفيق محمود على سرير المستشفى، وحوله الكثير من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء الفضائية والكونية يرغبون في معرفة السلاح الذي نجح بواسطته في القضاء على ذلك الوحش الذي أرسله المريخيون بعدما طوروه ليواجه كافة أنواع الأسلحة، وهو ينظر حوله في دهشة وشعور بالنصر، وراح يتحسس جسده وهو غير مصدق أنه نجا من بين فكي ذلك التنين المفترس، ولكنه انتبه إلى حقيقة انتصاره وأنه خلص الأرض من غزوة مريخية مؤكدة، وأنه أصبح بطلًا سيخلده التاريخ مثلما خلد أخاه المناضل العربي ماجد بن راشد المخزوم؛ فهب واقفًا أمام كاميرات التليفزيونات الليزرية، وأخذ يتحدث بثقة عن انتصاره العظيم الخالد محتفظًا بسر سلاحه لنفسه ليخلده التاريخ.
محمود خلّص الأرض من غزوة «مريخية» محققة وأصبح بطلًا سيخلده التاريخ

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:28 AM.