#1
|
||||
|
||||
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي)
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي)
(من الممارسة اليومية) (1) د. غنية عبدالرحمن النحلاوي مقدمة هذا الموضوع متشعِّب شديد الاتساع، فسأقسمه لأجزاء وسأتناول مِن كل روض زهرة، ولكن هل الأدوية زهور؟ ليس تمامًا، إنما عندما توضع موضعَها فهي أقرب لذلك - بإذن الله - ومع ذلك تبقى زهورًا ذات أشواك، وعندما يُساء استخدامها تُصبِح كالأعشاب الضارة، وربما السامة، والمُداوي قد يكونُ الطبيبَ وقد يكون الصيدلانيَّ، وقد يكون المرء نفسُه لنفسِه أو لطفله، ناهيك عن القريب والجارة، وأعضاء مجموعات التواصُل الذين أكثرهم أصدقاء، ولكن عن بُعد! وفي مَجال اختِصاصي (طب الطفل) لم أكن متأكِّدة مِن أنَّ الأم قد لا تَعرف، كنتُ كثيرًا ما أثق بحدسها الفِطري، وكانت زميلتي - وهي كذلك طبيبة الأطفال وهي أمٌّ لثلاثة أطفال - تقول لي: إنَّ معظم الأمَّهات مهما تظاهرْنَ، فهنَّ لا يَعرفْنَ، لا تتوقَّعي من الأم الكثير. وهكذا بدأ الأمر؛ فقد اعتدتُ على شرحِ أبسط التفاصيل والمعلومات للأهل، وكان ذلك مجديًا - على الأغلب - في ما مضى، ولكنه لم يَعدْ كذلك عمومًا - مع استثناءات - لا سيما بالنِّسبة لأمهات اليوم اللاتي يسألْن كثيرًا، ويُبدين ترددًا، ثم قد لا يحسنَّ التصرف إلا فيما ندر! والمقصود هنا ليس المعلومات الطبية الدقيقة، ولكن الحديث هو عن عدم المعرفة بشأن كلٍّ مِن: وصْف الأعراض المرَضيَّة عند الابن، والثقافة الصحية العامَّة، وكذلك بديهيات المُحاكمة الفِكرية، وفوق كل ذلك: الإصرار على طلب أدوية معيَّنة ورفْض أخرى، وسأتناول مثالين أفصِّل الأول وأوجز الثاني، على أنْ أُتمَّ البحث في أجزاء أخرى - بإذن الله تعالى: • المثال الأول - المضادُّ الحيوي أو الصادُّ: هاتفيًّا: تَختصر الأم وصف حال ابنها وهو في الرابعة - والذي أعرفه وأتابعه منذ ولادته - بأن حرارته ارتفعت وحلقَه يؤلمه، ولا تهتمُّ كثيرًا بتوصياتي عن تخفيض الحرارة ريثما أفحص الطفل، بل تصرُّ أن أصف لها "المضاد" - كما يُسمُّونه - هاتفيًّا، فهي فتحت فمه ووجدت بقعة قيح في حلقه، هي شخَّصت وقرَّرت ولم يبقَ إلا اسم الصادِّ! هذه قصة تتكرَّر - أو ما يُشبهها - معي ومع كل طبيب تقريبًا، ولكلٍّ منها تتمَّة تَختلف عن الأخرى وتتعلَّق بمُلابساتها. الطفل س ط (المذكور): في اليوم التالي جاءت به الأم لإصراري أن تَكتفي بخافض الحرارة حتى يتمَّ فحصه مِن قِبَل أيِّ طبيب، والمفاجأة أنني لم أجد أيَّ بقعة قيح، وأعدتُ الفحص، وناديتُ الأم: أريني أين؟ فانحنتْ لتنظُر وقد أضأتُ لها الكاشف، وعلَّقت: البارحة كان موجودًا! وتابعتْ مبرِّرةً: ولكن لا يزال يغلي، هل قستِ حرارته دكتورة؟ في النهاية: ختمتُ الحديث بالتأكيد لها على أنَّ: "المضاد الحيوي ليس خافضَ حرارة"، المعلومة التي أكرِّرها لأهل الأطفال مرات ومرات، وأرجو أن تُفيد. أولاً - دور المريض وأهله: وهكذا - رغم التحذيرات - لا يزال المضاد الحيوي يُستعمَل لعلاج الزكام والحُمى، ولا يزال إتمام الشوط العلاجي بالصادَّات الموصوفة نظاميًّا مِن أضراب الغول والعنقاء والخِلِّ الوفي إلا ما ندر، كذلك - ورغم التوعية - يستمرُّ البعض بوصف الصادات لجيرانه أو لنفسِه، ولكن بالنِّسبة لطفلِه يَبقى أكثر حذرًا، ويسأل الصيدلي أو الطبيب هاتفيًّا، أو يصرُّ في العيادة ألا يخرج بدونه، ومنهم مَن يُملي إرادته، وكنتُ أظن أنَّ هذا من مشاكل المُمارسة في بلادنا، ولكنني وجدت في بحث صدر مؤخرًا عن "مركز السيطرة على الأمراض في أتلانتا بالولايات المتحدة"[1]، ويَتناول خطر انتِشار الجراثيم المُقاوِمة للمُضادات الحيوية أو الصادَّات[2]، وجدتُ التوصيَة التالية: "إذا مرضتَ لا تَطلُب مِن طبيبك أن يصفَ لك صادًّا، ولا تَتناول صادات لم تُكتَب لك بالذات، ولمرضِكَ هذا عينه، وعند تناول صادٍّ اتبع تعليمات الجرعة والمدة بدقة.."، عبارات تبدو بديهية، ولكن العجيب أن المصادر الطبية والمراكز الدولية الصحية تكرِّرها اليوم كأنها جديدة، مع أنَّنا كنا نسمعها ونحن طلاب طبٍّ، وكنا نقولها للمرضى ولأهل الأطفال بعد التخرُّج والاختصاص، وتَنشرها كافة وسائل الإعلام المتوفِّرة في ما مضى، والتي كانت - على محدوديتها - تُسمع وتُشاهد وتُقرأ بحرص نسبةً لما هو اليوم، وفي المُمارَسة كنتُ أبدأ عبارتي للأمِّ التي بدأت توعيتَها منذ وليدها الأول، وأتابع أُسرتَها لسنوات: تعرفين أنه كذا وكذا، "مثلاً: إنَّ الجراثيم تُصبِح معنَّدة على الصادَّات إن استُعملت عشوائيًّا.." فتهزُّ لي رأسها مؤمِّنَةً وأطمئنّ لوعْيها فأوجز. وها هو التَّحذير مِن هذه المَشاكل يعود اليوم عالميًّا وبنفْس العبارات القديمة تقريبًا! في البداية أدهَشَني الأمر، ولكن تذكَّرتُ عبارة "العالم أصبَحَ قرية صغيرة"، ومِن مضامينها: أنَّ أعدادًا كبيرة مِن الآباء والأمَّهات اليوم: شُبانًا وكهولاً هم إما نسوا، أو تجاهَلوا وتناسوا، فما يبدو زيادة علم لانتشار وسائله هو غالبًا زيادة جهل؛ لنقص الاستيعاب الكمِّيِّ وسوء الانتِقاء الكيفي! وكثيرًا ما أعجب لبعض الحالات التي لا أجرؤ على وصفها باللامبالاة، وهو ظاهرها، فلا يوجد أمٌّ لا تُبالي بطفلها، ولكن أعزوها لاختلال سُلَّم الأولويات لدى أمهات شابات، وليس فقط ضغط الدراسة، والاهتمام بالعمل والوظيفة، بل الواجبات الاجتماعية الحقيقية منها والافتراضية! ثانيًا - دور الهيئات الطبية: أصبَح التثقيف الطبي المُستمر شرطًا لمُتابَعة العمل في مجال الطبِّ، لا سيما وقد تدخَّلت المُتغيِّرات العالميَّة مِن سياسة واقتصاد في فرع كان يفخَر باستقلاليته، إضافة إلى قصور التوعية الطبية الحيادية، وحُلول التثقيف الطبي التجاري محلها وبروز أثر التجارة الدوائية وشركات التأمين، وسيرد المزيد عن أثر ودور تلك الهيئات في سياق الأجزاء القادمة، وفي البحث المذكور عن مركز السيطرة (اختصارًا CDC) توصيات مُشدَّدة للطبيب المعالج وليس للمَرضى فقط، فالكثير من المقالات والأبحاث العالمية تتوجَّه للطرفَين، وهو ما أريد لفت النظر له؛ أنَّ هنالك منطقة متوسطة في التثقيف الصحي علينا متابعة الكتابة فيها لكل من المريض والقارئ العادي عمومًا، ولأفراد الهيئة الصحية؛ كالمُمارس العام، ولا نَقول: إنَّ القارئ العادي لا يفهم؛ فنحن بما نَكتب نرتفع بوعيه وثقافته، أو نهبط بها، وسأُجمل الحديث بشأن الصادَّات لعلَّ العلم بالموضوع يُساعِد في تجنُّب تكرار الخطأ. الصادَّات معلومات تتجدد: الاستِعمال العشوائي والتعنيد: • تُجمع الدراسات البحثية على أنَّ التعنيد على الصادَّات مُشكلة شديدة الخطورة، وتَكبُر بسرعة، ووصف الرواد في الصحة العالميَّة الجراثيم المعنَّدة بأنها جراثيم كابوسية "nightmare bacteria" تطرح تهديدًا كارثيًّا للناس في كلِّ العالم، وقد أورَدَ مركز السيطرة بأتلانتا أنه يُصاب سنويًّا بالولايات المتَّحدة الأمريكيَّة: مليونا شخص على الأقلِّ بخمج سببه جراثيم مقاومة للصادَّات[3] وعلى الأقلِّ فإنَّ (23 ألف) إنسان يَلقى حتفه كل عام كنتيجة مباشِرة لهذه الأخماج، وأعدادٌ أكبر يَموتون بسبب اختلاطات خَطِرة لها، وتَرتبِط بذلك التعنيد على الصادات. • كيف يتطور التعنيد على المضاد الحيوي؟! عندما تتعرَّض الجراثيم المُمرضة لهجوم المضاد الحيوي، فهي تبدأ تتعلم كيف تحتال للإفلات منه لا سيَّما في معاركَ ناقصةِ العُدَّة والمدَّة وتكرار ذلك، وهذا يَحدث في الإنسان، والحيوان، والبيئة، وتَستطيع الجراثيم المعنَّدة بعد ذلك أن تتكاثر، ثم هي تَنتشر بسهولة وسُرعة، وتَجتاح أجهزة الجسم مُحدِثة أمراضًا خَطِرة لا تعنو للعلاجات! والمُدهش - وهو مِن أحدث الكشوف الطبية - أن تلك الجراثيم المُقاوِمة تستطيع أيضًا أن تتَشارك بالمعلومات الجينية المُستحدَثة لديها مع جراثيم أخرى جاعلةً إيَّاها مقاومة بدورها للصادِّ، فتتَّسع المشكلة من حيث الكمُّ أضعافَ ما هو متوقَّع، وفي كل مرة تتعلَّم زمرة جراثيم كيف تتجاوَز صادًّا بذكاء، فإن الخيارات العلاجية تُصبِح أكثر محدودية، ويُصبِح لدينا سلاحًا جديدًا معطلاً. تُصيب الأخماج[4]بالجراثيم المُقاومة للصادَّات الإنسانَ في أيِّ وقت وأيِّ مكان، وتنال أي جهاز في جسمه: وأكثرها انتشارًا إصابات الجلد، والأمراض المنتقِّلة بال***، ويشيع حدوثها في المجتمع، ولكن أعلى نسبة للوفيات الناجمة عن الجراثيم المقاومة تَحدث في أماكن العناية؛ كالمشافي، ودور الرعاية العامة، لاسيما لمَن هم على طرفَي العُمْر. • توصيات: كيف نتجنَّب المشكلة: إنَّ صناعة مضادَّات حيوية جديدة، كلما عنَّدَت الجراثيم المُمرضة على ما بين أيدينا مِن صادَّات ليس هو الحل، فالوقاية هي المعوَّل عليها لإقلال تكوُّن وانتشار تلك الجراثيم، وهي تتم بتوصيات بسيطة ولكن مهملة؛ منها: 1- للمريض: إضافة لما ذكرناه من وجوب تجنُّب تناول أيِّ صادٍّ لم يُكتب لك أنت ولمرضك هذا تحديدًا، وأهمية اتِّباع تعليمات الجرعة والمدَّة بدقة، هنالك إجراءات الصحة التقليدية التي تمنع دخول الجراثيم المعندة لجسمك، وهي قد تكون تسبَح في كل ما حولك مِن أوساط ناقلة؛ مثل: • غسل اليدين قبل وبعد الطعام، ولا سيَّما في المطاعم، وأؤكِّد دائمًا للأطفال أهمية أن يَغسلوها قبل تناول الطعام (أكثر أهمية مِن بَعدِه)، وغسلها عند لمْس الأطعِمة واللحوم غير المطهوَّة، وغسلها عند الخُروج مِن دورات المياه، الحِرص على الطهْوِ الجيِّد للطَّعام (النُّضْج). • أخْذ اللقاحات المُوصى بها محليًّا، كلُّ دولة حسب أمراضها، بالتوازي مع اللقاحات العامَّة المقرَّرة عالميًّا. • تجنُّب العلاقات غير الشرعية، والتماسِّ مع آخرين في الأجواء المشبوهة، وما سبق نجد أكثره في تعاليم الإسلام دين الطهارة بحمد الله. 2- للعاملين في المجال الصحي (بمَن فيهم الأطباء): إن توجيه التوصيات لهؤلاء في نفس المقالات الموجَّهة للمرضى وأهلهم يحسِّن العلاقة بين الطرفين، ويُزيل حواجز التذمُّر ونقْص الثقة، ومِن أهم التوصيات لهم في موضوعِنا: • للجَميع: ضرورة الالتزام بإرشادات الصحَّة العامَّة، وعلى رأسها غسل الأيدي (أيضًا وأيضًا..) خلال التعامل مع المرضى ومتعلقاتهم، وتطبيق الاحتياطات الخاصة بالتَّماس، ونظرًا لكون الوفيات تَبلغ أعلاها في المؤسَّسات التي يُشرفون عليها كما ذكرْنا، يُوصى بالتعاون والإسراع في إجراءات العزْل والتشخيص والعلاج عند الشك في وجود إصابة بتلك الجراثيم المقاومة للصادات، وتجاوز الروتين المتمكن في بعض المؤسسات الطبية، مع مُتابعة أحدث الخيارات العلاجيَّة المُتاحة. • وللطبيب تحديدًا: أدهشتني اللهجة الحازمة من مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة في التوصية التالية: "لا تصفُ الصادَّ إلا إذا كان سيَنفع المريض حقًّا، وكن واثقًا مِن وصْف النوع الملائم للحالة بالجرعة المناسبة، وللمدة المناسبة"! وأضيف هنا: التأكيد على واجبه في بيان تعليمات الجرعة والمدة بدقة للمَريض وأهله، وأن يتقبَّل برحابة صدر أن يسأله المريض عنها إن لم يكتبْها سهوًا أو عجلةً (بل أن يتقبل أسئلة المريض عمومًا)، ومَن المُهمِّ أن يَبذل الطبيب بعض الوقت والجهد لتوعية الزائرين بهذه الشؤون، فالتوعية المباشرة أهمُّ وأجدى من تلك الموجهة عبر وسائل الإعلام - على أهميتها - وأشير إلى أن بعض المراكز الطبية العالَمية ذات السمعة الجيدة توجه مراجعيها لتسجيل أسئلتهم في غرفة الانتظار، وتُخبرهم بأنَّ فترة استِقبال الطبيب لهم تتضمَّن عشرين دقيقة مثلاً للإجابة عن أسئلتهم - أو أقل أو أكثر حسب كل حالة - وهذه الطريقة تمنَع الغبْن لأي مِن الطرفين؛ الطبيب والمريض. ولا أنسى دور الصيدلاني في التعاون مع الأهل ومع الطبيب، بعدم صرف الصادَّات عشوائيًّا دون وصفة، ومُراجَعة الطبيب لإتمام الوصفات الناقصة وبذْل أقصى جهده في ذلك! • المثال الثاني: القطرات الأنفية الدوائية: • تجاوز المدة، والخطأ الطبي: يؤدي الخطأ الطبي هنا إلى نشوء حلقة مَعيبة (أنف مسدود <==> أنف مسدود): وأحب هنا أن أنبِّه القارئ إلى هذا الخطأ لأهميته وكثرة الوقوع فيه، حتى إنني شاهدتُ طبيبًا مستجدًّا واقعًا فيه، وهو لعدة أشهر لا يستطيع العيش بدون النقط الأنفية المضادة للاحتقان! بداية المُشكِلة: يؤدي انسداد الأنف إلى صعوبة التنفُّس، ولاسيما ليلاً، ويعبِّر البعض عن ذلك للطبيب بالشعور بالاختِناق، فيُسارع بوصف القطرات الأنفية الدوائية المضادَّة للاحتِقان، وأكرِّر الدوائية، وليس ماءً وملحًا، والتي تخفِّف الانسِداد ثم تُزيلُه، وتبدأ المُشكلة عندما يُتابع المريض استِخدامها لفَترة تطول لأسابيع لشعوره بالارتياح، وعندما تَسأله في هذه المرحلة بعد أن فات الأوان ودخل في الحلقة المعيبة يُجيبك: لا أستطيع النَّوم بدونها، وما حصَل أنه أصيب بما نُسمِّيه: "انسِداد الأنف الوعائي الكاذب"، والناجم عن اعتياد النسيج الأنفي والأوعية الدمَوية الممتدَّة خلاله على الدواء لطول الفترة، علمًا أنَّ توعية النسيج الأنفي غزيرة أكثر مِن أيِّ بُقعة أخرى بالسَّبيل التنفُّسي - فتَنقبض تلك الأوعية بتأثيرِه ويَنفتِح الأنف المسدود، لتَرتكِس تلك الأوعية فجأة لقطع القطرة بالاحتِقان الشديد والتوسُّع فينسدُّ الأنف أشدَّ مما سبق. ويعود المَريض لاستِخدام تلك القطرات التي يَحتاج التخلُّص مِن إدمان الأنف عليها (إن صحَّ التعبير) وكسر الحلقة المَعيبة إلى استِشارة الطبيب المُختص، ثم التقيُّد بالخطة الطبية المَعروفة لذلك والتي يَحتاج نجاحها للصبر والتعاون مع المختص. أما الخطأ الطبي في كل هذه المعاناة - التي قد تستمرُّ أشهرًا - فهو أن الطبيب الأول الذي وصف القطرة المسؤولة نسي كتابة عبارة: لمدَّة ثلاثة أيام فقط - مع خطَّين تحتها - على الوصفة (أو جهل أو تجاهُل أهمية ذلك)، ناهيك عن شرح المشكلة قبل حدوثها والتحذير الشديد منها كما صرتُ أفعل (أحيانًا يَجب أن تُخيف المريض من النتائج)! في الختام: أُشير إلى ضرورة الصدق في علاقة الطبيب مع المريض وأهله بشكل عام، وبالنسبة لموضوع المداواة بالذات، وأن يُخبِره بكلِّ ما أخذه من أدوية، ومدة الاستِمرار طالت أو قصرت، وفي جعبة كل طبيب قصص أشكل فيها العلاج لغياب الشفافية ونقص المعلومات نسيانًا أو إخفاءً. وكم من المرات اضطرَّني الأمر لحساب الجرعات للأم التي تأتي في المراجعة مؤكدة أنها أعطت ولدها "الدواء المضاد" لسبعة أيام، وأطلب منها أن تريني العبوة، فأبيِّن لها أنها تكفي لثلاثة أيام فقط (حسب الجرعة الموصوفة للوزن)، وهي لم تفتح العبوة الثانية، وكم مِن المَرات أعلم متأخِّرةً بعد التدقيق والبحْث أن نِصفَ الدَّواء انسَكَب، أو أنها نسيتْه عند أهلها فقطعت العلاج، ومنهنَّ مَن تسأل على استحياء هل تكمله بعد يومين من الانقطاع؟! ولكن لا أغبن الأمهات حقهنَّ؛ فالنسبة الأعظم منهنَّ مُتفهِّمات، ويُمضين الليالي الأولى من مرض الطفل ساهرات بجواره، ويُسارعن للحديث بصراحة عن أيِّ خلل في العلاج؛ لأن المهم صحة الابن الغالي، ومِن الأمَّهات مِن أثق بحدسها، وأعجب لدقتها وتعاونها المريح طوال فترة الطفولة لأبنائها، بكل معالمها مِن نموٍّ وتغذية وتطوُّر فكري وجسمي (وليس في المرض فقط)، وبعضهنَّ أكثر حرصًا ودقة في المداواة مِن الطبيب نفسه، إنها الأمومة بكل ما لها وما عليها من تبعات! وإلى اللقاء في الجزء التالي بمشيئة الله وتيسيره. the US Centers for Disease Control and Prevention=CDC [2] كلمات مفتاحية: المضاد الحيوي أو الصاد: antibiotic. • جراثيم مقاومة للصادات (أو معنَّدة عليها) antibiotic - resistant bacteria. [3] كلمات مفتاحية: المضاد الحيوي أو الصاد: antibiotic. • جراثيم مقاومة للصادات (أو معنَّدة عليها) antibiotic - resistant bacteria. [4] الخمج: هو نزول العامل الممرض (فيروس أو جرثوم أو..) في ساحة الجسم وجمعُها أخماج، وهي ترجمة أساتذتنا لكلمة (Infection) التي تُدعى في اللهجات العامية الْتهاب"، بينما مدلول الالتهاب مختلف، فالحدثيات الالتهابية في جسمنا تترافق أو لا تترافق مع الخمج. |
العلامات المرجعية |
|
|